"لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين"

الرابط المختصر
Image
"لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين"

روى هذا الحديث الامام البخاري في صحيحه، وللحديث قصة هي أن أبي عزة الجمحي الشاعر أُسر ببدر فشكا عائلة وفقرا فعفى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأطلقه بغير فداء، لكنه لم يحفظ جميل صنع النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه عنه في معركة بدر، فعاد لحرب النبي وأصحابه يوم أحد، فتم أسره مرة ثانية لخيبته، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: مُنّ عليّ وتكرم بالعفو وذكر فقره وعياله، فقال: لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين، ثم قال صلى الله عليه وسلم: "لا يدغ المؤمن من جحر واحد مرتين"، ولم يطلق سراحه.
ويقول شراح الحديث أن المؤمن العاقل الكامل يمكن أن يخدع مرة من جحر يحوى حيوان مؤذي لجهله بما فيه، لكن يجب أن يتفطن لذلك في مرة أخرى، وإلا كان مغفلي المؤمنين!!
وكم للأسف نلدغ في هذا العصر والزمان من نفس الجحر والحية والعقرب ولا نتعلم، من ستين عاماً وقرارات الأمم المتحدة لم ترجع لنا حقاً في فلسطين أو ترفع عنا ظلماً، ولا نزال نلدغ من تصويتاتها وحق الفيتو المبطل لها دون أن نتعلم، الأمم لا تحترم إلا القوي.
وكم لدغنا من جحر الشعارات البراقة الصادحة من الحناجر القوية بشتم الشيطان الأكبر وتأييد المقاومة ومحمور طهران وحزب الله، لكن طعنهم وسلاحهم لم يشهر إلا في صدورنا ولم يطعن إلا قلوبنا في العراق ولبنان وسوريا والبحرين واليمن والسعودية والكويت، فمتى ندرك تجذر الطائفية الشيعية العدوانية في منطلقات إيران ووكلائها.
وكم تاه شبابنا في صدامات دموية مع أهله وبلده بعد تبنى أفكار متطرفة تقوم على الغلو والتكفير والكره للآخرين ظلما وعدوانا على الشريعة والدين والناس الأبرياء، وكل هذا بسبب الاختراقات المتكررة من المغرضين لمثل هذه المجموعات، والتي يقودها الحماس والجهل بالدين والواقع والسياسة.
المؤمن الصحيح والكامل هو من يتعلم من تجاربه وتجارب الآخرين، والعاقل من وعظ بغيره، وتجنب تكرير الكوارث واللدغ من نفس الجحر، وهذا يتأتى بالتعلم والوعي، وهو من غايات الإسلام العظيمة.