Advertise here

لبنان على مفترق طرق... والتاريخ لن يرحم ولا الأجيال

20 أيلول 2023 16:56:09 - آخر تحديث: 03 تشرين الأول 2023 17:11:30

الأول من أيلول سنة 2023، هو الذكرى الثالثة بعد المئة لإعلان دولة لبنان الكبير في الأول من شهر أيلول سنة 1920.
تمّ الإعلان عن الحدث من قصر الصنوبر في بيروت، وهو مقرّ السفارة الفرنسية في لبنان، وبواسطة المندوب السامي الفرنسي في لبنان الجنرال غورو الذي وقف عن يمينه البطريرك الماروني الياس الحويك وعن يساره مفتي الجمهورية للطائفة السنية الشيخ أنيس نجا.

إنَّ الأوضاع الحياتية والمعيشية والمالية والاقتصادية والسياسية التي يعيشها لبنان تستدعي القيام بعمل إنقاذي وطني جامع يضع الوطن المريض والدولة المنهارة على طريق التعافي والخروج من الأزمة التي تشهده الوطن والدولة بالزوال، فيتلاقى المسؤولون والقادة ليفتحوا في الغد بيتاً للإنسان لا حانوتاً للعصبيات.

وقضية في مثل هذا المستوى لا يمكن أن تقوم ولا تدوم إلّا بين أشخاص مسؤولين أحرار يملكون حرية الإرتباط وإرادة الإلتزام.

إنّ مشروع الحياة والبقاء، وهو أساس الوطن وهدف الزمن. وهو يتخطّى المفهوم العمودي التجاري الذي يجعل من الأقليات زبائن لبعض البعض، بل رباط بين حريات شخصية وحريات عامة وهي لا تقاس ولا توزن فتتجزأ أو تتوزّع، بل هي مطلقات بذاتها.
لذا قيل ويقال: إنّنا البلد الوحيد في العالم الذي حوّل وجوده قضية، لأجلها كان وسيكون، أو لن يكون.. وبدونها لا حاجة لوجوده، ومعها وجوده ضرورة عالمية.
إنَّ لبنان هو في الأساس والجوهر لقاء حضارة وتفاعل حضارات، ولأنه كان فهو رابطة بين التراثات ومشروع معاهدة بينها ومهر لها، وإعلان بأنّها غنى مشترك لا يصحّ التقسيم والتجزئة والتوزيع..
هذا الوجه الحضاري يطرح لبنان كقضية نموذجية في العالم للتواصل الإنساني الذي فشلَ قديماً في كلّ مكان، وهو اليوم مخذول هنا وهناك. وفي جوارنا، حيث الإنسان منبوذ باسم العرق والدين واللغة، وحيث يدّعون بعد ذاك علينا لأنهم يعرفون تماماً أنَّ وجودنا هو النقيض الأكبر لما يمارسون، وهم يرفضون الإقتداء بنا كوطن للإلفة، فلقد أظهروا أنهم أعداء وجودنا من الأساس.
من هنا، فإنَّ لبنان أصبح خلاصة هذا الشرق وصورة مصغّرة لأمسه الكبير، فهو الوريث البكر للثروة المشرقية المكدّسة منذ أوائل الإنسانية على شاطئ هو فرس المدنيات.
وإنما وجود لبنان في قلب العالم العربي الذي ضمن لنا استمرار هذه القضية الفريدة فيه. ولبنان هو من مؤسسي جامعة الدول العربية سنة 1945.
إنَّ ميثاق الطائف الذي صار دستور لبنان و مشروع لقيام نظام جمهوري برلماني ديمقراطي. إنه مشروع قيام الوطن والمواطنة على أساس المساواة في الحقوق والواجبات بين اللبنانيين، وقيام دولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية والحريات العامة والخاصة.
فلنتمسّك به، ولنعمل على تفعيله وتطويره من خلال التشاور المستمر بين جميع مكوناته، فلبنان اليوم على مفترق طرق مصيري، فإمّا أن نعمل على إنقاذه بالتعاون والتكافل والتكامل، وإما أن نذهب إلى مغامرات ومقامرات قد تودي بالوطن والدولة إلى المصير المجهول.
والقرار في يدنا والفرصة متاحة أمامنا للتعقّل والتعاون وتحقيق المستقبل السعيد لأولادنا وأجيالنا الطالعة.. "المواطن الحرّ والشعب السعيد".. والتاريخ لن يرحم، ولا الشعب ولا الأجيال.
فإلى متى يريدون لنا أن نعيش زمن المنطق المغيّب والذاكرة الوطنية المفقودة، وإلى متى استعبدتم النّاس وقد ولدتهم أماتهم أحراراً؟.