تغدى فيها قبل ما تتعشى فيك: الانقطاع عن وسائل التواصل الاجتماعي.





قبل كل شيء من هو الشرير الحقيقي؟

 

وسائل التواصل الاجتماعي ليس الشرير الذي سيأتي ليعكر صفو حياتنا، لن أنكر أنها سهلت على الكثير بدء مشاريعهم وإدارتها من المنزل بسهولة، وعرفتنا على بعض، وعلى من يشاركوننا الاهتمامات، لكن ينطبق عليها المثل الشعبي: إذا زاد الشيء عن حده انقلب ضده.

 الهدف من هذه المقالة هو أن تكون وسائل التواصل تحت سيطرتنا، ولسنا تحت سيطرتها لذا الشرير الوحيد هنا هو "الفومو، الخوف من أن يفوتنا شيء".

هناك حقائق أنا وأنت ندركها ولن نستطيع إنكارها، " الفومو" يقودنا دائما لتفقد وسائل التواصل الاجتماعي وبسبب أن خوارزميات المنصات حاليًا تحشر بوجهنا كل أخبار العالم ومشاكلهم في المساحة التي اخترنا من يظهر بها بعناية؛ يؤدي ذلك للمرور على عدة منشورات حزينة، أو تحمل أخبار مفجعة تؤثر في مشاعرنا بسلبية ذلك اليوم لا إراديًا.

أعلم كما تعلم أن أكبر إساءة نقترفها تجاه ذاتنا هو مقارنتها بغيرها، لكن ظهور الكثير من منشورات أشخاص يتحدثون عن نجاحهم أو احتفالهم بإنجازاتهم ستشعرنا بضآلة أنفسنا وعدم نفع ما نفعل على أرض الواقع، ولن تلاحظ كل ذلك إلى بعد فترة، لماذا؟

هنا مجددًا استدل بمثل شعبي: كثر الدق يفك اللحام، فتكرار رؤيتك لأناس غرباء يتقدمون بحياتهم، ويحققون أشياء عظيمة بنظرك، وذلك استنتاج مبني فقط على ما رأيته من منشوراتهم؛ سيؤثر سلبًا عليك، وسأشرح ذلك بتفصيل في الأسفل.

 

  ضرر الإسراف في استعمال وسائل التواصل الاجتماعي.

وسائل التواصل حقيقة زائفة

يقوم الأشخاص بنشر ما يريدون أن يراه الآخرون بشكل انتقائي، وهذا يسمح للجميع بالتباهي بجوانب حياتهم الجيدة مع إخفاء الجوانب السيئة. لا يعكس حساب التواصل الاجتماعي لأيّ شخص حَقًّا من هو، لأن ما نراه هو كل ما تمت تصفيته وتعقيمه. لسوء الحظ أننا نميل إلى نسيان ذلك، ويمكننا أن نقع في اليأس عندما نشعر أننا لا نواكب الحياة الافتراضية للآخرين.

وسائل التواصل تضعنا داخل صندوق مغلق

في وسائل التواصل الاجتماعي نتابع أشخاصاً يمتلكون نفس وجهات نظرنا، ونتجاهل أولئك الذين ليسوا كذلك، وبذلك نحيط أنفسنا ببغاوات تكرر ما نوافق عليه، وهذا على المدى البعيد مضر؛ لأننا سنصبح شخصًا منغلق التفكير غير ناضج فكرياً.

وسائل التواصل تعزز مشاعر الإحباط

تفاعل الناس مع ما نشاركه من منشورات يعطينا جرعة دوبامين صغيرة، ثم نطمع إلى المزيد ومعظم الوقت لن نستطيع تحقيق ذلك؛ فنصاب بالإحباط ويتحول الوضع من نشر منشورات عفوية إلى نشر منشورات تحظى بقبول الغير، ذلك يجعلنا في حالة ترقب دائم ولا إرادي نربط شعورنا بالرضى عن ذواتنا بإعجاب الناس بما نشرناه.

الأسباب كما ترون تدور حول نقطة واحدة وهي أن الإفراط في تصفح واستعمال وسائل التواصل الاجتماعي لها آثار سلبية على سلامتنا النفسية. نحن جميعًا نهتم بما يفكر فيه الناس، ونريد أن نشعر بقبولهم لنا وتضاعف وسائل التواصل الاجتماعي تلك الأفكار والمشاعر، دون أن ندركها حتى. ليس من الجيد أن تعرض نفسك للنقد من قبل غُرباء أنت حتى لا تعرفهم.


كيف ننقطع عن منصات التواصل؟


People illustrations by Storyset

  • حذف جميع تطبيقات التواصل

هذه الخطوة ستحد من ظهور الإشعارات والتنبيهات الصادرة من تطبيقات التواصل الاجتماعي، وهذه الخطوة تؤدي دورًا كبيرًا في تحسين جودة يومك ونفسيك في أثناء فترة ابتعادك.

  •  استغلال وقتك بأشياء كنت تأجل فعلها

ملئ الوقت بشيء آخر يشغلنا عنها. أنا بدأت أقضي وقتاً أكثر مع والديني، واكتشفت أنني لا أمتلك مواضيع يمكن أن "اسولف" بها معهم، فما أهمية قرارات إيلينوه مسك الطائشة في تطبيق العصفور أو خوارزميات المحتوى المزعجة بالنسبة لهم.

حاولت أيضًا قراءة كتب وروايات أخرى دون تركيز وبحث مثل ما أفعل عندما أنوي مراجعة كتاب. أيضًا حاولت، وأشدد على "حاولت الالتزام بعشر دقائق من الرياضة يوميًا"؛ لأنها مفيدة لصحة القلب غير التفنن في طبخات صحية كل فطور.

بالتأكيد قارئي تمتلك مثلي أشياء تريد فعلها، لكن شعورك بضيق الوقت جعلك لا تبدأ بفعلها، وعلى الرغم من أنها خطوتان بسيطتان، لكن الصعوبة تقع بالاستمرار بفعلها.

 بالنسبة للفترة الزمنية التي يجب أن ننقطع فيها عن وسائل التواصل الاجتماعي هي شيء منوط بك أنت، يمكن أن تكون أسبوعاً فأكثر، وقد تصل لعدة أشهر، أو يمكنك فعل هذه الحمية كل شهر لمدة أسبوع أو عدة أيام.


ما نتائج ذلك على أرض الواقع؟

بناءً على دراسة أجريت في 2022 تم اختيار مجموعتين تتراوح أعمارهم بين 18-72 سنة، إحداهما انقطعت تمامًا عن وسائل التواصل (تيك توك، تويتر، فايسبوك، إنستقرام) جميعها لمدة 7 أيام والأخرى استمرت باستعمالها. تم رصد اختلاف فارق بين المجموعتين. المجموعة التي انقطعت لوحظ عليها فارث إيجابي بمستوى السلامة النفسية، وانخفاض أعراض القلق والاكتئاب لديها، لكن هذه نتيجة قصيرة المدى. وحثت الدراسة على أن يتم تطبيقها على مدى أوسع وفحص التأثيرات على مدى الطويل.

المجموعتان بالبداية كانت لديهم معدل 8 ساعات أسبوعيًا، وبعد التجربة وجد أن المجموعة التي انقطعت عن وسائل التواصل امتلكت 21 دقيقة كمتوسط الاستعمال في أسبوع، بينما الأخرى امتلكت 7 ساعات.

بالنسبة للـ 21 دقيقة سبب ذلك بنظري هو أن الأجهزة تضم الواتساب والرسائل النصية إلى قسم "وسائل التواصل الاجتماعي" كما ترون بالصورة المرفقة:


 ماذا عن صناع المحتوى والمسوقين، وكل من تعتبر وسائل التواصل جزءاً من عملهم؟


بالسابق كنت أتحول يوم الجمعة والسبت إلى متفرجة عوضًا عن صانعة محتوى، لكن بعد البحث والقراءة لكتابة هذه التدوينة قررت الابتعاد التام عن كل شيء في عطلة الأسبوع؛ حتى اشحن طاقتي للعمل خلال الأسبوع. غير أنني أحاول قدر ما أستطيع التقيد بوقت محدد لاستعمال وسائل التواصل، وهذا ساعدني بالتركيز بعملي أكثر وتقليل التشتت.

 

 

أتمنى أفدتكم بهذه التدوينة، ولا تنسوا مشاركتها مع كل من تحبون وفي وسائل التواصل الاجتماعي.

1 تعليقات

  1. مرحباًِ هالورينا، اتفق معك في كل ما ذكرتيه، لي تجربة مازالت مستمرة و هي اني قاطعت جميع وسائل التواصل لمدة سنتين و مستمرة الى الان، و انا الان بصدد مقاطعة اليوتيوب و البودكاست كذلك، كتبت عن تجاربي في مدونتي لمن اراد ان يعرف اكثر

    ردحذف
أحدث أقدم

نموذج الاتصال