رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول بقلم روز امين

رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول بقلم روز امين


رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول هى رواية من تأليف المؤلفة المميزة روز امين رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول صدرت لاول مرة على فيسبوك الشهير رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول حققت نجاحا كبيرا في موقع فيسبوك وايضا زاد البحث عنها في محرك البحث جوجل لذلك سنعرض لكم رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول

رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا بقلم روز امين

رواية قلبي بنارها مغرم قاسم وصفا كاملة جميع الفصول

قبل أكثر من ثمانية عشر عام من أحداث روايتنا، داخل مدينة سوهاج عريقة الأصل و الأصول و بالتحديد داخل نجع النعماني و الذي سمي بهذا الاسم تيمنا بإسم هذه العائلة العريقة
عصرا، في بهو منزله و الذي يشبه القصور حيث شموخها و بنيانها العالي و أثاثها العريق كحال عائلتهم.

يجلس الحاچ عتمان النعماني كبير عائلتة و كبير النجع بأكمله و عين أعيان المدينة، تجاوره زوجته الحاجة رسمية إبنة عمة و إبنة عائلة النعماني و بصحبتهما ولديهما قدري الكبير و زوجته فايقه تلك الجميلة المتعالية، إبنة شقيق رسمية و إبنة عائلة النعماني أيضا
و على الجانب الأخر ولدهما الثاني منتصر و زوجته هادئة الطباع نجاة و هي أيضا إبنة العائلة، حيث أن عائلة النعماني لا يتزوجون و لا يزوجون الغرباء.

صاحت رسمية بنبرة حادة و هي تنادي على إحدي عاملات المنزل بنبرة جامدة: حسن، إنت يا مخبولة
أتت العاملة ذات السادسة عشر عام مهروله و هي تردف قائلة بنبرة مرتعبه: نعمين يا ست الحاچة
أردفت رسمية قائلة بنبرة شبه أمرة: إعملي لنا شاي و هاتي معاه صحنين كحك و صحن رواني
أجابتها العاملة بطاعه و أحترام قبل إنصرافها الفوري: حاضر يا ست الحاچه.

تحدث الحاچ عتمان موجه حديثه إلى قدري: أخبار محصول الجمح أيه السنه دي يا قدري؟
أجابه قدري بتفاخر وهو يرجع ظهره مستندا به على خلف المقعد: المحصول زين جوي يا أبوي، الزرعه طرحها مليح جوي السنه دي
إنتبه الجميع و وجهوا أبصارهم فوق الدرج ينظرون على ذلك الذي يهبط بخطوات واثقة و هو يرتدي جلبابه الصعيدي واضع حول عنقه شالا رجالي زاده و قارا و جاذبيه، و يضع فوق كتفيه عباءة سوداء فخمة و مميزة ككل أشيائة.

تحرك إلى الأسفل و خطي بخطوات رزينه حتى وصل لموضع جلوس أبيه و قبل جبهته بإحترام متحدث: كيفك يا أبوي؟
إبتسم وجه الحاج عتمان لمجرد رؤيته لوجه صغيره البالغ من العمر الثاني و العشرون، و تحدث بإبتسامة صافيه لا يظهرها إلا لذاك الزيدان و فقط: زين و بخير طول ما أنت و أخواتك بخير يا ولدي.

إبتسم لأبيه ثم حول بصره إلى والدته و تحدث و هو يقبل مقدمة رأسها بإحترام تحت إستشاطة قدري من أفعال ذاك الصبي الذي يستحوذ بها على قلب والديه: كيفك يا ست الكل
بخير يا سبعي طول ما أنت بخير، جملة قالتها رسميه بتفاخر لعشق ذاك الفتي القريب من روحها
نظر له والده و تساءل بإهتمام: على وين العزم إن شاء الله يا زيدان؟

أجاب والده و هو يلتقط قطعة رواني من الحامل التي تحمله تلك الحسن بين يديها لتضعه بعد ذلك فوق المنضده و تغادر على الفور إلى الداخل خشية غضب سيدتها
أجاب والده و هو يجلس و يقضم قطعة الرواني بأسنانه: رايح أحضر فرح عامر واد عبدالرحيم الزيني يا حاچ!
وتحدث مناديا إلى العاملة نجية بنبرة هادئة رحيمة كقلبه: يا نجية.

أتت العامله فتحدث إليها بوجهه البشوش: إطلعي جولي لمرعي يخرچ لي الحصان من الإسطبل و يچهزه على ما أشرب الشاي
أجابته العامله بنعم و أنصرفت للخارج
نظر له قدري بضيق و تحدث بتكبر مستنكرا أفعال شقيقه: و يطلع مين في البلد عبدالرحيم الزيني ده عشان تروح لحد دارة و تعمل له جيمه و كمان تحضر فرح ولده؟

ضيق زيدان عيناه مستغرب تكبر شقيقه و أجابه بنبرة مستنكرة: أني رايح فرح صاحبي يا قدري، و أكمل مفسرا بتعقل: صح عبدالرحيم الزيني مهواش من الأعيان و كبرات البلد، بس يكفي إنه راچل محترم و بيتجي الله في حياته و بياكل لجمته بعرج جبينة هو و ولادة
إبتسم له اباه و تحدث بإعجاب لحديث ولده العاقل: ربنا يبارك فيك يا ولدي، هو ده الحديت الزين، طالما الراچل محترم يبجي فجرة ميعبوش واصل.

تأفف قدري ثم تحدثت فايقه ذات العشرون عام بكبرياء و هي تنظر إلى زيدان بقلب مشتعل نارا و حقدا: كلام أيه اللي عتجوله ده يا عمي، ده بردك زيدان إبن الحاج عتمان النعماني على سن ورمح، ولازم يصاحب ناس من مجامة و مجام عيلته اللكبيرة
و أكملت و هي تنظر إلى زوجها قدري كي تثبت للجميع أن زيدان على خطأ: يبص لقدري و يتعلم منيه كيف بيختار أصحابه من كبرات النجع و أصحاب المجامات العالية.

أرجع قدري ظهرة للخلف ورفع رأسه شامخ بعد حديث زوجته المفخم له، ثم أكدت رسميه على حديث إبنة شقيقها قائلة بتفاخر و كبرياء: عندك حج يا فايقة، العين بردك متعلاش على الحاجب و كل واحد و مجامة
تحدث منتصر بنبرة مستنكرة: كلام أيه بس اللي عتجوليه ده يا أما، معدش فيه حد بيفكر إكده دالوك، و بعدين ربنا خلجنا كلنا سواسية، ليه بجا إحنا هنفرز الناس على حسب مالهم و حسبهم و نسبهم.

وقف زيدان و تحدث و هو يهندم من ثيابه غير عابئ بحديثهم العقيم بالنسبة لعقليته المستنيرة: أسيبكم أني بجا تتحدتوا في المجامات العالية والحسب و أمشي عشان متأخرش على الفرح
تحدثت رسمية وهي تنظر لهيئة نجلها المشرفة بتفاخر: ربنا يحميك من العين يا ولدي، وعجبال ما نفرحوا بچوازك
إبتسم لها بوجه بشوش و أردف قائلا إن شاء الله يا غالية
ثم تحرك إلى الخارج تحت إستشاطة فايقة ونظراتها الثاقبة الناقمة عليه.

بعد قليل
دلف لداخل الحفل يمتطي فرسه العربي الأصل، منتصب الظهر رافع رأسه بشموخ، كفارس خرج للتو من داخل إحدى الأساطير العريقة
كانت نظرات الجميع مسلطة عليه باعجاب شديد، رجال النجع ينظرون إليه بتمني لمكانته عظيمة الشأن و ماله و حسبه و نسبه، وكل شخص يتمني عظمة شأنه لحالة،
أما فتيات النجع تنظرن إليه بأعين مسحورات من طلته البهية الرجولية، وكل واحدة منهن تتمناه كرجلها و فارس أحلامها الوردية.

نزل من فوق ظهر فرسه بفروسية و ظهر مفرود و تحرك بين الجميع بابتسامته الخلابه الذي بات يوزعها على الحضور، مرتديا جلبابه الصعيدي واضع فوق رأسه عمامته البيضاء التي زادته وسامه فوق وسامته و جعلت منه جذاب للغاية،
و بدأ بإلقاء التحية على كل من يقابله حتى وصل و جلس بجانب اصدقاء له.

في الناحية الأخري من جلسة النساء، كانت تجلس تلك ال ورد الغير عابئة بما يحدث من حولها بجانب والدتها، تحركت و صعدت لتهنئة إبنة خالها تلك العروس الجميل، إحتضنتها بحفاوة و هنئتها و تمنت لها دوام السعادة
تحرك زيدان أيضا من جلسته حيث وجه بوصلته إلى مجلس العروسان حتى يهنئ العريس أعز أصدقائة و الذي يدعي عامر، و بالصدفة تحركت ورد كي تهبط
بنفس توقيت هبوطها كان يصعد متجه حيث صديقه ليهنئة و عروسه.

و بلحظة إلتوي كعب حذائها المرتفع، كادت أن تسقط أرض بفضل إنفصال الكعب عن النعل لولا ساعديه القويتان اللتان إلتحقت بها و أسندت يدها و منعتها من الانزلاق المحقق
و هنا يا سادة قد توقف الزمان، حيث لا عاد يكترس الهائمان بحضور من في المكان، ولا لأي شخص كان أن كان
و إلتقت العين بالعين، و ذابت بالنظرات التي طالت و كأنهما عاشقان إلتقيا بعد فراق دام منذ الزمان.

حدثتها عيناه، لما كل هذا الغياب فاتنتي، ألم تدري أنني أنتظرتك منذ الكثير؟
وأبتسم وحدث مقلتيها الجميلتان، ولكن، لا عليك أميرتي، فلقد أنستني تلك النظرة ألم البعاد ومرارة الإنتظار!
إبتسمت برقه لحديث عيناه الجريئة الذي إقتحم قلبها و أستوطنه دون إستئذان،
وحدثته عيناها،
أاخبرك بسرا ايها الأسمر الوسيم
لم يحدث لي واختطفت هكذا من ذي قبل
تحوم حولك هالة عجيبة تجذبني، فتأسرني.

و ها أنا الان اعترف أمامك وأقر، ان لعيناك سحرا أثير!
في تلك اللحظة أتي إبن عمها إليها سريع ليقطع وصلة الفؤاد ذات، قائلا و هو يزيح عن لمستها يد ذاك القوي المسحور بطلتها و يسحبها بعنف و غيرة قائلا بنبرة حادة: متشكرين يا زيدان على وجفتك دي
تحدث زيدان بصوت رجولي جهوري: مفيش حاچة تستاهل الشكر يا كامل، أني معملتش إلا الواجب.

هز كامل رأسه بإيماء لذاك الوسيم ثم نظر لتلك الخجولة و تساءل باطمئنان: إنت زينه يا ورد؟
تحمحمت وتحدثت حرج ومازالت عيناها معلقتان بصاحب ذات الرموش الكحيلة وكأن بهما شئ خفي يجذب عيناها و يجبرها على النظر داخل عيناه: الحمدلله يا كامل، أني زينة
إنفرجت أساريره حين علم إسمها، ورد، ياله من إسم معبر لذات الرائحة العطرة و الوجة المنير
وما أسعده أكثر معرفته لأصلها و فصلها و عائلتها.

تحركت هي بطريقة مضحكة حيث إنخلع كعب نعلها و باتت تتعرج بحركتها، وأخيرا وصلت و جلست بجانب النساء و لكن لازالت عيناها معلقة بعين ذاك الأسمر القوي البنيان ذو العينان الكحيلة ذات اللون البني كثيفة الرموش
حدثتها إبنة خالتها بنبرة مفخمة و هي تبتسم: طول عمر حظك نار يا بت خالتي، حتى يوم متتكعبلي و تجعي، تجعي في حضن زيدان النعماني اللي بنات الكفر كلياتهم عيموتوا على طلة واحده من إعيونه.

نظرت لها بقلب يدق بوتيرة عالية عند معرفتها شخصيته، فكم من المرات التي إستمعت بها لروايات و حكايات عن زيدان النعماني، و رجولته و عيناه التي أذاب بها معظم صبايا النجع بالعشق الممنوع، و لكنها الأن و أخيرا إلتقته وجه لوجه و رأت ذاك الفتي الذي يتحدث عنه الجميع.

تحدثت خجلا في محاولة منها للتماسك: و الله إنت رايجة يا ماچدة، بجا أني رچلي كانت هتتخلع وإنت كل اللي شاغل بالك و فارج وياكي مسكة زيدان النعماني ليدي؟
أجابتها نورا بإستهجان: وه يا ورد، و هي مسكة يد زيدان النعماني ليدك دي حاچة جليلة إياك؟

أشاحت عنها بصرها حين إستمعت لتوبيخ والدتها لها و هي تردف بهمس قائلة بنبرة حادة: معرفاش تمسكي حالك وأنت نازلة يا مجصوفة الرجبه، يجولوا أيه عليا حريم النجع، بتها معرفاش تسند حالها و وجعت على يد إبن النعماني؟
تأفأفت بجلستها من حديث والدتها الحاد و ألتزمت الصمت حتى إنتهي الزفاف دون أن يرا كل منهما أية مراسم وذلك لإنشغالهما بإستراق النظر كليهما للاخر.

بعد مرور ثلاثة أسابيع
كانت ترتدي ثيابها الدراسية و تتحرك على إستحياء في الطريق العام للبلده، عائدة من مدرستها الثانوية الفنية و التي تتواجد خارج النجع، نظرت إلى ذاك الذي يقف مراقب لها ككل يوم منذ أن راها صدفة من ذي قبل،
ويا حلوها من صدفه
نظرت له مبتسمة حين تذكرت ما حدث منذ الثلاثة أسابيع
أما هو فشعر بإهتزاز بكامل بدنه حين رأها تظهر أمامه كشمس ساطعة أنارت له دربه الغائم.

تحرك خلفها بهدوء و حين أدرك خلو الطريق من المارة إقترب منها و تحدث بنبرة حنون: كيفك يا ورد؟
إنتفض جسدها بالكامل رعب و تحدثت خجلا بنبرة متلبكة: ميصحش اللي بتعملة ده يا إبن الحلال، لو حد شافك وياي دالوك يجول عليا أية؟
أجابها بصوت جهوري غاضب: جطع لسان إللي يجيب سيرة زينة الصبايا بكلمة عفشه
و أكمل بوجه مبتسم وكأنه تبدل بأخر: أني هسألك سؤال وأخد الچواب و أبعد طوالي عشان سمعتك بجت تهمني أكتر ما تهمك.

نظرت إليه مضيقة العينان و تساءلت متعجبة: سؤال أية دي؟!
نظر لها و أبتسم و حدثها برجولة و صراحة: رايدك تكوني حلالي يا ورد، و عاوز أعرف رأيك لجل مشيع لأبوكي وأطلب منيه يد الجمر
إرتعب جسدها وشعرت بقلبها سيتوقف عن النبض لشدة سعادته وعدم تصديقه لما قيل من ذاك الزيدان التي عشقت عيناه منذ أن رأته للوهلة الأولي
نظر لها بضحكة عيناه الكحيلة و تساءل بتلائم: جولتي أية يا جمر ليلي؟

علقت عيناها بعياه مستغربه كلمات الغزل الذي ينثرها على مسامعها منذ أن إلتقاها، فنظر لها مؤكدا و أردف قائلا بتأكيد: إيوة يا ورد، جمر ليلي و شمس حياتي اللي نورت من بعد ليل غميق عاتم
تساءلت بعيون عاشقه غير مصدقة: إمتي و كيف يا زيدان؟!

إشتعلت نار صدره عشق واتسعت عيناه الكحيلة غير مستوعبه ما نطقته تلك الساحرة الصغيرة بلسانها وأشعلت به كيانة، و تساءل حاله، أحقا تعرفين إسمي و نطقتي به غاليتي، يا لسعادتي وهناء قلبي العاشق
أجابها بعيون هائمة: زيدان النعماني زاد فخر و شرف بنطج إسمه على لسانك الطاهر يا زينة الصبايا
ثم أجابها رد على سؤالها: أما أمتي و كيف عشجتك إكدة، فاحب أجول لك إني جلبي مولود بعشجك.

وأردف قائلا بتفسير: تعرفي يا ورد، أني شفتك جبل الزمان بزمان
ضيقت عيناها مستفسرة بابتسامة حانيه: كيف يعني؟!
إبتسم لها برجوله و أردف مفسرا: من أول معرفت يعني أيه عشج وأني رسمت صورة حبيبتي اللي أتمنيتها في خيالي، كيف شكلها؟
كيف ضحكتها و كيف راح تكون عيونها وهي بتبص لي؟
كيف صوتها العاشق وهي بتتغني بحروف إسمي؟
و لحظة عيني ما چت في عينك لما كتي هتجعي و مسكت يدك، زي ما أكون كت بحلم و فوجت على أحلا حجيجة،.

و أكمل بعيون عاشقه: لجيتك يا غالية كيف ما رسمك خيالي بالظبط، لجيتك و دنيتي أصبح ليها طعم و لون، جولت لحالي يا ويلك يا ابن النعماني من نار عشج أم عيون كحيلة لو مكانتش مجسومة لك
إبتسمت فرح وتحدثت: كلامك كنه شعر يا واد النعماني
أجابها برجوله: كلامي كان عادي لحد السبوع اللي جبل اللي فات، لحد ما شفت عيونك الكحيلة يا زينة الصبايا
وأكمل مداعب إياها بعيون عاشقة: عيونك تنطج الحچر يا بت الرچايبة.

نظرت له بعيون مسحورة من سحر كلماته التي سحبتها من عالمها و أدخلتها لعالم ولأول مرة تخطو به، عالم العشق و الغرام
إبتسمت له بجاذبية أذابت قلبه أكثر مما هو عليه، وبلحظة إرتبكت و كأنها وعت على حالها و تحدثت بنبرة مرتبكة: أني ماشيه، و متحاولش تكلمني تاني يا أبن الحلال، أبوي لو عرف إني وجفت وإتحددت وياك هيكون فيها جطع رجبتي.

تحدث بحماية بنبرة صارمة و صوت رجولي حاد: محدش يجدر يمسك طول ما زيدان النعماني موجود على وش الأرض
نظرت إليه وابتسامه سعيدة كست وجهها وأكمل هو بتفاخر: ولا حتى أبوكي ذات نفسيه يجدر يجرب لروح جلب زيدان
إشتعل جسدها بالكامل من جمال كلماته التي تنطق عشق
شعر بالتفاخر بحاله حين رأي سعادتها و تساءل بنبرة حنون: مسمعتش رأيك في طلبي يا زينة البنات؟
تساءلت بلؤم و تخابث: اللي هو أيه طلبك دي؟

ما جولت رايدك يبت الناس، رايدك تنوري لي عتمة ليلي في الحلال، كلمات قالها زيدان بعيون مسحورة بجمال عيناها
إحتضنت حقيبة كتبها وقربتها من صدرها بشدة و إبتسمت خجلا و أردفت قائلة بنبرة حنون دلالة على موافقتها: اللي يشوفه أبوي في مصلحتي أني موافجه عليه
وألقت نظرة عاشقه من عيناها المهلكة عليه ثم أسرعت بمشيتها و تركته خلفها يغلي كالبركان من جمال صوتها الحنون و نظرتها العاشقة.

وضع يده فوق صدره وتحسسه بدلال وأخذ نفس عميق و هو ينظر على أثرها و أردف قائلا بهيام: يا أبوووووي
ضل ينظر عليها حتى أختفي أثرها عن ناظريه ثم تحرك متجه إلى وجهته بقلب يتراقص فرح.

في اليوم التالي
داخل منزل الحاج عتمان النعماني
كان يجلس الحاج عتمان النعماني و تجاوره الجلوس الحاجة رسمية
وأبنائة، قدري وزوجته فايقة، ومنتصر وزوجته نجاة
تحدثت رسميه بنبرة حادة و هي ترمق ولدها صغير السن كبير العقل و التفكير بنظرة غاضبة: بتجول أيه إنت يا زيدان، إتجننت إياك يا ولدي؟
إصبري يا حاچه لما نفهموا منيه الموضوع، جملة تفوه بها الحاج عتمان ليهدئ بها من روع زوجته الثائرة.

هتفت رسمية بنبرة غاضبة: نفهموا أيه يا حاچ، إبنك بيجول لك رايد يتزوج من بنات الرچايبه،
ثم وجهت بصرها إلى زيدان و تساءلت بنيرة صارمة: كانوا جصروا في أيه بنات النعمانية لما تروح تجيب لي واحده غريبة تسكن وياي في داري؟
نظر لها زيدان باستغراب و تحدث بنبرة إستهجانية: غريبة كيف و هي هتبجا مرتي يا أماي؟
و أختي بدور اللي مكتوبه على أسمك من يوم ما أتولدت يا واد عمي، مفكرتش فيها؟!

تلك الجملة تفوهت بها فايقة التي إشتعلت نارها أكثر مما هي عليه من ناحية ذاك الزيدان و الذي أصبح ألد أعدائها منذ القريب
أجابها زيدان بنبرة قويه و صوت جهوري: و أني موعدتش أختك بالزواج و لا عمري لمحت لأبوي و لا حتى لعمي إني رايدها يا فايقه
تحدثت فايقة بحده بالغه و غيرة واضحة مقللة من شأنه كي تحرق روحه: و ميتا الصغار كان ليهم رأي بعد إتفاج الرچال يا واد عمي؟

و عشان أني مش إصغير و ليا رأي بجول لك إني إختارت ورد و هتزوجها، جملة قالها زيدان بنبرة جامدة صامدة متحديا إياها
كان قدري ينظر إلى غضب زوجته المبالغ به بقلب مشتعل بنار الغيرة ولكنه فضل الصمت كعادته المخزية الخبيثة
وأني ماموافجاش يا زيدان، جملة تفوهت بها الحاجه رسمية بنبرة صارمة.

قاطعهم عتمان بصوت غاضب وهو ينظر إلى رسمية و فايقه: والله عال يا ولاد، حريم الدار بجي ليهم رأي و صوتهم بجا يعلا على أصوات الرچال
إنتفضت فايقه رعب و تحدثت سريع بنبرة هادئة كي تمتص غضب والد زوجها: حجك على راسي يا عمي، ورب الكعبة مجصدت أضايقك،.

و أكملت و هي ترسم على وجهها الحزن المصطنع كي تستدعي تعاطف الحضور معها: أني بس صعبان على كسرة جلب أختي بدور اللي هتتجهر لما تعرف إن واد عمها فضل عليها واحدة لا من توبنا و لا من دمنا و لا حتى تخصنا
تحدث عتمان ناهرا إياها بنبرة حادة: خلصنا يا فايقة،.

ثم نظر إلى ولده و تحدث بنبرة حادة: و إنت يا زيدان، إعجل يا ولدي و راجع حالك، عيلة الرچايبه مفيش بيناتنا و بينهم و لا نسب و لا ود، ده غير إن بت عمك أولي بك و متعشمة فيك
إنفرجت أسارير فايقة و رسمية التي تفوهت بنبرة مساندة: عين العجل كلامك يا حاچ
حين تحدث زيدان إلى والده معترض بإحترام: بس أني رايد بت حافظ الرچايبي يا حاچ و مرايدش واحدة غيرها.

و أكمل بتفاخر و عشق لم يستطع تخبأته عن عيون الجميع: رايدها تكون مرتي في الحلال، ولو مش هي مش هيبجا فيه حد غيرها
يعني أيه الكلام ده يا زيدان؟
جملة تفوة بها قدري شقيقه الأكبر
تحدث إلية زيدان بنبرة قوية: يعني لو متزوچتش بت حافظ الرجايبي يبجا يحرم على صنف الحريم كلياته يا قدري
أجابه قدري بنبرة خبيثه كي يشعل والده من ناحيته أكثر: عيب عليك الكلام ده يا زيدان، طب حتى أحترم كلمة أبوك اللي أداها لعمك زمان.

تحدث عتمان بنبرة صارمة ناهيا الجدال الدائر: سيبوني لحالي مع زيدان
نظر له قدري و تحدث بنبرة خبيثة: خليني وياكم يا حاچ لجل ما هدي بيناتكم
هتف عتمان ناهرا إياة بنبرة صارمة: جولت سيبوني مع ولدي لحالنا، مهتسمعش الكلام ليه يا قدري؟
أجابه قدري بطاعة مصطنعة: حقك على راسي يا حاچ، أني كان غرضي خير.

هم الجميع بالوقوف و تحركوا بإتجاة الخارج و تركوا زيدان بصحبة عتمان الذي وجه حديثه إلية متسائلا بهدوء: أدينا بجينا لوحدينا يا زيدان، ودالوك جولي بصراحة، حكايتك إية مع بت الرچايبة دي؟
نظر له زيدان ثم أنزل عنه بصره وصمت، فأردف عتمان قائلا بنبرة حنون مشجع إياه على التحدث: صارحني و أتكلم وياي راچل لراچل يا زيدان.

رفع زيدان رأسه و تشجع من حديث والده وأردف قائلا بنبرة حنون: ولدك عشجان يا أبوي و ده لا بيدي و لا بكيفي، ولولا إكده كلمتك كانت هتبجا سيف على رجبتي وأنفذها من غير أي نجاش
أطال عتمان النظر داخل أعين ولده ثم تساءل باهتمام: إسمها أيه البت دي؟!
نظر سريع إلى والده و نطق بنبرة هائمة تدل على عشقة الذي تخطي عنان السماء، متي و كيف، هو لا يدري: ورد يا أبوي، إسمها ورد.

مليحة يعني البت دي و تستاهل عشج زيدان النعماني؟، جملة تساءل بها عتمان ولده وهو يغازله بإبتسامة حانية
اجابه زيدان بعيون عاشقه لم يستطع السيطرة على كبحها: مليحه جوي يا بوي، زينة صبايا النجع كلياتهم
إبتسم عتمان و هز رأسه بتفهم و تحدث بنبرة هادئة: مبروك يا زيدان، إنهاردة هشيع لأبوها و أطلب يدها لزينة رجال النجع كلياته، زيدان عتمان النعماني.

نظر إلى والده بعيون غير مستوعبه لما تفوه به للتو و تساءل مستفسرا: صح الحديت دي يا أبوي؟
إبتسم عتمان بخفة وأجابه لائما: من ميتا عتمان النعماني بيجول أي كلام يا واد
تحدث سريع بأسف: العفو يا أبوي، أنا بس من كتر فرحتي مش مصدج حالي واللي سمعته منيك
ثم وقف سريع متجه إلى والده و أمسك كف يده و قبلها باحترام و قبل رأسه بلهفه و أردف قائلا: ربنا يديمك فوج راسي يا أبوي.

ربت عتمان على كتف ولده بحنان و تحدث عاليا منادي لأهل المنزل، أتي إليه الجميع مهرولين
فتحدث إليهم عتمان بطريقة حاسمة: باركوا لزيدان علشان هشيع لعيلة الرچايبة اليوم لجل ما نطلبوا يد بتهم
نزلت تلك الكلمات على فايقة أشعلت قلبها نارا، وإستشاط داخل رسمية التي ردت بنبرة إعتراضية غاضبة: كلام أية اللي عتجولة ده يا حاچ؟

وقف عتمان و دق بعصاه الأرض في حركة تحذيرية عن غضبته القادمة و أردف قائلا بحدة: إللي سمعتيه يا حاچة، و لحد إهني وخلص الكلام!
وأكمل مناديا على ولده بنبرة أمرة: قدري
رد قدري سريع خشية غضبة والده: نعمين يا حاچ
فأكمل عتمان بنبرة صارمة: تاخد وياك زيدان و تروح لدار حافظ الرچايبي، و تجول له أبوي طالب يد بتك لزيدان أخوي، و جول له يحدد لنا يوم علشان نروحوا نجروا فيه الفاتحه و نتفجوا على كل حاچه.

إقترب منتصر من زيدان و أحتضنه بسعادة و أردف قائلا بنبرة حنون: ألف مبروك يا زيدان، ربنا يتمم لك على خير يا أخوي
أجابه بفرحة عارمة: الله يبارك فيك يا منتصر، عجبال ما تچوز يزن.

ثم حول بصره إلى والدته ينتظر منها مباركة خطوته تلك، رمقته بنظرة غاضبة و تحركت للخارج كالإعصار، تلتها فايقة
حين نظرت نجاة إلى زيدان بابتسامة صادقه و تحدثت بأخوة: ألف مبروك يا واد عمي، ربنا يتمم لك بخير و يجعلها من حدك و نصيبك
إبتسم لها بوجه بشوش وأجابها: تشكري يا أم يزن، عجبال يزن
دلفت فايقة إلى حجرة عمتها وجدتها تتحرك داخل الغرفة و تفرك كفيها ببعضهما و الغضب يسيطر على تقاسيم ملامحها القاسية.

تحركت فايقة إلى وقوف رسمية و أردفت قائلة بنبرة حزينة كي تستدعي غضبها و أعتراضها أكثر: عاچبك اللي عمله عمي عتمان ده يا عمة، يا جهرت جلبك يا بدور يا خيتي، كيف هتستقبل الخبر الشوم ده؟
كيف راح أجول لها إن واد عمك فضل عليك بت الرچايبه و خلي سيرتك لبانة على لسان اللي يسوي و اللي ميسواشي في النچع.

رمقتها رسمية بنظرة حارقة و تحدثت بنبرة ساخطة: إجفلي خاشمك و جفلي على حديتك الماسخ ده يا بت ثنية، أني منجصاش عويلك ده
تظاهرت بالدموع و أردفت قائلة بنبرة خبيثة: حتى إنت كمان يا عمه هتاجي على و توبخيني زي عمي الحاچ عتمان
و تحدثت إليها و هي تلتقط كف يدها و تميل عليه: أحب على يدك تكلمي عمي عتمان و تخليه يتراجع عن جرارة ده.

أجابتها رسمية بنبرة ساخطة و هي تجذب يدها من ببن راحتيها بعنف: بت الملاعين كنها كلت عجل الواد و خلته عشجها، و طالما عتمان شاف عشج زيدان في عنية يبجا مهيتراجعش عن قرارة واصل
أجابتها بنبرة مشتعلة و غيرة تنهش بصدرها بدون رحمة، و عيون متسعة تخرج نارا لو أتيح لها الخروج لدمرت المنزل بأكمله: و مين فينا كان إتزوچ اللي عشجه قلبه و إرتاحت روحه لجل ما يرتاح هو.

و كادت أن تكمل لولا إستماعها لبعض الطرقات فوق الباب، أوقفتها رسمية بإشارة من يدها و تحدثت إلى الطارق بنبرة صوت حادة: إدخل يلي بتخبط
فتح زيدان الباب و طل منه بطوله الفارع و وجهه البشوش و أردف قائلا بنبرة حذرة: عاوز أتحدت وياك شوي يا أماي
رمقته فايقة بنظرة غاضبة، و تحدثت رسمية بنبرة حادة ساخرة: هو لسه فيه حديت عشان يتجال يا واد بطني؟

خطي زيدان بساقية للداخل ثم وجه حديثه بهدوء إلى تلك المستشاطة: سبينا لحالنا شوي يا فايقة، عاوز أتحدت مع أمي لوحدينا
رمقته فايقة بنظرة حارقه ثم تحركت من جانبه كالإعصار إلى الخارج و صفقت خلفها الباب بحدة بالغة
تحرك زيدان إلى والدته و أمال بطوله الفارع على رأسها و قبلها تحت نفورها متحدث بهدوء: مهتباركيش لزيدان و لا أية يا حاچة رسمية؟
أجابته بهتاف حاد: أباركلك على أيه يا زيدان؟

علي خيبة أملي الكبيرة فيك، ولا على كسرتك لكلمتي اللي إدتها لأخوي؟
تنفس الصعداء حتى يهدئ من روعه كي يتمالك من حاله حتى لا يحزن والدته ثم تحدث بهدوء متلاشي حديثها وغضبها: طب مش هتسأليني إشمعنا إختارت ورد دون عن بنات النجع كلياتهم؟
نظرت إليه بضيق و تحدثت بنبرة ساخرة: أظن ما هتجول لي عشج و حديت ماسخ ملوش عازة عندي
نظر لها بحزن و أردف متساءلا: ليه هتبصي للعشج إكدة يا أماي.

أجابته بقوة و صرامة: عشان فيه حاچات كتير أهم من المسخرة اللي شاغل لي بيها حالك دي، فيه العيلة و النسب اللي لازمن تفكر فيهم زين،
و أكملت برجاء و هي تحثه على التراجع: راجع نفسك يا ولدي وأنسي بت حافظ وشيلها من راسك، إطلع جول لأبوك إنك راجعت حالك و أختارت بت خالك
تنفس الصعداء و أجابها بهدوء: معادش ينفع يا أماي، لما الجلب بيأمر ما على العجل إلا الإنصياع.

يبجا تنسا إن ليك أم و إني أرچع أعاملك زي اللول تاني، كانت تلك كلمات قاسية قالتها رسمية بقوة و صرامه
هتف باعتراض و نبرة ضعيفه يستجدي بها تعاطفها: متعمليش فيا إكده يا أماي
ردت بقوة ناهية الحديث: دماغي وجعاني و عاوزة أنام
و أكملت بنبرة تهكمية و هي تشمله ساخرة: روح چهز حالك يا عريس
و تحركت بإتجاه باب الحجرة و فتحتها على مصرعيها، ثم أشارت بيدها إلى الخارج في دعوة صريحة منها لخروجه الفوري.

تحرك بقلب حزين و وقف مقابلا إياها، ثم نظر لعيناها بتألم و هو يتوسلها بأن ترحم ضعف قلبه العاشق، سحبت هي عيناها كي لا تضعف أمام عيناه المتوسلة، خرج و صفقت خلفه الباب بحده كادت أن تخلعه مما أحزن قلب ذاك الفتي.

صعد قدري إلى جناحه الخاص به و بزوجته كي يرتدي ملابس مناسبة لذهابه بصحبة زيدان إلى منزل حافظ الرجايبي كما أمره والده
وجد فايقه تقف مترقبه دلوفه و كأنها تنتظره، تحرك للداخل يخلع عنه جلبابه متحدث بنبرة سريعة: طلعي لي غيار على ما أدخل أتسبح يا فايقه
تحركت إليه و تساءلت بنبرة غاضبة: إنت بردك هتسمع كلام أبوك و تروح لبيت حافظ تطلب يد بته لزيدان؟

أجابها بنبرة ساخرة: لا طبعا، هسمع كلامك و أعصي كلام أبوي عشان يطربجها فوج دماغي و يحرمني من ماله و عزه أني و عيالي
و أكمل بنبرة ساخطة: جهزي لي الغيار و أخزي الشيطان يبت عمي،
و أكمل بنبرة صوت يغلفها الشر: و يا عالم، مش يمكن دي تكون نقطة البداية في خراب علاجة أبوي بزيدان؟

أردفت قائلة بنبرة محبطه: ده عشم إبليس في الجنة يا قدري، زيدان واكل عجل عمي بكلامه المعسول و علامه و دماغه الفهمانه، وأكيد عمي مهيفرطش في الوحيد المتعلم فيكم لجل عيونك إنت و منتصر و إنتوا حتى مهتعرفوش تفكوا الخط
أجابها بنبرة مشتعلة غائرة: و هو بالعلام إياك يبت ثنية؟
و أكمل بشر: بكرة أفرجك چوزك اللي مش متعلم دي هيوصل لفين و هيعمل أيه.

لوت فاهها بسخرية و تحركت إلى خزانة الملابس لتخرج له ثياب مناسبة لتلك المناسبة المشؤؤمه بالنسبة لها.

بعد أربعة أشهر من ذلك اليوم
عصرا داخل حجرة رسمية، دلفت إليها إبنتيها صباح وعلية، وجداها تجلس فوق فراشها بوجه غاضب محتقن، تجاورها تلك المشتعله بنار الغيرة
إقتربت صباح وجلست بترقب بجوار والدتها و تحدثت بنبرة حذرة: زيدان بيلبس خلجاته في شجتة فوج و زمناته نازل لجل ما يروح يچيب عروسته يا أماي، مهتجوميش تستجبلية وتزغرطيلة؟

شاحت ببصرها بعيدا عنها وتحدثت بنبرة جافة: أني مجيماش من مطرحي إهني غير لما العروسة تاجي و أستجبلها
و أكملت بحدة مفسرة: و ده لجل شكلنا جدام حريم النجع، لا أكتر و لا أجل
أردفت علية بنبرة هادئة في محاولة منها لإستدعاء مشاعر الأمومة لدي والدتها ذات القلب القاسي: و هيهون عليكي تعملي إكدة في زيدان بردك يا أماي؟

قاطعتها تلك المشتعله هاتفة بنبرة غاضبة كي لا تدع الفرصة لحنين قلب رسمية إلى زيدان: و إشمعنا هي هانت علية ورضي عليها المزلة جدام أبوي
رمقتها علية بنظرة محذرة و أكملت غير عابئه بحديث تلك الحقودة: ده انت عارفة إن زيدان روحه فيكي يا أماي، و عارفة كمان إن فرحته مهتكملش غير لما تاخديه في حضنك و تطبطبي عليه.

كفاية عليه حضن بت الرچايبة اللي فضلها عليا وكسر كلمتي لجل خاطر عنيها، كانت تلك جملة حادة نطقت بها رسمية بملامح وجة مكفهرة
تحدثت إليها صباح بنبرة لائمة: عاملة في نفسك و في زيدان إكده ليه يا أماي؟
و أكملت: كل ده عشان إختار الحرمة اللي هتنام في حضنه؟
صاحت بها فايقة بنبرة غاضبة وعيون تطلق شزرا: و هو عشان يريح جلبه يكسر كلمة أمه وهيبتها جدام اخوها و مرته.

متولعاش أكتر ما هي ولعانه يا فايقة. ، جملة تفوهت بها صباح بنبرة حادة
فأجابتها بنبرة حادة: اني مهولعهاش يا صباح، هي ولعانه لوحديها يا بت عمتي، ولو إنت شايفه إن اللي حصل ده هين، يبجا العيب فيكي، ده كفاية إن أمي وعمتي لاول مرة بيجاطعوا بعض وكل ده بسبب بت الرچايبة
أردفت صباح بنبرة حادة: كل الغل اللي چواكي ده لزمته إية يا فايقة،.

و أكملت مفسرة: بدور و إتجوزت من شهر من إبن عمها و أبوي بذات نفسيه كان وكيلها، وخالي وسامح زيدان و عذرة، و بدور بذات نفسيها عايشة مرتاحة مع واد عمها ولا على بالها الموضوع من الاساس، إنت بجا أية اللي حارج جلبك چوي إكده؟
و أكملت بنبرة لائمة: ده بدل ما تهدي عمتك من ناحية ولدها بتشعليليها زيادة و تجوميها عليه أكتر؟
خافي ربنا يا فايقة ده انت عنديكي ولاد و بكرة هيترد لك فيهم.

رفعت قامتها للأعلي وتحدثت بكبرياء: أني ولادي هيبجو رچالة كيف أبوهم يا صباح، مهيعملوش كيف أخوك ويفضلوا عشج الحريم و المسخرة على مصلحة العيلة
نظرت صباح لها بغضب ثم تحدثت إلى والدتها وصمتها الرهيب: يلا يا أماي جبل ما زيدان يدلي من شجتة
صاحت رسمية بنبرة حادة و ملامح وجه قاسية: خلصتوا لتكم وعچنكم الماسخ،.

وأكملت بنبرة جافة و هي تشير بكف يدها بإتجاة باب الغرفة: يلا كلياتكم على برة ولما تجرب العروسة تاچي أبجوا أدوني خبر لجل ما أطلع أستجبلها كيف الأصول
نظرت صباح إلى شقيقتها بإحباط و تحركتا للخارج ليستقبلا شقيقهما بخيبة أمل.

بعد ساعتان، كانت سرايا النعماني تأج بنساء العائلتين وهن يلتفن حول العروس الجميلة،
أما فايقة التي كانت ترمقها بنظرات يتخللها الحقد و الغل و الغيرة
دلف هو للداخل بطلته الرجولية و هيئتة الخاطفة للأنفاس و تحرك بقلب لاهث بإتجاه عروسه المبغاه.

إقتربت منه والدته مرغمة و أفسحت له الطريق حتى أوصلته لتلك الورد الذي و ما أن رأها حتى وقف أمامها متسمرا مسحورا بجمالها، إستفاق على حالة حين إستمع لصوت والدته و هي تنادي بإسمه بنبرة صارمة و كأنها تنبهه وتدعوه للإستفاقة
حملها برجولة بين ساعديه و لفت هي ذراعيها حول عنقه برقة متشبشة بعنقه بنظرات خجلة، و صعد هو بها الدرج بظهر مفرود أمام عيون الجميع و منه إلى الممر المؤدي إلى جناحه الخاص بزواجه.

كانت شقيقته صباح بانتظارة وتحدثت إلية بعيون سعيدة: ألف مبروك يا أخوي
ثم تحدثت إلى ورد بإبتسامة حنون: ألف مبروك يا عروسه
أومأت لها ورد وأنزلت بصرها عنها خجلا حين تحدث زيدان بنبرة رجولية: عجبال ولادك يا صباح
و فتحت صباح له باب الجناح على مصرعية حتى دلف إليه حاملا عروسه ثم أغلقت الباب سريع و اطلقت الزغاريد و اتجهت للأسفل.

وقف بمنتصف البهو و نظر إليها بأنفاس متقطعة من شدة جمال تلك الفاتنة، نظر لداخل عيناها و تحدث لتلك المتعلقة برقبته وهي تنظر له خجلا
فتحدث زيدان بنبرة حنون ليزيل عنها خجلها: نورتي حياة زيدان يا روح جلب زيدان، مبروك يا ورد
إبتسمت خجلا و أردفت قائلة و هي تنظر للأسفل: الله يبارك فيك يا زيدان.

إشتعل داخله عندما أستمع لإسمه من بين شفتاها المهلكة و لكنه تمالك حاله لأبعد الحدود، ثم تحرك بها داخل غرفتهما الخاصة و وضعها بحنان فوق التخت المخصص لهما، و اقترب منها و جلس بجانبها ثم مال عليها و أسند رأسها بيده و بدون مقدمات مال على شفتاها ينهل منهما و يشرب من شهد عسلهما المميز
و بعد مدة إبتعد عنها لاهث يأخذ أنفاسه بعمق و ينظر إليها بعيون عاشقة، أما ورد التي كان جسدها ينتفض رعب و خجلا منه.

نظر إليها و أمسك كتفيها برعايه و تحدث مطمئن إياها: ليه الخوف و إنت بين أحضان حبيبك يا ورد؟
إبتلعت لعابها وتحدثت خجلا: إعذرني يا زيدان، غصب عني والله
أجابها بعيون عاشقه: عاذرك يا جلب زيدان من جوة، بس أني عايزك تسيبي لي نفسك و تنسي خوفك و أني هنسيكي في حضني الدنيا كلاتها
هزت رأسها بإيمائة خجلة و أحتضنها هو ليطمئن روحها ثم تحسس سحاب ثوب زفافها و سحبه للأسفل مزيلا عنها ثوبها بهدوء.

و بعد مدة طويلة كانت تتمدد بجانبه واضعه رأسها فوق صدره العاري و هو يتحدث بنبرة حنون و أنفاس لاهثة: ألف مبروك يا ورد، مبروك يا زينة الصبايا
إبتسمت خجلا و أردفت قائلة بنبرة عاشقة: الله يبارك فيك يا زيدان
وضع يده تحت ذقنها و رفعها ليقابل ساحرتيها الجميلتان و أردف متساءلا بدلال: لساتك خايفه من زيدان؟
هزت رأسها بنفي و أبتسامة خجولة كست ملامحها، ثم دفنت وجهها داخل صدره العريض مرة اخري.

و أردف هو قائلا بنبرة حنون: أوعي تخافي من أي حاچة طول ما حبيبك چارك يا ورد، عاوزك دايما إكده تدفني حالك جواي و فيا، و أي حد يضايقك أو يزعلك تاجي و تحكي لي طوالي، فاهمه يا ورد؟
هزت رأسها بطاعة و صمت و ما زالت مختبأة داخل أحضانه بخجل، فرفع لها وجهها و تحدث بنبرة ملامه مصطنعة: و بعدين وياكي يا جلبي، هتفضلي حرماني من متعة النظر لعنيكي كتير إكدة؟

إبتسمت و رفعت وجهها و ألتقت عيناها بعياه و بدأ حديث العيون يشرح ما بداخلهما و تلاوته، مال على شفتاها و قبلها بشغف و جنون،
أما هي فكانت عديمة الخبرة و هذا ما زاده بها جنون و رغبة أكثر و أكثر
بات يزيدها من جنون عشقه المميز طيلة الليل حتى وقعا كليهما صريع النوم و التعب داخل أحضان الأخر.
بعد مرور عشرة أشهر على زواج زيدان و ورد، قضتهم ورد في صراعات و مناوشات حادة وخطط محكمة و مدروسة جيدا من تلك الشمطاء المسماه ب فايقة، وكل هذا فقط لتجعل الجميع يراها بصورة مغلوطة وكي تظهر للجميع أنها ليست بالزوجة المناسبة ل زيدان النعماني، ولكن دائما ما كان زيدان يكشف خطتها ويقف لها بالمرصاد، بخلاف ذلك كان داعما وسندا قويا لزوجته الرقيقة.

وقت الظهيرة داخل منزل الحاج عتمان النعماني، تجلس الحاجة رسميه فوق أريكتها بوسط بهو منزلها بكبرياء و غرور، تجاورها تلك الشمطاء المسماه ب فايقة تتناولان الأحاديث المتبادلة بينهما
إستمعا إلى صوت صياح عالي يأتي من أعلي الدرج، إنها حسن، تلك العاملة التي تعمل لديهم بالمنزل منذ الكثير و هي تهرول سريع قائلة: يا ست الحاچة، يا ست الحاچة.

حولت رسمية بصرها لأعلي الدرج و تساءلت بنبرة ساخطة كعادتها: فيه أيه يا مخبولة إنت، خلعتيني
نزلت الفتاه و وقفت أمامها تتنفس عاليا وتحدثت بصوت لاهث: الست ورد تعبانة جوي، وكنها إكدة هتولد، أني سايبة الست نچاة وياها فوچ وچيت أجول لحضرتك لجل ما تتصرفي
وقفت رسمية بقلق و تحدثت على عجالة: طب إطلعي بلغي مرعي يروح طوالي يچيب جليلة الداية و يستعچلها.

هرولت الفتاه إلى الخارج و تحركت رسمية بإتجاهها إلى الدرج، أوقفها صوت فايقة الجهوري التي أردفت بتساؤل: على وين العزم يا عمة؟
توقفت رسمية و التفت إليها لتجيبها: هطلع أشوفها يا بتي
إنتفضت من جلستها و تحركت سريع حتى وقفت قبالتها و أردفت قائلة بنبرة خبيثة كي تجدد إشتعال قلب رسمية بإتجاة ورد: هتجللي من جيمتك و تطلعي لواحدة زي دي؟

و أكملت بنبرة يتغللها الغل والحقد: دي واحدة عجربة وجليلة أصل و بدل ما تحاول تصلح بينك وبين ولدك خلت العداوة تزيد بناتكم أكتر من اللول
واسترسلت بخبث لتذكيرها: نسيتي جوام لما راحت فتنت لزيدان وجالت له إن فايقة إتعاركت معاي و شندلتني وامك وجفت في صفها وشتمتني لجل بت أخوها، و زيدان راح إشتكاكي لعمي عتمان، وكانت السبب في إن أول مرة عمي عتمان يعلي صوته عليكي ويهينك جدامنا كلياتنا.

وما أن نطقت تلك الشمطاء بجملتها حتى إشتعل داخل رسمية وتجدد غضبها من تلك المسكينة التي لا ذنب لها سوي أن زيدانها عشقها وبجنون، ولكنها سرعان ما تغاضت عن غضبها وتحدثت بهدوء وحكمة تليق بمكانتها: ميصحش يا فايقة، البت لحالها فوج والإصول بتجول إن لازمن أجف وياها وهي بتولد، إفرض امها چت دالوك، تجول عليا أية.

تحدثت إليها فايقة وهي تسحبها من يدها وتتحرك بها إلى الأريكة التي تتوسط البهو: إجعدي يا عمة و ريحي حالك، أول هام هي مش لوحديها فوج، نچاة وياها، وأكملت بنبرة ساخطة: وبعدين تلاجيهم هبابة مغص و هيروحوا لحالهم، دي بت كهينة وتلاجيها بتچلع كيف عوايدها ولا هتولد ولا حاچة،
واسترسلت مؤكدة بتفاخر: ودالوك الولية جليلة هتاچي وهتوكد لك على حديتي دي و تجولي فايقة جالت.

أما عن رسمية فكان بداخلها حرب دائرة ما بين ما يجب عليها فعله وما يمليه عليها ضميرها، و ما بين كرامتها و كبريائها اللذان يمنعاها ويقفا بوجهها كالسد المنيع من معاملة ورد بطريقة تليق بكونها كزوجة لنجلها الغالي
وبالأخير إستسلمت لرغبة تلك الشيطانة وهمت بالجلوس بجانبها بإستسلام تام وكأنها مسيرة
بعد مده أتت جليلة وصعدت على الفور إلى ورد وحاولت معها منذ ما يقرب من الساعتان، ولكن كانت الولادة متعثرة للغاية.

نزلت حسن من جديد إلى رسمية و تحدثت بملامح وجة يشوبها القلق: إلحجينا يا ست الحاچة، الست ورد تعبانة چوي و الداية جليلة بتجول لحضرتك لازمن تشيعي وتچيبي لها الحكيم من المركز
ردت عليها رسمية بنبرة ساخرة: حكيم إية اللي عتجولي علية يا مخبولة إنت كمان، من ميتا بنولدو عند حكما إحنا؟
لوت فايقة فاهها و تحدثت بنبرة تهكمية: اللي يلاجي چلع ولا يدچلعش يبجا حرام عليه.

و أكملت كي تزيد من سخط رسمية على ورد: من حجها بت الرچايبة تعمل أكثر من إكده، طالما عارفه إنها مهما تعمل هتنها أغلا الغوالي عند زيدان النعماني، وخصوصي بعد ما فضلها على صبايا النعمانيه كلياتهم
زفرت رسميه بضيق وتحدثت إلى فايقة بنبرة إستهجانية محذرة إياها: إجفلي خاشمك وبكفياكي نواح يا حرمة، معيزاش أسمع نفسك واصل
إرتعبت فايقة من نبرة عمتها الحادة وفضلت الصمت تجنب لغضبتها التي هي أدري الناس بها.

وقفت رسمية متأففة و أتجهت إلى الدرج و صعدت إلى جناح زيدان، تحركت لداخله و هي تتطلع إلى ورد التي تتمدد فوق تختها وهي تتألم وتصرخ من شدة الوجع المصاحب لمخاض جنينها الأول
تجاورها الداية جليلة التي تتحدث بكلمات مشجعه لتلك الورد: إجمدي أومال يبتي، خلاص هانت و إن شاء الله فرجه جريب
صرخت ورد قائلة بصوتها المجهد: مجدراش يا خالة جليلة، مجدرااااش، أحب على يدك ساعديني وخلصيني.

تجاورها في الجهه الأخري نجاة التي تحدثت بنبرة عطوفه حانيه على تلك المسكينة: إتحملي شوي يا خيتي، دالوك الحكيم ياجي و تجومي بالسلامة إنت و عيلك
تحركت رسمية إليهن و وقفت تتطلع عليهن ثم تساءلت بنبرة تهكمية موجه حديثها إلى جليلة: حكيم أية ده اللي عيزانا نشيعوا نچبوة يا ولية إنت؟

نظرت إليها جليلة و تحدثت بإرتباك من لهجة تلك الساخطة الحادة: الرحم مجفول يا ست الحاچة و الولادة صعبة جوي، و البنية لساتها صغيرة و ضعيفه و مش مسعداني و لا مساعدة حالها
نظرت ذات القلب المتيبس لتلك البريئة و حدثتها بنبرة حادة شبه أمرة: متتجدعني أومال يا ورد و تساعدي صغيرك لجل ما تخلصي
أجابتها ورد بتألم: مجدراش يا مرت عمي، أحب على يدك شيعي لزيدان يچيب لي الحكيم و ينده لي أمي.

و أمك هتعمل لك أيه واصل، هتشد لك العيل و لا هتولدة مطرحك، جملة تهكمية تفوهت بها تلك السيدة غليظة القلب معدومة المشاعر
تحدثت جليلة قائلة بنبرة مفسره: يا ستي الحاچة البنية چسمها ضعيف ومجدراش تجاوم معاي أكتر من إكدة، بجالي أكتر من ساعتين على ده الحال و مفيش فايدة، شيعي لسي زيدان يچيب الحكيم جبل ما حاچة تحصل للعيل چوة بعيد الشر.

لوت رسمية فاهه و تحدثت بإستنكار رغم هلعها الذي أصابها على جنين ولدها، و لكنها تخبئ مشاعرها خلف ستار ذاك الوجة القاسي: حاضر يا ست جليلة، هشيع لزيدان يچيب الحكيم أما أشوف أخرتها أية وياكم
تحركت يبطئ شديد و نزلت الدرج ثم نادت بصوتها المرتفع: بت يا نچية، إنت يا بت
أتت نجية من المطبخ مسرعه و هي تجيبها على عجل: نعمين يا ستي الحاچة.

أردفت رسمية قائلة بنبرة أمرة: إطلعي جولي للغفير مرعي يوصل لحد سيدك زيدان عند الطاحونة و يجول له يشيع يچيب الحكيم من المركز لجل ما يولد الست ورد
أوامرك يا ستي الحاچة، جملة تفوهت بها تلك العاملة وهي تهرول مسرعة إلى الخارج
نظرت إليها تلك الفايقة و هتفت باستهجان: إنت بردك هتمشي على كيفهم و تشيعي لزيدان يچيب لها الحكيم يا عمة؟!

أجابتها رسمية وهي تجلس بجانبها ببرود ظاهري: جليلة بتجول الرحم مجفول والولادة صعبة والبت على صرخة واحدة
لوت فايقة فاهها وتحدثت بتهكم: يعني إنت تايهه عن بت الرچايبة وكهنها، تلاجيها بتچلع زي عادتها،.

وأكملت بحقد وسخط إرتسما فوق ملامحها ولم تستطع تخبأته: و ابنك طبعا مهيصدج و يجري يچيب لها الحكيم علشان تكمل چلعها و مساختها عليه و علينا، طبعا مش إتچوزها غصب عنينا كلياتنا ودخلها البيت علينا غصب، من حجها تعمل ما بدالها
و بعدهالك عاد يا بت ثنية، منجصاش حرقة دم أني، جملة تفوهت بها رسمية بنبرة حادة جامدة
أجابتها فايقة بتذمر: خلاص، هسكت ساكت أهو لجل ما ترتاحي.

جلست رسمية بعقل مشتت و تصارع مميت داخل روحها ما بين واجبها الإنساني الذي يطالبها و بشدة إلى الصعود والوقوف بجانب تلك البريئة المتألمة،
وما بين كبريائها وغطرستها التي تمنعها من التنازل عن ما قررته عندما إنتوي ولدها معارضتها والتخلي عن إبنة أخاها والزواج من ورد
وبالأخير إنتصرت غطرستها و ضلت ماكثة بمكانها.

بعد مرور حوالي الساعة والنصف، دلف زيدان لداخل المنزل على عجالة و يبدوا على هيئته الارتباك والتوتر و يجاورة الطبيب
تفاجأ بوالدته و فايقة تجلستان و يبدو على وجهيهما الراحه و الاسترخاء وهما تتناولان مشروب الشاي بكل هدوء
تحدثت والدته بنبرة باردة مصطنعة: إطلع مع الحكيم لفوق يا زيدان.

نظر لها متعجب برودها ثم إستفاق على حاله و صعد سريع بجانب الحكيم وما أن دلف إلى الداخل حتى إستمع لصرخات صغيرته التي أتت إلى الدنيا في التو والحال، وذلك بعد تذوق ورد الأمرين من خلال رحلة ولادتها المتعثرة،
حيث فتح الرحم بأخر لحظاته وخرجت الطفلة من عنق رحم والدتها بصعوبة بالغة، و للأسف فقد تسبب لها هذا بنزيف حاد.

إلتقطت نجاة الطفلة ولفتها سريع داخل كوفرتة كانت معدة من ذي قبل، و وضعتها جانب بإهمال، ثم عادت بنظرها من جديد إلى تلك المتألمة التي تإن بصوت ضعيف مما يدل على مدي تألمها الشديد
تحرك زيدان سريع إلى ورد المتعبه للغايه و تساءل بإهتمام و لهفة وهو يشملها بعيناه: زينة يا ورد؟
أجابته بتألم و دموع: هموت يا زيدان، إلحجني.

وفي تلك اللحظات دلفت والدتها التي كان قد بعث لها زيدان و أخبرها منذ القليل، ودلفت بجانبها رسمية التي إصطحبتها وهي تنظر إلى الطبيب و لنظراته القلقه
جرت سعاد على إبنتها تتفحصها بلهفة وتحدثت إلى زيدان: مشيعتليش من بدري ليه يا زيدان؟

حين تحدث الطبيب الذي أجري الكشف الطبي على تلك المسكينه بنبرة حادة: إنتوا إزاي سيبينها تولد في البيت الوقت ده كله، دي كانت حالة ولادة متعثرة وكانت محتاجة مستشفي و ولادة بعملية قيصرية
ثم نظر إلى زيدان وتحدث بنبرة أمرة: من فضلك جهز لي عربية حالا علشان ننقل المريضة للمستشفي لأن حالتها صعبه
تساءل زيدان بنبرة قلقة: خير يا دكتور، مرتي مالها؟

أجابه الطبيب بوجه عابس: للأسف، المريضه حصل لها نزيف حاد نتيجة الولادة المتعثرة ولازم تروح المستشفي علشان النزيف يتوقف حالا، و إلا حياة المريضة هتكون في خطر
لطمت سعاد وجنتيها و وجهت إتهامها إلى الداية: نزيف، عملتوا في بتي أيه يا ولية إنت، انطجي
إرتبكت جليلة و نظرت إلى رسمية و أردفت قائلة لتنجي بحالها: أني مليش صالح، أني جولت الكلام ده للحاچة رسميه من أول مابدأت في الولادة و هي اللي إستهونت بحديتي.

إرتبكت رسمية و تحدثت لتنفي عنها تلك التهمة: أني إستهونت يا ولية إنت، أني إفتكرتك بتهولي زي عوايدك وجولت تلاجيها بتصرخ علشان بكرية ودالوك ربنا هيكرمها وتولد وتجوم بالسلامة
كان تائه يفرق نظراته على الجميع بتيهه وعدم تصديق، وخاصة والدته لذكرها لتلك المبررات الغير مقنعه بالنسبة له
هتف به الطبيب صارخ بنبرة جامدة كي يستفيق ويعي لحاله: هو حضرتك هتفضل واقف كدة كتير؟

البنت دمها بيتصفي ومحتاجه تدخل العمليات حالا
وكأنه بتلك الكلمات قد فاق على حاله، إقترب عليها و لفها بملاءة التخت و حملها بين ساعدية وتوجه بها للأسفل مباشرة، وجرت خلفه سعاد ونجاة والطبيب،.

أما الدايه فهربت سريع إلى منزلها وهي تندب حظها العثر الذي جعلها تشرف على تلك الولادة المتعثرة بعدما كانت تتأمل أن تحظو بمبلغ كبير من النقود نتيجة إشرافها على ولادة زوجة زيدان النعماني، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركة.

وقفت تنظر في أثر الجميع بشرود وعدم تصديق لما حدث منذ القليل، و أن تلك المسكينه يمكن لها أن تدفع حياتها ثمن غطرستها و عنادها مع ولدها، شعرت بالذنب يتسلل بداخلها و يتأكله و كأنها نارا إشتعلت للتو و بدأت بتأكل الاخضر و اليابس.

وقفت عن التفكير و خرجت من شرودها عندما إستمعت إلى صوت ضعيف لطفلة صغيرها التي بدأت بالأنين والبكاء لتعلن لجدتها عن وجودها، و كأنها إستشعرت وجع وألم والدتها الحنون والتي مكثت برحمها طيلة التسعة أشهر المنصرمة.

حولت بصرها سريع ناحية إتجاة خروج ذاك الأنين وجدته يخرج من طرف التخت، توجهت إليها سريع وجدتها تلتف داخل منشفة بإهمال، تفحصتها جيدا و تأكدت من أنها فتاة و لا تدري ما الذي حدث لها حين رأت وجهها الملائكي، حملتها وأطالت النظر بعيناها المغلقتان،.

وما أن فتحت الصغيرة عيناها اللتان تلونا بلون الزمرد حتى إنشرح صدر رسمية بطريقة عجيبة، وبرغم عدم تقبلها بإنجاب الفتيات إلا أنها وجدت قلبها يتراقص فرح من شدة سعادته بمجرد رؤية تلك الجميلة
جلست بطرف التخت وأمسكت ثياب كانت موضوعه بجانب الفتاه ومعدة من ذي قبل، وألبستها إياها و أدفئتها جيدا،
ثم نظرت لتلك الجميلة ومالت على خدها الناعم و قبلته بحنان و لأول مرة تشعر به طيلة حياتها.

و تحدثت بنبرة حنون: يا مرحب بالزينة بت الغالي، نورتي الدنيي كلياتها يا جلب چدتك
نظرت لها الصغيرة بعيون تسر الناظر لها ثم وضعت إبهامها بفمها و بدأت بمصه وأرتفع أنينها من جديد و كأنها تخبرها بمدي جوعها الشديد
نظرت لها و تحدثت مبتسمة: چعانه يابت الغالي، يلا بينا ننزلوا تحت و أوكلك لحد متشبعي على الاخر و تجولي كفاية يا چدة.

وأخذت الصغيرة وتوجهت بها إلى الأسفل، وما أن رأت فايقة سعادة وجهها حتى سكن الحزن قلبها وتيقنت حينها أنه صبي، فهي أدري الناس بعمتها وكيف تعشق إنجاب الفتيان وكم تكرة حتى مجرد ذكر سيرة الفتيات
تساءلت بقلب حزين: هما سبوة إهني، مخدهوش وياهم مع أمه ليه؟!
كانت رسمية تحتضن حفيدتها برعاية وكأنها وجدت شئ نادرا ترتعب من فكرة فقدانه
تجاهلت رسمية حديثها وصاحت على حسن قائلة: حسن، إنت يا بت.

أتت حسن مهرولة و أردفت متسائلة بإحترام: نعمين يا ست الحاچة
تحدثت رسمية وهي تنظر لوجة الصغيرة بإنبهار وإبتسامة حنون إستغربتها حسن وفايقة: إعملي ينسون و برديه زين وإطلعي لجناح سيدك زيدان هاتي البزازة بتاعة اللصغيرة اللي كان شاريها لها أبوها، و حطي فيها الينسون و هاتيه عشان نوكلوا ست البنته
إنفرجت أسارير فايقة وتهللت ملامح وجهها بسعادة تخطت عنان السماء و تحدثت بتشفي: بت، ورد جابت بت.

صعدت العاملة وهي تهرول ثم نظرت رسمية إلى فايقة وتحدثت بوجة ضاحك: تعالي يا فايقة ملي عينك برؤية الجمر في ليلة تمامة
لوت فايقة فاهها وتحدثت بنبرة ساخرة: جمر وليلة تمامة، من ميتا يا عمة وإنت عتفرحي لخلفة البنته إكدة؟!
أجابتها وهي تنظر لوجه الطفله كالمسحورة وتحدثت بتفاخر: وهي دي أي بت إياك، دي بت زيدان النعماني على سن ورمح، جومي هاتي لي كوبرته من جوة علشان أغطيها لتبرد، جومي يلا.

إشتعل داخل فايقة من حديث عمتها الذي أكمل سخطها على تلك الورد التي إختطفت وفازت بقلب زيدان النعماني وأتت إبنتها لتكمل ذاك السخط.

داخل المشفي المتواجد بالمركز
يقف زيدان داخل الرواق و القلق ينهش داخله، يتخيل ألف سيناريو و سيناريو و عقله يرفضهم جميعا وبشدة
يجاورة قدري و منتصر و التي بعثت لهما والدتهما لتخبرهم بما حدث و أمرتهما أن يذهبا إلى شقيقهما و يقفا بجانبه وبجانب زوجته
و يجاورهما أيضا والد ورد و أشقائها و أبناء عمومتها
و نجاة و سعاد التي كانت تناجي ربها بصوت مسموع و دموع: نچي لي بتي وخد بيدها يا رب.

تحدث حافظ إلى زيدان بنبرة ساخطه: وإنت كت فين لما بتي إتصفي دمها في دارك و إنت مدريانش؟
أجابه زيدان بنبرة خافته خجلة: مكتش أعرف يا عمي، أنا سايبها الصبح زينه و مفيهاش حاچة
تحدث رجب شقيق ورد بتوعد و روعنة شباب: أختي لو چري لها حاچة كل اللي جصر في حجها هيتحاسب و أولهم إنت يا زيدان
نظر له قدري وأردف قائلا بنيرة حادة متعالية: إتكلم على جدك يا واكل ناسك إنت، مين دول اللي هتحاسبهم يا واد الرچايبه؟

صاح حافظ بنبرة جامدة: رجب مغلطش يا قدري، وأني بعيد لك حديته اللي جاله وبأكد عليه، أي حد جصر في حج بتي هيتحاسب حتى لو كانت الحاچة رسمية بذات نفسيها
إنتفض داخل قدري غضب وكاد أن يتحدث ولكن أوقفه صياح زيدان الذي تحدث بنبرة غاضبة موجه حديثه إلى الجميع: أرحموني يرحمكم ربنا، أيه، هتجلبوها عركة وناسيين إن مرتي جوة بين أيادي ربنا، بدل ما أنتم جاعدين تتخانجوا إكدة أدعولها إن ربنا ينجيها ويجومها لي بالسلامة.

خجل الجميع من أنفسهم و قاموا بالدعاء لها
وهنا خرج الطبيب وتوجه إلى زيدان وتحدث بنبرة حذرة: إنت جوزها صح؟
إبتلع لعابه رعب من هيئة الطبيب وهز رأسه بإيجاب فتحدث الطبيب بأسي: للأسف، المريضة حصل لها إنفجار في الرحم وده السبب الرئيسي للنزيف الشديد اللي عندها، وعلشان نوقف النزيف ده مفيش قدامنا غير حل واحد
نظر له الجميع بترقب فأكمل الطبيب بأسي: لازم نعمل عملية إستئصال للرحم علشان نوقف النزيف بأسرع وقت.

تهاوي بوقفته وكاد أن يختل توازنه لولا قوة بنيانه و صلابة جسده،
حين لطمت سعاد وجنتيها وتحدثت بذهول: إنت بتجول أيه يا دكتور، رحم أيه إللي هتشيله لبتي وهي لساتها في أولة عمرها؟
تحدث الطبيب إليها بهدوء: وحدي الله يا حاجه كله مقدر ومكتوب، نصيبها كده، إدعي لها إننا نلحق نوقف النزيف وتقوم بالسلامة
أردف والدها قائلا بترجي: شوف حل تاني غير إنك تشيل لها الرحم يا دكتور، البت لساتها صغيرة.

أجابهم الطبيب بنبرة واثقه وحزينة: لو فيه حل بديل أكيد مكنتش هلجأ لإستئصال الرحم يا حاج،
واسترسل حديثه بنبرة عملية: لازم تقررو حالا وتمضوا على الإقرار بالموافقة علشان كل دقيقة بتمر فيها خطر على حياة المريضة
نظر إليه زيدان وأردف قائلا بنبرة حازمة: فين الإقرار دي يا دكتور علشان أمضية
نظر إليه الجميع بترقب حين وجه الطبيب حديثه إلى الممرضه قائلا بعملية: خديه على المكتب يا أمل و مضيه على الإقرار.

ذهب زيدان مع الممرضة لتوقيعة على الإقرار
وهمس قدري إلى نجاة متساءلا: هي خلفت أيه؟
أجابته نجاة بدموعها الحزينة: چابت بت
تحدث منتصر بصوت خفيض محبط: يادي الورطة، إكدة الحاچ عتمان هيچوز زيدان يعني هيچوزه
رد عليه قدري بنبرة ساخرة: جال يعني لو چابت واد أبوك مكانش هيچوزه، ده زيدان النعماني، كيف يعيش بعيل واحد سوا كان واد و لا بت
أما سعاد فجلست تندب حظ إبنتها العثر و تضرب فخديها بكفي يداها بحسرة ودموع.

داخل منزل عتمان النعماني
دلف للداخل بجانب أبيه بعدما ألتقي به خارج المنزل وقص عليه ما حدث بالتفصيل
وجد والدته تحمل طفلته بعناية و تطعمها، تحرك إليها بحزن و وجع تملك من داخله، نظرت إليه و تساءلت بإهتمام ولهفة: كيفها ورد يا ولدي؟
صاح الحاج عتمان موجه حديثه إليها بنبرة حادة: صح يهمك تعرفي أخبارها يا حاچة؟

صمتت خجلا فأردف هو بنبرة غاضبة لائمة: يا عيب الشوم عليك يابت عمي، كيف طاوعك جلبك تعملي إكدة في مرت ولدك الصغير؟
تساءلت بنبرة خجلة: أني عملت أيه بس يا حاچ، كيفها ورد؟
أجابها زيدان بنبرة ملامة وهو يحمل عنها طفلته و يضمها إلى صدرة بعناية: ورد حصل لها نزيف و شالت الرحم يا أماي
دبت على صدرها بصدمة وهتفت بذهول: يا مصيبتي، كيف يعني شالت الرحم، يعني مهتخلفش تاني؟

نظر لها بعيون حزينة ووجه لها حديثه بنبرة ملامة: هي دي أمانتي اللي كت فايتها لك في دارك يا أماى؟
خجلت من حالها وأنزلت بصرها تنظر أرض
حمل طفلته ونظر إلى وجهها ولأول مرة، إهتز داخلة وشعور غريب إجتاح كيانه وهو ينظر لعيناها ذات اللون العجيب
تحرك بها فتحدثت رسمية بقلب مرتجف من إبتعاد تلك البريئة عن أحضانها: واخد اللصغيرة و رايح بيها على فين يا ولدي؟

أخذ نفس عميق و زفره بقوة كي يهدئ من روعه كي لا ينفجر بها غضب ويغضب الله،
تمالك من حاله إلى أبعد الحدد ثم أردف قائلا بهدوء: واخدها لأمها، وأهو على الأجل لما تفوج تلاجي بتها في حضنها لجل ما تنسيها همها التجيل اللي مستنيها
تحدثت سريع و هي تتحرك بإتجاهه: إستنا يا ولدي لما أغير خلجاتي وأجي أشيل اللصغيرة عنك و أروح معاك أطمن على ورد وأجف وياها
رد زيدان بنبرة جامدة: ملوش لزوم تتعبي حالك يا أم قدري.

حزنت من نبرة صوت ولدها المحملة بالملامة
ثم أردف عتمان أمرا ولده: إسمع الكلام يا زيدان وخد أمك وياك لجل ما تجف مع مرتك و أمها، وتشيل عنك اللصغيرة وتاخد بالها منيها
توقف زيدان مضطرا وأنتظر والدته حتى أنتهت من إرتداء ملابسها وحملت عنه الصغيرة وضمتها لأحضانها بإنتشاء غريب وتحركت بجواره، أستقلت السيارة ووصلا للمشفي.

وما أن رأتها سعاد التي مازالت بالخارج تنتظر خروج إبنتها حتى هبت واقفة وأتجهت إليها وسحبت الصغيرة من بين يداها وتحدثت بنبرة حادة: بدل ما أنت تاعبة حالك وچاية لحد إهني يا حاچة رسمية، كتي كلفتي حالك وشيعتي چبتي الحكيم لبتي، يمكن كان لحجها ومكانش حصل لها اللي حصل؟
تحدثت رسمية بنبرة صامدة مصطنعة: وأني كت هعرف منين إن كل ده هيحصل يا أم رجب، وبعدين ده جدر ربنا ومحدش يقدر يعاند المجسوم.

أجابتها سعاد بنبرة قويه: صح جدر ومجسوم يا حاچة، بس بيحصل بيد البشر وجلوبهم الجاسية اللي كيف الحچر
أردف قدري قائلا بنبرة صوت جامدة: إحفظي كلامك ومتنسيش حالك وإنت بتتحدتي ويا الحاچة رسمية النعماني
وقف رجب شقيق ورد وتحدث بحده وندية: مش لما تحفظ إنت أدبك اللول وإنت بتتحدت ويا أمي.

صرخ بهما زيدان وتحدث بنبرة حادة موجه حديثه إلى كلاهما: أي حد هيعمل مشاكل ويتحدت بكلام ملوش عازة مش عاوز أشوفه إهني، أني مش ناجص مشاكل ووجع دماغ، كفاية عليا همي اللي أني فيه
نظر له قدري وحدث حاله بسخط، يالك من وقح عديم الفائدة والشخصية، أتصرخ بي وتلومني أنا بدلا من أن تنقض على ذاك الوقح وتلقنه درس وتعلمه كيفية الحديث وهو يخاطب أسياده؟
حقا أنك عديم النخوة.

بعد مرور ساعتان كان يقف بجوارها بغرفة المشفي التي نقلت إليها بعد خروجها من غرفة العمليات، وقد بدأت تستفيق وتستعيد وعيها
فتحت عيناها ونظرت إليه بنظرات منكسرة ألمت داخله ومزقته لإربا، فأقترب منها بطوله الفارع حاملا الصغيرة وتحدث إليها بوجه بشوش: جومي يا غالية لجل متكحلي عينك برؤية بتنا
وقربها أمام ناظريها متحدث بإنبهار: بتي كنها حتة منك يا ورد.

نظرت إليه بضعف حين علمت أنها فتاة وبدون سابق إنذار نزلت دموعها وتحدثت بإستسلام و هوان: خلاص يا زيدان، مهعرفش أجيب لك الواد اللي بتحلم بيه
إبتسم لها و أردف قائلا بنبرة هائمة بعيناها: ومين جال لك إني عايز الواد، أني كفاية على إنت يا زينة الصبايا إنت ونوارة حياتي دي
أردفت قائلة بتساءل مميت: يعني مهتروحش تتزوچ على عشان تخلف الواد يا زيدان؟

تحرم على حريم الدنيا كلياتها بعدك يا زينة الصبايا، جملة تفوة بها زيدان بعيون عاشقه مطمئنة لحبيبة عمره
تساءلت بلهفة: صح حديتك ده يا زيدان؟
أجابها بوعد مؤكدا: صح يا روح جلب زيدان
سألته بقلق: واهلك يا زيدان؟
أجابها متلهف بنبرة هائمة: إنت اهلي وكل ما ليا يا ورد.

إبتسمت له، وتحرك هو يقرب تلك الجميلة من ورد التي نظرت إلى وجهها الملائكي وتحدثت بإبتسامة و عيون منبهرة: دي زينة جوي يا زيدان، عيونها كيف السما الصافية بعد الدنيي ما تشتي
إبتسم لها زيدان وتساءل بإهتمام: هنسموها أيه يا ورد؟
صفا، صفا يا زيدان، هكذا تحدثت ورد بعيون منبهرة بجمال طفلتها
إبتسم لها زيدان ومال على وجنة صغيرته يقبلها بتشهي وتحدث بإنبهار: نورتي حياة أبوك يا ست صفا.

ثم نظر إلى ورد ومال على جانب كريزتيها المنتفخه ووضع بها قبله حنون يبث لها بها كم أنها أصبحت غاليته و مبتغاه و يبعث في نفسها الإطمئنان.

و بعد مرور أربعة أيام خرجت ورد من المشفي إلى منزل والدها الذي رفض وبشدة رجوع إبنته إلى منزل عتمان النعماني و المكوث به من جديد وخاصة بعدما صار من إهمال رسمية لصغيرته وتسببت لها فيما حدث، وأصر على بناء منزل خاص بإبنته وهذا ما أزعج عتمان كثيرا وأمر إبنه بعدم موافقته على أوامر حافظ التي أثارت غضبته.

ولكن زيدان قد أصر هو الأخر على بناء منزل خاص به و بزوجته الجميلة ليحميها من همز ولمز الجميع وليضمن عدم جرح مشاعرها من أي شخص كان
غضب عتمان منه كثيرا و تحدث إليه أمام أهل المنزل: ماشي يا زيدان، أني هبني لك البيت إهني في الجنينه جصاد البيت الكبير بس بشرط
نظر له زيدان بتمعن ينتظر تكملة حديثه فأكمل عتمان بتجبر: تتچوز لجل متخلف الواد ويبجا لك عزوة و سند.

نظر له زيدان وتحدث بنبرة صوت هادئة حكيمة، فقد كان يتوقع هذا المطلب ولكن ليس بتلك السرعة: مهينفعش أجرح ورد يا أبوي، هي ملهاش ذنب في إللي حصل، وأني الحمدلله راضي ومكتفي بيها وبتي
هتفت رسمية بنبرة معترضه: كلام أية اللي عتجوله ده يا ولدي، هتعيش على حتت البت إياك؟
وتساءلت بإستفسار: وأسمك وسيطك وعيلتك، من هيورثه عنيك يا زيدان؟
عاوز تعيش مجطوع وبعد عمر طويل ميبجالكش وريث يشيل عنك إسمك؟!

نظر لها بعيون ملامة وأردف قائلا بنبرة قويه حاسمة: ربنا جدر لي إكدة وأني راضي ومسلم بأمر الله، مرتي وبتي كفاية على من الدنيي وأني معايزش غيرهم
نظر له والده بعيون مشتعلة من شدة غضبتها وتحدث بقوة وحزم: تكون تجارتي وحالي ومالي محرمين عليك لو ما أتچوزت على بت حافظ وجبت لي الحفيد اللي مستنيه منيك يا زيدان
تحدث منتصر إلى زيدان مهدء الحال: إعجل وأسمع كلام أبوك يا زيدان.

ومرتي يا منتصر؟!، جملة تساءل بها زيدان متعجب
تحدث عتمان بنبرة حادة: مرتك هبني لها دوار لحالها تجعد فيه هي وبتك معززين مكرمين وإنت أتچوز الجديدة في شجتك اللي فوق، وأبجا تعلالها إن شالله يومين في الاسبوع
تحدثت رسميه: عين العقل يا حاچ، وأظن أهل ورد مهيمنعوش الحديت ده، أصلا محدش هيرضي يتچوز بتهم بعد اللي حصل لها، وهما عارفين إكدة زين، ولجل إكدة مهيطلبوش الطلاج ويميلوا بخت بتهم بيدهم.

نظر إلى والدته وتحدث بتعجب: وعشان أهلها هيستسلموا للامر الواجع ومهيطلبوش الطلاج أدوس أني على مرتي وأدفعها تمن حاجة ملهاش ذنب فيها؟
تحدث قدري ليشعل والده أكثر بإتجاة زيدان وينفخ في النار الشاعلة ليزيدها إشتعالا: إعجل و أشتري خاطر أبوك وكبر حديته يا زيدان
نظر زيدان إلى والده و تحدث بإحترام: كلمة أبوي سيف على رجبتي في أي موضوع غير موضوع غدري بمرتي وإني أوجعها بالطريجة المهينة دي.

نظر والده إليه بحدة وتساءل بقوة: ده أخر كلام عنديك يا زيدان؟
أجابه زيدان بنبرة حاسمة: ومعنديش كلام غيرة يا أبوي.

تحدث عتمان إليه بقوة وصرامة: يبجا من إنهاردة تشوف حالك بعيد عني، وعشان خاطر الناس متاكلش وشي وتجول عتمان طرد ولده وبته لساتها حتة لحمه حمرا، أني هبني لك بيت إهني في الچنينة، بس مليكش عندي لا شغل ولا أرض، تسيب شغل الم حجر والطاحونه من إنهاردة وتسلمه لقدري، و تسعي على رزجك ورزج بتك بعيد عني وعن أملاكي
إنتشي قلب قدري وشعر بروحه تحلق في السماء من شدة سعادتها وذلك بعدما إستمع إلى قرار والده،.

حين حزن قلب منتصر على حال شقيقه و تحدث مترجيا والده: إهدي يا حاچ وخلونا نتفاهموا، الحديت ميبجاش إكدة
تحدثت رسمية هي الأخري بنبرة مترجيه وقلب يرتجف خوف على حال صغيرها: إهدي يا أخوي عشان خاطري وأدي له وجت يفكر فيه
تحدث زيدان بهدوء وانكسار: مفيش حاچه عشان أفكر فيها يا أماي، وكلام الحاج أوامر وسيف على رجبتي، من إنهاردة هسلم قدري دفاتر المحجر و الشغل فيه.

وتحرك إلى الخارج تحت إشتعال عتمان وغضبه من عصيان ولده لأوامرة وعدم إطاعته، ولكنه كان يظن أن زيدان لن يتحمل إبتعاده عن كل مميزاته التي يحصل عليها من العمل مع والده،
ولكن خاب ظن عتمان وفشلت حسبته تلك المرة
فحقا للعشق حسابات أخري
شيد عتمان منزلا كبيرا مقابل لمنزل العائلة وأعطت ورد مجوهراتها لزيدان الذي باعها وبدأ بثمنها في تجارة الحبوب و الخضروات والتي سريع ما نجحت وكبرت تجارته.

ومرت السنوات سريع وأصبح زيدان من أكبر تجار الصعيد في الحبوب والخضروات والفاكهه حيث تعرف على أحد المصدرين بالقاهرة الكبري والذي بدأ يورد له الخضروات والفاكهة الطازجه ويأخذها هذا المصدر ليصدرها خارج البلاد بمبالغ طائلة مما جعل زيدان يجمع ثروة طائلة ويشتري أراض زراعية وأملاك اخري خاصة به ويوسع من تجارته
وعاش مع زوجته الحبيبة وصغيرتهما حياة هادئة مليئة بالحب والإحترام.

وهذا ما جعل قدري و فايقة يحقدان عليه أكثر وأكثر ويتمنا زوال نعمته من بين يديه.
بعد مرور سبعة عشرة عام
داخل منزل زيدان النعماني
كانت الساعة قد تخطت منتصف الليل
وتلك الساحرة فاتنة الجمال تجلس خلف مكتبها تذاكر دروسها لعامها الأخير بالثانوية العامة
فهذا العام هو من سيحسم مستقبلها الدراسي ويحقق حلم عاشت تنسج خيوطه من ذهب، رفعت رأسها المنكبه فوق كتبها منذ ما يقارب من الثلاث ساعات المتواصلة،.

وبدأت بتدليك عنقها وتحسسته بتألم، ثم تحركت بتملل متجهه إلى شرفتها لتقف بها تشتم رائحة عبير تفتح زهور البرتقال التي يملئ ع بقها المكان بأكمله
حيث الحديقه الواسعه المشتركة بين منزل أبيها وقصر جدها والمليئة بأشجار البرتقال والمانجو وأيضا الليمون
أغمضت عيناها ورفعت رأسها للأعلي وبدأت بأخد شهيق طويلا حتى أمتلئت رئتيها بعبق تفتح زهور البرتقال المحبب لدي روحها!

وتنهدت براحه ثم بدأت بفتح عيناها تدريجيا، وبلحظه وبدون مقدمات إتسعت حدقة عيناها بسعادة وهي تري أمامها معشوقها، فارس أحلامها منذ نعومة أظافرها، حب طفولتها وبداية صباها، من تعلمت على يدة أبجديات العشق وخطت في عالمه أولي خطوات الغرام
رجلها ورجل أحلام يقظتها، فارسها التي تنتظر أن يأتي بحصانه الأبيض ليصطحبها إلى جنة عشقها ومدينة أحلامها الوردية المنتظرة!

نظرت عليه بوله وعيون عاشقه متشوقة، تتأمل ذلك الواقف بشرفته المواجهه لشرفتها والتي لا يفصل بينهما إلا بضعة مترات معدودات، إقشعرت ملامحها وتسللت الخيبات داخل قلبها الصغير عديم الخبرة، وهي تنظر لذاك الواقف يتحدث بهاتفه ويبدوا على وجهه الإنسجام والراحه والسلام، غير مباليا بالمرة لتلك الشاردة المتلهفه لطلة من عيناه.

وبعد مده كان قد إنتهي ذلك الفارس المغوار المدعو ب قاسم قدري عتمان النعماني الحفيد الأكبر لعائلة النعماني، والذي تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة وألتحق بالعمل بنفس المدينة، حيث إفتتح له جده عتمان النعماني مكتب للمحاماه وذلك بعد إلحاح منه، لغرض ما داخل نفسه سنكتشفه لاحقا!
إنتهي من مكالمته الهاتفيه وهو يتنهد براحه ويبدوا على وجهه الإستكانة.

نظر بعيناه يتطلع للأمام وجدها أمامه، تقف كحوريه من حوريات الجنه فابتسم لها بهدوء، نعم ولما لا وهي صفا النعماني إبنة الحسب والنسب والتي تمتلك جمالا يفوق الخيال ورثته عن والدتها، إبنة أبيها المدلله بل والوحيده
نظر لها وأبتسم وتحدث بنبرة أخوية: أيه اللي مصحيكي لدلوك يا صفا؟

إنفرجت أساريرها ورفرف قلبها البريئ في السماء معلنا عن شدة سعادته من مجرد خروج حروف إسمها من بين شفتاه وبنبرة صوته الملائكية بالنسبة لها!
تحدثت بخجل ما زادها إلا حسن وجمالا: بذاكر يا قاسم
لدلوك يا صفا؟، سؤال طرحة قاسم
أجابته بنبرة مرحة: نسيت إياك إني في ثانويه ولازمن أجيب مچموع كبير
إبتسم لها قاسم وتحدث بتذكر: إيوه صح، تصدجي كت ناسي
وأكمل بتساؤل: وناويه على أيه ان شاء الله يا صفا؟

هتفت بسعادة وهي ترفع رأسها بشموخ: طب إن شاء المولي عز وجل
ضحك قاسم على طريقتها الطفوليه وتحدث بحنان لإبنة عمه التي يعتبر حاله مسؤلا عنها كشقيقته ليلي: ربنا ينولك كل اللي في بالك يا صفا، إنت بت حلال وتستاهلي كل خير
إبتسمت له وأمنت داخل نفسها ودعت الله أن يمنيها كل ما تتمني وأول ما تتمناه هو حضن ذاك الفارس المغوار وكفا.

في تلك الأثناء دلفت لغرفتها والدتها التي نظرت عليها وتحدثت بنبرة متسائلة حادة: سايبه مذاكرتك و بتعملي أي عنديكي يا صفا؟
إرتبكت وأرتعبت أوصالها وأستدارت تنظر إلى الخلف لتلك المستشاطه
فتحدث قاسم وهو يرفع قامته ويطل برأسه ناظرا لزوجة عمه القوية الشخصيه وتحدث: كيفك يا مرت عمي، زينه؟
نظرت له ورد بإرتياب وذلك خشية منه على صغيرتها التي لا تفقه شئ بعد في الحياه.

ثم ردت عليه بنبرة قوية ودودة: الحمدلله يا ولدي، حمدالله ع السلامه، ميتا چيت من مصر؟
أجابها وهي ينظر لرنين هاتفه الذي بمجرد ما أن نظر به حتى تزين ثغره بإبتسامه خفيفة
ثم نظر بشرود إلى زوجة عمه وتحدث: لساتني چاي من ساعتين، بعد إذنك، هرد على التلفون.

ودلف لداخل غرفته المقابله لغرفة صغيرتها حين شدت هي يد طفلتها وسحبتها للداخل بعنف وتحدثت بنبرة حادة وخوف ظهر بعيناها على طفلتها ومستقبلها: أيه اللي مخليكي سايبه مذاكرتك وواجفه تتحدتي ويا أبن فايقة يا مجصوفة الرجبه؟
تلعثمت صفا بالرد وتحدثت بإرتياب: تعبت من المذاكرة يا أماي، رجبتي وجعتني جولت أريحها شوي وأجف أشم هبابة هوا،
وأكملت بشفاة ممدودة للأمام دلالة على غضبها: أچرمت يعني ولا أچرمت.

هتفت والدتها بنبرة حادة وضيق: ولما هو إكده، أيه اللي موجفك تتحدتي ويا إبن فايقة في الوجت المتأخر دي؟
تحدثت بقوة وشموخ ورثته عن تلك الواقفه أمامها: مسموش إبن فايقة ياأماي، إسميه قاسم قدري عتمان النعماني، واد عمي يعني مش حد غريب.

أردفت ورد بنبرة حنون وهي تتلمس وجنة طفلتها التي تعشقها: ذاكري يا صفا وشوفي مستجبلك لأن هو اللي باجي لك، أني خايفه عليك يا بتي، نفسي أشوفك دكتورة قد الدنيي ومشرفه أبوك جدام الناس لجل ما الكل يجول بت زيدان فلحت اكتر من الرچال
إبتسمت لها صفا وتحدثت بطمأنه: ماتجلجيش على يا أماي، إن شاء الله هحجج لك حلمك وحلمي وهبجا دكتورة زي ما طول عمرك بتحلمي.

إحتضنتها ورد وتحدثت بنبرة حنون: ربنا يحميكي يا بتي وينولك كل اللي في بالك.

إنتهي قاسم من مكالمته ونزل إلى الأسفل متجه إلى الحديقة الخلفية حيث إجتماع شباب العائلة وسهرتهم ككل يوم، وجلس يتوسط يزن إبن عمه منتصر، وفارس شقيق قاسم
نظر إليه يزن وتحدث إليه بإستفسار مداعب إياة: يا تري أخبار بنات مصر الحلوين وياك أيه متر؟
قهقه قاسم وأردف قائلا بمراوغة: واني مالي بيهم يا هندسة، ربنا يكفيني شر حلاوتهم وشجاوتهم ودلالهم الزايد عن الحد.

قهقه الشباب عاليا وتحدث يزن إليه: يعني بتعترف إنهم حلوين وبيشدوك أهو
ضحك وتحدث إليه بنبرة مشدودة: بصراحه بجا وعلشان أكون منصف يا يزن، بنات القاهرة ليهم سحر وطلة بتميزهم عن غيرهم، حاچة إكدة تفتح نفسك على الحياة وتخليك تحس بالتفاؤل أول ما تشوفهم
صفق فارس بيداه متحدث إلى شقيقه بدعابه: اللا عليك يا متر يا مدوبهم.

حين رد عليه يزن معترض بنبرة حكيمة: دي وچهات نظر يا قاسم، أني عن نفسي بشوف إن البنت الصعيدية مفيش زي عجلها وحكمتها في إدارة الأمور، بشوفها شديدة وجادرة ويعتمد عليها،
وأكمل مفسرا: يعني مثلا هل بنت القاهرة تجدر على تحمل المسؤلية زي بت الصعيد اللي متربية على الحزم والشدة.

أجابه قاسم بنبرة عقلانية: على فكره يا يزن، الست هي الست في كل مكان، الست خليط من كل شئ وعكسة ومش فارجة هي إتربت ونشأت فين، الفرج بيكون في النضج الفكري وطريجة إدارتها للأمور فجط لا غير، وياما فيه بنات عايشين في القاهرة وماشاء الله عليهم في تحمل المسؤلية والعكس صحيح،.

ونفس الجصة عندينا إهني في الصعيد، ياما فية بنات مرفهين وميعرفوش حاچة عن تحمل المسؤلية، وأكبر مثال على كلامي هما بنات الدوار إهني، ليلي أختي ومريم أختك، وحتى صفا بت عمك زيدان اللي مولودة وفي بجها معلجة ذهب،
واسترسل حديثه بتساؤل متهكم: تفتكر واحدة زي صفا بكل الرفاهية اللي عايشة فيها دي ممكن تتحمل مسؤلية ولا حتى يكون لها فكر وإتجاه في حياتها، دي مبتخطيش خطوة واحدة برة البيت لحالها،.

دي حتى المدرسه السواج هو اللي بيوديها ويچيبها، ده عمك زيدان لو طايل يعمل لها المدرسة جوة البيت مش هيتردد
نظر له يزن مضيق عيناه بإستغراب وتحدث إلية معترض: إنت شكلك إكدة عمرك ما أتكلمت مع صفا ولا إتناجشت وياها، يا أبني صفا دي دماغ عبجرية ماشية على الأرض، دي ما شاء الله عليها برغم صغر سنها بس تحسها موسوعة علمية متحركة.

نظر له مبتسم بطريقة ساخرة فتحدث فارس مؤكدا على حديثه: على فكرة يا قاسم كلام يزن عن صفا صح، أني يمكن ما بجعدش وياها كتير بس الكام مرة اللي سمعت كلامها ونجاشها ويا يزن إحترمتها وأحترمت فكرها صح.

إبتسم لهما وعقله غير مباليا بحديثهما، فعقله يصب كل إعجابه وأحترامه فقط على إيناس شريكته بالعمل وعقلها الواعي البارع في إدارة عملها، وما لها من الحكمة والجرأة حين تقف في المحكمة وتترافع أمام هيئة المستشارين بكل ثقة وهيبة.

في صباح اليوم التالي
فاقت صفا على صوت زقزقة العصافير التي تسكن عشها الموضوع فوق شجرة اليوستفندي المتواجدة أمام شرفتها مباشرة وتأخذ منها بيتا لها،.

تمللت بنومتها وتثاوبت وهي تتمطئ بدلال فوق فراشها الوثير الناعم الدال على كم أن حياتها مرفهه، تحركت إلى المرحاض توضأت وخرجت إرتدت إسدال صلاتها وشرعت بصلاة ركعتي الضحي بخشوع في حضرة الرحمن، وبعدما انتهت جلست فوق سجادة الصلاه تناجي ربها وتدعوة أن يحقق لها أحلامها ويحمي لها أحبائها.

وقفت وأرتدت أجمل ثيابها و تسمرت أمام مرأتها تتطلع برضا على حالها مثلها كمثل أية مراهقه بعمر السابعة عشر، فقد كانت جميلة حد الفتنه بطولها الفارع وجسدها التي تطغوا عليه علامات الأنوثة الكاملة و وجهها البض المنير، وعيناها التي بلون الزمرد وشفتاها، واه من شفتاها الممتلئة الكنزة المهلكه لناظريها.

إبتسمت برضا وتحركت بإتجاه الدرج ونزلت على عجل، توقفت، ودلفت لداخل غرفة الطعام وتحركت إلى والديها الجالسان حول المائدة ينتظراها ليشرعا في تناول إفطارهما مع فلذة كبدهما الوحيدة
تحركت إلى والدها وأحتضنته بسعادة وتحدثت بمرحها المعتاد: صباح الخير يا أبوي
بادلها زيدان إحتضانها له وقبل وجنتها وتحدث بسعادة: يا صباح الفل على أجمل عيون في سوهاچ كلياتها.

إبتسمت لدلال أبيها لها ثم توجهت إلى ورد وأحتضنتها وأردفت قائلة بنبرة حنون: صباح الخير يا أما
أجابتها ورد بنبرة حنون: صباح الفل يا صفا، أجعدي عشان تفطري
تحمحمت صفا وتحدثت إلى أبيها بنبرة مترجية: بعد إذنك يا أبوي، أني حابه أروح أصبح على چدي وچدتي وأفطر وياهم إنهاردة
نظر لها والدها وتحدث إليها بمعاتبة لطيفة: وتسيبي زيدان يفطر لحاله من غير صفا لياليه؟

إبتسمت وأجابته بنبرة شقية: زيدان كفاية عليه عطره الفواح، عيعمل أية بصفا ولا غيرها في وجود ورد حياته
إبتسمت ورد وأردفت قائلة بدعابة: ياما أشطرك في الكلام يا بت زيدان، هو أنت واكلة عجل أبوك من إجليل
ضحكت صفا وتحدثت بنبرة مرحة وهي تحتضن والدها بدلال: وزيدان على جلبه كلام صفا كيف العسل
ثم نظرت إلى أبيها وتساءلت بدلال: صح يا حبيبي؟
ردت ورد بنبرة حاده: إتحشمي يا بت وإنت بتتحدتي ويا أبوك.

أجابها زيدان بعيون سعيدة: إطلعي منيها أنت يا ورد وخليني مني لبتي
إبتسمت صفا وتحدثت لأبيها: معزورة بردك يا أبوي، بتغير عليك يا زينة رجال النعمانيه، وغيرة العاشج مرة علجم
إبتسم الجميع وأنسحبت بعدما أخذت موافقة والدها على الذهاب
شردت ورد بعد خروج صغيرتها فأخرجها زيدان من شرودها متساءلا بإهتمام: مالك يا ورد، شاردة في أيه؟

نظرت إليه وأردفت قائلة بنبرة قلقه: خايفه على صفا جوي يا زيدان، محبهاش تتعلج جوي إكدة ببيت چدها
نظر لها مستغرب حديثها وأردف متسائلا بإستغراب: خايفه عليها من اهلها، طب ده أني عمري ما كت أتخيل إن أبوي وأمي يتعلجوا بيها جوي إكدة ولا يحبوها بالشكل ده
اجابته بنفي وهي تهز رأسها: مش خايفة عليها من چدها وچدتها يا زيدان، أني خايفه عليها من حالها.

ضيق عيناها وأردف متساءلا: تجصدي أيه بحديتك ده يا ورد، مفاهمكيش أني يا غالية
أجابته بإيضاح: بصراحة إكده يا زيدان، بتك متعلجة بقاسم ولد أخوك قدري
إنفرجت أسارير زيدان وتحدث بتفاخر مداعب إياها: والله ذوجها مليح كيف أمها البت دي
تأفأفت ورد وتحدثت بنبرة جادة: ده وقت هزار بردك يا زيدان
اجابها بتعقل وهدوء: خليها على الله يا زينة الصبايا واللي رايده ربنا هيكون، إحنا فين وجواز بتك فين يا ورد.

هدأت قليلا ثم تناول هو قطعة من الجبن ووضعها بداخل فمها تحت حيائها الذي مازال مصاحب لها رغم مرور كل تلك السنوات.

داخل سرايا عتمان النعماني
كان الجميع يجتمع حول مائدة الإفطار العملاقة
الجد وتجاورة الجده، قدري وزوجته فايقة وأولادهما عدا قاسم الذي مازال بالاعلي، فارس، ليلي
منتصر وزوجته نجاة وأولادهم يزن، حسن، مريم
دلفت تلك الجميلة ذات الوجه الصابح وتحدثت بإبتسامتها البشوش ووجهها الضاحك التي ما أن دلفت حتى نشرت طاقتها الإيجابية داخل المكان، فجعلت البعض يسعد والبعض أيضا يشتعل نارا وحقدا.

دلفت تحت نظرات يزن العاشقة لكل ما بها، تنفس الصعداء ودق قلبه بوتيرة عالية ككل مرة يراها بها
تحدثت وهي تقترب على جدها تحاوط كتفيه بكفي يداها وتقبله من وجنته والتي لا يجرؤ سواها على القيام بذاك التصرف: صباح الخير يا چدي.

إبتسم لمدللته الوحيده والتي تعوضه عن إبتعاد زيدان عن أحضانه كقبل وأردف قائلا بدلال ونبرة حنون وهو يربت على كف يدها الموضوع فوق صدره: يا صباح النور على جمر العيلة اللي لما تهل عليا الدنيي كلياتها بتنور
لوت فايقة فاهها بصمت تام خشية غضب عتمان
وتحدثت رسمية بنبرة غائرة مصطنعة: وچدتك ملهاش حضن هي كمان ولا أيه يابت زيدان
إقتربت عليها وتحدثت بدلال وهي تحتضنها بحنان: كيف عتجولي إكدة وإنت جلبي من جوة يا چدتي.

بادلتها رسميه إحتضانها لها ثم أردفت قائلة بتساءل: أبوك ما جاش يفطر معانا ليه، نسي أمه خلاص
اجابتها بلباقه ورد دبلوماسيا مقنع: حد بردك يجدر ينسي أمه يا جده، هو بس معينفعش يسيب أمي تفطر لحالها، لكن حضرتك ربنا يزيد ويبارك حواليكي الكتير من الحبايب
إبتسم لها عتمان وتحدث بإعجاب: كلامك زين ومترتب كيف بتوع التلفزيون يابت زيدان
إجعدي كلي يا صفا، واجفه ليه يابتي، جملة حنون تفوة بها عمها منتصر.

أكدها جدها الذي تحدث بحنان وهو يقتسم بيده جزء من الشطيرة الموضوعه أمامه ويضعها بصحنها وهو يتحدث بإهتمام وحب ويشير إليها لتجلس بجوارة: تعالي أجعدي جاري لجل ما تفتحي نفسي على الوكل
إبتسمت له وتحدثت الجده وهي تقف وتفسح لها المجال: تعالي أجعدي مكاني عشان ده مكان قاسم.

إبتسمت لها وجلست وجاورتها الجده تحت إستشاطة الجميع، فايقة ومريم وليلي اللتان تغار من معاملة جدهما بكل هذا الود والحنان لتلك الصفا لا غيرها
تحدثت ليلي التي تكبر صفا بعامان بنبرة محتقنه بالغضب معترضة: طبعا يا چدي، صفا الوحيدة اللي من حجها تجعد چارك وهي اللي عتفتح نفسك على الوكل، إنما إحنا شكلنا إكدة بنسد نفسك
تحدثت إليها رسمية بنبرة حاده: إتحشمي يابت وإتحدتي زين ويا چدك.

غضبت ليلي من حديث جدتها أما صفا فقد شعرت بالحرج لأجل إبنة عمها فتحدثت بإبتسامة كي تهدئ من ثورتها وتلطف الأجواء: أكيد يا ليلي چدي بيحبنا كلياتنا كيف بعضينا، كل الحكاية إنكم موچودين وياه طول الوجت، لكن أني مش موجوده إهني دايما
لم تعر لحديثها أية إهتمام وحتى لم تكلف حالها عناء النظر لوجهها مما أحزن صفا وأخجلها.

في تلك الأثناء كان يتدلي من فوق الدرج بطوله الفارع وجسده العريض تحت نظرات الجميع حيت كان يرتدي الجلباب الصعيدي الذي يزيده هيبه فوق هيبته، مصفف شعره الفحمي بعناية فائقة، نظرت إليه ورعشه وأنتفاضة سرت بجسدها بالكامل ككل مرة تراه فيها.

وما كان حال مريم إبنة عمها منتصر ببعيد عنها، فقد كانت تعشق قاسم وكان عشقه سبب في أن لم توفق مريم في تحصيل مجموع عالي بالثانوية العامة منذ عامان والتي التحقت بفضله بمعهد خدمة إجتماعية مما أحزن والدتها كثيرا.

تحرك إليهم وتحدث بوجه بشوش: صباح الخير
أجابه الجميع وتحدث الجد بنبرة متساءلة: إتأخرت لية إكده يا قاسم؟
أجابه بنبرة جادة: معلش يا چدي، كنت بعمل شوية تلفونات مهمة خاصة بالشغل
ثم نظر لتلك الجالسه تنظر إليه ببلاهه بفاه مفتوح وعيون متسعه مسلطه فوقه بإنبهار: أزيك يا صفا
إنتفض قلبها عشق ككل مرة تستمع لإسمها من بين شفتاه المهلكه لروحها وأجابت بنبرة صوت هادئة: الحمدلله يا قاسم، حمدالله على السلامه.

أجابها وهو يسحب مقعدا مقابلا لها بجانب جده مشيح عنها ببصرة: الله يسلمك
كانت فايقة تراقب عن كثب نظرات صفا العاشقه لصغيرها وقلبها يتراقص فرح لغرض ما في نفسها، سنعلمه فيما بعد
تحدث إلية الجد متساءلا بإستفسار: عملت إية في الجضية بتاعت المحجر يا قاسم؟
نظر إلى جده بإهتمام وتحدث بنبرة واثقة وظهر مفرود: إتحددت جلستها السبوع الچاي.

وأكمل بنبرة مطمأنة: مش عاوز حضرتك تجلج، الجضية أني ضمنها في يدي ومتوكد إن الحكم السابج هيسجت وهناخد فيها براءة
هز له رأسه بإطمئنان وأجابه بفخر وثقة: من ميتا وأني بجلج من جضية في يدك يا سبعي
وقفت مريم سريع وتحركت وهي تمسك بصحن الطعام وتستعد لسكب البعض منه في صحن قاسم وتحدثت بإبتسامه مشرقه سعيدة: الفول بالطحينه اللي عتحبه يا قاسم.

أشار لها بيده وتحدث بنبرة باردة دون النظر إلى وجهها: مش عايز فول يا مريم، متتعبيش حالك
ثم نظر إلى طبق صفا وتحدث وهو ينظر بتشهي إلى الشطيرة الموضوعة ذات اللون الذهبي: أنا هاكل مع صفا من المشلتت اللي جدامها
شعرت وكأن روحها تحلق في السماء من شده سعادتها بمجرد نطقه بتلك الكلمات البسيطة،
وأمسكت بصحنها وبسطت ذراعيها إلية وقدمته قائلة بإبتسامة بشوش: بألف هنا على جلبك يا قاسم.

إبتسم لها وأمسك الشطيرة وأقتسمها بينهما وأخذ نصفها وتحدث لها بإبتسامة جذابه نهت على ما تبقي من صبرها المصطنع: أني خدت نصها وإنت كلي النص التاني
إبتسمت خجلا بينما كان الجد يتابع ما يدور حوله بإهتمام وعيون سعيدة وغرض ما في داخل نفسه
تحدثت الجده بسعادة وهي تناول قاسم شطيرة كاملة: خد يا جلب چدتك فطيرة بحالها أهي، عوزاك تاكلها كلياتها لحالك.

ثم نظرت إلى صفا وتحدثت بعيون سعيدة لأجلها وحديث ذات مغزي: بس تدي منيها حتة لصفا، زي ما خدت من صحنها تحط لها فيه تاني من نايبك
إبتسم لها وأجابها وهو يقتطع جزء كبير من شطيرته ويضعها داخل صحن صفا: بس إكده، غالي والطلب رخيص يا حچه رسمية
ووجه حديثه إلى صفا وهي يضع لها قطعة الشطيرة: إتفضلي يا ست صفا، بألف هنا.

أما تلك التي مازالت واققه ممسكة بطبق الفول والحزن تعمق من داخلها وأمتلكه لما رأته من إهتمام مبالغ به لتلك الصفا وتجاهل الجميع لها وخاصة قاسم
تحدثت إليها فايقة بنبرة ساخرة وأبتسامة شامتة: أجعدي كملي وكلك يا مريم، ملهاش عازة وجفتك دي يا نضري
نظرت نجاة إلى فايقة بضيق ثم تحدثت بنبرة غاضبه لائمة لإبنتها: أدخلي على المطبخ جولي ل حسن تعمل الشاي لجدك وأعمامك.

نظرت إلى والدتها بغشاوة دموع كست على عيناها ثم وضعت ذاك الصحن فوق المنضدة وتحركت للداخل سريع
أمسكت صفا إحدي اللقيمات وغمستها بصحن العسل الأبيض وقربتها من فمها على أستحياء وهي تنظر إلى قاسم بنظرات عاشقة ظاهرة للجميع
تحدث يزن وهو ينظر إلى صفا بإهتمام: معيزاش أي مساعدة في المنهج يا صفا؟
إبتسمت له وتحدثت بنبرة رقيقه: شيلاك لوجت عوزه يا ولد عمي.

إبتسم لها وتحدث بسعادة: أي متعوزي أي حاچة في أي وجت أني تحت أمرك
نظر له قدري وتحدث بنبرة حادة: هنسيبوا شغلنا ونجعدوا ندرس للست صفا إحنا بجا يا باشمهندس
إرتبك يزن من حديث عمه الحاد وتحدث بنبرة مفسرا حديثه: أكيد يعني مش هجصر في شغلي يا عمي
إشتعل داخل ليلي وزاد حقدها على تلك الصفا عندما لاحظت إهتمام يزن بها.

وتحدث فارس شقيق قاسم الموالي له ترتيبيا: يزن طول عمرة شاطر وبيعرف يوزن أمورة زين يا أبوي وأكيد هيعرف يوازن بين شغله ومذاكرته لصفا
ثم غمز إلى يزن وتحدث بحديث ذات مغزي لكونه الوحيد الذي يعلم بسره: مش إكده ولا أيه يا يزن
إبتسم يزن لمداعبة إبن عمه له ثم حول فارس بصره إلى صفا وتحدث بأخوة صادقة: وأني كمان تحت أمرك في أي حاچه تحتاچيها يا صفا.

تحدث الجد بنبرة حادة أمرة للجميع: كل واحد يخليه في حاله وفي شغله وميشغلش باله بصفا، صفا أبوها جايب لها أحسن أساتذة في المركز كلاته
ثم وجه نظره إلى قاسم الغير مبالي بالمرة بما يقال ويتناول طعامة، وأكمل بحديث ذات مغزي: ولو أحتاجت حاجه تبجا تطلبها من قاسم
تهللت أساريرها وأنشرح صدرها بسعادة.

نظر له قاسم وتحدث بهدوء ومجاملة: أني تحت أمرها طبعا يا چدي، بس أني كنت أدبي وصفا علمي علوم، يعني دراستي غير دراستها خالص
إسمع كلام جدك يا قاسم، وبعدين إنت ماشاء الله عليك محامي جد الدنيا واللي تعرفها محدش يعرفها بعديك، كلمات نطقت بها فايقه وهي تنظر إلى ولدها بتفاخر وكبرياء
ثم نظرت إلى صفا ونطقت بنبرة تشجيعيه مصطنعة: عندينا كام صفا أحنا علشان نچلعوها.

نظرت لها نجاة مضيقة العينان متعجبه حديثها ولكنها تعلم خطتها علم اليقين وتحدثت بنبرة ساخرة: طول عمرك تعرفي في الأصول زين يا فايقة، وخصوصي ناحية صفا وأمها
إبتسمت لها ذات القلب الصافي وتحدثت بوجه بشوش: تسلمي يا مرت عمي، وتسلموا كلياتكم، بس أني الحمدلله بفهم زين من المدرسين اللي أبوي جايب هم لي
دققت فايقة النظر على ساعديها وتحدثت بإستفهام والغل يتأكل من داخلها: جديدة الأساور اللي في يدك دي يا صفا؟

أجابتها بإبتسامة وهي تتحسيهم بسعادة: أبوي چابهم لي أولة إمبارح من مصر، وچاب زيهم لأمي
إبتسمت لها نجاة وأردفت قائلة بنبرة حنون صادقة: مبروكين عليكي يا صفا، يعيش ويچيب لكم
إشتعلت النار داخل فايقه وليلي التي تحدثت بنبرة حقودة لم تستطع السيطرة عليها: اللي يشوف عمايل عمي ليكي إنت وأمك يفتكركم ساحرين له يا چلوعة أبوك
حزنت صفا من حديث إبنة عمها التي تنبذها ودائما ما تتعمد إهانتها وبدون أسباب،.

نظرت لها رسمية وتحدثت بحده: وه، أيه الكلام الماسخ اللي عتجوليه دي يا بت، سحر أيه وكلام فارغ أيه، إحنا بتوع الحاچات العفشة دي بردك؟
وأكملت بنبرة ملامة: ده بدل متجولي لبت عمك مبروكين عليك
وقفت ليلي وتحدثت بنبرة حاده: كفايه چلعكم ليها ومباركاتكم
وتحركت للأعلي غاضبه تحت نظرات الجميع.

عند الغروب
كان يجلس داخل غرفته، أمسك هاتفه وضغط على زر الإتصال وأنتظر الرد
بالقاهرة
داخل شقة متوسطة الحال، كانت تجلس داخل صالة الإستقبال بصحبة أبويها وشقيقها المحامي والذي يعمل معها هي وقاسم داخل مكتب المحاماه الخاص بقاسم.

إنها إيناس، تلك الفتاه التي تصغر قاسم بثلاثة أعوام حيث تعرف عليها من خلال شقيقها عدنان صديقه المقرب بالدراسه، تعرف عليها وهو بالصف الأخير بكلية الحقوق جامعة القاهرة حيث كانت إيناس طالبة بالصف الأول بنفس الجامعة
وأعجب بها وبسرعة البرق أوقعته بشباكها صريع بغرامها وذلك لإختلافها في نظره عن باقي الفتيات التي رأها طيلة حياته.

وجدت هاتفها يرن معلنا عن وصول مكالمه، أمسكته وأبتسمت حين رأت نقش حروف إسمه تزين شاشة هاتفها
إبتسمت بغرور ثم وقفت منتصبة الظهر وتحركت نحو غرفتها تحت تساءل والدتها المبتسمه: ده قاسم؟
إبتسمت لوالدتها وأجابتها دون حياء او خجلا من والدها وشقيقها الجالسان: أه يا ماما قاسم، عن أذنكم
ودلفت إلى غرفتها وأوصدت بابها عليها.

أما والدها رفعت عبدالدايم الموظف البسيط بإحدي شركات الغاز فتحدث مستفسرا: هي بنتك ما قالتلقيش البيه ده هييجي يخطبها رسمي أمتي؟
إبتسمت كوثر قائلة بتفاخر: أصبر يا رفعت، الولد عاوز يعمل إسم لنفسه في عالم المحاماة ويثبت جدارته قدام جده وأهله علشان يكبر في عيونهم، وبعدها هيجيب أهله وييجي يطلب إيدها رسمي.

تحدث عدنان شقيق إيناس بنبرة مطمأنة لوالده: متقلقش يا بابا، قاسم حد محترم جدا ويتوثق فيه، ده عشرة أربع سنين دراسه وزيهم شغل في نفس المكتب
وأكمل بنبرة عملية خالية من المشاعر: وبصراحه كدة يا بابا، قاسم وفلوس عيلته يستاهلوا الصبر والتأني، إيناس لو أتجوزت قاسم هتتنقل نقله تانيه خالص، وإحتمال كمان تنقلنا معاها.

أكدت كوثر على حديثه قائلة: عندك حق يا عدنان، إذا كان من الوقت مغرقها في الهدايا الغالية والذهب، وبيديها مصروف شخصي بيكفيها طول الشهر وبتحوش منه كمان، أومال بعد ما يخطبها رسمي هيعمل معاها أيه
تنهد رفعت وأردف قائلا بنبرة قلقه: مقولتش حاجه يا كوثر، بس أنا خايف لبعد ما كل الناس عرفت إنها خطيبته وخارجه داخله معاه يسيبها وتبقا خطوبه وأتحسبت عليها.

أجابته كوثر بكلمات مطمأنه: متقلقش يا رفعت، بنتك ذكيه والولد بيحبها ومش هيقدر يستغني عنها تحت أي ظروف
تنهد وصمت ليكمل مشاهدته لإحدي البرامج العلميه التي يشاهدها عبر جهاز التلفاز.

أما داخل غرفة إيناس التي نظرت إلى هاتفها بغرور وتحدثت بصوت أنثوي وهي تتمدد فوق تختها وتنظر إلى سقف غرفتها: ألو
أجابها ذاك الجالس فوق تخته بدعابة ولكنة قاهرية: أحلي وأجمل ألو سمعتها في عمري كله
ضحكت بإنوثه زلزلت بها كيانه وأردفت قائلة بنبرة حنون: وحشتني أوي يا حبيبي، يلا تعالي بقا علشان مش قادرة على بعادك أكتر من كدة.

أخذ نفس عميق وزفره بإستمتاع وتحدث بنبرة عاشقة: وإنت كمان وحشتيني أوي يا إيناس، إن شاء الله هاجي بكرة
ثم تساءل بنبرة جاده: أخبار شغل المكتب أيه؟
أجابته بنبرة عمليه وكأنها تحولت إلى ألة: كله تمام، إنهارده كان ميعاد النطق في قضية مهران العيسوي، وكالعادة أخدت فيها حكم بالبراءه
أردف قائلا بنبرة فخورة: برافوا عليك يا إيناس، طول عمرك شاطرة ويعتمد عليك
إبتسمت وأجابته بتفاخر: تلميذتك النجيبه سيدي الفاضل.

ضحك برجوله أذابتها وتحدث: تلميذة أيه بقا، ده أنتي أستاذة، ما هي اللي تخلي قاسم النعماني اللي عمر ما فيه ست هزت فية شعرة، ييجي على بوزه ويحب بالشكل ده تبقا أكيد أستاذه
ضحكت بأنوثة وكبرياء وأكملا وصلة عشقهما
بعد قليل إستمع لدقات فوق الباب فتحدث لها معتذرا: الباب بيخبط مضطر أقفل وهكلمك تاني
أجابته بهدوء: أوك يا بيبي
أغلق معها وتحدث للواقف خلف الباب: أدخل
دلف فارس مطلا برأسه قائلا: فاضي نتكلم شوي؟

إبتسم لأخاه وأجاب: ولو مش فاضي أفضي لك حالي مخصوص يا فارس باشا
إبتسم فارس لمداعبة شقيقه ودلف وأغلق خلفه الباب وأتجه لأخاه ثم جلس بجواره وتحدث: أخبار شغلك أيه يا متر؟
ربع قاسم ساقيه وأعتدل بجلسته وأجابه: كله تمام يا فارس، شغل المكتب ماشي كويس جوي، وكل يوم بيكبر عن اليوم اللي جبله وأسمي الحمدلله بدأ يتعرف
ثم أكمل بتساؤل وأهتمام: المهم طمني عليك إنت، ناوي على أيه بعد متخلص كلية العلوم السنة دي.

زفر فارس بضيق وأجابه: هعمل أيه يعني، هشتغل مع أبوك وأمسك له حسابات المحجر، هو وجدك جرروا إكده وأني ما عليا إلا التنفيذ والطاعة العمياء
نظر لشقيقه بحزن وتحدث منتقدا إستسلامه: أيه نبرة الإنكسار والإستسلام اللي في صوتك دي، ليه متجعدش مع أبوك وجدك وتجول لهم إنك حابب تشتغل في مجالك ويبجا لك كيانك وكاريرك وتستجل بنفسك
إبتسم ساخرا وأردف قائلا بنبرة تهكميه: ليه، هو أني كنت قاسم عشان يسمعوا كلامي وينفذوة.

أخذ نفس عميق وتحدث بنبرة مستسلمه مفسرا له: صدجني يا فارس حتى أني لولا شغلي نفعهم ومسكت لهم كل جضايا المحجر والأرض الزراعيه اللي باعوها على إنها أرض مباني ما كانوا فتحولي المكتب في القاهرة ولا سابوني أشتغل في مجالي اللي درسته وحبيته
وأكمل بإستسلام: نصيبنا إكده يا فارس، ربنا رزجنا بجد متحكم حتى في النفس اللي عنتنفسه، وبيحددهولنا ناخدة أمتي وكيف وإزاي.

نظر إليه فارس وتحدث متذكرا بنبرة جاده: بمناسبة تحكم چدك في حياتنا، أني من كام يوم كت داخل لچدك أوضته وسمعته وهو بيقول لچدتك إنه ناوي يچوزك لصفا بعد متخلص الثانويه السنه دي
جحظت أعين قاسم وتحدث ساخرا: أني بردك كنت حاسس إنه بيفكر في إكدة، مش هو بس، دي أمك كمان مبتسيبش فرصه إلا وتحاول تجربني فيها من صفا، بس ده بعدهم، أني مش هتچوز غير اللي إختارها قلبي وعشجها.

وأكمل غاضب: مش هتوصل كمان إنه يختار لي المرة اللي هتنام في حضني؟
تحدث فارس وهو يحس شقيقه على التمسك بقراره والصمود أمام جبروت ذاك المتسلط المسمي بجده: چدع يا قاسم، خليك دايما جوي قدامهم إكدة لجل ما يخشوك
نظر قاسم أمامه بشرود.

ليلا داخل منزل زيدان النعماني
كانت ورد تجهز طاولة العشاء وتحدثت إلى صفا الجالسه في الفراندا تتطلع بعيون معلقه بغرفة فارس أحلامها التي لم تراه طيلة اليوم منذ الصباح
نظرت إليها ورد وحزن داخلها وهي مشفقه على حال صغيرتها من ذاك العشق المدمر لقلبها الصغير وأردفت قائلة بنبرة يائسة: صفا، أدخلي صحي أبوك لجل ما يتعشي
لم تجب والدتها لعدم إنتباهها لحديثها نتيجة لشرودها.

زفرت ورد وأعادت على مسامعها حديثها مرة أخري بصياح عالي: صفااااا
إنتفضت بجلستها وألتفت بجسدها ناظرة إلى تلك الغاضبه وأردفت قائلة بنبرة مرتبكه: نعم يا أماي
تنهدت ورد بإستسلام وأعادت عليها الحديث مرة أخري: أدخلي صحي أبوك وجولي له إن العشا چاهز.

أماءت لها بطاعة وبسرعة البرق تحركت نحو غرفة أبيها، جلست بجانبه ووضعت أناملها الرقيقة فوق وجنته بحب وهمست بجانب وجهه بنبرة حنون: أبوي، أبوي، إصحي يا حبيبي العشا چاهز
بدأ زيدان بفتح عيناه بهدوء ثم أبتسم لرؤيته لطفلته الجميله التي تشبه والدتها حتى بنعومتها ورقتها.

أمسك كف يدها وقبله بحنان، ثم أعتدل وجلس مستندا بظهرة على ظهر تخته، وفتح ذراعه مشيرا لها بدلوفها داخل أحضانه، و ما كان منها إلا السعادة البالغه والإنصياع لنداء غاليها والإرتماء داخل أحضان والدها الحانية التي تشعرها بأمان الكون بأكملة
إرتمت بأحضانه وخرجت تنهيدة من صدرها وتحدثت إلى أبيها بنبرة حنون: تعرف أني بحبك جوي يا أبوي.

إبتسم زيدان وشدد من إحتضانها وقبل وجنتها وتحدث: أني بجا حبيتك إنت وورد أكثر من حالي وذاتي يا صفا، لدرچة إني أكتفيت بحبكم عن الدنيي بحالها
خرجت من داخل أحضانه بلهفة وأردفت قائلة بإستفهام: صح چدي وچدتي كانوا عاوزينك تتچوز على أمي عشان تخلف الواد؟!
إبتسم لها وأردف متسائلا: مين اللي جال لك الكلام ده؟
أجابته بهدوء: عمتي صباح هي اللي جالت لي لما سألتها إشمعنا أبوي اللي ليه دوار لحاله دون عن أعمامي كلاتهم.

أخرج تنهيدة طويله من داخل أعماقه وأجابها بهدوء: دي عوايد وتجاليد يابتي، عندينا في الصعيد إهني الراچل لازمن يبجا له واد يورث إسمه من بعده
ضيقت عيناها وتساءلت مستفسرة: وليه حضرتك مسمعتش كلامهم وأتچوزت علشان تچيب الواد؟
إبتسم لها ونظر داخل عيناها وتمعن بهما وأردف قائلا بحنان: تعرفي يا صفا، البصه في عيونك دول عندي بالدنيي كلياتها، وبعدين مين اللي جال لك إني مجبتش الواد.

وأمسك كف يدها مقبلا إياه وتحدث بنبرة صادقه حماسيه: إنت عندي بألف واد يا صفا، إنت اللي هتشرفيني وتخليني أتفاخر جدام النچع كلاته وأجول لهم أني أبو الدكتورة صفا النعماني
إبتسمت له بسعادة وأكمل هو بترجي: بس أني معايزكيش تزعلي من چدك وچدتك لجل السبب دي يا صفا، عاوزك تعزري تفكيرهم يا بتي.

دلفت لداخل أحضانه وشددت منها وأردفت قائلة بنبرة صادقة: أكيد عمري مزعل منيهم وخصوصي إنهم بيحبوني جوي ويمكن أكتر واحده في أحفادهم كمان
وأبتسمت وأردفت بنبرة حنون: طبعا بعد قاسم
إبتسم بعدما أستمع إلى ذكرها لحبيبها بتلك النبرة الحنون وتساءل بتخابث: و إشمعنا قاسم يعني اللي چيبتي سيرته؟

خرجت من داخل أحضانه وتحدثت بنبرة سعيده حماسية: عشان هو المفضل عند چدي وچدتي، ده چدي بيكبرة و بيستشيرة في شغله أكتر ما بيستشير عمي قدري وعمي منتصر
إبتسم لها وكاد أن يجيبها لولا دلوف تلك الغاضبة التي أردفت بصياح غاضب: أني بعتاكي تصحي أبوك عشان العشا ولا تجعدي في حضنه تدلعي وتتمسخري علية؟
مدت شفتاها الكنزة بغضب مصطنع وتحدثت تشتكي لأبيها: شايف يا أبوي، مطيجانيش أجعد جارك وأنام في حضنك.

حاوط زيدان وجنتها بكف يداه برعايه وتحدث إليها بدعابه: أعذريها يا صفا، الغيرة على الحبيب مرة بردك يابتي
وضعت ورد يدها في خصرها كحركة إعتراضيه على حديثه وتحدثت بنبرة معترضة متذمرة: غيرة، على مين إن شاء الله الغيرة دي؟
إتسعت حدقة عيناه وتحدث معترض: عليا يابت الرچايبة، ولا زيدان النعماني مهيستاهلش تغيري عليه؟

ضحكت صفا وأنتفضت من جلستها وتحركت بإتجاه الباب وتحدثت بدعابة: أطلع أني منيها بجا، بيتهئ لي أني إكدة عملت اللي علي
نظرت لها ورد وأردفت قائلة بغضب مصطنع: وزياده يابت بطني
ضحكت صفا وخرجت وتحرك زيدان متجه إليها، كادت أن تخرج تلك الغاضبة ولكن يده سبقتها إلى الباب وأوصده ثم شدها إليه بعنف إرتضمت على أثره بصدره العريض،.

لف ساعديه حول خصرها الممتلئ بعض الشئ وألصقها بجسده بشدة وتحدث بنبرة ملامة: بجا مبجتيش بتغيري على زيدان يا ورد؟
نظرت له وتحدثت بنيرة ملامة متذمرة: مش إنت اللي واخد بتك في حضنك ونسيت بيه حضن ورد
إبتسم بتفاخر ثم تساءل: عتغيري عليا من بتك؟!
أجابته بحدة وغيرة قاتلة ظهرت بعيناها: وأغير عليك من الچلابية اللي عتلبسها يا جلب ورد من جوة.

إشتعل داخله من نظرة عيناها العاشقه ونبرة صوتها الهائمة، مال على شفتاها ووضع لها قبلة شغوفه أطال بها وبث لها من خلالها مشاعره المتوهجة التي لم تهدأ يوم منذ أن رأها صدفة بحفل زفاف صديقه،
ويا حلوها من صدفة
إنجرف وراء مشاعرة وبات يتذوق قبله تلو الأخري بشغف وهيام، شدد من إحتضانه لضمتها، شعرت بإنجراف مشاعرة بإتجاه أخر
فتمللت داخل أحضانها قائلة بضجر: زيداااان.

أجابها هامس بجانب أذنها بنبرة مسحورة أذابت كيانها: عيون زيدان وجلبه
إبتسمت لدلاله وكلمات عشقه وأردفت قائلة بنبرة حنون لتذكرة: صفا برة مستنيانا على العشا
أجابها وهي يشرب من شهد شفتاها المميز: مجادرش يا زينة الصبايا، وحشاني ومجادرش أبعد.

أبعدته بساعديها بشده وتحدثت بنيرة هائمة: لو وحشاك جيراط، إنت واحشني أربعة وعشرين، بس بالعجل يا زيدان، تعال نتعشا مع صفا وبعدها ندخلوا أوضتنا وأدوجك شهد ورد ورحيجها اللي عتعشجوا منيها يا واد النعماني
إبتسم لها وتحدث بطاعة: ماشي يا زينة الصبايا، بس بشرط
أجابته بهيام: أؤمرني يا ضي عيني
أجابها بنبرة مشتاقه: مهصبرش غير وجت العشا وبس، وبعدها تتصرفي مع بتك، فهماني يا ورد؟

إبتسمت له خجلا وهزت رأسها بإيماء ثم تحركا للخارج معا إلى غرفة الطعام وجلس ثلاثتهم حول مائدة الطعام المليئة بخيرات الله عليهم، وما أن أشرعوا بتناول الطعام حتى إستمعوا لصوت جرس الباب ليعلن عن زائر
فتحت العاملة الباب وجدته قاسم فتحدثت: يا أهلا وسهلا يا سي قاسم، إتفضل
تحدث قاسم إليها متسائلا: عمي موچود يا صابحة؟

إستمعت هي من الداخل إلى صوت معشوقها، إنتفض داخلها وأشتعلت وجنتيها وتحول لونهما إلى اللون الوردي الداكن لاحظته ورد وتنهدت بأسي على حال صغيرتها التي لم تكن تريد لها هذا المصير أبدا
أردف زيدان مناديا عليه بنبرة صوت مرتفعه: تعال يا قاسم
دلف قاسم خلف العاملة وألقي عليهم السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأردف قائلا بنيرة معتذرة: أني شكلي إكدة چيت في وجت مش مناسب.

أردفت ورد التي وقفت وتحدثت بنيرة حنون: حديت أية اللي عتجوله ده يا ولدي
وسحبت له مقعدا وتحدثت بنبرة ودوده: اجعد يا ولدي أتعشا ويا عمك
ونادت بصياح على العامله: صابحه، هاتي طبج نضيف من عندك لقاسم بيه
تحدث قاسم بنبرة خجلة: ملوش لزوم يا مرت عمي، أني هستني عمي في الچنينة على ما تخلصوا عشا، عشان واحشني وعاوز أجعد وياه شوي.

حدق به زيدان وتحدث ملاما له: چري أيه يا قاسم، هي الجعده في مصر لحالك نستك الأصول والعادات ولا أيه، مالك يا واد بجيت بخيل ليه إكدة
تحدثت صفا بدعابه لتحثه على الجلوس: شكله إكدة مش عاچبة وكل أم صفا يا أبوي
نظر لها مضيق العينان مستغرب شقاوتها الجديدة علية وتحدث بدعابه: طب ليه إكده يا بت عمي، بجا متجيش غير منك إنت؟
إبتسمت بشقاوة وجلس هو وتحدث بإحترام: ده حتى نفس مرت عمي معروف في العيله كلاتها إن مفيش زيه.

اجابته وهي تناوله قطعتان كبيرتان من اللحوم وتضعها داخل صحنه: تسلم يا ولدي، يلا مد يدك وسمي الله
وقام زيدان بوضع فخدة كبيرة من لحم البط اللذيذ داخل صحنه
كانت تبتسم وهي تراه محدق العينان لكل ما يوضع أمامه في وجبة عشائة التي بالتأكيد لم يتناول منها كل هذا
تناول الجميع العشاء تحت سعاده صفا التي وصلت لعنان السماء وقضت معظم الوقت في إستراق النظر إلى وجة قاسمها.

ليلا داخل غرفة صفا
إنتهي اليوم وصعدت لغرفتها، كانت تتمدد فوق تختها شارده في طيف حبيبها تتساءل مع حالها، كيف سيكون شكل مستقبلها معه وهل حقا سيكون من نصيبها كما لمحت لها جدتها رسميه من ذي قبل
تنهدت بحنان وباتت تحلم بحياتها معه حتى وقعت صريعة للنوم.
صباح اليوم التالي
خرجت من باب منزلها لتستقل السيارة التي خصصها لها زيدان بسائقها لتكون تحت امرتها طيلة الوقت كي تذهب إلى المدرسه لإستخلاص بعض أوراق الثانويه العامة المطلوبه منها
إنتفض داخلها بسعادة عندما وجدته يخرج من باب المنزل وتجاوره فايقه بملامح حزينه وهي تودع صغيرها
أمسك قاسم رأس والدته مقبلا إياه وتحدث بنبرة حنون: وبعدهالك عاد يا أماي، هو أني كل مرة همشي متنكد عشانك إكده؟

جففت فايقة إحدي دمعاتها الهاربه منها وتحدثت بنبرة حزينة صادقة: غصب عني يا قاسم، مجدراش أتعود على بعادك عن حضني يا واد جلبي
في حين تحدثت ليلي التي إقتربت وارتمت داخل أحضان شقيقها لتودعه: يا أما ده بجا له 8 إسنين عيسافر، المفروض تبجي إتعودتي على إكدة يا أم قاسم
قبل وجنة شقيقته وأردف قائلا بحنان: خلي بالك من نفسك يا ليلي وذاكري مليح، علشان كلية التچارة صعبه ومحتاچه مذاكرة وتركيز عالي.

أومأت له رأسها بهدوء
نظرت فايقة تتطلع أمامها، إتسعت عيناها فرح عندما وجدت تلك العاشقة المتسمرة بوقفتها بجانب السيارة، وهي مسلطة بصرها بإعجاب على قاسم، بنظرات مغرمة هائمة لعاشقة يظهر عشقها كوضوح الشمس أمام أعين الجميع
إبتسم داخلها بتشفي وشعرت بالإرتياح، وعلى الفور قامت بالنداء عليها كي تزيد من تسليتها: مش هتاجي تسلمي على قاسم جبل ما يعاود على مصر يا صفا؟

همس قاسم إلى والدته بنبرة معاتبه: وبعدهالك عاد يا أماي، مهطبطليش اللي بتعمليه ده؟
أجابت صغيرها بنبرة هادئة متصنعة للبراءة: وأني عملت إية عاد يا ولدي، الحج علي اللي بنادم لبت عمك لجل ما تاچي وتسلم عليك جبل ما تعاود على مصر
ضحكت ليلي وتحدثت بنبرة ساخرة: مهضيعيش وقت إنت خالص يا أماي
رمقتها بنبرة غاضبة وهتفت قائلة: إسكتي ساكت وخليكي في خيبتك يا حزينة.

كانت هناك من تتطلع عليهم من شرفتها التي تعتلي وقفتهم، بلهفة وعيون حزينة وقلب يتمزق ألما لأجل ما تستمعه وتراه أمام أعينها، إنها مريم، إحدي ضحايا عشق ذاك القاسم الصارم
أما تلك العاشقه التي إبتسمت ببشاشة وجه وأنتفض داخلها بسعادة من حديث زوجة عمها المشجع لها.

وتوجهت بتمهل إلى وقفتهم وهي محتضنة ذلك الملف إلى صدرها ببراءة وتحدثت إلى قاسم بنبرة رقيقه: توصل بالسلامة إن شاء الله يا قاسم، متبجاش تتأخر علينا إكدة
إبتسم لها قاسم وأردف قائلا بنيرة هادئة: إن شاء الله يا صفا، خلي بالك من نفسك وذاكري مليح لجل ما تفرحي عمي بيكي
أنير وجهها وتحدثت بطاعة جذبت بها إنتباهه ولكنه نفض رأسه سريع من تلك الأفكار: حاضر يا قاسم.

إبتسمت تلك اللعوب وتحدثت إلى ولدها: ناول رقم تلفونك الچديد لبت عمك عشان لو إحتاچت منك حاچة في مذاكرتها تكلمك يا قاسم
نظر لوالدته بعيون ملامة، لا يدري لما تقوم بكل تلك الإمور وهي تعلم علم اليقين أنه لن يتزوجها، حيث كان قد أخبرها هو من قبل عن معرفته لإنتواء خطة جده بأن يزوجه من صفا وأخبرها أيضا بأنه لا يراها إلا ك ليلي شقيقته.

تحدثت صفا على إستحياء حين رأت تلبك قاسم وإنزعاجه: بلاش يا مرت عمي، معيزاش أشغله وأعطله عن شغله
هتفت فايقة بنبرة متلهفة: واه، حديث إيه اللي عتجوليه دي يا بتي، إنت بس إشغليه براحت راحتك وزينة الشباب على جلبه حديت صفا كيف العسل
ثم حولت بصرها إلى ولدها وتساءلت بلؤم: مش إكده بردك يا قاسم؟
نظر قاسم لوالدته مستغرب أفعالها وتحدث مجبرا وهو يبتسم لإبنة عمه كي لا يحزن قلبها البرئ: أكيد طبعا يا أماي.

كانت تشعر بروحها سارحة في ملكوتها الخاص من حديث زوجة عمها الذي يحمل الكثير والكثير من المعاني
إبتسمت بسعادة مفرطة لم تستطع التحكم في تخبأتها وتحدثت بنيرة تكاد تصرخ من فرط سعادتها: تسلم يا قاسم ويخليك ليا
ثم أرتبكت وتحمحمت مصححه جملتها: جصدي يخليك لينا
رمقتها فايقة بنظرة إنتصار وإبتسمت بخبث.

وهنا إستمعت صفا إلى صياح والدتها التي نادت عليها بنبرة محتقنه تحمل الكثير والكثير من القلق: سايبه السواج واجف ملطوع كل ده و واجفه عنديك بتعملي إيه يا صفا؟
إرتبكت وأرتعب داخلها وحولت بصرها لتلك الغاضبة تنظر عليها بعيون زائغة
حين أردفت فايقة قائلة بنبرة سعيدة و وجه مبتسم شامت: چري أيه يا سلفتي، مالك هبيتي في البت خلعتيها إكدة على الصبح.

ثم أكملت بإبتسامة خبيثة: أني اللي ندهت عليها لجل متسلم على واد عمها جبل ما يعاود على مصر
نظرت لها ورد وحدثت حالها بغيظ، بما تفكرين وتخطتين أيتها الماكرة الحقودة، تري ما تلك الكارثه التي تختطين بإيقاع صغيرتي الساذجة بها أيتها الملعونه.

وأكملت بإستماته داخل نفسها: لن أسمح لك بإيقاع إبنتي داخل شباكك أنت وزوجك الحقود، أعلم علم اليقين أن قاسم يختلف كليا عن حقدكما، ولكن يكفي أنه ولدكم، فهذا وحده كفيل بألا يشفع له عندي مهما مر العمر
حولت صفا بصرها إليهم من جديد وتحدثت إليه بنبرة حزينة وعيون ناظرة أسفل قدميها: توصل بالسلامة يا واد عمي، بعد إذنكم.

وتحركت سريع إلى سيارتها وأستقلتها تحت أعين ورد التي تحدثت بنبرة جامدة إلى قاسم: توصل بالسلامة ان شاء الله يا ولدي
أجابها قاسم بإحترام: الله يسلمك يا مرت عمي
تحركت سيارة صفا منطلقه لخارج البوابة الحديدية الخارجية
وتلاها قاسم الذي إستقل سيارته بجانب السائق وتحرك بها متجه إلى مطار سوهاج ومنه إلى مطار القاهرة
ألقت ورد نظرة غاضبة على فايقة ثم إستدارت معاودة لداخل منزلها بشموخ.

إبتسمت فايقة بشماتة وتحركت هي الأخري إلى الداخل، في حين إقتربت منها ليلي التي كانت شاهدة على تلك المسرحية الهزليه
وتحدثت ليلي إلى والدتها بعدم إستيعاب: نفسي أدخل چوة دماغك وأعرف إيه اللي هيدور چواها يا أماي،
واكملت بتساؤل حائر: منين مهطجيش سيرة ورد وفي نفس الوجت بتحاولي بكل جوتك تجربي بتها صفا من قاسم أخوي؟

إبتسمت فايقه وأجابت صغيرتها بنبرة يملؤها الغل: ده تخطيط واعر و شغل عالي على كبير، يصعب على الصغيرين اللي زيك فهمه يا بت بطني
وأكملت بنبرة تهكميه وهي ترمقها بنظرة غاضبة: خليكي إنت في مذاكرتك في الكليه الخيبانه بتاعتك اللي دخلتيها بمجموع الشوم اللي چبتيه بالعافيه
ودلفت وتركت ليلي التي زفرت بضيق من حديث والدتها المتهكم عليها.

أما بشرفة مريم التي تنهدت بأسي وروح محبطة من ما رأت بعيناها وأستمعته بأذناها منذ القليل، وما أن إلتفت بجسدها حتى فزعت وأتسعت حدقة عيناها حين رأت والدتها تقف بوجهها، تربع ذراعيها وتضعهما فوق صدرها
هتفت مريم بصياح بنبرة مرتجفة من هول الصدمة: خلعتيني يا أماي، فيه حد بيدخل يتسحب على حد إكدة؟
كانت ترمقها بنظرات غاضبة وأردفت قائله بنبرة ساخرة: أچيب لك طاسة الخضة لجل ما تخطيها يا عين أمك.

إبتلعت مريم لعابها من طريقة والدتها المتهكمة فتساءلت بإستفسار مترقب: إية اللي حصل يا أماي لمسخرتك على دي
أجابتها نجاة بنبرة حادة: صح معرفاش حصل إية يا مريم؟
حصل إنك بتجللي من جيمتك وترخصيها مع ولد فايقة،
إنتفض جسدها وأبتلعت لعابها رعب من حديث والدتها المفاجئ وأرادات الإنكار كي تنجي بحالها من بطش تلك الغاضبة
فهتفت بنبرة زائفة وإنكار: كلام إيه اللي عتجولية دي يا أما، وأني مالي ومال قاسم.

خرجت من حياة إبتسامة مهمومة وأردفت قائله بنبرة حزينة: بس أني مجبتش سيرة قاسم يا مريم
تنهدت بأسي ثم إقتربت على صغيرتها وأمسكت يدها وتحركت بها للداخل حتى وصلتا إلى التخت وجلستا،
أخذت نفس عميق وزفرته وتحدثت بهدوء: إسمعيني زين يا بتي وإفهمي حديتي صح لجل ما تحفظي كرامتك ومتهينيهاش على الفاضي.

واسترسلت حديثها العاقل: عمك قدري ومرته مهيسبوش مال عمك زيدان يخرچ من بنات إكفوفهم، وهيعملوا المستحيل لجل ما يچوزوا قاسم لصفا
يعني تنسي اللي عتفكري فيه دي لانه مهيحصلش واصل، أول هام زي ما جلت لك اللي ناوي عليه عمك ومرته
وتاني هام إن قاسم مهيفكرش فيكي ولا شايفك جدامه من الأساس
ولا كمان بيفكر في صفا ولا شايفها، جملة حاده غاضبة هتفت بها مريم.

فأجابتها نجاة: صح هو مهيفكرش فيها، بس عمك ومرته عيفكروا وهما دول الأهم، ده غير إن چدتك لمحت لي جبل سابج إن چدك بيفكر يدي صفا لقاسم لچل ما يكون مطمن عليها
تنهدت بأسي حين رأت غشاوة الدموع المتكونة داخل أعين صغيرتها الحزينة فتحدثت بنبرة مهمومة: يا مريم أني خايفة عليكي من خيبة الأمل، إنت لساتك إصغيرة ومهتتحمليش وچع خيبة الأمل وكسرة النفس يا بتي،.

وأكملت برجاء وهي تمسك بكف إبنتها: لو كت غالية عنديكي صح خرچي الموضوع دي من نفوخك واصل
قالت كلماتها وتحركت إلى الخارج في حين إرتمت بجسدها تلك العاشقة الصغيرة وأجهشت بالبكاء الذي تحول إلى نوبة بكاء مريرة.

بعد حوالي ساعتان
كان يتحرك داخل رواق مكتب المحاماه الخاص به يخطو بخطوات واثقه تتسم بالرجولة والجاذبيه لكل من يراه، متوجه إلى غرفة مكتبة،
وصل لها وخلع عنه حلتة وعلقها فوق العليقة الخاصة بها، وشمر أكمام قميصه وكاد أن يجلس إلا أنه إستمع إلى طرقات فوق الباب، وقبل أن يأذن للطارق بالدلوف وجد الباب يفتح وتدلف عبره تلك الجميلة بطولها الفارع وجسدها النحيل،.

إنها إيناس ذات الوجه الجميل ظاهريا، حيث لا تظهر ملامح وجهها بوضوح وذلك بفضل مساحيق التجميل التي تضعها فوقة بكثرة، و شعرها الأسود الحريري الذي يهفهف خلف ظهرها حيث أنها تركت له العنان ليتنفس ويرفرف بحريه خلفها
إبتسم لها بسعاده أما هي فتحركت إليه والتصقت به بلهفة مفرطة وكادت أن تقبل وجنتيه لولا ساعديه الذي وضعهما وكانت كالسد المنيع،.

وإبتعد عنها وهو يزفر بضيق وتحدث بنبرة صوت غاضبة معنف إياها: وبعدين معاكي يا إيناس، أنا كام مرة نبهت عليك وقولت لك بلاش الحركات اللي بتعمليها دي، ومع ذلك مصرة عليها مع إنك عارفه ومتأكدة إنها بتضايقني وبتخرجني عن شعوري
تأففت بتملل وأجابته بضجر: وأنا كام مرة قولت لك إني مبعملش كده غير معاك إنت وبس، وإن المفروض إن ده شيئ يسعدك ويحسسك أنا قد أيه بحبك وبتوحشني لما بتغيب عني.

ضيق عيناه مستغرب حديثها وتساءل ساخرا: وسيادتك عاوزة تعملي كدة مع مين تاني يا هانم؟
ثم أردف قائلا بنبرة غاضبة مشيرا بسبابته إليها مهددا إياها: إيناس، لأخر مرة هنبهك وهقول لك الموضوع ده ما يتكررش تاني، مش عاوز أغضب ربنا أنا، عاوز علاقتنا تبقا محترمة وفي إطار الشرع علشان ربنا يبارك لنا في حياتنا.

تنهدت وظهر الحزن فوق ملامحها فتحدث هو مفسرا ردة فعله بنبرة أهدي قليلا: يا إيناس من فضلك حاولي تفهميني، أنا عارف إن نشأتنا وتربيتنا مختلفه عن بعض، بس أنا عاوزك تتطبعي بطبعي عشان لما نتجوز ونروح الصعيد محدش ينتقد أفعالك وميحسوش إنك مختلفه عنهم
ثم نظر إليها وأردف قائلا بنبرة حنون كي ينسيها حزنها الذي أصابها من ردة فعله العنيفه: فهماني يا حبيبتي؟

إبتسمت له وتحدثت بسعادة وكأن شئ لم يكن: ومين غيري يفهمك يا قاسم، أنا بس مش عوزاك تحبكها علينا أوي كده، أنا بحبك وإنت بتحبني وهنتجوز، يبقا إيه المانع لما توحشني أحضنك وتحضني، واكملت بلا مبالاة: أنا مش شايفه إن الموضوع يستدعي كل غضبك ده؟!

أجابها وقد تملك الغضب من ملامحه من جديد أثر حديثها المرفوض بالنسبة له: المانع إنه حرام يا أستاذة يا بتاعت الشرع والقانون، لا والمصيبه إنك شايفه إن الموضوع عادي ولا يستدعي الغضب.

وأكمل بنبرة تحذيريه ولهجه صعيدية لم يستطع التحكم بها: إسمعي يابت الناس، أني بطبعي مبحبش أعيد حديتي مرتين، لكن معاك بعيده كتير وده شئ بينرفزني وبيخرچني عن شعوري، فعشان نبجوا متفجين من أولها إكدة، حكاية جربك مني وإنك تبجي عاوزة تحضنيني أول ما تشوفيني دي تنسيها خالص، وكمان شعرك ده لازم تداريه وتتحچبي،
وأكمل بضجر وملامح وجة مشمئزة: أني معارفش أصلا هفاتح أهلي كيف بزواجنا بشعرك ده.

أجابته بنبرة هادئة كي تمتص غضبته: ما أنا قولت لك قبل كده يا قاسم، لما تقرر تفاتح أهلك وتخطبني وقتها هبقا ألبس الحجاب
وأكملت بحزن إصطنعته لحالها كي تستدعي تعاطفه: وياسيدي لو قربي منك ولهفتي عليك وإنك بتوحشني لما بتبعد عني بيضايقك اوي كده، خلاص، أوعدك إني مش هرخص نفسي وأرميها عليك تاني
وأكملت بطاعة أثارته: ها، فيه حاجة تاني مضايقاك في تصرفاتي وعاوزني أغيرها؟

وضع يده فوق شعر رأسه وسحبها للخلف ثم أخذ نفس عاليا وزفرة كي يهدئ من روعه وتحدث بنبرة صارمة وملامح وجه مبهمه: إيناس، أنا عاوزك تلبسي الحجاب من إنهارده، أيه رأيك لو ننزل أنا وإنت بعد مواعيد المكتب وأشتري لك كل اللبس اللازم علشان الحجاب، وأكمل بلهجة صعيدية وإبتسامة كي يقنعها ويهون عليها صعوبة الخطوة بالنسبة لها: إنت هتتچوزي صعيدي يا بت، والصعيدي عيحب مرته وعيموت عليها ومهيجبلش على رچولته إن شعرة واحده تبان منيها جدام الخلج إكدة.

ضحكت بإنوثة مقصودة واجابته مضطرة: حاضر يا عم الصعيدي الحمش، بس ياريت بقا تسرع بخطوبتنا علشان بابا بدأ يتضايق من الموضوع ورجع يكلمني فيه تاني
أجابها بهدوء: حاضر يا حبيبتي، صدقيني قريب جدا هفاتح جدي في الموضوع
إستمعا إلى بعض الطرقات ودلف شقيقها عدنان بعدما أذن له قاسم بالدخول وتحدث وهو يقترب من قاسم محتضن إياه بحفاوة: حمدالله على السلامة يا متر، نورت القاهرة.

ربت قاسم على ظهره قائلا: الله يسلمك يا عدنان
ثم أتجه قاسم خلف مكتبه وجلس فوق مقعده المخصص له وجلس كل من عدنان وإيناس متقابلين بالمقاعد
فتساءل قاسم بنبرة جاده: طمنوني يا أساتذة، أيه أخبار القضايا إلى عندنا؟
أجابته إيناس بنبرة عملية واثقة: كلة تمام يا قاسم، مش هتصدق مين طلب إن مكتبنا يمسك له القضايا الخاصة بشركته.

نظر لها منتظرا تكملة حديثها فأكملت هي بإبتسامة فخر: عزت الباجوري صاحب شركات النقل الشهيرة في البلد
إتسعت حدقة عيناه وتحدث مستفسرا بسعاده: عزت الباجوري بذات نفسه،
أومأت له بسعادة فأكمل هو بنبرة حماسية: دي خطوة مهمة جدا وبتأكد لنا إن مكتبنا بقاله إسم وسيط بين مكاتب المحاماه
وافقاه الرأي وتحدث عدنان متباهيا: إنت مستهون بمكتبنا وبشغلنا إحنا الثلاثة ولا أيه يا متر؟

أجابه قاسم بدعابه: بصراحة كنت، بس الباجوري غير لي نظرتي خلاص
ضحك ثلاثتهم واكملوا حديثهم الخاص بالعمل.

عند الغروب
داخل الفيراندا الخاصة بسرايا عتمان
كان يجلس فوق مقعده بمفرده ينتظر رسمية التي دلفت لصنع مشروب شاي العصاري لكلاهما
خرج زيدان من منزله يتطلع إلى الحديقه، وقعت عيناه على والده الجالس بمفرده، إنتعش صدره من أثر رؤياه التي تنعش روحه وتطمئن قلبه، فبالرغم من تقدم زيدان بالعمر إلا أنه ما زال أبيه يمثل له حصن الأمان بالنسبة له.

تحرك إلى أبية بخطوات مهرولة ووقف أمامه على إستحياء وتحدث بنبرة صوت مرتجفة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كيفك يا أبوي؟
أما عتمان الذي ما إن إستمع إلى صوت نجله الحبيب الذي ما زال الأقرب إلى قلبه برغم كل ما جري
لم يستطع رفع عيناه، متلاشيا النظر لداخل عيناي صغيره، وذلك كي لا يضعف أمامه وينتفض واقف ويسحبه لداخل أحضانه كي يشبع جوع قلبه.

تمالك من حاله بصعوبة وعاد إلى أدراكه راسم الجمود فوق ملامحة وأردف بصوت جاحد بارد أجاد تقمصه: الحمد لله
إبتلع غصة مريرة من معاملة والده له التي لم تتغير يوم برغم مرور كل تلك السنوات الطويلة
ضل واقف بإحراج حتى خرجت والدته تحمل بين كفيها حاملا موضوع عليه كأسان من الشاي،
تحدثت بلهفه حين رأت من كان مدللها وحبيبها القريب إلى قلبها: العواف يا زيدان.

إنتفض داخله حين إستمع إلى صوت من كانت يوم تنثرة بالحنان والدلال، أما الان فقد تغير الوضع كليا ولم يرا منها إلا الجحود الظاهري والغضب
أجابها بنبرة حنون: يعافي بدنك يا حاچة
تحدثت إلية بهدوء عكس ما يدور داخل قلبها من ثورة عاطفية: واجف ليه إكدة، أجعد إشرب الشاي مع أبوك
نظر إلى والده الذي يشيح عنه ببصره وينظر أرض بوجة مبهم، فتحدث بنبرة صوت بائسة: معايزش أضايجكم بوچودي،.

بالإذن، كلمة قالها بنبرة حزينة قطع بها أنياط قلبي والداه، وكاد أن يتحرك لولا صوت عتمان الذي تحدث بنبرة متلهفة: إجعد إشرب الشاي وياي يا زيدان
إلتفت بجسده بلهفة وتحرك عائدا من جديد، جلس مقابلا لأبيه حين هتفت رسمية بصياح حاد: حسن، يا حسن
أتت العاملة وما أن رأت سيدها الحنون الذي يشملها ويرعاها دائما ويقوم بإرسال الأموال لها كي يعينها على المعيشة وأسرتها: العواف يا سي زيدان.

ابتسم لها بحنان وأجابها: الله يعافيكي يا حسن
تحدثت إليها رسمية: إعملي شاي لسيدك زيدان يا حسن
أجابتها العاملة بنبرة حماسية: من عنيا يا ستي الحاچة، أحلا كباية شاي لسي زيدان
هز لها رأسه وأردف بشكر: تشكري يا حسن
تحركت لتدلف قطع طريقها ذاك السمج عديم الذوق موجه حديثه إليها: إعمليلي كباية شاي يا بت وهاتي لي معاها أي حاچة حلوة تتاكل.

ردت بضيق على حديث ذاك الذي دائما ما يحدثها بحدة ودائما ما يقلل من شأنها: حاضر يا سي قدري
تحرك وجلس ثم نظر لشقيقه ببرود متحدث: كيفك يا زيدان
أجابه زيدان بهدوء: الحمدلله يا أبو قاسم
ثم تحدث إلية كي يحرق قلبه ويجدد الإشتعال بينه وبين والديه، وكي لا يدع فرصة بينهم للتصالح النفسي وصفاء نفوسهم: لساتك معاند ومعايزش تريح جلب أمك وأبوك وتتچوز وتچيب لهم حتت عيل لجل ما يورث إسمك؟

نظرت له رسمية وتحدثت بنبرة متلهفة: ربنا يهديك يا أبني وتريح جلبي عن جريب لجل ما أطمن على نسلك وأشوف لك واد جبل ما أموت
تنفس بصوت عالي كاظم غيظة من مكر أخية الذي يعلم جيدا مغزاه وتحدث بنبرة متمالكة إحترام لأبية: كل واحد منينا بياخد الأربعة وعشرين جيراط بتوعه كاملين يا أماي، وأني الحمدلله ربنا إداهم لي في بتي ومرتي وتچارتي، ألف حمد وشكر على نعمته.

رمقه عتمان بغضب وزفر بضيق معلنا بهذا عن عدم تقبله لحديثه
وما أن إستمع إلى زفير أبيه وعلم بمدي غضبة حتى إنتفض من جلسته واقف وتحدث منسحب بإعتذار: بالإذن أني عشان ورايا مشوار مهم
وأنسحب سريع تحت سخط عتمان ورسمية علية وذلك لعدم إنصياعه لرغبتهم في أن يرا بناظريهما طفلا ذكرا له ويرتاح قلبيهما
أما ذاك المتشفي الذي جلس بإرتياح وأطمئنان بعد ذهاب ذاك المدلل سارق أحلامة مثلما دائما يلقبه بينه وبين حالة.

بعد مرور خمسة أشهر
داخل قصر الحاج عتمان النعماني
كان يجلس في بهو قصره هو وزوجته وولده قدري وزوجته فايقه يحتسون مشروب الشاي المحبب لديهم جميعا
وفجأة إستمعوا إلى زغاريد عالية تأتي من الخارج ويبدو أن مصدرها من منزل ولدة المقابل
تحدث الحاج عتمان بإستغراب: من وين چاية الزغاريد دي؟

لوت رسمية فاهها وهتفت بنبرة ساخرة: جايه من ناحية دوار بت الرچايبه، وأكملت بتشفي وغل: على الله يكون ولدي نصفني وبرد ناري وإتچوز وهيجيب لي الواد اللي بحلم بيه
تحدثت إليها فايقه بنبرة ساخرة: اللي ما عملها والدنيي دنيي يا عمة، هيعملها دالوك؟
ثم هبت واقفه وهي تتحرك ناحية الباب بفضول: جال يا خبر بفلوس.

لم تكمل خطواتها إلا و وجدت تلك الصفا صاحبة الوجه الصافي البرئ وهي تدلف للداخل بفرحة عارمة وعلى وجهها إبتسامة توحي إلى شدة سعادتها وهي تتحدث إلى جدها: نچحت يا چدي، طلعت الأولي على محافظة سوهاج كلاتها
إبتسم لها جدها وتحدث بسعادة لسعادتها: مبروك يا بتي.

دلف زيدان مصطحب ورد في محاولة منه بإذابة جبل الجليد الذي يفصل بينهم، وتحدث زيدان بسعادة إلى أبيه و والدته: شفتوا صفا عملت أيه، طلعت الأولي على المحافظه كلياتها
وقفت رسمية تحتضن صغيرة ولدها وتحدثت: ألف مبروك يا غاليه، ألف مبروك
ثم وجهت حديثها إلى زيدان قائلة بحديث ذات مغزي: مبروك يا زيدان، عجبال ما أبارك لك على الخبر الزين اللي هيفرح جلبي بچد.

نظرت لها ورد والحزن خيم على وجهها، فبرغم مرور تلك السنوات الطويلة إلا أن والدة زوجها لم تكل ولم تمل من عرض فتيات على زيدان من اجل الزواج بإحداهن حتى يجلب لها الحفيد الذكر التي تتمناه لنجلها الحبيب، وبالتالي علاقتها سيئة للغاية بورد لتوهمها أنها هي التي تؤثر وتضغط عليه كي لا يتزوج وينجب الذكر المنتظر.

إقترب زيدان من ورد ولف ذراعه حول كتفها محاوطا إياها برعايه وتحدث إلى والدته: وهو فيه أكبر من إكدة خبر يفرح الجلوب يا أماي؟
تحدث عتمان إلى ورد كي يطيب خاطرها: مبروك يا بتي، عجبال متجوزيها وتفرحي بيها
أجابته ببشاشة وجه: في حياتك وفي خيرك إن شاء الله يا عمي
هز رأسه وتحدث مبتسما: تعيشي يا بتي
ثم حول بصره إلى زيدان وتحدث بنبرة جاده: إتصل على قاسم يا زيدان وخليه يجدم لها في الكليه بتاعته.

نظرت إلى جدها وتحدثت بتصحيح: بس أني إن شاء الله هدخل كلية الطب يا چدي
نظر إليها عتمان وأجابها بهدوء: مهينفعش يا صفا، أني رايدك تدخلي الكلية اللي إتخرچ منيها قاسم، ليا غرض في إكدة
إبتسمت فايقه وصوبت بصرها إلى ورد بتشفي وشماتة
أما ورد التي نظرت إلى زيدان وطالعته بنظرات مرتعبه،
فتحدث زيدان إلى والده: كيف يعني مهينفعش يا أبوي، البت طالعة الأولي على المحافظه وكمان هي نفسها تبجي دكتورة.

تحدثت رسميه وهي تنظر إلى صفا بحنين وابتسامة: إسمعي كلام جدك يا صفا، چدك بيحبك ورايد لك الخير، وحديته ده فيه خير كتير جوي ليكي
نظرت صفا إلى والدها وكأنها تستنجد به، كاد زيدان أن يتحدث
فدق عتمان الأرض بعصاه وتحدث بنبرة حاده: خلاص يا زيدان، أني جولت كلمتي في الموضوع وإنتهي الأمر
وأكمل أمرا وهو يتجه إلى حجرته: تعال وراي إنت وقدري، عاوزكم في موضوع.

دلف ثلاثتهم للداخل أما رسميه التي إتجهت إلى صفا المذهوله وأخذتها داخل أحضانها وتحدثت: تعالي في حضن جدتك يا زينة الصبايا
أما فايقة التي نظرت إلى ورد وهي تطالعها بنظرة شامته متعالية وتحدثت بإبتسامة ساخرة: مبروك لصفا يا ورد، عجبال چوازها
طالعتها ورد بنظرات حارقة وتحدثت بحده: الله يبارك فيك يا سلفتي
ونظرت إلى إبنتها وتحدثت بنبرة جامدة: يلا بينا على بيتنا يا صفا.

خرجت صفا من أحضان جدتها وتحركت بجانب والدتها بتيهه وشرود وصدمة، غير مستوعبة ما حدث حولها منذ القليل.

أما بالداخل تحدث عتمان إلى زيدان كي يطيب خاطرة: متزعلش حالك يا زيدان، أني كمان زيك يا ولدي كت حابب صفا تدخل الطب وتبجي دكتورة جد الدنيي،
وأكمل بتساؤل وهو يهز رأسه بتريس: بس هو ينفع إن الحرمة تبجي أعلا من راچلها في العلام؟
ضيق زيدان عيناه مستغرب حديث والده فأكمل عتمان بنبرة صادقة شعر بها زيدان: تعرف يا زيدان، أني مخايفش على حد في الدنيي دي كلاتها جد ما أني خايف على صفا،.

وأكمل مهموم ينظر أسفل قدمية: إكمن يعني ملهاش أخ تتسند عليه، وعشان إكده أنا أخترت لها راچل زين وشديد، لجل ما يكون سندها وحمايتها من غدر الزمن
نظر لوالده وتحدث بإعتراض: بس أني بتي لساتها صغيرة على الكلام ده يا أبوي، وبعدين ليه نكسروا نفسها ونهد أحلامها
تحدث قدري إلى زيدان متلهف: لا صغيرة ولا حاچة يا زيدان، البت زينة وچسمها شديد يتحمل الچواز والخلفة.

ثم حول بصره إلى أبيه وأردف قائلا بنبرة خبيثة مع أنه يعلم علم اليقين من هو العريس المنتظر: يطلع مين ده اللي أمه داعيه له اللي جررت تدي له صفا يا أبوي
تحدث إليه عتمان بإستحسان: هو ده السؤال الزين إللي لازمن يتسأل دالوك يا قدري، العريس اللي إختارته لصفا رباية يدي، قاسم ولدك، سبعي وسبع العيله كلياتها
إنفرجت أسارير قدري وتحدث بلهفه ظهرت بعيناه إستغربها زيدان: يازين ما اختارت لإبني يا أبوي.

ثم حول بصره إلى زيدان وتحدث بنبرة زائفه: وأني و ولدي هنتجلوها بالذهب يا زيدان، صفا تستاهل الدنيي بحالها
نظر له زيدان وتحدث بعرفان: تشكر يا قدري، بتي أتجلها بالذهب وأديها لقاسم عن طيب خاطر
ثم نظر لأبيه قائلا بنيرة مهمومه: بس أيه المانع إن صفا تتچوز قاسم وفي نفس الوجت تدخل كلية الطب
تحدث إليه الجد بهدوء: والله لو قاسم وافق بإكده يبجا أني كمان معنديش أيتها مانع.

هتف قدري مسرع بإعتراض: مهينفعش يا أبوي، كيف يعني أبني هيوافج إن مرته تبجا أعلي منيه
مليكش صالح إنت يا قدري، أني هتصل بقاسم وأشوف رأيه أية، جملة قالها الحاج عتمان بنيرة صارمة.

ليلا داخل غرفة قدري وفايقة
كانت تجلس فوق مقعدها الهزاز الخاص بها تتمايل فوقه بدلال وتستمع بسعادة إلى قدري و هو يقص على مسامعها ما دار بينه وبين أبيه وشقيقه
هتفت بنبرة متلهفه وهي تمسك بهاتفها: يبجا أني لازمن أتصل بقاسم حالا وأنبه جبل ما چده يكلمه ويأثر عليه ويخليه يوافج
وأكملت بفحيح: وساعتها بت الرچايبة هتتفرد وتشوف حالها علينا أكتر وأكتر لما بتها تبجا دكتورة جد الدنيي.

أجابها قدري بإبتسامة رجل منتصر: أني مفارجش وياي لت الحريم بتاعكم ده،
وأكمل بنبرة مليئة بالحقد: أني كل اللي فارج معاي إن إبني يتچوز صفا وكل اللي چمعه زيدان طول السنين اللي فاتت من أموال وأراضي يصب في النهاية في حچر قاسم وحچري.

أطلقت ضحكة بإتساع وأردفت قائلة بنبرة متشفيه: طب دي أكتر حاچة مكيفاني في الموضوع كلاته هي إن چري زيدان وشجاه طول السنين اللي فاتت واللي چايه كمان هياخدة قاسم ويتهني بيه، وبته هتبجا تحت يد قاسم ويدي
وأكملت بغل وغيرة: وده اللي كان مصبرني وحماني من جهرت جلبي كل ما كنت أشوف تچارته بتكبر وعيشته هو والحرباية اللي إسميها ورد بترتاح كل مادا أكتر وأكتر.

إقترب منها وحاوط خصرها وتحدث برغبة ظهرت بعيناه: طب طالما فرحانه إكده ما
لم يكمل جملته لنفضها ذراعيه وإبتعادها عنه سريع كمن لدغها عقرب وأردفت قائله بنبرة تحججيه: وده وجت مسخرة بردك يا قدري،
وأكملت مفسرة بنبرة زائفة: بجول لك لازمن نكلموا الواد لجل ما ننبهه جبل ما چده يسبجنا ويكلمة، تجولي إبصر إيه ومادرك إية
رمقها بنظرة ساخطة تلاشتها هي ثم بادرت سريع بالضغط على زر الإتصال وأنتظرت إجابة ولدها.

كان يجلس هو وإيناس حول إحدي الطاولات يتناولان وجبة عشائهما داخل إحدي المطاعم الشهيرة بالقاهرة
إستمع لرنيين هاتفه نظر بشاشة هاتفه الموضوع أمامه فوق المنضدة، وجدها والداته فابتسم إلى إيناس وتحدث بإعتذار: معلش يا حبيبتي دي أمي ولازم أرد، لأني لو مردتش هتفضل تتصل ومش هترتاح غير لما تسمع صوتي
إبتسمت له بمجاملة وأردفت قائلة: أوك يا حبيبي ولا يهمك
ضغط زر الإجابة و رد قائلا بهدوء: كيفك يا أما.

أجابته وبعدما أطمأنت عليه أخبرته بما قرره جده وأمرته بإستماته بألا يوافق على إلتحاق صفا بكلية الطب وإلا ستغضب علية
كان يستمع لها بهدوء تام غير متفاجئ بالمرة، ولما التفاجئ وهو كان يستشعر وينتظر ذاك القرار منذ الكثير
إنتظر حتى إنتهت من حديثها بالكامل، ثم أجابها بنبرة تهكمية: والله عال، طب والله كتر خيرة چدي إنه تعب حاله وهياخد رأيي في كليتها،.

وأكمل بنبرة غاضبه: الظاهر إكدة إن چدي مبجاش عامل لوچودي أيتوها حساب، ده جرر عني وأدي كلمته لعمي من غير حتى ما يستشرني ولا ياخد رأيي، ولا كنه الموضوع يخصني
تحدثت فايقه بتملل: إسمع يا قاسم عشان تريح حالك وتريحنا معاك، موضوع چوازك من صفا ده محسوم أمرة وأني وأبوك موافجين، وإنت كمان لازمن توافج لأنه فيه خير كتير ليك ولينا كلياتنا.

أجابها بتملل وضجر: بصي يا أما ومن الأخر إكدة، أني مليش صالح بلعبة الجط والفار اللي بينك إنت وأبوي وبين عمي ومرته، وياريت بجا تخرچوني من مشاكلكم وحسباتكم دي كلياتها، لاني مش هبجا طرف فيها حتى لو على رجبتي
هتفت فايقة بنبرة غاضبة: كنك إتچنيت يا قاسم.

جذب قدري الهاتف منها وتحدث بنبرة حادة تنم عن مدي غضبة: چري أيه يا قاسم، منشف راسك ومهتسمعش الحديت ليه يا ولدي، چدك جال كلمته وجرر إنك الوحيد اللي هتجدر تصون بت عمك وتحميها من غدر الزمان، وإحنا لازمن نطيعوه لأن جرارة ده فيه خير كتير ليك
أجابه قاسم بنبرة حادة: يروح يچوزها لفارس أخوي ولا حتى ليزن واد عمي منتصر، لكن أني مهكونش تابع لرأي حد، و مهتچوز غير واحده يشاور عليها جلبي جبل عجلي.

نهره قدري قائلا بنبرة صارمه: إوعاك يا واد تفكر حالك كبرت عليا وفيك تعصي أوامري وأوامر چدك، ده انت تبجا غلبان جوي يا واد فايقة، ولازمن تعرف إن الچوازه دي لو متماتش كيف ما أني رايد لا أنت ولدي ولا أعرفك،
وأكمل مهددا بصياح: وأني وچدك هنتبروا منيك ومليكش عندينا لا ورث ولا دياولو، ومن الصبح تفضي الشجة اللي إنت جاعد فيها والمكتب والعربية، إظن ما أنت خابر إنهم بإسم چدك يا حزين.

وأغلق الهاتف في وجهه دون إضافة حرف أخر، ودون إعطاء ولده حق الرد
تأفف قاسم فتساءلت تلك التي توقفت عن تناولها للطعام وجلست تتسمع عليه وتراقب حديثه وإنفعالات وجهه
وتساءلت بإستفسار بنبرة مرتجفة: فية ايه يا قاسم، إية اللي حصل خلاك تتنرفز أوي كدة؟
زفر بضيق ومسح على وجهه في محاولة منه بضبط النفس وأجابها بلكنة صعيدية: مفيش حاچة يا إيناس، حكاية ملخبطة إكدة ويا چدي وهحلها جريب إن شاء الله.

تحدثت بإستماتة وفطانة: أرجوك يا قاسم متخبيش عليا وإحكي لي إية اللي حصل، أنا قدرت أفهم من كلامك مع مامتك إن الموضوع يخص جوازك، وأظن ده موضوع يخصني زي ما يخصك بالظبط، فلو سمحت ياريت تحكي لي اللي حصل وتحطني معاك في الصورة
فاستسلم قاسم بالاخير وتنهد وقص على مسامعها كل ما دار بينه وبين أبوية من خلال تلك المحادثة
إنتهي من سرد التفاصيل ونظر لها يترقب ردة فعلها على ما قام بقصه على مسامعها
أما إيناس ف.
وما أن إنتهي قاسم من سرد التفاصيل حتى نظر إليها يترقب ردة فعلها على ما قام بقصه على مسامعها منذ القليل
أما إيناس فظلت تستمع إلية بملامح وجه مبهمة
ثم تحدثت بتعقل ومنتهي هدوء: طبعا التصرف الوحيد اللي المفروض إني أعملة حاليا هو إني أقويك وأقول لك متوافقش على قرار جدك مهما حصل
واسترسلت حديثها بتعقل وهدوء إستغربه قاسم: لكن أنا عمري ما هعمل كدة يا قاسم لسبب واحد.

وأكملت بنظرات هائمة مصطنعة: لأني بجد بحبك وأهم حاجة عندي هي مصلحتك حتى لو كانت على حساب جرح مشاعري
أخذت نفس عميق وشبكت كفي يداها وقامت بوضعيهما أمامها فوق المنضدة ثم أردفت قائله بنبرة جادة عملية: خلينا نتريس ونتكلم بالعقل يا قاسم، أنا من خلال حكمي على شخصية جدك اللي كونته بناء على كلامك اللي إنت حكته لي عنه قبل كده، أقدر أؤكد لك إنه مينفعش حد يقف قدام قراراته ويعترض على كلامة،.

وأردفت بأسي: و للأسف، من الواضح كدة إنه أصدر قرارة بخصوصك وإنتهي الأمر
وأكملت بنبرة تهديدية: لازم تعرف يا قاسم إنك لو عارضت جدك إنت الوحيد اللي هتخسر،
وأكملت بدهاء وحكمة: جدك شخص ذكي وعنيد لأبعد الحدود، علشان كده لازم له تخطيط صح علشان تتقي شرة وغضبة،
وعلشان كدة لازم تلاعبه بذكاء وتحبك له قصه معقدة تقدر من خلالها تقنعة برفضك للجوازة دي وبكل بساطة،.

ورفعت سبابتها في الهواء وأكملت: وإلا مصيرك هيكون زي مصير عمك زيدان اللي إنت بنفسك حكيت لي عنه، وقلت لي عقابة كان قد إية قاسي لمجرد بس إنه مسمعش كلامة وإتجوز على مراتة، وساعتها إنت كمان هتخسر كل حاجه زية بالظبط
كان ينظر لها بتيهه مشتت العقل والكيان، صدقا معها كل الحق.

فأكملت هي بذكاء لإرعابه والضغط على عزيمتة: عمك زيدان الحظ كان حليفه، وتجارته اللي بدأها من تحت الصفر كبرت بسرعة البرق، لكن إحنا يا حبيبي مش مستعدين نجازف بمستقبلنا اللي عملناه ونخسر حقك وحق أولادنا اللي هييجوا بالسهوله دي
ضيق ببن عيناها وتساءل عن ما تقصد بحديثها ذاك: أنا مش فاهم إنت تقصدي إية بالظبط بكلامك ده يا إيناس؟
إنت عوزاني أتجوز صفا؟

فأجابته بذكاء وخبث: عوزاك لما جدك يسألك عن موضوع دخول بنت عمك كلية الطب تقول له إنك موافق ومعندكش أي مانع، وأتحجج بتأجيل الجواز لبعد البنت ما تخلص كليتها،
وأكملت وهي تشيح بيدها بلامبالاة: قول له إنك خايف على مصلحتها وخايف كمان من إنها متعرفش تركز في دراستها بسبب الجواز، وده طبعا بسبب إن دراسة الطب صعبة جدا ومحتاجة تركيز عالي، وإستحالة ده هيتحقق بعد الجواز.

وأكملت بدهاء محكم: و وقت الجواز اللي هو بعد ماتكون خلصت جامعتها، هييجي يطلب منك إنك تحدد ميعاد الفرح علشان تتمم جوازك منها
وأبتسمت ساخرة وأردفت بغرور: وساعتها بقا هترمي له القنبلة الكبيرة اللي هتزلزل عرشة وتخلية واقف قدامك وهو متكتف،.

وأكملت وهي ترفع قامتها لأعلي وتمثل التأثر: هتقف قدامة وتفاجأه وتقول له بكل تأثر وعيون حزينة، أنا حقيقي أسف يا جدي، كان نفسي أنفذ لك أوامرك، بس أنا لما راجعت نفسي كويس لقيت إني مش قابل على رجولتي ولا كرامتي إني أتجوز واحده تعليمها وتصنيفها المجتمعي أعلي مني
وأكملت بتأكيد: وأكيد وقتها هيقتنع بكلامك ويشوفه مظبوط جدا، وبكدة تكون خلصت نفسك من التدبيسة السودة دي وطلعت منها بدون أي خسائر.

كان يستمع لها بذهول واشمئزاز، هز رأسه برفض تام وأجابها بإستنكار: أنا لايمكن طبعا أوافق على الكلام الفارغ ده، دي خطة دنيئة وأساسيتها بتعتمد على الغش والتلاعب، وأنا عمر ما كان ليا في الأساليب الرخيصه دي وإنت عارفه كده كويس
هتفت بنبرة تعقليه: مش أحسن ما يحرمك من ورثك ويسحب منك المكتب اللي عملهولك بفلوسه، وقتها يا متر مش هنعرف حتى نأجر شقه نتجوز فيها؟

وأردفت قائلة بنبرة صارمة: دي حرب من أجل البقاء يا قاسم والحرب خدعة، وجدك هو اللي إبتدي بحربه البارده وبالتهديد بسحب كل إمتيازاتك
أجابها رافض بقوة: متحاوليش تقنعيني بحاجة ضد مبادئي وعمرها ما هتحصل، أنا لو عملت اللي بتقولية ده هحتقر نفسي كل يوم ألف مرة،
وأكمل بملامح وجة مشمئزة: إزاي أغش بنت بريئة زي صفا وأدخلها في لعبة قذرة لمجرد إني أنول رضا جدي وأطلع من الموضوع بدون خسائر؟

وأردف متعجب بنبرة لائمة: للأسف يا إيناس، إنت فكرتي إزاي نتلاشي ونتجنب الخسارة المادية، لكن نسيتي تحسبي خسارتي المعنوية والأخلاقية
وأكمل بإشمئزاز من حاله: أنا لو فعلا عملت في بنت عمي كدة مش هقدر أحترم نفسي وأبص لإنعكاس شكلي تاني في المراية
إبتسمت بجانب فمها وأردفت قائله بنبرة ساخرة: إنت لية محسسني إن بنت عمك دي هتحبك وتتعلق بيك وياحرام هتتصدم وتتوجع وتتقهر لما سيادتك تقرر تسيبها؟

واكملت بإستهجان: دي مجرد بنت صغيرة يا قاسم، يا أبني دي واحدة جايبة مجموع طب، يعني من الاخر كدة موس مذاكرة
و أكملت بإستخفاف لمشاعر صفا: بمعني أدق دححة ومعندهاش وقت للمشاعر أصلا، ولسه كمان لما تدخل كلية الطب وتتسحل فيها، دي مش هيبقا عندها وقت تفتكر فيه حتى إسمك.

وأكملت بدهاء لإقناعه: ثم إنت لية بتبص على الموضوع من ناحية إنك بتأذيها، بص له من الناحية الإجابية، وهي إنك الشخص الوحيد اللي هتقدر تساعدها في تحقيق حلمها
ضيق عيناه مستغرب حديثها فأكملت هي مفسرة: تقدر تقولي لو إنت رفضت موضوع جوازك منها هيكون مصيرها إية؟

وأكملت بذكاء: خلينا أنا أقول لك اللي هيحصل، ببساطة كدة جدك هيجوزها لأخوك أو إبن عمك زي ما أنت بنفسك لسه قايل ده لبباك في مكالمتك معاه، يعني البنت حلمها هيضيع ويتدمر يا قاسم، وتحقيقة أصبح في إيدك إنت وبس
وأكملت بتأكيد لتنويم ضميره: يعني زي ما انت هتستفاد هي كمان هتستفاد وأكتر منك كمان.

ضلت تتحدث إلية وتبرر له شرعية مخطتها الأنانى الخالي من اية أخلاق وبدأ هو بإقتناعة بصحة حديثها رويدا رويدا، وبرغم عدم موافقته على تلك الخطة إلا أنه لم يري لها بديلا كي يخرجه من تلك الحفرة التي وضعه بها عتمان بتحكماته وتسلطته وتجبرة، وهذا إذا أراد الخروج من عباءة جده وتحكماته.

نفض رأسه من تلك الأفكار ثم تحدث بتساؤل جاد كي يجعلها تستفيق من غفوتها تلك: طب خليني فقدت عقلي وإتزاني و وافقتك على خطتك المجنونة دي، تعرفي ده معناه أية يا أستاذة؟
قطبت جبينها وانتظرت باقي حديثه فأكمل هو بنبرة معترضة: معناه إننا مش هنتجوز غير لما صفا تخلص كليتها واللي هي سبع سنين، إنت متخيلة يعني أيه هنقعد من غير جواز سبع سنين؟

وأكمل لينبهها: يا إيناس إنت عندك 23 سنه، يعني بعد سبع سنين هيكون عندك 3 سنه، إنت مدركة للجزئية دي؟
تنهدت وتحدثت بهدوء وهي تفكر بأمواله وأموال جده الطائلة التي ستظفر بها مؤخرا وتحيي بها حياة الأميرات بعد معاناتها التي عاشتها من قبل: للأسف يا حبيبي، مفيش في أدينا حل تاني، لازم نصبر ونتحمل علشان ننول رضا جدك علينا!

نظر لها مطولا متعجب لأمرها ثم هز رأسه بنفي وأردف قائلا بنبرة قوية رافضة: إنسي التخاريف اللي قولتيها دي كلها يا إيناس، أنا لا يمكن أعمل كده في عمي اللي طول عمرة بيعاملني على إني إبنة اللي مخلفهوش
وأكمل بقوة وإصرار ظهر بمقلتاه: أنا هروح لجدي وهواجهه بكل قوتي ويعمل اللي عاوز يعمله.

هتفت بنيرة غاضبة مستوحشة: وهتسيب له المكتب اللي ليك خمس سينين بتبني فيه يا قاسم، هتقف تتفرج على حلمك وشغلك وتعب السنين وجدك بيهده لك قدام عنيك؟
هنبدا مع بعض تاني من الصفر وهنبني روحنا بروحنا، جملة قالها قاسم ليطمأن روحها
صاحت به بغضب وكأنها تحولت إلى غول: وأنا مش موافقة يا قاسم، أنا مش مستعدة أجوع وأبدأ من الصفر تاني.

أمسكت كف يدة الموضوع فوق المنضدة واحتضنته برعاية وتحدثت وهي تتوسل لعيناه: صدقني يا قاسم إنت مش قد الجوع والعوزة، مش هتقدر تستحمل إسألني أنا،
وأكملت بغشاوة دموع صادقة تكونت داخل مقلتيها: مالك بالجوع والعوزة إنت يا ابن الذوات، إنت واحد مولود وفي بقه معلقه دهب.
تعرف إية إنت عن الجوع يا قاسم، عارف يعني إية يبقا نفسك في الحاجة ومتطولهاش، نفسك في أكلة حلوة ومتقدرش تاكلها لأن ببساطة ممعكش تمنها،.

وأكملت بدموع حقيقية وقلب يتمزق: أنا تعبت كتير أوي في حياتي مع أهلي يا قاسم، دوقت العوز والحوجة والجوع، ومصدقت إني خلصت من الشعور ده ونسيته من وقت ما أشتغلت وكبرت معاك
وشددت على يده بقوة وأردفت بتوسل ودموع تقطع أنياط القلب: أرجوك يا قاسم متخلنيش أعيش التجربة المرة وأدوق العذاب دة تاني، أرجوك.

كان ينظر لها بقلب مفطور لأجلها، تعاطف معها لأبعد الحدود وأردف قائلا وهو يحسها على التوقف عن نوبة البكاء المريرة التي دخلت بها: إهدي يا إيناس من فضلك وبطلي عياط،
ثم نظر حولة يتطلع إلى الاشخاص المحاطين به داخل المطعم وهم يترقبون وينظرون بأعينهم إلى تلك المنهارة
ثم أردف متعاطف: الناس بتبص علينا، من فضلك إهدي و أنا هعمل لك كل اللي إنت عوزاه.

إنتفض داخلها بسعادة وتساءلت بلهفة: بجد يا قاسم، يعني هتكلم جدك وتقوله إنك موافق؟
كان يشعر بتمزق وحرب شرسة دائرة بداخلة، حرب بين الضمير والبقاء، وللاسف إنتصر داخلة حب الذات مثله كمثل كثيرا من البشر إلا من رحم ربي
دقق النظر إليها بتشتت وهز رأسه بإيجاب متحدث بهدوء و تردد: حاضر يا إيناس، حاضر
ضحك وجهها بسعادة وتحدثت بنبرة شاكرة وكأنها تحلق فوق السحاب من فرط سعادتها: ربنا يخليك ليا يا حبيبي.

إبتسم لها إبتسامة خافته تدل على عدم راحته ثم أكملا عشائهما بتشتت وعاد هو إلى سكنه الفخم بعد أن أوصلها لمسكنها.

داخل منزل زيدان
كانت تجلس بغرفتها تبكي بحرقة قلب، حزن عميق أصاب داخلها جراء أحلامها التي تسربت من بين يديها وتبخرت بين ليلة وضحاها، وخصوصا بعدما إستنجدت بوالدها وطلبت منه العون والوقوف بوجه جدها ومحاولة إقناعه، فأبلغها زيدان أن جدها ما زال يفكر في الأمر وبالتالي عليها ألا تقلق، ولن يبلغها بالتأكيد حديث أبيها عن إنتواءه لخطبتها من قاسم.

أما بحجرة زيدان، كانت تجاوره تختهما وهي تبكي وتنتحب وأردفت قائلة بمرارة: أني مجدراش أفهم لحد دالوك كيف طاوعك جلبك تكسر فرحة بتك وتوافج أبوك على حديته ده،
وأكملت بصياح وعدم تقبل للوضع: كيف يعني مستجبل بتي وتحديد مصيرها يتحط في يد قاسم
تنهد بألم متحدث إليها ليهدئ من روعها: متسبجيش الاحداث وتجدري البلا جبل وجوعه يا ورد، قاسم راچل صح ومحترم وعجله واعي وأكيد هيوافج إن صفا تجدم في كلية الطب.

أجابته سريع بتيقن: ده لو كان الجرار جراره ومن راسه يا زيدان،
وأكملت بتساؤل حزين: فكرك يعني قدري وفايقة هيسبوة يوافج بالسهولة دي ويخلوني أفرح ببتي؟
أخذ نفس عميق وأخرجه لتيقنه من صحة حديثها،
ثم تحدث بقوة وتمرد ظهر بعيناه: لو اللي بتجولي علية دي حوصل وجتها أني اللي هجف في وش المدفع وهحمي بتي بكل جوتي،
وأكمل بنبرة حزينة: حتى لو كانت دي هتبجا الناهية بيني وبين أبوي،.

نظر بعيناها وأخبرها مؤكدا: عاوزك تتوكدي إن عمر مهخلي بتي تتكسر وأبوها لساته عايش على وش الدنيي
ثم نظر أمامه وأكمل بنبرة بها جبروت مدفون: ما عاش ولا كان اللي يذلك ويكسر فرحتك يا بت زيدان
ثم إلتفت لتلك المنتحبة وسحبها وأدخلها لداخل أحضانه بحنان
وأردف قائلا بهدوء: إطمني وإهدي يا حبيبتي وحاولي تنامي لك إشوي لجل مترتاحي، عيونك دبلت من كتر البكا.

لم تنطق بحرف بل ظلت تبكي ويواسيها هو حتى غفت بين أحضانه ودثرها داخل الغطاء بإحكام وغفي بجانبها بعد تفكير دام لساعات، وذلك جراء حزنه الشديد على ما حدث لإبنته وشعوره بالضعف المهين أمام صغيرته وهو يقف مكتف الأيدي أمام ضياع مستقبلها وقبوله لأوامر والده بكل رضوخ وخنوع،.

ولكن كفا، لم يسمح لحالة بالرضوخ ولا بالإستسلام بعد، هو فقط سينتظر إجابة قاسم على جده، وإن لم تكن بالإجابة المنصفة والعادلة لصغيرته، قسما سيحرق الأخضر واليابس لأجل عيناي تلك الصفا.

بنفس التوقيت
دلفت مريم إلى مسكن عمها قدري بعدما إستقبلتها فايقه، وتحركت مباشرة بإتجاة غرفة ليلي المتواجدة داخل مسكن والدها، حيث أن كل رجل منهما يحتضن إبنته داخل مسكنه الخاص للتأكد من حمايتها، أما الشباب فلكل منهم غرفته المستقلة بالطابق الثالث عدا قاسم التي تتواجد غرفته والمسكن المخصص له بعد الزواج بالطابق الثاني.

دلفت مريم إلى غرفة ليلي وجدتها تجلس فوق تختها، ممسكة بقنينة طلاء الأظافر وتضع منه فوق أظافر قدميها وهي تتمايل وتتراقص بجسدها بتناغم وتماشي مع عزف الموسيقي التي تستمعها من جهاز سماع الموسيقي الموضوع بجانبها
جلست مريم بجوارها بوجه عابس وتحدثت بنبرة يكسوها الحزن: رايجة جوي وعتترجصي وعتحطي مانوكير كمان.

ضحكت بتشفي وأجابتها بنبرة حقودة وهي ترفع حاجبها: ومروجش وأرجص ليه، واللي كان نفسي فيه حصل، و بت ورد شوكتها إتكسرت، و وجعت على جدور رجبتها وإتزلت بعد ماكانت عيشا لنا في دور الدكتورة وشايفه حالها علينا هي وأمها من دالوك
تنهدت مريم بضيق وتحدثت بنبرة مهمومة: أني خايفه جوي يا ليلي، ممطمناش لحديت چدي اللي جاله إنهاردة،
واكملت بتساؤل قلق: إشمعنا يعني إختار لها تدخل الكلية اللي إتخرچ منيها قاسم بالذات.

ضحكت ليلي وأجابتها بنبرة ساخرة: معرفاش صح ولا مجدراش تنطجيها يا مريم، دي حاچة باينة كيف عين الشمش، چدي جرر يچوز صفا لقاسم
إرتعب داخل مريم وإكفهرت ملامحها في حين تحدثت ليلي قائلة بإطمئنان: بس أني معيزاكيش تجلجي، بت ورد مهياش في دماغ أخوي قاسم من الاساس
ولا أنت كمان، وأطلقت ضحكه ساخرة إستفزت بها مريم
أردفت مريم قائلة بتمني: بس أني حاسة إن چدي غرضة من إكدة حاچة تانية.

ضيقت ليلي بين حاجبيها وتساءلت مستفسرة: وتطلع إية الحاچة التانية دي يا أم العريف؟
أخذت نفس عميق وزفرته وأردفت قائلة بهدوء: كلياتنا خابرين زين كيف چدي بيحب قاسم وبيعتبرة كيف ولدة مش بس حفيدة اللكبير،
وأكملت وهي تضع سبابتها على مقدمة رأسها بتفكر: چدي معايزش حد منينا يعلي على مجام قاسم، ولجل إكدة بالخصوص هو مرضاش إن صفا تبجا دكتورة وأعلا من حفيدة البكري.

وأكملت بإرتياح وإطمئنان لا تدري من أين مصدرهما: وزي ما كلنا خابرين العادات إهني زين، الحفيد الأكبر بيتچوز الحفيدة الأكبر سنا،
وأكملت بإبتسامة هائمة إرتسمت على محياها وهي تشير على حالها بسعادة: واللي هي أني يا ليلي، مش صفا كيف ما جولتي
نظرت لها ليلي وبلحظة دب الرعب داخل صدرها، إنتفض قلبها وإكفهرت ملامح وجهها بعبوس وتحدثت بنبرة مرتعبة: دي تبجا وجعة مربربة لو چدك طلع بيفكر إكدة صح.

إبتسمت مريم وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: وجتها الإحتمال الأكبر إن صفا هتكون من نصيب يزن أخوي، إكمنها يعني وحيدة وچدك مهيطلعش مال عمك زيدان برات البيت
وما أن دلت بدلوها بتلك الكلمات حتى تحول وجه تلك الليلي للغضب التام
وتحدثت بفحيح وشر: الله في سماه لو چدك عمل إكدة، لولع لهم في بت ورد وهي لابسة فستان فرحها، وبدل ما تبجا ليلة دخلتها هخليها لهم ليلة خرچيتها.

ظهر اليوم التالي
وبالتحديد داخل غرفة الحاج عتمان
كان يجلس فوق تخته يفكر بشرود، قاطع شروده دلوف رسميه إليه وجلوسها بجانبه وبعد مده تحدث هو إليها: بجولك أيه يا رسميه، أني كت بفكر في موضوع إكدة شاغل بالي بجا له فترة ووصلت فيه لحل زين، بس محتاچ لك وياي لجل ما يتم
ردت عليه بلهفه وطاعة: عيني يا حاج، أؤمرني يا أخوي
إبتسم لها وأردف قائلا بحنو: تسلم عينك يا بت الأصول،.

وأكمل وهو مطأطأ الرأس بنبرة حزينة: أني مهخبيش عليكي يا رسمية، أني بجا لي فترة ضميري بيأنبني لجل اللي عملته في زيدان زمان، كيف جدرت أحرمة من مالي وأحرم خيري عليه هو وبته ومرته؟
وأكمل بنبرة متألمه وعيون منكسرة: كيف سمحت لحالي أجعد أكل على السفرة ولامم عيالي وأحفادي حوالي وأعزهم وأغلاهم مجاعدش چاري؟
كيف حرمت صفا من إحساسها بالدفا وسط أهلها وناسها، كيف جدرت أحرمها من إنها تحس بعزوتها وتفتخر بيهم؟

تأثرت رسمية بحديثه حتى أن دموعها العزيزة الأبية إنفرطت وزرفت رغم عنها
وتحدثت لترفع عنه كاهل حزنه: هون على حالك يا واد عمي، اللي حصل حصل والعند والشيطان دخلوا بيناتنا وفرجونا عن ولدنا
تنهد مهموم ثم أخذ نفس عميق وزفره وتحدث بنبرة جادة: لجل إكده أني فكرت ولجيت حل زين يعدل الميزان، وفي الوجت ذاته ميجللش من كرامتي ويهز كلمتي اللي جولتها جبل سابق
تساءلت بترقب: حل إية دي يا حاچ؟

نظر لها بتمعن قائلا: أني عاوزك تكتبي العشرين فدان اللي ورثتيهم عن عمي الله يرحمه لصفا، وأنا هكتب لك غيرهم من أرضي من غير ما حد يدري، وبكده أبجا رضيت ربنا وسكت ضميري اللي مهيريحنيش واصل، وأديت لزيدان حجه في ورثتي من غير ما أرجع في تهديدي ليه،
وأكمل: وأني هبجا أحط لصفا جرشين بإسمها في البنك لجل ما اضمن لها مستجبل زين وأكون وفيت بديني في حج زيدان للاخر.

نظر إليها مترقب قرارها فهتفت رسمية بإستحسان: عين العجل يا واد عمي، كلامك زين
إطمئن بموافقتها وهز لها رأسه وهتف قائلا: ناوليني التلفون ده لجل ما أتصل بقاسم وأخليه ياجي بكرة عشان أخبره بموضوع چوازه من صفا وأخد رأيه في الكليه اللي هي ريداها
اطاعته وأخذ هاتفه وتحدث إلى قاسم وطلب منه الحضور في الصباح الباكر، وكالعادة أطاعه قاسم بإحترام.

في الصباح الباكر
توجهت صفا إلى الخارج بعدما قررت عدم الإستسلام والرضوخ للأمر المفروض عليها، ذهبت متجهه إلى إمام المسجد المجاور لمنزل والدها كي تشتكي له همها بحكمه صديق مقرب لجدها ويحترمه عتمان كثيرا ويقدرة،
طلبت العون منه والتدخل والذهاب إلى جدها لمحاولة إقناعة كي يسمح لها بالإلتحاق بكلية الطب وتحقيق حلمها بأن تصبح طبيبة وتداوي جراح المرضي وتسكن ألامهم بفضل الله،.

وبالفعل إنساق الشيخ إلى رغبتها وذهب على الفور إلى منزل جدها للتحدث إليه
تحدث الحاج عتمان إلى الشيخ حسان بنبرة صوت موقرة لهذا الشيخ الجليل وذلك بعدما إستمع منه لطلبه: خطوتك تعز على يا شيخ حسان، وعشان إكده أني هجول لك على اللي في دماغي ومش هدارية عليك،.

وأكمل بنبرة محملة بالهموم: إنت خابر زين إن صفا وحيدة ومهيبجا لهاش ضهر يحميها بعد أبوها، وأني بعد ما فكرت زين لجيت إن قاسم واد قدري ولدي هو الوحيد إللي أجدر أئتمنه على صفا وأموت وأني مطمن عليها،
وأكمل مفسرا: وزي ما أنت خابر إن قاسم محامي جد الدنيي، بس بردك صفا لو بجت دكتورة هتبجا أعلي منية، وأنت أدري الناس بعوايدنا إهني، لازمن الراچل منينا يبجا أعلي من مرته في كل حاچه،.

وأكمل مبررا بإبتسامة هادئة: أومال كيف يا سيدنا الشيخ ربنا جال في كتابه العزيز، الرچال چوامون على النساء
تحدث شيخ المسجد بإحترام بعدما أعطي له المجال من الإنتهاء من حديثة: أولا ربنا يبارك في عمرك وف عمر أبوها وتفضلوا سندها بعد ربنا يا حاج عتمان،
وأكمل معترض: ولو إن البنت المتربية صح بتبجا سند لحالها وسواعي لأهلها كمان،.

ثانيا بجا إحنا فاهمين الجوامه اللي ربنا سبحانة وتعالي ذكرها غلط وبنفسروها على مزاچنا،
وأكمل مفسرا بهدوء وأستكانة: ربنا سبحانه وتعالي لما جال في كتابه العزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.

كان يقصد جلالته إن الراچل يسعي لمصلحة الست ويحميها ويجوم على خدمتها في الأمور اللي فيها مصلحة ليها، وأظن يا حاچ عتمان إن مفيش مصلحة أكتر من إن صفا تبجا دكتورة وتخفف عن أهل بلدها ألامهم وأوچاعهم،
وأكمل بذكاء كي يستدعي حماسه: ده أني كمان طامع في كرم أخلاج حضرتك في إنك تبني لها مستشفي في النجع إهني لخدمة أهل بلدك لچل ما تطيب جراحهم وتداويها بيد بتنا صفا،.

نظر له وقد شعر بأهمية ما نطق به وتحدث بإعجاب واستحسان: والله حديتك زين يا شيخ حسان ويستحج التفكير، وأني إن شاء الله هكلم قاسم وأشوف رأيه أيه وربنا يعمل اللي فيه الصالح للچميع
هم الشيخ حسان بالوقوف وهو يتحدث بإنسحاب: إن شاء الله يا حاچ، أستأذن أني
وقف عتمان وأردف قائلا بإستماته: والله ما يحصل ولا يكون جبل ما تتغدا وياي، ده أني دابح خروف وجدي عشان مچية قاسم من مصر ولازمن حضرتك تشرفني وتتغدي وياي.

وبعد جدال طال إستسلم الشيخ الجليل وأنساق لرغبة عتمان وأنتظر يتسامران لحين وجوب وجبة الغداء.

روايه قلبي بنارها مغرم
أما داخل منزل زيدان
دلف يزن بعد الإستئذان وجد والدته تجلس بجانب زوجة عمه وتربت على كتفها في محاولة منها لتهدأتها مما أصابها من خيبة أمل وصدمة جراء ما حدث بالأمس
تحدث يزن لزوجة عمه لإهتمام: صفا وينها يا مرت عمي
أجابته بدموعها: حابسة حالها في أوضتها من وجت اللي حصل، دمعتها مفارجتش خدها ومداجتش للزاد طعم من عشية.

غلي الدم بعروقه وشعر بغصة مريرة إقتحمت صدره جراء ما حدث لصغيرته، شعر بحاجته الملحة في أن يصعد إليها ويحتضنها والأن كي يضمد جراح قلبها النازف،
لو كان الامر بيده لشق صدره لنصفين وأدخلها بين ضلوعه كي يخبأها عن عيون البشر والعالم بأسره
حدث حاله بتألم وهو ينظر للأعلي بمرارة،.

اه واه عليك صغيرتي، لو كان الامر بيدي لأختطفتك من ذاك العالم الذي لا يمت لأرواحنا السابحة بصلة ولا يشبهها، وفررت بك حيث الخلود، لنحيي حياة تليق بقلوبنا وأرواحنا الحالمة، ما أصعب ان يشعر المرء بالعجز والإنكسار أمام إمرأته، اه عليك واه على غاليتي.

إنتابه شعور سئ وتملك منه الغضب، تحدث بنبرة غاضبة حادة: أني هروح أتحدت ويا چدي وهجوله إن اللي بيعملة فينا دي حرام وأكبر ظلم كمان، وإنه بإكدة بيخنجنا وبيجتل أرواحنا وبيدمرها، وإننا خلاص مهنسكتوش على الظلم والإفتري دي أكتر من إكدة.

إلتفت ناحية الباب وكاد ان يتحرك إلى الخارج، إنتفضت نجاة من جلستها وجرت عليه وأمسكته من ذراعة وتحدثت بتوسل: رايح فين يا يزن، إعجل يا ولدي بدل ما يغضب عليك ويخرچك من الدار كلاتها، وساعتها مهتلاجيش مكان يلمك يا حزين
نفض ذراعه من يد والدته وتحدث بروعنة شباب: سبيني يا أما أروح له و أواچهه بحجيجته المرة وأعريه جدام روحه.

وقفت ورد وتحركت إلى يزن سريع وهي تجفف قطرات دمعاتها وتحدثت إلية: إسمع حديت أمك يا يزن وإستهدي بالله يا ولدي، إصبر لحد مانشوف چدك هيجول إية في الإچتماع اللي عاملهولنا عشيا دي
إبتسم بجانب فمه ساخرا وتحدث: فكرك هيغير رأية في موضوع صفا؟
، چدي عتمان دي چبروت ماشي على الارض ومهيتراچعش عن جرارة إلا أما حد منينا يجف في وشه ويفوجه من الغيبوبة اللي حابس حالة وحابسنا وياه فيها دي.

باتت السيدتان تهدأه بكلماتهم وبالكاد إقتنع وهدأ قليلا، ثم ذهب إلى أبية في إحدي الأراضي الزراعية كي يشرف على العمال ويتابع جنيهم للثمار.

في المساء إجتمع جميع أفراد العائلة في بهو منزل الحاج عتمان بناء على رغبته وذلك ليستمعوا إلى قراراته المهمه التي أتخدها بشأن أحفاده الغوالي
كانت رسميه تجلس وسط زوجات أولادها وجميع أحفادها إلا من صفا ووالدتها التي بعثت لهما حسن لتخبرهم أنه وجب عليهم الحضور وذلك حسب أوامر عتمان.

أما الحاج عتمان فكان بداخل حجرته الخاصه بصحبة أبناءه الثلاث حيث كان يخبرهم بما إتخذه من قرارات بشأن أحفاده كتحصيل حاصل ليس إلا،
فهكذا هو عتمان النعماني وهذة هي شخصيته المتجبرة
دلفت صفا بجانب والدتها مطأطأت الرأس حزينة لما أوت إليه من إنهيار حلمها الذي تبخر بين ليلة وضحاها بعدما كان أقرب إليها من حبل الوريد.

نظرت ورد إلى وجوة الحاضرين المترقبه والقلق والتوتر يسيطران على ملامحهم جميع، إلا من تلك الجالسه براحة وأبتسامة نصر تظهر فوق ملامحها، إنها فايقه لا غيرها
ألقت ورد التحيه على الحضور فردها الجميع
إنتفض يزن من جلسته واقف وتحدث إلى تلك التي إنتفخ وجهها من كثرة بكائها المتواصل: كيفك يا صفا؟
لم تستطع رفع وجهها إلية وأكتفت بهز رأسها وهي تنظر أرض بإنكسار وردت بنبرة خافتة: الحمدلله.

إحترق داخل ليلي من ذاك الإهتمام وتلك اللهفة التي رأتها بداخل أعين حبيبها بل ومتيم روحها والذي تعتبره ملكية خاصة،
تمالكت من حالها لأبعد الحدود كي لا تطع أفكارها الشاذة التي تطالبها بإلحاح بالوقوف على الفور والتحرك لتلك المشعوذة وجلبها من شعر رأسها والبطح بها أرض كي تبرحها ضرب وتشفي منها غليلها.

تحدثت رسميه إلى ورد بإحترام ولكن من الداخل مازالت تكن لها غضب وكره لظنها طيلة الوقت أنها هي من حرمتها من أن تسر بصرها وتسعد قلبها بذكر لزيدانها الغالي قبل أن تواراي الثري وتذهب عن هذا العالم ويفني جسدها،
وكان ذلك بفضل وشي تلك الأفعي المسماه بفايقة لها، والتي توشي لها طيلة الوقت بأحاديث كاذبة كي تزيد من كره رسمية ل ورد وتجعلها تحقد عليها أكثر
تحدثت إليها رسميه قائله بنبرة إحترام: إجعدي يا ورد.

وأكملت وهي تفتح ذراعيها على مصرعيهما لإستقبال غاليتها وتحدثت مبتسمه: تعالي في حضن چدتك يا بت الغالي
تحركت إلى جدتها بساقان بطيئتان وما أن جلست بجانبها حتى سحبتها رسميه لداخل أحضانها وربتت على ظهرها بحنان
مما أشعل غضب ليلي ومريم وهما تنظران لها بإحتقان وغيرة.

خرجت من بين أحضان جدتها ونظرت إلى رسمية وتحدثت بنبرة توسلية: لو أني غالية عنديكي صح كيف ما بتجولي تكلمي چدي وتقنعيه يتراچع عن جرارة ويخليني أجدم في كلية الطب
أجابتها رسمية وهي تبتسم وتنظر إلى قاسم الجالس بملامح وجه محتقنة بالغضب مكفهرة: موضوع كلية الطب دي مبجتش في يد چدك خلاص، بجت في يد حد تاني.

نظر لها يزين وتملك الرعب من داخله حين فهم مغزي حديث جدته وهي تنظر بعيناها إلى قاسم وتحدث بحده: تجصدي أيه بحديتك ده يا جدتي؟
وليه من الاساس چدي رافض دخول صفا كلية الطب؟
نظرت له فايقة وإجابته بإبتسامة ساخرة لعلمها ما يكنه ذاك اليزن داخل قلبه البرئ لتلك الصفا: إتجل وأصبر على رزجك يا يزن، متبجاش مسروع إكدة.

أما ليلي التي تحدثت إلى صفا بنبرة شامته كي تنتقم منها: يا خسارة تعبك وسهر الليالي اللي راحوا على الفاضي يا صفا، وأبتسمت وأردفت ساخرة: يظهر إن كلية الطب ملهاش نصيب تفتخر وتتشرف بدخولك ليها يا بت عمي
إبتسمت فايقة بشماته أما الجده فرمقت ليلي بنظرة نارية أرعبتها ففضلت الصمت خشية إثارة غضب جدتها أكثر
وحزنت ورد على ما أصاب صغيرتها من خيبة أمل وشماتت أصحاب النفوس الضعيفة بها.

أما قاسم فكان جالسا يغلي داخليا وخصوصا بعد حديث والديه إليه وتهديده بأن يقبل بكل ما يقال من جده وحديث إيناس أيضا الذي يراه غير أخلاقي بالمرة ولكن ما بيده ليفعله، فقد وضعه جده للمضي قدما داخل هذا الطريق بعد أن سلبه عتمان حق الإختيار
خرج عتمان أمام أنجاله فوقف الجميع إحترام وتقديرا له، جلس برأس الجلسه وأشار إليهم بالجلوس.

تحدث بوقار وجبروت لا يليق إلا به: طبعا كلكم خابربن زين إن إنتوا عزوتي اللي طلعت بيها من الدنيي دي وأني بتمني أشوفكم أحسن الناس
هز الجميع رأسه بطاعه وموافقة فأكمل هو: وزي ما أنتوا خابرين زين إن عوايد النعمانيه بتمنع نچوزوا بناتنا بره العيله والعكس، عشان إكده أني جعدت مع أبهاتكم وإتفجنا على اللي أني شايفه صح ومجبول وفي صالحكم كلياتكم.

نظر إلى قاسم وتحدث بإبتسامةهادئة قائلا: نبدأ بحفيدي الكبير العاجل، زينة شباب النعمانيه، وعشان إكده إختارت له أغلي الغوالي على جلبي
ثم حول بصرة إلى صفا الباكية الحزينه وأكمل: صفا الغاليه
وفجأه توقفت عن البكاء وإنتفض داخلها بسعاده وأتسعت عيناها غير مستوعبه ذاك الخبر التي إنتظرته منذ أن أصبحت شابه وفهمت معني العشق، ولكن برغم تلك الفرحه تظل فرحتها ناقصة غير مكتملة.

وأكمل الجد وهو ينظر إلى يزن الذي يكاد يصرخ ويعترض على إنتساب معشوقته لغيرة، ولولا رعبه من جده لو قاطع حديثه لصرخ وأسرع إليها وجذبها إلى صدره بحماية أمام الجميع وليحدث ما يحدث، لكنه تمالك من حاله وفضل أن ينتظره حتى يفرغ ما بجعبته دفعت واحده وبعدها سيعترض
وأكمل عتمان: والباشمهندس يزن زينة الشباب هيچوز ليلي
نظرت له ليلي بسعادة لم تستطع مداراتها.

أما تلك المريم التي نزل خبر خطبة قاسم وصفا على قلبها ومسامعها كصاعقة كهربائية زلزلت كيانها بالكامل فنظر لها جدها وتحدث: وست البنته مريم هتتچوز من فارس
نزلت تلك الجمله لتكمل على ما تبقي من صبرها وتماسكها الهش فبدأت ببكاء مرير إستغربه جميع الحضور،
وجحظت عين فارس وكان أول المعترضين، وذلك لعشقه الجارف لإبنة خالته حين تحدث بنبرة غاضبه: ومين جال لحضرتك إني رايد أتچوج دالوك ولا رايد أتچوز من الاساس يا چدي.

نظر عتمان إليه وتحدث بنبرة ساخرة: هتترهبن إياك يا واد قدري؟
وتلاه يزن الذي تحدث بنبرة معترضه: وأني كمان مموافجش على الطريقه المهينه اللي هتعاملنا بيها دي يا چدي، يعني أيه متاخدش رأينا في الحريم اللي هتعيش ويانا وهنكملوا وياهم باجي حياتنا؟
ثم نظر إلى صفا وتحدث معترض: وليه صفا بالذات تختارها لقاسم، ليه متكونش من.

نظرت له بعيون متسعه وقاطع حديثه عتمان بضيق وهو يدق بعصاه الأرض ناهرا إياه بعنف: ما شاء الله عليك يا أبن منتصر، كبرت يا واد وطلع لك حس وعتعليه على چدك وتراچعه في جراراته
نظر قدري إلى منتصر وتحدث مستغلا الوضع لصالحه كعادته: متشوف ولدك وتوعيه وتعلمه كيف يحترم چده ويوجرة يا منتصر.

تحدث منتصر بتلبك وهو ينظر إلى يزن بنظرات تحذيريه معتزرا لأبيه: يزن ميجصدش يا أبوي، ما عاش ولا كان اللي يراچع حديتك، كلامك وجراراتك سيف على رجابنا كلياتنا
زفر عتمان بغضب ثم نظر إلى قاسم وتحدث بحده: وإنت يا قاسم، مهتعترضش إنت كمان على حديت چدك الخرفان؟

نظر قاسم لأبيه فرمقه قدري بنظرات تحذيريه فحول قاسم بصرة مرة أخري إلى جده وأجابه بنبرة صوت حاده وملامح جامده خاليه من أية تعبير يدل عن ما بداخله: العفو يا چدي، أني موافج على كل اللي حضرتك تؤمر بيه
طار قلب تلك العاشقة وحلق بالسماء
حين إبتسم الجد وتحدث بتفاخر: عفارم عليك يا قاسم، عمرك مخيبت ظني بيك
تفاخر قدري ورفع قامته لأعلي وتحدث لإرضاء والده: اومال يا حاچ، قاسم دي راچل صح، رباية يد الحاچ عتمان بصحيح.

تنهد زيدان مهموم وتحدث إلى أبيه متساءلا بجدية: وموضوع چامعة صفا يا أبوي؟
نظر الجد إلى قاسم وتحدث بإبتسامة: موضوع كلية صفا أصبح في يد قاسم، جولت أيه يا قاسم؟
تنفس عاليا وبدا على وجهه علامات الضيق ثم حول بصرة إلى تلك الحابسه أنفاسها تترقب جوابه وتحدث بهدوء: جدمي في الكلية اللي إنت رايداها يا صفا، أني عمري ما هجف عجبه في طريق تحجيج أحلامك.

إتسعت عيناها بذهول وأردفت متسائلة بنبرة سعيدة غير مستوعبة: صح موافج يا قاسم؟
لا يدري لما شعر بالخجل من حاله لإقبالة على المشاركة في خداع تلك الملاك البريئ، ولكن ما بيده، ألا لعنة الله على الظالمين،
فابتسم بمرارة وأجابها: صح موافج يا صفا
إبسمت ورد ونظرت بعيون سعيده إلى زيدان الذي تخطت سعادته بذاك الوقت عنان السماء والجد والجده لم يكن حالهما بأقل منهما سعادة.

أما تلك الفايقه التي إنتفضت بجلستها كمن لدغها عقرب وهي تنظر إلى قاسم بنظرات ذات معني ومغزي وتطالبه بأن ينفذ ما أمرته به
وأردفت قائلة بنبرة كسي عليها الغل والغضب والتي لم تستطع مداراتهما عن أعين الجميع: موافج كيف يعني يا قاسم، موافج إن مرتك تبجا أعلي منيك في العلام؟
ظهر الضيق على ملامحه من حديث والدته المصره على أن تهدم لصفا أحلامها لمجرد معاندتها لزوجة عمه وإفساد سعادتها بإبنتها.

تحدث موجه حديثه إلى والدته بحنق وبرود: يا أما الدني إتغيرت ومبجاش حد بيبص على الطب والهندسه على إنهم أعلي من باجي الكليات لمجرد إنهم بيجبلوا من مجموع أعلي، وبعدين الطب مهنه سامية وده حلم صفا من زمان،
وأكمل صادق: يبجا ليه أخنج حلمها وأضيعه لمجرد فرد السيطرة والهيمنه الذكورية الكدابه.

نظر عتمان إليه بإعجاب وتحدث معظم إياه: طلعت راچل صح يا قاسم وأثبت لي إن إختياري ليك في إنك تبجا سند وظهر لبت عمك كان في محلة صح
وصدق زيدان على حديث والده: عندك حج يا أبوي، تسلم وتعيش يا قاسم
وأكملت ورد على حديثهما بتأكيد قائلة بنظرات يغلفهما الشكر والعرفان: ربنا يبارك فيك ويحميك لشبابك يا ولدي.

نظرت الجده بسعاده إلى صفا التي لم تعد معهم إلا بجسدها فقط، أما روحها فقد سرحت في السماء هائمة من شدة سعادتها فقد تلقت للتو خبر تحقيق أسعد حلمان كان يراوداها في صحوها قبل منامها
وتحدثت الجده مهنئة غاليتها ومدللتها: مبروك يا نور عين چدتك، مبروك يا دكتورة
وقعت الكلمه على قلبها فزادت من شدة سعادته التي إرتفعت ووصلت إلى عنان السماء وأجابتها بفرحه: الله يبارك في عمرك ويخليكي ليا يا جدتي.

إبتسم داخله لسعادة الجميع التي رأها بعيونهم وخصوصا صفا، وقد خففت سعادتها تلك من شعورة المميت بالذنب تجاهها
أما تلك الفايقه التي أشرفت على إصابتها بذبحه صدريه عندما إستمعت إلى لقب، دكتورة،
نظرت لذاك القدري بنظرات تحذيريه كي يتدخل ويمنع تلك المهزله، فتحمحم قدري بعدما قرر التدخل كي يرحم حاله من الدخول داخل جولة نكدية مؤكدة لا محال من تلك الغاضبه ذات الطابع القوي المتجبر.

وأردف قائلا لقاسم وهو يغمره بنظرات ذات معني ليحسه على التراجع الفوري: كلام أيه اللي عتجوله ده يا قاسم، كيف يعني تجبل إن مرتك تبجا دكتور وتشتغل في المستشفيات وتتحرك بين الرچال وتنهشها عيون اللي يسوي واللي ما يسواش؟!
لو إنت جابلها على حالك أني مجبلهاش على مرت ولدي، جملة قويه تفوة بها قدري مهددا بها ولده.

تراخت عضلات جسد فايقه بجلستها بعد حديث قدري القوي الذي نزل على صدرها وأثلجه ونظرت إلى قاسم تترقب جوابه
وليس فايقه وحدها هي من ترقبت جوابه، بل الجميع أصابه صمت تام ينتظر إجابت قاسم بلا أو نعم
أما صفا التي إرتعبت وأهتز داخلها وبدأ الرعب يتسلل لقلبها البرئ وهي تنظر إلى قاسم بنظرات مترجية متوسله زلزلت داخله
#?MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#.

كانت نظرات الجميع مسلطة فوق ذاك القاسم لإنتظار نطق كلماته الأخيرة في تحديد مستقبل تلك المسكينه
تنهد قاسم ونظر إلى صفا ووجه حديثه إليها بقوة بنبرة جادة: أول ما يفتح موجع التنسيج جدمي فية، وچهزي ورق التجديم واني بنفسي اللي هجدم لك في الچامعة يا دكتوره.

أطلقت تنهيده حاره بعد كتم أنفاسها الذي دام الكثير وهي تنتظر تحديد مستقبلها، وكأنها تقف خلف القضبان وتنتظر نطق الحكم عليها، وذلك بفضل تلك العادات العقيمه البالية التي عفا عنها الزمن وبرغم ذلك ما زال للأن من يلتزم بها ويطبقها بحياته بكل حزافيرها،.

وخصوصا أصحاب النفوذ والمال خشية على خروج أموالهم الطائلة التي جمعوها على مدار سنوات نتيجة الشقاء والتعب، فلذلك يصعب الأمر عليهم أن يفرطوا بها ويسلموها لاشخاص غريبة بكل تلك السهولة
هكذا هو تفكيرهم البالي
إنتفضت فايقه بجلستها وتحدثت بنبرة صوت غاضبة: حديت أيه اللي عتجولة ده يا قاسم؟

نظرت لها ورد وكادت أن تتحدث بإعتراض لولا حديث عتمان الحازم الذي أخرص الجميع وأعلم كل شخص حدوده التي يجب ألا يتخطاها: كنك إتچنيتي ونسيتي حالك يا مرة، عتعترضي كمان على حديت الرچالة إياك؟!
إرتعب جسد فايقة وأخذ بالإنتفاض من صوت عتمان الجهوري الغاضب وابتلعت كل ما في جوفها من حديث جراء نظرته الثاقبة فوقها.

ثم أكمل بنبرة صارمة مخيفة: طب أيه رأيك بجا إني كنت مجرر دخول صفا للطب، وسألت قاسم بس لجل معرف رأيه، وحتى لو رفض كت بردك هدخلها وهتبجي دكتورة غصبن عن الكل
ثم نظر إلى صفا وتحدث إليها بنبرة حنون: فكرك كت هتخلي عنيكي بعد مارفعتي راسي وشرفتيني وغلبتي ولاد المحافظة كلياتها، ميتا كت إتخليت عنيك أني يابت زيدان؟

إتسعت عيناها بإستغراب لحديث جدها وأبتسمت له بسعاده حين أكمل هو: مش بس إكده يا صفا، ده أني نويت بأمر الله أبني لك مستشفي إهني في النچع وأچهزها لك بكل اللي تحتاجيه من أجهزة، وهبدأ فيها من السبوع الچاي وإن شاء الله على ماتخلصي كليتك تكون چهزت
ثم حول بصره إلى قاسم وتحدث بثناء مستحسن قراره: عمرك مخيبت ظني فيك يا قاسم.

إبتسم لجده بجانب فمه ونظر مهموم إلى صفا وفرحتها العارمة، وأحتقر حاله لأجل خداعه الغير نبيل لتلك البريئة
وإشتعل داخل فايقه وزادت نار حقدها على ورد وزيدان اللذان لم تسعهما الفرحه حين إستمعا لحديث عتمان
أما صفا التي نظرت إلى جدها بإندهاش وجرت عليه وجثت فوق ركبتيها وهي تميل برأسها وتقبل كفي يداه بسعاده وتحدثت: ربنا يديمك فوج راسي ويخليك ليا يا جدي.

ربت على ظهرها بحنان وأردف قائلا بملامه مصطنعه ودعابه جديده عليه إستغربها الجميع: رايحه تشتكيني للشيخ حسان يابت زيدان؟
خجلت وأنزلت بصرها أرض وتحدثت بنبرة هادئة: ينجطع لساني لو فكرت إني أشتكيك في يوم لحد يا جدي، أني بس كت محبطه و روحت له وأني عشمي في وجه الله كبير إنك تسمع منيه، وده لاني عارفه إن مقدارة عنديك كبير وبتجدرة.

إبتسم لها وأردف قائلا وهو يربت على ظهرها بحنان قائلا: يا زين ما أختارتي يا دكتورة
وقفت مريم بعدما طفح بها الكيل، وتحدثت إلى جدها بجرأة لم تعهد عليها من ذي قبل: خلاص إكده يا چدي، فرحت الست صفا وإطمنت عليها زين؟

إختارتها لقاسم اللي إنت متوكد إنها موافجه عليه ومرحبة، وكمان دخلتها الكلية اللي هي عيزاها وهتبني لها مستشفي بحالها، إكده يبجا كله تمام، وأكملت وهي تنظر إلى جدها وجدتها بنظرات ملامه: ما هي أهم حاجة عنديك إنت وجدتي راحة الاستاذة صفا ودلالها، وإن شالله يولعوا البجية
ومش مهم عاد الباجي إذا كان إختيارك ليهم عاجبهم ولا حارج جلوبهم، مين إحنا لجل ما تفكر في راحتنا ويشغلك رضانا!

تحدث إليها منتصر بلهجة شديده: إخرصي يبت، والله عال، مين ميتا وإنت عتتكلمي جدام جدك بقلة الحيا دي؟
شدت حياه إبنتها من يدها وأجلستها بجوارها وتحدثت بنبرة مرتعبه: إجعدي يا مخبلة، كنك ناويه على موتك إنهاردة
وقف يزن هو الأخر وأردف قائلا بنبرة معترضه: تخرص ليه يا أبوي، عشان بتجول الحجيجة وتطالب بأجل حجوجها كبني أدمة، طب أيه رأيك إن أني كمان مموافجش على چوازي من ليلي.

نزلت كلماته تلك على قلب ليلي أحرقته وبدون مقدمات نزلت دموعها بألم كاد يمزق صدرها الأسود
كلام أيه اللي هتجوله ده يا باشمهندس، جملة تفوة بها الجد مستغرب حديث يزن
وقف فارس متشجعا من موقف مريم ويزن وأردف قائلا بشجاعه وأعتراض: أني كمان مش موافج على جوازي من مريم يا چدي، أني بحب بت خالتي ورايدها وچدتي عارفه إكده زين.

تحدث الجد بنبرة جدية محاولا إمتصاص غضب أحفادة وإرغامهم على تقبل الواقع بصدر رحب: بت عمك أولي بك يا ولدي، بكرة هتشكرني على إختياري وتجولي كان عنديك حج يا چدي، وأدي أبوك وعمك قدري جدامك أكبر دليل على حديتي دي
أجابه يزن بندية: وليه مذكرتش حكاية عمي زيدان، مهو إعترض ورفض جوانين العيله وأهو جدامك أهو، بيحب مرته وبيعشجها ومبسوط مع عيلته وعايش أحسن عيشه، مش مچرد حياة روتينية زي اللي عايشينها أبوي وعمي!

إستشاطت فايقة من ذكر يزن لسعادة ورد وزيدان التي تجعل نارها تشتعل،
فأرادت ان تحرق روحيهما وأجابته فايقه بنبرة ساخره: عيلته؟
هي وينها عيلته دي يا يزن، طب ده حالة عمك زيدان وعجاب ربنا ليه لازمن يكون درس ليكم وعبرة عشان تسمعوا كلام أهاليكم وتعرفوا إن اللي هيعارض أهله هيكون مصيرة زي عمكم زيدان.

نزلت تلك الكلمات على قلب ورد أحرقته، أما زيدان الذي إنتفض بجلسته وهب بها هادرا: وياتري أيه هو بجا عجابي يا ست فايقه اللي حضرتك شيفاه ده؟
أجابته بنبرة خبيثة: هو أني بس اللي شيفاه يا واد عمي، ده العيلة كلاتها بتتحدت وبتجول إن ربنا عاجبك وحرمك من خلفة الواد عشان عصيت أمك ومسمعتش كلامها وكسرت جلب خيتي الغلبانة بدور
نظرت لها رسمية بنظرات حارقة تحثها على الصمت ولكن فايقه لم تهتم بتلك النظرات التحذيريه.

أجابها زيدان بفخر وأعتزاز وهو ينظر لتلك الجالسة بحنان: لو عجاب ربنا كله بالشكل ده يبجا ياريت حياتي كلياتها تبجا عجاب
وأكمل بعيون محبه وهو يتبادل النظر بين أبناء شقيقاه بفخر وأعتزاز ونبرة صادقة: وبعدين مين اللي جال لك إن ربنا مرزجنيش بالواد، ده أني عندي بدل الراچل اللهم بارك أربعة
تحدث قدري بتشفي وحقد ظهر بنبرة صوته: بس مش من ضهرك وصلبك يا واد أبوك
نزلت الجملة على قلب زيدان و ورد أحرقته.

قدري، إحفظ لسانك اللي عم ينجط سم على أخوك إنت ومرتك ده، معيزش أسمع صوتك إنت وهي لحد الجعدة دي متخلص، جملة شديدة اللهجة تفوة بها الحاج عتمان بنبره غاضبه وعيون محذرة تطلق شزرا
كاد قدري أن يتحدث فأخرصه حديث عتمان قائلا: جولت معايزش أسمع صوت حد فيكم، ويلا الجميع على مكانه
تحدث قاسم إلى جده قائلا بهدوء: بعد إذنك يا چدي أني عندي طلب.

توقف الجميع عن الحركة ونظروا إلى قاسم بترقب لحديثه فأذن له جده فتحدث قاسم: مفيش چواز هيتم غير لما صفا تخلص چامعتها، معايزش أشغلها عن مستجبلها، كلية الطب تجيله ومحتاچه مذاكرة كتير والچواز أكيد هيشغلها ويشتت تركيزها
هتف والده بإعتراض فهو ينتظر ذاك الزواج بفارغ الصبر ويتمني حدوثه البارحة قبل اليوم حتى يطمئن على إستيلاء صغيره ووضع يده على ثروة زيدان التي تضخمت مؤخرا بشكل مبالغ فيه مما أثار جنونه.

قدري بإعتراض: إنت واعي للي عتجوله ده يا قاسم، على حد علمي إن الطب دي خمس سنين
قاطعه قاسم بنبرة باردة وتصحيح: سبعه يا أبوي، الطب البشري اللي صفا ناوية تدخله دراسته سبع سنين
دبت فايقة بيدها فوق صدرها بذهول وتحدثت: يا مصيبتي، إنت عاوز تموت عيالك في ضهرك يا واد قدري، ده أنت عنديك خمسة وعشرين سنه وحط عليهم سبعه يبجا إتنين وتلاتين، هتخلف وتربي عيالك ميتا يا حزين؟

وبعد معارضة وجدال طال بين الجد والجده وقدري وفايقه مع قاسم، رضخ الجميع لرأي قاسم بعد تصميمة وموافقة صفا على رأيه، وبعد مناوشات قرر الجد زواج مريم وليلي ويزن وفارس بعد خمسة سنوات أي قبل زواج قاسم وصفا بعامان وذلك بعدما فشل بإقناع حفيده الأكبر بإتمام زواجه معهما.

وأنفض الاجتماع بعدما حقق أمال البعض وجعلهم يحلقون في السماء من فرط سعادتهم، مثل صفا وليلي وقدري وفايقة، أما البقيه فقد تحطمت أحلامهم أمام جبروت ذاك العتمان المستبد.

بعد مرور مده قصيرة من الوقت كان قدري يجتمع بقاسم وفارس داخل حجرته الخاصة وتجاوره تلك الغاضبه التي تحدثت بنبرة حادة ملامة إلى قاسم: هو ده بردك اللي إتفجنا عليه يا قاسم؟
أني مش جولت لك متوافجش على دخول بت ورد للطب مهما حصل، إكده تفرح ورد وتشمتها فيا يا أبن بطني.

كان يستمع لها بعيون مستغربه بشدة من حالة الغضب المسيطرة عليها وتحدث بعناد: وأني جولت لك قبل سابج تخرجيني من شغل الحريم بتاعك إنت ومرت عمي دي يا أما، لاني عمري ما كت هكسر بخاطر صفا، وكفاية جوي إني سمعت كلامكم و وافجت جدي على جراراته اللي لا يجبلها عجل ولا منطق ولا حتى ترضي ربنا، لجل بس ما أرضيكم.

وأكمل ليهدئ من روع والدته: وأظن حضرتك سمعتي بودنك كلام چدي لصفا وهو بيجول لها إنه كان مجرر موافجته، يعني موافجتي كانت بالنسبه له ليس إلا تحصيل حاصل
وأكمل فارس بهدوء: كلام قاسم صح يا أما وياريت بجا تريحي حالك وتبطلي حديت في الموضوع ده، وبعدين أني مش فاهم إنت ليه كارهه إن صفا تدخل الطب وتحجج حلمها بالشكل دي.

أجابته بنبرة حقودة: ده لو كان حلمها هي يا خيبان، ده حلم العجربه اللي إسميها ورد عشان تتنطت علينا وتتفشخر ببتها الدكتورة
صاح قدري هادرا إياها بحده بعدما طفح الكيل من حديثها العقيم: ما بكفياكي عاد يا فايقه، مهنخلصوش منيه الموضوع ده ولا أية؟
وأكمل بنبرة غاضبة من بين أسنانه: أني اللي جاهر جلبي هو شرط إبنك المنيل اللي جاله لجده، جال أيه مهنتمموش الچوازة إلا لما السنيورة تخلص كليتها،.

وأكمل بحده: عنها ما خلصت ولا أتشندلت على دماغ اللي چابوها، تجبرني ليه أستني على فرحتي بيك وبچوازك كل السنين دي؟
تنهد قاسم وضل يستمع لتوبيخ والديه بصمت تام وذلك لعدم قدرته البوح لهما بما يدور بعقله وأنه فقط يوهمهما بموافقته الواهيه ولكن بينه وبين حاله ينتوي بألا يتمم تلك الزيجة التي لا تعني له شئ على الإطلاق.

داخل شقة رفعت عبدالدايم والد إيناس
كانت تخبرهم بما قررت هي وقاسم فتحدث والدها بحده: إنت إتجننتي يا إيناس، عاوزة تقعدي سبع سنين تستني المحروس لحد ما يتفك سجنه اللي بناه بنفسة مع بنت عمه، بقي بالذمه ده كلام ناس عاقلين؟
أجابته كوثر بنبرة طامعه: ده هو ده العقل بعينه يا رفعت، إنت عارف نصيب قاسم من ثروة جده قد أيه؟

أردف الاب قائلا بنبرة قلقة: وإنت كنت ضمنتي إن جده هيوافق إنه يسيب حفيدته كده بسهوله بعد ما يركنها جنبه سبع سنين بحالهم
أجابته إيناس بنبرة جاده في محاولة منها لإقناعه: أولا يا بابا قاسم هو اللي مستني جنبها مش هي، ثانيا حجة قاسم هتبقا قوية وجده مش هيقدر يجبرة يعيش مع واحده هو شايفها أعلي منه،.

وأكملت بعدم ضمير: ثالثا بقا وده المهم، مش يمكن ربنا يكرمنا وجده يتوفي في السبع سنين دول وقاسم يورث ووقتها ميكونش محكوم من حد ويبقي حر نفسه ونتمم الجوازة من غير أي مشاكل
تحدثت والدتها بتمني: يااااه يا إيناس لو ده يحصل، ده تبقا إتفتحت لنا طاقة القدر
تحدث رفعت بنبرة قلقه ساخطة: يا ناس إفهموني، أنا قلقان على بنتي وده من أبسط حقوقي.

أجابته كوثر بطمأنة: متقلقش يا رفعت وطمن بالك، بنتك طول عمرها شاطرة وحسابتها متخرش المية أبدا
وأكملت وهي تنظر إلى إيناس بتفاخر: وبعدين الولد بيحبها ومبيقدرش يستغني عنها ليوم واحد، وأكيد هيعمل أي حاجة نطلبها منه علشان بس ينول الرضا.

داخل غرفة يزن، كان يجوب داخلها ذهاب وإياب بغل ونار الغيرة تنهش صدرة، فقد تسرب اليوم حلمه العالي من بين يديه وذلك بفضل تحكمات جده
دلفت والدته إليه وتحدثت بتهدئة: وبعدهالك عاد يا يزن، أني مش جولت لك من زمان تشيل موضوع صفا ده من راسك، أني كت خابرة إن چدك حاجزها لقاسم وكام مرة جدتك لمحت بالكلام جدامي لجل ما أواعيك لأنها عارفه إنك عاشجها.

أردف قائلا بنبرة حادة وأعتراض: قاسم مبيحبهاش يا أماي، الله وكيلك ما بيحبها ولا رايدها، قاسم وافج بس لجل ميرضي عمي قدري اللي كلنا خابرين زين إنه طمعان في ثروة عمي زيدان، بس صفا مفرجاش معاه من الأساس، محدش عيحبها ولا هيخاف عليها زيي
تحدثت إلية بدموع ونبرة حنون: يا ولدي إرحم حالك وأنساها وريح بالك وريح جلبي معاك، صفا مش مجسومه لك ولا هي من نصيبك،.

وأكملت كي تهدئ من غضبة: وليلي ست البنته كلياتها، هي بس محتاچة اللي يجرس على ودنها شوي وهتبجا زي الفل، إرضي بنصيبك يا وليدي،
وأكملت بيقين كي تؤثر عليه: وإن شاء الله ربنا هيحليها في عينك ويزرع عشقها في جلبك وبكرة تجول أمي جالت
نظر إليها بتألم ظهر بعيناه وأردف قائلا بوجع: مش بيدي يا أماي، عشج صفا متملك من جلبي وعجلي، مشايفش غيرها جدامي.

هتنساها يا ولدي، كم من عاشج جبلك فات حبيبة ونسي وكمل حياته، الحياة مبتجفش على حد يا ضي عيني
نظر لوالدته بنظرات يملؤها الإنكسار والرضوخ المخجل، فتحركت إليه بتألم لأجل حزنه وسحبته بين أحضانها وربتت على ظهره بحنان كي تخفف عنه حزنه الذي أصابه من ضياع فتاة أحلامه من بين يداه على يد جده المستبد.

وخرجت من حجرته إلى حجرة مريم و واستها مثلما واست شقيقها ونصحتها بأن ترضي بما كتبه الله لها وسيعوضها الله بالتأكيد على صبرها.

أما تلك الصفا التي ذهبت مع والديها إلى منزلهم وسعادة الدنيا تحوم حولها وتستقر داخل قلبها البرئ، وقفت بشرفتها تترقب خروج قاسم كي تكحل عيناها برؤيته البهيه، ولكن للاسف خجلها ولم يخرج أبدا وبرغم هذا لم تترك مكانها على أمل التلاقي.

أما عند زيدان الذي تحدث إلى ورد متبسم بسعادة: أهو أني بعد موجف قاسم إنهارده وموافجته على دخول صفا للكليه وكمان تأجيلة للچواز لحد ما صفا تخلص، أجدر أموت وأني مطمن عليها وعليكي
إرتعبت أوصالها وشهقت برعب مردفه: بعد الشر عليك يا سيد الرچاله، متجولش إكده يا حبيبي، ربنا يطول لنا في عمرك ويبارك فيك وتچوزها وتچوز عيالها كمان
نظر لها بعيون عاشقه وتساءل بعيون هائمة: خايفه عليا يا ورد؟

أجابته بهيام: لو مخفتش عليك يفضل لي مين أخاف عليه يا نبض جلبي
ثم تنهدت بأسي قائله بنبرة تحمل الكثير من الهموم: بس أني معارفاش أني ليه جلجانه إكدة يا زيدان، جلبي ممطمنش لچوازة صفا من قاسم، دايما چواي إحساس بحاول أكدبه إن الچوازة دي هتكون سبب الحزن لبتي مش سبب سعدها وهناها زي ما كلياتكم فاكرين.

أردف زيدان قائلا بنبرة إستيائية: أباااااي عليك وعلى نكدك اللي عتعشجيه زي عنيك، ده بردك كلام تجوليه في يوم زي ده؟
نظرت إليه وبدون سابق إنذار نزلت دموعها دون إستئذان، إشتعل صدره نارا عندما رأي دموعها التي تنزل على قلبه العاشق تكويه وتؤلمه.

إنتفض من جلسته وتحرك لمقعدها وجذبها من يدها لتقف قبالته وأدخلها سريع لداخل أحضانه وتحدث وهو يمسح بيداه فوق ظهرها بحنان ويهدهدها: مالك بس يا ورد، فيكي إية يابت جلبي، ليه البكا عاد في يوم زي ده؟
وأكمل مفسرا: المفروض تبجي أسعد واحده إنهاردة، بتك وعتدخل الكلية اللي طول عمرها عتحلم بيها وچدها هيبني لها مستشفي بحالها، وإتحجزت للراچل اللي عتتمناها وعتعشجة، بالذمة فيه أكتر من إكده فرحة.

خرجت من بين أحضانه تنظر لعيناه بتألم ظاهر للكفيف، وحاوطت وجهه بكفيها برعايه وأردفت قائلة بنبرة حنون مستسلمة: إتچوز يا زيدان، إتچوز لجل ما تچيب الواد وصدجني أني مهزعلش منيك
إتسعت عيناه بذهول وأردف قائلا بنبرة متعجبة: صح مهتزعليش لو خدت واحده غيرك چواة حضني؟
وأكمل بإتهام وتعجب ونظرة حزن عميقة ظهرت بعيناه: للدرجة دي بيعاني يا ورد؟!

هزت رأسها سريع تنفي عنها إتهامه الباطل وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة: للدرچة دي شرياك يا جلب ورد من چوة، للدرچة دي عشجاك وعاشجة رضاك ومصلحتك، لدرچة إني عتحمل وچع جلبي وناري وجهرتي وأني بتخيلك نايم في حضن غيري لجل بس ماتچيب الواد اللي نفسك فيه ومحدش يعايرك تاني ولا يچرحك بكلمة عفشة
أجابها بنبرة حاده مستفهمة: ومين كان جال لك إني نفسي في الواد؟!
ولو صح نفسي فيه هجعد لحد دالوك من غيرة ليه؟

زفر بضيق ليخرج ما أصابة من غضب جراء حديثها، ثم أحاط وجهها بكفي يداه ونظر بحنو داخل عيناها وأكمل حديثه بنبرة حنون: يا ورد أني إكتفيت بحبك إنت وصفا عن الدنيي كلياتها، ليه مجادراش تفهمي إن عشجك غناني وكفاني ومعاوزش غيرك في حياتي!
أمسكت بتلابيب جلبابه بشده وتملك وتساءلت بجدية وحدة: لساتك بتشوفني حلوة يا زيدان، لساتني زينة الصبايا في عنيك الكحيلة يا واد النعماني؟

إبتسم بهدوء وتحدث بنبرة هائمة: وهتفضلي زينة الصبايا في عيوني لأخر يوم في عمري، حتى لو كان عنديكي 1 سنه وشعرك شاب وملامحك جعدت وكرمشت، بردك هشوفك زينة صبايا الكون بحالة
ودقق داخل عيناها وتحدث بهيام قائلا: عارفه ليه يا ورد؟

نظرت له بتمعن وحنان منتظرة تكملة ترياقه لها فأكمل هو: عشان أني حبيت روحك يا ورد، روحي عشجت روحك جبل الزمان بزمان، شفتك بأحلامي جبل مشوفك جدامي يا غالية، أني عشجان لروحك مش چسدك، وده تفرج كتير جوي يا ورد
إبتسمت بسعادة بالغه وتحدثت بتملك وهي تشدد من مسكتها لتلابيب جلبابه: ربنا يخليك ليا يا زيدان، تنك إكدة إعشج فيا على طول، معيزاش عشجك يجل أبدا لجل مموتش من جهرتي يا سيد الرچال.

إبتسم لها وأردف قائلا بدعابه ليخرجها من تلك الحاله: يدك يابت، هتخنجيني بمسكة يدك الجويه دي، أيه، للدرچة دي عتموتي على زيدان وعتعشجيه يا بت الرچايبة؟
إبتسمت وأجابته بشقاوة وهي تشدد من مسكتها لتلابيبه: وأكتر يا ابن النعماني، وأكثر من الدرچة دي بكتير، ولو في يوم فكرت بس تبص لمرة غيري هجتلك بيدي دي وأجتل حالي وياك.

قهقه عاليا برجوله ثم مال بجزعة وحملها بساعديه القويتان وأتجه بها إلى تختها ليضعها علية بقوة وشراسه متحدث بغمزة من عيناه مداعب بها إياها: على العموم كله هيبان دالوك، وعشجك الجوي اللي هتتحدتي عليه لزيدان هيظهر ويبان
إبتسمت له خجلا وغاصا داخل عالمهما الخاص بهما.

بعد مرور يومان
في القاهرة، وبالتحديد داخل منزل رفعت عبدالدايم
تتوسط إيناس جلسة والديها فوق الأريكه، وبالمقعد المقابل يجلس قاسم مرتديا حلته الكاملة التي جعلت منه وسيم للغايه، ويجاوره عدنان الذي تحدث مستفسرا: بس إنت مش شايف إن سبع سنين كتير أوي يا صاحبي، إنتم كده بتضيعوا أحلا سنيين عمركم في الإنتظار
أجابته إيناس بنبرة معترضه: مش كتير ولا حاجه يا عدنان، السنيين بتمر في لمح البصر.

ثم وجهت بصرها إلى قاسم وتحدثت بنعومه دون خجل من والدها أو شقيقها: وبالنسبه لأجمل سنيين عمرنا، فهي لسه جايه، مش كده ولا أية يا قاسم؟

نظر لها بتعجب جراء جرأتها والتي لم تعجبه إطلاق، فهو شأنه كشأن أي رجل شرقي، يحبز دائما المرأة الخجول ويثيره ضعفها، ولكن مع إيناس إختلف الأمر، فلقد عشقها وأنطلق سهم عشقها التي صوبته عمدا نحوه ببراعه فائقة وأخترق قلبه عديم الخبرة الذي لم يعي ويفهم بعد وأنتهي الأمر، أو هكذا هو تخيل وتوهم!

وجة رفعت حديثه إلى قاسم بنبرة توجسية: متأخذنيش يا أبني في اللي هقوله، بس أنا أب ومن حقي أطمن على بنتي وإنت لازم تعذرني في ده
وأكمل بتساؤل: أنا أيه اللي يضمن لي إن بعد ماتقعد بنتي جنبك سبع سنين، جدك يوافق إنك تتمم جوازك منها؟
أردف قاسم قائلا بإحترام: أنا طبعا عازرك في تفكيرك ده يا عمي لإنك متعرفش رجالة النعمانية كويس، أنا كلمتي عقد وسيف على رقبتي، وطالما وعدت يبقا مش هيمنعني من التنفيذ إلا الموت.

إبتسمت كوثر في داخل نفسها وتحدثت بنيرة صادقة: طولة العمر ليك يا حبيبي، ربنا يبارك في عمرك وتتجوزوا وتتهنوا، بس أنا عاوزة أطلب منك طلب
إتفضلي حضرتك، جملة تفوة بها قاسم
تحدثت كوثر كعادتها معه بنبرة ناعمه ساحبه بها إياه لداخل عالمها الناعم: الأمر لله وحده يا حبيبي، طبعا زي ما إنت شايف إيناس بنتي ماشاء الله زي القمر،.

وأكملت بتفاخر وغرور وهي ترفع رأسها عاليا بشموخ: جسم ورسم وجمال ودلال، وخطابها مش قادرة أقولك قد أيه،
وأكملت مهوله من حديثها كثيرا: لدرجة إن مفيش يوم بيعدي غير لما بيتقدم لها فية عريس
إبتسم بجانب فمه ساخرا لعلمه كذب تلك الشمطاء، وأكملت كوثر حديثها: وطول ما هي مفيش في إيدها دبلة خطوبه هيفضل يتقدم لها عرسان
الان علم المغزي الحقيقي من جراء حديثها المبالغ ذاك.

تحدث إليها بنبرة تعقلية: أنا فاهم قلق حضرتك ومقدرة جدا، بس لازم حضرتك تقدري ظروفي أنا كمان، أنا عمري ماهقدر حاليا أفاتح أهلي في خطوبه وأظن إن انا شرحت لكم ظروفي قبل كدة
هتف عدنان بحماس وذكاء: طب أنا عندي حل للموضوع ده.

نظر له الجميع وهم يترقبون باقي حديثه فأكمل هو بإبتسامة منتصر: أنا شايف إن قاسم يشتري لإيناس شبكتها ويلبسها لها على الضيق ما بينا ونعزم قرايبنا القريبين جدا مننا، وبكده نكون عرفنا الناس إن إيناس إتخطبت وفي نفس الوقت معملناش مشاكل لقاسم مع أهله هو في غني عنها
إبتسمت إيناس وتحدثت بسعاده وهي تنظر لشقيقها بتباهي: برافوا عليك يا عدنان، فكرة حلوة جدا.

وافقتهم كوثر الرأي وتحدثت إلى قاسم: أهو صاحبك حلها لك أهو يا قاسم
أجابها قاسم بدعابه وهو ينظر إلى عدنان بوجه بشوش: عدنان ده حبيبي، نردها له في مشكلة في جوازته إن شاء الله
ضحك الجميع عدا ذاك الرفعت الذي لم يعجبه الأمر من الاساس، ويشعر بريبة منه ولكن بما يفيد إعتراضه أمام جبروت كوثر وأبنائها وضعف شخصيته هو.

بعد يومان أصطحب زيدان صفا وورد وذهب بهما إلى القاهرة كي يجلب لصفا ثياب خاصة للجامعة من بعض دار الأزياء الشهيرة بالقاهرة، ويمكثون يومان بشقته الخاصه المتواجدة بإحدي الأحياء الراقيه والتي جلبها زيدان خصيصا كي يصطحب غاليتاه بها لغرض التنزة من الحين للأخر
أبلغ زيدان قاسم أنه وعائلتة بالقاهرة فقام قاسم بعزيمتهم وإصطحابهم لأحد المطاعم العائمة المتواجدة داخل النيل لتناول الطعام في أجواء مبهجه.

كانت تتحرك بجانبه بسعادة داخل المطعم ويسبقها والديها، وصلا إلى المنضدة التي إحتجزها لهم قاسم، جلس الجميع حول المنضدة وجاء النادل بعد قليل وقد أعطا لهم قائمة الطعام وأختاروا ما أعجبهم بها وأنصرف النادل
وتحدث زيدان ناظرا إلى قاسم: عرفت إن تنسيج الچامعات فتح إنهارده يا قاسم؟
نظر له وأردف قائلا بنفي: لا يا عمي، أول مرة أعرف منيك
ثم حول بصره إلى صفا وتساءل: جدمتي يا صفا ولا محتاجة مساعدتي؟

أجابته بهدوء: حاولت أول ما جومت من النوم بس السيستم كان مسجط من كتر الضغط عليه وموقع التجديم مفتحش معاي، إن شاء الله أول ما أروح البيت هحاول أجدم ويارب السيستم يكون إتظبط
أردفت ورد قائلة بنبرة مثقلة بالهموم: أني معرفاش عتعملي أيه في المدينة الچامعيه وعتخدمي حالك كيف، ده أنت عمرك مغسلتي طبج، كيف عتغسلي هدومك وتنظفي أوضتك لحالك؟

تحدث إليها زيدان ليطمئنها: ومين جال لك إني هسيبها تهين حالها، ده أني بعون الله هچهز لها أوضتها بأحدث الأچهزة وهچيب لها غسالة أتوماتيك لجل ما ترتاح الزينة بت أبوها
إبتسمت لأبيها وتحدثت بنبرة حنون: ربنا يبارك لي في عمرك يا حبيبي ويخليك لصفا
أما ذاك الجالس الذي نزل عليه حديثهم كالصاعقة الكهربائيه وذلك لرعبه من فكرة تواجدها بالقاهرة وإحتمالية علمها بخطبته من إيناس،.

تحدث بنبرة مرتبكة: وهي صفا أيه اللي هيچيبها چامعة القاهرة بس يا مرت عمي، ما عنديها چامعة سوهاچ، وأهي تبجا چارك وتنام كل ليلة چوة حضنك
ضيقت عيناها بإستغراب وأردفت بنبرة معترضة: چامعة سوهاچ أيه بس اللي هروحها يا قاسم، إنت عاوزني أبجي چايبة المچموع ده كلاته وأقدم في چامعة سوهاچ؟
وبعدين مفيش وچه مجارنه بين چامعة القاهرة وچامعة سوهاچ.

تحدثت ورد إلى قاسم: أني كمان جولت لها نفس كلامك ده يا قاسم بس زي ما أنت واعي لدماغها الناشفه
ثم نظرت إلى زوجها مبتسمة وتحدثت بمداعبة: راسها طالعه ناشفه كيف أبوها بالظبط
إبتسم زيدان لمداعبة معشوقته،.

وتحدث قاسم إلى صفا في محاولة خبيثه منه لإقناعها بتغيير رأيها: أني خايف عليك من إهني يا صفا، العيشه إهنه ومعاملة البشر صعبة جوي مهتجدريش عليها، مهتعرفيش تتكيفي ويا زميلاتك في السكن وخصوص إن عمر ما سبج ليك مخالطة الأغراب،.

وأكمل بكذب كي يرعب ورد على طفلتها ويجعلها تخضع لرأيه: البنات إهني حلنجيه ولونيين وإنت بت ناس ومتربية، أخاف تطبعي بطبعهم ويغيروكي يا صفا، وإن كان على الدراسه فأحب أجل لك إن مفيش أيتها إختلاف بيناتهم
بدا الهلع على ملامح ورد التي تحدثت إلى قاسم مؤيدة: عنديك حج والله يا ولدي، ده أني بشوف بلاوي في التمثيليات عن بنات الچامعه إهني في مصر،.

ثم حولت بصرها إلى صغيرتها وتحدثت بإعتراض: خلاص يا صفا، إنت تجدمي في چامعة سوهاچ زي ما قاسم جال لك، وأهو السواج هيوصلك كل يوم ويستناكي لحد متخلصي محضراتك ويعاودك على البيت تاني
إعترضت على حديثهما بشدة ولكن إستطاع ذاك الخبيث أن يقنعها إلى حد ما بعدما تحدث عن غيرته عليها وعدم إطمئنانه لمكوثها هنا بمفردها.

بعد مده جاء النادل إليهم و وضع لهم الطعام و بدأ الجميع يتناولوه بشهيه عالية عدا تلك الصفا التي بدأ العد التنازلي لمستوي أحلامها، بعد الإنتهاء من الطعام بدأ قاسم بالحديث عن عمله موجه حديثه إلى عمه ثم إنتقلا إلى السياسة وكل هذا تحت تملل صفا و حزنها من عدم إهتمام قاسم بها ولا حتى تكليف حاله عناء النظر إلى وجهها.

وقفت بهدوء وتحركت إلى سور الباخرة المتحركة، ثم وضعت يدها عليه لتتشبث به، تطلعت إلى مياه النيل بمظهرها الخلاب وحركة الباخرة تداعبها وتدللها في مشهد خطف أنفاسها وأستولي على بصرها
وبرغم وجود كل هذا الجمال من حولها إلا أن الحزن كسي ملامحها الجميلة وجعلها تبدوا وكأنها إمرأه تخطت الستين من عمرها وتمكنت من ملامحها الأحزان بفضل هموم الزمان.

تحرك إليها شاب يبدوا عليه أنه في منتصف العقد الثالث من عمرة و وقف بجانبها ولكن مع مراعاة إحترامة لبعد المسافات، تطلع بإنبهار إلى جمالها و سحر عيناها و هالتها الغريبه التي إستحوذت على بصره و جذبته لينساق إليها دون أدني إدراك منه،
وأقسم بداخلة أنه لم يري بسحرها يوم، وأكثر ما كان يميزها بعيناه هو صفاء روحها الذي طغي على ملامحها الخارجية مما جعل لها قبولا في قلب وعقل من يراها من الوهلة الأولي.

كانت تنظر للأمام في اللاشئ سارحة بأحزانها لبعيد، حتى أنها لم تشعر بوجوده بجوارها ولا حتى لملامحها التي إنكمشت مؤقتا من شدة حزنها على بدء العد التنازلي لتنازلها و رضوخها أمام إنكماش أحلامها و تقلصها رويدا رويدا،
تحدث حتى يخرجها من صمتها وتيهتها وكي تنتبه لصوته لكي يحظي بطلة ذاك الملاك إليه مش لايق عليك الحزن يا صافيه.

إنتبهت إلية وبسرعة البرق حولت بصرها إليه بإستغراب ثم حولت بصرها سريع إلى والديها وقاسم وجدتهم منشغلون عنها بالحديث ولا يشعرون حتى بوجودها
فابتسم هو وأجابها بهدوء ونبرة صوت مريحه لمسامعها إهدي من فضلك ما فيش داعي للقلق، على فكرة أنا مش بعاكسك صدقيني، ولا حتى من طبعي إني أكلم حد معرفوش وأتطفل عليه.

وأسترسل حديثه بإنبهار ظهر بعيناه لكن معاك الوضع مختلف، أنا كنت قاعد في حالي وفجأة وأنا بستكشف المكان عيوني وقعت عليك وإنت واقفه، ما أعرفش ليه ملامحك خطفتني، شفت جواك صراع وتمرد على وضع مفروض بالنسبة لك وإنت مش قادرة تعترضي ولا تغيريه!
وأسترسل حديثه العميق شفت روحك وهي بتحاول بكل قوتها تزيل خيوط العنكبوت اللي معششه ومتشابكه حواليكي ومقيدة حركة فكرك وإنطلاق روحك وعقلك.

نظرت إليه بإستغراب فأكمل وهو يمد يده ويستعرض أمام ناظريها محرمه ورقية كانت بيده ويعطيها إياها، نظرت بما تحتوية وحينها لم تستطع الصبر على الصمت أكثر، إتسعت عيناها بذهول حين رأت وجهها منقوش عليها بالرصاص بمنتهي الدقة والحرفية، ولكن ما أثارها أكثر أنها رأت دموع تنزف من رسمتها وملامحها وكأنها تصرخ مستنجده بأحدهم.

نظرت لرسمته بإنبهار وحدثت حالها، ماهذا يا إلهي، إنه إبداع بكل المقاييس، كيف له أن يطبع ملامحي بكل ذاك الإتقان وكأنه يعمل عليها منذ أيام وليست من بضعة دقائق فقط
ثم نظرت له وأخيرا خرج صوتها المميز بعذوبته ورقته و أردفت قائلة بنبرة منبهرة: حضرتك مبدع يا أستاذ، إزاي جدرت تطبع ملامحي بالإبداع ده كله في الدجايج الجليله دي، اللي يشوف الرسمه يفتكر إنك شغال عليها من أيام، حجيجي برافوا عليك.

تمعن النظر بوجهها و أردف قائلا بتفهم: صعيدية؟
وأكمل بيقين وهو يميل رأسه قائلا بتأكيد: كده أنا عرفت سبب القيود اللي محاوطة روحك وخنقاكي، العادات الباليه والتقاليد اللي عفا عليها الزمن ولم يعفو عنها البشر
إبتسمت له وأردفت قائلة بنبرة هادئة: كلامك كيف الشعر بيدخل على الجلوب بيمسها ويزلزل كيانها، وأكملت بمرارة ظهرت بنبرة صوتها الحزين: بس في نفس الوجت بيعريها جدام روحها و يوريها حجيجتها المرة.

كاد أن يجيبها لكن أجبره على الصمت هجوم ذاك الشرس الذي إقتحم هدوئهما و سلامهما النفسي بعنف شديد وهو يجذبها من ذراعها ويخبئها خلفه
ويتحدث لذاك الغريب بلكنة قاهرية: إنت إزاي يا حضرة تسمح لنفسك تقتحم وقفتها بالطريقه الرخيصه دي؟
إهدي من فضلك يا أستاذ وخلينا نتكلم كأشخاص متحضرة، جملة قالها ذاك الغريب بنبرة هادئة متعمقه أحرقت قلب قاسم وأشعرته بهمجيته المفرطة.

ولكن إستشاط داخله أكثر من برود وهدوء ذلك الدخيل المتداخل وأجابه بنبرة تهكمية ساخرة: نعم يا أخويا، نتكلم كأشخاص متحضرين، هو أنا أعرفك منين أصلا علشان نتكلم؟
وأكمل بإتهام بشع: إنت مجرد واحد رخيص متحرش جاي تضحك على عقل عيلة صغيرة عديمة خبرة بكلمتين مستهلكين حافظهم من فيلم ساقط.

نزلت كلماته المهينه لشخصها على قلبها أحزنته وقررت التدخل بعدما أهان ذاك المتحضر بتلك الطريقه المنحطه و وصمه بوصف لا يليق بعقله و فكره الراقي التي لمسته من خلال حديثها القليل معه
تحركت من خلفه و وقفت بجانبه كتف بكتف وتحدثت بنبرة حاده لصوت غاضب: أولا يا أستاذ قاسم أني مش عيلة صغيرة ولا عديمة خبرة زي ما انت وصفتني!

أني يمكن سني صغير لكن عجلي كبير و واعي وبقرأ كتب يمكن حتى معدتش على خيال سيادتك ولا سمعت حتى عنيها
نظر لها بغضب تام فأكملت وهي تشير إلى ذاك الغريب بإحترام: ولا الأستاذ المحترم ده يستاهل الوصف البشع اللي سيادتك وصفته بيه، الاستاذ فنان محترم وشخص راقي يستحج كل التجدير.

وكادت أن تكمل لولا أصمتها بصوته الهادر وهو يحدثها بعيون تطلق شزرا: وأيه كمان يا صفا هانم، الله الله، ده أنت عاجبك بقا تلزيق البيه فيك والمسخرة اللي بتحصل دي
إتسعت عيناها بذهول أثر حديثه المهين، وتحرك زيدان و ورد عندما لاحظا تصاعد الوضع وتصاعد وتيرة صوت قاسم وغضبه الذي ظهر فوق ملامحه
تحدث زيدان بنبرة حادة وهو يأخذ صغيرته ويسحبها لداخل أحضانه برعاية وحنان: فيه أيه يا قاسم؟

وأكمل بنبرة صارمة: ومال صوتك عالي على صفا إكده؟
تحدث بنبرة حاده وجسد تظهر عليه علامات التشنج والغضب: الهانم زعلانه مني و بتلومني علشان بوصف البيه اللي إقتحم وقفتها ومعملناش أي حساب، بالمتحرش
أما ذاك الغريب الذي وقف يتطلع لذاك المتجبر الباطش وهو يفرض سيطرته ويمارس سلطته وهيمنته على تلك المسكينة دون أن يعطيها حتى حق الرد.

خرجت من داخل أحضان أبيها وتحدثت بدفاع و إنكار و هي تشير إلى الغريب: محصلش يا أبوي، الأستاذ فنان ولما لجاني واجفه لوحدي رسم صورتي على المنديل ده وجه بكل ذوج وأحترام علشان يجدمه لي
نظر ليدها الممدوده بالمحرمه وبدون أدني تفكير جذبه من يدها بعنف وغيرة وألقاها داخل مياه النيل وتحدث بحده واصما إياها: مش بجول لك عيلة صغيرة وعديمة خبرة.

ثم نظر لعيناها بحده وتحدث بإستهزاء: دي طريجه جديده لمعاكسة الساذجين أمثالك يا أستاذه
وجه الغريب حديثه إلى زيدان بعدما رأي دموع وتشتت صفا الروحي وهي تنظر إلى المحرمه التي جذبتها الأمواج وبدأت بتمزيقها تمام مثل روحها المشتته، الممزقه، التائهه
الغريب: صدقني يا أفندم الأستاذ بيقول كلام محصلش، واللي الأنسه صفا بتقوله هي الحقيقه ولا شئ غير الحقيقه،.

ونظر داخل عيناه وأكمل برجاء: ياريت حضرتك تخلي بالك من بنتك وتراعي روحها أكتر من كده!
ثم أنسحب بهدوء عائدا إلى طاولته مع إستغراب زيدان من حديثه الغريب!
حول بصرة لإبنته التي تزرف دموعها بقهر وهي تنظر لتلك المحرمه بعدما ذابت وتلاشت ملامح وجهها المرسوم بها.

شعر بغصة تقتحم صدره وتحرك إليها وأحتضنها وتحدث إليها بهدوء وبنبرة حنون: تعالي نروح له وأخليه يرسمك من تاني، بس المرة دي على لوحه وأني هبروزها لك بماية الذهب وأعلجها عندينا في الصالون
نظرت له بدموعها فأكمل وهو يجفف لها دموعها بأصابع يده الحنون: ولا تزعلي حالك يا جلب أبوكي
هزت رأسها يمين ويسارا مما جعل قطرات دموعها تتناثر هنا وهناك بشكل يقطع أنياط القلب.

وتحدثت بصوت واهن حزين: ضاعت حلاوة اللحظة يا أبوي، مبجاش ينفع خلاص
أما قاسم فكان يستمع إلى حديثها بقلب حزين لأجلها، فقد وعي لحاله للتو وشعر أنه حقا قد أزادها على تلك الصغيرة فتحدث بنبرة جامدة: متزعليش مني يا صفا، أني خايف عليكي يا بت عمي
حزنت عندما إستمعت لنطقة لإبنة عمه وقد تيقنت بتلك اللحظه أنها لم تكن له سوي إبنة عمه وفقط.

سحبتها والدتها بألم رأه زيدان وحزن لأجله ولصحة حديثها عن أن تلك العلاقه هي بداية حزن صغيرته البريئة
وتحدثت ورد بنبرة حزينة: يلا بينا نجعد يا بتي
تحركت بجانب والدتها وجلست بمقعدها ونظرت لتتطلع على ذاك الغريب، ولكن من العجيب أنها لم تجده، باتت تحرك عيناها هنا وهناك وتجوب بها المكان للبحث عنه ولكن دون فائدة، وكأنه كان سراب وأنتهي.

أكملت جلستها شاردة ناظرة لمياه النيل تحت نظرات ذاك المتجبر الباطش ولكن بقلب حزين متألم لألمها، إنتهت الرحلة النيلية ورست الباخرة وأخذ زيدان ورد وصفا داخل سيارته المستأجرة وذهب بهما بعد رفضه لحديث قاسم الذي عرض عليه أن يذهبوا بصحبته إلى أي مكان أخر حتى يلهو صفا ويهون عليها حزنها ويكون بمثابة إعتذار على ما بدر منه وأزعجها، ولكن رفض زيدان كل محاولاته حفاظا لكرامة صغيرته.
تحرك زيدان عائدا بزوجته وصغيرته إلى شقتهم المتواجدة بمنطقة مدينة نصر، وبمجرد أن خطت أقدامهم للداخل حتى هرولت صفا سريع متجهه إلى غرفتها وأوصدت بابها عليها وبدأت بالبكاء المرير الذي إحتجزته طويلا رغم عنها، وذلك كي لا تحزن والديها وأيضا إمتثالا لكرامتها التي تأبي الإنكسار، فيكفي ما أهدر منها اليوم على يد من يفترض حبيبها ورجل أحلامها، بكت بشدة على ما شعرت به اليوم من إهانات من ذاك القاسم التي كانت تتوقع أن يسمعها أحلا كلمات الغزل والغرام مثلما قرأت برواياتها الحالمة التي تعشقها، وأيضا ما تشاهده في بعض الأفلام الرومانسيه الراقية الفكر والخالية من اية مشاهد خادشه للحياء، والتي تشاهدها بصحبة والدتها وذلك كي تراقب ورد ما تحتويه ما تشاهدة طفلتها.

حلمت وحلمت بالإهتمام وبأن ينظر لداخل عيناها ويسمعها أرقي كلمات الغزل، ولكن، متي كان التمني طائع لرغباتنا؟
أما زيدان الذي كان يتهرب من نظرات ورد المتفحصة له والمدققة لرصد ردة فعله على ما بدر من إبن شقيقه، ويضل السؤال قائما، ما بيدة ليفعله؟
أحقا يستطيع أن يقف بوجه أبيه هذه المرة أيضا ويعارضه وينجي بعزيزة أبيها من ذاك الحزن الذي ينتظرها؟

لا والله لن يفعلها وخصوصا أنه يعلم علم اليقين ان إبنته تعشق ذاك القاسم حتى بعد كل ما فعلة، وجدها أكيد من ذاك، ولذا إختار لها فارسها كي تظفر به وتنعم، لذا فإذا تدخل سيكون هو الطرف الخاسر داخل تلك المعضلة، كل ما أستطاع فعله هو أن سحب ورد لداخل أحضانه حتى يضمد لها جراح روحها التي أصابتها جراء حزن وانكسار صغيرتها بتلك القسوة أمام أعينها.

وبعد مرور حوالي ساعة كان قد تركها زيدان متعمدا كي تهدئ وتخرج كل ما في صدرها حتى تستريح، دق باب حجرتها فأذنت له ودلف للداخل، إنشق صدره لنصفين حين وجدها تجلس القرفصاء فوق تختها وعيناها منتفخة، حمراء جراء كثرة بكائها الحار،
تحرك إليها بهدوء وجاورها الجلوس، ثم أمسك كف يدها وأحتضنه برعاية وشدد من ضمته حتى يبث لها الطمأنينة، ونظر داخل مقلتيها وأبتسم بخفوت، بادلته إبتسامته بأخري منهزمة.

تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث إليها متسائلا بهدوء: جدمتي في التنسيج؟
هزت رأسها بنفي فأكمل هو مسترسلا بنبرة قوية: جدمي في چامعة القاهرة يا صفا.

قطبت جبينها وأمالت رأسها بهدوء بنظرة إستفهامية فأكمل هو بنبرة قوية مساندة: من اليوم وطالع رايدك تشوفي مستجبلك فين وترمحي وراه رمح، معيزكيش تعملي حساب لأي حد مهما كانت غلاوته ومجدارة عنديك، عاوزك تحطي مستجبلك ودراستك في أولوياتك، وزي ما انت جولتي إن الدراسة في چامعة القاهرة هتعلي من شأنك ومن تصنيفك،.

وأكمل بنبرة قوية ليطمأن روحها: وإوعاك في يوم تخافي ولا تجلجي طول ما أبوكي عايش وفي ضهرك، وأكمل بإبتسامة حانية: ولازمن تعرفي إنك غالية وعالية جوي يا ست أبوكي
إبتسمت بسعادة وتحدثت بإمتنان وهي ترفع كف يده إلى فمها و تقبلها بحنان: ربنا يبارك لي في عمرك وتفضل دايما سندي ومنور حياتي يا أبوي.

تنهد عاليا براحة ثم إستطرد حديثه قائلا كي يخرجها من حزنها الذي أصابها: صفا، أني معيزكيش تزعلي من قاسم، قاسم راچل صعيدي ودمه حر، مطاجش يشوفك واجفه مع راچل غريب عنيكي، متنسيش كمان إنك بجيتي تخصية ولازمن يغير عليك ويخاف
هزت رأسها بتفهم لكن مازال قلبها مليئ بالخيبات والندبات التي لم تمحي بمجرد إستماعها لبعض الكلمات من عزيزها.

وقف منتصب الظهر وتحدث بإبتسامته الخلابة التي تأسر قلب بنت أبيها: يلا إفتحي الموجع وجدمي حالا في طب القاهرة يا دكتورة
إنتفضت من جلستها بسعادة وبلحظة كانت تلقي بحالها داخل أحضان غاليها وكأنها ترمي إليه ألامها وما يؤرق روحها، شدد هو من ضمتها وكأنه بتلك الضمة قد سحب عنها كامل حزنها، فهكذا هو الأب يا سادة
فليرحم الله من كان قطعة من قلبي، وبرحيله ذهب الأمان من قلبي إلى أخر الدهر.

صباح اليوم التالي داخل مدينة سوهاج
ذهب يزن إلى أراض جده الواسعه ليلتقي والده الذي يشرف على العمال وهم يحصدون محصول الذرة في موسمه الصيفي من كل عام
وجد أباه جالس فوق مقعدة تحت المظله التي تحجب عنه أشعة شمس شهر أغسطس الحادة، واضع بعض الدفاتر أمامه فوق تلك المنضدة الخشبية الموضوعه أمامه
إقترب من جلسة أبيه وتحدث بإحترام: السلام عليكم يا أبوي.

نظر له منتصر بإستغراب لتواجده بتلك الساعة حيث يجب أن يكون بصحبة جده وهو يسلم محصول ثمار البرقوق للمشتري
وتحدث منتصر بإستغراب وتعجب: يزن، بتعمل أية إهني يا ولدي وفايت چدك لحاله مع الناس اللي بيشتروا المحصول؟!

أجابه صغيره بإختصار: الناس مشوا يا أبوي، چدي معجبوش السعر وما أتفجوش، مع إن عمي قدري كان هيتچنن وشويه وكان هيميل على يد چدي ويحب عليها لجل ما يتمم البيعه، بس چدي صمم على رأية ومشاهم من الچنينة خالص.

تنهد منتصر بصدر محمل بأثقال الهموم من أفعال أخيه الذي يعلم علم اليقين أنه على إتفاق سري خبيث مع مشتري المحصول ليبخس من ثمنه ويأخذ هو فارق السعر في الخفاء ليضعه في حساباته البنكيه هو و زوجته والذي يخفيها عن الجميع،
ولكن لسوء حظه فقد وقع خطاب إستعلامي كان مبعوث له من البنك ليعلمه كيف أصبح حسابه هو و زوجته وبالصدفه وقع هذا الخطاب في يد منتصر بعدما كذب على ذاك المندوب وأخبره أنه قدري.

حيث أن قدري كان قد أخبرهم من ذي قبل بأنه لا يريد أية خطابات إستعلامية تصل إلى منزله ولكن لسوء حظة فقد تغيرت إدارة البنك وجرت هذه اللخبطة
نظر يزن إلى أبيه مستغرب حزنه الذي أصابه فجأة وتساءل ليطمئن على عزيز عينه: مالك يا أبوي، أيه اللي غير وشك فجأة إكده؟!
أجاب ولده بمراوغة كي لا يكشف الوجه السئ لأخيه أمام يزن: مفيش يا ولدي، جولي يا باشمهندس، كت چاي لية وعاوز أيه؟

تنفس يزن عاليا ثم زفر براحة وتحدث بنبرة حذرة: عاوز أتحدت ويا حضرتك في موضوع مهم يا أبوي، بس عاوزك تفهمني زين وتجدر كلامي وحالتي
ضيق منتصر عيناه وتحدث بنبرة قلقة: فيه أيه يا ولدي، إنطج جلجتني
نظر لوالده بتمعن ثم أجابه بشجاعة: أني رايد أتچوز من صفا بت عمي يا أبوي، مرايدش ليلي أني، معحبهاش يا أبوي
تنهد الوالد بأسي وتحدث بإستسلام مهين: خلاص يا يزن، جضي الأمر وچدك أصدر أوامرة خلاص.

إنفعل يزن وأردف قائلا بنبرة حادة: حكم قراقوش هو ولا حكم قراقوش؟
وأكمل بإعتراض: مين إدي السلطة لچدي إنه يحكم ويتحكم في مصيرنا وجلوبنا كيف ما يحلاله، بأي حج يحكم على جلبي بالإعدام ويجبرني أعيش مع واحده وأني جلبي ملك لغيرها
تنهد منتصر بأسي لحالة ولده البكري وعزيزه وهو يري تشتت ومعاناة روحه من تجبر چده.

وأردف قائلا بنبرة حنون كي يسيطر بها على غضب نجله الحبيب: فيه حاچات أشد من العشج يا ولدي، مع الأسف يا يزن، العادات والتجاليد هي اللي بتحكمنا
إحتد وجه يزن وأردف قائلا بحدة وغضب: ملعون أبوها التجاليد دي اللي تخليني أنسى عشج عمري وأدفن حالي في حضن مره مرايدهاش، وكأن إكتب على أموت وأني لسه على وش الدنيي وحضن ليلي يبجا كفني ومجبرتي.

صاح منتصر بوجة ولده بحده وتحدث ناهرا إياه: إتحشم يا واد وإنت بتتكلم على بت عمك، وبعدين مين اللي جال لك إن صفا هترضي بيك يا حزين؟
صفا رايده قاسم، وچدك وچدتك عارفين إكده زين وعشان إكده إختاروها هي بالذات دون عن غيرها لقاسم
أجاب والده مفسرا: وقاسم مريدهاش يا أبوي، قاسم بيحب واحده مصراويه وأني سمعته بودني دي وهو بيكلمها وبيحب فيها في التلفون من الچنينة، صدجني يا أبوي قاسم مرايدهاش.

تحدث إليه أبيه بيقين: قاسم شاب، مال وجاه ورچوله الله أكبر، وعايش في الغربه لحالة وأكيد البنات حواليه ياما،
وأشار بيده مقللا من الحديث: أهو بيسلي نفسيه وبيسلي وحدته في مصر، لكن لما توصل للچواز أكيد هيختار البت اللي تليج له وتشرفه جدام عيلته وبلده، والدليل على حديتي دي إنه وافج چدك على جراراته ومعصهوش ولا أعترض زييك.

تحدث يزن بيقين من داخله: متخدعش حالك بكلام حضرتك عارف حجيجته زين يا أبوي، كلنا عارفين إن سكوت قاسم وموافجته على جرارات چدي ما هي إلا طاعة عامية لتهديدات وضغط عمي قدري عليه، كلنا خابرين زين إن عمي قدري طمعان في مال عمي زيدان اللي لمه بشجاه وتعبه طول السنيين اللي فاتت، عمي قدري ومرته حسبوها صح، يجوزوا صفا لقاسم ويستولوا على شجا عمي.

تنهد الأب لعلمه وتيقنه من صحة حديث صغيره ولكن ماذا عساه أن يفعل أمام جبروت أبية وتحكماتة الشديدة المتعصبة
فاتخذ من الصمت ملاذا له.

في مساء اليوم التالي
كانت تجلس داخل غرفتها حزينة شاردة تفكر فيما فعلة ذاك القاسم، عديم القلب، فاقد المشاعر والإحساس والتي لم تشعر من جانبه إلى الان أية مشاعر إيجابية بإتجاهها، فاقت على طرقات تقرع فوق بابها بخفة
سمحت للطارق بالدخول فدلفت والدتها وتحدثت لتخبرها بهدوء: قاسم برة ورايد يشوفك يا صفا.

حزن داخلها حين إستمعت إلى ذكر إسمة فتحدثت إلى والدتها بنبرة حزينه ومازالت مستكينة بجلستها فوق فراشها بإستسلام: معوزاش أشوف حد
تنهدت ورد وتحدثت إلى صغيرتها بإصرار: جومي غيري خلجاتك وإطلعي له يا صفا، قاسم شكلة جاي يعتذر لك عن اللي حصل منيه عشيه.

تنهدت بأسي وأطاعت والدتها وأرتدت ثوب هادئ وتحركت للخارج، وجدته يجلس بجانب أبيها، ولا تدري ما الذي أصابها حين رأته، إنتفاضة إجتاحت جسدها بالكامل بمجرد رؤيتها لعيناه، فبرغم يأسها الشديد الذي تسبب لها به، وبرغم حزنها وغضبها منه إلا أنها بمجرد فقط ظهوره أمامها تنتابها مشاعر جياشة تجتاح كيانها بالكامل.

وقف سريع عند رؤيتها وأمال بجزعه إلى تلك المنضدة الموضوعة أمامه وألتقط من فوقها تلك الباقة الرائعة المكونه من زهور البنفسج التي تبهج النفس وتبث بها سعادة
حمل الباقة وأقترب عليها وأردف قائلا بإبتسامة خلابة وهو يمد يده بتلك الزهور كاعتذارا صريح لما بدر منه ليلة البارحة: كيفك يا صفا
نظرت إلية بعيون متسعة، مذهولة، سعيدة وقلب ينبض بشدة ويكاد يخرج من بين ضلوعها ليرتمي داخل أحضانة ويسعد بدفأه.

وأسترسل هو مبتسم وهو يعطيها الزهور: أني أسف يا صفا، حجك علي، وصدجيني أني مكنتش أجصد أزعلك ولا أتسبب لك في نزول دمعة واحده من عيونك الغالية
كانت تنظر إليه فاتحة فاهها ببلاهه وهي تستمع لكلماته الرقيقة التي لم ولن تتوقعها منه حاليا وبالتحديد أمام مسمع ومرأي من والديها، طار داخلها وشعرت بزلزلة عنيفة تسري بداخل شرايينها،.

بسطت يداها ناحيته وأخذت منه باقة الزهور وبدون إدراك قربتها من أنفها لتشتم عبيرها بإستمتاع ثم احتضنتها وتحدثت بنبرة سيطرت عليها السعادة: متشكرة يا قاسم
إبتسم تلقائيا حين لمح على محياها كل تلك السعادة التي إرتسمت بلحظات من مجرد تصرفه البسيط ذاك، ثم تحرك قليلا ومال ليلتقط إطارا كبيرا كان يضعه بجانب الأريكة وتحدث إليها بنبرة حنون: غمضي عنيكي يا صفا.

نظرت إلى والدها الجالس يترقب ما يحدث وابتسامة حانية تملكت من ثغرة وزينتة لتزيده وسامة، أشار لها زيدان بأهداب عيناه بأن تفعل،
فابتسمت وأغمضت عيناها بالفعل بعدما أخذت الإذن من عزيز عيناها، نظر قاسم إلى عمه وشكرة بعيناه وبدأ بنزع الغطاء الورقي من فوق الإطار
وتحدث إلى صفا: ودالوك يلا فتحيهم.

أفتحتهما بالتدريج وإذ بشهقة سعيده مذهولة تخرج من أعماقها وهي تري أمامها Portrait(بورترية) مرسوم لها بإتقان شديد جعلها تشعر وكأنها تحلق في السماء بجناحين من نور
وكان قاسم قد هاتف عمه بعد عودته إلى سكنه وطلب منه أن يبعث له صورة شخصية لصفا كي يذهب بها إلى رسام ويجعله يخط لها برسمة كتعويض منه على ما فعل.

نظرت إلى مقلتية وألتقا بعيناها وإذ برعشة تصيب جسده من تلك النظرة ولا يدري بما يفسرها هو، نفض من داخله ذاك الشعور سريع وتخلص منه بحدة ورفض،
وتحدث إليها متسائلا بنبرة جادة: أيه رأيك يا دكتورة؟
إشتدت سعادتها من مجرد ذكره لها للقب دكتورة التي تعشقه وطالما حلمت بإستماعه من الجميع وخصوصا هو، وتحدثت بسعادة: كل ده عملته علشاني يا قاسم؟!

أجابها بهدوء وصدق: زعلك غالي على يا صفا، ومجدرش أشوفك زعلانه مني وأجف ساكت إكدة، ياريت أكون جدرت أكفر عن ذنبي معاكي وحاولت ولو بسيط أعوضك عن الرسمة إياها
أجابته قائلة وإبتسامة جذابه إرتسمت على محياها: وأني كفاية عليا كلامك ده يا قاسم، محا لي كل حزني اللي صابني
تحدثت ورد إلى قاسم بإبتسامة سعيدة ناتجة من سعادة طفلتها الوحيدة: إجعد يا قاسم ويا صفا، وأني هروح أعملكم أحلا عشا فيكي يا مصر.

تحدث إليها قاسم بإعتراض لطيف: متتعبيش حالك يا مرت عمي، ثم حول بصرة إلى عمه وتحدث بإحترام: أني بعد إذن عمي هاخد صفا ونتعشا برة وكمان هعزمها على سينما بعد العشا تعويض مني عن اللي حصل إمبارح
إنتفض داخلها ونظرت تترقب موافقة أبيها بقلب متلهف، نظر لها زيدان وكاد أن يعترض إمتثالا لنظرات ورد القلقة لكنه تلاشي كل الإعتبارات في سبيل سعادة طفلته التي رأها بعيناها.

وتحدث بإبتسامة حنون: وماله يا قاسم، صفا معاك هتبجا في أمان كنها معاي بالظبط
إبتسمت لأبيها وتحدثت بلهفة وسعادة بلغت عنان السماء: أني هدخل أچيب شنطتي وهاچي حالا.

بعد مدة كانت تتحرك بجانبه داخل المطعم وتوقفت حين أشار لهما الموظف المسؤل عن إدارة المكان عن موقع المنضدة الخاصة بهما
وقفت تنظر إلية وإنتظرت أن يسحب لها المقعد لتجلس كما تري في أفلامها وكما صور لها خيالها الحالم، لكنه أحبط عزيمتها وجلس على مقعدة بمنتهي البرود حتى قبل أن تجلس هي
نظر لها وتحدث بنبرة باردة: واجفة ليه يا صفا، متجعدي.

إستفاقت على حالها ورجعت بخيالها لأرض واقعها المرير، هزت له رأسها بإيمائة وابتسامة كاذبة تخفي خلفها أهاااات من خزلات وصفعات تتلقاها منه مؤخرا واحدة تلو الأخري
جلست وجاء إليهما النادل وأملاه كلاهما ما يريد من الطعام بعدما قررت صفا أن تأكل مثل حبيبها،
ذهب النادل ونظر هو لشاشة هاتفة وبدأ بمراسلة أحدهم تحت نظراتها المستعجبه، إستشاطت من أفعاله الغير مرضية لكبريائها ولشخصيتها القوية التي لم يرها بعد.

فتحدثت بنبرة حاده بعض الشئ وملامح مقتضبة: مكانش ليها لزوم خروچتنا دي طالما مشغول للدرچة دي
ضيق عيناه مستغرب حدة نبرتها وملامحها الطفولية التي ظهر عليها الغضب بطريقة مضحكة، إبتسم لها كي يهدئها وتسائل بهدوء: زعلتي إياك؟
اخذت نفس عميق واجابتة بنبرة قوية لائمة: مبحبش حد يهمل وچودي ويتلاشاني ويهين كرامتي
إتسعت عيناه وتحدث إليها مستغرب بدعابة: كل ده أني عملته بمسكتي للتلفون؟

أجابته بنبرة حزينة تملكت من صوتها: مسكتك للتلفون اللي مستهون بيها دي معناها كبير جوي عندي يا قاسم،
وأكملت بعبرة خنقت صوتها: بعد إكدة لو مش حابب تجعد وياي متبجاش تضغط على حالك.

شعر بطعنة داخل صدرة لأجل حزن تلك البريئة ولام حاله وأنبها على خداعة لتلك المسكينة التي يعلم أنها تكن له معزة خاصة، ولكنه نفض من عقلة فكرة عشقها له وأقنع حاله أن ما يحدث معها ما هو إلا مجرد إعجاب وتعلق من فتاة مراهقة ساذجة فاقدة للخبرة بشخص إبن عمها لا أكثر
أغلق هاتفه ووضعه فوق المنضدة بإهمال وتحدث بإبتسامة: وأدي يا ستي التلفون اللي مزعلك،.

وأكمل بإهتمام كي يزيل عنها حزنها: بس أني معايزكيش تاخدي الأمور بحساسية إكدة يا صفا، زعلتي وكبرتي الموضوع على الفاضي
وأكمل مبررا بصدق: كل الحكاية إني كنت براسل زبون عندي على الواتس عنديه جضيه وأتحدد ميعاد چلستها السبوع دي وكنت بخبرة عنيها مش أكثر
نظرت له ومازالت تكشيرة وجهها موجودة فتحدث هو بدعابة: خلاص بجا عاد، يلا إبتسمي وريني الضحكة الحلوة لست البنات.

إبتسمت له وأنار وجهها وضل قاسم يتحدث معها بإهتمام حتى اتي النادل بالطعام وانزله وبدأو بتناوله وبعد الإنتهاء ذهبا سويا إلى السينما وقضت معه أسعد ليلة بحياتها حيث غمرها بإهتمامه ك تكفير منه عن ما أقترفه بحقها، وبعدها أوصلها إلى منزلها و ودعها و عاد إلى محل إقامته.

في اليوم التالي داخل محافظة سوهاج
مازال زيدان وورد وصغيرتهما بالقاهره، جمعت الچده قدري ومنتصر وزوجتيهما وأنجالهما، وقد إتفقت بوقت سابق مع عتمان أن لا يأتي على الغداء ويبقا بحديقة الفواكة، كي يعطي لها فرصة إخبارهم بإنتوائها لإكتتابها بالعشرين فدان التي تملكهما إلى صفا.

نظرت لها فايقة وتحدثت بنبرة حاده لائمة: بس اللي بتجولية ده إسميه ظلم يا عمه، إشمعنا صفا اللي تكتبي لها العشرين فدان ورثتك، أيه، ملكيش أحفاد غيرها إياك؟
وأكملت ليلي ونار الغل تنهش بصدرها: كل حياتكم بجت ظلم وإفتري، مفيش على الحچر غير الست صفا وچلعها الماسخ، حتى في الورث وشرع الله هتخالفوة لچل عيونها!

أخرصتها الچده بصياح عارم: إخرصي يبت وإتحشمي وإنت بتتحدتي وياي، شرع أيه اللي هخالفه يا مجصوفة الرجبة إنت،
وأكملت بتجبر وعناد: ورثتي وهديها لبت زيدان، أيه اللي يزعلكم في إكده مفهماش؟
تحدثت مريم بنبرة معترضة تأكيدا على حديث ليلي: هو اللي يجول الحج في البيت ده تخرصوة؟
وأردف يزن بنبرة جاده وذات معني ومغزي: خلي بالك يا چدة، إنت بتصرفك ده مبتفديش صفا، لا، إنت بإكدة بتأذيها أكتر وإنت مدريناش!

وتلاه منتصر الذي تحدث معترض: اللي بتعمليه ده غلط وحرام شرعا يا أماي
نظرت إليهم الچده بنظرات ثاقبة وتحدثت بنبرة حادة وهي تتنقل النظر بين الجميع: لما أنتوا فيكم إلسنه إكده وبتعرفوا الحلال والحرام متحددتوش وأعترضتوا ليه لما زيدان أبوه حرمه من ورثته زمان، ولا عشان ده كان عيصب في حچاركم سكتوا وطرمختوا على الموضوع؟
أجابها منتصر مذكرا إياها: مين اللي سكت يا أماي؟

وأكمل ليذكرها: كام مرة أني حاولت أتدخل وأصلح بين أبوي وزيدان، بس إنت أكتر واحده أدري بأبوي وبدماغه الناشفة، أبوي بجرارة ده خالف شرع ربنا، بلاش تخالفيه إنت كمان بعملتك دي يا حاچة رسمية
تحدثت فايقه بتأكيد بنبرة حاده: كلام منتصر صح يا عمة، ده غير إن زيدان إتعاجب لأنه غلط وخالف عادات وتجاليد العيله وحرم نفسه وحرمكم من الواد اللي عيشيل إسمة وإسم أبوة من بعديه، ولجل إكده إتحرم من ورثته،.

وأسترسلت بنبرة معاتبة: لكن إحنا وأحفادك بتعاجبينا وتحرمينا من خيرك ليه؟!
كان يجلس يبتسم من داخله على قرار والدته والذي يصب داخل مصلحته هو وولده البكري، فقد زين له الشيطان أفكارة بأن يجعل قاسم يستغل عشق صفا له بعد زواجهما ويجبرها على التنازل له بالعشرين فدان،.

ثم بعد ذلك يجعل قاسم يتنازل هو الأخر له عن تلك الورثه التي طالما حلم بها مرارا، والتي ستكون رمانة الميزان بالنسبة له، وستحقق له حلمة بأن يصبح ذو مال وجاة يعادل جاة ومال زيدان
نظر لتلك الغبيه التي أثارت غضبتة وتحدث بهدوء عكس ما يدور بداخلة ليهدأها ويجعلها تنظر لذاك القرار من جهة اخري: وإنت إية اللي مزعلك جوي إكده يا فايقة، هي صفا دي مش هتبجا مرت ولدك وكله عيصب في الاخر في حچرة وحچر ولاده؟

إتسعت حدقة عيناها منتبهه لصحة حديثه التي كانت تغفل عنه، وبلحظة تحول غضبها الداخلي إلى سعادة لا توصف من شدة جشعها
وضع منتصر ساق فوق الأخري وتحدث بتعجب ساخرا وهو يحك ذقنه بيده: هي بجت علني إكده يا قدري؟!
ضيق عيناه لشقيقه وتساءل بعدم إدراك لمعني حديثه: أيه هي اللي بجت علني دي يا واد أبوي؟
أجابه بحده: الطمع يا قدري، الطمع اللي مالي عنيك في مال زيدان ومال بته!

وقفت الچده وتحدثت بحده لتنهي ذاك الصراع الدائر بين ولديها: بكفياكم عاد يا ولاد عتمان، هي حصلت كمان إنكم تتعاركوا جدامي؟
وأكملت بنبرة صارمة: جراري أخدته وخلص الحديت، العشرين فدان هكتبهم لصفا وهبلغ قاسم إنهاردة يعملي بيهم عجد تنازل ليها،
وأسترسلت حديثها بتفسير صارم: وأني إن كنت ببلغكم فده لجل ميكون عنديكم خبر، مش عشان تشاركوني جراري وتحاسبوني عليه.

وأكملت بحدة وصرامة: يلاااا كل واحد يتكل على الله ويشوف مصالحه، وإنت يا فايقه إنت وحياة، خدي البنته وأدخلوا المطبخ جهزوا العشا للرچالة
وتحركت إلى حجرتها وتركت الجميع كل ينظر للأخر بغضب عارم لو خرج من داخلهم لأشعل في المنزل بأكملة
تحدث منتصر إلى قدري بعيون تطلق شزرا: لعبتها صح إنت ومرتك يا قدري، بس خلي بالك زين، لأني بعد إكده أني هجف لك بالمرصاد ومش هنولك اللي في بالك واصل.

وتحرك للخارج وتلاه يزن الغاضب وبشدة
وأنفض الإجتماع وتحرك كل إلى وجهته
نظر فارس إلى والديه بحزن عميق وتحرك لأعلي متجه إلى غرفته.

كان يجلس داخل مكتبه الخاص يدرس بعض القضايا المهمة بإهتمام، دلفت إليه إيناس بعدما دقت بابه للإستئذان،
إقتربت وجلست أمامه فوق المكتب بوضعية مثيرة ووضعت ساق فوق الأخري بدلال وتحدثت: وحشتني
إبتسم لها بخفوت وأردف قائلا بنبرة خالية من أية مشاعر: وإنت كمان
تنفست بهدوء وتساءلت: عمك وبنته رجعوا لسوهاج ولا لسه هنا؟
أجابها مهموم وهو يتنفس الصعداء: حچزت لهم رحلة بكرة الساعة عشرة الصبح.

تنفست الصعداء وأردفت قائلة بضيق: أخيراااا، ده أنا من وقت ما جم وأنا مش عارفة أتلم عليك يا قاسم، كل يوم يا خارج معاهم يا إما بتزورهم في شقتهم، بجد حاجة تخنق
أجابها بتملل ونبرة حادة أربكتها: خلاص يا إيناس، قولت لك هيسافروا بكرة وقفلي بقا على الموضوع ده،
وأكمل مهددا: وتاني مرة ما تتكلميش عن حد من عيلتي بطريقتك المستفزة دي لاني مش هسمح لك بكدة.

تلبكت من حدته وبلحظة قررت إعادته إلى عالمها من جديد فتحدثت بنبرة أنثوية مهلكة: إنت زعلت مني علشان بغير عليك يا قاسم؟
تحدث إليها بنبرة حادة وعيون غاضبة متسائلة: بتغيري عليا من مين يا إيناس، من صفا؟!
صفا العيلة الصغيرة اللي إنت متأكدة من جواكي إني عمري ما شفتها ولا هشوفها غير إنها أختي الصغيرة؟!
أخذت نفس عاليا ثم تحدثت بهدوء وهي تتلمس ذقنه النابت بدلال إنثوي مثير: طب ممكن حبيبي يهدي شوية.

ثم تابعت بأسي مصطنع: علشان مش بحب أشوفك زعلان
إنتفض من جلسته ووقف وأمسك يدها وأبعدها سريع بحدة عن ملامسة وجهه وذلك كي لا يدع الفرصة للشيطان بأن يتملك منه بعدما إرتعش جسدة بلذة من ملامستها تلك، وذلك طبيعي أن يحدث لأي ذكرا عندما تلامسه أنثي بكل ذاك الدلال
تحدث متحمحم بالصعيدي بعدما فقد سيطرته من تصرفاتها التي تستشيطة غضب: وبعدين وياك يا بت الناس، مهطبتليش إسلوبك الغريب ده؟

وأكمل بنبرة حاده: ده أني لولا إني عارفك زين وعارف أخلاجك كت جولت عليكي واحده لعبيه ومش تمام
إتسعت عيناها بصدمة من كلماته المهينة ووقفت سريع تنظر إليه وتحدثت بغصة مؤلمة: إنت بتقولي انا الكلام ده يا قاسم؟
وتساءلت بعيون ملتمعه بالدموع: وليه؟
علشان بحبك وحابة نتقرب من بعض وناخد على بعض أكتر قبل الجواز؟

وأكملت بعيون عاشقه: أنا بحبك يا قاسم ونفسي نعيش سننا ونتمتع بحياتنا اللي إنت مضيقها علينا وحارمنا من كل متعها
وأكملت بتذمر: مش كفاية إننا لا بنسهر ولا بنسافر مصايف سوا، ده حتى ممنوع عليا أسهر معاك وتاخدني في حضنك ونرقص سوا زيي زي أي بنت في سني مخطوبة وبتحب خطيبها ونفسها تحس معاه بلذة الحياة.

تنفس عاليا وأجابها بهدوء كي لا يحتد عليها مجددا ويرتفع رنين صوته ويخرج لأسماع الخارج من الموظفين والعملاء: وأنا قلت لك قبل كده إن كل الكلام ده بدع وحرام وأنا عمري ما هسمح لنفسي أعمل حاجة تغضب ربنا مني ويكون فيها هلاكي
أجابته بطريقة تفكيرها المتحرر المخالفة لشرع الله وإتباعها لخطوات الهوي والشيطان: وأيه بقا اللي بنعمله يغضب ربنا يا متر، إحنا مخطوبين يعني أي تقارب يحصل بينا عادي.

نظر لها بعيون مستغربه حديثها وتحدث إليها ساخرا: إنت متأكدة من كلامك ده يا حضرة المحامية يلي دارسة شريعة وقانون
أجابته بثقة متبجحة: ما لا يدرك كله لا يترك كله يا قاسم، دينا نفسه بيقول كدة
أجابها بحده: بلاش تخدعي نفسك وتفسري الدين على هواكي يا إيناس، الحلال بين والحرام بين يا بنت الناس
ودي أخر مرة هنبهك وهقولك الكلام ده، الموضوع ده لو إتكرر تاني إنسي إتفاقنا وكل واحد فينا يروح لحاله.

ووقف بعيدا وأشار لها بيده إلى الباب: والوقت إتفضلي على مكتبك لأن عندي شغل كتير محتاج أخلصه
إبتلعت لعابها وتحركت إلى الخارج بعدما إنتوت تغيير خطتها مع قاسم كي لا تستدعي غضبه من جديد ويضطر هو لتنفيذ تهديدة لها.

بعد يومان داخل محافظة سوهاج
كانت تجلس بداخل حديقة منزل العائلة ترجع برأسها للخلف ساندة على ظهر المقعد بمظهر يجذب، تنظر بإسترخاء إلى السماء تتأمل عظمة الله في صنعه
قاطع شرودها يزن الذي إقترب عليها ينظر إلى كل إنش بوجهها بإشتياق جارف لحبيبته الصغيرة وجمالها البارع الذي تفنن الله سبحانة وتعالي في صنعه وإبداعه، دق قلبه بوتيرة عالية وأبتلع لعابه من شدة إشتياقة.

وتحدث إليها كي تتطلع إليه بمقلتيها الساحرة وتنعش روحه وتعطيها دفعة أمل: كيفك يا صفا
إعتدلت سريع وهي تعدل من جلستها ثم نظرت إليه وتحدثت إلية بإبتسامة ساحرة ونبرة رقيقة: الحمدلله يا يزن
سحب مقعدا وجلس بجانبها وتساءل بإهتمام: إنبسطي في القاهرة يا صفا؟

تهللت أساريرها وتغيرت معالم وجهها للسعادة وتحدثت بنبرة حماسية وعيون لامعة: جوي يا يزن، قاسم عزمنا على الغدا على مطعم عايم في النيل، وتاني يوم عزمني على العشا برة و وداني بعدها سينما، وأبوي أخدني لمكتبة كبيرة وإشتريت منيها مچموعة كتب جيمة جوي، هبجا أديك منيهم كتاب تجراه، متوكدة إنه هيعچبك جوي.

كانت تتحدث بعيون سعيدة ونبرة حماسية أحبطت ذاك العاشق الذي تساءل بهدوء: إلا جولي لي يا صفا، إنت أية رأيك في موضوع خطوبتك من قاسم دي؟
إرتبكت وتلونت وجنتيها باللون الأحمر الداكن من شدة حيائها، وتحدثت على إستحياء: أبوي وچدي موافجين وأكيد هما أدري بمصلحتي مني.

نظر لها يزن وتهللت أساريره حين أجابته هكذا ظنا منه أنه لا فرق لديها بين قاسم او غيره وسألها باهتمام ولهفة: أفهم من إكدة إنك مش فارج معاكي تكوني مخطوبة لقاسم أو غيره يا صفا؟

تلبكت وارتبكت بجلستها ولم تدري بما ستجيبه وفجأه إستمع كلاهما إلى صوت فايقه الحاد وهي تقترب عليهما، حيث أنها كانت تنظر من شرفه غرفتها فوجدت يزن يقترب من جلسة صفا ولأنها خبيثة وذكية وملمة بحال الجميع كانت تراقب تصرفات ونظرات الجميع عن كثب وفي صمت تام، تيقنت بفطنتها عشق يزن الجارف إلى صفا،.

ولهذا سبقته بخطوة وحدثت عمتها عن رؤيتها صفا زوجة مناسبة لولدها البكري قاسم، ولكنها تفاجأت بأن عتمان كان قد قرر مسبقا إنتوائة لزواج قاسم من حفيدته وذلك كي يحفظها ويحميها من غدر البشر وتقلبات الزمن،.

جن جنونها عندما غزت أفكارها بأن يحاول يزن اللعب على قلب تلك البلهاء عديمة الخبرة ويجعلها تتخذه حبيب بديلا عن ذاك القاسم الذي ييبس رأسه ولا يستمع إلى نصائح والدته ويقترب أكثر من تلك المراهقة ويستحوذ على تفكيرها وجميع حواسها أكثر وأكثر، جرت الى الاسفل بجنون لتمنع يزن من الاعتراف لها بعشقه
تحدثت بنبرة حادة إلى يزن: سايب عمك لحاله في الأرض مع الانفار و واجف عنديك بتعمل أية يا يزن؟

نظر لها بضيق وتحدث بحده مماثلة: جري أية يا مرت عمي، مالك فتحة لي تحجيج إكدة ومحسساني إني تلميذ خيبان وأتظبط وهو هربان وعم ينط من سور مدرسته؟
ثم أني خلصت شغلي اللي مطلوب مني وجيت على البيت أريح راسي شوي، ولا يكونش منعوا الراحة إهني واني مدريانش.؟

إبتسمت بجانب فمها بطريقة ساخرة وتحدثت بحديث ذات مغزي: ممنعوهاشي ولا حاچة يا يزن، بس اللي ممنوع إنك تحاول تلعب وتغير في ترتيبات اللكبار، وجتها هتكون بتغلط غلط كبير جوي مش بس في حجك، لاء، ده في حج أبوك كمان، ودي لوحديها فيها عجاب كبير جوي يا واد الأصول
إستشاط داخله من تلك الأفعي الرقطاء التي تتحرك داخل عقول الجميع وتبث سمها داخل افكارهم دون ردع من أحدهم.

إبتسمت له بسماجة ثم حولت بصرها لتلك الواقفه لا تفقه شئ مما يحدث أمامها ويرجع ذلك إلى شدة برائتها
وتحدثت إليها بنعومة كالأفعي: أني كنت لسه داخله عنديكم يا صفا عشان أبلغكم إن قاسم هياجي كمان يومين وهندلوا معاه أني وإنت وأمك للمركز لجل ما ننجوا شبكتك يا عروسة.

نزلت كلماتها تلك على قلب تلك العاشقة أنعشتها واعطتها دافع للحياه، ظهرت قمة السعادة على وجهها وصمتت خجلا ثم نظرت فايقة إلى يزن الذي تملك الحزن من داخلة عندما رأي كل تلك السعادةعلي وجه هذه البريئة وتأكد حينها أنها تريد ذاك القاسم لا غير
وجهت فايقة حديثها ذات المعني إلى يزن قائله: شفت يا يزن فرحت بت عمك بخبر شبكتها جد إية؟

واكملت بنبرة شبه أمرة: چهز حالك إنت كمان عشان جدك أمر إن إنت وفارس هتدلوا بكرة المركز وتنجوا شبكت عرايسكم
في تلك الأثناء خرجت ورد كي تبحث عن إبنتها، إرتعبت أوصالها حين رأتها بصحبة تلك الحية، تحركت سريع إلى وقفتهم، حين أبلغتها تلك الش مطاء لأوامر عتمان وأن عليها التأهب، وتركهم يزن بقلب منكسر وتوجة للداخل.

روايه قلبي بنارها مغرم بقلمي
كان يتحرك بقلب منكسر وخيبة أمل أصابته جراء ما رأه من سعادة داخل عيون صفا، نارا شاعلة بجسدة بالكامل، متجة إلى الدرج ومنه إلى حجرته،
وجد من توقفه بندائها العالي وتسرع إلية بخطواتها حتى توقفت أمامه وتحدثت بنبرة سعيده حماسية: كيفك يا يزن، عرفت إن چدك أمر بإننا ندلوا كلياتنا للمركز بكرة لجل منجوا شبكتنا أني ومريم؟

نظر لها بنصف عين وأردف قائلا بنبرة ساخرة: مبروك عليكي، بس أبجي خدي چدك وياكي لجل ما يكمل أوامرة ويختارلك شبكتك بنفسية
حزنت وأقشعرت ملامحها بعبوس وتحدثت بنبرة حزينة: أني عارفه إنك معتحبنيش ولا كت رايدني من الأساس،
واكملت بنظرة حاقدة: وخابرة كمان مين اللي كانت السبب في إكدة
وأسترسلت بنبرة حماسية: بس أني ريداك وعشجاك يا يزن وهعمل كل چهدي لجل ما أخليك تعشجني وتريدني كيف ما أني عاشجة تراب رچليك.

نظر لها مستغرب تبجحها وعدم حيائها وتحدث إليها بنبرة فظة: ماتتحشمي يا بت، چيباها منين البچاحة اللي إنت فيها دي؟
إبتسمت له بسعادة وأردفت بنبرة عاشقة: إنت عتسمي عشجي ليك بچاحة؟
أنقذه من تلك الحية صوت فارس الجهوري الذي يتدلي من فوق الدرج حيث تحدث بنبرة حادة: واجفة عنديكي بتعملي إية يا بت.

رفعت بصرها للأعلي تطالع شقيقها وتحدثت بنبرة باردة: كت ببلغ يزن بإننا هندلوا بكرة كلياتنا على المركز لجل ما نشتري شبكتنا
وما ان إستمع ذلك الفارس حتى إشتعلت النيران بجسده هو الأخر وتحدث إليها ناهرا إياها: شبكة الندامة عليك يا بعيدة، غوري إنچري على المطبخ إعملي كباية شاي
نظرت لذاك اليزن وتحدثت بنعومة: وإنت يا يزن، تحب أعمل لك إية؟

نفض جلبابه بغضب وأردف ساخرا: عايزك تعتجيني لوجة الله يا ليلي، تعرفي تعمليها دي؟
إبتسمت إلية وكأنها لم تستمع إلى توبيخها وأردفت قائله بنبرة هائمة: هعمل لك شاي ويا فارس وأطلعهولك في البراندا
قالت كلماتها وأنسحبت متجه إلى المطبخ بعدما نظرت إلية وتنهدت بحرارة.

إقترب فارس من يزن وأمسك كتفه وتحدث بنبرة ساخرة وهي ينظر لتلك التي تتحرك بدون خجل: ياتري عملت إية في دنيتك يا حزين لجل ما ربنا يبتليك بالبلوة السودا دي؟
أجابه بإقتضاب: إتولدت في العيلة الهم دي، هو ده ذنبي الوحيد اللي شكلي إكدة هعيش اللي باجي لي من حياتي لجل ما أكفر عنية
تنهد فارس بأسي وتساءل بجدية: هنعملوا إية في المصيبة اللي حطت فوج روسنا دي يا يزن؟

أجابه بنبرة بائسة محبطة: أني خلاص مبجاش فارج لي، ليلي بجت شبه غيرها
ثم نظر له وتحدث بنبرة متألمة: صفا طلعت رايده قاسم وعشجاة يا فارس.
مرت السنوات السبع سريع على أبطالنا سريع، حاول خلالها قاسم جاهدا على أن يبتعد عن مرمي عيون صفا قدر المستطاع كي يجعلها تناساه وسط زحمة دراستها الصعبة وانشغالها لكنه كان مخطئ وبشدة، فمتي ان للحبيب أن ينتسي بمجرد الإبتعاد عن النظر، فوالله ما زادها البعد إلا نارا واشتياق.

إنغمست هي الاخري ووضعت كل طاقتها في دراستها، ولكنها كانت حزينة ومستغربة لتجاهله المتعمد لها، حيث أنه لم يعرض عليها طيلة السنوات السبع بأن يخرجها من حبستها داخل المدينة الجامعية ولو لمرة واحده ويرفه عنها ثقل دراستها.

ولكنها أرجعت ذلك التجاهل والإبتعاد إلى غضبة الشديد الذي أصابه حين علم أنها قدمت اوراقها في چامعة القاهرة متجاهلة قراره بخصوص جامعة سوهاج
أما هو فأبعد حاله عن النجع متعمدا قدر المستطاع وأنغمس في دوامة العمل التي لا تنتهي حتى أصبح مكتبة من أكبر وأشهر مكاتب المحاماة في العاصمة بأكملها، وذلك بمساعدة عدنان وإيناس التي غيرت من خطتها تمام في معاملتها مع قاسم وأصبحت مثلما يريد، او هكذا أوهمته،.

فقد أصبحت شخصية أكثر عملية، ذات خلق ظاهري فقط أمامه وأرتدت الحجاب وإلي حد ما أصبحت ملابسها مقبولة ومرضية بالنسبة له.

تزوج يزن من ليلي وفارس من مريم منذ عامان تحت ضغط كبير من جدهما، رزق فارس ومريم بطفلة رائعة الجمال أسمياها جميلة تيمنا بجمالها الخلاب، وعاشا معا وحاولا كلاهما جاهدان بتناسي الماضي والعيش من جديد لأجل طفلتهما، والحق يقال الطرفان لديهما الإستعداد للتجاوب وإعطاء حالهما فرصة اخري للحياة، ولكن، هل حقا سيستطيعا التغلب على نسيان الماضي؟

أما يزن وليلي فلم يرزقا بأطفال إلى الأن تحت حزنها وحزن والدتها وسعيهما بشتي الطرق لتحصلا على مرادهما، وراء الأطباء تارة، وتارة أخري تسعي كلاهما إلى الدجالين والمشعوزين أملا في حدوث الحمل كي تضمن بقائها مع حب العمر يزن الذي يحاول مرارا أن ينسي صفا بليلي التي تعشقه، ولكنها وللأسف ورثت من والدتها الغباء والتعالي، حيث دائما ما تغار عليه من صفا وتفتعل المشاكل معه بسببها.

وما زاد الطين بله وأشعل نيرانها أكثر هو أن جدها أسند إليه مهمة الإشراف على بناء المشفي الخاص بصفا، وهذا ما جعل يزن وصفا يقتربا أكثر وخلق بينهما فرص للحديث والتواصل أكثر وكان هذا سبب كفيلا ليستدعي غيرتها المجنونه وأشعالها.

وقد أسند الجد تلك المهمة إلى يزن بعدما تأكدت ظنونة التي طالما انكرها داخله بإتجاة قدري بأنه خائن للأمانة التي أسندها له، وذلك بعدما أتي إلية تاجر فاكهه وخضروات كبير وأخبره على إستحياء أن قدري قد طلب منه بأن يأتي إلى عتمان ويطلب شراء المحصول بأقل من الثمن المستحق وهو سيقنع والده بأن هذا هو السعر الحالي، وأن يدفع التاجر الفارق لقدري مع بعض الخصم للتاجر، ولسوء حظ قدري أن التاجر كان يمتلك ضميرا مستيقظ.

وجاء يوم ظهور النتيجة، تصفحت موقع الجامعة وكالعادة حصلت على بكالوريوس الطب بدرجة إمتياز كعادتها طيلة السنوات السبع المنصرمة بجامعة القاهرة
وبرغم سعادتها الهائلة التي لم يضاهيها مثيل إلا أنها حزنت بشدة لعدم إكتراث قاسم وإهماله حضور يوم مميزا بالنسبة لها كهذا أو حتى مهاتفته لها كي يطمئن عليها ويشاركها فرحتها.

كل الشواهد كانت تؤكد أنه لم ولن يعشقها يوم ولكنها تغاضت عن شعورها ذاك وحاولت جاهدة أن لا تصدق حدسها وعقلها الواعي الذي دائما ما يلح عليها بإصرار طيلة الوقت ويأمرها بأن تتنازل عن ذاك العشق المدمر لروحها، ولكن يضل السؤال، متي كان للعقل سلطان على قلوب العاشقين.

اخبرت والداها عن تخرجها بتفوق كعادتها مما أسعدهما حتى انهما بات يطيران من شدة سعادتهما، وتحركت متجهه إلى المشفي بعدما هاتفت دكتور ياسر وأخبرته أنها بطريقها إلية كي تشرف على تجهيزات المشفي التي سيفتتحها جدها ويسلمها إدارتها عن قريب إحتفالا بتخرجها.

دلفت إلى ساحة المشفي تستقل سيارتها الفارهه التي أهداها لها والدها عندما حصلت على درجة الإمتياز في السنة الرابعة تحت إعتراض عتمان على قيادتها للسيارة بنفسها ومخالفتها لعادات النجع وتقاليدة الصارمة التي تمنع ان تقود فتاه سياره بنفسها، ولكنه كالعادة سرعان ما تراجع عن قرارة عندما لمح حزنها بعيناها الجميلة والتي دوما ما يضعف أمامها، وأيضا تحت إلحاح زيدان وإصرارة.

ترجلت من السيارة تحت انظار ذاك الطبيب الشاب الذي كان معيدها بكلية الطب جامعة القاهرة ولكنها رأت به مشروع شريك ناجح لها بالمشفي، وتحدثت معه واقنعته بأن يتفرغ للمشفي ويعاود معها إلى سوهاج ويستقر بها، وبالنسبة لتعينه بالجامعة إقترحت علية بأن يتقدم بطلب أنتداب لجامعة سوهاج، ببداية الحديث رفض عرضها بحزم شديد ولكنها أغرته براتب شهري عالي ونسبة من الأرباح سنويا فوافق على الفور، كونها فرصة عظيمة لشاب مثله طموح في بداية مشواره العملي.

وبالفعل أتي إلى النجع منذ أكثر من شهر وأستقر به وبدأ بالتجهيزات بمساعدة يزن
تحدث دكتور ياسر البالغ من العمر ثلاثة وثلاثون عاما والذي يمتلك من المقاومات الرجولية ما يجعله شاب وسيم ويستطيع جذب أي انثي تقع عيناها عليه عدا تلك العاشقة متيمة قاسمها: يا أهلا وسهلا بحضرة الزميلة العظيمة
وأكمل وهو يشير ببداه مداعب إياها: خلاص يا طالبتي النجيبة، بقيتي دكتورة وزميلة رسمي.

أنار وجهها وسعادة الدنيا إرتسمت فوق ملامحها الرقيقة وتحدثت بنبرة سعيدة: كله بفضل الله ثم وجفتك وياي يا دكتور ياسر
أجابها معترض: بلاش إنكار الذات اللي إنت فيه ده يا صفا، محدش وصلك للي إنت فيه ده بعد ربنا غير طموحك وتفوقك وإجتهادك و إصرارك العظيم على النجاح.

أجابته بشكر وامتنان: متشكرة ليك چوي يا دكتور، ودالوك يلا بينا ندخلوا المستشفي لجل ما نشوف اللي ورانا ونچهز للإفتتاح اللي هيكون في أجل من شهر إن شاءالله
ودلفا معا للداخل يتفقدان العمال وهم يعملون على قدم وساق بأوامر حازمة من يزن المكلف بمباشرة الأمر بأوامر من جده عتمان.

عند الغروب توجهت للعودة إلى منزلها من جديد
دلفت إلى حديقة المنزل وصفت سيارتها بحرفية عالية ثم تدلت وكادت أن تدلف إلى منزل أبيها لولا صوت يزن الذي صدح من خلفها محدث إياها قائلا بنبرة صوت سعيدة: مبروك يا دكتورة، عجبال الماسيجتير والدكتوراة ويكونوا كالعادة بإمتياز
إستدارت بجسدها تنظر إليه بإبتسامة واسعة وأردفت قائلة بنبرة شاكرة: الله يبارك فيك يا باشمهندس.

إقترب منها وتحدث إليها بنبرة حماسية: أظن إكدة معادلكيش حجة عاد، الإمتحانات وخلصناها والبكالوريوس وأخدناه بدرچة إمتياز مرتفع، عاوزك من بكرة تفضي لي حالك لجل ما تتابعي وياي تچهيزات المستشفي، خلاص الأجهزة على وصول، بكرة أو بعدة بالكتير وتوصل
أجابته بنبرة هادئة: إن شاءالله من بكرة رچلي على رچلك.

واكملت بدعابة: وإوعاك تكون فاكر إني مكتش متابعة التچهيزات، أني كنت بتابع كل الخطوات مع دكتور ياسر، وحتى الأچهزة اللي هتوصل بكرة إختارتها وياه.

تحدث إليها مشيدا بذكائها: بصراحة يا صفا إختيارك لدكتور ياسر في إنه يشرف على تچهيزات المستشفي بنفسية كان إختيار موفق ورائع، الراچل ساعدني كتير ده غير إنه وفر لنا وجت ومچهود في المشاوير اللي كنا هنروحها للشركات اللي بتورد الأچهزة دي، ده غير إنه بمعارفه إختار لنا أفضل الأسعار الموچودة في السوج.

أردفت قائلة بإمتنان: دكتور ياسر حد شاطر جدا وطموح لابعد حد، أول ما دخلت الكلية كان هو لساته متعين معيد من سنتين، والحجيجة كان مميز چدا وظاهر من بين كل زمايلة، فضلت مراجبة تصرفاته ونشاطاته المشرفة في الكلية من بعيد لحد ما أتوكدت إنه إنسان صادق وعلى خلق،.

وبعدها عرفته عليا وجولت له على جرار چدي الخاص ببني المستشفي، وعرضت علية في إنه يجدم على إنتداب لچامعة سوهاچ وياجي يشرف على تچهيزاتها جنب شغله في الجامعة، وكمان يتعين إهني في المستشفي العام، لحد ما أني أخلص، بس هو رفض بشدة
وأكملت وهي تضحك: بس أني أغريته بالمرتب اللي مهيلجهوش في أي مستشفي إستثمارية في القاهرة بحالها.

إبتسم لسعادتها وتحدث بإطراء على ذكاءها: خطوة موفجة يا صفا، إنت كنتي محتاچة واحد فاهم لجل ما يساعدك في التچهيزات وفي نفس الوجت مخلص وأمين
تحدثت إلية بتفكر: إيوا صح يا باشمهندس جبل ما أنسي، عاوزاك تجعد وياه لجل ما تختاروا الدكتورة الچديدة اللي هتتعين في تخصص أمراض النسا، هو معاه ال C. V الخاصة بيهم.

ومن بين حديثهما الشائق إستمعا كلاهما إلى صوت تلك الغاضبة التي صدح من خلفهما وهي تتحدث إلى زوجها بنبرة حادة: ولما أنت إهني في السرايا معتردش على مكالماتي لية يا يزن؟
نظر إليها مستغرب حدتها ونبرتها العالية وأردف قائلا بتبرير: تلفوني عاملة Silent من لما كنت مع العمال في المستشفى الصبح ونسيته
ثم تابع حديثه منتقدا إسلوبها الحاد: وبعدين حسك عالي ليه؟
و مالك داخلة فيا زي الجطر الجشاش إكده لية.

نظرت إليه وتحدثت بضيق وبنبرة معاتبة: أني زي الجطر يا يزن؟
وكادت أن تكمل لولا مقاطعت صفا التي تحدثت بلين: صلوا على النبي وإهدوا إكدة يا چماعة
لم تكمل حديثها وأبتلعته بجوفها وذلك لحدة تلك المقاطعة لها التي تحدثت إليها بنبرة حاقدة: خليكي في حالك وحياة أبوكي و وفري نصايحك الخيبانة دي لنفسك، وكفاية إن كل خناجاتنا ومشاكلنا بسببك
بسببي أني؟
جملة تساءلت بها صفا بتعجب وذهول ظل وهي تشير بسبابتها على حالها.

فأجابتها هي بصياح حاد: إيوة بسببك وبسبب مستشفي الهم اللي واخدة وجت جوزي كلياته لدرچة إني معرفاش أجعد وياه ساعتين على بعض
نهرها يزن قائلا بحدة: وبعدهالك عاد يا ليلي، مهتزهجيش منيه حديتك الماسخ دي؟
وتحدث وهو يشير إليها بيده للأمام: مشي جدامي على فوج، صفا مذنبهاش حاجة في إنها تجف وتسمع خناجاتنا وحديتنا التافة دي.

تحدثت صفا إلى يزن قائله بهدوء: معلش يا يزن هحرمك من مرتك عشر دجايج بس هنتكلموا فيهم لحالنا وبعدها تطلع لك على طول
نظر إليها وتحدث بطاعة ونبرة حنون أثارت جنون تلك الليلي وأشعلتها أكثر من ناحية صفا: إنت تؤمري يا دكتورة
وأكمل منسحب: بعد إذنك
بعد صعوده لدرجات سلم المنزل ربعت ليلي ساعديها ووضعتهما فوق صدرها وتحدثت بنبرة رخيمة: خير، جولي اللي عندك وإنچزي عشان مفضيالكيش أني.

تحملت صفا نبرتها السخيفه وامتصت حزنها من تلك المعاملة التي طالما تعاملها بها وإلي الان لم تعي ولا تجد سبب مقنع لتلك المعاملة، تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة هادئة: حاضر يا ليلي، مهأخركيش.

وأكملت بنبرة جادة عملية: أني طلبت من دكتور ياسر إنه يسأل لي على دكتور نسا وتوليد زين وهو كتر خيرة جاب لي إسم دكتور في القاهرة إسمة كبير جوي، ولما سألت عليه زين لجيته ماشاء الله شاطر چدا في مجالة، و كان سبب في إن ربنا رزج ستات كتير بالخلفة بعد سنين كتير خدوها چري من دكتور للتاني.

وما كان من الاخري إلا أنها شنت عليها حرب هجومية حادة قائلة بنبرة حادة: وإنت مالك يا جلفة بالموضوع ده، تتدخلي ليه في اللي مايخصكيش، مالك إنت إن كنت أخلف ولا ما أخلفش
تراجعت للخلف من شدة هلعها من هجوم تلك المجنونه وتحدثت مفسرة: مالي كيف يعني يا ليلي، إنت ويزن ولاد عمي يعني كيف إخواتي بالظبط، وحجكم عليا إني أساعدكم في حل مشكلتكم خصوصا إنها في نفس مجالي وإني بسهوله اجدر أوصل للي يجدر يساعدكم.

رمقتها بنظرات نارية وتحدثت بنبرة شاعلة: تعرفي يا صفا، أني لو دخولي للچنة هياجي من ناحيتك ويكون لك يد فية يبجا بلاها ومعيزهاش
إتسعت أعين صفا وأردفت بتعجب: للدرچة دي، لية ده كلة يا بت عمي؟
عملت لك إيه أني أستاهل علية معاملتك وكلامك دي؟
أجابتها بحدة وغل دفين: أصل المحبه والكرة دول بياچوا من عند ربنا، وإنت سبحان الله ربنا وضع كرهك في جلبي من وجت ما كنا عيال صغيرين بنلعبوا في الچنينة،.

وأكملت بغل وحقد ظهر بعيناها: من يوم يومي وأني اطيج العما ولا أني أشوفك جدامي
واسترسلت حديثها وهي تشير بسبابتها بنبرة محذرة: إسمعي زين يابت إنت، حياتي أني وچوزي خط أحمر بالنسبة لك، تبعدي عنينا وإوعاك تفتحي الموضوع ده مع أي حد تاني وبالخصوص يزن، وإبعدي عن يزن أحسن لك بدل ما أحطك في دماغي وأكرهك في عيشتك وأخليها لك چهنم الحمرا
وأكملت بتأكيد: فهماني يا بت ورد؟

كانت تستمع إليها بإستغراب تتساءل حالها بحيرة، لما كل هذا الكرة، ماذا فعلت لك لأجني كل ذاك الحقد والكرة من قلبك المحمل بالسواد أيتها الحمقاء
دققت النظر إليها ثم هتفت بنبرة قوية: طول عمرك وإنت بتندهي لي ببت ورد وكأنها وصمة عار وشتيمة ولا عيبة في حجي، بس اللي متعرفهوش إني بحس بكياني وجيمتي لما حد بيجول لي يابت ورد.

وأكملت بقوة وشموخ ورأس مرفوع بكبرياء: صح أني بت ورد وليا الشرف يا بت فايقة، بت ورد اللي ربتني أحسن تربية وطلعتني نفسي سويه، مش واحدة مريضة زيك ودايرة اوزع كرهي وحجدي على الناس من غير أسباب إكدة
ردت عليها ليلي وتحدثت بحقد: أني مش مچنونه لجل ما أكرهك من غير أسباب يا دلوعة أبوكي، أسبابي واعرة، واعرة جوي بس أحب أحتفظ بيها لنفسي.

وأكملت بعيون مشتعلة: ودالوك إخفي من وشي وإياك تنسي الكلام اللي جولتهولك من شوي، ده لو خايفة على حالك وعاوزة تتجي شري اللي منتيش حمله
وتحركت للداخل تحت نظرات صفا المتعجبه التي تحدثت بصوت مسموع لأذنيها: ربنا يشفيكي من حقد جلبك اللي هينهي عليكي يا بت عمي
وأنسحبت خلفها لداخل منزل جدها.

دلفت للداخل وجدت أمامها نجاة زوجة عمها التي إبتسمت في وجهها بسعادة وتحدثت إليها مهنئة: ألف بركة يا دكتورة، عجبال الچواز يا بتي
إبتسمت لها وتحدثت بحنان: يبارك في عمرك يا مرت عمي
ثم تساءلت: چدي وينه؟
أجابتها وهي تشير بسبابتها إلى باب الحجرة: چدك جاعد في المندرة ويا عمك منتصر، إدخلي لهم.

تحركت بالفعل ودلفت بعد الإستئذان وقبلت يد جدها الذي تحدث بنبرة فخورة: يا مرحب بالزينة اللي شرفتني وبجت دكتورة جد الدنيي
إبتسمت له وأجابته بنبرة سعيدة: كلة بفضل ربنا وبفضل تشجيعك ليا يا چدي
ثم تحركت لعمها وتحدثت بإحترام وهي تمد يدها لمصافحته: كيفك يا عمي؟
أجابها بنبرة حنون وعيون محبة: كيفك إنت يا زينة البنات
أجابته: الحمدلله يا عمي، بخير.

وجلست بجانب جدها تحدثه وتخبره إلى أين وصلت تجهيزات المشفي، دلفت جدتها التي تحدثت بسعادة: مبروك يا دكتورة
وقفت سريع ومالت بقامتها على كف يد جدتها لتقبله ثم تحدثت: يبارك في عمرك يا چدة
تحدث إليها عمها منتصر قائلا: أظن ما ان الأوان لجل ما نفرحوا بيكي بجا يا دكتورة
رد عليه عتمان وهو ينظر لخجل وأبتسامة غاليته: خدتها من على طرف لساني يا منتصر، چهزي حالك يا ست العرايس عشان فرحك على واد عمك بعد سبوعين.

وأكمل: و أني هكلم قاسم بالليل لجل ما يچهز حاله هو كمان
ثم نظر لزوجته وتحدث بأمر. : وإنت يا حاچة رسمية، چهزي حالك إنت وفايقة والحريم وشوفوا اللي لازم للفرح، وجهزوا الشجة عشان العزال هياچي كمان يومين
كانت تشعر بأن ساقيها لم تعد قادرة على حملها، أرادت أن تصرخ وتدور حول حالها من شدة سعادتها، كم تمنت في تلك اللحظة لو أن لها جناحان، لطارت وحلقت وتراقصت بين السحاب كي تشاركها العصافير متغنية بزقزقتها.

داخل مسكن فارس الذي كان يجلس غرفته قابع على سريرة يقرأ كتيب بيدة
دلفت مريم إلية حاملة طفلتها التي بالكاد تكمل شهرها السادس وتحدثت بإقتضاب: هو انت مهتزهجش من الجعدة لحالك إهني يا فارس؟
وضع كتيبه جانب فوق الكومود وأشار بيدة إلى طفلته الجميلة التي ما إن رأته حتى بسطت يداها مشارة إلى عزيز عيناها.

إلتقطها فارس وسرعان ما أدخلها بأحضانه وبات يزيدها وينثر عليها قبلاته الحنون بلهفة وشوق وسعادة وكأنه وجد العوض داخل حضن صغيرته
ثم نظر لتلك التي تضم شفتيها بحزن وتساءل ساخرا: مالك يا مريم على المسا، جالبة خلجتك لية إكدة؟

أجابته بإقتضاب: زهجانة يا فارس، نفسي أخرج من السجن دي ونسافر لحالنا لأي مكان نتفسحوا فيه
قطب جبينه فأكملت وهي تجاوره الجلوس: تعال نسافر مصر ونجعد لنا جد إسبوع في شجت عمك زيدان، نفسي أتفسح وأروح السينما يا فارس، نفسي أشوف دنيا غير دنيتنا المجفولة دي
أجابها بعدم إهتمام لحالتها: ما انت خابرة زين أني مفاضيش يا مريم، إبجي روحي مع عمك زيدان لما ياچي يسافر هو وصفا ومرته.

أجابته بنبرة حادة: مبرتاحش ويا صفا وإنت عارف إكدة زين، الكام مرة اللي سافرتهم وياهم كت بحس حالي مخنوجة وممرتحاش،
أردف بنبرة حادة معاتب إياها: يادي صفا اللي حطاها فوج راسك وزاعجة إنت وليلي، البت في حالها ومبتجربش منيكم، مالكم بيها سبوها في حالها.

حزنت من طريقته الحادة معها وتحركت إلى الشرفة ووقفت بها تاركة إياه بصحبة إبنته والذي بدأ بمداعبتها وملاطفتها تحت ضحكاتها العالية التي تعبر عن مدي سعادتها المفرطة.

دلفت إلى منزلها عائده من منزل جدها بقلب وروح هائمة، وجدت والدتها تخرج من المطبخ فتساءلت بنبرة لائمة: كل ده تأخير يا دكتورة؟
أبوك مداجش الوكل وجاعد مستنيكي لجل ما يتغدا وياكي
أردفت قائله بذهول: جاعد لحد دالوك مستنيني، ده المغرب جرب يأذن يا أماي
تحدثت إليها ورد على عجالة: طب يلا إندهي لأبوكي من الأوضة على ما أچهز السفرة أني وصابحة.

أطاعت والدتها وتحركت إلى حجرة أبيها، وقفت وطرقت بابها بهدوء، إستمعت إلى صوت أبيها قائلا: إدخلي يا دكتورة
دلفت وطلت برأسها وأبتسامة خلابه ظهرت على محياها وتحدثت لذاك الممسك بهاتفه يتصفحه: وكيف عرفت إن أني اللي على الباب مش أمي
إبتسم لها وأردف ساخرا: عشان إنت الوحيدة اللي عتخبطي على الباب جبل ما تدخلي يا جلب أبوكي، لكن أمك عتدفع الباب دفع كيف المخبرين لما ياچو يجفشوا المچرم وهو متلبس بچريمته.

أطلقت ضحكة عالية وتحدثت وهي تقترب علية: طب ولما حضرتك صاحي وجاعد على التلفون، حابس حالك إهني لية، مجعدتش في البراندا في الهوا ليه يا أبوي
أجابها مفسرا: ما انت عارفة أمك، عطيج العمي ولا تطيجش تشوفني ماسك التلفون وجاعد على الفيس بوك
عتحبك وتغير عليك يا زينة الرچال، جملة قالتها صفا مفسرة
أجابها بهدوء: على أية بس يا بتي، هو أني عاد فيا حاچة لجل ما تغير عليا بيها.

تحدثت بإستهجان: إنت زيدان النعماني زينة رچال نجع النعمانية كلياتهم، وعتفضل إكدة، معتشوفش حالك في المراية إنت إياك؟
وأكملت بتفاخر: طب ده أني صحباتي لما شافوك معاي لما چيت لي الچامعة مصدجوش إنك أبوي، جالولي يابخت أمك بيه
قهقه عاليا ثم جلست بجانبة وتحدث هو متسائلا بنبرة جادة: أخبار تچهيزات المستشفي إية؟
أجابته بنبرة عملية: الأچهزة اللي جدي متكفل بيهم هيوصلوا وهيتركبوا بكرة إن شاء الله.

وأكملت: أما بجا أچهزة غرفة العناية المركزة اللي حضرتك إتبرعت بيها هتوصل بعد إسبوع، وكمان الأجزخانة اللي حضرتك عملتها جدام المستشفي لغير الجادرين، الدكتور ياسر جال لي إن شركات الأدوية هتوصل جبل الإفتتاح بيوم وتچيب المطلوب كلياته
وأكملت بإمتنان: ربنا يچعلة في ميزان حسناتك يا حبيبي ويعطيك ويزيدك من فضلة
إبتسم لها وتحدث متمنيا: تسلمي يا بتي، ربنا يجعلها فتحة خير عليكي إن شاءالله.

أردفت مكملة: تسلم يا أبوي، . چدي جال لي أخلي الكشف لأهل النچع الغير جادرين مجانا، وكمان النچوع اللي حوالينا أي حد هياجي يكشف ويجول إنه غير جادر هيكشف من غير مايدفع حاچة، لكن سعر الكشف للجادرين هيكون عادي
وتحدثت وهي تقف لتحسه على التحرك للخارج: أمي زمناتها چهزت السفرة، يلا بدل ما تطب علينا ووجتها مهنخلصوش
إبتسم لها وتحرك إلى الخارج ليتناول غدائة وسط حبيبتاه ومبتغاه من الحياة.

إقتحمت ليلي حجرة والدتها وتحدثت إليها بنبرة متذمرة: وبعدهالك عاد يا أماي، عتفضلي سيباني لحد ميتا وموضوع الخلفه معلج إكدة؟
خليتي سيرتي لبانة في حنك اللي تسوي واللي متسواش وچرأتي العالم الرمم عليا
هتفت بها فايقة بنبرة مستفسرة: خبر إية يا بت خلعتيني، مالك داخلة شايطة ومشعللة كيف البوتچاز إكدة.

اجابتها بنبرة غاضبة: عايزاكي تشوفي لي حل، لازمن تاجي معاي بكرة عند الشيخ مصيلحي لجل ما يعمل لي عمل تاني بدل الخيبان اللي عملهولي ومچابش نتيچة دي
تنهدت فايقة بأسي وتحدثت بنبرة مهمومة: والله شكل كسرتي هتكون على يدك إنت يا ليلي، شكلك إكدة عتشمتي فيا كلاب العيلة والنچع كلياته
حزنت ليلي وأمتلئت عيناها بعبرات الدموع، فتحدثت إليها فايقة كي تطمئنها: إهدي يا بت، لسه بكير على البكا والنواح يا حزينة.

أني هروح وياكي بكرة للمحروج اللي إسمية مصيلحي ولو العمل بتاعه مجابش نتيچة هروح ل أبونا الجسيس،
وأكملت بإشادة: عيجولوا اللي يتوه فيها الكل عيخلصها هو بجعدة واحدة
إتسعت أعينها ببريق أمل وتحدثت بنبرة حماسية: ولما هو واصل إكدة ساكته كل ده وسيباني ألف على الدچالين والنصابين و وصفاتهم اللي هتچيب أچلي دي لية، ولا الدكاترة اللي هروني شكشكة وهروا معدتي من الأدوية اللي من غير فايدة.

أجابتها بشرود: كل شي بأوانه يا بتي، كل شي بأوانه.

مساء
كان يتحرك داخل رواق مکتبه الذي أصبح من أشهر وأكبر مكاتب المحاماة في العاصمة ويرجع ذلك لذكاء قاسم الخارق بمجاله وأيضا مساعدة إيناس وعدنان له، كانت تخرج من مكتبها المخصص لها بجوار عميل هام للغاية لتوصيله كنوع من التقدير والإحترام له.

نظرت لذاك الذي يتحرك داخل الرواق أتيا عليها بطلته وهالته الساحرتان، وقف مقابلا لها كي يرحب بالعميل الذي تحدث إليه بتقدير: أكيد أنا حظي من السما إنهاردة علشان شفتك يا قاسم بيه
إبتسم له قاسم ومد يده ليصافحة بحفاوة قائلا بترحاب: مهاب باشا، أنا اللي زادني شرف إني إتشرفت برؤية معاليك يا سعادة الباشا
وأكمل بتساؤل: أتمني تكون سعادتك راضي عن شغلنا المتواضع بالنسبة لقضايا شركتك في الفترة الاخيرة.

إبتسم الرجل وتحدث إلية: كل الرضا يا متر
واسترسل حديثه بإطراء وإعجاب: الحقيقة إني لازم أعترف إن شغل مكتبك ممتاز ويعتبر إنت وباقي فريقك من أكفئ الناس اللي تعاملت معاهم في مجال المحاماة في مصر كلها،.

وأكمل متذكرا: وبالمناسبة أحب أهنيك على قضية كارم عبدالسلام اللي شاغلة كل الوسط، لدرجة إن الناس اليومين اللي فاتوا ملهمش سيرة غير في الكلام عنها، وعن مرافعتك اللي كانت عالمية والبراءة اللي جبتها له بعد المؤبد الحتمي اللي كان لابسة بالتأكيد
ثم حول بصره إلى إيناس وتحدث بإطراء مشيرا إليها بتعظيم: وطبعا ده الطبيعي لما يكون وراء رجل عظيم زيك إيناس رفعت عبدالدايم.

إبتسم قاسم وأقتربت إيناس من وقوف قاسم وأردفت قائلة بشكر: ميرسي يا أفندم على المجاملة الرقيقة دي
ثم نظرت إلى قاسم وتحدثت بإعجاب وإطراء: بس الحقيقة أنا اللي محظوظة إني أكون شريكة قاسم النعماني في الشغل وكمان في الحياة
ضل الجميع يتبادلن المجاملات وبعد مدة تم توديعه ثم تحرك قاسم بصحبتها إلى داخل مكتبه الخاص
وبمجرد دخولهما تحدثت هي بعملية: عندك مقابلة مع سليم النحاس كان نص ساعة بالظبط.

كاد أن يرد عليها قاطعة صوت رنين هاتفه الشخصي ليعلن عن وصول مكالمة من أحدهم
نظر لها وأردف قائلا: دي أمي
أجابته بعملية كعادتها: طب رد عليها شوفها عاوزة أيه؟
وبالفعل ضغط على زر الاجابة وتحدث الى والدته باحترام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أزيك يا أما، أخبارك إيه.

علي الطرف الأخر ردت عليه فايقه وهي في قمه سعادتها لإقتراب تحقيق حلمها التي عاشت تنسج خيوطه بين يديها: أني بخير يا ولدي، حبيت أفرحك وأخبرك إن شهاده صفا بانت إنهاردة الصبح وچدك جال إنه هيكلمك عشية لجل ما يحدد وياك معاد الفرح وتشوفوا ويا بعض هتتمموه ميتا.

أغمض عيناه و زفر بضيق وأخذ نفس عميق ثم وضع كف يده فوق شعره وسحبه للخلف بشدة في حركه تدل على مدى غضبه وضيقة و تحدث إليها بلا مبالاة: بعدين يا أما، إجفلي دالوك ونتكلم بعدين في الموضوع ده
أجابته فايقة مستغربه مدى حدة صوته وتحدثت إليه بحنق وضيق: إيه هو اللي بعدين ده يا قاسم؟

وأكملت بتعجب: أما انت أمرك عچيب صحيح، بجول لك چدك عايزك لجل ما تتكلموا في تمام زواجك على بت عمك اللي إنتظرناه من سبع سنين على نار، تجوم تجول لي بعدين
هنا لم يستطع تمالك حاله وأرتفعت نبرة صوته بحده وغضب قائلا: جلت لك بعدين يا أما ورايا شغل مهم ومش فاضي أنا للكلام الفارغ ده
ردت فايقة بصدمه: كلام فارغ؟

هو أية ده اللي كلام فارغ يا قاسم، بكلمك عن فرحك اللي مستنياه بفارغ الصبر بجالي ياما وإنت تجول لي كلام فارغ؟
وأكملت متساءلة بذكاء: مترسيني على اللي في دماغك وتجول لي ناوي على أية يا واد بطني؟
أجابها بحدة ونبرة صريحة: أرسيكي يا أم قاسم، أنا مش هتچوز صفا حتى لو إنطبجت السما على الأرض، لأني بحب واحدة زميلتي في المكتب وهتچوزها والكلام ده أنا هاجي بنفسي وهجوله لچدي وللچميع.

وبعد إذنك مضطر أجفل السكة علشان ورايا شغل كتير وحضرتك معطلاني عنيه
وأغلق الهاتف تحت ذهول فايقة التي نظرت إلى قدري الذي دلف للتو من باب الحجرة وتساءل بإهتمام: بتتخانجي ويا مين في التلفون على المسا يا فايقة؟
تحدثت إلية ومازالت تنظر بهاتفها بذهول: تعال شوف المصيبة اللي وجعت وحطت فوج روسنا يا قدري.

إتسعت عيناه وشعر برجفة تسري بجسدة وهو ينظر لهيئتها المخيفة التي تشير بوجود كارثة كبري بالفعل: مصيبة أية يا مرة كفانا الشر
أجابته بتقطيم: ولدك البكري، حضرة المحامي العاجل المحترم اللي دماغة توزن بلد
وبدأت تقص عليه ما دار بينهما تحت ذهول قدري وإستشاطته وغليانه من أفعال نجله الذي يريد الإطاحة بحلمه في أن يستحوذ على أملاك زيدان أجمع.

أما عند قاسم الذي حزن داخلة لأجل صفا وما سيعود عليها من ذاك الخبر
جلست إيناس فوق مقعدها واضعة قدم فوق الأخري وتحدثت بهدوء: إهدا من فضلك يا قاسم وخلينا نرتب الكلام اللي هتقوله لجدك علشان ما يغضبش عليك ويعمل معاك زي ما عمل مع عمك
أجابها بحده ونبرة رافضة لحديثها: أنا لا هرتب كلام ولا هتكلم مع جدي من أصله واللي حابب يعمله يعمله.

وأكمل بنبرة حزينه: أنا كل اللي فارق معايا في الموضوع ده هي صفا ومشاعرها اللي ممكن تتأذي
نظرت إليه بضيق وغيرة ولولا علمها بأنه لا يكن لها أية مشاعر لغضبت ولاشعلت الحوار بينهما
وأكمل هو بنبرة عاقلة: أنا هسافر سوهاج حالا وهتكلم مع صفا وهقولها إنها تستاهل حد أحسن مني وهخليها هي بذات نفسها اللي تروح لجدي وتطلب منه فسخ الخطوبة.

أردفت إيناس متساءلة بنبرة قلقة: وتفتكر إن جدك هيسمع لها وفعلا هيوافق على فسخ الخطوبة بالسهولة دي؟
أجابها بيقين وتأكيد: جدي هيتفهم الموقف وخصوصا إنه هيبقا طلب صفا، هو صحيح جدي راجل صعب وصارم وشديد وبيفرض أوامرة على الكل من غير نقاش، لكن بييجي لحد صفا ويقف، دايما بيعاملها بلين وبيحاول يرضيها على قد ما يقدر، وأكبر دليل على صحة كلامي ده هو تراجعه في موضوع دخولها كلية الطب بعد ما كان رافض.

ضيقت عيناها بإستغراب وتساءلت بإهتمام: وإشمعنا يعني صفا هي اللي جدك بيعاملها بالطريقة اللينة دي؟
نظر لها بتعمق وأردف قائلا بشرود: تعرفي إن طول عمري بفكر في إجابة للسؤال ده، إشمعنا صفا هي الوحيدة اللي جدي بيعاملها بالطريقة الرحيمة دي دون عن كل أحفادة
وجهت سؤالها إليه: وياتري لقيت لسؤالك ده جواب؟
هز رأسه بإيماء وأردف قائلا: بعد حيرة وتساؤلات كتير أخيرا لقيت السر لإجابة سؤالي في عيون جدي.

نظرت إلية بإستغراب مضيقة العينان فأكمل هو: لقيت إجابتي لما شفت جدي الراجل القاسي الحكيم اللي طول الوقت نظرت عيونه صارمة وتشبة عيون الصقر في حدتها وشرها وقسوتها،
واللي هي هي في نفس الوقت أول لما بيشوف عمي زيدان داخل علينا بلاقي فيهم حب وعطف وحنان عمري ما شفتهم وهو بيبص لأي حد فينا،.

وأكمل بشرود: وكأنه إتحول وبقا راجل تاني أنا ما أعرفهوش، ساعتها بحس إنه نفسه يجري عليه وياخدة في حضنه بس كبريائة وعنده ودماغة الصعبة هم اللي بيمنعوة من إنه يعمل كدة
نظرت إليه وتساءلت: بس اللي أنا فهمته منك إن علاقة جدك بعمك عمرها ما رجعت تاني زي زمان من بعد ما عصا أمرة
أومأ لها بإيجاب: ده اللي ظاهر لينا كلنا وحتى لعمي زيدان نفسه، برغم إني متأكد من جوايا إنه سامحه وقلبه صفي من ناحيته.

وأكمل وهو ينظر أمامه بشرود: يمكن خايف من نظرات الكل ليه ولومهم لما يلاقوا كبيرهم اللي عمرة ما رجع في كلمه قالها أو أصدر حكم ورجع تاني فية،
أو يمكن خوف مثلا من إنة لو سامحه يبقي كدة بيدي مبرر وفرصة لباقي العيلة إنهم يتمردا على قراراته ويعصوها.

واسترسل حديثه بتأكيد: بس اللي أنا متأكد منه هو إن جدي بيعامل صفا المعاملة اللي كان نفسه يعاملها لعمي زيدان، يعني لما بياخدها في حضنه ويضمها جامد بحس إنه بيضم عمي زيدان وبيحضنه هو،.

جدي بيعوض حرمانه من إبنه في صفا، واكبر دليل على كلامي ده الأرض اللي جدتي كتبتها لصفا، واللي انا متأكد من جوايا إن جدي هو اللي طلب منها تعمل كده علشان يرضي ضميرة ناحية إبنه اللي كبريائة مانعه من إنه يعلن للكل إنه سامحه وعفا عنه ويرجعه تاني لحضنه زي زمان
تحدثت إلية بإستغراب: بصراحه يا قاسم من كتر كلامك عن جدك وتفكيره الغريب ده إبتديت أخاف منه وأستغربه في نفس الوقت.

أخذ نفس عميق ثم زفره و وقف وتحدث إليها وهو يلملم اشيائه الخاصة من فوق المكتب: أنا لازم أسافر الوقت حالا سوهاج علشان أتكلم مع صفا وأنهي الموضوع مع جدي
تحركت إليه وتحدثت بنبرة تحذيرية: أوعي تتهور وتخسر جدك ورضاه عليك يا قاسم
نظر إليها مستغرب حديثها ثم تحرك للخارج.

تحرك بسيارته متجه إلى مطار القاهرة الدولي وفي طريقه قرر أن يهاتف صفا كي تنتظره وينهي معها تلك الحكاية التي أرهقت كيانه وأشعرته بالدونيه وعدم الإرتياح طيلة السنوات السبع الماضية.

وما أكد داخلة شعور أنه يمضي بالطريق الصحيح هو زيجات فارس ويزن وتعاستهما وروتينية حياتهما التي يحياها كل منهم مع شريكة الذي فرض علية جبرا، فصمم اكثر على أن ينأي بحاله وصفا من تلك الزيجة التي لم يجني كلاهما منها غير التعاسة كالبقية.

أمسك هاتفه وضغط على زر الإتصال برقم تلك التي كانت تجلس بالفرندا الخاصة بمنزل والدها، تنظر أمامها بشرود وحزن لأجل عدم تقدير ذاك الحبيب لها، إستمعت إلى رنين هاتفها يصدح معلنا عن وصول مكالمة، نظرت بشاشته وإذ برعشة قوية تغزو قلبها وتهز جسدها بالكامل وزين ثغرها بأجمل إبتسامة لأرق عاشقة
وبلحظة كانت ضاغطه على زر الإجابه وهي تتحدث بنبرة حزينة منكسرة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تنهد وحزن داخلة لنبرتها الحزينة وأجابها: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيفك يا صفا وكيف أخبارك
أجابته بمعاتبة لطيفة: تهمك أخباري صح يا قاسم؟
أجابها بنبرة صادقة: طبعا تهمني وربي شاهد يا صفا، أني عارف إنك زعلانه علشان مكلمتكيش وباركت لك على التخرچ.

وأكمل مفسرا بنبرة زائفة كي لا يحزنها: بس غصب عني، الشغل في المكتب كتير جوي اليومين دول وعندي كام قضية مهمين شاغلين دماغي وجلساتهم جربت وواخدين كل إهتمامي
حزنت من داخلها على حديثه الرسمي معها والذي تتبعه معها منذ أن تمت خطبتهما إلى الان وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة: ربنا يجويك يا متر
شكرها ثم تحدث بنبرة مترددة: صفا، أني چاي سوهاچ بعد ساعتين إكده إن شاءالله، عندي كلام يخصك ولازمن تسمعية مني.

إستغربت نبرة صوته المرتبكة وأردفت متسائلة: كلام أيه دي يا قاسم اللي عاوز تكلمني فيه؟
أجابها بنبرة صارمة: لما أچي هتعرفي يا صفا، المهم عاوزك تستنيني في الچنينة من ورا لجل ما نتكلموا براحتنا وأجول لك على كل اللي جواي
أغلقت معه الهاتف وتساءل داخلها عن ماذا يريد منها قاسم في ذاك الوقت المتأخر؟
ليتني أصبت
بفقدان كامل لذاكرتي حين أقدمت علي
إختيارك لتكون فارسي ورجل أحلامي، ليتني لم أقترف تلك الخطيئة التي قضت علي ودمرت أعز أمالي
كيف لعيناي أن تغض الطرف وتتغافل
حقيقتك المرة وتتغاضي، كيف خدع قلبي وأنساق وراء عشقك عديم
المنفعة، عشق لعين بالي
ليتني إتبعت حدسي وأطعته حين نبهني
وحسني علي الإبتعاد
ألهذا الحد كانت عيناي معصوبة لكي لا أري
حقيقة وجهك القبيح
الأناني.

ياليت لم أتبع نداءات ذاك القلب الأبله الموصوم بعشقك اللعين
ليتني وليتني لم أضع أعز سنواتي لتمر أمامي هباء
خواطر روز امين.

أغلقت صفا الهاتف مع قاسم وبدأت بالتفكير والشرود فيما يريدها، وما هو ذاك الموضوع الهام الذي لا يريد لأحدا كلاهما الإستماع إلية
نفضت عن عقلها تلك الأفكار المتشائمة التي شوشت على تفكيرها والتي وبالطبع لم تصل ذروتها إلى إنتواءة لفض الخطبة، فهذا الحدث لم يخطر حتى بمخيلتها.

صعدت للأعلي وأرتدت أجمل ثيابها ونثرت عطرها الفخم الأنثوي بسخاء وانتظرت حضورة داخل شرفتها وكلها أمل بعدما منت حالها وأكدت لها بأن إحتمالية حضورة هو إعتذارة عن عدم مجيأة منذ الصباح لكي يكون معها وهي تتلقي خبرا طال انتظاره.

وقبل إنتهاء مدة الساعتان كان يدلف لداخل الحديقة بسيارته الخاصة والتي يضعها داخل جراچ خاص بجانب المطار ويستقلها بكل مرة ليتحرك بها عائدا إلى نجع النعماني دون اللجوء إلى أحد وعدم إزعاجه لشقيقه فارس بالأخص
رأته من شرفتها فأرتعش جسدها وكالعادة ثار عليها قلبها وأنتفض، أشار لها بأن تنزل إليه وتلحق به إلى الحديقة الخلفية حسب إتفاقهما.

هرولت سريع إلى الأسفل وتحدثت إلى والدتها التي كانت تجلس تنتظر حضور زوجها المتواجد خارج المنزل إلى الأن بصحبة أصدقاء له
أردفت قائله بعيون لامعة ببريق العشق مما أغضب ورد التي دائما تري أن ذاك القاسم لم يكن يوم يستحق تلك الصافية وعشقها البرئ: قاسم وصل يا أماي، أني رايحة أشوف عايزني في إية
زفرت ورد وتحدثت بحنق وضيق: أني مفهماش مجاش إهني لية وإتحدت وياكي في اللي عاوزة؟

وأكملت بنبرة ساخطة ساخرة: عيتكلم في اسرار حربية إياك؟
إبتسمت صفا إلى والدتها وأردفت قائلة بهدوء مقدرة خوفها الدائم عليها: خلاص بجا يا ورد، ماتبجيش حمجية إكدة
وتحركت أوقفها صوت ورد الدائمة القلق على صغيرتها والتي لا تأمن عليها سوي مع حالها وزيدان وفقط لا غير: صفا.

إستدارت لتنظر إليها من جديد فاسترسلت ورد حديثها بعيون محذرة لصغيرتها التي مهما مر بها العمر ستظل تراها امامها إبنة السبعة أعوام: خلي بالك من نفسك
هزت رأسها لوالدتها ونظرت لها بإمتنان وتحركت إلى الخارج.

وبعد قليل كانت تقف أمامه بحالة يرثي لها، ااااااه واه لو يدري ذاك الفاقد الحدس والبصيرة بما يفعله بتلك الصافية في كل مرة يظهر بها أمامها بمظهره الرجولي ذاك وتراه فيها عيناها، لخر ساجدا تحت قدميها ليطلب ودها وغرامها المشهود.

أما تلك العاشقة التي شعرت بسخونة تصاحبها رعشه تسري بداخل جسدها وتتخلل أوردته بالكامل لينتفض ويثور عليها، إنتفض أيضا قلبها وثار صارخ ولولا حبها لله والخشية من غضبه عليها بجانب تربيتها الحسنة، لرمت حالها داخل أحضان متيم روحها وسارق قلبها وليكن ما يكن،
حبيبها الأبدي والمالك الروحي، قاسمها، والتي أقسمت بداخلها بألا تكون لغيره من الرجال، وكيف ومنذ نشأتها وهو بعيونها كل الرچال.

تحدث إليها بملامح وجه حائرة لا تدري من أين تبدأ: كيفك يا صفا؟
أجابته بإنتفاضة داخلها ونبرة صوت مرتبكة وهي القوية الأبية مع الجميع عداه: الحمدلله يا قاسم، حمدالله على السلامة
أماء لها بعدم إكتراث بحديثها وذلك لشدة توترة وتشتت عقلة فيما هو قادم علية، و كيف سيخبرها بذاك القرار دون المساس بمشاعرها وجرح كبريائها الأبي.

فتحدث مشيرا إليها بالجلوس فوق المقعد المقابل له وذلك بعدما جلس هو متخطيا قواعد اللباقة والبروتوكول: إجعدي يا صفا
جلست وتحمحم هو منظف حنجرته كي يخرج صوته بإيضاح، كم إكتشف أن الأمر ليس بالهين على الإطلاق كما كان يتوقعه، ولكن ما حدث هو العكس
أخرج صوته بصعوبه وتحدث: عرفتي إن چدك طلب مني أجي عشان نتفج على ميعاد نتمموا فيه الفرح؟

وما أن قال جملته تلك حتى إشتعلت وجنتي تلك الجميلة لتزداد وهجا وجمالا فوق ما هي عليه وتحدثت على إستحياء وهي تنظر أرض: إيوه عرفت، چدي جال لي من إشوى لجل ما أچهز حالي وأشوف اللي ناجصني وأكملة
وأكملت بنبرة سعيدة خجلة لتخيلها أنه يسألها عن وضعها وهل هي مستعدة للزواج: وأني وضبت مواعيدي وأجلت إفتتاح المستشفي لبعد الفرح إن شاءالله
ونظرت لداخل عيناه وأردفت قائلة بنبرة خجلة: يعني تجدر تجول إني چاهزة.

يا لك من نقية بريئه خلقت وسط عالم إستفحلت به الأنانية
نزلت كلماتها على قلبه الحزين كنارا أشعلته، تألمت روحه المتأرجحة وحزن لأجلها حتى أنه كاد أن يتراجع بحديثة ولكنه إستقوي بحاله على حاله وتماسك ونظر لداخل عيناها
وتحدث إليها بنبرة صارمة قوية كي يتخلص من ذاك العبئ الثقيل دون رجعة: بس أني مش چاهز يا صفا.

نظرت إليه بعدم إستيعاب فأكمل هو ليجهز على ما تبقا من أحلامها الوردية التي دق بها وبكل جبروت أول مسمارا بنعشها: أني مرايدش الچوازة دي يا صفا،
وأكمل وهو يرفع كتفية بعيون أسفة متألمة: مجادرش
إتسعت عيناها بذهول مما إستمعت وتشتت ذهنها بعدم إستيعاب وحدثت حالها، قاسم، ماذا تعني بتلك الكلمات ضائعة المعالم؟
ماذا تريد أن تبلغني؟
أنا لا أفهمك ولم أستوعب مغزي حديثك، أو هكذا أوهم حالي.

وأمالت برأسها متوسلة، لا قاسم أرجوك، لا تثبت لي شكوك حدسي التي طالما لازمتني وطاردتني حتى بأحلامي وتؤكدها لي، لا تفعل بي هذا كي لا تصبح قاتلي
رحماك بقلبي الضعيف، رحماك!
كان ينظر إليها ويري تمزق روحها وتشتت عقلها الرافض للتصديق، ولكن ماذا عساه أن يفعل، ياليت جدهما لم يفعل بهما هذا، لو لم يفعل لكان عفاها وعفاه حرج اللحظة وهولها.

فأكمل مرغم متحاملا على حالة: أني عارف إن الكلام اللي هجوله دي صعب عليكي إستيعابه، بس أني بجولهولك بدل ما أغشك واغش حالي وياكي، وبدل ما تسمعيه من حد غيري ويچرحك
استرسل حديثه بجبروت متغاضي قلب تلك العاشقة لينهي مهمته الصعبة: أني عمري ما حبيتك ولا شفتك مرتي اللي بحلم أخدها في حضني وأكمل وياها اللي باجي من حياتي يا صفا.

وقعت جملته الحادة كصاعقة كهربائية على قلبها العاشق وأكمل هو بجبروت غير مبالي بتلك المنكسرة: طول عمري واني بشوفك كيف ليلي اختي بالظبط،
وأكمل مستنكرا: كيف يعني في يوم وليلة أختي تبجا مرتي، ده چنان، اللي عايزة چدك ده إسمية چنان
واخيرا قررت الخروج من صمتها وتساءلت لائمة بنبرة صوت ضعيفة لأنثي منكسرة: ولما هو إكدة وافجت ليه على الكلام من اللول يا أخوي.

شعر بغصتها وغضبها وأستشعر بين نبراتها بإلقاء اللوم عليه فتحدث مفسرا موقفه السابق: مكانش فيه جدامي حل تاني غير إني أمثل إني موافج عشان چدك يرضي يدخلك كلية الطب، وتبجا دي حجتي بعد إكدة إني أفركش الخطوبة وأجول له إني مش جابل على حالي أتچوز واحدة أعلي مني في المستوي التعليمي
إبتسمت له بمرارة وتحدثت بخيبة أمل: جال وأني من خيبتي وغبائي كنت فاكرة إنك خايف عليا وجلبك على مصلحتي.

أجابها بهدوء بنبرة عملية قاسية: وليه تبصي لها من الناحية العفشه دي، بصي للموضوع من الناحية الإيجابية وبصي على الإستفادة اللي خرچتي بيها منية
نظرت إليه بإستغراب من كم البرود والأنانية التي يتحدث بها وتساءلت ساخرة: ويا تري بجا أيه هي الإستفادة العظيمة اللي حضرة المحامي الكبير شايف إني خرچت بيها من الخطة العبجرية دي؟

أجابها بهدوء متغاضي عن طريقتها الساخرة من حديثه وذلك تقديرا لما أصابها من حديثه الغير متوقع بالنسبة لها: إنك بجيتي دكتورة يا صفا!
وأكمل بتأكيد: خلينا نتكلموا بصراحه، أني وإنت عارفين زين إن لولا موافجتي مستحيل چدك كان هيوافج على دخولك للطب،.

وأكمل مصارح إياها بنبرة واثقة: وسيبك من كلامه الزين اللي طيب بيه خاطرك لما جال لك إن موافجتي كانت تحصيل حاصل بالنسبة له، إنت خابرة زين إن لو حطيت العجدة في المنشار وجولت له إني مش موافج إن مرتي تبجا أعلي مني كان مستحيل يوافج
وأكمل مشيرا إليها مذكرا إياها بفضله: ومكنش زمانك الدكتورة صفا النعماني
تحدثت إلية بنبرة ساخرة: لا والله كتر خيرك يا واد عمي.

وأكملت بتساؤل ذكي: طب وياتري أية السر ورا الإعترافات الليلية اللي حضرتك جاي تتحفني بيها دالوك؟
أردف قائلا متحملا غضبها وحدتها بالحديث: كلامي ليكي ليه سببين مهمين يا صفا، أولهم هو إنك غالية عندي جوي وحبيت تعرفي الموضوع مني لجل ما أفسر لك اللي حصل صح وننفصل بهدوء والنفوس متشيلش من بعضيها، وتاني سبب هو إني محتاچ مساعدتك لجل ما تجوي موجفي جدام چدي وأني بكلمه.

واكمل معتذرا مبررا لها تصرفاته: متزعليش مني يا صفا، إنت ست البنات وألف شاب يتمني ظفرك، بس مش أني اللي هجبل على رجولتي إن حد تاني يختار لي المرة اللي هتنام في حضني
ولا أني اللي هسمح لحد يحولني لفارس ويزن
إبتسمت له ساخرة واگمل هو بتبجح: أنا عاوزك تجولي لچدك إن إنت اللي معيزانيش، وطبعا لانه بيحبك هيوافج على رغبتك دي.

وأكمل بصدق: وكمان عشان شكلك يبجا زين جدام العيلة كلياتها لما يعرفوا إن إنت اللي طلبتي الفراج مش أني
ضحكت ساخرة وتحدثت من بين صرخات قلبها المتألم: لا والله كتر خيرك مرة تانية
واكملت بحده بعدما إستشفت من حديثه بفطانتها إحتمالية وجود انثي أخري بحياته: بس اني بجا مستغنية عن كرم أخلاج سعادتك وميهمنيش إن العيلة الكريمة يجولوا عليا إبن عمها فاتها جبل الفرح بإسبوعين.

وأكملت بنبرة حادة معادية مهينة وكأنها تحولت لقطة شرسة: ودالوك عوزاك تروح لچدك إكدة كيف الشاطر وتجول له الكلام اللي لساتك جايلهولي حالا وتحل بنفسك الرابطة السودة اللي وجعت حالك ووجعتني وياك فيها
إتسعت عيناه ذهولا من قوتها وسخافتها بنفس التوقيت وتحدث بحده وأتهام: هو ده أخر معروفي اللي عملته معاك؟
عوزاني أجف لحالي في وش چدي وأعادية عشان أبجي زيدان التاني؟

ضحكت ساخرة وأردفت قائلة بحدة بعدما نالت بذكائها ما سعت إلية عندما إستدعت غضبة كي يفرغ ما بجعبته: إيووووووا، خليك صريح وراچل وجول إنك خايف من غضب چدك عليك ومن حرمانك من النعيم اللي إنت عايش فيه في چنة النعماني يا متر.

وأكملت بإتهام صريح بنبرة حادة: إنت جعدت مع حالك وجولت أما أستغفل بت زيدان الساذجة وأصدرها في وش المدفع ويا چدها، وهي إكدة إكدة مغضوب عليها هي وأبوها ومهيفرجش وياهم لعنة غضبة من چديد، أهم حاچة تنأي بحالك من غضب النعماني الكبير
وأكملت وهي ترمقه بنظرة إحتقارية مهينة لرجولته: تصدج كت فكراك راچل صح عنديك مبادئ وكرامة وبتعرف تواچه، بس شكلي إكدة طلعت بتخم في تجييمي ونظرتي للناس.

جحظت عيناه من حديثها المثير للغضب والمهين لرجولته، و رد عليها بإنفعال شديد واصما إياها: إنت جليلة الرباية والظاهر إكدة إن عمي زيدان معرفش يربيكي زين، و يظهر كمان إني كنت مغشوش فيكي وفي البراءة الكدابة اللي رسماها على وشك، للأسف، أني كت واخد فكرة غلط عنيكي، بس طلعتي عكس ما كنت مفكرك
ضحكت بنبرة عالية واجابته ساخرة: جصدك يعني علشان مطلعتش مغفلة وساذجة كف ما كنت مفكرني؟

وأكملت بتحدي مهين: هدي أعصابك يا متر، على العموم أني هعمل بأصلي وهطلع أرچل منيك وأروح لچدي وأحلك من رابطتي السودة دي
وأشارت بيداها إليه وتحدثت بنبرة ساخرة: زين إكدة يا متر، أظن إكده نكون خالصين ومعدلكش عليا چمايل
وتحركت تحت إشتعال جسدة وذهوله من تلك التي كان يعتقدها ملاك، ولكنه إكتشف كم هي قوية قاسية القلب حادة الطباع سليطة اللسان، وكأنه يتعرف عليها ويكتشفها من جديد.

أسرعت ودلفت على عجل لداخل السرايا حتى انها كادت أن تصتدم في ذاك الحسن إبن عمها منتصر والذي هو بنفس عمرها، تحدث إليها بتعجب: مالك يا صفا، وشك متغير ليه إكده؟
لم تعر لحديثه إهتمام واكملت بطريقها، وجدت جميع العائلة يجلسون وينظرن إلى شاشة التلفاز الضخمة بتركيز، عدا الجد
فنظرت إلى الجده وتساءلت بنبرة حادة ووجه لا يبشر بخير: چدي وينه يا چدتي؟
أجابتها الجده مستغربة حالتها: بيصلي العشا في أوضته.

أردفت قائلة وهي تتحرك وتطرق باب حجرة جدها: طب اني داخله له
سألتها الجدة بإستفسار: مالك يا دكتورة، فيه حاچة حصلت إياك؟
لم تعر لحديث جدتها إهتمام ودلفت سريع عندما إستمعت لصوت جدها بالسماح وقامت بغلق الباب خلفها
وقفت أمامه وهو يختتم تسبيحاته وتحدثت هي بنبرة صارمة وملامح جامدة: أني عايزة أفسخ خطوبتي من قاسم يا چدي
نظر إليها مستغرب غير مستوعب ما تفوهت به بعد.

أما بالخارج، فكان الجميع يتبادلن النظر مستغربين حالة تلك الصفا وغضبها الظاهر
تحدثت ليلي وهي تنظر إلى والدتها بنبرة ساخرة: مالها دي كمان داخلة في وشها زي الجطر ولا معبرة حد؟
نظر لها يزن وتحدث إليها بنبرة تحذيرية أخرستها: ليلي، إجفلي خاشمك
بالكاد أنهي جملته و تفاجأوا بدلوف ذاك الذي لم يختلف كثيرا عن سابقته، وتساءل بنبرة حادة وكأنه يعيد ذاك المشهد ويكرره: چدي وصفا وينهم يا چدتي؟

وقفا قدري وفايقة التي دب الرعب بأوصالها وبدأت بربط الخيوط ببعضها وتيقنت أن ذاك المتهور قد نفذ حديثه المجنون وتحدث إلى صفا عن فسخ الخطبة
تحدثت على عجل بنبرة مرتبكة: قاسم، إنت جيت ميتا من مصر؟
أجابها بتحدي وهو ينظر داخل عيناها وكأنه يؤكد لها شكوكها: وصلت من حوالي ساعة.

ثم نظر إلى جدته التي تحدثت إليه بتساؤل: خبر أيه يا قاسم، إنت وبتسأل على چدك ووشك ميطمنش، وبت عمك دخلت له جبل منك بنفس الوش الغضبان، أيه اللي حصل يا ولدي؟
تحرك لباب الغرفه غير مبالي بنداءات الجميع وأسألتهم المستفسرة، أسرعت رسمية ودلفت خلفه وأغلقت الباب منعا لدلوف الاخرين.

نظرت فايقة إلى قدري وهي تبتلع لعابها رعب أما هو فقد وصل لذروة غضبه من ذاك العنيد عديم العقل والتفكير والذي شبهه وهو يتجة إلى هدم أحلامة وأطماعة التي خطط لها منذ الكثير، بحصان عربي أصيل يرمح داخل سباق بكل ما أوتي له من قوة
همست مريم بجانب اذن زوجها فارس بإستفسار: هي أيه العبارة يا فارس؟

أجابها وهو يفرك ذقنه بأصابعه وينظر إلى الباب مدقق بشرود في أثر شقيقه: مخابرش يا مريم، بس الموضوع شكله واعر جوي وهيجلب بسواد على دماغ الكل.

أما منتصر الذي وجه حديثه إلى ذاك الثنائي المرتعب الواقفان ينظران بشرود إلى باب الحجرة يحتبسان أنفاسهما بذعر وكأنهما تسمرا بوقفتيهما: ما تجعد يا قدري إنت ومرتك، مالكم نزل عليكم سهم الله إكدة وكأن وصل لكم خبر عزيز غالي؟
رمق أخاه بنظرة ناريه هاتف بضيق: منتصر، أني مناجصش تقطيمك ده، بكفياني اللي أني فيه يا واد أبوي
إبتسم بجانب فمه ساخرا وفضل الصمت مترقب القادم بإستمتاع.

أما قاسم فقد دلف للداخل وجد عتمان يجلس وتقف أمامه تلك الغاضبه،
رمقها بنظرة نارية، ثم حول بصره إلى جده وألقي السلام عليه محاولا التماسك ولو قليلا، رده له الجد،
ثم أقبل عليه و مال بجزعه الفارع على يده مقبلا إياها بإحترام قائلا: كيفك يا جدي
تحدث الجد بنبرة صارمة حادة: حمدالله على السلامة يا قاسم
أجابه بإحترام: الله يسلمك يا جدي
تحدثت رسميه كي تلطف الأجواء: حرم يا حاچ.

أجابها وهو يضع مسبحته بجوارة في هدوء ما يسبق العاصفة: جمعا إن شاء الله يا حاچة
ثم نظر إلى ذاك الثنائي اللذان يرمق كلاهما الاخر بنظرات نارية لو خرجت لفحمت كلاهما بوقفته وتحدث مستفسرا: أيه اللي حصل يا قاسم، مزعل بت عمك لية
كاد أن يتحدث قاطعته تلك الغاضبه التي أردفت بقوة وشموخ: لساته متخلجش اللي يجدر يزعلني يا چدي، أني اللي معيزاش أكمل في الچوازة دي.

خبطت رسميه صدرها بيدها واتسعت عيناها بذهول وأردفت: يا حومتي
من الباب للطاج إكده يا دكتورة، جملة تساءل بها الجد بذكاء
ثم أكمل بتساؤل ساخر: صحيتي من النوم لجيتي حالك معيزاش تكملي
تحدثت الجده إليها بإستغراب: أيه اللي حصل لحديتك دي يا جلب چدتك؟
وأكملت مستشهدة: ده أنت لسه إنهاردة الفرحة ما كاتش سيعاكي وچدك بيبلغك إنه حدد ميعاد الفرح بعد إسبوعين.

أجاب هو بديلا عنها بملامح وجة مبهمة: ده جرار مشترك أخدناه إحنا الإتنين يا چدتي
وأكمل بوجه عابس: الحجيجه أني بجالي مدة وأني بحارب إحساسي الرافض وبحاول أتجبل الموضوع بس خلاص، مجاديرش أتحمل أكتر من إكده
واكمل مفسرا بنبرة زائفة: مجابلهاش على نفسي إن مرتي تبجا أعلي مني في المستوي التعليمي يا جدي
ضيق الجد بين حاجبيه وتحدث بإمتعاض: بس مكنش ده حديتك لما خيرتك جبل ما بت عمك تدخل الكلية من سبع إسنين.

أجابه بنبرة زائفة: مكنتش فاكر الموضوع هيبجا صعب عليا إكده، في الأول كت فاكر الموضوع عادي، بس لما الچواز جرب ودخلنا في الچد لجيت حالي مجابلش
كانت تستمع إليه وقلبها يتمزق
قطب الجد جبينة وأردف قائلا بنبرة هادئة لا تبشر بخير: يعني إنت بعد مركنت بت عمك چارك سبع إسنين والمركز كلياته عرف إنها محچوزه لك، والنجع كلاته عرف إن دخلتك عليها كمان سبوعين.

وأكمل بإبتسامة ساخرة: چاي دالوك وبكل بساطة تجولي مدرش إيه وأبصر إيه، متعجل حديتك أومال يا واد قدري
رفع رأسه وتحدث لائم: مش أحسن ما أتچوز واحدة مرايدهاش وأجعد في الصف ويا فارس ويزن
وأكمل معللا: وبعدين بجول لحضرتك مجادرش، مجابلهاش على رچولتي أني
أجابه الجد بنبرة باردة: والله دي غلطتك من اللول وعليك إنك تتحملها لحالك
معناته أية حديتك ده يا جدي؟
جملة تساءل بها قاسم مستفسرا بعيون غاضبة.

فأجابه الجد بنبرة صارمة: معناته إن فرحك على بت عمك السبوع الچاي ومعايزش كتر حديت
إتسعت عيناه غضب و هتف بنبرة حادة رافضه: هتجوزهالي بالغصب إياك؟
جولت لك مرايدهاش، مهتچوزش اني بالطريجة دي
نزلت كلماته على قلبها المسكين أشعلته فتحدثت ثائرة لكرامتها: وأني كمان معيزاش الجوازة الشوم دي.

وأكملت وهي تميل رأسها في حركة توسلية مستعطفة إياه بنبرة لحوحة: الله يرضي عليك يا چدي توافج وتخلص الموضوع ده لجل ما تريح لي جلبي
لو كان في جلبك غلاوة ليا صح كيف ما بتجول ريحني وخلصني منية
لان قلبه لأجلها ولكنه حارب شعوره بالضعف الدائم أمامها ورسم على وجهه الجدية و أجابها بإقتضاب: مش كل حاجة هتطلبيها هتستجاب يا دكتورة و أوعي تفكري إني عشان مرايدش أزعلك يبجا هتمشي على كيفك وتعملي اللي يحلالك.

أجابته بقوة ورفض: لا هو عاوزني ولا أني عوزاه يبجا بعجل مين نتمموا الجواز
وقف مستندا بعصاه وتحدث ناهرا إياها بحده: والله عال يا بت زيدان، جة اليوم اللي حتة عيلة زييكي تجف جدامي وتراچعني في جرارتي كمان، إوعاك عجلك يغشك ويجول لك إنك بجيتي دكتورة وفيكي تعصي أوامري
أجابته بنبرة غاضبة: كل شئ بالغصب والخناج إلا الچواز بالإتفاج يا جدي.

وأكد على حديثها قاسم الذي تحدث بإقتضاب: الموضوع منتهي بالنسبة لينا إحنا الإتنين يا چدي، مناجشتنا دي مچرد تحصيل حاصل ليس إلا
وأظن أني جولت لحضرتك أني مهكونش يزن ولا فارس
وكأن بجملته تلك قد سكب ماده سريعة الإشتعال فوق نارا شاعله فزادت شعلتها وتوهجت،
صاح عتمان بنبرة عالية تنم عن وصوله لذروة غضبه من ذاك الثنائي العنيد: يعني أيه الكلام دي يا وااااد، رايد توصل لي إن رأيى ملوش جيمه عنديك؟

دلف قدري سريع مقتحما الباب عندما أستمع إلى صياح والده الهادر وتحدث مستفسرا بنبرة مرتعبه: خير يا أبوي، أية اللي حصل
ثم نظر إلى قاسم محذرا إياه بعيناه الغاضبة
إستشاط غضب عتمان عندما رأي منتصر وفايقة وفارس، الكل دلف للداخل ليرا لما صوت الجد الغاضب،
نظر للجميع وتحدث بنبرة صارمة امرة للجميع: الكل يطلع بره، سيبوني لحالي وياهم.

تحدث قدري إلى أبيه بنبرة راجية: خليني وياكم يا أبوي لجل ما أهدي بيناتكم وأعرف أية اللي مضايجك إكدة
رمقه عتمان بنظرة ناريه وتحدث ناهرا إياه بنبرة عالية: جولت الكل يطلع برة
تحرك الجميع إلى الخارج حتى رسميه التي قررت الخروج لتهدئة الوضع خارجيا واغلقت خلفها الباب.

وتحدث عتمان ناظرا لكلاهما بحدة كنظرات الصقر الذي يترقب الهجوم على فريسته: إسمع يا واد منك ليها، لو معاملتي اللينه وياكم خلتكم تحسوا إن ليكم جيمة وتعرفوا تجفوا جصادي وتعصوني وأني هجف أتفرچ عليكم متكتف تبجوا غلطانين.

ثم نظر إلى قاسم المستشاط من ذاك المقلل من شأنه والهادر لكرامتة أمام تلك القوية وتطلع إليه وتحدث بملامح جامدة: إوعاك يا أبن قدري يكون شيطانك وزك وجال لك أنك خلاص كبرت وبجالك إسم وسيط وتجدر تجف جدام چدك الراجل الخرفان اللي كبر ومهيعرفش يحكم عليك
وأكمل بحدة: لااااا، ده أنت تبجا غلبان جوي يا صغير ومعارفش مين هو عتمان النعماني.

ثم حول بصره إلى تلك الغاضبه الثائرة لكرامتها وتريد التخلص من تلك الخطبه التي إستنزفت من كرامتها بما فيه الكفاية: وإنت يا بت زيدان، شكل علامك الكبير خلاكي تحسي إن ليكي جيمة وتجدري تجفي في وش عتمان وتجولي له لا.

دق بعصاه الأرض بطريقة أرعبتهما وتحدث إليهما وهو يشير إليهما بملامح مهددة: من الأخر إكدة، أني خارج برة عشر دجايج مفيش غيرهم لجل ما تتشاوروا فيهم وتتفجوا، وهرجع تاني أسمع ردكم الاخير، يا تجولوا موافجين ودخلتكم تبجا السبوع الجاي بدل اللي بعدية
ونظر إلى قاسم وأردف مهددا: يا تطلع من إهني على فوج تلم خلجاتك وكل اللي يخصك ومعايزش أشوف وشك في النجع كلاته بعد إكدة.

واكمل بملامح وجة محتقنه بالغضب: ومش بس إكده يا واد قدري، جبل ما تخطي برچلك برة السرايا هكون مكلم البنك وناجل كل مليم بإسمك فيه في حسابي المشترك اللي بيناتنا وهجفله خالص بعديها، والشجة والمكتب معايزش أشوفك فيهم وتفضيهم من حاچتك وهبيعهم من بكرة، وكمان العربيه تسيب مفتاحها وعجدها جبل ما تخرج من إهني.

إحتقنت ملامحه بالغضب وتحدث بحدة: طب الشجه والمكتب بإسمك، فلوسي وعربيتي اللي چايبهم بشجاي وشغلي تاخدهم ليه؟
صاح عتمان بحدة وغضب: فلوس مين وشغل مين يا واااد، إوعاك تكون مصدج حالك، ده أنت من غير فلوسي كان زمناتك مرمي في أي مكتب بتاع محامي صغير ولا ليك لازمه ولا حد سمع عنيك من الأساس،.

وأكمل بحده مشيرا بسبابته إلى حاله بتفاخر: أني اللي عملتك وعملت لك جيمة بين الخلج بفلوسي، المكتب اللي في المنطجة الراجيه والعربيه اللي جبتهم لك أول ما أتخرچت هما اللي عملوك بني أدم وخلولك جيمة يا ناكر الخير يا واكل ناسك
في شرع مين تاخد شجاي وتعب وجري السنين، جملة تساءل بها قاسم بإعتراض وذهول
أجابه بقوة وجبروت: في شرع عتمان النعماني يا وااااد.

ثم نظر لتلك المنكمشة على حالها تستمع لما يقال فاغرة الفاه بإرتياب وقلب يرتجف وتحدث إليها بحدة مماثلة: وإنت يا بت زيدان، يا تطلعي من إهني وإنت موافجة على واد عمك ومسلمة بكلامي، يا تعملي حسابك إن مفيش خروج من البيت بعد إنهاردة والمستشفي اللي جهزتها لك هجفلها وأجلبها فرنة للعيش البلدي،
وأكمل أمرا بجبروت: و تچهزي حالك لأن السبوع الچاي هتبجا دخلتك على حسن واد عمك منتصر.

جحظت عيناها بذهول وأردفت متسائلة بعدم إستيعاب: حديت إية اللي عتجوله يا چدي؟
أجابها بحدة: اللي سمعتيه ومعايزش كلمه زياده
أني خارج برة وزي ما جولت، هما عشر دجايج وهدخل لكم علشان تبلغوني نويتوا على أيه
وتحرك للخارج صافقا الباب خلفه تحت ذهولهما وإشتعال جسديهما من أفعال ذاك المستبد عديم المشاعر.

قبل قليل داخل منزل زيدان
دلف لداخل غرفة المعيشة وجدها تجلس فوق المقعد والقلق والتوتر يتسللان إلى ملامحها ويتملكان من قلبها فتحدثت هي بعد إلقاءه التحيه: إتأخرت لية إكدة يا زيدان؟
أجابها وهو يخلع عنه عبائته ويضعها فوق القعد المجاور لها إستعدادا لجلوسه: ما أنت عارفة الجعدة ويا الصحاب هتاكل الوجت وكل ومهنحسش على روحنا غير والوجت سارجنا.

فتحدثت هي بنبرة متوترة: طب جبل ما تجعد إطلع شوف صفا في بيت چدها ولا لا
نظر إليها وسألها بإستغراب: يعني أيه أشوفها هناك ولا لا،
وهتف بحدة بالغة متسائلا حين لاحظ توترها: بتك فين يا ورد؟

تحدثت إليه بإرتياب وتلبكت بالكلمات: قاسم كلمها من ياجي ساعتين وجال لها إنه جاي في الطريج وعاوز يتحدت وياها لحالهم في موضوع مهم، وطلب منيها تستناه في الچنينة اللي ورا، راحت له ولما إستعوجتها روحت أنده لها ملجتش حد في الچنينه واصل
طمأن قلقها حين وجد الرعب يدب بأوصالها وتحرك متجه إلى سرايا والده ودلف للداخل وجد الجميع يجلسون والقلق والحيرة عنوان وجوههم،.

ووجد والده يخرج من حجرته صافقا بابها بغضب فتحدث إليه بتساؤل وخيفة: صفا مجاتش إهنيه يا أبوي؟
تحدثت إليه والدته لتطمئنه وهي تشير على حجرتها الخاصة: بتك جوة ويا قاسم بيتحدتوا ويا بعض وهيطلعوا بعد شوي
نظر إليها بإستغراب وتحدث بنبرة حادة غاضبة: وبتي وقاسم يجعدوا لحالهم في أوضة مجفول عليهم بابها ليه يا أماي؟!

تحدث إليه عتمان بنبرة حادة: جرا لك إية يا زيدان، معناته إية حديتك الماسخ دي، كنك إتجنيت إياك، ما أني كت وياهم ولساتني خارج جدامك وأني اللي جافل عليهم الباب بيدي
وأكمل بهدوء ليطمئن ولده: وبعدين قاسم دي تربية يدي واضمنه برجبتي، ومحدش في الدنيا كلياتها هيخاف على صفا جده
إبتلع ما في جوفه من حديث خاص بتلك الجزئية ثم تساءل بإستفهام: طب ممكن يا بوي أعرف بتي چوة مع قاسم بيتحدتوا في ايه؟

أجابه عتمان بهدوء ونبرة زائفة وهو يجلس فوق مقعده المخصص له: مفيش حاچه، قاسم وصفا إختلفوا على ميعاد ومكان الفرح وأني رضيتهم وسبتهم مع بعض لجل ما يجرروا ويحددوا الميعاد المناسب ليهم هما التنين
وأكمل وهو يشير إلى جانبة تحت إستشاطة قدري وغيرته التي لم تهدئ يوم برغم كل ما حدث: إهدي يا زيدان وتعال أجعد جاري
جلس بجانبة وتحدثت رسمية بإرتباك: هخلي حسن تعمل لكم شاي.

أما فايقة التي إنسحبت للأعلي سريع كي تحدث ولدها وتمنعه من تهوره قبل أن يخسر كل شئ ويفقدهم مخطط العمر في لحظة غباء منه.

داخل غرفة الچد
وقفا يتطلعان بشرود خروج الچد من الغرفة فتحدثت هي بعدم إستيعاب وتيهه: حد يجول لي إن اللي حصل من شوي ده كابوس مزعج وملوش أي أساس من الصحه وهينتهي أول ما أجوم من النوم
أجابها ذاك المستشاط: الكابوس ده إحنا عايشينه من ساعت ما اتولدنا في مملكة الرعب دي، بس وصل لذروته معانا لحد ما خلاص جرب يخنجنا جوة دايرته المجفولة
وتحدث إليها بنبرة متساءلة جادة: هنعملوا اية دلوك؟

رمقته بنظرة غاضبة ولو كانت النظرات تقتل لخرجت سهامها الحادة وقطعته إربا وأنهت علية في التو واللحظة، وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: السؤال ده تساله لحالك يا ملك الخطط والمؤامرات
وأكملت وهي تنظر إلية بإشمئزاز: إجعد مع حالك وفكر وياها زين على الله تطلع لنا بمؤامرة چديدة تخلصنا من المصيبة اللي حطت فوج راسنا دي.

رمقها بنظرة غاضبة وتحدث إليها مهددا بسبابته: إجفلي خاشمك خالص ومعايزش أسمع لك صوت واصل بدل ما أرتكب فيكي جناية ويحسبوكي عليا نفر
نظرت له بذهول سرعان ما تحول إلى نظرة غاضبه وكادت أن توبخه لولا إستماعها إلى صوت هاتفه الذي صدح، نظر لشاشته وجدها والدته فرفض إستلام المكالمة فكررت فايقه الإتصال مرة أخري، وهنا تأكد انه لن يتخلص من ذاك الإزعاج إلا إذا إستجاب لها.

ضغط زر الإجابة وأردف متساءلا بضيق: خير يا أما، بتتصلي ليه دالوك
تحدثت بحده وصرامة: إسمعني زين يا قاسم ومعيزاكش تراجعني في الحديت عشان مفيش وجت
وأوعاك تفسر الكلام جدام بت ورد عشان متاخدش بالها،
وأكملت أمرة: وافج على چوازك من صفا يا قاسم وإلا هتخسر كل حاجه
واولهم رضايا عليك، الله الوكيل لو ما أتچوزتها ليكون جلبي وربي غضبانين عليك ليوم الدين
رد عليها بنبرة حادة: إنت عارفة معناة كلامك ده ايه يا اماي.

اجابته بهدوء: معناته نچاتك وفوزك بكل حاچة يا وليدي
وأكملت لإفاقته كي يعي على ما هو مقبل عليه: بس لو نفذت اللي في دماغك وعاديت چدك وعاصيت أوامرة، هتبجا زيدان التاني يا حزين
أجابها بعناد: وماله لما أبتدي طريجي من چديد، كفاية إني هكون حافظت على اللي باجي لي من كرامتي ومهنتهاش
صاحت بنبرة غاضبة: طريج أية اللي عتبدية من اللول وإنت عديت الواحد وثلاثين سنه يا حزين؟

إوعاك تكون فاكر حالك إنك هتشتغل وتلم ثروة وتبجا زي عمك زيدان، ده أنت تبجا بتحلم يا إبن قدري،
وأكملت بتفسير: چدك لما طرد عمك زيدان وهو طلع إشتغل لحاله كان لساته شاب في أول عمرة، وكان عندية البيت و وياه صيغة مرته اللي باعها وشج بيها طريجة، والزمن كان غير الزمن.

وأكملت لتحسه على التراجع: إوعاك تكون فاكر إن زيدان النعماني بجا إكدة بين يوم وليلة، لا يا عين أمك، ده داج المر هو ومرته وشافوا أيام أسود من جرن الخروب على ما وصلوا للي هما فيه ده، دول سواعي ما كنوش بيلاجوا الرغيف الحاف لجل ما يسدوا بيه چوعهم، وبرغم إن چدك كان شايف حالة بعنية بس ولا مرة جلبه حن وإتراچع عن جرارة
إجفلي يا أما دلوك الله يبارك لك، جملة نطقها قاسم بإمتعاض وتملل.

فصاحت هي بصوتها العالي: مهجفلش جبل ما تسمعني زين وابلغك رسالة أبوك ليك، أبوك بيجول لك تطلع دالوك لچدك وتجول له إنك موافج على چوازك من بت عمك وأوعاك تجيب سيرة البت المصراوية نهائي، وابوك بيجول لك لو بتحبها جوي إكده ولساك رايدها هو هيروح وياك مصر ويجوزهالك بس بعيد عن چدك وعمك زيدان،
أيه اللي بتجوليه ده يا أما، إنت عارفة من جواكي إني لا يمكن أعمل إكدة.

كانت تنظر إليه بتمعن تترقب حديثه مع والدته تعي جيدا من داخلها أن حديثهما يخصها
علي الجهه الاخرى كادت فايقة أن تتحدث قاطعها دلوف قدري الذي لم يستطع صبرا الإنتظار والمجازفة، وصعد للأعلي كي يملي على ولده ويوجهه بفعل اللازم
وأردف لائما إياه بنبرة حادة تنم عن وصوله لذروة غضبه: إسمعني زين ياقاسم، أني عارف إنك عملت اللي في دماغك وجولت لچدك إنك معايزش صفا.

وأكمل مهددا إياه: وزي ما عجدتها بيدك إنت بردك اللي عتحلها، جدامك حل من إتنين ملهمش ثالث، يا تطلع دالوك لچدك وتجول له إنك راجعت حالك وموافج على چوازك من بت عمك وبعدها هجعد وياك ونرتب لموضوع چوازك من البت زميلتك دي من غير ما حد يدري بينا،
وأكمل بحده مهددا إياه: يا إما تنسي نهائي إن ليك أب وأم وحتى إن مت هوصي إخواتك إنك متمشيش في جنازتي ولا حتى تاخد عزاي، سامعني يا واد.

وأغلق الخط بوجهه دون إعطاءه حق الرد تحت ذهول قاسم واحتراق روحه وتشتت عقله
تحدثت فايقة بنبرة مرتعبه: فكرك هيعمل اللي جولت له عليه، ولا هينفذ اللي في دماغة ويوكس حاله ويوكسنا معاه؟
أجابها بشرود: يا خبر بفلوس،
ثم تحرك للأسفل مهرولا لينضم إلى الجميع من جديد بعد أن إنسحب مبررا صعوده لدلوف المرحاض
أما قاسم الذي وقف مشتت الذهن، ينظر إلى تلك الجالسة والغضب والضيق يتملكان من روحها ويظهران فوق ملامحا.

تحرك ووقف مقابلا لجلستها وتحدث قائلا:.
أنهي قاسم حديثه مع والدته وأغلق الهاتف بحدة، وقف مشتت الذهن، تائه، نظر لتلك الجالسه التي تهز بساقيها والغضب والضيق يتملكان من جسدها وروحها، زفر بضيق ثم وضع كف يده على شعرة وأرجعة للخلف بضيق في حركة تنم عن مدي غضبة وتشتت روحه
تحرك و وقف مقابلا لجلستها وهتف متساءلا: هنعمل أية في الكارثة اللي وجعنا فيها دي يا دكتورة؟

وقفت مقابلة له برأس شامخ وتحدثت بنبرة قوية حادة: أني عن نفسي بعد كل اللي حصل بيناتنا دي وسمعته منيك مستحيل أوافج أبجا مرتك حتى لو إنطبجت السما على الأرض
إستشاط داخله من طريقتها المستفزة لرجولته وأردف ببرود ليحرق روحها: الحال من بعضه، أني كمان مطايجش أبص في وشك بعد اللي سمعته منيكي وطولت لسانك علي
وأكمل بنبرة عملية متغاضي: بس كيف ما عيجولوا رچال السياسة، المصالح عتتصالح.

واني معيزاش ومستغنية عن أي مصلحة تاچيني من ناحيتك، جملة نطقتها بغضب
وهتجعدي في البيت و وتتچوزي حسن؟
جملة إستفسارية نطق بها قاسم
أجابته بقوة وثقة في غير محلها: كيف يعني يچوزني لحسن ويجعدني في البيت، سايبه إياك؟
أبوي هيجف له وهيمنعه من إنه يعمل فيا إكدة.

إبتسم ساخرا وأجابها: يا ريتها كانت سايبة يا دكتورة، وأكمل مشيرا بكفاه بحركة دائرية: دي كيف الدايرة المحكومة وإحنا چواها ومجيدين بچنازير من حديد مجفولة بإجفال نحاس ومفتاحها في يد عتمان النعماني مفيش غيرة
وأكمل مفسرا: ولو مفكرة إن عمي زيدان عيمشي حديته على أبوه ويخرچك تشتغلي غصبن عنية تبجي غلبانه جوي ومتعرفيش جبروت عتمان النعماني واصل لوين.

وأكمل مذكرا: چدك كلمته بتمشي على مأمور المركز بذات نفسيه يا صفا والكل عيعمله ألف حساب وحساب
ولو باصة للموضوع الجديم وعدم موافجة أبوكي على چوازة على أمك وأنه مرضاش وخرچ منبوذ من العيلة، وفاكرة إنك بسهولة عتعملي زييه، أحب أجولك إن الموضوع إهني مختلف كليا، أبوكي راچل ورفض الچواز، كيف كان هيجبر راچل ويجربه من حرمة هو مرايدهاش.

وأكمل بتعقل: لكن وياك الوضع مختلف، إنت بت وعنديكي 25 سنه، و ولد عمك فاتك جبل الفرح بأسبوعين، تفتكري مين عيغلطوا لما يچوز بت ولده الوحيدة لإبن عمها لجل ما يحميها من حديت الناس الماسخ، وكمان يحمي مالها ومال أبوها من الطامعين
تطلعت إلية بإستغراب وأردفت بتعجب: كيف بتجدر تغير رأيك ومبادئك ما بين اللحظة والتانية إكدة؟!

أجابها بثقة: العالم كلاته بيغير خططته ومبادئة في السنة الواحدة ألاف المرات، عيزاني أني أثبت على موجفي جدام طوفان النعماني ولعنته، وبعدين ما أني لسه جايلها لك يا دكتورة، المصالح عتتصالح
تنهدت بإستسلام وظهر اليأس على ملامحها لعلمها صحة حديثه وكم أن لعتمان وضع وسلطة داخل المركز بأكملة.

فتحدث هو إليها محاولا إقناعها ورضوخها للأمر الواقع: چدك جفلها كيف الدومنا وحولها لحرب وفي الحرب البقاء بيكون للأجوي، يعني حربنا وياه إنكتب عليها الخسارة حتى من جبل ما تبتدي
بس لو فكرنا بذكاء ممكن نعدي منيها بسلام، أني شايف إننا لازمن نطاطي للريح ونسايس أمورنا وياه لجل ما نطلعوا بأجل الخساير
تجصد أيه بكلامك ده؟، جملة تساءلت بها بإستفهام وجبين مقطب.

فأجابها بدهاء: أنا وإنت لازمن نوافج على چوازنا زي ما چدك أمر وإلا هنخسر كل شئ بنيناه طول السنين اللي فاتت
مهيحصلش حتى لو على چثتي، جملة تفوهت بها بشموخ وعناد وكبرياء
لم يدري لما غضب من داخله لكنه تجاهل شعوره، وتحدث إليها بهدوء إصطنعه بصعوبة: إركني خلافاتنا على چنب وحكمي عجلك وشوفي الخساير اللي هتطولنا لو رفضنا يا صفا.

وإسترسل حديثه في إشارة منه على حاله: أني هخسر مكتبي وشجتي وعربيتي وكل الفلوس اللي تعبت فيها طول العشر سنين اللي اشتغلتهم من بعد ما اتخرچت، ده غير إسمي اللي هيتهز وبرستيچي اللي هيتساوي بالأرض لما أسيب مكتبي وأروح أأجر مكتب في مكان بسيط على أد فلوسي
ثم أكمل وهو يشير إليها: وإنت وتعب السبع سنين چامعة اللي هيترمي على الأرض وكأنه محصلش من الاساس، وحلم المستشفي اللي هيتبخر جدام عنيكي وكأنه سراب،.

وأكمل مؤكدا: وبردك عتتچوزي غصبن عنيكي من حسن ولد عمك منتصر وأبوكي مهيجدرش ينطج بحرف جصاد جبروت چدك اللي إنت خبراة زين
وأكمل حديثة بعقلانية: وطالما إكده ولا إكده عتتچوزي غصب يبجا العجل بيجول تتچوزيني وتاخدي الإمتيازات الكتير اللي عتتحصلي عليها لو الچوازة دي تمت.

بس أني خلاص، مبجتش عيزاك ومهجدرش أعيش وياك وأعاشرك واني مطيجاش حتى أبص في وشك، جملة قوية نابعة من داخلها هتفت بها صفا
فأجابها بضيق من طريقتها الحادة التي إستفزته: وأني اللي عموت عليكي إياك؟
ما الحال من بعضية يا بت عمي
وأكمل ليخيفها ويحثها على التراجع: على العموم أني هجول لچدي إني موافج وإنت حرة في جرارك بس إستحملي بجا العواقب لحالك.

رمقته بنظرة إشمئزاز ثم صمتت لتفكر بعدما أقنعها بحديثه المخيف، ثم تحدثت بقوة: وأني موافجه بس عندي شرط
ضيق بين حاجبيه متسائلا: شرط أية دي؟
أجابته بقوة وشموخ انثي جرح كبريائها على يد من تيم قلبها بعشقه اللعين: چوازنا يبجا صوري، معتلمس شعرة واحدة مني ولا هيكون لك حكم عليا لحد ما ربنا يحلها من عنديه ونلاجوا حل يخلصنا من الربطة السودة دي
وأكملت بنبرة ساخرة: وأظن إن دي شئ مش هيضايجك ولا حتى هيفرج وياك.

لم يدري لما ثار داخلة لذاك الشرط العجيب ولهجتها الحادة وتساءل ساخرا: طب وهو ده كلام ناس عاجلين بردك يا بت الناس؟
أجابته بقوة وتأكيد: دي هو ده كلام الناس الزين اللي عتفهم، أني و معوزاكش ولا أنت كمان رايدني، يبجا لازمته أية نخدعوا روحنا وندخلوا في علاجة عجيمة وكدابة.

نظرت إليه بتمعن وترقب شديد لإجابته
قاطع إجابته دلوف الجد الذي دلف لحاله بعدما منع زيدان وقدري من الدلوف معه
وقف الچد أمامهما بجبروت وتحدث بنبرة صارمة متسائلا: فكرتوا زين في حديتي
نظرت هي إلى ذاك القاسم متساءلة بعيناها عن موافقته من عدمها لشرطها الحازم، فأماء لها بعيناه دليلا عن الموافقة بشرطها الصعب
شعرت بخيبة أمل حينها وحدثت حالها، أبتلك البساطة توافقني شرطي المميت لروحي؟

الهذا الحد لم أكن أعني لك بشئ على الإطلاق؟
كنت أتأمل رفضك لشرطي لأشعر بتمسكك بي ولو حتى قليلا.

أما هو فنظر إلى جده وتحدث بنبرة قوية وعيون مبهمة: تجدر حضرتك تعمل تچهيزاتك اللازمة للفرح
أستكان داخل عتمان بعدما شعر براحه إجتاحت كيانه بالكامل ولكنه أخفي شعوره وأحتفظ به لحاله
ثم تحدث قائلا بنبرة صارمة: حيث إكده إعملوا حسابكم إن الفرح الخميس الچاي مش اللي بعديه
إرتبكت بوقفتها وتحدثت بتلبك: ولازمتة إية الإستعچال دي؟

اجابها بهدوء: خير البر عاچله يا دكتورة، وكمان لجل ما تبدأي من أول الشهر الچديد تجهزي لإفتتاح المستشفي
وأكمل بتفاخر وأبتسامة كي يسترضاها ويخفف عنها حزنها الذي أصابها من حدته معها ويزيل التوتر الذي أصاب علاقتهما: أني إن شاء الله ناوي أعمل لك إفتتاح سوهاچ كلياتها هتتحدت عنيه وهعزم لك المحافظ بذات نفسية لچل ما يجص لك ابصر إية دي الشريط اللي عتجولوا عليه.

لم يتحرك لها ساكن وكأنها لم تستمع لحديثه من الأساس أو أن الأمر لا يعنيها
فتحدث إلى كلاهما بتنبيه: إسمعوني زين، الحديت اللي حصل بيناتنا إهني معوزهوش يخرچ من باب الأوضة دي، عاوزه يندفن إهني
وأكمل وهو ينظر إلى مقلتيها محذرا: الحديت دي ليكي مخصوص يا صفا، بلاش يا بتي تجولي لأبوكي وتجلجية عليكي، هو محتاچ يطمن مش يجلج، فهماني يا صفا.

أومأت له بهدوء فتحدث هو بنبرة قوية وهو يتحرك بإتجاه باب الحجرة: تعالوا وراي
خرج ثلاثتهم ونظر الجميع إليهم بترقب، فايقة وقدري اللذان حبسا أنفاسهما ترقب لما سيقال
حين أسرع زيدان إلى صغيرته ولف ذراعه حول كتفها محاوط إياها برعاية وتساءل بإهتمام وقلق: إنت كويسه يا صفا؟

خبأت أهاتها الصارخة وخيباتها داخل قلبها متألمه في صمت مميت ورسمت إبتسامة مزيفه على محياها وتحدثت بنبرة سعيدة إفتعلتها كي تطمئن بها عزيز عيناها ومالك فؤادها الحقيقي: الحمدلله يا أبوي، أني زينة
حين تحدث عتمان بوجه بشوش موجه أوامره للجميع: عاوز الكل يفضي لي حاله من بكرة لچل ما نچهزوا لفرح قاسم على ست البنات الدكتورة صفا النعماني يوم الخميس الجاي إن شاءالله.

وكأن بكلماته تلك قد أرجع الحياه لقلب فايقة والذي كان قد أوشك على إصابة شريانه التاجي بجلطة مؤكدة، وما كان منها إلا إطلاق الزغاريد بطريقة هيستيرية حتى صدحت بأرجاء المكان لتعلن عن فرحة تعم السرايا بأكملها
وعلي النقيض فقد تحدث زيدان قائلا بإعتراض: كلام أيه اللي عتجوله ده يا حاچ، حضرتك تجصد الخميس اللي هو بعد ست أيام؟

أماء عتمان بموافقة فأكمل زيدان معترض: مهنلحجوش نرتبوا حالنا يا حاچ، صفا ناجصها حاچات لسه هندلي نچيبوها لها من مصر، و ورد لسه مچهزتش حالها، وكمان أني محتاچ وجت لجل ما أرتب زين لفرحتي بچوازت بتي الوحيدة
أما فايقة التي وصلت سعادتها عنان السماء هتفت بسعادة وحماس: ما تشغلش بالك بأمور الحريم ده يا زيدان، أني من صباحية ربنا هروح لورد ونشوف الناجص ونكملوه ويا بعض ومش هسيبها غير لما كل حاچة تبجا تمام.

إستغرب حماسها الزائد عن الحد وتحدث إليها بنبرة جامدة: كتر خيرك يا أم قاسم، بس ملوش لزوم تتعبي حالك، إنت عارفة ورد بتحب تچهز كل حاچاتها بيدها ومعتحبش تتعب حد وياها
قاطعته رسمية قائلة بإقناع: إيد على إيد تساعد يا زيدان، وفايقة مچوزه ليلي جبل سابج وعارفة المطلوب زين
كانت تنظر بقلب مفطور إلى ذلك الصامت متسمرا بوقفته ينظر للجميع ببرود وكأن الأمر لا يعنية من قريب أو بعيد، شعرت بعالمها ينهار من حولها.

نظر يزن إلى صفا وتحدث بنبرة بائسة حزن على من ملكت الفؤاد والأن ستصبح ملك لرجلا غيرة وينتهي أخر أمل له في الحصول عليها: مبروك يا صفا
أجابته بإبتسامة باهته خالية من مظاهر البهجه: تسلم يا يزن
إستشاط داخل ليلي من نظرات زوجها الحزينة وهو يتطلع إلى غريمتها الأولي والأخيرة وتحدثت بنبرة حادة: مبروك عليكي زينة الشباب يا صفا.

أماءت لها بهدوء ثم تحدث زيدان موجه حديثه إليها قائلا بهدوء: يلا بينا نروح يا بتي، أمك عتموت من جلجها عليكي
أماءت له وتحركت معه تحت نظرات الجميع المستغربة حالتها أوقفها صوت عتمان وهو يقصدها بحديثة قائلا: چهزي بطاجتك وكام صورة ليكي لجل كتب الكتاب بكرة يا صفا
إستدارت مرة أخري تنظر إليه بإستغراب، حين تحدث قاسم متساءلا بإستفسار: كتب كتاب إيه دي اللي بكرة يا چدي؟

وأكمل معترض: أني أساسا راچع القاهرة بكرة الصبح عشان عندي مرافعة مهمة
أجابه الجد بنبرة باردة غير مبالي بحديثه: إتصل بصاحبك اللي معاك في المكتب يدير هو الشغل بكرة بدالك وإبجا سافر بعد بكرة
وأسترسل حديثه وهو ينظر إلى قدري أمرا إياه: وإنت يا قدري، إتصل بالشيخ سلامة المأذون لجل ما ياچي بكرة بالليل يخلص كل الإجراءات اللازمة لكتب الكتاب ويچهزة على الإشهار يوم الفرح إن شاء الله.

أجابه قدري من بين سعادته البالغة: إنت تؤمر يا حاچ، حالا هتصل بيه وأخليه ياچي إهني بكرة بعد صلاة العشا
أردف عتمان مصححا أوامرة: جول له ياچي لبيت زيدان وإنت وولدك تروحوا وتتمموا الإچراءات هناك
إشتعل داخل قدري وتحدث بنبرة معترضة: كيف يعني يروح لبيت زيدان وبيتك لساته مفتوح بحسك يا أبوي
أجابه عتمان وهو ينظر مبتسم إلى زيدان ناصف إياة: الدكتورة صفا عيتكتب كتابها في دوار أبوها.

طار قلب زيدان من شدة سعادته وذلك لتقدير والده له وأيضا لرؤيته بوادر صفاء قلبه له فتحدث بإبتسامة شاكرة: تسلم يا أبوي ويديمك فوج روسنا
إبتسم له عتمان بخفة، ثم أصطحب زيدان إبنته وتحرك متجه إلى منزله وتفرق الجمع كل لوجهته.

بعد قليل كانت تقف بغرفتها أمام والدتها المتساءلة بنبرة ملحة: بردك منوياش تجولي لي قاسم جال لك اية شجلب لك بيه حالك وخلاكي راچعة مسهمة إكدة؟
أجابتها بتملل ونبرة مختنقة: وبعدهالك عاد يا أماي، ما أبوي جال لك على كل اللي حصل،
وأكملت بشرح: قاسم كان عايز يأجل الفرح شهر كمان ويعمله في جاعة كبيرة في القاهرة لجل ما أصحابة ومعارفة هناك يحضروا، وچدي معچبهوش الكلام.

أردفت ورد قائلة بعدم تصديق: فكرك عيخيل عليا الحديت الخيبان بتاعك ده يا صفا
وأكملت برجاء: يا بتي انطجي و جولي لي الحجيجة و ريحي لي جلبي، لو فيه حاچة چرت من قاسم و زعلتك جولي لجل ما أخلي ابوكي يلحج يتصرف وياه،
اجابتها بملامح وجة مبهمة: هجول لك إية بس يا أما، هخلج لك حديت محصولش لجل ما أرضي لك فضولك.

تنهدت ورد بأسي وأردفت قائله بإستسلام: على العموم براحتك، أني هسيبك لجل ما ترتاحي وأنزل أشوف أبوكي إية اللي صابه هو كمان
وما أن تحركت ورد عائدة إلى الأسفل حتى إرتمت تلك الحزينة فوق تختها بإهمال ودخلت في نوبة بكاء مر، و غصة مريرة وقفت بحلقها كادت ان تزهق بروحها، بكت لأجل كرامتها التي أهدرت على يد من أحبته وأعتبرته رجلها وأمانها وفرحتها المنتظرة،.

بكت لأجل حلم كان على وشك التحقيق وبلحظة تحول إلى كابوس كاد أن يخنقها بداخله، بكت وبكت على سنين عمرها التي اهدرت هباء على من لا يستحق، ضلت على وضعيتها ساعات حتى غلبها النعاس وغفت على وضعيتها تلك دون إدراك.

نعود إلى ما سبق حين غادرت صفا بجوار والدها إلى منزلهما
علي الفور تحرك قاسم مهرولا إلى الدرج لأعلي ومنه إلى غرفته الذي صفق بابها بحدة بالغه، وبات يجوب الغرفة إياب وذهاب بغضب مما حدث، أوقفه إستماعه إلى تلك الطرقات السريعه فوق الباب.

تحرك إليه وفتحه بغضب فوجد أمامه والدته و والده الذي تحدث بحده بالغه بعدما أوصدت فايقة باب الغرفه جيدا لضمان عدم وصول أصواتهم إلى الخارج: اللي حصل إنهاردة ده معيزهوش يتكرر تاني واصل
وأكمل بوعيد رافع سبابته أمام وجه قاسم مهددا إياه بحدة: أخر مرة تتصرف لحالك من غير ما ترچع لي، مفهوم يا قاسم.

تحدث قاسم بنبرة بائسه غاضبة رافضة: بكفياك عاد يا أبوي أني مناجصش تجطيم، كفاية عليا الذل والمهانة والضعف اللي حسيت بيهم إنهاردة وأني واجف متكتف كيف العاچر جدام جبروت چدي وتحكماته الفاضية اللي معتخلصش
وأكمل صارخ بعيون مذهولة وغضب عارم: أني إتمسح بيا البلاط وإتداس على كرامتي بالچزمة الجديمة جدام بت عمي وخرست وكتمت جهرتي جواي.

وأكمل بنبرة لائمة: وكل ده لجل ما أرضيك وأنفذ أوامرك اللي معارفش عتوصلني بيها لحد فين
تحدثت فايقة بنبرة هادئة في محاولة منها لإسترضائة: إهدي يا ولدي، اللي حصل دي هو الصح واللي كان لازمن يحصل
تحدث قدري بنبرة أهدي بعدما تحكم في إنفعالاته: كت عايزني أجف أتفرچ عليك وإنت بتدمر حالك بيدك إياك؟

ثم تحرك إليه وربت على كتفه وأكمل بهدوء كي يهدئ من روعة وغضبته: بچوازك من صفا هتكون رضيت چدك ورضيتني وكسبت كل حاجة يا ولدي
وأكمل لمراضاتة: وبكره هنتمم الموضوع ونكتب الكتاب ونتطمن، وبعد بكرة هسافر وياك ونخطبولك المحامية اللي إنت رايدها، مرضي إكدة؟
أجابه بحده: وحضرتك بجا فاكر إن إيناس ولا أهلها هيوافجوا على چوازنا بعد ما أكتب كتابي على واحدة غيرها؟

أجابه قدري بتأكيد: مليكش صالح إنت بالحديت ده، أني ليا طرجي مع الخلج اللي عخليهم يوافجوا بيها
ثم أكمل بنبرة هادئة وهو يربت على كتف صغيره ليطمأنه: أني عاوزك تطمن وتحط في بطنك بطيخة صيفي
أكدت فايقة على حديث زوجها واردفت قائله بنبرة يملؤها الشر والحقد: إهدي يا قاسم، أني عاوزك تتوكد إن لو إنت رايد چوازتك من زميلتك دي تتم جيراط واحد فأني وأبوك عاوزينها تتم أربعة وعشرين جيراط.

ثم نظرت إلى زوجها وتساءلت: مش إكدة بردك يا قدري؟
أكد على حديثها ذاك الفاقد للبصيرة عديم النخوة: معلوم يا فايقة، معلوم
إستغرب قاسم حديث والده فحقا كان مخالف لتوقعاته، كان يتوقع غضبه الحاد لأجل إبنة شقيقه وما سيفعله بها ولكن دائما ما كان أباه يخلف ظنه وتتخطي دنائته كل التوقعات
فتساءل إلى أبيه بتخوف: طب ولو چدي عرف يا أبوي، تفتكر هيعديها لي على خير؟

أجابته فايقة بطمأنة: وأيه بس اللي هيعرف چدك بالموضوع ده يا ولدي، إنت هتتچوزها في مصر وهتعيش وياها هناك
قاطعها قاسم متساءلا بإنفعال: طب و ولادي اللي هخلفهم منيها يا أماي، هيجضوا عمرهم كلياته في الضل إياك؟
أجابه قدري: أني و أمك هنكون وياك في كل حاچة وهنزورك كتير في بيتك إهناك
وأكمل بحقد دفين ظهر بعيناه التي تحولت للغضب: إتحمل لحد ما ربنا يعدل الظروف والزمن ينصفني وكفتي المايلة تتعدل ويطب ميزاني.

وأسترسل حديثه بشر متمنيا موت أبيه: چدك مهيخلدش في الدنيي يا قاسم، وأظن إن بعد موته كل حاچة هتتغير، وأني هبجي الكبير بداله والكل في الكل، وكلمتي هتمشي على الكبير جبل اللصغير
ساعتها هچيب لك مرتك إهني هي و ولادك وأحطهم في عين التخين
نظر لأبيه مستغرب ومستنكرا حالة الشر التي يتحدث بها عن أبيه وشعر بريبة وتيهه بمشاعرة
أما فايقة التي إبتسمت بجانب فمها بتمني.

خرجا والديه وتركاه مع حيرته وتشتت عقله من تزاحم الأفكار التي إقتحمت رأسة والتفكير فيما هو قادم، زفر بضيق ورفع رأسه عاليا طالبا من الله العون والمدد، فلقد أرهق عقلة المشتت وتعبت روحه الممزقة وما عاد للإستقامة والمثالية التي دائما ما كان يتمتع بهما مكان بحياتة
بعد مرور مدة قصيرة من الوقت إستمع لأحدهم يطرق بابه، فسمح له بالدخول وكان الطارق شقيقه فارس الذي تساءل بإهتمام عن ما حدث بينه وبين جده.

فقص له كل ما دار بينه وبين جده وصفا ثم أبيه وأمه واسترسل حديثه بأنه إنتوي الزواج من إيناس بعد إتمام زيجته مباشرة من صفا
جحظت أعين فارس وتحدث بإعتراض محاولا إفاقة شقيقه من غفلته: فوج وأوعي لروحك يا قاسم، عمك زيدان ميستاهلش منيك إكده واصل.

هتف بصياح عالي بنبرة حادة: ولا أني أستاهل إكده ولا أنت ولا يزن ولا حتى صفا، بس هنجول أية، الوحيد اللي المفروض نلومه في الموضوع ده هو چدك، چدك اللي بكل جبروت عمال يحدد في مصايرنا على كيفه وكننا عرايس ماريونيت ماسك خيوتها في يدة وبيحركها على كيف كيفة
تحدث فارس بنبرة قلقة: بس إنت بكده بتحط نفسك في وش المدفع يا قاسم، چدك لو عرف مهيرحمكش وهيفرمك في مفرمته، ما أنت خابر جد أية بيحب صفا وبيخاف عليها.

وأكمل بنبرة حنون: أني خايف عليك لتبجا زيدان التاني وتعيش منبوذ يا أخوي
أجابه بهدوء، كي يطمأنه: ما تخافش يا فارس، أني هعمل إحتياطاتي وهرتب للموضوع زين بحيث يبجا في السر ومحدش يدري بيه واصل
أردف فارس بتيهه و حزن: وصفا يا قاسم، البت رايداك ومتستاهلش تعمل فيها إكدة
أجابه بنبرة حزينة بائسة لأجلها: نصيبها إكده يا فارس، ده جدر ومسطر على الچبين ولازمن تشوفة العين.

هتف فارس بخفوت: ربنا يستر من اللي چاي يا قاسم، ربنا يچيب العواجب سليمة يا أخوي.

أما يزن
كان بالأسفل جالس مع جده و والده يطلعهما على أخر المستجدات في تجهيزات المشفي وأيضا يراجع معهما حسابات المحجر الذي أوكلها له عتمان بعدما تأكد من تلاعب قدري بالحسابات فأراد ان يغلق في وجهه جميع الوسائل والقنوات، كي لا يستطيع خداع أبية وسرقة أمواله من جديد
وبعد الإستئذان تحرك للدرج في طريقه للأعلي حيث مسكنه فوجد قدري يقف بوجهه منتظرا إياه وتحدث متسائلا: إية أخبار حسابات المحچر يا يزن؟

وأكمل ساخرا: على الله تكون بينت لچدك إن عمك قدري كان بياكل ماله وسارجة بحج
رد يزن بهدوء عكس ما بداخلة وذلك لعلمه ألاعيب عمه في دفاتر المحجر وسرقة أكثر من ربع الوارد شهريا، حيث أنه إستفحل وأصبح شرس في إختلاس أموال والده بعد جشعة الذي أصابه وذلك جراء توسع تجارة زيدان وتضخمها بجانب شرائة لمجموعة من الأراضي الزراعية التي كانت معروضة للبيع في المركز التابع له نجعهم.

يزن بنبرة زائفة: ليه عتجول إكدة ع حالك يا عمي، أخلاج حضرتك فوج مستوي الشبهات عند چدي والچميع
هز قدري رأسه ساخرا وأجابه: على العموم اني ميهمنيش حديت حد طالما واثج في حالي وماشي بما يرضي الله، أما أنت بجا إشبع بإدارة المستشفي بتاعت السنيورة اللي عيخرب بيها بيوتنا كلياتنا.

وأكمل متسائلا بنبرة خبيثة كي يثير غضب يزن ويجعله يسخط على قرارات جده ويكسبه بصفه: تجدر تجولي كان لازمتها إية الفلوس الكتير اللي إترمت في المستشفي طالما في الاخر هيعملها مچاني لاهل البلد لجل ما يطمعهم فينا، مش كان عملك بيهم مشروع إنت وفارس اللي مراضيش يسلموا أي حاچة فيها فلوس ليسرجه كيف أبوة
ولا انت إية رأيك في الحديت دوت يا يزن؟

أجابة يزن الذي يستشف ما بداخل ذاك الحقود بسهولة ويسر: وأنا مالي بالحديت دي يا عمي، الرأي رأي چدي والفلوس فلوسه ومن حجة يعمل بيها ما بدالة
وإن كنت أني مختلف ويا حضرتك في الرأي وشايف إن المستشفي هتفيد أهل البلد الغلابه وكمان هتچيب ربح لأن فيه منها چزء إستثماراي للأغنيا وأكيد هيعود علينا بالنفع الكبير.

نظر له بسخط وتحدث ناهيا الحديث بنبرة ساخرة: جلبك رهيف كيف أبوك، ولد منتصر صح، إطلع لمرتك يا أخوي، إطلع
ودلف لداخل مسكنه وأغلق بوجهه الباب بشدة
هز يزن رأسه بيأس وتحرك للأعلي حيث مسكن الزوجيه
وجد تلك المستشاطة بوجهه وكأنها بإنتظارة والتي ما أن رأته حتى تحدثت بنبرة حادة ساخطة: إيه اللي مجعدك تحت لدلوك يا يزن؟

أجابها بنبرة جامدة ساخرة وهو يخلع عنه شاله ويتحرك لداخل غرفة النوم: معلش يا حضرة الشاويش ليلي، لما أجي أجفل الحسابات ويا چدي بعد إكدة هبجا أخد الإذن منيكي اللول
هتفت بصياح يدل على غضبها الحاد: بطل إسلوبك المستفز دي وياي وكلمني كيف ما بكلمك يا يزن
إلتف إليها في حركة سريعة ورمقها بنظرة غاضبة وهتف بها: مش لما تبطلي إنت اللول إسلوبك اللي يحرج الدم دي.

اسرعت إلية وأمسكته من تلابيب جلبابه وتسائلت ونار الغيرة تنهش قلبها وتظهر بعيناها: لساتك عتحبها يا يزن، لساته عشجها الملعون ساكن جوات جلبك؟
إبتلع لعابه ثم تمالك من حاله وأجابها بنبرة زائفة: كنك إتچنيتي خلاص، عشج إية يا مچنونة إنت اللي عتتحدتي عنيه، صفا بجت كيف أختي بالظبط من اليوم اللي أتخطبت فية لقاسم، يعني إتحرمت علي
وده حرمها هو كمان يا يزن؟

جملة تسائلت بها ليلي وهي تشير بسبابتها على موضع قلبه، وبعدها دموعها إنفرطت بعدما فشلت في منعها
وما كان من ذو القلب الرحيم والروح النقية سوي أن سحبها لداخل أحضانة وضل يمسح على ظهرها بحنان مهدهدا إياها وأردف قائلا كي يهدئ من روعها: معارفش لزمته إية الحديت اللي كل مرة بيجلب علينا بالنكد والحزن دي، إنسي يابت الناس وخلينا نعيش حياتنا كيف البني أدمين.

أجابته بنبرة يملؤها الحقد والكراهية من داخل أحضانة: كله من تحت راس اللي ما تتسمي الحية بت العجربة اللي إسميها صفا، طول ما هي موچودة في الدنيي مهرتاحش ولا هيهدالي بال
أبعدها سريع عن أحضانة وتحدث مذهولا مشمئزا: ربنا يشفيكي من حجد جلبك اللي مبجاش باين من كتر سوادة
وتحرك إلى المرحاض تارك إياها بنارها الشاعلة وحقدها المتزايد يوم يلو الاخر.

صباح داخل القاهرة الكبري
كانت تجلس داخل مكتبها تراجع أوراق إحدي القضايا الهامة، دلف إليها عدنان بعد الإستئذان وجلس بمقعد أمامها وتحدث مستفسرا: قاسم ما اتصلش وقال لك مجاش لية إنهاردة؟
أخذت نفس عميق ثم أخرجته، خلعت عنها نظارتها الطبية و وضعتها بإهمال فوق المكتب وأردفت قائله: كلمني بالليل وقالي إن إضطر يقضي إنهاردة كمان في الصعيد وهييجي بكرة في طيارة الساعة 8 الصبح.

سألها مستفسرا بإهتمام: ما قالكيش عمل إية مع جده في موضوعكم؟
هزت رأسها بإستسلام وتحدثت: سألته ومدانيش إجابة محددة يا عدنان، قالي لما أجي عندك هقول لك على كل حاجة
تفتكري يكون جده رفض إنه يفسخ الخطوبة من بنت عمه؟ جملة قلقة نطق بها عدنان.

أجابته بثقة: ما أظنش، اللي أعرفه عن جدة بناء على كلام قاسم نفسة إنه لا يمكن يجبرة على حاجه هو مش مرتاح لها، وخصوصا إن قاسم هيدخل له من حتة إن رجولته ما تسمحش إنه يتجوز واحده أعلي منه في المستوي التعليمي،
وأكملت بإيضاح وثقة: وإنت عارف بقا الصعايدة في موضوع الرجوله ده بالذات، معندهمش فيه فصال.

ثم هبت واقفة وأسترسلت حديثها بنبرة عملية وهي تلملم أشيائها الخاصة وبعض اوراقها: أنا رايحة المحكمة، أخر مرافعة في قضية النجاري إنهاردة ولازم أحضرها علشان أقدم المذكرة لأن القضية هتتحجز للنطق بالحكم
وأردفت بنبرة أمره: وإنت خلي بالك كويس من المكتب والموظفين لحد ما أرجع، مش عاوزين نهز ثقة قاسم اللي حاططها فينا يا عدنان
أومأ لها بطاعة وأخذت هي حقيبتها وأشيائها وأنطلقت للخارج.

ظهر اليوم التالي داخل المشفي الذي إقترب على أن يصبح جاهزا بين ليلة وضحاها
يستقل يزن سيارته ويدلف بها من البوابة الحديدية الرئيسية ومنها إلى ساحة المشفي وإذ بفتاه تصرخ بوجهه وتوصمه ببعض الألفاظ التي إستشاطت ذاك اليزن مما جعله يوقف عجلة القيادة سريع مما أحدث صوت صفير عالي نتيجة إحتكاكات إطارات السيارة بأسفلت الممشي الخاص بالسيارة.

نزل يتطلع على تلك الغاضبة، وقف بطولة الفارع ولباسه الحديث الراقي، يتفقدها بتمعن وخلع عنه نظارته الشمسية لينظر لتلك التي تفوهت بنبرة غاضبة وهي ترمقه بنظرة ساخطة: مش تفتح يا بني أدم إنت، إيه، ماشي أعمي مش شايف قدامك.

كانت تحدثه وهي تميل بجزعها ممسكة بكف يدها بمحرمة لتقوم بها بتنظيف بنطالها الواسع بلونه الأسود والذي تلطخ بالمياة المتسخة، التي تطايرت على بنطالها أثر مرور السيارة بجانبها سريع وعبور إحدي الإطارات فوق بؤرة من المياة التي تجمعت نتيجة ري الزرع المتواجد بالحديقة.

تمالك بصعوبة من حالة الغضب التي إنتابته أثر سبابها له وهذا ما لم يحدث معه من قبل على الإطلاق، ثم تنفس عاليا كي يسيطر على غضبة ويحجمه كي لا يصبه عليها ويأذيها وهذا فقط لأنها انثي ولأنه ذو أخلاق
نظر لها بملامح ساكنة وتحدث بنبرة هادئة عكس ما يدور بداخله من بركان: معلهش، مخدتش بالي، إدخلي چوة المستشفي ونضفيه في الحمامات.

رفعت رأسها إلية ورمقته بمقلتيها الحمراء والتي تشع غضب وتحدثت بنبرة ساخطة: أما أنت إنسان مستفز صحيح، بقي بهدلت لي البنطلون وبكل برود تقولي مخدتش بالك
وأكملت سخطها علية بنبرة حادة: ولما سيادتك مبتاخدش بالك ولا بتشوف بتسوق عربيات ليه؟
ولا هو كل واحد أبوة معاه قرشين محيرينة يروح يجيب لإبنة عربية يمرمط بيها الخلق ويقرفنا معاه.

كان يستمع لها بعيون جاحظة فاغر الفاه من شدة دهشته من إسلوبها الحاد وأردف قائلا بدهشة: مچنونة إنت ولا معجدة طبجيا ولا نظامك إية إنت أني مخابرش
رمقته بنظرة إشمئزاز وتحدث بإستنكار: نعم، إنت كمان هتطلعني معقدة وعندي حقد طبقي، وأنا هستني إية من واحد زيك إلا إنه يفسر كلامي بالطريقة الطبقية العفنه دي.

قالت كلماتها وأطلقت العنان لساقيها لتنطلق للداخل بأقصي سرعة تحت ذهول ذاك الذي ما زال فاغر الفاه مندهش وتحدث: الله الوكيل مچنونة وتبجا وجعة مربربة لو طلعت الدكتورة اللي جاية للتعيين
وتحدث بنبرة معترضة: مهي أصلها ناجصة مچانين كمان
صعد من جديد إلى سيارته وتحرك بها كي يصفها في المكان المخصص لها ثم تحرك لداخل المشفي.

دلف إلى الداخل وجد الموظف المسؤل عن الإستقبال يقف بالرواق فتحدث إلية بهدوء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد الموظف سلامه ثم تحدث إلية: الدكتور ياسر مستنيك في مكتبك و وياه الدكتورة اللي جاية من مصر بخصوص التعيين يا باشمهندس
إبتسم ساخرا وتحدث بصوت خفيض: هي مش ليلي البومة فجرت فيها على الصبح، يبجا هياچي منين الخير عاد
تحدث الموظف متسائلا: بتجول حاچة يا باشمهندس.

أجابه بنبرة ساخرة: عجول إية، لله الأمر من جبل ومن بعد
تحرك لداخل مكتبة المخصص بالإدارة، وجدها تجلس مقابلة لدكتور ياسر بملامح وجه صارمة، إبتسم بسماجة
حين تحدث دكتور ياسر إليها مشيرا إلى يزن بوجه بشوش: وأدي الباشمهندس يزن اللي هيتفق مع حضرتك على بنود العقد وصل
نظرت إلية وصدمت عندما رأت أمامها الشخص التي إنهالت علية بالسباب منذ القليل، إبتلعت لعابها لكنها بالطبع لم تظهر ضعفها.

حين إبتسم يزن بسماجة وتحدث إلى كلاهما: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وتحرك متجه إلى مقعد مكتبة وتحدث بتخابث وهو ينظر لداخل مقلتيها السوداويتان: ما أتعرفناش
تحمحمت وتحدثت بنبرة صارمة: دكتورة أمل طارق عبدالسلام، تخصص طب نسا وتوليد
أومأ برأسه بهدوء وتحدث إليها بإحترام متلاشيا ما حدث بينهما بالخارج: أهلا وسهلا يا دكتورة، نورتي سوهاچ.

إستغربت حديثه وهدوئة التي لم تتوقعه بعد هجومها اللازع علية بالخارج، أردفت قائلة بنبرة هادئة: متشكرة يا أفندم
وأكملت بثقة زائدة عن الحد أبهرت ذاك اليزن: ممكن قبل ما أمضي العقد أعرف شوية تفاصيل خاصة بالمستشفي
إبتسم بجانب فمة وتحدث ساخرا: حضرتك واثجة جوي من حالك ومتوكدة إنك هتمضي العجد إنهاردة، لا وكمان بتحطي شروطك.

أجابته بنبرة واثقة تصل للغرور: دي مش شروط يا أفندم، دي معلومات على أساسها أنا اللي هحدد وهقرر إذا كنت همضي العقد وهشتغل معاكم ولا لا
قطب جبينه بغضب من لهجتها المستفزة وكاد أن يتحدث
سبقه دكتور ياسر سريع كي يفض الإشتباك الذي رأي بوادره داخل أعين يزن: الدكتورة أمل تقصد إنها عاوزة تتأكد من وجود الأجهزة اللي هتحتاجها في شغلها.

أكملت هي على حديثه قائلة بنبرة صارمة: مش بس كده يا دكتور ياسر، أنا لازم أتأكد من جودة وسلامة الأجهزة وكل المستلزمات اللي هحتاجها في شغلي، وكمان طقم التمريض اللي هيساعدني لازم يكون على درجة كفائة عالية علشان ما نعرضش حياة المريضة لأي إحتمال للخطر
طب إية رأي چنابك نستوردهم لسعادتك من ألمانيا، بيجولوا التمريض إهناك لا يعلي عليه، فاخر من الاخر كيف ما بيجولوا، كانت تلك كلمات ساخرة نثرها يزن على مسامعها.

إبتسمت ساخرة بجانب فمها وتحدثت بنبرة عملية: على فكرة يا باشمهندس
وأكملت مضيقة العينان بتساؤل مستفز كي ترد له إهانته: قولت لي إسم حضرتك إية؟
أجابها ساخرا: وكمان عنديكي ذاكرة سمكة، لا بداية مشرفة الحجيجة
كان ياسر يتنقل البصر بين كلاهما بتعجب من الحرب الباردة و قذف الجبهات الدائر بيهما من أول اللقاء،
فتحدث بهدوء كي ينهي ذاك الصراع العجيب: جري إية يا جماعة، متهدوا كدة وخلونا نتفاهم.

وأكمل مفسرا الوضع إلى يزن: على فكرة يا باشمهندس، الدكتورة بتتكلم في تخصصها، هي من حقها تتأكد من إجراءت السلامة ومعايير الأمان والجودة اللي لازم تكون موجودة في اي مستشفي، وده علشان سلامة المريض وتقديم الرعاية اللازمة الصحيحة ليه بشكل صحي.

ثم حول بصره إلى أمل التي تجلس بأريحية وأرتسمت على محياها شبح إبتسامة لمنتصر، وتحدث إليها ياسر بطريقة عملية: عاوز حضرتك تطمني من ناحية سلامة وجودة الأجهزة لأني انا بنفسي اللي إختارتهم، وده هتشوفيه بنفسك حالا لما أدخلك أوضة العمليات الخاصة بالقيصرية المجهزة بأحدث الاجهزة والتقنيات، و أوضة الكشف كمان نفس الحكاية، وكمان هتشوفي بنفسك نظام المستشفي اللي إتبني على طراز حديث وأتبعنا فيه شروط السلامة الصحية.

وأكمل: أما بالنسبة لطقم التمريض فأحب أقول لك إن أنا والدكتورة صفا إخترناهم بعناية وكفائة، وده بردوا هتشوفية بنفسك بكرة لما أجمعهم لك علشان تتعرفي عليهم
اومأت بهدوء ثم أردفت بتساؤل: تمام يا دكتور، نيجي بقا لنقطة السكن الخاص بيا
تسائل يزن بإستغراب: هو إنت عتسكني عندينا في النچع إهني؟
أجابته ساخرة: اومال عاوزني أسافر القاهرة كل يوم حضرتك؟

تحدث ياسر مفسرا بنبرة هادئة: بالنسبة لسكن حضرتك فيه سكن طالبات وموظفات مغتربات قريب جدا من البلد هنا، الدكتورة صفا راحت بنفسها وأتفقت مع صاحبة السكن وحجزت لحضرتك غرفة هتكون مدفوعة الأجر من المستشفي
أومأت له بهدوء فتسائل يزن بنبرة إستفزازية: أي أوامر تانية جبل ما تشرفينا حضرتك وتتعطفي علينا وتمضي العجد؟

شعرت بإنتصار حينما وجدت غضبة فأرادت أن تستدعي غضبه أكثر وأردفت ببرود: كدة كويس أوي يا باشمهندس، والوقت ممكن أمضي العقد مع حضرتك
نظر لها مدقق وحك ذقنه بتسلي ثم أخرج نسخة العقد و وضعها أمامها وتحدث بإستغراب: نسيتي تسألي على المرتب ومستحجاتك المادية يا دكتورة.

أجابته بصدق: كل ده مش مهم قصاد إني أشتغل في مكان أكون مرتاحة فيه نفسيا، ولعلمك يا باشمهندس، أنا إستقالت من مستشفي إستثماري كبير جدا ومعروف بالإسم في القاهرة كلها، وكنت باخد مرتب محدش في سني يحلم بيه،
وأكملت بنبرة محملة بأثقال من الهموم ظهرة عنوة عنها: بس إستغنيت عن كل ده قصاد إني أجي هنا وألاقي راحتي النفسية وأقدر أخدم الناس اللي محتجاني بجد، وأقدم لهم خدمة تليق بيهم كبني أدمين.

إستغرب حديثها وعلم منه ان لها قصة وتريد الهرب منها بالتأكيد، وهنا وجد حاله مجبرا على إحترامها بعدما ظهر له جانب مشرق من معالم شخصيتها الغريبة الأطوار.

داخل منزل الحاج عتمان
دلفت نجاة إلى المطبخ حيث تقف فايقة أمام موقد النار موالية ظهرها للباب
تحدثت إليها بنبرة غاضبة تنم عن وصول تلك النجاة إلى ذروة تحملها: وبعدهالك يا فايقة، لحد ميتا عتفضلي ساكته ومطرمخة إكدة على موضوع حبل ليلي، أني رايدة أفرح بولدي وأشيل له عيل في حچري جبل ما أموت من جهرتي علية.

لم يتحرك لتلك الفايقة ساكن وضلت ثابتة بوقفتها ثم تحدثت بتأفف: يا فتاح يا عليم يا رزاج يا كريم على الصبح، مالك يا نجاة، جايمة شايطة عليا أني وبتي من وش الصبح لية إكده؟
هتفت نجاة بنبرة حادة بعدما فاض بها الكيل: البت متچوزة بجالها سنتين وماحبلتش لحد دالوك يا فايقة، وبصراحة إكدة أني ومنتصر بدأنا نتوغوش،.

كظمت غيظها داخلها بإعجوبة وهدأت رغبة مكبوتة تلح عليها وتأمرها بأن تمسك بيدها ذاك الساطور الحاد الموضوع جانب وتقوم بقطع لسان تلك الثرثارة التي بدأت تثرثر بذاك الحديث وتزعجها به كثيرا في الاونة الأخيرة.

لكنها تمالكت من حالها وقررت اللعب بمشاعر نجاة وتحدثت إليها بنبرة منكسرة مهمومة كي تستدعي شفقة تلك البلهاء رقيقة الحس: وإنت يعني كنتي شيفانا جاعدة وساكتة لجل ما تسمعيني كلامك السم دي على الصبح، ما أنت واعية لي اني وبتي وشيفانا وإحنا متشندلين كل يوم ورايحين چايين عند الدكاترة والشيوخ،.

وأكملت بجهل: الشيوخ اللي زرناهم كلياتهم جالولي بتك معمولها عمل سفلي واعر جوي، رابط لها الرحم وهو اللي معيخليهاش تحبل، واسترسلت حديثها بفحيح وشر: بس أني مهرتاحش غير لما أعرف بت الحرام اللي عملت إكدة في بتي وأشندلها شنديل كيف ما وچعت جلبي على بتي وسمعتني الكلام من اللي يسوي واللي ميسواش.

كانت تستمع إليها وهي تحدق بها بذهول ثم هتفت بحدة: يا ولية بطلي چهل وروحي للدكتور وشوفي بتك مالها، الحاچات اللي عماله تديها للبت تبلبعها كل يوم والتاني دي عتأذيها يا حزينة
أجابتها بحده: دي وصفات عتساعدها لجل ما السحر يتفك والبت تحبل لچل ما أريح نفوخي من زنك اللي معيخلصش يا نچاة، وبعدين ما أني روحت في اللول لدكاترة أشكال وألوان يا شملوله، كانوا نفعوني باية الدكاترة بتوعك دول؟

واكمل بتذكير: كل واحد أروح له يجول لي بتك زينة والمسألة مسألة وجت، وعلى يدك فات سنتين ولسة مجاش الوجت اللي عم يتحدتوا عنية، كتي عوزاني أحط يدي على خدي وأجعد أولول كيف الحزانه إياك؟
أردفت نجاة بنبرة إعتراضية: تجومي تاخديها للدچالين يا حزينة. ، الله الوكيل يزن لو عرف ليشندلكم شنديل ومهيرتاح اللي أما يجول لچده ويسود عيشتك إنت وبتك.

هتفت بحدة قائلة: وطي حسك يا وليه لحد من الخدم يسمعنا، وبعدين مين اللي عيجول ليزن، أني باخد البت وأجول إني رايحة أشوف أمي وأجضي وياها باجي النهار، وبروح من إهناك لا من شاف ولا من دري.

تنفست عاليا وأردفت قائلة بعدم صبر: أني ميخصنيش الحديت الماسخ دي كلياته، أني عايزة أشوف حتة عيل لولدي يا فايقة، ومهصبرش أكتر من إكدة. ، خدي بتك لدكتور كبير وإلا أني اللي عكلم يزن وأخليه ياخدها ويدلي بيها على مصر ويشوف حكايتها إية ويا الخلفة دي كمان.

قالت كلماتها بوجه محتقن غاضب وتحركت للخارج سريع، نظرت فايقة على طيفها وتحدثت بغل وهي تقوم بتقطيع بعض حبات البصل بطريقة عنيفة تنم عن وصولها إلى قمة غضبها وحقدها
وتحدثت بنبرة حقودة: يجطع خبرك مرة سو، نكدتي على في عز فرحتي يا حزينة.

مساء
تحرك قدري على مضض إلى منزل شقيقه والذي سيدخله لأول مرة بحياته مصطحب قاسم والمأذون كي ينتهوا من إجراءات كتب الكتاب
دلف للداخل يتلفت حوله يتفقد المنزل وفخامة بنيانه وأثاثة الوثير بحقد وغل دفين لو تفرق على قريتهم لكفا وفاض،
إستقبلهم زيدان بحفاوة وقلب صافي وأدلفهم لداخل غرفة الإستقبال بأثاثها الفخم وجلسوا فوق المقاعد الوثيرة، ثم قام زيدان بإستدعاء العاملة التي قدمت لهم واجب الضيافه بترحاب عالي.

وبعد قليل تحدث المأذون بإستئذان ناظرا إلى زيدان: بعد إذنك يا زيدان بيه تنده لنا الدكتورة صفا لجل ما ناخد موافجتها على بدأ إجراءات كتب الكتاب
وما أن أنهي جملته حتى إستمع إلى صياح ذاك القدري الذي تفوه قائلا بإقتضاب: موافجة أيه اللي عاوز تاخدها منيها يا سيدنا الشيخ، يعني إحنا هنكتب الكتاب غصبن عنيها إياك.

وأكمل بتفاخر وهو يرفع قامته للأعلي: البت عاشجه الأستاذ قاسم وبتتمني رضاه كمان، وأكمل ليحثه على البدأ سريع: إتكل على الله وإبدأ في إچراءاتك
إستغرب زيدان حدة قدري وغضب من نبرة التعالي التي يتحدث بها عن ولده مقللا من شأن إبنته.

حين تحدث المأذون الشرعي بهدوء و رتابه: ما تزعلش مني يا قدري بيه، أني بنفذ أوامر الشرع والجانون واللي بيفرض عليا إني لازمن أسمع موافجة العروسه بنفسي وأتأكد من رضاها، وإلا أكون بخالف الجانون ويكون لا جدر الله العجد باطل
تحدث قاسم إلى عمه بإحترام كي ينهي ذاك الجدل العقيم: ياريت يا عمي تنده لصفا علشان منأخرش الشيخ أكتر من إكده
أجابه زيدان وهو يقف إستعدادا للخروج: حاضر يا ولدي،.

ثم وجه حديثه إلى الشيخ سلامة: ثواني يا شيخنا وصفا تكون جدامك
أومأ له الرجل بإحترام وبالفعل كانت صفا تقف أمامهم بعد دقائق معدودات وجلست تحت نظرات قاسم المتفحصة لجمالها الخلاب الذي لفت إنتباهه رغم الحزن الذي يخيم على ملامح وجهها
سألها الشيخ بلين: إنت موافجة يا بتي على چوازك من قاسم قدري النعماني
وجهت بصرها إلى قاسم و رمقته بنظرات ثاقبه حاده ثم تحدثت بنبرة قويه شامخة.
سألها الشيخ بنبرة لينه: إنت موافجة يا بتي على جوازك من قاسم قدري النعماني
وجهت بصرها إلى قاسم و رمقته بنظرات ثاقبه حاده ثم تحدثت بنبرة قويه شامخة: موافجة يا سيدنا.

لا يدري لما سعد داخله بهذا الشكل العجيب عندما إستمع إلى موافقتها، غريب أمره منذ البارحة، حتى هو إستغرب حاله وبشدة، فمنذ ما حدث بينهما ليلة أمس وهو لم يتواري بلحظة عن التفكير بها وبعندها، إستفزته ثورتها ولهجتها الحادة وهي تحدثه بتحدي صارم وصل لإهانته
تحدث المأذون بإرتياح: على خيرة الله، هاتي بطاجتك يا بتي.

وبالفعل أخذ بطاقتي قاسم وصفا وبدأ في إجراءات عقد القران وبعد مدة تحدث إليهما بوجه بشوش: ألف مبروك يا عرسان
إكده يبجا مفاضلش غير الإشهار يوم الفرح ويبجا كلة تمام بإذن الله
قامت ورد بإطلاق الزغاريد تعبيرا عن فرحتها بعقد قران صغيرتها الوحيدة، وأحتضنتها وباتت تقبلها بسعادة تحت سعادة صفا لسعادتها وفقط.

وبعد ان إستمعن العاملات الجالسات بالخارج إلى زغاريد ورد حتى إنطلقوا أيضا بإطلاق الزغاريد التي صدحت بالمكان لتعلن للجميع عن إكتمال مراسم عقد القران
دلفت عمتيها صباح و علية اللتان حضرتا منذ الصباح الباكر كي تقفا بجانب شقيقهما الحنون الكريم معهما لأبعد حد وبجانب زوجته الحنون
تحدثت علية وهي تحتضن زيدان وتقبل صدغه بحنان: مبارك يا أخوي. ، عجبال متشوف عيالها ماليين عليك الدوار يا نضري.

إبتسم لشقيقته وربت على ظهرها بحنان وأردف قائلا بإبتسامة: في حياتك إن شاءالله يا غالية
تنفس قدري الصعداء وشعر بإنتصار وكأنه فاز للتو بإحدي فتوحات النصر العظيم، ثم وقف وأقترب على ولده واحتضنه بشدة مربت على ظهره قائلا بنبرة سعيدة: ألف مبروك يا أسدي، عجبال التمام
ثم أتجه إلى شقيقه مربت على ظهره بنفاق متحدث: مبروك علينا يا زيدان.

إبتسم له زيدان وتحدث بوجه بشوش وقلب صادق محب: الله يبارك فيك يا قدري، ربنا يجعلها جوازة السعد والهنا عليهم اللهم امين
ثم أتجه إلى قاسم واحتضنه بشدة قائلا: مبروك يا ولدي
إبتسم له قاسم بود وأجابه بإحترام وحب: الله يبارك في حضرتك يا عمي
ثم نظر إلى تلك الجالسه وكأنها تخشبت بجلستها بجانب والدتها وعمتها صباح، مد يده إليها وتحدث بنبرة حنون خرجت عنوة عنه من صميم قلبه الذي بدأ بالميل لها: مبروك يا صفا.

نظرت ليده الممدوده بشرود وبلحظة وجدت حالها تمد يدها إليه، تلمس راحة يدها بنعومة أرجفت جسدها بالكامل ثم جذبها برقه كي يحسها على الوقوف لتقابله وبالفعل حدث ما أراد، نظر لداخل عيناها
وتحدث بنبرة ناعمه وهو يهمس لها بجانب أذنها مما جعل القشعريرة تسري بداخل جسدها بالكامل: مبروك يا حرمنا المصون.

إبتلعت لعابها وبلحظة إستفاقت على حالها حين تذكرت إعترافاته المميته عندما ذبحها وأخبرها بعدم تقبله لها كزوجة وأنه ليس بالرجل الذي يقبل بإختيار غيرة للمرأة التي ستسكن أحضانه
رمقته بنظرة حاده وأبتسمت بجانب فمها ساخرة وبدون كلام إتجهت إلى الخارج تحت إستشاطته من عندها وأفعالها الإستفزازية المقلله من شأنه.

خرجت من الحجرة وجدت عمها منتصر ويزن بوجهها كانا دالفان للداخل، تحدث منتصر وهو يسحيها لداخل أحضانة بحنان: ألف مبروك يا دكتورة
أجابته بنبرة حنون: يبارك في عمرك يا عمي
أما ذاك العاشق الولهان فتحدث مهنئ إياها بنبرة يملؤها الشجن: مبروك يا صفا وعجبال التمام
إبتسمت له بمرارة سكنت داخل عيناها رأها هو وألمته: الله يبارك فيك يا يزن.

هنا خرج قاسم ورأها وهي تتحدث إلى يزن بنبرة حنون. ، إستشاط داخله وأقترب منتصر منه مربت على كتفه ومهنئ إياه وتحركت هي إلى الأعلي منسحبة من الوسط تحت نظراته المسلطة فوقها بتمعن.

في الصباح الباكر، كانت تجلس بجانب زوجها فوق الأريكة ببهو منزلهما يتناولان معا قهوة الصباح التي أعدتها له بحب، في جو هادئ يشوبه الحب والود والأحاديث المعسولة من كلاهما للأخر، إستمع كلاهما إلى صوت فايقة وهي تنادي من خارج المنزل.

فادلفتها العامله وما كان حالها ببعيد عن حال زوجها حين دلف بالأمس ورأي فخامة المنزل وأثاثه، وما جعل النار تشتعل أكثر داخلها هو رؤيتها لزيدان وهو يلتصق بجسده بحميمية بتلك الخاطفه التي سلبته قلبه وعقله وبات يعشق كل ما بها
تحدث زيدان بترحاب: إتفضلي يا أم قاسم.

حين تحدثت ورد التي وقفت إحترام لها رغم الكرة الشديد المتبادل بين كلتاهما للاخري ولكن يضل أصلها وتربيتها الحسنة هما اللذان يحركاها: ده أيه الخطوة العزيزة دي يا أم قاسم؟
وأكملت وهي تشير بيدها لها في دعوة منها للجلوس: إتفضلي، نورتي دارنا
أجابتها وهي تتطلع حولها ببرود كاتمة غيرتها المرة ونارها الشاعلة التي لو إنطلقت لأحرقت المكان بأكملة: الدار منورة بأهلها يا سلفتي.

وأكملت وهي تنظر إلى زيدان بعدما جلست ووضعت ساق فوق الاخري بتعالي وكبرياء: أني كنت جولت لزيدان أولة إمبارح إني هاجي وأشوف اللي ناجصك ونتمموة سوا لجل ما نلحج وجتنا جبل يوم الخميس
أجابتها ورد بمجاملة: كتر خيرك يا أم قاسم، بس مكانش ليه لزوم تتعبي حالك، عمتي صباح وعمتي علية وكمان أم يزن بيساعدوني
أجابتها بإبتسامة ساخرة: ومالة يا سلفتي، إيد على إيد تساعد، و أني مهتعبش لأعز من مرت ولدي الغالي.

كان زيدان ينظر إليها مستغرب حالة التغير الشامل، ولكنه كان على يقين أن قلبها المحمل بالسواد له و لورد لم ولن يصفي مطلقا.

داخل المكتب الخاص بصفا والمتواجد داخل المشفي، كانت تجلس خلف مكتبها وأمامها يجلس ياسر ويزن وايضا الطبيبة أمل التي أصرت على مقابلة صفا لتتعرف على تلك الشخصية التي ستعمل معها.

تحدثت أمل بنبرة جادة عملية موجه حديثها إلى صفا: تمام يا دكتور صفا، إحنا كده تقريبا إتفقنا على كل حاجة، وأنا إن شاءالله هرجع بكرة القاهرة بعد ما أرتب شوية حاجات ضرورية هنا في أوضة الكشف، وياريت تبلغيني قبل إفتتاح المستشفي بإسبوع علشان ألحق أرتب أموري وأحجز طيارتي
أجابها ياسر بنبرة هادئة: أنا هكون على تواصل دائم معاكي يا دكتور وأكيد هبلغك قبل الإفتتاح بمدة كافية.

أومأت له بملامح صارمة واردفت بنبرة عملية: أوك يا دكتور
تحمحم يزن وتحدث إليها في دعوة منه لتلك الغريبة كي تحل عليهم ضيفة ليستطيع إكرامها وتقديم واجب الضيافة لها: ما تجعدي ويانا الكام يوم اللي چايين دول يا دكتورة لچل ما تشرفينا في سراية النعماني وتحضري فرح الدكتورة صفا يوم الخميس إن شاءالله.

نظرت إلية وتحدثت ببرود وكأنها ريبوت: متشكرة لحضرتك، بس أنا الحقيقة مابحبش المناسبات اللي من النوع ده، لأنها بتكون زحمة ونفسيا ما بكونش مرتاحه
ثم إلتفت مرة اخري وتحدثت إلى صفا وهي تهم بالوقوف: مبروك يا دكتورة ونتقابل في الإفتتاح
أومأت لها صفا وتحركت هي إلى الخارج وتبعها دكتور ياسر كي يري ما تريده من تعديلات.

بعد خروجهما تحدث يزن إلى صفا بنبرة رخيمة وملامح وجه منكمشة: يا باااااي، الله الوكيل دمها يلطش اللي إسميها أمل دي، الله يكون في عون العيال اللي عيتولدوا على إيديها، العيال هتتخلع ويچي لهم صرع يا صفا،
وتسائل بنبرة ساخرة: ذنبيهم إيه الحزانه دول لجل ما يشوفوا خلجتها اللي تألبط دي أول خلجة تخبط في وشهم على طول إكده.

وما كان من تلك الصافية غير إطلاق القهقهات العالية التي خرجت رغم عنها بعدما رأت تعبيرات وجة ذاك اليزن وحديثه الساخر، نظر إليها مسحورا بجمال ضحكتها
وتحدث إليها بنبرة حنون: إضحكي خلي الشمس تطلع ونورها يضوي ويملا الدنيي، ملايجش عليكي الحزن، متخلجش علشانك يا بت النعمانية
وكأن بكلماته تلك أرجعها لأرض واقعها المرير، وسحبها من جديد وأدخلها لعالم أحزانها التي سجنت به روحها الشفافه.

إرتسمت فوق ملامحها الأحزان وأطلقت تنهيدة حارة تنم عن مدي وجع روحها،
فتحدث هو بفطانة: أني معارفش إية اللي حصل بينك وبين قاسم وچدك في الليلة إياها و وصلك للي إنت فيه دي، ومعايزش أعرف
واسترسل حديثه مساندا إياها بقوة: بس عايزك تعرفي حاچة واحده بس، إنت صفا زيدان الجوية اللي معيكسرهاش شى، وعاوز أجول لك متخافيش من ايتوها حاچة طول ما أخوكي وأبوكي في ضهرك،.

نظرت إليه بإبتسامة أمل باهته، فأكمل هو بقوة: من إنهاردة أخوكي هيجف في وش أي حد يفكر بس إنه يإذيكي ولا يمس كرامتك بشى، وإطمني، أني مستعد أجف في وش الدنيي كلياتها لچل بس ما تكوني مرتاحة يا خيتي
إمتلئت مقلتيها بالدموع وتلألأت وتحدثت بإمتنان بصوت مختنق بالعبرات: ربنا يخليك ليا يا يزن وميحرمنيش منك واصل، على فكرة يا يزن.

نظر لها بحنان ينتظر تكملة حديثها فأردفت هي بنبرة أخويه حنون: أني طول عمري وأني بشوفك أخوي وسندي اللي إتحرمت منيه، كنت لما تچيب لي كتاب لجل ما أجراه أو تاچي تسألني عن حالي ولو كنت محتاچة لحاچة، كنت بفرح جوي وأجول لحالي هو ده أخوكي يا صفا،.

وأكملت بتذكر. : ولما كت أجعد في دوار أبوي لحالي وأزعل وأني شايفه البيت فاضي على أني وأمي وأبوي، وأسمعك إنت وإخواتك وقاسم وإخواته متچمعين في صالة السرايا وأصوات لعبكم وضحككم واصلالي لحد عندي، كت بحزن من چواتي، وبلحظة أبص ألاجيك سيبتهم وچيت لعندي لجل ما تلعب وياي ومتحسسنيش بوحدتي، عمرك ما حسستني إني وحيدة يا يزن.

وأكملت وهي تنظر داخل عيناه ودمعاتها الغالية تمر عبر وجنتها: طول عمرك وإنت سندي وضهري يا أخوي.

يا له من شعور رائع ذاك الذي أصابه بمجرد نطقها بذاك الإعتراف، لم يستطع تفسير ما إنتابته من مشاعر إيجابيه، لكن كل ما شعر به وتأكد منه أنه فخور بحاله وبما أوصله لتلك البريئة التي وبرغم إهتمام جديها وأبويها بها إلا أن شعورها الدائم بالوحده لم يفارقها وبات يؤرقها طيلة سنواتها المنصرمة، وللأسف لم يشعر بتمزقها و وحدتها أحد.

سخط من داخله على چده وقراراته العقيمة عديمة المنفعة التي أوصلت لتلك الصغيرة شعورها بأنها منبوذة وحيده في ظل وجود عائلتها
جففت دموعها سريع وتحدثت إلية بنبرة جادة: بجول لك إيه يا يزن، متچيب ليلي تكشف عند الدكتورة أمل، الدكتور ياسر جال لي إنها شاطرة جوي، أي ينعم هي لساتها متخرچة من تلات سنين، بس عرفت تثبت جدارتها صح.

إتسعت عيناها وتحدث إليها ساخرا: معيزوش أني الواد اللي هياچي من خلجتها اللي تألبط دي، هي ناجصة فجر يا صفا
تعالت قهقهاتها من جديد حين وقف هو مستأذن ليذهب إلى المحجر ليتابع عمله.

أما قدري الذي ذهب مع ولده باكرا إلى القاهرة بعدما أخبر والده أنه سيذهب مع قاسم لمشاركته فرحة إختيار نجله حلة عرسه
وعند الغروب كان يجلس بجانب قاسم داخل منزل رفعت عبدالدايم بعدما جلب لهم الهدايا الثمينة وقطعة من الذهب الخالص كي يهديها لمن خطفت قلب ولدة تعبيرا عن إمتنانه لها عما ستفعله بقلب إبنة زيدان في المستقبل البعيد،.

وبدأ بقص ما حدث على مسامعهم طالبا إلتماسهم العذر لظروف نجله التي فرضت عليه، وإتمام زواج إبنتهما من نجلة مقتصرا على حضورة هو وزوجته وفقط
أما إيناس التي إلتمعت عيناها بالدموع وهي توجه نظراتها اللائمة إلى قاسم التي سرعان ما تحولت إلى نظرات نارية حارقة، وعلى الفور إنتفضت واقفة واسرعت الخطي إلى حجرتها وأغلقت بابها بحدة متخطية بتصرفها أداب الأصول والتقاليد.

تحدثت كوثر حيث بررت تصرف إبنتها بالغيرة على خطيبها وحبيبها قائلة بكلمات لائمة: متزعلوش من إيناس يا جماعة، بنتي مصدومة من الكلام اللي سمعته منكم
ثم وجهت حديثها إلى قدري قائلة: إنت يا عمدة جاي تطلب منها إنها ترضي وتسلم بأمر جواز خطيبها اللي قعدت تستناه سبع سنين بحالهم علشان يتجوزها بعد ما بنت عمه تتخرج على طول، وفي الاخر جاي يقول لها أنا أتجوزت.

وأكملت بنبرة معترضة: الموضوع صعب عليها وعلينا، حطوا نفسكم مكانا وأحكموا
تحدث إليها قاسم بنبرة هادئة: ممكن بعد إذنك تدخلي لها وتخليها تطلع علشان عاوز أتكلم معاها لوحدنا، وأنا هعرف أراضيها وأخليها تهدي
أجابته بحديث ذات مغزي وهي ترجع ظهرها إلى الخلف بكبرياء: حاضر يا قاسم، بس لازم تحط في بالك انك هتتعب أوي على ما تراضيها، دي بنتي وأنا أدري بيها وبقولك إنها مش هتعدي الموضوع ده بالساهل.

نظر لها قدري بجبين مقطب وتأكد أن تلك السيدة ليست بالهينه وأنها طامعة بمال ونسب وجاه ولده ولكنه لن يشغل حاله بالإهتمام بأمرها الان فهو لدية الأهم، وهو السعي لإتمام زيجة ولده من صفا و وضع يده على مغارة على بابا التي تنتظرة
وأراد أن يتلاعب معها بالحديث متحدث بدهاء: المصلحة حكمت يا هانم، وأظن ما يرضكيش إن قاسم يخسر كل تعب السنين اللي فاتت دي لجل موضوع بسيط زي ده.

صدع رنين هاتف قاسم ليعلن عن مكالمة طارئة من عميل ذو أهمية بالغة فأستأذن منهم وأخذ هاتفه وخرج إلى الشرفة ليتحدث بأريحية
أما عدنان الذي تحدث إلى قدري بدهاء محامي: بيتهئ لي يا عمو إن أول حاجة لازم يطلبها قاسم من جده قصاد موافقته هي إنه يكتب له المكتب والشقة بإسمة بعقد بيع وشراء، على الأقل يضمن إنه ما يقعش تحت تهديد جده مرة تانية وتحت أي ظروف.

أجابه قدري بنبرة قاطعة: أبوي مهيعملش إكدة لو إنطبجت السما على الأرض،
وأكمل لإقناعهم: بس أحب أطمنك واجول لك إن بچواز قاسم من صفا هو إكدة حط يده على كنز النعماني ومهيحتاجش حاچة بعديها من چده من الأساس،
وأكمل بنبرة تدل على مدي جشعة: أخوي زيدان عنديه مال ملوش أول من أخر، وكله هيبجا تحت تصرف قاسم بمچرد چوازة من صفا اللي هي وحيدة أبوها.

وأخيرا قرر ذاك الرفعت الخروج من صمته الدائم وتحدث بإعتراض ونبرة متعقلة: والله يا جماعة أنا شايف إن كل شئ قسمه ونصيب، وطالما قاسم إتجوز بنت عمه يبقا موضوعه مع إيناس أصبح مستحيل ومنتهي.

قاطعته كوثر بنبرة حادة معترضة قائله بنظرة ترهيبية محذرة: موضوع أيه ده اللي منتهي يا رفعت، هو أنت مش عارف قد أيه بنتك متعلقة بقاسم ومتقدرش تعيش من غيره، ده غير الناس اللي هتبدأ تجيب في سيرة بنتك وتسأل، ياتري خطيبها سابها ليه بعد ما قعدت مخطوبة له كل الوقت ده، هنقول لهم إيه يا رفعت؟

صمت ذاك الضعيف الإرادة أمام بطش زوجته وأولاده تحت إبتسامة قدري من داخله على ذاك الذي يعد رجلا ويحسب على قائمة الرجال بالإسم فقط
همت كوثر بالوقوف و أردفت موجهة حديثها إلى قدري: أنا هدخل لها وأحاول أقنعها بإنها تطلع تتكلم مع قاسم
وتحدثت بإنسحاب: بعد إذنك يا عمدة.

وبالفعل دلفت لإبنتها وأقنعتها بأن تخرج إلى قاسم وتحاول فرض سيطرتها عليه مستغله الموقف، ولا يمنع ذلك من قيامها ببعض الدلال عليه كي تشعله وتجعله متعلقا بها أكثر وبعدها ستطلب منه ما تريد وهو سينفذ بدون إعتراض,, هكذا خيل لهما
بعد قليل كانت إيناس تجلس بجانب قاسم داخل شرفة منزلهم المتواضع وتحدث هو في محاولة منه لتهدأتها: من فضلك إهدي يا إيناس وخلينا نتكلم بالعقل وفي إطار المصلحة العامة.

أجابته ببعض الحدة: إزاي بتطلب مني أهدي وإنت جاي بكل بساطة وجبروت تقول لي إنك هتتجوز واحده غيري وتنام في حضنها؟
أجابها بهدوء: جواز مصلحة يا إيناس وإنت عارفة كدة كويس
واكمل بهدوء محاولا تثبيتها: ما أنت عارفة أنا كنت مسافر وناوي على أيه
وأكمل مبررا: بس جدي حطني في خانة اليك، قولي لي بقا كنت هحلها إزاي وأنا شايف شقي السنين اللي فاتت دي كلها بيضيع بكل بساطة من بين إيدايا.

وأكمل بنبرة ترهيبية: إنت فاهمة معني الكلام ده أيه يا إيناس، معناه إن أنا وإنت وكمان عدنان هنبقا في الشارع والمكتب اللي فحرنا بظوافرنا في الصخر لحد ما بنينا إسمة في سنين هيتمحي في لحظة
إبتلعت لعابها رعب من الفكرة وتحدثت بنبرة إستسلامية: خلاص يا قاسم، أنا موافقة بس علشان مصلحتك،
وأكملت بإستغلال: بس ليا شرط
قطب جبينه بإستغراب وتساءل مستفهما: شرط أيه ده كمان؟

أجابته بجشاعة: تغير لي عربيتي لأحدث موديل وكمان تشتري لي شقة غير بتاعة جدك وتكتبها بإسمي
وأكملت بنبرة ضعيفه مستسلمة كي تكسب تعاطفه: على الأقل علشان أضمن إن لو جدك عرف بجوازنا وأجبرك تطلقني ما أترميش في الشارع أنا و أولادك اللي هنخلفهم.

ضيق عيناه وبات ينظر لها مستغرب حالتها وجشعها وطمعها الذي إستشفه من حديثها رغم محاولاتها المستميته لتخبأته ولكنه إكتشفه بما له من فطانة، نعم يحبها أو هكذا يظن، ولكن بالأخير يبقا هو قاسم النعماني
أجابها بنبرة جامدة: إنت شايفه إن ده الوقت المناسب للكلام في الموضوع ده؟
أجابته بعيون حادة مستغله الوضع: ده هو ده الوقت المظبوط يا قاسم، لازم نتفق على كل حاجه قبل أي كلام في موضوع جوازنا.

حك ذقنه النابت بأصابعه وفكر بشرود ثم أجابها: بصي يا إيناس، إنت دخلتي لي الدخلة الغلط اللي متنفعش معايا خالص، ومش دي الطريقة اللي هتكسبيني بيها أبدا، ولو فاكرة إنك هتتشرطي وتتأمري عليا وانا هقف اتفرج وأقول لك أمرك يطاع يا حياتي، تبقي غلطانه وحساباتك خرمت منك المرة دي يا متر.

واكمل بنبرة محذرة بنظرة حادة كالصقر: أنا قاسم النعماني يا إيناس يا رفعت، يعني مليش إيد بتوجعني علشان أتمسك منها، ومش أنا اللي هقبل إن واحدة ست تقعد وتملي شروطها عليا مهما كانت هي أية بالنسبه لي، ولو مش فاهمة كده كويس تبقي غبية
إرتعب داخلها وتراجعت سريع كي لا تخسرة وتسائلت بدموع التماسيح: حتى أنا يا قاسم؟

صاح بها بعيون محذرة: إيناااااس، إسمعيني كويس وركزي في كلامي يا بنت الناس، شقق مش هكتب وما أتخلقش لسه اللي يقدر يجبرني على حاجه أنا مش عاوزها، فهماني
إبتلعت لعابها وبدموع تحدثت بتلون كالحرباء: أنا أسفه يا قاسم، يظهر إن صدمتي من الخبر مش مخلياني قادرة أركز ولا أفكر بشكل منطقي
فعلشان كده ارجوك إنسي كل الكلام اللي أنا قولته ده
اجابها بهدوء جاهد بإخراجه: خلاص، بس ياريت اللي حصل ده ما يتكررش تاني.

واكمل وهو ينهض بملامح وجة مبهمة: يلا بينا نقعد مع الجماعة علشان نتفق على ميعاد الفرح وكل اللازم
وبالفعل إنضم قاسم وإيناس إلى الجلسة من جديد وتحدثت كوثر بنبرة حادة قوية بعدما إستمعت بموافقة إبنتها المتفق عليها مسبق بينهما وأدعت بتفاجأها: أنا كمان موافقة لأن معنديش خيار تاني بعد ما قاسم ركن بنتي جنب منه سبع سنين والكل عرف إنها خطيبته.

واكملت وهي تهز كتفيها بإستياء مصطنع: يعني هقول إيه للناس وابرر لهم إزاي فسخت خطوبتها بعد ما شافوهم مع بعض في كل مناسباتنا
تحدث إليها قدري بإستحسان مزيف وذلك لقراءته لما هو داخلها: عين العقل يا هانم، هو ده تفكير الناس الزين صح
تحدثت كوثر بتشرط وهي تنظر إلى قدري: انا صحيح موافقة بس أنا ليا شرط يا عمدة
وأكملت وهي تنظر إلى قاسم بتحدي: قاسم يتجوز إيناس الأول ويدخل عليها، أنا بنتي مش هتكون زوجه تانية.

أجابها بحقد دفين وغل لشقيقه الذي لم يفعل أو يكن له غير كل الخير: لا يا هانم سامحيني في الشرط ده، قاسم هيدخل على صفا اللول، اني ليا غرض في إكده
وأكمل محاولا إقناعهم بطريقة خبيثة: وبعدين بتك ما تستاهالش يتجال عليها المرة اللي چوزها ملجاش راحته عنديها وراح يدور عليها بره وإتچوز اللي تريحه
نظرت له بإعجاب تقديرا لدهائة وذكائة الكبير.

أما قاسم الذي كان يجلس بجانب والده مستغرب أحواله من كم الإصرار الذي أتي به ليقنع أهل إيناس بتلك الزيجة التي ستذبح قلب إبنة شقيقه لو لا قدر الله علمت بها.

وبلحظة غلت الدماء داخل عروقة من حديث والده المهين لإبنة عمه وتحدث بنبرة حادة صارمة: إية الكلام اللي حضرتك بتقوله ده يا أبوي، الدكتورة صفا ست البنات كلهم ومش هي اللي يتقال عليها الكلام الفارغ ده، وأكمل مبررا ما يحدث بحدة: لولاش بس الظروف هي اللي حطتها وحطتني في الموقف ده
إستشاط داخل إيناس ونظرت له بإستغراب وأردفت بنبرة متعجبة: وإنت إيه اللي ضايقك أوي كده من كلام عمو يا قاسم؟

أجابها بقوة وحزم: علشان مش بنت النعمانية اللي يتقال عليها الكلام ده
ثم وقف بحدة ونظر لوالده الذي خجل من حديث ولده الذي أشعره أمام الناس كم هو ضئيل ودنئ وخسيس، وتحدث بنبرة قوية: يلا بينا يا أبوي.

كان يشعر بكم ندالته ودنائة تصرفه ذاك، دائما ما يصاحبه شعورا بعدم الراحة وتأنيب الضمير المستمر، ذهن مشتت روح ممزقة، دائمة البحث عن راحتها هنا وهناك، طالما صاحبه شعور الغربة حتى بصحبة أهلة، كان دائم البحث عن ذاته داخل كيانه المشتت، لكنه للأن لم يحصل على ذاته، لربما بيوم يهديه زمانه سلامه النفسي وتستريح روحه الهرمة.

بعد مدة قصيرة كان يجلس بالمقعد المجاور لقاسم داخل السيارة بعدما نزلا من سكن رفعت عبدالدايم
تمعن في وجة قاسم الحزين وتساءل بتملل: مالك يا ولدي، مرايجش ليه، كت مفكر الفرحة مهتسعاكش لما نتفج على فرحك من زميلتك دي
أخذ نفس عميق وزفره بعمق وأكمل بنبرة مهمومة: معارفش اللي عملناه دي إذا كان صح ولا غلط يا أبوي،.

ثم نظر لأبيه وتحدث بنبرة مستائة متذكرا: ثم إية الحديت اللي حضرتك جولته على بت عمي جدام الخلج الغريبة دي؟
أجاب ولده بمراوغه: يعني كت عاوزني أجول للحرمة اللي كيف الحرباية دي إيه وهي راسها وألف سيف لتمم چوازك ببتها اللول؟
وأكمل بإلهاء: وبعدين سيبك من الحديت الماسخ دي وحاول تخلص اللي وراك إهني بسرعة لجل ما تلحج تاچي لسوهاچ جبل الخميس
واسترسل حديثه مستفسرا: مجولتليش، ناوي تتچوز زميلتك دي فين؟

تنهد بثقل وتحدث بنبرة مختنقة: أول حاچه ناوي أعملها بكرة إني أسحب كل الفلوس اللي في الحساب المشترك اللي بيني وبين چدي وأفتح لي حساب چديد لحالي وأحط فيه شجي عمري، وهشتري منية شجة بعيده عن الشجة اللي شاريها لي چدي عتمان
أجابه قدري بإستحسان: براوه عليك، دوت اللي كان لازمن يحصل من زمان وأني ياما جولت لك تعمل إكدة بس إنت اللي مكونتش بتسمع الحديت.

أردف قاسم بنبرة قلقة متخوفة: خايف جوي من رد فعل چدي لما يعرف بچوازي من إيناس
أجابه قدري بتملل: وأيه بس اللي هيعرف چدك يا ولدي، ما أنت طول عمرك جاعد إهني لحالك، ميتا كان حد جه زارك ولا عرف حاچه عنيك، وبعدين ما انت هتشتري شجة جديده وتسكن فيها ويا مرتك لجل ما تبعدوا عن العين
وأكمل بهدوء: معيزاكش تجلج واصل طول ما أني وياك وفي ضهرك، ودالوك وصلني للمطار لجل ما ألحق طيارة الساعة تسعة.

نظر لابيه مستغرب وتساءل: طيارة أيه يا أبوي اللي هتلحجها، مش إحنا متفجين إنك هتبات معاي وبكرة الصبح عتسافر؟
أجابه بنبرة زائفة: چالي مشوار مهم ولازمن أرجع سوهاچ وهضطر أبات برة البيت لجل ما المصلحة تنجضي، ولجل إكدة عايزك لو أمك إتصلت عليك تجول لها إني كت بايت وياك إهني،
وأكمل مبررا بنبرة مستاءة: مناجصش وجع راس أني.

إستغرب حديث والده ولكنه فضل الصمت كي لا يزعجه بأسئلته، وبالفعل أوصله إلى المطار وعاد إلى شقته من جديد
دلف للداخل بائس مهموم، ألقي بهاتفه وعليقة مفاتيحه فوق المنضدة الجانبية، خلع عنه حلتة وفك رابطة عنقه والتي كاد أن يختنق بها من شدة ضيقه
إرتمي بجسده بإهمال فوق الأريكه وشرد بالتفكير فيما يفعله غير راضي عن أفعاله، وبرغم عدم راحتة إلا أنه مستمر بإكمال ما بدأه من تمرد على وضعة.

داخل مدينة سوهاج وبالتحديد داخل شقة متوسطة الحال، كانت تلك المرأة شديدة الجاذبية، ذات الثالثة والثلاثون من عمرها، تجلس فوق الأريكة بلباس مكشوفة فاضحة، تضع فوق فخديها صحن ملئ ببذور القرع تتناول منه وهي تشاهد إحدي مسلسلاتها المفضلة على شاشة التلفاز المعلقة أمامها.

إستمعت لرنين جرس الباب فأستغربت من سيطرق بابها بذاك التوقيت المتأخر، رفعت صحن البذور و وضعته فوق المائدة وتحركت إلى الباب تنظر من الفتحة السحرية للباب، إنفرجت أساريرها عندما رأت من تنتظره بالأيام والاسابيع كي يهل عليها ويسعد قلبها برؤياه وينثر عليها ماله وهداياه.

إنه زوجها التي تعرفت عليه في المركز التابع له بلده الصغير، فتزوجها منذ أكثر من ثلاث سنوات وأشتري لها تلك الشقة وبدأ بالتردد عليها ليقضي معها أوقات تسعد روحه وتنفس عنه
ألقت نظرة سريعه على حالها في المرأة الموضوعة بجانب الباب وعدلت من شعرها بلهفة، ثم فتحت الباب سريع وهي تتحدث بحفاوة: يا ألف خطوة عزيزة يا سيد الناس، أنا أكيد بحلم.

ألقي جانب ما بيده من أكياس محملة بأنواع الفاكهه المتنوعة وبعض المسليات والمشروبات اللازمة لسهرتهما سويا
ثم أمسك ذراعها و دفعها أمامه بعنف متحدث بحدة: كنك ناوية على موتك إنهاردة عاد، كيف عتفتحي الباب بخلچاتك العريانة دي يا واكلة ناسك إنت؟
إرتعبت أوصالها وتحدثت إلية مبررة فعلتها بنبرة مرتجفة: أنا مفتحتش غير لما بصيت عليك من العين السحرية وإتأكدت من إن إنت اللي على الباب.

ثم اكملت بنبرة حزينه وهي تمد شفتاها للأمام بدلال وإنوثه كي تثيره: هي دي بردوا مقابلتك ليا بعد إسبوع سايبني فيه لوحدي من غير حتى ماتسأل عليا بتلفون
وأقتربت عليه تتحسس صدره بإغراء وأردفت قائله: للدرجة دي ما بقتش بوحشك ولا باجي على بالك يا سيد الناس؟

وهنا إنفرجت أساريره ونفخ صدره بتفاخر من دلال أنثاه الجميله له وتحدث بإبتسامة: كيف ما وحشتنيش وأني چاي لك بكل شوج لجل ما أجضي الليل كلياته وياكي وبايت في حضنك كمان
تهلل وجهها من شدة سعادته وتساءلت بلهفه: بجد يا قدري هتبات معايا إنهاردة؟
أجابها وهو يهز رأسه بإيماء: صح هبات وياكي يا ماچدة،.

وضمها لداخل أحضانه وتحدث برغبة: وحشني دلالك على چوزك وچلعك ليه يا بت، چاي لك مشتاج وسايب لك حالي لجل ما تچلعيني كيف ما بدالك
ضحكت بإغراء وتحدثت بخلاعة وهي تسحبه من يده إلى غرفة نومهما معا: بس كده، ده أنا هوريك اللي عمره ما خطر في بالك يا سيد الرجالة
بعد مرور بعض الوقت كانت تجلس بجانبة فوق التخت وتحدثت بإبتسامة: راضي عني يا سي قدري؟

أجابها وهو يدخن سيجارته بشراهه ويتمزج بها بإنسجام: كل الرضي يا ماچدة، كل الرضي
واكمل حديثه بسعادة: عندي ليكي خبر زين جوي، قاسم هيتچوز الأسبوع الچاي
إنفرجت أساريرها وتحدثت بنيرة سعيدة لأجله: أخيرا هتنول مرادك وتجوز قاسم لبنت أخوك
ثم تحدثت إلية وهي تتدلل عليه: طب بمناسبة الخبر الحلو ده، فين الغوايش اللي طلبتهم منك المرة اللي فاتت؟

نظر لها مضيق العينان وتحدث بحدة: هو أنت معتشبعيش واصل يا حرمة، هو أني مش لسه من شهر چايب لك خاتم دهب
نظرت له وأجابته بإستنكار: خاااااتم، خاتم ده إيه يا قدري بيه يا أبن كبير النعمانيه، هو ده بردوا مقام ولاد الأكابر
أجابها بنبرة هادئة وهو يدخن سيجاره بإستمتاع: وأني مهكسفكيش وهاخدك بكرة الصبح أشتريهم لك جبل ما أرچع النچع
هتفت بلهفة وسعادة غير مصدقة: بتتكلم بجد يا قدري؟

أجابها بهدوء: وميتا كنت بهزر وياكي أني؟
إرتمت داخل أحضانه وتحدثت بسعادة: ربنا يخليك ليا يا سيد الناس
ثم خرجت مرة اخري وتساءلت بلؤم رافعه حاجبيها: ويا تري بقا جبت أيه لفايقة بمناسبة الخبر الحلو ده؟
رمقها بنظرات حارقة وتحدث إليها محذرا إياها: وبعدهالك عاد يا بت الناس، أني مش جولت لك جبل سابق لو حابة تعيشي وياي في راحة ملكيش صالح بفايقة ولا تحاولي تجارني بينك وبينها، لأن المجارنة مهتكونش في صالحك واصل.

وأكمل بنبرة لرجل عاشق: فايقة مرتي وأم عيالي وكفتها تطب وتميل
أجابته بحده وغيرة: وأنا كمان مراتك زيي زيها يا قدري ومقلش عنها في حاجة
أجابها بعيون تطلق شزرا: زيك زيها كيف يعني؟
وأكمل متعجب: كنك إتجنيتي إياك، عايزة تساوي حالك بفايقة هانم النعماني ست النعمانية كلياتهم؟!
سألته بحده وغيرة: ولما أنت بتحبها أوي كده إتجوزتني عليها ليه يا عمدة؟

أجابها بإستنكار: إتچوزتك لجل مزاچي وإنت خابرة إكده زين، وبعدين چوازكي منيكي عرفي، يعني عمرك ما هتبجي زييها، وبطلي بجي نغمة أني زيي زيها دي عشان إكده بتخسريني وإنت موعياش
إرتعب داخلها وتراجعت سريع كي تزيل عنه غضبه وتكسب وده من جديد واقتربت عليه تتحسس شعر رأسه بدلال وتحدثت بصوت أنثوي: خلاص يا عمدة حقك عليا، متزعلش مني وإعتبرني ما قولتش حاجه.

وأكملت بإبتسامة جذابة لإلهائه: قولي بقا يا سيد الرجالة، تحب تاكل أيه علشان أقوم اعمله لك بإديا
إنفرجت أساريره وشعر بتفاخر من معاملتها التي تجعله يشعر بأنه حقا سيد الرجال عكس تلك الفايقة التي وبرغم عشقه الهائل لها إلا أنها لا تبادله شعورة ولا تعتني به كزوجة تسترضي زوجها
أجابها بإبتسامة: أي حاچة من يدك هتبجا زينة يا ماچدة.

ضحكت بخلاعة وتحركت وهي تتمايل بجسدها تحت إحتراق روح ذاك المشتاق المحروم من الدلال ولا يجده سوي مع تلك الماجدة.

أتي يوم الأربعاء، يوم حنة العروسان
أجواء مبهجة تعم على المنزل، حيث كان دق الطبول ورقص الفتيات والتصفيق والاغاني من سيدات العائلة يصدح في جميع أرجاء المنزل
كانت جميع نساء النجع يجلسن بداخل سرايا زيدان منبهرين بكل ما فيها، يحتفلن بليلة الحنة الخاصة بإبنة النعمانيه المدلله وسط مظاهر البهرجة والبزخ الذي صنعها زيدان إحتفالا بصغيرته الجميلة ووحيدته.

فقد أتي بعاملات من إحدي الشركات الخاصة بتجهيز حفلات الزفاف من القاهره، كن يرتدين زيا موحدا يونيفورم ولقد تخصصن بخدمة الحاضرات وتقديم كل ما لذ وطاب من الأكلات والمسليات والحلوي الخاصة بالأفراح تحت إستشاطة فايقة وغيرتها التي تنهش بقلبها رغم حدوث ما قامت بالتخطيط له بالإشتراك مع زوجها،
ولكن متي هدأت نار الحقود وأستكان داخله.

وجهت شقيقتها بدور الجالسه بجانبها مبتسمه تساؤلا لها: مالك يا فايقة، جالبة خلجتك في وش الكل ليه إكدة؟
مع إن المفروض تبجي أسعد واحدة في الدنيا كلياتها إنهاردة وإنت بتجوزي ولدك البكري اللي عيشتي كتير تحلمي بجوازته دي بالخصوص.

أجابتها من بين أسنانها والغل ينهش بداخلها: معرفاش أفرح طول ما الحرباية اللي إسميها ورد عايشه ودايسه في الخير ده كلياته، مشيفاش بعينك إياك البية إبن عمتك وهو معليها ومخليها فوج الكل، ده جايب لها بنات يخدموا الحريم لجل ما تجومش من مطرحها ولا تتعب حالها.

تحدثت إليها بدور بإستغراب لحالة الحقد التي تتحدث بها شقيقتها: وإنت أيه مشكلتك يا فايقة، وماله لما يريح مرته اللي ياما تعبت وياه لحد ما وصلوا للي هما فيه دي
نظرت إليها بحقد وتحدثت بحدة: مشكلتي إن العز ده كلياته كان من نصيبك إنت وهي اللي سرقته منيكي هو وزيدان.

إبتسمت شقيقتها ساخرة وتحدثت بفطانة وحديث ذات مغزي: إذا كنت انا ذات نفسي نسيت وسامحت في حجي من زمان يا فايقة وجولت جسمة ونصيب، زعلانه إنت ليه بجا؟
واكملت بنظرة ثاقبه: متعملنيش حجتك لأني فاهمه و واعيه زين للنار اللي شاعلة چواتك ومهتحرجش حد غيرك يا خيتي
وأكملت ناصحة لها بحديث ذات معني: إعجلي يا خيتي وإنسي الماضي وإردمي علية بدل ما ناره تحرجك وتحرج عيشتك ويا قدري اللي بيتمني لك الرضا ترضي.

إبتلعت لعابها رعب وتسائلت بنبرة زائفة: تجصدي ايه بحديتك الماسخ دي يا بدور؟
إبتسمت بدور بجانب فمها بطريقة ساخره وتحدثت: جصدي إنتي خبراه زين يا فايقة وبلاش نجلبوا في اللي فات بدل ما ناره تتجدد وتشعلل وتطول الكل وساعتها محدش هيسلموا منيها
إبتلعت لعابها وفضلت الصمت وعدم مجابهة تلك الكاشفة لداخلها أكثر من ذلك
إلتفتت إلى الزغاريد التي إنطلقت بشدة لتعلن عن نزول تلك الحوريه من فوق الدرج.

إشتعلت نيرانها وهي تري صفا تتدلي بثوبها الرائع بلونه الذهبي الذي بالكاد يغطي ركبتيها وحمالاته الرفيعه بصدره المستدير الذي كشفت عن جزء صغيرا من نهديها البض والتي بهرت جميع الموجودات بجمالها وجمال جسدها رائع الجمال وبتن يحسدن قاسم عليها
هتفت رسمية إلى ورد بنبرة حادة غاضبة: أيه اللي ملبساه للبت ده يا مخبوله إنت، عوزاها تاخد عين من الحريم اللي عنيهم تدب فيها رصاصة دول؟

أجابتها ورد بهدوء ويقين: وحدي الله يا مرت عمي، إن شاء الله ربنا هيسترها وهيعدي الليلة على خير
وأكملت مفسرة موقفها: وبعدين أني زيي زيك و مشفتش الفستان غير لما أشترته ويا أصحابها من مصر لما سافرت ويا أبوها.

كانت تتدلي من أعلي الدرج بجانب صديقاتها المقربون وبنات خالاتها بعدما زينتها إحدي الميكب أرتست الشهيرة اللبنانية الأصل والتي تعمل بمركز التجميل الخاص بها بالقاهرة، وقد إستدعاها زيدان بالطائرة خصيصا لتمكث مع إبنته ليلتي الحنة والزفاف وذلك بعدما اغرقها بالمال كي توافق.

كم كان يؤرقها بشدة شعورها بإنتقاص فرحتها وعدم إكتمالها، نعم لقد صنع لها والدها الغالي كل مظاهر البهجة والسعادة ولكنه لم يستطع بكل تلك المظاهر محو ألام روحها المتمزقة، كم كان مميت حديثه الجارح لكرامتها، كلما حاولت التأقلم مع من حولها وتناسي وجعها تهاجمها الأفكار من جديد وتقتحم كلماته المهينة ذاكرتها لتعكر عليها صفوها وتعيدها لنقطة الصفر من جديد.

تحركت ورد سريع نحو الدرج لإستقبال قرة عينها جميلة الروح والشكل والخلق، عزيزة عيناها التي لم ترهقها ولم تحزنها يوم منذ ان أنارت حياتها بمجيأها الغالي، إقتربت عليها وتمعنت في جمالها الأخاذ وبلحظة نزلت دموع السعادة من عيناها رغم عنها،
أحتضنتها بشدة وتحدثت بدموع السعادة: ألف مبروك يا ضي عيني، زي الجمر في ليلة تمامه يا بت جلبي.

وضعت أناملها الرقيقة فوق وجنتي والدتها كي تزيل عنها دموعها الغاليه وأردفت قائلة بنبرة حنون: وحياة صفا عنديكي ما تبكي، مش لايج عليكي البكا يا أماي!
جففت دموعها سريع وتحدثت بنبرة سعيدة: دي دموع فرحتي بيكي يا دكتورة، بس خلاص مسحتهم أهم ومهعيطش تاني لجل خاطرك الغالي.

إرتمت من جديد داخل أحضان والدتها، إختطفتها من تلك اللحظة عمتها صباح التي تحدثت بإنبهار شديد وخوف على قرة عين أخيها الحنون الذي يغمرها هي وشقيقته الاخري علية بحنانه واهتمامه وأيضا أمواله
وتحدثت وهي تسحبها من داخل أحضان ورد وتدلفها إلى أحضانها بحنان: الله أكبر عليكي يا بت الغالي، حصوة في عين كل اللي عتشوفك ولا تصليش على حضرة النبي.

لوت فايقة فاهها وتحدثت عليه هي الاخري: مبارك يا دكتورة، ربنا يتمم فرحتك على خير يا جلب عمتك
إبتسمت إلى عمتيها الحنونتان وتحدثت: تسلميلي يا عمه ويبارك لي في عمرك
تحركت بها ورد إلى جدتها الجالسة تراقب نظرات الجميع على إبنة غاليها وتقرأ المعوذتين في سرها خشية عليها من الحسد وتحدثت ورد بإبتسامة صادقة: جربي يا صفا وميلي على يد چدتك وبوسيها لجل ما تاخدي مباركتها ورضاها عليكي.

نظرت رسمية إلى ورد بإستحسان وهزت لها رأسها وابتسمت برضا مما أشعل قلب فايقة التي تراقب تصرفات الجميع عن كثب بقلب مشتعل وكيان يحترق غلا وكراهية
مالت صفا بجزعها على كف يد جدتها وقبلتها بإحترام، أما رسمية فوضعت كف يدها الأخري تتلمس بحنان رأس صغيرة إبنها المنكبه فوق يدها ثم أمسكت يدها وأجلستها بجانبها واحتضنتها متحدثه: مبارك يا بتي، ربنا يتم لك فرحتك على خير.

وأخرجت علبه كانت تمسك بها منذ أن أتت وفتحتها وإذ بها عقد أثري يرجع تاريخه إلى جدة جدتها تتوارثه الأجيال عبر التاريخ وأختارت الجده صفا لتكون وريثتها بذاك العقد
مما أثار غضب فايقة وليلي وحتى مريم التي حزنت بداخلها على التفرقة المستديمة التي تشعر بها بينها وبين صفا.

تعالت المباركات والهمهمات الجانبية وشعرت الجده بغضب ليلي ومريم فتحدثت إلى الجميع بنبرة زائفة مراوغة لكي لا تحزنا من داخلهما: إوعاكم تكونوا فاكرين إني عطيت العجد ده لصفا إكمنها جريبة من جلبي، كلكم احفادي وغاليين على جلبي ومجامكم واحد عندي، بس أني كنت نادرة ومجررة إني هديه لمرت البكري في أحفادي.

ثم نظرت لتلك الجميلة المبتسمة والتي تعلم عليم اليقين أن جدتها اهدتها إياه وجعلتها وريثتها وذلك لشدة غلاوتها ومكانتها المميزة لديها وهذا ما أدخل السرور على قلبها رغم حزنه
وتحدثت الجدة بإبتسامة: وأهو بجا من نصيب صفا
إبتسمت لجدتها وشكرتها، وقفت فايقة وقدمت المباركة إلى صفا واحتضنتها بنفاق
ثم توجهت إلى مجلسها من جديد وتحدثت إلى ليلي لتحثها على التحرك إلى صفا: جومي يا ليلي باركي لعروسة أخوكي.

أجابتها برفض تام ونظرات يملؤها الحقد: مجيماش ومطيجاش أطل في خلجتها
همست لها فايقة بنبرة حادة: إسمعي الحديت يابت وجومي، عاوزة الناس تجول عليكي أيه يا حزينة؟
اجابتها بحده رافضة: يجولوا اللي يجلوة يا أما، و ريحي لي حالك لأني مجيماش من مكاني إهني حتى لو چدي عتمان بذات نفسية هو اللي جال لي أجوم.

تعالت الزغاريد وأشتغلت الموسيقي الراقصة وبدأن الفتيات تتراقصن وتتمايلن مع نغمات الموسيقي أخذين براحهن وذلك لعدم وجود رجال بالمكان وايضا عدم التصوير بالهواتف حسب تعليمات عتمان الصارمة للجميع بعدم إصطحاب الهواتف لما تسببه مؤخرا من مشاكل ومناوشات، وما كان من الجميع إلا الإنصياع لأوامر كبيرهم خشية بطشه وتحاشيا لغضبه الأعمي
أوقفت ورد صغيرتها للرقص عنوة وذلك بعد محايلات من الفتيات الموجودات بالإحتفال.

أما بالخارج حيث إحتفال الرجال
كان يجلس وسط أصدقائة ومنهم عدنان الذي حضر كي لا يثير الشكوك هو وقاسم ويعطي فرصه لتساؤل الجميع عن سبب عدم حضور أعز اصدقائة،
وكان يجلس أيضا بعض أبناء عمومته فتحدث فارس مداعب أخاه: نجع النعمانية بيودع أشهر عازب فيه الليلادي
وأكمل ساخرا: ما أنت كت بعجلك يا أخوي، مخابرش أيه اللي جري لك لجل ما توجع وجعتنا السودة دي، يلا، هنجول إية، كلنا لها.

وتحدث حسن شقيق يزن الأصغر والذي بعمر صفا: ده كاس وداير على الجميع ولا بد منيه يا شباب
قهقه الجميع عدا ذاك القاسم الذي يشعر بإستياء مما يحدث حوله فهو إلى الان لم ينسي كلمات جده المهينه لرجولته وطريقة حديثه التي عسفت بكرامته وطرحتها أرض وخصوصا أمام صفا المتعالية التي وصمته بعديم الرجولة.

أخرجه من شروده رنين هاتفه الذي لن يتواري عن الرنين منذ أن بدأ الإحتفال، نظر إلى عدنان بيأس وتملل، فهم عدنان انها شقيقته الثائرة فنظر له وحثه بعيناه على أن يتحمل غيرتها ويجيبها،
إستسلم قاسم وتحرك بعيدا عن أصوات الموسيقي الصادحة بزخم كي لا يثير جنونها وايضا كي يستطيع الإستماع والتحدث إليها بعيدا عن العيون المترقبه له.

وما أن ضغط على زر الإجابه حتى إستمع إلى صوت تلك الغاضبة وهي تصرخ بجنون قائلة: ما بتردش عليا ليه يا قاسم؟
وأكملت بإتهام: كنت معاها صح؟

أغمض عيناه وحرك يده فوق شعر رأسه يرجعه للخلف في حركة تدل على مدي غضبة وتحدث إليها بلكنة صعيدية ونبرة تهديدية: وبعدين وياكي يا بت الناس، معطبتليش چنانك دي ولا اية إنهاردة، دي عاشر مرة ترني عليا وأسيب الناس وأجوم أرد عليكي، وعاشر مرة بردك تسأليني نفس السؤال واجولك إني متنيل جاعد في فرح الرچالة
وأكمل بحدة بالغه: وبعدهالك عاد، أني زهجت.

وما أن إستمعت لكلماته وصياحه حتى إنفجرت باكيه بشدة قائلة بعتاب: إنت كمان بتزعق لي وبتتعصب عليا يا قاسم، مش كفاية عليا النار اللي قايدة جوايا كل ما أفتكر إنك بكرة هتاخد واحده غيري في حضنك وتنام جنبها
اجابها بنبرة جادة صارمة: إنت عارفة ظروف الچوازة كويس جوي وموافجة بإكديه، وأساسا كانت فكرتك من اللول
تحدثت إليه بدلال من بين دموعها: خلاص، يبقا تريح قلبي وتوعدني إنك مش هتلمسها.

تنفس عاليا وتحدث بنبرة حادة جاززا من بين أسنانه: إيناااااس، ليكي حدود في الكلام ياريت متتخطيهاش عشان مندمكيش، ويلا سلام لأني مفاضيش لچلع الحريم الماسخ ده
تحدثت بدموع ونبرة منكسرة كي تسحبه إلى عالمها كي لا يغضب عليها: بتسمي غيرتي اللي هتموتني عليك دلع ماسخ، للدرجة دي مش حاسس بناري يا حبيبي.

وأكملت بنبرة أنثوية ساحرة: أنا بحبك وبموت من الغيرة عليك يا قاسم. ، كان نفسي أول حضن و أول بوسه وأول كل حاجة منك تبقا ليا أنا، مش لحد غيري يا حبيبي
تنفس بهدوء متراجع عن حدته وذلك أثر نبرة صوتها الناعمة العاشقة وتحدث بلين ونبرة هادئة: خلاص يا إيناس، إهدي ومتفكريش في الموضوع بالشكل ده
واكمل كي يجعلها تهدأ: عاوزك تفكري في إن انا كمان بحلم باليوم اللي تبقي فيه حلالي وأضمك لحضني.

تنهدت بصوت مسموع واطلقت أهه أشعلت داخله وتحدثت: إمتي بقا يا قاسم ييجي اليوم ده، إمتي
اجابها بنبرة هادئة: هانت يا إيناس، فات الكتير مبقاش إلا القليل
أخرجه من حالته تلك شعوره بحركة خلفه وكأن أحدهم يتسمع عليه
إلتفت سريع ينظر خلفه إتسعت عيناه بذهول حين تفاجئ بوجود يزن بوجهه ينظر إليه بتمعن
فعاود الحديث مرة اخري على عجل وهو ينهي المحادثة مع إيناس: طب مع السلامة أنت الوقت يا باشا وأنا هبقا اكلمك وقت تاني.

ثم دقق النظر بعين يزن وتساءل بتعجب: خير يا يزن، فيه حاچه؟
تري ما الذي إستمع إلية يزن؟
وما الذي سيفعله لو حقا إستمع لحديث قاسم إلى إيناس؟
إلتفت سريع ينظر خلفه إتسعت عيناه بذهول حين تفاجئ بوجود يزن يقف بوجهه، ينظر إليه بتمعن فعاود الحديث مرة اخري على عجل وهو ينهي المحادثة مع إيناس بمراوغة: طب مع السلامة أنت الوقت يا باشا وأنا هبقا اكلمك في وقت تاني
ودقق النظر بعين يزن وتساءل بتعجب وحذر: خير يا يزن، فيه حاچه؟
أجابه يزن بإقتضاب وعيون مشككة: أنا اللي چاي لچل ما أسألك، هو فيه إية بالظبط يا قاسم؟

قضب جبينه وتساءل مستفهما: تجصد أيه بحديتك ده، يا ريت توضح سؤالك لاني مبحبش الكلام العايم دي
نظر يزن داخل عيناه بقوة وتساءل بنبرة حادة: كنت بتكلم مين في التلفون يا قاسم؟
وأكمل مفسرا: دي مش أول مرة تجوم من مكانك وتاچي إهني وتجعد تتحدت وإنت بتتلفت حواليك كيف اللي عامل عاملة
إستشاط داخل قاسم من تساؤل ذلك المتداخل وأجابه بحدة بالغة: كنك إتخبلت يا يزن، مالك إنت باللي بكلمه، مركز ويايا لية إكدة؟

تحدث إليه يزن بحديث ذات مغزي: إسمعني زين يا قاسم وحط الكلمتين دول حلجة في ودانك، صفا لو إتأذت منيك ورب الكعبة ما هرحمك
رفع حاجبيه بإستنكار ثم هتف قائلا بصياح غاضب: إلزم حدودك ومتنساش إن اللي بتتكلم عليها دي تبجا مرتي، يعني عرضي وشرفي اللي مهجبلش بتلميحاتك السخيفه دي عليها.

واسترسل حديثه مفسرا بنبرة حادة: إسمع يا واد عمي، أنا ملاحظ إن من يوم ما چدك خطب لي صفا وإنت إتغيرت وياي ومعاملتك إختلفت وبعدت عني، وعارف إنك كنت رايدها لحالك
وأكمل مفسرا: بس خلاص يا يزن، صفا بجت مرتي رسمي وكلها سواد الليل وهتنام في حضني، وإنت وإتجوزت أختي، وأكمل مهددا بعيون محذرة: يعني إنت اللي لازمن تخلي بالك من حديتك وافعالك زين لأني مابسامحش في اللي يإذي اللي يخصني حتى لو بنظرة، فاهمني يا يزن؟

أجابه يزن بملامح وجه محتقنة بالغضب: جرا إية يا قاسم، هما خدوهم بالصوت ليغلبوكم ولا ايه، جوام جلبت التربيزه عليا وركبتني الغلط، وأكمل مفسرا بنبرة فخورة: أني ما أنكرش إني كان نفسي صفا تكون من نصيبي وده لاني عارف جيمتها صح، كان عاچبني عجلها الواعي وأخلاجها الزينة اللي أي راچل يتمناها تكون في مرته، بس خلاص من وجت ما إتچوزت ليلي و أني رضيت بنصيبي ومتجي الله فيها، وصفا بالنسبة لي بجت زيها زي مريم أختي بالظبط.

وكلامي ليك دالوك من باب خوفي عليها لأني فعلا بعتبرها أختي
أردف قاسم قائلا بنبرة رخيمة: مليش صالح أني بكل الحديت اللي جولته دي ولا يخصني يا يزن، وأكمل مهددا وهو يشير إليه بسبابته: وخليك فاكر زين أني عملت اللي عليا ونبهتك عشان أكون خليت من ذنبك
قال كلماته تلك وتحرك عائدا إلى حيث يجلس الأصدقاء تحت غضبه وإستغراب يزن من كم بجاحته، قطع طريقه صوت چده الهادر الذي أشار إليه فتحرك إلى مجلسه.

وتحدث الجد وهو يشير لذاك الضيف الهام الجالس بجانبة: مد يدك وسلم على چناب المأمور يا قاسم يا ولدي
رسم قاسم إبتسامة مزيفة فوق ملامحه بالرغم من شدة إشتعاله الذي أصابه من حديث ذاك اليزن المتداخل في أمور غيره من وجهة نظرة
وبالفعل مد يده وتحدث بإحترام ونبرة وقورة: أهلا وسهلا يا أفندم، نورت الفرح وأسعدتنا بتشريف جنابك لينا.

نظر له مأمور القسم التابع للمركز بإستحسان معجب بلباقته وفطانته في الحديث وتحدث مبتسما: الشرف ليا أنا إني أحضر وأتأنس بوجودي مع الحاج عتمان النعماني وعيلتة العريقة
إبتسم له قاسم وتحدث منسحبا: بعد إذن معاليك يا باشا ومرة تانية شرفتنا سعادتك
وانسحب متجه لجلسة الشباب قابلة عدنان الذي وقف أمامه يسأله بإهتمام: مالك يا قاسم، شكلك متضايق كده ليه.

أجابه بنبرة حاده محاولا السيطرة بكل قوته على ملامح وجهه كي لا يلاحظ أحدا من الحضور: الفضل يرجع للهانم أختك وغيرتها العامية اللي هتفضحنا يا عدنان
وأكمل بنبرة أمره: إتصل بيها وعقلها يا عدنان وإلا قسما بربي هيبقا ليا معاها تصرف مش هيعجبها ولا هيرضيها.

شعر عدنان بريبة من حدة وغضب قاسم وتحدث سريع كي يهدئه: طب ممكن تهدي ومتوترش نفسك علشان محدش ياخد باله، وبالنسبة لموضوع إيناس ده سيبه عليا، أنا هتصل بيها حالا وأحاول أفهمها خطورة الموقف، وكمان هتصل بماما واخليها تتكلم معاها وتحاول تهديها
ثم أسترسل حديثه بتفسير في محاولة منه لتهدئتة من ناحية شقيقته: بس أنا عاوزك تعزرها بردوا يا قاسم وتحط في إعتبارك إنها بتعمل كدة من باب حبها ليك وغيرتها عليك.

أجابه بعيون متسعة ونبرة معترضة غاضبة: وأهو بسبب غيرة سعادتها إبن عمي سمع كلامي معاها ووقف يتأمر ويتشرط عليا، وأكمل أمرا بنبرة حادة: كلمها وعقلها يا عدنان، أنا مش ناقص جنان كفاية عليا اللي انا فية.

داخل منزل زيدان
كانت الفتيات مازلن يتراقصن ويتهادين بأجسادهم متماشين مع نغمات الموسيقي ومندمجن لأبعد الحدود حتى أستمعن لصوت الجدة الهادر وهي تصدح بالمكان وتشير بيدها إلى الفتاة التي تشرف على جهاز ال D. G الخاص بتشغيل الاغاني لتحثها على التوقف
وتحدثت بوجه حاد ونبرة صارمة: بكفياكم إكده يا بنات ويلا كل واحده تلبس خلجاتها وتستر حالها زين لچل ما تروحوا مع أمهاتكم وتسيبوا العروسه لچل ما ترتاح شوي،.

وأكملت وهي تنظر إلى صفا تحت همهمات وأعتراضات الفتيات: الدكتورة جدامها يوم طويل بكرة ولازمن ترتاح لجل ما تكون فايجة ل ليلتها
فتحدثت ملك إبنة صباح متوسلة لجدتها: خلينا شوي كمان يا چدة بالله عليكي، الليلة حلوة وإحنا ما بنتلموش كل يوم
تحدثت رسمية بوجه صارم: إسمعي الحديت يا بت صباح وجولي حاضر.

دبت الفتاة بأرجلها الأرض في حركة إعتراضية وبدأن الفتيات تردن ردائهن الأسود لتستر به ثيابهن المتحررة وتحركن للخارج تحت إعتراضهن
وتحدثت ورد إلى رسمية: هحضر السفرة حالا يا مرت عمي لجل ما ناكلوا لجمة سوا كلياتنا
أومأت لها رسمية وتحركت ورد للداخل تحت إشتعال قلب فايقة وهي تري تقرب ورد من رسمية والأغرب إستجابة رسمية لحديثها و وجهها اللين وهي تحدثها، شعرت بالخطر يحوم من حولها.

أمسكت صباح إبنتها الصغري التي لم تكمل عامها العاشر وأوشت لها بأذنها أن تذهب إلى قاسم وتستدعية كي يأتي إلى هنا لغرض ما في نفسها
وبالفعل خرجت الفتاه تبحث عنه، وجدته يجلس بجانب أصدقائه فهمست إليه بجانب اذنه قائلة: أستاذ قاسم، أمي بتجول لك إنها عوزاك في بيت خالي زيدان لجل ما تسلم عليك وتبارك لك هي وخالتي علية.

أومأ لها بطاعة وتحرك بجانبها، دلف للداخل بجانب صباح التي كانت تنتظره في فراندة المنزل كي لا يستأذن وترتدي صفا شئ لتستر به جسدها، فهي أرادت أن يراها بكل تلك الإنوثة والجمال بعد علمها من والدتها انه كان ينتوي فض الخطبة، ليري بعيناه كم هو مخطئ وأيضا لتحرق روح فايقة التي تري الغيرة والحقد بعيناها كلما نظرت لجمال وجسد صفا وكأنها ضرتها وليست زوجة نجلها البكري.

جلسن جميع نساء وفتيات العائلة حول المنضدة الكبيرة التي إحتوت الجميع وتحدثت ورد وهي تتفحص الجميع بعينيها: عمتي صباح وينها؟
تحدثت صباح الواقفة بمقدمة الباب بنبرة مبتسمه حماسية: أني چيت أهو يا أم صفا، بس وياي ضيف چاي يسلم على عماته ويشوف عروستة
وما أن إنتهت من جملتها حتى إرتبكت صفا بجلستها وأنتفض جسدها وبات يرتعش خجلا ورعب
في حين تحدثت صباح إلى مريم أمره: أستري شعرك يا مريم لجل قاسم ما يدخل.

وققت مريم واتجهت سريع إلى الداخل في حين وقفت تلك الخجله لتلحق بها ولكن يد صباح كانت أسرع منها حين تحركت وأجبرتها على الجلوس من جديد فوق مقعدها
وتحدثت بنبرة دعابيه تحت إستشاطة فايقة وغليان قلبها: رايحة فين يا دكتورة، ناسية أنه خلاص بجا چوزك إياك
فتحدثت بصوت عالي حماسي: أدخل يا عريس
تحمحم ليعلن عن دخوله وتحدث بنبرة واثقة عاليه: السلام عليكم
ونظر إلى چدته وتحدث بنبرة لينة محبة: كيفك يا چدة.

ومرر بصره على الجميع وتحدث لزوجة عمه: كيفك يا مر...
وبلحظة توقف عن الحديث وأبت باقي كلماته في أن تخرج إمتثالا لتلك اللحظة وهولها، إبتلع لعابه الذي سال عندما وقعت عيناه على تلك الجالسه تنظر بصحنها وتكاد تموت خجلا من هول الموقف،.

نظر إلى ملامحها وجمالها الأخاذ، شفتاها الكنزة المهلكة والتي إكتست بلون الطلاء النبيتي الذي جعل منها شهيه بشكل مثير لمن ينظر إليها، يحثه داخله ويحرضه على الهرولة والإسراع إليها وجذبها وألتهامهما بدون سابق إنذار ليتذوق عسلهما السائل الشهي،
نزل ببصره إلى فتحة ثوبها المستديرة والتي تظهر وتكشف عن بداية نهديها البض بمظهره الذي يدعوه للجنون.

رعشه سرت بجميع اجزاء جسده ورغبه ملحة تطالبه بالإقتراب وضمها بشدة إلى صدرة،
فاق من حالته على صوت صباح الساخر وهي تحدثه بسعادة لرؤيتها تشتت وذهاب عقل إبن شقيقها الواضح كوضوح الشمش: مالك إتسمرت بوجفتك إكدة ليه يا قاسم، ما تجرب تسلم على عروستك وتبارك لها أومال
أما تلك التي تكاد ان تزهق روحها من شدة خجلها فتحدثت هامسة إلى عمتها بنبرة معاتبة: ميصحش إكدة يا عمه، ابوي لو عرف هيخرب الدنيي.

ضحكت صباح وتحدثت بوجه ساخر: تعالي يا قاسم إسمع مرتك بتجول أيه، جال أبوها هيخرب الدنيي لو عرف إنك دخلت إهني وشفتها وهي إكدة
مخلاص عاد يا صباح، مكانش ليه لزوم التمثلية اللي عملتيه على قاسم دي، كل ده لچل ما توري له جد ايه بت اخوكي زينه في الزواج؟ كانت تلك جملة ساخرة يملؤها الحقد والكراهية نطقت بها فايقة بملامح وجه غاضب.

أجابتها ورد بقوة إعتراض على حديثها المهين لجمال إبنتها: بتي جمر في ليلة تمامه من غير زواج ولا غيرة يا أم قاسم، وعمتي صباح ممحتاچاش تعمل تمثيليات لجل ما...
ولم تكمل جملتها لمقاطعة رسمية للجميع بصوت هادر: خلاص يا حرمة منك ليها، بكفياكم حديت ملوش عازة لحد إكدة
ثم نظرت إلى ذاك المسحور وتحدثت بنبرة حادة كي يستفيق من تلك الحالة التي لا تليق بحفيدها الأكبر: مش هتجرب تسلم عليا ولا أيه يا قاسم؟

وأخيرا وعي على حالة وتحرك إليها وهو يحمحم كي ينظف حنجرته مما أصاله وتحدث وهو يقبل مقدمة رأسها بإجلال: لا أزاي، كيفك يا چده وكيف صحتك؟
أجابته: بخير طول ما أنت واخواتك و ولاد أعمامك بخير يا سبعي
ثم نظر لتلك التي تنكمش على حالها ويرتعب جسدها وتحدث وهو يبتلع لعابه: مبروك يا صفا
أجابته بصوت ضعيف ومازالت عيناها تستقر داخل صحنها: الله يبارك فيك.

وقف يتطلع إليها والحرج سيد موقفه، لا يريد ان يتحرك للخارج ويتركها، يريد البقاء أطول مدة كي يشبع ناظرية من رؤياها التي تسره وتدخله في شعور لذيذ أحبه ويريد الإستمتاع به قدر المستطاع، ولكن كيف له فعل ذلك؟
تحدثت نجاة كي تخرجه من موقفه ذاك: ما تجعد تاكل ويانا يا قاسم
وكأنه بحديثها قد وجد قارب نجاته فتحدث إليها مبتسم: أني فعلا چعان يا مرت عمي ومكلتش حاجة من الصبح
تحدثت ورد بترحاب وعزم: طب أجعد يا ولدي.

قاطعتها فايقة بنبرة حادة كي تمنع ولدها من الجلوس مع هؤلاء العقارب التي تبغض وجوههن جميعا بشدة، ورد التي تغار منها وتتمني زوالها من الحياة بأكملها كي تشفي غليلها، صباح وعليه لشدة حبهما وتعلقهما بزيدان و ورد والود الدائم بينهما، حتى نجاة تكرهها للعلاقة الودودة بينها وبين ورد
تحدثت بحدة وهي تنظر إلى نجاة بجمود: ويجعد ياكل ويا الحريم ليه يا نچاة، ده چده الله أكبر عامل وكل يكفي محافظة سوهاچ بحالها.

ثم نظرت إلى ولدها وتحدثت بنبرة صارمة: إطلع خلي فارس يخلي الطباخين يجهزوا لك سفرة زينة وكل لحد ما تشبع يا ولدي
أجابها وهو يسحب مقعدا بجانب رسمية وأردف قائلا بنبرة تأكيدية ضارب بحديثها عرض الحائط: بس اني معايزش أكل غير مع چدتي وعماتي يا أما
إبتسمت صباح وتحدثت بنبرة كيديه وهي تنظر إلى فايقة لتحرق روحها وتشعل داخلها: تسلم يا واد أخوي ويخليك لعماتك يا جلب عماتك.

ثم نظرت إلى صفا وتحدثت إليها لتكمل على ما تبقي من صبر ذاك القاسم وتجعله يخر ساجدا تحت أقدام إبنة شقيقها الغالي: جومي يا صفا هاتي لي جزازة حاچة ساجعه من المطبخ أبلع بيها الوكل
تحدثت ورد الجالسه بجانبها وهي تهم بالوقوف: هجوم أني أچيب لك يا عمه، أصل البنات اللي جايبهم زيدان بياكلوا چوة وحرام اجومهم من على الوكل.

جذبتها صباح من ذراعها وأجلستها من جديد وتحدثت إلى صفا بإصرار: بس أني عايزة صفا هي اللي تچيبها لي يا ورد
إبتلعت صفا لعابها بعدما فهمت مغزي حديث عمتها ولكن لم تستطع معارضتها لإحترامها الزائد لها فتحدثت بهدوء: حاضر يا عمتي
وقفت تحت أعين ذاك المراقب لها وما أن تحركت وبان قوامها الممشوق وكشفت عن ساقاها المتناسقه شديدة البياض حتى بدأ صدره يعلو ويهبط من شدة الإشتياق الذي إجتاحه بلحظة.

نظرت فايقة إلى حالة صغيرها وأستشاط داخلها وأشتعل من تلك الصفا التي يبدوا وكأنها ستسيطر على قلب ولدها وتجعل منه زيدان أخر بعائلة النعماني، ولكنها سرعان ما تبسمت بتشفي حين تذكرت عشقه الهائل لتلك القاهرية التي ستقهر قلب صفا وبالتالي سينفطر قلبي زيدان و ورد على صغيرتهما وتشفي صدرها من النار الشاعلة به منذ سنوات عدة ولم تنطفئ أبدا.

وما كان تفكير ليلي ببعيدا عن والدتها فتحدثت إلى عمتها بنبرة ساخرة ذات معني: منورة يا عمة
أجابتها صباح بعدم قبول لتلك الدائمة التعالي عليها: بوچودك يا بت أخوي
أسرعت هي لتختفي من أمام عيناه التي وبرغم عدم رؤيته لإعطائها ظهرة إلا انها شعرت بها وهي تتأكل كل إنش بجسدها.

دلفت إلى المطبخ بأنفاس متقطعة، وجدت مريم تجلس فوق مقعدا جانبيا رغم إرتدائها لردائها الأسود الذي ستر جسدها وشعرها بالكامل، فتحدثت إليها بإستغراب: جاعدة إهني لوحدك ليه يا مريم؟
تحدثت إليها مريم بهدوء: بريح راسي شوي من صوت المزيكا والناس.

هزت لها رأسها بهدوء ثم تحركت إلى المبرد وفتحته واخرجت منه بعض عبوات المياة الغازية وتحدثت إليها بإستعطاف وهي تبسط لها ذراعيها: ممكن يا مريم بعد إذنك تطلعي الحاچة الساجعة دي لعماتك
وأكملت وهي تنظر أرض ويبدوا على وجهها الحزن: أني كمان تعبت ومحتاچة أريح راسي شوي
أجابتها مريم بإبتسامة ترحاب وهي تمد يدها وتتلقي منها تلك العبوات: حاضر يا صفا.

ثم تمعنت النظر بوجهها وتساءلت بإستفسار: مالك يا صفا، هو أني ليه ملاحظة إن فرحتك غايبة؟
إبتسمت بجانب فمها ساخرة وأجابتها بنبرة صوت تظهر كم هي متألمة، محبطة: ومين فينا فرحته كانت كملت يا مريم لجل فرحتي ما تكمل، كلياتنا ماشيين في طريج عكس إرادتنا ومچبرين نكملوا فيه غصب عنينا لچل بس ما نطيع أوامر چدي اللي هي في مصلحة مين؟
وأكملت وهي ترفع كتفيها بإستسلام: مخبراش.

إقتربت منها مريم وأردفت قائله بإستغراب: بس إنت عاشجة قاسم وريداه يا صفا، يبجا فين الغصبانية في الموضوع؟!
ملعون أبو العشج اللي يمحي معاه الكرامة، جملة تفوهت بها صفا بنبرة حادة وعيون غاضبة
واكملت بنبرة حاده بائسة: معيزاهوش أني العشج ده اللي عيزل الواحدة منينا ويخليها تحس إنها رخيصة ومفروضة على اللي جدامها.

كانت تستمع إليها بعقل مشتت وتحدث حالها وتلومها، يا الله منك مريم، أتلك هي من كنتي دائمة الحقد عليها؟ أنظري بعيناك وتمعني في حال تلك المسكينة التي تدعو إلى التعاطف والشفقة؟

ألهذة الدرجة خدعك غرامك الموهوم لذاك القاسم فا بتعدتي عن مبادئك وخدعك حدسك وبتي تحقدين على تلك المتألمة التي لطالما عاشت وحيدة بدون أشقاء، ولطالما حاولت الإقتراب منك وليلي ولكن حقدقما عليها كان يجبركما على النفور وإبعادها بشتي الطرق
مدت يدها وتحدثت بنبرة مرتجفة من أثر تأنيبها لحالها: ممكن يا صفا تجبلي نبجا أصحاب وإخوات وتشاركيني همك وحزنك، وأي حاچة مزعلاكي أني موچوده لچل ما أسمعك وأشاركك في الحل.

نظرت إليها بإستغراب للتغيير المفاجئ ثم ابتسمت بوهن وأجابتها: أني طول عمري وأني بعتبرك أختي رغم محاولاتك لصدي في الجرب منيكي يا مريم
أجابتها مريم بإستياء من حالها: عندك حج يا صفا
واكملت بنبرة خجلة: أني أسفه
تحدثت صفا بدعابه كي تخرجا كلتاهما من تلك الحاله: مفيش أسف بين الإخوات يا مريم، بس لازمن تعرفي إنك بإكده فتحتي على نفسك باب مهيتجفلش أبدا لاني هغرجك في مشاكلي النفسيه التي لا تعد ولا تحصي.

إبنسمت لها مريم بإخوة واجابتها: واني تحت أمرك يا صفا
ثم تحدثت بدعابه: هروح أخرج الحاچة الساجعة لعمتك صباح بدل ما تاجي تشرب من دمنا انا وإنت بدل الكولا دي
إبتسمتا الفتاتان وبالفعل تحركت إلى الخارج وضلت صفا بصحبة حزنها.

خرجت مريم وأعطت لعمتها طلبها تحت إستغراب الجميع لعدم حضور صفا وأستشاطة قاسم من تصرفات تلك العنيدة التي تصر على حرمانه من لذة النظر إليها بحالتها المهلكة تلك
دلف زيدان بعد الإستئذان من الجميع وتحدث إلى قاسم بإبتسامة: الفرح كلياته مجلوب عليك برة وأتاريك جاعد إهني وسط الحبايب يا سي قاسم.

وقفت صباح وتحركت لتقف بجانب شقيقها القريب من قلبها وأردفت قائلة بإبتسامة بشوش: أني اللي شيعت له لچل ما ياجي يجعد ويانا شوي ونتونس بيه يا أخوي
لف ذراعه حول كتفي شقيقته بإحتواء وقبل مقدمة رأسها قائلا بنبرة حنون: ربنا يديم چمعتنا ويبارك فيها وفيكم يا أم محمد.

ثم نظر إلى ورد بعيون عاشقة وكأنه برؤياها قد وجد ضالته إبتسمت له خجلا فتحدث هو مداعب إياها تحت أنظار الجميع: چري أية عاد يا أم العروسه، معتكبريش واصل إنت ولا أية، اللي يشوفك يجول عليكي أخت صفا اللصغيرة
ضحكت له وتحدثت بدعابة: لما تبطل إنت بكش أبجي أني أكبر يا زيدان يا نعماني
غمز لها بعيناه وتحدث قائلا بدلال: تعرفي عني إكدة بردوا يا زينة الصبايا، ومن ميتا كان العاشج بكاش.

فتحدث قاسم مداعب كلاهما تحت نظرات فايقة الحارقة التي لو خرجت نارها لأشعلت نجع النعمانية بأكمله: أني بجول نجوم إحنا نروحوا على السرايا ونطلب إتنين ليمون لعمي ومرته جبل ما نمشوا ونسبوهم لحالهم
قهقه الجميع وتحدث زيدان وهو يتلفت باحث بعيناه عن قرة عيناه غاليته الصغيرة، نسخة امها الحبيبة: صفا وينها؟
تحدثت ورد وهي تشير إلى المطبخ: جوة في المطبخ، أدخل لها.

وما أن نطقت حتى وقف ذاك القاسم منتفض من مقعدة وبسرعة البرق كان يختطف وشاحا موضوع فوق مقعدا جانيا وتحدث وهو يسبق خطوات عمه مهرولا: لحظة يا عمي من فضلك
ودلف سريع إلى المطبخ وجدها تجلس واضعه رأسها بإهمال للخلف تستند على ظهر المقعد وما أن إستمعت إلى خطواته حتى إنتفضت من جلستها وأردفت بتساؤل مرتعب من هيئته وحركته المسرعه: فيه أية؟

أجابها وهو يقترب عليها فاردا الوشاح ولفه على ذراعيها وصدرها مخبأ إياهم بعيدا عن نظر زيدان: أبوكي چاي
نظرت له بإستنكار من فعلته وتحدثت بنبرة إعتراضية يشوبها الغضب متناسية أمر ثيابها الكاشفة: نعم، وإنت چاي تداريني من أبوي إياك؟!
رمقها بنظرة غاضبه وكاد. أن يتحدث لولا دلوف زيدان الغاضب الذي تساءل بنبرة ساخرة: إنت إتجننت إياك يا قاسم، بتداري بتي مني؟

أجابه بوجه صارم ونبرة جادة لا تقبل المزاح: معلش يا عمي، بس مهينفعش تشوفها إكدة
وأكمل بحديث أقنع زيدان وتلك الغاضبة: لا الدين ولا العرف ولا حتى الأصول تجول إنها تنكشف عليك بلبسها دي
نزلت كلماته المحقة عليها جعلتها تخجل من حالها، حين هز زيدان رأسه بموافقة وتحدث إلية بتفاخر: عچبتني يا واد النعماني، دكر بصحيح يا قاسم، طالع لچدك.

إبتلعت هي لعابها وتحرك زيدان إلى أميرته وحاوط وجهها الرقيق بكفي يداه ناظرا داخل عيناها الفيروزية وتحدث بنبرة مرتجفه حزينة: خلاص نويتي الرحيل وهتسيبي زيدان لحالة يا جلب زيدان؟
تنهدت بهدوء وأجابته بعيون تتلألئ بها حبات الؤلؤ المسماة بدموعها: أسيبك واروح فين بس يا حبيبي، ده أنت جلب صفا من چوة اللي لو فارجته روحي من بعده تفارجني
أجابها ومازال ناظرا بعيناها: بعد الشر عن روحك يا جلب أبوكي.

ثم ادخلها في احضانه وبات يربت فوق ظهرها بحنان تحت إستغراب قاسم الذي ينظر لهما بذهول حتى أن دموعه كادت أن تفرط منه من شدة جمال علاقتهما الرحيمة المترابطة، وبالوقت ذاته شعر بشعور غريب عليه ولاول مرة يزوره، شعور بالغيرة القاتلة الذي تخلل إلية تحت إستغرابه هو شخصيا لكنه فسره انها غيرة مشروعة وطبيعية كونها أصبحت زوجته.

شعر بأنه يقف كالعزول بين الأب وقرة عينه فقرر الإنسحاب حتى يفسح لهما المجال ويعطيهما بعض من الحرية كي يعبر كلاهما للأخر عن ما بداخلة
خرج وتحدث إلى الچده بإحترام: أني خارج لجل ما أرحب بالضيوف يا چدة، تؤمري بحاچة
ردت عليه بنبرة حنون: ما يؤمرش عليك ظالم يا ولدي.

خرج وتلاه زيدان بعد قليل إلى الخارج وانضموا لإحتفالات الرجال التي مازالت قائمة، وخرجت صفا وتحركت للأعلي خلعت عنها ثوبها ثم توجهت للمرحاض وأخذت حمام دافئ كي يزيل عناء يومها وأرتدت منامه بيتيه مريحة وتحركت للأسفل كي تنضم إلى مجلس نساء العائلة من جديد وجلسن يتثامرن.

كانت تقبع فوق تختها متقوقعة على حالها، تبكي بحرقة على رجلها التي إختارته بنفسها
فتحت كوثر الباب بحدة دون إستئذان ونظرت لتلك القابعة بعيون تطلق شزرا وكادت ان تلقي بكلماتها الحادة الملامة التي كانت تنتويها بعدما هاتفها عدنان وأبلغها ما حدث منها وإستماع إبن عم قاسم لحديثه معها.

تنفست بصوت مسموع ثم زفرت بضيق وتوجهت إلى التخت وجاورت إبنتها الجلوس وتحدثت بنبرة خالية من مشاعر الأم التي تشعر بصغيرتها، ولكن ها هي كوثر بتجبرها وجمود مشاعرها: إنت عاملة في نفسك كده ليه يا بنتي؟

نظرت لها إيناس بضعف ودموع منسابة، فأكملت كوثر متلاشية دموعها وتحدثت لائمة بحده: بتعيطي على إيه، أومال لو ما كنتيش عارفة إنها جوازة مصلحة وهو مجبور عليها، وإن دي هتكون مغارة على بابا اللي قاسم هيكبش منها ويحط في حجرك إنت وأولادك كنتي عملتي إية؟

إعتدلت بجلستها وتحدثت وهي تجفف دموعها والغيرة تنهش صدرها: مش قادرة أتحمل يا ماما، قلبي واجعني أوي، كل ما اتخيل إن قاسم هياخد واحدة غيري في حضنه النار بتقيد في جسمي كله
وأكملت بصياح: غصب عني يا ناس انا بردوا بشر وبحس وأغير
رمقتها كوثر بنظرة معاتبه وتحدثت بحدة: وغيرتك دي هي بردوا اللي خلتك تنسي إتفاقه معاكي وتتصلي بيه في وسط الفرح وهو محذرك ومحرج عليكي إنك متتصليش بيه.

قطبت جبينها وتساءلت بإستغراب: وإنت عرفتي منين إني إتصلت عليه؟
اجابتها كوثر بنبرة غاضبة: هو ده كل اللي همك عرفت منين، عرفت من عدنان، قاسم قال له يكلمني ويخليني اعقلك
إنتفضت من جلستها واقفة بحده ودارت حول حالها بالغرفه بغضب وتحدثت إليها بنبرة ساخطة: والله عال، هو البيه هيبدأ يشتكيني ليكم من الوقت.

ردت عليها مفسرة بنبرة غاضبة: قاسم مكنش بيشتكي، ده إبن عمه سمعه وهو بيتكلم معاكي وشكلهم كده شدوا مع بعض في الكلام لأن عدنان بيقول لي إن قاسم كان شايط ومولع وهو بيكلمه
ثم تحدثت بحده ناهرة إياها بعتاب: كان عقلك فين يا إيناس وإنت بتعملي كده، مفكرتيش إن ممكن الموضوع يتعرف وجده يحكم عليه ما يتجوزكيش وتطلعي من المولد بلا حمص؟

تقدري تقولي لي لو ده حصل، ساعتها هتعملي ايه في عمرك اللي إتسرق منك وإنت قاعده مستنية البيه
وأكملت بجشع: ولا الفلوس والعز اللي هنغرق فيه من الجوازة دي وحياتنا اللي هتختلف 18 درجة، مين اللي هيعوضك عن كل ده يا مجنونة؟
رفعت قامتها لأعلي وتحدثت بغرور: من النحية دي ما تقلقيش يا ماما، قاسم بيحبني ومتعلق بيا ولا يمكن يسبني تحت أي ظروف.

ردت عليها كوثر بنبرة ساخرة: وهنعمل أيه بحبه ده يا حبيبتي ولا بقاسم نفسه من غير فلوس جده
وأكملت بتهكم: هو أنت فاكرة إن قاسم بتاعك ده يسوي حاجة من غير فلوس عيلته؟
اجابتها إيناس: متنكريش إن قاسم حد شاطر جدا في مجاله والدليل على كده إنه قدر يثبت نفسه في السوق في سنين قليلة.

أردفت بتهكم قائلة بتقليل من شأنة: قاسم بتاعك ده مجرد محامي مغرور ولولا مكتبه الشيك اللي في أرقي مناطق البلد ولا كان حد سمع عنه ولا حتى لمح طيفه
وأكملت بتفسير: الناس في بلدنا يا بنتي أهم حاجه عندهم المظاهر، وقبل ما يسألوا عن شطارة المحامي أو الدكتور أو غيرة، بيسألوا الأول عن أتعابهم كام ومكاتبهم فين علشان يتفشخروا قدام الناس ويتباهوا إنهم راحوا للمكان وللأسم الفلاني.

وأطلقت تنهيدة طويلة ثم أكملت مهددة إياها بإشارة من سبابتها: لأخرة مرة هنبهك وهقول لك حطي عقلك في راسك وإعقلي يا إيناس،
وأكملت بنبرة هادئة كي تهدئ من غضبها: إهدي خالص وحاولي تكتمي غيظك وغضبك جواكي علشان ما تخسريش كل حاجة في لحظة غباء منك
زفرت إيناس بضيق وتحدثت: خلاص يا ماما فهمت، إتفضلي بقا إطلعي برة، عاوزة أقعد لوحدي.

أومأت لها بتفهم وبالفعل خرجت لتجلس بصحبة زوجها ضعيف الشخصية، وجلست إيناس تعيد حساباتها من جديد لتتماشي مع الوضع الحالي.

داخل منزل زيدان
مازالت جميع نساء العائلة مجتمعات منتظرات إنتهاء إحتفال الرجال بالخارج
وبدون مقدمات شعرت بألم حاد يهاجم جانبها الأيسر بشراسه فتأوهت بخفة وهي تمسك جانبها بيدها، لاحظت ورد تغير ملامح وجة صغيرتها فسألتها متلهفة: مالك يا بتي؟
أجابتها صفا بملامح وجه منقبضة متألمة: معرفاش يا أما، لجيت چنبي وچعني مرة واحده إكدة.

تحدثت نجاة بنبرة صادقة: الله أكبر، محسودة يا نضري، دي عين الحريم اللي تندب فيها رصاصة يا دكتورة
لوت فايقة فاهها وتحدثت بنبرة تهكمية: والحريم هيحسدوها على ايه إن شاء الله؟
محدش حلو غيرها إياك
وأكملت بتفاخر وكبرياء وهي تنظر إلى إبنتها المجاورة لها: هتاجي أيه هي في ليلي بتي ليلة حنتها ولا ليلة دخلتها.

أطلقت صباح ضحكة تهكمية وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: جال على رأي المثل، خنفسة شافت ولادها على الحيط جالت ده لولي ملضوم في خيط
اطلقت علية وصباح ضحكاتهم الساخرة وأستشاطت كل من فايقة وليلي التي تحدثت بنبرة حاده غاضبة: تجصدي ايه بحديتك ده يا عمه؟
ردت عليها فايقة بنبرة تهكمية وهي تتبادل النظر بين صباح وعليه بحقد: عمتك تجصد إن أني الخنفسة وإنتي بتها يا نن عين أمك.

ونظرت لها متسائلة بنبرة غاضبة: مش إكده بردك ولا أني غلطانه يا عمه صباح؟
كادت صباح ترد لولا إستماعهم للتي أطلقت صرخاتها بتألم قائلة: ااااااااه، چنبي هيموتني يا أما
وقفن الجميع وبتن تتحركن بهرج ومرج بإتجاه تلك المتألمة عدا فايقة وليلي التي وقفتا تتابعان الوضع من بعيد دون أدني إهتمام
وتحدثت الجدة بهلع: مالك يا دكتورة؟
أجابتها بصراخ وهي تعتصر جانبها بكف يدها: هموت يا چدة، نار جايدة في چنبي.

تحدثت ورد وهي تلتقط هاتفها المحمول سريع وتضغط على ازرته: أني هكلم أبوكي لجل ما يشيع يچيب لك حكيم حالا
قاطعتها صفا بإشارة من يدها وتحدثت بتوجه تحت غضب ليلي وغيرتها: كلمي يزن يا أما، دكتور ياسر أكيد وياه بره.

أومات لها وبالفعل هاتفت يزن الذي أسرع إلى ياسر ودلف به للداخل سريع، لمحه قاسم الجالس بجانب عدنان وأستشاط داخله حين ظن أن يزن دلف للداخل كي يهنئ صفا، ولكن ما شغل باله أكثر هو ذلك الشخص الغريب الذي لم يتعرف عليه لعدم لقائهما من ذي قبل.

داخل الغرفة المتواجدة بها صفا، كانت تجلس فوق التخت متألمة تجاورها الجلوس رسمية التي إرتسم الهلع فوق معالم وجهها رعب على غاليتها وصغيرة ولدها، ويقف ياسر يتابع الكشف عليها بإهتمام بعدما أبدلت ثيابها بأخري محتشمة تناسب الشرع والعرف
تساءلت الجده بإهتمام: خير يا ولدي، صفا مالها؟

أجابها ياسر بملامح ثابته مطمئن إياها: إطمني يا أمي، دكتورة صفا بخير، هي بس يظهر إنها متوترة شوية وما ارتاحتش ولا نامت من الصبح، فالتوتر عمل لها تهيج شديد في القولون العصبي
ضيقت ورد عيناها وتساءلت مستفسرة بهلع: قولون ايه يا دكتور اللي عتتحدت عنيه، بتي بتشتكي من چنبها وأني خايفه لاقدر الله ليكون المصران الأعور.

أجابها بإبتسامة هادئة: متقلقيش حضرتك، الأعراض اللي عند الدكتورة صفا ملهاش علاقة نهائي بإلتهاب الزايدة الدودية
وأكمل مفسرا: ولعلم حضرتك القولون لما بيلتهب بيأثر على الجنبين أول حاجة
تحدثت صفا متألمة: أرچوك يا دكتور ياسر تديني أي حاچة بسرعة، مش جادرة أتحمل الألم.

تحدث إليها وهو يخرج إبرة مسكنه من الحقيبة الخاصة بعملة كطبيب والتي كانت بالسيارة المصطفه خارج القصر وجلبها له يزن بطلب منه بعدما رأي حالة صفا: حالا هديكي إبرة عضل وهترتاحي بعدها على طول
قاطعة إقتحام ذاك الثائر للغرفة و الذي تحدث بنبرة ساخطة بعدما إستمع لجملته الاخيرة قائلا بلكنة قاهرية: طب ينفع كدة تغامر بإيدك وهي كل راس مالك يا دكتور
حول بصره لذاك الغاضب وتسائل بعدم فهم: حضرتك بتكلمني أنا؟

تحرك إلية وشد قامته واقف بشموخ كالجبل وتحدث بفحيح وهو يلتقط من بين يده تلك الإبرة قائلا بعيون تطلق شزرا: وهو فيه حد غيرك هنا بيتعدي حدودة وببحط نفسة قدام القطر
ثم نظر لتلك المرتعبه التي إنكمشت على حالها من دلوف ذاك المتهور وأردف قائلا بغيظ من بين أسنانه بطريقة تهكمية وهو يشير لها بتلك الإبرة التي بيدة: هريحك أنا، متخافيش
قطب ياسر جبينه وتحدث بإستغراب وهو ينظر للإبرة: أيه اللي إنت عملته ده يا أستاذ.

وأكمل وهو يبسط كف يده إلية بلهجة حادة: إديني الحقنه من فضلك علشان أحقن بيها المريضة
إقترب منه أكثر وأصبح أمام وجهه مباشرة ينظر إليه بمعالم وجه منكمشة تنم عن مدي غضبه وتفوة بتوعد: إنت شكلك مصر على فقدانك لأهم طرف في جسمك برغم إني حظرتك وده مش علشانك
واسترسل نافيا يهز رأسه: خاااالص، أنا كل اللي عامل حسابهم هما المرضي المساكين اللي محتاجين إيدك الحلوة دي علشان تكشف عليهم وتزيل عنهم الأوجاع.

وأكمل بنظرة حارقة كادت أن تشعل ذاك الياسر من حدتها: والوقت إطلع برة من غير مطرود وحالا
تحدثت ورد بإعتراض: والحقنه يا قاسم؟
وبسرعة البرق حول بصره لزوجة عمه ورمقها بنظرة مشتعلة وتحدث ناهرا إياها: مرااات عمي
إنكمشت ورد على حالها ونظرت رسمية إلى قاسم بشموخ وكبرياء وسعادة.

ثم أعاد النظر لذاك الواقف الذي إرتعب من نظرته وبسرعة البرق كان يلملم أشيائه داخل الحقيبة وتحدث إلى صفا متحمحم بنبرة خجلة: أنا هكتب لك على نوع برشام هتاخدي منه حبتين مع الحقنة وهتبقي كويسه
واكمل وهو يحمل حقيبته ويتجه ناحية الباب: وانا هبعت لك ممرضه من الصيدلية حالا تديكي الحقنه
قاطعه قاسم بنبرة حادة: متشغلش بالك إنت، أنا هديها لها
إعتصر ياسر قبضة يده حتى برزت عروقة غضب وخرج صافقا الباب خلفه.

واخيرا ظهر صوتها المعترض وهي تنظر له وتحدثت بإعتراض: تديهالي إنت كيف يعني؟
حول بصرة إليها ورمقها بنظرة مشتعله وتحدث بنبرة تهكمية بلكنته الصعيدية: دالوك بس طلع لك صوت وبتعترضي، كان فين لسانك ده من شوي وإنت سامعه البية وشيفاه ببجهز الحقنه وعاوز يديهالك في...
وصمت غاضب وأسترسل حديثه بنبرة تهديدية: على العموم مش وجته، بعدين، الحساب يچمع يا دكتورة.

وتحدث وهو يمسك الإبرة أمرا إياها: إتعدلي يلا علشان اديكي الحقنه
تساءلت الجدة بإستفهام: هو أنت بتعرف تدي إبر يا قاسم؟
اجابها بهدوء: ايوا يا چده، وأني في الكلية أخدت دورة إسعافات أوليه واتعلمت ادي إبر وأعمل تنفس صناعي
تحدثت صفا رافضة بإعتراض وهي تصرخ متألمة: طلعيه برة يا أماي وإندهي لي عفاف الممرضه تديني الحقنه بسرعة، همووووووت
أجابها وهو يجز على أسنانه: عفاف عفاف. ، إنت الخسرانه.

رمقته بنظرة حارقة وخرجت ورد سريع كي تبعث لعفاف قابلها يزن الذي بالفعل قد اتي بها ودلفت للداخل وأعطتها الإبرة بعد إصرار صفا على خروج قاسم من الغرفة، وبعدها إستكانت ملامحها وهدأت حين زال الألم وتلاشي
أما بخارج الغرفة
وقف قاسم ينظر بوجه يزن بمعالم وجه محتقنة بالغضب وتحدث بحدة: إنت كيف تتچرأ وتچيب الدكتور وتدخله على مرتي من غير ما تديني خبر؟

أجابه بمجابهه: كنت عاوزني أروح أخد إذنك إياك وأسيبها بتصرخ من الوچع
إنكمشت معالم وجهه بالغضب وهتف بحدة و وعيد: أني جولت لك من إشوي، وبعيدها عليك تاني لجل العشرة والجرابة اللي بيناتنا، إبعد عن مرتي وإتجي شري يا يزن، وإلا قسما برب العزة مهعمل حساب لأي حاچة بعد إكدة وهتشوف مني وش مكنتش أحبك تشوفه واصل.

تحركت إليهما ليلي وتوسطت وقفتهما وتساءلت وهي تنظر على حدة وجوههم: فيه أيه يا قاسم، مالك إنت ويزن واجفين لبعض كيف الديوك إكدة؟
أجابها قاسم وهو ينظر داخل أعين يزن بحدة: مفيش حاچة يا ليلي، كنت بجول ليزن يخلي باله من نفسة أصلة غالي على جوي وحياته تهمني.

ورمقه بنظرة حارقة وتحرك بإتجاة الباب ودقه بعدما خرجت الممرضة ودلف للداخل وأغلق الباب خلفة وتحدث بهدوء إلى جدته و ورد وعماته وجميع الموجودات حول صفا: بعد إذن الچميع، عاوز صفا في كلمتين على إنفراد
إرتعبت اوصالها وانتفض جسدها رعب من هيأته المستشاطة
وتحمحم الجميع وتحدثت الجده بعدما إطمأنت على صفا: وماله يا ولدي، مرتك ومن حجك تجعد وياها لحالك وتطمن عليها.

ثم وجهت حديثها للجميع بأمر وهي تتحرك من فوق التخت: يلا بينا منك ليها
وبالفعل خرج الجميع وتحرك ذلك الغاضب إليها ومال بجزعه مقترب عليها وتحدث بحدة: أول وأخر مرة أشوف المسخرة اللي حصلت إنهاردة دي، وإلا متلوميش غير حالك من اللي هيچري لك مني
وأكمل متهكم: يعني لولا دخلت بالصدفة الهانم كانت كشفت چسمها جدام راچل غريب عادي چدا وبدون أي خجل.

واسترسل حديثه ملقيا عليها التهم بعيون تطلق شزرا من شدة غيرته المجنونة: للدرچة دي چسمك رخيص عليك ومعندكيش حياء واصل؟
إتسعت عيناها بذهول وملامح مصدومة أثر حديثه وبلحظة تحولت إلى نظرات عدائية، وأشتعل داخلها غضب من إلصاقه إياها للتهم وتحدثت بحده بالغه: على أي أساس بنيت حكمك إني كنت هسمح له يديني الحجنه؟

وأكملت مبررت: بغض النظر عن إنه وضع عادي وطبيعي لو كنت سمحت له يديني الحجنه بصفته دكتور وچاي يعالچني، خصوصا في ظل حالتي وألمي المبرح اللي كنت حاسه بيه وجتها
بس برغم إكدة عمري ما كنت هسمح له تعرف ليه؟
نظر لها يترقب حديثها فهتفت هي بحدة: لان خچلي وحيائي اللي إتهمتني من إشوي إنهم معدومين عندي هما اللي كانوا هيمنعوني.

وبلحظة قطعت حديثها ودقتت النظر بعيناه وكأنها تذكرت شئ كان غائب عنها: ثم تعالي إهني يا استاذ، إنت بأي صفه واجف تحاكمني وسامح لنفسك تكلمني بالشكل المهين دي؟
أجابها بنبرة جامدة متهكمة: يمكن بصفتي چوز الهانم مثلا!
إشتعلت عيناها وتحدثت إليه بنبرة حادة مذكرة إياه بإتفاقهما: على الورج، چوزي على الورج يا متر متنساش، يعني مش من حجك تجف تتأمر وتحاسبني إكدة.

وأزاحت عنه بصرها وتحدثت بإسلوب حاد: ودالوك ياريت تطلع برة لاني تعبانه و واخده حجنة مسكنه والمفروض إني أنام وأرتاح لجل ما تجيب مفعول زين
إشتعل داخله وأقترب من وجهها وتحدث بفحيح بنبرة غاضبة وعيون مشتعلة: جولت لك جبل سابج إن لسانك طويل وعايز جطعة، وأكمل بوعيد: بس ملحوجة يا بت زيدان.

أجابته بنبرة حادة ورأس شامخ مرتفع: وأني جولت لك جبل سابج، لساته متخلجش اللي يهددني ويخوفني، و لساتك متعرفش بت زيدان زين يا متر
رمقها بنظرة حارقة وتحرك للخارج بقلب يغلي صافقا الباب بشدة زلزات جدران الغرفة بأكملها
نظرت على طيفه وبلحظه إنهار جبل الجليد التي كانت تتحامي خلفه بجمود ورمت حالها على وسادتها وسمحت لدموعها الإنسياب كي تريح صدرها الذي إمتلئ بالهموم والوجع ولم يعد لديه التحمل بعد.
مرت الليلة على صفا بصعوبة شديدة، حتى أنها لم تتذوق بها طعم النوم إلا سويعات قليلة وذلك من شدة حزنها مما هي اتية علية، وكلما خانها شعورها وأتجه بها ساحب مشاعرها إلى عالم الأحلام لتنعم داخله وتسرح في تخيل إقتراب ليلتها مع فارس أحلامها التي طالما إنتظرته ليأتيها على حصانه الأبيض تستفيق على صفعة قوية من واقعها المرير حين تتذكر حديثه معها عندما أخبرها أنه كان مجبرا لتحمل تلك الخطبة كي ينأي بحالة في الأخير من تلك الزيجة الغير مرغوب بها من ناحيته، تنكمش معالم وجهها وتنقبض معدتها وتتقلص.

ظلت على هذا الوضع طيلة الليل ولم تغفي إلا القيل من السويعات وبعدما فشلت بالعودة إلى ان تغفو وتريح جسدها وقفت وحسمت أمرها إلى النزول للأسفل حيث تواجد الجميع
نزلت تتدلي من أعلي الدرج وجدت المنزل يأج بالأقرباء الذين اتوا باكرا كي يعرضوا على ورد المساعدة في التحضير إلى ليلة الدخله والوقوف بجانبها في ذاك اليوم المهم بالنسبة لكل أم.

إستمعت إلى صوت والدها يصدح من غرفة الطعام فساقتها أرجلها إليه وجدته يجلس هو وشقيقتيه ووالدته وشقيقه منتصر يلتفون حول مائدة الطعام ويتناولون فطورهم بنفوس راضية وجو عائلي يملؤة الدفئ والحنان
إشتدت سعادتها حين رأت والدها يجلس بجانب والدته ويتحدثان بحميمية و وجوة مبتسمة وانسجام تام، فتيقنت حينها رضا جدتها على والدها ورجوع علاقتهما كسابق عهدها.

تحدثت عمتها صباح حين لمحتها: يا صباح الفل على جمر النعمانية، جربي يا عروسة
إبتسمت إلى عمتها وتحركت بسعادة ووجه ملائكي كشمس أشرقت على المكان في يوم شتوى شديد الصقيع وسطعت بكل أرجاءه فأنارته وأدفأت أركانه الباردة
فتحدثت وهي تميل بجذعها على مقدمة رأس جدتها وتقبلها بدلال: وأني اجول البيت زايد نورة بزيادة إنهاردة ليه، أتاري ست الكل منوراه بطلتها البهية.

إبتسمت لها وتحدثت وهي تربت على يدها الموضوعه فوق كتفها بحنان: طول عمرك وإنت محدش يعرف يغلبك بالكلام يا بت زيدان
إبتسمت لها و أردفت قائله بدلال: طالعة شاطرة كيف چدتي الحاچة رسمية
في حين تحدثت صباح بنبرة حماسية: چدتك جامت من الفجرية لچل ما تاچي تجف مع أمك وهي بتجهز لك الوكل بتاع دخلتك، ولچل ورد متحسش إنها لوحدها في يوم زي دي.

وأكملت عليه بنبرة دعابية وهي تنظر إلى زيدان المبتسم: إنت بيخيل عليكي الحديت دي بردك يا صباح، أمك عملتها حجة لچل ما تاچي تجعد چنب دلوع عينها اللصغير ويرچعوا الماضي اللي كان
ضحك الجميع وتحدثت رسمية وهي تنهرها: إتحشمي يا عليه وخلصي وكلك إنت وأختك وإطلعوا شوفوا مرت أخوكم تلاجيها محتاسة لوحديها في المطبخ
تحدثت بإمتنان وهي تتبادل النظر بين جدتها وعماتها: ربنا يبارك لي في عمركم وما يحرمني منكم أبدا.

ثم حولت بصرها إلى عمها وتحدثت بترحاب: كيفك يا عمي
اجابها ببشاشة وجه قائلا بإطمئنان: الحمدلله يا بتي، كيف صحتك دالوك؟
أجابته بشكر: الحمدلله بخير
ثم جلست بجانب والدها الذي نظر إليها وتساءل بحنان: كيفك دالوك يا جلبي
أجابته إبتسامتها وأردفت لتطمانته وهي تقبل يده: بخير الحمدلله يا أبوي
تحدثت علية وهي تشير إليها إلى الطعام: يلا افطري يا صفا لچل ما تاخدي علاچك عشان ما يحصلكيش كيف اللي حصل لك إمبارح.

هزت رأسها بنفي قائلة: مجدراش يا عمه، مليش نفس للوكل
نظرت لها الجدة وتحدثت بإصرار: كلام إيه دي يا عروسه، لازمن تاكلي لچل ما تصلبي طولك وتتجوي، لساته اليوم طويل ومحتاچ منيكي الجوة
أومأت لها برأسها وبدأت بتناول الطعام متغصبة على حالها لأجل إرضاء أحبائها.

وباتت تتحدث بمرح كعادتها وتفرق الإبتسامات على وجوة الجميع برغم ألمها المميت الساكن روحها بسبب إتمام زيجتها التي حلمت بها كثيرا ولكنها لم تأتي كما تمنتها، إحتفظت بحزنها لحالها كي لا تحزن قلوب أحبائها الغوالي وبالاخص والدها الحبيب و والدتها الحنون
تلفتت حولها وتساءلت مستفسرة: أومال فين أمي؟
أجابتها عليه: أمك مع حريم العيله بيچهزوا وكل ليلتك يا عروسه،.

فأكملت صباح بنبرة فخورة: أما اني حشيت لك شوية حمام بالفريك يا دكتورة، هتاكلي صوابع يدك وراهم إنت وقاسم
إبتسمت لها بيأس حين تذكرت إتفاقها مع حبيبها ومتيم روحها ورسمت بخيالها السيناريو لليلة دخلتها البائسة
وجهت الجدة حديثها إلى صفا قائله بإستفسار: الست بتاعت الزواج والحريم اللي وياها دول صحيوا يا صفا؟

اطلقت صفا ضحكة لم تتمالك من كظمها وسريع إستطاعت التحكم بها وأردفت مصححة لجدتها: إسمها ميكب أرتست يا چدتي، والبنات اللي وياها دول يبجو الفريج المساعد ليها
واكملت بنبرة جادة: على العموم هما لساتهم نايمين لدلوك
ضحكت الچدة بشدة على غير عادتها حتى تبين صف أسنانها وتحدثت بنبرة ساخرة: فريج مساعد ليه إن شاء الله، تكونش فاكرة حالها دكتورة إياك؟!
ضحك الجميع ثم تحدثت متسائلة زيدان: ألا لجيتها فين دي يا زيدان؟

أجابها بهدوء: ده علام بيه المصدر بتاع الفواكه اللي بتعامل وياه هو اللي دلني عليها لما عرف إن صفا هتتچوز، جال لي إن مرته بتتعامل وياها وإنها شاطرة زين في زواج الحريم
ثم وجه حديثه إلى صباح قائلا بإهتمام: جومي حضرلهم فطور زين يا صباح، ولو ناجص حاچة جولي لي أبعت أچيبها من برة
أجابته بهتاف ووجه سعيد: خير ربنا كتير يا خوي، المطبخ مليان من خيرات الله وكله فضلة خيرك يا حبيبي،.

وتحدثت وهي تضع أصبع يدها على مقدمة رأسها بتفكر: أني هحط لهم طاجن ورج عنب وصنية رجاج باللحمة المفرومة، وطاجن لحمة بالبصل على كام چوز حمام محشي فريك
ضحك زيدان ساخرا حين فتحت صفا فاهها بذهول وتحدثت: شكلك ناوية تخليهم يجضوا ليلتهم في المستشفي يا عمه
نظرت لها صباح بعدم إستيعاب واكملت صفا مفسرة: الناس دي كتيرها تفطر عسل ومربي وعيش توست، تجومي إنت بجبروتك تفطريهم رجاج و ورج عنب وكمان حمام محشي.

ضحك الجميع وتحدثت رسمية إلى إبنتها بتوجيه: جومي خلي حسن وخضرة يسيبوا اللي في يدهم ويعجنوا كام فطيرة مشلتته ويخبرزوهم جوام جبل ما الضيوف يصحوا، وحطي لهم عسل وبيض مدحرج ومربي وچبنة
أومأت لها وتحركت للخارج حين أمسك زيدان كف يد والدته وقبله بحنان وتحدث إليها بعيون تغمرها حنانا: ربنا يخليكي ليا يا أما وميحرمنيش من رضاكي عليا ولا من دخلة بيتي.

إبتسمت لسعادته وربتت على كتفه ثم مسحت على شعره بحنان تحت سعادته وصفا ومنتصر الهائلة
في تلك الأثناء، دلفت إليهم مريم وهي تحمل صغيرتها بعدما انتوت الإندماج مع صفا وفتح صفحة جديدة معها
تحدثت بوجه بشوش برئ: صباح الخير
إلتفت صفا لمصدر الصوت لتنظر إليها وأبتسمت بسعادة حين تحدث زيدان بنبرة سعيدة: صباح النور يا بتي، وأكمل وهو يشير إلى سفرة الطعام ليدعوها للإنضمام: تعالي افطري ويانا.

تحركت إليهم حين تحدثت عليه بوجه سعيد: هاتي چميلة إشيلها عنيك لجل ما تفطري براحتك يا مريم
وبالفعل حملت الطفلة وباتت تنثرها بالقبلات
بسطت الجدة ذراعيها وتحدثت بإبتسامة حانية: هاتي چميلة أشيلها أني يا علية وإنت روحي لعند مرت أخوك شوفوا عتعملوا إيه
في حين جلست مريم بالمقعد المجاور لصفا التي تحدثت بنبرة سعيدة: مدي يدك يا مريم لجل ما نفتح نفس بعض على الوكل.

إبتسمت لها وبدأتا بتناول طعامهما تحت حديثهما الشيق وضحكاتهما مع والديهما وجدتهما.

داخل شقة رفعت عبدالدايم
كان يجاور زوجته الجلوس بأريكة الصالة يتناولون مشروب القهوة، تفاجأوا بخروجها وهي ترتدي ثياب فخمة وتضع
مساحيق فوق وجهها مبالغ بها، ويبدوا عليها إنتواء الخروج،
تعجبا من حالتها وخصوصا علمهما بأن قاسم قد أغلق المكتب ومنح جميع الموظفين إجازة وذلك لعدم تواجده هو وعدنان المتواجد معه بسوهاج بحكم انه صديقه المقرب، ولعدم إنهاكها بالعمل لحالها وهي في تلك الظروف النفسية.

دقق رفعت النظر إليها وأردف قائلا بتساءل: لابسه ومتشيكة أوي كده ورايحه على فين يا إيناس؟
وأكمل بإستفهام: ثم انت أيه اللي مصحيكي بدري كده، مش المفروض إنهاردة المكتب أجازة؟
أجابته بهدوء وثبات إنفعالي وهي تهندم من ثيابها: مسافرة سوهاج يا بابا.

صدح صوت تهشيم زجاج وذلك نتيجة إنزلاق فنجان القهوه من يد كوثر التي إتسعت حدقة عيناها وأنتفضت واقفة من جلستها هاتفة بحده: الظاهر كدة إن جواز قاسم من بنت عمه جننك وخلاكي فقدتي إتزانك خلاص، سوهاج ايه اللي عاوزة تسافريها يا مجنونه، ده إنت لو قاصدة تخلي قاسم يفسخ الخطوبة ويسيبك مش هتعملي كدة.

أجابتها بثقة: وقاسم يسيبني ليه، أنا هروح أحضر الفرح زيي زي عدنان بالظبط، واكملت بملامح وجه جامدة: وأظن إن ده وضع طبيعي بحكم إني زميلته في المكتب
رمقتها والدتها بنظرات تتطاير منها الشرار
أما رفعت الذي تحدث بإعتراض هادئ كشخصيته: عيب يا بنتي كدة، مينفعش اللي بتعملية ده، يعني أيه تسافري لوحدك وكمان من غير إذني ولا إذن خطيبك.

وبنبرة حادة تحدثت إليها كوثر بطريقة أمرة: إخزي الشيطان يا إيناس وأدخلي على أوضتك وبطلي بقا الجنان والعند اللي إنت فيهم ده
وأكملت بإطراء كي تبث الثقة داخل نفس إبنتها وتعيد لها غرورها كي تهدأ وتعي على حالها: الضعف والغيرة مش لايقين على إيناس عبدالدايم المحامية الشاطرة اللي إسمها بيهز قاعات المحاكم.

وكأنها بتلك الكلمات قد نهرتها على وجهها بصفعة قوية أعادتها للواقع، رفعت قامتها للأعلى بغرور وتحدثت: أنا اسفه يا ماما إني خيبت ظنك فيا بأفعالي اللامحسوبة سواء إمبارح أو إنهاردة، وأكملت بوعد وكبرياء: و أوعدك إن دي هتكون أخر مرة تشوفيني فيها ضعيفة بالشكل ده
إبتسمت لها كوثر بإستحسان، وأدارت هي ظهرها متجهه إلى غرفتها من جديد.

اما ذاك المغلوب على أمرة فضرب كف فوق الاخر وجلس من جديد قائلا بهوان: لا حول ولاقوة إلا بالله.

عصرا
خرج زيدان من غرفته بعدما إرتدي جلبابه الصعيدي و لف عمامته ناصعة البياض فوق رأسه ثم وضع على كتفه عبائتة الصوف الإنجليزي الفخمة،
وجد من تتحرك إليه بخطوات أنثوية قائلة بدلال ونبرة رقيقة للغاية: تؤبرني شو جذاب ستايلك، بعئد زيدان بيك، من قلبي بهنيك عهالذوق العالي بإختيارك للألوان وتنسيقا، يغزي العين عنك اللي بيشوفك بقول خيى للعروس مانك بيا.

إبتسم لها وتحدث شاكرا على مجاملتها: تسلمي يا مدام لينا وأشكرك على المچاملة الحلوة دي
أجابته بنبرة حماسية صادقة ونبرة جادة وذلك من وجهة نظرها كإمرأة تهتم بمجال الشياكة والاناقة وتعمل بهما: بس هيدي مانا مچاملة مسيو زيدان، انا عم إحكي جد
وأكملت بإعجاب بريئ: عن جد بهنيك على إستايلك وإهتمامك بلياقتك لحتي تطلع بهالچسمك الرياضي اللي كتير بعئد، يعني ماشالله عليك شخصية وشبوبية.

و وجهت بنصيحة له من حيث موقع عملها: بدي إياك تضلك هيك، تهتم بحالك وما تهمل چسمك لتضلك مهضوم وجذاب والعمر ما يبين عوچك وتضل الصبايا تلحقك من مطرح لمطرح
قهقه عاليا بسعادة ولكنها إختفت سريع حين إستمع إلى صوت تلك الغاضبة التي صدح من خلفه لتتحدث قائله بنبرة حادة: واجف عنديك بتعمل أيه يا عم الشباب؟

إبتلع لعابه لعلمه غيرتها الشديدة عليه والتي وبالتأكيد لن تجعل ذلك الموقف يمر مرور الكرام، إلتف إليها ينظر لها بعيون مرتعبه رغم محاولاته المستميته بالثبات
وتحدث بنبرة مرتبكة مزيفة: مفيش يا ورد، اني كنت بوصي مدام لينا عليكي لچل ما تهتم بيك وتبجي زينة الليلة يا أم العروسة،
وأكمل بحديث ذات مغزي: كنت بجولها تتوصا بيكي في الحمام المغربي.

رمقتة بنظرة حارقة وتحدثت بغضب: وأني كت محتاچه لزواج المدام لجل ما أبجا زينة في عينك إياك؟
إبتلع لعابه من شدة غضب تلك المتمردة وكاد أن يتحدث سبقته لينا التي وجهت إليها الحديث بنبرة حماسية في محاولة منها بتهدأت الأجواء: مسيو زيدان أكيد ما بيقصد الشي يا اللي فهمتية حياتي،
واسترسلت حديثها بإطراء: ماشالله عنك وچك وبشرتك كتير رايقين وبياخدوا العقل، وما بتحتاچي إلا شوية روتوش.

رفعت حاجب وأنزلت الاخر ثم تحدثت إليها بنبرة ساخرة: وإنت بجا يا مهشكة اللي هتجولي لي چوزي يجصد يجول لي أيه؟
تحدثت لينا بنبرة خجلة بعدما إستشفت غضبها ونبرة السخرية من حديثها فأردفت بإحراج: بعتذر منك مدام عتداخلي وأكيد ما كنت بقصد هيك شي، بعد إذنكن
وتحركت منسحبه للأعلي في طريقها إلى غرفة العروس لتبدأ في تجهيزها بالحمام المغربي المعتاد للعرائس في هكذا يوم.

حزن زيدان ورمقها بنظرة ملامة، أما هي فبادلته إياها بنظرة حارقة وتحركت من أمامة دالفة لغرفتهما سويا وأغلقت بابها بشدة حتى ان بابها كاد أن يخلع،
إستشاط داخله من أفعالها المجنونة وتحرك مقتحما عليها غرفتها وجدها تجوب الغرفة إيابا وذهابا والغضب يكتسي ملامحها، وقف مقابلا لها وتحدث بحدة: إية اللي عملتيه مع الست برة دي يا مجنونة انت.

هتفت بنبرة حادة وتحدثت مقلدة صوت لينا: وعاوزني أعاملها كيف إن شاء الله يا مسيو زيدان
عيب يا ورد، ده أنت بت أصول ودي مهما كانت ضيفتك و واچب عليكي إكرامها ومعاملتها زين، كانت تلك كلمات قالها لها زيدان كي يكسب ودها ويجعلها تعود إلى عقلها من جديد
تحدثت إليه بصياح ومازال الغضب يسيطر على ملامحها: ضيفة؟
وهي الضيفة بردك بتوجف تتمايص على رچالة البيت وتچلع عليهم وتجولوا چسمك حلو ولبسك ابصر ايه؟

قهقه عاليا وأرجع رأسه للخلف وتحدث إليها بعدما إستطاع التحكم بقهقهاته: وهو ده بجا اللي مزعلك وخلي چنانك يطلع عليا وعلى المسكينة دي. ، واكمل حديثه: إفهمي يا حبيبتي، الست بتتكلم في إختصاص شغلها وبتجول رأيها في لبسي
أردفت قائلة بنبرة حادة: وحديتها الماسخ عن چسمك وجمالة ده بردك من إختصاص شغلها يا راچل يا بچح يا أبو عين زايغة.

وأقتربت منه وخبطت بكف يدها فوق بطنه بحدة بالغة جعلته يتراجع للخلف سريع كي يتفادي خبطاتها الغاضبة وكظم تأوهاته من شدة تألمة
وتحدثت هي بنبرة ساخرة: ومن بجاحتك واجف مبسوط وعاچبك مساختها عليك وشافط لي كرشك شبرين لچوة لچل ما تجول لك تؤبرني مسيو زيدان
إنفجر ضاحك بشكل هيستيري على طريقة غضبها وتعبيرات وجهها الساخرة التي تدعو للضحك تحت غضبها الكبير من قهقهاته العالية.

تمالك من ضحكاته وأقترب منها وامسك يدها وتحدث بغمزة من عيناه: للدرچة دي عتحبيني يا ورد ولساتك بتغيري على زيدان زي اللول
جذبت كف يدها من بين راحته بعنف ثم رمقته بنظرة حارقة وتحدثت بنبرة حادة للغاية تنم عن مدي إشتعال روحها: إبعد يدك عني وبطل شغل التلات ورجات بتاعك ده يا أبن النعماني، حديتك المدهون دي مهياكلش معاي دالوك
وأكملت بحده: روح أدهن بيه النواعم بتاعتك اللي كت واجف معاها من إشوي يا بتاع لينا.

إقترب عليها من جديد وجذبها بقوة ليحيط خصرها بساعدية القويتان ويشبك كفيه أسفل ظهرها في حركة مقيدة لحركتها، باتت تفرك بعنف محاولة الفكاك منه ولكن هيهات، فمن أين الخلاص من قبضة ذلك العاشق الحديدية
هتفت بنبرة عصبية وهي تتلوي بجسدها في محاولة منها بالفكاك: سيبني يا زيدان.

أسيبك كيف وإنت روح زيدان وعجلة، جملة قالها زيدان ببحة بنبرة عاشقة إبتلعت جرائها لعابها و أهتز قلبها، و أكثر ما جعلها تستكين بين ساعدية وتهدأ هي نظرة عيناه الصادقة التي تنطق عشق فاذابتها
فتحدث هو بعيون تصرخ عشق: وبعدهالك عاد يا بت الرچايبة، ناوية تضيعي لي ليلتي اللي برتب لها من شهر إياك
تساءلت متمنعة: ليلة أية دي كمان إن شاء الله.

أجابها بنظرة وقحة: ليلتك يا أم العروسة، تكونيش مفكرة إني جايب لك مدام لينا لحد إهني وموصيها على الحمام المغربي والمساچ علشان ندخلوا بنتك وناجي ننام إياك؟
إبتسمت له ومالت بوجهها للأسفل خجلا مما أسعدة وتأكد حينها أنها وأخيرا قد عفت عنه فاقترب اكثر وبات يقبلها تحت سعادتها وعودة الهدوء إلى قلبها العاشق من جديد.

بعد مرور عدة دقائق تحدث إليها بدعابة كي يعيدها إلى طبيعتها: يلا إطلعي وإتأسفي عاد للولية بدل ما تنتجم منك وتحط لك حاچة في ماية الحمام المغربي تسلخ لك بيها چلدك، وبدل ما نحتفل بالليلة نجضيها عويل وكريم تسلخات
إنفجرت ضاحكة بشدة حتى أدمعت عيناها تحت سعادته.

أما داخل غرفة قاسم بعد الظهيرة
كان يغفو بثبات عميق من شدة أرقه الذي أصابه طيلة الإسبوع المنصرم حيث أنه لم يتذوق للنوم طعم بسبب شعورة بالإهانه بعد معاملة جده له وتوبيخه أمام صفا وإجبارة على إتمام زيجته بها
فتح عيناه رويدا رويدا وبدأ بالإستفاقة، مد ذراعيه وتمطئ بهدوء وهو يتمدد بجسده فوق تلك الأريكة الواسعة.

أخذ يدور ببصره يتفقد غرفته وهنا وقعت عيناه على عدنان الممدد فوق الفراش وحينها تذكر أنه ترك تخته إلى عدنان ليترك له المجال ويجعله يغفو عليه براحه وغفي هو فوق الأريكة المسطحة
سحب جسده لأعلي وجلس وبدأ يسعل مما أيقظ عدنان وبات يتطلع حوله إلى المكان بإستغراب حتى رأي قاسم وتذكر أين هو
جلس هو الاخر وتحدث مبتسم إليه: صباح الخير يا عريس.

إبتسم له ساخرا وأردف قائلا بدعابة: عريس، طب خاف على نفسك بقا لتكون أختك زرعة لك جهاز تصنت في هدومك ولا في شنطتك وتسمعك وتخلي ليلتك ما يعلم بيها إلا ربنا
إنتفض من جلسته وأردف قائلا بدعابة: مش إيناس دي أختي، بس جبارة و تعملها
وقهقه كلاهما ثم نظر له قاسم بجدية موجه الحديث إليه: قوم فوق كده واتوضي وصلي صلاة الضحي علشان ننزل نفطر تحت.

إستمع إليه وبالفعل دلف إلى المرحاض حين تحرك قاسم بدون وعي وكأن ساقيه هي التي تسوقه عنوة عنه و وقف داخل شرفته وبدون إرادة وجد حاله يتلصص على شرفة غرفتها المفتوحه حيث يداعب الهواء بملاطفة ستائرها الشفافه المفرودة والتي جعلت من رؤية الداخل ضبابيه بعض الشئ إلا لمن يدقق النظر جيدا،
لا يدري ما الذي جعله يرفع قامته ويجوب بعيناه داخل غرفتها كي يلمح طيفها، شعر بالأسي حين تأكد من خلو الغرفة.

وبلحظة وعي على حاله وكأنه كان مغيب منساق دون إدراك
تحدث إلى حاله مستغرب: جرا لك أيه يا قاسم، إتچنيت إياك، واجف تراجب بلكونتها وتدور عليها كيف المراهقين لجل ما تشوفها؟
طب ليه وعلشان أيه؟ لا أنت بتحبها ولا هي فارجة معاك
وأكمل بتساؤل لحاله، ولا يكونش الدكر اللي چواتك هو اللي بيحركك لما شفتها إمبارح بشعرها وبالفستان العريان وريلت عليها كيف المراهقين يا حضرة المحامي المحترم.

شد قامته لأعلي و وقف بشموخ وحدث حاله من جديد، أرجع لعجلك يا قاسم وأظبط حالك أومال
وبلحظة إبتسم وتحدث بتناقض لأفكارة، أرجع لعجلي كيف يعني، وحتى لو بفكر فيها كيف ما بتجول، إية المشكلة، هي مش مرتي وحلالي اللي ربنا شرعهولي لجل ما أتمتع بيه
في تلك اللحظة إجتاحه شعور لذيذ ولأول مرة يشعر به طيلة سنواته المنصرمة ولم يجد له تفسيرا.

أخرجه من حالته تلك إستماعه لصوت رنين هاتفه يصدح من خلفه، تحرك إليه وجده أباه الذي حسه على النزول هو وصديقه كي يتناولون إفطارهم والترحاب بالزائرين الذين أتوا من جميع النجوع من حولهم كي يقدموا التهاني والمباركات لحفيد كبير المركز بأكمله
وبالفعل تدلي هو وعدنان بعدما توضأ هو الاخر وقام بأداء صلاة الضحي
دلف لداخل غرفة الطعام وشرعوا بتناول فطارهما المجهز من قبل والدته بإهتمام.

دلفت فايقة إليهم وتحدثت بترحاب عال: يا مرحب يا مرحب يا استاذ عدنان
وقف سريع بإحترام ليبادلها التحية: أهلا وسهلا بحضرتك يا أفندم
إبتسمت إلية وتحدثت معاتبة إياه بملاطفة: يعني ما تاجيش تزورنا غير في المناسبات يا ولدي؟
و أكملت بإبتسامة: أخر مرة شفناك فيها كان على فرح فارس من سنتين
أجابها بإبتسامة خجلة: معلش يا أفندم، ما إنت عارفة الشغل ما بيرحمش.

إبتسمت إليه وتساءلت بتودد: الست الوالدة وعروسة ولدي الأستاذة إيناس أخبارها أي؟
إنتفض قاسم من جلسته كمن لدغه عقرب وأخذ بالسعال الشديد نتيجة توقف الطعام داخل حلقة أثر حديث والدته
إرتعبت بوقفتها واسرعت بإلتقاط كأس الماء الموضوع وناولته سريع إلى ولدها وهي تهتف قائله بنبرة هلعة: إسم الله عليك يا ولدي، إشرب يا نضري.

إلتقط هو كأس الماء من يدها بلهفة وتناوله على جرعة واحده، ثم أخذ نفس عميق وزفرة بشدة وبدأ بتنظيم أنفاسة تحت هلع والدته وعدنان الذي وقف بجانبة يدق على ظهرة بإضطراب
بعد مدة قصيرة هدأ قاسم وبدا على ملامح وجهه الراحة، رمق والدته بنظرات حادة كنظرات الصقر واردف قائلا بنبرة محتقنه بالغضب: اية الكلام الفارغ اللي عتجولية دي يا أما.

أجابته بإبتسامة سمجة: متجلجش جوي إكدة، محدش إهني في السرايا واصل، كلياتهم راحوا من الفجرية لبيت عمك زيدان لجل ما يوجفوا مع مرته، يعني محدش هيسمعنا واصل وإحنا بنتحدتوا
إنتفض من جلسته ورمقها بنظرة حادة وتحدث غاضب لما؟ هو لا يدري: ولو يا أما، الموضوع ده سر بيناتنا وممنوع منعا باتا يتذكر حتى بينك وبين حالك.

تحدثت بنبرة متلبكة وهي تنظر إلى عدنان بخجل من حدة صوت ولدها عليها في حضرته: خلاص يا ولدي، إهدي أومال، محصلش حاجة لدا كله
فاق عدنان على حالة وتحدث بإحراج شديد بعدما رأي خجل فايقة داخل عيناها: بعد إذنكم، أنا هخرج برة في الجنينة علشان أكلم بابا وماما واطمن عليهم
وتحرك للخارج بخطوات سريعة، وجد الحاج عتمان جالسا داخل الفرندا الواسعة ويتحرك إلية زيدان بإصطحاب فتاة جميلة حد الفتنة.

برق عيناه وابتلع لعابه فور رؤيته لتلك الفاتنة التي لم يري لجمالها مثيل من ذي قبل، و أقسم بداخله على أن تلك الساحرة هي أجمل ما رأت عيناه إلى اليوم
أقبل زيدان على والده وأنحني بقامته على يد والده ليقبلها قائلا بإحترام: صباح الخير يا حاج.

أومأ له عتمان بإبتسامة حانية وتحدث إلى تلك التي تقف خلف أبيها وهي تفرك كفي يدها بتلبك وذلك لخجلها منه أنها ومنذ يوم المواجهه وهي تتجاهل تواجدها معه نهائيا حتى انها لم تعد تذهب إلية يوميا في الصباح كالعادة كي تقبل يده لتجعل صباحه خيرا مثلما يقول لها هو دائما
هتف بنبرة صوت جهورية ناظرا إليها بحنان: معتجربيش تسلمي على چدك ولا إية يا صفا، لساتك حاطة الكرامة بيناتنا يا بت زيدان؟

إتسعت حدقة أعين عدنان بذهول حين علم حقيقة شخصيتها وحدث حاله بإستغراب: يا لك من رجل أبله عديم التذوق قاسم، أتستبدل تلك الجميلة بإيناس تلك الغبية المتسلقة عديمة القلب والرحمة؟
نعم شقيقتي وأريد لها كل الخير لكني أتحدث عن حقيقتها المرة وجشع نفسها الذي أراهم بأم أعيني
أما تلك الصفا التي تحركت على خجل وأردفت قائله وهي تميل على كف يد جدها: العفو يا چدي.

فتحدث هو بإبتسامة حانية وأطمئنان: كيف معدتك دالوك، مليحه؟
أجابته بهدوء: الحمدلله يا چدي، بجيت زينة على الإبرة اللي أخدتها ليلة إمبارح
أومأ لها بإبتسامة حين تحدث زيدان بتودد إلى عدنان الذي لمح وجوده الجانبي للتو: جرب يا عدنان يا ولدي، واجف عنديك ليه
إبتسم له وتحرك حتى وقف قبالته وتحدث قائلا بإحترام: صباح الخير يا زيدان بيه
ثم حول بصره إلى صفا وتحدث مهنئ إياها بنبرة صوت هادئة: ألف مبروك يا عروسه.

في تلك الاثناء خرج قاسم من الداخل وجدها تقف بجانب والدها امام صديقه الذي يهنأها وبدورها شكرته بهدوء ووجه مبهم خاليا من أية معالم وذلك لجهلها لشخصيته.

إشتعلت النار مقتحمه جسده بالكامل وغلت الدماء داخل عروقه وخصوصا بعدما رأها بكل ذاك الجمال الخارق وتلك الهالة التي تحيطها لتجعل منها كشمس ساطعة تنير وتجذب الأنظار لكل من يراها، وما شعر بحالة إلا وهو يتجه إليها ممسك بيدها تحت رعشة جسدها وإنتفاضته أثر تلك اللمسة
جاهد حاله بصعوبة بالغة ليتحكم في إخراج نبرات صوته بثبات وهدوء وتحدث بملامح وجة خالية من أية تعبيرات: بعد إذنكم.

وسحبها بهدوء وتحرك بها تحت إستغرابها
وبدون حديث سحبها خلفه مقبض على كف يدها بطريقة عنيفة حتى أن أظافرة غرست في جلد كفها الرقيق ولكنها تحاملت على حالها كي تحافظ على كرامتها ومظهرها أمام الجميع،
وبدأ بالتحرك بخطوات واسعة، تعثرت بخطواتها أثر سرعته وما أن دلفت إلى منزلها واختفت عن أعين جدها و والدها حتى جذبت يدها وأفلتتها من بين راحة يده بعنف.

وتحدثت بنبرة حادة ونظرات غاضبة: بعد يدك عني يا قاسم، أيه، فاكر حالك ساحب جاريتك وراك إياك
أمسك يدها من جديد وتحرك بها داخل تلك الغرفة الجانبية وزجها بعنف ثم اغلق الباب بعد دلوفهما
وألتف لها و تحدث إليها بنبرة حادة وعيون غاضبة متعجبة: يا بجاحتك، وليك عين تتكلمي وتعلي صوتك كمان؟
واكمل بتساؤل به إتهام: ممكن أعرف الهانم أيه اللي موجفها تتحدت وتتمايع جدام الغرب إكدة؟

وأكمل بصياح حاد: والسؤال الأهم هو أيه اللي موديكي هناك أصلا في وسط الرچالة الغرب اللي ماليين الچنينة وبيچهزوا للفرح
إتسعت عيناها بذهول من تأثير حديثه المهين لها ولأخلاقها التي لم تسمح له بالتعدي عليها وهتفت بحدة: خلي بالك من كلامك زين يا واد عمي، ولما تاجي تتكلم عن اخلاج صفا زيدان يبجا تجف مظبوط، عشان الكلام اللي إنت عتجوله ده تطير فيه رجاب.

كز على أسنانة بغيظ وتحدث ليشعل روحها: هو من ناحية إن فيه رجاب هتطير فده شئ مفروغ منية، عشان إكدة لازمن تخلي بالك على رجبتك الحلوة دي زين يا دكتورة
إشتعل داخلها من نبرة التملك والغرور التي يتحدث بها وكادت ان تتحدث لولا دلوف ورد التي أتت أثر صياحهما العالي وأغلقت الباب خلفها سريع خشية من أن يستمع عليهما أحد وتساءلت بإستفهام: أيه اللي حصل يا ولاد للصريخ ده، حسكم چايب لأخر الدنيا.

أجابتها صفا بنبرة غاضبة وهي تشير بيدها على ذلك الغاضب: البية المحترم چاي يحاسبني ويتهمني في اخلاجي علشان روحت مع أبوي لچل ما أصبح على چدي بعد ما چدتي جالت لي إنه كان جلجان عليا طول الليل
وليه وليه سيادته يطلع من چوة يلاجي واحد غريب بيبارك لي جدام أبوي وچدي
كان يستمع لها وكل ذرة بجسده تشتعل غضب من تلك الثرثارة ذات الطابع العنيد التي تقف دائما بوجهه وتعارضة.

تحدثت ورد كي تنهي الأمر: الله أكبر الله أكبر، دي لازمن عين واعرة وصابتكم
وأمسكت ذلك المستشاط من يده: إستهدي بالله يا ولدي، ويلا روح على البيت لجل ما تشوف اللي ناجصك وتوضب حالك
كان يسلط بصره فوق تلك الغاضبة، يرمقها بنظرات حادة حارقة فتحدثت ورد وهي تحسه على الذهاب: يلا أومال يا عريس الله يرضي عليك.

تحدث بحده وهو يرمق تلك الغاضبة بنظرة حادة: أنا هعدي الموضوع وهتغاضي عن كلامها اللي كيف السم ده لجل خاطرك إنت بس يا مرت عمي
اجابته بهدوء لتنهي هذا الجدل الدائر: الله يكرم اصلك يا ولدي
وتحرك هو للخارج عائدا من جديد إلى منزله ليتابع تجهيزاته لليلة عرسه ذات الطابع والظروف العجيبة
أما صفا التي زفرت بضيق وتحدثت بنبرة غاضبه: همجي كيف الثور بالظبط.

فتحدثت إليها ورد بإبتسامة سعيدة: بيغير عليك ومعزور يا ست البنتة، الچدع ممصدجش حاله إن الجمر دي بجت ملكة خلاص
إبتسمت لها بمرارة لعدم علمها لحقيقة الأمر وتحركت للخارج.

بعد مرور أكثر من الساعتان، داخل مطبخ منزل الحاج عتمان
كانت فايقة تشرف على عاملات المنزل وبعض نساء العائلة القليلات وهن يقومن بصنع بعض الأطعمة الخاصة لغداء أهل المنزل وبعض الزائرين المهمين للغاية مثل المحاشي والطواجن الخاصة المميز بها أهل النجع والتي تأخذ مجهودا شاقا ووقت طويلا ولا يستطيع الطهاه اللحاق في صنعها بكميات هائلة لكي تكفي لتلك الأعداد الهائلة المتوافدة من جميع المناطق المجاورة،.

أما بالخارج فيعمل الطاهون الذين يستمرون منذ البارحة ويقفون على قدم وساق بصنع أفخم أنواع الأطعمة والحلويات لتقديمها إلى جميع الزائرين والحضور
دلفت إليها شقيقتها بدور وتحدثت مبتسمة بنبرة هادئة: كيفك يا أم العريس
نظرت لها فايقة وتحدثت بنبرة ملامة لتأخرها في الحضور: لساتك فاكرة تاچي تساعدي خيتك في وكل فرح ولدها البكري يا ست بدور.

اجابتها بدور بنبرة متاسفة: حجك عليا يا خيتي، چوزي جاله ضيوف من المركز وكان لازمن أعمله غدا ولا تبجا عيبه في حجة جدام اللضيوف
وأكملت مبررة: . وبعدين ربنا يبارك في الحبايب، معاكي عمتك وبناتها وباجي ستات العيلة
لوت فاهها وابتسمت بجانب فمها ساخرة وتحدثت بنبرة تهكمية: عمتك وبناتها جاموا من الفجرية وراحوا للست ورد لجل ما يملوا عليها البيت ويحسسوها هي وزيدان بفرحتهم ببتهم.

وأكملت بنبرة حقودة: أما بجا فايقة أم أول حفيد ليهم تنحرج وتولع بجاز مش مهم، المهم الست ورد تفرح
ربتت شقيقتها على كتفها بحنان وتحدثت لتهدئ من روعها: روجي على حالك يا فايقة وأعذريهم بردك، دي بت زيدان الوحيدة و اول وأخر فرحته يا نضري، ولازمن ولابد عمتك وبناتها يشاركوة فرحته بيها
وأكملت مفسرة حديثها بتعقل: لكن انت اللهم بارك مچوزة فارس وليلي جبل إكدة وفرحتي بلمة الكل حواليكي.

وأكملت معترضة: ثم وكل إيه اللي عتعملية يعني، ما الطباخين برة في صوان الچنينة جايمين بالواجب وزيادة اللهم بارك، هما هبابة المحاشي دول اللي عيغلبوكي
تنهدت بغيظ من شقيقتها دائمة الإصطفاف بجانب أعدائها وخلق الأعذار لهم ودائما ما تتهكم عليها هي وتتحامل عليها.

داخل غرفة ما بالطابق العلوي، إختارتها ورد بالخلف كي تتزين بها إبنتها بعيدا عن ضوضاء الغرف المتواجدة بجوار الحديقة وضجيج الرجال والعمال الذين يعدون ويجهزون المكان ليليق بإستقبال زفاف حفيد النعماني البكري الذي طال إنتظارة.

كانت تقف أمام تلك ال لينا التي تحدثت بإبتسامة لطيفة: يؤبرني الحلو، ما أجملك صفا يخزي العين بتقولي للقمر قوم لأقعد محلك، ماشاالله عليكي كتير بشرتك رايقة وبتچنن وما محتاجة لكتير شغل، تاتش زغير وبتطلعي ملكة إسم الله، دخيلو الحلو ما أطيبوا
إبتسمت لها صفا وشكرتها بلباقة إستغربتها لينا التي حدثت حالها، كيف لتلك الرقيقة ان تكون إبنة تلك الشرسة عديمة الذوق واللباقة.

فاقت من شرودها موجهه حديثها إلى مساعديها بتساؤل: شو صبايا بعدكن ما چهزتوا الحمام المغربي، هيك الوقت راح يسرقنا، بدنا نلحق لنخلص ونچهز العروس عالوقت
ثم رجعت ببصرها مرة اخري إلى صفا وتحدثت بإطراء: دخيل عيونك شو بتچنني، الله يعينو عريسنا عهالچمال.

نظرت لها صفا وإنشطر قلبها لشقين حين تذكرت إتفاقها وقاسمها، صرخ داخلها يإن، وابتلعت غصة مريرة بحلقها ثم إستجمعت حالها وتحدثت إلى لينا على إستحياء: بلاش منية موضوع الحمام المغربي ده يا مدام لينا.

ضيقت عيناها بإستغراب وهي تنظر إليها متفحصة ملامحها الحزينة الخالية من فرحة وسعادة الفتيات بيومهم المميز ذاك وتحدثت: كيف يعني بلاه يا تؤبريني، ما بصير هالحكي، الحمام المغربي كتير مهم لنضافة جسمك ونضارة بشرتك ونعومتا قدامه لچوزك
ثم غمزت لها بعيناها وتحدثت بدعابة: وهاد غير المساچ، راح يخليكي كتير رايقة ومزاچك عالي، وكل هالتوتر اللي حاستيه بروح وبتحسي حالك كتير منيحة.

إبتسمت لها بوهن وأردفت قائلة بنبرة مستسلمة بائسة: مش فارجة كتير يا مدام لينا، على العموم اللي تشوفيه صح إعملية
وتحركت لتنزع عنها ثيابها كما أخبرتها لينا لتبدأ بالتجهيزات اللازمة.

أتي المساء سريع وبدأ الجميع يستعد ويتأهب للزفاف
وقد خصص زيدان الحديقة الخلفية وحددها بستائر ثقيلة كي تحجب ما يحدث داخل حفل النساء عن العين وتعطي خصوصية لهن في الداخل
وقد كلف شركة متخصصة قد أتي بها من القاهرة خصيصا كي يقوموا بتنظيم حفل زفاف وحيدته ويجعل منه يوم مميزا لها تتذكره على مر أعوامها القادمة.

إفترشت الحديقة بالترابيزات الصغيرة المستديرة والتي تغطي بمفارش زهرية اللون وباقات الزهور التي إعتلت كل ترابيزة على حدي، والمقاعد المريحة والفتيات ذوات الزي الموجد و اللواتي إنتشرن في المكان لتقديم الخدمة للنساء اللواتي حضرن الإحتفال
وفريق الموسيقي المكون أيضا من الفتيات حتى يحافظ زيدان على تقاليد نجع النعماني،
داخل شقة فارس ومريم.

كانت واقفه أمام المرأة المتواجدة داخل المرحاض، ترتدي مأزرها وتضع منشفة تلف بها شعرها بعدما أخذت حماما دافئ إستعدادا لخروجها وأرتداء ثوبها الخاص والتي ستحضر به حفل زفاف حلمها السابق، فتي أحلامها التي طالما حلمت بأنها تزف إليه بثوبها ناصع البياض، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

تنهدت بأسي ونفضت رأسها من تلك الأفكار التي دائما ما تؤرق عقلها وتنغص عليها حياتها وخصوصا في ظل إبتعاد فارس عن مشاركته إهتماماتها والتقرب منها كزوجان متفاهمان،
وتابعت وضع بعض الكريمات المرطبة فوق بشرتها الناعمه وتحركت للخارج تاركة خاتم زواجها بجانب المرأه بعدما خلعته عن أصبعها قبل غمر جسدها بالماء داخل حوض الاستحمام.

إرتدت ثوبها ثم وضعت بعض مساحيق الزينة الخفيفة والتي بالكاد تري بالعين، جلست فوق فراشها ومالت بجذعها للأسفل ترتدي حذائها، وهنا دلف للداخل فارس دون إستئذان مما أفزعها وجعلها تنتفض من جلستها سريع
نظر إليها بجبين مقطب مستغرب فزعها وتحدث قائلا بنبرة رخيمة: مالك إتفزعتي إكده، شفتي عفريت إياك؟
إستشاط داخلها من تلك المعاملة وتحدثت بنبرة حادة: لا مشفتش عفريت يا فارس.

وهتفت بإعتراض: بس مفيش حد بيدخل على حد من غير إحم ولا دستور ويخلعة إكدة
إتجه إلى خزانته وأجابها ببرود وهو يخرج مسدسه الخاص ويضعه في جيب جلبابه الصعيدي: مكنتش مفكرك إهني أصلا، كل الحريم راحو عند الجعدة اللي عاملها عمك زيدان لصفا في الچنينة اللي ورا وأني جولت أكيد إنت وياهم.

تنفست عاليا وتحدثت إليه تجيبه بتفسير: إتأخرت على ما سبحت جميلة ولبستها وإدتها لأمي، وهي مشت بيها للفرح وجالت لي إلبسي براحتك وحصلينا
تحدث إليها بإهتمام: لبستي جميلة لبس زين للچو يبرد بالليل؟
قطبت جبينها وتحدثت بنبرة ساخرة: چو أيه ده اللي هيبرد في شهر أغسطس يا فارس
أجابها برعب على طفلته الغالية: البت لساتها صغيرة وچسمها حساس ومهيستحملش تجلبات الچو يا مريم.

أجابته بهدوء مقدرة هلعه على طفلته التي يعشقها: متجلجش يا فارس، إن شاء الله خير
أومأ لها وأقترب من مكان وقفتها ثم حول بصرة إلى المرأة لينظر على إنعكاس صورته وبدأ يهندم من ملابسه ويصفف شعر رأسه بعناية
تحت حزنها وألم روحها الذي تملك منها من أثر تجاهله لوجودها حتى أنه لم ينظر لثوبها ولم يتفوة لها بكلمة إعجاب واحدة حتى ولو من باب المجاملة.

إنتهي مما يفعله وتحدث إليها بنبرة جامدة: لو چاهزة يلا بينا ننزلوا علشان أوصلك لجعدة العروسة جبل ما أرجع فرح الرچالة
أومأت له بحزن وعيون منكسرة لم يلاحظهما هو لعدم إنشغاله بها من الأساس وتحركا كلاهما كل بجانب الاخر ونزلا الدرج ومنه إلى الخارج
توقفت فجأة وتحدثت إلية بنبرة قلقة متذكرة: شفت أخرة إستعچالك، اديني نسيت دبلتي فوج في الحمام، إستناني إهني لحد ما أطلع أچيبها وأچي لك جوام.

أجابها على عجل وهو بالفعل يستعد للمضي قدما للأمام: أني مفاضيش لتوهت عجل الحريم وچلعهم الماسخ ده، إطلعي إنت هاتيها وأني داخل الفرح علشان أضرب لي كام طلجة لچل ما أرحب بالضيوف اللي چايين يچاملونا
وبالفعل تحرك مغادرا تحت حزنها وروحها المتألمة، عادت للأعلي من جديد كي تجلب خاتم خطبتها وبالفعل دلفت لداخل المرحاض وتسمرت أمام المرأة تنظر إلى إنعكاس وجهها الحزين،.

تنهدت بأسي وأمسكت بخاتمها تنظر إلية وألم مميت تملك من قلبها على ما وصلت إلية، زفرت بضيق وقربت الخاتم من أصبعها لترتديه وبلحظة إنزلق من يدها ومن سوء حظها أنها كانت قد نزعت منذ الصباح وهي تقوم بدورة تنظيف المرحاض الغطاء الذي يسد فتحة الحوض ويمنع نزول أي شئ بها، ولكن ولسوء حظها وقع الخاتم في تلك الفتحة وبسرعة البرق ابتلعته وأختفي من أمام ناظريها
كانت تتابع ما يحدث بعيون متسعة مزبهلة مما تراه.

نفخت بضيق تلعن حظها وغبائها وتحركت سريع إلى الاسفل كي تلتحق بمجلس النساء قبل خروج العروس وبدأ مراسم الحفل
خرجت من باب المنزل إستمعت إلى رنين هاتفها يصدح من داخل حقيبة يدها الصغيرة التي تمسك بها، أخرجت الهاتف ودققت النظر بشاشته وجدتها والدتها حياة، ضغطت زر الإجابة واجابتها وتحركت على عجل وهي تستمع لحديث والدتها التي تستعجلها الحضور من أجل إقتراب خروج صفا من منزلها.

كانت تتحدث وهي تتحرك سريع متجهه إلى خلف المنزل لتصل من خلاله إلى الحديقة الخلفيه من الطريق المعاكس لحفل الرجال وبلحظة إصطدمت بأحدهم وهو يتحرك أيضا على عجل ليدلف إلى حفل الرجال،
وقع من يدها هاتفها أثر الإصطدام فمال ذاك الشاب وإلتقط الهاتف ورفع قامته من جديد وتحدث وهو يمد يده بالهاتف متحدث بلباقة: أنا أسف جدا يا أفندم على اللي حصل، مع إن حضرتك اللي خبطي فيا متعمدة.

كان يتحدث وهو ينظر إليها بإعجاب لجمالها الهادئ وعيناها الساحرة الخاطفة للقلوب
قطبت جبينها ونظرت إلية وتحدثت بنبرة حادة بعض الشئ: متعمدة؟ واني هخبط فيك متعمدة ليه إن شاء الله؟
تكونش من بجيت أهلي واني مدرياش؟
وأكملت بحدة بالغة: ما تظبط كلامك يا چدع إنت وتوعي للحديت اللي عتجوله زين.

نظر لها مبتسم من هيئتها الحادة الشرسة التي جعلت من جمالها جذاب فوق الحد، خطفته لكنتها الصعيدية وحدتها، ولا يدري لما إتجه ببصره وحوله إلى كفي يداها، تنهد بإرتياح حين وجدهما خاليتين من أي خاتم يشير إلى زواجها أو حتى خطبتها.

إبتسم لها وتحدث بنبرة هادئة كي يمتص بها غضبها الذي أصابها بفعل حديثه: طب ممكن تهدي شوية وتسمعيني، أنا كل اللي أقصدة إني كنت ماشي بعيد عن خطواتك و واخد بالي كويس جدا لكن إنت كنتي مشغولة بالكلام في التليفون ومش باصه قدامك، علشان كده غيرتي إتجاة خطواتك في اخر لحظة وخبطي فيا بدون قصد طبعا
واكمل بإحترام ونبرة صوت تدل على رقيه وتحضره: على العموم أنا أسف مرة تانية لحضرتك.

تحمحمت بإحراج وخجلت بشدة من إسلوبها العنيف وحدتها في الكلام معه وتحدثت بنبرة هادئة: أني اللي أسفه على إندفاعي في الكلام
وأكملت بعدم إهتمام وهي تنسحب من جوارة لتكمل طريقها: بعد إذنك
تحركت ونظر هو عليها كالمسحور وبسرعة البرق إختفت خلف تلك الساتر الحاجز الذي أمر عتمان بوضعه كي يحجب إحتفال النساء عن عيون المارة من الرجال الدالفين من البوابة الحديدية.

تنفس بإنتشاء وحدث حاله بصوت مسموع: لذيذة وطعمة أوي يا بنت اللزينة، لا وشرسة وبتخربشي كمان
وتحرك بإتجاهه إلى داخل الإحتفال قابله يزن الذي رأه من بعيد وتحرك إليه على الفور للترحاب به: يا أهلا يا دكتور، إتأخرت ليه إكده يا راچل
أجابه ياسر بإبتسامته البشوش المعهودة: معلش يا باشمهندس، أصل كنت نايم وراحت عليا نومه
ربت على كتفه بإخوة وأردف قائلا: نوم العوافي، إدخل علشان تسلم على چدي وتبارك للعريس.

وتحركا معا للداخل.
دلفت مريم إلى الحفل وتحركت إلى المنضدة التي تلتف حولها والدتها وچدتها وليلي، وما أن شاهدتها طفلتها الباكية حتى أشارت إليها فالتقتطها على الفور وهي تقبلها بلهفة وتمسح على ظهرها بلمسات حنون كي تهدأها
تحدثت إليها حياة بنبرة لائمة: أية يا بتي التأخير ده كلياته، بتك مبطلتش عياط وعمالة تسأل عليكي
تنفست عاليا ثم زفرت بضيق وتحدثت: إسكتي يا أما على اللي حصل لي
وبدأت بقص ما حدث عليهم.

فتحدثت الجده بحنان: فداكي مية دبلة يا بتي، ولا يهمك من بكرة هخلي فارس يچيب لك أحسن منيها
إبتسمت بأسي حين تذكرت ذاك الفارس الذي لم يكترس لها من الأساس، حتى أنه وصل به الامر أنه لم ينتبة إلى جاذبية ثوبها أو لون حجابها الرقيق
شكرت جدتها وتنهدت بأسي
ثم تحدثت إلى والدتها بإستفهام: هي صفا مخرجتش لحد دالوك ليه يا أما؟

تحدثت ليلي بنبرة ساخرة متهكمة: تخرچ كيف بت ورد جبل ما الحاشية كلياتها تكتمل و تنتظر ظهور السلطانة على نار و أول ما تدخل الكل يجف ويجدم لها فروض الولاء و الطاعة
إنفلتت ضحكة عالية من مريم لم تستطع الإمساك بها في حين رمقتها رسمية بنظرة مرعبه أخرستها وجعلتها تبتلع باقي ضحكتها وتكظمها
ثم حولت بصرها إلى ليلي وتحدثت بنبرة حادة لائمة: لحد ميتا هيفضل غلك ياكل في جلبك من ناحية بت عمك يا بت قدري؟

و أكملت بأسي وحديث ذات مغزي: ولا يكونش ده وراثة هو كمان، واسترسلت حديثها بنبرة معاتبة: مش بكفياكي عاد لحد إكدة، البت بجت مرت أخوكي ولساتك الحقد مالي جلبك من ناحيتها لية
نظرت إلى جدتها بحدة وتحدثت بنبرة ساخطة: الجبول والمحبة بياجو من عند ربنا يا چدة. ، وربك والحق اني من يومي مهطيجهاش لله في لله إكدة، وأني حرة
وأكملت بتهكم: ولا تكونش هتجبرونا نحبها غصبن عنينا كمان.

أجابتها الجده بإقتضاب: لا يا أم لسان متبري منيك، بس على الاجل تعامليها زين ومتبينيش كرهك وحجدك بالأوي إكده
واسترسلت حديثها بنبرة يكسوها بعض الندم: بس خديها نصيحة من چدتك العچوزة يا بت ولدي، الحجد معيدمرش غير صاحبة، والجسوة بتموت الجلوب، ويا ويلك لو الجلب مات.

إنتفضت من جلستها في إعلان منها عن رفض حديث جدتها و وقفت غاضبة وتحدثت بنبرة ساخطة لكل ما حولها: أني فيتالكم المطرح بحاله، هروح أجعد جار أمي زمناتها محتچاني چارها بعد ما الكل سابها لحالها في ليلة فرح ولدها البكري
وتحركت تحت نظرات رسمية ونجاة اليائسة من أفعال تلك الليلي التي ورثت حقدها على صفا و ورد من والدتها.

وجهت نجاة حديثها إلى والدة زوجها لتهدئ من روعها بعدما إستشفت حزنها الظاهر بعيناها: هدي حالك يا مرت عمي، دي بت مطيورة و معرفاش حالها بتجول أيه، بكرة تعجل وربنا يهديها وتعرف إنها دنيا متفاته وممستهلاش الكرة دي كلياته.

أما بالأعلي داخل الغرفة المتواجدة بها صفا
أنتهت لينا من وضع اللمسات الأخيرة لصفا وتحدثت بإبتسامة: ليك دخيلو شو هالعروس يلي متل القمر، إسم الله عليكي بتچنني وبتاخدي العقل
وهلئ وقفي وأتطلعي عحالك بالمراية.

كانت ترتدي ثوب يشبة أثواب الأميرات في رقته ورقيه، مرتديه حجاب أنيق زادها فوق حسنها حسن، وضعت لها لينا بعض مساحيق التجميل الهادئة وتفننت لتجعل من ملامحها الرقيقة كلوحة فنية بديعة الصنع، مما جعلها كملاك برئ لا تمل العين من رؤياه
إبتسمت لها بوهن واعتدلت ثم وقفت بالفعل وتطلعت إلى إنعكاس صورتها بالمرأة، وبلحظة شعرت بمرارة داخل حلقها لم تشعر بمثيلها طيلة الخمسة وعشرون عام المنصرمة.

وذلك بعدما رأت شدة جاذبيتها وجمالها الفتان التي شاهدته في إنعكاس مرأتها
تمنت لو أن لها الحق في الإنهيار والتعبير عن ما تشعر به من مرارة، أرادت أن تصرخ ألما بأعلي صوتها لتعلن للجميع عن مدي عمق جرحها النازف، ضغطت على حالها بأقصي ما عندها لتبقي ثابته لأجل أحبتها
نظرت لإنعكاسها وبدأت بحديث النفس المؤلم، ماذا فعلت بدنياي لحتي أجني حصادي بكل ذاك الوجع؟

أيعقل أن تكون تلك هي ليلتي التي بت أحلم بها منذ نعومة أظافري؟
لما إلهي؟
وما الحكمة من وراء ما يجري معي؟
ما الذنب الذي إقترفته يدي لتذبح روحي وتندثر فرحتي أمام أعيني هكذا؟
ثم مالت برأسها قليلا لليمين ومازالت تري إنعكاسها من خلال مرأتها، ومازال حديث النفس دائر
دائما ما كنت أنتظر ليلتي تلك
و لطالما كنت أظنها حقا ليلتي
و لطالما ظننت أن سعادتي بها ستتخطي عنان السماء
ولكني قد نسيت أن بعض الظن إثم كبير.

وها أنا الأن اجني حصاد إثمي
ولكن! ما هو إثمي يا تري؟
أنا حقا لا أعلمه!
هل هو إثم خفي غير معلوم؟
أم انه إرث عائلتي!
فاقت من شرودها على دلوف ورد إليها التي أتت لتخبرها بأن أباها ينتظرها بالأسفل ليصطحبها للخارج، وبناء عليه فإنها وجب عليها النزول.

وما أن رأتها ورد حتى إنتفض داخلها بشدة من فرط سعادتها بفضل ما رأت وبدون سابق إنذار أطلقت الزغاريد الرنانة لتنزل على قلب تلك الصفا وتشعرها بقمة سعادتها رغم ما بقلبها من خيبات وألم
وقفت أمام إبنتها وتحدثت بعينان مبهورتان غير مصدقتان لما ترا أمامها: الله أكبر يا دكتورة الله أكبر
حصوة في عين كل اللي شاف چمالك ولا صلاش على سيدنا وحبيبنا محمد صلي الله عليه وسلم.

إبتسمت لوالدتها بسعادة حين رددن جميع الموجودات: علية افضل الصلاة والسلام
ثم تحدثت بنبرة حنون متأثرة برغبتها التي تلح عليها في البكاء لكنها تحاربها وبكل قوتها كي لا تأثر على إبنتها: مبروك يا جلب أمك
أجابتها بحنان: الله يبارك فيك يا أما، ربنا يخليك ليا إنت وأبوي.

ثم إلتفت ورد ببصرها إلى تلك اللينا التي تتجنبها خشية غضبها وحديثها القاسي وتحدثت بنبرة ودودة وأبتسامة واسعة بمثابة إعتذار: تسلم يدك يا مدام لينا، وحجك علي
إبتسمت لها لينا وصفي قلبها سريع وتحدثت بإبتسامة لطيفة: ولو مدام ما تحكي هيك هيدا واچبي وشغلي، ألف مبروك للعروس، الله يهنيها ويسعدا.

تحركت صفا وأتجهت إلى الدرج لتتدلي وجدت والدها ينتظرها أسفل الدرج، وقفت أمامه تنظر إليه بنظرات ممزوجه بالخجل والإحتياج معا، إتسعت عيناه بذهول عندما شاهد صغيرته أمامه بثوب زفافها الذي جعل منها حورية هبطت لتوها من الجنان وما كان منه إلا أنه سحبها وادلفها لداخل أحضانه وبات يشدد عليها وكأنه يريد أن يشق ضلوعه ويخبأها بداخلة.

مشاعر متناقضة إقتحمت كيان زيدان، حب، خوف، سعادة، غيرة، رغبة في البكاء، كم من المشاعر المختلفة تمكنت منه، تماسك من حاله كي لا تخونه عيناه وتسمح لدموعه الحبيسة بالإنسياب، لم يقوي على إخراج صوته المكتوم فأشار لها بيده كي تتشابك يده وتتحرك.

إبتسمت بخفة وأطاعته بعدما قرات بعيناه كل ما كان يجب أن يقال، تحركت بجانبه متجهه للخارج وخلفهما ورد التي كانت تشاهد ذاك المشهد الصعب على أي أب وتبكي بصمت كي لا يشعرا عليها ويلحقاها بالبكاء
بالخارج تحدثت فايقة بضيق إلى ليلي: هي السنيورة إتأخرت چوة لية إكدة؟
وما أن أنهت جملتها حتى إستمعا إلى صوت الموسيقي يصدح ليعلن عن ظهور العروس بصحبة زيدان وخلفهما ورد.

وقفن جميعهن إحترام لتلك اللحظة وبدأن بالتصفيق الحاد وإطلاق الزغاريد تعبيرا عن فرحتهم بإبنة عائلتهم ونجعهم، إنبهرن جميعهن بجمال صفا الهائل وبتن يتهامزن فيما بينهن بإعجاب، أوصلها زيدان إلى المكان المزين والمخصص لجلوسها
أحاط وجنتيها بكفيه بتملك ووضع قبلة فوق جبينها بقلب منفطر ثم إنسحب سريع من امامها ليغادر، وجد والدته تقف قبالته.

وتحدثت إليه بحنان وهي تمسك يده وتشدد عليها وكأنها تؤازره لتقل له عيناها أنا معك، وأشعر بما ينتابك من ألام مميتة، قبل يدها ومقدمة رأسها وبعدها إنهالت عليه المباركات من شقيقتيه وأقربائة من نساء العائلة
وتح ك سريعا ليغادر فحقا لم يعد لديه القدرة على إحتمالية الوضع أكثر،
وما أن وصل لخارج حدود الإحتفال في طريقه إلى إحتفال الرجال حتى أوقفه صوتها الهادر وهي تنادية بثبات: زيدان.

إلتفت للخلف ونظر لها مضيق العينان مستغرب حين تحدثت هي بنبرة شامتة ونظرة عين حادة كارهه: مبروك لراحة جلب بتك يا زيدان، بتك الليلة هتنام وتغرج چوة حضن الراچل اللي ياما حلمت بيه وإتمنته
وأكملت بنبرة ساخرة: لچل بس متعرف إني أحسن وأرچل منيك، مهانش على أكسر جلب بتك العاشقة كيف إنت مكسرتني وذلتني زمان
وأكملت بنظرة حارقة: لساتك فاكر يا زيدان ولا الزمن نساك جلب فايقة اللي حرجته ودوست علية بجسوتك وچبروتك؟

كان يستمع إليها بذهول وتيهه، أيعقل أن تظلي متذكرة الماضي إلى الأن.؟ يا لك من إمرأة مريضة
عاد بذاكرته للخلف
منذ أكثر من ثلاثون عام مضت.

كان ذاك الشاب الوسيم ذو الجسد الرجولي الذي بالكاد بلغ عامه الثامن عشر يفترش أرض بحديقة الفواكة الخاصة بوالده، رأها تأتي عليه من بعيد، تلك الفتاه الجميلة بضفائرها المجدولة الطويلة الظاهرة من تحت رابطة شعرها الصغيرة التي تعقدها من الخلف، ترتدي ثوب واسع يهفهف من حولها وتتحرك إلية بدلال والعشق ينطق من داخل عيناها وهي تنظر لفارس أحلامها الوحيد
إنها فايقة، إبنة السابعة عشر من عمرها.

تحدثت إليه بنبرة ناعمة: كيفك يا زيدان؟
شملها بنظرة مستغربة وتساءل متعجب: فايقة؟
أيه اللي چايبك إهني في وجت الضهرية والطريج مجطوع إكدة؟
نظرت إليه متلهفة وتساءلت: خايف على يا زيدان؟
طبعا يا فايقة، مش بت خالي وخطيبة أخوي، كانت تلك جملة نطقها بتلقائية زيدان ولكن نزلت على قلب تلك العاشقة شطرته لنصفين
وتحدثت بنبرة حادة رافضة: أني مش خطيبة حد يا زيدان، وأني چاية مخصوص إهني لچل ما اتحدت وياك في الموضوع ده.

نظر لها بتمعن منتظرا تكملة حديثها فأكملت هي بتمرد: أني مريداش قدري يا زيدان، معحبهوش أني ولا حتى بطيج أشم ريحه
ثم جلست بجوارة وبعدم حياء وضعت كف يدها فوق يده وتحدثت وهي تنظر داخل عيناه بهيام: أني عحبك إنت يا زيدان، عشجاك من ساسي لراسي يا ولد عمتي
نفض يدها سريع وانتفض من جلسته واقف كمن لدغه عقرب وتحدث بعيون غاضبة: حديت أية الفارغ اللي عتجولية دي يا بت خالي، إتچنيتي إياك؟

وقفت لتقابله وتحدثت بحدة وصوت عالي: إتچنيت عشان بجولك عشجاك
واكملت بنفس نظرة العشق: إيوة عشجاك وعاشجة التراب اللي رچلك عتخطي علية يا حبيبي
أجابة بعيون تطلق شزرا: كنك إتچنيتي صح، إعجلي يا فايقة، إنت خطيبة أخوي الكبير اللي عيدخل عليكي بعد شهر من دلوك.

أجابته برفض قاطع: واني معيزاهوش يا زيدان، معطيجش ريحه بجولك، أبوك خطبني لقدري إكمني الكبيرة وإختار بدور ليك عشان لساتها صغيرة، أني عجول لأبوي إني مريداش قدري، واكيد چوز عمتي عيخطب له أي واحدة من بنات العيلة، وبكديه قدري ومنتصر عيتچوزوا الشهر الجاي كيف ما عمي عتمان مجرر،.

واكملت بشغف ظهر بعيناها: بعدها إنت تطلب من أبوك يكلم ابوي ويطلب يدي، وإن كنت شايل هم عمي عتمان وخايف لميوافجش عشان رفضي لقدري، اني عاملة حسابي وهجول لعمتي رسمية إن أني وإنت عشجانين بعض وأخليها تجنعة بچوازنا
كان يستمع إليها بذهول غير مصدق ما تستمعه اذناه ولا لما تراه عيناه وتحدث بعدم إستيعاب: أني ما مصدجش حالي، معجول يطلع منيك كل ده يا فايقة، ده أنت كمان مخططة لكل حاچة ومفايتكيش فوته.

قطعت حديثه وهتفت بلهفة: ومستعدة أعمل أي حاچة لچل بس ما أوصل لك واعيش في چنتك وچوة حضنك يا سيد الرچالة
وتساءلت بلهفة: ها، جولت أيه يا زيدان؟
أجابها بنبرة حادة: جولت لا إله إلا الله محمد رسول الله، عاودي يا بت الناس على بيتك واني إن كان على هنسي كل التخاريف اللي جولتيها دي ومعجولش لحد واصل، ولازمن تعرفي زين إن قدري أخوي سيد الرچالة كلياتهم ولو لفيتي الدنيي بحالها معتلاجيش ضفرة.

بس أني عشجاك إنت ومعوزاش حد غيرك يا زيدان، جملة قالتها بإستعطاف
واني مشايفكيش جدامي من الأساس، جمله قالها بعيون غاضبة
وأكمل بنبرة صارمة: ودالوك غوري من جدامي وروحي على بيتك چهزي حالك لدخلتك على قدري اخوي اللي صبايا النچع كلياته تتمناه.

ادمعت عيناها بتوسل وبسرعة البرق كانت ترتمي داخل أحضانة وهي تلف ذراعيها حول عنقه في محاوله منها بالتشبث لتصعد إلى وجهه وذلك نتيجة طوله الفارع والذي يتخطاها بالكثير من السنتيمترات،
لم يشعر بحالة إلا وهو يبعدها عنه ويزيحها بحده ثم رفع يدة ونزل بصفعة قوية فوق وجنتها كي تعود إلى وعيها، مما جعل رأسها تلتف للجهه الاخري، تهاوت على أثرها حتى انها وقعت أرض.

جحظت عيناها غير مصدقة لما جري للتو، وضعت يدها تتلمس أصابع يده التي علمت بوجنتها، ثم رفعت وجهها ونظرت إليه بكرة وحقد وتحدثت بنبرة يملؤها الغل: خليك فاكر الجلم ده زين جوي يا زيدان، عشان هرده لك الطاج عشرة، ورب الكعبة لردهولك يا ولد عتمان النعماني.

وتحركت عائدة إلى منزلها وما أن دلفت حتى أخبرت والدتها أنها أصبحت جاهزة لزواجها من قدري، وبعد أقل من شهر تزوج قدري ومنتصر بنفس اليوم وبات زيدان يتجنب التعامل مع فايقة ويبتعد عنها وعن اية مكان يجمعهما قدر الإمكان لتجنب الشبهات.

أما هي فقد تحول عشقها الهائل لزيدان إلى منتهي الكرة والحقد وأصبح كل همها في الحياة هو تدمير قلب زيدان بشتى الطرق، حتى أنها نقلت حقدها إلى قدري ونجحت بالفعل ان تجعل من قدري شخص حقود طامع يحقد على شقيقه ويكرهه بدون أسباب، لكن قدري شعر بأنها تكن لشقيقه شئ ما داخل صدرها، وذلك بعدما فضحتها عيناها التي مازالت تشتاق رؤياه بتلهف رغم الكرة الكبير
عودة للحاضر.

نظر لها زيدان وتساءل بعيون مستغربه: يااااه يا فايقة على سواد جلبك وحجدة، لساتك فاكرة لدلوك؟
وضعت يدها على وجنتها وكأن ألم صفعتها مازال مشتعلا ولم ينتهي إلى الأن وتحدثت بحقد: عمري ما نسيت ولساتني عند وعدي ليك يا زيدان
وتساءلت بإبتسامة شامته: فاكر وعدي ليك يا زيدان ولا نسيته كيف ما نسيت وچع جلب فايقة؟
إبتسم ساخرا وأردف قائلا بنبرة متهكمة: لما تتحدتي ويا زيدان النعماني تبجي تتكلمي على جدك يا فايقة،.

واكمل ناصح لها: إعجلي يا بت الناس وإعملي حساب لعيالك اللي بجوا رچالة يسدوا عين الشمش
ورمقها بنظرة مقللة من شأنها وتحرك دون إستئذان فتحدثت بصوت مسموع إليها وهي تتبع أثره بعيون سعيدة ونبرة شامتة: إضحك يا زيدان، بس الشاطر هو اللي عيضحك في الأخر،
وأني اللي عضحك من كل جلبي واني شيفاك بتتجطع من الوچع على جهرة جلب بتك الوحيدة وإنت واجف تتفرج عليها وهي بتموت بالبطئ جدام عنيك
وتحركت إلى الداخل من جديد.

بعد مرور مدة كبيرة من الوقت قضتها صفا جالسة فوق مقعدها المزين والمخصص لها وكأنها ملكة تجلس على عرشها في يوم تتويجها، دلف إليها قاسم بصحبة فارس و زيدان كي يقدم لها شبكتها ويلبسها إياها أمام العلن كما هو العرف المتبع بنجع النعماني.

كان يتحرك بجانب عمه وشقيقه بهيئة خطفت أبصار جميع الموجودات، رافع قامته لإعلي بطوله الفارع وجسده الرياضي الممشوق، ناهيك عن شياكته وجاذبيته التي لا تقاوم، حيث كان يرتدي حلة سوداء برابطة عنق باللون القرمزي، ويعتلي كتفيه عباءة باللون البني قد أهداه عتمان إياها خصيصا لذاك اليوم
كان يشبه أمير الأساطير حقا بطلتة تلك.

تحرك في طريق الوصول إليها مع إطلاق الزغاريد المهنئة من النساء اللواتي إصطفين على جوانب الصفين ينظرن عليه ويتطلعن على حسنه ورجولته
كان يتحرك وينظر إلى مقعدها متلهف شغوف لرؤيتها وهي بثوب زفافها، لكن وجود والدتها وعماتها أمامها حجب عنه رؤيتها وما أن إقترب حتى إبتعدن الواقفات ليفسحن له المجال.

و ازيح الستار من أمام عيناه ليظهر له وجهها البهي وكأنه قمرا منيرا يشع ضياء ويطغي بريقه بإشراق ليضئ المكان ويطفو عليه بسحر وجاذبية
تسمر بوقفته حين نظر إليها، أسرته بجمالها الأخاذ وعيناها الساحرة خاطفة قلوب العشاق بوهلتها الأولي، شعر بشئ غريب يحدث داخله، هزة عنيفة إقتحمت قلبه فزلزلته، رعشة سرت بداخل جسده بالكامل، رغبه ملحة تطالبه بسحبها لداخل أحضانه وإشتمام عبيرها،.

نظر برغبة لشفاها المنتفخة بلونها القرمذي المميز والتي تشبه حباة الكرز الناضجة وتنتظر متذوقها، ومن غيره سيتذوقها ويغوص بها ليأكلها بتلذذ وإستمتاع، إبتلع ريقه حين رفع ببصره وهو يدقق النظر داخل عيناها الزرقاويتين الصافيه كمياة البحر
وما كان حالها ببعيد عنه، بل على العكس كانت تزيد عليه وتتخطاه بالعديد من المراحل، إنه العشق يا سادة.

نظرت لداخل عيناه وجدت بهما إعجاب لا، ليس إعجاب بل هو إنبهار وسحرا بكل ما تحمله الكلمة من معني عميق، تمنت لو أن لها الحق في أن تنتفض من جلستها وتلقي بحالها داخل أحضانه والتي طالما حلمت بها وتمنت
أخرجهما مما هما علية صوت صباح التي صدح بإطلاق الزغاربد المتتالية وهي تتحدث وتجذبه من يده ليجلس بجانب عروسه الجميله: تعالي لبس عروستك الشبكة يا قاسم.

إستجمع حاله وتحمحم بشدة لينظف حنجرته ثم نظر إلى عيناها ومد يده إليها ليحتضن بها كفها الرقيق ويتلمسه بنعومة أذابت جسدها ثم أردف قائلا بنبرة هادئة: مبروك يا صفا
إبتلعت لعابها وأجابته بنعومة وهي تسحب بصرها عنه خجلا: الله يبارك فيك
تحدث زيدان وهو ينظر إلى قاسم ليحثه على التسرع: يلا يا قاسم لبسها شبكتها بسرعه لجل ما تطلع على شجتها عشان ترتاح، يومها كان طويل والچو بدأ يبرد.

أكدت على حديثه عليه التي تحدثت بنبرة قلقة على إبنة غاليها: إيوة يا ولدي الله يرضي عليك خلص وطلعها لشجتها حاكم الحريم كلوها بعنيهم اللي تندب فيها رصاصة
أومأ لهما برأسه وجلس بجانبها حين أمسكت ورد علبة من بين اربعة علب مليئة بالذهب البندقي الخالص التي حظيت بها صفا كهدايا، بعضها كشبكتها من قاسم التي إختارتها هي بنفسها بصحبته مغصوب، وبعضها هدية من چدتها رسمية والبعض من والدها زيدان.

أمسك قاسم عقدا قصيرا وجهزه لوضعه حول عنقها حين إستدارت هي بظهرها لتعطي له المجال وأقترب هو منها كثيرا حتى أنه إلتصق بها فقشعر بدنها سريع وأنتفضت فضحكت ورد وصباح عليها، أما هو فقرب شفتاه من اذنها وهمس لتهداتها: إهدي يا صفا ومتخافيش.

إنتفض داخلها وثار عليها وكادت أن تفقد وعيها من مجرد همسه داخل اذنها وكرر تلك العملية مرارا، ثم جاء دور خاتم الخطبه الذي يجب أن يتم نقله من اليد اليمني إلى اليسري حسب العرف السائر
إرتجفت يدها بمجرد لمسته، لكنه أخرجها من حدة صوته وهو يتحدث بتملل لكثرة ما تبقي من ذهب يجب عليه إلباسها إياه: خلاص يا چماعة كفاية اللي لبسته لحد دالوك،.

واكمل وهو يشير إلى العلبتان المتبقيتان بضجر: ملوش لزوم الباجي ده كلياته، مهنستعرضوش إحنا جدام الخلج
تحدثت إليه صباح بإعتراض: مهينفعش يا قاسم، لازمن تلبس عروستك كل الدهب وإلا هيبجا فال شوم، وبعدين لجل ما حريم النچع يشوفوا دهب بت زيدان النعماني زين
هتف بنبرة صارمة معترض على تلك العادات البالية: واني جولت كفاية لحد إكدة يعني كفاية يا عمة.

غضبت صفا وحزن داخلها من تملله وفسرت إعتراضه على تلك العادات انه مل من تواجده بجوارها ولم يطق الجلوس ولمسها أكثر،
وما زاد الطين بله ما تفوهت به عمتها علية قائلة بنبرة ملامة خشية من مهاترات الحاضرات: وه يا ولدي، اللي يشوفك يجول عليك مطايجش الجاعدة جار عروستك،.

وأكملت وهي تضحك غير مبالية بتلك المذبوحة: ده الشاب من دول ما بيصدج يمسك يد عروسته ويجعد يتلكك لجل ميطول الجاعدة چارها، وأكملت وهي تحثه: يلا أومال يا عريس لبسها باچي الشبكة
زفر بضيق لعدم تقبله تلك المراسم والعادات العجيبة وايضا كان يخشي عليها من تحملها لثقل وزن الذهب بيديها وعنقها فأمسك يدها وتحدثت بضيق موجه حديثة إلى عمته علية: خلصينا يا عمة وناوليني الدهب اللي فاضل.

إستشاط داخلها وأشتعلت النيران بقلبها من جراء تقليل شأنها أمام عمتيها والجميع وهذا ما وصلها من حديثه المهين، وما شعرت بحالها إلا وهي تسحب يدها من بين راحتيه بشده وعنف وهي تهتف بنبرة غاضبة: بعد يدك، خلصنا خلاص معيزاش ألبس حاچة تاني وكفيانا جلة جيمة ومسخرة لحد إكدة.

قطب جبينه ورمقها بنظرة غاضبة وكاد أن يتحدث أسكته صوت زيدان الذي كان يستدعي المصورة الفوتغرافية التابعة لتنظيم الحفل، ولم يسعه الحظ كي يري حرب العيون ورمي القذائف الكلامية التي حدثت بين صفا وقاسم منذ القليل
وتحدث زيدان بإبتسامة حانية: يلا يا ولاد لچل متخدو لكم كام صورة مع بعض للذكري.

رفعت قامتها للأعلي حين تحدثت تلك الفتاة القاهرية قائلة: ممكن يا عريس تاخد عروستك وتتفضل معايا في الركن اللي مجهزينه علشان الفوتوسيشن
أني شايفة إنه ملوش لزوم للفوتوسيشن من الاساس، جملة تفوهت بها صفا بملامح وجه مقتضبة
تمالك من حاله لأبعد حد كي لا ينفجر بها لحدتها وطريقتها الساخرة لإدارة الحوار، وأيضا إحترام لعمه وزوجته التي طالما عاملاه كإبن لهما.

رسم إبتسامة مزيفة فوق شفتاه وتحدث بهدوء جاهد في إخراجة: كيف يعني ملوش لزوم،
واكمل بإبتسامة سمجة ليستحضر غضبها، يبدوا وكأنه أعجبه غضبها العارم الذي يجعل منها كقطة شرسة لذيذة تشعرة بالتسلي والتلذذ: دي الليلة ليلتك يا عروسة ولازمن نچلعوكي على الاخر.

إبتلعت لعابها من هيئتة التي وبرغم غضبها العارم منه إلا أنه ما زال فارس أحلامها، مالك كيانها التي تتناسي حالها في حضرته ويذوب قلبها عشق من مجرد نظرة رضا داخل عيناه
وقف هو مهندم ملابسه وربط زر حلته ثم بكل وسامة وجاذبية بسط ذراعه بإتجاهها وفرد كف يده ناظرا إليها في دعوة منه صريحة لإصطحابها، وما كان منها إلا أنها بسطت يدها واضعه كفها الرقيق بين راحتيه وهي ناظرة لعيناه كمسحورة بجسد متخدر منوم منساق معه.

رفع يدها لأعلي ليحثها على النهوض فوقفت قبالته مسلوبة الإرادة وتحرك بها إلى حيث المكان المخصص لهما لجلسة التصوير
تحركت بجانبة و وقفا حيث مكانهما المخصص، وضع ذراعه حول خصرها ونظر داخل عيناها وذلك حسب ما طلبته منه المصورة،
غاص بعيناها وأردف قائلا بعيون مسحورة: يخربيت چمال عنيكي، كيف مشفتش لونهم اللي كيف موج البحر دي جبل إكده.

ومين اللي ضحك عليك وفهمك إنك عتشوف من الأساس يا متر، جملة ساخرة تفوهت بها صفا لتحرق روحه وترد له بعض من إهانته لها
كظم غيظه من حديثها وتوعد لها من بين أسنانه: جولت لك جبل سابج لسانك سليط، و وعد مني جطعة عيكون على يدي يا بت زيدان
إبتسمت ساخرة من حديثه مما إستشاط غضبه
تحدثت المصورة إليهما: يا ريت نبدل الوضع يا عرسان وبلاش كلام لو سمحتم وإهتموا بالنظرات أكتر.

وقف خلفها وجذبها بعنف حتى إلتصق بجسدها مما جعلها تهتز منتفضة، قرب فمه من اذنها وهمس بوقاحة: للدرچة دي هيهزك جربي منيك وممتحملاش
إستشاط داخلها وتحدثت بنبرة حادة: إنت جليل الأدب
قهقه برجوله وهمس من جديد باذنها: جلة الأدب اللي على حج هوريهالك فوج في شجتنا يا عروسة، متستعجليش على رزجك إكدة
ثم لفها من جديد وأمسك كف يدها ليأخذا وضع أخر لإتخاذ صورة اخري
إبتلعت لعابها وأنتفض جسدها رعب أثر تليميحاته الوقحة.

أما ذلك العاشق المذبوح المسمي ب فارس الذي سجن داخل حكاية غرامه الفائت، فاتخذ من الصمت والحزن مسكنه الجديد
نظر بعينان مستسلمتان وقلب يصرخ ألما وروح تئن وجع، على من ملكت روحه وأستحوذت على كيانه كاملا، حين بادلته تلك المتيمة نظراته باخري صارخة متألمة، إنها أشجان إبنة خالته بدور التي لم ولن يجد لها البديل بحياته، حتى وبعد أن تزوج وأنجب طفلته الجميلة إلا أن دائما للقلب أحكام.

وما كان حالها أفضل منه فقد شعرت بإنتفاضة داخل قلبها ورعشة سرت بجسدها بالكامل من مجرد نظراته، وبرغم انها تزوجت رغم عنها من إبن عمتها إلا أنها مازالت تتنفسه عشق
تزوجت وحملت في جنينها الأول وأنجبته عن قريب
نظرت إلية وأمالت برأسها قليلا وحدثته داخل نفسها، أسعيد أنت لما وصلنا إليه بفضل ضعفك وأستسلامك؟

لما تركتني فارس، لما لم تتمسك بي كما كنت دائما توعدني، أولم تقل لي لم أتركك مهما حدث، ما الذي حدث يا رجل حتى تسحب عهدك لي؟
كان يصرخ ألما من نظراتها الملامة التي جعلته يشعر بعجز مهين لرجولته.

فقط ليس هما من يتألمان وحدهما، كانت عيونها تراقب لقاء السحاب هذا بقلب يتمزق ألما، إنها عيون مريم التي تتمزق من الجهتين، السبب الاول وهو زوجها الذي لم يوليها أية إهتمام منذ أن تزوجها وإلي الأن، وعشقه الهائل لإبنة خالته الذي ما زال يستولي على قلبه بالكامل وذلك ما استشفته للتو من بين نظراته المتلهفه لها.

وما بين إعتقادها أنها لو تزوجت قاسم كانت ستحيي حياة طيبة على الأقل ان قاسم لم توجد بحياته إمرأة اخري ك فارس، وهذا ما تعتقده هي إلى الان
إنتهت جلسة التصوير الخاصة بالعروسان وتحرك بها قاسم متجه إلى المنزل كي تصعد هي إلى مسكنها الجديد ويعود هو إلى الإحتفال الخاص بالرجال الذي سيطول ما يتخطي الساعة.

كانت تتحرك بجانبه متشابكه الأيدي معه وعلى الجانب الاخر تتمسك بيد أبيها الحنون ومن خلفهم جميع نساء العائلة اللواتي يزفهن بالأغاني التراثية المتوارثة لدي نجعهم،
و ما أن إقتربوا من بوابة المنزل حتى وقفت الجدة وتحدثت إلى نساء النجع والعائلة بوجه صارم و هي تشير بيدها للأعلي: بكفياكم لحد إكدة، شرفتونا ونورتونا وعچبال عنديكم كلياتكم، يلا كل واحدة على دارها لجل ما العرسان يرتاحوا.

أماءت لها جميع الحاضرات و قاموا بإطلاق الزغاريد بحفاوة ثم أنطلقن كلن على دارها، وكاد قاسم أن يتحرك بجانب صفا إلى الداخل أوقفته الجدة قائلة بنبرة حادة: و إنت كمان يا قاسم بكفياك لحد إهني، سيب صفا مع أمها تطلعها الشجه وتطمن عليها براحتها وإنت عاود مع عمك زيدان لفرح الرچالة، زمان الضيوف عيسألوا عليكم
هز لها رأسه بموافقة ودلفت صفا بجانب ورد التي أمسكتها من يدها وعمتيها ونجاة وفايقة.

أما الچدة ما زالت واقفة بجوار قاسم وزيدان وفارس الذي لازم شقيقة ولم يتركه وحيدا في ليلتة
وكاد قاسم أن يتحرك أوقفه زيدان قائلا: إستني يا قاسم، عايزك في كلمتين
نظر لهم فارس وأستأذن منهم وتحرك عائدا إلى الحفل ووقفت رسمية تتابع ما سيقال.

أمسك زيدان كتف قاسم وتحدث بعيون متوسلة: أني إنهاردة ما سلمتكش بتي لا، أني سلمتك روحي، حتة من جلبي، سلمتك أغلي حاچة في حياتي كلياتها، بتي وبت عمري كلاته، جلب أبوها الزينة الغالية، خلي بالك عليها زين يا قاسم.

وأكمل بنبرة صادقة: طول عمري وأني بعتبرك كيف إبني اللي مخلفتوش، وعارف إنك عتحبني كيف أبوك، بس لو حج عتحب عمك زيدان صح وغالي عليك تحط صفا چوة عنيك، من إنهاردة إنت مش بس چوزها، لا، أني عايزك تبجا أخوها وأبوها وخليلها وكل دنيتها
واكمل بنبرة مختنقة بعبرة وقفت بحلقة وتحجرت بعيناة إمتثالا لأوامر كرامته: صفا غلبانة وملهاش لا أخ ولا أخت يا قاسم، عوضها وكون لها السند لجل ما أموت وأني مطمن عليها يا ولدي.

وهنا نزلت دموع رسمية الابية التي لم تزرفها من قبل حتى على أغلي الغوالي، نزلت تأثرا بحديث صغيرها الغالي التي حتى وان أظهرت جحودها وغضبها عليه إلا أنه مازال غاليها وصغيرها المفضل والمقرب إلى قلبها
إقتربت منه وأمسكت كف يده وشددت عليها كدعم منها سعد هو به وشعر براحة كبيرة عندما نظر لعيناها ورأي بهما نفس ذات نظرت الحب والحنان الذي إفتقدهما لسنوات.

عاد بنظره مرة اخري إلى قاسم الواقف متأثرا بتلك اللحظة وأكمل زيدان ومازال ممسك بكتف قاسم بكف يده مشددا عليه واليد الاخري تمسكها رسمية بدعم
زيدان مطالبا قاسم بوعد وقسم: أوعدني إنك هتحافظ على بت عمك وتصونها و تحطها چوة عنيك يا ولدي
إنتفض داخل قاسم متأثرا بحديث عمه الصادق الذي وصله من بين نبراته الصادقه، خوف الأب على إبنته خشية من تقلبات الزمان.

وما كان من قاسم إلا أنه أنزل كف عمه ومال علية مقبلا إياه بإحترام وتحدث بتودد و وعيد: اوعدك يا عمي، وعد عليا إني عمري ما هجرحها ولا ههينها وهكون لها بعد ربنا وبعدك الأخ والسند
وأكمل مبتسما: إطمن يا عمي
إبتسم له وأردفت رسمية قائلة لتطمئن ولدها: متجلجش على بتك يا زيدان، أبوك إختار لها قاسم مخصوص عشان عارف إنه راچل صح وهيعرف يصونها ويحطها في حبابي عنية.

أما بالداخل فمنذ أن دلفت صفا للداخل وتحركت بجانب ورد وعمتها متجهه إلى الدرج حتى اوقفتها فايقه التي سدت الدرج بجسدها وهي تقف وتضع يدها متحدثه بكبرياء: يلا يا مرت ولدي، ميلي وطاتي براسك وخطي من تحت يدي لچل ما أرضي عنيكي وتكوني تحت طوعي
جحظت أعين صباح التي تحدثت بحدة ناهرة إياها: كنك إتچنيتي يا مرة، بجا عايزة الدكتورة صفا بچلالة جدرها تميل وتخطي من تحت دراعاتك؟

هتفت ليلي وهي تربع ساعديها وتضعهما أمام صدرها: وهي عشان بجت دكتورة تتكبر على عوايدنا وسلو بلدنا إياك؟
وتحدثت بنبرة حادة أمرة: يلا خلصينا يا صفا وطاتي
تحدثت ورد وهي تلف ذراعها حول صغيرتها بحماية واحتواء و أردفت بنبرة غاضبة: عادات ماتت من زمان وإندفنت، جايه تحييها إنت وأمك دالوك ليه يا ليلي؟

أجابتها فايقة وهي ترفع من قامتها عاليا بتفاخر: أني واحدة بت عيلة وماسكة في العادات والتجاليد زين يا ورد، واني بجا مصممة بتك معتطلعش فوج غير لما تطاطي براسها وتعدي من تحت طوعي
تحدثت إليها نجاة بنبرة توسلية: إعجلي يا فايقة وفوتي الليلة على خير، أومال اني موجفتش لبتك إكدة ليه.

أجابتها بصرامة: إنت حرة في تصرفاتك يا نجاة واني كمان حرة، واني بجا كبرت في نفوخي وبت ورد مهتخطيش برچلها لفوخ غير لما تطاطي تحت يدي
إنتفض جسد فايقة من إستماعها لصوت رسمية التي صدح من الباب وهي تتحدث بصياح عالي: هي مين دي اللي عتاطي وتعدي من تحت يدك يا واكلة ناسك إنت، عتتشرطي على بت ولدي وتتحكمي فيها في بيت أبوها، كنك إدبيتي في عجلك يا مرة.

إرتعبت فايقة عندما نظرت إلى عمتها الغاضبة ويجاوراها زيدان بعيناه التي تطلق شزرا وقاسم بنظراته الملامة لوالدته
وتحدثت بتلبك: أني مطلباش غير الأصول والعادات يا عمه، ومحدش يجدر يغلطني في طلبي ده
تحدث إليها زيدان بنبرة حادة: فايقة، بلاش نبتديها عند ومكايدة من اولها عشان إنت معتجدريش على غضبي لو مسيتي شعرة واحدة من بتي.

تحدث قاسم إلى عمه كي ينهي الجدال الدائر: بعد إذنك يا عمي، إرچع إنت الفرح عند ضيوفك وسيب لي أني الموضوع ده واني هحله بهدوء
وأخيرا تحدثت صفا بنبرة غاضبة تنم عن مدي وصولها لقمة غضبها: وأني ممستنياش حد ياچي يحللي مشكلتي، أني كفيلة وجد حالي
وبحديثها الحاد إليه أستدعت غضب ذاك العصبي من جديد.

تلاشت نظراته المتوعدة لها ثم احالت بصرها إلى فايقة وتحدثت بقوة وصلابة ورأس شامخ مرفوع: بعدي يدك يا مرت عمي لجل ما أفوت، ولازمن تعرفي إن اللي بتعملية ده مفيش منية فايدة عشان لو السما إنطبجت على الارض أنا مهتاطيش، واكملت بكرامه: صفا زيدان مهطاطيش غير للي خلجها وبس، ولساته متخلجش اللي يخليني اطاطي راسي وأنحني له
تسلم البطن اللي شالتك ويسلم اللي رباكي يا دكتورة، كانت تلك جملة تفوهت بها رسمية بتفاخر.

ثم تحدثت بنبرة حادة: بعدي يا مرة وخلي ليلتك تعدي على خير وياي
شعرت بنار تسري بجسدها بالكامل لتشعله نار الهزيمة وخسارتها بجولتها الأولي أمام زيدان وإبنته
تحركت جانب وهي تنظر إلى صفا وورد وترمقهما بنظرات غاضبة تحت اشتعال قلب ليلي التي قهرت من إنتصار صفا عليها
وأمرت الجدة زيدان وقاسم بالرحيل وبالفعل تحرك
وانفض الاجتماع بعدما صعدت ورد وصباح وعلية بجوار صغيرتهم كي يطمأنوا عليها ويطمأنوا روحها.

ضلت نجاة وفايقة وليلي والجده التي تحدثت بحدة ناهرة إبنة أخيها وهي تشير إليها بسبابتها بتهديد: إسمعيني زين يا بت سنية وحطي الكلمتين بتوعي دول حلجة في ودانك لجل ما تتجي شري اللي إنت مش جده
إوعاك تجولي لحالك إني هستفرد ببت زيدان وأذلها لجل ما أنتجم فيها في اللي عملته أمها زمان لما زيدان فات اختك بدور بسببها.

واكملت بتحدي وهي ترمقها بنظرة حارقة: ده أنتي تبجي مخبلة وغلبانة جوي لو فكرتي إني هسيبك تمرمطي في بت ولدي واجف اتفرج عليك، إعجلي يا بت سنية وإحسبيها بعجلك وأشتري رضاي بدل ما أجلب على الوش اللي عمرك ما شفتيه، وساعتها عتتمني إن ربنا مكانش خلجك لجل ما ترتاحي من عمايلي السودة فيكي.

ورمقت الجميع بالغضب وتحدثت بأمر: ودالوك يلا فوتي منك ليها على المطبخ چهزوا الوكل اللي فايض من الطباخين لجل ما تخلوا البنات توزعوة على بيوت العيلة وعلى اليتامي والمساكين
وانسحبت لداخل غرفتها تحت إستشاطة قلب فايقة التي شعرت ولأول مرة بتخلي عمتها عنها وإصطفافها بالجانب المعادي لها.
داخل حفل الرجال الذي ما زال قائما، كان يجلس بعقل مشتت وقلب يشعر وكأنه كاد أن يتركه ويهرول إلى صغيرته كي يحتضنها ويضمها إلى صدره بشدة حتى يشعرها بالأمان، أحس بشعور سئ إنتابه من حديثه مع تلك العقرباء المسماة بفايقة، شعر بغدرها وانها تنتوي أن ترد له حقدها علية في إبنته.

إجتاحه شعور بالخوف عليها بجانب شعوره السئ الذي إنتابه منذ أن وجدها بين يداي قاسم وهي تتحرك بجانبه لتبدأ حياة جديدة بعيدا عن أحضانه الحانية التي طالما أغرقها بداخله وحاوطها بحنانه.

شعر به منتصر الجالس بجانبه، أمسك يده مربت عليها بمؤازرة وأردف قائلا بنبرة حنون: هون على نفسك يا زيدان، أني عيشت نفس إحساسك دي يوم دخلة مريم، عشان إكدة حاسس بيك ومجدر اللي إنت فيه يا أخوي، بس عزائك إن بتك بجت في عصمت راچل وأطمنت عليها.
كان يستمع إلى شقيقه، و يومئ له رأسه بصمت تام، حول عتمان بصره إلى نجلية وجد ملامح وجه زيدان يكتسيها الحزن ويخيم عليها
سأله بإهتمام: مالك يا زيدان؟

أجاب والده بنبرة صوت خافته مختنقة: سلامتك يا أبوي، دماغي واچعاني شوي من صوت المزمار.
تحدث إلية عتمان بنبرة حنون بعدما إستشف بفطانته سبب حزنه: طب جوم يا ولدي ريح جتتك في دارك، وأني كلها عشر دجايج وأخلي العريس يسلم على الرچالة ويطلع لعروستة وكل واحد يرچع لدارة وتنفض الليلة.
وكأنه كان ينتظر الإذن من والده فتحرك على الفور بإتجاة منزله أوقفه صوت يزن الجهوري وهو يناديه قائلا بإهتمام: على فين يا عمي؟

إلتفت إلية زيدان وتحدث بهدوء إلى إبن شقيقه الحنون الذي يعتبره إبنه الذي لم يحظي بإنجابه: هروح البيت لجل ما أريح راسي شوي يا ولدي.
ثم وضع كف يده على كتف يزن وتحدث: خليك ويا چدك ومتفتوش لحاله يا يزن، أجف مع العمال بتوع الفراشة والطباخين لحد ما يلموا حالهم وحاسبهم وإديهم بزياده يا ولدي، وأني هبجا أحاسبك، وأكمل مفسرا: ما تفتهومش منهم لعمك قدري، ما أنت خابره زين يدة ناشفة وهيغلبعم وياه في الحساب.

أومأ يزن لعمه قائلا بنبرة مطمأنة: من الناحية دي متشيلش هم يا عمي، چدي مديني فلوس كتير وجالي أحاسبهم وأديهم الطاج طاجين.
هز زيدان رأسه بهدوء وترك يزن وواصل طريقه، رفع يزن بصره وتطلع على شرفة جناح أميرته الجديد والتي سيشاركها قاسم مكوثها به من اليوم، إنخلع قلبه عندما تذكرها وتذكر عيناها وضحكاتها المرحة، أفاق حاله ونهرها على تفكيره بصغيرته التي طالما حلم بضمتها لصدرة لكنها أصبحت من اليوم محرمة عليه.

نظر على قاسم الجالس بجانب جده ويظهر على ملامح وجهه الإرتياح التام، فتنهد وعاد إلى الداخل ليواصل الترحاب بالضيوف ومضايفتهم بشكل يليق بحفل زفاف حفيد النعماني
في مكان جانبي يقف قدري ممسك بهاتفه الجوال الذي تلقي منه مكالمة في الحال بإسم الحاج إدريس، وهو الإسم الذي اطلقه على ماجدة كي لا تكتشف فايقة حقيقة أمر زواجها عليه.

تحدث بإبتسامة وهو يرفع قامته بشموخ: وأني كمان إتوحشتك جوي يا ماچدة، إتوحشت چلعك يا بت.
علي الطرف الأخر اطلقت ماجدة ضحكة خليعة وتحدثت بتشويق لإثارته: دلعي ودلالي موجودين وفي إنتظارك يا سيد الناس، بس إنت تعال وشوف ماجدة هتعمل لك إيه.
قالت كلماتها بدلال أشعلت جسد ذلك الأبله الذي تحدث بإشتياق: يا أبوووووي على حديتك اللي كيف المرهم، من صباحية ربنا هتلاجيني واجف جدامك لجل ما أشوف چلعك لراچلك.

ضحكت وتحدثت بنبرة صوت مثيرة: هستناك على نار الشوق يا سيد الناس، وأكملت بتذكير: بس متنساش وإنت جاي تجيب لي معاك هديتي لتمام المراد
وهنا إقشعرت ملامح وجهه وأنكمشت كحاله الدائم عندما يطلب منه أحدهم إنفاق المال الذي يعشق تكنيزه بشكل مرضي
وتحدث موبخا إياها: أباي عليك يا مرة وعلى طمعك، مهتشبعيش طلبات يا واكلة ناسك.
وأكمل مذكرا إياها: أني مش لسه من سبوع واحد شاري لك خاتم دهب؟

أما تلك الطامعة عاشقة المال وأقتناء الجواهر فقررت ان تستغل ذكائها كأنثي لتهدأت ذاك الثائر وإجباره على الإنصياع لتنفيذ طلباتها التي لا تنتهي
فتحدثت قائلة بنبرة أنثوية مهلكة: ومطمعش ليه، هو أنا متجوزة أي راجل، ده أنا متجوزة سيد الرجاله كلها اللي عايشة في حمايته وتحت جناحة، وبعدين الهدية بتقيس مقام الناس و إنت مقامك عالي، عالي أوي يا مالك القلب والروح،.

وأكملت بدلال اشعلت به كيانه: لما تيجي بكرة هتعرف إن مال الدنيا كله ميسويش الدلع اللي هتشوفه على إدين ماجدة حبيبتك.
إشتعلت نارة من حديثها المشوق وتحدث بضحكة سعيدة: إذا كان إكدة يبجا مش خسارة فيكي الهدية.
أطلقت ماجدة ضحكتها الخليعة من جديد زادت بها من إشتعال ذاك المراهق المتصابي.

دلف زيدان إلى داخل منزله ومنه إلى غرفته، جلس على حافة فراشه و أمال وجهه للأسفل واضع رأسه ببن كفي يداه، وبعد مدة دلفت إلية ورد التي أتت منذ القليل بعدما إطمأنت على وضع صغيرتها وتركتها لإستقبال عريسها
تحركت إليه وجلست بجواره تتحسس يده بإطمئنان متسائلة: مالك يا زيدان، فيك إيه يا أخوي؟

رفع رأسه وما أن رأها حتى إرتمي لداخل أحضانها وكأنه طفل كان تائهه من والدته داخل ساحة معجوئة بالبشر وبلحظة رأها تتحرك بإتجاهه
شعرت ورد بتيهت مشاعره فشددت من ضمته أكثر وتحدثت وهي تتحسس ظهره متسائلة بحنان: مالك بس يا حبيبي، طمني عليك يا نضري.
أخرج تنهيدة شق بها صدر معشوقته وتحدث وهو ما زال داخل أحضانها متشبث: معارفش لو جولت لك اللي چواي هتفهميني ولا لا يا ورد.

أجابته بنبرة مشجعة: جول وخرج اللي چواك وأني أكيد هفهمك يا حبيبي.
خرج من بين أحضانها وتحدث بنبرة حائرة منكسرة: مجادرش اتجبل إن بتي، بت جلبي اللي عشت عمري كلياته وأني شاجج صدري ومخبيها چوة ضلوعي لجل ما أحميها من الدنيي كلياتها
واسترسل حديثه بألم تملك من ملامحه وظهر بداخل عيناه: أچي إنهاردة وبكل بساطة إكدة أسلمها بيدي لراچل غريب لجل ما تنام في حضنة ويقتحم حصونها العالية.

إتسعت عيناها بذهول مما إستمعته منه وتحدثت إلية بعدم تصديق: إيه كلام المخربت اللي عتجولة ده يا راچل، هو أنت كفانا الشر سلمتها لواحد من الشارع؟!
ده چوزها وحلالها يا زيدان
أغمض عيناه بإستسلام وفرك وجهه بكف يده بإرهاق ثم تحدث قائلا: غصب عني يا ورد، مجاديرش أتجبل الفكرة.

تحدثت بمرح كي تخرجه من حالته تلك بعدما إستشعرت مدي حساسية الموضوع بالنسبة له: أباي عليك يا زيدان، مالك جلبتها نكد إكدة يا راجل، ده بدل ما تدعي لها بإن ربنا يهدي سرها ويسعدها ويا چوزها تعمل إكدة!
وبعدين زعلان جوي على بتك، أومال يوم فرحنا مزعلتش عليا ليه؟
ضيق عيناه وأجابها: بس إنت مكتيش بتي يا ورد.

ضمت شفتاها بحزن فتحدث كي يخرجها من حالتها: كنتي حبيبتي وحلمي اللي مصدجت إني أطولة بيدي وأشج صدري واخبيه چواتي
إبتسمت له وبدأت هي بحديث العشاق لتجعله مندمج مع حبيبته كي يتناسي أمر حزنه وبالفعل حدث رويدا رويدا.

أما قاسم فقد خطي بساقيه داخل مسكن الزوجية المخصص لهما بعد إنتهاء حفل الرجال، صوب ببصره إلى باب الغرفة المخصصة لنومهما معا
ساقته قدميه وتحرك بخطي سريعة حتى وصل لغرفتها وطرق الباب بخفة وأنتظر الرد، مر الوقت ولم يستمع إلى صوتها بالسماح له بالدلوف، تنهد بأسي ثم فتح الباب بهدوء وطل عليها برأسه، ثم دلف وأغلق خلفه الباب.

نظر عليها وجدها تجلس على طرف الفراش المخصص لهما منكسة الرأس تنظر لأسفل قدميها ومازالت ترتدي ثوب زفافها الذي جعل منها أميرة في يوم تتويجها
تحرك إليها محمحم لينظف حنجرته وتحدث بنبرة صوت جهورية مخبأ بها مشاعره الجياشة التي تطالبه بالإقتراب: مغيرتيش فستانك لحد دلوك ليه؟
إنتفض جسدها حين إستمعت لنبرة صوته وأجابته بثبات وهدوء حاولت جاهده كي تظهر به: هغيره بعد شوي.

هز رأسه بتفهم وتحرك إلى المنضدة الموضوعة بوسط الغرفة ورفع عنها الغطاء ليتطلع على الطعام المجهز خصيصا لليلتهما المميزة، ثم حول بصره إليها وأردف قائلا بهدوء كي يخرجها من حالتها تلك: طب يلا عشان ناكلوا لجمة سوا.
مليش نفس، كلمات قالتها بإقتضاب ونبرة جامده وهي تتطلع أمامها في اللاشيئ
أجابها بثبات وتأكيد: مهينفعش يا صفا، لازمن تاكلي عشان تصلبي طولك.
نظرت إليه بقوة وتساءلت بنبرة صوت حاده: بالغصب إياك؟!

رد سريع وهو ينظر لداخل عيناها بثبات وقوة وحديث ذات مغزي ومعني: لا، بالرضا يا بت عمي.
إرتبكت لعلمها مقصدة فتحدث هو بنبرة هادئة: لازمن تاكلي عشان نتمموا مهمتنا بسلام من غير ماتتعبي
إنتفض جسدها وأرتعبت وزالت قوتها الواهية التي تتمسك بها لتظهر بذاك الثبات أمامه وتحدثت بنظرات رعب سكنت عيناها: مهمة أيه اللي عتجول عليها دي؟!

وأكملت بنبرة صوت حاده: لا أنت بتحبني ولا أني ريداك و لا حتى طايجاك، يبجي لزمته أيه الموضوع ده من الأساس؟
إستمع إلى كلماتها وحالة من الغضب تملكت من جسدة وأشعلته، شعر بطعنة برجولته وكبريائة من تلك الكلمات الحادة الرافضة لرجولته وتحدث بنبرة حاده صارمة: وهي الحاچات دي بالحب إياك يا دكتورة؟
ضيقت عيناها وتساءلت بإستغراب: أومال بأيه إن شاء الله؟

رد عليها بقوة وصلابة: بالعادات وبالتجاليد، ناسية إياك إن حريم الدار هياچو من النجمة لجل ما يطمنوا عليك؟
وأكمل بإبتسامة ساخرة ونظرة وقحه ذات معني: عاوزه تسوئي سمعتي جدامهم يا صفا؟
أزاحت عنه بصرها خجلا وأقشعر بدنها من وقاحته معها
إقترب منها وتحدث بهدوء وتعقل: إسمعيني زين يا بت الناس، ظروفنا وطبيعة عيلتنا حططنا أنا وإنت في موجف لا نحسد عليه ولازمن نكملو في طريجنا اللي إنجبرنا نمشوا فيه للأخر.

وجهت تساءلها له بنبرة جادة: بس إحنا إتفجنا جبل سابج إن چوازنا مهيكونش أكتر من ورجة مش ملزمين ننفذ اللي مكتوب فيها؟
أجابها بهدوء محاولا إقناعها: إيوة بس أهالينا ميعرفوش عن إتفاجنا ده حاچة، ده غير إن الموضوع ده لازمن يتم يا صفا، ده حلال ربنا وشرعة يا بت الناس
وأكمل بنبرة ذكورية بحتة: أني راچل ولازمن أتمم چوازي عليكي حسب الشرع والأصول، ولازمن تحطي في بالك إن إحنا معيشينش لوحدينا إهني.

وأكمل بوعد صادق أو هكذا خيل له: وأوعدك إني مهجربش منيكي تاني واصل وهكون جد إتفاجي السابج وياكي
إسترسل حديثة وتحدث قائلا وهو يشير إلى تلك المنضدة من جديد: بس تعالي اللول ناكل لجمة مع بعض
رفضت بقوة وهتفت قائلة بنبرة حادة غاضبة: جولت لك معيزاش.

غضب من إسلوبها الحاد وهتف بنبرة أكثر حدة وهو يتناول بغضب منامته الموضوعة بعناية فوق الفراش: إنت حرة، أنا طالع أغير في الصالة على ما تغيري فستانك، عشر دجايج وراجع لك تكوني جاهزة، مفهوم؟
قال كلماته الأمرة وبسرعة البرق إختفي من أمامها، إنتفض داخلها وتحركت سريع مهرولة لتبديل ثيابها قبل عودته.

وقبل إنتهاء العشرة دقائق كان ذاك المتسرع يدق بابها، خطي للداخل وبلحظة إتسعت عيناه بذهول وتسمر مكانه حينما وجدها أمامه بهيئتها المهلكة لرجولته والمحطمه لحصونه الهاوية
فتح فاهه ببلاهه واتسعت عيناه بذهول وهو يراها ترتدي ثوب رقيق قصيرا للغاية ذو حمالات رفيعة وصدر مفتوح يظهر جمال واستدارت نهديها الأبيض بهيئة مهلكة أحرقت روحه بالكامل.

ثوب يظهر أكثر مما يستر كانت قد وضعته لها والدتها فوق الفراش خصيصا لتلك الليلة المميزة لكل فتاة، وأرتدته تلك التائهة دون تفكير أو إدراك منها بأنها وبذاك الثوب ستسكب مادة سريعة الإشتعال فوق نار ذاك القاسم فتلتهب ناره أكثر وأكثر
سال لعابه بشدة حين وجدها أمامه بتلك الهيئه طالقه العنان لشعرها الحريري بلونه البني ذو الطلة الساحرة الخاطفه للأبصار والأنفاس.

تحرك إليها مسلوب الإرادة ودون إدراك منه وكالمسحور وقف مقابلا لتلك التي تفرك يديها بتوتر يظهر له، مرر بصره فوق مفاتنها يتفقدها وهو يبتلع سائل لعابه بطريقه أخجلتها وجعلتها تلعن غبائها الذي جعلها ترتدي ذاك الثوب المثير دون إدراك أو وعي منها وكأنها كانت مغيبة وبلا عقل حين إرتدته.

كالمغيب وضع كفي يداه فوق كتفيها يتلمس بشرتها الحريرية برقة، أثارته نعومة بشرتها اللينة وقربها منه ثم مال بطوله الفارع عليها أذابته رائحة جسدها العطره وأشعلت ناره، وكاد أن ينهال على شفتاها المكتنزة بلونها الوردي لينهل منهما ويشرب ويتذوق من شهدهما المكرر
وضعت يداها سريع على صدره كسد منيع وأبعدته بحده وتحدث كبرياء الأنثي بداخلها: ملوش لزوم لكدة يا ولد عمي.

جاهدت حالها بصعوبة كي تخرج تلك الكلمات الصعبة على قلبها المتيم بغرام ذلك الفارس، فكم من المرات التي تمنت وحلمت بحدوث تلك اللحظة بذاتها ولكن ليست بتلك الطريقه وهات الظروف.

كم تمنت أن يضمها لصدره الحنون ويوشي بجانب اذنها ويسمعها أعذب كلمات الهوي وأجملها، ويجعلها تذوب وتتهاوي بين يداه ليحملها بين ساعدية القويتان ويضمها لصدره ويتحرك بها إلى فراشهما لينعما معا بأولي جولاتهم العشقية الحلال- ولكن للأسف- ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.

ثم نظرت إليه بصلابه مصطنعه بصعوبة وهتفت بنبرة حاده ردا على كلماته المهينه لإنوثتها الذي تفوه بها منذ القليل: وزي ما أنت جولت من إشوي، إنها مهمه ولازمن نخلص منيها
ضيق عيناه ونظر إليها بإستغراب وتحدث بتساؤل وهو يداعب لسانه بشفتاه: بس إكده نبجوا زي الحيوانات يا دكتورة!
نظرت له بصلابه مصطنعه وتحدثت بقوة زائفة وهي ترمقه بنظرة إشمئزاز: وتفتكر إن فيه فرق؟

إستشاط داخله من حديثها الذي جعل الدماء تغلي داخل عروقه وأنتفض العرق الصعيدي بداخله، وتحدث وهو يدفعها بحده ليجعلها تتهاوي، سقطت أثر دفعته القوية فوق الفراش بقوة، رفعت بصرها ونظرت إليه بذهول تستوعب فعلتة بعدما أزاحت بيدها خصلات شعرها الذي تناثر أثر دفعته القوية لها
فتحدث هو بنبرة حاده متوعدا إياها: طبعا فيه فرج يا بت عمي، وفرج كبير جوي كمان، ودالوك هعرفك معاملة الحيوانات كيف بتكون.

إرتعب داخلها وأقدم هو عليها وهو ينتزع عنه ثيابه ويلقي بها أرض بعنف وغضب، لينهي إدعائة لتلك المهمه التي ما أن بدأ بها وغاص حتى تحول غضبه منها وحدته إلى منتهي الحنان والرقة رغم عنه وذلك بعدما لمح رعبها منه بعيناها الفيروزية التي جذبته بطريقة مثيرة حتى أنه شعر وكأنه ولأول مرة يراهما من شدة سحرهما.

قربها من صدره بحنان وضمها إليه وأوشي بجانب اذنها كي يطمئن روعها، مما جعل القشعريرة تسري بداخل جسدها وتخدره: إهدي يا صفا ومتخافيش مني، أني مهأذكيش
وبرغم حديثه اللين إلا أنها ما زالت مرتعبه منكمشة على حالها وتشعر بإهانة لا مثيل لها
إبتعد عنها وتحدث متراجع بنبرة جادة متحاملا على رغبته كثيرا وذلك كي يهدئ من روعها: لو معيزاش جربي دي أني هبعد ومش مهم نتمم الموضوع.

وأكمل بنبرة حنون: وأني كفيل إني أجف جدام اللي عيتكلم ويسأل عن الموضوع دي، أساسا محدش ليه صالح بينا، دي حاچة بيناتنا.
هزت رأسها بإعتراض خشية على والدتها من حديث فايقة التي حتما ستحشر أنفها داخل الموضوع، وأجابته من وسط خجلها القاتل وشعورها بالإهانة الذي ينتابها: خلصني يا قاسم، وزي ما انت جولت من إشوي إحنا معيشينش لحالنا في الدار.

وما أن إستمع لحديثها حتى عاد يتابع ما كان مقبلا عليه غائص في بحر عسلها الذي قاوم الغرق به لكن رغم عنه وجد حاله يغوص ويغوص بمنتهي الإستمتاع واللذة
بعد مدة ليست بالقليلة إعتدل بجانبها ونظر لها بعيون لامعه وتحدث بنبرة حنون وبأنفاس لاهثة متقطعة وهو يتفقد ملامحها بحنان: مبروك يا صفا.
ثم أكمل بتساؤل متلهف عليها: إنت زينة؟
حاسه بحاچة وچعاكي؟

تماسكت كي لا تنفجر دموعها أمامه وتظهر له كم هي هشة، ضعيفه، لم تجيبه ولم تنظر إليه من الأساس وتحركت من جانبه سريع وهي تلملم ثوبها الفاضح وتستر به جسدها وأسرعت هاربة داخل المرحاض وعلى الفور أوصدت الباب خلفها
نظر بجنون على طيفها وهو يلهث بأنفاس متقطعة وشعور غريب عليه يجتاح عالمه ولأول مرة، أهذا هو الزواج؟

حدث حاله بسعادة، ما هذا الشعور الذي إنتابني وتغلغل داخلي وزلزل كامل كياني، كيف لهذة الصغيرة أن تكون بكل تلك الأنوثه المتفجرة وكيف لها أن تنقل لي هذا الشعور الرائع.

أما تلك البريئه معدومة الحظ التي وما أن دلفت لداخل المرحاض وأوصدته حتى جرت إلى صنبور المياه وفتحته كي لا يستمع إلى صوتها الباكي، وبعدها إرتمت على أرضيته بإستسلام وخضوع، وضعت يدها فوق فمها وبدون سابق إنذار إنفجرت دموعها التي جاهدت حالها وهي معه كي لا تنهار وترتمي داخل أحضانه التي طالما حلمت بها وبضمتها إليه،.

بكت حينما تذكرت رائحة جسده العطرة التي تغلغلت داخل أنفها وهزت كيانها، لطالما تخيلتها وتمنتها، بكت على حبيب وحلم ضاع وتقطعت أوصاله، بكت على كرامتها التي دهست تحت قدماه بعقد رسمي وشهادة الجميع علية، وأكمل هو على ما تبقي منها الأن وهو يدك حصونها العالية بلا أدني رحمة أو إنسانية
ضلت تبكي لوقت طويل لا تعلم مدته حتى إستمعت إلى طرقات خفيفة فوق الباب ولصوته المنادي بحنان الذي أربكها: صفا، إنت كويسه؟

مسحت دموعها وتحدثت بنبرة صوت حاولت بها التماسك: أني كويسه، شوي وخارجة.
ثم تحركت إلى حوض الإستحمام ونزعت عنها ثوبها وألقته فوق الأرضية بحده ونزلت تحت صنبور المياه التي إنهمرت فوقها وأختلطت بدموعها المقهورة على شعورها بالخزي والمرارة والخزلان
بعد مده خرجت ترتدي مأزر الحمام (البرنس) وهي خجلة للغايه وممسكة فتحة صدرة تغلقها بكف يدها، وذلك لعدم تذكرها لأخذها ثياب معها للداخل.

نظر إليها بعيون متسعه مزبهلة من شدة جمال تلك البريئة الصافيه التي ما زادها البكاء إلا جمالا، حيث ساعد البكاء مع الماء الساخن على إحمرار أنفها وخديها بطريقة مثيرة، أما شفتاها، فا اه من شفتاها الكنزة فحدث ولا حرج
إبتلع لعابه من هيئتها وتساءل بإهتمام: إنت كويسة؟
هزت رأسها بإيمائة خفيفه وأحالت بصرها عنه، وصلت إلى خزانة الثياب وأختارت منامة محتشمه بأكمام ودلفت إلى المرحاض من جديد.

أما هو فحمل تلك الصنية الموضوعة فوق المنضدة وتحرك بها واضع إياها داخل المطبخ. وتحرك من جديد إلى غرفة النوم
بعد مده خرجت وصففت شعرها وأتجهت إلى التخت أخذت وسادة وأتجهت بها إلى الأريكة
تساءل هو متعجب: بتعملي أيه يا صفا؟!
أجابتة بصوت ضعيف واهن منكسر: زي ما أنت شايف، بچهز نومتي.

تحرك حتى وصل لوقفتها وتحدث بهدوء ونبرة حنون: أني عارف إنك زعلانه مني بسبب اللي حصل بيناتنا من شوي، بس أني بردك معزور يا بت عمي، وأكمل بنبرة طغي عليها الندم فحقا قادته غريزته التي إنتصرت على إنسانيتة ولكن إنتهي الأمر وحدث ما حدث: أني أسف على الطريجة اللي كلمتك بيها وكمان أسف على المعاملة، بس إنت اللي نرفزتيني يا صفا و وصلتيني لكدة.

وأكمل بدعابه كي يخرجها مما هي علية: فيه واحدة بردك تجول لراچلها ليلة دخلتة إنه كيف الحيوان؟
وأكمل متسائلا بعيون حانية ونبرة صوت أشعلت قلبها العاشق: أني حيوان يا صفا؟

كانت ترفع قامتها وتنظر إليه وهي تائهه في سحر عيناه الغميق التي ولأول مرة تراهما عن قرب، حقا حبيبها يمتلك جاذبية لا تقاوم، ثم وضع يده وأمسك خصلة كانت هاربة من شعرها الذي تحول من الحريري إلى الغجري بفضل المياة وأرجعها خلف أذنها وتحدث بهدوء: تعالي نامي چاري على السرير ومتخافيش على حالك مني.
وأكمل بعيون حانية أهلكت حصونها: صدجيني مهجربش منيكي تاني ولا هضايجك.

كانت شاردة داخل عيناه ونبرته الحنون وكأنها تناست أمر حالها وما جري لها على يده منذ القليل
أمسك يدها وسحبها بكل هدوء وتحدث وهو يمددها فوق التخت وكأنها مسلوبة الإرادة: نامي يا صافي.
تمددت وغمرها هو بالغطاء الحريري الصيفي وتحرك إلى الجهه الأخري وتمدد بجوارها، وضع رأسه فوق الوسادة ليقابلها ثم وضع كف يده فوق وجنتها وتلامسها بنعومه أهلكت حصون كلاهما ولكنه نفض من رأسه تلك الأفكار التي إجتاحت رأسه.

وتحدث بنبرة صوت ناعمة: تصبحي على خير يا دكتورة.
حمحمت وأخرجت صوتها بصعوبة بالغة قائلة: وإنت من أهله.
وبعد مدة بسيطة غاصت بنومها من شدة توترها طيلة اليومين المنصرمين وأيضا تعبها، وكأنها كانت تحتاج للهرب من أمام عيناه لتنأي بحالها من براثن عشقه المدمر لقلبها
نظر لها بعيون حزينه وحدث حاله، سامحيني صفا فيما سأفعله، فالعقل تحكمة العادات والتقاليد، أما القلب فحكمة الوحيد هي المشاعر لا غير
سامحيني.

داخل مسكن فارس، خطي بساقيه للداخل حتى وصل لغرفة نومه وفتحها بهدوء ولكنه تفاجئ حين وجدها خالية من وجود مريم، قطب جبينه بإستغراب وتحرك للخارج للبحث عنها وفتح باب غرفة الأطفال فوجدها تتسطح فوق إحدي الأسرة تحتضن صغيرتها التي تغفو بأحضانها.

نظر عليهما وتنهد بحزن وأغلق الباب من جديد ومضي في طريقه للعودة إلى غرفته، ليغفوا لحاله بصحبة أحزانه التي أصابته عندما رأي حبيبته السابقة وما شعره من مرارة عندما رأها أمام عيناه
أما تلك المتسطحه التي اوهمته انها غافية ففتحت عيناها وبدون سابق إنذار إنهمرت دموعها من جديد فوق وجنتها بمرارة وقلب يتمزق على ما وصلت إليه اليوم من إهانة زوجها لها وهو ينظر على إبنة خالته بحالة مخجلة، غير عابئ لوجودها بالمرة.

أما داخل غرفة فايقة
دلف إليها قدري في وقت متأخرا من الليل وذلك لوقوفه مع العمال وهم يضبضبون أشيائهم ليرحلوا، أعطي يزن لكل فريق منهم حساب مهمته وانصرفوا وصعد هو
نظر على حبيبته الجامحة وجدها تغط في ثبات عميق، خلع عنه ثيابه وتوجه إليها مباشرة دون حتى الإغتسال، تمدد بجانبها وبدأ يتحسس جسدها برغبة جامحة.

إنتفضت من نومتها ونظرت إلية بذعر وتحدثت بنبرة حادة بعدما رأت الرغبة داخل عيناه: عاوز أية يا قدري الساعة دي؟
تحدث إليها بنبرة متلهفة وهو يقترب منها أكثر: عاوزك يا فايقة
نفضت يده عنها بعنف وهتفت بنبرة صارمة وملامح وجه مكشعرة: بعد يدك عني وروح إسبح بريحتك دي وأبجا تعالي نام.

وأكملت وهي تتثاوب بنعاس وتتمدد وتعود لوضع نومها من جديد: سيبني أنام واوعاك تجرب مني يا قدري، أني همدانه وتعبانه طول النهار ومصدجت فردت جتتي على السرير
كان يستمع لها والغل ينهش داخل صدره من رفضها المستمر لقربه منها، أحكم قبضة يده بغل فوق ذراعها وتحدث وهو يجبرها على الإلتفاف والنظر إلى وجهه: إنت إية حكايتك اليومين دول يا حرمة، سايجه العوج عليا وشغلالي في اللزرق لية يا بت سنية؟

وأكمل بحدة وهو ينهرها ويهزها بعنف: عليا اليمين لو ما أتعدلتي لتچوز عليكي وأجهرك وسط حريم الدار
جحظت عيناها من هول ما استمعته وتحدثت بفحيح كالأفعي: إتچنيت إياك يا قدري؟
وأشارت على حالها بعدم تصديق: عتجولي أني الحديت دي، ده بت الرچايبة اللي كيف الأرض البور چوزها مرضاش يجهرها ويچيب لها ضرة وجعد بطولة في الدنيي من غير عيل ولا تيل.

وأكملت بكبرياء وتفاخر: جوم أني، فاااايقة بت النعمانية اللي چايبة لك بدل الراچل إتنيين يسدوا عين الشمش تهددني وتجولي إكدة؟
أجابها بفحيح ونبرة رجل مهان على يد إمرأته: وهو بخلفة العيال إياك، روحي شوفي بت الرچايبة اللي عم تتمسخري عليها كيف بتعامل راچلها، دي عاملة خدها مداس ليه لجل ما يمشي ويتعزز عليه.

عشان دي متچوزة زيدان النعماني، مش أي راجل والسلام، جملة عقيمة تفوهت بها فايقة دون وعي وهي ترفع قامتها للأعلي بتفاخر
وكان عقابها صفعة مدوية لطمت بها بشدة من ذلك الغاضب الذي أمسك بمجموعة خصلات من شعرها وبات يهزها بعنف ويتحدث بفحيح كالأسد الذي إنقض على فريسته: وإنت بجا اللي متچوزة راچل والسلام يا واكلة ناسك؟
صرخت بتألم وهو يهزها بعنف من خصلات شعرها وتحدثت بتألم: سيب شعري يا قدري عتخلعه في يدك.

وأكملت بنبرة زائفة كي ترضية ليتركها: أني مجصديش اللي جه في بالك، وأجصدة كيف و إنت في نظري سيد الرچالة كلياتهم
وما أن إستمع لجملتها حتى لانت عضلات جسدة المتشددة و هدأت غضبتة قليلا، لانت قبضة يدة من فوق خصلاتها وتحدث إليها بأنفاس لاهثة وهو يقف: أني داخل الحمام أسبح، أطلع ألاجيكي مستنياني وعلى سنجة عشرة، فهماني يا واكلة ناسك؟

دلف هو للداخل أما هي فمدت يدها و جففت دموعها التي هبطت من ألم صفعته القوية التي علمت على صدغها، وجذبه لخصلات شعرها، . وقفت وتجهزت كما أمرها كي لا تستدعي غضبه مرة أخري
وبعد مدة كان يجاورها الجلوس مبتسم وتحدث إليها: ياااااه، أخيرا نفوخي راج من موضوع چواز قاسم من بت زيدان، حاسس إني ملكت الدنيي كلياتها إنهاردة.

كانت تستمع إلية بملامح وجه مكشعرة مبتعده بنظرها بعيدا عنه فتحدث هو إليها: معترديش عليا ليه يا حرمة، الجطة كلت لسانك إياك؟
وكأنه بحديثه هذا قد ضغط على زر إنفجارها بعدما فقدت صبرها وتحدثت بنبرة غاضبة: إنت عاوز إية مني في ليلتك اللي مفيتاش دي يا قدري، مش كفاية إنك مديت يدك على لأول مره في حياتك وخدتني جبر، لا وكمان مستني مني أرد عليك واتحدت وياك عادي وكأن مفيش حاچة حصلت.

تنهد ووضع يده فوق ساقها مربت عليه وتحدث إليها: وكنتي عوزاني أعملك أيه بعد رفضك ليا بالشكل ده.
تجوم تهددني بإنك تچيب لي ضرة ويوصل بيك الحال إنك تضربني يا قدري؟ جملة تساءلت بها فايقه بنبرة لئيمة
فأجابها بنبرة غائرة: أني مضربتكيش غير لما لجيتك بتتحدتي عن راچل غيري إكدة.

وأكمل بعيون حقا عاشقة وبجنون: أني عشجانك ودايب فيكي دوب يا فايقة. ، وإنت سايجة الدلال عليا بجالك ياما وأني كل مرة أديكي العذر وأجول يا واد أصبر وأتحمل چلعها، بس كل شيئ وليه أخر يا فايقة
نظرت إلية بملامح غاضبة وتحدثت بنبرة صارمة: أول وأخر مرة تعمل فيا إكدة يا قدري، وإلا قسما عظما أسيب لك البيت وأروح أجعد عند أمي، فاهم يا قدري.

إقترب منها وسحبها لداخل أحضانه تحت نفورها منه وتحدث هو: حاضر يا مالكة الروح، بس إنت كمان راعيني شوية عن إكده.
تنفست بهدوء، وهزت له رأسها مجبرة وشدد هو من إحتضانة لها.

في ظهر اليوم التالي داخل منزل الحاج عتمان، دلفت ورد إلى منزل عتمان بجوارها صباح وعلية والعاملات لديها والأقارب وهن يحملن فوق رؤسهن صواني مستديرة يضعن فوقها كل ما لذ وطاب من أكلات شهية وحلوي وفاكهه كما هو العرف في بلدتهم.

وما أن دلفن للداخل حتى قمن بإطلاق الزغاريد العالية، خرجت على أثرها فايقه من المطبخ والتي تحدثت إلى ورد بإبتسامة مزيفه ونبرة تهكمية: مبارك على بتك زينة شباب النعمامية كلاتهم يا سلفتي.
نظرت لها ورد وردت بنفس نبرتها التهكمية: المفروض أني اللي أجول لك مبارك على ولدك بفوزة بست الصبايا يا ام قاسم.

أسكتهما صوت رسمية الجهوري التي أتت من غرفتها قائلة بنبرة صارمة كي توقف تلك المهزلة: چرا لك أيه يا حرمه منك ليها، بدل ما أنتوا جاعدين ترموا على بعضيكم إكده نزلوا الصواني من على روس الحريم اللي واجفة دي
همت صباح وعلية إنزال الصواني وادخلوها إلى المطبخ
وبقي الصنيتان الخاصة بطعام العروسان.

حين أكملت رسمية بنبرة قويه أمره: وإنت يا ورد، خدي صباحية العرسان لفوج و إطلعي إطمني على بتك وخليها تدلي لجل ما تسلم على حريم وبنات العيلة.
أومأت لها بطاعه وأردفت قائلة بنبرة هادئة نالت بها إستحسان رسمية: حاضر يا مرت عمي.

وتحركت حتى إقتربت من الدرج لتصعده ثم ألقت ببصرها على فايقة الواقفة بجانب درابزين الدرج تداري وجهها بكف يدها، وضيقت عيناها مدققه النظر على خدها وتحدثت بنبرة ساخرة بعدما تأكدت ظنونها عندما وجدت علامات لأصابع يد بشرية: سلامة خدك يا أم قاسم؟

إقتربتا عليهما علية وصباح التي تحدثت إلى فايقة بنبرة ساخرة بعدما رأت ظهور أصابع قدري على صدغها: طول عمري واني بسمع عن الكف الخماسي إلى عيلوح رجبة اللي عيتلافاه، أول مرة أشوفة على الطبيعة، وعلى مين؟
علي فايقة المستجوية؟
واكملت ساخرة: هي الجطة كلت عيالها ولا إية ولاد!
ثم اطلقت صباح ضحكة ساخرة، في حين تحدثت عليه قائلة بإستحسان: أهو أني إكدة يدوب إطمنت على قدري أخوي.
ضحكتا صباح وعليه.

أما ورد التي كظمت ضحكتها لعدم إثارت غضب فايقة وذلك لأجل إبنتها، إنسحبت وصعدت لتطمأن على صغيرتها
أما عن فايقة فقد إتخذت نصيبها من الصمت وتحركت لداخل المطبخ بغضب لعدم وجود إجابه لديها، فمنذ الأمس وهي تحاول بكل ما استطاعت إزالة أثار أصابع ذاك الثور ولكنها بائت جميعها بالفشل، فكظمت غيظها من ذاك الثلاثي المرح متوعده لهم برد الصاع صاعين في القريب.

تملل بنومته الهنيئة وفرد ذراعية يتمطئ براحة وما زال مغمض العينين، شعر بإحساس غريب، شعور بالراحة والطمأنينة، هدوء وسكينة تجتاح كيانه بالكامل حتى أنه إستغرب حاله، فهو من الأشخاص الذين يشعرون بمزاج سيئ عند الصباح بدون أسباب.

تمطئ بجسده من جديد وبدأ بفتح عيناه بهدء رويدا وفجأة إتسعت بشدة وانتفض من نومته ورفع قامته مستندا بساعده على الوسادة وبات يدقق النظر لذاك الملاك النائم بجواره، شعر برعشة هزت جسده بالكامل وفرحة لم يعلم مصدرها إقتحمت قلبه
وها هو الان إكتشف سر إستكانت روحه، كان سارح في جمالها الخلاب يحدث حاله، ما أجملك صفا، كم أن رب الكون تفنن وأبدع في خلقك وأظهرك في أبهي صورة.

فاق من شروده على صوت جرس الباب وقرع بسيط فوقه، إبتسم لتلك النائمة وبصوت متحشرج متأثرا من النوم تحدث إليها بهدوء وهو يتلمس خدها المياس: صفا، صفا
نطقت مهمهمة ومازالت مغمضة العينان بوجه مبتسم تظهر عليه علامات الراحة والإستكانة وهي تعتقد بأنها تري حلم جميل تستمع به إلى صوت متيمها: إممممم
شعر بسعادة لا يعرف مصدرها وتحدث إليها مبتسم وهو يستمع مجددا لجرس الباب يقرع: فتحي عنيكي يا صفا، چرس الباب بيضرب.

وما أن إستمعت لنبرة صوته صريحه حتى فتحت عيناها بإتساع غير مصدقة لما أصبحت عليه، إنتفضت من نومتها وسحبت جسدها لأعلي سريع لتجلس وهي تلملم في خصلات شعرها وتمسك بياقة منامتها وتضمها بشده على صدرها وذلك من شدة خجلها، تتهرب بعيناها بعيدا عن مرمي عيناه
فتحدث هو بنبرة حنون مهلكة لقلبها العاشق بإبتسامة سعيدة معجب بخجلها الزائد: صباح الخير يا صفا.

إنتفض قلبها وارتعش من مجرد إستماعها لنطقه إسمها بكل ذاك السحر والحنان، سحرتها هيأته المشعثة من أثار النوم، تحدثت إلية بعيون خجلة تتجنب النظر إلية ونطقت بصوت ناعس: صباح النور.
ثم إنتفضت واقفة وتحدثت بنبرة هادئة: ممكن تفتح الباب على ما أغير هدومي؟
أجابها بهدوء وهو يهم بالوقوف: هدخل الحمام أغسل وشي وأفوج وأطلع أفتح لهم.

تحدثت بنبرة متعجبة من شدة بروده: واللي على الباب إن شاء الله هيجف يستني چنابك أما تفوج حالك؟
و أكملت بنبرة تهكمية: ما تفطر بالمرة وتشرب الجهوة لجل ما تفوج على الاخر!
أطلق قهقه عالية وأرجع رأسه للخلف بطريقة جعلت منه جذاب حد الجنون مما جعلها تبتلع لعابها وتحدث هو بدعابة بعدما تمالك من ضحكاته: وماله لما اللي على الباب يستني، أني أعمل اللي على كيف كيفي إنهاردة.

وتحدث إليها غامزا بدعابة: عريس بجا وإنهاردة صباحيتي.
إبتلعت لعابها وتحركت سريع من أمامة واقفة أمام خزانة ملابسها وفتحتها لتنتقي منها ثوب مناسب مما جعل ذاك القاسم يضحك على هروبها، ودلف إلى المرحاض، وبعد مدة قصيرة خرج وارتدي مأزره ودلفت هي إلى المرحاض
تحرك هو بإتجاة الباب وفتحه فتحدثت ورد بإبتسامة سعيدة: نموسيتكم كحلي يا عريس، كل ده نوم، الحريم راسهم وچعتهم من شيل الصواني فوچ نفوخهم.

تحمحم قائلا بإحراج وهو يتحرك جانبا ليفسح لهم المجال مشيرا بيده في دعوة منه للدلوف: معلش يا مرت عمي، حجك علي، إتفضلوا
سبقت ورد العاملات إلى المطبخ وأنزلن ما يحملن وبدأت ورد برص جميع الأغراض فوق رخامة المطبخ وتحركن النساء إلى الأسفل من جديد مصطحبين الصواني الفارغة واغلقن الباب خلفهن
أما ورد التي إقتربت من وقفة قاسم بمنتصف البرهه وتسائلت متلهفة: وينها عروستك يا عريس؟

أشار لها لداخل الغرفة وهو يهم بالتحرك قائلا: صفا جوة، هدخل اندها لك.
اوقفته بصوتها المعترض وهي تستبق خطوته: خليك إنت يا قاسم، أني داخلالها.

إستغرب من تصرفها وفضل الصمت ودلفت هي للداخل وما هي إلا دقائق قلة إلا وأستمع لصوت زغاريد عالية تصدح من داخل غرفة نومه، وكأنها كانت إشارة منها للنساء الواقفات في الأسفل اللواتي ما إن إستمعن لإشارة ورد حتى إنطلقن جميعهن بإطلاق الزغاريد المهنأة، حينها فهم مغزي موافقتها على إتمام دخوله الشرعي بها.

بعد بضعة دقائق اخري تسمر بوقفته وفتح فاهه من شدة جمالها الأخاذ الذي رأه بام أعينه وهي تجاور والدتها الخروج مرتدية ثوب قصيرا رائع المظهر بلونه، حيث كانت ارضيته باللون الأبيض وبه نقش زهرة رقيقة باللون الزهري، تاركة لشعرها الحريري العنان ليرفرف فوق ظهرها معلنا عن حريته، واضعه بعض مساحيق التجميل الخفيفة جدا والتي جعلت منها أيقونة جمال.

ضحكت ورد بخفة عندما رأت ذاك المتصلب بوقفته وعيناه العاشقة لجمال إبنتها وتحدثت وهي تمسك بيد إبنتها: هاخد منيك عروستك عشر دجايج بس وبعدين هرچعها لك، وأجي أجهز لكم فطور العرايس اللي يستاهل بوجكم
وبالفعل تحركت بضع خطوات ولكن أوقفهما صوت ذاك الغاضب المعترض: على فين العزم إن شاء الله يا صفا هانم؟
إلتفت بوجهها وكادت ان تتحدث لولا صوت والدتها الذي سبقها: هتدلي تسلم على حريم العيلة وتطلع طوالي.

وهتدلي إكدة؟ جملة نطق بها قاسم متهكم بالنظر إلى ملابسها
أجابته ورد بنبرة مطمأنه تحت إستشاطته: ما تجلجش يا قاسم، البيت تحت مفيهوش ولا راچل، چدك خد رچالة البيت كلياتهم وراحوا إستراحة جناين الفاكهه لجل ما يفضوا البيت للحريم اللي هتاجي تبارك.
رد عليها بإعتراض: وده معناته إنها تنزل تجابل الحريم ملط إكدة؟ وبعدين إفرض إن حد من الرچالة رجع على غفله لأي سبب كان، يبجا أيه الحال وجتها يا مرت عم؟

شعرت بالدماء تتدفق بوجهها خجلا من وصفه الوقح، في حين أجابته ورد بنبرة مطمانة: ما تجلجش يا ولدي محدش هياچي، ولجل ما تطمن أني هجف على البوابة وأجفلها بنفسي.
أجابها برفض قاطع وغيرة خارقة: ريحي نفسك يا مرت عمي، مرتي مهتنزلش إكدة لو إنطبجت السما على الأرض.
واشار لها أمرا بنبرة حادة: لو حابة تنزلي بجد، إدخلي غيري خلجاتك دي وإلبسي حاچة حشمة وحطي طرحة فوج راسك.

ومن الغريب والغير متوقع لديه أنه رأي طاعتها داخل عيناها حيث هزت له رأسها بطاعة وتحركت إلى الداخل من جديد بقلب سعيد متراقص فقط لشعورها بإهتمامه به وغيرته عليها وذكرة لكلمة (مرتي)
تحت إستشاطت ورد التي تحدثت إلية بنبرة لائمة: بجا إكدة يا قاسم، أنزلها أني كيف جدام الحريم وشعرها متغطي إكدة، هي مش عروسة إياك ولا أيه.

أجابها بهدوء: عروسة وست العرايس كلياتهم ما مرت عمي، بس تنزل جدام الحريم بإحترامها ولبسها الكامل، أني چوزها ورايد إكدة
طلت عليهم من جديد وكانت حقا بديعة الجمال مما جعله ينظر إليها منبهرا بجمالها، وما ان رأها حتى شعر بإرتياح وسكينة وشعر أيضا برجولته التي تعظمت بفضل إنصياعها لأوامره وطاعته بطريقة أثارته.

وتحركت هي بجانب والدتها ونزلت الدرج بجوارها، وما ان رأتها نساء العائلة التي طال إنتظارهن لها حتى أطلقن الزغاريد المهنأة وتهافت عليها المهئون يتبادلن معها القبل والأحضان كما هو العرف، وتحركت إلى جدتها التي إحتضنتها وهنأتها بحفاوة وأيضا فايقة التي هنأتها بإبتسامة مزيفة خشية من أن تصب رسمية غضبها عليها من جديد كليلة أمس لو عاملتها بقلة تقدير.

تحدثت رسمية إليها وهي تربت فوق كتفها: إطلعي يا بتي على شجتك لچل ما تفطري وتفطري چوزك.
ووجهت باقي حديثها للنساء المتواجدات: وإنتوا يا چماعة، إتفضلوا إجعدوا في المندرة چوة لجل ما تاخدوا واچبكم.
وأشارت إلى ورد مما أشعل قلب فايقة وتحدثت: يلا يا ورد على المطبخ خلي البنات يجيبوا الحلو والساجع للضيوف.

إبتسمت صفا بسعادة وهي تري بوادر رضا جدتها على والدتها وذلك إستشفته من حديث جدتها، ثم تحركت للأعلي عائده من جديد لذلك القاسم
حين تحدثت ورد إلى رسمية بسعادة بالغة: حاضر يا مرت عمي
وهمت لداخل المطبخ بصحبة نجاة، أما تلك الفايقة التي شعرت بنار تسري بجسدها وذلك جراء ما تراه من تغيرات طرأت على رسمية خلال معاملتها لزيدان و ورد، شعرت وكأن البساط يسحب من تحت ساقيها وذلك ما لم تسمح بحدوثه مهما كلفها الأمر.

صعدت صفا من جديد لذلك الذي شعر بالوحدة من مجرد إبتعادها عنه لعدة دقائق فقط.
صعدت صفا من جديد لذلك الذي أصابه شعورا بالوحدة وعدم الراحة من مجرد إبتعادها عنه لمدة دقائق معدودة، وما أن رأها حتى إستكانت روحه دائمة التشتت، ألقت علية نظرات خجلة وتسمرت بوقفتها تفرك كفيها ببعضيهما بتوتر، لم تعي ما يجب عليها فعله، بادر هو بالحديث كي يخرجها مما هي علية: أظن چوعتي دالوك؟
نظرت إلية وهزت رأسها بإيماءة خفيفة، فحقا كانت أحشائها تتلوي من شدة شعورها بالجوع لعدم تناولها عشائها بالأمس.

إقترب منها وتحدث وهو يحسها على التحرك بجانبه قائلا: تعالي معايا على المطبخ نشوف الحاچات اللي مرت عمي چيباها لنا، أكيد فيها وكل.
أطاعتة بطريقة أثارت داخله وتحركا معا، وبدأ هو برص الطعام اللذيذ المعد من قبل ورد فوق المنضدة الموضوعة داخل المطبخ و جلسا كلاهما وبدأ بتناول فطورهما بشهية عالية وذلك لشدة جوعهما، فحتي هو حرم على حاله الطعام ليلة أمس وغفي دون أن يتناول عشائة ليشاركها حتى جوعها.

كانت تتناول طعامها وتمضغه بهدوء وهي تنظر داخل صحنها خجلا، أما هو فكان يتناول طعامة مسلط بصره فوق ملامح وجهها بتمعن وانبهار
تحدث كي يكسر حاجز الصمت بينهما: نمتي زين إمبارح؟
رفعت نظرها إلية بهدوء وهزت رأسها بإيماءة صامتة
فأكمل هو كي يزيل عنها خجلها وغضبها ويجعلها تتناسي ما حدث بينهما بالأمس وتندمج معه بالحديث: أني كمان نمت ومحسيتش بحالي من كتر التعب.

وأكمل ليلهيها بالحديث: اليومين اللي فاتوا كانوا متعبين جوي بالنسبة لي، جضيتهم واجف على رچلي لجل ما أرحب بالضيوف، حتى الكام يوم اللي جبلهم جضيتهم بين المرافعات في المحكمة والشغل طول الوجت في المكتب لجل ما أخلص اللي وراي جبل ما أخد أجازة الچواز.
نظرت إلية وتساءلت بإهتمام: هو انت بتترافع جدام هيئة المستشارين زي ما بنشوف في التلفزيون إكدة؟

إبتسم بسعادة وراحة غزت قلبه على أنه إستطاع سحبها إلى عالمه وأجابها بنبرة واثقة تصل لحد الغرور: وأحسن من اللي عتشوفيهم في التلفزيون كمان، ولد عمك محامي واعر جوي ولية هيبتة في جاعات المحاكم
كانت تستمع إلية بعيون لامعة وأبتسامة واسعة إعتلت شفتاها وأردفت قائلة بإطراء: طول عمرك وإنت شاطر و مميز يا قاسم.

إبتسم لها وتحدث مداعب إياها: طالع لبت عمي، وأكمل بنبرة هادئة ناعمة: إنت كمان يا صفا من صغرك وإنت شاطرة وعارفة ومحددة هدفك زين
وأكمل بتأكيد: و وصلتي له
أصابتها خيبة أمل من حديثة وحدثت حالها بتألم، نعم حققت بعض أهدافي، لكن بقي أعظمهم وأسماهم، وهو وصولي لقلعة عشقك وأقتحامها قاسمي.
توقفت عن الطعام وأمسكت محرمه ورقية نظفت بها يدها وشفتاها بعناية، فتحدث وهو يشير إلى صحنها: كملي وكلك يا صفا.

أرجعت ظهرها مستندة به إلى خلف مقعدها وتحدثت بهدوء: شبعت الحمد لله.
أراد أن يستدعي مرحها وأبتسامتها الخلابة وذلك بعدما رأي نظرة إنكسار داخل عيناها لم يدري سببها فتحدث قائلا بدعابة: طب بتعرفي تعملي جهوة زين ولا أني إدبست وإتچوزت ست بيت فاشلة.

إنتعش قلبها من كلمة تزوجت، فكم كانت تشعر بالسعادة من مجرد ربط إسميهما معا حتى بعد كل ما جري لها من عشقه الملعون، وكيف لها أن تتحكم في قلبها، عاشق قاسمها حتى النخاع.
هتفت إلية بنبرة واثقة: هي مين دي اللي فاشلة يا استاذ.

وأكملت بتفاخر مصطنع وهي ترفع قامتها وتشير بيدها على حالها: اللي واجفة جدامك دي و بلا فخر بتعمل جهوة عظمة، بدليل إن أبوي مهيشربش جهوته إلا من يدي، حتى أمي مهتعرفش تظبطها له كيف ما بتظبطها صفا.
إبتسم لها ساخرا وتحدث إليها مستفزا ليستدعي حماسها أكثر: والله الماية تكدب الغطاس، وادي الجهوة وادي البوتچاز.
وأكمل مشيرا لها نحو الموقد: إتفضلي وريني إبداعاتك يا ست صفا وأني اللي هحكم بنفسي.

وقفت بكل كبرياء وبدأت بصنع القهوة وبدأ هو بمساعدتها في لملمة الصحون من فوق المنضدة ووضعها داخل الحوض إستعدادا لجليها
ضيقت عيناها مستغربه تصرفاته البعيدة كل البعد عن طابع الرجل الصعيدي المتعارف علية داخل عائلتهم وتساءلت مستفسرة: إنت بتعمل إية يا قاسم؟
أجابها وهو يضبضب ما تبقي من الأشياء: بلملم الإطباق وهحط لك الصواني والحلل في التلاچة عشان الأكل ميخسرش من حر المطبخ.

نظرت له بإعجاب ثم تحدثت بنبرة مستفزة كي ترد له جزء من مداعباته: يا ويلك يا سواد ليلك لو مرت عمي شافاتك وإنت عم تلم السفرة وماسك بيدك الفوطة وعم تلملم بواجي الوكل إكدة
أجابها مكملا ما يفعله بنبرة إعتزاز: و أمي أيه اللي عيزعلها إني بنضف مكان وكلي والفوضي اللي عملتها بنفسي؟
المفروض إن الحياة مشاركة وكل واحد فينا ليه دور وعلية مسؤليات، وبعدين أني متعود على إكده.

وأكمل وهو ينظر إليها بإبتسامة مذكرا إياها: ناسية إني عايش لحالي وواخد على إكدة إياك؟
أجابته وهي تفرغ ما بداخل القدر الخاص بصنع القهوة إلى تلك الأقداح الصغيرة المخصصة للشراب بها: أيوة ده وإنت جاعد لحالك مش معاي.
وأكملت وهي تحمل الصنية بين ساعديها وتتهيئ للخروج إلى غرفة المعيشة ليتناولا بها القهوة: بلاش تعمل إكدة تاني يا قاسم، أني منجصاش مشاكل ويا مرت عمي الله يرضي عليك.

قالت كلماتها وتحركت إلى الخارج بإتجاة بهو الشقة، وضعت ما بيدها فوق المنضدة وجلست فوق الأريكة بعدما أشعلت شاشة جهاز التلفاز وأمسكت جهاز التحكم به وثبتته على إحدي القنوات الإخبارية
جاورها الجلوس بأريكتها ولكن بعيدا عنها كي لا يزعجها، بسطت يدها إلية ومدتها بقدح قهوته
فتناوله منها وقربه من أنفه وأشتم عبقها وهو مغمض العينان ثم همهم بإرتياح وتحدث متعجب: ده أية المزاچ العالي جوي ده؟

نظرت إلية ولراحته الظاهرة على ملامح وجهه وتساءلت بإبتسامة: عچبتك ريحتها؟
أجابها بملامح هائمة وما زال مغمض العينان ويشتم عبق قهوته بإستمتاع: جوي جوي.
تحدثت بنبرة حماسية: ده بن مخصوص مهتلجيش ليه مثيل في مصر كلياتها، أحمد سليمان المصدر اللي أبوي بيشتغل وياه بيبعت يجيبه مخصوص من البرازيل وبيعمل حساب أبوي معاه.

تحدث إليها بعدما إرتشف أول رشفة من قهوتها التي وبالفعل تأكد من تميزها ويكاد يجزم بأنها أفضل قدح قهوة إرتشفه طيلة حياته: تسلم يدك يا دكتورة، الجهوة عظيمة بجد.
إبتسمت بخفة وتحدثت بهدوء: بألف هنا
وسحبت بصرها لتعاود النظر إلى شاشة التلفاز مرة أخري لتشاهد ما يقال بتمعن وأهتمام.
تطلع إليها بإستغراب حالها وتحدث متعجب: اخر حاچة كنت أتخيلها إنك تكوني بتمهتمي بالأخبار السياسية والإقتصادية!

حولت بصرها إلية سريع وهتفت بنبرة حادة حزينة: وإنت أية اللي تعرفه عني يخليك تجول إكدة؟
وأكملت بنبرة ملامة: مش لما تبجا عارفني اللول يا متر تبجا تعرف إيه هي إهتماماتي؟
لاحظ حزنها وتشنج ملامحها وتساءل متعجب: بتجوليها و إنت زعلانة ليه إكده يا صفا؟
هو أني جولت حاچة زعلتك مني؟

أجابته متهربه بعينيها بعيدا عن مرمي عيناه المهلكة لقلبها العاشق: أني مزعلانش ولا حاچة، بس محبيتش منيك نبرة التجليل اللي حسيتها من وسط كلامك دي.
قطب جبينة وتحدث إليها مدافع عن حالة: وأني عمري مجللت منك ولا أجدر أعمل إكدة من الأساس يا صفا، كل ما في الموضوع إني إستغربت شوي إهتمامك بالأخبار.

وأكمل مفسرا: يمكن لأني واخد فكرة عن البنات إنهم بيتفرجوا على البرامچ الفنية والمسلسلات والافلام، وبكتيرهم جوي يتفرچوا على برامج توعوية وتربوية.

أجابته بقوة: فكرتك غلط يا حضرة المحامي، معظم الستات دالوك عجلها واعي ومتفتح إلى أبعد ما خيال سعادتك يصور لك، الست بتختار توجهاتها الفكرية اللي تناسب تفكيرها الواعي بدون توجية مباشر من أي حد، الست أصبحت في زمنا لا تجل أهمية عن الراچل وتجدر تحقق إنتصارات من خلال مجالها.

وأكملت بنبرة غائرة لم يلاحظها هو: و بما إنك محامي كان من المفروض تكون أدري الناس بعجليات الستات المختلفة، وده طبعا بحكم شغلك وإنك بتجابل ستات ياما أشكال وألوان.

أجابها وهو يبتسم: مفهومك عن المحاماة غلط خالص يا صفا، أني مچرد محامي، منيش محلل نفسي لجل ما أعرف توجهات وعجول الحريم رايحة لوين، أني كل علاجتي بموكلاتي إني أسمع مشكلتها بإختصار وأحاول جاهدا أحلها لها وأخد أتعابي وخلصنا على إكدة، وأكمل بإقتضاب ونبرة متهكمة: فاضي أني إياك ل لت الحريم وعجنهم اللي مهيخلصش
إبتسمت بخفه وأكملا معا مشاهدة البرنامج.

عصرا داخل المسكن الخاص بمريم وفارس
دلف من الباب وجدها تجلس فوق مقعدا محتضنه صغيرتها التي ما أن رأت والدها حتى قامت بالتهليل والتصفيق بكفي يداها مشيرة إلية كي يرفعها لداخل أحضانة مثلما دائما يفعل
طار قلبه فرح حين رأها وأسرع الخطي حتى إقترب منها ورفعها لداخل أحضانه الحانية وبات يزيدها بوابل من القبلات
همهمت إلية صغيرته وهي تداعب وجهه بأناملها الصغيرة قائلة: با با.

إبتسم لها وتحدث بسعادة بالغة: إية يا جلب بابا وعجلة.
ثم وجه بصره لتلك الجالسة بوجه مبهم وملامح وجة جامدة وتحدث مستفهم بنبرة ساخرة وهو يهم بالجلوس: مالك يا مريم، جالبة خلجتك في وشي من إمبارح لية إكدة، زرعتيها مانچة طلعت بطيخ إياك؟
نفخت بضيق وتحدثت بنبرة تهكمية وهي تنظر أمامها متلاشية النظر لعيناه: إطلع من نفوخي يا فارس وبلاش تبتديها معاي إكدة، إني فيا اللي مكفيني ومنجصاش تجطيم من حد ومنك إنت بالذات.

ضيق عيناها مستغرب حدتها وغضبها وتساءل بإستفهام: كل الموشح ده عشان جلت لك مالك، بتتلككي ولا إي إنت؟!
نظرت له بعيون مشتعلة وتحدثت بنبرة شديدة الحدة: أني معتلككش يا فارس بية ولا عحب المشاكل من اساسة، ولو أني بتلكك كنت فتحت لك تحجيج ليلة إمبارح في اللي حصل منيك جدام حريم النجع كلياتهم.
تساءل مستغرب بنبرة تهكمية: وإية بجا اللي حصل ليلة إمبارح يا ست مريم؟!

إبتسمت ساخرة وأردفت قائلة بنبرة بائسة منكسرة: لو محاسيس باللي عملته فيا وتجليلك لجيمتي يبجا جلة الحديت أحسن.
قالت كلماتها وأسرعت غاضبة بإتجاة غرفتها وما أن دلفت حتى أغلقت بابها بحده هزت جدران الشقة بأكملها
كان ينظر إلى طيفها بشرود وملامح وجة مكشعرة غير مستوعب سبب غضبها ذاك.

نفض رأسه من تصرفات تلك المتعصبة ثم نظر لصغيرته وأبتسم بوجهها ثم وضع قبلة وأردف قائلا بنبرة دعابية: أمك كن عجلها طار على الاخر يا چميلة، شوي شوي عتجولي الإهتمام ما بيطلبش يا فارس بية.
وابتسم لطفلته وبات يدغدغها تحت ضحكاتها الطفولية التي تذهب عقله وتلهيه عن همومه التي قام بسجن روحه بداخلها منذ ما جري، غير عابئ بتلك الغاضبة التي تمكث بداخل حجرتها تبكي وتنتحب حظها السئ الذي جعلها مع ذاك الفاقد الحس.

داخل مدينة القاهرة
وبالتحديد داخل مسكن مي صديقة دكتورة أمل، كانت الفتاتان تتجاوران الجلوس فوق الأريكة وتتحدثتان في أمور عملهما كطبيبتان ماهرتان، أتت إليهما إيمان والدة مي والتي تبلغ من العمر خمسة وخمسون عام وتمكث بمفردها مع إبنتها داخل الشقة بعدما توفي زوجها منذ عدة أعوام.
إقتربت من جلستهما ووضعت الصنية التي بيدها فوق المنضدة وتحدثت بملامح وجة بشوشة: عملت لكم شوية سندوتشات مع النسكافية.

نظرت لها أمل وتحدثت إليها بنظرات شكر وأمتنان: مش عارفه أشكر حضرتك إزاي على تعبك معايا يا طنط
وأكملت بنبرة خجلة: مش كفاية إني إقتحمت عليكم الشقة ونزلت عليكم زي البراشوت وغيرت لكم نظام حياتكم.
وجهت لها إيمان نظرات ملامة وتحدثت: عيب يا بنت الكلام اللي بتقولية ده، فيه واحده بردوا تقول كلام زي ده لمامتها وأختها؟

وأكملت مفسرة: وبعدين إنت جيتي مليتي علينا البيت وونستينا بدل قعدتي أنا ومي لوحدنا كدة طول اليوم
أردفت أمل بنبرة شاكرة: ميرسي يا طنط لذوق حضرتك وكرمك معايا، وأكملت بإستحياء: على العموم أنا هروح بكرة أحجز في أوتيل علشان مش عاوزة أتعبكم معايا أكتر من كده
إتسعت أعين مي وتحدثت بنبرة حادة: إية الكلام الأهبل اللي بتقولية ده يا أمل، يعني إية تحجزي في أوتيل وتروحي تقعدي فيه لوحدك؟

تنفست أمل عاليا وأردفت بتفسير خجل: أنا مش حابة أتقل عليكم أكتر من كدة يا مي، وخصوصا إن لسه فاضل تلات أسابيع على إفتتاح المستشفي اللي إتعينت فيها.
وجهت إيمان تسائلا إليها: هو إنت بردوا لسه مصممة على موضوع سفرك للصعيد ده يا بنتي، ما المستشفيات الإستثماري مالية البلد وإنت دكتورة شاطرة وألف مكان يتمناكي، إشتغلي في أي مستشفي وإن كان على السكن أديكي قاعدة معايا أنا ومي.

وأكملت بإعتراض: ولو إني مش مع إنك تقاطعي مامتك بالشكل ده وخصوصا إن ريماس قربت تتجوز من الدكتور اللي إسمة وائل ده كمان، ومامتك بكدة هتكون وحيدة وأكيد هتحتاج لوجودك معاها
إنتفضت بجلستها وتحدثت بملامح وجة غاضبة وكأن أحدهم قد أشعل النيران في جسدها بالكامل: أرجوك يا طنط بلاش تفتحي معايا الموضوع ده تاني.

وأكملت بإبتسامة ساخرة: وإن كان على ماما فمتحمليش همها، أنا أصلا عمري ما كنت من أولويتها، وأكيد عمرها ما هتحتاج لي في وجود بنتها الأقرب لقلبها، ده مش بعيد الدكتور يشتري لهم فيلا علشان يجمع فيها الأم الحنون وبنتها فائقة الجمال.

تنهدت مي بأسي على حال صديقتها وأيضا إيمان التي تحدثت بهدوء كي تمتص غضب تلك المنكسرة: طب إهدي يا بنتي، وحاضر مش هفاتحك في الموضوع ده تاني، بس إعملي حسابك إنت مش هتخرجي من هنا غير على طيارة سوهاج، مفهوم يا أمل؟
أومأت لها بوجه مبهم وأستأذنت منهما وأنسحبت إلى غرفتها المشتركة مع مي.

تحدثت إيمان بنبرة حزينة: لا حول ولاقوة إلا بالله، صعبانة عليا أمل أوي، بس كان نفسي تسامح أمها وترجع تعيش معاها بدل ما هي مسافرة الصعيد وهي مش عارفة إية اللي ممكن يكون مستنيها هناك.
تنهدت مي ثم أجابتها بنبرة حزينة: أمل معزورة بردوا يا ماما، اللي حصل لها على إيد الندل اللي إسمة وائل مش قليل بردوا، وتصرف أمها وأختها كان منتهي الخسة
هزت إيمان رأسها بموافقة وصمتت.

أما أمل التي وما أن دلفت لغرفتها حتى تحركت إلى شرفة الغرفة ونظرت للسماء الصافية وبدون مقدمات نزلت دموعها تجري فوق وجنتيها بحرارة، أسرعت بوضع كفيها وجففتهما سريع ورفعت قامتها بكبرياء رافضة ضعفها.

جاء المساء وتحدثت ورد إلى صغيرتها عبر الهاتف وابلغتها أنه يجب عليها النزول إلى الأسفل بصحبة قاسم لأخذ المباركة من جدتها وجدها ونيل رضاهما عليها، وأملت عليها بأن تقوم بتجهيز صنية كبيرة وتضع عليها صحن كبيرا من الحلوي التي اعدت سابقا للعرس، وبعض قطع الشيكولاته والفاكهه كي تقوم بتقديمهم لأهل المنزل كحلوان لإتمام الزواج كما جرت العادة، و أخبرتها بأنها ستبعث لها صابحة، تلك الفتاة التي تساعدها في القيام باعمال منزلها.

أغلقت صفا معها وأخبرت قاسم بما أملته عليها والدتها وانساق لرغبتها رغم إعتراضة على تلك العادات التي يرفضها جميعا، وذلك في محاولة منه لنيل كسب رضاها، وتحركا معا للأسفل وخلفهما صابحه التي تحمل تلك الصنية بالنيابة عنها.

كان الجميع يجلس في بهو المنزل بإنتظار هبوط العروسين لتقديم التهنئة لهما، رفعت فايقة بصرها تتطلع على تلك التي تتدلي من أعلي الدرج بجانب زوجها والذي انير وجهه وأصبح مشع بالحياة وكأنه تبدل منذ ليلة وضحاها، مما أدي إلى إستغراب فايقة وبث قلقها، لفت إنتباهها أيضا خلو يداي صفا من حلوي العرس كما هو المعتاد، رفعت قامتها لأعلي لتتفقد، وجدت عاملة ورد تتحرك خلفها تحمل عنها عبئ الحامل.

لوت فاهها وتحدثت بصوت مسموع للجميع: الدكتورة كنها عتتكبر على أهل چوزها و مهتعبرهمش من أولها.
إنتبة الجميع إلى حديثها ثم قاموا بتوجيه نظراتهم لتلك الصفا فتحدثت نجاة بهدوء: متكبريش الموضوع يا أم قاسم، محصلش حاچة لكلامك دي
تحدث عتمان بنبرة حادة: ولما فايقة متكبرش المواضيع مين يشعلل البيت ويجومه حريجة يا نچاة!

نظرت إلية بعيون منكسرة وتحدثت بنبرة ضعيفة إصطنعتها خصيصا كي تنال تعاطف الجميع: هو أني عشان بتكلم في الأصول والعادات أبجا بشعلل البيت واولعه يا عمي؟
إقتربت منهم صفا وقاسم فوقف الجميع لإستقبالهم عدا الجد والجده.

تحركت إلى جدها ووقفت أمامه ثم مالت على كف يده وقبلته بإحترام، أما عتمان الذي كان يشعر براحة عجيبة بعدما تم زواجها بقاسم، بجانب شعوره الملح بالحنين لها، أمسك ذقنها و أجبرها على النظر لداخل عيناه التي تتهرب من النظر داخلها، نظرت له وأستشفت من عيناه حنينه إليها وما كان منها إلا أنها إرتمت لداخل أحضانه بخجل فشدد هو عليها وتحسس بيده على ظهرها بحنان.

تنهدت براحه وأستكانة وتحدث هو مبارك بنبرة حنون: مبارك يا بتي، عجبال ما أشوف عوضك
إبتسمت له خجلا وتحركت إلى جدتها لتأخذ مباركتها
وتحرك هو إلى جده ونظر داخل عيناه بجمود فهو إلى الأن ما زال غاضب منه ولم يتخطي إهانته السابقة له أمام صفا
مد يده لمصافحته، إبتسم عتمان بجانب فمه وتحدث بنبرة ساخرة مداعب بها حفيده الأكبر: طالع جلبك أسود كيف أبوك يا أبن قدري.

طالعه بإستغراب فأكمل عتمان: مهتنساش اللي حصل واصل رغم إنك إتوكدت بنفسك إن الخير كلة في اللي أني إختارتهولك بيدي.
ثم حول بصره إلى تلك الجميلة التي رمت حالها داخل أحضان جدتها وتحدث بحديث ذات معني: ولا أية يا قاسم؟
أجابه بنبرة جامدة وأدب لم يتخطاه طيلة حياته معه: معنديش أدني شك في إنك رايد مصلحتي يا چدي، بس طريجة الترهيب والتهديد دي معحبهاش ولا عمري هنسي طريجتك المهينة لرچولتي جدام صفا.

أجابه الجد سريع: وأهي بجت مرتك وسترك وغطاك، وبكرة تاچي وتشكرني وتجول لي معنساش معروفك اللي عملته فيا يا چدي.
إبتسم لجده بخفة
أما صفا التي تحركت إلى فايقة ووقفت قبالتها ومدت يدها لمصاحفتها تحت ملامح وجة فايقة الغاضب التي تحدثت إليها بنبرة ساخطة: ده أنت جاصدة تهنيني بجا يا ست صفا!
نظرت إليها بإستغراب و تساءلت ببراءة: أني بهينك يا مرت عمي؟
حضرتك بتجولي لية إكدة؟

هتفت فايقة عاليا لتسمع الجميع بنبرة حزينة وعيون منكسرة مدعيه البراءة: أومال معناته أيه اللي عملتية غير جلة إستعني منيكي ليا يا بتي؟
وأكملت بنبرة حزينة مصطنعة تستدعي بها تعاطف الجميع: يعني لما تدلي عليا ليلة صباحيتك وتخلي خدامتك تجدمي لي صنية الكحك حلوان الفرح اللي المفروض إنتي اللي تجدمها لي بيدك، أفسرها بإية؟

وأكملت: ولا لما تسلمي على وتتكبري تميلي على يدي لجل ما تاخدي رضاي عليكي زيك زي اي عروسة في النجع، يبجا إسمة إية دي يا بتي؟
تحدثت صفا مدافعة عن حالها بنبرة بريئة: أكيد مجصدتش اللي فهمتية واصل يا مرت عمي، الموضوع ببساطة إن أمي بعتت صابحة لجل ما تشيل عني الصنية لأني ممتعوداش على شيلها وخافت للصنية تجع من يدي
طب وسلامك علي، ده كمان أمك اللي جلت لك علية و وصتك؟

كان هذا سؤال طرحته فايقة على صفا بنية خبيثة لتظهر للجميع فشل ورد بتربية إبنتها على الأصول المتعارف عليها
وقفت متلبكة حائرة لا تدري بما تجيبها، أنقذها فارسها الهمام متحدث برجولة: متكبريش الموضوع يا أما، مجراش حاچة لحديتك ده، صفا إتصرفت بعفوية وبعدين دي عادات فاضية كلياتها وملهاش عازة.
إنتفضت ليلي من جلستها وهتفت معترضة بنبرة حادة وقلب مشتعل: وهي العادات دي هتاجي لحد صفا هانم وتبجا فاضية وملهاش عازة؟

هي أحسن من مين يا قاسم، متعمل كيف ما كلنا عملنا
تحدث عتمان موجه حديثه إلى ليلي بنبرة حادة: متشعليلهاش يا بت قدري
تحدثت ليلي بندية وهي تربع يداها حول صدرها: أني معشعللهاش يا چدي، أنا بتكلم في الأصول اللي إنت بذات نفسيك دايما تعنفنا عليها وتنبهنا ليها!
تلبك عتمان أمام حديث تلك الشيطانة الصغيرة التي إستغلت تعسف عتمان وتمسكه بالعادات والتقاليد لصالح والدتها.

أما يزن الذي يتألم داخليا ويشتعل نارا لأجل الموقف التي وضعت به صفا، ولكنه للاسف لا يستطيع التدخل لعدم إفتعال المشاكل خصوصا في حضرة جده وقاسم إلى أصبح مسؤلا مسؤلية تامه عن حمايتها
لكنه هتف ناهرا ليلي بحدة كي يجعلها تكف أذاها عن إبنة عمه الرقيقة: مدخليش حالك في كلام ميخصكيش يا ليلي.

إرتبكت من نظرة يزن المستشاطة والمحذرة لها وخشية غضبه عليها، حين هتف قاسم هو الأخر إليها بنبرة حادة: خليكي في حالك يا ليلي وإبعدي عن أي حاچة تخص صفا.
فتحدثت الچدة كي تفض الجدل الدائر: صلوا على النبي يا چماعة.

ثم نظرت إلى صفا التي أخذت الحيرة والتشتت من نصيبها وباتت تتلفت على الوجوة بتشتت، تحدثت رسمية كي لا تدع لأحفادها فرصة التمرد على العادات المفروضة داخل عائلتها: ميلي على يد حماتك وخدي رضاها يا صفا.
نظرت لها بجبين مقطب غير مستوعبة الجدل الدائر من حولها ولا حديث جدتها، فأكملت الجدة بتأكيد: دي الإصول يا بتي وإنت بت زيدان النعماني، يعني سيد مين تفهم في الإصول زين.

تشتت داخلها وبلحظة أقبلت على كف يدها وأمسكت به، أوقفها قاسم بهتافه الحاد لها حيث قال لمؤازرتها: متعمليش حاچة منتيش حباها ولا ريداها لجل ما تتبعي تجاليد عامية يا صفا.

حولت بصرها سريع إلية ونظرت إلية بحيرة فأومأ لها بعيناه كي يطمئن روحها، في حين تحدثت الجدة بتشبث كي لا يخترق نظام قبضتها الحديدية وتعطي مجالا لأحفادها للثورة على كل ما هو مقدس بالنسبة لها: مهينفعش يا قاسم، دي عادات وتجاليد بنحترم بيها بعضينا و ورثناها عن چدودنا ولازمن نحافظوا عليها ونحترموها.

أما عن قاسم الذي تحدث بقوة ودفاع مستميت عن زوجته هاتف وبحدة: وأني جولت مرتي مهتميلش على يد حد وتجلل من نفسها حتى لو كانت الحد دي هي أمي بذات نفسيها، وأكمل حديثه بحدة: وكل دي ليه، عشان شوية عادات فارغة ملهاش عازة غير إنها بتوجف النفوس من بعضيها؟

وللحظة شعرت بقوة لا تعلم مداها، مشاعر جديدة عليها إجتاحت عالمها، حماية أمان، معني جديد لمفهوم السند بعيدا عن غاليها زيدان، نظرت لها فايقة بقوة وغضب، أما عن رسمية التي توسلتها بنظراتها أن تفعل ما طلب منها
وبالاخير ضعفت أمام توسلات جدتها وتجنبت لإفتعال وإثارت الجدل من البداية، فأمسكت بكف يد فايقة وكادت أن تميل بقامتها لتضع مرغمة قبلة مفروضة عليها.

إتسعت عيناه ذهولا من ما هي مقبله عليه تحت سعادة ليلي وفايقة التي رفعت قامتها للأعلي بكبرياء وكأنها وبتلك الخطوة قد خطت بساقيها أولي خطوات تنفيذ إنتقامها الأثم من ذاك الزيدان
لم يدري بحاله إلا وهو يتحرك إليها جاذب إياها بعنف قبل أن تميل برأسها لطبع القبلة ولفها لتقابل وجهه وتحدث بنبرة حادة غاضبة: معتسمعيش الكلام وتنفذية ليه؟

وأكمل بإهانة لشخصها: ولا أنت كيفك كيف الباجية، عتعشجي الذل والمهانة كيف عنيكي؟
نظرت إلية بعيون تكاد تصرخ ألما من إهاناته الحادة لها تارة، وتارة اخري من ما يحدث لها في أول يوم تقضية بداخل هذا المنزل.

أما عتمان الذي كان يراقب تغيرات ملامح وجه قاسم الغاضبة بتمعن وينتظر رد فعله وكيف سيحمي صفا من تصرفات والدته البغيضة، ولكنه بالتأكيد ما كان سيسمح إلى إبنة غالية بالذل والمهانة والإنكسار أمام صاحبة القلب الأسود المسماه بفايقة.

إبتسم برضا على تصرف قاسم وتحدث عتمان بنبرة حادة وهو يشير إلى الجميع ويسمح لهم بالجلوس: لحد إهني وخلص الحديت ومعايزش حد يفتح خاشمة تاني، وأكمل وهو يرمق فايقة بنظرات نارية قائلا لها بتهديد: فايقة، اللي حصل اليوم معايزهوش يتكرر واصل وإلا إنت حرة في اللي عيجري لك على يدي
إبتلعت فايقة لعابها رعب وهزت رأسها سريع بموافقة
ثم وجه حديثه إلى رسمية قائلا: نادمي على البنات وجولي لهم يعملونا شاي يا حاچة.

كان قدري ومنتصر يشاهدان كل ما يحدث بصمت تام وذلك بعد ما تلقوا إشارات محذرة من عيناي عتمان يبلغهم من خلالها بعدم التدخل وذلك كي يري رد فعل قاسم لحماية إبنة غالية الذي وضعها أمانة بين يداه
جلست وهي تبتلع غصة مريرة داخل حلقها من كلمات قاسم المهينة لشخصها
نظرت فايقة إلى ولدها بنظرات مشتعله وتحدثت بنبرة غاضبة وهي تقف: تعال معاي يا قاسم، عايزاك في موضوع مهم.

كان مازال مسلط بنظراته إلى تلك التي أشعلت غضبه بعدم إنصياعها إلى كلماته، رمقها بنظرة غاضبة وبالفعل تحرك مع والدته متجه إلى الخارج و وقفا داخل الفيراندا وتحدثت هي بنبرة غاضبة لائمة: أني مهلومكش ولا هعاتبك على اللي حصل چوة وإنك نصفت بت ورد على أمك من أولها ونصرتها علي، بس أني معيزاش اللي حصل ده يحصل تاني.

هتف بها عاليا بنبرة حانقة: أما، أني مطايجش حالي ومناجص عويل، جولي عاوزة أيه جوام خليني أدخل أجعد شوي مع چدي عشان أطلع مطرحي لجل ما أرتاح
إغتاظت من حديث ولدها المقلل من حديثها وكظمت غيظها ثم أخذت نفس عميق وأخرجته بهدوء كي تهدئ من روعها وتحدثت بتنظير: إنت جافل التلفون بتاعك ليه من أولة إمبارح؟
قطب جبينه بإستغراب وتساءل مستفهم: وإنت عرفتي منين إني جافلة؟

تحدثت بنبرة متعالية: كلمت إيناس من النمرة اللي خدتها من عدنان أولة إمبارح لجل ما أطمن عليها، وهي اللي جالت لي وأشتكت لي
وما أن إستمع إلى حديثها وكأنه صعق من إحدي منافذ الكهرباء وتحدث سريع مؤنب إياها بنبرة حادة: وإنت بتكلميها ليه من الأساس، هو انت بتدوري على المشاكل وخلاص، ولا ملجياليش مصيبة تحطيني فيها فبتخلجي لي مصيبة على كيفك؟

أجابته بنبرة هادئة: متهدي عاد يا قاسم، هو كان چري إية يعني لزعابيبك دي؟
وأكملت بأبتسامة شامتة: هي مش هتبجا مرت ولدي هي كمان ولازمن أطمن عليها حسب الإصول ولا إية؟
إشتعل داخله من حديثها المستفز وتحول بياض عيناه باللون الأحمر مما يدل على مدي إشتعاله وكاد أن يرد لولا إستمعا كلاهما لصوت حمحمة زيدان الذي خرج لتوه من منزله وجلس فوق أريكته بداخل الفيراندا الخاصة بمنزله ويبدوا على وجهه علامات الحزن والهم.

وجه إلية قاسم حديثة بإحترام: سلام عليكم، كيفك يا عمي؟
نظر له زيدان وأجابه بهدوء: الحمدلله يا ولدي، كيفك إنت وصفا؟
أجابه بهدوء وأمتنان: صفا بخير يا عمي الحمدلله، هي چوة جاعدة ويا چدي لو حضرتك رايد تشوفها
بعدين يا قاسم، بعدين، جملة قالها زيدان بنبرة حزينة.
تحدثت تلك الشمطاء التي نظرت داخل عيناه وفهمت مغزي حزنه: مبروك يا أبو العروسة، عجبال متشيل عوضها على يدك عن جريب إن شاء الله.

نظر لها وتحدث بنبرة باردة: في حياتك يا أم قاسم
خرجت إلية ورد تحمل صنية فوقها قدحان من مشروب القهوة ووضعتهم فوق المنضدة الموضوعة أمام زيدان الذي إبتسم لها بحنان وتحدث إليها: تسلم يدك يا غالية.
إبتسمت له بسعادة تحت إستشاطت فايقة وغليان صدرها بنار الغيرة التي تنهش داخلها وهي تري سعادة ذاك الثنائي الذي لم تختفي أو حتى تقل درجاتها برغم مرور كل تلك السنوات.

نظرت ورد إلى قاسم وأردفت متسائلة بإبتسامة: صفا كيفها يا ولدي؟
أجابها بنبرة حنون جعلت داخل فايقة يشتعل أكثر: زينة وبخير يا مرت عمي
أجابته بنبرة حنون: خلي بالك منيها يا ولدي.
أجابها بنبرة حنون مطمأن إياها: في عيوني يا مرت عمي، متشيليش همها واصل طول ما هي معاي
وتحرك عائدا إلى الداخل وجلس بصحبة جده ما يقارب من النصف ساعه ثم إصطحب صفا وصعدا إلى الأعلى.

وما أن دلفا إلى مسكنهما حتى تحرك هو سريع إلى الأريكة وأرتمي بجسدة عليها جالس بإهمال وبدأ بهز ساقيه بطريقة حادة تدل على مدي إنزعاجة
نظرت إلية بترقب واقتربت من مجلسة وجلست بمقعد مقابل وأردفت بإستفهام: أني مفهماش إنت جالب وشك عليا وزعلان ليه إكدة؟!
تساءل بنبرة حادة غاضبة: صح معرفاش زعلان ليه يا حضرة الدكتورة المحترمة؟

وأكمل بنظرة حادة: زعلان عشان مكابرتك وعندك ليا وصلوكي فإنك كنتي عتتنازلي عن كرامتك وتطاطي على يد أمي وتحبي عليها لجل بس ماتكسري كلمتي.
جحظت عيناها وهي تنظر إلية مستغربة حديثه ثم أردفت قائلة بنبرة حزينة من إدعائة وإتهامه لها بالباطل: هي دي فكرتك عني وهو ده كل اللي فهمته من الموضوع!
وقف من جديد وأقترب من وقفتها وتحدث متساءلا بنبرة حادة: إديني مبرر واحد يخليكي تعملي اللي عملتية ده غير إنها مكايدة فيا!

تحدثت بدموعها التي لم تستطع التحكم بها فجرت على وجنتيها رغم عنها: مبرري إني معيزاش مشاكل من أولها يا قاسم، بتتحدت ولا كنك شفت اللي حصل بعنيك
وأكملت بنبرة ملامة: وبعدين كت عاوزني أعمل إيه عاد وأني شايفه مرت عمي كل همها تركبني الغلط وتظهر للكل إن أمي جصرت في تربيتي ومعلمتنيش الأصول زين، دي حتى چدتي لما وجفت في صفها ضدي!
أجابها بنبرة حنون متأثرا بدموعها: بس أني كت معاكي وجولت لك لا يا صفا!

أجابته وهي ترفع كتفيها بإستسلام قائلة بنبرة إنهزامية قطعت بها نياط قلبه: خفت يا قاسم، لأول مرة أحس حالي وحيدة وأني بعيدة عن حضن أبوي وأمي
وأجهشت بالبكاء وكأنها طفلة ذات الثلاث أعوام تفتقد لأمان والديها، تحرك إليها سربع ولم يشعر بحاله إلا وهو يجذبها ويسحبها لداخل أحضانة ويلف ساعديه حولها ليشملها برعايته وهو يربت على ظهرها بحنان قائلا بنبرة رجولية حانية: وأني رحت فين يا صفا، أني معاكي ومهسيبكيش واصل.

ومن العجيب أنها إستكانت بداخل أحضانة بل وأطلقت لدموعها العنان وباتت تبكي وبشدة وكأنها كانت تحتاج لهذا العناق كي تخرج ما يؤلم صدرها وتطلق العنان لكل ما يؤرق روحها ويؤذيها.

كان يحتضنها برعاية ويهدهدها كطفلته البريئة ويهدئ من روعها، شعور بالراحة إجتاح كيانه بقوة من مجرد عناقها البرئ، ود لو يتوقف بهما الزمن وتظل هكذا مستكينة هادئة بين أحضانة، كان قلبه يدق بوتيرة عالية وما شعر بحالة إلا وهو يشدد من ضمته الإحتوائية لها بإستمتاع روحي بعيدا كل البعد عن الرغبة الجسدية.

وبعد مدة كانت قد هدأت من نوبة البكاء الحادة التي إنتابتها وسيطرت عليها، وبلحظة وعت على حالها وكأنها كانت مغيبة وأخيرا إستفاقت، إستغربت حالها وهي تتشبث بصدر قاسم ممسكه بتلابيب جلبابه وأستغربت أيضا ضمته القوية لها وهدهدته الحنون وتلامسه الرقيق فوق ظهرها
إبتعدت سريع وتحدثت وهي تنظر أسفل قدميها بنبرة خجلة متلبكة: أني، أني أسفه، أني معرفاش عملت إكدة كيف!

كان ينظر لحيائها وخجلها الزائد عن الحد بإثارة وأندهاش، والحق يقال فقد أثارت داخله بحيائها الذي زاد من شغفه وتعلقه بها
تحدث إليها بهدوء محاولا تهدئتها: إهدي يا صفا، محصلش حاچة لأسفك دي!
وأسترسل حديثه بمداعبة لطيفة: بتتأسفي عشان كتي چوة حضن چوزك؟
وتحرك بإتجاهها مقترب عليها.

أما هي فإرتعبت وأرتجف جسدها من نطقه لتلك الكلمات التي طالما حلمت بتحقيقها، وتحدثت إلية بتلبك وأرتباك واضحان وهي تتراجع للخلف سريع متهربة: أني نعسانة وهدخل أنام
أجابها سريع وهو يمسك كف يدها ويحسها على التوقف: خلينا جاعدين مع بعضينا كمان شوي
نظرت لداخل عيناه وتاهت في سحرهما، إبتلعت سائل لعابها بتوتر ظاهر له ثم أومأت له بموافقة وكأنها مسيرة.

سحبها من يدها وأجلسها بهدوء فوق الأريكة وتحدث بنبرة حماسية: إجعدي إهني وأني هروح أعملك أحلا صنية تسالي هتشوفيها في حياتك، وأرجع لك لجل ما نشوف فيلم سوا.

داخل غرفة قدري وفايقه
كانت تخرج من المرحاض لتستعد لغفوتها دلف إليها قدري وتحدث إليها بنبرة لائمة: وبعدهالك عاد يا فايقة، بادية الحرب إنت وبتك على بت زيدان بدري ليه اكدة؟
تحدثت إلية بنبرة حقودة: أني اللي بدأتها يا قدري ولا مجصوفة الرجبة بت ورد اللي چاية تتكبر وتتأمر على من أولها؟

هدي اللعب شوي يا فايقة، أني معايزش مشاكل ويا زيدان من أولها، زيدان لو بته إشتكت له معيسكتش وعيجوم البيت حريجه، وأكمل بنبرة حقودة: أني خابرة وخابر طبعه العفش زين، هو يبان كيف البسة الهادية، بس لحد بته وهيجلب أسد وهيبلعنا كلياتنا،
ثم تحدث إلية بجبين مقطب: وبعدين إنت مالك ومال البت، إحنا مش نولنا غرضنا وإبنك إتجوز بت زيدان وبجت في يدة هي وكل مال وحال أبوها، عاوزة إية تاني يا ولية؟

دي أمور وشغل حربم مليكش صالح بيها يا قدري، وخليك في حالك بعيد عني، جملة غاضبه هتفت بها فايقه وهي تتحرك إلى فراشها لتستعد للنوم.
تحرك إليها وأمسك يدها متحدث بنبرة حنون: لساتك زعلانه مني؟
نفضت يده بحدة وتحدثت بفحيح: إياك تكون فاكر إني هعدي لك اللي عملته فيا بالساهل إكدة؟
وأكملت بتهديد: تبجا غلطان ومسكين ولساتك متعرفش مين هي فايقة النعماني.

أجابها بنبرة جامدة: ماخلاص يا مرة عاد، هو كان جرا إية لزعلك ده كله، ضايجتيني بالحديت وحرجتي دمي وأدبتك وإنتهي الموضوع
جحظت عيناها وصاحت بنبرة حادة: أدبتني؟
ليه يا واد عتمان، كت شايفني ناجصة رباية ولا ناجصة رباية لجل ما تأدبني؟
أجابها بنبرة غاضبة: وهي الحرمة اللي تمنع حلال ربنا عن چوزها من غير اسباب تبجا إية غير إنها ناجصة رباية يا واكلة ناسك؟

وأكمل بعيون تقطر غل وحقد: والمرة اللي تتحدت عن أخو چوزها بالطريجة اللي إتحددتي بيها عن زيدان تبجا إية يا بت سنية؟
إرتبكت من نظراته ونبرة صوته التي لا توحي بالخير ولا تنذر به، فأرادت أن تمتص غضبته لتقي حالها شرة اللامحدود والتي تعرفت عليه منذ القريب
وأقتربت منه بذكاء وتحسيت صدره بدلال وبنبرة انثوية تحدثت: لساتك عتغير على لحد دلوك يا قدري؟
للدرچة دي عتحبني يا واد عمي؟

وما كان من ذلك الأبلة غير الإنصياع ل ألاعيب تلك الشمطاء وجذبها بشدة علية وتحدث بقوة وخشونة: تعرفي يا فايقة لو عملتي إكدة تاني، وعزة چلال الله لادفنك مطرحك
إبتسمت له بدلال ورمت حالها داخل أحضانة وشدد هو عليها تحت نفورها وإشمئزازها منه وتحت سعادة ذاك الابلة عديم الحس والإحساس.

كانت تجلس بجانبة فوق أريكتهما تتناول حباة الفسدق الذي جلبه لها من داخل المطبخ مع بعض المسليات الأخري ليستكملا سهرتهما، نظر لها وتحدث بنبرة حنون ليطمئن عليها: بجيتي زينة دالوك؟
هزت رأسها إلية خجلا وأجابته بهدوء: الحمدلله، بجيت أحسن
نظر لشفتاها الكنزة وإمتلائها الشهي وتحدث بمراوغة: تعرفي إن البكا زادك چمال
إرتبكت بجلستها وفتحت فاهها بطريقة أثارت جنونه فتحدث هو بنظرات مسحورة: إنت حلوة جوي يا صفا.

وإقترب منها، وضع كف يده متحسس كفها الرقيق برغبة تملكت منه رغم عنه رغم محاربتها
إرتعب جسدها ثم إنتفضت من جلستها واقفة وتحدثت بتلبك وهي تفرك كفيها ببعضيهما: أني نعست وداخلة أنام
وأسرعت إلى الداخل تحت إستشاطة مشاعره وتشتتها، وما كان منه إلا أن تتبعها ذاهب خلفها كالتابع المسحور، دلف عليها وجدها تجهز فراشهما كي تخلد إلى النوم.

لم يكن يشعر بحاجته إلى النوم ولكنه لم يستطع الجلوس بعيدا عن حضرتها التي ما عاد يشعر بإستكانة روحة إلا بجوارها
فتحدث إليها وهو يتمدد فوق الفراش ليستعد لمجاورتها: أني كمان نعست وهنام
إبتلعت لعابها حين وجدته ينزع عنه ثوبه العلوي ويلقيه بإهمال فوق المقعد المجاور وظهر أمامها عاري الصدر تمام بمظهر جعل جسدها ينتفض خجلا.

إنتفض داخلها وتراجعت للخلف سريع بعدما كانت تمسك بطرف الفراش لتتمدد عليه، وصاحت بنبرة مرتبكة حادة: إنت بتعمل إية يا قاسم؟
أجابها بإبتسامة فخر وهو يري تلبكها بعيناها: هكون بعمل إيه عاد، بچهز حالي للنوم.
إكدة؟ كلمة نطقتها بإستهجان وهي تشير إليه بعيون خجلة
فأجابها ببرود: وماله يعني إكدة، عچبة إكدة؟
ثم أني مبعرفش أنعس ومعيجليش نوم وأني لابس هدومي
هتفت قائله بنبرة معترضة: وأني مهينفعش أنام چارك وإنت إكدة.

أجابها بنبرة تهديدية مصطنعة: إتمسي يا صفا وخلينا ننام في ليلتك اللي مفيتاش دي
جذبت وسادتها بحدة بالغة وتحدثت بنبرة غاضبة حادة وهي تتجه إلى باب الغرفة: أجولك، إشبع بسريرك وبالأوضة كلياتها وأني هنعس على الكنبة برة
إنتفض من جلسته وقبل أن تضع يدها على مقود الباب كان قد سبقها هو واضع يده عليه ليمنعها من الخروج وقال متراجع: خلاص متبجيش حمجية إكدة، تعالي وأني هلبس التيشيرت تاني.

كانت واقفة تنتفض بفضل قربه المهلك منها هكذا، فقد كان يحاوطها بجسده العريض محتجزا إياها بين جسده والباب، عاري الصدر، مرتديا بنطال فقط لا غير، أما رائحة عطره الممتزجة برائحة جسدة فحدث ولا حرج، فقد تغلل عطرة المميز إلى أنفها فأصابها بحالة من الإضطراب وعدم التوازن
أردفت قائلة بنبرة مرتبكة ومازالت موالية إليه ظهرها: ممكن تبعد إشوي لجل ما أفوت.

إبتسم برجولة وتحدث وهو يفسح لها المجال مشيرا لها بكف يده قائلا بجاذبية مهلكة للمسكين قلبها: إتفضلي
تحركت للداخل ومال هو على قطعة الملابس الخاصة به وألتقطها من فوق المقعد وشرع بإرتداها من جديد ثم تمدد بجوارها وتحدث إليها وهو يشير إلى حاله بتساؤل مداعب: حلو إكدة يا حضرة الناظرة.

إبتسمت خجلا ثم وضعت وسادة وسط الفراش مما إستدعي غضبه، لكنه فضل الصمت وعذر تصرفها، وتمددت هي واضعة رأسها فوق الوسادة وهي تنظر له خجلا، جاورها هو الأخر وبات يسترقا النظر من بعضهما لوقت طويل ونار الإشتياق تتغلل روحيهما معا مما جعله يستغرب حاله، لكنه فسره على أنه إشتياق ذكر لأنثاة الذي تذوق شهدها فأستطعمه منها وأراد تجرع المزيد
وبالنهاية وقعا كلاهما صريع للنوم بعد تفكير دام لساعات وساعات.

تري ما الذي ينتظر ذاك الثنائي العنيد بالغد القريب؟
وإن سألوك عن إحتراق الروح، فأخبرهم عن عشق تملك القلب وأستوطنه، ورغم الوله لا يمكن البوح به للمتيم
روز امين.

صباح اليوم التالي
داخل مطبخ سرايا عتمان النعماني
تقف كل من فايقة ونجاة ومريم وليلي، يعدن طعام الإفطار لأهل المنزل بمساعدة العاملات
دلفت إليهن رسمية وتطلعت عليهن قائلة بتعجل: إعملي لك همه شوي منك ليها، الرچالة كلياتهم فاجو من النوم وجاعدين برة في المندرة مستنيين اللفطور.
تحدثت نجاة بنبرة طائعة كعادتها: حاضر يا مرت عمي، جربنا نخلص أهو.

وجهت رسمية حديثها إلى فايقة التي ترص الفطائر وتضعها في الصواني الخاصة لتجهيزها للتقديم وتساءلت: عملتي حساب العرسان وياكي في المشلتت يا فايقة؟
أجابتها فايقة بنبرة ساخرة: الست ورد بعتت خدامتها لجل ما تخبرنا إنها عاملة للهانم بتها الفطار والغدا والعشا السبوع كلياته.
هتفت ليلي بنبرة ساخرة: كنها خايفة لنسمموها في الوكل.

قالت كلماتها المتهكمة ثم قامت بأطلاق ضحكة ساخرة، رمقتها رسمية بنظرة حادة كالصقر ألجمتها وجعلت الدماء تهرب من وجهها ثم نهرتها بقوة قائلة: إجفلي خاشمك اللي معيطلعش غير كل سو ده، وبدل ما انت جاعدة تتمسخري على مرت أخوك، روحي شوفي چوزك متغير ليه بجاله مدة ومادد بوزة جدامة ياجي شبرين.

ثم رمقت فايقة بنظرة نارية قائله: وإنت يا ست فايقة، بدل ما أنت شاغلة حالك وحاشرة منخيرك في حياة الخلج علمي بتك كيف تعامل چوزها وتچلعه وتخلية نازل خلجته بتضحك كيف خلجت قاسم إمبارح.
ثم إتجهت ببصرها إلى نجاة وتحدثت متجاهلة فايقة: رصي فطرتين وجزازة حليب طازة وإبجي شيعيهم مع حسن للعرسان لما يفوجوا يا نچاة.
هتفت مريم قائلة بنبرة صوت حماسية: أني عطلعهم بنفسي لجل ما أشوف صفا لتكون محتاچة لحاچة يا چدتي.

ضحك سن رسمية وتحدثت بإستحسان إلى إبنة نجلها الهادئ: چدعة يا مريم، أصيلة كيف أمك يا بتي.
إنفرجت أسارير مريم بإستحسان لمدح جدتها لها وأيضا نجاة التي سعد داخلها، في حين لوت فايقة وليلي فاههما بإعتراض وتهكم
أما رسمية فعادت ملامح وجهها مكفهرة من جديد و أكملت بنبرة حادة: هموا يلا وطلعوا اللفطور على السفرة.

وتحركت إلى الخارج، في حين همست ليلي إلى مريم التي تجاورها الوقوف وتسائلت بطريقة تهكمية: إنت إية حكايتك إنت كمان يا ست مريم ويا المدعوجة بت ورد؟
وأكملت: يوم الحنه تجفي إنت وهي تتسايروا لحالكم في المطبخ، وصباحية الفرح تاخدي بتك وتروحي دار ورد لجل ما تساعديهم، مع إن كان من الواچب إنك تجفي ويا حماتك، مش ورد!

تنهدت مريم بأسي وتحدثت بنبرة مهمومة وبرائة: إسكتي يا ليلي، ده أني من وجت ما أتحدت ويا صفا يوم الحنة وأني زعلانه من حالي جوي، ثم نظرت لتلك التي قوست فاهها متعجبه وأسترسلت بنبرة خجلة حزينة: ده إحنا طلعنا وحشين وجلوبنا جاسية جوي يا ليلي، ظلمنا صفا وعاجبناها على حب چدودنا ليها وهي ولا ليها أيتوها ذنب في إكدة.
نظرت لها ليلي بنظرات مقللة وتحدثت بطريقة تهكمية: وإية كمان يا نواعم!

وأكملت بنبرة حقودة في محاولة منها لبخ سمها كي تستحضر حقد مريم على صفا من جديد: جوام نسيتي إن بسهوكتها خطفت منيكي الراچل اللي كتي عتعشجية وعتموتي عليه؟!

تلفتت مريم سريع حولها بعيون زائغة خشية من أن تكون أحداهن قريبة فتستمع إلى ذاك الحديث الخطير، حمدت الله عندما وجدت المطبخ خالي، حيث تحركن جميعهن للخارج مصطحبين الأطعمه، حينها هتفت بنبرة حادة صارمة: عيب عليكي الحديت اللي عتجولية دي يا ليلي، أني دالوك على زمة راچل والراچل ده يبجا أخوكي اللي المفروض تحافظي على هيبته وعرضه أكتر مني أني شخصيا.

رمقتها بنظرة ساخطة وتحدثت بإستخفاف: وه، وأني كت عملت إية لجل ما تسمعيني الموشح دي كلياته يا ست مريم، الحج عليا إني بفكرك بحجدها هي وأمها ومش عوزاكي تتغشي في ألاعيبها ووش البراءة اللي عتلبسهولنا طول الوجت؟
تنهدت مريم بأسي لحقد ليلي الدائم على صفا وتأكدت أنها لن تتراجع عن عدم محبتها لها فتحركت للخارج مصطحبه صحن ملئ بالبيض لرصه على سفرة الطعام.

ذهبت رسمية إلى منزل زيدان كي تطمئن على صغيرها التي شعرت بغصته ومرارته، ومن غيرها تشعر بقلب صغيرها
دلفت إلى المنزل وجدت ورد تخرج من المطبخ تحمل بين يديها صنية كبيرة مرصوص فوقها صحون مليئة بالأطعمة المتنوعه كانت تذهب بها إلى حجرة الطعام كي ترصها بعناية فوق سفرة الطعام
تحدثت رسمية ولأول مرة بنبرة حنون إلى ورد: صباح الخير يا بتي.

إنتفض داخل ورد بسعادة حين رأتها أمامها وأردفت قائلة بترحاب عال: يصبحك بالهنا يا مرت عمي، إتفضلي
تساءلت بإهتمام: وينه زيدان يا ورد، من يوم دخلة صفا مشفتش وشه؟
صاحت ورد بصوتها إلى العاملة التي أتت مهرولة وناولتها ورد الصنية قائلة بنبرة رحيمة: خدي الصحون وروحي رصيها على السفرة يا صابحة وهاتي باجي الوكل، وچهزي سفرة مليحة تليج بالحاچة رسمية لجل ما تفطر مع الحاچ زيدان.

تحركت العاملة إلى الداخل ثم حولت ورد بصرها إلى والدة زوجها وتحدثت بأسي: والله يا مرت ما عارفة أجول لك إية، زيدان من وجت ما سلم البت لقاسم وهو حزين وشردان وكنه في ملكوت لوحدية، حابس حالة في البيت ومخرجش من وجتها لحد دلوك
تحدثت رسمية متساءلة: هو فين دالوك؟

أشارت لها ورد إلى باب الحجرة وتحركت أمامها وفتحت الباب وتحدثت لذاك المتمدد فوق تخته ينظر إلى سقفها بشرود وذقن نابت: مرت عمي چاية تفطر وياك يا زيدان
إنتفض من نومته وجلس معتدلا يعدل من هيئته وتحدث مناديا على والدته التي تقف خلف الباب لتعطي له المجال كي يعتدل كما الشرع والدين: إدخلي يا حاچة.

دلفت وأنتفض هو واقف ومال على كف يدها وقبله بإحترام، وضعت كف يدها الحنون على رأسه تتحسس شعره بحنان ورعاية وتحدثت بنبرة متأثرة: كيفك يا ضي عيني؟
أجابها بنبرة حانية: بجيت زين لما شفتك يا أما
أرادت ورد أن تعطي لهما المجال لينفردا بحالهما كأم وولدها ويتحدثا بأريحيه فأردفت قائلة بإنسحاب: أني هروح أچهز الفطور لجل ما تفطر ويا مرت عمي.

خرجت وأوصدت خلفها الباب حين جلست رسمية على طرف الفراش وجاورها زيدان وتساءلت هي بإهتمام: حابس حالك وعامل في نفسك إكدة لية يا زيدان؟
أجابها بنبرة حزينة: مجاديرش أتجبل فكرة إن بتي خلاص مبجتش معاي في داري يا أما، إحساس عفش جوي وأني بسلمها بيدي لراچل تاني.

ضحكت وأردفت قائلة بدعابة كي تخرجه مما هو علية والتي تعذره علية بالتأكيد: كنا بعناها إياك يا ولدي، البت إتچوزت على سنة الله ورسولة وسلمتها بيدك لزينة الشباب، ولو خايف عليها من الزمن فطمن جلبك، قاسم راچل صح تربية چده عتمان
و وقفت وأمسكت يده لتحثة على التحرك قائلة بنبرة عالية: جوم يلا معاي نطلع نفطر سوا ويا مرتك وبعدها إدخل إحلج دجنك دي وإسبح لجل ما تروح لبتك اللي عمالة تسأل عليك وتبارك لها.

وبالفعل خرج معها وجلسا بصحبة ورد يتناولون فطورهم.

تملل ذلك الغافي وفرد ذراعيه وهو يتمطئ براحة، ثم فتح عيناه سريع حين تذكر وضعه الحالي، كي ينظر إليها ويشبع حاله من النظر إليها ككل أيامه السابقة
أصيب بإحباط حين وجد مكانها خاليا وأنتفض ليبحث عنها كمن فقد أغلي جواهره، وجه بصره إلى الحمام وجد الضوء منطفئ مما يدل على عدم وجودها
ساقته قدماه إلى الخارج وهو يتلفت هنا وهناك باحث بعيناه عنها، وأخيرا تنهد براحة حين وجدها تقف أمام الموقد تصنع طعام الإفطار.

ما أجملها وما أبهاها، كانت ترتدي منامة هادئة ناعمة كقلبها وتفرد شعرها المصفف بعناية خلف ظهرها، أخذ نفس عميق حتى يستطيع السيطرة على مشاعرة وأنفعلاته التي ثارت علية مؤخرا
تحمحم كي لا يفزعها، إلتفت بجسدها ونظرت إلية بترقب بعيناها الساحرة التي انعشت روحه وبثت الطمأنينة إلى قلبه
حين تحرك هو حتى إقترب منها وتحدث بنبرة صوت متحشرجة بفضل النوم: صباح الخير.

ردت علية الصباح بنبرة هادئة فسألها: إية اللي مصحيكي بدري إكدة؟
أجابته وهي تحرك الملعقة يمينا ويسارا داخل قدر الأرز بالحليب التي تعده: أني متعودة على الصحيان بدري، جولت أجوم أعمل طبجين رز بحليب نفطر بيهم
وقف بجانبها ثم أمال بجزعه مقترب برأسه نحو القدر وأشتم بإنتشاء رائحة التي تطهوة وتحدث مغمض العينان بإستمتاع: يسلااااام على ريحة الفانيليا مع الحليب، حلوة جووووي.

ثم تطلع عليها بعيون تتفحص كل إنش بوجهها وتحدث بنبرة حنون وهو يقترب منها: تسلم يدك.
إنتشي داخلها بسعادة من كلماته الحنون لكنها تلبكت من قربه وابتعدت قليلا بتوتر وخجل ما زاده بها إلا نشوة وإثارة
إستمعا إلى جرس الباب فتحمحمت هي وقالت: هروح أشوف مين اللي على الباب.

أوقفها صوته الجهوري وتحدث قائلا بنبرة حادة: وجفي عندك، توقفت وأستدارت له فتحدث بنبرة غائرة وهو يشير إلى منامتها وشعرها المفرود على ظهرها: عتفتحي الباب وإنت إكدة!
تحدثت إليه نافية: لا طبعا، أني كت هدخل أوضة النوم ألبس الإسدال
أجابها وهو يتحرك في طريقه إلى الباب: اني هفتح وإنت كملي اللي عتعمليه
فتح الباب فؤجئ بمريم التي تحمل بين يديها صنيه وتحدثت بإحترام: صباح الخير يا قاسم.

أجابها بنبرة هادئة وملامح وجه بشوشه: صباح النور يا مريم
وأشار لها بكف يده في دعوة منه للدخول: إدخلي واجفه لية
تحدثت وهي تدلف بساقيها: عروستنا الجمر وينها؟
أشار لها إلى المطبخ ودلف هو إلى غرفة المعيشة كي يعطي لهما المجال للتحدث بأريحية
وضعت مريم الحامل فوق رخامة المطبخ واحتضنت صفا التي سعدت كثيرا وأطمأنت بذاك العناق التي شعرت بحنان مريم من خلاله.

تحدثت مريم بوجه بشوش: كيفك يا صفا، ناجصك أيتوها حاچة أعملها لك؟
أجابتها صفا بسعادة تكاد تنطلق من عيناها: تسلميلي يا مريم، ربنا يخليكي ليا
نظرت مريم على القدر الموضوع فوق الموقد وتساءلت: إنت عاملة رز بحليب، ده أني جيبالك حليب طازة چدتك بعتهولك معاي
أجابتها صفا بهدوء: تسلم يدك ويد چدتك، الحليب دي أمي شيعتهولي عشيه مع صابحة.

تحمحمت مريم ثم تساءلت بإهتمام: هو أنت صح عتشتغلي في المستشفي بعد أجازة شهر العسل ما تخلص يا صفا؟
اجابتها صفا بتأكيد: أكيد هشتغل يا مريم، أومال أني كنت بدرس الطب سبع سنين لجل ما أجعد بعديها في البيت؟
تنهدت مريم بأسي ثم تحدثت بعدما ظهر الحزن داخل مقلتيها: يا بختك يا صفا، عتخرجي وعتشوفي خلج جديدة غير الخلج اللي عنشوفها كل يوم،.

وأكملت بنبرة حزينة: ده أني من كتر الحابسة اللي أني فيها بحس إن الحيطان عتطبج على جلبي تخنج روحي وتطلعها.
نظرت صفا لحزن عيناها بتمعن ثم تحدثت بنبرة حماسية: بجول لك إية يا مريم، محباش تشتغلي معاي في المستشفي؟
إتسعت أعين مريم وتحدثت بملامح وجة سعيدة متعجبة: أني، وأني عشتغل إيه وياكي يا صفا، طب إنت دكتورة وهتعالچي العيانيين، ويزن أخوي ماسك المدير المالي للمستشفي، اني بجا هعمل إية في وسطيكم!

إبتسمت لها وتحدثت: إنت خريچة خدمة إجتماعية والمچال ده هنحتاچة في المستشفي، المهم إنك موافجة من حيث المبدأ
قوست مريم بين حاجبيها وتسائلت بوجه عابس: وتفتكري چدك ولا فارس ولا حتى فايقة مرت عمك هيوافجوا على شغلي بالسهولة دي؟
ردت عليها مطمأنة إياها: موضوع موافجة چدك دي سبيها عليا، وأظن إن من بعد موافجة چدك مفيش حد هيجدر يعترض.

طارت مريم من شدة سعادتها وما شعرت بحالها إلا وهي تلقي بحالها لداخل أحضان تلك الحنون وكأنها تحتاج لعناق من أحدهم ليشعرها بالأمان، شعرت صفا بالإحتياج الضروري لمريم لذاك الإحتضان، فحاوطتها بساعديها برعاية وشددت من إحتضانها، مما جعل مريم تطلق تنهيدة براحة وبدأت بلوم حالها وجلد ذاتها على تعاملها السئ الغير لائق بتلك رقيقة الحس والمشاعر.

بعد مرور ساعتان كانت ترتمي داخل حصنها المنيع والذي هي أكيدة من أنه لا يقارن ولن يوجد له بشبيه، تشدد من إحتضانها له، واضعه أنفها بصدرة تنتشئ رائحة جسده التي تفوق أعلا وأغلي العطور الفرنسية بالنسبة لها
وما كان حاله بأقل من غاليته، فكان يحاوطها بذراعيه مشددا عليها داخل أحضانه الحانية ليشبع حنينه إليها.

كان يقف مقابلا لهما وتجاوره رسمية وورد وصابحة التي وضعت الأشياء الكثيرة التي أحضرها زيدان لصغيرته، ثم تحركت للأسفل
نظر يتأمل تلك العلاقة الصحية التي تتسم بالإنسانية والمحبة والإحترام
تحدثت لائمة من داخل أحضانه التي إشتاقتها بجنون: يا جلبك يا أبوى، هانت عليك صفا تسيبها كل دي من غير ما تاخدها في حضنك كيف كل يوم وتطبطب عليها!

ضحكت رسمية وتحدثت وهي تربت فوق كتف قاسم بفخر: وهتعملي بيه إية حضن زيدان في وچود حضن چوزك يا دكتورة
نزلت كلمة جدتها على قلبها أحرقته وتحدثت بقلب منكسر إنهدمت أحلامه: حضن ابوي ملوش بديل ولا لية زي، مفيش في الدنيا كلاتها حد ممكن يعوضني عن حضن وحنان أبوي.

نزلت كلماتها على قلب ذاك الواقف زلزلته وألمته، حدث حاله لائما: ألهذة الدرجة لم أعد أعني لها، ألهذا الحد ألمتك أنانيتي صغيرتي، لا تحزني حبيبتي، سأعوض قلبك الصغير وسأنسيكي كل ما تسببت لك به من ألام، فقط إصبري!
أما زيدان الذي أخرج عزيزة أبيها من داخل أحضانه ثم احتضن وجنتيها بين كفيه برعاية وأردف قائلا بنبرة تشع حنان: كيفك يا روح جلب أبوك، زينه؟

إنفطر قلبها وكادت أن تصرخ لأبيها تشتكيه مر زمانها وما صنعت الأيام بها، تمالكت من حالها وتنفست عاليا لضبط النفس ثم أجابته بنبرة صوت مختنقة محتقنة بالألام: بجيت زينة بشوفتك يا حبيبي.
إنتفض داخله ودقق النظر داخل عيناها راصدا ألامها وتحدث إليها بنبرة قلقة: مالك يا صفا. فيكي إية يا نن عين أبوكي؟
وبلمح البصر رمق قاسم بنظرة حادة كالصقر وتحدث وهو ينظر إلية: فية حد عمل لك حاچة ولا زعلك؟!

إرتبكت من حدة صوت أبيها وتحدثت سريع بتلبك: لا يا ابوي محدش مزعلني
ثم نظرت لداخل عيناه وأردفت قائله بنبرة حنون متأثرة: أني بس اللي إتوحشتك يا حبيبي
إبتلع قاسم لعابه متأثرا ثم أردف قائلا بنبرة دعابية كي يخرجه من حالته تلك: صلي على النبي أومال يا عمي، إنت چاي تهدي النفوس بيني وبين مرتي ولا إية؟

إنتفض قلبها وانتعش عندما إستمعت للقب زوجته منه، كم كانت تعشق كل ما به وتتمناه، لقد وصلت في عشقة لأقصي درجاته وأصبحت متيمة بحلاوة عشقة المر، كاللعنة غرامه أصاب قلبها البرئ بسهم مسمم بداء الهوي، فلا هي التي تنعمت بأحضانة وذابت، ولا هي التي تقوي على تركه والإبتعاد.

ضحكت ورد ورسمية وإبتسم له زيدان الذي تحرك إلى الأريكة ساحب طفلته معه وجلس وأجلسها وسحبها بين أحضانه مردف بدعابة مماثلة: مش لازمن أدبح لك الجطة من أولها كيف ما بيجولوا لجل ما تختشي
ضحك قاسم وتحدث بدعابة جديدة عل شخصه إستغربها الجميع: طول عمري اسمع إن الجطة دي الراچل اللي بيدبحها لمرته لجل ما تخشاه وتسمع حديته، لكن أول مرة اعرف إنها بتدبح من الحما.

تساءلت رسمية إلى قاسم بدعابة مماثلة: وإنت بجا دبحت لصفا البسه يا قاسم؟
حول بصره لتلك التي تنظر عليه من بين أحضان والدها الحنون تختبئ داخلها وكأنها طفلة العاشرة، وتحدث بنبرة حنون مادح إياها بفخر: مش صفا زيدان اللي يدبح لها الجطة يا چدة، اللي كيف صفا في أخلاجها وأدبها تتشال على الراس وتتحط چوة نن العين.

إهتز داخلها من إستماعها لشهادته في حقها حين إنفرجت أسارير الجدة وشعرت كم كان عتمان محق حين قال لها أن قاسم متمرد شارد عن أصلة ولن يعود إلا بقوة ناعمة، ولم يري حوله أقوى من تلك الشرسة الناعمة التي إستطاعت من خلال أيام قلة أن تجعل منه شخص ولأول مرة يعبر عن مشاعره تجاة أحدهم،
أما زيدان الذي إطمأن قلبه على صغيرته ووجه حديثه الشاكر إلى قاسم قائلا: تعيش ويعيش أصلك يا ولدي.

تحركت ورد وهي تمسك بيدها بعض علب الحلوي الكرتونية التي مازالت موضوعة فوة سفرة الطعام واردفت قائلة: هدخل أعمل لكم حاچة تشربوها وأجيب لكم چاتوة.

في القاهرة
كانت تجلس فوق مقعد مكتبها الصغير المتواجد داخل غرفتها المتواضعة، واضعة نظارتها الطبية التي ترتديها لأجل العمل حفاظ على نظرها، تعمل على جهاز الحاسوب الخاص بها كألة عمل لا تتوقف أبدا كي تلهي حالها عن حالة الغيرة والغضب التي تملكتها من عدم مهاتفة قاسم لها منذ ليلة الحنة
دلفت إليها والدتها دون إستئذان وتسائلت بنبرة حادة إستهجانية: البية لسه بردوا متنيل قافل تليفونه وما كلمكيش؟

زفرت بضيق شديد من طريقة والدتها المستفزة التي جعلت الدماء تغلي بعروقها وتحتد أكثر وهي بالاساس تحاول جاهدة بأن تتغاضي وتتناسي
تحدثت بنبرة حادة: حضرتك سألتيني السؤال ده بالليل و قولت لك لسه، وأكيد لو كلمني كنت هبلغك لأني عارفة ومتأكدة قد إيه الموضوع مهم بالنسبه لك،
وأكملت بلهجة شديدة الحدة: فياريت تبطلي سؤالك ده كل شوية لأنك بكدة بتضغطي على أعصابي وأنا أصلا متوترة وحقيقي مبقتش متحملة ضغط أكتر من كدة.

نظرت لها كوثر بغضب من حدة إسلوبها، دلف عدنان سريع وهو يتلفت حوله وأغلق الباب خلفه وتسائل بإستفهام: فيه إية يا جماعة صوتكم عالي كدة ليه، بابا قاعد برة ولو سمع أو حس بقلقكم ده هيدخلنا في سين وجيم ومش هنخلص من تحقيقاته.
وقفت وتحدثت له إيناس: قاسم ما أتصلش بيك من وقت ما كلمك من يومين يا عدنان؟

تنهد بأسي لحال شقيقته وما أصبحت عليه وأجابها: ما اتصلش يا إيناس، هو أتصل وقتها من تليفون فارس أخوه وإطمن على الشغل وملاني بعض الملاحظات وقفل على طول من غير حتى ما يديني فرصة لأي كلام
هتفت كوثر بنبرة مرتعبة: يا خوفي ليكون البيه عجبته البنت وبيفكر يفشكل جوازته من أختك ويكتفي بجوازته من بنت عمه، وأكملت بشر وتوعد: بس ده يبقا غلطان وغبي وميعرفش كوثر ممكن تعمل إية لو فكر بس يغدر بينا.

أما تلك المشتعله التي تسائلت والنار تنهش داخل صدرها: إنت شفت البنت يا عدنان، حلوة؟
وأكملت بنبرة جديدة عليها: طب أنا الأجمل ولا هي؟
علي الفور تذكر عدنان فائقة الجمال تلك والتي لم يري لسحر عيناها مثيل، لكنه تراجع عن قول الحقيقة كي لا يشعل شقيقته أكثر وكي لا تغضب عليه وتسقيه من المر والنكد ألوان.

فتحدث بنبرة مرتبكة بعض الشئ: ولا فيها ريحة الجمال اساسا، أصلا مفيش مقارنة بين جمالك وبينها، دي حاجة كدة أستغفر الله العظيم شبه الرجالة في شكلها وجسمها
تنهدت حينها بإرتياح وأطمئن قلبها وأستكان، ورفعت قامتها لأعلي بغرور، ثم جلست فوق مقعدها من جديد.

بعد مرور خمسة أيام على زواج قاسم وصفا
ليلا داخل حديقة منزل عتمان، كان شباب المنزل يجلسون سويا يتسامرون، وذلك بعدما صعد فارس إلى شقيقه وطلب منه الحضور إلى الحديقة للجلوس مع أبناء عمومته
بعد مرور حوالي الساعة شعر بحاجته إلى رؤياها التي أصبحت تبث الطمأنينة والراحة داخل نفسه
وقف ليستأذن منهم قائلا بهدوء: تصبحوا على خير يا شباب.
قوس حسن فمه بتعجب وتسائل: على فين بدري إكده يا قاسم؟

أجابه بإختصار: يدوب أطلع لجل ما أنام يا حسن.
في حين تحدث فارس مداعب أخاه بغمزة من عيناه: حجك يا باشا ما أنت لساتك مستچد في الچواز والموضوع چاي على هواك، لكن لما تبجا لك سنتين زيينا إكده عتجعد نفس جعدة البوساء اللي إحنا جاعدينها دي بالتمام.

ضحك الجميع عدا يزن الذي كان يرمقه بنظرات حادة كنظرات الصقر، وخصوصا أنه يعلم علم اليقين من أنه لا يحمل داخل قلبه لصفا أية مشاعر بل ويكاد يجزم بأنه مازال على علاقة بتلك الفتاه القاهرية التي كان يحدثها منذ القديم، وما جعله يتأكد بأن ظنونه بمحله الصحيح هو ما حدث ليلة الحنه وأرتياب قاسم الذي أصابه عندما إقترب منه يزن أثناء ما كان يتحدث بالهاتف.

وقف قاسم وتحدث قائلا وهو يبادل ذاك اليزن نظراته النارية: أني مش زيكم ولا عمري هكون يا فارس.
سلط يزن عيناه داخل عيناي قاسم بغضب وأردف قائلا بنبرة جامدة: من چهة إنك مش زيينا فأني متوكد من إكدة يا متر، بس مش عايزك تفرح چوي إكدة لان دي مش حاچة بتميزك عنينا، دي ليها فاتورة واعرة جوي ولازمن تندفع، والتمن هيجا غالي، غالي جوي فوج ما خيالك يصور لك يا ولد عمي.

ضيق عيناة مستغرب حديث ذاك الغاضب وماذا يقصد به، وما هو الثمن الذي يتوجب علية دفعة، أيوجد ثمن لم يدفع بعد؟
لقد قام بدفع الثمن وتسديد كامل الفاتورة مقدم من كرامته التي هدرت أمام تلك الصفا وأمام حاله وأنتهي الأمر، هكذا هو تصوره للموضوع
فأراد أن يحرق روحه فتحدث بإهانة وتقليل من شأن يزن:.

التمن دي للناس الضعيفة اللي عتسمع الحديت وتطاطي راسها وتجول علم وينفذ وأمرا مطاع يا صاحب الأمر، وأكمل بعناد ولهجة تهديدية رافع قامته لأعلي: لكن أني لا يا باشمهندس، إنت لساتك متعرفش الوش التاني والحجيجي لقاسم النعماني، ومن الأحسن إنك معتشفهوش.
قهقة يزن عاليا وأجابه بكل ثقة: إنت اللي كن جعدتك في مصر نستك عوايدنا ومخلتكش تركز في الناس اللي منيك زين.

وأكمل ساخرا: على العموم أني عاوزك تفتكر كلامك ده زين علشان عفكرك بيه جريب، جريب جوي يا متر.
إستشاط ذاك الغاضب وكاد أن يتحدث لولا تدخل فارس الذي أراد أن يهدئ من الوضع بعدما رأي بعيناه أنه بات على وشك الإنفجار.
أردف فارس بمداعبة لتلطيف الأجواء: زينة مناظرة التيران الشرسه دي يا شباب، بس لو زادت أكتر من إكدة هتتجلب لمصارعة والليلة هتغفلج على الكل كليله.

وأكمل بنبرة تعقلية: صلوا على النبي إكدة وإهدوا، وإنت يا قاسم، يلا إطلع على فوج لعروستك
ثم إتجه ببصره إلى يزن وتحدث بدعابة ساخرة: وإنت يا يزن، تعالي لاعبني دور طاولة لجل ما أخسرك وأحزنك على شبابك جبل ما تطلع ل ليلي وتاخد منيها چرعة النكد الأوچانك اليومية اللي معتعرفش تتخمد من غيرها.

قهقه الجميع على سخرية فارس من شقيقته ذات الطباع الحادة عدا قاسم الذي رمق يزن بنظرة حارقة ثم تحرك وصعد للأعلي دون إضافة المزيد.

دلف لداخل حجرة نومهما، وجدها تجلس القرفصاء فوق الفراش وتضع وسادة صغيرة فوق ساقيها ومن فوقها جهاز اللاب توب وتنظر لشاشته بتركيز وإهتمام مبالغ به، وصل إلى أنها لم تشعر بوجوده حين دلف للداخل
تحدث متحمحم كي تنتبه إلى دلوفه: مساء الخير
ردت عليه ومازالت عيناها مثبته فوق شاشة الجهاز حتى أنها لم تكلف حالها عناء النظر لوجهه وهي تحادثه.

إستشاط داخله من تجاهلها له، لكنه فسره على أنه رد للثأر لكرامتها وتصنع الكبرياء واللامبالاه، لغسل ماء وجهها أمامه بعد ما صار منه ليلة زفافهما التي مهما حاولت تجاوزها إلا أنها بين الحين والاخر تكشعر ملامحها وتتجنب الحديث معه بدون أدني سبب، وهذا ما كان يؤرقه دائما.

تحرك إلى الخزانه وأخرج ثياب مريحه ودلف لداخل المرحاض، أخذ حمام دافئ وأرتدي ثيابه وخرج من جديد ليجدها ما زالت على نفس وضعيتها، وقف أمام مرأته صفف شعرة الأسود بعناية فائقة ونثر عطره الفواح فوق جسده.

وبعد ذلك تحرك للفراش وتمدد بجسده بجوارها وأسند رأسه للخلف، ومازالت هي على وضعها، تحمحم للفت الإنتباة ولكن، مازالت تلك الساحرة تنظر لشاشتها بتمعن شديد دون ان تعطي لحضورة أدني إهتمام مما أثار فضوله وثارت كرامته أيضا
علي غير عادته رفع قامته لأعلي وبات يتلصص ليري ما الذي يستحوذ على تركيزها، نظر لشاشة الجهاز حتى يري ما الذي يشغل عقل تلك العنيده لهذه الدرجة!

نظر وياليته لم يفعل، وجدها تتابع عملية جراحية لإستئصال المرارة، وجد الطبيب ممسك بالمشرط الخاص بالعمليات وقام بشق بطن المريض بكل هدوء ومهنية، وبدأت بعض قطرات الدماء البسيطة تسيل بهدوء والممرضه تقوم بتجفيفها بحرفية في مظهر تقشعر له الأبدان
لم يستطع تمالك حاله وأعتدل بجلسته وسريع إنتفض وهو يهرول إلى المرحاض حتى يخرج ما بداخل أمعاءه.

نظرت إليه بإستغراب لحالته وأوقفت بث الفيديو وتحركت إليه سريع، وقفت أمام الباب وهي تتساءل بنبرة قلقه وعيون متلهفة حين وجدته يفرغ ما بمعدته ووجهه إكتسي باللون الأحمر الداكن وأثار التعب والقرفه تظهر فوق ملامحه: إنت كويس؟
إغتسل جيدا وأمسك بيده المنشفه وتحرك إليها وهو يجفف فمه ووجهه وأردف قائلا بإستياء وأشمئزاز: هبجي كويس إزاي بعد الجرف اللي شفته ده، إنت إتچننتي يا صفا، أيه الجرف اللي عتتفرجي عليه ده؟

أجابته بنبرة متعجبة: جرف، أولا يا حضرت المحامي المحترم ده مسموش جرف
وأكملت بنبرة علميه: دي عملية لإستئصال مرارة ملتهبه وعلى وشك الإنفجار كمان
نظر لها بإشمئزاز وأردف متسائلا بتعجب: وإنت إيه اللي چابرك في إنك تتفرچي على المذبحه دي؟
أجابته بنبرة ساخرة: يمكن لأني چراحة مثلا وده في إطار شغلي؟

نظر لها بذهول وأردف متساءلا: وإنت حج عتشتغلي إكده؟، أني إفتكرتك بكتيرك عتكشفي على عيل إصغير ولا واحده عنديها مغص، لكن توصل بيك الچرأه إنك تشجي بطن الخلج بعدم رحمة كيف جتالين الجتله إكده، ده اللي عمري ما كنت أتخيل إنك هتعملية.

ضحكت بشدة وصلت حد القهقه وأرجعت رأسها خلف من شدة ضحكاتها، نظر إليها بإنبهار لطريقه ضحكتها المثيرة ووجهها الذي انير بطريقة تسر الناظرين إليه، إبتلع لعابه بتوتر لما شعر به من أحاسيس ومشاعر جديده عليه في حضرة تلك الصفا،.

وتحدثت هي ناظرة إليه بتفسير: بص يا قاسم، أني تخصص چراحه عامه، لكن في نفس الوجت دارسه شعبة عامة، يعني بعالچ كل ما تتخيله، عيل إصغير و واحده عنديها مغص زي ما حضرتك إتفضلت وجولت، بس ده ميمنعش إني چراحه.

وأكملت بتفاخر مصطنع وهي تشير على حالها بأصابع كف يدها الرقيق: وچراحة شاطرة كمان بشهادة دكاترتي في الچامعة واللي أشرفوا على تدريبي بذات نفسيهم، وعشان إكده لازم أطور من نفسي وأبقي على دراية كاملة بكل ما هو چديد في عالم الچراحة
بتحبي شغلك يا صفا؟ جملة تساءل بها قاسم بإهتمام.

أجابته مبتسمة بعيون فرحة: كلمة بحبه دي جليلة جوي على اللي بحسه تجاه شغلي، الطب ده رسالة سامية، فاهم يعني أية تخفف عن حد ألم مميت ولا تشيل عنه أذي محتم كان هيأدي لدمار چسمه؟
ولا لما تشيل الألم عن عيل إصغير بيبكي ومحدش عارف ماله ولا فيه أيه؟
حجيجي الموضوع ممتع ويستاهل تعب المهنة
إبتسم لسعادتها وتحدث بنبرة مترجية: طب ممكن تجفلي العملية دي وتتفرجي عليها بعدين، بجد مش جادر أشوف المنظر ده جدامي.

أطلقت ضحكاتها المثيرة من جديد حين تذكرت حالته وتحدثت بنبرة ساخرة أغاظته: أني اللي حجيجي مش جادرة أنسي شكلك وإنت مبرج وباصص للعملية بذهول،
وأكملت بتناسي وعدم تركيز في الحديث: أخر واحد كت أتخيل إنه يخاف وإن عنديه جلب زي البني أدمين وبيحس هو أنت يا قاسم!
نزلت كلماتها عليه زلزلت كيانه وشعر بطعنة ولكن لأجلها لا لأجله، لأجل شعورها به
نظر لها بحزن عميق وتساءل داخله، أحقا تريني هكذا صفا؟

رجلا بلا قلب بلا مشاعر بلا حس؟
تنهد بتألم وأردف قائلا لها وهو ينظر لمقلتيها: على فكرة يا صفا، أني مش وحش جوي إكده زي ما أنت شيفاني، يمكن جلوبنا منسجمتش مع بعضها وده طبعا يرچع لظروفنا اللي إتحطينا فيها ونظام الچبر اللي إتچوزنا بيه،
وأكمل مفسرا لتصرفاته السابقة معها: وأني طول عمري مكرهش في حياتي قد الحاچه اللي أنجبر عليها وتتفرض علي.

نزلت جملته النارية عليها أدمت قلبها العاشق ومزقت ما تبقي منه، حولت بصرها للجهه الأخري كي لا تخونها دموعها وترفع الراية البيضاء وتنهمر بحرارة أمامه
أمسكت جهاز اللاب توب وأغلقته، وضعته بجانبها فوق الكومود وتحدثت وهي تواليه ظهرها وتتمدد فوق الفراش وتدثر حالها تحته في محاولة منها للهروب بأحزانها بعيدا عنه ولحفظ ما تبقا من كرامتها التي هدرها جدها تحت ساقي ذلك القاسي: إجفل النور لو سمحت، أني عاوز أنام.

شعر بغصه مرة داخل حلقة لأجلها وشعر كم كان قاسيا بوصفه لعلاقتهما، وأنه أزادها عليها ولكن كان لحديثه بقية، كان سيرضي به قلبها الرقيق ويعتذر منها ولكنها تسرعت بغضبها
فتحدث هو بإستحياء بنبرة خجلة مبررا حديثه ومكملا لما بدأ: حجك عليا يا صفا، أني مجصدتش الوصف اللي وصلك ولساته لكلامي بجية، أني.

قاطعته بحديثها الحاد الذي يطغو على نبرته الغضب: من فضلك يا متر، معيزاش أسمع مبررات إنت في غني عنيها، وأساسا الموضوع كلاته لا يعنيني بشئ
وأكملت بنبرة بارده وكلمات مهينة ثائرة لكرامتها: وصدجني أني لا أجل عنيك في نظرتي لعلاجتنا العقيمه عديمة الفايدة دي، وبالنسبة لي هي وضع مؤقت ليس إلا.

إستشاط غضب من كلماتها المهينه لشخصه ولا يعلم لما أشتعل داخله بوصفها لعلاقتهما بأنها عقيمة عديمة الفائدة ولكن تحامل على حالة وصمت كي لا يزيدها عليها، وأغلق الضوء وتمدد بجوارها واضع يداه تحت رأسه ناظرا إلى التي تواليه ظهرها دون إهتمام.

داخل مسكن يزن وليلي
كان يجلس داخل بهو الشقة وبيده بعض الأوراق الهامة الخاصة بالمحجر ليستخلصها، تحركت إلية ليلي وهي ممسكة بيدها حاملا موضوع عليه كأسان من مشروب بارد قد صنعته داخل المطبخ كي يرطب عليهما في ذلك الطقس الساخن
جلست بجانبه وأمسكت بكأس المشروب وتحدثت بإبتسامة حانية وعشق ظهر داخل عيناها وهي تبسط إليه يدها: العصير اللي عتحبه يا حبيبي.

قطع عمله ثم نظر لها وأخذ كأس العصير وأرتشف منه القليل وأرجع ظهره مستندا به إلى الخلف ناظرا أمامه ببرود
حزن داخلها وأردفت متسائلة بنبرة حزينه: لساتك زعلان مني يا يزن، أني مجادراش على زعلك دة، روحي عتفارجني ومهترجعليش غير برضاك عليا يا حبيبي
صح عتحبيني يا ليلي؟!
سؤال متعجب طرحه يزن عليها بإستهجان!
أجابته بقوة وثبات: لساتك عتسأل يا يزن، ده انت النفس اللي أني ععيش عليه، أني عشجانة لروحك وجلبك يا واد عمي.

نظر لها بإشمئزاز وتحدث بقوة: كدابة يا ليلي، معصدكش ولا كلمة من اللي عتجولية، تعرفي ليه؟
نظرت له بألم تترقب باقي حديثه فهتف هو بإتهام: اللي عيعشج كيف مبتجولي جلبه ميعرفش الكرة يا ليلي، وإنت جلبك مليان سواد وحجد على بت عمك الغلبانة.
وما أن إستمعت لمبرراته حتى إستشاط داخلها وتحدثت بنبرة حقودة وكأنها تحولت لأخري: جولي إكدة، بجا جلبتك على ولوية بوزك الأيام اللي فاتت دي كلياتها لجل بت ورد؟!

إشتعلت نيرانه ورمقها بنظرة حادة أخرستها وتحدث بلهجة صارمة مهددا إياها: أول وأخر مرة أسمعك تجولي على بت عمك بت ورد، الله في سماه لو سمعتها منيكي تاني لكون جاطع لك لسانك ورامية للكلاب تاكلة، ده لو رضيوا ياكلوة من الاساس، سمعاني
إرتعب جسدها من صوته الجهوري وأبتلعت سائل لعابها، وأومأت له بموافقة
لانت ملامحه قليلا وعاود الإرتشاف من كأس العصير.

حين حزن داخلها وتحدثت بملامح وجة حزينه ونبرة صوت منكسرة: عمرك سألت حالك أني ليه هكرة صفا وأطيج العما ولا أطيجهاش إكدة
إلتف إليها ناظرا وأردف بضيق: عشان جلبك أسود وأمك شربتك الجسوة والحجد من ناحية بت عمك، وبدل ما تحبيها وتاخديها في صفك وتطبطبي عليها إكمنها وحيدة، سيبتي حالك للشيطان يتملك منيكي ويكبر بغضك وحجدك على المسكينة.

هزت رأسها بنفي وأردفت بنبرة مختنقة من أثر إحتقان دموعها: لا يا يزن، أني ما أتخلجتش بكرة صفا لا، كرة صفا إتخلج وكبر واحدة واحدة جواتي وكل ده بسبب عمايل چدك وچدتك وحتى أبوك وامك، كلياتهم كانوا عيفضلوها علي، كانوا عيحبوها وياخدوها جواة أحضانهم وأني واجفة چار الحيط أتفرج عليهم كيف الغريبة، چدك عتمان عمرة ما دخلني چواة حضنه
وأكملت بشرود وهي تهز رأسها بحزن: معرفهوش أني حضن چدك دي!

كان يستمع إليها بهدوء بعدما حزن داخله لأجل صوتها الصارخ ودموعها المسجونه داخل مقلتيها وتريد من يطلق سراحها لتنطلق وتصرخ تعبيرا عن مدي ألامها
تحدث إليها بنبرة حنون: بس هما مكنوش بيعملوا إكدة كره فيكي يا ليلي، چدك وچدتك كانوا بيعوضوا غياب عمك زيدان عنيهم في حضنهم لصفا، هما اللي كانوا محتاچين الحضن دي يا ليلي مش صفا.

وأكمل مبررا: أما أبوي وأمي هما كمان كانوا حاسين بحرمانها من لمة العيلة وما بيصدجوا اليوم اللي تاچي فيه إهني ويحاولوا يحاوطوها بحنانهم لجل ما يعوضوها
صاحت قائلة بنبرة حادة غاضبة حاقدة: صفا مكانش ناجصها أحضان يا يزن؟
أني اللي كنت محتچاها، أني اللي عمري ما دوجت لحضن أبوي طعم، حتى أمي عمرها ما خدتني جواة حضنها ولا إتحدتت وياي كيف الأمهات مبيعملوا مع البنته.

صرخت به وأزرفت دموعها الحبيسة حيث أنها لم تعد تستطيع الصمود أكثر: حتى انت يا حبيبي يا اللي إختارتك من صغري لجل ما تبجا خليلي، فوتني وجلبك مال لها هي، مع أن عمرها شافتك ولا حست بيك كيف ما أني حسيتك، ورغم إكدة عشجتها بكل ما فيك.
وأكملت بشهقة خلعت قلبه معها وكسبت بها تعاطفه: ولساتك عتعشجها لدلوك وعتدافع عنيها وتوبخني لجل خاطر عنيها.

سحبها وأدخلها لداخل أحضانة وبات يربت فوق ظهرها بحنان وأردف قائلا: حديت إية اللي عتجولية دي يا ليلي، صفا بجت مرات أخوي يعني إتحرمت على كيف أمي وأختي.
كيف افضلها عليكي وإنت مرتي وهتبجي أم ولادي
إنتفضت من داخل أحضانه ونظرت إلية بترقب وأردفت متسائلة: كان نفسى تجول حبيبتي، مش مرتي يا يزن.

أجابها بثقة: اللحكاية دي في يدك لوحدك يا ليلي، إنت الوحيدة برجتك وجلبك النضيف اللي عيحب اللي حوالية ومعيشيلش جواته أي كرة أو حجد لغيرة، اللي هتخليني أشوفك حبيبتي اللي معجدرش أستغني عنيها
إوعديني إنك تتغيري يا ليلي، إدي فرصة لجلبك يطهر من ذنوبه وخطياه، حبي اللي حواليكي يا ليلي، وجبلهم حبي حالك وطهري روحك
ساعتها عشوفك حبيبتي اللي عحبها واتمناها، وإية اللي يمنع وجتها جولي لي.

كانت تستمع إلية وقلبها يتمزق، صراع داخل روحها التائهة، تشتت يؤرجح عقلها، هي ليست بالشيطان، لكنها ترعرعت داخل أحضانه، تسمم عقلها بأفكارة، لطالما لم تجد من يأخذ بيدها لطريق الحق وينير ضربها العاتم
كانت تومئ له برأسها وتتساقط دموعها الغزيرة التي جعلته متأثرا بعدما شعر بتشتتها.

أمسك كف يدها قبله وتحدث بنبرة حنون: جربي من ربنا يا ليلي في الجرب منيه النچاة، في حضرته جلبك هيرتاح وبصيرتك هتنور وكل شي جدامك هيوضح ويبان كيف عين الشمش
وأكمل بنصح: صلي يا ليلي، صلي بإنتظام وأجعدي بعد الصلاة كلمي ربنا وإشكي له همك، جولي له على كل اللي تاعب روحك وواجع جلبك، هو اللي هيجدر يطيب جراحك ويريح جلبك.

بكت وبكت بمرارة وكلما زاد البكاء شعرت بالراحة وكأن دموعها تلك تنقيها من خطاياها التي لا حصر لها والتي فعلت معظمها بجهل منها وذلك لإنشغال والديها عنها وعدم توعيتها للصح
شعر بالأسي تجاهها وأخذها داخل أحضانه وشدد منه وتمسكت هي بضمته كمن وجد ضالته وضلت تبكي بمرارة حتى إستكانت بعدما أفرغت ما بداخلها، ولكن يضل السؤال، هل يمكن حقا لمن تربت داخل أحضان الشيطان أن تسلك الطريق الصحيح وتهتدي؟

دعونا ننتظر هل سيتغلب الطبع السئ أم التطبع.

مساء اليوم التالي
داخل حجرة قدري، يجلس كل من قدري وفايقه وفارس بناء على طلب ذاك القاسم الجالس مقابلا لهم بملامح وجة مبهمة
تحدث قدري متسائلا بنبرة قلقة: فية اية يا ولدي، چامعنا بربطة المعلم لية إكدة؟!
تحدثت فايقه متسائلة: فية حاچة حصلت يا قاسم؟
أخذ نفس عميق ثم زفرة بضيق وتحدث مهموم لما هو أت: أني مهتچوزش على بت عمي يا أبوي.

وأكمل بقوة وإصرار: هروح ل إيناس وأحل وعدتي وياها وهجبل بكل اللي يطلبوة أهلها مني، بس مهغدرش ببت عمي ولا عخون أمانة عمي زيدان اللي أمني عليها.
وزالت عتمتي ببزوغ فجرك، من بعد ليل طويل غميق معتم
روز امين.

نظر لوالدة وتحدث بنبرة رافضة: أني مهخونش ثقة عمي فيا يا أبوي حتى لو على رجبتي
وكأن بكلماته تلك قد سكب مادة شديدة الإشتعال داخل صدر فايقة الملئ بالحقد والتي إنتفضت قائلة بنبرة خبيثة في محاولة منها لإستيقاظ ضمير صغيرها: كيف يعني تسيب البنية بعد ما ركنتها چارك سبع سنين وكل الخلج هناك تعرف إنها خطيبتك؟
وأكملت لدغدغة مشاعرة: ترضاها على أختك دي يا قاسم؟

اللي منرضهوش على بناتنا منرضهوش على بنات الناس يا ولدي.
أما قدري فلم يعنيه الأمر بالكثير، كل ما كان يعنية هو إتمام زواج قاسم من إبنة زيدان كي يضمن ورثها بين يداه وولده وهذا ما عثر علية بالفعل، وكل ما يشغل باله حاليا هو كيف سيقنع قاسم بأن يطلب من صفا أن تتنازل له عن العشرون فدان التي تنازلت بهما رسمية ووثقتهما إلى صفا.

حين تحدث فارس بنبرة حماسية متضامنا مع قرار شقيقه: عفارم عليك يا قاسم، تفكيرك عين العجل يا أخوي، لا مرتك ولا عمك زيدان كانوا يستاهلوا منيك الغدر
رمقته فايقة بنظرات نارية وصاحت بجنون: يعني بت الناس اللي وثجت فيه وأستحملت ظروفه وتنها جاعدة چارة سبع سنين، هي اللي تستاهل يتغدر بيها يا سي فارس؟

أجابها قاسم مفسرا موقفه: غلطة وعملتها من غير ما أحسب لها ولازمن أصلحها يا أما، وياريت تخرچي حالك براة الموضوع ده، أني هروح لهم وهتفاهم وياهم وهنفذ لهم كل اللي يطلبوة كتعويض ليهم عن أي ضرر نفسي حصل لهم.

هنا لم يستطع قدري الصمت أكثر وبالتحديد عندما إستمع إلى ولدة وأنه سيفقد نقودا أمام تلك الغلطة فتحدث بنبرة ساخطة: ولما أنت معايزش تغدر بالسنيورة بت عمك، كان لازمته أية من اللول كل اللي عملته ده يا شملول؟

وأكمل لائم: في اللول كت هتخربط لي كل اللي جعدت عمري كله أخطط له وأستناه، وبعديها شحطتني وياك وجعدتني ويا الراچل ومرته اللي كيف الحرباية، وجعدت تؤمر وتتأمر عليا وهي متسواش ميلم أحمر لا هي ولا جوزها الدلدول ولا حتى البت، ده أني شفت طمعهم فيك جوات عنيهم اللي تدب فيها رصاصة، وسكت لجل ما أراضيك وأخليك تكمل چوازك من بت زيدان،.

ثم رمقه بنظرة مقللة لشخصة وأردف متسائلا بنبرة ساخطة: مالك يا واد مراسيش على بر ليه؟
، متفوج لحالك إكدة وإعرف مصلحتك وينها يا حزين
نظر له بتألم وأردف بتساءل بنبرة مختنقة بالعبرات: صح معارفش ولدك ماله يا أبوي؟

وأكمل بتألم وكأنه كان ينتظر ذاك السؤال بالتحديد: أني ضايع من حالي يا أبوي، معارفش أرتاح، جواتي إتنين بيتعاركوا ومجطعين بعض طول الوجت، طول عمري وأني مجسوم نصين وضايع، نص بيناتكم إنت وأمي، والنص التاني ويا ضميري اللي عيصرخ ومعيريحنيش واصل، نص بين اللي أني رايده وعيريحني، وبين اللي إنتوا وچدي رايدينه.

وأكمل بألم يمزق قلبه: من واني عيل صغير كان مزاچي ميال للكورة، لحد ما في يوم حضرتك شفتني وأني بلعب في الشارع ويا العيال، مجادرش أنسي الجتلة اللي كلتها منيك في اليوم دي، جولت لي هتسيب علامك وتخيب يا قاسم، ده أني أدبحك بيدي يا واد، أني عايزك تبجا دكتور ولا مهندس لجل ما تشرفني جدام چدك وأعرفوا كيف العلام بيكون، مش كيف زيدان ولده اللي واخد كلية تچارة خيبانه زييه.

ضحك ساخرا وأكمل: كنت دايما زارعني جار چدي لجل ما أكون جريب من جلبه ويحبني عشان ينسي بيا بعده عن عمي زيدان، چدي من ناحية يعلمني الأصول وكيف أحب إعمامي وولادهم وكيف أكون سند لعزوتي بعديه
وأكمل بتألم: ومن الناحية التانية إنت وأمي تعلموني كيف أكرة ولاد إعمامي وأتفوج عليهم كلياتهم وأعتبرهم أعداء ليا ولخواتي، جسمتوني نصين بيناتكم، وأكمل بنبرة مميته مميلا برأسه: شرختوني يا أبوي.

تساءل بعيون لامعة بالدموع شقت صدر فارس الذي يستمع إليه بقلب يصرخ متألم: چاي دالوك تجول لي إرسي على بر وإختار مصلختك؟
ميتا إختارت شي بخاطري أني يا أبوي؟
ميتا كان ليا رأي وكلمة بيناتكم؟
طول عمري وأني مچبور على كل حاچه، طول عمري متساج ومسير، من ميتا أني كنت مخير؟

وأكمل مذكرا إياه: فاكر لما چبت مجموع جليل في الثانوية العامة، كلت منيك جتلة مناسيهاش للنهاردة، وجتها جولت لك هدخل تربية رياضية لجل ما أحجج حلمي وألعب كورة وأدرب العيال اللي عدرس لهم
وجفت في وشي وجولت لي لا، مهيحصلش أبدا، وكان يوم عيدك لما چدي جرر يدخلني الكلية اللي بطلع المحامين لجل ما أمسك له جضاياة الكتيرة بدل الأستاذ عبدالجليل المحامي.

وضحك ساخرا: وبعدها إختار لي شجتي، عرببتي، حتى سريري اللي كت عنام عليه كان على ذوجه هو
وأكمل: بعدت، كان نفسي أنسلخ من چلدي وأطلع من إهني بدون راچعة وأبعد عن كل حاچة، الكرة والحجد والتحكمات والظلم اللي ماليكم
رميت حالي في ظلام أول واحدة جابلتني لجل بس ما أهرب من چوازي من بت عمي اللي إنت وأمي باصين لورثتها مش ليها،.

وأكمل بصياح: كت عايز أهرب لجل ما أحميها من حالي ومنكم، بس معرفتش، وكن الدنيي بطلع لي لسانها وتجول لي ميتا إختارت شي بخطرك يا حزين لجل ما تاچي دالوك وتختار.
ما أصعبه من شعور مميت حين تجد أقرب الناس إلى روحك هم من يسخرون من ألامك والتي هي بالأساس من صنع أيديهم.

هكذا كانت نظرات قدري وفايقه الساخرة وهم يرمقون قاسم مقللين من حجم معاناته ومن شكواة، إلا من شقيقه والذي يشبهه بالأساس، كم كانت متشابهه روحيهما في التمزق، وكأنهما يتقاسمان الألم ذاته، كم كان داخل فارس مشوة دميمم كداخل شقيقه!

كانت تستمع له بقلب متيبس لا يعرف للرحمة معني، أما والده فقد صاح به بتجبر غير عابئ بحالة صغيرة التي تقطع أنياط القلب: ده بدل ما تاچي تتشكرني وتحب على يدي بعد كل اللي عملناه علشانك دي، چاي ترمي علينا اللوم والعتب؟!
وأكمل: أني عملت منيك راچل ملو هدومك، چدك بيكبرك ومهيخطيش خطوة واحدة غير لما بياخد مشورتك فيها.

وأسترسل حديثه بمراوغة وكذب: حتى بت زيدان اللي خفت عليها من طمع النجع والمركز كليتاته في مال أبوها، وجولت أچوزها لك لجل ما أحميها من طمع الخلج فيها، چاي تتهمني إني طمعان في ورثتها يا قاسم؟
وتسائل غاضب: هو ده چزاتي أني وأمك بعد كل اللي وصلناك ليه؟
ضحك ساخرا على حاله،
أما فايقة التي تحدثت إلية بصياح وفحيح من بين أسنانها: عملت فيك إية بت ورد؟

أكيد سحرت لك كيف أمها ما سحرت لزيدان جبل سابج، وتساءلت بصياح حاد: شربتك إية يا ولدي، انطج؟
أجابها بنبرة حزينة وعيون متألمة لأجل والدته التي لم تشعر به قط وبحال قلبه الدائم التشتت والتألم: شربتني حنانها من مچرد نظرة عنيها وهي بتبص لي، عرفتني إن لسه في الدنيي ناس جلوبها صافية ونضيفه، طبطبت على جلبي من مچرد حاچات بسيطة عتعملها بمنتهي العفوية، جابلت جسوتي وچبروتي بمنتهي الحنية يا أما.

تحدث قدري كي ينهي تلك المناقشة عديمة الجدوي بالنسبة له وخصوصا بعدما استشف الإصرار من عين نجله والذي يتوافق مع رأيه بالأساس: إعمل اللي عيلد عليك يا قاسم، الحكاية كلياتها من اللول مكانش ليها لزوم، چدك لو كان عرف بالإتفاج دي كان عيشندلنا كلياتنا وعتجوم جيامتنا وياه ومهنخلصش.

جحظت عيناي فايقة من إستسلام زوجها لقرار قاسم وضياع حلم حياتها بكسر زيدان على غاليته، فتحدثت بإعتراض بنبرة غاضبة: حديت إيه اللي عتجوله دي يا قدري؟
رمقها بنظرة حارقة وتحدث بنبرة حادة أخرستها: اللي سمعتيه يا فايقة ومعايزش رط حريم واصل.
رمقتة بعيون تطلق شزرا تحت نظرات قاسم وفارس المتعجبة من حالة تلك المشتعلة نارا من ذاك القرار.

فاق فارس على حاله وتحرك إلى شقيقه وتحدث بنبرة حزينة لأجله: يلا عاود على شجتك يا قاسم، وأول ما ترچع مصر حل الخطوبة اللي مكانش عيچي لك من وراها غير مشاكل ربنا وحده اللي عالم كانت هترسي على إية يا أخوي
إنسحب مع شقيقه للخارج تحت قلب فايقة المشتعل بنار الحقد وأرتياح عقل قدري من ناحية غضب أباه، وبدأ تخطيطه لما هو أت وكيف سيستفيد.

فاق على حاله ونظر على تلك التي ترمقه بنظرات نارية كارهه، نظر لها بتدقيق وتحدث مهددا إياها: إسمعيني زين يا فايقة وحطي الكلمتين دول حلجة في ودانك عشان متاجيش بعد إكدة وتجولي إني مخبرتكيش ونبهتك، ولجل كمان ما تتجي شري اللي معتجدريش علية لو خربطي لي اللي في دماغي وعرتب له من سنين
وأكمل مفسرا: أني عارف ومتوكد إن غيرت الحريم جتلاكي ونفسك ومني عينك تشمتي في ورد حتى لو كان على حساب ولدك ومستجبله.

وأكمل مهددا بسبابته: بس الله الوكيل ما تحاولي تحشري حالك وتتصلي بالمرة بتاعت مصر دي لكون خاربها على دماغك ودماغ اللي عيتشدد لك كمان، سمعاني زين يا بت سنية؟
رمقته بنظرات نارية لو خرجت لحولته إلى رماد في التو واللحظة، وتحركت إلى الخارج تاركة إياه لحاله.

دلف إلى مسكنه وكل ما يجول بخاطرة هو الوفاء بوعد عمه له والمحافظة على تلك الصافية وكرامتها من الإهانه مهما كلفه الامر، إستمع إلى صوت حركة خافتة تأتي من المطبخ فعلم أنها بداخله، شعر براحة إجتاحت داخلة وتحرك إليها كي يري ما تفعله.

إقترب من الباب وتفاجأ بجسدها اللين يرتطم بجسده الصلب بشدة، تهاوت بوقفتها ووقع من بين يديها ذاك الوعاء المملوء بالفيشار وتبعثرت حباته وانتشرت فوق أرضية المطبخ، أما هي فتهاوت بوقفتها وكادت ان تنبطح أرض لولاه، إنحني سريع بجزعه وألتقط خصرها وضمه إلية محاوط جسدها بالكامل بين ساعديه.

ثواني، ما هي إلا ثواني فاتت عليهما كدهر، نظر لداخل عيناها ذات اللون العجيب الذي إكتشف أنه لم يرهما بإتقان من ذي قبل، إبتلع سائل لعابه حين أنزل ببصرة وأستقرت مقلتيه فوق شفاها المنتفخة بلونها الوردي والذي أقسم بداخله أنه لم يري بحياته أكثر منهما سحرا، تمني لو مال عليهما وألتقطهما بين شفتاه وذاب معها برقة إلى البعيد والبعيد ليتناسي بهما كل ألامه التي تسكنه.

وما كان حالها ببعيد عنه، فقد أصابت جسدها وسرت به قشعريرة لذيذة، تمنت لو ان لها الحق لترتمي داخل أحضانه وتضل تشتم لرائحة جسدة التي طالما تخيلت رائحة المحبوب وعبقه، ثم تذوب معه داخل عالمه الذي مازال عليها محرم
وبلحظة وعت على حالها وأنتفض عرق الكرامة وثار بداخلها حين تذكرت كلماته المهينة لها التي لم ولن تفارق خيالها وباتت كظلة منذ ذاك اليوم المشؤوم.

إبتعدت عنه مجبرة وتحمحم هو كي ينظف حنجرته ثم تحدث متسائلا بإهتمام اسعدها: إنت كويسه؟
سحبت بصرها عنه سريع وتحركت لتجلب أدوات التنظيف كي تلملم تلك الفوضي التي حدثت أثناء إصطدامهما، وأجابته بنبرة هادئة: أني زينة الحمد لله
أراد ان يخرجها من خجلها ذاك فتحدث مداعب إياها: شكلك مصدجتي خلصتي مني وچربتي عملتي فشار لجل متروجي على حالك بعيد عن خلجتي العكرة.

إبتسمت رغم عنها أثر دعابته وأردفت قائله بدعابه مماثلة: وأهو إندلج وإتفرش على الأرض من كتر نبرك
قهقه عاليا برجولة مما جعلها تترك ما تفعله وتنظر إلية بترقب وعيون منبهرة أثارته هو شخصيا وتحدث بإنبهار لم يستطع مداراته: تعرفي إن عيونك حلوين جوي ولونهم عچيب!
إبتسمت وتابعت ما تفعل ساحبه عيناها عن ناظرية وتحدثت بهدوء: كل اللي عيشوفني لأول مرة عيجولي إكدة.

إشتعل جسده نارا وتصلبت جميع خلايا جسدة وصاح بنبرة عالية متسائلا بحدة وعيون تطلق شزرا: ومين بجا إن شاء الله اللي عيجول لك عيونك حلوين يا هانم؟
كانت منحنية بجسدها تلتقط حبات الفيشار بالجاروف، رفعت عيناها إليه تنظر لهيئته المخيفة وعيناه الجاحظة بإستغراب
وتساءلت بداخلها، بما تفوهت حتى يستشيط غضب وتشتعل عيناه هكذا؟
ازاحت ببصرها عنه وأنتصبت متحركة إلى سلة القمامة، وضعت بها ما في يدها.

وذهبت إلى الحوض كي تغسل كفاها لكنها إنتفضت عندما إستمعت لصياحه المرعب قائلا بنبرة غاضبة: معترديش على سؤالي ليه، مسمعانيش إياك؟
إستدارت إلية متسائلة بملامح وجه حادة: چري لك اية يا قاسم، عتعلي صوتك لية إكدة، خلعتني
إقترب عليها ووقف قبالتها وسألها بجنون وغيرة شاعله ظاهرة بداخل عيناه المتسعة: مين اللي عيجولك عيونك حلوه؟
ربعت يداها ووضعتهما فوق صدرها وأجابته بعناد: كل اللي عيشوفني عيجولي إكدة.

سألها بنظرات حادة كنظرات الصقر: الدكتور، ولا زمايلك في الچامعه ولا مين بالظبط يا صفا، إنطجي؟
أجابته بنبرة إستفزازية كي تحرق روحه: أظن ده شيئ يخصني لحالي، عتحشر حالك وتدخلها لية في خصوصياتي يا متر؟!
أجابها بقوة وتملك: حالك هو حالي يا دكتورة، ولا نسيتي عاد إنك مرتي؟

أمسكت وعاء كان ممتلئ بالفيشار وموضع جانب كانت قد صنعته لأجلة، وضعته بين كفيه بحدة وتحدثت وهي تنظر داخل مقلتاة بتحدي: صوري يا متر، مرتك بشكل صوري، إوعاك تنسي إتفاجنا؟
وتحركت خطوتان للأمام أمسكها من كتفها ولفها إلية ذاك الغاضب بعدما فهم مغزاها وأراد أن يتسلي ويزيد من نارها وأردف بوقاحة غامزا بعيناه: طب وبالنسبة للي حصل بيناتنا ليلة الدخلة، دي كمان كان صوري؟

إبتلعت لعابها فتجرأ هو على التقرب منها أكثر وألتصق بجسدها محاوط خصرها بساعدية بعدما وضع وعاء الفيشار فوق المنضدة: طب إية رأيك نعيد توثيجة دالوك لجل ما نتمم الإچراءات الناجصة ونخلوة رسمي وفهمي ونظمي كمان.
إنتفض جسدها ووضعت ساعديها كسد لتبعده بكل قوة لكنها لم تستطع حتى أن تزحزحه عن إلتصاقه بجسدها إنش واحدا فتحدثت بتلبك: سيبني في حالي يا قاسم.

أجابها بثقة وحديث ذات معني مؤكدا لنفسه قبلها ملكيته لها: حالك هو حال چوزك يا عروسة
إبعد يا قاسم وبطل هزارك البايخ دي: جملة تفوهت بها صفا
فأجابها بقوة: بس أني مبهزرش يا صفا، أني چوزك وليا عليكي حجوج
وأقترب من شفتاها وتحدث: وأني بجا عاوز حجوجي و دالوك
تفوهت بقوة وهي تنظر لعيناه: وأني معيزاش يا قاسم، عتاخدني بالغصب إياك؟

وأكملت لتذكيره: ومتنساش، إنت وعدتني إنك معتجربش مني تاني، ووعد الراچل دين عليه، ولا إية يا ولد عمي؟
إبتسم لها ليطمأن روحها عندما رأي مدي إنزعاجها وغضبها، فك وثاقه من حول خصرها ليعطي لها حرية التحرك وتحدث بنبرة هادئة: وأني لسه عند وعدي ليك يا صفا، أني بس حبيت أهزر وياكي
خجلت منه ومن حالها وتركته وتحركت إلى غرفتها سريع.

زفر بقوة وأبتلع لعابه من حالة النشوي التي أصابت روحه في قربها منه، إلى متي سيظل هكذا، يشتاق ضمتها، قبلتها، النظر داخل ساحرتيها دون أن تمنعه وتعاقبه بسحبهما بعيدا عن مرمي بصرة، إلى متي سيظل مطرودا من نعيم جنتها.

تحرك مجبرا إلى البهو وجلس فوق مقعدا وأمسك جهاز تحكم التفاز وبدأ بالتقليب دون تركيز، كانت نظراته مثبتة فوق باب غرفة نومهما يترقب خروجها إلية لتؤنس وحدته الموحشة التي بدأت تصيبه في إبتعادها، لكنها خيبت أماله ولم تعيره أدني إهتمام.

لم يستطع تفسير ما يحدث معه حين تبتعد عنه، هل هو تعود على وجودها ولكن، كيف ومتي تعود، كان يفرك فوق مقعده بعدم راحه، كاد يجن من إبتعادها، وقف منتصب الظهر وأغلق التلفاز بعدما حسم أمره وتحرك ينتوي الذهاب إليها كي ينهي حيرته وعدم راحته في إبتعادها.

تحرك وطرق باب غرفتها من باب الأدب ودلف إليها، وجدها تجلس فوق مقعدا بالشرفة ممسكة بيدها بكتيب باللغة الإنجليزية مندمجة في قرائته إلى أبعد حد، أو هكذا تحاول أن توهمه
تحرك إليها وتحمحم كي تنظر إليه، لكنها ضلت ناظرة بكتيبها
سحب مقعدا وجلس بقربها وتسائل: عن الطب الكتاب اللي في يدك دي؟
أجابته بهدوء دون النظر إليه مما أشعل قلبه: ده كتاب في الأدب الإنچليزي.

أردف قائلا بنبرة حنون أثارت داخلها: معتبصليش ليه، للدرچة دي زعلانة مني يا صفا؟
رفعت بصرها ونظرت إلية وتحدثت بقوة: طول عمري وأني محبش اللي يجلل مني ويتمسخر علي
قطب جبينة وتسائل مستفسرا بتعجب: ميتا جللت منك أني؟!

إبتسمت ساخرة بمرارة وأردفت بوجع ظهر بداخل عيناها: غلط يا ولد عمي، صيغة سؤالك متجالة بطريجة غلط، السؤال الصح هو ميتا مجللتش مني، ميتا إحترمتني وعاملتني على إني بني أدمه ليا مشاعر وعندي كرامة وبحس
أوجعه حديثها ومزق كيانه، حتى أنه أراد أن يسحبها لداخل أحضانه ويضمها بشدة كي يشعرها بالأمان ويمحي عنها كل ألامها الساكنة بأعماق قلبها والتي هي من صنع يداه، لكنه خشي إبتعادها عنه من جديد.

وضع يده فوق أناملها الرقيقة، إرتجف الكتيب من يدها أثر لمسته الحنون وتحدث بعيون حنون ولأول مرة بحياته: حجك على يا غالية، إعتبريني كت معمي ومشايفش الصورة واضحة جدامي
وشفتها يا قاسم؟ سؤال خرج منها بمرارة
أومأ بتأكيد ونبرة نادمة: شفتها يا صفا
وأكمل بحماس كي يخرجها من حزنها: أني جعان، إية رأيك أعمل لك مكرونة بالوايت صوص والمشروم وقطع الفراخ.

نظرت له بإستغراب فأكمل متحمسا بدعابة: لا، معايزكيش تبصي لي النظرة المشككة في جدراتي دي
تسائلت مستفسرة بجبين مقطب متلاشية حزنها: إنت صح بتعرف تطبخ؟
أجابها مبتسم: جربيني وأحكمي بنفسك
نظرت له ب حيرة فأكمل هو مداعب وهو يسحبها من كف يدها: إنت خايفة من إية مفاهمش أني، إنت مش دكتورة وعتشجي بطن الخلج وتشرحيهم كيف جتالين الجتلة، يعني أكيد مش هتغلبي وهتعرفي تلحجينا لو حصل لنا شوية تلبك معوي.

إبتسمت رغم عنها وهو يسحبها خلفه بحماس، ثم أجلسها فوق المقعد وبدأ هو بالطهي كمحترف
وضعت كف يدها تحت ذقنها مستندة بساعديها فوق المنضدة وتسائلت بتعجب: ميتا إتعملت تطبخ إكدة؟!
أجابها متحمس لإنسجامها: إنجبرت أتعلم من لما سكنت لحالي في شجتي بعد ما أتخرچت،.

ونظر لها وأشار بأصبعي السبابة والوسطي: كان جدامي حل من إتنين، يا أتخلي عن حلمي في العيشة جوة القاهرة وإن يبجا لي مكتب من أشهر مكاتب المحامين فيها، يا إما أرچع لإهني تاني وأفتح مكتبي في سوهاچ وأتخلي عن حلمي بإني أكتب إسمي بالدم بين أسامي الحيتان الكبار
وأكمل بدعابه وهو ينظر لها مبتسم: وكل التضحية دي لجل ما أكل الوكل البيتي اللي عحبه وأبعد عن الوكل الچاهز اللي كلياته أمراض وطعمه ميتاكلش أصلا.

وأكمل بنبرة حماسية: ومن إهني حصلت المعچزة، قاسم اللي مكانش بيعرف يملي لحالة كباية مي لجل ما يشربها، بجا بيطبخ ولا أجدعها شيف.

كانت تستمع إلية بحماس وأستمتاع ولاحظ هو ذاك، كان يعرف أنها تكن له إحترام. وتحمل داخل قلبها عشق هائلا له، لكنه أهان كيانها غير عابئ بقلبها العاشق، وليعلم الله أن البعاد والتجاهل كان لأجل حمايتها لا لأجله، يعلم أنه ظلمها وقام بشطر قلبها العاشق بدون رحمة، ويعرف أن طريق السبيل إلى أرضائها والنيل منه صعب، ولكنه سيسلكه ويصل بالتأكيد، ولكن بالصبر والمصابرة،.

بعد مدة كان يجلس مقابلا لها مشيرا إلى صحنها الموضوع أمامها بعناية وهو يتحدث بنبرة حماسية: إتفضلي دوجي وجولي لي رأيك
كانت تشعر بالكثير من السعادة لمحاولاته للتقرب منها وإرضائها بشتي الطرق وهذا ما وصلها من تصرقاته، إبتسمت له بسعادة وأمسكت بيدها الشوكة وبدأت بتذوق حبات المعكرونة وذهلت من طعمها اللذيذ
نظرت إلية وتحدثت بإنبهار: برا وا عليك يا متر، المكرونه لذيذة جوي.

مرر لسانه فوق شفتاه وهو ينظر إلى شفتاها بتشهي ومد يده سريع و وضعها على جانب شفتها ومسح بإبهامة جزء من معجون الصلصة البيضاء كانت موضوعة بجانب شفتاها بشكل مغري له، مسح الصلصة بإبهامه وادخله بفمه وأمتصه بين شفتاه بإستمتاع وهو ينظر لها بعيون صارخة راغبه مطالبة بإلتهام شفتاها
إبتلعت لعابها وإرتعش جسدها، سحبت بصرها عنه سريع وقامت بتناول طعامها في صمت تام وخجل.

حين إبتسم هو بخفة وتنهد بسعادة على حيائها الذي يزيد من تعلقه الزائد بها وإثارت مشاعره تجاهها
بعد مده كانت تتمدد فوق الفراش، تعطيه ظهرها وتنظر أمامها، تبتسم بشرود وتتذكر فعلته وحديثه وتصرفاته ناحيتها التي تدل جميعها على بداية عشقه لها، هي ليست بفتاة ساذجة كي لا تفرق بين الإعجاب والرغبة وبين العشق، وتأكدت هي من عشقه لها.

أما ذاك الذي يجاورها النوم وتفصل بينهما تلك الوسادة الملعونه، كان ينظر لشعرها المفرود فوق وسادتها بجنون، تتغلغل رائحتها العطرة أنفه وتدغدغ مشاعره تجاهها وتجعلها هائجة، زحف برأسه قليلا حتى تلمس بأنفه خصلة من شعرها، أغمض عيناه وبدأ بأخذ نفس عميق إحتبسه بصدرة وأبتسم، تمني لو يسحبها ويحتضنها بقوة حتى يسحق عظامها داخل أحضانه ويذيقها من الشهد ألوان، لكنه تمالك من حاله لأبعد الحدود كي ينهي خطبته من إيناس أولا، وينتهي من ذاك الكابوس كي يرجع لحبيبته ويذيقها من العشق الوان بما يليق بتلك الجميلة.

فاقت من نومها مبكرا وتحركت من جانبه بهدوء كي لا تزعجه بنومته، دلفت إلى الحمام توضأت وخرجت وأرتدت الرداء الخاص بالصلاة وتحركت إلى الصالة كي تقضي صلاة الضحي، وأثناء سجودها خرج هو للبحث عنها بعدما فاق وتحرك ليبحث عنها كالطفل الذي يفتقد والدته،.

تسمر بوقفته حين رأها ترفع كفيها وتناجي ربها بخشوع، ما أجملها بعيناه فقد بات يراها ساحرة فائقة الجمال بكل حالاتها، ختمت صلاتها ووقفت ممسكة بسجادة الصلاة تتحرك بها،
تعجبت من ذاك الساند متكئ على الحائط ويربع ساعدية أمام صدرة وينظر لها بإبتسامة وعيون منبهرة
إبتسمت له بوجهها المشرق وأردفت: صباح الخير، ثواني وهچهز لك الفطور.

وتحركت إليه كي تدلف إلى غرفة النوم لتخلع عنها رداء الصلاة وأثناء مرورها بجوارة وجدت من يمسك كف يدها واعتدل مقابلا لها وتحدث بإبتسامة عاشق: صباح الچمال، صباح الرضا
إبتسمت بخجل وتحركت للداخل كي تخلع رداء الصلاة، تلاها هو ودلف إلى الحمام كي يتوضأ ويؤدي صلاة الضحي.

جهزت سفرة الإفطار وجلست تنتظرة، أتي بعدما أنتهي من صلاتة وجلس مقابلا لها وبدأوا بتناول الطعام، تحمحمت هي وأردفت بنبرة مستأذنة: بعد إذنك يا قاسم، أني هنزل بعد الفطار عند چدي عشان عاوزة أتحدت وياه في موضوع خاص بالمستشفي.

لا يدري لما إنقبض قلبه وشعر بغيرة عنيفة حينما ذكر إسم المشفي، تنفس عاليا كي يهدئ من روعه حتى لا يخزنها من جديد وتحامل على حاله وتحدث بدعابة كي يلاطفها ويجعلها تعتاد علية أكثر: موافج بس بشرط
ضيقت بين حاجبيها بإستغراب فتحدث هو بإبتسامة هادئة: تعملي لنا فنجانين جهوة من يدك ونشربوهم ويا بعض في البلكونة وبعدها تنزلي على كيف كيفك.
إبتسمت وتحدثت بنبرة هادئة تلقائية: بس إكدة، من عيوني.

رد عليها بنبرة حنون مراوغة: يسلمولي عيونك
إتسعت عيناها تنظر إليه بإستغراب حالة وتصرفاته الجديدة الطارئة على شخصيتة المعروفة بالجدية والغموض، ووقفت سريع كي تصنع إلية القهوة مع نظراته المتفحصة لها من الخلف، تفاجأ بها تضع فوق الحامل ثلاث أقداح ممتلئين بالقهوة
بسطت إلية ذراعها وتحدثت بأدب: إتفضل.

تحدث إليها بإبتسامة وهو يتناول قدحه: أني صحيح جولت لك إني أدمنت الجهوة من يدك بس مش لدرچة تعملي لي فنچانين بحالهم
إبتسمت وتحدثت وهي تنسحب خارج المطبخ ساحبه معها الهواء الذي يتنفسة: دي جهوة عملتها لچدي وأنا هشرف جهوتي وياه
اجابها معترض بدعابة: بس دي مكانش إتفاجنا خلي بالك، لما تطلعي عتعملنا جهوة وهنشربوها في البلكونة كيف إتفاجي وياكي.

إبتسمت بسعادة وتنهد بأسي وهو يتابعها وهي تخرج من باب الشقة وتغلقه خلفها ومعها بسمته ومرحة،
حدث حاله متعجب
ما بك قاسم؟
ما الذي يحدث معك يا فتي!
أأصابتك لعنة سحر؟
لا، بل أصابك عشق يا رجل
أصبت بسهم عيناها المسمم
ولابد من الحصول على الترياق
ترياقها في شهد شفتاها المولعة
شربه هنيئة من عسلها كافية
لتشفي العلة وترد العليل إلى الحياة
فااااه وأه من لذة شهدك يا أمرأة
هزت كياني وجعلت عرشي الواهي مزعزع
بقلمي روز امين.

نزلت من فوق الدرج وجدت حسن تخرج من إحدي الغرف التي كانت تقوم بتنظيفها، إستقبلتها حسن بترحاب شديد، سألتها صفا عن جدها فأرشدتها إلى وجودة داخل حجرة الإستقبال لحاله
دلفت إلية حاملة القهوة وهلت عليه بإبتسامتها الصابحة التي يعشقها ذاك العتمان ويستبشر برؤياها
وتحدثت بنبرة حنون: صباح الخير يا چدي، أني چاية لجل ما أصبح عليك وأشرب جهوتي وياك.

تهللت أسارير عتمان وتحدث بترحاب عالي وهو يشير إليها بالجلوس: هل هلال الجمر يا بت زيدان، تعالي اجعدي چاري
وأكمل وهو يلتقط قدح القهوة من يدها: مع أني لساتي شارب جهوتي بس هشرب تاني لجل عيونك يا غالية
تحدثت بنبرة قلقة علية: خلاص يا چدي، طالما شربت جهوتك بلاش تشرب الفنجان دي عشان ما يضركش ويعلي الضغط عنديك.

أجابها بنبرة حنون كي يطمإن هلعها الذي ظهر بعيناها: اللي ياچي من يد الحبايب ميضرش أبدا يا بتي، اللي عيضر الجسوة والفعل العفش
إبتسمت له وجاورته الجلوس وبدأت بإرتشاف قهوتها معه ثم تحدثت على إستحياء: چدي، أني ليا عنديك طلب وأتمني متكسرش بخاطري فيه وتساعدني لجل ما يحصل
نظر لها مستغرب، فهذة هي المرة الأولى بحياتها التي تطلب منه شئ، فتحدث ليشجعها: ما عليكي إلا إنك تؤمري وبإذن الله كل طلباتك مجابه.

ضحكت لدلال جدها لها وانصياعه الدائم لرغباتها، عدا موضوع زواجها ولأسباب هي تعلمها،
فتحدثت بنبرة راجية: أني محتاچة مريم بت عمي وياي في المستشفي، وهي كمان زهجانة من جعدت البيت ورايدة تشتغل وتحجج ذاتها، بس هي خايفة وحاسة إنك مهتوافجش، بس أني وعدتها إني هفاتحك في الموضوع وأخليك كمان تأثر على فارس وتخلية يوافج.

ونظرت إليه وتسائلت بدلال كسابق عهدها معه وهذا أسعده كثيرا: ها، جولت إية يا حبيبي، هتجف وياي، ولا هطلعني صغيرة جدام بت عمي؟
قهقة عاليا وأردف بإستحسان: طول عمرك عتغلبيني بكلامك اللي ياكل العجل ويدوب الجلب يا بت زيدان
تسائلت بنبرة حماسية: يعني موافج يا چدي، هتجنع فارس؟

أجابها بدعابه ليجعلها تتناسي ما حدث منه ف السابق: فارس مين دي كمان اللي أجنعه، إعتبري اللحكاية خلصت خلاص وأني عكلم يزن وأخلية يوظفها وبمرتب زين كمان، مبسوطة يا دكتورة؟
وضعت ما بيدها وأقتربت منه وبدون سابق إنذار رمت حالها داخل أحضانه الحانية، شعر بالكثير من السعادة والرضا وحاوطها بساعديه وربط فوق ظهرها بحنان مما أسعدها وجعلها تحلق في سماء الرضا من شدة سعادتها.

في إحدي الشوارع الهادئة والمتواجدة داخل نجع النعماني، كان يتحرك ذاك المسحور يتلفت هنا وهناك باحث بعيناه عن الحورية التي أبهرتة من أول طلة له داخل عيناها الساحرة، ومنذ ذلك اليوم وهو يجوب الشوارع بحث عنها عله في ذات مرة يلتقيها صدفة
فوجئ بوجود فارس أمامه حيث تحدث إلية بوجه بشوش: دكتور ياسر، ده إية الصدفة الچميلة دي!
إبتسم له ياسر وتحدث مرحب: أزيك يا أستاذ فارس، أخبار حضرتك إية؟

أجابه فارس بإبتسامة بشوشة: أني زين الحمدلله، وأكمل متسائلا بإستفسار: خير يا دكتور، ماشي لحالك في الشارع وعم تتلفت حواليك لية إكدة، بتدور على حاچة إياك؟
أجابه ياسر بإنكار ومراوغة: لا طبعا هتدور على إية، كل الحكاية إني لقيت نفسي قاعد فاضي وزهقان، فقلت أتمشي شوية من ناحية أفك الزهق وأمارس رياضة المشي المفضلة عندي، ومن ناحية تانية استكشف معالم البلد اللي أنا قاعد فيها.

وضع فارس كف يده على كتف ياسر وربت عليه وتحدث بنبرة أخوية: لما تلاجي حالك جاعد زهجان تعالي عندينا في السرايا، بنجعد كلياتنا نسهروا بالليل ونتونس بالحديت، إبجا تعالي إجعد ويانا وشرفنا.

إبتسم ياسر وتحدث شاكرا بإمتنان: متشكر جدا على دعوتك الكريمة يا أستاذ فارس، ولو إني مبحبش اتطفل على حد في بيته، بس إن شاء الله هلبي دعوتك في أقرب وقت لأن شرف ليا أقعد معاكم وأشارككم الحوار، وأنا هبقا أبلغ الباشمهندس يزن لما أنوي الزيارة.

أجابه بترحاب: بإذن الله يا دكتور، وأكمل بتساؤل وهو يتأهب للمغادرة: تؤمر بحاچة؟
أردف ياسر بإمتنان: متشكر جدا لذوقك يا أفندم.
إنسحب فارس ماضي بطريقة وتحرك ياسر أيضا عائدا إلى مسكنه بعدما فقد الأمل في لقائها، تحرك حيث الإستراحة المتواجده بالمشفي والتي بنيت له خصيصا وكانت من ضمن الإمتيازات التي أغرته بها صفا لقبوله ترك موقعه المميز بالقاهرة.
عصر اليوم التالي كانت جميع العائلة تجتمع حول سفرة الغداء ولأول مرة بتاريخها، زيدان الذي يجلس على يمين عتمان بعدما هاتفه عتمان صباحا وأخبره أن يحضر هو وزوجته كي يتناولوا وجبة الغداء الأول لإبنتهما بصخبة العائلة بعد زواجها، وذلك بناء على طلب قاسم من جدة والذي أراد بهذا التصرف ان يري السعادة بعيون صغيرته التي بدأت بالإستحواذ الكامل على عقله وكل تفكيرة حتى أنه بات لا يفكر سوي بكيف يستطيع إدخال السرور على قلبها البرئ.

كانت تجلس بجانب قاسم المجاور لعتمان على الجهة الاخري، تنظر لوالدها الحبيب بعيون متشوقة لرؤياه العزيزة وقلب يتراقص فرح من شدة سعادتة وهي تري والديها يجلسان بصحبة باقي العائلة مثلما تمنت كثيرا من ذي قبل
تحدث منتصر إلى شقيقه وزوجته بنبرة سعيدة: منور دار أبوك يا غالي، منورة يا أم صفا.
أبتسمت له ورد وتحدثت بنبرة خجلة: تسلم وتعيش يا أبو يزن.
حين تحدث زيدان لشقيقه الحنون: الدار منورة بأصحابها يا أخوي.

هتفت رسمية بسعادة وهي تقوم بتقطيع لحم الماعز وتوزعه على الجميع بسعاده هائلة: وإنت أعز وأغلي أصحابها يا ولدي
ثم نظرت إلى عتمان الذي يشعر بسعادة ورضي لا مثيل لهما ولكنه يحتفظ بهما داخله خلف ملامح وجهه الصارمة وتسائلت: ولا إية جولك يا حاچ؟
تحدث متلاشي النظر لزيدان كي لا يضعف وتخونه لمعة عيناه التي تريد أن لا تشيح بناظريها عن غاليه: ودي محتاچة سؤال يا حاچة.

إستشاط قلب قدري وفايقة التي تشعر بنار تسري بداخل جسدها من جلوس ذاك الثنائي المتجاور أمام عيناها مباشرة
مال قاسم على أذن صغيرته وهمس بها: الجمر يفكر وأني عليا التنفيذ
قطبت جبينها وتسائلت بإستفهام: لهو إنت...
كادت أن تكمل قاطعها هو بعيون هائمة في جمال عيناها: أني اللي طلبت من چدك يدعي حماي وحماتي لچل ما ما أشوف الضحكه اللي منورة وش الجمر دي.

إتسعت عيناها تنظر إلية بعيون سعيدة ممزوجة بالخجل، عشقت إنتسابه لوالديها بكلمه حماه، كم شعرت بالسعادة لأجل إهتمامه الذي يغمرها به ويؤكده يوم بعد الاخر.

كانت جميع العيون تراقب همسهما بترقب شديد، منهم السعيد لأجل ذاك الثنائي المحبوب، كمثال الجد والجدة وزيدان و ورد وباقي من يهمه الأمر، ومنهم المتربص بعناية ليري ماذا يحمل لهما الغد ويتمني من الله أن يخلف ظنونه ك يزن مثلا، ومنهم الحاقد الكارة لسعادة ذاك الثنائي مثل فايقه وليلي، والغير مبالي بالمرة ك قدري
شرع الجميع في تناول الطعام.

نظر قاسم إلى جده وتحدث بنبرة جادة: كان فيه موضوع مهم كنت حابب أفاتحك فيه يا چدي بس إنشغلت في الفرح
قطب الچد جبينه وتسائل بإستفهام: موضوع إية دي يا قاسم؟

أجابه بوقار: الحاچ كمال أبو الحسن كبير نچع الديابية وعضو مجلس الشعب، عرفت من مصادري إن الحزب هيتخلي عنيه وهيخرجة من الترشيحات السنة دي، والجرار ده خدوة بعد ما سمعته ساءت وحكاية تهريبة للأثار فاحت وأتفضح في كل حتة، وكنت بقترح على حضرتك إن عمي زيدان يترشح مكانه، واني عندي اللي هيساعدنا من چوات المجلس بذات نفسه.

إشتعل قلب فايقة حقدا، وإستشاط داخل قدري الذي توقف الطعام داخل حنجرتة وبات يسعل بشدة إستغرب لها الجميع، ناولته والدته التي إنتفضت من جلستها كأس الماء وتحدثت بحنان: سلامتك يا وليدي، إشرب ماي
تناول منها الكأس وتجرع ما بداخلة دفعة واحده بغضب، وابتلع لعابه.

حين تحدث الجد وهو ينظر إلى قاسم بتفاخر وأستحسان متجاهلا ما حدث مع قدري للتو: عفارم عليك يا قاسم، اللي عيعچبني فيك إنك عتدعبس دايما على المصلحة وينها وتچيبها لحدنا
تحدث قدري بنبرة حاقدة غائرة لاحظها الكل: هو الموضوع زين مجولناش حاچة يا أبوي، بس زيدان ميليجش على إنه يبجا سيادة النائب،.

وأكمل بتفاخر قاصدا بحديثه حاله بالتأكيد: الموضوع دوت عاوز راچل شديد وليه هيبه في النچع، وعندة عزوة من الرچال اللي من صلبة لجل ما يساندوة
وأكمل بتقليل وأستياء: إنما زيدان أخوي مين اللي عيساندة؟!

تحدث قاسم بنبرة حادة إعتراض على حديث والده وخصوصا بعدما رأي نظرة الإنكسار داخل أعين زيدان: لو حضرتك عنديك راجلين، فعمي زيدان عندية بدل الراچل أربعة، ده غير رچالة العيلة والنچع كلياته اللي عيحبوة وهيساندوة بكل جوتهم
ثم أكمل بنبرة تعقلية: ثم الموضوع دي مهينفعش لية غير عمي زيدان بالخصوص، هو الوحيد اللي متعلم وعيروح مصر كتير، وده المطلوب.

هتف يزن مؤيدا لقاسم بشدة متغاضيا خلافهما: قاسم عندية حج يا عمي، عمي زيدان هو الوحيد اللي عينفع للموضوع ده لأن من شروط التجديم في المجلس إن يكون النايب متعلم ومعاه شهادة
ووافقاه الرأي فارس وحسن ومنتصر الذي تحدث بنبرة غاضبة ناظرا بحقد على ذاك الفاقد الحس والإنسانية: عيالي هما عيال زيدان وسنده، وأني كمان وراك وفي ضهرك يا ولد أبوي.

تحدث زيدان بنبرة شاكرة متأثرة: تسلموا وتعيشوا يا رچالتي، بس أني معيزهاش يا منتصر
ثم نظر إلى أخاه وتحدث بنبرة ملامة: خدها إنت يا قدري، تليج عليك أكتر يا أبو الرچال
تحدث الحاج عتمان موجه حديثه إلى قاسم بنبرة صارمة وهو ينظر إلى قدري: شوف الاوراج المطلوبة للتجديم وجهزها يا زيدان لجل قاسم ما يجدم لك في المحافظة
ثم نظر إلى زيدان وتحدث بإبتسامة خافتة مخبأ خلفها سعادة لا توصف: مبروك يا سيادة النايب.

نظر لوالدة وأبتسم بسعادة وأردف قائلا بإحترام: ربنا يديمك فوج راسي يا أبوي
هز عتمان رأسه بإستحسان وتحدث إلى ورد التي تنظر إلى زوجها بعيون تحتبس داخلها الدموع لأجل كسرته على يد من يسمي بشقيقه: منورة دارك يا أم الدكتورة، مدي يدك وكلي من خير ربنا علينا
إبتسمت له على جبره لخاطرها المكسور وتحدثت بإبتسامة عرفان: تسلم وتعيش يا عمي، ودايما الدار عمرانه بحسك وخيرك.

إشتعلت روح فايقة وشعرت ان البساط قد سحب من تحت قدميها وانتهي الأمر، ولكنها لن ولم تستسلم قط، وعاهدت حالها على أن لا تكن فايقة النعماني إن لم تجعل قلبي زيدان و ورد ينزف ويتقطع لإربا حزن على إبنتيهما ووحديتهما
أما صفا التي كانت تنظر لفارسها الذي أسعد أباها بخبر ترشيحه لمنصب مهم كهذا، ووقف بجانبه وسانده وأعترض حديث والده المسموم بإتجاه غاليها بقوة، وكان أيضا سبب في إجتماعها بأبويها على سفرة واحدة.

همست بجانب اذنه: شكرا يا قاسم
إبتسم لها بسعادة وتحدث بمراوغة: شكرا حاف إكدة، إنت بخيلة ولا إية يا دكتورة!
ثم ضحك بخفة وأكمل بنبرة حنون: كله لجل عيونك يهون يا صفا
إهتز قلبها وارتعش جسدها جراء نظرة عيناه العاشقة حين شعر هو بفائدة رجولته الحقيقية عندما رأي السعادة بداخل مقلتيها الفيروزية، نعم فإثبات رجولة الرجل تبدأ من سعادة أنثاة وإشراقة وجهها
عاود الجميع إلى تناول الطعام من جديد بصمت تام.

في حين نظرت مريم إلى صفا بإبتسامة هادئة لتذكيرها بالوعد التي قطعته لها من ذي قبل، فأبتسمت لها صفا وأومات بأهدابها ثم حولت بصرها إلى جدها لتذكره بحديثها معه منذ الأمس،
فأبتسم لها عتمان وتحدث إلى فارس: بجول لك يا فارس
نظر له فارس وأجابه وهو يبتلع ما في فمه سريع من طعام: أؤمرني يا چدي
أجابه عتمان وأردف شبه أمرا: الأمر لله وحده يا ولدي، أني رايد إن مريم تشتغل في المستشفي مع صفا ويزن.

وهنا التي تحدثت وأستشاطت من الغيرة هي ليلي قائلة بتهكم على إبنة عمها الخجول: ويا تري الست مريم خريچة الخدمة الإجتماعية عتشتغل إية هي كمان، لتكونوا عتعينوها وزيرة الصحة في نجع النعماني، ما هي المستشفي بتاعتنا ونعملوا فيها اللي على كيفنا.

وحولت بصرها إلى صفا وتحدثت بحقد دفين ونظرة كارهه لم تستطع تخبأتها: لدرچة إننا نمسكوها لعيلة خريچة إمبارح مهتعرفش تدي حتى إبرة لعيان ونعملولها جيمة وسط الخلايج بالعافية
رمقها يزن بنظرة نارية لو خرجت لأحرقتها وحولتها إلى رماد في الحال، إبتلعت لعابها من نظرته خشية غضبه عليها من جديد
في حين نظرت لها صفا والجميع بعيون متسعه مستغربين شنها لذاك الهجوم العنيف والغير مبرر،.

حين تحدثت فايقة مبررة لصغيرتها و وريثة عرش مملكة حقدها العظيم: ليلي تجصد إن...
إبتلعت باقي كلماتها داخل جوفها رعب عندما رأت نظرات عتمان النارية المحذرة والأمرة لها بالصمت التام
شعرت مريم بالإهانة وأنكمشت ملامحها وظهر الحزن بداخل عيناها البريئة مما أحزن قلب نجاة على صغيرتها وأيضا منتصر ويزن اللذان حزنا لأجل غاليتهما الرقيقة، وحتى قاسم الذي نظر إلى ليلي بحزن على حالة الحقد التي تتملك من قلبها.

في حين تحدث الجد بنبرة مهينة إلى ليلي وهو يرمقها بنظرة إشمئزاز: خلصتي السم اللي عتنطرية من خاشمك ولا لسه يا بت فايقة
إبتلعت لعابها خشية هجوم جدها اللازع عليها ولكن من الغريب أن الجد إكتفي بهذة الكلمات البسيطة ولكنها مهينة ومعبرة
ثم وجه بصره إلى فارس وتحدث بحده أرعبته: مسامعش صوتك ليه يا فارس؟
نظر فارس إلى مريم وتحدث بنبرة لائمة على زوجتة: مش لما أعرف رأي مرتي إية اللول أبجا أجول أني رأيي يا چدي.

نظرت له مريم وتحدثت بتحدي وقوة لا تعلم من أين أتتها: أني موافجة
تحدث فارس بنبرة ساخرة: يبجا رأيي مبجاش ليه عازة يا چدي، مرتي موافجة وحضرتك جررت وأنتهي الأمر
تلاشي عتمان غضب فارس وشبه أعتراضه وذلك لإعتراض عتمان على إدارة فارس الفاشلة لحياته مع مريم التي ذبلت منذ زواجها وتحولت إلى صامتة حزينة طيلة الوقت.

تحدث عتمان إلى يزن: يبجا على خيرة الله، إعمل عجد زين وشوف عتشغل ست البنات في إية يا يزن، وإعملها شهرية مليحة تليج ببت منتصر النعماني
رفعت مريم بصرها سريع إلى جدها بلهفه وسعادة وتحدثت بعرفان: ربنا يخليك ليا يا چدي ويديمك فوج روسنا
إبتسم لها وهز رأسه وتحدث بإستحسان: مبارك يا بتي
حين تحدث زيدان بنبرة حنون: مبارك التعيين يا زينة البنات
أجابته بسعادة: يبارك في عمرك يا عمي.

وتحدث منتصر إلى غاليته بنبرة وعيون تشع حنان: مبروك يا بتي
وأنهالت عليها المباركات من الجميع عدا فارس وليلي وفايقه المعترضون، وحتى قدري كان سعيدا بذاك الخبر وذلك بعدما إستمع من والده أنه سيعطي لها راتب عالي وكعادته فهو لا يهمه إلا المادة.

إنتهي الغداء وتحرك جميع الرجال ورسمية إلى غرفة الإجتماعات العائلية لينتظروا حضور مشروب الشاي والفاكهة
بدأن النساء بمساعدة العاملات بجمع الأواني والصحون من فوق سفرة الطعام لإدخالها المطبخ إستعدادا لجليها،
نظرت فايقة بحقد إلى مريم وتحدثت بفحيح كالأفعي: والله عال يا ست مريم، دايرة تخططي وتجرري لشغلك مع الست صفا من ورا چوزك ومن وراي؟

تحدثت نجاة بقوة مدافعة عن إبنتها الرقيقة التي تعجز عن الرد: وإنت إية اللي يزعلك في حاچه زي دي يا فايقة؟
اجابتها بفحيح: اللي مزعلني إنها ماشية كيف الهبلة ورا اللي رايدة تخرب عليها حياتها يا ست نچاة
كادت صفا أن ترد مدافعه فبعثت لها والدتها نظرة تطالبها بالصمت وتجنب الدخول في تلك المشاحنات.

في حين أكملت فايقة بغضب: بدل ما تدور تتنطت في المستشفي تجعد في بيتها تربي بتها وتاخد بالها منيها ومن چوزها، ولا تروح تچيب لها حتة عيل يشيل إسم ولدي بدل حتة البت اللي جايبها لنا وجاعدة عليها ليها أكتر من سنتين
تحدثت نجاة بنبرة تهكمية: والله بتي چابت لولدك بت وفرحتك بعوضه، الدور والباجي على ولدي اللي داخل على التلات سنين متچوز ولحد دالوك مشفتلوش حتى برص.

وأكملت بنبرة حادة غاضبة كالإعصار: بدل ما تجعدي ترمي حديتك اللي كيف السم على بتي وتسممي بيه بدنها، روحي شوفي حال بتك المايل وإعدلية، لأني من إنهاردة معسكوتش وعتكلم مع الحاچة رسمية تشوف حل للمسخرة اللي عتحصل دي
أما ورد التي كانت تقف تشاهد الحرب الدائرة بهدوء وحمدت الله أنه نجاها وعائلتها من السكن وسط تلك العائلة المسمومة.

أمسكت يد صفا وسحبتها وخرجوا إلى الفراندا كي تجنبها وحالها شر تلك الفايقة وكلماتها المسمومة
تحدثت ورد إلى صفا بنبرة قلقة: مكانش لية لزوم اللي عملتية دي يا بتي، مالك إنت ومال مريم وشغلها؟
عتچيبي لحالك المشاكل ليه يا جلب امك.

تنهدت صفا وأمسكت كف يد والدتها كي تطمإنها وتحدثت مفسرة تصرفها لوالدتها: مريم بت عمي وكيف أختي يا أما، مجدرش أجف أتفرچ عليها وأشوفها حزينة ومكسورة وأني في يدي الحل ليها، مريم محتاچة يبجا عنديها ثجة في حالها والثجة دي مهتاجيش غير لما تشتغل وتندمج مع الناس وتعرف إنها فرد منتج ومهياش عالة على حد.

تنهدت ورد وتحدثت بتوجس: مجولتش حاچة يا بتي، وربي عالم أني كيف بحبها وبعزها، بس فايقة غدارة وجلبتها سودة كيف جلبها،
وأكملت ناصحة: ملكيش صالح بيها يا بتي، دي مرة سو وجرصتها بالجبر إسأليني عليها، وأكملت: اااااه يا مري، مكتش ريدالك تدخلي بين الناس دي، بس النصيب كان لازمن يصيب يا بت زيدان.

ليلا داخل مسكن فارس ومريم
خطي بساقية إلى مسكنة بعدما أنتهي من جلوسه بصحبة شباب العائلة، دلف لغرفة نومه وجدها خالية ككل يوم، فمنذ ليلة زواج قاسم وصفا ومريم تغفو بغرفة صغيرتها لحالها
تحرك بضيق وأعتراض على ما يحدث ودلف إلى حجرة صغيرته وجدها ممددة تدعي النوم بجانب طفلتها.

زفر بضيق وتحدث بنبرة هادئة كي لا يزعج صغيرته الغافية: جومي يا مريم وتعالي نتكلموا شوي برة، أني عارف إنك صاحية وعتمثلي على إنك نايمة كيف كل يوم.
لم تعر لحديثه إهتمام وضلت على وضعها فتحدث هو مهددا: جومي يا بت الناس بدل ما أعلي صوتي عليكي والبت تتخلع
إنتفضت من نومتها بغضب وتحركت إليه بوجه عابس، سبقها هو وتحركت هي خلفه حتى وصلا لداخل غرفة نومهما التي دلفت إليها وأغلق هو بابها بهدوء.

ثم تحدث إليها بتساؤل غاضب: جالبة خلجتك عليا ليه يا مريم؟
مكفاكيش إنك هچراني ونايمة چار بتك بجا لك ياجي عشر أيام وحرماني من حجي الشرعي فيكي واني ساكت ومعتكلمش، كمان رايحة تتفجي ويا صفا على شغل من وراي؟
كان عاچبك منظري وأني چاعد كيف الچردل في وسطيهم وچدك بيؤمرني ويجبرني كيف العيل اللصغير على موافجتي على شغلك؟
وتسائل بنبرة حادة: مجولتليش لية على موضوع شغلك ده يا مريم؟

كانت تستمع إلية وهي تربع يداها وتضعهما فوق صدرها واجابته بثبات وجمود: عجولك ميتا يا فارس، هو أنت موچود في حياتي من الأساس ولا بتجعد وياي لجل ما أجول لك؟
أجابها مقللا من شكواها: بجول لك إية يا مريم، أني دماغي وچعاني ومفاضيش لچلع الحريم ودماغهم الفاضية دي.

إبتسمت ساخرة وأجابته بنبرة بائسة: وأديني هشغل دماغي وأملاها بالشغل وهبعد عنيك لجل ما أدوشكش بدماغي الفاضية وحديتي اللي ملوش عازة عنديك، زعلان ليه بجا!
وتنهدت بأسي وتحركت لتخرج من جديد أوقفها بقبضة يده وهو يجبرها على الوقوف، نظرت له فتحدث على إستحياء وهو ينظر لداخل عيناها بإحتياج: إستني يا مريم، أني، أني عاوزك
نزلت كلماته على قلبها المسكين شرختة، أهذة هي كل قيمتها لدية، إفراغ رغبته البائسة بها وفقط؟

حزنت ثم تحدثت إليه بنبرة طائعة خاشية غضب الله عليها من عصيانها لإعطائها لزوجها حقه الشرعي بها: وأني تحت أمرك يا ولد عمي
شعر من نظرة عيناها بدونيته وكم هو أناني بلا شعور، فأمسكها وسحبها لداخل أحضانة وشدد عليه وأردف قائلا: حجك على يا مريم، لو معوزاش خلاص، مهجبركيش أني.

هزت رأسها بإعتراض وخرجت من بين أحضانه الباردة الخالية من المشاعر، وتحركت إلى خزانة ثيابها وأخرجت ثوب هادئ للنوم وتحركت لداخل المرحاض، أما هو فزفر بضيق لاعنا حاله وما أصبح عليه من حالة مزرية غير مرضية له ولا لزوجتة.

في مدينة القاهرة
داخل مسكن إلهام والدة دكتورة أمل
كانت تجلس داخل شرفة مسكنها ترتشف بعض من كأس العصير التي تمسك به بكف يدها، إقتربت عليها ريماس إبنتها المدللة والتي لا تهتم قط بأي شخص كان غير حالها وفقط
إقتربت من جلسة والدتها وهي ممسكة بقنينة طلاء الأظافر، تطلي بالفرشاة أظافرها بعناية وجلست بمقعد مقابل لوالدتها، ثم تحدثت بغرور: كلمتي بنتك علشان تعرفيها ميعاد الفرح؟

أجابتها إلهام بنبرة باردة: عملالي بلوك ومش عارفة أوصل لها، بس كلمت مي صاحبتها وأخدت منها ميعاد، وهروح لهم كمان ساعتين علشان اتكلم معاها وأحاول أقنعها تتراجع عن قرارها المجنون ده، وأكملت بعدم إهتمام: وأهو بالمرة أعزم مي ومامتها على الفرح.

تحدثت ريماس بنبرة معترضة: بصراحة يا مامي أنا مش فاهمة إنت لية مش عوزاها تسافر الصعيد، هي اللي إختارت تبعد عننا واختارت تعيش حياتها بالطريقة اللي تريحها، خلاص سبيها براحتها.
تحدثت إلهام ببقايا ضمير الأم المتبقي لديها: أختك غضبانة وزعلانة من اللي حصل يا ماسة، ولازم نعذرها ونديها وقتها لحد ما تتقبل فكرة جوازك من وائل وتنسي الموضوع بشكل تدريجي.

هتفت ريماس بنبرة متعالية غاضبة: هي أصلا ملهاش الحق إنها تزعل، واحد كانت واهمة نفسها إنه بيحبها لمجرد إنها كانت معاه في الجامعة، ولما أتخرجت عينها معاه في مستشفي بباة الكبيرة وإداها مرتب مكنتش تحلم بيه، كدة خلاص بقا بيحبها؟

وأكملت بتعالي وغرور وهي ترفع قامتها لأعلي متباهية بجمالها الأخاذ وشعرها الأشقر وبشرتها ناصعة البياض: ولما شافني في حفلة عيد ميلادها إنبهر بجمالي وسابها وزحف ورايا، ومن وقتها بقا بيطاردني في كل مكان أروحه ويترجاني أدي له فرصة يقرب مني ونتصاحب، لحد ما أنا رضيت عنه واديته الفرصة، وفي خلال شهر واحد كان جايب أهلة لحد هنا وخطبني من حضرتك.

وتسائلت بإستخفاف لمشاعر شقيقتها الرقيقة: لو كان حبها فعلا زي ما ادعت علية كان خطبها طول الخمس السنين اللي عرفها فيهم.
تنهدت إلهام وتحدثت مفسرة: أمل لسه صغيرة ومش فاهمة الدنيا صح، مش قادرة تفهم إن اللي زي وائل ده فرصة هايلة للي زينا، ومن الغباء رفض طلبة أيا كانت الأسباب
هتفت ريماس بانانية: ولما حضرتك مقتنعة بكدة رايحة تقنعيها إنها متسافرش ليه؟

وأسترسلت حديثها بمنتهي الأنانية: بصراحة بقا يا مامي أنا شايفة إن قرار السفر ده أحسن حاجة لينا كلنا، هي و وائل خلاص، مينفعش يجمعهم مكان تاني.
وقفت إلهام وتحدثت بتعقل وهي تتأهب للخروج: ما تخليش غيرتك على خطيبك تنسيكي إن أمل دي أختك ومش هينفع تكملوا باقي حياتكم وإنتم مقاطعين بعض بالشكل ده.

زفرت ريماس بإعتراض وعبس وجهها، تحركت إلهام إلى داخل غرفتها كي ترتدي ملابسها للإستعداد لزيارة إبنتها التي تستضيفها صديقتها بمنزلها
بعد مدة كانت إلهام تجلس أمام السيدة إيمان والدة مي، تضع ساق فوق الاخري بتعالي وتباهي، بعد مدة خرجت أمل من حجرتها مجبرة على مقابلة والدتها بعد محاولات عدة وإلحاح من إيمان لإقناعها بالخروج إليها لاجل خاطرها.

وقفت أمل متصلبة الجسد تتطلع أمامها في اللاشئ، في حين نهضت إيمان و تحدثت إلى مي التي تجاور أمل الوقوف: بعد إذنكم هاخد مي ونقعد جوة في أوضتي علشان تاخدوا راحتكم في الكلام.
وقفت إلهام وتحركت إلى أمل التي تراجعت للخلف وتحدثت بنبرة جامدة وملامح وجة صلبه: يا ريت حضرتك تتفضلي تقولي الكلمتين اللي جاية تقوليهم علشان تريحي بيهم ضميرك، لأني بصراحة معنديش وقت كتير علشان أضيعه في مناقشات عقيمة.

تنهدت إلهام وحركت رأسها يمينا ويسارا بأسي ثم جلست وتحدثت بنبرة مهمومة: هتفضلي لحد أمتي تعاملني بالجفاء ده؟
وأكملت لائمة: بتعاقبيني على إية يا أمل؟
بتعاقبيني على خوفي عليكم وإني عاوزة أضمن لكم جوزات مرتاحه علشان أطمن عليكم؟
نظرت لها أمل وصاحت بتألم وهي تشير بسبابتها على حالها: على حساب كرامتي ومشاعري؟
قد كدة كرامتي اللي إتهانت ملهاش أي قيمة عندك؟

أجابتها بنبرة صادقة: يا بنتي إفهميني، أنا أم وخايفة على بناتي من غدر الزمن، أنا ربيتكم لوحدي بعد بباكم ما أتوفي ونسيت نفسي وضيعت عمري كله على تربيتكم، ما رضيتش أتجوز علشان ما أجيبلكمش جوز أم يضايقكم ويسبب لكم عقد تفضل ملزماكم طول حياتكم، علمتكم احسن تعليم لحد ما بقيتي دكتورة قد الدنيا واختك في كلية ألسن، من حقي لما تيجي فرصة زي نسب دكتور وائل وأهله إني أتمسك بيها بكل قوتي.

أمل بنبرة صارخة: وأنا يا ماما، ومشاعري، والحقير اللي كان مفهمني إنه بيحبني وبعد ما خلاص قرر إنه يخطبني في عيد ميلادي، ظهرت له بنتك الجميلة وقعدت تلعب عليه بإسلوبها اللي إنت عارفاه كويس لحد ما ريل عليها زي الأهبل وجري وراها، لو إنت فعلا أم حقيقية وبتعملي لكرامة بنتك حساب كنتي رفضتي طلب جوازة من ريماس
حركت إلهام رأسها بيأس وتحدثت: للأسف يا أمل، إنت بتفكري بمشاعرك وده غلط كبير،.

وأكملت بقوة: الدنيا دي علشان تبقي قوية فيها وتحصلي على أحسن الفرص والعروض، لازم تركني قلبك وتنسية خالص، ولو حسبتي جواز أختك من وائل هتلاقية فيه خير كتير أوي ليكي إنت قبلنا كلنا.

نظرت عليها بإستغراب فأكملت إلهام غير عابئة بنظراتها: أيوة يا أمل، لو حسبتيها بعقلك هتلاقي إن بمجرد جواز أختك من دكتور وائل ده هيعزز من منصبك في المستشفي، وائل وعدني إنه مستعد يرقيكي لمنصب رئيس قسم في المستشفي، وهيرفع مرتبك لأربع أضعاف
رمقتها بنظرة إشمئزاز وتحدثت: إنت إزاي كدة، بيقولوا الأم بتحس بوجع بنتها لكن أنا مش شايفة ده قدامي.

اجابتها بقوة وجحود: الوجع الحقيقي في الفقر والغربة اللي إنت رايحة ترمي نفسك فيهم يا دكتورة
أجابتها بقوة: وأنا راضية بالفقر والغربة دول وشايفة فيهم راحتية، وكل اللي طالباه منكم إنكم تنسوني وتخرجوني من حياتكم للابد زي ما أنا هخرجكم، وياريت من إنهاردة متحاوليش تقابليني تاني، لأني مش حابة أفتكر أي شئ يربطني بتجربة الخزلان المرة اللي عشتها على إيدك إنت واللي المفروض إنها أختي.

وتحركت إلى الداخل بقلب محطم فاقد الثقة في كل من حولة.

بعد إنتهاء الثلاثة أسابيع مدة أجازة قاسم، حوالي الساعة السادسة صباحا بتوقيت القاهرة
كان يقف أمام مرأته يهندم من ثيابه ويضع عطره فوق ذقنه النابت وعنقة تحت نظراتها التي تشتاقه حتى من قبل الرحيل، تختلس النظرات إلية بقلب ممزق من مجرد فكرة إبتعاد المحبوب.

وما كان حاله بأفضل منها، فقد كان ينظر لإنعكاسها في المرأة وهي تجهز له حقيبة ملابسه، تختلس النظر إلية بين البرهة والاخري مع مراعاتها لعدم رؤياه لها، لكنه بالطبع كان يراها لعدم إحالة بصره عنها
إنتهت من وضع ثيابه وجميع أشيائة الخاصة وتحدثت بنبرة مختنقة لم تستطع السيطرة عليها: شنطتك جهزت يا قاسم
تنهد بألم وتحرك إليها ونظر لداخل عيناها قائلا بشكر: تسلم يدك يا صفا، تعبتك وياي.

أومأت له بأهدابها فتسائل هو بإهتمام: معوزاش حاچة أچيبها لك وياي وأني راجع؟
هزت رأسها بنفي مبتعدة بناظريها عن مرمي عيناه فتحدث هو من جديد: جولي اللي في نفسك، أشري بصباعك على أي حاچة حباها وأني أخلجها لك من تحت الأرض
أجابته بنبرة ضعيفة متأثرة: تسلم يا قاسم، لو عوزت حاچة أكيد هجول لك.

تنهد هو بأسي ثم أمسك كف يدها وتلمسه بنعومة أثارت كلاهما، نظر لداخل عيناها وذابا معا بالنظرات، شعر بحاجتة القوية لإلتهام شفتاها وتقبيلهما برقة ونعومة، إقترب عليها ومال بجزعة لكنها أبعدت جسدها سريع وتراجعت للخلف وهي تبتلع لعابها وصدرها يعلو ويهبط من شدة الإشتياق والتوتر، كانت تريد قبلته أكثر منه، لكنه الكبرياء لا غير.

شعر بإحباط رهيب جراء تراجعها وسحب بصرها وجسدها بعيدا في حركة تدل على إعتراضها الشديد لإقترابة، تحمحم وعذر تصرفها،
أخذ نفس عميق كي يهدئ حاله وما أصابه، وتحدث بهدوء متلاشيا تصرفها: أني مش هتأخر في القاهرة، كام يوم أخلص فيهم القضايا الضرورية وأعاود طوالي، وزي ما جولت لك، أي حاچة تعوزيها رني علي.
نظرت له وأخرجت صوتها بصعوبة بالغة: توصل بالسلامة.

حمل حقيبته وتحرك للخارج وتحركت هي بجوارة حتى وصل إلى باب الشقة ثم نظر لعيناها
مد يده لها ليصافحها فناولته كفها برقة، أمسكه ضاغط عليه بنعومة وإثارة، ثم رفعها وقربها من فمة ووضع شفتاه الغليظة فوق جلد كفها الناعم وثبت نظريهما كل بعيون الاخر وذابت العيون بنظراتها الهائمة، إمتص هو جلد كفها في قبلة خشبت جسديهما معا، ثم أنزل كفها وتحدث بنبرة حنون أذابت قلبها: خلي بالك من نفسك يا صفا، وأني مهتأخرش عليكي.

هزت رأسها بتوتر، تحامل على حالة وخرج كي لا يتخطاه موعد إقلاع الطائرة، أمسكت الباب وتعلقت العيون ببعضها حيث أنه وقف بالخارج ولم تطعه ساقية على التحرك للمضي قدم، تحاملت هي على حالها وتحدثت لتنبهه: الطيارة عتفوتك إكدة.
إبتسم لها بخفة وهتف بنبرة حنون: فداكي يا صفا.
إبتسمت بحزن وتحاملت على حالها وبادرت هي بإغلاق الباب، وكأن إغلاقه كان سكين حادا قطع معه قلبيهما وجعلهما ينزفان بشدة.

أسندت رأسها فوق الباب وأغمضت عيناها بتألم، رفعت كف يدها الذي طبع به قبلته وأمتص جلده بشفتاه، وضعت شفتاها فوق موضع شفتاه وأغمضت عيناها وباتت تقبل موضعهما بقلب يريد الصراخ بأعلي صوته مطالب بعودتة قبل الرحيل، أخذت نفس عميق تشتم به رائحة عطرة التي طبعت فوق جلدها والتصقت به.

أما ذاك العاشق الذي شعر بأن قلبه خرج من بين أضلعه وتركه مهرولا إليها لكي لا يبتعد عنها ويضل بين أحضانها بالداخل، تنهد بألم وتحامل على حالة وتحرك إلى الدرج ليهبط ومنه للخارج بعدما ودع الجميع، كان فارس بإنتظاره كي يصطحبه بسيارته إلى مطار سوهاج.

نظر لأعلي الشرفة على أمل رؤياها، لكنها حطمت أماله ولم تخرج لتوديعة، فتنهد هو وتحرك فارس منطلق بالسيارة ثم نظر إلى شقيقة مترقب ملامح وجهه الحزينة وتسائل بدعابة: مالك يا قاسم، أول مره أشوفك مهموم وإنت مسافر إكدة، ده أنت جبل إكدة كنت بتبجا طاير من الفرحة وإنت مفارج.

تنهد بألم ونظر لشقيقه وتحدث بنغزة داخل صدرة: شكلي طبيت ووجعت في عشج بت أبوها العالية يا فارس، وجع واعر جوي جوة جلبي من وجت ما سبتها فوج ونزلت
تهللت أسارير فارس وهتف بصياح: وكتاب الله كت عارف إنك عشجتها من وجت خناجاتكم اللي مكانتش بتخلص من يوم ما كتبتوا اللكتاب،
وأكمل بنبرة عاقلة: صفا زينة بنات النعمانية وتستاهلك وإنت تستاهلها يا أخوي، وعين العجل إنك معتغدرش بيها ولا بوعدك لعمك.

تنهد بهدوء وأرجع رأسه للخلف ناظرا أمامه بشرود يفكر فيما هو أت، وكيف سيتخلص وينهي خطبته من إيناس بدون خسائر معنوية لها، فبالأخير هو يكن لها إحترام ولا يريد إيذاء مشاعرها وكبريائها.

بعد مرور حوالي الساعة والنصف
دلف من باب مكتبه بترحاب عالي من الموظفين والذين تسائلوا كثيرا عن طول مدة غياب قاسم والذي لم يخبر أحدا من المكتب بقصة زواجه بناء على طلب إيناس لحفظ ماء وجهها أمام زملائها الذين ينتظرون زواجهما خلال الإسبوع القادم.

دلف إلى مكتبه وخلع عنه سترة حلته وعلقها بمكانها المخصص، ثم جلس بمقعدة ودلفت إلية السكرتيرة الخاصة به ومعها ملفات القضايا المتوقفة على موافقتة الشخصية كي يتم قبولها بالمكتب
تحدثت نيرة السكرتيرة بترحاب وهي تضع أمامه أحد الملفات: المكتب نور بوجودك يا أفندم.
أجابها بهدوء: متشكر يا نيرة.

بالكاد إنتهي من جملته ورفع بصره سريع وسلطه على تلك التي دفعت باب المكتب بحدة ودلفت تنظر إلية بنظرات مشتعلة وتحدثت إلى نيرة التي إنتفضت بوقفتها قائلة بنبرة صارمة: سبيني مع الأستاذ لوحدنا يا نيرة.
نظرت نيرة إلى قاسم لتتأكد من قرارة فأومأ لها بأن تفعل ما طلب منها وبالفعل خرجت.

وقفت تنظر عليه بعيون مشتعلة وتحدثت بنبرة غاضبة: هي حصلت كمان تيجي المكتب من غير ما تبلغني إنك جاي وأعرف من مكتب السكرتارية زيي زي الغريب؟
نظر لها ببرود وتحدث بنبرة هادئة إستشاطت داخلها: إهدي يا إيناس من فضلك وياريت متنسيش إننا في شغل والمكتب فيه زباين، ده غير إنه ما يصحش صوتك يبقا عالي كدة قدامي.

كانت تنظر إلية مستغربة حالته ككل، نظراته الباردة وهو ينظر لها، نبرة صوته الجافة وهو يحدثها، أين قاسم، أين حبيبها الذي كان ينظر لها بإهتمام ويحدثها بحماس، نعم لم يكن لها يوم عاشق بالمعني المعروف، لكنه كان مهتم.

تحدثت وهي تدقق النظر بملامح وجهه التي لم تعد تعرفها، لا نظراته لا كلماته ولا حتى ملامحه التي زادت جاذبية ويبدوا عليها الإرتياح: مالك يا قاسم؟ إنت فيك إية متغير، فين سلامك ولهفتك عليا، فين نظرة عيونك ليا لما كنت بتغيب عني يومين
وأكملت بتساؤل حائر: وإزاي قدرت تبعد عني كل الوقت ده من غير ما تكلمني وتطمن عليا!

تنهد بأسي لحالتها الجنونية، وقف وتحرك إليها ليقابل وقفتها، وضع كفية داخل جيب بنطالة وتحدث بنبرة هادئة: فية حاجات كتير جدت يا إيناس ولازم نقعد ونتكلم، من فضلك إتصلي بوالدك ووالدتك وخدي لي ميعاد منهم علشان هاجي أزورهم بعد ميعاد المكتب، فيه كلام لازم يتقال قدامهم ويشاركونا فيه.

تنفست بهدوء وتحدثت إلية بنبرة جادة كألة إلكترونية: لو هتتكلم معاهم في ترتيبات الفرح ما تقلقش، أنا وماما حجزنا القاعة، ومهندس الديكور اللي إنت سلمته الشقة خلص كل التعديلات اللي أنا قلت عليها، والفرش اللي إحنا حجزناه مع بعض قبل ما تسافر سوهاج هيوصل الشقة بكرة، والمهندس قال لي إن بعد يومين بالظبط هيسلمنا المفتاح.

وأكملت بجمود: كل حاجه جاهزة يا قاسم، مفيش غير كروت الدعوة إستنيتك لما توصل علشان نختار تصميمهم سوا
كان يستمع إليها بغصة مرة داخل حلقة، أين كان عقله، ضميرة، أدميته وهو يشرع ويجهز حاله لذبح إبنة عمه وعمه الذي طالما إعتبره ولده الذي لم ينجبة
حتي تلك المسكينة، ماذا ستفعل وكيف ستواجة الجميع بعدما يتركها خطيبها بعد خطبة وأرتباط دام لسبع سنوات!
حقا معضلة صعبة، كيف ستحل يا تري؟
تسائلت إيناس إلى ذاك الواقف ينظر إليها بشرود تام ويبدوا على ملامحه الإستياء والحزن: مالك يا قاسم؟
وصاحت بتساؤل وهي تنظر إليه بتشكيك: فيك إية قل لي، إية اللي مغيرك بالشكل ده؟
إستمع كليهما إلى طرقات مستأذنة فوق الباب فتحدث قاسم بنبرة صوت حادة: إدخل.
دلفت السكرتيرة الخاصة به وتحدثت بنبرة عملية: شريف نعمان برة يا أفندم وبيقول إنه واخد ميعاد من حضرتك.

تحدث إليها قائلا بتفهم: تمام، خلية يتفضل بعد دقيقتين بالظبط.
خرجت السكرتيرة وتحدث هو إلى إيناس بنبرة عملية: إتفضلي على مكتبك يا إيناس وزي ما قولت لك، هزوركم في البيت إنهاردة الساعة 8 وهنتكلم في كل حاجه.
كانت تنظر إلية بذهول وتسائلت بنبرة ملامة: إنت كلمت موكلينك وأدتهم مواعيد ومهانش عليك تكلمني حتى وتقولي إنك جاي.

تحرك إلى مكتبة وجلس بمقعدة وتحدث بنبرة جادة متغاضى حالتها وسؤالها: من فضلك يا أستاذه تتفضلي على مكتبك علشان تشوفي شغلك.
طرقت السكرتيرة الباب ودلفت تتقدم خطوات العميل الذي هز رأسه بترحاب إلى إيناس كتحية منه، ثم تحرك إلى المكتب وبسط يده إلى قاسم ليصافحه، وتحركت إيناس إلى الخارج،.

أما عدنان فكان يجلس داخل مكتبة منكب على أوراق بعض القضايا يقوم بمراجعتها بإهتمام، إنتفض بجلسته حين فوجئ بتلك التي فتحت الباب دون إستأذان ودلفت كالإعصار المفاجئ
إنتفض واقف وتسائل بهلع: فيه إيه يا إيناس، إية اللي حصل؟
بأنفاس لاهثة وعيون متسعة تطلق حمم نارية سألتة مستفسرة: كنت عارف إن قاسم جاي إنهاردة؟

زفر بضيق واسترخت أعصابه المشدودة وأرتمي بجسده بتراخي فوق المقعد ثم تحدث بهدوء: كلمني الساعة سبعة الصبح وأنا نايم وقالي إنه في المطار وجاي على القاهرة، وطلب مني أجهز له شوية ملفات خاصة بقضايا مستعجلة ولازم تدرس ويتاخد فيها قرار.
جحظت عيناها وتسائلت بصياح: ولية ما قولتليش وإحنا قاعدين على الفطار؟!

اجابها بنبرة باردة: نسيت يا إيناس، بقولك كلمني وأنا نايم، وبعدين أنا كنت فاكر إنه بلغك إنه جاي على الأقل علشان تنسقوا مع بعض القضايا المتعلقة وتشوفوا هتقبلوا إية وترفضوا إية
تحركت وجلست بمقابله وتحدثت بنبرة متوجسة: قاسم متغير معايا أوي يا عدنان، معرفش ماله، ده طلب مني أبلغ بابا وماما إنه هيزورنا إنهاردة الساعة 8 بعد المغرب، وقال إنه محتاج يتكلم معانا ضروري.

تسائل عدنان مستفسرا: طب وإنت قلقانه ليه كده، ما جايز يكون جامعنا علشان يتكلم في ترتيبات الفرح؟
هزت رأسها بتوجس وتحدثت: لا يا عدنان، أنا قلبي مش مطمن لهيأتة وهو بيكلمني، حساه حد غريب عني أنا معرفهوش، مش لاقية فيه قاسم خطيبي
ضيق عدنان عيناه وذهب بفكره لتلك الفاتنة ذات العيون الساحرة وتيقن أن سحرها الهائل هو سبب تغيير ذاك الأبلة بالتأكيد.

بعد خروج العميل من مكتب قاسم دلفت إلية السكرتيرة مباشرة وتحدثت إلية بنبرة هادئة: أدخل الزبون يا أفندم ولا تحب حضرتك تشرب حاجه الأول؟
هز رأسه نافي ثم أردف قائلا وهو يلتقط هاتفه من فوق المكتب وينظر بشاشتة: متدخليش حد علشان هعمل مكالمة ضرورية، وانا هتصل بيكي لما أخلص وأبلغك تدخلي العميل، وأكمل بنبرة تأكيدية ذات مغزي: مفيش مخلوق يدخل عليا المكتب مهما كان هو مين
ونظر إليها بتأكيد: مفهوم يا نيرة؟

أومأت له بتفهم وخرجت، أما هو فنظر بشاشة هاتفه وأبتسم تلقائيا حين نظر لنقش إسمها، كان قد قرر مهاتفتها بعدما شعر بحاجته الملحة للإستماع إلى نبراتها الحنون كي تمده بالقوة وتسانده وتدفعه للمضي قدم نحو طريق تصحيح المسار المتجة إلية، بسرعة البرق ضغط على زر الإتصال وأنتظر متلهف لإجابتها.

كانت تنتهي من إرتداء ثيابها وتلف حجابها الشرعي إستعدادا للنزول بعدما بعثت لها فايقة حسن كي تستدعيها للجلوس معهم بالأسفل
إستمعت لرنين هاتفها فتحركت إلى الكومود وألتقطته ونظرت إليه، وبلحظة تخشب جسدها بالكامل وبدأ قلبها يدق بوتيرة سريعة عندما لمحت نقش إسمة المسجل بهاتفها منذ أكثر من سبع سنوات ولم ينير بشاشتها ولو لمرة واحدة.

فاقت على حالها وضغطت سريع زر الإجابة قبل أن ينتهي الرنين وتحدثت بنبرة مرتبكة خجلة: ألو
وكأن روحه الهاربه منه قد ردت إلية حين إستمع لرنين صوتها العذب، فأجابها بنبرة يملؤها الحنين: كيفك يا صفا؟
تنهدت براحة وشعرت بسعادة تغزو صدرها من مجرد إستماعها لحروف إسمها تخرج من بين نبرات صوته الحنون: اني زينة الحمد لله، وتسائلت بإهتمام: وصلت المكتب بالسلامة؟
أجابها: واصل من أكتر من نص ساعة وجابلت موكل كمان.

شعرت بغيرة إقتحمت قلبها سريع وتسائلت بنبرة حاولت بها تخبأة مشاعرها المشتعلة بالغيرة: موكل ولا موكلة، أجصد يعني جضية لراچل ولا لست؟
قهقة عاليا وتحدث بتفاخر ورجولة بعدما إستشف غيرتها علية: راچل وشنبة يجف علية الصجر كمان، وأكمل بمراوغة وحديث ذات مغزي: طمني جلبك يا صفا.
أجابته وهي تبتلع لعابها وتلعن غبائها لظهورها أمامه بتلك الحالة المزرية من الغيرة: وهو حد كان جال لك إني جلجانة لجل ما تجول لي إطمني!

ضحك بشدة قائلا بمداعبة: الغيرة على المحبوب مشروعة يا دكتورة، وخصوصا لما الحبيب يبجا محامي طول بعرض وعيونه كحيلة ورموشة تدوب جلوب الحريم دوب
إشتعل صدرها من الغيرة ولم تدري بما تجيبه، أتقصف جبهته ككل مرة لتثبت له أن الأمر لا يعنيها، ولكن كيف وهو يعنيها، بل وحديثه أشعل النار بداخل صدرها فجعله متوهج من شدة الإشتعال
شعر بها فتحدث إليها: روحتي فين يا صفا، معترديش علي ليه، ولا أني مش حبيب عاد؟

إبتلعت لعابها وأشتعل وجهها إحمرارا ولم تستطع إخراج كلمة واحدة من فمها، فهم خجلها وأعطي لها العذر
فغير مجري الحديث كي يستدعيها إلى عالمه من جديد: نمتي بعد أني ما مشيت ولا جلجتي ومجالكيش نوم.
إبتسمت لمداعباته وقررت مشاغبتة وتحدثت بنبرة مرحة جديدة علية: وإية اللي هيخليني منامش يا متر، ده أني حتى أول مرة أنام براحة إكده من يوم فرحنا، أخدت مخدتي في حضني ونمت محسيتش بنفسي من كتر الراحة.

شعر بسعادة من دعابات تلك المشاغبة وتحدث متوعدا بدعابة: طب إعملي حسابك إن أول حاچة هعملها بعد ما أچي لك إني هاخد اللمخدة دي ونزلها في الچنية وأولع فيها
ضحكت هي وتحدث إليها متسائلا: معتسألنيش عولع في المخدة ليه؟
إبتسمت وتسائلت بدلال خشب جسده: عتولع فيها لية؟
أجابها بنبرة هائمة أذابت جسدها: عشان إتچرأت وخدت مكاني، حضن صفا ملك لچوزها وبس.

أغمضت عيناها وشعرت وكأن روحها تركتها وسرحت تتراقص في الفضاء، هل هي واعية أم أن هذا حلمها التي طالما تمنته حتى بات يراودها بغفوتها وصحوها
وأكمل ذلك العاشق بنبرة تكاد تصرخ من شدة إشتياقه: إتوحشتك يا صفا
إتسعت عيناها وفتحتهما بذهول تحاول أن تستوعب ما قيل لها على لسان متيمها وساحر عيناها، هل حقا قال أنه إشتاقني، هل نسبني إلية وان حضني هو ملك له!

إرتبكت حين سألها من جديد كي يستدعي صوتها لتعيد البسمة إلى قلبه الملتاع: عتفضلي حرماني من صوتك إكتير إكدة؟
تحمحمت وتحدثت متهربه منه: قاسم، كنت عاوزة أستأذنك في حاچة
أجابها متلهف: أؤمريني يا ست البنات.

إنتفض قلبها من كثرة حنينه عليها، تحاملت على حالها وأخرجت صوتها بصعوبة قائلة: كنت بستأذنك إني أخرچ إنهاردة بعد الظهر وأروح على المستشفي لجل ما أتابع وأشوف اخر المستچدات مع دكتور ياسر، إنت عارف إن الإفتتاح جرب وأني لازمن أطمن بنفسي إن كل حاچة بجت تمام.

شعر بحالة من الإستياء، وتملك منه شعور بالغضب والغيرة لمجرد ذكرها لإسم ذلك الرخيم الذي لم يتقبله منذ أن رأه ليلة الإحتفال بالحنة عندما كان سيتجرأ ويكشف عن جسد مالكة روحة ليعطي لها إبرة الدواء المسكن، لكنه تمالك من حالة وكظم غيظة كي لا يحزنها
وتحدث بهدوء وأستحسان: بصراحة أخر حاچة إتوجعتها إنك تستأذنيني لجل ما تنزلي تتابعي شغلك.

إبتسمت وتحدثت إلية بنبرة دعابية مستفزة: هو مش إستإذان جد ما هو إني بجنب حالي وچع الدماغ، لأن أكيد چدتي ومرت عمي هيجعدوا يجولوا لي كيف عتنزلي الشغل وإنت لساتك مكملتيش شهر چواز
قهقه عاليا وتحدث مستسلم من تلك التي تعتز بكبريائها أمامه: يا فرحة ما تمت، وأني اللي جولت لحالي إن الزمان ضحك لي والدكتورة صفا بجلالة جدرها عتستأذنك يا واد.

ضحكت بإستحياء فتنفس هو بإرتياح ثم تحدث مجبرا: روحي على شغلك بس خلي بالك على نفسك وأرچعي على شجتك طوالي
وأكمل بدعابة محببه لقلبها: وإبجي خدي المخدة في حضنك وضميها جوي بالليل لجل ما تودعيها عشان عولعلك فيها أول ما أرچع
ضحكت بشدة وضحك هو وأضطر أسف أن ينهي أمتع مكالمة أجراها طيلة سنوات حياته، شعر من خلالها بالشغف والنشوي والسعادة.

نزلت الدرج وتحركت إلى مجلس نساء العائلة وتحدثت بوجهها البشوش وضحكتها وحضورها الذي طغي على المكان فزاده إشراق: صباح الخير
رد الجميع الصباح عدا ليلي التي رمقتها بنظرة كارهه وتحدثت إليها بنبرة تهكمية: ناموسيتك كحلي يا صفا هانم.
تجاهلت هجومها اللازع عليها حين أردفت رسمية بنبرة مدلله متجاهلة حديث ليلي: يسعد صباحك يا دكتورة.
وتحدثت نجاة بوجه مبتسم وترحاب عالي يليق بتلك الصافية: منورة دارك يا بتي.

اجابتها صفا بإبتسامتها البشوش: تسلمي يا مرت عمي، الدار منورة بوجودك.
وأردفت مريم متسائلة بإبتسامتها البريئة: كيفك يا صفا، زينة؟
بادلتها الإبتسامة تحت غضب ليلي وتحدثت بنبرة حنون: الحمدلله يا مريم.
تحدثت الجدة وهي تشير إليها: تعالي اجعدي چاري لحد ما انده على حسن تچهز لك اللفطور.

تحركت إلى الجدة وجاورتها الجلوس وتحدثت بإعتراض لطيف: ملوش لزوم يا چدة، أني فطرت جبل ما أنزل، أني هجعد وياكم شوي وبعدها هروح أطل على أبوي وأمي واشوفهم عشان هروح المستشفي أتابع التچهيزات، الإفتتاح جرب وعاوزة أطمن إن كل حاچة بجت زين.
وكأن بكلماتها تلك قد أشعلت النار بقلب فايقة التي تحدثت بنبرة حقودة ظاهرة للجميع: مستشفي إية اللي عتروحيها وإنت لساتك عروسة چديدة، إنت عايزة تفضحينا بين الخلج إياك؟

أني أصلا مفهماش شغل إية اللي بتچهزي له وهتروحية بعد ما خلاص إتچوزتي!
وأكملت بنبرة خبيثة كي تكشف للجميع عدم تربية صفا بالشكل اللائق وتخطيها لإتباع الأصول: الظاهر إن سلفتي مكانتش فاضية لچل ما تعلمك الأصول زين، لأن لو كانت علمتك صح كتي جبل ما تلبسي هدومك وتنوي الطلوع تاچي تستأذني مني ومن چدك وچدتك
ونظرت إلى رسمية وتسائلت بنبرة خبيثة: مش الأصول بتجول إكدة بردك ولا أني بتحدت غلط يا عمتي؟

وقبل ان ترد رسمية التي إنعقد لسانها خجلا كان لصفا رأي أخر حيث قامت بقصف جبهتها وإفشال مخطتها قائلة: أمي علمتني وفهمتني ديني صح وربتني أحسن تربية يا مرت عمي، وديني بيجول ما أتحركش من مكاني خطوة جبل ما أخد الإذن من چوزي اللي أني عايشة في حمايتة ومسؤلة منيه، وأني جبل ما أنزل إتصلت بچوزي وأستأذنته وهو سمح لي ورحب كمان، ده غير إني إستأذنت ليلة إمبارح من كبيري وكبير الكل، نظر إليها الجميع فتحدثت مفسرة: أخدت الإذن من چدي ربنا يبارك لنا فيه.

وأني يا ست صفا، كتي خدتي مني الإذن لجل ما تخرچي؟
ولا ورد معلمتكيش إن زي ما چوزك ليه إحترامة حماتك هي كمان ليها إحترامها؟
جملة قالتها فايقة لمتابعة مخطتها الدنئ لتوقيع صفا بالخطأ
تحدثت صفا بثقة ونبرة هادئة إستفذت بها فايقة: أني إتبعت الدين والأصول وأستأذنت چوزي وكبيري يا مرت عمي ومحدش يجدر يغلطني في إكدة،.

وأكملت بنبرة عقلانية كي تتفادي خطة تلك الحية الرقطاء قائلة بهدوء وأبتسامة خفيفة: ومع إني مش مطالبة إني أستأذن من حد تاني بس أني بستأذنك في إني أخرچ يا مرت عمي، وتسائلت بإبتسامة مزيفة: راضية إكدة؟
نظرت لها ليلي وفايقة بقلبان يشتعلان غضب حين تحدثت رسمية بإستحسان: عداكي العيب يا دكتورة.

حين وجهت نجاة حديثها إلى رسمية نبرة حادة وذلك لإحراج فايقة التي لا تعطي إلى حديثها أية إهتمام أو جدية: كت عاوزة أتحدت وياكي في موضوع تأخير حبل ليلي لحد دالوك يا مرت عمي،
وأكملت بنبرة غاضبة: بصراحة إكدة الموضوع طال وبوخ وأني خلاص، معتش جادرة اتحمل وأصبر أكتر من إكدة.

إستشاط داخل فايقة ورمقت نجاة بنظرة نارية وصاحت بنبرة عالية مردفة بحدة وهي تنظر إلى صفا: ولازمته إية الحديت الماسخ اللي يحرج الدم دي جدام الغرب يا نچاة؟
تحدثت رسمية بنبرة حادة بعدما رأت حرج صفا بعيناها: غرب مين اللي عتتحدتي عليهم يا بت سنية؟، وبعدين عتعلي صوتك على سلفتك وتغلطيها ليه؟
المرة عنديها حج، صبرت ياما ونفسها تشوف عوض ولدها بيتحرك جدام عنيها، وإنت وبتك حاطين إديكم في الماية الباردة.

هتفت فايقة بنبرة غاضبة: أني مسكتاش يا عمة، ومن وجت ما بتي إتچوزت وأني بچري بيها عند الدكاترة، وكل اللي روحت لهم جالوا إن ليلي ساخ سليم ومفيهاش عيب يمنع الخلفة، اللحكاية عايزة صبر
صاحت نجاة متسائلة بنبرة حادة: لميتا هنصبروا يا فايقة، ولدي داخل على سنين ونص چواز ونفسي أشيل عوضة على يدي!
كانت تستمع إليهم والنار تتأكل بصدرها لحضور غريمتها صفا وإستماعها لهذا الحديث الذي يذبح روحها ويشعرها بالكسرة.

فتحدثت الجدة بهدوء: إجفلي خاشمك يا حرمة منك ليها، وحولت بصرها إلى صفا وتحدثت بنبرة هادئة: وإنت يا دكتورة، إنت مش شاطرة وكل سنة كتي عتطلعي بنمر زينة في الطب، متكشفي على بت عمك وشوفي لها دوا يخليها تحبل أومال؟

أجابت جدتها بهدوء: أني مش تخصص نسا وتوليد يا چدة، ده غير إني لسه ببتدي طريجي ومعنديش خبرة في شغلي، بس أني عرضت مساعدتي على ليلي جبل سابج، وجولت لها إني سألت دكتور كبير عندي في الچامعة وجاب لي إسم دكتور شاطر جوي في الموضوع ده ولية سيط وياما ستات كتير ربنا كرمها على يده
ونظرت لتلك المستشاطة وأكملت: بس للأسف، ليلي رفضت مساعدتي وطلبت مني أبعد عن الموضوع ده وما أتدخلش فيه واصل.

رمقت فايقة ليلي وسألتها بنبرة حادة: صح الحديت اللي عتجولة صفا دي يا حزينة؟
وقفت ليلي وصرخت بأعلي صوتها بعدما فاض بها الكيل: إيوة صح يا أما، وأني جولتها لها جبل سابج وهجولها جدامكم كلياتكم، لو الچنة هتاجي لي من خلجة بت ورد أني معيزهاش
وتحركت لأعلي بدموعها وغضبها على صفا الذي لو تفرق على المحافظة بأكملها لكفي وفاض.

نظرت فايقة إلى صفا وأردفت بلهفة كمن وجدت ضالتها: شوفي عنوان الدكتور ده يا صفا وهاتيهولي واني هتدلي مصر ونودوها ليه أني وأبوها
أومأت لها بطاعة حين تحدثت نجاة بإعتراض: رچلي على رچلك أني ويزن وين ما عتروحوا، بكفياكي طول السنتين اللي فاتوا وأني جاعدة كيف الهبلة ومعارفاش إية اللي عيحصل عند الدكاترة اللي عتروحولها إنت وبتك دي!

تحركت إلى منزل والدها وجدت والدتها تقف داخل المطبخ تعد أنواع الحلوي المحببة لدي زوجها الذي أصبح على مشارف الوصول، وقفت تلك الصافية وراء والدتها وأحتضنتها من الخلف دافنه وجهها داخل عنق ورد التي شعرت بسعادة الدنيا تملكت من قلبها وتحدثت بنبرة سعيدة: يا مرحب ببت جلبي اللي نورت دار أبوها
أردفت صفا بنبرة حنون: إتوحشتك جوي وإتوحشت حضنك وريحة مسكك يا ورد.

ضحكت ورد وتحدثت إليها بجرأة لم تعهد عليها: دالوك إفتكرتي حضن ورد لما فارجك حضن حبيبك!
شعرت بالدماء تنسحب من وجهها وعروقها بالكامل من شدة خجلها، فتسائلت مغيرة مجري الحديث كي تجنب حالها حديث والدتها: أومال فين أبوي، مشيفهوش في الدار يعني
أجابتها ورد بنبرة سعيدة: لساته مكلمني وجال لي إنه داخل بعربيته على أول الطريج في البلد.

لم يكملا حديثهما حتى إستمعا إلى صوته من الخارج وهو ينادي بصوته على صابحة قائلا: تعالي يا صابحة هاتي الحاچات اللي في العربية
أسرعت إلية وما أن رأته أمامها حتى رمت حالها بشغف لداخل أحضانه لتتشبع روحها من حنانه الذي لا يضاهيه حنان.

فتحدث ذاك الذي كان يشعر وكأنه يتحرك داخل صحراء جرداء في نهار صيف ساخن يتلوي عطش وفجأة وجد أمامه بئر ملئ بالمياة العذبة فجري علية ليروي ظمأه الشديد، فتح ذراعية على مصرعيهما وأحتواها داخلهما وبدأ بمسح كفه بحنان فوق ظهر غاليته وتحدث: إتوحشتك يا تاچ راس أبوكي.

أجابته وهي داخل أحضانة: مش جدي ما اتوحشتك يا حبيبي، ثم رفعت وجهها تتطلع إلى وجهه وتملي عيناها وتشبعها من شوفته البهية وتحدثت: كيفك يا حبيبي وكيف صحتك؟
أني زين ومليش زي طول ما أنت بخير، جملة نطق بها زيدان بنبرة حنون وعيون تنطق عشق أبوي.

إستمعا كلاهما لصوت تلك الغائرة التي صدح من خلفهما قائلة بدعابة: حمدالله على السلامة يا سي زيدان، طبعا معتفتكرش تسأل على المسكينة ورد ولا اللي چابوها طالما خدت حبيبتك جواة حضنك.
إنفرجت أساريره ككل مرة يري فيها غيرتها علية وتحدث مدللا إياها: مفيش حضن يعوض حنانك يا غالية، وفتح لها ذراعه وسحبها هي الاخري لتشارك صغيرته في حضنه الكبير الذي يشمل الجميع بحنانه.

بعد مده كانت تتوسط والديها الجلوس وتتناول بتلذذ الحلوي التي صنعتها والدتها بيدها
سأل زيدان صغيرته كي يطمأن عليها: قاسم عامل إية وياكي يا صفا، بيعاملك زين؟
إبتسمت خجلا وتحدثت كي تطمأن قلب غاليها عنها: الحمدلله يا أبوي، قاسم راچل صح وبيتجي الله فيا وبيعاملني بما يرضي الله
أردفت ورد بإستحسان بعدما وجدت وجه صغيرتها قد انير بعد زواجها من قاسم: قاسم راچل مفيش منيه، يشبهك يا زيدان ويشبه حنيتك.

حولت بصرها سريع على أبيها وأردفت معترضة بنبرة صادقة: حنية أبوي ملهاش زي يا أما، ربنا خلج زيدان واحد ومكررهوش
إبتسم لصغيرته وأمسك كف يدها وضغط عليه بحنان، جلست معهما ما يقارب من الساعة وبعدها إتجهت بسيارتها إلى المشفي لتباشر عملها وتتابع اخر المستجدات.

إنتهي قاسم من أدائه لبعض الأعمال المتراكمة لدية وخرج من مكتبه متجه إلى مسكنه، تناول طعام غدائه الذي جلبه معه من الخارج من أحد المطاعم ثم تحدث إلى صفا وأطمأن أنها قد عادت من المشفي،.

دلف إلى المرحاض ونزع عنه ثيابه وأتجه إلى كبينة الإستحمام، وقف تحت صنبور المياة وحول مؤشره على المياة الدافئة ونزل تحته وأغمض عيناه بإسترخاء وذلك لكي يهدئ من روعة، إنتهي من أخذ حمامه وذهب إلى تخته ليغفوا ساعتان حتى يسترخي قبل أن يذهب إلى منزل إيناس ويبدأ حربه الشرسة الذي يعلم أنها لم ولن تكن بالسهلة أبدا.

أفاق من غفوته على صوت المنبه، اغلقه وأتجه إلى المرحاض توضأ وخرج لأداء فرض الله علية، بعد مدة إنتهي وبدأ بمناجاة الله وتوسل إلية بأن يوفقه ويسانده ويدعم سعيه بالوفاء إلى الوعد الذي قطعة لعمه بأن يحافظ على تلك الصافية بالإضافة إلى عشقه الهائل الذي ظهر بقوة وبدون مقدمات
إرتدي ثيابه وقاد سيارته إلى أن وصل لمحل إقامتها وبعد دقائق كان يجلس في مقعدا مقابلا الأريكة التي تحمل ثلاثي الشر، كوثر، إيناس وعدنان.

تسائل قاسم مستفسرا: أومال فين أستاذ رفعت؟!
نظرت له كوثر التي تجلس بترقب واضعة ساق فوق الأخري وكف يدها تسند به وجنتها، ترمقه بنظرات متفحصة ثم تحدثت بحديث مقصود: رفعت في الشرقية بيحضر مناسبة عند حد قريبه من بعيد وهيبات في البلد، وبالمرة قال هيعزمهم على فرح إيناس
ثم تحدثت بنبرة مستفسرة وهي تنظر له بعيون مستشفه لما داخله بحكم خبرتها بالحياة: خير يا قاسم، يا تري عايزنا في إية، إتكلم، إحنا سامعينك.

هبت إيناس واقفة من جلستها وتحدثت بهدوء حذر: قبل ما تبدأ كلام قولي تحب تشرب إية؟
أجابها سريع بإشارة من يده: مفيش داعي تتعبي نفسك، ياريت تقعدي علشان نتكلم في المفيد
إستغرب عدنان طريقة قاسم الرسمية وملامح وجهه الجامدة وتسائل بدعابة: مالك يا أبني عامل زي اللي قاعد في مؤتمر رسمي كدة ليه، ما تفك شوية وبلاش شغل الرسم بتاع المحامين ده.

إبتسمت كوثر بجانب فمها بطريقة ساخرة وتحدثت بحديث ذات مغزي لتشجعه لما هو أت: إسمع كلام صاحبك وأدلق اللي في عبك مرة واحدة يا قاسم
أخذ نفس عميق وزفره بهدوء كي يساعده ويعطية القوة على البدأ بالحديث في هذا الموضوع المخجل الصعب
تناقل النظر بين ثلاثتهم وتحدث متشجع: أنا عارف إن الكلام اللي هقولة ده صعب علينا كلنا بس لازم ن...

ولم يكمل باقي جملته لمقاطعة كوثر التي تحدثت بإعتراض: مفيش داعي للمقدمات دي كلها يا متر، ياريت تخش في الموضوع على طول وتقول اللي إنت جاي علشانة
تحمحم بخجل فحقا الوضع ليس بالهين علية ولا عليهم وأكمل بتفهم: حاضر يا أفندم.

وأخذ نفس طويل وتحدث متشجع: للأسف أنا مش هقدر أكمل في موضوع جوازي من إيناس، حصلت حاجات كتير أوي في التلات أسابيع اللي فاتوا خلتني أراجع نفسي، ولقيت إني من الصعب أخالف ضميري وأخون بنت عمي، ده غير إن عمي خلاني أوعدة إني أحافظ على بنته الوحيدة وأني أصونها وما أجرحهاش
جحظت أعين عدنان وإيناس وباتا يدققان النظر إليه بذهول وعدم إستيعاب لحديثه.

أما كوثر التي لم تتأثر ملامحها ولو بشكل بسيط مما إستمعته من قاسم، فهي قد إستشفت بذكائها وخبرتها التي إكتسبتها عبر سنوات عمرها التي لم تكن بالهينة وعانت فيها مر الفقر وتخطي الصعاب
نظرت له وتحدثت ساخرة بنبرة باردة رخيمة: حلوة حتة الضمير اللي نزلت عليك فجأة دي، لا وملعوبة صح وكانت ممكن تدخل على حد أهبل، بس عليا أنا لاء يا أبن الأكابر،.

وأكملت بنبرة ساخرة مهينة لشخصة: إنت واعي للتخاريف والهبل اللي جاي تشتغلنا بيهم دول ولا أنت مبرشم على المسا ولا نظامك إية بالظبط؟!
إتسعت عيناه بذهول تأثرا بإستماعه إلى كلماتها المهينة والتي لا تليق بشخصيته الجادة ولكنه تمالك من حاله وتحدث قائلا بنبرة متماسكة مراعي حالتها: مفيش داعي للإهانة يا مدام كوثر، أنا مقدر إن الوضع صعب علينا كلنا، ولازم نساعد بعض علشان نتخطاه.

إعتدلت بجلستها وهتفت بنبرة حادة: وهو أنت يا حبيبي لسه شفت إهانة، بقا بعد ما ركنت بنتي جنبك سبع سنين زي البيت الوقف وضيعت عليها فرص الجواز بدري، وبعد ما جهزنا للفرح وكل قرايبنا ومعارفنا عرفوا إن الفرح بعد عشر أيام وده على حسب إتفاقك إنت وأبوك معانا لما كنتوا هنا، جاي بكل بجاحة تقول لنا معلش يا جماعة، سامحوني مش هقدر أتمم الجوازة علشان مخونش ثقة عمي فيا، ثقة مين يا أبو ثقة.

تحدث عدنان مهدء والدته موجه نظراته إلى قاسم: إهدي من فضلك يا ماما، أكيد قاسم بيهزر معانا وما يقصدش اللي حضرتك فهمتيه ده
أجابه قاسم بنبرة جادة غير قابلة للتشكيك: أنا مبهزرش يا عدنان، أنا قاصد كل كلمة خرجت مني، وأنا مستعد إني أعوضكم بالمبلغ والترضية اللي إنتوا تحددوها علشان أكفر عن غلطتي
خرجت إيناس عن صمتها متخطية صدمتها وأردفت قائلة بنبرة لائمة غير مستوعبة: إنت عاوز تفضحني يا قاسم؟

إنت مستوعب الناس ممكن تقول عليا إية لو سبتني قبل الفرح بإسبوع بعد خطوبة دامت كل السنين دي، إنت كدة بتدبحني؟
ضيق بين حاجبية وتذكر ما الذي كان سيفعلة بصغيرته تحت قيادة تلك التي تصرخ عندما تبادلت الأدوار، شعر بدونيتة وكم كان حقيرا ولا يفكر سوي بحاله اللعين وفقط.

تحدث إليها متسائلا: ولو إتجوزتك هبقا بدبح مراتي اللي ما تستاهلش مني كدة، هي خلاص، مبقاش ليها حد غيري ومش هقدر أغدر بيها تحت أي ظروف، لكن إنت لسه الفرصة قدامك في إنك تلاقي راجل محترم يحبك ويكون ليكي لوحدك من غير ما تشاركك فيه ست تانية،
هتفت بنبرة معترضة: بس أنا مش عاوزة ولا هقدر أكون لراجل غيرك يا قاسم؟

أجابها بنبرة تأكيدية: مبقاش ينفع خلاص يا إيناس، صدقيني مش هقدر، لو إتجوزتك علشان نتفادي كلام الناس هبقا بظلمك لأني مش قدر أكون لك الزوج اللي حلمتي بيه وأتمنتية
إنت بتقول إية يا قاسم، إنت مدرك وواعي للي إنت بتقوله، وصرخت بجنون قائلة: بص لي كويس يا قاسم، أنا إيناس، حبيبتك، وصاحت بصراخ متسائلة: إنت إية اللي جري لك، عملت فيك إية العقربة اللي إتجوزتها خليتك تتغير من ناحيتي بالشكل ده؟

إستشاط داخله وأحتدت عيناه حينما إستمع لإهانة صغيرته فتحدث بنبرة حادة صارمة: إيناس، صفا خط أحمر ممنوع أي حد يتخطي الحدود ويقرب منه.
وأكمل بنبرة حادة: اخر كلام عندي جواز مش هينفع، وأنا تحت أمركم في أي تعويض مادي تحددوة بنفسكم.

ونظر لإيناس لعلمه مدي عشقها للمادة وهذا ما لمسه من خلال حديثه الأخير معها وهو يحاول إقناعها بإتمام زواجه بها بعد صفا، ومنذ ذاك اليوم وهو يقوم بإسترجاع ذاكرته ومواقفها معه، شعر بالإهانة وبأنه بعناده وهروبه من هويتة وجذورة قد تغافل وسلم حاله لتلك المخادعة التي مثلت عليه العشق ولكنها أبعد ما تكون عنه.

وأردف قائلا بنبرة جاده: وأنا مستعد أكتب لك الشقة بفرشها بكل مستلزماتها بإسمك كنوع من أنواع التعويض، وأظن إنت عارفة تمنها كويس أوي، ده غير مبلغ مالي هديهولك تبدأي بيه تأسيس مكتب ليكي، لأن للأسف مش هينفع نكمل شغل مع بعض تاني في المكتب.

إشتعل داخلها عندما رأت غضب عيناه وأشتعال روحه لأجل غريمتها التي جلبتها له بأيديها، وما زاد حقدها هو تخطيته وترتيبه لخطة الإنسحاب الكامل من حياتها، نظرت له وتحدثت بفحيح وتوعد: وإنت بقا فاكرني هبلة وبريالة علشان أوافق على عرضك السخيف ده؟
وكمان عاوز تخرجني من المكتب اللي أنا بنتهولك على أكتافي وعليت إسمة في السما بتعبي ومجهودي.

وأكملت بتوعد: ده أنت تبقا غلبان أوي لو فاكر إنك ممكن تغدر بيا وترمي لي شوية فتافيت بعد ما ركنتني جنبك زي البيت الوقف كل السنين دي، وأنا هقف أتفرج عليك وأسكت زي الهبلة وأرضي،
وأكملت بتهديد صريح: ده أنا أخرب لك حياتك وأدمرك، وأهد المعبد على دماغ الكل وعليا وعلى أعدائي يا قاسم.

رمقها بنظرات نارية وهتف بصياح: لما تيجي تتكلمي مع قاسم النعماني تبقي تتكلمي على قدك يا شاطرة، وقولتها لك قبل كدة وهقولها لك تاني، مش أنا اللي بتهدد ومليش إيد بتوجعني علشان أتمسك منها وأتوجع،.

وأكمل مذكرا إياها: وبلاش تعيشي في دور المظلومة اللي إتغدر بيها لأن بصراحة الدور مش لايق عليكي، وأحب أفكرك إن الخطة دي كلها كانت فكرتك من الأول وتمت تحت رعايتك وإشرافك، فياريت متحملنيش الذنب لوحدي، دي خطة دنيئة من تأليفك وأنا إشتركت في تنفيذها وخدعت بيها عمي وجدي ولأخر لحظة كنت هدبح بيها بنت عمي بدون رحمة، جاية تصرخي لما الأدوار إتبدلت وأتحطيتي مكانها،.

وأفتكري إني من الأول كنت رافض إني أكمل في لعبتك دي، وكنت ناوي أتخلي عن كل حاجه وأبدأ معاكي من الصفر ونبني نفسنا بنفسنا، لكن إنت اللي طمعتي وأصريتي إننا نكمل،
ورفع كتفيه وأردف بهدوء: وأدي النتيجة، ولازم تتقبليها
وأكمل بتألم حقيقي: وإوعي تفتكري إن إنت لوحدك اللي هتطلعي من الموضوع ده خسرانة، أنا كمان خسرت كتير أوي ولسة هخسر، خسرت ضميري اللي فقدته أثناء رحلة السبع سنين العجاف دول.

وأسترسل حديثه بنبرة حزينة متألمة: و كفاية إني هعيش عمري كله وأنا بحتقر نفسي ومستصغرها على كذبي طول السنين دي على أهلي، وكفاية كمان إني هقضي اللي باقي حياتي وأنا جبان ومعنديش الجرأة إني أعترف لهم بالمؤامرة الحقيرة اللي لعبتها عليهم
تحدثت كوثر بهدوء مريب: إهدي يا قاسم وما تخليش شوية عواطف هبلة تتحكم فيك وتحركك زي قطع الشطرنج، تعالي نتكلم ونحسبها مع بعض بالعقل.

وأكملت بنبرة صادقة: لو فاكر إني هضحي بسمعة بنتي بشقة وشوية فلوس تبقا غلطان وحساباتك خرمت منك، إحنا من الشرقية يا قاسم، يعني من الاخر ناس فلاحين ولينا أصل وعيلة، واللي إنت جاي بتقوله ده تطير فيه رقاب.

ده غير إن بنتي خلاص، عدت 31 سنة وفرصها في جوازة كويسة من شاب ظروفة مناسبة قلت، ده غير إن أبوها كان قلقان ومكنش موافق على الموضوع كله من الأول وأنا اللي ضغطت علية لحد ما أقنعته، يعني لو عرف قرارك ده أقل حاجه هيعملها معايا ده لو يعني طلع كريم، هيطلقني ويرميني في الشارع رمية خيل الحكومة، يعني إنت كدة بتخرب بيتي.

وأكملت بشرح: ده غير أهلة اللي مش هيسكتوا لما يعرفوا إن بنتهم اللي ليها سبع سنين مخطوبة لواحد شغاله معاه في مكتبه
وأكملت بنبرة خبيثة كي تستدعي قلقة: واللي ساعات بييجي عليهم وقت والمكتب ده بيفضي عليهم هما الإتنين لوحدهم.

إتسعت عيناه من تلميحاتها الغير أخلاقية بالمرة فأكملت هي: تفتكر إن ناس فلاحين زي دول عندهم الشرف أهم من النفس اللي بيتنفسوة هيقفوا يتفرجوا على بنتهم وسمعتها اللي هتبقا في التراب ويسكتوا؟
كان يستمع إلى حديثها بقلب يتمزق وروح مؤرجحة، فبرغم خبث تلك المرأة وتلاعبها بالحديث إلا انها محقة بتفكيرها وبنظرة المجتمع لإبنتها،.

ساخط هو على حاله وغباءه وتشتته الذي أوصله لتلك النهاية الحرجة والمؤلمة للجميع، مشفق هو على تلك الأم التي تحاول جاهدة أن تنقذ سمعة إبنتها ويعطيها الحق ولكن لم يعد الأمر بيده، هو قام بقطع وعد على حاله قبل عمه بأن يحمي تلك الصافية وبأن لا يقوم بجرحها والغدر بها مهما كلفه الامر من خسائر، يكفي بأن يكون رجل في حماية إمرأته.

زفر بهدوء ثم تحدث بنبرة حزينة: أنا مستعد أسافر لأهل أستاذ رفعت بنفسي للشرقية واشرح لهم موقفي الصعب وهكون تحت أمرهم في كل اللي يحكموا بيه، ولو أضريت أتنازل ل إيناس عن كل مليم كسبته طول سنين شغلي أنا موافق.

تحدث عدنان بعدما رأي دموع شقيقته وعدم إستيعابها لما يجري من حولها: الحكاية مش حكاية تعويض وفلوس يا قاسم، إنت وإيناس بينكم حب وعشرة وأيام ومواقف حلوة كتير، إزاي هترمي كل ده ورا ظهرك وبسهولة كده تتخلي عنها.

وقف منتصب الظهر وتحدث بهدوء وهو يغلق زر حلته استعدادا للمغادرة: أنا قلت كل اللي عندي يا عدنان، وصدقني الموضوع صعب عليا أكتر منكم، لكن ساعات الدنيا بتجبرنا نغير طريقنا اللي كنا راسمين نكمل فيه، أنا مستني قراركم النهائي وزي ما قولت، أنا تحت أمركم في كل اللي هتطلبوة
وقفت كوثر وصاحت بنبرة عالية غاضبة: لا ده أنت عبيط بجد بقا ومش فاهم إنت بتعمل إية!

وأكملت بتهديد صريح: ده أنا هخرب الدنيا وههدها فوق دماغك وهروح لجدك وعمك اللي إنت خايف منهم دول وهفضحك قدامهم وهقول لهم على كل حاجه، هقول لهم إن ابنهم المحترم كان بيلعب بيهم طول السنين اللي فاتت وكان ناوي يتجوز على بنتهم،.

بس البية شكله خاف للموضوع يتعرف ويخسر الملايين اللي هيورثها من ورا عمه وجده، وقال لنفسة بدل ما أخسر مغارة على بابا اللي ههبش منها، أرمي إيناس في أقرب صفيحة زبالة وأكمل أنا وأستمتع بالعز ده كله لوحدي
كان ينظر إليها مذهولا، أهكذا يرونه بأعينهم، رجل حقير دنئ لا تهمه سوي المادة!

إحتقر حاله ألاف المرات ولامها على إلقاء حاله وسط أحضان هؤلاء الأفاعي، ولكن ما كان يشغل عقله ويبث القلق داخل روحه هو تهديد تلك الحية الرقطاء بإخبار عمه، ماذا سيفعل لو علمت صغيرته بتلك المؤامرة الحقيرة،.

هو لا يخشي معرفتها ولكن ليس قبل أن يبني بينهما جسورا طويلة من الثقة لتأسيس حياتهما وبناء أساس متماسك وهذا ما يعمل علية حاليا ويحاول جاهدا، حتى يكن له رصيدا كافيا لديها كي يشفع له عندها ويمحي خطاياه، وحينها سيذهب هو إليها ويعترف لها بكل ماضية المؤلم ويتوسل إليها طالب منها السماح والغفران
تحدث بنبرة تعقلية إستطاع إيجادها بصعوبة: بلاش ننهيها بالشكل ده، خلينا نفارق بالمعروف زي ما بدأنا.

تحدث عدنان بنبرة حزينة: مفيش معروف في الغدر يا صاحبي، هو ده تقديرك لمشوار صداقتنا الكبير، يا خسارة يا قاسم
تحرك قاسم إلى الخارج ضارب عرض الحائط بصياح كل من كوثر وإيناس وتوعدهما بالإنتقام الشديد منه والأذية له ولكل أحبائة
بعد خروجه نظرت إيناس إلى والدتها وصرخت بصياح: إنت هتسيبية يغدر بيا ويروح يعيش حياته وكأن مفيش حاجه حصلت؟
رمقتها كوثر بنظرة مشتعلة وهتفت بفحيح كالأفعي: أسيبة؟

ده أنا مبقاش كوثر وشعري ده على واحدة ست إن ما خليتة يلف حوالين نفسة ويرجع لك مزلول ويتمني تنسي الكلام اللي قاله، وتوافقي إنك ترجعي له تاني.
بسطت ذراعها إليها وتحدثت بقوة: إتصلي لي على رقم أمة حالا وأديني التليفون، أنا هعرفهم مين هي كوثر.
هتف عدنان بترقب: إهدي من فضلك يا ماما وفكري بعقل قبل ما تعملي أي خطوة
هتفت قائلة بحدة: عقل، وهما اللي عملوة ده فيه ريحة العقل!

ضغطت إيناس على رقم فايقة وأنتظرت، خطفت كوثر الهاتف وترقبت للرد، أما فايقة التي كانت تجلس بصحبة الجميع، إستمعت إلى صياح العاملة وهي تناولها الهاتف الذي كان متواجدا بالمطبخ: المحمول بتاعك بيرن يا ست فايقة
إلتقتطة منها ونظرت في شاشتة، وارتبكت حين وجدت نقش إسم إيناس الذي بالكاد تعرف قراءة حروفة، حيث أنها خرجت من الصف الخامس الإبتدائي ولم تستكمل مراحل تعليمها.

إنسحبت قائلة للجميع بكذب: دي خيتي بدور اللي بتتصل، هطلع أكلمها من فوج وأشوفها عاوزة إية
لم يعيرها أحد إهتمام وبدأ الجد حديثه مع صفا ويزن بخصوص تجهيزات المشفي.

دلفت فايقة إلى مسكنها وأغلقت خلفها الباب وهي تتلفت حولها كاللصوص، وما أن نظرت إلى شاشة الهاتف الذي صمت عن الرنين لتبادر هي بالإتصال حتى وجدته يصدح من جديد، ضغطت زر الإجابة وما أن وضعت الهاتف على أذنها حتى إستمعت إلى صياح تلك الغاضبة التي تحدثت: إسمعيني كويس يا ست إنت، لو كنتوا فاكرين إن إنتوا أذكية وبسهولة إبنك هيبيع بنتي ويتخلي عنها وأنا هرضي واقف اتفرج تبقوا غلطانين، بلغي جوزك إن لو معقلش إبنة وخلاه ييجي بكرة لحد بنتي ويعتذر لها ويتمم الفرح أخر الإسبوع ده،.

وأكملت مهددة: لو معملش كدة بعد بكرة الصبح هكون عندكم في سوهاج وهبلغ أبوة بكل حاجة، هقول له إن جوزك وإبنك بعد ما جم واتفقوا معانا على الفرح وخلوني جهزت كل حاجه ودعيت المعازيم، جايين يقولوا خلاص، مبقاش ينفع.

أما فايقة التي إنفرج فاهها واتسعت عيناها بذهول من قوة وجبروت تلك الشمطاء وتحدثت سريع بعدما فكرت: إهدي يا ست كوثر وخلونا نتكلموا بالعجل، في اللول إكدة لازمن تعرفي إن لو إنت رايدة الچوازة دي تتم جيراط، فأني رايداها تتم أربعة وعشرين جيراط، وليا أسبابي لكدة،
وأكملت بإستحسان: وكويس أوي اللي إنت عملتية ده، لأني كت حاطة يدي على جلبي وخايفة لتوافجوا على فسخ الخطوبة وترضوا بكلام قاسم.

كانت كوثر تستمع إليها بذهول مستغربة حال تلك الأم، فحتي كوثر ليست بالأم الصالحة بما يكفي، لكنها تدافع عن حقوق وراحة صغارها بإستماتة،
تحدثت كوثر بنبرة أهدي بعدما إستشفت بفطانتها صدق حديث تلك السيدة وذلك بعدما لمست الغل والحقد من بين نبراتها، فتحدثت بهدوء قائلة: لو على كدة يبقا متفقين وأنا معاكي، إتفضلي قولي لي ناوية على إية.

أجابتها فايقة قائلة بنبرة مليئة بالحقد: ملكيش صالح باللي هعمله، إنت كل اللي يهمك إن جوزي وإبني عيكونوا عنديكي بكرة لجل ما يراضوا عروستنا الزينة ويتفجوا على ميعاد الفرح
وأغلقت معها الهاتف ونظرت أمامها وضحكت بشماتة قائلة بصوت مسموع: كن الدنيي عتنصفك يا فايقة وهتاخدي بإنتجامك من حرجة جلب زيدان وهو شايف بته بتموت جدامة من نار جلبها الوالعة، هانت يا فايقة، هانت خلاص.

رفعت هاتفها أمام عيناها ونظرت بشاشته وضغطت زر الاتصال بزوجها الذي لم يظهر طيلة اليوم، حيث أخبرها منذ الصباح أن لدية بعض الأعمال داخل المركز وعليه الذهاب.

كان فوق فراشه يحتضن تلك اللعوب الذي تزوجها كي تعوضه عن النقص الذي يشعر به من خلال علاقته بفايقة، إستمع لرنين هاتفة، توقف عن ما يفعل ونظر بهاتفه بتملل، إنتفض ونهض سريع كمن لدغه عقرب سام ونظر لتلك الغاضبة جراء فعلته وتحدث بلهاث: معيزش اسمع لك صوت لحد مخلص المكالمة، فاهمة يا ماچدة؟
خرج إلى الصالة سريع وأخذ نفس عميق كي ينظم من أنفاسة وتحدث متحكم في صوته بصعوبة: إيوة يا فايقة.

صاحت تلك الشيطانة بعويل ودموع التماسيح التي تصنعتها قائلة: إنت فين يا قدري، تعالي شوف المصيبة اللي حلت فوج روسنا وعتخرب بيتنا وترمينا في الشارع بعد العمر ده كلياته.
أحيانا تجبرنا الظروف على المضي قدم داخل طريق نري بأخره نهايتنا المحتمة ولكن في بعض الأحيان لم يكن لدينا رفاهية الإختيار كي ننأي بأنفسنا من الهلاك المنتظر!
خاطرة لقاسم النعماني
بقلمي روز امين.

تسائل قدري مستفسرا بنبرة مرتعبة بعدما إستمع لصياح تلك الصارخة: خبر إية يا فايقة، إيه اللي حصل لعويلك دي؟
إنطجي يا مرة هتاچيني چلطة من وراك.
اجابتة منتحبة بدموع التماسيح: المرة السو اللي إسميها كوثر، إتصلت بيا دالوك وشندلتني بسبب موضوع فسخ خطوبة قاسم لبتها، وهددتني وجالت لي إن لو إنت وقاسم ما روحتولهاش بكرة، وطمنتوها إن الفرح هيتم يوم الخميس الچاي حسب الإتفاج الجديم،.

وأكملت بنبرة مرتجفة كي ثبث الرعب داخل روحه: هتاچي بعد بكرة لسوهاچ وتجول لأبوك على كل حاچة وعتفضحك وتكشف سرك جدامه وجدام العيلة كلياتها
تحدث إليها بنبرة حادة غاضبة: بت المركوب، الله في سماه لأتصل بيها واشندلها شنديل، هي فاكرة إني عخاف وعتهت من حديتها اللي ملوش عازة وأتمم لها جوازة الندامة دي، دي وجعت مع اللي معيرحمهاش وعيسود لياليها
وأكمل أمرا: إديني نمرتها بت المحروج دي لچل ما أعرفها مجامها صح.

إرتبكت فايقة من حديثه الغير متوقع لديها وباتت تحاول إقناعه للرضوخ لها وإتمام الزيجة كي يتقي شر والده إذا علم بمخطتة السابق لكنه رفض وبشدة، اعتطه رقم هاتف كوثر التي تبادلته معها كي يتحدا معا لإتمام مخطتهم الشيطاني
أغلقت فايقة معه وقامت سريع بمهاتفة كوثر وأبلغتها ما يجب عليها قوله وفعله، أغلقت كوثر معها سريع كي تجيب على ذلك المستشاط الذي هاتف رقمها أكثر من ثلاث مرات أثناء ما كانت تهاتف فايقة.

بدأ قدري حديثه بلهجة شديدة التهديد قائلا: إسمعي يا واكله ناسك إنت، شكلك إكدة معتعرفيش إنت بتلعبي ويا مين لجل ما تتصلي بمرتي وتهدديها بحديتك الخيبان دي، الله في سماه متفكري تاچي البلد كيف مبتجولي لكون جاتلك ومتويكي والچن اللزرج معيعرفش لجتتك طريج جرة.

إرتبكت كوثر من لهجة ذلك الغاضب لكنها تمالكت من حالها وأستدعت ثباتها من جديد وتحدثت بنبرة أشد غضب من لهجتة: إسمعني إنت كويس يا عمدة وسيبك من الشويتين بتوعك دول، إسمعني وحط كلامي ده في عين الإعتبار لأني ما بهددش، أنا بحذر مرة وبعدها بنفذ على طول، ولو كنت فاكر إني ست ضعيفة وهخاف وأكش من تهديدك ده تبقا غلطان، ولو إبنك أصر على رأية ولقيت بنتي هتنفضح قدام الناس فأنا مش هسكت وساعتها ههد المعبد على دماغ الكل.

وأكملت أمرة بنبرة قوية هزت داخل قدري وجعلته يتأكد من جبروت تلك المرأة التي لا تخشي شئ: إبنك يتصل ببنتي إنهاردة ويتأسف لها على كل كلمة سخيفة قالها لها، والفرح هيتم يوم الخميس الجاي على حسب إتفاقك القديم معانا،
واسترسلت حديثها بتهديد صريح: يا إما كدة يا إما متلومش غير نفسك من اللي هيحصل لك على إيد العبده لله.

قالت كلماتها التهديدة وأغلقت الهاتف دون أن تعطية حق الرد، أغلق معها وبات يصرخ بغضب ويسبها بألعن السباب وأقذره
أسرعت علية ماجدة التي كانت تختبئ خلف الحائط وتستمع لكل ما يقال بأذان صاغية، سألته عما جري فقص لها الحكاية التي لم يكن لديها علم بها، فنصحتة بأن يرضخ لأوامر تلك المرأة الحديدية التي وقفت بجرأة وجبروت أمام قدري ولم تخشي تهديدة، وذلك كي ينأي بحاله من غضب والده التي ستخبره كوثر بالتأكيد.

إتصل بقاسم الذي كان بالكاد قد وصل إلى مسكنة ودلف من بابه بقلب مهموم وروح متعبة، إستمع إلى رنين هاتفه أخرجه من جيب الجاكيت وتحرك إلى الأريكة وأرتمي فوقها بجسده بإهمال وأجاب والده بصوت ضعيف مهموم قائلا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أجابه ذلك الغاضب قائلا بنبرة هجومية: سلام؟ وهياچيني منين السلام ده طول ما أنت مراسيش على بر و واجع جلبي وياك يا حضرة المحامي اللكبير.

إعتدل قاسم بجلسته وتحدث مستفسرا بإرتياب: إية اللي حصل يا أبوي لجل ما تقجطمني بحديتك إكدة؟
أجابه قدري بفحيح: اللي حصل إن المرة السو اللي چنابك بلتني بيها، كلمتني في التلفون وهددتني إنها هتاچي لچدك وتحكي له على كل حاچة لو ما تممتش چوازك من الملعونة بتها يوم الخميس الچاي.

زفر قاسم وشعر بعالمة ينهار من تحت قدماه وتحدث بنبرة حزينة منكسرة: متجلكش يا أبوي، أني هاچي بنفسي لچدي وأجول له على كل حاچة واجطع عليها الطريج، وهو أكيد هيعذرني ومعيجولش لصفا ولا لعمي زيدان.

صاح قدري عاليا بنبرة غاضبة: حرج أبو صفا على اللي چابوها، أني كل اللي عيهمني إن چدك ميعرفش إني چيت وياك للمرة الحرباية دي، چدك ممكن يسامحك ويغطي عليك وميجولش لزيدان لما يعرف إنك كت عتحب بت المركوب دي، وأكمل مفسرا بنبرة تأكيدية: لكن أني لا يا حزين، معنديش عذر للي عملته، چدك معيرحمنيش يا قاسم، ده مستني لي على غلطة وجالهالي بالفم المليان يا ولدي، جال لي إن فاضل لي غلطة كمان وياه وعيحاسبني على الچديد والجديم بالچملة.

إتسعت أعين قاسم من شدة صدمته في والدة الذي يحاول النجاة بحالة وفقط ولم يشعر بقلب ولده المتألم وضميره الصارخ الذي يجلده طيلة الوقت بدون رحمة، تحامل على حاله بصعوبة وسأله مستفهم بفطانة: وإية المطلوب مني يا أبوي؟
زفر قدري بضيق وتحدث بنبرة أمرة: اللحكاية دي أني مكانش ليا دخل بيها من اللول ودخلت فيها لچل خاطرك وراحتك، يعني تروح للولية بكرة وتتفاهم وياها، وزي ما ربط العقدة بنفسك تفكها وتخرچني منيها.

وأكمل بنبرة ضعيفة كي يستدعي تعاطفة: أني مش جد غضب چدك يا ولدي
أجابة بنبرة حادة صارمة لا تحتمل الجدال: معيحصلش يا أبوي، أني جولت كلمتي ومعرجعش فيها حتى لو كان فيها موتي، وكفياك عاد لحد إكدة، كفياك چبر وأوامر يا أبوي
وصاح بصراخ هيستيري: معخونش ثجت عمي أني ومعكسرش مرتي يا أبوي، معكسرهاش ولو فيها موتي، سامعني يا أبوي، معسكرهاش ولو على رجبتي.
صاح قدري صارخ به: مرتك ولا أبوك يا قاسم؟

وأكمل بنبرة منكسرة زليلة مستنزف مشاعر قاسم نحوه: ترضاها على أبوك يا قاسم، ترضي لي الذل والمهانة والطرد من بيت أبوي بعد العمر ده كلياته، چدك معيرحمنيش يا ولدي، الله الوكيل معيرحمني
هتف بنبرة حادة غاضبة: بكفياك عاد يا أبوي، إنت ليه مصر إنك تخليني خاين للنهاية، لية يا أبوي؟
وأنهي المكالمة بعد جدال حاد إنتهي بالرفض التام من قاسم وغضب قدري الشديد علية وسبه بألعن السباب.

قبل قليل بمنزل رفعت عبدالدايم
إنتهت كوثر من حربها الشرسة مع قدري وما أن أغلقت الهاتف حتى وجدت زوجها يدلف من باب المنزل ينظر إليها بملامح وجة غاضبة بعدما إستمع إلى حديثها مع قدري من خلف الباب وأنتظر حتى إنتهت كي يستمع للنهاية
نظر إليها وتسائل بنبرة غاضبة: الكلام اللي أنا سمعته منك ده صحيح يا كوثر، خطيب بنتك سابها بجد؟

إرتبكت بشدة وتغير لون وجهها وتحول لجميع ألوان الطيف وذلك لتحذير زوجها الدائم وتوقعاته لهذا الحدث طيلة السنين السبع المنصرمة، لكنها دائما ما كانت تتهكم عليه وتغالطه وتؤكد له ثقتها اللامتناهية في قاسم وإتمامه للزواج
صاح بأعلي صوته متسائلا من جديد وهو ينظر لإبنته المتكورة على حالها فوق الأريكة ودموعها تنساب بشدة وتغطي وجهها بالكامل: ردي عليا يا كوثر.

تحدث عدنان مهدء من ثورة والده: إهدي يا بابا من فضلك، ماما بتحاول تشوف حل للمصيبة دي، وأكيد قاسم هيتراجع قدام تهديدها ليه هو وأبوة
جلس رفعت وطلب من الجميع إخباره بكل التفاصيل وبعد مدة تحدث إلى كوثر بنبرة مستسلمة ضعيفة: ما أنا ياما حذرتك ونبهتك وقلت لك بلاش تغامري ببنتك يا كوثر، بس إنت مسمعتيش كلامي ولا قدرتي خوفي وقلقي على بنتي، وأدي النتيجة.

وأكمل بنبرة إنهزامية تدل على مدي قهره: أقول إيه لأهلي اللي رحت عزمتهم وجايين يوم الخميس علشان يحضروا فرح بنتي اللي ليها سبع سنين مخطوبة، يا فضيحتك يا رفعت، يا كسرة ظهرك قدام إخواتك وقرايبك ومعارفك، ألطف بيا يا رب
بكت إيناس بصوت مرتفع لم تستطع السيطرة عليه، حين تحدثت كوثر بنبرة حادة في محاولة منها لتهدئته: إهدي يا رفعت وسيبني أنا هتصرف، أنا هكلم أبوه تاني وههدده وأكيد...

إبتلعت باقي جملتها عندما إستمعت صياح ذلك الغاضب حيث قال: هو أنا لسه هسمع كلامك تاني يا كوثر، مش كفاية سمعت كلامك لحد ما غرقتينا وفضحتينا وسط الناس،
وأكمل بنبرة جادة مشيرا للجميع: إنت تخرسي خالص، مش عاوز اسمع لأي حد فيكم صوت، وأنا هروح لقاسم بكرة وهتصرف معاه.
رمقوة ثلاثتهم بنظرة سلبية وكانوا متأكدين من أنه لم ولن يستطيع تغيير أي شئ،.

صباح اليوم التالي داخل مكتب قاسم، لم تأتي إيناس إلى المكتب وجاء عدنان فقط ولكن بقي داخل مكتبه يتابع عمله دون الإحتكاك بقاسم نهائيا
دلفت السكرتيرة إلى قاسم بعد إستإذانها وتحدثت إلية: أستاذ رفعت والد استاذة إيناس برة يا أفندم وطالب يقابل حضرتك.

كان منكب على أوراقة يتابع عمله بجدية لينتهي منه سريع بعدما أنتوي السفر إلى سوهاج ليلا، وذلك لإتخاذه قرار بأنه سيذهب إلى جدة ويعترف له بكل خطاياه وذنوبه العديدة التي إقترف جميعها عن جهل وعناد وعدم إستيعاب لخطورة ما يفعله،.

ويطلب منه السماح والغفران وأن لا يبلغ أيا من صفا أو عمه زيدان كي لا يراه شخص خائن للعهد، وأنتوي داخل نفسه بأن يعترف لصفا بكل ما فعل ولكن ليس قبل أن يجعلها تثق به ويمحوا عن قلبها حزنها الذي أصابها جراء أفعاله المشينة وحديثه المميت لشخصها ولإنوثتها ليلة الحنة
أخذ نفس عميق وزفره وتحدث بملامح وجه مستسلمة حزينة: خلية يتفضل.

دلف رفعت ووقف قاسم وتحرك إلية لإستقبالة وتحدث باسط يده بإحترام: أهلا وسهلا أستاذ رفعت.
وأكمل مشيرا إلى الأريكة: إتفضل إستريح، تحب حضرتك تشرب إية؟
نظر له رفعت بعيون منكسرة محملة باللوم وأردف بحديث ذات مغزي: شارب ومستكفي يا أبني
حزن قلب قاسم لأجل ذاك الأب ثم نظر للسكرتيرة وتحدث قائلا: سبينا لوحدنا يا نيرة ومش عاوز أي إزعاج.

أومأت له بطاعة وتحركت للخارج، ساد الصمت لمدة ثواني مرت على كلاهما كدهر، ثم تشجع قاسم وتحدث كي يكفي ذاك المسكين حرج اللحظة: أنا عارف سبب زيارة حضرتك، وحقيقي أنا في منتهي الإحراج من الموقف اللي أنا وإنت إتحطينا فيه،
قاطعه رفعت قائلا بنبرة مستسلمة: وفر كلامك يا أبني علشان ملوش لزوم، أنا عندي كلمتين وجاي أقولهم لك، بس عاوزك تسمعني بقلبك مش بعقلك.

قطب قاسم جبينه وتحدث بهدوء: قول كل اللي حضرتك حابب تقوله وأنا سامعك.
تحدث ذلك المنكسر: من أول لما جيت عندي البيت وطلبت تخطب بنتي وشرطت إن الجواز هيتم بعد سبع سنين وأنا مش مطمن وكنت رافض الموضوع كله، بس للأسف لا مراتي ولا ولادي سمعوا كلامي وطاوعوني، وأدي اللي حسبته لقيته، ثم نظر إلى قاسم وتحدث بنبرة لائمة: زهقت خلاص يا أبن الأكابر ومش عاوز تكمل.

هز قاسم رأسه يمينا ويسارا وتحدث نافيا: الحكاية مش كده خالص يا أستاذ رفعت، أنا لحد إسبوعين فاتوا بالظبط ما كنتش ناوي أسيب إيناس ولا بفكر حتي،
وأكمل بعيون متأثرة: بس كلمة عمي وهو بيسلمني بنته وبيوصيني عليها بترن جوة وداني لحد إنهاردة، أنا مش خاين ولا غدار يا أستاذ رفعت، إيناس لسه الدنيا قدامها وإن شاء الله هيتقدم لها اللي يستاهلها بجد ويقدر يصونها ويحافظ عليها.

أردف رفعت قائلا: إسمعني يا أبني، أنا عارف إنك قررت وإن مستحيل تتراجع عن قرارك ده، بس لازم تسمعني وبعدها تحكم،
اخذ نفس عميق وزفره بألم ثم أسترسل حديثه ساردا: طول عمري وأنا شخص مسالم ومبحبش المشاكل، جيت زمان من الشرقية علشان أتعلم في جامعة القاهرة، خلصت كليتي وتعييني بردوا جه هنا في القاهرة، أجرت شقة على أدي وعيشت فيها وإتعرفت على كوثر من خلال الشغل، كانت زميلتي في المكتب وإتجوزتها وخلفنا ولادنا،.

وأكمل مهموم: كوثر كانت شديدة ومتسلطة وأنا زي ما قلت لك مسالم ومبحبش المشاكل، فمنعا لخناق كل يوم ولثقتي في عقلها الكبير سبت لها إدارة البيت والأولاد وأكتفيت بدور المشرف، إخواتي ياما إعترضوا كتير على إسلوبي معاها ووصفوة بالضعف وكانوا دايما ينتقدوا تصرفاتي،.

لكن أنا إتحملت كلامهم وأتغاضيت عن تلميحاتهم الجارحة وقولت فدي راحة دماغي وإستقرار بيتي، إعترضوا على خطوبة إيناس بعد ما عرفوا إنها هتستمر سبع سنين وخصوصا إن إبن أخويا كان عاوز يخطبها،.

وأكمل بيأس: بس إيناس وأمها رفضوا إبن أخويا وهانوة وقارنوا بين ظروفك وظروفة، إخواتي زعلوا وقالولي جوز بنتك لإبن أخوك هو أولي بيها بدل الصعيدي اللي هيركنها جنبة سنين وممكن يزهق وميكملش، بس أنا عارضتهم وقولت لهم بنتي إختارت وأكيد إختيارها صح، إخواتي زعلوا مني بس أنا راضيتهم بعد كده.

وأكمل بنبرة حزينة إنهزامية: أنا كنت عند إخواتي إمبارح بعزمهم على فرح إيناس وأنا في قمة فرحتي علشان أثبت لهم إن أنا وبنتي تفكيرنا صح وإن خوفهم وتوجسهم مكانش في محلة، بس بعد اللي إنت عملته ده أنا مش بس مش هعرف أرفع عيني في وش إخواتي تاني، ده أنا مش هعرف أبص في وش أي حد أعرفه.

ثم مال بجزعة وأقترب عليه وأمسك كف يده ونظر داخل عيناه وأردف متوسلا زليلا بعيون منكسرة داخلها لمعة لدموع تريد الصراخ ومن يسمح لها بالخروج: أرجوك يا أبني بلاش تكسرني أنا وبنتي قدام الناس، إرحم ضعفي وشيبتي.

وأكمل بترجي: إنت وهي إشتركتوا في الغلط ومش من العدل ولا من الرجولة أنك تسيبها تتحمل النتيجة لوحدها، كل اللي بطلبة منك إنك تتمم الجوازة علشان الفضيحة وكلام الناس اللي مش هيرحمها وهينهش في عرضها، أنا بناشد الراجل الصعيدي اللي جواك في إنك ترحمني وترحم بنتي
إنخلع قلب قاسم من هول ما رأي، وها هي دنياة تضعه في مأزق جديد وطريق مسدود، هاهي تضعه من جديد في خانة الإجبار، إختيار إجباري.

لم يفكر الأن بشئ سوي بهذا الأب الملكوم وكيف سيخرجه من هذا المأزق الكبير الذي لا ذنب له به سوي أنه سلبي ضعيف الشخصية مسلم بأمور زمامه إلى زوجته المتسلطة
بصعوبة أخرج صوته وتحدث وهو يربت على كف رفعت قائلا: أنا هتمم الجواز بس ده علشان خاطر حضرتك، بس أنا اللي هكتب عقد الجواز بنفسي وحضرتك إختار بنفسك الشهود اللي تمضي علية،.

وأكمل مفسرا: أنا مش هقدر أكتب رسمي عند مأذون، لأن ساعتها لازم يروح إخطار بجوازي لمراتي وده اللي أنا مش هقدر أتحملة ولا هسمح بإنه يحصل على الأقل في الوقت الحالي
تحدث رفعت من جديد بنفس النبرة الزليلة التي تقشعر لها الأبدان: مش هينفع يا أبني، أنا راجل فلاح وإخواتي لازم ييجوا ويحضروا كتب كتاب بنتي بنفسهم ويشهدوا عليه، هقولهم إية وقتها؟

وأكمل مقترح بنبرة عاقلة: ولو على الإخطار اللي هيوصل لمراتك فدي محلولة وامرها سهل، إنت محامي كبير وليك وضعك ومعارفك في كل المحاكم، شوف الدايرة اللي هيطلع منها الإخطار وأدي فلوس للمحضرين وهما هيوصلولك الإخطار على مكتبك، وبكدة تبقا حليت موضوع مراتك.
نظر له بتوجس وقلق، لكن حديثه عاقل، كيف لتلك الفكرة أن لا تمر على عقله القانوني،
تحدث إلى رفعت موضحا: كدة يبقا متفقين، بس فاضل أهم نقطة لازم نتكلم فيها.

نظر له رفعت مترقب لحديثه فأكمل قاسم: الجواز هيكون لمدة معينه وبعدها هطلق إيناس وأديها جميع حقوقها الشرعية، نقول مثلا ست شهور؟
لم يجد رفعت خيار أمامه سوي الموافقة بشرط قاسم لكنه تحدث طالب بتوسل: خليك كريم ومد الفترة لسنة يا ابني، وبعدها طلقها براحتك ولو مش حابب تديها أي حقوق أنا راضي، المهم بنتي تتستر قدام الناس ومتتفضحش وسمعتها تتإذي.

وافقه قاسم الحديث وأردف قائلا: فيه نقطة تانية حابب أتكلم معاك فيها.
أردف رفعت بقبول: إتفضل يا أبني، أنا تحت أمرك في كل اللي تطلبة.
حزن قاسم لهذا الأب الذليل المنكسر، فحقا قهر الرجال ما أصعبه، تحدث قاسم بنبرة تعقلية: طبعا مراتي مش هتعرف اي حاجه عن جوازي من إيناس، لأن لو عرفت هتحصل مشاكل كتير جدا أنا في غني عنها،.

وأكمل بحديث ذات معني: فياريت تبلغ مدام كوثر وإيناس إن لو مراتي عرفت عن طريقهم هيكون نهاية فسخ عقدي وإتفاقي ده مع حضرتك
هز رفعت رأسه وتحدث بتفهم: مفهوم مفهوم، ما تقلقش أنا هتكلم معاهم وهنبه عليهم
هب واقف وتحدث وهو يمد يده بوجه منير ونبرة شاكرة: أنا مش عارف أشكرك إزاي يا أبني، ربنا ما يوقعك في ضيقه أبدا ولا يكشف سترك قدام عبادة.

وتحرك للخارج وأرتمي قاسم بجسده فوق الأريكة واضع كف يده فوق وجهه ومسح عليه بطريقة عنيفة، ثم قام بسحب شعر رأسه للخلف في حركة تعصبية تدل على مدي وصوله لدرجة عالية من الغضب والسخط واليأس، ولكن ساخط غاضب من من؟
فكل شئ للأسف من صنع يده ومن تخطيته السابق، والأن حان جني وحصاد أخطاء الماضي.

أبلغ رفعت كوثر وأولادها بما جري بينه وبين قاسم وابلغت كوثر سريع فايقة التي شعرت بروحها ردت إليها وان زمانها قد تبسم لها وسينصفها، وأستعدت بالأخذ بثأرها البارد من زيدان، ثأرها التي باتت تعد له طيلة سنوات وسنوات كي يخرج بشكل يليق بجرح كبريائها وكرامتها التي ذبحت على يد متيمها الوحيد، بل وأسر قلبها وسالبها العقل والمنطق.

أما كوثر التي حاولت تهدأت إبنتها التي جن جنونها منذ أن علمت بشروط قاسم فيما يخص بطرح مدة للزواج وأيضا وضع شرط إذا ما علمت زوحتة بأية وقت سيكون الإتفاق والزواج لاغي في التو واللحظة
تحدثت إيناس بنبرة غاضبة وهيئة جنونية بعدما دلفت لغرفتها وأوصدت بابها عليها هي وكوثر: الكلام اللي قاله لبابا ده ملوش عندي غير معني واحد يا ماما،.

ونظرت لها وجنون ونار الغيرة الشاعلة تخرج من عيناها: إنه حب الملعونة بنت عمه، شكلها سحبته وأنا خسرته للأبد خلاص يا ماما.

رمقت كوثر إبنتها بنظرة ساخرة مقلله من شأنها وتحدثت بتهكم: كنت فكراكي أذكي من كدة يا حضرة المحامية النابغة، كل ما في الموضوع إن حضرة الأفوكاتو العظيم قعد مع نفسه وحسبها صح، قال لنفسه إن لو عمه عرف بجوازة منك ممكن يغضب ويثور لكرامة بنته ويطلقها منه، وبكدة هو هيخسر الكنز اللي إتفتح له بمنتهي السهولة وهيغرف منه من غير حساب.

وأكملت: واللي يأكد لك كلامي ده إنه حط شرط إن لو حاولنا نعرف مراته بأي وسيلة إنه إتجوز عليها هيطلقك في لحظتها،
وأكملت بنبرة إستحسانية: وبصراحة هو في النقطة دي طلع ذكي وعجبني، البنت وأبوها لازم يفضلو نايمين على ودانهم على الأقل لحد ما باب الكنز يتفتح لقاسم ويبتدي يغرف منه،.

وأكملت بنبرة طامعة جشعة: وأكيد هيغرف ويديكي منه، علشان كدة لازم أتصل بأمة الغبية وأنبة عليها وأفهمها خطورة الموضوع، لإنها ست جاهلة غبية وكل اللي يهمها هو الإنتقام من سلفتها وبس،
وأكملت بتفسير: تقريبا كدة وعلى ما فهمت من كلامها إنها غيرة سلايف وحقد مدفون بقاله سنين، ولولا كدة مكنتش اللي إسمها فايقة دي عبرتنا ولا حاولت تساعدنا.

وأثناء حديثهما إستمعت إيناس إلى صوت يعلن عن وصول رسالة صوتية بهاتفها، فتحتها وكان صوت قاسم وهو يتحدث قائلا بنبرة صارمة: أظن والدك وصل وبلغك بالإتفاق اللي حصل بينا، وأنا للمرة التانية بنبه عليكي يا إيناس،.

وأكمل رسالته بنبرة حادة تهديدية: صفا لو عرفت عن موضوع جوازنا إعتبري إتفاقنا لاغي، حاجة كمان لازم تعرفيها وتبقي عاملة حسابك عليها من الوقت علشان ما تتفاجأيش، وهي إن جوازنا هيكون صوري، يعني أنا مش هلمسك ولا هعاملك معاملة الازواج، وأظن ده هيكون كويس علشانك، على الأقل متكونيش خسرتي كل حاجه، ولما تتجوزي بعد ما أسيبك أكيد الموضوع ده هيكون نقطة تحسب لك.

صاحت إيناس وتحدثت إلى أمها بنبرة جنونية: شفتي قلة ذوقه يا ماما، البية بيملي عليا شروط الملك المنتصر، وصلت بيه الوقاحة إنه يقول لي إنه مش هيلمسني، ده بيهيني وبيهين إنوثتي يا ماما
ضحكت كوثر وتحدثت إليها بنبرة خبيثة: هو الكلام بفلوس، خلية يتكلم زي ما هو عاوز، و لما يتقفل عليكم باب واحد ساعتها قواعد اللعبة كلها هتختلف وإنت اللي هتلعبيه على الشناكل،.

وأكملت بنبرة مقللة: ده راجل قفل وخام ولا لف ولا دار مع بنات قبل كدة، وأكيد بنت عمه قفل وغبية زيه، وأديكي سمعتي كلام عدنان بنفسك لما قال إنها شبه الرجاله، يعني أخرة تلبسي له لانجري من اللي انا شرياهم لك على شوية دلع منك وساعتها هيريل عليك ويجي لك راكع وزاحف على بوزة
ثم ضحكت بخلاعة وأكملت بكبرياء: وساعتها هينسي الإتفاق وممكن ينسي نفسة أساسا.

ونظرت لإيناس بقوة وتحدثت: الكلام ده لازم يحصل بسرعة يا إيناس علشان تلحقي تدبسية وتجيبي له حتة عيل نقش بيه ونغرف من عز النعماني،
وأكملت رافعة قامتها بكبرياء: ولما تبقي أم إبنهم ساعتها بس هنروح ونحط صوابعنا في قلب عين التخين فيهم، والناس دي مش هما اللي بيرموا لحمهم ويتخلوا عنه.

تنهدت إيناس براحة وأبتسمت وجلست فوق تختها بعدما شعرت بالهدوء والسكينة يتسللان لروحها وعقلها بعدما استمعت لحديث والدتها الذي أثلج صدرها.

ليلا داخل مسكن صفا
كانت تجلس فوق فراشها ممسكة بهاتفها بكف يدها وترفعه إلى وجهها بين الثانية والأخري وتنظر بشاشته بترقب شديد، تنتظر عاشق عيناها ومتيمها الذي تغير كليا بمعاملته معها وبات ينثرها بإهتمامه الزائد إينما ذهب، إنتظرت وانتظرت ولكن دون جدوي، غفت بجلستها وهي تنتظر ذاك القاسي ليحن.

أما هو فكان يجلس في بهو مسكنه وتوجد أمامه الكثير والكثير من أقداح مشروب القهوة الفارغة التي صنعها كي تهدئ من روعه وتقلل من شعورة المميت بالذنب والخيبة والخيانة والتخلي،.

أمسك هاتفه ونظر بشاشته مرات ومرات وكلما ضعف وكاد أن يضغط على رقم معشوقته تراجع على الفور ورفع أصبعه عن زر الإتصال، كيف له ان يحدثها وماذا سيقول لها، أيقول لها أنه أصبح خائن بالفعل وتأمر للتو على كسر قلبها وتحطيم كبريائها وكرامتها من جديد!

لما دائما يضعه القدر بمواقف لا يحسد عليها، في الماضي كان كل ما يفعله من صنع يداه، ولكن الان الوضع مختلف كليا عن ذي قبل، فالأن هو مجبرا على المضي قدم بزواجه بالإكراه من تلك الشيطانة التي رسمت وخطتط لكل شئ منذ البداية، وها هي الأن ستظفر بنتائج خطتها، أما هو فسيخسر إنسانيتة ورجولته وسيتحول خائن بالفعل بعيون حاله.

مرت أيام الإسبوع وكانت ثقال على الجميع، حتى جاء يوم الأربعاء وهو اليوم الذي يسبق حفل زفاف قاسم وإيناس، ويعد هذا اليوم هام جدا لصفا فهو يوم إفتتاح المشفي، الحلم الذي إنتظرته وحلمت به طيلة السنوات السبع المنصرمة لكن كعادتها دائما ما تأتيها فرحتها ناقصة، دائما تأتيها السعادة غير مكتملة، فمنذ يوم سفر قاسم وإتصاله بها وإغراقها داخل الأحلام الوردية، بعدها إنقطع إتصاله ولم يكررها مرة اخري، وقد تسبب هذا بإيلام قلبها وإصابتها بالحزن والخزلان والخيبات المتكررة.

كان الجميع يتواجدون داخل حديقة المشفي، ينتظرون ضيف شرف الإفتتاح سيادة المحافظ على قدم وساق، وذلك بعدما وجه له الحاج عتمان كبير المركز دعوة للحضور كي يقوم بقص شريط الإفتتاح للمشفي الذي سيقدم الخدمات الطبية المجانية لأهل النجع بل وللمركز بأكملة.

حضر الإحتفال الحاج عتمان وزيدان و ورد التي أصرت أن تحضر تلك المناسبة الخاصة والمميزة لدي صغيرتها، قدري ومنتصر فارس ويزن وحسن وجميع عائلة النعماني والنجع بأكملة، أما مريم التي إنتوت الحضور بإعتبارها فرد من كيان هذا المشفي، لكن لسوء حظها إرتفعت حرارة إبنتها في اخر لحظة، فتغلبت أمومتها على طموحها وضلت بصحبة صغيرتها التي تم الكشف عليها من جهة صفا وأعطتها جرعة العلاج المطلوبة وطلبت من مريم ان تداوم على عمل الكمدات الباردة حتى تنخفض الحرارة.

أما عن الدكتورة أمل التي أتت من القاهرة منذ الأمس لتشرف بنفسها وتتأكد من جاهزية القسم الخاص بها، تحركت لتقف بجانب صفا المتوترة وتحدثت لتطمإنها قائلة بنبرة جادة: القلق ده مش كويس علشانك، أنا مقدرة إنك لسه مدخلتيش الحياة العملية وإندمجتي فيها وأخدتي خبرة، بس كمان الكلية بتاعتنا إحنا بنشتغل فيها وبنمارس عملنا من يوم ما بندخلها، يعني لازم يكون عندك ثقة في نفسك أكتر من كده.

نظرت لها صفا التي تحمل بقلبها هما أكبر مما تفكر به تلك الأمل وهو عدم مراعاة زوجها وتلاشية الوقوف بجانبها في أكثر يوم هي تحتاجة به وتحدثت بنبرة هادئة: متشكرة جدا يا دكتورة على كلامك المحفز ده، لكن الحجيجة أنا واثقه في ربنا وفي نفسي وفيكم ومتأكدة إننا هنجدر على النچاح، وإن شاء الله المستشفي تثبت وچودها ويكون لها إسم وسمعة في أجرب وجت بينا كلياتنا.

إقترب يزن عليهما وتحدث إلى أمل بنبرة متهكمة فهو لم يتقبلها ودائما يراها مغرورة متكبرة: منورة النچع كلياته يا دكتورة.
رمقته بنظرات حادة وتحدثت بإقتضاب ونبرة صارمة ووجه كاشر: متشكرة.
مال على اذن صفا وتحدث ساخرا: يا أبوووووي، الله الوكيل وشها يجطع الخميرة من البيت، أني معارفش ياسر وجع عليها فين البلوة دي وبلانا بيها.

إبتسمت رغم عنها من حديث إبن عمها الساخر وتحدثت إلية بعيون محذرة: وبعدهالك عاد يا يزن، خلي ليلتك تفوت على خير أومال
أما أمل التي رمقتة بنبرة غاضبة لتيقنها الشديد أنه يتلامز عليها
إقتربت ورد من صغيرتها وأحتضنتها بشدة وتحدثت: خلاص يا جلب أمك، بجيتي دكتورة جد الدنيي وهتداوي جراح الغلابه وعتشرفي أبوكي جدام النچع كلياته.

إبتسمت لها صفا وتحدثت بنبرة فخورة وهي تنظر لوجه أبيها الواقف بجانب عتمان: أبوي هو اللي مشرفني جدام الدنيي كلياتها يا أما.
ربتت ورد على ظهر غاليتها وتسائلت مستفسرة: هو قاسم مهيجيش ولا إية؟

تنهدت بأسي وكادت أن ترد لكنها وبلحظة تيبس جسد تلك العاشقة واتسعت عيناها وبات قلبها يدق بوتيرة عالية عندما رأته يدلف أمام عيناها بسيارته من مدخل حديقة المشفي، وكأن روحها كانت تفارقها وردت إليها من جديد، تنفست عاليا وأبتسمت تلقائيا وانير وجهها المنطفئ،.

نزل من سيارته بهيئة مهلكة، كفارس هارب من إحدي أساطير الحكايات، أغلق زر حلته الأنيقة ومال بجزعه فوق مقعد السيارة، إلتقط باقة من أروع الزهور وأندرها وأغلق باب السيارة.

بات يدور بعيناه باحث عنها متلهف، بمجرد رؤياها بات قلبه ينتفض معلنا عن دق طبول الحرب والعصيان، كاد قلبة أن يقفز من مكانه ليذهب إليها مهرولا ويحتضنها ضارب عرض الحائط بكل العادات والتقاليد، تحرك بطريقه بجاذبية و وسامة ووجه منير تأثرا برؤياها
إقترب من عتمان بعدما ألقي السلام على الحضور، ومال بجذعه على كف يده وقبله بإحترام قائلا: كيفك وكيف صحتك يا چدي.

تهللت أسارير عتمان ككل مرة يري فيها عزيزه وحفيده المقرب إلى قلبه وتحدث بنبرة حنون: أني بخير طول ما أني شايفك بخير يا سبعي
وقف أمام والده ونظر له نظرة لوم وحزن وتحدث بجمود: كيفك يا أبوي.
إحتضنه قدري وربت بشدة على ظهره عندما رأي داخل عيناه الحزن ثم همس بداخل اذنه قائلا: إنسي يا ولدي وإجمد أومال، اللي حصل حصل وخلاص، إنسي وبص لجدام.

لم يعر لحديثه إهتمام و تحرك إلى زيدان ومنتصر وورد والجميع حتى جاء إلى التي أصبحت تمثل له المعني الحقيقي للحياة، أصبح عاشق لبسمتها الرقيقة، نظرة عيناها الساحرة، نظر لها ومد كف يده للمصافحة وتشابكت الأيادي وتلامست بنعومة،.

بات يضغط عي كف يدها يدغدغه بإثارة شارح من خلاله كم إشتاقها بجنون، نظر لعيناها وبدأ قلبه يدق بوتيرة سريعة وصدره يعلو ويهبط من شدة إشتياقه إليها، نظر لشفتاها الكنزة بلونها الذي يشبة حبات الفراولة الناضجة، وتحدث بنبرة حنون: كيفك يا صفا.
ما كان حالها ببعيد عنه، فقد أذاب الإشتياق ما تبقي من صبرها وتحملها الواهي، تحدثت إلية بنبرة تذوب عشق: الحمدلله، حمدالله على سلامتك.

مد يده إليها بباقة الزهور وتحدث: الله يسلمك.
تحدثت إليه شاكرة وهي تحتضن باقة زهورها المميزة: متشكرة على الورد وعلى حضورك الغير متوقع يا حضرة الأفوكاتو
إبتسم بخفة وتحدث بنبرة حنون: كان عندك شك إني مهاجيش إياك!
أجابته بدلال ونظرات ملامة: أصلك مكلمتنيش من لما مشيت غير أول يوم وبعدها كنك نسيتني، عشان إكدة جولت أكيد نسيت ميعاد الإفتتاح، بس چدي جال لي إنهاردة إنه كلمك وجال لك تاچي.

كان يستمع إليها بقلب يسبح في فضاء السعادة لرؤيته غيرتها المرة وعشقها الهائل وإفتقادها له داخل عيناها
أردف قائلا بنبرة رجولية أهلكتها: مش صفا زيدان اللي چوزها ينساها ولا تغيب عن باله ولو دجايج.
إنتفض قلبها وصار متمردا على كبريائها، ود لو ينتفض ويخرج من بين ضلوعها ليصرخ معلنا للجميع عن عشقه الهائل بل ذوبانه في عشق ذاك القاسم،.

حين تسائل قاسم مداعب إياها: وبعدين لما چوزك واحشك جوي إكدة متصلتيش لية عليه وريحتي جلبك وجلبه؟
إبتلعت لعابها من شدة توترها من نظراته وكلماته وحركاته المذيبة لقلبها العاشق، تمالكت من حالها وتحدثت حفاظ على كرامتها التي دائما تضعها بينهما: ومين بجا اللي ضحك عليك وفهمك إنك وحشتني؟
أشار على يسار صدره وتحدث بعيون تصرخ من عشقها غير مبالي بمن حوله: جلبي هو اللي جال لي، وجلبي طول عمرة دليلي يا نبض جلبي.

إتسعت عيناها وكادت تصرخ من شدة لذتها والإستمتاع بما تستمعه اذناها من حبيبها الأبدي
قطع وصلة غرامهم فارس الذي حاوط كتف شقيقه بعناية وتحدث إليهما بدعابة: أحب أنوة على حضراتكم وأحيطكم علم إن كل اللي عيحصل بيناتكم دي مذاع ومباشر على الهوا، كل الخلج عيطلعوا عليكم ولا كنهم عيتفرچوا على مشهد رومانسي من فيلم جديم.

ضحك قاسم وتحدث بنبرة جديده عليه وهو ينظر لداخل عيناها: واحد ومرته عيتحدتوا في حكاية عشجهم، عدخلوا حالكم ما بينهم لية!
سحبت بصرها عنه خجلا من كلماته الجريئة أمام فارس التي أخجلتها
هنا إستمعت لصوت الجد الذي تحدث إلى صفا بنبرة جادة مفخم إياها بين الحضور: چناب المحافظ وصل يا دكتورة، تعالي چاري لجل ما تستجبلية
إبتسم زيدان وربت على ظهر إبنته وطمأنها، وتحرك قاسم بجانبها ممسك بكف يدها برعاية وحنان ومؤازرة.

همس قدري المستشاط غضب داخل اذن منتصر المجاور له قائلا بتهكم: على أخر الزمن عنجفوا ونشيعوا للمحافظ لجل ما ياچي يفتتح مستشفي بالشئ الفلاني لحتة عيلة مفعوصة لا راحت ولا جت،
وأكمل بنبرة ساخطة: كان لازمتها إية المصاريف دي كلياتها، مش كان عمل بيهم مشروع لفارس ويزن بدل المسخرة اللي عتحصل دي، بجا بت زيدان الدلوعة عتشغل مستشفي وتنچيحها؟ الله الوكيل أبوك دي عيجلطني بعمايلة.

رمقة منتصر بنظرة ساخطة وتحدث بحديث ذات مغزي: والله دي فلوسه وهو حر فيها، يعمل بيها ما بدالة، وبعدين المستشفي اللي معچباكش دي هتعالچ أهل البلد الغلابه ببلاش
وقفت صفا بجوار زوجها وجدها ووالدها وقابلت المحافظ الذي قابل الخطوة بإستحسان كبير وتمني لها النجاح وقص الشريط وألتقطت الكاميرات الخاصة بالمحافظة بعض الصور التذكارية ورحل المحافظ بعدما قدم له واجب الضيافة.

أما قاسم الذي كان يرمق ياسر بنظرات نارية بين الحين والاخر،
في تلك الأثناء تحرك كمال أبو الحسن كبير نجع الديابية وعضو مجلس الشعب إلى جوار الحاج عتمان وقاسم وتحدث بنبرة معاتبة: ألف مبروك يا حاچ، أني چيت أجضي الواچب وأبارك لحفيدتك ولو أني عاتب عليك.
أجابه عثمان بمراوغة: ليه بس إكدة يا حاچ كمال، ربنا ما يچيب بيناتنا زعل.

تحدث كمال بنبرة خبيثة: وصلتني أخبار إن چنابك ناوي ترشح ولدك زيدان لإنتخابات مجلس الشعب،
وأكمل بحديث ذات مغزي: بس أني جولت لحالي دي أكيد إشاعة مغرضة واللي طلعها عاوز يوجع بيني وبين الحاچ عثمان، مهو مش معجول يا حاچ تبجا بتساعدني في الإنتخابات كل دورة وتخلي بلدك كلياتها تنتخبني، وتاچي الدورة دي ترشح ولدك جصادي!
العيبة دي متطلعش منيك يا حاچ.

تطوع قاسم بالرد عليه وتحدث بنبرة حادة: الحاچ عثمان عمر العيية ما تطلع منية يا حاچ كمال، وطول عمره خيرة على الكل، وعمي زيدان ما أتجدمش للإنتخابات غير لما وصلتنا أخبار إن سيادتك خارچ ترشيح الحزب السنة دي
إنتفض كمال وتحدث بنبرة حادة: كدب، إشاعات مغرضة الغرض منيها تسويئ سمعتي مش أكتر يا حضرة الأفوكاتو
تحدث قاسم مؤكدا بنبرة معارضة: الأخبار صحيحة يا حاچ، وچاية لي من چوة مطبخ الحزب بذات نفسية.

هتف كمال موجة حديثه إلى عثمان: عاچبك الحديت اللي عيجولة حفيدك ده يا حاچ؟
هتف قدري بخبث: إهدي يا حاچ كمال، أكيد الحاچ عثمان ميعرفش إن...

لم يكمل جملتة عندما رمقة والده بنظرة ساخطة فصمت وتحدث عتمان قائلا بنبرة تعقلية: إسمعني زين يا حاچ كمال، أني طول عمري وأني واجف في ظهرك وبدعمك في الإنتخابات وبخلي بلدي كلياتها تديك أصواتها، بس لما وصلتني أخبار إن الحزب معيرشحكش السنة دي جولت زيدان ولدي أولي من الغريب، وإنت أكيد عتحب لولدي الخير وعتساعدني زي ما أني ساعدتك كتير جبل سابج.

إنتفض كمال وتحدث بنبرة غاضبة: بس إنت إكدة بتشتري عداوتي يا حاچ، وأني اللي بيعاديني بشيل يدي عن حمايتة
جحظت أعين عثمان وأستشاط داخله غضب وهتف بنبرة صارمة لوجه غاضب: حماية مين يا واكل ناسك إنت؟
إوعاك تكون صدجت حالك إنك نايب بجد وعتحمينا يا حزين!
تحدث كمال بوقاحة: عنشوف يا حاچ إذا كنت بحميك إنت ومالك ولا لا
صاح به قاسم بنبرة صارمة: إتكلم على جدك يا كمال ومتنساش إنك واجف جدام الحاچ عثمان النعماني.

رمقه كمال بنبرة غاضبة وهتف مهين لشخصه: مبجاش إلا اللصغار كمان اللي عتتحدت
هتف زيدان وتحدث بنبرة صارمة مفتخرا بعائلتة: عيلة النعماني مفيهاش صغار يا كمال، عندينا ولادنا بيتولدوا رچال
تحرك كمال برجاله غاضب متوعدا بالرد القاسي على عتمان وعائلتة.

إنفض الإحتفال وعاد الجميع وجلسوا ببهو المنزل، كان ينظر لحبيبتة بنظرات متشوقة متلهفة، كان ينوي المبيت داخل أحضانها الدافئة حيث قرر الإعتراف أمام عيناها بعشقه الهائل لها، وبعدها سيسافر في الصباح الباكر لحضور مرافعته لقضية مهمة لديه بالمكتب، وأيضا لينهي مسألة زواجه المضطر أسف لإتمامة ويعود إليها من جديد
وقف منتصب الظهر ونظر إلى صفا وتحدث بنبرة جادة: أني هطلع أريح فوج عشان مسافر الفچر.

نظرت له رسمية وتحدثت بنبرة حنون: وإية يا ولدي اللي عيخليك تسافر الفجرية، متجعد ويا مرتك وتبجا تمشي يوم السبت
هتفت فايقة بنبرة قوية مراوغة: معينفعش يا عمه، أصل أني وأبوة عنسافر وياه لجل ما أكشف على راسي اللي عتوچعني اليومين دول
تحدثت نجاة إليها بنبرة قوية مذكرة إياها: طب متنسيش تچيبي التحاليل بتاعت بتك من المعمل عشان نسافروا بيها تاني للدكتور ونشوف أصل اللحكاية إية.

تنفست عاليا وكظمت غيظها من تلك النجاة التي باتت تؤرقها بشدة وتسبب لها المتاعب مؤخرا
حزن داخل قاسم من ما يفعله بحبيبتة وبحاله وعمه، فقد قرر قدري وفايقة حضور زفاف قاسم لأجل أن لا يتركاه لحاله في يوم كهذا، ولتشهد فايقة على أولي خطوات إنتصاراتها وذبح روح إبنة معذبها وذابحها
تحدث قاسم بنبرة قوية إلى صفا: يلا بينا نطلع على شجتنا يا صفا.

إنتفض قلبها وبات يدق بوتيرة سريعة من شدة سعادتها، وقفت وتحركت بجانبه، نظر لداخل عينيها بعيون هائمة وأمسك كف يدها وصعدا أولي درجات المصعد سويا،
أوقفهما صوت الغفير الذي تحدث بهلع: إلحجنا يا حاچ، إبن مدكور النعماني خبط واحد بالعربية والحكومة جبضت علية، وسي مدكور مشيع لك ولدة الكبير واجف برة، وعاوزين سي الأستاذ قاسم حالا لجل ما يجف وياه في التحجيحات في المركز.

أغمض عيناه بيأس وتألمت روحة ونظر لها وتحدث بنبرة ضعيفة محبطة: إطلعي إنت يا صفا وأني هخلص الموضوع دي وأحصلك على فوج.
أومأت له بضعف وحالة من اليأس تملكت منها وظهرت له داخل عينيها الصارخة والمطالبة إياه بألا يرحل، تحامل على حاله وترك كف يدها المتمسك به بصعوبة بالغة وقلب يصرخ ويلوم على حظه السئ، تحركت للأعلي بخيبة جديدة تضاف إلى قائمة خيباتها معه،.

ذهب هو إلى قسم الشرطة التابع للمركز وضلت التحقيقات مستمرة للساعات الأولي من اليوم الجديد ولذلك لم يستطع الصعود إلى حبيبتة ولا حتى توديعها، بالكاد وصل إلى الطائرة في اللحظات الاخيرة قبل إقلاعها بصحبة والدية تحت حزن شقيقه على حاله المؤلم.
#?MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#MP#
وماذا بعد يا زماني
ألم يحن لي نيل الأماني
ما عاد لي حلم سوي ضمتها
لأشعر حينها بكينونتي وكياني
لكن حتى الأمنيات عليا حرمت.

وأصبحت حلم بعيد المدي
صعب المنال
في تمام الثامنه صباح من يوم الخميس
فاقت من نومها على صوت المنبه المزعج، أوقفته بضغطة من يدها ثم سحبت جسدها لأعلي بتكاسل وأرجعت ظهرها للوراء مستندة على خلفية التخت، تنفست بهدوء ثم مسحت على وجهها بكفيها بإرهاق وذلك لعدم أخذها القسط الكافي من النوم، تنهدت بأسي حين تذكرت لحظة رحيل حبيبها حتى قبل أن يدلف معها إلى مسكنهما ولو لدقائق،.

كانت تتأمل المبيت في حضرته، حتى وإن لم تحظو بالغفو بداخل أحضانة فكان سيكفيها أنها بجواره تستنشق رائحة جسده العطرة التي باتت تحفظها عن ظهر قلب، يا له من شعور مميت مخزي أن يتركها وحيدة ويرحل بعدما أخبرتها عيناه ومنتها بالكثير والكثير من الوعود التي جعلت من روحها سارحة في فضاء العاشقين، كم كانت لحظة مؤلمة عندما ترك يدها ورحل دون وداع، كم شعرت بتألم روحه وصرخة عيناها حينما كان مرغم على الرحيل.

نفضت رأسها من تلك الأفكار المؤرقة لعقلها، ثم تحاملت على حالها وتحركت إلى المرحاض، توضأت وخرجت لتأدية صلاة الضحي، إنتهت وجلست على سجادة الصلاة وباتت تناجي ربها وتحدثه بدموع قائلة بنبرة توسلية: إلهي، لقد هرم قلبي وشاب جراء الإبتعاد، لقد استنزفت طاقتي ولم تعد لدي قدرة الإحتمال، أناچيك إلهي أن ترحم ضعفي وقلة حيلتي، فقد خارت قوتي وأشعر أنني أتجة نحو الهلاك.

تحاملت ولملمت حالها وأتجهت إلى المرحاض من جديد، غسلت وجهها بالماء الفاطر، وهاتفت مريم كي تتجهز لتذهب معها إلى المشفي لإستلام وظيفتها، ثم إتجهت لخزانة ملابسها وأرتدت ثيابها العملية وتحركت متجهه إلى الأسفل، وجدت الجميع يلتفون حول طاولة الطعام يتناولون فطورهم بشهية
تحدثت إلى الجميع بوجه بشوش متحاملة على حالها لإظهارة: صباح الخير.
رد الجميع الصباح وتحدثت الجدة: تعالي افطري يا دكتورة.

أجابتها بنبرة هادئة لصوت مجهد: مجادراش يا چدة، مليش نفس.
تحدثت نجاة بنبرة حنون: كيف ملكيش نفس يا بتي، إنت لازمن تاكلي لجل ما تصلبي طولك وإنت عم تشتغلي.
وتحدث يزن وهو يشير إليها بإهتمام: إجدي كلي لك لجمتين وإشربي كباية حليب يا صفا، متطلعيش من البيت إكدة.

إستشاط داخل ليلي من إهتمام يزن الزائد بعدوتها اللدود، وعلى الفور رمقتها بنظرات حاقدة وتحدثت إليها بنبرة جامدة: وإنت بجا جايلة لچوزك إنك خارچة، ولا ماشية على كيفك وچوزك أخر من يعلم؟
نظر الجد إلى صفا يترقب ردة فعلها، حين رمقتها هي بنظرة واثقة وتحدثت بقوة: مش بت زيدان النعماني اللي تتخطي الأصول وتخرچ من غير علم چوزها.

وأكملت لتضع لها حدودا كي لا تتخطاها فيما بعد: وتاني مرة لما تاچي تتكلمي وياي يا ريت تبجي تنجي ألفاظك وتنتقيها، عشان أني ما بمشيش على كيفي يا ليلي، أني دكتورة ومن الطبيعي إن كل يوم هخرچ وهروح على شغلي، وأكملت بنبرة صارمة: يعني مش كل يوم هلاجيكي واجفه لي وتسمعيني كلامك الماسخ اللي ملوش عازة ده.

نظر لها الجد بإستحسان في حين قهقه حسن وفارس عاليا وتحدث فارس إلى شقيقتة بنبرة ساخرة: عتجيبي الحديت لحالك ليه يا بت أبوي، فاكرة لي حالك جوية ونافشي ريشك على الكل، ونظر إلى صفا وتحدث بضحكة ساخرة: أهي چت لك اللي عتطلع الجديم والچديد على جتتك، وأكمل بنبرة ساخرة مشيرا بيداه بطريقة أضحكت الجميع: من أول مواچهة جصفت جبهتك بمدفعية هاون چابتها لك الأرض.

إستشاط داخل ليلي وأكثر ما أشعلها ضحكات الجميع الساخرة منها ونظرات يزن الساخطة والحزينة على حالها بذات الوقت
بسط الجد يده ماددا إياها في إتجاة صفا ممسك بكوب من الحليب وتحدث بإهتمام: إشربي دي من يدي يا دكتورة.
نظرت إلى جدها بحب وأقتربت علية ومالت على يدة الممسكة كوب الحليب ووضعت عليها قبلة إحترام ثم تناولتها منه وأردفت قائلة بنبرة شاكرة: تسلم يدك يا حبيبي.
وبدأت بإرتشافها.

تدلت مريم الدرج وكانت غاية في الرقة والشياكة مما لفت إنتباه فارس الذي نظر لها مطولا بعيون متفحصة، فهي في الفترات الأخيرة غابت متعمدة عن مرمي عيناه كي تتجنب رؤياة التي باتت تشعرها بدونيتها وعدم أهمية وجودها بالحياة، فقد أوصلتها تصرفاته وتلاشية لوجودها إلى فقدانها للثقة بحالها.

تحدثت بنبرة مرتبكة إلى صفا: أني چاهزة يا صفا.
نظرت لها صفا وتحدثت بإستحسان ودعابة: إية الجمال ده كلياته يا أستاذة مريم، على فكرة إنت رايحة تتوظفي في مستشفي، مريحاش مسابجة ملكة چمال إنت
ضحكت لها في حين تحدث الجد بنبرة حنون كي يبث الثقة داخل روح حفيدته الرقيقة: مبارك عليكي التعيين يا مريم.
أجابتة بسعادة بالغة وذلك بفضل إهتمامة بها: يبارك في عمرك يا جدي.

وتحدث منتصر وهو يتبادل النظر بينها وصفا: خلي بالك من نفسك يا بتي ولو عوزتي أيتوها حاجة أختك وياكي هناك.
إبتسمت له صفا وسعدت بوصف عمها لها بشقيقة إبنته وتحدثت لطمأنته بنبرة حنون: متجلجش يا عمي، مريم في عنيا.

تحدث يزن إلى صفا بنبرة جادة: أني رايح على المحچر عندي شغل مهم ولازمن يخلص إنهاردة، وأني جايل لدكتور ياسر ومفهمة طبيعة الشغل المطلوب من مريم زين، ما عليك إلا إنك هتعرفيها علية وهو عيسلمها شغلها ويفهمها المطلوب منيها حاليا
ثم نظر إلى شقيقته وتحدث بنبرة مطمإنه: وأني عخلص ولما أچي عفهمك باجي شغلك يا مريم، متجلجيش يا حبيبتي، أني معسيبكيش لحد متفهمي كل حاچه زين.

شعرت بإرتياح بعد كلمات شقيقها وأردفت قائلة بنبرة شاكرة: ربنا يخليك ليا يا يزن.
ثم تحركت إلى نجاة واحتضنت طفلتها التي تجلس فوق ساقاي جدتها وتحدثت إلى نجاة: خلي بالك على چميلة يا أما
اجابتها نجاة وهي تربت على كتف إبنتها بحنو: متعتليش هم چميلة يا بتي وخليكي إنت في شغلك.

نظر لها فارس وانتظر أن تلتفت إلية أو تعنية بأي حديث، لكنه إستغرب تجاهلها التام إلية حين نظرت إلى الأمام وتحركت بجوار صفا متجهتان مباشرة إلى الخارج
خرجتا للحديقة ثم تحدثت مريم إلى صفا بنبرة إرتيابية: أني خايفة جوي يا صفا، حاسة حالي رايحة إمتحان وممزكراش فية أيتوها حاچة كمان.

أمسكت صفا كف يدها للمؤازرة ثم أجابتها بإنكار للذات كي تبث داخل روحها الثقة: يعني هو أني اللي كنت إشتغلت جبل إكدة يا مريم، ما الحال من بعضة يا بت عمي، وادينا هنساندوا بعضينا لحد ما نتعلم
هدأت مريم واطمأنت وتحركا للجراچ الخاص بالسرايا
إستقلت سيارتها وبجانبها مريم، أشعلت مشغل الموسيقي الخاص بسيارتها وأستمعتا إلى صوت فيروز وهي تتغني، صباح ومسا، شى ما بينتسي تركت الحب وأخدت الأسي.

شو بدي دور لشو عم دور على غيرة
في ناس كتير لكن بيصير ما فيه غيرة
صباح ومسا شي ما بينتسي، تركت الحب وأخدت الأسي حبيبي كان هني وسهيان مافي غيرة
حملني سنين مانن هاينين كتر خيرة
كانتا ترددان الغنوة معا بعيون سعيدة وهما تنظران لبعضيهما وتتبادلان الإبتسامات المشجعة كلتاهما للأخري
وصلتا إلى المشفي ودلفتا من الباب تتحركان داخل رواق المشفي الطويل.

كان يخرج من باب غرفة الكشف التابعة له، نظر أمامه بتلقائية وبلحظة تخشب جسده وأنتفض قلبه واتسعت عيناه وهو يري أنه وأخيرا قد عثر على حوريته الهاربة منه
وقف متسمرا بمكانة حين رأها تقترب من وقفته بجوار صفا التي وقفت وتحدثت إلية بنبرة تشع أمل وحماس: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رد عليها وما زال بصره معلق بحوريتة التي خطفت أنفاسه من طلتها الأولي، فتحدثت إلية صفا وهي تشير إلى مريم قائلة: دي بجا الأستاذة مريم النعماني، الموظفة الچديدة يا دكتور.
ثم حولت بصرها إلى مريم وأشارت إلى ياسر المذهول وتحدثت: وده دكتور ياسر اللي هيسلمك مكتبك ويعرفك طبيعة شغلك والمطلوب منك يا مريم.
حدث حاله وهو ينظر لمقلتيها الصافية، أيعقل أن تأتي إلى بكل تلك البساطة بعدما فقدت الأمل في لقياك غاليتي.

يا لي من محظوظ
نظر لها وأردف غير مستوعب: معقولة حضرتك تبقي أخت الباشمهندس يزن؟
نظرت إلية مستغربة نظراته العجيبة إليها، فأكمل هو حين وجد دهشتها داخل عيناها: هو إنت مش فاكراني؟!
ضيقت بين حاجبيها تحاول تذكر ذلك الوجة تحت إستغراب صفا لحالة ياسر العجيبة، فتحدث هو مجددا مذكرا إياها: أنا اللي قابلتك في الجنينة يوم فرح الدكتورة صفا، لما الفون وقع منك.

كان يتحدث بنبرة حماسية وعيون متشوقة مما أدعي لإستغراب الفتاتان وتحدثت مريم بنبرة باردة بعدما تذكرت: إفتكرت حضرتك، أهلا وسهلا يا دكتور.
تنهد بإرتياح وتسائلت صفا مستفسرة: شكلكم تعرفوا بعض جبل إكده، على العموم وفرتوا عليا كتير، أسيبك مع دكتور ياسر يوريكي مكتبك وأروح اني أشوف شغلي يا مريم.

أومأت لها مريم وأنصرفت صفا، نظرت مريم لذلك الواقف متيبس الجسد ومسلط العينان داخل مقلتيها وتحدثت بإستغراب لحالتة: هو حضرتك عتفضل واجف إكدة إكتير، أني عاوزة أعرف طبيعة شغلي.
وعي على حاله ثم إبتسم لها وتحدث بدعابة: هو إنت دايما عصبية كده ولا طبعك ده معايا أنا بس؟

ضيقت عيناها مستغربة حالة ذلك الأبلة وتحدثت بنبرة صارمة كي تضع له حدود وقواعد للتعامل معها: وأني أعرف حضرتك منين علشان تجولي إكدة، مكانتش مرة إتجابلنا فيها صدقة
وأكملت بنبرة جادة: وريني مكتبي من فضلك علشان مضيعش وجتك ووجت المستشفي.

تحمحم خجلا من حالة وعذر طبيعة نشأتها وحدودها التي تضعها بينهما في التعامل، فأشار لها إلى مكتبها ودلفا كلاهما وبدأ بشرح طبيعة ما يجب عليها فعلة، وتفهمت مريم طبيعة العمل سريع واندمجت، وخرج ياسر من مكتبها مجبرا، وشكر ربه على أنه وأخيرا وجد ضالتة الضائعة، وقد قرر التقرب منها بهدوء وجعلها تعتاد عليه أولا ومن ثم سيفاجأها بعشقها الذي أصاب قلبه وتملك منه من أول طلة رأتها فيها عيناه.

بعد مدة دلف عامل البوفية حاملا كأس من عصير الليمون الطازچ وتحدث إليها: صباح الخير يا أستاذة، الدكتور ياسر باعت لحضرتك الليمون ده وبيجول لك نورتي المستشفي.
تحدثت للعامل بإحترام: متشكرة، تسلم يدك.
خرج العامل ونظرت هي لكأس العصير وتحدثت بإرتياب: إية حكايتة الراچل الملزج دي كمان، فاكر حالة في نادي العشاج إياك!
ده كنة هيبجا مرار وطافح يا مريم.

مساء نفس اليوم
داخل مسكن قاسم المملوك والمعروف لجده وللجميع، كانت تجلس فوق مقعدا داخل الشرفة تضع ساق فوق الاخري وتنظر أمامها بكبرياء وتبتسم إبتسامة ملك منتصر، متجهزة بثيابها الأنيقة المحتشمة وتتأهب لحضور حفل زفاف نجلها الذي سيحقق لها النصر التي طالما حلمت به سنوات وسنوات وهاهي اليوم ستظفر بالإنتصار وإنكسار قامة زيدان الذي صفعها صفعة مهينة، وهاهي تتأهب لردها وبقوة أكثر، بل وبدمار روح إبنته.

أما قدري فكان يرتدي ثيابه بداخل الغرفة الخاصة له ولفايقة
رن هاتفها معلنا عن وصول مكالمة من وريثة عرش حقدها المعظم، أجابتها على الفور قائلة بنبرة جامدة خالية من لهفة ومشاعر الإمومة: كيفك يا ليلي، إية الأخبار عندك؟

أجابتها بنبرة حاقدة: الأخبار مطمنش يا أما، چدي بعت للي ما تتسمي اللي إسميها ورد وجال إية، رايد ياكل من يدها محاشي مشكله وكشك، وچت ووجفت في المطبخ ولا اللي يكون دوار أبوها، وهي وعمي چعدوا وإتغدوا ويانا وهاتك يا ضحك وهزار كيف ما يكونوا بيحتفلوا بعدم وچودكم في السرايا.

وأكملت بنبرة تهكمية: ولا الهانم مرت ولدك اللي دايرة على مزاچها كيف اللي ملهاش راچل يلمها، ركبت عربيتها اللي عتتمنظر علينا بيها من الصبح وراحت على المخروبة اللي چدي عملهالها اللي إسميها المستشفي ولساتها راچعة من إشوي هي والست مريم.
إستشاط داخل فايقة وتحدثت بنبرة حاقدة: خليهم يضحكوا ويفرحوا لهم يومين من نفسهم، أما نشوف مين اللي عيضحك في الأخر.

تنبهت ليلي على نبرة والدتها التي توحي بتدبيرها بكارثة تنتظر الجميع وتنهدت براحة، ثم تسائلت بإهتمام: چيبتي لي التحاليل بتاعتي من عند الدكتور يا أما؟
أجابتها فايقة: عنروح نجيبها بكرة أني وأبوكي.

أجابتها ليلي بنبرة حزينة: أني خايفة جوي من اللي عتعمله مرت عمي منتصر لو طلع فيا عيب يمنعني من الخلفة، خايفة ليكون كلام الدكتور اللي روحنا له اخر مرة في المركز صحيح، ده حتى أبونا القسيس اللي روحنا له جال لي روحي لحكيم يداويكي من اللي شربتية
قاطعتها فايقة بنبرة حادة قوية: معايزاش أسمع منيكي كلمة خايفة دي طول ما أني چارك، إنت بنت فايقة النعماني، يعني الخوف هو اللي يخاف منيكي، فهماني يا بت؟

إستمعت إلى صوت قدري وهو يتحدث إليها: عتتحدتي ويا مين يا فايقة؟
تحدثت إلى إبنتها تحثها على إنهاء المكالمة: إجفلي دالوك يا ليلي، واني عكلمك الصبح وأجول لك أني عملت إية عند الدكتور.
أغلقت معها ونظر لها وتساءل: هو ولدك لساته چوة؟
زفرت بضيق وأردفت قائلة: من وجت ما رچع من المحكمة وهو جافل على حالة ومطايجش يشوف خلجة حد.

صاح قدري باخر صوته منادي على ولده، فتح الباب وخرج بوجه عابس وذقن نابت غير مهندب، مرتدي حلة سوداء أنيقة كي يحافظ على هيأته أمام الحضور، وتحرك إليهما فنظر له قدري بوجة عابس لأجل ما يحدث مع ولدة، نعم هو رجل طامع حاقد على الاخرين، جشع يعشق إقتناء المال ولا يهتم بوسيلة جمعة، وحقا يفتقد قدرة التعبير عن مشاعرة لأبنائه، لكنه بالنهاية أب ولدية مشاعر أبوة ويخشي على صغارة من الزمن،.

إقترب قدري على إبنه وربت على كتفه بمؤازرة وتحدث: يلا بينا يا ولدي لجل ما نجضوا المشوار دي ونخلصوا منية.
نظرت تلك المرأة منزوعة الرحمة وتحدثت إلى ولدها التي لم تشعر به يوم: جالب خلجتك لية إكدة يا ولدي، إفرد وشك أومال.
كان ينظر لها بجمود مستغرب حالة اللامبالاة وعدم الشعور بقلب صغيرها الذي يصرخ مستنجدا، يريد التشبث بأي طوق ينجية من الهلاك المحتم المقبل علية لا محال.

أخذ نفس عاليا ثم زفره وتحدث بلهجة محذرة: مش عاوز أعيد كلامي على حضرتك وأجول لك إن الموضوع ده لو إتعرف في النچع هيكون فيه نهايتي وهلاكي
نظر له قدري وتحدث بنبرة صادقة: متجلجش يا ولدي، أكيد أمك مهياش بالغباء دي لجل ما تودرك بيدها، هي عارفة ومتوكدة زين إن يوم چدك وعمك زيدان ما يعرفوا بچوازة الشوم دي هتغفلج على الكل وأكتر واحد هيتإذي فيها هو أنت.

ثم رمق فايقة بنظرة تحذيرية أرعبتها فتحدثت بنبرة صادقة حيث أنها حقا تريد ان يعلم الجميع اليوم قبل الغد بزواج قاسم على إبنة زيدان حتى تسحق قلبه سحق على غاليتة، لكنها وبالتأكيد تخشي على قاسم من بطش عتمان وطردة من جنة نعيمه، فصبرت حالها بأن عتمان لم يتبقي لدية الكثير من الاعوام كي يحياها، وبعد وفاته سيحق لها الإعلان عن الإنشطار النووي لقنبلة الموسم.

وتحدثت بنبرة صادقة: محدش عيخاف عليك ولا عيحبك ويتمني لك الخير جدي يا قاسم، طمن بالك يا ولدي.

تحرك ثلاثتهم إلى القاعة المقرر بها إقامة حفل الزفاف، كان رفعت وأهله متواجدون بالفعل، إستغرب أهل رفعت واشقائة ان العريس لم يأتي سوي بوالدية وفقط، إستقبل قدري المأذون ودلفت إيناس إلى القاعة بصحبة والدها الذي قادها للداخل وذهب بها إلى مقر الجلسة المعدة من قبل إدارة الأوتيل لعقد القران، مع إستغراب الحضور لعدم إستقبالها من جانب قاسم الجالس بجانب المأذون الشرعي غير مبالي بدخول عروسه إلى القاعة.

جلست إيناس وهي تنظر إلى ذلك الناظر أمامة بجمود ويبدوا للجميع إرغامه على تلك الزيجة من خلال ملامح وجهه العابس
بدأت مراسم عقد القران وقام المأذون بخطبته الشهيرة وبعد مدة إنتهي رفعت من قول ما أملاه علية المأذون وجاء الدور على قاسم
فتحدث المأذون إلى قاسم قائلا: قول ورايا يا عريس، قبلت الزواج من موكلتك.

نظر له قاسم وكاد أن يصرخ معلنا للجميع عن تخليه عن تلك الزيجة التي ستذبح روحه قبل متيمته، ود لو أن له رفاهية الوقوف والخروج من ذلك المكان الذي يضغط على أنفاسة بقوة حتى أنه بات يشعر بالإختناق، ود الخروج مسرع ضارب بكل شئ عرض الحائط، ود الذهاب إلى حبيبته والإرتماء داخل أحضانها الحنون.

إنتبه على صوت المأذون وهو يكرر على مسامعة كلماتة السابقة مستغرب حالة التيهه والتشتت اللتان تظهران على هيأة العريس وتحدث: إنت سامعني يا أبني؟
إستشاط داخل كوثر التي تقف بجوار جلوس إبنتها واشتعلت النار بداخل قلبها من ذلك الذي جعل جميع الحضور يتهامزون فيما بينهم، أمسك قدري يد إبنه ونظر إلية ليحثه على إستكمال الإجراءات لإنتهاء تلك المراسم وذلك الزفاف الذي أجبر عليه هو وولده.

حينها نظر رفعت إلى قاسم وأستمال له بعيون متوسلة أرهقت قلب قاسم وجعلتة يتحامل على حاله كي ينهي مأساة ورعب ذاك المرتعب ضعيف الكيان المسمي برفعت.

تنفس قاسم عاليا وبدأ بقول ما يملية علية المأذون وكأنه ألة إلكترونية يكرر ما يؤمر به دون روح أو قلب أو أية مشاعر، إنتهت المراسم وقمن النساء الحاضرات بإطلاق الزغاريد معلنين عن فرحتهم بإتمام الزيجة ومن بينهم فايقة التي كانت تزغرد بقلب سعيد شامت وكأنها حققت أعظم إنتصاراتها للتو
تنفس رفعت ونطق الشهادة بينه وبين حالة وحمدالله كثيرا على إسدال ستره العظيم على إبنته وعلية أمام الحضور والعلن.

وقف قاسم وتحامل على حالة وذهب لجلوس إيناس التي تشعر بلذة الإنتصار وبأنها وأخيرا ظفرت بلقب حرم قاسم النعماني وهذا ما حلمت به منذ أن رأته بأول يوم لها داخل كلية الحقوق حين قدمه لها عدنان لتتعرف علية بإعتباره صديقة المقرب إلى قلبة طيلة الثلاث سنوات دراسة.

أمسك يدها ليوقفها متضررا وكأنه يحتضن شوك يؤلمه بشدة ويسحب منه روحه، تحرك بها حتى وصل إلى المكان المخصص لجلوسهما وهنا تركها سريع وجلس هو قبلها مما جعلها تكاد تزهق روحها من شدة الخجل التي شعرت به أمام الحضور الذين يسلطون ابصارهم على العريس ووجهه الكاشر ويتهامزون بوجوة مستغربة
جلست وهي تنظر للجميع بكبرياء لحفظ ماء الوجه ثم نظرت إلى قاسم وتحدثت بنبرة رقيقة أخرجتها بصعوبة بالغه: مبروك يا حبيبي.

نظر لها وأبتسم بجانب فمة وتحدث ساخرا: حبيبك؟
إنت مصدقة نفسك، تبقا كارثة لتكوني مصدقة المسرحية الهزلية اللي بتحصل دي؟
تحاملت على حالها وتحدثت بنبرة زائفة كي تسترضي رجولته: أنا عارفة إنك زعلان مني بسبب الكلام اللي أنا قولته، بس ده كلام طلع وقت غضبي يعني ما اتحاسبش علية يا قاسم، خلينا نستمتع ونفرح باليوم اللي ياما حلمنا بيه كتير.

وأكملت بنبرة أنثوية في محاولة منها بسحبه إلى عالمها من جديد: فاكر يا حبيبي، فاكر قد إية حلمنا وإتمنينا إن اليوم ده ييجي؟
رمقها بنظرة إندهاش مستغرب حالة الإنكار للواقع التي تتعايش داخلها غير مبالية بافعاله المهينة لشخصها.

هتف العامل المسؤل عن إدارة تشغيل الموسيقي وتنظيم الحفل وأردف قائلا وهو ينظر إليهما: سقفة كبيرة يا جماعة للعريس والعروسة اللي هيتفضلوا معانا على الدانس فلور علشان يفتتحوا الفرح برقصتهم الأولي.
صفق الجميع وإبتسمت إيناس بتفاخر ورفعت قامتها بغرور وهيأت حالها للوقوف، فاجأها قاسم الذي أشار بيدة معتذرا للعامل مما جعل الجميع ينظر للعريس مرة اخري مستغربين حالته.

صدمت إيناس وتخشب جسدها وتصنمت بجلستها، أما كوثر التي تمنت لو أن الأرض شقت وأبتلعتها حتى تتفادي نظرات الحضور التي تنهشها وتشمت بها وبكبريائها الدائم
تسائلت زوجة شقيق زوجها بنبرة تهكمية: هو العريس ماله كدة زي ما يكون مجبور على الجوازة يا كوثر؟!

إبتلعت لعابها من شدة خجلها ثم إستجمعت قوتها وتحدثت بنبرة قوية حادة: مجبور؟ فشر يا حبيبتي، ده حفي زمان على ما بنتي وافقت علية وإختارته من بين كل اللي إتقدموا لها
وأكملت بنبرة زائفة لحفظ ماء الوجه: كل الحكاية إنه صعيدي ومتحفظ شوية وملوش في الرقص والمسخرة دي.

أما زوجة شقيق زوجها الاخري والتي تقدم ولدها لطلب الزواج من إيناس وقبل بالرفض، فقد هتفت بنبرة تهكمية: ويا تري التكشيرة اللي مالية وشه دي كمان بردوا علشان صعيدي؟!
نظرت لهما بعيون حادة كالصقر وتحركت بصمت عندما لم تجد ردا لديها، حين أطلقت السيدتان ضحكات ساخرة على تلك المغرورة الدائمة التكبر والتعالي على أهل زوجها
تحركت كوثر إلى فايقة وجاورتها الجلوس تحدثت بنبرة مشتعلة: عاجبك اللي البية إبنك عاملة ده؟

ده فضحنا في وسط المعازيم، الناس كلت وشي وهرتني تريقة
تنهدت فايقة وأردفت بنبرة حزينة: بتك اللي خايبة ومعارفاش تفرفشه وتشده ليها، على العموم ملحوجة، لما يروحوا شجتهم تبجا تتچلع علية وتخلي الحديد يلين
ونظرت لها متحدثة بإلحاح: فهمي بتك زين وأكدي عليها إن لازمن قاسم يدخل عليها الليلة، وأكملت بغل شديد من بين أسنانها: وإلا هخسر الرهان اللي عشت أستناه عمري كلياته.

نظرت لها كوثر وتحدثت بكبرياء وثقة: متخافيش على إيناس دي تربيتي، وبعدين إبنك بيحبها وهيموت عليها على فكرة، ميغركيش الوش الخشب اللي مركبهولنا من وقت ما دخل القاعة ده، هو بس زعلان منها شوية، وأول ما يتقفل عليهم باب هيجري عليها وياخدها في حضنة ويتمني ترضي علية،
وأكملت بغرور: ما هو بالعقل كدة يا مدام، معقولة فية راجل هيكون مقفول عليه باب واحد مع ست بجمال وسحر إيناس كدة وما يلمسهاش؟

رمقتها فايقة بنظرات ساخرة ولوت فاهها من تهويل تلك الموهومة الشديد في جمال إبنتها التي رأته فايقة أقل من العادي، ولكنها فضلت الصمت وعدم الدخول في مهاترات
تحدثت إيناس إلى قاسم بنبرة حزينة منكسرة: إنت لية مصر تكسرني وتذلني قدام الناس يا قاسم؟
أجابها بنبرة جامدة وهو ينظر أمامه: أنا وإنت نستاهل الذل والكسرة لأنه حصاد طبيعي لزرعة الأنانية والخداع اللي زرعناها من سبع سنين.

تحرك قدري إلى زوجته وجلس بجانب فايقة وتحدث بنبرة ساخطة ناظرا إلى كوثر التي تقابله الجلوس: إوعاك يا حرمة تكوني فاكرة إني تممت الچوازة دي لچل حديتك اللي ميسواش عندي مليمين على بعض، وإحمدي ربنا إن لساتك عايشة بعد ما إتچرأتي وهددتي قدري النعماني بچلالة قدرة،.

ثم حول بصره ناظرا على رفعت الجالس بجانب أشقائة وأكمل ساخرا: وإدعي لخيال المأتة اللي إنت متچوزاة اللي لولا محلسته وكهن الحريم اللي عمله، الله الوكيل قاسم ما كان هيتراچع عن رأية لو السما إنطبجت على الأرض
رفعت قامتها بكبرياء وتحدثت بذكاء: بلاش نقلب في اللي فات يا عمدة وخلينا ولاد إنهاردة، وخلينا متفقين إن كلنا بنعمل أقصي ما عندنا علشان نشوف اولادنا مرتاحين ونضمن لهم مستقبل أحسن.

وهمت واقفه وتحدثت بقوة: هخلي الويتر يجيب لكم عصير فريش علشان يهدي لك أعصابك يا عمدة.
وتحركت هي وهتف قدري بنبرة ساخطة وهو ينظر عليها بإحتقار: جبر يلم العفش
تحدثت فايقة إلى قدري قائلة: إعمل حسابك يا قدري هنروحوا من إهني على شجة قاسم نبات فيها عشان نجوم بدري ونعدوا على المعمل نچيبوا التحاليل بتاعت ليل، وبعدها هنروح لقاسم شجته نطمن علية ونسافروا طوالي.

رمقها قدري بنظرة حارقة وأردف متحدث بنبرة تهكمية: عتروحي لقاسم لجل ما تطمني علية ولا تطمني جلبك وتطفي نارك اللي والعة بجالها سنين يا فايقه؟
إنتفض جسدها وأهتز قلبها وابتلعت لعابها رعب خشية من أن يكون قدري قد إفتضح أمرها، فأكمل هو بنبرة محذرة: إعجلي يا مرة وحطي مصلحة عيالك جدام عنيكي ولو مرة واحدة، سيبك من الغل اللي ماليكي من ناحية ورد وبطلي مكايدة وشوفي المصلحة اللي عتطلع لولدك من ورا چوازتة من بتها.

وإياك يا فايقة عجلك يجل وشيطانك يوزك وتچيبي سيرة الچوازة اللمجندلة دي جدام ورد ولا بتها ولا حتى المچنونة بتك
وأكمل مهددا بنبرة صارمة: الله الوكيل يومها مهعمل لعشجك الملعون اللي معشش جوة جلبي حساب يا فايقة.
رمقتة بنظرة ساخطة وفضلت الصمت والمشاهدة بتلذذ وإستمتاع لهذا المشهد العظيم المثلج لصدرها المشتعل منذ قديم الأزل.

إنتهي حفل الزفاف باكرا بناء على طلب قاسم الذي تحجج بإصابته بنوبة صداع نصفي شديد وانهي الحفل، تحرك العروسان بسيارة قاسم الذي قادها عدنان واوصلهما لمسكنهما الجديد دون إضافة كلمة واحدة من ثلاثتهم،
فتح الباب وتحرك بساقية للداخل تارك إياها بالخارج في مشهد مهين لشخصها، نظرت له بقلب مستشيط مشتعل لكنها كظمت غيظها ودلفت للداخل وأغلقت الباب خلفها، تحرك هو بخطوات سريعة نحو غرفته وهي تتبع خطواته،.

وضع يده على رابطة عنقة وفكها بطريقة عنيفة تدل على مدي وصوله للمنتهي، وقف عند مدخل الباب وألتفت بجسده ناظرا عليها وتحدث بنبرة صارمة مشيرا بكف يده إلى الغرفة المعدة للأطفال: أوضتك اللي هناك، ودي أوضتي أنا.
جحظت عيناها بإتساع وتحدثت بذهول خشية إفشال خطتها للتقرب منه:.
وضع يده على رابطة عنقة وفكها بطريقة عنيفة تدل على مدي وصوله للمنتهي، وقف عند مدخل الباب وألتفت بجسده ناظرا عليها وتحدث بنبرة صارمة مشيرا بكف يده إلى الغرفة المعدة للأطفال: أوضتك اللي هناك، ودي أوضتي أنا.
جحظت عيناها بإتساع وتحدثت بذهول خشية إفشال خطتها للتقرب منه: أوضتي إية وأوضتك إية إية يا قاسم، أرجوك تهدي ومتخليش اللي حصل ينسيك أنا أبقي إية بالنسبة لك؟

وأقتربت علية وكادت أن تضع كف يدها فوق موضع قلبه لكنه فاجأها برجوعه للخلف سريع كمن يتفادي لسعة عقرب سام
إتسعت عيناها وهتفت بصياح غاضب: فوق يا قاسم، أنا إيناس، حبيبتك وحلم حياتك اللي حققته إنهاردة بعد صبر سنين
أجابها بقوة ونبرة متألمة: اللي أنا فيه إنهاردة ده مش حلم، ده كابوس مزعج وطابق على نفسي لدرجة إني مش قادر أخد نفسي منه،.

وأكمل مشيرا على حاله بتألم: دخلت فيه وأنا فاقد أهليتي وكياني وكينونتي، ولما فقت وأدركت حقيقتي المرة وحبيت أعدل المسار، كان خلاص الوقت فات، وإضطريت أكمل فية وأنا مجبر ومغصوب على أمري.
كانت تستمع إلية بقلب صارخ مشتعل وتحدثت بصياح حاد: خلي بالك يا قاسم، إنت كدة بتهيني.
تحدث إليها وهو يدلف إلى غرفته: لو فعلا عاوزة تصوني نفسك وتتفادي أي إهانة يبقا تتفضلي تدخلي أوضتك وتخليكي بعيد عني إنهاردة.

ودلف للغرفة وأوصد بابها وتركها واقفة تنظر في طيفة بذهول وعدم تصديق لما وصلت إلية علاقتهما.

كانت تجلس فوق مقعدها بشرفة غرفة نومها، تنظر للسماء بترقب، حيث كانت ليلة مختفي بها القمر كليا مما جعل السماء معتمة خالية من أية نجوم، تنهدت وأغمضت عيناها بإرهاق، أخذت شهيق عاليا وزفرتة في محاولة منها لتظبيط أنفاسها وهدوء مشاعرها المبعثرة، إلتقطت هاتفها ونظرت بشاشتة على أمل أن تري مكالمة فائتة منه لم تستمع لرنينها،
تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة محبطة، وماذا بعد قاسمي، ألم يحن الأوان لعودتي من غربتي؟

إلي متي سيطول تلاعبك بمشاعري، إلي متي ستظل ترفعني معك عاليا إلى عنان السماء
وبعدها تجعلني أتهاوي وكأني أسقط من فوق أعالي الچبال.

عند قاسم، دلف لغرفته وأمسك رابطة عنقة وألقي بها أرض ثم خلع عنه حلتة وطرحها أرض بكل ما أوتي من قوة، دلف إلى المرحاض ونزع عنه ثيابه كاملة وتحرك إلى تحت صنبور الماء الفاترة واضع يداه على الحائط وأغمض عيناه متألم، تمني لو أن فية أن يصرخ بأعلي صوته ليعلن بتلك الصرخات عن إحتجاجه لما تفعله به الدنيا، وإجبارة بهذا الشكل المهين لرجولته ولشخصة.

بعد الظهيرة، إستيقظت إيناس بصعوبة بعد ليلة قضتها بدموعها وحقدها وإستشاطة داخلها الذي أصابها جراء أفعال ذلك القاسم الذي تجبر عليها وأهانها بما يكفي، دلفت إلى المطبخ وقامت بتجهيز فطار لائق، ثم تحركت إلى غرفتها ووقفت أمام خزانة ثيابها وأنتقت ثوب للنوم، كاشف كل جسدها حيث كان مصنوع من قماش الشيفون الذي يكشف جميع جسدها بكل تفاصيلة وثيابها الداخلية،.

نظرت لحالها بإعجاب وإستحسان ورفعت قامتها لأعلي بكبرياء بدون حياء لهيأتها الفاضحة، نثرت عطرها الجاذب لأي رجل يشتمه والتي جلبته والدتها لها خصيصا لأجل الإيقاع بقاسم داخل براثنها، تحركت إلى غرفتة ودقت بابها بخفة فلم تستمع صوت للسماح،.

دلفت ووجدت الغرفة خالية، في تلك الأثناء خرج قاسم من خلف باب المرحاض، ظهر أمامها بهيأة رجولية خاطفة لأنفاس تلك اللعوب، حيث كان عاري الصدر ولا يرتدي سوي منشفة كبيرة يلفها على خصرة، أما عن شعر رأسه فكان مبتل تتدلي منه قطرات الماء تنزل على صدره بطريقة جاذبة لإنوثتها،.

إتسعت عيناه غضب حين وجدها أمامة بتلك الملابس الفاضحة والتي يعلم المغزي من وراء إرتدائها، فتحدث بنبرة حادة قوية: إنت مين اللي سمح لك تدخلي هنا؟
تحركت إلية بحركات بها دلال وأنوثة وتحدثت بغنچ وهي تقترب علية وتنظر على شعر صدرة برغبة ظاهرة داخل عيناها: ده سؤال بردوا تسألهولي يا حبيبي، واحدة وداخلة أوضة جوزها حبيبها.

وإقتربت عليه وكادت أن تلمس صدرة دفعها بقوة للأمام قائلا بنبرة مهينة: إخرجي برة ومشوفش خلقتك دي في أوضتي تاني،
ثم نظر لها بإشمئزاز وتحدث بنبرة مهينة: وإية القرف اللي إنت عملاه في نفسك ده؟
إنت مش مكسوفة وإنت واقفة قدامي وبتعرضي نفسك عليا بالرخص ده؟

تمالكت من حالها وتحدثت بقوة واهية: وهتكسف من إية، إنت جوزي واللي أنا بعمله ده الدين نفسه هو اللي بيطالبني وبيأمرني بيه يا حضرة المحامي ياللي دارس الشرع والدين.

أجابها بنبرة ساخرة: طول عمرك وإنت بتاخدي من الدين اللي على مزاجك وتسيبي منه اللي هيقف ضد تحقيق رغباتك،
وأكمل لإفاقتها: ولعلمك يا استاذة يا بتاعة الشرع والقانون، جوازنا اللي بتتكلمي عنه ده شرع باطل، لأنه تم تحت إبتزاز مشاعري ورجولتي قدام كلام أبوكي، زائد إنه جواز مشروط بمدة زمنية معينة، يعني شرع أنا وأنت إرتكبنا معصية ولازم نكفر عنها،.

وأكمل محذرا إياها: وياريت لحد المدة دي ما تعدي ما تحاوليش تقربي مني لأن مهما عملتي انا عمري ما هشوفك ست قدامي،
واسترسل حديثه بنبرة مهينة: والوقت إطلعي برة ومش عاوز أشوف خلقتك دي في أوضتي تاني.

كانت تستمع إلية ودموعها تنساب على وجنتيها وشعور مميت بالإهانة يجتاح داخلها، فقد كانت تنفذ ما أملته عليها والدتها وكلها ثقة بأن قاسم سيخر راكع تحت قدميها مثلما أبلغتها كوثر، لم ياتي بمخيلتها رفضه المهين والصادم لها، حيث أنه لم ينظر حتى ولو نظرة على جسدها أثناء ما كان يحادثها، بل كان ينظر لوجهها بنظرات مقللة لشأنها حينما كان يسمعها كلماته المهينة لشخصها.

صاحت بنبرة حزينة ودموع منهمرة: حرام عليك يا قاسم، كفاية بقا كفاية
إقترب عليها وهتف بنبرة حادة وملامح وجة صارمة: هو فعلا كفاية، إتفضلي إخرجي برة وحااااالا
واتجه إلى الباب وفتحه وأكمل بصياح حاد وهو يشير إليها طارد إياها: يلاااااااا
إنتفض جسدها رعب من نبراته شديدة الغضب واسرعت إلى الخارج وأغلق هو فور خروجها الباب بشدة هزت أرجاء الشقة بأكملها.

وقفت أمام الغرفة ومسحت دموع التماسيح وتحدثت بنبرة حقودة: ماشي يا قاسم، إن ما خليتك تجي لي راكع ما أبقاش أنا إيناس عبدالدايم.
وتحركت بغضب إلى غرفتها لتتجهز لإستقبال أهلها حيث أبلغتها والدتها أن أهل والدها سيأتون بصحبتهم كي يطمأنوا عليها ويقدمون لها هدايا الزواج قبل ان يعودوا إلى الشرقية مرة اخري.

بعد غروب الشمس
إرتدي ثيابه الأنيقة وتحرك إلى المرأة، نثر جسده بعطره الرجولي وتحرك إلى الخارج، وجدها تجلس فوق مقعدا داخل البهو منكمشة على حالها، وقفت سريع حين وجدته مهيئ للخروج وتساءلت بإستفسار: إنت خارج؟
أجابها بإقتضاب: مسافر سوهاج وهقعد هناك إسبوع.
إتسعت عيناها بذهول وتحدثت بنبرة حادة معترضة: يعني إية مسافر سوهاج، إنت ناسي إني لسه عروسة ومكملتش يوم وإحتمال في أي وقت يجي لنا ضيوف تبارك لنا؟

وأكملت متسائلة بصياح: إنت عاوز تفضحني بين الناس يا قاسم؟
اجابها بمنتهي البرود وهو يعدل من ياقة قميصه متأهلا للخروج: إبقي إعتذري لهم وإخلقي لهم أي حجة
ثم نظر لها وتحدث ساخرا: وأظن إنك مش هتغلبي في حاجة بسيطة زي دي، يا ملكة الحجج والخطط والمؤامرات.
وتحرك متجه إلى الباب تحت صياحها وأعتراضها، خرج وصفق خلفه الباب غير مباليا بصرخاتها العاليه.

إستقل سيارة مستأجرة وذهب لأحد أفخم محلات الحلوي وأبتاع نوع فخم من الشيكولا لعلمه أنها المفضلة لديها حين أتي لها بها زيدان وكانت سعيدة جدا وهي تتناولها بتلذذ، وأيضا إبتاع لها خاتم من الألماس كي يكون أولي هداياه الخاصة لها، وتحرك إلى المطار عائدا إلى ملاذه التي إكتشفها ولكن للأسف بعد فوات الأوان!
وصل إلى النجع ليلا ودلف إلى المنزل دون أن يراه أحد سوي حسن العاملة التي إستقبلته بحفاوة.

صعد لمسكنه ودلف بمفتاحه وجد سكون تام، تحرك إلى المنضدة ووضع عليها الأكياس التي يحملها، وتحرك إلى الغرفة وفتحها بهدوء ظنا منه أنها غافية بنومها.

قبل قليل، كانت تخرج من المرحاض مرتديه مأزر الحمام (البرنس) الذي بالكاد يصل لفوق ركبتيها وفتحة صدره المفتوحة بإهمال، تضع منشفه حول شعرها لتسريع عملية تجفيفه، تحركت ووقفت أمام مرأتها وسحبت المنشفه وبدأت بتمشيط شعرها المبتل والذي بدأت تنساب منه بعض قطرات المياة على عنقها ومقدمة نهديها في مظهر ملفت للنظر، وبلحظة تخشبت حين فتح باب الغرفة ووجدته يدلف أمامها.

إتسعت عيناها وأبتلعت لعابها حين رأت إنعكاس صورته أمامها بالمرأة، نظرات زائغة متشوقة متلهفة دارت بينهما
تخشب بوقفته حين رأها بتلك الحالة المهلكة لقلبه العاشق، نظر لإنعكاسها في المرأة وألتقت العيون وتحدثت بلغة العاشقين
حدثتها عيونه بلهفة، إشتقتك فاتنتي، لم أحتمل البعاد كما خيل لي فعدت منساق لنداءات قلبي الصارخة
فهل لي اليوم من ضمتك نصيب؟

أجابته عيناها، أرجوك لا تفعلها مجددا وترفعني بسموات عشقك السبع ثم تطرح بأمالي أرض.
فاق من حديث عيناه وتحمحم لينظف حنجرته كي يستطيع إخراج صوته الذي احتجز جراء ما رأي
وأردف قائلا بنبرة حنون لعينان هائمتان عشق: كيفك يا صفا؟
إبتلعت لعابها وتحدثت بصعوبه بالغة بشفتان مرتعشتان
: الحمدلله، حمدالله على السلامه
إبتلع لعابه من شدة إشتياقة وأجابها: الله يسلمك.

خجلت عندما وعت على ما ترتديه فتركت فرشاة شعرها سريع وبدأت بغلق مأزرها جيدا وإحكامه على نهديها، وتحركت سريع نحو خزانة ملابسها وأنتقت منامة وكادت أن تغلق الخزانه لكنها توقفت عندما شعرت بأنفاسه الساخنه تلفح خلف عنقها بحرارة إقشعر لها جسدها، ثم لف ذراعيه حول خصرها ملتصق بجسدها من الخلف وتحدث هامس بجانب اذنها: لحد ميتا عنفضل نهربوا من بعض إكدة؟

إنتفض جسدها و وقع ثوبها من بين يديها وتحدثت بنبرة مرتجفة لجسد منتفض: إبعد يا قاسم.
مجاديرش يا جلب قاسم، جملة قالها بهمس عابث فاهتز لها جسدها وأنتفض
وعت على حالها وتحدثت من جديد بنبرة أقوي حين تذكرته وهو ينطق لها جملته تلك بذاتها ولكن بمعني مختلف كليا: مجاديرش دي جولتها لي من أكتر من شهر فات، فاكر يا قاسم؟

اجابها بهمس زلزل كيانها: كنت غبي يا صفا، مكنتش عارف جيمة الألماظة إلى ربنا حاطها في طريجي لجل ما يكافئني بيها ويفتح عيوني ويرد لي بصيرتي.
ثم شدد أكثر من ضمتها ودفن أنفه داخل عنقها وبدأ يستنشق بعمق وتلذذ عبق جسدها الذي يشبه نسائم تفتح زهور ثمرة البرتقال
أردفت متسائلة بقوة وهي تنظر لإنعكاس عيناه: عندي سؤال ولازمن تجاوبني علية بصراحة يا قاسم.

رفع بصره إليها وضيق بين حاجبية ينتظر سؤالها فتسائلت هي بغيرة شديدة: لما چيت لي من شهر وجولت لي إنك مجاديرش تتمم چوازك مني، كنت تقصد إية لما جولت لي إن مش إنت الراچل اللي تجبل إن غيرك يختار لك المرة اللي عتنام في حضنك؟
قطب جبينه بعدم إستيعاب لحديثها فأكملت وهي تبتلع لعابها برعب خشية من صدق حدسها: إنت فيه واحدة في حياتك يا قاسم، عشجان يعني؟

وأكملت بتوتر وقلب يتمزق: ما أنت مهتجيش تجول لي الحديت دي من الباب للطاج إكده من غير ما تكون راسم لحياتك بعدي.
شعر بغصة مره غزت قلبه وشطرته لنصفين من تساؤل عيناها المؤلم ونبراتها المرتعبة، بماذا يجيب على تساؤلاتها المشروعة، لقد أثبتت له أنها أنثي فائقة الذكاء بعد أن ربطت بإنسحابه من إتفاقية زواجهما وبين عشقه لإمرأة اخري، بما سيخبرها؟
هل سيخبرها أنه أغبي إنسان عرفته البشرية منذ بداية الخليقة؟

هل سيخبرها أنه وبعناده وتمرده الأعمي ورط حاله في زيجة لو أكتشف أمرها سيخسر معشوقة عيناها التي إكتشفها عن جديد؟
لا والله لن يفعلها ويخسر ذاك الملاك بعد أن عثر على إستكانت روحه داخل أحضانها الحانيه.
نظر بمقلتي تلك التي تنتظر إجابته كمن يقف خلف القضبان وينتظر حكم القاضي عليه.

قرب شفتاه الملتهبة بنار الإشتياق من وجنتها الساخنة جراء خجلها وإشتياقها، ووضع قبلة ساخنة فوقها زلزلت جسدها وجعلته ينتفض ويثور عليها، ثم نظر لها وتحدث بكل مصداقية: وغلاوة صفا العالية، عمري ما دوجت للعشج طعم غير على يدك ولا اتمنيت حضن غير حضنك.

ثم أغمض عيناه متهرب، دفن أنفه من جديد داخل تجويف عنقها وبات يستنشقه بإرتياح، تأوة بصياح وتلذذ أذاب جسدها، شعر بجسدها يستكين ببن يديه ويلين، بهدوء لفها إليه ونظر لداخل مقلتيها وألتقت العيون من جديد، توسل إليها بعيناه بأن ترحمه من لوعة الإشتياق وما كان من قلبها الملعون العاشق سوي الاستسلام التام.

مال بجذعه على شفتاها وبدأ بتقبيهما بهدوء سرعان ما تحول لجنون وأشتياق جارف، شعر بإستجابتها معه رغم عدم خبرتها ولكنها إنساقت معه بشعورها البرئ، إبتعد عنها ليعطي لرأتيهما المجال للتنفس، نظر لها بلهاث ولهفة وجد صدرها يهبط ويعلو بشدة، وجد وجنتيها تلونت باللون الوردي من أثر عشقها ومزيج السعادة والخجل معا.

أمسك طرفي مأزرها وفك وثاقه وبلحظة تخشبت حين وجدت مأزرها ملقي أرض بإهمال، لم يعطها المجال للخجل ورفعها بين أحضانه وضمها حتى أصبحت ساقيها معلقتان بالهواء، إحتضنها مشددا كمن يحتض صغيرتة التي يخشي عليها،
تحرك بها حتى وصل لتختهما ووضعها فوقه بخفة ورقة، وخلع عنه ثيابه متلهف وغاصا معا بعالمهما الخاص، عالم جديدا عليها وعليه ليتعلما معا لغة جديدة، لغة تناغم الأجساد بين العشاق.

بعد مرور وقت لم يكن معلوم لكليهما وذلك لشدة إندماجهما وتناسيهما لمن حولهما، كان ممدد الساقان يجلسها فوق ساقيه ويحتضنها بشدة كمن وأخيرا وجد ضالته بعد عناء وشقاء دام لسنوات، كان مغمض العينان يغمس أنفه داخل خصلات شعرها ليشتم عبيره
أما هي فكانت مستكينه داخل أحضانه مسترخية بين ذراعيه كقطعة الشيكولا الذائبة داخل فنجان القهوة الساخن
تحدث ومازال مغمض العينان: حبيبتي
أممم، كانت تلك هي همهمتها الساحرة.

رد عليها وتحدث: أني هيمان ومحاسيش بروحي ولا بچسمي، هيمان وفرحان لدرچة إني خايف أفتح عيوني ليطلع إحساسي دي مچرد سراب وملجكيش چوة حضني بچد.
إتسعت عيناها ذهولا حين إستمعت لحديثه العاشق، أحقا يقصدها بذاك الحديث المعسول؟

شعر بها وبصعوبه فتح عيناه من تأثير حالة النشوي التي إمتلكته، وأبعد وجهها عنه ثم حاوطه بكفيه، نظر لداخل عيناها بهيام ثم مال على جانب شفتاها ووضع قبلة رقيقه حنون وابتعد من جديد ينظر لمقلتيها قائلا: مبسوطة يا صفا؟
أنزلت بصرها سريع وتوردت وجنتيها خجلا وبلحظة حزن داخله حين تذكر تلك المتبجحة وهي تطلب تقربه منها بمنتهي التبجح، شعر بمرارة على من أوهم حاله عمرا بعشقها الواهي الكاذب، ولكن بعد ماذا قاسم!

لما لم تفق مبكرا أيها الأحمق عدو حالك
لو انك فقت باكرا لكنت كفيت حالك وكفيت تلك العالية شر ما صنعت يا فتي
نفض من رأسه تلك الأفكار المؤرقة لقلبه، وألتقط من فوق الكومود تلك العلبة الصغيرة وفتحها وأخرج منها خاتم رائع الصنع، أمسك أصبع يدها وألبسها إياه تحت ذهول تلك التي أشرفت على توقف قلبها من شدة سعادتة التي تخطت عنان السماء، أيعقل أن يتحقق كل ما تمنته طيلة أعوامها المنصرمة بأكملها في ليلة واحدة!

صوب نظرة داخل مقلتيها ثم رفع أصبعها إلى فمة وأمتصه بين شفتاه بمنتهي الإثارة لتلك التي تفتح فاهها وتنظر إلية ببلاهه وعيون متسعة غير مستوعبة ما يحدث معها
نظرت إلى الخاتم بإنبهار وسعادة لم تحظي بمثلها طيلة حياتها، لم تعي على حالها إلا وهي ترمي بحالها لداخل أحضانه وتلف ذراعيها حول عنقة بسعادة بالغة وتحدثت بنبرة تهيم عشق: بحبك يا قاسم، بحبك.

شعر بروحه تتراقص على أنغام كلمات غزلها له وإعترافها الصريح بعشقه، شدد من ضمتها وتحدث: وأني عاشجك وعاشج روحك يا نبض جلب قاسم.
ضل متشابكان الأحضان ويشددان من ضمتهما لبعض، على مضض أبعدها من أحضانة ونظر بعيناها وتحدث مبتسما بنبرة حماسية: محضر لك مفاچأة!
نظرت لداخل عيناه متلهفة باقي حديثة فأكمل هو: حچزت لنا إسبوع في فندج في شرم الشيج، وأكمل بغمزة وقحة من عيناه: لجل ما نچضي فيه شهر عسلنا الچديد يا عروسه.

إبتسمت بسعادة ونظرت إليه بعيون عاشقة فتحدث هو: يا بووووووي، كيف كت غافل أني عن بحر عيونك الغريج دي يا صفا، عيونك بحر غميج ملوش أخر توهت چوات امواچة العالية يا صبية.
وأكمل بغيرة: من إنهاردة معايزكيش تبصي لحد غيري، فاهمة يا صفا؟ عيونك بتاعة قاسم وبس، كلك ملك قاسم يا جلب قاسم
كانت تستمع إلية بذهول غير مستوعبة ما يحدث حولها، أحقا هذا قاسمها!

رجلها التي طالما حلمت به وبضمته تلك، كلماته وغزله ذاك، عيناه ونظرات العشق الهائمة تلك!
أحقا شعر بها وبغرامها المنسي، وبدون مقدمات إنسابت دموعها ونزلت تجري فوق وجنتيها الحمراويتان.
إنتفض قلبه واتسعت عيناه رعب وهتف متسائلا بلهفة: طب ليه البكا عاد يا عيون قاسم!
زعلتك في إيه أني يا نبض جلبي؟!

أردفت من بين شهقاتها: ممصدجاش إني بسمع منيك الحديت دي يا قاسم، كنت فاكرة إن عمري هينتهي جبل ما أسمع منيك كلمة حلوة
نظر لها بعيون حزينة متألمة وأردف واعدا إياها: هعوضك يا صفا، وغلاوة صفا لعوضك وأعوض حالي عن سنين العجاف اللي عيشناها
وضمها لصدره بشدة وكأنه يخاف من فقدانها
بعد مرور وقت طويل وهما ما زالا على وضعهما، تحدثت هي من ببن أحضانه: هجوم أچهز لك العشا.

أجابها مبتسم بنبرة هائمة وهو يشدد من ضمتها ليمنعها الرحيل: معايزش وكل أني، معايزش من الدنيي غير حضنك وبس.
شعرت بسعادة الدنيا داخل قلبها الذي طال إنتظاره للوصول لهذة اللحظة العظيمة، وتحدثت بإصرار: إنت چاي من سفر و لازمن تاكل.
أجابها بحديث وقح ذات معني: ومين جال لك إني مكلتش، أومال أني كت بعمل إية من إشوي.

وضمها أكثر مشددا وهو يتنفس بعمق وتحدث: معايزش أخرچك من حضني تاني يا جلب چوزك، كفاية اللي فات من عمري واني غافل عن سعادتي وراحة جلبي اللي تعبته كتير وياي
إبتسمت له بسعادة، ولكنها تمللت من بين أحضانه وتحدثت بإصرار: هجوم أچهز عشا وناكل وبعدها أني اللي مهخرجكش من حصني يا جلب صفا
أبعد وجهها عنه وتحدث بعيون متوسلة: وعد يا صفا؟

إوعديني إنك مهتبعدنيش عن حضنك مهما حصل، لو في يوم زعلتي مني خلينا نجعد ونتفاهم ونحل مشاكلنا لحالنا من غير مندخلوا حد يكبرها لنا، إوعديني تسمعيني الأول وتفهميني وتحكمي عجلك الكبير يا صفا
وأكمل بعيون صارخة من الألم: ساعات بننجبر على حاچات مكناش حابين إنها تحصل، بس غصبن عنا بنرضخ ونكمل في طريج مريدنهوش
واكمل متوسلا: إوعديني يا صفا.

إبتسمت له وأومات بقلب صافي غير واعي لما يدبر له من خلف ظهرها، وأردفت قائله: وعد مني هكونلك كيف ما بتتمني وأكتر يا حبيبي.
شعر بغصة داخل قلبه ومرارة تملئ حلقة، شعر بمدي حقارته، لقد سقط في بئر سبع وأنتهي الأمر، لكنه سيعافر محاولا الخروج منه لأجل أن يحيا مع تلك الصافية الذي غفل عنها عقله المتمرد.

بعد مدة كان يجلسها فوق ساقية من جديد ولكن بتلك المرة وهو جالس فوق مقعده حول تلك المنضدة المتواجدة داخل المطبخ، غرس الشوكة بطبقه ومد يده إلى فمها ليطعمعها، كانت خجلة للغاية جراء جلوسها فوق ساقية ولولا إصراره على عدم تناوله للطعام إلا هكذا ما كانت فعلتها لشدة خجلها
فتحت فمها وتناولت من يده وبدأت بالمضغ تحت خجلها وسعادة ذاك العاشق المستجد.

تحدثت بنبرة خجلة: كفاية يا قاسم، عمال تأكلني وإنت مكلتش أي حاچة.
أجابها بنبرة عاشقة: بشبع أما بشوفك بتاكلي يا جلبي
إبتسمت له ثم تحدثت بتذكر: قاسم، إنت جولت لچدك على سفرنا؟
وچدي ماله ومال سفرنا يا صفا! جملة تسائل بها مستغرب
أجابته بإرتياب: مش ممكن يعترض؟
إستشاط داخله وتحدث بنبرة حادة: يعترض على إية؟

وأكمل بنبرة حادة صارمة: إسمعي يا صفا، إحنا يمكن إتچوزنا مجبورين منيه، بس بعد إكدة معايزكيش تعمل حساب لحد واصل، حياتنا إحنا اللي هنمشيها على كيفنا ونرتبها حسب اللي يريحنا، كفاية عليه أوامر لحد إكدة.
قال كلماته تلك ولم يدري ما فعله بتلك المسكينة، شعرت بحزن عميق يتملك من قلبها البرئ، وقفت معتذرة بعيون منكسرة وملامح وجة حزينة وتحركت لخارج المطبخ متجهة إلى غرفة نومها.

زفر بحدة ولعن غبائه وتحرك خلفها على الفور، دلف وجدها تجلس فوق تختها منكمشة على حالها تحجز دموعها بشدة، تحرك إليها وجلس بجانبها وقام بسحبها لداخل أحضانه التي وما ان سكنتها حتى إستكانت روحها وأرتعش جسدها بإنتفاضة معلنة عن إستسلامها لدموعها التي إنهمرت بغزارة
وضع كف يده فوق وجنتيها وتحسسها بحنان وأردف قائلا بتفسير لموقفة: والله ما أجصد اللي جه في بالك يا حبيبي، صح چدك غصبنا على الچواز.

وأبعدها عن أحضانه لينظر داخل مقلتيها الفيروزية وأكمل بعيون مسحورة: بس أحلا غصبانية عملها في حياته، تعرفي
نظرت له تنظر باقي كلماته فأكمل مسترسلا بنبرة عاشقة: لولاش كبريائي اللي مانعني كت روحت له ووطيت على رچله وبوستها لجل ما أشكره على الهدية الغالية اللي لو عشت عمري كله أشكر ربنا عليها مش كفاية.

إتسعت عيناها بذهول وأنفرج فاهها بطريقة أذابت قلبه، وما كان منه إلا أنه نزل على شفتاها وبدأ بتقبيلها بطريقة رقيقة أذابتها وأندمجت معه لأبعد الحدود،
فصل قبلتيهما وتحدث بهدوء: صفا، مش عايزك تبجي حساسة إكدة بخصوص الطريجة اللي إتچوزنا بيها، إيا كانت الطريجة فيكفي إنها جربتنا من بعض وعرفتني حجيجة مشاعري ليكي.
أومأت له بطاعة وتحدث هو: جومي نچهز شنطنا عشان هنسافر بكرة الصبح.

تحدثت إلية بنبرة خجلة: بس أني لازمن أتصل بأبوي وأستأذن منيه الاول
قهقه عاليا وتحدث إليها: أبوكي دي كان زمان يا صفا، دالوك زمام إمورك في يد چوزك حبيبك
تحدثت بنبرة حنون: ربنا يخليك ليا يا حبيبي، بس أني مجدرش أعمل حاچة من غير أبوي ما يعرف.

إبتسم لها بتفهم لحديثها وعذر تعلقها الزائد بوالدها، وأخذها داخل أحضانة وضمها بشدة، بادلتة ضمته بسعادة ثم قاما بتوضيب حقائبهم وبعد مدة كانت تغفي فوق ذراعة وداخل أحضانة بنعيم، أما هو فكان يسند رأسها فوق ذراعة ويكبلها بساعدية ضامم جسدها ولاصق إياة بجسدة العاري بشدة، نام براحة وهدوء نفسي لم يشعر به منذ أن تركها وذهب إلى القاهرة وحدث ما حدث.
تري ما الذي ينتظر أبطالنا بشرم الشيخ؟

وكيف ستعلم صفا بزيجة قاسم الثانية!
أم أن الموضوع سيمر بسلاسة ولن يكشف مثلما خطط له قاسم؟
كل هذا وأكثر سنتعرف علية في الفصول القادمة فأنتظروني.
كم أعشق النظر إلى الغيوم في السماء
كم أنها تشبهني وتعبر عني بذكاء، وكأنها تذكرني بروحي، وتذكرني أيضا بعطايا الله لي بسخاء بعد سنوات من العسر والحرمان والجفاء، أشعر عند رؤياها وكأن روحي تحوم وتتراقص بين السحاب، أترقب هطول الغيث لتحوم حوله روحي وتتراقص برخاء، واداعب بأناملي قطرات الماء بصفاء
خواطر صفا النعماني
بقلمي روز امين.

فاقت باكرا من نومتها الهنيئة يتخللها شعور بالراحة والسلام الداخلي لم تحصل على درجتة تلك منذ أن كانت طفلة صغيرة تغفي بسلام داخل أحضان والديها، تملكت من جسدها إنتفاضة عشق أشعرتها بلذة عالية وإرتعاشة حين وجدت من يكبلها بساعدية ويحتضن جسدها بلهفة وينظر إليها وجنون العشق يطل من مقلتية الساحرتان،
إبتسمت له بسعادة وتحدثت بنعومة ودلال: صباح الخير يا حبيبي.

مال عليها وإقتطف قبلة ناعمة بجانب شفتها ثم نظر إليها وتحدث بعيون هائمة في سماء عشقها الهائل: توها الشمس طلعت وسطع نورها لما صفا فتحت عيونها.
إبتسمت له بسعادة وتسائلت: هي الساعة كام؟
أجابها بوجه بشوش: الفچر أذن من ساعة ولازمن نجوم علشان نلحج ميعاد الطيارة
وتسائل هو بإهتمام: نمتي كويس؟
أجابته وهي تتمطئ بين يداه بدلال انثوي أثار ذاك العاشق وجعل قلبه ينتفض عشق: عمري ما نمت براحة كيف ما نمت إنهاردة.

واكملت ضاحكة: صحيت مرتين وفي كل مرة ألاجيك مشدد عليا ومكتفني بإديك كيف اللي خايف لأهرب منيك.
أجابها بعيون حنون: لو هربتي من ضمة جسمي مش هتعرفي تهربي من جلبي اللي روحك بجت معششه جواة يا نبض جلبي.
أهرب كيف وأني ما صدجت إني أترمي في حضنك يا حبيبي، جملة حنون قالتها صفا بنبرة صارخة معترفة بعشق ذلك القاسم.

ضمها بشدة لداخل حضنة ودفن أنفه داخل خصلات شعرها ليشتم رائحته المسكية التي بات يعشقها وتحدث وهو يعتصرها لداخل حضنة: إوعي في يوم تسيبي حضني يا صفا، لو بعدتي عني هضيع ويمكن وجتها تموت روحي اللي مصدجت إني لجيتها في ضمتك
نظرت له بعيون مترقبة ثم تسائلت بنبرة مستفسرة: مالك يا قاسم؟
إنت لية من وجت ما چيت وإنت كل كلامك غريب وكل شوي تجول لي متبعديش، متسبنيش؟

صرخ قلبه متألم يحسه على أخذ الخطوة بالإعتراف لها وتخليص حاله من حالة تأنيب الضمير والشعور المميت بالذنب الذي يلازمة منذ أن وصل إليها ليلة أمس وبادر بأخذها لداخل عالمه وأندماج روحيهما وجسديهما معا،.

لكنه عاد لرشده من جديد لتيقنه أنه لو قام بمصارحتها بوقته الحالي لم ولن تتفهم علية وتتقبل تصرفاته، ففضل إسدال الستار عن تلك الرواية وإبعادها عنها على الأقل بالوقت الراهن، ولحين بناء جسورا بينهما من الثقة ومتانة حالة عشقهما أكثر مما هي علية.

تنهد ونظر لداخل عيناها ثم أحاط وجهها بكفية برعاية وحنان وتحدث بنبرة عاشقة لمست قلبها البرئ: أني حبيتك جوي يا صفا ومصدجت إني لجيتك وضميتك لحضني وحسيت بالراحة، من كتر ما أني مبسوط ومرتاح وياكي خايف لتضيعي مني ولا تحصل حاچة تبعدك عن حضني.

كانت تستمع إلية بقلب منتفض يريد الصراخ والصياح عاليا ليعلن للعالم أجمع أنه وأخيرا متيمها ومالك روحها شعر بقلبها المعذب وليس هذا وفقط، بل وأصبح يعشق قلبها ويتخوف من إفتقادة، يا له من شعور لا يوصف ولا توجد كلمات معبرة تعطيه قدر ما يستحق.

وضعت أناملها الرقيقة تحاوط بهما وجنته وتحسستهما بنعومة وتحدثت إلية بنبرة مطمأنة لروحة ولقلبه الذي أصبح عاشق بجنون بين ليلة وضحاها، ولكن أيعقل أن يصل المرء لمرحلة العشق الهائل تلك خلال هذه المدة البسيطة؟
أردفت صفا بعيون تنطق بإسم الهوي: طمن بالك يا حبيبي، الحاچة الوحيدة اللي ممكن تبعدني عنك هي الموت، غير كدة عمري ما أجدر أبعد عن ضمة حضنك اللي ياما حلمت بيها.

علي الفور وضع أصابع يده فوق شفتيها ليمنعها من إكمال حديثها وتحدث بعيون مرتعبة ونبرة رافضة: إوعي اسمعك تچيبي سيرة الموت مرة تانية على لسانك،
ثم ضمها بقوة وأغمض عيناة وتنهد بتألم وتحدث بنبرة تصرخ حنان: بحبك يا صفا، بحبك ومعاوزش من دنيتي كلاتها أي حاچة غيرك، والله العظيم معاوز أي حاچة غير إني أكون معاك وتفضلي چوة حضني.

إبتسمت بنعومة ثم وضعت كف يدها الرقيق فوق ظهره وتحسسته بحنان وأحتواء، كم كانت غريبة ودخيلة تلك المشاعر الهائلة على هذا المسكين الذي عاش حياته مفتقدا للمعني الحقيقي للإحتواء، ولم يتذوق لشعور الحنان طعم سوي بداخل أحضان تلك الشفافة، صافية القلب والروح.

إبتعد قليلا عن أحضانها ونظر بهيام لداخل فيروزتيها وأبتسم ثم أقبل عليها ومال، وتناول شفتاها وبدأ يتذوق شهد عسلها السائل على فمها بهدوء ونعومة، سرعان ما تحول إلى شغف جارف سحبهما داخل عالم السعادة اللذان بات يتذوقان بداخلة أحلا شراب من العسل الخام الذي ينعش روحيهما ويجعل الحياة أكثر جاذبية بنظريهما، بات يذيقها ويزيدها من العشق ألوان كي يسعد قلبها ويعوضها غيابه القاسي كل تلك السنوات.

بعد مده كانت تقف داخل كبينة الإستحمام بين أحضانة تحت صنبور المياة الذي يغمر جسديهما معا ويداعبها هو ويدللها بغمر جسدها بالماء وسائل الإستحمام بدلال ورعاية وإهتمام تحت خجلها الهائل الذي يزيده رغبة بها، حقا كان يعاملها كطفلتة المدللة التي يخشى عليها من كل شئ حولة.

بعد مدة خرج من غرفة نومهما مرتدي ثيابه كاملة حاملا بيداه حقيبتي ملابسهما، دارت عيناه تجوب المكان للبحث عنها وهدأت روحه حين وجدها تقف بجانب النافذة المتواجدة بالصالة وتطل على حديقة السرايا، كانت تتحدث بهاتفها بنبرة جادة عملية، تحرك بالحقائب نحو الباب الخارجي ليخرجهما، وبالفعل وضعهما أمام الباب وأعاد غلقة من جديد وأتجة إليها، وقف خلفها وضم جسدها إلية ودفن وجهه داخل تجويف عنقها ثم أغمض عيناه وتنهد براحة،.

إرتعش جسدها بلذة جراء تقربه المفاجئ لها لكنها تمالكت من حالة بعثرة مشاعرها التي تصيبها كلما إقترب منها متيم قلبها،
إستعادت توازنها وتحدثت بنبرة أكثر عملية قائلة: تمام يا دكتور، واني هتابع معاك على التليفون سير الشغل خطوة بخطوة، ولو عوزت أي حاچة لحد ما أرچع من أچازتي الباشمهندس يزن موچود.

لم يدري لما إشتعل جسدة بنار الغيرة عندما تيقن بفطانتة أنها تحادث ذلك الثئيل الذي يدعي بياسر، زفر بضيق شعرت هي به فأنهت مكالمتها سريع
وتحدثت بإلهاء لذلك المكبل لها بشدة: طلعت الشنط برة يا حبيبي.
أومأ لها بهزة رأسه ثم تنهد وتسائل بنبرة متحفظة: كنت بتكلمي اللي إسمة ياسر؟
تنفست بهدوء لعلمها عدم تقبله لشخص ياسر فتحدثت بهدوء: كنت ببلغة إني في أجازة لمدة إسبوع.

إبتعد عنها بجسده وهتف بنبرة حادة غاضبة: وهو مال اللي چابوة بأچازتك من عدمها، بتاخدي الإذن منية إياك؟!
تنهدت ونظرت إلية بحيرة وتعجب لغضبه المبالغ به من ياسر وتحدثت بنبرة هادئة كي تسترضية: مالة كيف بس يا قاسم، هو مش مسؤول معايا في إدارة المستشفي ولازم أعرفة كل خطواتي لجل ما يعمل حسابة ويوزع الكشفات بتاعتي علية هو والدكاترة.

إمتعضت ملامح وجهه وظهر عليها الغضب فأقتربت علية وبسطت يدها واضعة كف يدها الرقيق لتتلمس به ذقنة النابتة التي تدعوها للإثارة والجنون وتحدثت بنعومة مبالغ بها: بلاش تكشيرتك دي علشان خاطري، دي أول خروچة ليا معاك، يرضيك نجضيها وإنت مكشر في وشي إكدة!

علي الفور لان جسده المتيبس وإنفرجت أساريره وكأن بلمستها السحرية قد سحبت ما بداخلة من غضب وثورة، أمسك كفها الموضوع على وجنته وشدد علية ثم قربه من فمه ووضع قبلة حميمية بشفتاه بطريقة جعلتها تبتلع لعابها
فتحدث وهو يلف خصرها بذراعة محاوط إياه بحماية ويحثها على التحرك: طب يلا بينا ننزل حالا علشان لو فضلنا إهني أكتر من إكدة هيروح علينا حچز الطيارة، ويمكن منخرجوش من إهني لحد الإسبوع كلاته ما يعدي.

إبتسمت بنعومة وتحركت بجانبة واتجها معا نحو الدرج متشابكين الأيدي، كانت تتدلي وهي تنظر لداخل عيناة بوله وعيون عاشقة حتى النخاع،
في تلك الأثناء كانت تخرج من المطبخ ممسكة بيدها صحن كبيرا ملئ بالبيض الناضج في طريقها به إلى وضعه على سفرة الطعام،.

إستمعت لهمهمات وضحكات خفيفة تأتي من أعلي الدرج، رفعت قامتها بتوجس لتكذيب اذناها التي إستمعت لذاك الصوت التي تحفظة عن ظهر قلب، وبلحظة شهقت بصدمة وأتسعت عيناها بذهول، من يراها بتلك الهيئة يتيقن أنها رأت غولا مقبلا عليها كي يلتهمها، لم تستطع السيطرة على التماسك فأنفلت من بين يداها القدر وتبعثرت وحدات البيض حولها بشكل فوضوي، خرجت نجاة من المطبخ سريع على صدي الصوت وتحدثت: خبر إية يا فايقة، إية اللي حصل!

نظرت فايقة وهتفت بفحيح موجهه حديثها إلى قاسم بذهول: قاسم، إنت بتعمل إية إهني؟
وميتا چيت من مصر!
نظرت لها صفا وقطبت جبينها مستغربة حالة تلك المرأة العجيبة التي ترمقهما بنظرات نارية لو اطلقت لها العنان لأشعلت المنزل بأكملة
شدد هو من ضمة يد حبيبته وتحرك بها للأسفل برأس شامخ وقامة مرتفعة
سبقتة حسن بالإجابة قائلة وهي تنحني بجسدها لتلتقط وحدات البيض: سي الأستاذ قاسم چة بالليل متأخر بعد البيت كلياته ما نام.

رمقته بعيون غاضبة وقلب مشتعل حين تحدثت نجاة بإبتسامة حانية مرحبة: حمدالله على السلامة يا ولدي، چدك وعمامك جاعدين برة في الفراندا بيشربوا شاي بحليب، خد مرتك وأطلع لهم على ما الفطور يچهز والشباب ينزلوا من فوج وتفطروا ويا بعض
أومأ لزوجة عمه وشكرها ودلف بجانب ساحرته متجاهلا تلك التي أشرفت على الإصابة بذبحة صدرية جراء ما أصابها من خيبة أملها بولدها البكري الذي يحاول دائما إفشال مخطتها.

تحرك للخارج وتبادلا السلام مع الجميع تحت سعادة عثمان التي تخطت عنان السماء عندما رأي تشبث قاسم بيد صفا وراحة وجهه الظاهرة وهو ينظر إليها، وما زاد من سعادته هي تلك الصافية والفرحة التي سكنت عيناها وباتت ظاهرة كالشمس لكل من ينظر إليها
نظر قاسم إلى حسن وأردف قائلا بنبرة رحيمة: خلي بدرية تطلع تچيب الشنط اللي چدام الشجة وتچيبهم إهني يا حسن،
هتفت فايقة متسائلة بنار شاعلة: شنط إية دي يا قاسم؟

أجابها وهو ينظر لداخل عيناها بجمود: مسافر أني ومرتي هنجضي أسبوع في شرم الشيخ
قهقة قدري عاليا وتحدث لصغيرة المتمرد قائلا بإستحسان وهو يتخيل وجة تلك الشمطاء المسماة بكوثر: عفارم عليك يا قاسم، إبن النعماني صح.
رمقتة فايقة التي تكاد أن تصاب بالجنون وهتفت بحدة: وشغلة اللي في مصر يا أبو قاسم، هيهمله ويجعد چار الست صفا إياك؟

إستغرب الجميع حدتها بالحديث ونبرتها الغاضبة مما جعل رسمية تهتف متسائلة إياها بنبرة ساخرة: چرا لك إية يا فايقة، اللي يشوف خلجتك المجلوبة يجول إن صفا دي ضرتك مش مرت ولدك.
إبتلعت حديثها وباتت ترمق صفا بنظرات حادة غاضبة
في حين تحدث الجد وهو يشير إليه بملامح وجه مستكينة: إجعد يا قاسم إنت ومرتك إشربوا الحليب على ما الفطور يچهز ونفطروا كلياتنا ويا بعض.

تحدث معترض بنبرة هادئة: مهينفعش يا چدي، إحنا يا دوب هنسلم على عمي زيدان على الواجف إكدة ونتحرك بسرعة عشان نلحج ميعاد الطيارة، نبجا نفطر في شرم إن شاء الله
وافقة الجد وطلب منه أن يهتم لأمر إبنة عمه ويهاتفه حين يصل مباشرة كي يطمأن على غوالي قلبه.

أتت بدرية بالحقائب حين هتف قاسم منادي بأعلي صوته على الغفير عوض الذي يقف خارج بوابة القصر الخارجي، مد يده مناولا له مفاتيح السيارة وطلب منه أن يحمل الحقائب ويضعها داخل صندوق السيارة الخلفي
ثم تحرك تحت نظرات فايقة المسلطة فوق صفا التي رأت بها نسخة ورد المصغرة وبصغيرها شبح عشق زيدان الذي بات يؤرقها طيلة السنوات الفائتة.

داخل منزل زيدان، كانت تشدد من ضمتها لوالدها الذي يحتويها بذراعية داخل احضانة ويمسح فوق حجاب رأسها بحنان، تنفست براحة
فتحدث ذاك الواقف يتطلع عليهما بإعجاب واحترام لتلك العلاقة الصحية: لو فضلنا على إكدة مهنلحجش الطيارة يا صفا؟
اخرجها زيدان ثم حاوط وجنتيها بكفي يداه وتحدث بنبرة حنون: معيزاش حاچة؟
حولت بصرها إلى حبيبها وتحدثت بنبرة جريئة جديدة عليها: هعوز إية وأني ويا چوزي يا أبوي، ربنا يخلية ليا.

وهنا تسلل إلى قلبه شعور يتعرف علية لأول مرة، لأول مرة يشعر بأنة رجل مسؤول عن حبيبة وضعت كل ثقتها وحملها على أكتافة الصلبة وعلية أن يعمل جاهدا كي يثبت لها أنه على قدر المسؤلية التي وضعت على عاتقة.
سعد داخل زيدان عندما لمح سعادة صغيرته التي تملكت من روحها ورأي تبادل نظرات العشق التي يحفظها عن ظهر قلب، ومن أدري بحال العشق وأهله أكثر من زيدان العاشق.

تحدثت ورد إلى قاسم الذي يجاورها الوقوف لتحثه على رعاية صغيرتها: خلي بالك منيها زين يا قاسم.
نظر لداخل مقلتي ساحرته وتحدث بنبرة هائمة متناسيا من حولة: ما تجلجيش يا مرت عمي، صفا جوة جلبي وقافل عليها بضوعي.
نظرات عاشقة متبادلة بين ذاك الثنائي التي تكاد تتطاير من أعينهم قلوب حمراء وتتراقص من حوليهما ضارببن بكل شئ عرض الحائط سوي عشقهما الوليد، يتعاملان وكأن العالم قد خلي من الجميع إلا هما.

نظرت ورد إلى زيدان بإندهاش مذهل لحالة ذلك القاسم التي تغيرت على النقيض، تحدث زيدان بنبرة تهكمية ليجعلهما يستفيقا من حالتهما تلك: قاسم، الطيارة عتفوتكم يا حبيبي.
وعت هي على حالة هيامها وسحبت بصرها ونظرت أرض من شدة خجلها، إقتربت عليها والدتها واحتضنتها برعاية وتحدثت: خلي بالك على حالك وعلى چوزك يا بتي، وكلي زين عشان وشك أصفر ومعاچبنيش اليومين دول.

أومأت لوالدتها ثم تحركت بجانب زوجها واوصلوهما والديها إلى الباب الخارجي وأنتظرا حتى إستقلا سيارتهما تحت نظرات الجميع المودعة لهما، نظرت فايقة على زيدان الذي يحاوط صغيرته بنظرات متلهفة قلقة وهي تتحرك بسيارة قاسم التي غادرت بإتجاة المطار.

وأبتسمت بجانب فمها شامتة منتظرة على أحر من الجمر اليوم التي ستنكشف به حقيقة زواج قاسم على إبنة زيدان وورد، بل ومدللتهم العالية التي ستصبح إضحوكة جميع من في النجع عندما يعلمون أن تلك الطبيبة والتي يتباهي بها زيدان بين الناس، فضل زوجها عليها إمراة أخري بعدما إفتقد لوجود الراحة والسكون وانعدامهما.

إشتعل داخلها وأختفت بسمتها عند إستماعها لعتمان الذي وجه حديثه إلى زيدان قائلا بصوت جهوري: هات مرتك وتعالي إفطروا ويانا يا زيدان، عاوز اتكلم معاك بعد الفطار شوي
تحدث إلية بوجة بشوش وطاعة عمياء: أوامرك يا أبوي.

أمسك كف ورد وتحركا للداخل لإرتداء ثياب تناسب خروجهما من منزلهما، وبعد قليل دلف لداخل غرفة طعام العائلة بجانبه ورد التي تبتسم بسعادة تحت إشتعال روح فايقة وهي تري الرجل الوحيد التي تمنت وحلمت بضمة حضنه، وهو يجاور المرأة الوحيدة التي أضاءت شعلة الغرام بداخل قلبه العاشق.

أسرعت فايقة إلى الحديقة الخلفية وأخرجت هاتفها وضغطت زر الإتصال بكوثر وباتت تتلفت حولها يمين ويسارا مثل اللصوص وهي تترقب الرد.

كانت تجاور صغيرتها الباكية بعدما هاتفتها ليلا وقصت على مسامعها كل ما حدث، غضبت كوثر كثيرا و ودت أن تذهب لإبنتها على الفور لكنها تمالكت من حالها كي لا تظهر قلقها أمام رفعت الذي رمى عليها مسؤلية ما حدث معه ومع إبنته، فكظت غضبها وتحملت كي لا يشعر هو عليها، في الصباح أسرعت إلى مسكن إبنتها بعدما ذهب رفعت إلى عمله.

صاحت تلك الغاضبة قائلة بنبرة صوت حادة: شفتي عمايل إبنك المحترم، بقا فية واحد إبن أصول ومتربي يسيب عروستة لوحدها يوم صباحيتها ويسافر
هتفت بها فايقة التي لا تقل غضب عنها بل وتفوقها بألاف المرات: بطلي نويحك ده يا مرة وإحكي لي اللي حصل بالراحة لجل ما أفهم.

تحدثت كوثر بصياح مصطنع وهي تتطلع إلى إيناس الجالسة تترقب للحديث بقلب مشتعل محترق: اللي حصل إن إبنك شايف دلاله أوي على بنتي وبيستقوي عليها إكمنه عارف ومتأكد إنها بتعشقة،
وأكملت بنبرة تهديدية: بس ورحمة أمي لو ما أتعدل لاكون واقفة له ومعرفاة مين هي كوثر، هو فاكرها ملهاش حد يقف معاها ويوقفه عند حدة، لاااا ده يبقا غلبان أوي لو فكر بالشكل دة.

صاحت فايقة بصراخ وتحدثت بضيق: يا ولية جولي لي إية اللي حصل وبطلي ندبك ده على الصبح
تمالكت كوثر من حالة الغضب الكاذب التي إدعتها أمام تلك البلهاء كي تبث الرعب داخل قلبها لتحث صغيرها وتجبره على التعامل مع إيناس كزوجة طبيعية له، وبدأت بقص ما حدث عليها
تحدثت فايقة بنبرة تهكمية: بتك كنها خايبة وهتغفلجها على دماغنا كلياتنا، بجا معرفاش تشد راچلها وتخليه يدخل عليها؟!

وأكملت بنبرة تهكمية: أومال لو مكانتش محامية وشغلها كلياتة خطط وألاعيب
تسائلت كوثر بتخابث: تقصدي ايه بكلامك ده؟
أجابتها بفحيح: أجصد إنك تتصرفي وتوعي بتك لجل ما تحاول بأي طريجة تغرية وتخلية يدخل عليها وتحبل منية كمان،
وأكملت بنبرة حادة غاضبة: إنتوا إكدة بتخربطولي حساباتي خربيط.

أغلقت كوثر معها بعدما إتفقتا على ما يجب فعلة، إستمعت إلى صوت جرس الباب، تحركت إلية وجدت عامل توصيل الطلبات التي طلبت منه وجبات متعددة باهظة الثمن، وقامت بتسديد ثمنها من الأموال الكثيرة التي تركها قاسم فوق المنضدة الجانبية للباب الخارجي قبل رحيله
تحركت بالطعام وأفترشتة على السفرة بطريقة عشوائية دون إفراغة ورصه داخل صحون
وتحدثت وهي تحث إبنتها على النهوض: تعالي يا إيناس علشان تاكلي.

وقفت منتصبة الظهر وتحركت إلى والدتها ثم نظرت إلى الطعام وتحدثت بعيون متسعة بذهول:
إية الأكل ده كله يا ماما؟
ومين أصلا اللي هياكل حمام محشي وكباب وكفتة وشاورما ومحاشي على الصبح؟!
رفعت لها قامتها وتحدثت وهي تمد يدها وترفعها إليها بحمامة منتفخة جراء حشوها بالأرز وذات لون ذهبي داكن يشهي العين والنفس لمن ينظر إليها: إقعدي كلي واللي هيتبقي هاخدة معايا لأبوكي وعدنان علشان مش قادرة أعمل غدا إنهاردة.

جلست بجانبها وتحدثت بنبرة يائسة: أنا هتجنن من اللي حصل يا ماما، مش قادرة أستوعب، معقولة ده قاسم اللي كنت بحركة على كيفي زي حصان الشطرنج؟
وأكملت بذهول: ده إتحول وكأنة بقا واحد تاني أنا معرفهوش.
إبتسمت كوثر ساخرة وقضمت قطعة من الحمام داخل فمها وتحدثت أثناء عملية المضغ قائلة: الواد ده مطلعش سهل وقفل زي ما كنا فاكرينة، ماهو بالعقل كدة، ناس زي قدري وفايقة هيخلفوا إية غير شيطان وطماع زيهم.

نظرت لها إيناس وتسائلت مستفهمة: تقصدي إية بكلامك ده يا ماما.

هتفت كوثر مفسرة: أقصد إن قاسم ده طلع داهية ودماغة شغالة وعامل لكل خطوة حساب، هو مشي وراح مخصوص لبنت عمه علشان لو الموضوع إتعرف فيما بعد يقول لعمة ولجدة إنه كان مغصوب على الجوازة، والدليل إن يوم فرحة سابك وراح لها، وأكملت بإبتسامة ساخرة: وبكدة الهبلة اللي هو متجوزها هتصدقة وتغفر له ومتخليش أبوها يخرجة من الجنة اللي دخلها برجلية وهيلاقي فيها العز اللي عمرة ما كان يحلم بربعة.

قاطعتها إيناس معترضة: بس قاسم عمرة ما كان مادي ولا طماع يا ماما.
أجابتها برد قاطع ويقين: ده اللي هو حب يظهره في شخصيتة لينا علشان نشوفة كدة ونحترمة، لكن الحقيقة إن هو ما يفرقش في أي حاجة عن الشياطين اللي مخلفينة، بالعكس، ده يزيدهم لأنة بيخطط في الخفي بذكاء وخبث.
تسائلت إيناس بإرتياب: طب قولي لي هتصرف إزاي أنا معاه الوقت بعد اللي عملة معايا ده؟

إنتقت قطعة من اللحم المشوي ورفعتها لمستوي عيناها وباتت تقلبها بين أصبع يدها بتمعن وتحدثت ببرود: ولا حاجه، هتصبري لحد ما يرجع وبعدها هنشتغل له في الأزرق، وأكملت بتقليل واستهانة: وبعدين إنت ناسية كلام عدنان عن البنت اللي هو متجوزها، واسترسلت حديثها بتفاخر: سبيني أنا اتكتك له على الهادي وإنت نفذي لما يرجع، وخلينا نشوف إبن فايقة هيقدر يتحمل ويمسك نفسة لحد أمتي.

وأردفت بتحذير: المهم إنت ماتخرجيش من هنا خالص وإقفلي تلفونك، وأنا اللي هيسألني من أصحابك أو قرايبنا هقول لهم إنكم سافرتم إسبوع عسل، واللي عاوز ييجي يبارك لكم يبقا ييجي الاسبوع الجاي، لما يبقا البية يوصل بالسلامه.

داخل مسكن فارس ومريم، خرج من غرفتة يهندم جلبابه ويعدل من عمامة رأسه ناصعة البياض، نظر إلى غرفة صغيرته التي تختبئ خلف جدرانها تلك المتمردة التي أعلنت مؤخرا ورفعت راية عصيانها علية، زفر بضيق لشعورة بالإختناق وبأن الوضع بدأ يزداد سوء بينهما، خصيصا بعد تجاهلها الكامل وتلاشيها الذي يشعره بإهانة رجولتة على يداها.

تحرك إلى باب الغرفة وفتحه سريع دون طرق، إنتفض جسدها رعب وقامت بإغلاق زرائر كنزتها بإرتباك وهتفت بنبرة حادة لائمة: فيه حد يدخل على حد من غير إحم ولا دستور إكدة؟

أشارت الصغيرة الجالسة فوق التخت إلى أبيها بسعادة فتحرك إليها وألتقطها لداخل أحضانة وهو ينظر إلى تلك التي تخبئ جسدها بعيدا عن نظراته المتفحصة، فأراد أن يستشيط غضبها أكثر حيث أنه مؤخرا أصبح يشتاق للجلوس معها أو حتى تواجدها والمرور من أمام أعينة مثل سابق
وتحدث بنبرة باردة: هستأذن وأني داخل أوضة بتي لية إن شاء الله، داخل لرئيس الحي إياك؟

أجابته بنبرة حادة وهي تلف حجابها وتضع لمساتها الأخيرة للتأهب لذهابها للمشفي: تستأذن علشان الدين والإصول بيجولوا إكدة يا محترم، ولا أنت خلاص، بجت مغمي عيونك على كل شى حتى عن الأصول؟
قالت كلماتها وتحركت إلية وألتقطت طفلتها من بين أحضانة بطريقة عنيفة أرعبته، لا يدري لما أصابة شعور بالتخوف عندما وجدها تتحرك بطفلته قاصدة باب الشقة التي فتحته بعنف ومنه إلى الأسفل، تحرك خلفها بقلب محمل بأثقال من الهموم.

دلفت مريم وتلاها فارس إلى غرفة الطعام وجدوا الجميع يتناولون الطعام فتحدث فارس إلى زيدان بنبرة محبة: وأني أجول البيت زايد نورة لية، أتاري عمي زيدان ومرته منورينا
إبتسم له وشكرة هو و ورد تحت غضب فايقة، حين تحدثت الجدة بإهتمام: إجعد يا ولدي كل، إنشغل الجميع بتناول طعامة، تحت إستشاطة قلب فايقة وإشتعال جسدها بالكامل.

داخل الطائرة المتجهه إلى شرم الشيخ
كانت تجلس بالمقعد المجاور للنافذة مسلطة ببصرها على مجاورها وعاشق أنفاسها تنظر إلية بعيون تنطق عشق، مكبلا هو كف يدها الذي لم يتركه منذ أن خرج من مسكنهما للأن، وكأنه يرتعب من فكرة إبتعادها عنه أو تركه
سألها بإهتمام: سافرتي شرم الشيخ جبل إكدة؟

أجابته نافية: لا، أول مرة هروحها، سافرت مع أبوي وأمي الغردجة والعين السخنة والساحل الشمالي وأماكن تانية كتير، بس عمري ما سافرت شرم
أردف قائلا بتأكيد: شرم مدينة چميلة وهتعچبك جوي.
سألته بنبرة حماسية: روحتها جبل إكدة؟
أومأ لها متحدث: روحتها كذا مرة مع أصحابي وكمان حضرت فيها مؤتمرات خاصة بنقابة المحامين
وتحدث إليها: إن شاءالله أظبط شغلي الفترة اللي چاية وأخدك ونسافر برة مصر في البلد اللي تشاوري عليها.

هتفت بنبرة حنون صادقة وعيون هائمة في عشق حبيبها: مش مهم عندي المكان يا قاسم
وشددت من إحتضانها ليدة وأسترسلت: المهم عندي تكون معايا وتفضل ماسك ومشدد على يدي زي ما أنت عامل إكدة
كيف أسيبك بعد ما لجيت فيكي روحي التايهه اللي عشت عمري كلاته وأني بدور عليها، وما صدجت لجيتها چوة ضمة حضنك، كانت تلك كلمات معبرة بصدق عن مشاعره.

كانت تنظر له بإهتمام وأنبهار بكل كلمة تخرج منه فتحدث منبهرا أمام عيناها: عيونك حلوين جوي
وتحدث متذكرا بنبرة غائرة: مين اللي كان بيجول لك عيونك حلوين يا صفا؟
ضحكت متذكرة وتحدثت: هو إنت لساتك فاكر.
هتف بحدة مقاطعا حديثها بنبرة غير قابلة للمزح: مين اللي كان عيجول لك عيونك حلوين؟
أجابته بنبرة قوية شامخة: محدش يجدر يتجرأ ويجول لي إكدة لأن طول عمري وأني حاطة حواچز بيني وبين الناس عشان محدش يتخطي حدودة وياي.

سألها: اومال جولتي لي وجتها لية إكدة؟
شددت من مسكة يدها ليدة وتحدثت بإعتراف: عشان أشعللك وأضايجك كيف ما كنت بتضايجني بحديتك الماسخ.
تحدث إليها بنبرة حادة ونظرات محذرة: طب ياريت متكرريهاش لأنك هتشوفي وش عمرك ما كنتي تتخيلية
ضحكت فأكمل هو بحدة: إتجي شر غيرتي العامية يا بت زيدان، عشان لو المارد اللي چواتي طلع، الله الوكيل ليغفلجها على الكل.

شعرت وكأن روحها تتراقص من شدة سعادتها ومالت على كتفه واضعة رأسها علية بسعادة مما جعل إبتسامة جميلة تزين ثغره ورفع كفها ووضع به قبلة حنون وتنهد بثقل.

داخل مدينة شرم الشيخ
تحركت بجانبة داخل الأوتيل الشهير الذي إحتجز به قاسم جناح كاملا لأجل دلال أميرتة، وذلك قبل عقد قرانة على إيناس بثلاثة أيام حيث قرر أن يكون هذا بمثابة إعتذار على ما بدر منه في حقها وهو منساق بمنتهي الغباء
وقف أمام موظف الإستعلامات وبعدما إنتهي من ملئ جميع البيانات وأنهائة الإجراءت المطلوبة منهما، تحدث إلية الموظف ببشاشة وجه: نورتونا يا أفندم.

وتحدث إلى العامل: وصل الباشا ل Suite 1 4 يا حسين.
شكره وتحرك خلف العامل الذي يحمل حقائبهما، ومازال هو يحتضن كف يدها برعاية، دلف العامل وأدخل الحقائب وظل قاسم يقف خارج ينتظر خروج العامل،
خرج العامل وشكره قاسم بعدما أعطاه ورقة مالية من الفئة المتوسطة، وأنتظر حتى أختفي العامل من الرواق بأكملة تحت إستغراب صفا.

ثم وبدون مقدمات مال بجزعه وقام بحملها بين ساعدية القويتان ونظر لداخل عيناها وتحدث بغمزة وقحة أعجبتها: إنهاردة هتكون دخلتك اللي بجد يا عروسة.
وتحرك بها إلى الداخل تحت إنبهارها من تصرفه، ذهلت عيناها مما شاهدته أمامها، فقد أخبر قاسم سابقا إدارة الأوتيل بأنه حديثي الزواج ويريد حجز Suite خاص مجهز بكل ما يليق للإحتفال بليلة مميزة كليلة زفافه وعروسة.

كانت تتطلع حولها بإنبهار تام، نظرت إلى ورقات الورود بألوانها المتناسقة المنثورة بأرضية المكان بشكل يجذب البصر، وأيضا فوق التخت وكتبت إسميهما معا بعناية فائقة داخل رسمة قلب كبير.

والشموع ذات الروائح العطرية الموضوعة فوق المنضدة التي تتوسط الغرفة، ويوجد عليها أيضا سلة فواكة مليئة بالأنواع المختلفة المتنوعة، وبعض حبات الشيكولاتة المحببة لدي تلك العاشقة، وأيضا أنواع الحلوي الشرقية التي تعشقها هي بجانب عصير التفاح، مع تشغيل موسيقي ناعمة أدخلتهما في حالة مزاجية حسنة، حقا قد تفنن ذلك العاشق في إختيار جميع الأشياء التي تسعد قلب صغيرتة.

نظرت لداخل عيناه وتحدثت بعيون مغيمة بدموع فرحها: قاسم
أجابها وهو يقربها من صدره ويضمها إلية مداعب أنفه بأنفها: عيون قاسم وجلبة من جوة
لفت ذراعها حول عنقه تحتضنه مشددة من ضمتها الحنون وتحدثت بسعادة هائلة: كل ده عملته علشاني؟!
أنزل ساقيها وأوقفها بمقابلته بهدوء وأحاط وجنتيها بكفية وتحدث بنبرة نادمة متألمة: نفسي أمحي من جواكي ليلة دخلتنا واللي حصل فيها.

وأكمل بعيون متوسلة: إنسيها يا صفا علشان خاطري، عاوز ليلتنا دي تتحفر جوة ذكرياتك وتكون هي البداية، بداية السعادة وبداية حياتنا الحقيقية، نفسي أعيش معاك حياتي في راحة وهدوء وحب، نفسي أخلف منك ولاد كتير ونربيهم على الحب والتفاهم والحوار، وأكمل واعدا إياها: أوعدك إني من إنهاردة عمري ما هعمل أي حاجة تزعلك مني، هكون لك الزوج والعاشق والأخ والصديق الوفي، هكون لك فارس أحلامك اللي بيتمني إشارة واحدة منك ويسابق الزمن علشان يلبي الندي.

ثم ضمها لداخل أحضانة وشدد عليها وتحدث بتمني وهو مغمض العينان: بس إنت إوعديني إنك متبعديش عني يا صفا، إوعديني ما تسمحيش لأي حاجة حصلت في الماضي بإنها تنغص علينا وتوقفنا عن الإستمرار في حياتنا اللي حابين نبنيها مع بعض
كانت تستمع إلية بدموع منهمرة من مقلتيها بغزارة
وهل فيها أن تبتعد عن من عاشت حياتها بالكامل تتأمل نظرة رضا واحدة من عيناها؟

أيعقل أن تخرج من جنته التي كانت تغفو كل ليلة على أمل الدخول بها يوم.
أبعدته عن حضنها مضطرة وأجابته بدموع غزيرة: ياريت لو أجدر أعبر لك ولو بسيط عن اللي جوة في جلبي ليك يا قاسم، كنت هتعرف إن في بعدي عن جنتك موتي، وإن طلبك ده ملوش داعي لأن من المستحيل أفكر فيه مهما حصل.

وأكملت بدموع: أني عشت عمري كلة بأستني اللحظة اللي هتجف فيها جدامي وتعترف لي بحبك، معجولة بعد ما ربنا حجج لي أكتر من ما كنت بحلم، أسيبك؟
كيف أسيبك وأنت ضي عين صفا اللي عتشوف بيه يا حبيبي
هموت يا صفا لو سبتيني، والله هموت ومش هجدر أتحمل بعادك عن حضني، جملة قالها بعيون شبة دامعة وهو يترجاها بعيناه، مما جعلها تسحبه سريع إلى أحضانها وتربت علية بكف يدها ولمساتها الحنون التي تشعره بإستكانة روحه،.

تنفس عاليا كي ينظم أنفاسة ويعود إلى هدوئة، ثم أبعدها من داخل أحضانة وسحبها من كف يدها وتحرك بها ووقفا أمام المنضدة، مد يده وألتقط واحدة من حبات الشيكولاتة ونزع عنها غلافها، وأقتضم نصفها ثم وضع لها النصف الاخر بفمها، وما أن بدأت بمضغها حتى مال على شفتاها ليمتصها برغبة هائلة، وغاصا معا داخل ليلة تفنن في إذاقتها من عشقة المميز كي يجعلها ليلة مميزة محفورة داخل ذاكرتهما علها تمحي تلك الليلة السوداء التي عاشاها تحت ألم قلبيهما.

ليلا بالفيراندا داخل السرايا، حيث الجميع حاضرون حتى زيدان و ورد الذي دعتهما رسمية لحضور جلسة العائلة وإحتساء مشروب الشاي معهما
تحدثت نجاة متعمدة وجود الجميع كي تضع تلك المتهربة تحت الأمر الواقع: كان فية موضوع إكدة كنت محتاچة حكمك فية يا عمي.

نظر لها عتمان فاسترسلت حديثها بعدما سمح لها عتمان بالحديث: طبعا حضرتك عارف إني سافرت السبوع اللي فات أني ويزن وليلي وأم قاسم عند الحكيم اللي صفا جالت علية، وهو طلب منينا تحاليل وإشاعات بعد ما كشف عليها وعلى يزن، وجال نبجي نروح له بالتحليل لجل ما يفهمنا إية السبب اللي مانع الحبل لدلوك.

إرتعب داخل ليلي ونظرت مستنجدة بوالدتها، حين رمقت فايقة نجاة بنظرات مشتعلة وتحدثت بنبرة حادة وهي تتبادل نظرها بين زيدان و ورد: عيب جوي حديت خاص زي دي يتفتح وسط الأغراب يا أم يزن.
شعرت ورد بالحرج ووقفت سريع وتحدثت إلى رسمية: أني هروح على بيتي لجل ما أتصل على صفا وأطمن عليها يا مرت عمي
جاورها زيدان النهوض وتحدث بنبرة هادئة: وأني چاي معاك يا أم صفا.

كاد أن يتحركا حتى إستمعا إلى صوت عتمان الهادر الذي أردف بصياح أرعب فايقة: غرب مين اللي عتجصديهم بحديتك المايل دي يا واكلة ناسك إنت
كنك إتچنيتي ونسيتي حالك يا بت سنية
وتحدث إلى زيدان بنبرة عالية: إمسك يد مرتك وجعدها في عزك ودارك يا زيدان.

ودب بعصاه الأرض بحدة وتحدث إلى الجميع: ويكون في معلوم الچميع، من إنهاردة زيدان هيرچع بمرته دوار أبوة اللي إتحرم علية، هياچي هو ومرتة من صباحية ربنا ياكلوا ويعيشوا معانا إهني ويروحوا لدوارهم على النوم وبس
ونظر إلى ورد وأردف قائلا بنبرة صارمة غير قابلة للنقاش: سمعاني يا أم الدكتورة، من بكرة معايزش أكل غير من يدك، يعني تجومي من البدرية وتاجي تمسكي المطبخ وتشرفي على الحريم اللي هيشتغلوا إهني، مفهوم!

نظرت ورد إلى زيدان تترقب رد فعله، فأشار لها بعيناة بالموافقة فأومأت قائلة بطاعة: أني تحت أمرك في كل اللي تؤمر بية يا عمي.
اجابها بهدوء: تشكري وتعيشي يا بت الإصول
جلست ورد وزيدان من جديد ثم تحدث عثمان إلى قدري الجالس بقلب مستشاط بسبب رجوع زيدان إلى المنزل: عجل مرتك وعرفها حدودها في دواري زين يا قدري، بدل ما أجلب عليها وأوريها وش عتمان اللي لساتكم كلياتكم متعرفوش عنية حاچة.

إبتلعت فايقة لعابها وتحدثت بنبرة منكسرة، ترتجف من شدة هلعها: حضرتك فهمتني غلط وهنتني وأني مظلومة يا عمي
قاطعها عتمان قائلا بنبرة صارمة: بلاش لؤم الحريم دي عشان مهيخيلش على شيبتي يا فايقة، ودالوك خلي نچاة تكمل لجل منشوفك مهببه إية تاني، حكم أني خابرك زين، جرابك اللي كيف جراب الحاوي مهيخلاش من المصايب.

أكملت نجاة قائلة: دالوك يا عمي كان المفترض إن أبو قاسم وأم قاسم يچيبوا وياهم التحاليل إمبارح ونروح بيها للدكتور كلياتنا تاني،
وأكملت وهي تنظر لفايقة بضيق: بس أم قاسم جابتها وراحت بيها إمبارح للحكيم لحالها وجالت إنه جال لهم إن التحاليل زينة وكل اللي محتاچينه هو شوية وجت والحمل هيحصل لحاله.

واسترسلت حديثها بنبرة تشكيكية غاضبة: بس أني ممصدجاش حديتها دي وعاوزة تحاليل إبني اللي مرضياش تدهالي، وأني بنفسي اللي هوديها للحكيم وأشوف هيجول إية.
هتف قدري غاضب: متخلي بالك من حديتك زين يا نچاة، وإحنا هنكدبوا عليكي لية إن شاءالله؟
أجابه منتصر الغاضب: أومال مرتك مخبية التحاليل لية ومردياش توريهالنا يا قدري؟

كانت تستمع لتلك المناوشات بقلب مرتجف وجسد يرتعش وعيون تترقب الجميع بهلع، نظرت إلى يزن وجدته ينظر إليها بعيون حزينة، حقا هو متعاطف معها وحاول التقرب لها وأحتواء قلبها مرارا، لكنها دائما تجبره على النفور منها والإبتعاد بسبب تصرفاتها المخزية مع الجميع وقلبها الذي يحمل الكثير من الحقد والكرة الغير مبرر.

تحدثت الجدة بنبرة حادة إلى فايقة: وإنت مخبية التحاليل عنيها لية يا فايقة، الولية حجها تفرح وتشوف حتة عيل لولادها
تحدث عتمان إلى فايقة بنبرة حادة: هاتي التحاليل دالوك وأديها ليزن يا فايقة، وإنت يا يزن، خد مرتك وادلي على مصر وروح للحكيم وشوف هيجول لك إية عليها
تحدثت فايقة بنبرة قوية: إذا كان على التحاليل فأني هطلع أچيبها لكم حالا يا عمي،.

وأكملت بنبرة حزينة: بس اللول لازمن تعرفوا إية اللي فيها بالظبط، وإية اللي خلاني كاتمة على الخبر ومدارية وچعي وجهرتي جوات جلبي أني وچوزي وبتي من وجت ما روحنا بالتحاليل للدكتور وجال لنا على اللي فيها.
نظر لها الجميع بإرتياب وتحدثت هي بنبرة ضعيفة وهي تنظر إلى يزن قائلة بنبرة حزينة منكسرة: العيب طلع عند يزن يا عمي.
نظرت فايقة إلى يزن وأردفت قائلة بنبرة صوت متألمة وعيون حزينة: العيب طلع من عند يزن.
رفع يزن بصره سريع ورمقها بنظرة بها ذهول ثم تحدث بنبرة صوت حادة جنونية: إية التخاريف اللي عتجوليها ده يا مرت عمي.
صدمة شلت حواس الجميع وجعلتهم حتى غير قادرين على النطق.

هنا جاء دور شريكها بالخديعة كي يجيد حبكة القصة ويصدق على حديثها الكاذب، حيث تحدث بنبرة منكسرة أجاد تقمصها بإتقان: مرت عمك معتجولش تخاريف يا يزن، مرت عمك عتجولك اللي خبرنا بيه الحكيم ومكناش عاوزين نجولة لجل شكلك جدام أهل السرايا يا ولدي.

تنهدت فايقة بأسي رسمته على وجهها ببراعة وتحدثت وهي تنظر إلى ليلي التي تبكي بحرقة: ليلي من وجت مخبرناها إمبارح من لما عاودنا من مصر وهي يا جلب أمها، دمعتها منشفتش من على خدها ومبطلتش بكي
هتفت نجاة قائلة بنبرة حادة مشككة: بطلي شغل التلات ورجات بتاعك ده يا فايقة وجومي هاتي لي التحاليل اللي أني متوكدة إنها عتكشف كدبك.
وأني عكدب في حاچة زي دي لية يا نچاة، إية المصلحة اللي عتعود عليا من إكدة؟

جملة نطقتها فايقة بنبرة مليئة بالثقة
أجابتها تلك المشتعلة: لجل ما تخبي على عمايلك السودا والبلاوي اللي شربتيها لبيتك واللي أني متوكدة إن هي السبب في تاخير الحبل عنديها، وأكملت بإتهام: وبدل ما تاچي تجولي الحجيجة وتطهري حالك، تجومي تچيبي العيب عند ولدي سيد الرچالة.

إنتفض قلب ليلي وارتعب داخلها عندما نظر لها يزن مستغرب حديث والدته الغامض بالنسبة له، نهضت فايقة سريع وتحدثت بتلبك خشية إنفضاح أمرها: الله يسامحك على ظلومتك ليا يا خيتي، على العموم أني هطلع أچيب لك التحاليل و وديها لأي دكتور إهني، وإنت تعرفي أني مبجولش غير الحجيجة وربي شاهد عليا.

وجة قدري بصره نحو نجاة وتحدث بنبرة قوية أجاد تقمصها بعدما نظرت له فايقة طالبة العون منه والمساندة: أني مش فاهم لزمته إية التشكيك دي يا نچاة، ما چوزك وولدك جاعدين منطجوش أهم، إشمعنا أنت اللي إعترضتي وعتكدبي حديتنا؟!

كانت أشبة بهرة شرسة على أتم الإستعداد لغرس حوافرها الحادة داخل لحم أي شخص يحاول أذية صغارها، رمقته بنظرات غاضبة وأجابته بقوة جديدة عليها لا تعلم مصدرها: لأن محدش يعرف خبايا مرتك وتخطيتها العفش جدي يا أبو قاسم
وهنا هتف عتمان الذي عقد لسانه جراء صدمتة من تلك الكارثة التي حلت بحفيدة فتحدث مستفسرا: عمالة تلفي وتدوري على إية يا نچاة، متجولي طوالي تجصدي إية بحديتك دي؟!

نظرت لها فايقة مستعطفة إياها بأن تلتزم الصمت وتحفظ السر الذي لا يعلمه سوي كلاهما وليلي.

فتحدثت نجاة بقوة ضاربة نظرات فايقة التوسلية عرض الحائط: أني عجولك على اللي بجالي سنتين كتماة في بطني وجافلة عليه خاشمي يا عمي، وإنت أحكم بيناتنا، واسترسلت بقوة وهي تشير بيدها إلى فايقة: الست فايقة بجالها سنتين عتلف ببتها عند دچالين المركز كلاته من وجت ما أتچوزت لحد دالوك، شربتها وصفات وخلطات ياما وأني كنت ساكتة ومخروسة على أمل إن الحبل يتم وأشوف عوض ولدي بيچري جدام عنيا.

دبت رسمية على صدرها وتحدثت بإستنكار إلى فايقة: يا حومتي، هي حصلت الدچالين يا مرة يا خرفانة إنت، وأمنتي لبنتك كيف تدخل عند الناس العفشه دي يا حزينة؟!
إتسعت أعين يزن بذهول وحول بصرة لتلك المنكمشة على حالها تنظر علية بترقب ورعب كالجرو المذعور.

حين هتفت فايقة مدافعة عن حالها وإبنتها من تلك الإتهامات التي من الممكن أن تفسر بشكل خاطئ لدي الجميع: أني مهملتش بتي دجيجة واحدة لحالها مع حد يا عمة، رچلي كانت سابجة رجلها في اي مكان بتدخلة، والناس اللي كت بروح لهم كلياتهم محترمين وسمعتهم الطيبة سبجاهم.

هدر بها عثمان بنبرة صارمة وعيون مصدومة: سمعة مين اللي سبجاهم يا مرة يا خرفانة يا أم عجل ناجص، هما دول يعرفوا ربنا من الأساس لجل ما يكون عنديهم أخلاج؟!
ثم حول بصره على قدري الذي يجلس داخل المقعد يكاد من شدة خجله وزعرة أن يختفي داخله وتحدث متهكم: وإنت يا دلدول الحرمة يا اللي محسوب عليا كبيري وإنت أصغر عيل في الدوار دماغة توزن عشرة من عينتك، كنت تعرف باللي عم تسوية غراب البين دي ويا بتك؟!

نطق سريع مخلص حاله من غضب والدة الذي يشبة الإعصار: الله الوكيل معرف غير دالوك يا حاچ، أني زيي زيكم
رمقه عتمان بنظرة إشمئزاز قائلا بتهكم ساخر: ما أنت لو راچل صح ومالي عين بت سنية مكانتش إستغفلتك وعملت اللي على كيفها يا خلفة الشوم والندامة.

وقف يزن سريع وتحرك إلى موضع جلوس ليلي وأمسك كف يدها وسحبها بعنف قائلا وهو يصفعها بقوة على وجهها: مش هو لوحدة اللي مرتة عم تستغفلة ومش معتبراة راچل ودايرة على كيفها يا چدي.

قال كلماته الغاضبة بعيون تطلق شزرا، نزلت الصفعة على وجنة ليلي جعلتها تتهاوي بوقفتها، فشهقت نساء العائلة ووضعت ورد يدها على فمها بذهول، حين جرت فايقة على صغيرتها واحتضنتها قائلة بنبرة غاضبة وهي تنظر بشر إلى يزن: جطع يدك اللي مدتها على بتي
جري فارس وأمسك يزن محاولا تهدأته وتحدث: مش إكدة يا يزن، إمسك حالك أومال.

أسرع قدري ووقف بجانب زوجته وإبنته وتحدث موبخ إبنه: هو ده اللي ربنا جدرك علية بعد ما ضرب خيتك جدام الكل يا خلفة الندامة؟!
ثم حول بصره إلى يزن وتحدث بنبرة خالية من الرجولة والشهامة والأصول: وإنت يا عرة الرچالة، بدل ما تداري خيبتك وعجزك چاي تستجوي على بتي وتضربها لجل ما تداري ضعفك.

جحظت أعين يزن وشعر بطعنة برجولتة، شعور مميت بالعجز والخجل والنقصان تملك منه حتى أنه لم يقوي على رفع عيناه في أحد من المتواجدين، وقعت الجملة على قلب فارس احرقتة لأجل إبن عمه وصديقة الصدوق بل وشقيقه ورفيق دربة وتحدث بنبرة ملامة: إية اللي عتجولة دي يا أبوي؟!
نظرت مريم من وسط دموعها الغزيرة إلى فارس بإستحسان لما قام به من أجل شقيقها.

حين جري علية زيدان الذي شعر بإبن شقيقه الذي يعتبره ولده الذي لم يحظي بإنجابه وحاوطه بذراعه وتحدث إلى قدري قائلا بنبرة غاضبة وعيون تطلق شزرا: إية السم اللي عيطلع من خاشمك ده يا بني ادم إنت؟!
تحرك منتصر سريع إلى قدري وأمسكه من تلابيب جلبابة وهزه بعنف وتحدث: بدل ما تتشطر على ولدي وتدبحه بحديتك دي، روح ربي مرتك القادرة اللي دايرة على كيفها وملبساك العمة يا عرة الرچالة.

جرت رسمية على أنجالها وهي تصرخ بعلو صوتها محاولة التهدأة والفصل بينهما، وزيدان الذي وقف يتوسط شقيقاه محاولا بشدة فكاك قبضة يد منتصر الخانقة لقدري،
هدر عتمان بعلو صوته ودق بعصاة الأبنوسية الأرض وأردف قائلا بنبرة حادة: بعدوا يدكم عن بعض يا واد منك لية، والله عال يا ولاد عتمان، جة اليوم إلى أشوف فية عيالي ماسكين في هدوم بعض وبيتعاركوا جدامي.

إبتعد الجميع عن بعض جراء حديث عتمان، وأمسكت رسمية بتلابيب زيدان وهي تتهاوي وتغمض عيناها قائلة بنبرة ضعيفة مستنجدة: إلحجني يا زيدان.
صرخ زيدان بإسمها وحملها بين ساعدية تحت صرخات وأرتياب الجميع وجري بها سريع لداخل حجرتها وقام بتمديدها فوق التخت وجري عليها عتمان بهلع محاولا إفاقتها.

بادر فارس بالإتصال على دكتور ياسر وابلغة بالحضور الفوري، أما يزن الذي ما زال متسمرا بوقفته بعيون متحجرة غير واعي لما يجري من حوله وكأن روحه قد فارقت الحياة ولم يتبقي منه سوي جسده البالي وفقط، تحركت تلك الباكية وقابلت وقوفه وتحدثت بدموعها وهي تتلمس كف يده بترقب: يزن.

فاق على حاله وجذب يده بحدة ثم رمقها بنظرات مشتعلة مشمئزة وانسحب للخارج تارك المكان بأكملة، إتجة إلى حدائق الفواكة المتواجدة بغرب النجع، وجلس بها شارد بائس حزين على حاله وما أوي إلية.

داخل السرايا، أتي ياسر وأجري الكشف على رسمية التي إكتشف أنها مصابة بداء السكري ويرجع هذا بسبب تقدمها بالعمر وهذا ما ساعد بإرتفاع شديد بضغطها، أعطاها الدواء المناسب لحالتها وتحرك للخارج مع فارس، لاحظ وقوف مريم واقفة بجانب ورد ونجاة وهي تبكي بإنهيار تام لأجل ما أصاب شقيقها وانتهت بما حدث لجدتها من إنهيار تام، إشتعلت روحه وصرخ قلبه متألم لأجل دموعها الغالية،.

فتحدث موجة حديثه إلى الجميع وهو يختصها بالنظر: إطمنوا يا جماعة، الحاجة كويسة وإن شاء الله حالتها هتتحسن أكتر بعد ما أخدت الأدوية
نظرت إلية مريم بضعف ألمه كثيرا ثم تحدثت إلية ورد بإمتنان: ربنا يطمن جلبك يا دكتور.
شكرها وأنسحب مستأذن للخارج تحت إستغراب فارس من تصرف ياسر ولكنه نفض من دماغه سريع لاجل الوضع الراهن لأهل المنزل.

أسرع الجميع إلى حجرة رسمية وجدوها تتمدد بوسط عثمان و زيدان الممسك بكف يدها برعاية يتحسسيه بحنان ليبث الطمانينة لقلب غالية قلبة وأول من عرف الحب على يدها، والدته الحنون القاسية، نظر عتمان على الجميع بوجة حاد وتحدث أمرا بصرامة: يلا كل واحد ياخد مرتة وعيالة وعلى فوج معايزش حد إهني واصل.
كاد زيدان ان يتحرك أوقفة صوت عتمان الذي تحدث قائلا: خليك إنت چار أمك يا زيدان.

إنتفض قلب زيدان من شدة سعادتة، هو بالاساس لا يريد ترك يد غاليتة
وأكمل وهو ينظر إلى ورد موقرا إياها ومعظم من شأنها كعادته في الأونة الأخيرة وكأنه بهذا التعظيم يعتذر منها على ما بدر بالماضي والظلم الذي وقع عليها سابق من جميع العائلة: وإنت يا أم الدكتورة، إدخلي المطبخ إعملي لحماتك شوربة الخضار اللي جال عليها الدكتور.

إشتعل داخل فايقة وكاد قلبها أن يصرخ من شدة الغضب والغيرة وهي تري الجميع بدأ يمقطها وينجذب لتلك الساحرة الشمطاء على حد تفكيرها ووصفها لها، أجابته ورد بنبرة طائعة: من عيوني يا عمي.
ونظرت إلى رسمية وتحدثت إليها بنبرة حنون: ألف سلامة عليك يا مرت عمي
أمالت لها رسمية بعرفان وذلك لعدم قدرتها على الحديث.

أشارت فايقة بيدها إلى ورد مانعة إياها من التحرك في طريقها إلى المطبخ وتحدثت إلى عثمان بنبرة منكسرة حاولت بها جذب النظر إليها ورجوعها إلى مكانتها العالية كما السابق: خليني أني اللي أعمل الشوربة لعمتي يا حاچ، لأن أني أدري الناس باللي عتحبة عمتي
هدر بها عتمان قائلا بنبرة حادة وملامح وجه مكفهرة: جولت لك إطلعي على مطرحك ومعايزش أشوف خلجتك جدامي، معتسمعيش الكلام لية يا حرمة؟

هرولت إلى خارج الحجرة وبسرعة البرق كانت في نهاية أعلي الدرج
أمسك زيدان كف والدته وتحدث بصوت حنون: سلامة جلبك يا ست الكل
نظرت إلية بحزن وأنكسار المرض، فنزلت دمعة من عيناها وتحركت نحو أذنها جففها لها سريع ومال على جبهتها وقبلها بحنان.

نظر عتمان إلى زيدان وضيق عيناه بتفكر ثم تحدث بنبرة تشككية: زيدان، أني عاوزك تاخد ولد أخوك وتدلي بيه على مصر لجل ما تعيد له الكشوفات والتحاليل لأني ممصدجش ولا كلمة من اللي جالها أخوك هو والعجربة اللي متچوزها
هزت رسمية رأسها بضعف وتحدثت: عين العجل يا ولد عمي، ولد منتصر عفي وزين زي ابوة وچده.

أومأ له زيدان بطاعة وتحدث بإحترام: من غير متجول يا أبوي، أني كنت ناوي أعمل إكدة لأن كيف مجالت نچاة، فايقة جرابها واعر كيف جراب الحاوي تمام، وبيرها غويط ملوش جرار.

تحركت فايقة إلى شقة إبنتها كي توبخها بعدما رأت إنهيارها ونظرة الرعب بأعينها بالأسفل أمام الجميع مما جعلها مرتابة ليشك بأمرها الاخرون، وجدتها متكورة على حالها فوق التخت تبكي بشدة.

وقفت تتطلع عليها بكرة، رافضة حالة الإستسلام تلك التي تتملك منها، كم تبغض أن تري وريثتها بكل هذا الضعف والهوان، كم تمنت لها أن لا يصيب قلبها بلعنة العشق ولا يميل لأحدهم بتاتا كي لا يضعفها غرامها وتبقي صامدة أبية ولا يستطيع أيا كان كسرها او إذلالها تحت إسم العشق.

تحدثت بنبرة حازمة وملامح وجة صارمة: فوجي لحالك وبطلي نويح يا بت، أني مش هحاسبك على اللي عملتية تحت جدام الكل، مش وجته، بعدين هنتحاسبوا، بس عوزاكي تجمدي وتثبتي جدام الكل لجل ما الموضوع يعدي على خير
صاحت بصراخ هيستيري: كيف هيعدي يا أما، يزن ضاع من يدي خلاص، يزن مد يده عليا لأول مرة في حياته، وكل ده بسببك إنت
جحظت عيناي فايقة بشكل مخيف لناظرة وتساءلت بنبرة حادة: بسببي اني يا واكلة ناسك إنت؟

صح ناكرة للچميل كيفك كيف بجيت ناسك، بجا هي دي جزاتي بعد اللي عملته لجل ما أكسركيش جدام اللي يسوي واللي ميسواش يا حزينة؟!
شهقت ليلي من شدة بكائها فتحدثت تلك المتجبرة عديمة القلب والمشاعر قائلة بنبرة حادة: جومي يابت إدخلي الحمام واتسبحي لجل ما تفوجي من حالتك المشندلة دي
وأكملت بنبرة قوية: معيزاش أشوفك إكدة، ملايجش عليك الضعف يا بت فايقة، يلا جومي.

قالت كلماتها الحادة الخالية من الإنسانية وانسحبت من المكان تاركة صغيرتها المنهارة دون أن تسحبها لأحضانها وتحاول طمأنة خوفها، أو حتى تحتوي ضعفها الذي يملأها.

هكذا هي فايقة النعماني، إنسانة عديمة الضمير معدومة الحس والشعور حتى بمن يحمل چيناتها، فقد سحبتها دائرة الإنتقام داخلها ونزعت من قلبها الرحمة حتى أنها أصبحت بلا شعور أمام أطفالها، عاشت حياتها بالكامل لم تحتوي صغارها، لم تتذوق حلاوة إحتضانهم ولم تذيقهم إياها، يا لك من مسكينة بائسة أيتها الفايقة، فقد خسرت وتخطتكي الكثير من المشاعر الأدمية السامية وأفتقدتها بسبب إنتقامك الأعمي.

دلفت فايقة مسكنها وجدت قدري يجوب المكان إياب وذهاب ويبدوا على ملامح وجهة الغضب الشديد، وبمجرد رؤيته لها حتى تحرك سريع وقابلها الوقوف وتحدث بنبرة ملامة مرتعبة: جولت لك بلاش منية الموضوع المجندل ده يا فايقة، جولت لك الدنيي هتولع من حوالينا مصدجتنيش، وأديها هتطربج فوج نفوخنا وهنتفضح جدام الكل كليله.

نظرت له بقوة وتحدثت بنبرة واثقة: إهدي يا قدري وأمسك حالك أومال، مفيش حاچة هتتكشف ولا حد عيعرف أيتوها حاچة، التحاليل وهديهالهم يروحوا بيها وين ما بدهم
وأردفت وهي تنظر أمامها بتمعن: التحاليل سليمة وعتجول إن العيب من يزن وإن بتي صاغ سليم، ما أحنا مدفعناش الفلوس دي كلياتها في حتة ورجة وفي الاخر نجف خايفين إكده.

ورجعت بذاكرتها إلى قبل شهران من الان عندما أخبرتها ليلي وهي في قمة سعادتها قائلة: كن اللي مستنيينه من زمان حصل يا أما
تسائلت فايقة مستفسرة: خير يا ليلي، ومالك فرحانة جوي إكدة؟
أجابتها بكبرياء وهي ترفع قامتها لأعلي: خير بالجوي يا أما، شكل إكدة زماني هيضحك لي وهترحم من كلام اللي يسوي واللي ما يسواش.

ضيقت فايقة بين حاجبيها ونظرت لها بعدم إستيعاب فتحدثت ليلي مفسرة حديثها بنبرة خجلة بعض الشئ: الدورة الشهرية مجاتنيش الشهر اللي فات، بس أني مختش في بالي وجولت يمكن متخربطة زي ما حصل معاي جبل إكدة، بس الشهر دي كمان مجاتش وميعادها فات من أربع أيام
وأكملت وسعادة الدنيا بعيناها: شكلي حبلة يا أما.

شعرت فايقة بسعادة الدنيا تسكن قلبها وبرغم أنها شبة تأكدت من حمل صغيرتها إلا أنها نوهت عليها بألا تخبر أحدا وبالأخص يزن لحين ذهابهما إلى الطبيب والتأكد من صحة الخبر
وبالفعل بعد يومان ذهبت إلى الطبيب وأخبرته بما تشعر، وبعد ان أجري الكشف عليها أخبرها بعدم وجود حمل وطلب منها إجراء بعض الفحوصات، وبعد أن قامت ببعض الفحوصات وذهبت بها إلية وتفحصها جيدا.

نظر لها بشك قائلا: التحاليل ظاهرة لي إن فيه مشكلة، بس مش هقدر أحددها بالظبط غير بتحاليل تانية علشان الصورة تكتمل قدامي وأتأكد من شكوكي.
سألتة فايقة بتخوف تحت نظرات ليلي المرتعبة: اللي هي إيه شكوكك دي يا دكتور؟
أجابها بعملية: بلاش نسبق الأحداث يا مدام وخلينا ننتظر نتيجة التحاليل الجديدة أفضل
وكتب لها نوع الفحص الذي يريد منها إجرائة.

وبالفعل ذهبتا إلى المعمل من جديد وقامت ليلي بعمل الفحص المطلوب منها وبعد يومان ذهبتا للطبيب من جديد متخفيان كعادتهما حيث قامت فايقة بإخبار رسمية بأن والدتها مريضة وعليها الذهاب إلى زيارتها والإطمإنان عليها بصحبة ليلي
ذهبت إلى المعمل وأحضرت الفحوصات ثم إتجهت إلى الطبيب مرة اخري وجلستا يترقبان حديث الطبيب الذي ضل يتفخص التقرير بتمعن شديد.

أخذ نفس عميق ثم زفرة وتحدث بملامح وجة تسيطر عليها الشفقة: للأسف يا مدام ليلي، التقارير بتأكد عدم وجود أي بويضات عندك نهائى
معناته إية الحديت دي يا دكتور؟
جملة مستفسرة نطقت بها ليلي بعدم فهم
أجابها الطبيب بأسي: يعني حصل لك إنقطاع مبكر للبريود وللأسف حملك أصبح مستحيل، بالبلدي كده كأنك دخلتي في سن اليأس بس في سن مبكر جدا
صاحت به فايقة قائلة بحدة: إية التخاريف اللي عتجولها دي يا دكتور الهم إنت؟

كظم الطبيب غيظة من إسلوبها الفظ الخالي من أداب الحديث ولباقتة، لكنه راعي مشاعرها وعذر حدة حديثها الناتج عن ما أصابها من ذهول جراء ما أستمعت.

وتحدث مفسرا بنبرة تعقلية بعدما قام بضبط النفس: دي مش تخاريف يا مدام، دي النتيجة الطبيعية بعد كل العك والجهل اللي عملتية في بنتك، كمية الأدوية الكتير اللي أديتها لها مع الاعشاب والخلطات الخزعبلية اللي كنتي بتشربيها لبنتك عملت لها لخبطة في الهرمونات، مع طول المدة وإستمرارك في اللي بتعملية إتحولت من لخبطة إلى خلل في الهرمونات.

وأسترسل حديثه بنبرة ملامة: بنتك كان عندها مشكلة بسيطة هي اللي مأخرة الحمل وكانت ممكن تتحل بس بالهدوء والصبر، وده الكلام اللي أنا قولته لحضرتك لما جيتي لي بيها بعد جوازها بشهرين،
واكمل بأسي: بس حضرتك ماصبرتيش وبقيتي بتوديها كل إسبوعين تقريبا لدكتور شكل، وده طبعا على حسب كلامك اللي قولتهولي من يومين،
وأكمل مسترسلا: وكل دكتور منهم يكتب لك أدوية غير التاني،.

وأكمل لائما وهو ينظر لتلك الليلي الباكية بإنهيار: وياريتك إكتفيتي بالأدوية لوحدها، ده أنت كنت بتديها خلطات مجهولة المصدر وتغليها وتشربيها لها على الريق.
هز رأسه يمين ويسارا وتحدث بأسي: للأسف يا مدام، إنت دمرتي بنتك بأديكي وضيعتي عليها فرصة إنها تبقي أم.

رمقتة بنظرات ساخطة وتحدثت وهي تهم بالوقوف: اني اللي ضيعت بتي يا واكل ناسك إنت، الله الوكي شكلك إكدة مفاهم تحت رچليك، عمال تخرف وتخربت بالكلام وعاوزني أصدج تخاريفك دي؟
وأكملت بنبرة ساخرة: جال إية، بتي اللي مكملتش التمانية وعشرين سنه وصلت لسن اليأس، يأس لما ياخد أچلك.
وتحدثت أمرة بنبرة صارمة لإبنتها الباكية: جومي بينا يا بت لجل ما نشوف حكيم ببفهم صح.

أخذت إبنتها ونظر الطبيب إلى طيفهما ثم تحدث بوجة مشتمئز: ست جاهلة متوحشة
مرت الأسابيع سريع وما أن علمت من صفا عن أمر الحكيم الشهير حتى تشبثت بالفكرة وأتجهوا إلية سريع على أمل أن يكون تشخيص الطبيب السابق خاطئ، وطلب الطبيب منهما القيام بعمل فحوصات ليزن ومريم كي يطلع على نتائج الحالة جيدا.

وفي صباح الأمس، فاقت باكرا حيث غفت بمسكن قاسم بعد إنتهاء حفل الزفاف، ثم ذهبت بصحبة زوجها إلى معمل التحاليل الشهير الذي أرسلهما إلية الطبيب وذلك لدقة تقاريرة
وقف قدري أمام السكرتير المختص بتسليم التقارير الخاصة وأخبره أنه يريد مقابلة المختص كي يستفسر منه عن نتيجة الإختبارات بدقة، وبالفعل إتجهوا إلى مكتب المختص الذي نظر إلى الإختبارات.

وتحدث إليهما بعدما تفحصها جيدا: تحاليل الاستاذ يزن بتأكد إن هو سليم 1 % ومعندوش أي موانع للخلفة
وأكمل بتعابير وجة غير مبشرة بالمرة: للأسف تحاليل الأستاذة ليلي بتؤكد عدم قدرتها على الحمل نهائي، البويضات عندها منعدمة، ونسبة حدوث الحمل مستحيلة بسبب دخولها في مرحلة إنقطاع الطمث المبكر.

صدمة ألجمت لسان قدري وفايقة التي فقدت الأمل الأخير لها بتلك الكلمات التي وقعت عليها كصاعقة صعقت معها جميع أمالها وكسرت قامتها، ولكنها لم تكن فايقة إن إستسلمت لقدرها وللواقع، ستحارب إلى نهاية المطاف إلى أن تحصل على كل شئ تريدة
إستمعت إلى صوت قدري وهو يحثها على الوقوف ليغادرا، نظرت إلية بنظرات حادة كالصقر وتحدثت: إجعد يا قدري، عندينا عرض زين جوي للدكتور.

نظر لها المختص وتحدث مستفسرا: عرض! عرض إية ده يا أفندم اللي بتتكلمي عنه؟!
أجابته بثبات إنفعالي: تاخد كام وتبدلي التحاليل دي
جحظت أعين قدري في حين وقف المختص وتحدث إليها بنبرة حادة: إنت بتقولي إية يا ست إنت، إتفضلي أخرجي برة بدل ما أطلب لك الشرطة وألبسك قضية رشوة
تحدث قدري إليها بنبرة حادة: جومي يا أم قاسم وبكفيانا فضايح لحد إكدة.

لم تلتفت إلى حديث زوجها ولم تعيرة إية إهتمام، ثم وضعت ساق فوق الاخري ونظرت إلى المختص وتحدثت بنبرة واثقة قوية: 1 ألف چنية وتغير لي التجاليل وتخلي عيب الخلفة من يزن.

إبتلع الرجل لعابة ونظر لها بتشكيك ثم نفض رأسه من الفكرة وكاد أن يتحدث قاطعته هي بتحدي: 15 ألف وتعملي تجرير ميخرش الماية وجبل ما أخده من يدك هتنزل وياي في أي بنك أسحبهم لك حالا، وده اخر كلام عندي يا إما أروح لأي واحد غيرك يعملي كل اللي أني عيزاه بربع التمن دي
سال لعاب الرجل فتساءلت هي بنبرة حادة: جولت إية يا دكتور؟!

تحدث قدري محذرا إياها: بلاش يا فايقة، اللحكاية اللي عتفكري فيها دي لو إنكشفت عتخفلج على دماغنا ويمكن تكون فيها نهايتنا
سبقها المختص بالرد بعدما أغراه المال: أنا هكتب لك تقرير واظبطهولك بحيث مفيش مخلوق يقدر يشك فيه
وأكمل لإقناعة: وأظن محدش هيشك في مصداقية معمل عريق وكبير زي المعمل ده
وبالفعل زور لهم المختص التقرير وتوجهوا بعدها مباشرة إلى المطار كي يستقلا الطائرة المتوجهه إلى سوهاچ
عودة للحاضر.

سألها قدري بنبرة قلقة: العمل إية دالوك يا فايقة لو الموضوع إتكشف،
أجابته بنبرة باردة واثقة: بسيطة يا قدري، عنجول الموظف خربط وهو بيحط نتيچة التحاليل عند يزن، والموظف بجا بتاعنا خلاص، عنكلمة وهيصدج على كلامنا جدامهم ويچيب لهم التجرير الحجيجي وخلصنا
تنهد بحيرة وتوجس من أمر تلك المتجبرة التي لا تترك شئ للظروف ودائما تخطط لكل شئ بطريقة رائعة.

بالأسفل، طلب عتمان من زيدان و ورد المبيت معه داخل السرايا تحسب لأي جديد يحدث في حالة رسمية ووافق زيدان بترحاب هو وزوجتة
أما يزن فكان اليوم هو أسوء يوم مر به منذ أن نشأ وترعرع وكبر، تأخر الوقت كثيرا وهو مازال بحديقة الفاكهه، هاتفته نجاة ومنتصر ومريم كثيرا لكن دون جدوي وذلك لغلقه هاتفة للهروب مبتعدا عن الجميع،.

شعر بالتعب والنعاس فساقتة رجلية إلى المشفي، حاول فتح غرفة الكشف الخاصة بصفا أو ياسر وذلك لوجود سرير كشف بهما، لكن لسوء حظة كانتا مغلقتان، تحرك لغرفة أمل وفتحها وتحرك سريع إلى السرير الخاص بالكشف وتمدد بجسده المرهق علية، لم يكمل دقائق حتى غفي بثبات تام من شدة إرهاقة.

ليلة كالحة صعبة قضاها الجميع ما بين منكسر وحزين وأخر مرتعب من فكرة إنكشاف أمرة، ما عدا ثنائي العشق الذي غرد طائر الحب فوق عشهما السعيد فجعلهما وكأن روحيهما طائرة سابحة في جنة الغرام
كان يجذب جسدها إلية لاصق إياه بجسده بحميمية، واضعة هي رأسها فوق ذراعة الممدود لها بحنان، ينظر كلاهما داخل عيون الأخر بهيام.

تحدث مداعب إياها وهو يتلاعب بخصلات شعرها الحريري بين أصابع يده: شفتي كنتي حارمة حالك من إية بالمخدة اللي كنتي حاشراها بيناتنا
وأكمل: بذمتك متعة نومك چوة حضني دي مپتخلكيش تفكري إنك تولعي في مخدة الشوم دي أول ما نرچعوا؟
ضحكت عاليا وتحدثت إلية: ما أني سيبالك إنت المهمة العظيمة دي، وأكملت بنعومة سلبت بها عقلة: مش إنت وعدتني وإنت في القاهرة إنك أول ما ترچع سوهاچ عتولع فيها؟

جذبها أكثر إلية وتحدث غامزا بعيناه: ملحجتش، كان عندي مهمة أسمي وأعظم وأهم، بس أوعدك إن أول ما نروح هتكون دي أول مهمة أجوم بيها
ثم مال على شفتاها وقبلها بحنان وأكملا حديثهما ومداعباتهما التي تقرب روحيهما أكثر وأكثر، ثم غفا بأحضان بعضيهما بقلوب سعيدة مطمأنة.

ضل فارس جالس طيلة الليل بجانب مريم المنهارة لأجل شقيقها، يربت على كتفتها بحنان، لا يدري أيداوي جراحها أم جراحة، فحقا الألم مشترك بينهما والوضع منتهي السوء للجميع.

في الصباح، أتت أمل باكرا كي تستعد لتجهيز حجرة الكشف الخاصة بها وتجعلها لائقة لإستقبال المرضي، فتحت باب غرفتها وإذ بها تري يزن ممدد على السرير الخاص بالكشف يغط في نوم عميق، إتسعت عيناها من هيأته وتملك الغضب منها فتحركت إلية وتحدثت بنبرة حادة: إنت يا محترم.

فزع يزن من حدة صوتها وجلس سريع يتلفت وهو مزعورا، يستكشف المكان من حوله حتى إستقرت عيناه على تلك الغاضبة التي تحدثت من جديد وهي تضع يداها داخل خصرها: ممكن حضرتك تفسرلي إية اللي أنا شيفاه قدامي ده؟
وأكملت بتهكم: مستشفي محترمة دي ولا لوكاندة يا باشمهندس.

وضع كف يده فوق وجهة وفركه بتعب ولا مبالاة وكأنه لا يستمع لصريخها من الأساس، وهذا ما اثار جنونها وزاد من حدتها حيث هتفت قائلة بشدة: هو حضرتك مش سامعني، ولا أنا هوا واقف قدامك؟
وقف منتصب الظهر يهندم من ثيابه وتحدث متهرب من عيناها: أني اسف يا دكتورة، أني كنت إهني وتعبت فجأة وملجيتش غير أوضة الكشف بتاعتك هي اللي مفتوحة، وأكمل معتذرا: أني أسف واوعدك مهتتكررش تاني.

شعرت بحالة البؤس والألم اللذان يخرجان من صوتة وعلمت حينها أنه يواجة مشكلة عميقة وانه ليس بخير، على الفور تراجعت وتحدثت بنبرة هادئة: إنت كويس؟
أومأ لها بإستسلام دون النظر بعيناها وتحرك متجة إلى الخارج بجسد هزيل يتهاوي وروح تائهة، نظرت أمل علية مشفقة على حالتة التي ولأول مرة تراه عليها
إنتبهت حين وجدت مريم تسرع إلى شقيقها وتحدثت بنبرة متلهفة: إنت فين وسايبنا هنموت من الجلج عليك يا يزن؟

إنت كويس يا أخوي؟
هز لها رأسه وتحدث بصوت هزيل ضعيف: أني بخير
أردفت قائلة بنبرة حزينة: أبوك وأمك عيموتوا عليك مناموش طول الليل، يلا يا حبيبي روح خد دوش وغير هدومك دي ونام، وإن شاء الله خير
تحرك وأكمل طريقة بجسد هزيل منهزم نزلت دموع مريم فتحركت أمل التي كانت تستمع حديثهما الدائر أمام باب غرفتها، وقفت أمام مريم وتحدثت: أستاذة مريم، إنت كويسة؟

هزت مريم رأسها نافية فسحبتها أمل من يدها وتحركت بها للداخل وأجلستها قائلة بنبرة مساندة: إرتاحي وأنا هطلب لك عصير ليمون يهدي أعصابك
دلف ياسر سريع بعدما شاهد خروج يزن بتلك الحالة المزرية وسأل مريم بإهتمام ولهفة بعدما رأي دموعها: فية إية يا أستاذة مريم، هو الباشمهندس مالة؟
وقفت وتحدثت وهي تجفف دموعها بكف يدها الرقيق: خير يا دكتور، مفيش حاچة.

وتحدثت منسحبة بهدوء وذلك لحرصها الدائم على التواجد مع ياسر بمكان يجمعهما سويا: بعد إذنكم.
تحركت للخارج ونظر ياسر إلى أمل وسألها مستفسرا: هي إية الحكاية يا دكتورة؟
أجابته بنبرة متأثرة: تقريبا كدة الباشمهندس ببمر بأزمة نفسية بسبب ما، تعابير وشة بتقول إنه إتعرض لصدمة شديدة هزت كيانة بقوة، وغالبا الصدمة دي خاصة بالعيلة، لأن الأستاذة مريم هي كمان عندها نفس الأعراض لكن على أخف وبشكل مبسط.

قطب جبينه وتساءل بطريقة دعابية: إنت متأكدة إنك تخصص نسا وتوليد؟
إبتسمت له بهدوء فأكمل هو: حضرتك بتتكلمي بمهنية متخصص نفسي
تنهدت وتحدثت بنبرة محملة بالألم: هموم الناس وقلوبهم المكسورة مش محتاجين دكتور علشان يقدر يشوفهم جوة عيونهم اللي بتصرخ من الألم، هما محتاجين حد بيحس مش أكتر
نظر لها بتمعن وتأكد من أن بداخل قلبها ندوب عميقة ناتجة عن جرح لم يشفي بعد.

فتحدث هو متعمدا كي يخرجها من حالتها: دكتور صفا كلمتك إنهاردة؟
حركت رأسها نافية وأردفت: إنهاردة لا، لكن كلمتني إمبارح كانت بتطمن على سير العمل.

داخل كافية بوسط مدينة سوهاج
تجلس ماجدة بصحبة صديقتها أحلام تتناولان الطعام بشهية عالية
تحدثت أحلام ناصحة لصديقتها: أنا لو منك ما أسيبش الفرصة اللي جت لي على طبق من دهب دي تضيع من إيدي أبدا
نظرت لها وتسائلت بتهكم: وكنتي هتعملي إية بقا يا أذكي أخواتك لو كنتي مكاني؟

أجابتها أحلام بنبرة جشعة: كنت هطلب منه يجيب لي ذهب ويحط لي في البنك مبلغ كده محترم، وأهدده لو ما أنفذش هروح لأبوة وأقول له على جواز حفيدة التاني على بنت إبنة، واللي حصل بموافقة وحضور قدري بذات نفسة.

ضحكت ماجدة ضحكتها الشهيرة الرقيعة مما جعل أبصار الرجال المتواجدون داخل المكان تتجة إليها فتحدثت غير مبالية بنظراتهم: ده أنا أبقي أكبر مغفلة لو عملت كده، إنت علشان ماتعرفيش قدري وشرة سهل عليكي تقولي كلامك ده،
وأكملت وهي تنظر لها بعيون متسعة: يا بنتي اللي زي قدري ده مستعد يعمل أي حاجة علشان يحافظ على اللي هو فية، حتى لو هتوصل إنه يخلص مني.

وأكملت وهي تسترخي للخلف فوق مقعدها: وبعدين أنا من مصلحتي إني أفضل الحضن الحنين لقدري، أهو بيصرف عليا ومعيشني في هنا وعز ماكنتش أحلم بيه،
وأكملت وهي تنظر أمامها في تفكر: وبعدين مين اللي قال لك إني ما فكرتش إني أستغل موضوع جواز إبنة على بنت أخوة ده
وأبتسمت لصديقتها وأشارت إلى مقدمة رأسها وتحدثت بتفاخر: بس بالعقل يا أحلام، الموضوع محتاج تخطيط صح علشان ما يبانش إني بهددة وبحطة قدام الأمر الواقع.

ضحكت صديقتها بخفة وسألتها متلهفة: أنا بردوا قولت أكيد ماجدة مش هتسيب فرصة زي دي تعدي من تحت إديها من غير ما تستفاد منها، قولي لي بقا على خطتك الجهنمية؟
ضحكت ماجدة بشدة وأجابتها بمراوغة: لما يبقا ييجي وقتها هقول لك أكيد
ضحكت إثنتيهما بخلاعة واكملا طعامهما مع حديثهما الذي لا ينتهي تحت نظرات الرجال على تصرفاتهم وضحكاتهم الخليعة.

مر أربعة أيام على هذا اليوم المرير الموجع للجميع
وصل فارس إلى المشفي كي يصطحب مريم معه عائدا بها إلى منزلهما، حيث كان يمر من جانب المشفي وقرر أن يمر عليها ويصطحبها لأجل أن لا تتأخر على إبنته الغالية، دلف إلى رواق المشفي وجد دكتور ياسر يقف بجانب موظف الإستعلامات ممسك بيدة دفتر يتفحصة بإهتمام.
تحرك فارس إلية وتحدث بوجه بشوش: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نظر إلية ياسر ورد بإحترام ووجه مبتسم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا فارس باشا، وأنا أقول المستشفى نورت لية، أتاري حضرتك مشرفنا
إبتسم فارس لكلمات ذلك الرجل المجامل وتحدث بمثلها: المستشفى منورة بوچودك يا دكتور.
أردف ياسر متسائلا: ياتري جاي للباشمهندس يزن؟

وقبل أن يجيبه دلف من مدخل المشفي رجل يصرخ من شدة الألم الناتج عن كسر مضاعف لساقة، إلتفت ياسر سريع إلى منبع الصوت، وأستدار من جديد وبسط يده بالملف واعطاه إلى موظف الإستعلامات وتحدث إليه: دخل ده للأنسة مريم وخليها تراجعه كويس علشان محتاجة إنهاردة.
وتحرك سريع إلى المريض، إنفرج فاه فارس وتحدث بصوت ضعيف بالكاد مسموع لدية: أنسة؟ يا سنة سوخة يا ولاد، بجا مرتي أني عيتجال عليها أنسة بعد سنتين ونص چواز؟

وأكمل بتوعد وهو ينظر لأثر ياسر: ممليش عينه أني إياك ولد المركوب دي!
ودلف على عجالة لتلك الجالسة بالمقعد المتواجد خلف مكتبها، تحرك إلى مكتبها ومال عليه بجذعه وتحدث إليها بنبرة حادة: الدكتور اللي إسميه ياسر بيجول للموظف دخل الملف للأنسة مريم، هي الهانم مجيلاش إهني إنها متچوزة إياك؟!
ولا أني ممليش عنيكي يا بت منتصر؟

كانت منكبة تنظر على الملف الذي وصلها للتو مع الموظف، رفعت وجهها ونظرت بإستغراب على ذلك الذي يبدو من صوته الغضب الهائل وتسائلت مستفسرة: فارس، إية اللي چابك إهني؟
إعتدل بوقفته ونظر لها وتحدث بنبرة صارمة: چاي أخدك لچل منروحوا مع بعض، وبعدين مچاوبتيش على سؤالي ليه؟
عجولك ياسر عيجول للموظف الأنسة مريم، ممليش عينه أني إياك واكل ناسة دي؟

تنهدت بأسي ووضعت كفيها فوق المكتب وشبكتهما ثم تحدثت بلامبالاة إستشاط غضبة: وهو هيعرف منين إنك چوزي، ولا أني متچوزة من الأساس؟
نظر لكفيها وأتسعت عيناه حين لم يجد بهما خاتم زواجهما، إستشاط داخله وتسائل بنبرة غاضبة: فين دبلة چوازك يا أستاذة، أتاري الراچل عم يناديكي بأنسه، عندية حج طبعا وإنت عملالي فيها ولا السندريلا سعاد حسني في صغيرة على الحب.

نظرت له بعيون منكسرة وتحدثت بنبرة حزينة متألمة: دبلتي وجعت في بلاعة الحمام من أكتر من شهر، وچوزي ما أخدش باله ولا حتى لاحظ الموضوع إلا دالوك.
شعر بحزنها وتألم لأجلها ولم يدري لما شعر بالغيرة الشديدة وتحدث بنبرة حادة لم يستطع تمالك حاله: وإنت لية ما جولتليش يا مريم لجل ما أچيب لك دبلة غيرها؟

نظرت داخل عيناه بإنكسار وإحباط، تحطمت روحه من نظرتها وشعر كم هو صغير بأعين حاله فتحدث وهو يبتلع لعابة بحزن: طب يلا بينا عشان أخدك على المركز جبل ما نروحوا وأچيب لك دبلة بدل اللي وجعت.

تحركت معه بعدما إنتهت من مراجعة الملف وإعطائة للموظف كي يوصله إلى ياسر، وأستقلت السيارة بجانبه وذهب بها إلى المركز ودلفا إلى محل المصوغات الذهبية، وأنتقي لها خاتم بنفسه وألبسها إياه برقة أستغربتها مريم وأستغربت حاله ككل حين تحدث: الخاتم هياكل من إديكي حتة، أول مرة ألاحظ إن إديكي ناعمة جوي إكدة
إبتسمت مريم بمرارة وتحدثت بنبرة ساخرة: تطور هايل يا فارس بيه.

وأكملت بنبرة إستسلام: يلا بينا عشان نروح لچميلة
شعر أنه مقصر بحق زوجته وأنها تستحق أفضل من تلك معاملة، فأمسك كف يدها ليحثها على الوقوف، ثم تحدث إلى بائع المجوهرات قائلا: عاوز سلسلة رجيجة عليها حرف ال F، وزيها بس على أصغر لطفلة صغيرة وعليها نفس الحرف.
أماء له الجواهرجي بطاعة وتحرك لإحضار طلبه.

حين تفاجأت مريم بتغيرة وشعرت بالسعادة قليلا من إهتمامه وتحدثت بنبرة ساخرة: إكدة الموضوع إتحول ل تهور ومبجاش تطور
ضحك عاليا وتحدث إليها بغمزة وقحة: هو إنت لساتك شوفتي تهور.

مالت نظرها للأسفل بحزن فتحدث هو سريع: لساتني هاخدك عند بتاع الكباب والكفتة وأشتريلك عشان عارف إنك عتحبية، وكمان هعدي على محل الحلواني الكبير اللي إهني في المركز وعچيب لك منية البسبوسة بالمكسرات اللي عتحبوها إنت وچميلة، وأكمل بتساؤل محب مهتم: ها، عاوزة أيتوها حاچة تانية يا ست البنات؟

إتسعت عيناها بذهول وأستغراب مما تراه عيناها وتستمعه اذناها من ذلك الذي عاشت معه وعرفت على يده المعني الحقيقي للإهمال وكسر الخاطر والنفس منذ زواجهما وإلي الأن
سعد داخلها بعدما أمسك القلادة وألبسها إياها وتحدث بنبرة سعيدة: مبروك عليكي يا مريم.

وأصطحبها ممسك كف يدها وتحرك بها داخل الأسواق ليبتاع لها كل ما تشتهي نفسها أو تشار علية عيناها، مما أسعدها لا لأجل ما أبتاعتة، ولكن لشعورها بالإهتمام والإحتواء التي ولأول مرة تعيشه مع زوجها.

داخل مدينة شرم الشيخ.

إنتهت من إرتداء ملابسها بالكامل وهيأت حالها إستعدادا للخروج، وقفت منتظرة خروج متيم روحها من المرحاض كي يصطحبها إلى مطعم خارج الأوتيل ليتناولا عشائهما سويا، تحركت إلى شرفة الجناح وباتت تمشط بعيناها معالم المكان وهي تنظر إلى وجوة المارة بتمعن، وبلحظة إنتبهت وخيل لها مرور أحد الوجوة المألوفة لدي بصرها، عادت ببصرها سريع إلى حيث رأت شبح هذا الوجة وباتت تتفحص الوجوة بتمعن متلهفة رؤيته، لكنها وللأسف لم تعثر على شئ لشدة زحام الشارع المكتظ بالمارة، إختفي الشخص وكأنه سراب وتبخر بين الزحام.

إهتز جسدها وأنتفض رعب حين وجدت من يكبل خصرها ويحتضنها من الخلف، قطب جبينة وسألها مستغرب حالتها ونظرتها المذبهلة وجسدها المنتفض بين يداه: إية يا حبيبي، مالك؟
تنفست الصعداء حين إستمعت لنبرة صوت حبيبها وأستكانت وتراخي جسدها بين يداه بعدما شعرت بالأمان في حضرتة ثم تحدثت: سلامتك يا حبيبي، بس كني شوفت حد أعرفة معدي بين الناس
ضيق بين عيناه وتحدث إليها متساءلا: حد تعرفية زي مين يعني؟

أجابته بعقل مشتت: معرفاش يا قاسم، هو كان معدي في وسط الزحمة ومعرفتش أميز هو مين ولا أني شفته فين جبل إكدة بالظبط
لم يعطي لحديثها إهتمام زائد وتحدث بلا مبالاة وهو يقبل وجنتها بحب: تلاجيكي بس بيتهئ لك يا حبيبتي، وابتعد قليلا وامسك يدها وهو يحثها على التحرك قائلا: يلا بينا ننزل عشان أني چوعت جوي
إبتسمت له ولامست ذقنه وتحسستها بيدها بحنان لمس قلبه وطمأن داخلة وتحدثت هي: يلا يا حبيبي.

بعد قليل كانت تجلس بالمقعد المقابل له، مبتسمة الوجة تنظر إلية وسعادة الدنيا تجمعت وسكنت قلبها ومقلتيها التي تغمره بنظرات تنطق عشق وحنان، أما هو فكان واضع يده فوق يدها الممدودة فوق الطاولة ممسك بها بإحتواء مما جعلها تحلق في سماء العشق جراء سعادتها الهائلة، جاء النادل إليهما ليستفسر عن ما يريداه
فسألها قاسم بلكنة قاهرية: تحبي تاكلي إية يا دكتورة؟
نظرت له وتحدثت خجلا: هاكل من اللي هتاكل منية.

إنتفض قلبه من شدة سعادته بطاعة إمرأتة التي تعشق رجلها لدرجة الإنصياع التام والتشبه به، تحمحم وحاول التماسك ثم نظر إلى النادل وتحدث إلية: هات لنا بيكاتا بالشامبنيون مع رز أبيض وسلطة خضرا
سأله النادل بإحترام وهو يسجل ما يملي علية: تحبوا تشربوا حاجة مع الأكل يا أفندم؟
نظر لها قاسم فأجابته عيناها بترك الخيار له فتحدث: هات لنا فيروز انانس بس يكون ساقع ومشبر.

إبتسمت له لتيقنها أنه إختير هذا المشروب خصيصا لتيقنه أنها تحبذ شرابه عن غيرة من المشروبات
رحل النادل وتحدث قاسم إليها متساءلا: عاوزة حاچة تاني يا حبيبي؟
حركت رأسها نافية وتحدثت بعيون مغرمة: عايزاك دائما چنبي ومحاوطني بحبك وبحنيتك يا حبيبي
إبتسم لها بحنين وتحدث: هتصدجيني لو جولت لك إني معارفش هرچع القاهرة كيف وأني فايت جلبي وروحي في سوهاچ، تعرفي يا صفا.

ترقبت إلى حديثه بكل حواسها فأكمل هو: مبجيتش بحس بالراحة والسلام والسكينة غير وإنت نايمة چوة حضني
ونظر داخل عيناها وأردف بنبرة حنون: غيرتيني جوي يا صفا، حولتيني من ألة للشغل لا بحس ولا باستمتع بأي حاچة، لإنسان بحس وبفرح وبخاف، بخاف وبترعب من فكرة بعادك عن حضني وحرماني من أماني وسلامي النفسي اللي ملجتهوش غير چوة روحك يا صافية.

وأكمل وهو ينظر داخل أعين تلك التي تستمع إلية بكل ذرة بجسدها: تعرفي إن ليكي نصيب كبير من إسمك
إبتسمت وتساءلت مستفسرة: كيف يعني؟
أجابها بنبرة مستكينة: روحك صافية شفافة، بتشد أي حد يجرب منيها وتطهرة وتصفي روحة من التشتت والضياع والحجد، طهرتيني من ذنوبي الكتير يا صفا.

أردفت بنبرة هادئة وعيون تشع حنان: إنت أخر واحد ممكن يعمل ذنوب أو يإذي غيرة يا قاسم، ذنوبك كلها في حج حالك، دايما بتاچي على حالك وتإذيها لجل ما تراضي اللي حواليك.

إبتسم بفم مقوس ساخرا من حالة وتحدث بنبرة متألمة وعيون نادمة: إنت اللي بتجولي إكدة يا صفا، ده أنت أكتر واحدة أني أذيتها بكلامي الأعمي وبغبائي وبأنانيتي، ده أني وجفت جدامك وجولت لك معايزكيش، ومش أني الراچل اللي غيري يختار له المرة اللي هتنام چوة حضنة،
وأكمل بنبرة صارخة من شدة ألمها: أني دبحتك بغبائي وتمردي الأعمي يا جلبي.

أشارت بيدها كي تحثه على الصمت وأردفت قائلة بنبرة بها رأفة على كليهما: إنسي يا حبيبي، إنسي كل اللي عدي كيف ما أني نسيته ودفنتة في وسط دفاتري الجديمة وردمت علية بعشقك اللي زهر جواتي وملي حياتي حب وسعادة وفرحة، نستني كل ألامي ودموعي اللي عدت.

شعر بطعنة بقلبه وكأن أحدهم قام بكل جبروت بطعنة بخنجر حاد وبشق صدرة وإنشطاره لنصفين وتركه نازف متألم عاچزا حتى عن الصراخ والتعبير عن إغتيالة، إنتفض داخله وزاد إرتعابه من فكرة علمها بما جري وكيف سيكون مردود هذا الخبر المشؤوم على وقعها لو لا قدر الله علمت.

أخرجه من حالة تألم ضميرة الصارخ الذي يؤنبه طيلة الوقت حضور النادل الذي أحضر الطعام وبدأ برصة فوق الطاولة بشكل منسق وطريقة حرفية وتحدث إليهما بكل إحترام: سهرة سعيده يا حضرات
بعد رحيل النادل تنفس قاسم عاليا ونظر لها بعدما إستعاد توازنة وتحدث بإبتسامة مزيفة تحامل على إخراجها جراء همه الذي أصابة: يلا كلي يا حبيبتي.

إبتسمت له وبدأتا بتناول طعامهما تحت سعادتها التي تخطت عنان السماء وهي تحيا معه كل أول مرة!
غصة تقف بمنتصف كل وجداني
تمنعني التمادي بسعادتي والأماني
تلقي عليا بظلال الخوف والرهبة والفقدان
غصة خيانتي للحبيب ونقضي للعهودي
أقسم أنها تشق قلبي شقا وتهز كل كياني
أخاف بل أكاد أموت رعبا من لحظة إزاحة الستار عن ذنبي في حق من أهدتني الحياة وأعادتني لأدميتي
بعدما كنت فقدتها داخل دوامة حياتي
فهل سيشفع لي حينها عشقي؟!
أم أن روحي ستدفن وتنتهي سعادتي تسديدا لفاتورة تمردي وعنادي!
خواطر قاسم النعماني.

داخل سرايا النعماني وبالتحديد داخل مسكن فارس ومريم وبعد وصولهم من المركز مباشرة
كانت تحمل صغيرتها التي تهتم بها نجاة طيلة فترة غياب مريم بالمشفي، وضع فارس جميع الأكياس داخل المطبخ وعاد إليها من جديد، أخرج من جيب جلبابة العلبة القطيفة وأخرج منها طوق صغيرته وأبتسم وتحدث بمرح وهو يلبسها إياة: شوفتي أبوكي چاب لك إية يا ست جلبي.

ضحكت الصغيرة وباتت ترفرف بكفيها بسعادة وضحكات أضفت الفرحة على قلبي فارس ومريم، إقترب فارس عليها مستغلا الوضع وحاوط ظهر مريم ومال بجذعة على صغيرته القريبة من وجه والدتها ووضع قبلة حنون ونظر بعيناي مريم وتحدث بحديث ذات مغزي: مش هناكل الكباب ولا أية يا أم چميلة؟!

إبتلعت لعابها خجلا وتحدثت إلية بنبرة هادئة كعادتها: خد چميلة لجل ما أخد دش بسرعة وأغير هدومي وبعدها أحضر الوكل
حمل عنها صغيرته وتحركت هي بإتجاة غرفة صغيرتها كي تحضر ثيابها التي قامت بنقل معظمها بخزانة صغيرتها لتخرج بعدها إلى المرحاض الخارجي كي تستحم به كعادتها منذ ليلة زفاف صفا وقاسم وما حدث بها.

فأمسك كفها ليجبرها على الوقوف وتحدث إليها بعيون متوسلة: بكفياك هجران بجا يا مريم، عشان خاطر ربنا ترچعي لأوضتك لجل ما تنوريها من تاني
وأكمل بعيون متشوقة بها نظرات حنون تدل على مشاعر صادقة بدأت تولد بداخلة لكنه لم يصرح عنها إلى الأن ولن يتعرف عليها من الأساس: إشتاجت لنومتك چاري ولونس روحك
قوست فمها وأبتسمت وأردفت ساخرة: ونس؟ هي دي كل جيمتي عنديك يا فارس، الونس؟

وكادت أن تتحرك مكملة بطريقها، أمسك كف يدها من جديد وتحدث بحيرة: مبعرفش أذوج الكلام أني، وأكمل بعيون متوسلة: إتحميليني يا مريم على ما أتعود وأكون لك فارس اللي إنت ريداه، أني محتاچك چنبي، متفوتنيش لحالي إكدة
لان قلبها لكلماته الصادقة ونظراته المتوسلة، شعرت بغربة روحة ووحدته التي يشعر بها هذا المسكين المتمزق والمشتت ما بين الماضي والحاضر، فقررت إحتوائة كي لا يشرد أكثر عن دربه.

بعد مدة كان يجاورها الجلوس بالأريكة يحمل صغيرتة فوق ساقية ويطعمها من الحلوي بداخل فمها تحت سعادة الصغيرة، أمسك قطعة من الحلوي وقربها من فم مريم تحت إتساع عيناها بذهول من تصرفة الذي ولأول مرة يفعل هكذا تصرف
فتحت فمها بخجل، وضع لها قطعة الحلوي داخله وهو يبتلع سائل لعابة من شدة إحتياجة لها ولضمة حضنها وتحدث بنبرة حنون: بألف هنا على جلبك يا مريم
وسألها بإهتمام: عچبتك البسبوسة؟

هزت رأسها وهي تمضغ ما في فمها، وبات ينظران لبعضيهما بحنان ورغبة من كليهما وأحتياج للأخر، شعر برأس طفلته يميل فوق كتفة، أسندها سريع ونظر بإبتسامة إلى مريم متحدث: چميلة نامت، هجوم أنيمها في سريرها على ما تلمي إنت الحاچات دي
وضع صغيرته ودثرها بغطائها جيدا وقام بوضع قبلة فوق وجنتها برفق وحنين، ثم تحرك للخارج وجدها في المطبخ تصنع له مشروب الشاي بعدما جلت الصحون وأعادت ترتيب مطبخها وأصبح نظيف.

تحرك إليها حتى وقف بجانبها وتحدث متحمحم بنبرة حنون: خلصتي اللي عتعملية؟
أجابته بنبرة خجلة وهي تنظر لجهاز فوران المياه: خلصت وبعمل لك شاي
إقترب عليها وأمسك كفاي يداها وأحتضنهما برعاية وتحدث وهو ينظر لداخل عيناها بهيام: معايزش شاى أني، أني عاوز مرتي اللي وحشتني
إرتبكت بوقفتها، فسحبها هو من يدها متجة بها داخل غرفتهما وأغلق بابها عليهما ليسترقا معا من الزمن لحظات سعادة لينعما بها.

بعد مدة كانت تقبع داخل أحضانة، قبل جبهتها وتحدث متسائلا إياها: أني لحد دلوك معارفش إنت إية اللي زعلك وخلاكي تسيبي أوضتك، بس أني معايزكيش تسيبيني تاني
ورفع وجهها إلية وتحدث بنبرة صادقة: السرير بارد جوي من غيرك والأوضة كنها جبري (قبري) يا مريم
تنهدت بأسي لكنها قررت عدم البوح بما يذبح روحها، حتى لا تقلل من شأنها كأنثي لا يراها زوجها بل ومازال يدفن حاله داخل إسطورة الماضي العتيق.

تحدثت وهي تضع كف يدها على ظهرة وتمسحة بحنان إقشعر له بدنه واستكانت به روحه: إنسي كل اللي فات يا فارس وأطمن، أني مهسيبكش تبات لوحدك تاني، وأكملت بنبرة توسلية: بس إنت ياريت تراعيني شوية، بلاش تحسسني إني مفرجش في حياتك جوي إكدة
أجابها متعجب: مين جال بس إنك مفرجاش وياي يا مريم، مفرجاش كيف وإنت بت عمي وأم بتي ومرتي، أني عاوزك تكبري عجلك إشوي عن إكدة.

تنهدت بأسي وسحبت حالها من داخل أحضانة وتحدثت وهي تلتقط مأزرها وترتدية قائلة بنبرة يائسة: هروح أعمل لك الشاي
سحب حالة لأعلي وجلس مستندا على ظهر التخت وتحدث بإنتشاء: هات لي وياك حتة بسبوسة مع الشاي لجل ما أحلي يا مريم.

تحركت للخارج بقلب مكسور من معاملة هذا الرجل التي تأكدت بأنها لم ولن تتغير حتى بعد كل ما حدث خلال اليوم ومحاولاته إسعادها بشتي الطرق، لكنه ختمها بجملته المميتة لإنوثتها حيث وصفها بأنها إمرأته وإبنة عمه وأم طفلته الغالية وفقط،.

كم كانت تتمني نطقة لكلمة حبيبتي، خليلتي، رفيقة دربي وأحلامي، كم تمنت أن تستمع منه لكلمات الغزل التي باتت تحلم بالإستماع لها منه بعد أن تعلق قلبها به رويدا رويدا وأصبح هو فارس أحلامها ورجلها التي تتمناه، لكن خجلها وحيائها يمنعاها بالإعتراف له بمشاعرها المكنونة.

داخل مدينة شرم الشيخ
كانت تجلس بحياء ووقار بجانب ذلك المتمدد فوق الشيزلونج أمام حوض السباحة المتواجد داخل الفندق، مغرومة هي بعيناه حيث أصبحت لا تشيح بناظريها عنها طيلة وقتها، أما ذاك العاشق فكان ممسك بكف يدها بتشبث وكأنه يخشي إضاعتها
شعورا رائع كان ينتابها من مسكة يده وأهتمامه الزائد ودلاله الذي يغمرها به منذ ان عاد إليها من القاهرة
نظر لداخل عيناها وتحدث بنبرة حنون: مبسوطة يا صفا؟

أجابته بعيون عاشقة: مبسوطة فوج ما خيالك يصور لك يا قاسم، مبسوطة لدرچة إني حاسة حالي هطير من كتر سعادتي
شعر بإرتياح وسعادة وتحدث إليها من جديد: ربنا يجدرني وأخليكي أسعد إنسانه في الدنيي كلها يا حبيبتي.
تحدثت إليه بنبرة حنون ونظرات عاشقة: وچودك جنبي وحواليا كفيل إنه يخليني أسعد واحده في الدنيي يا حبيبي.

كان هناك من يجلس مقابلا لهما على الجانب الاخر لحوض السباحة، وكعادته ممسك بيدة أوراقة وقلمة الرصاص اللذان يلازماه طيلة الوقت، يخط به ملامح وجهها الصافية التي جذبت إنتباهه منذ الوهلة الأولي التي رأها فيها منذ أكثر من سبع سنوات، وها هو يكرر ما فعل من ذي قبل ويزيد من الشعر بيت بإضافة ذلك المخادع من وجهة نظرة
نعم، إنه المجهول ذاته الذي رسم صورتها النقية فوق تلك المحرمة داخل اليخت.

إستغرب حين وجدها مازالت مع ذاك الحاد الطباع،.

كانت تمشط المكان بعيناها وبلحظة توقفت مقلتيها وذهلت عندما رأته يجلس مقابلا لها، دققت النظر بوجهه وبمقلتيه اللتان كانتا تنظر لها بتمعن، لم تشعر بحالها من شدة السعادة التي إنتابتها عندما تذكرته على الفور، نعم تذكرت ملامحه الهادئة رغم مرور كل تلك السنوات، لكن تظل ملامحه التي تتسم بالطيبة والهدوء والسلام النفسي كما هي، وحينها فسرت ذاك الوجة المألوف التي رأته وسط زحام المارة منذ يومان.

نظر لها قاسم وتحدث مستغرب وهو ينظر بإتجاه ذاك الرجل: بتبصي على إية يا صفا؟
إلتفتت إلية سريع وتحدثت بنبرة يملؤها الحماس: تخيل يا قاسم مين موچود معانا إهني؟
نظر لها منتظرا باقي حديثها فأكملت بنفس نبرة الحماس: فاكر الراچل اللي رسم لي رسمة زمان فوج المنديل
ضيق عيناه بعدم إستيعاب فتحدثت هي بنبرة حماسية لتذكيره: الرسام يا قاسم، أني متوكدة إنه بيرسمني دالوك.

نظر إلية سربع ليتأكد من حديثها وبالفعل تأكد حينما رأي وجهه أعاد ببصره إليها وتحدث بنبرة حادة غائرة: والهانم إية اللي مفرحها جوي إكده إن شاء الله؟!
نظرت إلية وبلحظة إنكمشت ملامحها وأنطفأت إبتسامتها وتحول وجهها المنير إلى حزين، تحدثت بنبرة يائسة: ولا فرحانة ولا حاچة يا قاسم، إنسي كل كلامي.

شعر بغصة مرة وقفت بحلقة عندما لمح حزنها الذي سكن عيناها، وما شعر بحاله إلا وهو يهب واقف وسحبها إليه لتقابله الوقوف وتحدث إليها بنبرة حماسية: تعالي نروح نسلم عليه
إتسعت عيناها بذهول وتحدثت بعدم تصديق: بتتكلم چد يا قاسم؟
تحدث وهو يحتضن كفها الرقيق ويسحبها بجانبه: إمشي معايا بدل ما أرچع في قراري.

ضحكت وهي تنظر إلية بعيون تكاد من الهيام تنطق صارخة، وصلا لموضع جلوسه وما أن شعر الرجل بأنهما يقصداه حتى أغلق أوراقة سريع مخبئ إياها من أبصارهما، ثم وقف إحترام وتقديس لمجيأهم إلية
تحدث قاسم إلية بنبرة صوت رخيمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظر عليهما الرجل الذي تخطي عامه الثاني والأربعون ولكن يبدوا على وجهه البشوش أنه وبالكاد لم يتخطي الخامسة والثلاثون وذلك لنقاء روحه الذي يظهر على وجهه.

وتحدث بنبرة هادئة مريحة لسامعيها: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نظرت هي إلية وتحدثت بحنين وكأنه يذكرها بطفولتها الماضية: حضرتك مش فاكرني يا أستاذ؟
إبتسم لها وتحدث بنبرة هادئة: وأنساكي إزاي بس يا صافية، إنت من الأرواح الشفافة اللي الواحد يقابلها مرة واحدة في حياتة وتتحفر ملامحها النقية جوة عقلة.

إستشاط ذلك الواقف الذي بدأ يصك على أسنانة من شدة غيظة وغيرتة لكنة تمالك من حالة لأجل ألا يحزنها، شعرت هي به عندما ضغط على كفها بشدة هائلة غير واعي على حالة
قتحدثت سريع وهي تشير إلى قاسم: ده قاسم چوزي، أكيد فاكرة هو كمان
ضحك الرجل بخفة وأجاب وهو ينظر إلى قاسم الرافع قامته وهو يرمقه بكبرياء وضيق: ولا الأستاذ قاسم هو كمان يتنسي.

هز له قاسم رأسه بإستحسان فتحدث الرجل قاصدها: شايف إنك أزلتي خيوط العنكبوت اللي كانت بتقيد حركتك ومنعاكي من تحقيق أحلامك
ضحكت وتحدثت بنبرة حماسية: هو أنت لسة فاكر، أني الحمدلله شيلت كل الحواجز اللي كانت في طريقي وحججت كل احلامي
ونظرت إلى قاسم بهيام وتحدثت بنبرة أنثي تهيم عشق: وأهم وأعظم أنچازاتي هو چوازي من قاسم والسعادة اللي بعيشها في جربه.

إبتسم الرجل بخفة وتحدث: مبروك يا صافية، بس إوعي تخلي الفرحة تغمي عيونك وتخليكي تلغي شخصيتك القوية اللي بتميزك عن غيرك، وتصبحي تابع لحد
نظر له قاسم قاطب مستغرب حديثه الغير مباشر، حين إبتسمت صفا وتحدثت بنبرة هادئة: متجلجش عليا، مش ناوي توري لي الصورة اللي رسمتها لي المرة دي؟
إبتسم بخفة وتحدث نافي: للأسف، المرة دي أنا مرسمتكيش.

خاب أملها وهتفت بنبرة حزينة: يا خسارة، لما لجيتك بتبص علينا وبترسم بجلمك، إفتكرتك بترسمني أني وقاسم، جيت لك بسرعة وأني متوكدة إني هشوف رسمة عظمة، وأكملت بخيبة أمل: بس يظهر إني مليش نصيب
حزن لأجلها وتحدث قاسم وهو يحتضن كفها: يلا بينا علشان نسيب الأستاذ براحتة يا صفا
أومأت له بإيجاب وأستأذنت من المجهول، وتحركت بجانبة مستسلمة حزينة، إستدارت سريع حين إستمعت بمن يناديها بصافية.

فنظرت إلية بتمعن فتحدث المجهول ناصح لها: زي ما شيلتي خيوط العنكبوت اللي كانت معششة حواليكي ومكتفاكي ومعجزاكي عن تحقيق حلمك، ياريت تشيلي كمان الغمامة اللي على عيونك، بصي حواليكي ودققي كويس، متخليش الفرحة تمنعك من إكتشاف الأسرار
وأكمل مبتسم مشجع إياها: ومهما كانت الحقايق مرة وصعبة، لازم دايما تكوني متأكدة إنك أقوي منها وهتقدري عليها، وهتتخطي كل الصعاب.

إنتفض قاسم رعب من إستماعة لتلك الكلمات التي نزلت على مسامعه كصاعقة كهربائية زلزل جسده بفضلها، إبتلع لعابة حين نظر له الرجل داخل عيناه وكأنه يكشف ويستشف ما بأعماقة من أسرار لا تحكي ولا يفهم مغزاها إلا لمن وضع وجبر عليها
نظرت له صفا بإستغراب وتحدثت ببراءة: المرتين اللي جابلت حضرتك فيهم وكلامك ليا كيف الالغاز، مبفهمش منية حاچة أني.

أجابها بهدوء: هتفهميه بعد ما يتحقق يا صافية، على العموم متقلقيش، علشان إنت صافية أكيد ربنا هيشيل الغمامة اللي حوالين عيونك، بس كل شئ بأوان
لم يعد يتحمل أكثر سخافة ذلك المجهول، أسرع إلية ووقف قبالته وتحدث بنبرة حادة وهو يتمعن داخل مقلتية بنظرات غاضبة: إنت مين؟!
وتقصد إية بألغازك دي؟

إبتسم الرجل وتحدث إلية قائلا: أنا مجرد واحد عادي جدا، ربنا مانن عليا بملكة بيسمح لي بيها إني أقري جوة عيون البشر اللي مخبياة قلوبهم،
وأكمل نبرة مريحة: رسايل، مجرد رسايل بتعدي قدام عيوني وبقدر أفهم من خلالها اللي مسموح لي إني أفهمة!
كان ينظر له بعيون مذهولة مما يستمع مما جعل تلك الصافية تنظر لكلاهما متعجبة حديثهما ونظرات كلاهما للأخر وكأنهما يتحدثان بنظرات الأعين.

إقتربت من وقفتهما التي تشير بوجود حرب ستنشئ في القريب، أمسكت كف يده بإحتواء وتحدثت إلية: يلا بينا يا قاسم
إنتبة حينذاك على وجودها والتف إليها سريع، أومأ لها وتحرك بها للأمام بعد أن ألقي نظرة تحذيرية على ذلك المجهول الذي إبتسم بخفة وجلس من جديد وأخرج تلك الرسمة التي خبأها عندما تأكد أنهما يقصداه.

نظر إلى الرسمة والتي كانت عبارة عن صفا وقاسم يسحبها من معصمها منقادة خلفة بإستسلام وهي معصومة العينان بشريط أسود يحجب عنها الرؤية تمام، مبتسمة بشدة بينت صفي أسنانها ناصعة البياض، من يراها يتأكد أنها تعيش أجمل لحظاتها، لكنها تعيش وهم كاذب ستفيق منه على كارثة ستقضي على جميع أحلامها الوردية.

ليلا داخل غرفة يزن التي كان يقطن بها قبل زواجه وإنتقاله إلى مسكنه الخاص بصحبة زوجتة، كان يتمدد فوق تخته تائه شارد بذقن نابت، يمسك بين صباعية سيجارة ينفثها بشراهة وذلك بعدما إلتجأ إليها كي ينفث بها عن غضبة وقهر الرجال الذي أصابه بعدما علم بشأن عجزة عن الإنجاب.

طرقات خافتة فوق باب حجرته جعلته يخرج من شروده، لكنه لم يعر الطارق أية إهتمام وبرغم ذلك وجد من تقتحم الحجرة، إنها ليلي لا غيرها التي دلفت وتحركت إلية بهيئة جنونية وذلك بعدما هجرها يزن وعاد إلى غرفتة يمكث بها بعيدا عن وجة تلك التي أصبح يمقت رؤياها البغيضة
هرولت إلية وركعت فوق ركبتيها أسفل تخته ومالت على قدمة تقبلها وتحدثت متوسلة بدموعها الصادقة: أبوس رچلك يا يزن تسامحني وترچع لشجتك من تاني.

سحب ساقه سريع يبتعد عن لمستها وإحتضانها لساقه التي تشبة إحتضان الأفعي بجلدها الناعم وهي تحتضن وتلتف حول ضحيتها بكل نعومة لتشعرة بالطمأنينة، وهي في الأصل تريد تكسير عظامه وسحب وتجفيف جسده من أخر نقطة بدمة
هتف بحدة وهو يرمقها بنظرات مشمئزة: إنت إية اللي چابك إهني، أني مش جولت لك الصبح معايزش اشوف خلجتك جدامي؟
أجابته بلهفة وعيون عاشقة: مجدراش أني على البعد دي يا حبيبي.

هتف بحدة: الله الوكيل لو ما خفيتي من وشي الساعة دي لكون فايت لك السرايا كلياتها وواخد هدومي وأروح أجعد في الإستراحة بتاعت الچنينة تحت
أجابتة بنبرة صادقة وهي تقترب حيث جلسته: يبجي أنت إكدة ناوي على موتي يا حبة جلبي
وقف سريع ونفض يدها التي لامسته بها بشمئزاز وتحدث بنبرة حادة: مصدجة حالك إنت إياك؟
ميتا كانت جلوب الخونة عتعرف تعشج وتحس؟
جحظت عيناها وهتفت بنبرة مذهولة: بجيت خاينة خلاص في نظرك يا يزن؟

أجابها بنظرات كارهة: أومال عتسمي كدبك ولفك من ورا ضهري وإنت دايرة على الدچالين الكفرة بإية
ثم إقترب عليها وأمسكها من ساعدها ولفة خلف ظهرها في حركة جعلتها تتألم وتحدث إليها بفحيح: كتي عتنامي في حضني كيف ومنين كانت بتاچيكي الجرأة تبصي چوة عيوني وإنت مستغفلاني ومضحكة الخلج عليا
أجابته بدموع عيناها الصادقة: أني عملت كل ده علشان بحبك يا يزن، كان نفسي أچيب لك حتة عيل لجل ما أفرحك و أربطك بيا أكتر.

ترك معصمها وتحرك ليعطيها ظهره كي لا تري تألم روحة وصرخات عيناه وأجابها بحسرة ملئت صوته: وأديني أني اللي طلعت معيوب ومهعرفش أكون راچل وأچيب حتة عيل من صلبي يحمل إسمي ويشيلني في شيبتي وضعفي.

نزلت كلماتة ونبراته الضعيفة المتألمة على قلبها شطرته لنصفين، وبرغم حزنها علية إلا أنها لم يطرق حتى بمخيلتها أن تعترف له بالحقيقة التي تعلمها علم اليقين بعدما قصت عليها والدتها كل ما فعلاه هي وأبيها مع طبيب الفحوصات، بل وسعدت لما حدث بتوهمها أنها وبذلك التصرف الخالي من الضمير تحافظ علية وتضمن بقائة مجبرا داخل أحضانها وللأبد.

أخذت نفس عميق إستعدادا لإستمرار كذبها علية وأردفت قائلة بنبرة ناعمة كنعومة الأفعي: وأني جبلاك على إكدة يا حبة جلبي ومعيزاش من الدنيي دي كلياتها غيرك إنت وبس، معيزاش لا عيال ولا مال ولا حتى ناس في حياتي
وأقتربت علية وتلمست ظهرة بلمسة حنون قائلة: معايزاش من الدنيي كلاتها إلاك يا جلب ليلي.

إنتفض بوقفته كمن لسعة عقرب وأستدار لها وتحدث والشرر يتطاير من عيناه قائلا: وأني معايزكيش ولا طايج أشوف خلجتك جدامي، إنت واحدة كدابة وخاينة للأمانة
وأكمل مهددا إياها بنبرة غاضبة: وعليا اليمين لو مخفيتي دالوك من خلجتي لأكون رامي عليك يمين الطلاج ومعاملش إعتبارات لأي حاچة واصل.

إستمعت لذلك التهديد وأرتعب داخلها وأنتفض جسدها بالكامل رعب، وبسرعة البرق كانت منسحبة للخلف وتحدثت وهي تقترب من الباب إستعدادا للمغادر: إهدي يا يزن، متخليش الغضب يعميك عن اللي عشجتك وسلمتك روحها وجلبها عن طيب خاطر،
وأكملت منسحبة: أني هسيبك دالوك وهعذرك لجل غضبك اللي عاميك وعيخليك تجول حديت مش محسوب
رمقها بنظرة إشمئزاز حين خرجت هي سريع خشية فقدانة السيطرة على حاله ووصولة لقمة غضبة وتنفيذة لتهديدة.

خرجت وزفر هو بضيق وأخذ نفس عميق كمن كان يقبع داخل قبة لا هواء بها ولا شئ يصلح للحياة
تحرك لتختة وأرتمي بجسده علية بإهمال وعاد لأحزانة وقهرة قلبه، ثم مد يده جانب وسحب سيجارة من العلبة وقام بإشعالها والتنفيث بها بشدة وكأنه يصب بها غضبة المكظوم الذي لو خرج لأشعل المنزل بجميع من يسكنه.

كانت تقبع داخل أحضان ذلك العاشق الذي يجلس فوق الشيزلونج المتواجد داخل ال Suite, يطعمها الشيكولا بيده ويدللها، مسح بإبهامه على حافة شفتها وأمتص ما بها من بقايا شيكولاته جراء قبلته لها
وضعت رأسها على صدره بحنان وتحدثت بدلال إنثوي: قاسم، عوزاك تفضل تچلعني وتحبني إكدة على طول
تنهد براحه وشدد على ضمتها بذراع والأخر أمسك بكفه رأسها وضمها أكثر لصدره وتحدث بنبرة حنون: إنت فاكرة إني بچلعك إنت إكدة؟

واكمل بحنان: ده أني بچلع روحي وبهنيها بجربي منك يا بت أبوك يا عالية
إبتسمت ودثرت بحالها أكثر داخل أحضانة وتحدثت: هو إحنا هنرچع سوهاچ بكرة خلاص يا حبيبي؟
وأكملت بنبرة متألمة: يعني كلها يومين وتسافر القاهرة ومهشوفاكش غير كل إسبوع يوم؟

تنهد وأمسك وجهها محاوط إياة بكفيها وأردف إليها بنبرة حنون قائلا: معايزش أشوف الحزن ساكن عيونك تاني يا جلبي، وصدجيني أني مبجتش أجدر أبعد عنك ولو حتى ثواني، إن شاءالله هحاول ما أجعدش في القاهرة غير الأيام اللي فيها جلسات في المحكمة وبس
إعتلت الفرحة ملامح وجهها وتساءلت متلهفة: صح هتعمل إكدة يا قاسم؟
مسح على شعرها وأرجع خصله منه خلف اذنها وتحدث بإبتسامة: صح يا جلب قاسم.

نظرات عاشقة سكنت مقلتيهما وطالت وحركت مشاعر الرغبة بداخلهما، مال على شفتها وبات يذيقها من قبلاته التي تذيب كلاهما وتنقلهما لعالم موازي، وحملها برقة واتجه بها نحو تختهما ليحيا معا حياة العاشقين
بعد مدة كانت تقطن داخل أحضانة تنتفض من شدة سعادتها وشعورها بلذة الحياة، تحدث إليها بنبرة مبحوحة أثارتها: بحبك يا صفا، بجيت مچنون عشجك خلاص.

إبتسمت خجلا وهي تداري حالها وتندثر داخل صدرة، قهقه هو على تصرفها وكاد أن يتحدث لولا إستمع إلى رنين هاتفة يصدح من فوق الكومود، تناوله ونظر به وأرتبك حين وجد نقش حروف إسم عدنان
مما جعله يسحب جسده ويتخلي عن ضمته لها وهو يرتدي ثيابه ويتحدث إليها بإعتذار: معلش يا حبيبتي، هرد على التلفون في الرسيبشن برة علشان مش عاوز أدوشك بتفاصيل شغلي.

أومأت له بإبتسامة وأنسحب هو خارج غرفة النوم، وكاد أن يضغط للإتصال الذي إنقطع لكنه تجدد بالرنين من جديد فضغط زر الإجابة وتحدث بنبرة رسمية جادة: أفندم يا أستاذ عدنان
أجابه عدنان بنبرة مستائة وهو يجاور شقيقته الجلوس بشقتها: أستااااذ عدنان، للدرجة دي إحنا بقينا بعاد أوي كدة عن بعض يا قاسم؟
مكنش العشم يا صاحبي تكلمني بالطريقة الرسمية دي.

تنفس قاسم عاليا وتحدث بنبرة جادة: إنت اللي وصلت علاقتنا للمرحلة دي بإيدك يا عدنان، فياريت متجيش تلومني على الإسلوب اللي أنا إختارتة لشكل علاقتنا كرد فعل على موقفك معايا وعلى اللي أجبرتوني ووصلتوني لية إنت وعيلتك.
زفر عدنان وتحدث بنبرة لائمة: وبالنسبة للي إنت عملته مع أختي بدون ما تراعي العشرة والصداقة اللي بينا تسمية إية يا قاسم؟

أشارت له إيناس بإكمال ما أتفقا عليه منذ القليل وهي تنظر له بإستحسان، وأكمل ذلك الملقن قائلا بنبرة صوت حزينة كي يستدعي تعاطفة: يرضي مين إنك تسيب إيناس تاني يوم فرحها وتسافر وتفوتها لوحدها منهارة بالشكل ده، البنت هتموت يا قاسم، أنا جيت لقيتها مغمي عليها من كتر حزنها وقلة أكلها من يوم ما أنت مشيت.

كان يستشف كذبة من نبرة صوته، وعلم بجلوس تلك الحية وتيقن من أنها من تلقنه كل ما يتفوة به كالبغبغاء بدون تفكير، فتحدث بنبرة حادة غاضبة: عدنان، لو عندك حاجه مهمة بخصوص الشغل تستدعي نقاشنا ياريت تقول، غير كده أنا مضطر أقفل السكة لأني مش فاضي للمهاترات اللي بتقولها دي.

إبتلع ذلك البهلوان لعابه رعب من نبرة قاسم الشديدة وتحدث سريع بنبرة يبدوا عليها الإرتباك مما أكد لقاسم شكوكه: لا يا قاسم، الشغل كله تمام وماشي كأنك إنت وإيناس موجودين بالظبط.
تحدث إليه بنبرة حادة وهو يغلق الخط: تمام، مع السلامه.

وأغلق دون أن يستمع حتى لردة مما جعل إيناس التي كانت تستمع إلى المكالمة عن طريق مكبر الصوت تستشيط غضب وتحدثت بنبرة غاضبة: قليل الذوق، ماشي يا قاسم، إن ما خليتك تدفع تمن كل جليتك وقلة ذوقك معايا ده غالي، ما أبقاش أنا إيناس رفعت.

أردف إليها عدنان قائلا بنبرة تعقلية: إعقلي يا إيناس وبلاش تلعبي مع قاسم النعماني لأن وقتها هتخسري كل حاجة، وياريت متنسيش إنه صعيدي، يعني قرصتة ليكي وإنتقامة هيكون بدون رحمة وأكبر مما خيالك يصور لك.
أجابته بحدة: يعني عاوزني أقف أتفرج وهو بيقلل مني وبيحتقرني بأفعاله المستفزة دي يا عدنان؟

اجابها بدهاء: أكيد ما أقصدش كدة يا حبيبتي، أنا كل اللي عاوز أوصله لك إنك تفكري وتخطتي وتحاولي ترجعي قاسم ليكي من جديد بدل ما تخسرية للأبد.
نظرت له بإستحسان وشعرت بصحة حديثة وتعقله.

في الصباح
داخل فيراندا سرايا عثمان، كان يجلس هو وزيدان ومنتصر يتناولون مشروب الشاي بالحليب التي أعدته ورد وقدمته للجميع بنفسها، ودلفت من جديد لداخل المطبخ لتستعد لتجهيز وجبة الفطور لأهل المنزل ولرسمية التي مازالت تلازم الفراش لشدة مرضها
خرج يزن وألقي عليهم السلام بنبرة حادة وعيون تتلاشي النظر لأي كان، فهذا للاسف أصبح حاله منذ تلك الليلة المشؤمة.

وكاد أن يتحرك للخارج فاوقفه زيدان قائلا بنبرة حنون: تعالي يا ولدي إشرب لك كباية شاي بحليب على ما الفطور يچهز.
تحدث إلية متلاشي النظر بعيناه تحت نظرات منتصر المتألمة لأجل إنكسار ولده: هبجا أفطر في المحچر ويا الرچالة يا عمي عشان فية شغل مستعچل لازم يتسلم كمان شوي.

قاطع حديثه عثمان قائلا بنبرة صارمة: وبعدهالك يا يزن، عتفضل على حالك المايل ده كتير، أني مش جولت لك فضي حالك يوم لجل ما تدلي ويا عمك على مصر وتعمل تحاليل چديدة؟
إشتعل داخله وشعر بدونيتة ونقص رجولتة الذي بدأ يلازمه عندما يذكر أحدهم هذا الأمر أمامه وتحدث بنبرة حادة: وأني جولت مرايحش يا چدي وبكفياك چبر فيا لحد إكدة.

وأكمل بنبرة رجل مهزوم: مهروحش أني كل شوية للحكما لچل ما يشفجوا على حالي ويتفرچوا على خيبتي وعجزي، أني عرفت نصيبي من الدنيي ورضيت بيه خلاص.

في تلك الأثناء كانت فايقة تقف خلف الحائط الداخلي وتتسمع عليهم بعدما كانت في طريقها إليهم تحمل بيدها صحن كبيرا من المخبوزات لتقديمة إليهم كي تكحل عيناها برؤيا زيدان التي مازالت تعشق تفاصيلة إلى الان برغم السواد الذي يملئ قلبها، وأيضا كي تنال رضي عثمان عليها بعدما أصبح يبغض رؤياها بشدة.

إبتسامة سعيدة إعتلت ملامحها حين إستمعت إلى حديث يزن المثلج لصدرها وأستشفت وتأكدت من إستسلامه وإعلانه الرايا البيضاء لما أخبرته به هي وقدري
تحدث إلية منتصر بنبرة غاضبة: حديت إية الماسخ اللي عتجولة ده يا يزن، كنك إتخبط في نفوخك، تايه إنت إياك عن لعب المحروجة اللي إسميها فايقة؟

أجاب والده بنبرة صارمة لا تقبل النقاش: أنا جولت كل اللي عندي ولو ليا غلاوة في جلبك يا أبوي تنسي الموضوع ده ومحدش فيكم يفاتحني فيه تاني، وإلا قسما بالله لكون مطلج ليلي وأروح أبني لي أوضة في چنينة المانچة ومهتشوفوا وشي إهنية تاني
قال كلماته التهديدية وهرول مسرع خارج البوابة الحديدية حتى إختفي عن الأنظار، وضع منتصر كف يده ساندا به رأسة وتحدث بنبرة منكسرة: يا ميلة بختي في ولدي الكبير.

تحدث زيدان إلى شقيقة المهموم: متعملش في حالك إكدة يا أخوي ليچري لك حاچة، وأصبر يومين تلاتة إكدة لحد ما يهدي اعصابة وأني بنفسي هاخدة وأعيد له التحاليل تاني
أما في الداخل تحركت فايقة عائدة بما في يدها إلى المطبخ من جديد بعد ذهاب يزن مباشرة، وتحدثت إلى العاملة بإنتشاء وسعادة ظهرت فوق ثغرها: خدي يا حسن خرچي الصحن دي للحاچ برة.

رمقتها نجاة بنظرة نارية وتحدثت بتهكم: ملجتيش مواصلات إياك يا فايقة ولا زي عادتك، عملتي الجراجيش حجتك و وجفتي وأتسمعتي على الرچالة وعاودتي
إبتسمت بجانب فمها وأجابتها ساخرة وهي تنظر إلى ورد قاصدة إياها بحديثها: أصلي لجيت إن مايصحش إن أسياد البيت يهينوا حالهم ويجوموا هما بشغل الخدم.

إبتسمت ورد لتيقنها أنها تقصدها بذاك الحديث لتقديمها قبل قليل مشروب الحليب الممزوج بالشاي، فتحدثت ورد بنبرة متسامحة: عمر خدمة الست منينا لچوزها وناسه ما كانت إهانة، الإهانة اللي بچد إن الإنسان يكون عارف ومتوكد إنه ماشي في طريج الشيطان، ومع ذلك مكمل في أذيته لخلج الله
إبتسمت ساخرة ورمقتها بنظرة إشمئزاز وتحركت للخارج
أما في الأعلي.

كان يغفو وهو يحاوط جسدها بذراعية من الخلف، تمللت من بين ضمته عندما إستمعت إلى رنين المنبة، مدت يدها بتكاسل وضغطت على زر التوقف، وكادت أن تتحرك لولا يداه التي كبلتها من جديد وتحدث بصوت متحشرج ناعس: خليكي نايمة چاري
إبتسمت بسعادة وأستغربت تحوله، وتحدثت إلية: مهينفعش يا فارس، لازمن أروح المستشفي، صفا مش إهنية ولازمن أباشر المستشفي مكانها.

شدد من ضمتة لها وتحدث وهو مغمض العينان بتكاسل: بلاش المستشفي إنهاردة وخليكي چاري، أني كسلان ومش عاوز أجوم بدري وعاوزك في حضني
ما كان منها إلا أن أطاعته وأستسلمت لضمته بل ونعمت داخل أحضانة وغاصت من جديد في نومتها الهنيئة داخل أحضان زوجها الدافئة الحنون التي ولأول مرة تشعر بها.

أما عن ياسر الذي قضي يومه العملي مكتئب لعدم رؤيتة لوجة فاتنتة الجميلة التي سحرته وأصبح يومه لا يكتمل إلا برؤياها الساحرة التي تربت على قلبه وتمنحه السلام النفسي.
في المساء
وصل العاشقان إلى مطار سوهاج بسلام، وجدوا فارس بإنتظارهم ليقلهم بسيارتة إلى المنزل، وبالفعل إستقلوا السيارة وجلس إثنتيهم بالمقعد الخلفي
نظر فارس لإنعكاس كليهما بالمرأة وتحدث ساخرا: سواج اللي جابوكم أني لجل ما تلطعوني جدام لحالي وتجعدوا تحبوا في بعض إكدة
ضحك كلاهما وتحدث قاسم الذي يكبل كتف محبوبتة كمن يخشي هروبها: يا تسوج وإنت ساكت يا تنزل وتركب لك أي تاكسي وأسوج أني.

أجابه ساخرا: لا وعلى إية، أسوج وأني مكتوم لجل ما ترتاح حضرتك إنت والدكتورة
وصل الثنائي إلى السرايا ولقيا إستقبال حار من الجميع ما عدا يزن وذلك لعدم تواجدة حيث أنه أصبح يعود في وقت متأخر من الليل وذلك حين يتأكد من أن الجميع قد غفي في ثبات عميق كي لا يراة أحد من سكان المنزل.

وأيضا ليلي التي أصبحت حبيسة حجرتها بعدما تركها يزن وبات لا يطيق حتى النظر لرؤية وجهها البغيض بالنسبة له، أما فايقة التي كانت تنظر بحقد إلى صغيرها والسعادة التي تنطلق من عيناه،.

كم بغضت رؤية الراحة والسلام اللذان إرتسما على ملامحه وأستوطنا، بلحظة شعرت بالخطر وبأن عرش إنتقامها الأعمي بات مهددا بالإنهيار، وأكثر ما أرق روحها وأتعبها هو العشق الظاهر وأنسجام روحي هذا الثنائي ونظراتهما العاشقة المتبادلة والتي تؤكد وتظهر عشق كلاهما للأخر.

تحرك قاسم وقبل مقدمة رأس عتمان وتحدث بنبرة صوت هادئ وملامح وجة مبتسمة أكدت لعتمان أن حفيده قد سامحه وتأكد من حسن إختيارة له: كيفك يا چدي وكيف صحتك.
ربت عثمان فوق ظهر حفيدة وتحدث بنبرة إستحسانية: بخير طول ما أنت بخير يا سبعي
إبتسم له قاسم بإرتياح كقبل
ثم تحرك إلى والدته بعدما إطمئن على جدته وأحتضنها وتحدث إليها بنبرة هادئة: كيفك يا أما، إتوحشتك.

مالت على إحدي أذناه وهمست بنبرة حادة عاتبة: وعشان إكدة كنت عامل حظر لرقمي وكل ما أتصل بيك يجول لي مجفول؟

أجابها بمراوغة، فهو حقا كان مفعل تلك الخاصية لرقمها وإيناس وكوثر وذلك لعدم إزعاجة هو وحبيبته، وهذا ما أشعل روح فايقة وجن جنونها حين حاولت الوصول إلية بشتي الطرق لتخبره ما جري لشقيقته كي تجبره على قطع إجازتة وعدم إعطائه هو وصفا الفرصة للتقرب أكثر والإستمتاع معا كي لا تتقارب روحيهما أكثر: الشبكة هناك مكناتش زينة يا أما، حجك عليا.

تحدثت إلية من جديد: عاوزاك تاجي معاي نطلع فوج لأختك لچل ما أحكي لك على اللي حصل لها من إبن المركوب اللي إسمية يزن
إهتز داخله لأجل شقيقته وتسائل متلهف: إيه اللي حصل يا أما، إوعا يكون مد يده عليها؟
مد يده بس، ده بهدلها جدام العيلة كلياتها، ومحدش منيهم نطج ولا حتى جال كلمة نصف بيها خيتك: كانت تلك جملة خبيثة نطقت بها فايقة لتشعل داخل صغيرها تجاة يزن وتجاة جميع العائلة.

إستأذن من الجميع وصعد إلى مسكن شقيقتة هو وفارس الذي فهم مغزي همس والدته إلى شقيقه وأصر على الصعود معه كي يمنع والدته من ملئ رأس قاسم بأحاديث مغلوطة وغير صحيحة بالمرة، وشحنه بالكراهية ضد يزن الذي هو بالفعل يبغضة لعلمه أنه يكن داخل صدره عشق إلى صفا.

صعد إلى شقيقته وأخذها داخل أحضانة، وما كان من ليلي سوي الإنفجار بالبكاء الحاد وكأنها كانت تنتظر ضمتها إلى صدر أحدهم كي تشعر بالأمان داخله وتخرج كل ما تكنه داخل صدرها وتخفيه، وتعلن عن إنهيارها، ربت قاسم على ظهرها بحنان وتحدث بنبرة حنون: إهدي يا ليلي، إهدي يا حبيبتي وفهميني إية اللي حصل، وأكمل بنبرة متوعدة: وصدجيني، هچيب لك حجك من كل اللي چم عليك وظلموك.

جلست فايقة وقصت علية ماحدث من وجهة نظرها الكاذبة الحقود
إشتعل داخل قاسم وكاد أن يتحرك إلى يزن ليلقنة درس ويتقاتل معه، أوقفة فارس الذي أكمل له الحديث التي تعمدت والدته عدم ذكرة، تحت غضب فايقة وسخطها على فارس
جحظت عيناي قاسم وتحدث ملام إلى والدته قائلا: معجولة اللي بسمعة من فارس دي يا أما، كيف طاوعك جلبك تودي ليلي بيدك للناس الكفرة اللي ميعرفوش ربنا دول؟

ثم نظر إلى شقيقتة وأردف معاتب إياها: وإنت يا ليلي يا متعلمة يا اللي تعرفي حدود ربنا والصح من الغلط، كان فين عجلك وإنت ماشية تابع ورا أمك كيف العامية وبتغضبي ربنا وبتخدعي چوزك؟
أجابته من بين شهقاتها الحادة ودموع الألم: كنت عاوزني أعمل إيه يا قاسم، أني كنت كيف الغرجان اللي متعلج بجشاية، كنت مستعدة أعمل أي حاچة لجل ما أچيب حتة عيل أفرح بية جلب يزن وأربطة بيا أكتر.

سحبها لداخل أحضانة وتحدث وهو يربت على ظهرها بحنان: أني هاخدك وياي على مصر وهوديكي لأكبر دكاترة، ومهسيبكيش غير لما ربنا يراضيكي ويديكي العيل اللي نفسك فيه.
إرتبكت ليلي في حين هتفت فايقة بنبرة قاطعة: مبجاش لية لزوم المرواح والمجي يا قاسم، كل الدكاترة والتحاليل اللي عملناها جالت إن أختك صاغ سليم والعيب من يزن، هو اللي معيوب ومعيخلفش واصل.

تنهد قاسم بأسي على حال إبن عمه وما وصل إلية، فمهما كان يكن له بعض العداوة لأجل صفا إلا أنه يضل إبن عمه الذي يربطهما نفس الإسم والدم وبينهما الكثير والكثير من الذكريات الجميلة التي لم ولن تمحي بمرور الزمن
أردف فارس قائلا بإعتراض: متجوليش إكدة يا أما، يزن راچل من ضهر راچل، وأني متوكد إن فية حاچة غلط في التحاليل دي.

حول قاسم بصره إلية وتحدث بنبرة هادئة: طب ما تاخدة لمعمل كبير في مصر وتخلية يعيد له التحاليل من تاني ويتأكد
إرتعب داخل فايقة من إنكشاف أمر خطتها وتحدثت بنبرة قوية مصطنعة: الدكتور بعتنا لأكبر معمل في مصر كلياتها
أكدت تلك التي ورثت خبث وكذب والدتها كي تحمي حالها وعرشها: هي المعامل الكبيرة دي عتغلط بردك يا قاسم؟

تنهد قاسم وأجاب شقيقتة في محاولة منه لبث روح الأمل داخلها: كل شئ جايز يا ليلي، ممكن جدا تكون عينات الفحص إتبدلت وحصل لغبطة من دكتور التحاليل وهو بيكتب التقارير
تحدثت فايقة كي تغلق ذلك الباب بوجة نجليها: مليكش صالح باللحكاية دي يا قاسم لا أنت ولا أخوك، عمك منتصر ومرته مفكرينا عنكدبوا عليهم، وأي حد فيكم عيدخل معيصدجهوشي ولا هيأمنوا له، يبجا أسلم حل نبعد خالص ومندخلش.

هتفت ليلي بنبرة تأكيدية: أمي عنديها حج يا قاسم
إستمع قاسم حديث الأم وإبنتها وحزن كثيرا لأجل إبن عمه وما أصابة.

بالأسفل كان زيدان يحتضن صغيرته برعاية تحت نظرات الجميع المحبة، خرجت صفا من أحضان أبيها وتحدثت إلى عمها منتصر: أومال فين يزن يا عمي، مشيفهوش هو وليلي يعني؟
تحدث الجد كي يرفع الحرج والحزن عن كاهل ولده وزوجتة ذات القلب المتألم لأجل نجلها الحبيب: يزن عندية شغل في المحچر وزمناتة چاي يا دكتورة.

أومأت مبتسمة لجدها الحبيب، ثم أردفت متسائلة جدتها بعدما علمت بمرضها حين سألتها عن تغير لون وجهها وعيناها الذي يظهر المرض بداخلهما: والدكتور ياسر كتب لك على حجن الأنسولين من أول ما عمل لك التحليل وأكتشف إن عندك السكر يا جده؟
أجابتها الجدة بصوت واهن ضعيف: أداني برشام أول يومين مرتاحتش علية، بعدها حلل لي وجال لي إني لازمن أخد إبر لجل ما تجيب معاي مفعول زين.

تحركت صفا وجلست بجانبها ثم رفعت كف يدها وقبلته بحنان وتحدثت: ولا يهمك يا حبيبتي، أني هضبط لك الأكل وإن شاء الله مستوي السكر هينزل ومهتحتاجيش للأنسولين تاني
تدلي قاسم بجوار شقيقه من فوق الدرج بوجه مهموم لأجل شقيقتة وإبن عمة، تحرك إلى جدته وقبل جبهتها وسألها عن حالها وصحتها وبعدها تحرك الجميع إلى حجرة الطعام وتناولوا عشائهم بدون شهية.

إنسحب للأعلي هو وصفا دلفا لداخل المرحاض وأخذ كلاهما حمام دافئ كي يزيلا تعب السفر وجلسا سويا داخل غرفتهما
وقص لها ما حدث مع يزن وليلي مما جعل صفا تتسائل بإستغراب: كيف يعني العيب من يزن وأمك بذات نفسيها أخدت مني عنوان الدكتور بعد ما جالت لي إن ليها سنتين ونص بتلف على الدكاترة في المركز إهني، وكلهم بيجولوا لها إنها مسألة وجت؟
سألها مستغرب: جصدك إية بكلامك ده يا صفا؟

أجابتة بنبرة تشكيكية: جصدي إن لو فعلا الكلام دي صح، كان على الاقل دكتور منيهم طلب من ليلي إنها تخلي چوزها ياچي معاها ويعمل تحاليل، لجل ما يتأكد إن المريضة بتاعتة معنديهاش مشاكل
قطب جبينة وكاد أن يرد عليها لولا إستمعا كلاهما إلى طرقات عالية متتالية فوق الباب، مما أفزعهما وأسرع هو بإتجاة الباب ليري من الطارق، أما هي فأسرعت لترتدي ثياب ساترة لجسدها.

وجد فارس أمامة وتحدث بنبرة لاهثة تدل على وجود كارثة حدثت: چدك عاوزك تحت حالا يا قاسم
سأل شقيقة بنبرة مرتعبة: إية اللي حصل يا فارس، إنطج وجول فية إية؟
أجابة فارس: يزن تحت، وعيجول إن فية ناس تبع الشرطة هجموا على المحجر وخرجوة هو ورچالتنا منية بالعافية
خرجت لهما صفا وتساءلت بنبرة مرتعبة: فية إية فارس؟

أمسك قاسم مقدمة رأسها وقبلها بعدما قص عليها ما حدث، وتحدث إليها بنبرة مطمأنة: أدخلي نامي وإرتاحي يا حبيبتي، وأنا هنزل أشوف الموضوع وهطلع لك على طول
نزل بالفعل وجد جميع رجال المنزل و يزن بجاور جده فتحدث إلية بنبرة هادئة جديدة علية: إزيك يا يزن
أجابه يزن بإقتضاب: الحمدلله.
تحدث إلية قاسم بمهنبة: إحكي اللي حصل كله وشكلهم إية الناس دول، والراچل اللي قال لك إنة تبع الشرطة وراك الكارنية بتاعة؟

أجابة يزن بنبرة حادة: أني مش صغير علشان ينضحك عليا يا قاسم، ولا كنت هسيب مكاني واتحرك برچالتي من غير ما أتوكد إنهم فعلا شرطة وأشوف الكارنيهات بتاعتهم
عذر قاسم حدتة بالحديث، واردف قائلا بهدوء: وأني مبجولش إنك صغير يا يزن، أني بس بتأكد إنك شوفت كارنيهاتهم.

تحدث جدة إلية: أني كلمت مأمور المركز بس جال لي إن شكلهم جاصدين المحاچر بتاعتنا مخصوص وإنة معينفعش يتدخل لأنه بكدية هيبجا بيتحداهم وهيعملوا مشاكل هو في غنة عنيها، وأكمل مفسرا: أني كان ممكن أجمع رچالة النجع كلياتها بالسلاح ونمشوهم بالجوة، لكن معايزش الموضوع يخلص بالعنف وندخل الحكومة بيناتنا
هز قاسم رأسه وتحدث: شكلهم إكدة الظباط الفسدة اللي تبع كمال أبو الحسن وبيشتغلوا لصالحة في موضوع تهريب الاثار.

هتف قدري بنبرة حقودة وكأنة وجد مادة خصبة للحديث: أني جولت من اللول إن اللحكاية دي مهيجيش من وراها غير الخراب ووچع الجلب، وأهو كلامي طلع صح والمحاچر اللي هناكل من وراها الشهد ضاعت منينا
وأكمل وهو ينظر إلى زيدان قائلا بنبرة أمرة وكأنه أصبح الأمر الناهي: من بكرة تروح تسحب ورج الترشيح بتاعك يا زيدان، منجصينش مشاكل ووچع دماغ إحنا مع الحكومة.

نظر له قاسم مستغرب رد فعلة وتحدث بنبرة غاضبة: كلام إية اللي عتجولة حضرتك دي يا أبوي، عاوز ولاد النعمانية على أخر الزمن يطاطوا راسهم لواحد حرامي كيف كمال أبو الحسن؟
صاح زيدان بنبرة حادة وهو ينظر لداخل عيناي قدري بثقة: أني منكرش إني مكنتش رايد موضوع الترشيح دي من اللول، بس بعد اللي حصل من كمال دي، مسألة الترشيح بالنسبة لي بجت مسألة حياة أو موت يا قدري.

بعد الشر عنيك يا جلب أمك، إوعاك تچيب سيرة الموت ديت على لسانك تاني: كانت تلك جملة رسمية التي أصرت على الجلوس معهم رغم مرضها
أردف منتصر بنبرة قوية: وأني وولادي التنين واچفين في ضهرك يا زيدان
وافقاه يزن وحسن وأيضا فارس الذي خجل من كلمات أبية الشامتة.

في حين هتف عثمان الذي كان ينتظر ليري رد فعل الجميع، نظر إليهم جميعا متلاشي النظر إلى قدري وتحدث قائلا: هي دي رچالتي وعزوتي على حج، رچالتي اللي دائما جلبهم على جلب بعض ويدهم واحده جصاد أي عدو ياجي علينا
إنكمش قدري بجلسته خشية غضب أبية، حين تحدث قاسم إلى جدة بنبرة مطمأنة: مش عاوزك تجلج وإعتبر الموضوع إنتهي يا چدي.

وأمسك هاتفة وتحدث إلى رجل ذو هيبة وموقع حساس بجهاز أمن الدولة، كان قد تعرف علية من خلال قضية مهمة لأحد أقرباءة وانتصر قاسم بها، ابلغة قاسم أن هذه المحاجر ملك للدولة، وجدة يدفع المال التي حددته الدولة له سنويا.

قال له الرجل أن يذهب على الفور إلى هؤلاء الرجال ويهاتفه أمامهم ويفعل خاصية مكبر الصوت، وبخلال تلك الفترة القصيرة سيجري إتصالاتة ويتعرف على هويتهم بطرقة الخاصة والتي لا تصعب علية بكونة أحد الرجال الهامة في جهاز أمن الدولة، وقد ساعدة قاسم ومده ببعض المعلومات التي يعرفها عن كمال أبو الحسن، وأيضا أملاه يزن بأسماء بعض الرجال الذي رأي إثبات شخصيتهم.

بعد حوالي نصف ساعه كان قاسم وزيدان ومنتصر وقدري الذي ذهب بصحبتهم كي يستدعي رضا والده علية، وايضا يزن وفارس وحسن ومعظم رجال العائلة الذي إستدعاهم زيدان وعلى الفور لبي جميعهم النداء، يقفون أمام الضابط الفاسد ورجالة
وقف الضابط الفاسد وتحدث إليهم بنبرة قوية مهددا إياهم: جاي عاوز إية يا شاطر منك لية.

تحدث قاسم إلية بنبرة ساخرة: شاطر دي تقولها للي بيقدم لك الشاي في مكتبك، إنما لما تيجي تقف قدام رجالة النعمانية أسياد النجع وأسياد المركز بحالة، تبقا تقف كويس وتتكلم بأسلوب يليق بأولاد وأحفاد عتمان النعماني
هتف الضابط بنبرة حادة مهينة لشخص قاسم: وإنت بقا يا حيلة أمك اللي جاي تعلمني الإسلوب اللي هتكلم بيه مع امثالكم؟

أجابة قاسم بنبرة باردة وهو يضغط على زر الإتصال برجل الدولة المهم: هو أحنا فينا من قلة الأدب وطولة اللسان ولا إية
جن جنون الضابط وتحدث بنبرة غاضبة وهو يتحرك بإتجاة قاسم كي يتهجم علية ويلكمة: ولسة كمان هتدوق طولة الإيد يا روح أمك.

تسمر مكانه حين أوقفتة يد يزن الذي إحتجزة كي لا يقترب من إبن عمه، وجحظت عيناه حين إستمع إلى صوت قاسم وهو يتحدث إلى رجل الدولة: إيوة يا باشا، الظابط اللي كلمت جنابك عنه واقف قدامي وسامعك
تحدث الرجل موجة حديثة إلى الضابط الفاسد مهددا إياه: إسمع يا عمر يا منشاوي.

جحظت عين الضابط فأكمل الرجل حديثة: متستغربش إني عرفت إسمك، أنا أعرف عنك كل بلاويك والمخالفات اللي عملتها في شغلك المشبوة مع النائب الفاسد اللي إسمة كمال أبو الحسن،.

وأكمل بنبرة تهديدية: إسمعني كويس يا عمر، أنا هدي لك فرصة عمرك وده بس علشان ما أدمرش مستقبلك وإنت لسة في بدايتك، قدامك خمس دقايق بالظبط وتكون لامم البلطجية اللي حواليك دول وماشي من نجع النعمانية ومن سوهاج كلها، ولو في يوم شيطانك وزك وحاولت تأذي أي حد من عيلة النعمانية، ساعتها بس متلومش غير نفسك
وأكمل بنبرة حادة: مش سامع صوتك لية يا عمر؟

إرتجف جسد عمر وأجابة بنبرة مرتبكة: تحت أمرك يا باشا، حالا هتحرك أنا ورجالتي
تحدث الرجل إلى قاسم: لو فيه أي جديد حصل يا متر يا ريت تتصل بيا على طول وأنا هتصرف
أجابه قاسم بنبرة شاكرة: إن شاءالله يا أفندم، وشاكر جدا لأفضال جنابك.

أغلق الخط ونظر إلى الضابط الذي وبالفعل بدأ بجمع رجالة البلطجية وتحدث إلية بنبرة ساخرة: يلا يا شاطر، جمع البلطجية بتوعك دول ومشوفش خلقتك في سوهاج كلها وإلا إنت سمعت بنفسك الباشا قال إية
سحب نظرة بعيدا عن مرمي نظر قاسم المتشفي به وتحرك سريع منسحب هو ورجالة
حين هتف قدري بنبرة تفاخرية بنجلة: براوة عليك يا قاسم، سبع يا ولدي الله يحميك.

ربت زيدان على كتف قاسم وتحدث بنبرة استحسانية: ربنا يحميك لشبابك يا ولدي
إبتسم لعمه وأمسك كف يدة وضغط عليها دلالة على تضامنة
وتحرك الجميع عائدون إلى السرايا بعدما هاتف يزن رجالة وعادوا من جديد إلى المحجر لحمايتة
أما الضابط فهاتف كمال وقص علية تفاصيل ما حدث وأبلغه إنسحابه من القصة، غضب كمال وتوعد بالرد القاسي على عتمان وزيدان
في منزل زيدان النعماني.

كانت تجاوره الجلوس فوق فراش نومتهما وتحدثت إلية بنبرة حزينة: بلاش منية موضوع الترشيح ديه يا زيدان، أني جلبي ممطمنش للي إسمية كمال دي
وأكملت وهي تنظر لداخل عيناه والخوف يسيطر على نظرتها له: أني خايفة عليك يا حبيبي
سحبها لداخل أحضانة وربت على ظهرها كي يشعرها بالأمان والطمانينة: معادش ينفع الإنسحاب يا ورد، الموضوع كبر وبجا مسألة كرامة، وأني مهتنازلش عن كرامتي وكرامة عيلتي واصل جدام اللي إسمية كمال دي.

وأكمل: مش عايزك تخافي طول ما أنت چوة حضني يا زينة الصبايا
تنهدت بثقل وخبأت حالها داخل صدرة لتتناسي بضمتة أحزانها التي أصابتها جراء ما حدث.

في صباح اليوم التالي
فاق قاسم من غفوتة ثم أستعد وسافر إلى القاهرة تحت تألم روحة ودموع صفا وصرخات قلبها الذي ما عاد يحتمل البعاد عن وليفة ولو لساعات قلة.
ذهبت صفا إلى المشفي في محاولة منها لمتابعة سير العمل لسببين، الأول أن تتناسي ألم قلبها الناتج عن إبتعاد الحبيب، والثاني أن تعود لعملها التي تعشق مزاولتة.

أوصل فارس مريم إلى عملها بسيارته وترجلت منها داخل المشفي وتحرك هو إلى أعمالة التي يكلفه بها جده، دلفت وجدت بوجهها دكتور ياسر، نظر لها متلهف لرؤياها فقد إشتاقها وأشتاق رؤية عيناها حد الجنون،
تسمر بمكانه لينتظر مرورها بجانبة، إبتسم لها برقة وتحدث بنبرة هادئة تدل على عشق روحه لتلك الجميلة: حمدالله على السلامة يا أستاذة مريم
وأكمل بإبتسامة مداعب إياها: إحنا هنبتديها تقصير كدة من أولها ولا إية؟

أجابته بنبرة جادة: أني أسفة يا دكتور، وإن شاء الله هتكون أخر مرة ومهتتكررش تاني
إبتسم لها وتحدث بنبرة متسامحة: ولا يهمك يا مريم، المهم طمنيني، إنت كويسة؟
أجابتة بنبرة صارمة وهي تنسحب للأمام في طريقها إلى مكتبها: الحمدلله، بعد إذنك.

وهرولت سريع حتى أختفت داخل مكتبها، تنهد وتحدث بصوت يكاد مسموع لأذنه: لحد أمتي هتفضلي تهربي بعيونك مني يا مريم، لحد أمتي هتهربي من مشاعري وتعملي نفسك مش فاهمة ومش واخدة بالك من حبي ليك
تنهد ثم تحدث بنبرة متفائلة: على العموم هانت يا حبيبتي، أنا خلاص قررت أكلم يزن وأطلب إيدك منه، علشان خلاص، مابقتش قادر أصبر على معاملتك الجافة والرسمية دي أكتر من كدة.

ظهرا داخل سرايا النعماني
ذهب عثمان النعماني إلى حديقة الفواكة ليطمئن على المحاصيل بنفسة وليجلس مع يزن ويتحدث معه بخصوص إعادة الفحص مرة أخري، أما رسمية فبعد أن أخذت جرعة الدواء وإبرة الأنسولين دلفت لداخل حجرتها لتأخذ قيلولتها.

أما ورد فكانت تجلس في البهو بجانب نجاة وتحمل إبنة مريم وتدللها وتداعبها، نظرت ورد إلى نجاة المهمومة وأردفت بنبرة ملامة: وبعدهالك يا نچاة، عتفضلي لميتا جاعدة حزينة ومستسلمة لحالتك دي؟
تنهدت نجاة وتحدثت بنبرة محملة بثقل من الهموم: وأني إية اللي في يدي لجل ما أعملة يا خيتي ومعملتوش.

هتفت ورد بنبرة حادة: في يدك كتير إنت ومنتصر يا نچاة، إجعدوا وياة وحايلوة وخدوة لمصر من چديد لجل ما يعيد التحاليل، وأكملت بنبرة تأكيدية: كلياتنا وإنت أولنا خابرين زين إن فايقة ممكن تعمل أيتوها حاچة لجل ما تبعد الشك وتأكد للچميع إن عيب الخلفة عند بتها.

لم تكملا حديثهما حين إستمعتا صوت فايقة الهادر الذي يأتي من فوق الدرج وهي تنادي على العاملة إحسان بنبرة غاضبة، وهذا بعدما شاهدت ورد تحمل جميلة حفيدتها التي لم تحملها هي منذ ولادتها إلا مرات تعد على أصبع اليد الواحدة
وهتفت عاليا: إحسان، إنت يا اللي إسمك إحسان
خرجت العاملة مهرولة وتحدثت بنبرة مرتبكة لحدة وغضب صوت تلك الفايقة: نعمين يا ست فايقة.

أكملت فايقة حديثها بنبرة أمرة: هاتي لي چميلة وطلعيهالي على شجتي
وأنسحبت سريع إلى مسكنها فتحدثت نجاة بنبرة غاضبة: من ميتا وهي عتهتم بچميلة ولا حتى عتعتبرها حفيدتها، ونظرت إلى العاملة التي تنتظر لتأخذ الصغيرة لجدتها وتحدثت إليها: روحي على المطبخ يا إحسان، چميلة أمانة أمها ليا ومعسلمهاش لحد غير لأمها أو أبوها.

وقبل أن تتحرك العاملة أوقفتها ورد التي تحدثت إلى نجاة وأقنعتها بحديث العقل وأن تبعث بالفتاة إلى جدتها، وبالفعل أخذت العاملة الصغيرة إلى فايقة التي وضعتها فوق التخت لحالها وخرجت إلى بهو الشقة تتحدث مع إيناس لتخبرها بسفر قاسم إلى القاهرة وأن عليها الإستعداد التام لإستقبالة بشكل لائق وملفت للنظر.

أما بالداخل فتمللت الصغيرة بالجلوس لحالها وأرادت الذهاب إلى جدتها نجاة التي تداعبها وتغمرها بالدلال طيلة الوقت، باتت الصغيرة تصرخ بالنداء على جدتها ولكن لم تعيرها ذات القلب المتيبس أية إهتمام، بل تابعت ما تفعلة من تخطيط للإيقاع بفلذة كبدها داخل براثن إيناس ووالدتها، وذلك لتثأر من زيدان وإبنتة.

تحركت الصغيرة في محاولة منها للنزول، ولكن للأسف وقعت من فوق التخت المرتفع على مفصل ذراعها مما أدي إلى كسرة في الحال، صرخت الصغيرة صرخة مدوية إستمع إليها جميع من بالمنزل وتحركوا على أثره إلى الأعلى، إنتاب فايقة شعور سئ، أغلقت الهاتف بوجة إيناس وجرت سريع إلى الصغيرة وجدت ذراعها ملتوي ومنتفخ بشكل يستدعي الذعر والقلق.

وقفت متسمرة بمكانها لا تدري ما عليها فعله، إستمعت إلى خبطات سريعة متتالية فوق الباب، جرت سريع إلى الباب وفتحتة، وجدت نجاة وورد وليلي وجميع العاملات
تحركن جميعا وذهلن من وضع الصغيرة التي ما زالت ملقاة على الارض، كادت نجاة أن تحمل الصغيرة فصرخت بها ورد وحذرتها من خطورة الوضع وتحدثت إلى حسن: هاتي أي خشبة عريضة نحطها تحت يد چميلة لجل ما تتأذي أكتر.

وبالفعل وضعت ورد ذراع الصغيرة وثبتته فوقة ببعض الأقمشة، في تلك الاثناء حضر فارس بعدما هاتفتة ليلي وأخبرته بما جري
ذهب فارس والجميع إلى المشفي مما تسبب في ذعر للجميع، هرولت صفا إلى فارس وتحدثت بنبرة هلعة بعدما رأت وضع الصغيرة: إية اللي حصل يا فارس؟
أجابها ذلك الذي يتقطع لأجل صراخ صغيرتة: چميلة وجعت من فوج السرير يا صفا.

أتي ياسر بعدما أخبرته الممرضة بوجود حالة كسر مضاعف لطفله بالكاد تتخطي عامها الأول، فتحدث إلى فارس الذي يحتضن صغيرتة ممسك بها ومشددا: حط البنت على الترولي من فضلك يا أستاذ فارس.

نظر له بتيهه فطمأنه ياسر، فوضعها تحت صرخات الصغيرة وتشبثها بيد أبيها الذي تحرك معها لداخل غرفة الأشعة، تحركت صفا إلى مكتب مريم وأخبرتها بهدوء، صرخت مريم وأسرعت إلى إبنتها، وجدتها مازالت داخل غرفة الأشعة وممنوع الدخول بأمر من ياسر وطبيب الأشعة
سحبتها نجاة وأحتضنتها وربتت على ظهرها بحنان
تحدثت إلى والدتها بإستفسار: إية اللي حصل لچميلة وخلي دراعها ينكسر يا أما؟

نظرت نجاة إلى فايقة وتحدثت: حماتك هي اللي عتجول لنا إية اللي حصل، لأن بتك كانت معاها وجت ما دراعها إنكسر يا مريم
صاحت فايقة وأردفت بنبرة عالية: نصيبها يا حبيبتي، ربنا كاتب لها تنكسر وهي معاي، إيه، عتعترضي على أمر ربنا وحكمتة إياك؟
سألتها مريم بنبرة حادة: وإنت كنت فين يا مرت عمي وجت ما بنتي إنكسرت؟
أجابتها بتبجح: كنت في الحمام يا ست مريم، هتحكميني إنت كمان إياك.

سحبتها ورد إلى المرحاض كي تغسل وجهها وتزيل عنها تلك الدموع كي لا تراها الطفلة هكذا وتنهار أكثر
خرجت من المرحاض وجدت إبنتها قد خرجت ودلفت لحجرة الكشف، دلفت إليهم، وجدت ياسر وفارس وصفا ملتفون حول الصغيرة وفارس يستعد كي يجبر للصغيرة ذراعها،
جرت على صغيرتها وتحدثت بدموعها: چميلة، بنتي مالها يا فارس؟
نظر لها ياسر بذهول بعدما نزلت علية كلماتها فزلزلت كيانه، سألها بنظرات حائرة ونبرة مرتبكة: بنتك؟

بنتك إزاي يا مريم؟
إتسعت عيناي فارس حين رأي نظرات ياسر وتعبيرات وجهة المصدومة، وهنا عاد بذاكرته وتذكر نظراته إلى مريم ووقوفه قبالتها وطمأنته لها حين مرضت جدته رسمية،
إشتعل داخلة وأرتجف جسدة من شدة الغضب والغيرة وتحدث بنبرة غاضبة عالية: بتها مني يا دكتور، ولا هو سيادتك متعرفش إن مريم تبجا مرتي وأم بتي چميلة.

إتسعت عيناي ياسر ولم يستطع السيطرة على حالة وهتف بنبرة بائسة وعيون تصرخ ألما جراء أماله وأحلامه التي تحطمت بلحظة: مراتك إزاي، وأمتي ده حصل؟
ونظر سريع لأصبع مريم وصدم واتسعت عيناه عندما رأي خاتم زواجها بيدها، حدث حاله صارخ: يا إلهي، سأجن، كيف ومتي حدث ذلك؟
إرتبكت مريم وارتجف جسدها رعب من نظرات فارس التي لا تنذر بخير أبدا
حين تحدثت صفا بإستغراب: هو فيه ايه يا چماعة.

نظر فارس إلى صفا وتحدث بنبرة حادة: شوفي لي دكتور تاني يچبس لبتي دراعها
ثم حول بصره إلى مريم وتحدث وصدرة يعلو ويهبط من شدة الغضب والغيرة: تطلعي من إهني على البيت طوالي، وأني هچبس چميلة وهچيبها لك
هزت رأسها برفض وتحدثت من بين دموعها ممسكة بكف صغيرتها التي تصرخ باكية: أني مهسيبش بتي يا فارس، ومهروحش غير ورچلي على رچلها.

صاح بنبرة غاضبة وعيون تطلق شزرا: تروحي على البيت حالا ومعايزش كتر حديت يا مريم، ورچلك مهتخطيش المستشفي دي تاني، فهماني يا مريم
نظرت له تترجاة بدموعها فبادلها إياها بتحذيرية، لأول مرة تراه بهذا الغضب، إرتبكت فأخرجتها صفا بعد أن رأت غضب فارس العارم، وعادت إلى السرايا بصحبة ورد بعدما أبلغتهم صفا أن مريم لم تعد تتحمل رؤية إبنتها بهذا الوضع، وهذا بعدما فهمت صفا مغزي الحديث.

أما بالداخل، وقف ينظر بغضب إلى ياسر الذي مازالت الصدمة تلجم لسانة وتسمر قدماة، وتحدث إلية بنبرة غاضبة: واجف عنديك بتعمل ايه، جولت لك تتفضل تطلع برة
بالفعل تحرك للخارج يجر ساقية بخيبة أمل كبيرة، تحت إشتعال روح فارس وغيرتة التي تشعل جسدة، جاء طبيب العظام وجبر للصغيرة ذراعها.

بالخارج، تحركت نجاة منسحبة بهدوء كي لا تراها فايقة، ووصلت إلى غرفة طبيبة النساء والتوليد وتحدثت إلى أمل: هو أني لو چبت لحضرتك تحاليل معمولة في معمل في مصر، وشاكة إنها متزورة وملعوب فيها هتعرفيها؟

أجابتها أمل بنبرة صوت هادئة إرتاحت لها نجاة: على حسب، يعني ممكن تكون متزورة بطريقة مش مهنية فدي بسيطة وبسهولة نقدر نعرف إذا كانت ملعوب في نتايجها ولا لا، وممكن يكون اللي كاتبها حد مهني ومتخصص وساعتها هيكون صعب جدا إكتشافها
تحدثت إليها نجاة بنبرة بائسة: طب والعمل يا دكتورة؟
أجابتها أمل: الحل الوحيد والمضمون علشان تقطعي الشك باليقين، هو إن المريض يعيد التحاليل من جديد، وساعتها هنقدر نعرف النتيجة الصح.

تنفست عاليا واجابتها بإستسلام وملامح وجه حزينة: مش راضي يعيد التحاليل، مستكترها على حالة يا نضري
حزنت أمل لأجل تلك المكلومة، مع العلم أنها تجهل أن شخصية يزن هي المقصودة بالحديث، وتحدثت إليها: طب هاتي لي التحاليل دي وأنا هتصرف
هزت نجاة رأسها بإيجاب وتحركت من جديد إلى الخارج تنتظر خروج الصغيرة من الداخل.

داخل بهو سرايا النعماني
كانت تتوسط جدها وجدتها اللذان يحتضناها ويحاولا تهدأتها
تحدثت رسمية بنبرة حنون: إهدي يا بتي، دالوك هياچو بيها بالسلامة وهتبجا زينة
لم يكملا حديثهما حتى وجدوا فارس يحمل صغيرته وهي تغفوا بسلام بعدما حقنها الطبيب بإبرة منومة كي لا تشعر بألم ذراعها
جرت عليه وباتت تقبل كف يد ووجنة صغيرتها، تحرك بها ثم وضع الصغيرة فوق ساقي نجاة التي جلست بإسترخاء.

تحدثت جدته إلية: حمدالله على سلامة بتك يا فارس
أجابها بإقتضاب: الله يسلمك يا چدة
وتحرك إلى الدرج وتحدث بنبرة صارمة: مريم، عاوزك فوج
إبتلعت سائل لعابها وأرتبكت تحت إستغراب الجميع لحالة فارس وملامح وجهة شديدة الغضب.

داخل المشفي
تحركت صفا إلى مكتب ياسر الذي ظل حبيسه إلى الان وتحدثت إلية بنبرة هادئة: ممكن تفسر لي إية اللي حصل جدامي ده؟
نظر لها وهز رأسه بيأس وتحدث بنبرة حزينة متألمة: والله ما كنت أعرف إنها متجوزة يا صفا.

وأكمل بعيون شبة دامعة: أول مرة شفتها كان يوم فرحك، إتخبط فيها بالغلط وفونها وقع على الأرض وميلت جبتهولها، أول ما بصيت لعيونها سحرتني، على طول بصيت في إديها علشان اتأكد إذا كان من حقي أتمادي في مشاعري دي ولا لاء،
وهز رأسه بأسي وتحدث: مكانتش لابسه دبلة، والله يا صفا ما كانت لابسة، أنا أستغربت لما لقيت في صباعها دبلة جواز إنهاردة، والله ما كانت لابسة طول الفترة اللي فاتت.

حزن داخلها لأجل ذلك الخلوق لانها بالفعل تعلم مدي إحترامة وأدميتة، إنسحبت للخارج تحت تألم روحها وروح ذلك المذبوح الروح وتركتة يتألم بصمت.

بعد حوالي ساعة، جلست بداخل مكتبها
أمسكت هاتفها وضغطت زر الإتصال وتحدثت بنبرة جادة: مساء الخير يا دكتور محمد، أنا دكتورة صفا زيدان اللي كلمت حضرتك من مدة بخصوص حالة إبن عمي الباشمهندس يزن منتصر عتمان، ومراتة ليلي قدري عتمان
أجابها الطبيب حين تذكرها وتحدث: إفتكرتك يا دكتور، بس هو إبن عمك لية مجاش معاد الإستشارة وجاب التحاليل علشان أطلع عليها؟

نزلت كلماته على مسامعها زلزلتها وهذا بعدما تحدثت منذ الصباح إلى زوجة عمها فايقة لتسألها عن ما أخبرها به الطبيب، وأكدت لها فايقة أن الطبيب هو من أخبرها بما أخبرت به الجميع
سألته صفا: مرات عمي هي اللي جابت لحضرتك التحاليل يوم الجمعة اللي فات يا دكتور.

أجابها مؤكدا ان التحاليل لم تأتي من الأساس وتحدث إليها: أنا متأكد إن التحاليل دي بالذات أنا ما أطلعتش عليها، لأن دكتور حسن اللي موصيني على حضرتك قالي أكلمة وأبلغة بنتيجة التحاليل أول ما تظهر، علشان هو هيبلغك بيها بنفسة،
وأكمل مستغرب: ثم أنا مبشتغلش يوم الجمعة من الأساس يا دكتور.

أغلقت معه الهاتف وألف سؤال وسؤال يراودها، لما كذبت زوجة عمها وأخبرتها أنها قابلت الطبيب وهو بشخصة من أبلغها بنتيجة التحاليل؟
ومن أخبرها بتلك النتيجة إذا لم يفعل الطبيب؟
وهل ستخبر يزن بما علمته، أم ماذا عليها أن تفعل؟
مهما طال إندثار الحقائق وتواريها عن العيون
لابد من إزاحة الستار وفضح الظالم وكشف المستور
وهذا وعد الله للمظلوم
صعدت مريم خلف فارس الذي إستدعاها بنبرة غاضبة لا تنذر بخير، وجدته يقف عند مدخل مسكنهما، دلفت وما أن تحركت بساقيها إلى الداخل حتى إنتفض جسدها بالكامل من صوت غلق الباب الذي هز أركان المكان بأكملة
تحرك سريع إلى غرفة نومهما وتحدث بنبرة حادة: تعالي ورايا.

تحركت خلفة ووقفت قبالتة، رمقها بنظرات نارية وسألها: أني مستنيكي تحكي لي كل اللي أنا ما عارفهوش
نظرت إلية بإستغراب وأجابتة: اللي هو إية اللي إنت متعرفهوش دي؟
نظر لها بتحذير وهتف بنبرة حادة: موضوع الدكتور اللي إتصدم لما عرف إن الهانم متچوزة، وأكمل وهو يصك على أسنانة من شدة غيظة: البية اللي أماله وأحلامة إتهدت لما سمع إن عنديكي بت!

وأكمل بنبرة صارمة: سؤالي بجا يا أستاذة يا محترمة، إنت ما كنتيش خابرة بمشاعرة اللي باينة كيف عين الشمس دي ناحيتك؟
وأكمل بإتهام صريح: ولا كنتي عارفة وحاسة بنظراتة واللحكاية كانت على كيفك، وعشان إكدة مجبتليش سيرة عن موضوع الدبلة اللي أني إكتشفتة بالصدفة؟

إكفهرت ملامح وجهها وزهلت من كلماتة المهينة بل وإتهامة لها ولعفتها بكل وضوح، هتفت بنبرة حادة وحركات جسدية تدل على شدة غضبها: كنك إدبيت في نفوخك يا فارس، عتجولي أني الكلام الشين دي؟
هي دي فكرتك عني يا ولد عمي، للدرچة دي شايفني مرة رخيصة عتنبسط بنظرات الرچالة ليها؟

دب فوق دماغة بكفي يداه وتحدث بنبرة جنونية: أومال عايزاني أجول إية وأفكر كيف بعد ماشفت نظرات العشج اللي خارچة من عين راچل غريب لمرتي اللي عتنام چوة حضني؟
أجابتة بنبرة واثقة: دي مشكلتة هو، وأني ميهمنيش طالما واثجة في حالي ومحافظة على شرفي وشرف چوزي وعيلتي.

إقترب منها وأمسك كتفيها وهزها بعنف وهتف بنبرة تشكيكية: ولما أنت كنتي ملاحظة إنة حاطط عينة عليك، ما جولتليش لية أجيب لك الدبلة لجل ما تجفلي جدامة الباب وتأكدي له إنك ست متچوزة وتحطي جدامة حدود؟
أمسكت كفي يداه وانزلتهما عن كتفيها وأردفت قائلة بنبرة ضعيفة: ميتا كنت موچود معايا لجل ما أجول لك يا فارس؟
طول عمرك وإنت باعد حالك عني، ميتا حسستني إني مرتك وخليلتك.

ثم نظرت له بإنكسار وهتفت بنبرة حزينة: فاكر يوم فرح صفا لما دخلت عليا إهنية وأني لابسة فستاني، كنت مستنية منيك كلمة حلوة كيف اللي أي راچل بيجولها لمرتة لما يشوفها لابسة حاچة چديدة، وأكملت بدموعها التي تغلبت عليها وزرفت رغم عنها: كان نفسي أسمع منيك ولو كلمة واحدة تخليني أخد الخطوة وأبدأ وياك الحياة الچديدة اللي نويت بيني وبين حالي نعيشها سوا، لكن حتى النظرة إستخصرتها فيا.

لما طلعت لجل ما أجيب الدبلة بعد ما نسيتها وإنت هملتني أطلع لحالي، ورچعت الفرح ومهانش عليك تطلع وياي ولا حتى تستناني لجل ما تدخلني الفرح، وجعت مني الدبلة
واسترسلت بحزن: وبرغم كل اللي حصل منيك كنت ناوية أجول لك لجل ما تچيب لي دبلة غيرها
ومالت برأسها ونزلت دموع الألم من عيناها التي تصرخ وأردفت قائلة: بس اللي دبحني بچد وخلاني أكتم حزني جواتي لما لجيتك داخل ويا قاسم وبدأت تتلفت بلهفة وسط الحريم.

وضحكت ساخرة وأكملت بدموعها: جال وأني من خيبتي فرحت وجولت لحالي إنك بتدور عليا، بس فرحتي ما طولتش لما شفت عنيك لجيت مرساها ومبتغاها، أشجان يا فارس
إبتلع لعابه خجلا وحينها علم ما السر وراء هجرها له ولغرفتة.

وأكملت وهي تدق بيدها بكل عزمها على صدرها: إتجهرت وإتكسر جلبي ورجبتي وأني شايفة چوزي وحبيبي وهو عم يطلع لمرة غيري وعنيه عيطل منيها العشج، وجتها بس عرفت يعني إية كسرت النفس ووچع الجلوب، وأكملت بنبرة منكسرة: بجيت أبص حواليا وأشوف الحريم وهما عيبصوا عليا ويتصعبوا على الحرمة اللي مملياش عين چوزها ولساتة عايش جواة العشج اللي فات.

نظر لها وتحدث بنبرة صوت واهنة منكسرة: ومسألتيش حالك أني لية محاولتش أجرب منيكي ولا أديكي وأدي لحالي فرصة لجل ما نعيش ونخلج حياة چديدة؟
مسألتيش حالك أني لية كت عتهرب من نظرة عنيكي ليا؟
سألتة مستفسرة: جولي إنت لية يا فارس؟
إبتسم ساخرا وأجابها بنبرة رجل منكسر: عشان مرتي اللي نامت چوات حضني وخلفت منيها بتي كانت عتعشج أخوي وريداه،
إتسعت عيناها ونزلت كلماته المنكسرة على قلبها شرختة.

وأكمل هو متألم: مجادرش أنسي نظرت عنيكي الغضبانة ووجوفك جدام چدك وإنت بتعترضي على چوازك مني، ولا جادر انسي ليلة دخلتي عليكي وأني بجرب منيكي وحاسس بنفورك وإنت بتبعدي چسدك عن چسدي، مجادرش أوصف لك إحساسي وجلبي اللي كان بيجيد نااار في كل مرة كنت بجرب فيها منيكي وتحضنيني، كنت بحس بروحي بتروح من چسدي وأني متخيلك عم تتخيليني قاسم لما بتضميني عليكي، وجتها كنت بحس بچسمك كنه شوك بيتغرس في چوات جلبي ويشرخ فيه.

كانت تستمع لكلماتة ودموعها تنهمر كشلال فوق وجنتيها، حدثت حالها بتألم: كم تعذبنا وذابت قلوبنا من الألم وذبلت حبيبي، لما لم تصارحني من ذي قبل، لو كنت صارحتني لارحت قلبك من هذا الشك وبدأنا سويا حياة جديدة تليق بقلبينا.

إقتربت من وقفته وتلمست وجنته بكف يدها، وتحدث بدموعها المنهمرة: ربنا يشهد عليا إني من يوم كتب كتابي عليك وأني عمري ما طيف راچل عدي على خيالي، لا أخلاجي ولا تربيتي تخليني أعمل اللي عتجول علية دي، مش أني الحرمة اللي تفرج بين الأخوة يا فارس
وأكملت مفسرة: منكرش إني في اللول كنت رايدة قاسم، عادي، زيي زي أي بت شافت في إبن عمها فارس أحلامها.

وأكملت وهي تنظر لداخل عيناة والعشق ينطق من مقلتيها: بس بعد ما أتچوزتك وعاشرتك عرفت إن ربنا إختار لي الراچل الصح اللي كنت عتمناه، لجيت فيك كل حاچة إتمنيتها وحلمت بيها وبجيت فارس أحلامي يا فارس.

كان يستمع لها وقلبه ينتفض من شدة سعادتة، نعم فقد وجد بها كل ما يتمناة الرچل في إمراتة، العفة والروح الهادئة والإهتمام والطاعة والأخلاق الحميدة، لكن علمة بعشقها السابق لقاسم ضل كسد منيع وقف بينهما وجعلة يسجن حالة بداخل الماضي الأليم
حاوط وجهها بكفي يداه وجفف لها دموعها ونظر داخل عيناها وتسائل متلهف: عتتكلمي چد يا مريم، صح عشجتيني وأني بجيت راچلك وفارس أحلامك؟

أجابتة بنبرة عاشقة ونظرات هائمة: طول عمرك وإنت راچلي يا فارس، حتى من جبل ما تبجا حبيبي وأني شيفاك راچلي وسندي وچوزي
هتف بسعادة ولهفة غير مستوعب إعترافاتها: جوليها تاني يا مريم، جولي لي يا حبيبي يا راچلي
إبتسمت بخجل وتحدثت بنبرة رقيقة: بحبك يا فارس، يا راچلي
صرخ متأوه من شدة اللذة وقال: يا أبووووووووي، وأني عاشجك وعاشج التراب اللي عتخطي علية رچليكي يا ست البنات.

رمت حالها داخل أحضانة بإسترخاء وكأنها تخلصت من حملا ثقيلا كان يؤرق روحها، أما هو فما عاد متحملا رغبتة بها، رفعها بين ساعدية واتجة بها ألي فراشهما كي يتوجا إعترافاتهم ويغوصا داخل عالم مختلف، أكثر تفاهما، وأكثر صراحة، وأكثر راحة وعشق.

داخل القاهرة
كان يجلس داخل مكتبة حيث توجة من المطار إلية مباشرة، رحب به جميع العاملين بالمكتب وبدأ هو بمزاولة أعمالة
إستمع إلى طرقات فوق الباب فسمح للطارق بالدخول
وجد السكرتيرة التي تحدثت بنبرة وقورة: مدام كوثر مامت الأستاذة أيناس برة وعاوزة تقابل حضرتك يا أفندم.

بالكاد أكملت جملتها ووجدت من تقتحم المكتب وتتحدث بنبرة باردة وابتسامة مصطنعة: أنا مستغربة إصرارك على إنك تستأذني من جوز بنتي علشان أدخل له
شعر بإختناق وكأن الهواء قد تم سحبة بالكامل من المكان بمجرد دلوف تلك الحية الرقطاء، تحدث إلى السكرتيرة بوجة مبهم كاشر وما زال جالس بمكانة غير مهتم بدلوفها: إطلعي برة وأقفلي الباب وراكي من فضلك يا سهي
أومأت له بطاعة وخرجت بالفعل.

تحركت إلية كوثر وجلست بالمقعد المقابل له واضعة ساق فوق الأخري ثم تحدثت بنبرة قوية: حمداللة على السلامة يا متر، وأكملت بنبرة لائمة: مش الأصول بردوا بتقول إن الراجل لما يرجع من السفر، يرجع على بيتة الأول ويتطمن على مراتة اللي سابها تاني يوم الفرح، اللي أعرفة عن الصعايدة إنهم رجالة وعندهم نخوة
وأكملت بنبرة تهكمية مهينة: ولا أنت ما أخدتش من الصعيد غير الإسم يا أبن النعماني.

إحتدت ملامحة وهتف بنبرة حادة وعيون غاضبة: من غير طولة لسان وردح، قولي جاية لية وعاوزة إية وخلصيني، أنا عندي شغل متأخر ومش فاضي للت الحريم ده
إستشاط داخلها واشتعلت روحها من عدم تقديرة لها وكلامة الجارح المقلل من شأنها، لكنها قررت اللعب معه بذكاء كي تجبره على تنفيذ رغباتها
وتحدثت بنبرة هادئة: أنا مش هحاسبك على إهانتك ليا ووصفك لكلامي بالردح، أنا بردوا بنت إصول ومتربية.

قوس فمة وابتسم ساخرا فأكملت هي متلاشية سخريتة منها: إسمعني كويس وحاول تفهمني يا قاسم، أنا أم وبخاف على أولادي وكل اللي عملتة ولسه هعملة بعملة علشانهم، أنا هنسي إهانتك لبنتي وإنك سبتها يوم صباحيتها وسافرت سوهاج علشان تقضي فيه الإسبوع اليتيم اللي أخدتة كشهر عسل واللي المفروض إنك كنت هتقضية مع بنتي.

قاطعها بنبرة حادة: أظن ملوش لازمة الكلام ده يا مدام، وخصوصا إن أنا وإنتي عارفين ظروف الجوازة دي كويس أوي
أجابتة بنبرة بائسة: عندك حق، بلاش نقلب في اللي فات وخلينا نتكلم في اللي جاي، وأكملت بنبرة جادة: طول الإسبوع اللي فات وزمايل إيناس في الشغل وقرايبها مبطلوش إتصال عليها علشان عاوزين يزروكم ويباركوا لكم، وهي كانت بتتحجج لهم بإنكم مسافرين، بس خلاص إنت رجعت لشغلك، يعني مبقاش عندها حجج تاني تقولها.

زفر بضيق ورفع عيناه للأعلي وهتف بنبرة تهكمية: وبعدين بقا في مواضعكم اللي ما بتخلصش دي، طب وإية المطلوب مني إن شاءالله؟!
تمالكت من حالها وكظمت غيظها الذي أصابها من إسلوبة المستفز والمقلل من شأنها وتحدثت إلية متلاشية كلماتة المتهكمة: إيناس عاملة عزومة بكرة لكل زمايلكم هنا في المكتب، ولازم تقابلهم كويس وتتصرف بطبيعية مع إيناس زيكم زي أي إتنين لسة عرسان وفي شهر العسل، وده طبعا علشان شكلكم قدام زمايلكم.

زفر عاليا وأرجع شعر رأسة للخلف بطريقة تظهر كم الغضب الذي أصابة جراء حديثها ثم تحدث بنبرة غاضبة: وإنتوا بقا قررتوا وخطتوا لكل ده من ورا ضهري، وجايين تبلغوني بعد ما حطتوني قدام الأمر الواقع؟

وقفت وتحدثت وهي تستعد للرحيل: معلش يا متر، ما أنت لو كنت فاتح تليفونك كنا بلغناك، على العموم العزومة دي مهمة لشكلكم إنتم الأتنين، أنا رايحة لإيناس الشقة علشان نجهز لعزومة بكرة، واسترسلت بنبرة باردة اشعلتة: وهعمل لك الغدا إنهاردة بإيدي علشان تعرف غلاوتك عندي قد إية،
وأكملت وهي تتحرك إلى الباب واضعة إياة أمام الامر الواقع: أشوفك في البيت علشان نتغدا مع بعض.

وتحركت للخارج تحت إستشاطة قاسم من تلك الحية الرقطاء وإبنتها الشمطاء وتصرفاتهما المستفزة التي أصبحبت لا تطاق.

إنتهي دوام العمل داخل مكتب قاسم وتحرك عائدا إلى مسكنة القديم، بعدما قرر رجوعه إلى مسكنة الذي كان يقطن بة قبل إنتقالة ليلة عقد قرانة المشؤم من تلك الشمطاء، دلف وأخذ حمام دافئ وخرج من جديد وتناول غدائة الذي جلبة معه من الخارج، وهاتف صفا الذي إشتاقها وأشتاق وجودها بجوارة حد الجنون ثم غفي بثبات عميق،
أما داخل شقتة التي تسكنها إيناس، كانت تجوب بهو المسكن إياب وذهاب ويبدوا على وجهها الغضب العارم.

أما والدتها التي تجلس بكل هدوء هتفت قائلة: ما تقعدي يا بنتي خيلتيني
رمقتها إيناس بنظرات نارية وتحدثت بنبرة حادة: أقعد إزاي يا ماما والبية إتحرك من المكتب بقالة أكتر من ساعة ونص على حسب كلام سكرتيرتة؟

أجابتها كوثر بنبرة باردة: شكلة كدة راح على شقتة القديمة، على العموم إنت لازم تمشي على الخطة اللي رسمتها لك أمة، هي قالت لك إن إبنها عنيد واكتر شئ بيجننة لما حد يجبرة على حاجة، وهي أدري الناس بإبنها، وأكملت وهي تستعد للرحيل: أنا هقوم أمشي علشان ألحق أغدي أبوكي وأخوكي، زمانهم في البيت من بدري
وأكملت بتوصية: وإنت ألبسي وأتمكيچي علشان تشدية ليك، وروحي لة على شقتة وإعملي اللي إتفقنا علية.

وتحركت والدتها إلى مسكنها بعدما حملت معها كل ما لذ وطاب من الطعام التي صنعتة هي وإبنتها لغداء اليوم وعزيمة الغد المنتظرة
وبعد مدة كانت إيناس تقرع جرس منزل قاسم، تملل بنومتة حينما إستمع إلى جرس الباب، سحب حالة لأعلي وسند ظهرة على التخت، وأستعاد توازنة ثم تحرك إلى الباب وفتحه، زفر بضيق حينما وجدها تقف أمامة بكامل هيأتها وأناقتها وجمالها المصطنع.

تحدث إليها بنبرة باردة: خير يا أستاذة، إية اللي جايبك لحد هنا
تصنعت الحزن والبرائة وتحدثت بنبرة منكسرة: للدرجة دي مبقتش طايق تشوفني قدامك يا قاسم؟
دلف للداخل وأعطاها ظهرة فتحركت للداخل سريع وأغلقت الباب وأكملت حديثها مستعطفة إياة: راح فين حبك ليا، معقولة كل اللي كان ببنا والناس كانت بتحسدنا علية يضيع كدة في لحظة.

ضل صامت فإقتربت علية وأحتضنتة من الخلف، إنتفض على أثر لمساتها التي باتت تشعرة بالإشمئزاز من حالة ومنها
إبتعد عنها سريع كمن لسعة عقرب ونظر لها بإحتقار وصاح بها بنبرة غاضبة: هو إنت ما بتحسيش؟ أنا مش قولت لك قبل كدة وحظرتك من إنك تحاولي تتقربي مني تاني، إتقبلي إن اللي كان ببنا خلاص إنتهي، علاقتنا اصلا إتبنت غلط والفشل هو النتيجة الحتمية ليها.

أجابتة بدموع مصطنعة كدموع التماسيح كي تستدعي تعاطفة: إنت بطلبك ده كإنك بتطلب مني أتخلي عن حياتي، أنا من غيرك مليش حياة يا حبيبي
تملل بوقفتة وأردف قائلا بنبرة رافضة: كل كلامك ومحاولاتك دي مجرد تضييع وقت مش أكتر، فياريت توفري وقتك ومجهودك في حاجة تقدري تستفيدي منها.

وأكمل بنبرة جادة: وعلى فكره يا إيناس، أنا وإنت مش هينفع نشتغل مع بعض في مكان واحد تاني، أنا هديكي مبلغ معقول تقدري تبدأي بية في مكتب صغير بإسمك، وإن شاء الله هيكبر بشغلك وشطارتك إنت وعدنان
جحظت عيناها واستشاط داخلها، فلو حدث ذلك ستخسر قاسم وأموال جدة وعمة للأبد وهذا ما ستمنع حدوثة وتقف له بكل ما أوتيت من قوة.

فتحدثت بدموع التماسيح ونبرة إستعطافية كما خطتت لها فايقة: إنت كدة فعلا قاصد تدمرني، قاسم أنا مش هينفع أسيب شغلي معاك لأنك بكدة بتكون بتكتب نهايتي المهنية بإيدك،.

وأكملت بنبرة جادة: بعيدا عن جوازنا وقصة حبنا اللي إنت قررت بين يوم وليلة إنك تنهيها بمجرد قرار ناتج في وقت غضبك، وأكملت لإقناعة: لكن ما تنكرش إن أنا وإنت كابل هايل وبنحقق أعلي النجاحات في أي قضية بنشترك في حلها مع بعض، مش معقول هتضحي بكل ده علشان مجرد شوية زعل بينا وهيروحوا لحالهم مع الوقت.

تنهد وتحدث إليها بضيق: المشكلة إنك مش قادرة تقتنعي إن طريقنا خلاص مبقاش واحد، وإن أنا وإنت بقا مستحيل تجمعنا أي حاجة بعد كدة، حتى الشغل بقا صعب جدا نكمل فية مع بعض.

زادت نار حقدها علية ولكنها كظمت غيظها منه وتحدثت بنبرة هادئة عكس ما بداخلها، وذلك كي تصل إلى مبتغاها وتتقرب منه بشتى الطرق كي تحمل داخل أحشائها طفل منه وبعدها سيتنازل عن عنادة ويرضخ لها: أرجوك يا قاسم، بلاش تكسرني بالشكل ده، على الأقل خليني معاك في المكتب لحد ما موضوع الطلاق يتم في المدة اللي إنت وبابا إتفقتم عليها
وأكملت برجاء ودموع: على الأقل يبقا شكلنا طبيعي قدام الناس.

وأكملت بتألم مصطنع: وبعد الطلاق أقدر ألاقي فرصة جواز تانية كويسة لما الناس تعرف إني مش بتاعة مشاكل وعلاقتي بجوزي السابق كانت هادية وإنفصلنا بطريقة متحضرة
شعر بعجز أمام حديثها الذي يتسم بالكثير من العقل، وشعر أنة عاجز مكتوفي الأيدي أمام قدرة الذي مازال يعاندة ويعطيه صفعة تلو الأخري.

نظرت إلية بتشفي عندما وجدت داخل عيناة نظرات الإستسلام والضعف وحينها فهمت أن خطت فايقة بدأت بجني ثمارها، فتحدثت بإستعطاف: يلا بينا على شقتنا يا قاسم، أنا ما أتغديتش لحد الوقت ومش هاكل غير معاك
حول بصره لها بحدة وتحدث برفض تام: قولت لك مش هينفع وإتفضلي بقا من غير مطرود علشان تعبان وعاوز أنام
إبتلعت لعابها من حدتة بالحديث وأردفت قائلة بنبرة ضعيفة: خلاص، خلينا نطلب أكل وناكل وأبات هنا معاك.

نظر لها بإحتكار وتحدث بنبرة صارمة وهو يشير إلى باب الشقه: لو سمحتي، إتفضلي وبلاش تجبريني على إني أتصرف معاكي بطريقة مش هتعجبك
إستشاط داخلها وتحدثت بنبرة جادة: طب ياريت متنساش عزومة بكرة وبلاش تحرجني قدام الناس.
زفر بضيق ثم تحدث مجبرا: مش هنسي، وإتفضلي أرجوك علشان بجد تعبان ومحتاج أنام.

نظرت له بضعف وكسرة سكنت عيناها كي تحثة على التعاطف معها ويتراجع عن قراراتة، ولكن هيهات، فهو بات يفهم ألاعيبها وسيتصدي لها بكل ما لدية من قوة حتى يتخلص منها بدون خسائر، هكذا حدث حالة وقرر داخلة
تحركت وأغلق خلفها الباب بقوة أشعلت غضبها علية أكثر.

في الثامنة مساء
هاتفت صفا يزن وطلبت منه الحضور عند منزل أبيها وأخبرتة أنها تحتاجة في إستشارة لأمر ما يخصها كي تجبره على الحضور، وبالفعل أتي وجلست هي تتوسط أبويها وجلس يزن مقابلا لهم، قصت على مسامعهم ما دار بينها وبين الطبيب خلال المكالمة الهاتفية
قطب يزن جبينه ثم تسائل مستفسرا: معناتة إية الحديت اللي عتجولية دي يا صفا؟

تنهدت بأسي لحال شقيقها الروحي وتحدثت بذكاء: معناتة إن مرت عمك كذبت علينا كلياتنا لما جالت لنا إنها راحت للدكتور بالتحاليل، وأني متوكدة إنها زي ما كذبت علينا في دي، كذبت علينا في نتايج التحاليل بذاتها
نظر لها يزن وسألها: وإنت إية اللي مخليكي متوكدة من كلامك إكدة يا صفا؟

إبتلعت لعابها وتحدثت بتردد لخطورة الموقف، ومن المتوقع بأن حديثها هذا سيخلق فجوة كبيرة بين يزن وليلي ومن المحتمل أن يفسد علاقتهما ككل: بص يا يزن، مرت عمي فهمتني إنها عم تجري بليلي عند الدكاترة ليها سنتين ونص، وعلى حسب كلامها ليا وجتها إن الدكاترة كانت عتجولها المسالة مسألة وجت،.

وأكملت بنبرة تشكيكية: لو ليلي سليمة كيف ما التحاليل الأخيرة بينت، معجولة ولادكتور من اللي راحت لهم جبل سابج شك وطلب منيها تچيب چوزها وياها لجل ما يكشف ويعمل تحاليل ويتأكد من إنة هو التاني سليم؟
نظر لها زيدان وتحدث بإعجاب: عفارم عليك يا صفا، تفكيرك سليم وبيوكد كذب اللي إسميها فايقة.

تحدث يزن بتشكيك: لو الكلام اللي عتجولية دي طلع صح، يبجا ليلي هي كمان تعرف كل حاچة ومشاركة في دبح رچولتي جدام العيلة كلياتها
صمت تام أصاب الجميع، تحدثت ورد دفاع عن ليلي: متستعجلش في حكمك على مرتك يا ولدي، ليلي لا يمكن تعمل إكدة
نظر إلى عمة وتحدث متلهف بنبرة حماسية: بعد بكرة هسافر أنا وإنت لمصر وهعيد التحاليل يا عمي.

سعد زيدان لقرار إبن شقيقة ولكن تحدث معترض: بلاش أني يا ولدي، خد وياك فارس لجل ما يبجا شاهد على خيانة أبوة وأمة
واسترسل حديثه محذرا: بس جولة يخلي الموضوع في السر وميجولش لحد واصل، لجل ما نضمن إن فايقة تطمن، محدش عارف الحية دي ممكن تعمل إية لو عرفت إنك هتكشف كذبها وخيانتها.

أكدت صفا على حديث والدها وأردفت قائلة بنصح: أبوي عندية حج يا يزن، وياريت كمان الكلام اللي دار بيناتنا إهني ميطلعش لمخلوج وبالخصوص چدي، لأنة لو عرف ممكن يولع الدنيي ومش بعيد يموت فيها مرت عمي، چدي واجعة الموضوع وواخدة على كرامتة وكرامتك يا يزن، فبلاش نسبج الأحداث جبل ما نتوكد.

وافقها الجميع الرأي وأردفت ورد موجة حديثها إلى يزن: ياريت يا ولدي متجيبش سيرة صفا في الموضوع ده لحد واصل، بتي مش جد أذية اللي إسميها فايقة، ده غير إن وضعها في اللحكاية هيكون حساس جدام قاسم
إحتدت تعابير وجة يزن وتحدث بنبرة غاضبة: الله الوكيل اللي هيمس شعرة واحدة من صفا لأكون جاتلة، صفا دي أختي وفي حمايتي
إبتسمت صفا وسعدت روحها لما إستمعتة من إبن عمها التي تعتبرة شقيقها.

تحركت صفا من بيت أبيها بصحبة يزن ووقفا بالحديقة يتحدثا سويا فيما ينتوي يزن أن يفعلة، ولسوء حظ صفا كانت ليلي تقف بشرفة مسكنها، جن جنونها وأشتعل قلبها عندما رأت زوجها يقف بصحبة متيمتة السابقة والتي دائما ما تشك بأنها مازالت تسكن روحة وقلبة
خرج يزن من السرايا ليقضي سهرتة داخل المحاجر كعادتة مؤخرا، واتجهت هي إلى السرايا، وجدت جدها وجدتها والجميع يجلسون ببهو المنزل.

قبلت يد جدها ومقدمة رأسة وتحدثت إلية بنبرة حنون: كيفك يا حبيبي وكيف صحتك؟
إبتسم لها وتحدث بنبرة هادئة: أني زين يا زينة البنات
إبتسمت له ثم توجهت إلى جدتها قائلة: معلش يا چدتي إتأخرت عليك، حالا هچهز لك الحجنة وأچي أديها لك
ربتت رسمية على يد حفيدتها الغالية وتحدثت إليها: الله يجويكي على اللي إنت فية يا بتي.

نظرت إلى مريم التي تحمل صغيرتها الغافية ويجاورها فارس الجالس بوجة مطمئن مختلف تمام عن وجهة بالمشفي، مالت على وجنة الصغيرة وقبلتها بحنان وتحدثت إلى مريم بإستفسار: حمدالله على سلامتها يا مريم، كيفها چميلة دلوك
أردفت مريم قائله بنبرة هادئة: الله يسلمك يا صفا، الحمدللة، زينة.

تحركت إلى الداخل وجهزت الإبرة لجدتها وأعتطها إياها سريع وتحركت للأعلي كي تأخذ حمام دافئ تزيل به هم يومها الطويل، ثم تهاتف متيمها العاشق ليتسامرا معا بأحاديثهما الشيقة التي لا تنتهي
وما أن وصلت إلى نهاية الدرج وتحركت إلى باب مسكنها، وجدت من تتدلي من الدرج الأعلي قاصدة إياها ويبدوا على وجهها الغضب.

إقتربت منها وأمسكتها من كتفيها ودفعتها بقوة على الباب، تاوهت صفا وأمسكت أسفل بطنها الذي ألمها في الحال، إقتربت منها تلك الشرسة وأمسكت ذقنها بكف يدها واقتربت من وجة تلك المذهولة وتحدثت بفحيح كالأفعي: مش أني حذرتك جبل إكدة وجولت لك تبعدي عن يزن ومتحاوليش تتجربي منية واصل،.

وأكملت بفحيح: عاوزة إية من چوزي يا جادرة، مش كفاية عليك قاسم اللي عمرة مسلم لحد، سحباه وراكي كيف المسحور، كمان عاوزة تسحبي چوزى وتخلية تابع ليكي يا فاچرة، وأكملت بنبرة حقودة: مش مكفيكي خليتي ولاد العم يجاطعوا بعض عشان فجرك ولعبك عليهم التنين، شكلك إكدة مهترتاحيش غير لما يجتلوا بعض وتشوفي دمهم سايح جدام عنيكي بسبب فجرك يا بت ورد.

لم تتحمل صفا وصمها بأبشع الإتهامات من تلك الشمطاء، وضعت كفاي يداها على صدر ليلي ودفعتها للخلف مما جعلها تتراجع وكادت أن تقع أرض لو قوة بنيانها، رفعت صفا سبابتها أمام وجة تلك الحقود وتحدثت بنبرة حادة: إخرسي جطع لسانك، أني أشرف منيك ألف مرة، وأكملت بكبرياء: أني تربية زيدان النعماني و ورد بت الرچايبة اللي علمتني كيف أعيش واتعامل بشرف وسط الناس، وأحافظ بروحي على اللي مني، ومخونش أبدا اللي يأمن لي.

وأكملت وهي ترمقها بنظرات ذات مغزي: مش كيف ناس، الخيانة والكذب بيچروا چوات دمهم
رمقتها بنظرات نارية وتساءلت مستفسرة: تجصدي إية بحديتك السو دي يا بت؟
رمقتها صفا بنظرة إشمئزاز وتحدثت بنبرة صارمة: إطلعي على شجتك يا شاطرة، وقسما برب العزة ما تمدي يدك عليا مرة تانية لأجطعها لك، أني مش جليلة حيلة لجل ما أستني قاسم ولا چدي ياخدوا لي حجي منيكي.

وأكملت ناصحة إياها: وبدل ما أنت واجفة في البلكونة تراجبي اللي رايح واللي چاي وسايبة الغيرة تنهش فيكي، روحي أجعدي ويا چوزك وأتفاهمي وياه وحاولي ترچعية لحضنك من چديد بدل ما تخسرية للأبد
وضعت المفتاح داخل الباب وفتحتة ودلفت ثم إعتدلت ونظرت إليها بغضب ثم أغلقت الباب بوجهها، إشتعل داخلها من تلك القوية الواثقة من حالها، زفرت بضيق وتحركت إلى الأعلى سريع.

بعد مدة من الوقت، كانت تجلس فوق فراشها بعدما أخذت حمام دافئ وتوضأت وصلت العشاء، أمسكت أسفل بطنها الذي مازال يؤلمها نتيجة دفعة ليلي لها على الباب، تنفست عاليا، وما أن أمسكت هاتفها بيدها كي تهاتف متيمها حتى وجدت هاتفها مزين بنقش إسم حبيبها، ضغطت زر الإجابة على الفور وتحدثت بنبرة هائمة تدل على عشقها الهائل لذاك الذي إختطف قلبها: وحشتني جوي يا حبيبي.

كان يجلس فوق الأريكة مغمض العينان، هائم في صوتها الحنون وأردف قائلا بنبرة عاشقة: وإنت كمان وحشتيني جوي يا جلب حبيبك، وأكمل بإحتياج: يومي ملوش طعم من غير ضمة حضنك ونظرة عنيكي اللي بدوب چوة بحورهم الصافية يا حبيبتي
تنهدت براحة وتحدثت بهيام: كلامك حلو جوي يا قاسم، بيدوب جلبي دوب
وأكملت بإستعطاف: هتاچي ميتا يا حبيبي؟

أجابها بصدق: لو عليا، عاوز أچي حالا لجل ما أنام چوة حضنك، بس مش هعرف أنزل جبل تلات أيام عشان عندي فيهم چلسات في المحكمة
تحدثت بنبرة متأثرة: متتأخرش عليا يا جلب صفا علشان بتوحش روحي
تنهد بسلام وإسترخاء وأجابها: حاضر يا صفا، وأكمل متسائلا: إنت زينة؟
صوتك معچبنيش، حاسك كيف ما تكوني زعلانة ولا تعبانة.

إبتسمت حين شعرت وتأكدت بأنهما أصبحا روح واحدة داخل جسدان، وذلك بعدما شعر بها عاشق عيناها من خلال نبرة صوتها، لكنها خبأت عنة كل ما چري كي لا تجعله يصاب بالقلق لأجلها أو لأجل شقيقتة وما تخبأة الأيام القادمة لها
وتحدثت نافية: سلامتك يا حبيبي، أني زينة الحمدلله، بس بعدك عني مأثر فيا ومخليني كيف اللي روحها مفارجاها.

بعد الشر عنك يا روح جلب حبيبك، كانت تلك جملة حنون نطق بها قاسم، وضل يكملان حديث العشاق حتى غفيا كلاهما وكل منهما هاتفه فوق أذنة وذلك من شدة إشتياقهما.

داخل مسكن فارس
كانت مريم تقبع داخل أحضانة الحانية وهو يشدد من ضمتها إلى صدرة العاري وتجاورها طفلتها بعدما ضم التختان المتواجدان بداخل غرفة الاطفال ليغفوا بجانب طفلتهما المصابة
تحدثت هي بنبرة جادة: أني هاخد أچازة إسبوع من المستشفي لجل ما أجعدة ويا چميلة وأراعيها
تنفس عاليا مما أكد لها غضبة العارم، وتحدث بنبرة حادة قائلا: إنت مهتروحيش المستشفي تاني واصل يا مريم، والكلام ده مفهوش نجاش.

خرجت من داخل أحضانة ونظرت إلية بعيون يسكنها الحزن وتحدثت: حرام عليك يا فارس، إنت إكدة هتبجا بتحرمني من الحاچة الوحيدة اللي حسستني إني بني أدمة بچد وليا جيمة، بلاش تعمل فيا إكدة يا فارس
رمقها بنظرة نارية وتحدث مستغرب: أني مش مصدج أصلا إنك بتتحدتي معاي في الموضوع ده بعد كل اللي حصل إنهاردة.

أردفت مريم قائله بنبرة هادئة: حاول تفهمني يا حبيبي، الدكتور ياسر حد محترم وإبن ناس، هو مكانش يعرف إني متچوزة من الأساس ومن إهنية حصل اللبس، وأني بأكد لك إنة شوية إكدة وهينسي الموضوع ويتعامل معاي طبيعي
أجابها بنبرة حادة: وأني لو معارفش ومتوكد من إنة محترم كنت دفنتة مطرحة
طب يا فارس.

لم يدعها تكمل حديثها وأردف قائلا بنبرة حاسمة: إسمعيني زين يا بت الناس، لو مصممة إنك ترچعي للمستشفي يبجا أني همشي الدكتور ده من النجع كلياتة، وأكمل مؤكدا: وأني أصلا كنت همشية الصبح لولا إني عارف إن صفا معتمدة علية في نچاح المستشفي، بس طالما إنت مصممة على رچوعك للمستشفي، يبجا أني همشية من بكرة
أجابتة مجبرة بوجة حزين: خلاص يا فارس، مهروحش المستشفي تاني.

تنهد وأحاط وجهها بكفي يداه، ثم نظر لها بحب وتحدث: يا مريم أني بحبك وبغير عليكي، مهجدرش أتحمل وچودك في المستشفي مع الراچل دي تاني، إعذري غيرتي عليك يا حبيبتي
شعرت بروحها تحلق عاليا وابتسمت لة وتحدثت برضا: وأني مستعدة أعمل أي حاچة لجل ما تكون مرتاح يا فارس
إبتسم لها وسحبها لداخل أحضانة وتحدث: وأني هكون مرتاح طول ما أني مطمن إنك جاعدة في مملكتك ومخلية بالك من چميلة ومني.

إبتسمت وشدد هو من ضمتها وبات يسمعها من كلمات الغزل ما أنعش قلبها وأسعد روحها.

في العاشرة صباح اليوم التالي
ذهبت نجاة إلى المشفي بالتحاليل التي إطلعت عليها أمل وعلمت أنها تخص يزن، وحينها فسرت تغير حالتة مؤخرا وتذكرت تلك الليلة الذي بات بها داخل مكتبها
وجدت أمل ثغرة بينت لها التلاعب في نتائج تلك التحاليل فتحدثت إلى نجاة قائلة: التحاليل دي مش مظبوطة يا أفندم، فيها جزئية مش ماشية مع باقي النتايج، زي ما قولت لحضرتك قبل كده، لازم التحاليل دي تتعاد في مكان موثوق فيه.

إنتفض قلب نجاة من شدة فرحها وتحدثت بنبرة سعيدة: ربنا يطمن جلبك ويسعدك يا وش الخير
شكرتها أمل وتحركت نجاة إلى الخارج كي تذهب إلى صفا لتتحدث إليها ويجدا حلا لإقناع ولدها بإعادة الفحوصات من جديد، إنصدمت حين وجدت يزن بوجهها، حيث كان يتحرك متجة إلى مكتبة مرورا بمكتب أمل
توقف وأستغرب وجود والدته وتحدث إليها متسائلا: إية اللي چايبك إهنية يا أما؟
وأكمل بتوجس: إوعا تكون چميلة تعبت تاني؟

لاحظ إرتباك والدتة الشديد، وبدأت نجاة تخبئ ملف الفحوصات المتواجد بيدها
إتسعت عيناة عندما لاحظ ذلك الملف، إختطفة سريع من يدها وانصدم حينما قرأ الإسم وتأكد من أنها تخصة، تحدث بنبرة غاضبة: إنت إزاي تعملي فيا إكدة يا أما؟
كيف جبلتيها عليا وعلى رچولتي، هنت عليكي تكسريني جدامها؟

خرجت أمل عندما أستمعت لصوتة الغاضب أمام باب غرفة مكتبها، وتحدثت إليه بنبرة هادئة: إهدي من فضلك يا باشمهندس ومتقلقش، أسرار المريض وسرية تشخيصة من أولوية شغلي، وأنا أديت القسم قدام ربنا على كدة.

وما أن إستمع إلى كلماتها حتى إشتعل جسدة نارا وشعر بطعنة برجولتة، تحدث إليها بنبرة غاضبة: مش يزن النعماني اللي يتجال له إكدة من حرمة، أني راچل من ضهر راچل ومش محتاچك لچل ما تداري عليا جدام الخلج، وأكمل بتحدي وهو ينظر إلى عيناها بشرر: وهعيد التحاليل مخصوص لچل ما أثبت لك إني راچل جوي، وإن التحاليل هي اللي معيوبة مش أني.

نظرت إلية وتحدثت بنبرة هادئة لعلمها مدي صعوبة الموقف علية: أنا متأكدة من إن التحاليل دي مزورة، لأن بعض النتائج مش متناسقة مع بعضها وده يأكد لنا إن فية حاجة غلط
هدأت حالتة عندما إستمع لنبرتها المطمأنة ونظراتها التي جعلتة يشعر بالراحة والسلام النفسي
أتت صفا عندما إستمعت إلى صوت يزن وتحدثت: خير يا چماعة، صوتكم عالي لية؟
ثم نظرت إلى زوجة عمها وأردفت متسائلة: فية حاچة يا مرت عمي، إية اللي چايبك إهني؟

نظر لها يزن وتحدث وهو يستعد للرحيل: مفيش حاچة يا دكتورة، ثم أكمل وهو ينظر إلى والدتة بحدة: إتفضلي حضرتك لجل ما أوصلك على البيت
ذهبت نجاة بصحبتة وهي ترتجف خشية غضب ولدها الغالي منها، حين دلفت صفا بصحبة أمل لداخل غرفة الكشف التابعة لها وبدأ يتحدثتان فيما دار وفي الفحوصات التي تأكدت أمل من انه تم التلاعب بنتائجها.

تحرك يزن مع والدتة واوصلها إلى المنزل بسيارتة دون نطق أحدهما بحرف واحد، صعد إلى مسكنة بعدما أتتة فكرة للتأكد إذا ما كانت ليلي على علم بخداعة، أم أنها معه بنفس دائرة الخداع، دلف لداخل غرفة نومة المشتركة مع ليلي، حمد ربة عندما وجدها داخل المرحاض وصوت المياة ينذر بأنها تستحم.

بحث سريع داخل أدراج الكومود والخزانة على الروشتات الخاصة بليلي والتي كان يكتب لها الاطباء التي كانت تذهب إليهم الأدوية، وذلك بعدما قرر وانتوي أنه إذا ثبت صحة رؤية صفا وبالفعل كانت فايقة وقدري قد زورا نتيجة الفحوصات، فحينها يجب علية أن يتأكد إذا ما كانت مذنبة معهما أم ماذا، وهذا ما سيكتشفة بعدما يذهب للاطباء المعالجون ويستفسر منهما كي لا يظلم ليلي ويحاسبها على شئ لم ترتكبه،.

وجد بعض الروشتات لأسماء أطباء عدة داخل المركز، طواهم وخبأهم داخل جيب بنطالة وتحرك للخارج سريع قبل ان تشعر علية ليلي.

في القاهرة وبالتحديد داخل شقة قاسم وإيناس
إنتهي من دوامة العملي وتحرك مجبرا إلى العزيمة التي أشرفت عليها كوثر وقامت بصنع أنواع كثيرة جدا من الأطعمة المتنوعة، وطلبت أنواع من الحلويات والمشروبات من أفخم وأعرق الأماكن، وكل هذا بعثت فواتيرة على مكتب قاسم الذي سددهم متضررا ومستغرب جشع تلك المرأة وإبنتها واللتان يشبهان أنثي الإخطبوط.

حضر جميع العاملين بمكتب المحاماة وبعض الأصدقاء، وكانت إيناس ملتصقة الجلوس بجانب قاسم وممسكة بذراعة طيلة الحفلة ولم تتركة ولو لثواني وكأنها بتلك العزيمة تثبت للجميع ملكيتها لقاسم وشرعية زواجهما، وتمحي أي ذكري للجميع بوجة قاسم الكاشر ليلة الزفاف، والذي بالحقيقة لم يختلف كثيرا عن اليوم مما زاد سخطها هي ووالدتها على قاسم.

دلفت إلى المطبخ عندما كانت الحفل على مشارف الإنتهاء، وضعت له مادة محفزة لرغبة الرجل الملحة في المعاشرة الزوجية، وذلك كي تجبرة على معاشرتها كزوجة، وخرجت وأعتطة كوب العصير
تناولة قاسم منها ووضعة فوق المنضدة بإهمال وعاد للحديث مرة أخري لبعض اصدقائة، مما أرعبها هي ووالدتها لإحتمالية فشل مخطتهم مع فايقة، تلك المرأة المنتسبة للشيطان والتي تتأمر على نجلها مع اعدائة.

إرتبكت إيناس التي كانت تجلس على حافة مقعد قاسم وتضع ذراعها فوق كتفة بدلال، مما كان يضغط على أعصاب ذلك المستشاط الذي لو كان الأمر بيده لصرخ بالجميع وصفعها هي عدة صفعات وترك المكان بأكمله ورحل
أمسكت كأس العصير بيدها وناولتة إياة وتحدثت بدلال: إشرب العصير يا حبيبي.

بالفعل بدأ بإرتشافة لأخر نقطة وذلك لعطشة الشديد وايضا لطراوة العصير وطعمة المنعش كما يعشقة قاسم بالتمام، وذلك كان تخطيط فايقة لإيناس ووالدتها
تحدثت كوثر للجميع بوجة مكشوف وكأن الخجل لم يولد معها بالفطرة كباقي البشر: يلا يا جماعة إحنا نروح علشان نسيب العرسان يرتاحوا.

حالة من الإحراج الجماعي أصيبت الجميع وبالفعل تحركوا للخارج، ودلفت كوثر سريع إلى المطبخ ولملمت ما تبقي من الأكلات المتنوعة التي كانت قد وضعتهم داخل الاكياس لتاخذها معها إلى منزلها.

خرجت لهما من جديد وتحدثت إلى إبنتها بعدما رأت التغيرات التي طرات على وجة قاسم مما يدل على بدأ ظهور نتيجة مفعول الدواء: أنا ماشية مع عدنان يا إيناس، أنا شيلت لك الحاجات اللي ممكن تخسر في التلاجة، سيبي كل حاجه زي ما هي وأدخلي نامي مع جوزك، وأنا بكرة هاجي لك من بدري وأجيب معايا ست تنضف لك الشقة.

وتحركت للخارج بعدما غمزت لها بعيناها بمغزي، أما ذلك الجالس بخجل بعدما وجد تغيرات طارئة على جسدة، تحركت تلك عديمة الخجل إلية ووضعت يدها فوق صدرة بدلال وتحدثت كعاهرة: يلا بينا ندخل أوضتنا علشان ننام يا حبيبي
برغم إرتباكة والتغيرات التي طرأت علية إلا انة قاوم رغبتة الملحة ونفض يدها عنه سريع وتحدث إليها بفحيح ودهاء: حطيتي لي إية العصير اللي إدتهولي من شوية؟

نظرت إلية وتصنعت البرائة وعدم الفهم وتسائلت: حاجة زي إية، أنا مش فاهمة إنت تقصد إية بكلامك ده يا قاسم
أمسك يدها وضغط عليها بشدة وعنف، كادت أن تنكسر على أثرها وأجابها: حاجة تثيرني مثلا وتخليني محتاج لك ضروري وأقرب منك غصب عني
إتسعت عيناها بذهول مصطنع وتحدثت إلية ببراءة قد أدتها ببراعة: وتفتكر إن أخلاقي ممكن تخليني أوصل للدرجة دي من الدنائة والإنحطاط يا قاسم؟

صاح بها بعنف وتسائل بهيئة جنونية: أومال أفسر اللي بيحصل لي ده بأية؟
إرتبكت وتحدثت كي لا تنكشف خطتها: يمكن حد من أصحابك حب يجاملك ولا يعمل فيك مقلب وحطها لك في أي مشروب من اللي كانوا بيدهولك كل شوية، وأكملت بتبرير: الأصحاب ياما بيعملوا مقالب من النوعية دي في بعض، وخصوصا لما يكون لسة عريس جديد زيك.

عاد بذاكرتة وتذكر أن كثيرا من أصدقائه بالفعل كانوا يذهبون إلى البار الموضوع عليه الكثير من زجاجات العصائر المختلفة ويجلبون له المشروبات معهم
زفر بضيق وبدأ بتمرين النفس كي يهدئ حالة ويخرج من تلك الحالة الصعبة التي أصابتة ويرفضها هو بشدة.

إقتربت منه بدلال أنثوي وتحدثت بعدم حياء وهي تتلمس ذقنة وتنظر لعيناة برغبة: إنت لية مكبر الموضوع أوي كدة يا قاسم، تعالي معايا جوة يا حبيبي وأنا ههديك وهبسطك، وأوعدك إني هعيشك ليلة مش هتنساها أبدا طول عمرك
نفض يدها بعيدا عنة وأردف قائلا بنبرة غاضبة مشمئزة: إبعدي عني مش طايق لمستك.

وتحرك للخارج كالمجنون تحت صياحها وصرخاتها، أمسكت الكؤس الزجاجية المنتشرة حولها وباتت تقذفهم على الحوائط كالمجنونة مما جعل الزجاج يتناثر حولها بكل مكان
أمسكت هاتفها وأخبرت والدتها بما جري تحت دموعها المنهمرة وغضبها على انوثتها التي أهينت بما فية الكفاية تحت يد ذلك العنيد الذي لا يعتبرها أنثي من الأساس.

أما قاسم فعاد سريع إلى منزلة وخلع عنة ثيابة ودلف تحت صنبور المياة الباردة كي يخرج من حالتة تلك، وتوضأ وخرج للصلاة وبعدها أمسك بكتاب الله وبدأ بتلاوة ما تيسر له منه، وبعدها شعر بهدوء وسكينة ملئت قلبة، تحرك إلى تختة وبدأ بمهاتفة حبيبة الروح وضل يتحدثان بنبرات عاشقة حتى غلبهم النعاس وغفي كلاهما بنفس هادئة راضية.

بعد يومان
داخل المشفي الخاصة بصفا، عند الغروب
كانت تجري الكشف على أحد الاطفال، ناولتة إحدي حباة الحلوي بوجة بشوش كي تفرحة، خرج الطفل بصحبة والدته بعدما تم فحصة وشكرها بلطف،
إتسعت عيناها بذهول عندما وجدتة يهل عليها كشمس ساطعة أنيرت حياتها، أغلق خلفة الباب وجرت هي علية متلهفة ورمت حالها لداخل أحضانة، أغمض كل منهما عيناة وهو يتنفس رائحة جسد الأخر بلهفة، كم إشتاق كلاهما للمسة ورائحة وضمتة للأخر.

اخرجها من داخل أحضانة ونظر لداخل مقلتيها متلهف وتحدث بجنون: وحشتيني يا جلب چوزك، وحشتني ضمة حضنك ونظرة عنيكي وريحة چسدك اللي مفارجونيش يوم واحد في بعادك يا صفا
كان صدرها يعلو ويهبط من شدة إشتياقهما له أردفت بإبتسامة سعيدة: وإنت وحشتني جوي يا جلب صفا.

نظر برغبة على شفتيها ثم مال عليهما والتقطهما متلهف وبدأ بالغوص داخلهما بإستمتاع، بادلتة قبلتة المجنونة بلهفة أشد، غاصا معا لأبعد الحدود وضمها هو بشدة إلى جسدة بإحتياج، إبتعدا سريع حين إستمعا إلى طرقات خفيفة فوق الباب
تحدثت وهي تقف بجانب زوجها: أدخل
دلف ياسر بخطوات بطيئة ونظرة عين حزينة ومنكسرة، للأسف أصبح حالة هكذا منذ ما حدث معه.

إرتبك حين وجد ذلك القاسم وتذكرة وتذكر لقائهما الحاد ليلة الإحتفال بالحنة، رمقة قاسم بنظرات محرقة بادله ياسر بأخري غير متقبلة، فألقي عليهما السلام ثم تحدث إلى صفا بنبرة جادة: لو سمحتي يا دكتورة، كنت محتاجك تيجي معايا على أوضة الكشف علشان تشوفي حالة وتشخصيها، لأنها تخصصك أكتر مني
كادت أن تجيبة لولا الذي سبقها وتحدث بنبرة صارمة وهو يمسك كف يدها بتملك قائلا: الدكتورة مروحة معايا ومعندهاش وقت.

نظرت له وتحدثت بنبرة جادة قوية ردا على تدخله في عملها: معلش يا قاسم، هروح أطل على الحالة مع الدكتور وأچي لك بسرعة
إستشاط داخلة عندما وجد شبح إبتسامة شامتة وسعيدة بأن واحد تخرج من ياسر الذي شمت بكسر صفا لكبرياء ذاك المغرور، والسبب الثاني أنها لن تتخلي عن أداء واجبها لأجله ولم تستجب لتسلطة عليها.

بعد مرور حوالي النصف ساعة، كانت تجاورة الجلوس داخل سيارتة بعدما تركت سيارتها بجراچ المشفي، في طريقهما للعودة إلى المنزل
إقتربت على ذلك الجالس فوق مقعدة بجسد متيبس وملامح وجة مقتضبة تدل على مدي غضبة
إقتربت منه ووضعت يدها فوق صدرة وتحدثت بنبرة حنون: لحد ميتا عتفضل جالب وشك عليا إكدة؟
هتف بنبرة غاضبة: عاوزاني أرجص لك ولا أغني لك بعد ما كسرتي كلمتي وهيبتي جدام اللي إسمية زفت ياسر.

تنهدت بأسي وأجابتة مفسرة: مسمهاش كسرت كلمتك يا قاسم، إسميها لبيت ندي شغلي ورضيت ضميري ورحت كشفت على حالة طفل كان بيتألم
وأكملت وهي تلتصق به وتحدثت بدلال أثارة: وملوش ذنب في إن چوزي عيغير عليا وبيعشج مرتة بچنون
إبتلع سائل لعابة بشدة من تأثرة بهيأتها التي أثارت رجولتة، فأبتسم لها ورمت هي رأسها فوق كتفة وباتت تدلك له صدره مما أشعل نار إشتياقة لها.

في مساء اليوم التالي كانت جميع العائلة حاضرة بناء على طلب يزن المفاجئ للجميع، عثمان ورسمية التي بدأت تتحسن صحتها بعد إهتمام صفا و ورد بها وبطعامها، صفا، قاسم، كل أهل المنزل كانوا حاضرين
وقف يزن ينظر على الجميع بقامة مرتفعة ونظرة ثاقبة على فايقة وقدري وليلي وتحدث بنبرة حادة: طبعا كلكم مستغربين إستدعائي ليكم، وبتسألوا حالكم أني مچمعكم إكدة لية.

أشار بتلك الأوراق التي بيده وهتف قائلا: دالوك هتفهموا وتشهدوا معاي وتشوفوا الحجايج والمستور وهو بينكشف.
وقف يزن وهو يلوح بتلك الأوراق عاليا وتحدث إلى الجميع بنبرة حزينة على ما حدث له من كسر رجولتة على يد أقرب الناس إلية، عمة وزوجتة المصون: الحجيجة كلها موچودة إهنية
إنتفض داخل ليلي ونظرت برعب إلى يزن، وشعرت أنه أن الأوان لإزاحة الستار وكشف الأسرار، ولم يكن حال فايقة وقدري ببعد عنها
قطب عثمان جبينة مستغرب، وتسائل مستفسرا: فية إية الورج دي يا يزن؟

أجاب جدة بنظرات مختنقة بالألم: الورج ده فية دليل رچولتي اللي إنكسرت، وهيبتي اللي إنداست تحت الرچلين من أجرب الناس ليا يا چدي،
وأكمل بألم وصوت واهن وهو يتناقل النظر بين عمة وليلي: الناس اللي المفروض يبجوا سندي وستر وغطا علي، هما اللي كانوا السبب في حرجة جلبي وكسرتي جدام العيلة كلياتها.

نظر قاسم إلى صفا الجالسة بجانبة بإستغراب لحديث يزن الغير مفهوم بالنسبة له، تنهدت صفا بأسي وعاد كلاهما ببصرهما من جديد إلى يزن لمتابعة إعترافاتة
إنتفض منتصر وهب واقف من جلستة وتحدث بنبرة حادة: متجول اللي عنديك يا ولدي وتخلصنا، هنجضوها حديت بالألغاز إياك؟
تحدث يزن بنبرة حادة غاضبة: هجول بعلو صوتي يا أبوي، معادش للسكات جواتي مكان.

ثم نظر إلى عمة وسألة بإستفسار: حضرتك جولت جدامنا كلياتنا إنك روحت إنت ومرتك للدكتور اللي صفا بعتتنا لية، و وريتوا له التحاليل وهو اللي جال لكم إني عاچز عن الخلفة ومهعرفش أخلف عيل من صلبي واصل، مش إكدة بردك يا عمي؟
إبتلع سائل لعابة من شدة توترة، نظرت له فايقة وشجعتة بعيناها وحثتة على الثبات، تمالك من حاله وتحدث بنبرة مهزوزة أكدت كذبة للجميع: إيوة حصل.

أحال ببصرة إلى فايقة بعدما حصل منه على ما يريد، ثم سألها هي الأخري: وإنت جولتي جدام العيلة كلياتها في نفس الصالة دي، إن الدكتور جال لك بالحرف الواحد إن بتك اللي هي مرتي صاغ سليم، حصل يا مرت عمي؟
أجابتة بقوة وعينان متسعتان ثابتتان: إيوة حصل، والدكتور بذات نفسية اللي جال لنا إكدة، وأكملت بتساؤل بنبرة حادة: وبعدين مالك نازل فينا سؤالات لية إكدة، مهنخلصوش منيها اللحكاية المغفلجة دي إياك؟

وما أن إستمع لها فارس ولكذبها حتى أنزل بصرة أرض تحت قدماة من شدة خجلة، فهو كان شاهدا مع إبن عمة على حديث الطبيب، وطبيب المركز أيضا
حين هتف لها يزن بنبرة هادئة ذات مغزي أربكتها: هنخلصوا يا مرت عمي، إصبري أومال على رزجك.
ثم أقترب من ليلي وسألها هي الأخري: إلا جولي لي يا ليلي، لما كنتي عتروحي للدكاترة في المركز مع أمك، كانوا عيجولوا لك إية على حالتك؟

إنكمشت بجلستها من شدة رعبها وأرتبكت، وقف قاسم وجن جنونه بعدما فقد السيطرة على حالة حين رأي الرعب تملك من ملامح وجة شقيقتة، فتحدث بضيق: ما بكفياك عاد يا يزن، مالك، عاملي فيها وكيل نيابة ونازل أسئلة في الكل لية إكدة؟
ما لو عنديك حاچة جولها وخلصنا، منجصينش إحنا التوتر دي.

نظرت له متيمة حبيبها وحزنت لأجلة، وشعرت بإنقباضة داخل صدرها لأجلة وسألت حالها بتألم وهي تنظر له: معشوق عيناي وكلي، كيف لك أن تتحمل ما ستستمع له اذناك من دلائل ستؤكد لك كذب وأفتراء، بل وجريمة أهلك البشعة في حق يزن. ، ذاك البرئ الذي لم يستحق ما حدث له على أيادى الشر التي طالتة ووجهت له أبشع وصمة يوصم بها رجل صعيدي.

في حين إبتسم يزن ساخرا على حالة وأجابة بنبرة تهكمية: المفروض إنك محامي وفاهم اللي هعملة زين يا متر، وتسائل: مش عيجولوا عنديكم بردك إن من حج المتهم يدافع عن حالة، ويحاول يكشف برائتة من الذنب الموجة لية بكل الطرج؟
أمسكت صفا بإحتواء يد حبيبها الباردة وكأنها لرجل فقد الحياة، وذلك بعدما بدأ بإستشعار القادم بحسة القانوني، نظر لها فطلبت منه بعيناها الهدوء والثبات النفسي.

حين تحدث عثمان الذي فهم هو الاخر مغزي أسئلة حفيدة، وذلك لعلمة الشديد طبع حفيدة الجاد الذي لا يحبذ الثرثرة ولا هي من طبعة من الأساس، بل أن يزن لا يخرج الكلمات من فمة إلا بموضعها المناسب، وجة حديثة إلى قاسم قائلا بنبرة هادئة كهدوء ما يسبق العاصفة: سيب ولد عمك يكمل حديتة وأجعد يا قاسم
جلس بجانب حبيبتة بنبضات قلب متسارعة
ونظر عثمان إلى يزن وتحدث مشجع على الإستمرار: كمل يا ولدي سؤالاتك.

ثم نظر إلى حفيدتة وحثها على التحدث قائلا بنبرة أمرة: وإنت چاوبي على چوزك يا ليلي
إبتلعت لعابها حين شكر يزن جدة بعيناة وعاد ببصرة إليها من جديد ونظر لها ينتظر ردها قائلا: أني سامعك يا ليلي، چاوبيني
تماسكت بعد نظرات فايقة المشجعة لها والتي تحثها على الإستمرار والمضي فيما إتفقتا علية من ذي قبل، وتحدثت بنبرة واثقة حادة: كل الدكاترة اللي روحت لهم كانوا عيجولو لي إني زينة وإن اللحكاية حكاية وجت مش أكتر.

نظر لداخل مقلتيها وهو يتحري الكذب من عيناها وأردف متسائلا من جديد: طب مفيش دكتور منيهم جال لك هاتي چوزك وياكي لجل ما نكشفوا علية لتكون المشكلة من عندية هو؟
هزت رأسها سريع وأجابت بالنفي
فأكمل هو: طب والدكتور عامر البحراوي، اللي روحتوا له أخر مرة من ياجي شهرين، جال لكم إية؟

إرتبك قدري وكادت ان تزهق روحة من شدة رعبة جراء تيقنة من موعد إنكشاف الحقائق، هتف بحدة وصوت غليظ موجة حديثة إلى والدة قائلا: خبر إية يا أبوي، إنت عاچبك المسخرة اللي عتحصل دي إياك؟
جاعد تتفرچ على حتة عيل إصغير وهو نازل فينا سؤالات كيف ما نكون مچرمين وعيمرمط في بنتي و إنت عتتفرچ وساكت؟

رفع عثمان وجهه من فوق عصاة الابنوسية العتيقة التي يستند عليها، ونظر لولده بحسرة ملئت قلبة على كبيرة الذي من المفترض ان يكون قدوة لاشقائة وأنجالهم، ولكن للأسف، ليس كل ما يتمناة المرء يدركة
ثم وجة حديثه إلى ليلي وهتف بصوت مهموم: چاوبي على سؤلات چوزك يا ليلي
نظرت فايقة إلى ليلي بثبات وكأن بنظرتها قد مدت إبنتها بقوة المواصلة، نظرت ليلي إلى يزن وأجابتة بقوة وثبات: جال لنا نفس الكلام اللي جالة غيرة.

كدابة يا ليلي، كدابة وخاينة وملكيش أمان، خونتي الراچل اللي أمن لك واداكي ضهرة بقلب سليم، وكان چزاته طعنة غدر شوهت رچولتة جدام العيلة كلياتها، : كانت تلك كلمات حزينة قالها يزن بنظرة يأس وجهها إلى ليلي
وأكمل متألم: وكل ده ليه؟ لجل ما تطلعي إنت صاغ سليم جدام الكل، وأكمل بسخط: ملعون أبو كذبك على أبو عجلي الغبي اللي صدج واحدة مشوة ومريضة زيك.

وقفت فايقة وتحدثت بكل صوتها قائلة بتبجح: إحفظ أدبك وإنت بتتحدت ويا بت قدري النعماني، ورمقت قاسم وفارس الصامتان بنظرات نارية وتحدثت: وإذا كانوا إخواتها الرچالة سامعين وشايفين بعنيهم أختهم وهي عم تتهان وساكتين، فأني مهسكتش واصل
صاحت رسمية بنبرة حادة بعدما بدأت بإسترداد عافيتها: إكتمي نفسك يا مرة واجعدي مكانك وإنت كيف المركوب، عتعلي صوتك في حضور الحاچ والرچالة يا واكلة ناسك؟

اجابتها بنبرة منكسرة لكسب تعاطف الجميع: لا عشت ولا كنت لو كنت جاصدة إكدة يا عمة، أني كل اللي بعملة إني بدافع عن بتي اللي كلياتكم شاهدين على إهانتها من يزن وساكتين
رد عليها يزن بتساؤل حاد: إهانة؟
هي فين الإهانة دي لا سمح الله يا مرت عمي؟
أجابتة بنبرة تبجحية: وإنت لما تجولها كذابة وخاينة يبجا إية يا سى يزن؟

كالأسد الجريح نظر لها وتحدث بنبرة غاضبة: أبجا بوصفها يا مرت عمي، يااللي المفروض أني كيفي كيف ولدك، ومع ذلك جبلتي يتجال عليا إني معيوب ومنيش راچل ومهجيبش عيال
إبتلعت لعابها، حين حزن زيدان على إبن شقيقة الجريح، أما منتصر فهتف بنبرة غاضبة: جول اللي عنديك من غير تزويج للحديت يا ولدي الله يرضي عليك.

وكأن بكلماتة قد أعطي الضوء الأخضر لولدة، فأخرج من جيب جلبابة هاتفة الحديث وتحدث بقوة وثبات وهو يبحث داخل هاتفة: أني معتكلمش يا أبوي، أني عسمعكم بودانكم اللي عرفتة وخلاني إتوكدت إني متچوز الشيطان بذاتة
حسرة كبيرة ملئت قلوب كل الحاضرين، ضغط يزن زر الهاتف وصمت الجميع لينصتوا بتمعن لصوت الطبيب المصري التي أرسلتهم إليه صفا
صوت الطبيب المسجل من قبل يزن دون علم الطبيب: أهلا وسهلا بيكم، إتفضلوا.

صدح صوت يزن وهو يسألة ويعطية الملف الخاص بالتحاليل: أني چبت لحضرتك التحاليل الخاصة بيا
قطب الطبيب وتسائل مستفسرا: أومال فين التحاليل الخاصة بمدام حضرتك؟
أجابة يزن: هچيبها لحضرتك في وجت تاني، المهم دلوك تطمني على التحاليل بتاعتي، أني عملتها في مكان تاني غير اللي حضرتك بعتنا لية.

نظر الطبيب لإسم المعمل وأشاد به ثم إطلع على النتائج وتحدث بنبرة هادئة: التحاليل بتاعتك ممتازة ومفيش فيها ما يمنعك من الإنجاب نهائي
إستمع الجميع إلى صوت فارس الواضح بالتسجيل وهو يقول: حضرتك متأكد من النتيجة دي يا دكتور؟
أجابة الطبيب بنبرة حادة: تقصد إية بكلامك ده يا أستاذ؟

هتف يزن سريع وأجاب الطبيب بعدما إستشف حنقة جراء حديث فارس: فارس ميجصدش اللي حضرتك فهمتة يا باشا، أصل التحاليل اللي عملناها جبل سابج جالت إني عقيم ومهعرفش أخلف واصل
ضيق الطبيب عيناها وهتف قائلا: إزاي ده، التحاليل اللي قدامي بتقول إن حضرتك معندكش أي موانع تمنع الإنجاب
أغلق يزن التسجيل ونظر إلى فايقة وليلي وقدري، إبتسم ساخرا حين وجد وجوههم شاحبة كشحوب الموتي.

تنفس منتصر براحة وحمد ربه داخل سرة في حين وقفت نجاة وجرت على صغيرها واحتضنتة بعيون متسعة من شدة سعادتها وتحدثت: أني كنت متوكدة إنك سيد الرچال وأسد كيفك كيف أبوك
وحولت بصرها إلى فايقة ورمقتها بنظرات محرقة
أما فايقة التي أصرت على إستكمال مخطتها الحقير والإستمرار في مسلسل الكذب وتحدثت بنبرة صارمة: أني بردك مفهماش، إحنا دخلنا إية في اللحكاية دي يا يزن.

إتسعت عيناة من شدة ذهولة من بجاحتها، تحدث منتصر إليها بنبرة غاضبة: يعني إية دخلك إية في الموضوع يا مرت أخوى؟
وهو مين اللي كان چاب لنا التحاليل المغفلجة دي وبلانا بيها وخلانا نعيش سبوعين سود؟
وقف قدري ورمق منتصر وتحدث إليه بحدة وصوت غليظ: وإنت چاي تسألنا إحنا لية، ماتروح تسأل المعمل
سألتة رسمية بنبرة حادة متهكمة: والمعمل مالة يا زين الرچال.

أجابتها تلك المتجبرة بعينان ثابتتان تحت إرتعاب جسد ليلي: أكيد التحاليل إتلغبطت بالغلط چوة المعمل يا عمة
سألها يزن بتشكيك: وتحاليل ليلي هي كمان إتبدلت يا مرت عمي؟
سألتة فايقة مستغربة بتصنع يخبئ ورائة إرتعاب بداخلها ظهر بمقلتيها ورأة يزن: وإية اللي دخل تحاليل ليلي في الحديت دي؟
نظر لها وشبح إبتسامة شامتة ظهرت فوق ثغرة وذلك لبداية سقوط قناع القوة التي ترتدية، وتحدث: دلوك هعرفك دخلها إية.

مد كف يده داخل جيب جلبابة وأخرج إحدي الروشتات الخاصة بحكيم المركز تحت إستغراب الجميع، ذهب إلى المقعد التي تنكمش داخلة ليلي بقلب ينتفض رعب وجسد مرتجف خشية فضح خطتهم البشعة،
رمقها يزن بنظرة كصقر غاضب، تمالك من حاله بصعوبة كي لا ينقض عليها ويفترسها، رفع تلك الروشتة أمام عيناها وسألها: الروشتة دي بتاعت دكتور المركز اللي كنتي عتروحي له، ودي الدوا اللي كان كاتبه لك صح يا ليلي؟

إبتلعت لعابها رعب ولم تجد للهروب سبيلا ولا مفر من كشف المستور، فاستسلمت وأجابتة بنبرة مرتبكة: صح
هز رأسه بيأس وأسف، كم كان يتمني نفيها وعدم معرفتها بالأمر برمتة، ولكن تحطمت أمالة، ثم تحرك إلى قاسم الذي نظر له مستغرب وتحدث يزن: خد الروشتة دي يا قاسم واتصل بالدكتور وأفتح الإسبيكر لجل ما الكل يسمع ويكون الحديت على عينك يا تاچر.

نظر قاسم للورقة التي بيدة بتردد لاحظة الجميع، وضل ناظرا بها حتى إستفاق على صوت جدة الصارم وكأنة يأمرة وذلك بعد علمة بمغزي ما يقوم به يزن: خد الورجة من إبن عمك وإتصل وناولني التلفون يا قاسم.

شعرت تلك العاشقة بإنقباضة شديدة بقلبها لأجل كم الأذي الذي يتعرض إلية معشوق عيناها، إنتفضت فايقة بجلستها وبدأ صدرها يعلو ويهبط، وتيقنت أنها النهاية، أما قدري فأرتبك وابتلع لعابة، بسط ذراعة وتناول الروشتة من يزن ثم أخرج هاتفة وضغط زر الإتصال وفتح مكبر الصوت ليصل إلى مسامع الجميع، إنتظر الرد، إستمع الجميع لصوت الطبيب الذي صدح من خلال السماعة قائلا: السلام عليكم.

أخذ قاسم نفس عاليا ثم زفرة ليستعيد توازنة وتحدث متسائلا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، دكتور شريف السلاب معايا؟
أجابة الطبيب بإيماء، وتحدث قاسم بنبرة قلقة: الحاچ عتمان النعماني كبير نچع النعمانية رايد يتحدت وياك في موضوع.

قطع يزن طريقة وهو يتحرك إلى جلوس جدة، وأمسك الهاتف من يدة وتحدث إلى الطبيب نبرة هادئة: أني يزن النعماني اللي چيت لحضرتك ويا فارس ولد عمي يا دكتور، چدي معاك وياريت تحكي له على كل اللي حكيته لنا
ثم سلم الهاتف إلى جدة بعدما وعدة الطبيب بقول كلمة الحق
تحدث عثمان إلى الطبيب بعدما عرفة على حالة: عاوزك تجولي على كل اللي حصل من وجت ما حفيدتي چت لعندك هي والست والدتها.

وأكمل بنبرة تأكيدية: وخلي بالك من كل كلمة هتجولها يا دكتور، لأن دي أمانة وهتتحاسب عليها جدام رب العالمين يوم الجيامة.

تنهد الطبيب وتحدث مفسرا موقفة: الباشمهندس يزن فهمني الوضع وشرح لي الموضوع يا حاج، ومع إحترامى لشخص حضرتك الكريم، لكن لولا إني شفت بعيني التحاليل المزورة اللي ورهالي وعرفت إن الموضوع فية تلاعب وضرر نفسي ومعنوي واقع علية، وأكمل مبررا: ماكنتش أفشيت سر مريضة عندي وخونت مهنتي مهما كان مين اللي بيكلمني، وكلامي طبعا مايقللش من قيمة سيادتك عندي.

تنهد عثمان وتحدث بنبرة شاكرة: وأني شاكر أفضالك يا دكتور، ويكون في معلومك، الحاچ عثمان النعماني مهينساش اللي بيجف وياة واصل
أجابة الطبيب بنفس عفيفة وضمير حي نال به إستحسان عثمان والمعظم من الجالسون: وأنا بعمل الموضوع ده لوجة الله يا أفندم، ومش مستني أي مقابل غير من ربنا سبحانة وتعالي
وبدأ بقص ما دار بينه وبين ليلي خلال زياراتها إلية بصحبة والدتها على مدار العامان والنصف.

وأردف قائلا بإستكمال تحت إرتجاف جسدي فايقة وليلي: ومن حوالي عشر شهور، جت لي مدام ليلي هي ومامتها في زيارة طبية بعد إنقطاع عن العيادة دام لأكتر من ست شهور، وكانت وقتها بتعاني من مغص متكرر في منطقة الرحم، طلبت منها تعمل تحاليل جديدة، لكن إنصدمت لما شفت نتيجة التحاليل اللي بينت لي إن الحالة سائت جدا وإن حالة البويضات أصبحت في خطر كبير، ولما سألتهم عن سبب التراجع الكبير اللي حصل ده انكروا، لكن انا ضغطت عليهم وطلبت منهم يصارحوني علشان أعرف أساس المشكلة واقدر أساعدهم، وقتها بس مامتها إعترفت إنها بتوديها لدجالين علشان يساعدوها في حل مشكلة الحمل، والمصيبة إنها قالت لي إنها كل إسبوع بتوديها لدجال مختلف وكل واحد منهم بيديها مشروبات غريبة ومضرة طبعا، وده كلة غير الأدوية اللي كانت بتاخدها من الدكاترة اللي بردوا متنوعين.

وأكمل بأسي: للأسف، مامت مدام ليلي كانت متسرعة وغير حكيمة بالمرة في تفكيرها، و إنها عاوزة حمل بنتها يتم بسرعة كبيرة، وأكمل: أنا وقتها طبعا نصحتها وحذرتها من خطورة اللي بتعملة ده، و طلبت منها توقف كل زيارتها للاطباء والدجالين الكتير أوي دول وتتابع معايا علشان أحاول ألحق أخر أمل لبنتها
وأكمل بنبرة اسفه: لكن للاسف، والدتها ضربت بكلامي كلة عرض الحائط وبطلت تيجي عندي العيادة،.

وأسترسل حديثه: ومن شهرين بالظبط، لقيتها جاية وفرحانة جدا وبتقول لي إنها شاكة إن بنتها حامل في شهرين، لكن بعد الكشف والتحاليل اللي عملناها تاني أكدت إن مدام ليلي ضيعت أخر أمل ليها وإن الجرايم اللي والدتها عملتها فيها عملت لها لغبطة في الهرمونات وإتسببت لها في عقم، للأسف، مدام ليلي من مستحيل تبقا أم.

صدمة ألجمت الجميع وشلت حواسهم، حتى عثمان، لم تكتمل فرحتة بيزن وأنكسر من جديد لأجل مصاب حفيدتة الجلل، وقف قدري وتحرك إلى مجلس أبية وتحدث للطبيب بنبرة غاضبة: إنت راچل كداب وشكلك إكدة جبضت تمن الهلفطة اللي عتفتري بيها على بتي دي.

صدح صوت الطبيب من الهاتف وتحدث بنبرة صارمة: بيني وبينك ربنا والمعمل اللي المدام هتعيد فية التحاليل من جديد، ولو أنا فعلا كذاب خلي مدام ليلي أو مامتها يكذبوني أنا والممرضة بتاعتي ومعمل التحاليل اللي مدام ليلي كانت بتجري فية التحاليل دائما، والصيدلي اللي قدام عيادتي اللي كانت المدام بتصرف منة الأدوية في كل زيارة.

كانت تستمع لكلمات الطبيب المميتة لأي انثي بقلب يتمزج وعينان تزرف منهما الدموع بألم وغزارة، وكأن الموقف برمتة أعاد إلى أذهانها روايتها المؤلمة، شعر بإنتفاضة جسدها جراء البكاء حبيب صباها ونضوجها، إنة زيدان الذي أمسك يد معشوقتة وضغط عليها بإحتواء وكأنه يخبرها أنه دائما بجوارها، شاعرا بها ومضمض لجراحها التي تؤلمة كألمها
نظرت إلية بمقلتيها الدامعتان حزن على تلك الليلي برغم أنها لا تستحق.

نظر قاسم والجميع إلى ليلي وفايقة اللتان كادت روحهما أن تزهق من شدة رعبهما، حينها تأكد عثمان من صحة حديث الطبيب وأغلق معة بعد أن شكرة
ثم تحدث إلى قدري وهتف بنبرة حادة بعدما رمقة بنظرة نارية: ريح رچليك من وجفتك اللي كيف جلتها دي وروح إجعد چار مرتك وبتك يا قدري
إرتبك بوقفتة وتحرك بخزي وجلس بجوارهم
في حين هتف منتصر بنبرة غاضبة وهيئة ثائرة: يعني العيب طلع من بتك وچاية تلبسيها لولدي يا أم قاسم؟

واكمل بنظرة مشمئزة: يا عيب الشوم عليك يا بت عمي
وهتفت رسمية موجة حديثها إلى فايقة بنبرة غاضبة وقلب يتمزق لأجل حفيدتها: ضيعتي بتك بچهلك وجلة عجلك يا مرة يا خرفانة، ربنا ينتجم منك يا بعيدة
صاحت نجاة بنبرة حادة: ويا ريتها خدت عبرة من اللي حصل لبتها بإديها يا مرت عمي، إلا راحت وزورت الورجات وإتبلت هي وبتها وچوزها على ولدي سيد الرچالة.

وقف قاسم وتحرك إلى أبية ووالدتة وتسائل بذهول: صحيح الكلام اللي عم يتجال دي؟
لم يتلقي رد من كلاهما، بل ضل صامتان ينظران في اللاشئ بوجة محتقن بحمرة الغضب وليس الخجل، وليلي التي تان وتبكي بإنهيار وتنظر خجلا ورعب إلى يزن الواقف ينظر إليها بجمود وحقد
فصرخ بأبية قائلا: رد يا أبوي وكذب الكل وجول لهم إن كل دي محصلش وإنة مچرد سوء تفاهم.

ثم حول بصرة إلى والدتة وهتف بنبرة متألمة ذبحت بها متيمتة العاشقة: إنطجي يا أماي، دافعي عن حالك وعن ليلي وإنفي التهم البشعة دي عنيكم
رفعت بصرها إلية وتحدثت بنبرة قوية غير مبالية لما فعلت من جريمة شنعاء: أني أم يا قاسم، وكنت بحمي بتي وبحاجي عليها وبحمي بيتها من الخراب.

نزلت كلماتها على قلبة دمرتة، حالة من الهرج والمرج أصابت الجميع، وعلت الأصوات اللائمة لتلك المتبجحة ذات الوجة المكشوف الذي لا يعرف الحياء مطلق، اخرج الجميع من حالة الغليان صوت عصا عثمان التي دبت بقوة على الأرض وصوته الهادر الغاضب حين تحدث: بكفياكم يا ولاد النعماني، معايزش أسمع صوت حد فيكم واصل.

ونظر إلى فايقة وتحدث: يعني إنت بتعترفي إنك زورتي الفحوصات بتاعت يزن؟
رد قدري مدافع عن حبيبته الذي لم يعشق سواها: إحنا مزورناش حاچة يا أبوي وتجدر تروح المعمل وتسأل فية وتتوكد بنفسك
صاح عثمان قائلا بنبرة غاضبة: إسكت ساكت يا خلفة الشوم والندامة، حسابك لساتة چاي يا جدري الشوم يا دلدول المرة.

تنفست فايقة وتحدثت بنبرة واثقة أجادت صنعها وذلك لتاكدها أن طبيب المعمل لم ولن يفصح عن ما تم بينهما من إتفاق دنئ مهما حدث، وذلك لأمانة قبل منهما: كيف ما جالك قدري يا عمي، نتيچة الفحوصات إحنا ملناش يد فيها، وتجدر حضرتك تتوكد من إكدة
نظر لها بنظرة تشكيكية وسألها: وحكيم المركز، عيكدب ولا عيجول الحج يا فايقة؟

تنهدت بأسي وتفوهت بالحق وذلك بعد أن تأكدت أن لا فائدة من الإنكار، بل أنه سيفقدها الكثير والكثير: الدكتور جال الحجيجة يا عمي
وأكملت بدموع مصطنعة: بس لازمن تعرفوا أسبابي اللول جبل ما تحكموا عليا وعلى بتي
ويا تري إية هي بجا أسبابك اللي خلتك تكسريني وتخليني معارفش أرفع عيني ولا اجيم رجبتي جدام حد؟
كان هذا سؤال يزن الغاضب لها.

أجابتة بنبرة ضعيفة ودموع مصطنعة كي تستدعي تعاطفة معها: كنت خايفة على بتي من كلام وشماتت الناس يا ولدي، إنت محدش شمت فيك، بالعكس، كلياتهم زعلوا عليك ووجفوا معاك لانهم عيحبوك، لكن أني وبتي الشماتة كانت هتبجا عيني عينك
تحدثت ورد من بين دموعها المنهمرة: في حد عاجل يشمت في إبتلاء ربنا ورحمتة لينا، ونشمتوا كيف في بتنا اللي وجعها بيوجعنا.

إستشاط داخل فايقة عندما إستفاقت من تيهتها وشعرت بوجود غريمتها اللدود وزيدان الجالس يترقب للجميع بصمت، وتحدثت بطريقة مريضة كي تذبح روحها، غير واعية ولا مبالية أن إبنتها أصبحت داخل وضع أكثر صعوبة: عتجولي إكدة لأنك معيوبة ومحساش كيف بيكون حديت الناس.

نزلت كلماتها الموجعة الخالية من الشعور والإنسانية على قلب تلك الوردة الصافية أحرقتة، إستشاطت صفا لأجل والدتها وكادت أن ترد، لكن نظرات والدها التحذيرية لها كانت كفيلة بأن تكظم غيظها بداخلها وتصمت لتري
نظر قاسم إلى والدتة بأسي على حالها الذي أصبح لا يطاق، هتف زيدان بنبرة غاضبة شرسة وكأنه تحول: إحفظي لسانك وإتحدتي زين يا فايقة.

وأكمل بكبرياء: أم الدكتورة صفا النعماني اللي النچع كلياتة بيحكي ويتحاكي عليها مهياش معيوبة، وأكمل بإهانة: المعيوب هو اللي الناس مسلماش من لسانة العفش وتخطيتة الشيطاني
صاح يزن بنبرة غاضبة بعدما جن جنونة وكأنة تحول إلى غول بفعل تلك التي فاقت الشيطان بتخطيتة: حضرتك عتفضل ساكت وسايب جلبي جايد نار كتير إكدة يا چدي؟
مهتخدليش حج كسرت نفسي إياك؟

تنهد الجد الذي يجلس بأسي والألم والحسرة تملئ قلبة على حال عائلتة، ثم تحدث بنبرة جادة: شوف إية اللي يرضيك يا يزن وأني هعملهولك
رمق ليلي بنظرات نارية وتحدث بقوة: الطلاج، الطلاج هو اللي هيبرد جلبي ويطفي ناري الشاعلة
وقفت ليلي وجرت علية وتحدثت بدموع عيناها: يبجا بتحكم عليا بالموت يا يزن، أني مهجدرش أعيش من غيرك يا حبيبي، هموت لو فوتني يا يزن.

رمقها بإشمئزاز وتحدث عثمان بنبرة غاضبة: ولما أنت عتحبية إكدة يا واكلة ناسك، كيف طاوعك جلبك ومشيتي كيف العامية ورا الخرفانة أمك وتخطيتها إلى كيف تخطيط الأبلسة، وسألها بحدة: كيف كنت بتنامي وعينك عتغفل چار چوزك وإنت دابحة روحة وشيفاه وهو عم يدبل چدام عنيك، جلبك مكانش بيتوجع علية؟
أجابت جدها بدموع: اني عملت اللي عملتة دي لجل ما أحافظ علية.

أردف يزن بغضب متلاشيا حديث تلك الخائنة: أني مهجدرش أعيش مع واحدة خاينة وكدابة يا چدي، كيف هأمن لها من تاني واني نايم چارها
حالة جديدة من الهرج والمرج أصابت الجميع، في حين أصدر عثمان عدة قرارات بنبرة صارمة بعدما اخرس الجميع: يزن هيتچوز من اللي يشاور عليها ويختارها بنفسة لجل ما يخلف منيها ويبجا له عزوة.

إشتعل داخل ليلي وجن جنونها، قاطع يزن جدة بإصرار: الطلاج يتم جبل كل شئ يا چدي، مهعيشش أني وياها يوم واحد
اجابة عثمان بنبرة صارمة: إنت عارف زين إن جانون العيلة مفهوش كلمة الطلاج دي يا يزن، ده غير إن بت عمك خلاص، معادش نافع لها چواز تاني
إشتعل داخل فايقة خشية شماتت الحاضرين بها.

غضب يزن وعارض جده لكنة بالأخير إستسلم لتعصب عثمان وإصرارة على ثبات موقفة، وصمت وجلس لمشاهدة ما تبقي من قرارات جدة بعدما اخبر الجميع أنه سيهجرها بالفراش ولن يعتبرها زوجة له من اليوم، تم ذلك تحت جنون ليلي ورفضها لزواج يزن عليها وهجرها له، ولكن اخرصها غضب عثمان.

أكمل عثمان وهو ينظر بألم لذلك المنكمش على حالة خشية غضبة أبية: وإنت يا كبيري يا أول فرحتي، يا اللي المفروض تكون جدوة لباجي عيلتك، بدل ما تحاجي على ولد أخوك وتاخدة تحت چناحك وتعتبرة واحد من عيالك، تجوم تتأمر علية ويا الحرباية مرتك وتكسرة جدام العيلة كلياتها
إبتلع لعابة وحزن عميق أصاب قلبي زيدان ومنتصر ورسمية والجميع، أما قاسم وفارس فشعرا بخزي وعار من قدوتهما السيئة.

تنفس عثمان عاليا ثم أكمل: إنت إتفجت على ولد أخوك ورضيت بذلة وكسرت عينة جدام الكل، وأكمل بنبرة صارمة: من اليوم مليكش مكان في داري لا إنت ولا الجادرة اللي مصانتش عيشنا وملحنا اللي كلته ويانا
إنشق قلب رسمية لنصفين، وصدم قاسم وفارس الواقفان صامتان والغزي والعار يشملهما، وإتسعت عيناي قدري وتحدث بنبرة مرتعبة: هروح فين أني ومرتي يا أبوي، عاوز تطوحني برات البيت وتضحك الخلج عليا بعد العمر دي كلياتة؟

صاح عثمان بنبرة غاضبة: تروح في ستين داهية إنت والملعونة اللي ماشي وراها كيف الدلدول
وأكمل أمرا بنبرة غاضبة: بكرة الصبح ملجيش خلجتك في الدوار لا أنت ولا وش الخراب اللي چارك دي، مفهوم
تحرك زيدان سريع إلى والده وأردف قائلا بنبرة مترجية: بلاش يا أبوي، متخليش أخوي يدوج الذل والمرار والمهانة اللي دوجتهم وعشت فيهم سنين أني ومرتي وبتي.

نزلت كلماتة على قلب والده حطمتة، ونظر قدري إلى زيدان بإستغراب وذهول من موقفة المساند له رغم أنه كان أول الداعمين لقرار عثمان لنفي زيدان خارج منزل العائلة، شعر بخزي من حالة وتحركت رسمية ومنتصر ليدعما زيدان بقرارة.

في حين تحدث يزن بنبرة قوية: أني اللي إتغدر بيا وإطعنت في ضهري يا چدي، ومهسامحش في حجي ليوم الدين، وبرغم إكدة، أني مموافجش على نفي عمي برات الدوار، وأكمل وهو يترجي جدة: بكفياك جرارات ترچع تندم عليها كيف سابج،
وأكملت رسمية بدموع مترجية: مبجاش في العمر كتير لجل ما نجضية في الحزن والفراج يا عثمان.

نظر للجميع وشعر بغصة داخل صدرة، شعر بحزن لما أوصل أولادة وأحفادة من ألام وأحزان بفضل قراراتة التي لم تكن منصفة للبعض
تحدث وهو يتحرك لداخل حجرتة بنبرة واهنة: إعملوا اللي يلد عليكم، بس من إنهاردة قدري ومرتة مهيجعدوش وياي على سفرة واحده ولا هتلمنا جعدة بعد إكدة
تنفس قدري وشعرت فايقة بالإنتصار المزيف من انها مازالت بالمنزل ولم تنفي كورد وزيدان في السابق.

تحرك قاسم سريع إلى الخارج بوجة محتقن بالغضب، وتحركت خلفة صفا التي باتت تنادية بصياح ولكنه لم يلبي نداها وتحرك سريع إلى سيارتة ووضع بها مفتاحة، وقبل ان يستقلها امسكتة تلك العاشقة حبيبت زوجها من ساعدية وتحدثت بدموع: رايح فين يا حبيبي.
أجابها وهو يواليها ظهرة لعدم قدرتة على النظر داخل عيناها: إطلعي على شجتك يا صفا، وأني هتمشي شوي بالعربية وأرچع طوالي.

إحتضنتة من الخلف وتحدثت بنبرة حنون: مهفوتاكش لحالك وإنت إكدة يا قاسم، رچلي على رچلك منين ماتروح
زفر بضيق وصاح بها عاليا وذلك لشعورة بالخزي من حالة ومنها: مهتسمعيش الكلام لية يا بت الناس، جولت لك فوتيني لحالي، معايزش أجعد مع حد أني
زادت من ضمتها له وتحدثت بإصرار: مهفوتاكش حتى لو فيها موتي
إستدار لها سريع وتسائل متلهف بعيون مرتعبة: صح مهتفوتنيش يا صفا؟

إبتسمت بخفة ونظرت لعيناة بولة وتحدثت: افوتك كيف وإنت النور اللي عشوف بيه يا ضي عين صفا
تنفس وضمها إلية بقوة وبات يشدد من ضمتها وهو مغمض العينان بتألم
بعد مرور أكثر من الساعتان.

، كانت تتحرك بجانبة بين أشجار ثمار الفاكهة ممسكة بكف يدة مشددة علية بحب، وهو يتحرك بجانبها بألم لم يشعر به من ذي قبل، لم يكن حزين لأجل ماحدث قدر حزنة وخزية من حالة وما فعل بحبيبتة الغالية، وعمة الذي وقف بظهر أبية رغم معرفتة وعلمه بمدي حقدة علية، وهل سيتحمل قلب جدة ضربة قاضية أخري مثل تلك الفعلة الشنيعة التي فعلها بحق من أهدتة الحياة، يا له من شعور مميت وهو يري عشق وتمسك تلك البريئة به وهو إلى يطعنها بظهرها طعنة غدر قاضية.

بعد مرور أكثر من ساعتان قضاها كلاهما بالمشي كل بجانب الاخر يدا بيد، أخرجة من شدة رعبة تلك التي رفعت كف يده وقربتة من فمها وقبلتة بحنان وسألتة بنبرة هادئة: لساتك متعبتش من المشي؟
أخذ نفس عميق ثم أخرجة وأجابها بنبرة مهمومة: مجادرش أروح البيت وأشوف حد جدامي يا صفا، حاسس حالي مخنوج وروحي عم تطلع من چسدي.
تحدثت بنبرة حنون: سلامتك من الخنجة يا ضي عيني، طب إية رأيك ننام الليلة في الإستراحة بتاعت الچنينة.

نظر لها وسألها: هتبات معاي إهنية؟
إبتسمت وأجابتة: هبات معاك في أي مكان تكون فية، أهم حاچة متفارجش حضني ولا تبعد عني
تحرك كلاهما للإستراحة وتمددا فوق التخت، وسحبها هو لداخل أحضانة، تحدثت بتردد وخجل: قاسم، أني مش عيزاك تتأثر باللي حصل...
لم تكمل جملتها لمقاطعتة الحادة: معايزش أتكلم في اللي حصل يا صفا.

تنهدت بأسي لحالة الحزن والخزي التي أصابتة وتملكت منه، شددت من إحتضانها له، مال على جبينها وقبله بحنان وبعد مدة غفت داخل أحضانة أما هو فظل متيقظ ومشددا عليها داخل أحضانة وكأنة يخشي رحيلها عن أحضانة.

ظهر اليوم التالي
ذهب يزن إلى المشفي كي يبحث عن أمل ليخبرها بأنه أعاد الفحص وتأكد من أنه قادر على الإنجاب بمنتهي السهولة، وأن رجولتة كاملة وليست منتقصة على حسب فهمة، فمنذ أن رأي والدتة تخرج من مكتبها وعلم أنها أصبحت على دراية بعجزة والنار تنهش داخل صدرة، وبات شغلة الشاغل أن يثبت لها أنة بكامل رجولتة.

وجد باب مكتبها مفتوح، نظر على موضع جلوسها وجدة خاليا طرق فوق الباب عدة طرقات ليتأكد لم يصلة ردا، دار ببصرة على الشزلونج ليري ما إن كانت تفحص أحد مرضاها، وحينها تأكد خلو الغرفة تمام، وما أن هم بالذهاب ليبحث عنها حتى وجدها تقابلة وهي تحمل قدح من شراب القهوة، نظرت إلية بإستغراب وتسائلت: خير يا باشمهندس؟
تحمحم وتحدث بنبرة هادئة: كنت عاوز أتكلم وياك في موضوع إكدة.

ضيقت عيناها بإستغراب وتحدثت وهي تشير إلية لداخل المكتب: إتفضل
وتحركت أمامة وجلست فوق مقعدها بعدما وضعت قدح قهوتها فوق سطح المكتب وسألتة: تحب أطلب لك قهوة؟
هز رأسة بنفي ثم سألها بعدما أثارة الفضول: هو أنت لية لما بتحتاچي حاچة من الكافيتريا بتروحي بنفسك تچبيها؟
معتطلبيش لية اللي عوزاة من العمال؟

تنهدت وأجابتة بوجة ونبرة صوت يشعان طاقة وتواضع: مابحبش أتعب ولا أتسبب لأي حد في مشقة وتعب، وبعدين أنا بحب أعمل كل حاچة بنفسي وبحب اتحرك كتير علشان أنشط الدورة الدموية بإستمرار
نظر لها بإحترام وأعجب بأدميتها وحسن معاملتها للاخر، في حين أكملت هي بنبرة جادة: ما قولتليش، حضرتك كنت عاوزني في إية؟

تحمحم ونظر لها وهو يرفع قامتة بكبرياء رجل إستعاد كرامتة بعدما هدرت ودهست تحت أقدام الجميع وأردف قائلا: أني روحت عيدت التحاليل في مصر
نظرت له بلهفة إستغربها هو وتسائلت: طمني، التحاليل كانت غلط زي ما أنا توقعت؟
رفع قامتة لأعلي وتحدث بكبرباء كطاووس ينفش ريشة: طبعا غلط، التحاليل طلعت متبدلة في المعمل وأني طلعت صاغ سليم وراچل من ضهر راچل.

نظرت له مستغربة حديثة الرجعي وتحدث بنبرة حادة: على فكرة يا باشمهندس، قدرة الراجل على الإنجاب مهياش دليل على رجولتة الكاملة، ولا عدم قدرتة عليها ينقص منها حاجة، رجولة الراجل بتكتمل بأخلاقة ومبادئة وتنفيذة للوعود
وأكملت بيقين: وبعدين دي مشيئة ربنا لعبادة المخيرين، وأكيد لية حكمة في كدة وهو وحدة اللي يعلمها.

شعر بالحرج من حالة وبضألة تفكيرة العقيم أمام تلك المتسامحة مع الحياة والمؤمنة بالقدر وبحكمة الله.

وتحدث مفسرا لها الوضع: أني عارف كل اللي جولتية دي، وأكمل بنبرة متألمة وهو ينظر إليها بعيناة التي ملأها الحزن: إنت بس عتجولي إكدة إكمنك معرفاش عوايدنا، موضوع الخلفة بالنسبة للراچل الصعيدي واعر جوي يا دكتورة، دي فية دبح لكرامتة وهيبتة جدام مرتة وكل اللي حوالية، ومهما حاولت أشرح لك مهتفهميش الإحساس والمهانة اللي حسيت بيها وجت ما سمعت الخبر الشوم ده.

كانت تستمع إلية بتمعن وإنصات، شعرت بأنها تريد إطالة جلستة والإستماع إلية، سألتة بنبرة حزينة: ممكن أسألك سؤال، بس طبعا لو مش حابب ترد أنا هتقبل ده جدا
نظر لها بإحترام وأردف قائلا بنبرة حماسية: جولي وأني عجاوبك مهما كان الموضوع محرج
أردفت مستفسرة: اليوم اللي جيت لقيتك نايم فية هنا في المكتب، ياتري حالتك اللي أنا شفتك عليها، كان ليها علاقه بالموضوع ده؟

سحب بصره عنها وتنهد بأسي وتحدث بصدق: كانت أسوء ليلة شفتها في عمري كلياتة، كان أول مرة أحس بالمهانة وكسرة النفس، وساعتها عرفت يعني إية جهر الرچال، الله لا يعودها تاني
أردفت مستفسرة بإستغراب ونبرة شجن: طب هو أنا لية مش حاسة ولا شايفة جوة عيونك فرحة إنك هتبقي أب؟
أجابها: عشان الطريجة اللي عرفت بيها إني معنديش مشاكل في الخلفة كانت واعرة عليا جوي، وكشفت لي إني عشت سنتين ونص من عمري وأني أكبر مغفل.

وأكمل بألم: عارفة يعني إية تدي الأمان لحد وتدي له ضهرك وإنت مطمنة ومتفوجيش غير على طعنة،
وأكمل وهو يصك على أسنانة من شدة غضبة: طعنة واعرة بطعم الغدر والخيانة والخسة
وأكمل وهو ينظر داخل عيناها بتمعن: وجتها بتحسي إن الدنيي معادش فيها خير ولا ناس طيبين، وإن المفروض متديش الأمان ومتسلميش تاني لأي مخلوج على وجة الأرض.

تنهدت بأسي وهي تستمع له بقلب يتمزق وروح تتهاوي بعد إستماعها لكلماتة المؤلمة والتي وكأنها تصف ما حدث معها بالتفصيل داخل تجربتها المريرة مع دكتور وائل.

نظر لها ورأي ألم مميت يسكن عيناها الحزينة، ظن أنها تأثرت لأجلة، لا يعلم أنه وبحديثة هذا قد نزع بدون رحمة تلك الضمامة الهشة عن جرحها الذي مازال نازف، فتنهد وأردف قائلا لها بشبح إبتسامة واهنة تخرج من إنسان محطم نفسيا: ربنا ما يكتبها عليك ولا تعيشي الشعور المميت دي
إبتسمت بجانب فمها ساخرة واردفت بنبرة واهنة تخرج من قلب إمراة محطمة: متأخرة أوي دعوتك يا باشمهندس.

وأردفت بدعابة وأبتسامة حاولت بها عدم السماح لتلك الدموع الملعونة التي تصرخ وتأن كي تطلق لها العنان وتسمح لها بالتحرر: للأسف أنا عيشت نفس إحساسك المر، بس بطريقة أبشع ومهينة لكرامتي وأدميتي، حكايتي غدر بطعم الإهانة، وعلى إيد أقرب الناس لقلبي وروحي، أو اللي كنت مخدوعة وفكراهم كدة
قهقة عاليا بطريقة جعلتها تخرج من حالتها وتنظر إلية بضيق وحزن، وذلك لإعتقادها الخاطئ بأنه يسخر منها ومن ما ذكرتة.

بادر بالحديث سريع عندما لاحظ بوادر غضبها، فرفع يده وتحدث بنبرة ساخرة على حالهما: يعني إحنا التنين طلعنا كيف بعضينا، إتغدر بينا وأتداس على كرامتنا من أجرب الناس
تنهدت براحة عندما فسر لها ضحكاتة المتألمة ونظرت إلية بأسي، نظر داخل عيناها وحزن لاجلها عندما رأي بهما ألم يدل على كم الخزلان التي تلقتة تلك المغدور بها
طال نظراتهما كل للأخر بتمعن وكأنة يقرأ رواية خزلانة في عين الاخر.

فاق على حالة، تحمحم ثم وقف وتحدث لها بنبرة هادئة: همشي أني لجل متشوفي شغلك
هزت رأسها بإيماء وأبتسامة خافتة، وتحرك هو للخارج، أما هي فأسندت ظهرها للخلف مستندة على ظهر المقعد وأراحت رأسها وأغمضت عيناها بألم، وبدأت بإسترجاع ما حدث معها بالماضي.

بعد مرور حوالي إسبوع على تلك الواقعة.

داخل محافظة القاهرة الكبري وبالتحديد داخل مسكن قاسم وإيناس، كان يجلس داخل غرفة المكتب المخصصة داخل الشقة يراجع أوراق هامة لقضية يجب دراستها بصحبة إيناس التي ذهبت إلى المطبخ لتعد قدح من القهوة لها لزيادة التركيز بتلك القضية المعقدة، أخرجة من تركيزة الشديد جرس الباب الذي إستمع له، وقف وتحرك إلى الباب حين تحدثت إيناس بصوت عال وهو يقترب من الباب ليفتحة: إفتح الباب من فضلك يا قاسم.

لم يكلف حالة عناء الرد عليها وقام بفتح الباب، ذهل وهو ينظر امامة للطارق بعينان متسعتان من شدة ذهولهما لرؤيتة
وما زاد الطين بلة هو صوت إيناس العالي وهي تحدثة بنبرة أنثوية رقيقة: لو اللي على الباب دليفري السوبر ماركت ياريت تحاسبة وتجيب لي الحاجة على المطبخ لاني محتاجة السكر للقهوة ضروري يا حبيبي.
سأعلنك.
رواية قاتمة أنهيت كلماتها الموجعة بدموعي وصرخاتي، وطويت صفحاتها السوداء لأمحي كل ألامي.
سأجعلك
دستوي الجديد كي يصبح شاهدا على خيانتك، وسأخط به كل أمجادك الدنيئة ليصبج من الان هو شعاري.
لأجلك
سأمزق كل خواطري وأشعاري التي راودتني بوهم غرامك الكاذب، وسألقيهم في غيابات جب النسيان
خواطر صفا النعماني
بقلمي روز امين.

إهتز قاسم بوقفتة وأرتجف كامل جسدة عندما وجدها تقف أمامة بهيأتها الجنونية والغير مستوعبة لما يدور من حولها، تنظر إلية بمقلتيها المذهولتان والكثير من الأسئلة المؤلمة تراودها وتكاد تفتك برأسها، نظرت إلية وسيدان موقفها هما التشتت والذهول.

نظر قاسم إليها بذهول وبدأ صدره يعلو ويهبط من شدة رعبة، صدمة شلت حركتة وربطت عقدة لسانة، بصعوبة حاول أن يتحرك ويسحبها بجوارة إلى الخارج ويغلق ذلك الباب من خلفة ولا ينظر لما داخلة من حقيقة عارية لم يرد لمعشوقتة أن يصاب قلبها البرئ بأذي الإطلاع على خباياة.

تسمرا كلاهما وحبست أنفاسهما حينما إستمعا إلى صوت تلك الإيناس الهادر من الداخل وهي تتحدث بنبرة يملؤها الدلال بإسلوب انثوي قد إتبعتة مؤخرا لتجبر قاسم على تعود اذناة لإستماع تلك الكلمات حتى يصبح الأمر لدية عادي وبعدها ستبدأ بجذبة إليها من جديد رويدا رويدا، هكذا أوهمت حالها أنها بهذة الطريقة ستحصل على إسترجاع قاسم وتملك قلبة كقبل.

إيناس بنبرة أنثوية رقيقة: لو اللي على الباب الدليفري الخاص بالسوبر ماركت ياريت تحاسبة وتجيب لي الحاجة على المطبخ لأني محتاجة السكر للقهوة ضروري يا حبيبي
وهنا قد تأكدت تلك التي ذبحت على يد متيمها من حديث حارس البناية الذي حدثها به منذ القليل حين كانت تسألة عن إذا ما كان قاسم بالأعلي لتصعد لمقابلتة.

شعرت بعالمها ينهار تحت قدميها، غصة مرة وقفت بحلقها وكأن القصبة الهوائية أغلقت بفضلها وإحتجز الهواء المفترض وصوله لرئتيها مما جعلها تشعر بالإختناق
شعر بطعنة قاتلة داخل صدرة شطرتة لنصفين حينما رأي صدمتها ومعاناة روحها وذهولها الذي أصابها وظهر بعيناها
بصعوبة بالغة أخرج صوته الواهن وأردف قائلا بنبرة مهتزة متعجبة: صفا!

نظرت داخل مقلتية بتمعن وتسائلت بنبرة مشتتة ونظرات تائهة غير مستوعبة ما يجري من حولها: لية يا قاسم، عملت فيا لية إكدة؟
جصرت وياك في إية لجل ما تتچوز عليا وأني لساتني عروسة؟!
شعر بأن ساقية لم تعد تتحمل جسدة ولا روحة المهترئة جراء الصدمة.

وأردفت هي قائلة بقلب محترق: لما سألت بواب العمارة إذا كنت موچود فوج لجل ما أطلع لك، رد وجال لي إن لساتة واصل من نص ساعة هو ومرتة، وأكملت وهي تهز رأسمها برفض تام: مصدجتش حالي وجولت أكيد الراچل دي مخبول ولا شارب حاچة متوهة عجله.

ورفعت بكفي يداها ولوحت بهما في الهواء بوهن وضعف: جولت لحالي أكيد يجصد حد تاني غير حبيبي، مالت برأسها لليمين قليلا وأردفت بنبرة مهزوزة وعينان تكونت داخلهما لمعة الدموع التي تريد من يفسح لها الطريق كي تعلن عن عصيانها: مهو مش معجول حبيبي يدبحني بسكينة تلمة ويخوني وأحنا مفاتش على چوازنا إلا يدوب شهرين.

إبتسمت بجانب فمها بطريقة ساخرة وأردفت بتهكم على حالها: طول ما أني طالعة لهنية وأني بجول لحالي مستحيل الكلام الفارغ دي يكون حجيجة، قاسم ميعملش فيك إكدة يا صفا، مستحيل
وبلحظة تحولت نبرتها الواهنة ونظرتها المنكسرة إلى نبرة غاضبة ونظرة حادة كالصقر وتحدثت: بس فوجت من وهمي وتغفيلتي وجت ما مرتك الچديدة نادتك بحبيبي.

أخذ نفس عميق ثم أخرجة وتحدث بنبرة متألمة لأجلها: الموضوع مش كيف ما وصل لك يا صفا، تعالي نروح لشجتي وأني هناك هفهمك على كل حاچة.
ضيقت عيناها وتسائلت بنبرة ساخرة: شجتك؟
أومال دي شجت مين، لتكون جاعد في شجت المدام وعلى حسابها يا أبن النعماني؟
تنهد بأسي لحالة الذهول والألم والحسرة التي إنتابتها جراء ما أكتشفتة وتحدث وهو يمسك كف يدها ليحثها على المغادرة بصحبتة: إهدي يا حبيبتي وأني هفهمك على كل حاچة.

نفضت يده سريع ونظرة إشمئزاز ملئت مقلتيها وهي ترمقة بها مما جعل الحسرة تملئ داخلة وتألمت روحة لأجل كلاهما
خانتها دمعة ضعيفة فرت هاربة من عيناها مما أشعل روحة وكاد أن يصرخ من شدة تمزقة الذي أصاب قلبة جراء دمعتها الغالية التي نزلت بفضلة، إنتوت الرحيل كي لا تضعف وتزرف الكثير من الدموع ويراها بضعفها المهين لكرامتها الشامخة.

إستدارت وهرولت سريع إلى موضع المصعد إستعدادا للمغادرة، صاح بإسمها عاليا مما جعل إيناس تخرج من المطبخ لتري مع من يهمس قاسم،
إتسعت عيناي إيناس وهي تري صفا أثناء وقوفها أمام باب المصعد وهي تواليها ظهرها وتضغط زر إستدعائة تحت صياح قاسم الذي تحدث برجاء: إستنيني يا صفا، هچيب مفاتيح عربيتي وأچي لك حالا.
قال جملتة على أمل أنها ستنتظرة وتستمع بطاعة إلى حديث زوجها، كما عودتة مدة الشهرين المنصرمين.

دلف سريع للداخل تحت سؤال إيناس التي إستغلت الفرصة التي أتتها على طبق من ذهب دون السعي إليها: فية إية يا حبيبي، مين دي؟

نزلت كلمات تلك اللعوب على قلبها المغدور شطرتة ومزقتة وهدمت ما تبقي من كبريائها وشموخها العالي، أغمضت عيناها بألم ونزلت دموعها عنوة عنها، لحسن حظها أتي المصعد في غصون ثواني وذلك لأنه كان يقف بالدور الأعلي لشقة قاسم مباشرة، كانت إيناس تترقب إلتفاتها إليها كي تري وجة تلك القبيحة فاقدة الإنوثة مثلما اخبرها عدنان، تعجبت لإنوثة جسدها الخلفي، أما صفا التي أصرت على عدم إستدارتها لعدم قدرتها على المواجهة مع تلك الشمطاء خاطفة زوجها الخائن، كم ودت أن تلتفت لتري تلك التي سحرت متيمها وجعلتة يرمي بوعوده لها ولأبيها وجدها عرض الحائط، منعها إقترابها من حافة الإنهيار التي لم ولن تسمح لأيا كان بأن يراها على تلك الحالة المزرية، في غصون ثواني كانت تدلف إلى المصعد وتضغط زر الإغلاق وهي تواليها ظهرها ويلية زر الهبوط دون الإستدارة مما أحبط إيناس التي كانت تتشوق لرؤياها.

خرج سريع بعدما إلتقط مفاتيح سيارتة وجاكيت حلتة الذي خلعة عنة أثناء حضورة ووضعة على مقعد المكتب بعناية خشية إفساد مظهره، شعر بإحباط عندما وجد المصعد يتحرك للأسفل، جن جنونة وهرول إلى الدرج يتدلاه سريع كالذي يسابق الريح تحت صياح إيناس وأسألتها التي لم يعر حالة حتى عناء النظر إليها.

مما إستشاط داخل تلك التي شعرت بأمر غريب، هرولت سريع إلى الداخل واتجهت إلى الشرفة المطلة على مدخل البناية لتري منها كيف هي هيأة تلك الصفا
خرجت صفا من المصعد وهي تهرول إلى الخارج، ولحسن حظها وجدت سيارة تمر من أمامها فأشارت لها سريع وتوقفت، صعدت وتحدثت إلى السائق: مدينة نصر لو سمحت
وجدت من يخرج من مدخل البناية ويشير إلى السائق ليتوقف، تحدثت سريع: إتحرك بسرعة من فضلك.

وتحرك تحت صياح قاسم الذي شعر بحزن تملك روحة، قبض على يدة وشدد عليها حتى أبيضت يده وظهرت عروقها ثم. نفضها في الهواء بحركة تدل كم الغضب والجنون اللذان إنتاباه تحت نظرات إيناس التي تشتعل بالأعلي على اللهفة التي رأتها بداخل عين قاسم، دبت بأرجلها الأرض غضب لعدم إستطاعتها رؤية تلك التي إرتدت نظارتها الشمسية ودلفت سريع داخل السيارة وهي تنظر بوجهها أسفل قدميها، ولكن ما لفت إنتباهها هي أناقة تلك الصعيدية وتناسق ألوان ثيابها وخطواتها المتناسقة التي تدل على ثقة وثبات تلك الصفا، وهذا ما تعارض كليا مع وصف عدنان لها.

تحرك قاسم سريع لداخل الجراچ الخاص بالبناية واستقل سيارتة وتحرك بإتجاة الطريق التي سلكتة صفا، بات يدور بعيناة باحث عن السيارة، دق بكف يده طارة القيادة بعنف حينما لم يجد للسيارة أية أثر، زفر بضيق، ثم أخرج هاتفة وضغط على رقمها ليهاتفها
أخرجت هاتفها وضغطت فوق رقم أمل التي عادت إلى داخل الفندق مجددا إستعدادا لمغادرتة بسيارة النقابة التي ستقلهم إلى محطة القطار المتجة إلى مدينة سوهاج.

تحدثت إلى أمل بصوت واهن ضعيف: إنتوا فين يا أمل؟
إستغربت أمل نبرتها وأجابتها بهدوء: إحنا وصلنا الفندق وبنتجمع ومستنيين الميعاد اللي هنتحرك فية لمحطة القطر
هتفت صفا برجاء: متخليش السواج يتحرك بيكم للمحطة إلا لما أچي، أني في الطريج وإن شاءالله نص ساعة بالكتير وهكون عنديكم.

سألتها أمل مستغربة: إنت مش قولتي إنك رايحة لجوزك وعملاها لة مفاجأة وهتباتي معاه إنهاردة، إية اللي خلاكي تغيري رأيك بالسرعة دي يا بنتي؟
تنفست عاليا وأجابتها بنبرة مختنقة: مجادراش أتكلم دلوك يا أمل.

بالكاد أنهت مكالمتها، وما أن وضعت الهاتف بحقيبة يدها حتى إستمعت إلى صدح صوتة لتخرجة من جديد لتري بشاشتة نقش إسم ذابح روحها الذي هاتفها أكثر من سبع من المرات أثناء هذا الوقت الضئيل، ضغطت زر الرفض بنظرات حادة وقلب يغلي
فصرخ ذلك الذي يستقل سيارتة ويتحرك بها كالمجنون وهو يبحث بعيناة داخل الشوارع عن سيارة الاجرة التي إستقلتها، ما عاد يعلم وجهتة وإلي أين يذهب ليعثر على جوهرتة.

نظر أمامة وحدث حالة بألم: إلى أين رحلتي وتركتي فؤادي يحترق حزن عليك غاليتي، ألم تشعري بإحتراق روحي وقلبي الصارخ لأجلك، الرحمة أميرتي فقلبي لم يحتمل فكرة البعاد، عودي لقلبي قبل أن يفقد دقاته رعب من فكرة رحيلك عنة
قلبي يا اللة يشتعل نارا، ساعدني ولا تتركني بتيهتي وغربتي وحيدا
طرأت بمخيلتة فكرة توجهها إلى المطار، فهي بالتأكيد ستذهب إلية لتستقل الطائرة المغادرة إلى سوهاج،.

تنهد وعلى الفور عدل وجهتة ليتجة إلى المطار وحدث حالة بتفاؤل: مليكة فؤادي وأسرت قلبي، أنا أتي إليك مولاتي وسأخر راكع تحت قدماك
ولن أكل عن طلب السماح حتى تحني علي وتوهبيني العفو والغفران
وحينها قسما برب السموات لأشق أضلوعي ولأدخلنك بأعماق صدري حتى أخبأكي عن عيون الناس.

من نافذة السيارة، إستمعت لرنين هاتفها فنظرت إلى شاشتة وجدتها والدتها التي أرادت أن تطمئن عليها وما أن ضغطت صفا زر الإجابة حتى هتفت ورد وتسائلت بإهتمام ولهفة: طمنيني يا نور عيني، وصلتي عند قاسم؟
ما أن إستمعت لصوت والدتها الحنون حتى شعرت بحاجتها الملحة للبكاء التي تحتجزة بكل ما لديها من قوة، لكنها تحاملت على حالها وتحدثت بنبرة ضعيفة لم تستطع إخراج غيرها: وصلت يا أم صفا.

سألتها ورد من جديد بنبرة حماسية: جولتي له يا صفا؟
إبتلعت غصة مرة داخل حلقها وشعرت بوجع شديد تملك بصدرها، ثم أخذت نفس عميق وتحدثت بجمود: مجولتش حاچة يا أما.
ردت ورد بنبرة لائمة: لية يا بتي مجولتلوش لحد دالوك؟
ثم فاقت من حالة الحماس وشعرت بصوت إبنتها، فمنذ أن نطقت بحروفها الأولي داخل المكالمة وهي تشعر بشئ غريب بإبنتها لكنها فسرتة على أنة مجرد إرهاق سفر بفضل حالتها ليس إلا.

سألتها بنبرة قلقة: مالك يا بتي، فيك إية، ليكون قاسم زعل إنك سافرتي من غير علمة ونكد عليك؟
نطقت بضعف وصوت يريد أن يصرخ ويعلن عصيانة على الجميع: مجدراش اتكلم دلوك يا أما، أني چاية في الطريج ولما أوصل هحكي لك على اللي حصل
أغلقت ورد الهاتف ثم وضعت كف يدها على صدرها وتحدثت بإرتياب: جيب العواجب سليمة يارب.

وهنا خارت قوي صفا ولم تعد تستطع التحمل بعد، نزلت دموعها بغزارة وكأنها شلال كان محتجز وأطلق له العنان، نظر لها سائق السيارة وتنهد بألم على حال تلك الحزينة لكنة فضل الصمت إحترام لقدسية اللحظة
ضلت تبكي وتبكي بمرارة وشهقت بألم حين تذكرت السبب الذي أتت من أجله
عودة إلى السابق.

قبل يومان من الأن
صباح
كانت تفتح باب شقتها لتستعد للمغادرة إلى المشفي لمتابعة عملها ككل يوم، وجدت مريم تنزل من الدرج الأعلي وهي تجاور فارس الذي يضم خصرها إلية ويهمس إليها بوجة هائم وعينان عاشقتان تلتهمها بنظراته التي تقابلها مريم بخجل ممزوج بالسعادة الهائلة.

إنفرج فاه صفا وسعد داخلها بشدة حين رأت السعادة تهيم على هذا الثنائي التي تحمل لهما داخل قلبها البرئ كل التقدير والمحبة والإحترام، وما زاد من فرحتها هو التغيير الشامل الذي أصاب فارس وحالة الإهتمام المفاجئ التي بات يغمر به مريم ولاحظة الجميع حتى ليلي التي إشتعلت لهذا
خجل فارس وسريع قام بسحب ذراعة الذي يحيط به خصر مريم وتحدث متحمحم إلى التي وقفت تنتظر ذلك الثنائي بإحترام: صباح الخير يا مرت أخوى، كيفك.

إبتسمت بسعادة لمناداتة بزوجة أخي التي تعشقها لشعورها بتملك قاسم لها بتلك الكلمة وهذا الوصف، تحدثت إلية بإبتسامة عريضة بينت صفي أسنانها من شدة سعادتها: صباح النور يا فارس
وسألتهما بإستغراب: أومال چميلة فين؟
أجابتها مريم بهدوء: چميلة بايتة مع أمي.

نظر فارس لكلتاهما وجد بعيونهم كلمات محتجزة تريد الخروج فأستأذن وتحدث إلى مريم بنبرة حنون تدل على مدي عشقة الذي تملك منه: أني هسبجك بس مهكولش من غيرك، متتأخريش عليا
إبتسمت له بوجة بشوش وهزت رأسها بإيمائة خجلة أشعلت بها نارة الذي لم يعد لدية القدرة على السيطرة عليها كلما نظر لعيناها وكأنة يعوضها وحالة على ما فاتهما سابق.

تحرك للأسفل تحت رعاية عيناي تلك العاشقة التي لم تحيل بناظريها عنة حتى إختفي طيفة من امام عيناها الهائمة، ونظرت من جديد إلى صفا وجدتها تبتسم بسعادة وهي تنظر لها بتمعن، أمسكت كف يدها وتحدثت بنبرة بالغة السعادة: مبروك يا مريم، مبسوطة جوي من حالة الإنسجام اللي باينة عليك إنت وچوزك، وأكملت بإستحسان: فارس راچل صح ويستاهل جلبك اللي كيف الذهب.
إبتسمت لها وتحدثت بخجل: الحمدلله.

وأكملت بحماس: تعرفي يا صفا، حاسة حالي عايشة جوات حلم چميل جوي وخايفة اصحي منية
إبتسمت لها وطمأنتها ثم تسائلت بجدية: صح هتسيبي شغلك ومهترجعيش المستشفى تاني يا مريم؟
أجابتها بنظرة رضا: فارس عاوز إكدة، وحجة عليا إني أطيعة ومزعلهوش مني
أردفت بتساؤل حزين: وإنت يا مريم، فين حجك، بسهولة إكدة تستغني عن حلمك لجل ما تريحي سي فارس؟

تنفست براحة وتحدثت بنبرة هادئة مستكينة: فاكرة يا صفا لما عرضتي عليا إني أشتغل وياك في المستشفى، وجتها فرحتي مكانتش سيعاني، حسيت إني أخيرا هيبجا لي عازو وجيمة بين الخلج وأحس بكياني، وأكملت بأسي ظهر بعيناها: فارس مكانش معتبرني موچودة في حياتة يا صفا، وده خلاني أفجد الثجة في حالي وحسسني إني جليلة جوي بين الناس.

وبلحظة تحول الأسي إلى تفاؤل وهتفت بسعادة: لكن دلوك فارس بجا بيهتم بيا وإعترف لي إني حبيبتة ومبجاش جادر يستغني عن جربي واصل، وأكملت وهي تضحك بسعادة: أني وچميلة بجينا چوات حضن چوزي طول الوجت، هعوز إية من الدنيا تاني يا صفا
كانت تستمع إليها بوجة مشرق سعيد لأجلها
وفجاة توقفت مريم عن الإبتسامة ونظرت إلى صفا بتردد وسألتها: كيفة دكتور ياسر؟

أخرجت صفا تنهيدة حارة دلت على كم الوجع التي لمستة من روح ذلك العاشق معدوم الحظ: شاغل نفسة طول الوجت في الشغل، ربنا معاه
ثم تفوهت بإستحياء: مريم، هو أنت كنت عارفة إنة بيكن لك مشاعر چواتة؟
تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة حزينة: كنت حاسة من نظراتة،.

وأكملت بتبرير: بس والله يا صفا ما ليا ذنب في كل اللي حصل دي، أني عمري ما عشمتة بحاچة ولا شجعتة بنظرة على إنة يتمادي في مشاعرة ناحيتي، ولولا إني خچولة ومليش كلام مع الرچالة كنت جولت له لجل ميفوج من غفلتة اللي كان حابس حالة چواتها دي،.

بس لما لاجيتة بيخلج الفرص لجل ما يتجرب مني ويتحدت وياي، أخدت جرار إني لازمن أخبرة، وبالفعل كنت مستنية أي فرصة لجل ما ألمح جدامة وأخبرة إني ست متچوزة عشان يشوف حالة بعيد عني
وتنهدت بأسي وأكملت: بس ربنا كان مرتب إنة يعرف بالطريجة دي، وأكيد ربنا لية حكمة في إكدة.
تنهدت صفا وتحدثت وهي تشير لها بالتحرك: الحمدلله على كل حال، دكتور ياسر راچل محترم وأكيد هيحارب إحساسة وينسي الموضوع كلاتة، هي بس مسألة وجت.

تمنت مريم هذا وتحركا ثم سألتها وهي تنظر إليها بتمعن: مال وشك يا صفا، لونك متغير بجالك يومين
أنزلت بصرها للأسفل وتحدثت بنبرة خجلة: معارفاش أجول لك إية يا مريم، شكلي إكدة حامل
أمسكت مريم يدها لتحثها على الوقوف وهتفت بسعادة: جد حامل يا صفا؟

وضعت سريع يدها فوق فمها لتحثها على الصمت وأردفت قائلة: وطي صوتك يا مريم لحد يسمعنا، أني لسة متوكدتش، هروح إنهاردة أخلي أمل تعملي تحليل لجل ما أتأكدت وبعدها هجول للكل
حضنتها مريم بسعادة وتمنت لها الراحة والاستقرار مع زوجها.

بعد مرور حوالي الساعتان.

داخل مسكن فايقة التي لم تخرج منة منذ كشف خطتها وفضحها أمام الجميع وذلك بناء على تعليمات قدري بذاتة وذلك بعدما أخجلتة وجعلتة يظهر أمام العائلة بصورة لا تمت بصلة لنجل النعماني الكبير، وما أثار خجلة وجعله يستساط غضب وينقلب عليها هو شعورة بنبذ الجميع له حتى نجلاه، تحرك هو للأسفل ومنه إلى الباب الخلفي للمنزل المطل على الحديقة الخلفية وتحرك للخارج مباشرة من الباب الخلفي للحديقة كي لا يصطدم بأبية.

تحركت هي الاخري إلى الطابق الأعلي واتجهت إلى مسكن ليلي الزوجي والذي أصبح فردي بعدما أصدر يزن أوامرة للعاملات وجعلهم يجمعون جميع اغراضة ونقلوها بغرفتة السابقة كي يستقر بها بشكل مؤقت إلى أن يجلس مع حالة ويعيد ترتيب أحوالة.

باتت فايقة تدق جرس الباب حتى ملت من الإنتظار الغير مجدي بالنفع، شعرت بالخطر على إبنتها فنزلت إلى مسكنها من جديد وتناولت المفتاح الخاص بمسكن إبنتها ودلفت إلى غرفتها سريع لتتفقدها، وجدتها تجلس القرفصاء فوق تختها محتضنة ساقيها وتبكي بمرارة.

تنهدت براحة حين وجدتها تجلس بصحة تامة أمامها، وبرغم قلقها الذي أصابها على إبنتها إلا أنها لم تجرأ على التحرك إليها إنشن واحدا وجذب إياها وإدخالها إلى أحضانها كي تطمئن روح صغيرتها وتبث داخلها شعور الراحة والسكينة، تلك هي فايقة، لا يوجد بقاموس حياتها ما يسمي بالحنان ودعم من تحبة، بل تعتبرة هذه التصرقات ضعف لها.

تحركت إلى الشرفة بخطوات ثابتة وفتحتها لتنير تلك الغرفة شديدة الظلام، ثم نظرت إليها وهتفت بنبرة حادة: عامله في حالك لية إكدة يا بت؟
الدنيي كانت خلصت إياك؟
رمقتها تلك الغاضبة بمقلتها الحادة النظر وهتفت بنبرة ساخطة: معايزاش أشوف حد، همليني لحالي وإطلعي برة.

زفرت فايقة بضيق وتحسرت على حال صغيرتها التي تتملك منها روح الإستسلام سريع عكس والدتها، تحركت وجلست بجوارها وتحدثت: أهملك تموتي حالك إياك، أني مش جولت لك جبل سابج معحبش اشوفك ضعيفة وخايبة إكدة
وأكملت بملامة: عتشمتي فيا حريم الدوار يا حزينة
إتسعت عيناها بذهول وهتفت بحدة: إنت محساش بالمصيبة اللي وجعتيني فيها؟

أني بسببك إتحكم عليا إني مبجاش أم طول حياتي، مهعرفش أشيل چواتي حتة عيل من چوزي، ده غير حبيبي اللي عشت عمري كلياتة أحلم بالليلة اللي هيضمني فيها لچوات حضنة ويبجا ملكي لحالي، حتى دي إستكترتية عليا وضيعتية من يدي بعمايلك السودة، أني بجيت وحيدة يا أما، هجضي اللي باجي لي من حياتي في الأوضة الضلمة دي لحالي،.

وخبطت بكفاي يداها على فراشها وتحدثت بصراخ: حبيبي مهينامش في فرشتي تاني بسببك، إتحكم عليا أعيش لحالي على فرشة باردة، ناجصها روح حبيبي
وإنت كل اللي هامك وشاغل بالك ورد ونچاة اللي عيشمتوا فيكي؟
ملعون أبوهم على أبو تفكيرك وغضبك وحجدك اللي خلاني ماشية وراك كيف العامية
وأكملت بتساؤل مشمئز: نفسي أعرف جلبك دي مصنوع من إية؟
حجر صوان؟

أجابتها برأس مرفوع وعينان تشبة حدة الصقر خالية من المشاعر: ومين جالك إني عندي جلب من الأساس، الجلب دي للناس الضعيفة، الجلب يضعف ميجويش، الجلب يخلي صاحبة ذليل كيفك إكدة يا بت قدري، واكبر دليل على حديتي دي حالتي أني وإنت.

وأكملت وهي تتحرك بالغرفة و تشير إليها: بصي لحالك في المرايا وشوفي جلبك العاشق وصلك لإية، وأكملت وهي تنظر إليها بوجة غاضب وعينان مخيفتان من شدة إتساعهما: العشج خلاكي ضعيفة وخلاكي عبدة ذليلة عند راچل ميسواش كيف إبن المركوب اللي إسمية يزن، إبن نچاة لما شاف عشجك ولهفتك علية ساج دلالة وشاف حالة عليك يا حزينة.

ثم أردفت قائلة بتفاخر وكبرياء: وأني جدامك أهو، عمري ما بليت ريج أبوك بكلمة زين ولا حتى نظرة رضا، ومع إكدة عيموت عليا وعيتمني لي الرضا أرضي وأظن دي شيفاه بعينك كيف الشمش
بكت بضعف وتحدثت بوهن: يزن غير أبوي.

كلياتهم واحد، رچالة ناجصة خسيسة، الواحد منيهم أول ما يحس ويشوف العشج في عين الصبية، يبعد عنيها وتسجت من نظرة، ويروح يدور على واحدة مهتعبروش ولا شيفاة جدامها لجل ما يرسم عليها ويخليها تحبة ويحس إنة بكدية بجا راچل رغم إنة بيتحول لعبد ذليل عنديها، كلياتهم صنف واحد، صنف واطي ميستاهلش دمعة واحدة من عين حرمة.

وتحركت إليها من جديد وسحبتها من يداها وتحدثت بعدما وجدت هدوئها وإقتناعها بحديثها: جومي إسبحي وإلبسي خلجاتك لجل ما نروح للشيخ عرفان،
وأكملت بنبرة حماسية وصلت إلى ليلي: عيجولوا عندية خادم عيخلي الراچل خاتم في يد مرتة وطايع لأوامرها
وأكملت بوعيد: وحياتك عندي يا غالية ما هيرتاح لي بال غير وأني چايبة لك إبن نچاة ومخلياة ذليل وراكع تحت رچليك.

إتسعت عيناي تلك البلهاء بذهول وهتفت متسائلة بلهفة: صح الحديت دي يا أما؟
هتخلي يزن يرجع لي بچد؟
إبتسمت لها فايقة ووضعت يدها فوق شعر رأسها تتلمسة وتحدثت بنبرة قوية: ميتا أني جولت لك حاچة ومحصلتش؟
إنتفضت ليلي من جلستها بحماس وتحركت سريع إلى المرحاض لتنفيذ أوامر والدتها كعادتها.

وبعد حوالي ساعة كانت تتدلي الدرج بتفاؤل، بجانب والدتها، وما أن لمحتها رسمية التي كانت تخرج من المطبخ بجانب ورد التي تحمل صنية فوقها ثلاثة أكواب من مشروب الشاي الساخن
حتي صاحت بنبرة حادة: لابسة ورايحة على وين يا غندورة؟
كظمت غيظها الشديد من لكنة عمتها الساخرة بداخلها، وتحدثت بنبرة هادئة: رايحة أني وبتي لجل ما نطل على أمي العيانة يا عمة.

رفعت رسمية وجهها إليها وتحدثت وهي تشير بسبابتها إلى الأعلي: إطلعي على شجتك وإتلمي فيها يا مرة يا سو، وإحمدي ربك إن لساتك جاعدة في الدار بعد عمايلك الشوم دي كلياتها.
وأكملت بنبرة تهديدية غاضبة وهي تشير بيدها: الله الوكيل لولا إن أخوي وصاني عليك جبل مايموت، لكنت جتلتك بيدي دي وخلصت عيلتي من شرك يا واكلة خيرنا وناكراة.

تحدثت ليلي بحدة مدافعة عن والدتها: ملوش لزوم الكلام دي يا چدة، وبلاش تكوني ظالمة، أمي من حجها تزور چدتي العيانة
تنهدت رسمية بأسي لعلمها أن حفيدتها تتحرك بأوامر من والدتها بلا عقل كالتابع، وحزنت كثيرا على حال ليلي التي يبدوا على هيأتها أنها لم تستوعب الدرس التي تعرضت له بمنتهي القسوة، يبدوا أنها لم تستفق إلا على كارثة كبري ستحرق معها الأخضر واليابس بحياتها البائسة.

تحدثت رسمية إلى حفيدتها بقلب منفطر لأجلها: تعالي معاي يا ليلي، چدتك العچوز رايدة تتحدت وياك شوي
ثم رمقت فايقة بحدة وصاحت بها عاليا: وإنت يا واكلة ناسك، إطلعي على فوج ومشوفش خلجتك تحت واصل.

نظرت لها بعيون حادة كالصقر وهتفت بنبرة حاقدة وهي تنظر إلى ورد التي تجاور نجاة الجلوس فوق الأريكة بهدوء، وهي تنتظر مجئ رسمية للبدء في تناول مشروبهم سويا، وما زاد حقدها عليها هو جلوسها بأريحية وملامح وجة يظهر عليها الإرتياح والسكينة وكأنها أصبحت سيدة القصر الأمرة الناهية بعد السلطة التي أعطاها لها كل من رسمية وعثمان: حاضر يا عمة، أني عسمع حديتك وأطلع أغير هدومي وأنزل لجل ما أباشر على تچهيز الغدا في المطبخ.

إتسعت عيناي رسمية نتيجة غضبها العارم وهتفت بقوة: هو أنت يا مرة محساش بالمصيبة اللي وجعتي حالك فيها وطبجت على راسك؟
كيف عتنزلي وتجعدي وسطينا من تاني بعد ما سكينة غدرك رشجت چوة جلوبنا كلياتنا يا حزينة
وأكملت بإستغراب: وبأي عجل يا مرة يا خرفانة مفكرة إني عخليكي تخطي برچليك اللي تنكسر المطبخ من تاني، شيفاني مرة مدبوبة لجل ما أمن لك على وكل ولادي وأحفادي بعد العملة المنيلة اللي عملتية في يزن؟

وأكملت بنبرة حادة: مطبخ العيلة إتحرم عليك من اليوم اللي إتكشفت فيه خيانتك وخستك وجلة أصلك، ودي أوامر كبير العيلة يا واكلة ناسك.

كانت تستمع بقلب يشتعل غضب وهي تشاهد قذائفها التي تخرج من فم عمتها وتتجة إلى صدرها لتفتك به وتزيد من إشتعالة، فقد تحولت رسمية وأصبحت جلادتها التي تسعي دائما لتضئيل حجمها أمام الجميع، بعد أن كانت الداعم الرئيسي لها والتي كانت دائما ما تستمد منها قوتها، وهذا ما تسبب في تجبرها وطغيانها على الجميع.

تحدثت إلى رسمية وهي ترمق ورد بنار شاعلة: بلاش تحكمي عليا وتشمتي فينا اللي يسوي واللي ميسواش من غير متسمعي أسبابي يا عمة.

رمقتها ورد بنظرة حادة لعلمها أنها تقصدها لا غيرها بحديثها المهين، في حين هتفت رسمية بنبرة قوية: اللي عملتية ممحتاجش تفسير يا أم عجل ناجص، واللي متسواش هي المرة اللي الغدر عيچري في دمها وفتنت ووجعت بين الإخوة وبعضيها، ثم حولت بصرها إلى ورد وتحدثت بنبرة نادمة: أني دلوك عرفت الفرج بين الذهب الخالص الأصيل، وبين اللمعة اللي كانت بتضوي في الضلمة ومن خيبتي كنت فكراها دهب خالص، وأكملت وهي تحول بصرها إلى فايقة وهتفت بنبرة حادة ورمقتها بنظرات مشمئزة: لكن طلعت لمعة صفيح ومصدية كمان.

ونهرتها بشدة جعلتها تتحرك إلى الأعلى عنوة عنها بقلب يغلي من شدة إشتعالة بنار الغيرة، أما رسمية فتحركت بجانب ليلي وسحبتها إلى حجرتها كي تتحدثا بعيدا عن الكل، واستها ونصحتها بحنان بالإبتعاد عن أفكار والدتها التي ستقضي على ما تبقي بينها وبين يزن، وذلك بعدما إحتوتها داخل أحضانها وشددت من ضمتها لتطمئن روحها، جارتها ليلي بحديثها لتجعلها تطمئن لها.

ثم تحركت إلى مسكن والدتها وقصت لها ما دار بينها وبين جدتها ووعدت والدتها أنها لم ولن تتخلي عن حقها في إمتلاك قلب وجسد وروح يزن، ولهذا ستفعل كل ما بوسعها لتحصل على مبتغاها، مما أسعد فايقة لعدم تخلي وريثة عرش حقدها عن إنتقامها وعدم التخلي عن الإمتلاك المرضي، تلك الصفة المشتركة بين كلتاهما.

داخل المشفي بعد الظهيرة
تحركت صفا داخل غرفة الكشف الخاصة بدكتورة أمل، وقد أخبرتها بما يجري لها من تغيرات هيرمونية وجسدية، أخبرتها أمل أن جميع البوادر تشير إلى حمل مؤكد ولكن يجب عمل فحص دم للتأكد.

سحبت منها عينة دم وأجرت فحصها وبعدها تحركت صفا لتباشر عملها من جديد، وبعد حوالي نصف ساعة تحركت أمل إلى مكتب صفا وجلست فوق المقعد تنتظر، حيث كانت تجري فحص مريضة، إنتظرت حتى خرجت الحالة وتوجهت إليها مباشرة لتزف لها البشارة وهتفت بنبرة حماسية: مقولتليش يا دكتور، نفسك في ولد ولا بنوتة رقيقة شبة مامتها؟

نزلت تلك الكلمات على قلبها البرئ كهطول الماء على نبتة صالحة فأروتها وترعرعت و تراقصت أوراقها، هتفت بنبرة متلهفة: إنت متأكدة من كلامك ده يا أمل؟
ثم وضعت كف يدها سريع فوق أحشائها وتحسستها بشعور غريب ولأول مرة ينتابها، شعور رائع لم تستطع كل الكلمات المكتشفة وصفة
إقتربت أمل عليها وتحدثت بإبتسامة سعيدة لأجل تلك الخلوق: مبروك يا دكتورة.

رفعت وجهها إليها وتسائلت بعيون لامعة بفضل تجمع دموع السعادة بها: البيبي عندية كام إسبوع يا أمل؟
أجابتها أمل بنبرة عملية: السونار هو اللي هيجاوبك على سؤالك ده
توجهت كلتاهما إلى غرفة الكشف، فحصتها أمل وأخبرتها أن جنينها يبلغ من العمر شهران مكتملان، أي أنة وضع داخل رحمها منذ ما حدث بينها وبين محبوبها ليلة الزفاف، إبتسمت بخجل.

نظرت صفا إلى الأمام بتفكر، وتذكرت المؤتمر الطبي المقرر إقامتة بعد يومان داخل محافظة القاهرة والتي كانت قد أخبرت ياسر وأمل أنها ستعتذر عن حضورة وذلك لما بدأت تشعر به مؤخرا من إرهاق شديد والخمول الذي غزي جسدها بالكامل، وهذا ما جعلها تقدم على قرار عدم حضورها المؤتمر الهام لها كطبيبة،.

لكنها الان قد قررت الذهاب بعدما أصبحت على دراية لما يحدث لها من تغيرات ولسبب أهم، وهو إنتوائها بمفاجأة حبيبها بوجودها أمام عيناة وإسعادة وهي تزف له بشارة خبر قدوم من سيأسر قلبيهما ويجعلهما أكثر ترابط مما هما علية
هتفت بنبرة حماسية: بجول لك يا أمل، أني قررت أسافر وياكم واحضر المؤتمر بعد بكرة.

ضيقت أمل عيناها وأردفت بإستفسار: إنت مش بلغتينا إمبارح أنا وياسر إنك مرهقة ومش هتحضري، إية اللي خلاكي تغيري رأيك بالسرعة دي؟
تنهدت بسعادة وأردفت شارحة: حابة أعمل مفاجأة لچوزي وأشوف رد فعلة وأني بخبرة عن الحمل
قامت أمل بالإثناء على تفكيرها وشجعتها على إتخاذ الخطوة وهتفت بنبرة عملية: أوك يا صفا، بس كدة هنضطر نلغي تذاكر الطيران ونحجز في القطر المكيف، لأن الطيران خطر على الحمل في أولة.

وافقتها صفا الرأي، وغادرت المشفي سريع وتحركت بلهفة لتخبر والدتها وهي في قمة سعادتها، أما ورد التي لم يسعها عالمها شدة فرحتها بهذا الخبر السعيد وقابلتة بدموعها الساخنة، طلبت صفا من والدتها عدم إخبار والدها بهذا الخبر لحين سفرها إلى قاسم وإعلامة، ثم بعدها ستخبر الجميع،.

وأتفقت مع والدتها ألا تخبر أحد من أهل المنزل وذلك لجعل سفرها مفاجأة لمتيم روحها، أخبرت والدها بسفرها للمؤتمر عبر الهاتف وذلك لتواجدة خارج المنزل لمتابعة أعمالة التي تتزايد وتتوسع بشكل كبير للغاية، أخبرتة بذهابها للمؤتمر فقط وأخذت منة السماح وطلبت منة سرية الخبر، ثم تحركت إلى عثمان الذي كان يأخذ قسطا من الراحة بحجرتة وأخبرتة بسفرها وايضا أكدت علية السرية التامة، وتحججت بعدم إثارة غضب وحنق فايقة وليلي عليها، وإثارتهما وأفتعال المشاكل إذا علما أنها ستسافر لحضور مؤتمر خاص بعملها وذهابها بعد ذلك لمفاجاة قاسم، لكنها لم تخبرة ولا أبيها عن خبر حملها، وافق عثمان بعدما إقتنع بحديث حفيدتة الذي يتسم بالعقلانية وسعد داخلة لتطور علاقة صفا بقاسم وأثني على تقربها لزوجها تحت خجل صفا الشديد من جدها.

بنفس التوقيت داخل مدينة القاهرة
قررت إيناس اللعب مع قاسم بوضع خطة محكمة لإستدعاء مشاعرة إليها من جديد كذي قبل، ولكن بطريق مختلفة وذلك بعد محاولاتها الكثيرة التي بائت جميعها بالفشل الذريع، فحينها تأكدت أن لا أمل للوصول لقلبة عن طريق إثارة رجولتة وإغرائة بإنوثتها.

فقررت اللعب على عقلة من الإتجاة العملي، وبعد التفكير والفحص الدقيق إستقرت على صيدها الثمين، ذهبت إلى شركة كبري لصاحبها رجل الأعمال الشهير، الذي يدعي أمجد التهامي والذي لفقت له من قبل منافسية عديم الشرف قضية إعطاء مبالغ مالية كرشوة لموظفين بالدولة.

مما سوء سمعتة والقي القبض علية وتم معة التحقيق بحضور أكبر محامي إسما بالبلاد ومازال التحقيق جاري، وخرج هو بكفالة مالية كبيرة وبضمان محل إقامتة، وقررت النيابة عدم السماح له بمغادرة البلاد لحين إنتهاء التحقيقات وثبات التهمة أو نفيها عنه، مما جعله يغضب من محامية ويطلب منه التحرك بأقصي سرعة وأن يفعل كل ما بوسعة كي يثبت برائتة ويحسن من وضعة أمام الرأي العام،.

طلبت إيناس من سكرتيرتة الخاصة السماح لها بمقابلتة وأعطتها بطاقة التعريف الخاصة بعملها
نظر بها أمجد وتحدث إلى سكرتيرتة بلا مبالاة وهو ينظر داخل البطاقة مضيق عيناهة: أيناس عبدالدايم، ودي عايزة مني إية دي كمان؟
اجابتة بعملية: ما أعرفش يا أفندم، كل اللي قالتهولي إني أبلغ حضرتك إنها محتاجه تقابلك ضروري بخصوص قضية حضرتك، وقالت لي أبلغك إن حل قضيتك عندها.

إستغرب إستماتتها لمقابلتة ثم طلب منها أن تسمح لها بالدخول، دلفت وتحدثت وهي تبسط ذراعها إلى الذي وقف إحترام لها: سعيدة جدا بوجودي قدام قامة عظيمة ومثل مشرف في عالم الاعمال زي حضرتك يا أمجد بية
أماء لها بإستحسان وتحدث بنبرة عملية جادة: أهلا أستاذة إيناس، ياريت تدخلي في الموضوع على طول نظرا لوقتي الضيق.

أمائت له بتفهم وجلست بعدما أشار هو لها وتحدثت بنبرة واثقة: كان الله في العون يا أفندم، على العموم أنا جاية ومحضرة كلامي المختصر لاني عارفة ومقدرة مشغوليات ووقت حضرتك الثمين
وأكملت: أنا جاية أأكد لحضرتك إن خيط حل قضيتك أصبح في إديا.

أرجع ظهرة للخلف وقضب جبينة ونظر لها بتمعن وأستغراب وهو يحرك مقعدة يمين ويسارا، فأكملت هي بثقة عالية: ما تستغربش حضرتك، أنا ليا إسبوع ببحث وبدور بطرقي الخاصة لحد ماوصلت لبداية الخيط، وتقدر تقول إن قضيتك أصبحت منتهية وفي إنتظار إطلاع هيئة القضاء الخاصة بالقضية على الأدلة اللي هتخليهم يحكموا بالبرائة من الجلسة الأولي.

سألها بنبرة صارمة وملامح وجة جامدة: إنت متأكدة من الكلام اللي إنت بتقولية ده ولا جاية تعملي شو وتضيعي وقتي، بس قبل ما تتهوري وتجاوبي، إنت عارفة الأول إنت قاعدة قدام مين؟
وأكمل بنبرة تهديدية: وعارفة لو كلامك ده طلع فنكوش أنا ممكن أعمل فيكي إية؟
تنهدت وأجابتة بثقة: أنا مش صغيرة ولا غبية يا أفندم علشان أجي ألعب مع حد بحجم حضرتك،.

وأكملت بكبرياء وهي تتحدث عن قاسم: أظن حضرتك سمعت عن مكتبنا، وعن إسم قاسم النعماني اللي كان حديث المدينة طول المدة اللي فاتت، وده بعد ما أترافع في قضية المستشار عصام مجدي اللي كان متهم بغسيل أموال، وبفضل جهودة وذكائة حولها لقضية رأي عام وكسبها بشرف ونزاهة في وقت قياسي
تنفس عاليا وأجابها بثناء: وده السبب الرئيسي اللي خلاني أسمح لك بمقابلتي بعد ما السكرتيرة قالت لي إنك من مكتب قاسم النعماني.

تحدثت إيناس بتفاخر وهي ترفع قامتها للأعلي: انا مش مجرد محامية في مكتب قاسم النعماني، أنا مراتة وشريكتة في كل نجاحاتة اللي وصل لها،.

وأسترسلت حديثها بثقة عالية أعجبت أمجد: وصدقني يا أمجد باشا، أنا لولا متأكدة إن برائة حضرتك هتظهر للعلن في خلال إسبوع واحد بس بعد تولي مكتبا ليها، ما كنتش جيت لحضرتك وعرضت عليك إننا نتولاها، وأكملت لتزيده من الشعر بيت: ومش بس كدة، إحنا هنكشف قدام الرأي العام كل شخص كان لية يد في الخطة الدنيئة اللي إتعملت لتسويئ سمعة حضرتك الطيبة، وهنرفع لك قضية رد شرف وتعويض مادي كبير.

تحدث إليها أمجد قائلا بوعد: عارفة لو الكلام اللي بتقولية ده إتنفذ زي ما بتقولي، أنا هكافأك بمبلغ عمرك ما كنت تحلمي بربعة.
وأكمل بنبرة عملية: إعتبري ملف القضية إتسحب من هشام عبدالجواد وأصبح على مكتب قاسم النعماني، وأنا هتصل بية بنفسي وأخلية ييجي لي هنا علشان نتكلم في تفاصيل الواقعة.

سال لعابها وسعد داخلها من وعدة وتحدثت قائلة: المكافاة دي شئ مفروغ منها يا باشا، أنا بتعامل مع أمجد باشا التهامي، بس أنا ليا طلب خاص عند حضرتك
أشار لها بالحديث فأكملت: أنا عاوزة حضرتك تأكد على أستاذ قاسم إني أشتغل في القضية دي معاه
ضيق عيناه مستغرب وهتف قائلا: حضرتك بتطلبي مني اتدخل وأطلب من جوزك إنة يشغلك معاه في القضية؟
مش غريبة شوية دي؟

وبعدين إزاي بتقولي إنك بحثتي ولقيتي طرف الخيط، إنت إشتغلتي على القضية بدون علمة ولا إية؟
أجابتة بنبرة قوية: دي تفاصيل صغيرة مش عاوزة أشغل حضرتك بيها، كل اللي ممكن أقولهولك إن أستاذ قاسم جاد جدا في شغلة وفاصل بين حياتنا الخاصة والشغل، وهو مؤخرا حابب يبعدني عن مشاركتي لية في القضايا علشان حياتنا الخاصة متتأثرش، ونقعد طول الوقت نتكلم عن القضايا حتى في البيت.

أجابها أمجد: يظهر إن أستاذ قاسم راجل حكيم وبيحب الإستقرار المنزلي وبيحبك، بدليل إنة عاوز يعيش حياة هادية معاك
إبتسمت بغرور وتحدثت بتأكيد مزيف: ده حقيقي، لكن أنا مش حابة قرارة ده وشايفة إن مشاركتنا في قضايا المكتب بيزدني خبرة ويعلي من مكانتي وإسمي في المكتب معاه.

إقتنع أمجد بحديثها الموضوعي وبالفعل هاتف قاسم وحدد له ميعاد وطلب منه إصطحاب إيناس رفعت معه مما أثار إستغراب قاسم، ذهب بالفعل بصحبتها وبعدما إتفق معا طلب منة مشاركة إيناس معه وبرر ذلك بأن إيناس لديها المعلومات، وصارحه أنها هي التي أتت إلية وطلبت منه تحويل ملف القضية إلى مكتب قاسم فلهذة الاسباب أصبحت مشاركتها بالقضية مشروعة.

في بداية الامر رفض قاسم هذا الشرط بشدة إستغربها أمجد، لكنة وبعد إصرار أمجد عليها إضطر على الرضوخ والموافقة، نظرا لما ستحققة هذه القضية من مكاسب معنوية وشهرة واسعة لمكتبة وتجعل من إسمة مرتفع فوق جميع نظرائة.

حقا كان من الصعب على قاسم رفضة لشرط أمجد التهامي رجل الأعمال ذو الإسم الرنان والشهرة الواسعة والسمعة الطيبة، وما جعل قاسم يتنازل ويقبل بهذا الشرط هو سحب ملف القضية من مكتب قامة كبيرة في عالم المحاماة وإرسالها لمكتبة الذي لا يضاهي مكتب هذا المحامي الشهير، وهذا كفيل بأن يرفع إسمة لعنان السماء، وإنة لمن الغباء رفض تلك الفرصة التي أتت إلية على طبق من ذهب ولن تتكرر.
في صباح ذلك اليوم الموعود
وصل يزن إلى المشفي منذ الصباح الباكر كي يتابع أعمالة الخاصة بالمشفي والتي باتت من أهم أولوياتة في الفترة الأخيرة حيث كان يشعر برغبة ملحة بداخلة تحثه وتقودة على الذهاب إلى مكتب أمل وخلق الفرص لمقابلتها وإطالة الاحاديث التي بدأت تشعرة براحة عجيبة لم تنتابة من قبل، والأغرب هي حالة الإنسجام التي بدأت تبدوا على كلاهما أثناء وجوده مع الأخر.

كان يتحرك برواق المشفي ثم توقف فجأة عندما لمح صفا وأمل وياسر مقبلين علية، قاصدين الخارج، نظرت أمل إلية وجدتة يتنفس براحة تبدوا على ملامح وجهة وهو ينظر إليها ويتمعن في ملامح وجهها كعادتة مؤخرا
تفرقت نظراتة على ثلاثتهم بعدما لمح خجلها وتهرب عيناها من نظراتة المتفحصة، وسألهم بوجة بشوش: على فين العزم إكدة أومال يا دكاترة؟

نظر له ياسر بملامح وجة يائس حزين، فهذا أصبح حالة منذ إبتعاد مريم عن عيناة، فمنذ تلك الليلة المشؤمة وهو يحاول الخروج من دائرة عشقها البائس، المدمر لأحلامة الوردية التي راودتة في عشقها، ولكن دون جدوي، فكل يوم يمر علية ما يزيدة إلا تمسك بعشقها الملعون
وأجابة مذكرا إياة بنبرة هادئة: أنا يا إبني مش قايل لك من إسبوع إن عندنا مؤتمر في القاهرة وهنحضرة إحنا التلاتة.

أجابه يزن ساخرا من حالة وذاكرتة التي خانتة: معلش يا دكتور، الزهايمر شكلة إكدة مستعچل على جلة أصلة وياي.
ضحكت كلتاهما على حالة الإنسجام الدائمة بين هذا الثنائي المرح، نظر إلى صفا وسألها مستفسرا: وإنت كمان غيرتي رأيك ومسافرة وياهم إياك؟
اجابتة بإبتسامة هادئة: سفري ده سر ميعرفوش غير چدي وأبوي وأمي وإنت، ومش لازمن حد يعرفة يا يزن
ضيق عيناة وسألها مستغرب: والمتر معارفش بسفرك إياك؟

حركت رأسها يمين ويسارا بنفي مصاحبة لنظرات ذات معني
أمال لها رأسه بتفهم وعلم من مغزي حديثها أنها ستذهب لمقابلة قاسم ومفاجأتة بتواجدها بالقاهرة
نظر من جديد إلى أمل وتحدث بنظرات تتفحص ملامحها التي أصبح يراها جميلة بعد أن كان يبغضها كل البغض، فسبحان الذي يغير ولا يتغير: متتأخريش علينا يا دكتورة، إنت عارفة، مبجناش نجدروا نستغني عنيكي في المستشفي.

ثم فاق على حالة وخشي من ملاحظة الجميع لمشاعرة الوليدة وتحدث مفسرا: إنت خابرة إن مفيش غيرك إهنية تخصص نسا وتوليد
إبتسمت بخفة وأجابتة بنبرة هادئة فهي إلى الان لم تعي على حالتها وتفسر شعور الراحة الذي ينتابها في حضرتة على أنه صداقة بريئة: أكيد مش هنتأخر، إحنا حاجزين تذاكر الرجوع إنهاردة بالليل يا باشمهندس، يعني إطمن مش هنوقف لك المستشفي
إبتسم لها بخفة وتمني لهم السلامة والتوفيق في المؤتمر.

، تحركوا جميعا قاصدين محطة القطار واستقلوة متجهين إلى القاهرة، بعد مدة كانوا داخل القاعة الخاصة بعقد المؤتمر، وبعد حوالي ثلاث ساعات متواصلة قضوها داخل المؤتمر خرج الجميع
تحدث ياسر إلى أمل: أنا هروح أشوف أهلي وأطمن عليهم ونتقابل الساعة 5 المغرب زي ما أتفقنا
ووجة حديثة إلى صفا بجدية: وإنت يا دكتورة، حاولي متتأخريش هنا لو سمحتي، ياريت تكوني في المستشفي بعد بكرة علشان تتابعي حالاتك.

أجابتة بنبرة حماسية: إن شاء الله مش هتأخر، أني هبات الليلة وهرجع في القطر بكرة بعد أذان العصر.

تفرق الثلاث كل على وجهتة، وذهبت أمل مع صديقتها دكتورة مي التي كانت معها بالمؤتمر، وتحركت بصحبتها لقضاء ما تبقي لها من وقت، مع والدة مي التي كانت تنتظر أمل على أحر من الجمر وذلك بعدما علمت بحضورها المسبق من مي، وجهزت لها كل ما لذ وطاب من الأكلات التي تعشقها أمل لتسعد قلبها وتحاول تعويضها فقدانها للأم والشقيقة اللتان إلتهيتا عن إبنتهما بزواج ريماس من رامي وإنغماسهما داخل دائرة الترف وتذوق حياة الأغنياء.

حضر قاسم جلستان بالمحكمة وتحرك بعدها إلى أحد المطاعم الشهيرة، تناول به غدائة سريع كي يتابع باقي أعمالة، فقد كان يومة مزدحم للغاية، وكان لابد أن يبدأ بمراجعة ملف القضية التي تم تحويلة إلى مكتبة من خلال أمجد التهامي بأقصي سرعة لإقتراب موعد المرافعة.

هاتف إيناس وأخبرها أن يتقابلا داخل المكتب كي يدرسا معا الملف، لكنها نبهتة إلى أن وقت إنتهاء العمل داخل المكتب قد قرب على مشارف الإنتهاء، وأبلغتة أنة ليس من المعقول أن يتواجدا في غياب الموظفين داخل مكتبهما وخصوصا أن الجميع يعلم بأمر زواجهما، فكيف سيفسرا حراس الأمن تصرفهما ذاك، وطلبت منة الحضور إلى مسكنهما المشترك فرفض بشدة قاطعة، فأقترحت علية الذهاب إلى سكنة السابق فقابل إقتراحها أيضا بالرفض التام، فأعلنت إستسلامها وتركت له الخيار وبعد تفكير وحيرة وتشتت لم يجد أمامة سوي أقتراحها الأول لينهيا به دراسة تلك القضية التي أجبرتة على العودة مرة اخري إلى الجلوس معها على طاولة عمل مشتركة، ولكنة أقسم لحالة ووعدها أنها ستكون المرة الأخيرة التي يرضخ بها لأمر مجبر على فعلة، ومهما كلفة الامر من خسائر فادحة بالعمل سينفذ ما انتواة، فقد قرر أن تنتهي تلك القضية وسينهي لإيناس وعدنان عقدي عملهما معه وكنوع من التعويض عن ما بذلاة داخل مكتبة من وقت وجهد سيدفع لهما مبلغ مناسب من المال ليبدأ به ويعملا على إفتتاح مكتب خاص بهما وبعدها سيضع تلك الصفحة جانب حتى يمر العام ويحل حالة من ذلك الوعد الأسود الذي قطعة على حالة وبعدها سيغلق تلك الصفحة السوداء ويطويها إلى الأبد.

هكذا مني قاسم حالة ونسي أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه
بالفعل توجة إلى الشقة، وبالصدفة البحتة وكأن القدر يريد فضح مخطتة بشكل مرتب، وصلا معا بنفس ذات اللحظة ورأهما حارس البناية ورحب بهما ثم أشار إلى عامل الجراچ ليأخذ سيارتيهما ليصفهما لهما بداخل جراچ البناية كي لا تحدث فوضي بالمكان
بنفس التوقيت.

ذهبت صفا إلى مكتب المحاماه الخاص به دون أن تهاتفه كي تقوم بمفاجأته كما قررت وإتفقت مع والدتها، تحركت لداخل المكتب التي أتت بعنوانه من موقع جوجل، سألت أحد رجال الحراسه الواقف ببداية ممر المكتب، أشار لها على مكتب السكرتارية.
دلفت إلى المكتب وتحدثت بوجهها البشوش: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظرت لها السكرتيرة وأجابتها بنبرة جادة: وعليكم السلام، تحت أمر حضرتك.

أجابتها صفا بنبرة هادئة: عاوزة أجابل دكتور قاسم النعماني.
تنادية دكتور بعد حصوله مؤخرا على الدكتوراة في القانون التي ناقشها قبل زفافة من صفا بعدة أسابيع فقط، ليعزز من مكانتة بين نظرائة من عمالقة القانون.

إبتسمت السكرتيرة وأردفت بدعابة: دكتور قاسم مرة واحدة كده، وأكملت وهي تشير لها بيدها في دعوه منها للجلوس: طب إتفضلي حضرتك إقعدي وقولي لي نبذة مختصرة عن قضيتك، وأنا هقول لحضرتك مين من الأساتذة التلاته اللي هيفيدك أكتر.
إبتسمت لها وتحدثت مفسرة: إنت فهمتيني غلط، أني مش جاية بخصوص جضية، أني جاية أجابل الأستاذ قاسم بنفسه.

أجابتها السكرتيرة: للأسف يا أفندم مش هينفع، لأن دكتور قاسم عندة جلسات في المحكمة إنهاردة وهيخرج من المحكمة على بيته على طول، وأصلا الوقت إتأخر وزمانه خلص ورجع على بيته.
حزنت من حالها عندما تذكرت أنها وإلي الأن لم تعلم عنوان منزل زوجها، فطلبت من السكرتيرة برجاء: طب ممكن تديني العنوان إذا سمحتي.
أجابتها برفض قاطع: للأسف ممنوع يا أفندم، معنديش أومر أدي عناوين الأساتذة لأي حد.

دلفت إحدي المحاميات المعينة في المكتب وتوقفت حين إستمعت إلى صفا وهي تتحدث: من فضلك تديني العنوان، لأني محتاچة المتر في حاچة ضروري.
وأكملت بمراوغة كي لا تتعرف السكرتيرة على شخصيتها وتخبر قاسم لتسعده ويضيع عنصر المفاجأة على صفا: أني جريبته من سوهاچ وكان عندي شغل إهني ومحتچاة في خدمة ضرورية، وللأسف معييش رقم تليفونة لان تلفوني الجديم ضاع بكل أرقامة اللي كانت علية.

تحدثت السكرتيرة بذكاء: بسيطة، خدي رقم التليفون وكلمية وخدي منه العنوان بنفسك.
قاطعتها المحامية قائلة: دكتور قاسم قافل تليفونه من قبل ما يدخل القاعة، وتقريبا كدة نسي يفتحه، لان أنا لسه مكلماه حالا كنت محتجاه في إستشارة ضرورية ولقيت فونه مقفول
وأكملت: وبعدين يا سها الأستاذة بتقول لك إنها قريبته، فيها إية يعني لما تديها العنوان، وأكملت بتهاون: ثم إنت لية محسساني إنها أسرار حربية.

أجابتها سها السكرتيرة: يا أستاذة عبير مينفعش، دي من أبجديات شغلي، ممنوع منعا بات إني أدي لأي حد عنوان الموظفين هنا
خلاص خلاص، متشكرة لحضرتك، كانت تلك كلمات صفا التي تحدثت بها إليهما وانسحبت للخارج بملامح وجة يائسة، وقررت مهاتفتة بعدما فشلت محاولتها في إيجاد حل لتقوم بمفاجأتة.

كادت أن تخرج من باب الشركة لولا صوت المحامية التي استوقفتها قائلة وهي تعطيها ورقة بها عنوان قاسم الجديد، والتي ذهبت إلية بصحبة العاملين في المكتب يوم عزيمة إيناس لهم كي يقدموا التهنئة بمناسبة زواج قاسم وإيناس: يا استاذة، إتفضلي العنوان أهو.

نظرت لها صفا بعيون متسعة غير مستوعبة أن القدر يقف بجانبها والحظ يحالفها والأمور تسير وفق تخطيتها، ثم استرسلت المحامية حديثها قائلة: معرفش ليه حسيت إنك محتاچة تشوفي الأستاذ ضروري وخصوصا إنك جاية من سفر
وأكملت برجاء: بس ياريت ماتقوليش للأستاذ إن أنا اللي إديتك العنوان، علشان ما تتسببليش في مشكلة.

كانت تنظر لها بسعادة هائلة وألتقطت من بين أصابعها الورقة كما الغريق الذي تعلق بقشة وهتفت بسعادة بالغة: أني مش عارفه أشكر حضرتك إزاي، ومتجلجيش، أكيد مهجولش لقاسم أيتوها حاچة
إبتسمت لها عبير وتحدثت بإستحسان وانبهار ظهر بعيناها: على فكرة، إنت جميلة أوي، مش بس شكلك، لا، روحك وحتى لكنتك الصعيدية زيداكي جمال وحلا.

شكرتها صفا بإمتنان وتحركت في طريقها بالسيارة التي كانت قد إستدعتها عبر تطبيق داخل هاتفها الذكي لتوصيلها إلى حبيبها التي تتشوق رؤياة، أعطت للكابتن العنوان وانطلقا إليه.

كانت تشعر وكأن روحها ترفرف بسعادة في السماء، كم كانت تتشوق إلى رؤية وجهة وهي تخبرة بحملها لقطعة منة داخل رحمها الطاهر، تخيلت سعادتة التي ستبدوا على وجهة وهو يتلقي ذاك الخبر السعيد، خجلت وأبتسمت بسعادة عندما تخيلت ليلتها التي ستقضيها داخل أحضانة، كم إشتاقت لضمتة، رائحة عطرة المثيرة لإنوثتها، قبلاتة التي ينثرها بسخاء على جسدها بالكامل، نظرات عيناة التي تنطق عشق وهو يتأملها، تخيلتة وهو يقضم الشيكولا المفضلة لديها كعادتة ويطعمها إياها بفمة لتتناولها منه بإثارة وجنون لكلاهما، إكتست وجنتيها بحمرة الخجل حينما وصل تخيلها وهو يزيدها من عشقة الذي تتلقاه داخل عالمهما الخاص بهما.

عند قاسم وإيناس
خرجا من المصعد سويا وهاتفت هي متجر البقالة وأخبرتهم بقائمة ببعض المواد الغذائية التي يحتاجها مطبخها، وطالبتهم بإحضارها على وجة السرعة
أما قاسم فدلف لداخل المسكن بساقين ثقيلتين مجبرين على الدخول، تحرك سريع إلى غرفة المكتب وخلع عنة چاكيت حلتة ثم وضعة فوق مقعدا جانبيا بعناية فائقة كي لا يفسد مظهرة،.

وضع مفاتيحة جانب وجلس فوق مقعدة، إلتقط نظارتة الطبية من حقيبتة وأرتداها، ثم مد يده من جديد وأخرج ملف القضية وقام بفتحة وبدأ بقرائتة بعناية وتركيز.

أتت تلك التي دلفت لداخل غرفتها لتخلع عنها ثيابها العملية وتبدلها باخري مريحة ولم يخلو الامر من تعمدها الدائم لإثارتة حيث إرتدت متعمدة كنزة بدون أكمام مفتوحة من الامام وتظهر مقدمة نهديها وإستدارته، وشورت قصيرا يظهر سيقانها العارية ونثرت عطرها الإنثوي، تحركت وجلست بجانب ذلك الذي لم يعر لدخولها ولا لما ترتدية أية إهتمام، كظمت غيظها من تعمدة لعدم النظر إليها وإهانتاتة المتعمدة دائما لإنوثتها التي تراها هي هائلة.

بدأ يحدثها وهو ينظر لتلك الأوراق ويحرك قلمة فوق الكلمات المراد ذكرها، وأخبرها عن إكتشافة لوجود ثغرات قانونية داخل المحضر الخاص بإثبات الواقعة، إندمجت معة وبدأ يتناقشان ويدرسان الملف بكل دقة واهتمام،
فجأة شعرت بصداع وتحدثت إلية وهي تمسك بمقدمة رأسها بإرهاق: أنا هقوم أعمل لنا فنجانين قهوة علشان نعرف نركز.

هتف بنبرة حادة أرعبتها وجعلتها تنظر إلية بحدة وأستغراب: مش هشرب حاجه، إعملي لنفسك وياريت بسرعة علشان منضيعش وقت على الفاضي
تنفست بغضب وتحركت إلى المطبخ لصنع القهوة وهي تحاول تهدئة حالها من حالة الغضب التي أصابتها من إسلوبة الحاد.

عند صفا
تنهدت بإرتياب عندما توقف السائق وأخبرها أنها وأخيرا وصلت لمقصدها وتأكدت منه أنها وصلت للعنوان الصحيح المتواجد داخل الورقة، ترجلت من السيارة بعدما أعتطة ثمن رحلتها وشكرتة، وصلت لمدخل البناية وأردفت متسائلة حارسها: الأستاذ قاسم النعماني موچود فوج في شجتة لو سمحت؟
أجابها بنبرة تأكيدية: إيوة يا ست هانم، لساتة طالع من شوية هو ومرتة.

إبتسمت ضاحكة وهتفت من جديد إلى الحارس التي فسرت حديثه على أنة تشابهت علية الأسماء ليس إلا
هزت رأسها يمين ويسارا وتحدثت: أني جصدي على الأستاذ قاسم المحامي اللي ساكن في الدور الرابع.
أجابها بنبرة تأكيدية بها بعض التملل: ما أني لساتني جايل لك إنة موچود يا ست، لساتة طالع من ياچي نص ساعة هو ومرتة الأستاذة إيناس اللي عتشتغل وياة محامية في المكتب بتاعة.

قشعريرة باردة أصابت جسدها وكأنها تلقت موجة صقيع مفاجاة أصابتها برعشة مفاجأة، وبرغم إرتباكها ونفضت جسدها إلا أنها كذبت هذا الرجل وقررت عدم الجدال أمام ذلك الأبلة وتحركت إلى المصعد وأستقلتة وضغطت زر الصعود للأعلي، وهيأت حالها لرؤية حبيبها.

خرجت من المصعد وباتت تعدل من وضع ثيابها وهيأتها، أخذت نفس عميق وهي تحاول طرد حديث ذلك الأبلة التي تكاد تجزم من أنه غائب عن الوعي بسبب تعاطية لمادة مخدرة أفقدتة توازنة وبات غير مدرك لما يخرج من فاهه
إبتسمت وإنتعش قلبها بسعادة ممزوجة بخجل وتوتر لرؤية وجة حبيبها، ضغطت زر الجرس وانتظرت، إنقباضة داهمت قلبها وهزتة بصدمة شديدة حين إستمعت لصوت أنثوي يأتي من الداخل قائلا: إفتح الباب من فضلك يا قاسم.

لكنها تراجعت سريع عن توترها ومنت حالها أن هذا هو العنوان الخطئ وهذا هو التفسير الوحيد للعبث الذي يحدث معها الان
تراجعت للخلف عندما إستمعت لصوت إدارة مقود الباب، لتعطي له مساحة وتعتذر منه على الخطأ الغير مقصود وتغادر على الفور، ثم تهاتف حبيبها ليرحمها من تلك التيهة التي أصابتها عن طريق الخطأ.

وبلحظة تسمرت مكانها وشعرت بدوار شديد غزي رأسها وبأن عالمها ينهار تحت قدميها عندما رأت متيم روحها ومالك زمام أمرها وهو يقف امامها بكامل هيأتة، مرتديا بنطالة وقميصة الذي يشمرة إلى منتصف معصمة، وما أكمل عليها وذبح روحها هو نطق تلك التي تقبع داخل مسكن زوجها وتنادية بحبيبي!
إنتهي الفلاش باااااك
عودة للحاضر.

وصلت صفا إلى الفندق وأستقلت الباص الذي تحرك بجميع الأطباء الذين أتوا من محافظة سوهاج لحضور المؤتمر،
جلست بجانب أمل التي سألتها بإرتياب عندما رأت تغير وجهها برغم إرتدائها لنظارتها الشمسية العريضة التي خبأت نصف وجهها: إنت كويسة يا صفا؟

نظرت لها من خلف نظارتها وهزت رأسها نافية، وأنسابت دموعها كشلالات تچري فوق وجنتيها وكأن شحنة قوة تحملها قد نفذت وحان وقت الإنهيار، سحبتها أمل لداخل أحضانها بعدما شعرت بوقوفها على حافة الإنهيار، رمت حالها بإستسلام وبكت بشدة وانهيار
أسرع قاسم إلى المطار وسأل عن موعد إقلاع الطائرة المتجهة إلى سوهاج، علم أنها ستتحرك في غضون الساعة، ولحسن حظة أنه وجد أماكن خالية بالطائرة،.

علي الفور قام بحجز تذكرة عودة بها وجلس داخل صالة الإنتظار حتى يراها، جاء موعد الإقلاع وبدأ الجميع الصعود على متن الطائرة دون ظهورها مما أصابه بالرعب عليها، أخرج هاتفه سريع وهاتف ورد لتيقنه بعلمها بخط سير إبنتها
تحدث بنبرة مرتبكة خشية من أن تكون صفا قد قصت لها عن ما حدث: أني واجف في المطار والطيارة خلاص جربت تطلع وصفا مجاتش لحد دلوك.

وأكمل كطفل تائة ينظر بعيون زائغة تتلفت هنا وهناك باحث عن مصدر أمانة: معتردش على تلفوناتي ومعارفش أوصل لها
أجابتة بإستغراب: صفا ركبت الجطر من ياچي ساعة وأكتر
واكملت بتساؤل مرتبك: هو إية اللي حصل بيناتكم يا قاسم، طمن جلبي على بتي يا ولدي الله يرضي عليك
أجابها وهو يهرول إلى سلم الطائرة ويصعدة بسرعة فائقة بلحظاتة الأخيرة قبل رفعة عن الطائرة إستعدادا لإقلاعها في الهواء: متجلجيش يا مرت عمي، أني وصفا بخير،.

واكمل بنبرة صوت مختنقة أصابت قلب ورد بالخوف الشديد مما هو قادم: هي بس بتچلع على چوزها لجل متعرف غلاوتها عندية، بس هي متعرفش إنها أغلي الغوالي، والله العظيم أغلي الغوالي ومجامها عالي جوي چوة جلبي
أنهت ورد مكالمتها معه ورمت حالها فوق المقعد بإهمال ونظرت أمامها بشرود تنتظر حضور زيدان من الخارج ليجاورها وهما ينتظرا الكارثة الكبري التي دائما ما كانت تشعر بقدومها بقلب الأم.

وصل قاسم مطار سوهاج وبسرعة الرياح تحرك للجراچ المجاور للمطار والذي يضع داخلة سيارتة الخاصة وذلك ليستقلها إذا عاد يوم متاخرا ولم يرد إزعاج من بالمنزل، إستقلها وذهب سريع متجة إلى محطة القطار
ووقف ينتظر وينتظر بقلب يأن ويصرخ ألم على حبيبة قلبة التي لم يدق قلبه بيوم لسواها.

داخل القطار، كانت تقبع فوق مقعدها المريح التي هيأتة لها أمل واراحتة للخلف كي يكون مريح لها ولا تشعر بمتاعب السفر لاجل جنينها الذي يسكن أحشائها ولا يعرف مصيرة مما يحدث
تحرك ياسر إلى كافتيريا القطار وجلب لهما بعض الشطائر والمشروبات الغازية وتحدث بهدوء وهو يترقب ملامح وجة صفا الصامتة التي لا تنذر بالخير أبدا: جبت لكم سندوتشات معايا لما لقيتكم مش حابين تاكلوا في الكافيتريا.

بسط ذراعه إلى تلك الشاردة التي تنظر أمامها في اللاشئ وكأنها فقدت النطق والحدس: خدي السندوتش يا صفا، إنت مرتضيش تاكلي معانا وإحنا في الفندق وقولتي هتتغدي مع جوزك، وأكيد مأكلتيش لأنك متأخرتيش عندة
لم يتحرك لها ساكن وكأنها لم تستمع إلية من الأساس
تناولت أمل منه الشطيرة وأمسكت كتفها وتحدثت إليها بهدوء كي تحثها على تناول الطعام: لازم تاكلي أي حاجة يا صفا، كدة خطر على حياة الجنين.

إنتبهت على كلماتها الأخيرة وكأنها تناست أمر صغيرها وسط زحمة مشاعرها التي إنتابتها جراء مصابها الجلل، نظرت لأسفل بطنها ثم وضعت كف يدها فوق أحشائها ومازال الجمود يسيطر على ملامح وجهها، وبرغم قلقها على صغيرها إلا أنها رفضت تناول الطعام رفض قاطع مما جعل امل وياسر يستسلما لرغبتها.

قرب ياسر فمه بجانب اذن أمل وسألها بهمس لم يصل إلى مسامع تلك الشاردة، عن ما جري لها وجعلها تبدوا هكذا كالأموات، أخبرتة أن لا علم لديها وأنها احترمت صمت صفا وعدم رغبتها في الإفصاح عن ما حدث معها أثناء زيارتها المفاجأة لزوجها
مما جعل ياسر على يقين بأنها ظبطتة متلبس بوضع مخل مع إحداهن، وهذا هو التفسير الوحيد لحالتها تلك.

فاقت على إرتفاع صوت رنين هاتفها، إضطرت للنظر بشاشتة لتيقنها أنها والدتها التي تموت رعب عليها ولذلك تهاتفها كل نصف ساعة تقريبا، ابلغتها ورد ان قاسم قد وصل إلى محطة القطار وهو الان بإنتظارها، لم تعلق على حديث والدتها إلا بكلمات بسيطة جدا خشية هلع والدتها عليها وهي بعيدة عن محيط أنظارها
بعد مرور بعض الوقت.

أخرجت هاتفها حينما تيقنت من إقتراب وصول القطار عند المحطة، طلبت رقم يزن الذي كان يجلس بالمحجر بصحبة العمال وهم يتبادلون بينهم الاحاديث المثمرة والضاحكة للتسلية، إبتعد عن العمال ورد عليها مستغرب إتصالها بذلك الوقت المتأخر من الليل: كيفك يا صفا
أجابتة بصوت مهزوز ضعيف يإن ألم: تعال خدني من المحطة يا يزن، إوعاك تتأخر عليا
إرتعب داخلة وهتف سريع بلهفة: خبر إية يا صفا، مالك، إية اللي حصل؟

أجابتة بصوت واهن وكأنها تحتضر: تعال بسرعة يا يزن، عاوزة أنزل المحطة ألاجيك مستنيني يا أخوي.
أجابها مطمأن إياها وهو يستقل سيارتة الچب وينطلق بها بسرعة فائقة: مسافة السكة وهكون عنديكي، متخافيش.

أما زيدان الذي دلف بسيارتة من البوابة الحديدية، وجد ورد تقف بالفيراندا الخاصة بمنزلهما وكأنها تنتظرة ويبدوا على وجهها القلق وهي تفرك كفيها بتوتر شديد، مما جعل الرعب يدب بداخل أوصالة
تحرك سريع إليها بعدما صف سيارتة بعشوائية، قصت له ما حدث فتحدث هو بنبرة مطمأنة لها برغم القلق الذي تملك منه: وإية اللي مخليكي جلجانة جوي إكدة، مش قاسم جال لك إنها عتدچلع علية، يعني بسيطة إن شاء الله.

أجابتة بإرتياب: عتضحك على حالك ولا عليا يا زيدان، أني وإنت خابرين زين إن صفا مش من البنات اللي عتدچلع على رچالتها إكدة، وحتى لو إتچلعت، عتفوتة في مصر وتركب الجطر لحالها من غير متجولة إكدة؟
وأكملت وهي تشير بكف يدها بريبة: لاااااا، أني جلبي عيجولي إن فيه حاچة كبيرة جوي حصلت لبتي في مصر
إرتعب زيدان من تلك التي تشعر دائما بحال إبنتها ولا يخيب حدسها أبدا.

أخرج هاتفة وحدث صغيرته وأبلغها أنه سيذهب لإنتظارها وإصطحابها، رفصت وأخبرتة بصوتها الضعيف الذي أشعل نار زيدان، أنها قاربت على وصولها إلى المحطة وأن لا داعي لذهابة إليها في وجود يزن.

وصل يزن إلى محطة القطار وترجل من سيارتة وما أن رأه قاسم حتى إهتز داخلة وإشتعل نارا، تحرك يزن إلية وتسائل بإستغراب: قاسم؟
عتعمل إية إهنية، ووصلت ميتا من مصر؟
بادله السؤال بأخر قائلا: إية اللي چابك يا يزن؟
أجابه: صفا إتصلت بيا من شوي وجالت لي إنها على وصول، وطلبت مني أستناها لجل ما أوصلها للسرايا
هتف بإقتضاب: مفيش داعي لوچودك إهنية، روح إنت وأني هچيبها وأچي.

أردف يزن برفض إستفز به قاسم: معجدرش أروح إلا لما تاچي صفا وأطمن إنها بخير، وبعدها همشي طوالي وأفوتكم لحالكم
ثم نظر له بتمعن وأردف بنبرة تشكيكية: هي إية اللحكاية بالظبط يا قاسم، صفا تسافر لك الصبح وتجول إنها هتبات عنديك، وبعدها تتصل بيا وتجولي إستناني في المحطة، وأچي ألاجيك واجف إهني مستنيها، مش غريب إشوي الموضوع دي؟

صاح بضيق وغضب، فأخر شخص كان يتمني رؤيتة بهذا التوقيت هو يزن: مليكش صالح إنت بالموضوع دي وروح يا يزن، واكمل بنبرة حادة: واحد ومرتة، عتحشر حالك بيناتنا لية؟

لم يكملا نقاشهما الحاد وتوقف كلاهما عندما توقف القطار وبدأ الركاب بالنزول منه، جري عليها قاسم حين وجدها تترجل بضعف وتساندها أمل بكلتا يداها، تنفس براحة حين وجدها أمام عيناة سالمة، هرول إليها وكاد أن يقترب من وقوفها ليضمها لداخل أحضانة ويطمئن عليها بعد رعبه الهائل الذي أصاب قلبه قلق عليها، بعيدا عن خوفة من إفتضاح أمرة، حتى شاهدتة هي وتراجعت للخلف سريع ووضعت كلتا يداها كسد منيع وهتفت بنبرة تهديدية حادة: إوعاك تجرب مني ولا تحاول تحط يدك عليا.

رفع كلتا يداه لأعلي في حركة إستسلامية وتحدث مهدء إياها: خلاص إهدي، مهجربش منيكي، بس تعالي إركبي معاي العربية لجل ما أوصلك البيت ونطلع على شجتنا ونتكلموا
صاحت به وهي ترمقة بنظرات كارهة مشمئزة مما جعل يزن يقف مزبهلا مذهولا مما يري: لساتك عم تجول شجتنا، إحنا خلاص يا متر، معادش فية حاچة هتچمعني بيك تاني بعد إنهاردة.

إقترب منها يزن فأسرعت هي إلية وأمسكت ذراعة لتحتمي خلف ظهرة وتحدثت بعيون مستعطفة ونبرة ضعيفة قطعت بها انياط قلوب المحيطين حزن عليها: خدني من إهنية ووديني عند أبوي يا يزن.

جحظت عيناة عندما رأها تستنجد بغيرة لتحتمي منة، أشتعلت نار صدرة وجري عليها وجذبها بقوة وأمسك كف يدها بعناية وكأنة يخشي هروبها منه، وبدأ بسحبها خلفة إلى مكان السيارة تحت نظرات المحيطين بهم الذين يشاهدون ما يحدث من حولهم بترقب وكأنهم يتابعون فيلم سينمائي، جري يزن علية حين إستمع لصوت صفا وهي تستنجد به وتحاول فكاك يدها من قبضتة القوية بكل ما أوتيت من قوة، ولكن دون جدوي.

جذبها يزن من يدة بقوة وتحدث إلى أمل التي تشاهد ما يجري أمامها بقلب مرتجف وجسد ينتفض: دخليها عرببتي بسرعة يا دكتورة
أسرعت عليها أمل وساعدتها في الصعود إلى السيارة وأحكمت غلقها عليها تحت دموع تلك التي تنظر على قاسم ويزن وهما يقتتلان بعنف ويحاوطهما بعض من البشر وياسر الذي تدخل لفض تشابكهما الذي وصل لضرب كلاهما للأخر بطريقة عنيفة.

أفلت يزن حالة من بين يداة وجري على سيارتة وأستقلها سريع تحت صياح قاسم الذي يكبل جسدة من قبل المتداخلين لفض الإشتباك، صاح بهما بغضب وخلص جسدة المكبل بغضب، وجري على سيارتة وأستقلها وتحرك خلف يزن بجنون
نظر ياسر إلى أمل وتحدث بإرتياب: العيلة دي كل رجالتها مجانين رسمي.

تنهدت بأسي وتحدثت بنبرة حزينة: من فضلك يا دكتور توقف لي عربية علشان توصلني السكن، وياريت لو كلمت يزن وطمنك على دكتورة صفا تبقي تتصل بيا وتطمني
أماء لها بموافقة وتحركا سويا
نظر يزن إلى صفا وسألها مستغرب: إية اللي حصل يا صفا ووصل قاسم لحالة الچنان اللي هو فيها دي؟

أجابتة بنبرة واهنة ودموع غزيرة شقت بها صدر يزن: ولد عمك دبحني يا يزن، المحامي اللكبير طلع مستغفلني ومتچوز عليا وجاعد ويا عروستة يجضي شهر العسل في مصر
قور يدة ودق بها مقود السيارة بعنف وتحدث من بين اسنانة وهو يسبة بغضب: عملتها يا قاسم ال، خنت ثجت چدك وعمك فيك برغم إني حذرتك
توقفت عن البكاء ودققت النظر للجالس بجانبها وسألتة: معناتة إية الكلام اللي عتجولة دي يا يزن؟
كنت عارف بموضوع چوازة إياك؟

زفر بضيق وتحدث بنبرة غاضبة وهو يتابع القيادة بسرعة وحذر ليتفادي ذلك المجنون الذي يقود سيارتة بطريقة جنونية ويتتبعة: اللحكاية ليها أصل يا صفا، موضوع عشجة لزميلتة دي من زمان جوي، من ياچي تمن سنين وأكتر.

كانت تستمع إلية بذهول، ذبحت كلماته القاسية قلبها العاشق، شعرت بتداخل أصوات عالية وغريبة وأحداث كثيرة تداخلت وتراكمت فوق بعضها وأحدثت فوضي بعقلها، باتت الذكريات والمواقف تغزو عقلها وبدأت بتذكر ليلة تخرجها وما قاله لها من حديث مميت لكرامتها وانوثتها،.

تيهه وذهول وكأنها داخل دوامة تسحبها داخلها وتمنعها من التركيز، باتت تفرق نظراتها على من يجلس بجوارها وهو يقص عليها كل ما يعرف عن قصة غرام قاسم بصديقة دراستة وعملة والمكالمات الهاتفية التي كان يستمع إليها بالصدفة،.

حتي مكالمتة ليلة الحنة ذكرها لها، حولت بصرها للذي ينادي على إسمها بصراخ وهيأة جنونية وهو يحث يزن على التوقف الفوري ويترجاها بعيناة الصارخة، شعرت بصداع شديد من شدة تداخل الأحداث ببعضها ومن عدم قدرت عقلها على إستيعاب كل تلك المعلومات التي أصابتة بالجنون، ضمت رأسها وأحتوتها بكفيها وهي تضغط بهما فوقها وتهز رأسها يمين ويسارا بعدم تصديق لكل ما يجري من حولها.

ما شعرت بحالها إلا عندما توقفت السيارة عن الحركة فجأة وهي تحدث صوت عاليا نتيجة إحتكاك إطارات السيارة بالأسفلت، نظرت حولها بتيهة وجدت والداها ينتظراها بترقب والقلق يظهر فوق ملامحهما، وما أن إنتوت النزول حتى وجدت سيارة قاسم هو الاخر قد توقفت بنفس تلك الطريقة وكأنة مشهدا مكرر أمام عيناها.

نزل يزن من سيارته وأيضا قاسم الذي جري على صفا وتحدث برجاء، : بلاش تضيعي كل اللي بيناتنا في لحظة غضب يا حبيبتي، تعالي نطلع فوج في شجتنا وأني عجولك على كل حاچة
بكت بدموعها الغزيرة وتحدثت وهي تميل راسها بضعف: مبجاش لية لزوم حديتك.

وأكملت وهي تهز رأسها بضياع ومرارة: معرفت كل حاچة خلاص، عرفت إني أكبر مغفلة لما صدجت واحد الخيانة بتچري في دمة كيفك يا حضرة المحامي، عرفت إني كنت مچرد تسلية عتتسلي بيها في وجت فراغك وإنت جاعد بعيد عن حبيبتك
أمسكها من يدها فنفضت يده وصاحت بصراخ خرج على أثرة جميع من بالمنزل بأكملة: بعد يدك عني يا خاين ناسك
جري عليها زيدان وتحدث بنبرة غاضبة: عتجولي إية يا صفا؟

نظر لها قاسم يهز رأسه بتوسل ويترجاها بنظراتة أن لا تفصح عن ما حدث كي لا تخلق فجوة كبيرة بينة وبين عمة
ضربت بتوسلاتة عرض الحائط وحولت بصرها وهتفت بألم شرخ صدر زيدان لنصفين وتحدثت: عجول اللي عرفتة وشفتة بعنيا يا أبوي، إبن أخوك المحترم طلع متچوز عليا بجالة شهر.

إتسعت عيناي زيدان بذهول حين دبت ورد على صدرها بصرخة مؤلمة دوت بأرجاء المكان، أما فايقة التي كانت تنظر من شرفتها بالطابق العلوي بعدما خرجت سريع على صياح صفا واستمعت بإعترافها، فنزل الخبر عليها كالصاعقة الكهربائية وأرتعب جسدها لعدة أسباب، أهمهما هو غضب عتمان على ولدها وطرده وحرمانة من جنة النعماني وأموال العائلة، ويليه طلاق قاسم لإيناس الذي أصبح مؤكدا وهو لم يلمسها إلى الان، وبالتالي لم تستطع تحقيق إنتقامها الأسود بالشكل الذي يليق بإهانة زيدان لها.

وليلي التي تقف أيضا بشرفتها وهي تربع ساعديها وتضعهما فوق صدرها وتنظر إلى إنهيار صفا التي ترتمي داخل أحضان زيدان بجسد هزيل ينتفض من شدة بكائها المتواصل، إبتسمت بشماتة وهي تهز ساقيها بسعادة وروحها تحلق حول السماء، وكأنها تتراقص على صوت شهقات صفا التي تصل لأذنها كسيمفونية رائعة قام بعزفها أعظم الموسيقيين.

ومريم التي خرجت أيضا بشرفتها وقلبها ينزف دم على إبنة عمها الخلوق التي لم تستحق ما فعلة بها من عشقتة حتى أتي العشق منتهاة، يجاورها ذلك المتألم لأجل إبنة عمة وشقيقة الواقف كالمدبوح
وقدري الذي لا يعلم كيف نزل الدرج وأصبح بجوار نجلة كي يساندة في مصيبتة تلك
توقف الجميع عن الحديث عندما إستمعوا لصوت الجد الغاضب الذي صاح من نافذة حجرتة وتحدث بنبرة صارمة: معايزش أسمع لحد فيكم صوت،.

وهتف بحدة: زيدان، هات بتك وتعالي على المندرة.
ورمق قاسم بخيبة أمل وتحدت بحدة وغضب: وإنت كمان تعالي يا ولد قدري
تنفس بيأس عندما ناداه جده بإبن قدري، فهذا اللقب ينادية به عندما يخيب أملة به.

داخل حجرة الإجتماعات الخاصة بالعائلة
كان جميع من يهمهم الامر يقفون متأهبون لمناقشة تلك المصيبة الكبري التي حلت على رؤوس الجميع بلا إستثناء، عثمان، رسمية، زيدان، ورد، قاسم، صفا، قدري، فايقة، وفقط لا غير، حيث أخرج الجد باقي الحضور لتكون الجلسة لمن يمسه الأمر وفقط
كانت تجاور والدها الوقوف وهو يحتويها بذراعية ويلفهما حولها برعاية ليطمأن روحها المهترئة.

أما هو فكان يقف بمنتصف الغرفة كالمتهم الذي ينتظر النطق بإصدار الحكم علية، مصوب عيناه أمامة في نقطة معينة بالجدار وذلك لعدم قدرتة النظر بكم العيون المصوبة إلية وكم هائل من الأسئلة تدور بأذهانهم وتظهر بأعين الجميع، وأهمها لما؟
كم كان يشعر بخزي وعار لموقفة الذي وضع به أسف
دقق عتمان النظر إليه وتحدث قائلا بنبرة بائسة، نادمة، لائمة: تعرف إية هي غلطتي الوحيدة وياك؟

غلطتي إني إديتك الأمان ومتوجعتش إن الطعنة هتاچيني منيك، أمنت لك وأمنتك على چوهرتي وچوهرة أبوها الغالية، بس نسيت إنك ولد قدري، واسترسل بفحيح وإهانة: نسيت إن الغدر والخيانة عيچروا چوات دمك كيف الماية مبتچري جوات المچري
وأكمل بإهانة: طلعت ولد أبوك صح يا قاسم
وأكمل وهو ينظر إلى قدري بإشمئزاز: وراثة أصلها
ثم دقق النظر إلى قدري وبحديث ذات معني ومغزي تفوه قائلا: بس أبوك غدر باللي يستاهل.

إبتلع قدري لعابه رعب ونظرت فايقة إلى زوجها مضيقة العينان غير مستوعبة ما يقصده عثمان، نفضت رأسها من تلك الأفكار التي طرأت على مخيلتها جراء نظرات وحديث عثمان، فهي الان ليست بحاجة إلى ما يزيذ من تشوش عقلها أكثر
أعاد عتمان ببصره من جديد إلى قاسم الواقف متخشب بصمود وملامح وجه مبهمة واسترسل حديثه: لكن إنت تخون بت أبوها الزينة ليه؟

وصاح بأعلي صوتة، غاضب وهو يدق بعصاه الأرض بحده أرعبت الجميع: تخوني وتخون ثجت عمك فيك ليه، ليه يا ولد قدري ليه؟
وهنا قرر الخروج عن صمته بعدما أستفزة عثمان بنبرتة المرتفعة وحديثه المهين، وسألة بصوت جهوري غاضب وكأنة كان ينتظر لحظة الإنفجار وها هي قد حانت: صح معارفش أني ليه عملت إكدة يا چدي؟

وأكمل بنبرة غاضبة كي يكشف له حقيقتة المرة ويرية حقيقتة العارية أمام عيناة، وكيف فعل بأحفادة عندما قام بإجبارهم، تحدث متناسي تلك التي تقف بكيان مدمر: عملت إكدة لجل ما أكون أخدت جرار واحد لحالي، حبيت أعيش شعور إني راچل وليا رأي وكلمة، حبيت أحس إني إنسان وليا كياني ومن حجي الإختيار، حبيت أخرچ مرة واحده من تحت عبايتك وچلبيتك اللي مغمي بيها عنينا طول الوجت وساحبنا وراك كيف المواشي، كان نفسي أچرب شعور الإختيار وإن مش كل حاچة بالإجبار.

وإنت عشت عمرك كلياته متساج ومليكش كلمة ولا رأي وكنت راضي، ويوم ماتجرر تبجا راچل وليك رأي وجيمة، يكون أول جرار ليك هو دبحي وخيانتك وغدرك بيا؟ جملة تفوهت بها صفا بنبرة ساخطة
تحرك إليها قدري ووقف قبالتها وتحدث بحدة: المرة اللي عتكلم چوزها وتهينة إكدة جدام الرچالة، تبجا مرة ناجصة رباية ومحتاچة اللي يعيد تربيتها من چديد يا عادمة الأدب والرباية.

و قام برفع كف يده لأعلي ليقوم بصفعها، سبقه قاسم الذي جذبها وادخلها بداخل أحضانه ولف أحد ذراعية حول ظهرها والأخر حمي به رأسها التي دفنها داخل صدره بعناية وخوف شديد
وألتف بجسده ليقابل هو والده مخبئ صفا بين أحضانه وتحدث قاسم إلى والده بعيون تشع غضب: أبوووي، بعد يدك وبلاش تحط حالك جدام طوفان غضبي، لأني مهسمحش لمخلوج يمس شعرة واحدة من مرتي طول ما أني عايش على وش الأرض.

جري عليه زيدان الذي جذب تلك التائهة المتخبطة من بين أحضانة وأدخلها بصدره محتويا إياها هاتف بصياح: مرتك مين يا واد اللي عتتكلم عليها دي، إنت فكرك إني عخليك حتى تشم ريحتها بعد اللي عملتة فيها يا بايع ناسك.

شعر بجملة عمة وهي تشطر صدره لنصفين، أحال بصره سريع على تلك الباكية، وجدها تنظر إلية بذهول والمرارة والألم يسيطران على قلبها النازف، حينها شعر بكم الاذي النفسي الذي تلقتة حبيبتة على يدة عندما تحدث بوضوح كي يظهر لعتمان حقيقتة البشعة، ونسي تلك الواقفة التي إستمعت لإعترافاتة المميتة لشخصها ولقلبها العاشق.

حين تحدث الجد إلى قدري بصياح وصدر يعلو ويهبط بغضب عارم: كنك إتچنيت يا عديم المروئة، بجا عاوز تمد يدك على بت أخوك في وجودي ووچود أبوها يا عويل
وأكمل بإهانة لرجولتة: طب ولما أنت راچل إكدة وبتعرف تربي، مش كان من الأولي إنك تربي مرتك وبتك، على الاجل مكنوش كسروا رجبتك وخلوك مسخرة جدام الكل يا دلدول المرة.

أنزل قدري بصرة للأسفل خجلا من نظرات الجميع المشمإزة منه
حين نظر زيدان إلى قاسم بعيون لائمة لنجله الذي لم ينجبة مثلما دائما يلقبة: جبلت بالكسرة كيف على بتي يا ولد أخوي؟
هي دي أمانتي اللي وصيتك عليها وهو دي وعدك ليا؟
وأكمل بعيون شبة باكية هزت كيان قاسم بالكامل: مش جولت لي إنك معتكسرهاش ولا عتزعلها في يوم؟

وأكمل وهو ينظر داخل عيناة ويسألة بحدة: ده أنت وعدتني يا واد، خونت عهدك ودوست على كلامي وكرامة بتي بچزمتك لية؟
وأكمل وهو يشير إلية بكف يده: طب كيف جبلتها على حالك تطلع عيل إصغير ومنتاش جد كلمتك اللي إدتها لي؟

كان يستمع لكلمات عمة وكأنها سياط حاد تنزل على جسده بقوة وبدون رحمة وتجلدة حتى النزف وتمزق كل إنش به، كم شعر بضألتة وخستة بتلك اللحظة، حتى أنة تمني في تلك اللحظة أن تنشق الأرض لنصفين وتبتلعة ويصبح نسيا منسيا
إبتلع سائل لعابة وأجاب عمة مبررا بصوت ضعيف منكسر ونظرة عين خجلة: على عيني كسر وعدي ليك والله يا عمي، كل اللي حصل كان غصب عني واتغصبت علية.

وكاد ان يكمل لولا صوت تلك الغاضبة التي رمقتة بإشمئزاز وصاحت بقوة وصراخ: كذااااب، كذاب ومليكش كلمة ولا عهد يا قاسم
حول بصرة إليها سريع ونظر لها بعينان متسعتان فأكملت هي بنبرة عالية وعيون غاضبة كارهة: كذاب والكذب بيچري چوة دمك كيفة كيف الخيانة، مرتك اللي إتچوزتها دي كانت زميلتك في الچامعة، وبعدها خدتها وشغلتها وياك في المكتب لجل متكون جريبة منيك.

إتسعت عيناه بذهول ودب الرعب بأوصالة، ودار سؤالا بباله، من أين لها بكل هذه المعلومات!
طرحت علية سؤالا وهي ترمقة بعيون متسعة من شدة غضبها: تنكر إنها حب عمرك وبجالك تمن سنين بتكلمها في التلفون وتحب فيها؟

نظر لها بإستعطاف وأمال برأسه لليمن يترجاها بأن ترحم قلبة من نظراتها القاتلة لروحة، وبأن تصمت لحين صعودها معه لمسكنهما الخاص، وحينها سيأخذها بداخل أحضانة ويطيب جراحها أولا، ثم يشرح لها كل ما حدث معه منذ البداية وحتى اليوم،
مسكين أيها القاسم، فيبدوا أنك وإلي الان لم تتعرف جيدا على الوجة الحقيقي لإبنة أبيها العزيزة.

كانت تبادلة نظراتها بكارهة وبلحظة تحولت إلى منكسرة، خانتها دموع الحسرة والألم وأردفت قائلة بنبرة نادمة جالدة لذاتها: بس إنت مش غلطان، أني اللي رخصت حالي لما جبلت أتچوزك بعد ما چيت لي جبل فرحنا بأسبوعين وطلبت مني أروح لچدي وأجولة إني معيزاش الچوازة دي
وأكملت: كان لازم أعرف إن فية في حياتك واحدة تانية لما دبحتني وجولت لي إن مش إنت الراچل اللي هتجبل إن غيرك يختار لك المرة اللي عتنام في حضنك.

إتسعت عيناي ورد ووضعت كف يدها تكتم به شهقتها من ذهولها الذي أصابها من ما أستمعت إلية
أما زيدان الذي إستشاط غضب وأشتعل داخلة من كم الإهانات التي تعرضت إليها صغيرتة وخبأتة بداخلها وتحملتها لحالها كي لا تحزن أبويها
صاح بنبرة غاضبة وهو يسألها بنبرة حادة: كيف سكتي ورضيتي بالمزلة دي يا صفا، ميتا ربيتك على على الرضوخ والمزلة أني؟

حولت بصرها إلى جدها ووجهت إلية نظرات لائمة لتحميلة ذنب كل ما حدث لها وتحدثت بدموع وضعف: إسأل چدي مين اللي خلاني أرضخ وأحط كرامتي وجيمتي تحت رچلين حفيدة اللكبير، كل دي لجل ما يضمن وچودة چارة،
وأكملت بدموع مؤلمة ونبرة منكسرة شقت بها قلب عثمان وأدمتة: مش أني وجتها إترچيتك وجولت لك بلاش ترخصني جوي إكدة يا چدي؟

ورفعت يداها وكتفيها بإستسلام وأكملت بدموعها: شفت وصلتني لفين، سلمتني بيدك للي دبحني وداس على جلبي وكرامتي بأوسخ چزمة عندية
شهقة عالية خرجت من رسمية نتيجة دموعها الأبية نادرة الهبوط والتي زرفتها حزن على صغيرة ولدها الغالي الذي يقف بقلب بأن ألم لأجل صغيرته
أما عثمان فأنزل ببصرة لأسفل قدمية خزي وألم على ما أوصل به تلك الأبية.

نظر زيدان وهتف بأعلي صوتة إلى قاسم أمرا غير مباليا بالجميع: طلجها يا واد، إرمي عليها اليمين.
إنتفض قلبه رعب ونظر لها بعيون مرتعبه وتحدث بقوة وإستماتة: مفيش جوة على وجة الأرض تجبرني إني أطلج مرتي،
ونظر لداخل عيناها الباكية وتحدث بقوة: صفا مرتي ومهيبعدنيش عنيها غير الموت
صاح زيدان بكل صوته قائلا بنبرة غاضبة وكأنة تحول إلى غول: يبجا عطلجها ورچلك فوج رجبتك،.

وأكمل مهددا: يا أما موتك هيبجا على يدي لجل ما أخلص بتي منيك يا خاين العهد
إنتفض قدري رعب من هيأة زيدان الجديدة على الجميع، وفايقة التي كانت تقف كالفرخ المبلول من شدة غضب عتمان وزيدان أيضا
وهنا تحدثت ورد التي صاحت بدموع رافضة حديث زيدان قائلة بنبرة متألمة: معادش ينفع يا زيدان، بتك معينفعش تطلج
حول بصره إليها سريع وتسائل بذهول قائلا: إنت اللي عتجولي إكدة يا ورد؟

نظرت إلية وهتفت بدموع مريرة: بتك حبلة يا زيدان.
إتسعت عيناه من شدة ذهولة، وتسارعت دقات قلبة بوتيرة عالية، كاد قلبه أن يقفز من بين أضلعه ويسرع إليها ليحتضنها ويطبطب على قلبها الجريح، ويضع يده على أحشائها ليطمئن صغيرة من حالة الهلع التي أصابتة بالتأكيد
جحظت عيناي فايقة التي قامت بأطلاق الزغاريد وكأنها وجدت كنزا سمين،.

نهرتها رسمية التي هتفت بقوة أخرستها وجعلتها تنكمش على حالها: إكتمي نفسك يا مرة يا سو لأكتمهولك أني
فرقت نظراتها إلى الجميع بتيهة، وفجأة شعرت بغيمة سوداء تقدم عليها وتبتلعها داخلها، فأستسلمت لها وماشعرت بحالها إلا وجسدها يتهاوي وكاد أن يسقط أرض معلنا عن إستسلامة وعدم قدرتة على التحمل بعد، جري عليها سريع وتلقي جسدها بين ساعدية قبل إرتطامة بالأرض.
حين صرخت ورد بإسم إبنتها التي حملها قاسم بين يدية كجثة هامدة.
صرخت ورد بإسم إبنتها التي أعلنت عن إنهيارها التام وكأن جسدها لم يعد لدية القدرة على التحمل بعد، فقام برفع رايتة البيضاء وأستسلم لتلك الغيمة السوداء التي سحبتها بداخلها، وكأنها بفقدانها للوعي الكامل قد أعلنت إنسحابها من تلك المعركة الغير متكافئة.

هرولت ورد خلف ذلك الذي حمل حبيبتة بقلب يرتجف رعب على من ملكت الفؤاد وأصبحت له المعني الحقيقي للحياة، كان يصرخ بكل صوته ويأمرهم بإحضار طبيب ليفحصها، أسرع لخارج الحجرة سريع وأتجة بها إلى غرفة جانبية متجهزة ومخصصة لإستقبال أية زائرين تضطرهم الظروف للمبيت داخل سرايا النعماني.

إنتفضت مريم من جلستها وفارس الذي يجاورها الجلوس بالأريكة وباقي أفراد العائلة الذين كانوا ينتظرون نتائج تلك الجلسة الساخنة، بقلوب ترتجف رعب على ثنائي العشق، عدا تلك الحاقدة التي وصلت سعادتها عنان السماء بعدما إستمعت إلى خبر زواج قاسم على غريمتها التي لم ولن تبغض وتمقت أحدا في هذا العالم مثلما بغضتها، إنها ليلي لا غير.

أسرع الجميع يهرولون خلف قاسم عدا الجد عثمان الذي ضل جالس بمقعدة، ساندا وجهة على كفاه المتكئة على عصاة الأبنوسية، ناظرا أسفل قدماه بخزي وقهر وأل. م م. ميت، غصة مرة وقفت بمنتصف حلقة جعلتة يشعر بمرارة وبشاعة ما إقترفتة يداة بحق أحفادة الذي جني عليهم بإجبارة الأعمي، وإصرارة على الدخول بطريق لم يردة أيا منهم بل وإرغامهم بالمضي قدم وإستكمالة حتى النهاية، برغم ما يشعر به جميعهم من مرارة وألم وضياع داخل تلك الزيجات.

برفق شديد، وضع قاسم صفا فوق التخت وتحدث بنبرة مرتجفة ونظرة عين هلعة: دكتور، حد يجيب دكتور بسرعة.

إنتفض يزن بوقفتة وبسرعة البرق كان يقف أمام سيارتة التي مازالت مصطفة بمدخل حديقة السرايا عندما أحضر بها صفا من محطة القطار، وضع كف يدة ليفتح باب سيارتة ليترجلها، توقف مكانة حينما إستمع لصوت تلك الغاضبة التي صاحت من خلفة وهي تهتف متسائلة بتعجب: رايح فين يا يزن، لتكون سمعت كلام الممحون اللي إسمية قاسم ورايح تچيب دكتور لچلوعة أبوها دي كمان؟

وأكملت بنبرة مقللة لوضع صفا: متخافش على بت ورد جوي إكدة، دلوك چدتك رسمية هتكسر لها بصلة وتدعك لها بيها مناخيرها وتجوم كيف الجردة.

وأكملت وهي تتمشي بغنچ وتتحرك إليه بإنوثة إكتسبتها عن جديد وفق لما خططته لها والدتها فاقدة العزة والكرامة، في محاولة منها لإستعادتة إليها من جديد: تعال نطلعوا فوج على شجتنا لجل ما نتحدت ويا بعض ونتصافوا، وصدجني يا حبيبي، هعيشك ليلة كيف الملوك، عكون لك چاريتك المطيعة اللي عتوريك الهنا بألوانة.

شملها بنظرة إشمئزاز وأحتقار مهين لكرامتها التي وضعتها جانب لحين الإنتهاء من الخطة التي وضعتها لها فايقة بجانب إنتوائهما الذهاب إلى المشعوذ التي تعتقد أنه بإستطاعتة إرجاع يزن لأحضانها من جديد
وهتف بنبرة مميتة لشخصها: تعرفي يا ليلي، أني كل يوم بجلد حالي وبلومها على إنها عطتك فرصة وكانت دايما توصيني بالصبر عليك، إنت إية، شيطان معندوش جلب، واكمل بسؤال ساخر: إلا جوليلي يا ليلي؟

إنت عتبلعي ريجك زيينا إكدة عادي؟
يعني معتخافيش للسم اللي جوة خاشمك ده يسمم چسدك ويجتلك؟
ولا إنت كيفك كيف الحية عتجتلي غيرك بسمك ومهتتأذيش منية
ورمقها بنظرة إشمئزاز شاملة وصعد سيارتة وقادها سريع تحت غضبها العارم من حديثة الساخر، وذهب إلى المركز التابع له نجعهم لإصطحاب دكتورة أمل بعدما هاتفها لتتجهز إستعدادا لفحص صفا.

أما ذلك العاشق، الجاني والمجني علية، الج. ارح والم. جروح الظالم والمظلوم بحكايتة، فكان ينحني بجسده على مالكة القلب والروح، يضرب برفق وجنتها بكف يداه كي تستفيق، حدثها بصوت يرتجف من شدة قلقة وألم قلبه على متيمتة: فوجي يا صفا، فتحي عنيكي يا نبض جلبي، جومي علشان خاطري
فوجئ بمن يكمشة من حلتة بقبضة يدة الحديدية ويجذبه للخلف ويصيح بوجهة غاضب لملامح كاشرة: بعد يدك عن بتي لأجطعها لك وإنجلع من إهنيه.

نظر إلى عمة وما زال متسمرا بوقفتة بجانب تلك الغائبة عن الوعي وهتف بنبرة صامدة: مهتحركش من مكاني غير لما تفتح عنيها وأطمن إنها بخير
أتت العاملة حسن وهي تهرول وتبسط إحدي ذراعيها بإتجاة رسمية وتحدثت بنبرة مرتجفة: البصلة يا ستي الحاچة
إلتقطتها منها وكادت أن تقربها من أنفها لولا يد قاسم الذي أبعدها بعنف وتحدث إليها محذرا: إية اللي هتعملية ده يا چدة.

ثم نظر إلى مريم التي تزرف دموعها بغزارة على إبنة عمها الغالية وهي تتسطح فوق الفراش بجسد يشبة الاموات، وهتف بطريقة أمرة: هاتي أي برفن من عنديك يا مريم، بسرعة.

إعترضت رسمية التي قربت يدها من جديد بجانب أنف تلك المغشي عليها التي وبالفعل بدأت بالتملل والإستفاقة التدريجية، حركت أهدابها عدة مرات متتالية في مقاومة منها بفتح عينيها، تنفس بعمق وشعر بأن روحه قد ردت إلية بعدما كان قد إفتقدها مع فقدان أميرتة لوعيها.

وصل يزن تحت مسكن أمل في أقل من عشرة دقائق وذلك لسرعة قيادتة الجنونية ولقرب المسافة بين النجع والمركز، نزلت سريع وبغضون ثوان معدودة كانت تهبط من المبني حاملة حقيبها الخاصة بالفحص بعدما وضعت بها كل ما يلزم لفحص صفا، تحركت إلى السيارة وأستقلتها بجانبة، رمقها بنظرة حادة وتحدث وهو ينظر إلى الثياب المنزلية التي ترتديها بعدم رضا: إنت هتاچي معاي إكدة؟

أجابتة وهي تتفحص حالتها بإستغراب: كدة اللي هو إزاي يعني مش فاهمة؟
اجابها بإعتراض: أجصد لبس البيت الضيج دي، عتاچي معاي بية إكدة؟
رمقتة بعينان متسعة من شدة ذهولها وتحدثت وهي تشير بيدها في إشارة منها لحثة على التحرك: أولا ياريت تتحرك حالا لأن مفيش عندنا وقت علشان نضيعة في الكلام الفاضي ده.

تحرك سريع وكأنه وعي على حاله وأكملت هي بنبرة تهكمية: ثانيا بقا، هو سعادتك كنت عاوزني أقعد ألبس وأتمكيچ وإنت بتقولي الدكتورة حصل لها إغماء مفاجئ؟
واسترسلت حديثها بتساؤل حاد: ثالثا بقا وده الأهم يا حضرة، إنت مالك بلبسي يا باشمهندس؟

كان يستمع إلى حديثها الذي أصابه بالضيق وهو ينظر إلى الطريق ويقود بسرعة عالية، بصعوبة بالغة تمالك من حالة وأجابها بلا مبالاة إصطنعها بصعوبة: عتفتحي لي تحجيج عشان كلمة جولتها إياك!
خلاص إنت حرة، أني اللي غلطان عشان معايزش حد يجيب سيرتك بكلمة بطالة ويجول عليك نازلة بخلجات البيت.

إستشاط داخلها عندما إستمعت لكلماتة وتسائلت بحدة: وده مين اللي أمة داعية علية وهيقف قدامي وكمان يتكلم عني، وبعدين إنت لية محسسني إني نازلة ببچامة ولا كاش، انا لابسة ترنج محترم وواسع ومغطي كل جسمي، والناس في القاهرة بتخرج بية عادي.

تنهد بإستسلام من عناد تلك المشاكسة التي لن يستطع إقناعها بوجهة نظره مهما حاول، فتحدث بنبرة غائرة وهو ينظر لتلك الخصلة الهاربة من خلف حجابها التي وضعتة على عجل بدون إحكام: طب على الأجل دخلي شعرك ولفي حجابك زين، وأكمل متهكما: ولا دي كمان بتعملوها عنديكم في القاهرة عادي؟
شعرت بالخجل من حالها وبسرعة رفعت كفاي يداها وعدلت من حجابها وأحكمتة جيدا على رأسها.

أوقف السيارة سريع داخل سور السرايا وترجلت هي وتحركت خلفة حيث يسبق خطواتها كي يرشدها للطريق تحت إستغراب ليلي التي كانت تتوقع حضور دكتور ياسر.

دلفت إلى صفا وخرج الجميع عدا ورد ورسمية ونجاة، وقف على باب حجرتها ساندا بمقدمة رأسه على جدارها الملصق بالباب، كان يشعر بمرارة غزت حلقة، أصابتة حالة من الندم وجلد الذات جعلتة يحتقر حالة، تمني لو أن الزمن عاد بة إلى ما قبل سبعة أعوام، حين رمقه زيدان بنظرة حارقة وهتف بنبرة تهديدية: بتي لو چرا لها حاچة مهيخلصكش من يدي غير الموت يا قاسم.

وضع قدري يده على كتف زيدان وحدثه بطمأنة قائلا: إهدي اومال يا زيدان، دلوك الدكتورة عتطلع وتطمنا عليها وتبجا زينة
همست ليلي بصوت ضعيف إلى والدتها التي تجاورها الجلوس في الفيراندا بعيدا عن الجميع: هو يزن مجابش الدكتور ياسر لية، ومين المهشكة اللي چاية من بيتها بالترنچ دي كمان؟

أجابتها فايقة بنبرة هادئة تدل على راحتها وأستقرار داخلها: دي لازمن دكتورة النسا اللي عتشتغل في المستشفي بتاعت چدك، وأكملت بإشادة: حريم العيلة عيجولوا عليها شاطرة جوي
قطبت ليلي جبينها وأستفسرت بإستغراب: ودكتورة النسا هتاچي لبت ورد تعمل لها إية؟
تنفست بإنتشاء وأجابتها بسعادة ظهرت على وجهها: هو أني مجولتلكيش، مش بت زيدان طلعت حبلة.

نزلت تلك الجملة على قلب تلك الح. اقدة وكأنها قنب. لة نووي. ة أح. رقت معها الأخضر واليابس
أكملت فايقة بملامح وجة ضاحكة بهيأة شريرة دون الشعور بالتي تجاورها الجلوس وبداخلها ن. ارا شاعلة لو خرجت لفحم. ت المنزل بأكملة: كن كفة ميزانك عتطب وتتعدل والدنيي عتضحك لك من تاني يا فايقة.

رمقتها تلك التي تكاد تخرج دخان من رأسها من شدة غيرتها وهتفت بنبرة غاضبة: ومالك فرحانة لها جوي إكدة، الله الوكيل لو أني اللي حبلت ماكنتي عتفرحي إكدة
نظرت لها بإستغراب وتحدثت بقلب مهموم: عتجولي لي أني الحديت دي يا ليلي؟
ده أني مفيش حاچة جدرت عليا وك. سرتني جد موضوع حبلك دي، دي جهرتك معتفارجش جلبي يا بتي وخيبتي فيك جوية جوي، بس أني مش ضعيفة لجل ما أجعد ألطم واعدد على اللي راح،.

وأكملت بنبرة ح. اقدة: وغلاوتك عندي لدوج كل واحد في السرايا دي المر بأنواعة، كل واحد منيهم لية عندي نايبة من المصايب اللي عتطربج فوج نفوخهم، وكله هياچي بالدور
تفوهت ليلي بنبرة غاضبة: بردك مجاوبتيش على سؤالي، إية اللي مفرحك جوي إكدة إن المدعوجة طلعت حبلة؟
وأكملت بنبرة تهكمية: ولجل إكدة كنتي عتزغردي يا أما!

إبتسمت وأجابتها بتهكم: عجولك إية، ما انت عجلك إصغير ومعتفكريش إلا بعشج المعدول إبن نچاة اللي راميكي ومهيعبركيش
وأكملت بتفسير: زيدان كان على شعرة ويطلج بته من قاسم ومحدش كان عيجدر يجف جصادة ولا يلومة بعد اللي عرفوة حتى چدك بذات نفسية، وكان عيچوزها لأي حد تاني وياخد هو الچمل بما حمل،.

وأكملت بما أرعب تلك الليلي: ومش بعيد وجتها چدك كان چوزها ليزن وضرب عصفورين بحجر واحد، الأول لجل ما فلوس زيدان المتلتلة متخرچش برات العيلة كيف ما جانون العيلة عيجول، والتاني لجل ما يزن يخلف منيها العيال اللي عيمدوا جذور العيلة ويخلدوا إسم النعماني في الدنيي
وأكملت بإبتسامة سعيدة: بس كلمة المدعوجة ورد چت في وجتها بالمظبوط، أول مرة تعمل حاچة صح وتكيفني،.

واكملت بإنتشاء وتمني: ويسلااام لو الحظ ضحك وأخوك چاب منيها واد، إكدة كفة ميزانا عتبجا طبت والزمن نصفنا وضحك لينا كلياتنا، أخوك عيكوش على كل مال زيدان وشجاة بعد زيدان بنفسية مايكتبة كلياتة لبتة وولدها، وإنت عتضمني إن يزن يفضل إكدة من غير چواز
تنهدت براحة وسألتها بتملل: طب ميتا عتوديني للشيخ اللي عيخلي يزن يبجا خاتم في صباعي كيف مجولتي لي؟

أجابتها بثبات: جريب، خليكي ماشية ورا حديتي وأني عخلية يرچع لك ويترمي تحت رچليك ويتمني رضاك علية
تنهدت براحة شديدة ورفعت قامتها وهي تبتسم بسعادة من مجرد تخيلها برجوع يزن لعالمها من جديد
إلتفت سريع إلى والدتها وتحدثت بتذكر: إلا جولي لي يا أما، إنت كتي عارفة إن قاسم متچوز على المخفية صفا؟
ضحكت فايقة وتحدثت بإنتشاء وهي تضع ساق فوق الاخري بكبرياء: فكرك حاچة مهمة زي دي هعتدي من تحت يدي؟

هتفت بنبرة غاضبة: ومجولتليش لية؟
أجابتها بإبتسامة جانبية: عشان عرفاكي غبية ومعتفكريش بعجل كيف أبوك بالمظبوط، كتي عيزاني أجول لك علشان تروحي تجولي لها لجل ما تشفي غليلك منيها وتبوظي لي تخطيطي اللي عم بستناة من سنين كتيرة جوي
ألحت ليلي على والدتها كي تقص لها أصل الرواية وبدايتها، فقصتها لها مع تشديد فايقة بعدم إخبار ليلي لأي كان بما إستمعت.

بعد مدة من الوقت إنتهت أمل من فحص صفا، دلف زيدان ليطمئن على صغيرتة بعدما منع قاسم من الدخول وهددة، وجدها تتمدد ومعلق بيدها كانولا متصلة بأنبوب محلول معلق في عليقة الملابس كي يساعد جسدها على المقاومة والإتزان، وكانت أمل قد أحضرت المحلول لعلمها أن ماحدث لصفا ما هو إلا إجهاد وضغط عصبي شديد تعرضت إلية بالإضافة إلى عدم تناولها لأي طعام مما أدي إلى هبوط في الدورة الدموية.

تحرك زيدان إلى وقوف أمل وسألها عن وضع غالية أبيها فأجابتة أمل بنبرة مطمأنة: إطمن يا زيدان بيه، الدكتورة كويسة لكن محتاجة تهتم بنفسها أكتر من كده، اللي حصل لها ده طبيعي نتيجة للضغط العصبي والنفسي اللي إتعرضت ليه، ونظرت إليها وتحدثت بنبرة لائمة: ده غير إن الدكتورة مأكلتش أي حاجة من إمبارح.

تحدثت جدتها التي تجاورها الفراش بنبرة حنون وهي تتحسس وجنتها التي مازالت دموعها الجافة تلتصق بها: أني هخلي حسن تطيب لك ديك شمورد وتاكلية بشوربتة بالهنا والشفا لجل ما يسند جلبك ويجويك يا ست البنات
هزت رأسها برفض تام وتحدثت بنبرة ضعيفة: معايزاش أكل.

أجابتها أمل: لازم تاكلي يا دكتورة علشان خاطر الجنين، هو حاليا محتاج لك علشان تاخدي بإيدة وتساعدية على البقاء، لازم تعودي نفسك من إنهاردة انك مبقتيش حرة في قراراتك، لازم كمان تعملي حسابة في كل خطوة بتخطيها
وأكملت بحديث تقصد به والدتها: وإوعي في يوم مايحتاج لك تخزلية وتتخلي عنة، لانك بكدة بتدمرية وبتخسرية للأبد، وهو حاليا في أشد الإحتياج ليكي
هتفت رسمية بإشادة: يسلم فمك يا بتي، كلام زين وموزون.

إقترب زيدان من جلستها فأفسحت له ورد المجال ليجاور غاليتة، مال على جبهتها ووضع قبلة حانية فوقها وأردف متسائلا بنبرة ضعيفة: عاملة إية دلوك يا جلب أبوك؟
نظرت إلية بإنكسار وتحدثت برجاء: خدني على دارك يا أبوي، مطيجاش أجعد إهنية، حاسة حالي بتخنج وروحي عتتسحب مني
تنهد زيدان وهم بالوقوف وتحدث بنبرة طائعة لأمر صغيرتة وهو يستعد لحملها: فكراني عسيبك إهنية تاني بعد اللي حصل إياك؟

أسرعت أمل في الحديث لتمنعة من حملها قائلة بنبرة هلعة: صفا مينفعش تتحرك نهائي على الأقل إنهاردة، ده ممكن يكون فية خطورة كبيرة على الجنين
ثم تحدثت إلى رسمية قائلة: ياريت حضرتك تجهزي لها الأكل اللي قولتي عليه وعلى ما تأكلوها أنا هتحرك للمستشفي أجيب لها حقنة تثبيت للجنين، محدش عارف الإجهاد والضغط اللي إتعرضت له طول اليوم ممكن يكون ضر الجنين بإية، علشان كدة لازم أبادر وأديها حقنة التثبيت كضمان،.

وأكملت وهي توجة حديثها إلى صفا قائلة بتنبية: وطبعا مش محتاجة أقول لك يا دكتورة إن الحركة حتى ولو كانت مجرد خطوات ممكن تضر ببقاء وإستقرار الجنين إزاي
سألها زيدان مستفسرا: وعتجعد راجدة كتير في السرير إكدة يا دكتورة؟
أجابتة بهدوء: يعدي أربعة وعشرين ساعة وبعدها لو مفيش مشاكل ظهرت تقدر تتحرك لحد بيت حضرتك اللي على مافهمت إنة بعيد عن عنها بخطوات، بس طبعا هتحتاج راحة في البيت لمدة إسبوع على الأقل.

وافق الجميع وتحركت رسمية إلى الخارج وتلتها أمل وتركا صفا بصحبة والديها وأعاد غلق الباب من جديد
نظرت صفا إلى زيدان وهتفت برجاء ودموع: طلجني منيه يا أبوي، مهجدرش أعيش معاه بعد اللي عملة فيا
أومأ لها بإيجاب حين بكت ورد بحرقة على عجزها أمام صغيرتها وما جري لها من تلك الزيجة التي دائما كانت تشعر بالريبة من إتمامها.

تحدثت بنحيب وهي تلوم زيدان وتجلدة بنظراتها قبل كلماتها: ياما حذرتك وجولت لك إني ممرتحاش للچوازة دي يا زيدان، جولت لك إني حاسة إنها هتبجا سبب شجا بتي ووجع جلبها، إتريجت عليي ومصدجتنيش.
أنزل بصره إلى الاسفل خجلا.

خارج الغرفة
تحرك قاسم إلى أمل وسألها متلهف بلكنة قاهرية: طمنيني عن وضع مراتي لو سمحتي
أسرع الجميع حيث وقوفها ليطمأنوا
تنفست عاليا وأخبرتة بحالة صفا بنبرة حادة وذلك لعدم تقبلها لشخص قاسم الذي يذكرها بخائنها الذي فضل عليها فتاة اخري، شقيقتها التي وافقت بذبح. ها على يدها، نعم هي لم تكن على دراية بأية تفاصيل مما حدث مع صفا ولكن الأمر واضح وينذر بوجود إمرأة اخري.

صوبت وجهتها إلى يزن وتحدثت بنبرة عملية: من فضلك يا باشمهندس، محتاجة لحضرتك توصلني بعرببتك للمستشفي علشان أجيب حقنة تثبيت للدكتورة
أخرجت ليلي شهقة عالية وهي تسألها بنبرة تهكمية بطريقة غير لائقة: سمعيني تاني إكدة عتجولي إية يا بيضة!
يزن مين اللي عيروح معاكي في الوجت دي مستشفي مجفولة يا مهشكة إنت.

نظرت إليها بملامح منكمشة مضيقة بين حاجبيها وذلك لعدم فهمها لبعض الكلمات وتحدثت مستفسرة: إنت تقصدي إية بكلامك الغريب ده انا مش فهماكي، ويعني إية مهشتكة دي؟
ومين حضرتك أصلا؟
تحدثت ليلي بكبرياء وهي ترفع قامتها لأعلي: أني مرت الباشمهندس يزن يا حبيبتي
رمق يزن ليلي بنظرات تحذيرية وعيون تطلق شزرا وتحدث إلى أمل مغيرا معني الحديث: هي تجصد إنها خايفة عليك من طريج المستشفي بالليل إكدة.

تحرك بالسيارة واتجة في طريقهما إلى المشفي
أردفت أمل إلى يزن: مراتك شكلها بتحبك وبتغير عليك أوي، وأبتسمت واكملت بإعتراف: على فكرة، أنا كنت فاهمة كلامها كويس جدا بعيدا عن كلمة مهشتكة، وعارفة إنها كانت غيرانة عليك من وجودي معاك
قهقة عاليا بشكل مثير مما جعلها تنظر إلية بإعجاب، وصحح لها قائلا: مهشكة، مش مهشتكة
واكمل بتوضيح: ويكون في معلومك، ليلي مش مرتي
قطبت جبينها وسألته بإستغراب: مش مراتك إزاي يعني؟

تنفس بأسي وأجابها بضيق وذلك لصعوبة الموقف علية، فيزن ليس بالرجل الذي يكشف أسرار أهل بيتة، لكنه كان مضطرا لذلك، كي يضعها معه في الصورة ولمغزي داخل عقلة سنتعرف علية عن القريب: أني وليلي في حكم المطلجين، يعني أني معايش وياها في مكان واحد، ولولا چدي كان زماني طلجتها، ويمكن مكنتش إتچوزتها من الأساس
إبتلعت لعابها ولا تعلم لما شعرت براحة عجيبة غزت قلبها بعد إستماعها لهذا الإعتراف.

لكنها تحدثت إلية: غريب أوي موقفك منها، مع إني شيفاها ست جميلة جدا وتجذب أي راجل ليها
قالت كلماتها وترقبت إجابتة بأنفاس محبوسة، حين تفوة هو: وهي الحريم بالچمال إياك؟
أومال بأية يا باشمهندس؟
سؤال خبيث وجهتة أمل إلية وانتظرت إجابتة، لما؟ هي بالتأكيد لا تدري.

إبتسم بجانب فمة لعلمة مغزي سؤالها، وتحدث بدعابة وهو ينظر لعيناها تارة ولطريقة تارة: بچنانها ولسانها اللي سابجها في الرد كيف ماتكون الداية اللي ولدتها سحبتها منية
إبتسمت بخجل لعلمها أنه يقصدها بحديثه فهتفت بنبرة جادة من بين بسمتها: بتكلم جد على فكرة
رد عليها بنبرة جادة وحديث ذات مغزي: ومين جالك إني عهزر
إبتلعت لعابها وسحبت بصرها عن مرمي عيناها الهائمة التي تقطر عشق،.

وصلا للمشفي وصف سيارتة ودلف كلاهما إلى المشفي تحت إستغراب حراس الأمن، دلفت لداخل غرفة حجرتها لتجلب أنبول الدواء، حين ذهب هو إلى مكتبة لإحضار أوراق مهمة كان يحتاج إليها،.

وبعدها ذهب إلى حيث مكتبها ودلف من بابه في نفس، توقيت خروجها وحدث إصطدام بينهما أدي إلى إختلال توازنها وجعلها تتهاوي وكادت أن تنبطح أرض لولا ساعدية الذي أمسك بهما كفاي يداها وجذبها إلية، إستقامت بوقفتها وتلاقت الأعين وتحدثت، ثواني، مجرد ثواني معدودة مرت على كلاهما كدهر
سألها بعيون هائمة جراء حالة العشق التي تملكت منه لإقترابة منها لهذة الدرجة: لجيتي اللي عتدوري علية؟

إستوعبت حالها وابتعدت سريع وتحدثت إلية بعيون متهربة زائغة تتلفت هنا وهناك: لقيته، يلا بينا علشان مانتأخرش على صفا
إستقلا كلاهما السيارة وعادا إلى السرايا بصمت تام، ولكن بقلوب منتعشة، تعيش حالة جديدة لم يشعر بها أي منهما من ذي قبل
دلفت إلى صفا وتأكدت من انها تناولت طعامها ثم حقنتها وتحركت إلى الخارج، وجدت قاسم يقف بالمرصاد لزيدان الذي يمنعة الدلوف إلى صفا.

هتف قاسم بنبرة حادة: مش من حجك تمنعني أدخل أطمن على مرتي
أجابه زيدان بقوة: واني جولت لك معتدخلش يعني معتدخلش
خرج عثمان على مناقرتهم وتحدث بحدة إلى قاسم: معتسمعش الحديت لية يا ولد قدري، عمك جال لك معتدخلش،
وأشار بيده لأعلي وتحدث بنبرة أمرة: إطلع دلوك على شجتك نام والصباح رباح
رمق جده بنظرة غاضبة وأردف معاندا إياة: لحد إكدة وخلاص يا چدي، زمن الچبر والأوامر إنتهي.

وأسترسل حديثه بنبرة صامدة: أني عدخل لمرتي، ومفيش جوة عتمنعني إني أطمن عليها وأطمنها على حالها
تحدث زيدان بنبرة أشد حدة وهو يقف أمام باب الحجرة ويسده بجسده العريض: ورينا عتدخل إزاي غصب عني يا واد أبوك.

وهنا قررت أمل التدخل لفض هذه المشادة الكلامية التي من الممكن ان تتحول إلى إشتباك بالأيدي نظرا لعناد كلا الطرفين وتشبث كل منهما برأية: أستاذ قاسم لو سمحت، إحنا هنا مش في خناقة ولا حد عاوز يمنعك إنك تدخل لمراتك وتطمن عليها، وأكملت بتفسير: كل ما في الأمر إن دكتورة صفا إتعرضت لإجهاد شديد ولضغط نفسي وعصبي أدي لهبوط في الدورة الدموية عندها وسبب لها إغماء، ولحد الوقت اللي بنتكلم فيه ده أنا مقدرش أجزم إن مراتك والجنين بقوا في أمان، أنا عن نفسي إدتها إبرة مثبتة للجنين تحسب لتفادي أي حاجة طارئة ممكن تحصل لها وللجنين، وأكملت ما جعله يتراجع: ولو حضرتك دخلت وإتكلمت معاها وهي في الحالة دي، من المؤكد إنك هتزيد بنقاشك الضغط على أعصابها وبكدة أكيد هتتعرض لإنتكاسة ممكن جدا تؤدي لخسارة الجنين.

وتحدثت بنبرة واثقة: فلو حضرتك مش فارق معاك لا مراتك ولا الجنين إتفضل إدخل لها، وأنا أوعدك إني هخلي زيدان بية يبعد حالا ويدخلك
هتفت فايقة بصياح: إطلع على شجتك وإغزي الشيطان يا ولدي والصباح رباح كيف ماجال چدك.

رمقها عثمان بنظرة ساخطة، ثم حول بصرة ونظر بإستحسان لتلك الذكية ذات العقل الواعي التي إستطاعت بكلمات مرتبة إقناع ذلك التور الهائج بالتراجع عن موقفة وحدتة، أما يزن فكان ينظر إليها بإعجاب وقلب ينتفض من ما شعر به تجاهها بعدما تلاقت اعينهم عن قرب داخل المشفي
نظر قاسم إلى أمل وزفر بأسي وتحرك كالإعصار لخارج المنزل والش. ر يتطاير من عيناه وكل ذرة بجسدة تنتفض غضب.

حالة من الهدوء والسكينة أصابت المكان بعد خروج ذلك الغاضب، تحدث الجد إلى مريم بنبرة هادئة: خدي الدكتورة يا مريم على مندرة الضيوف البحرية، وخليها ترتاح لحد ما حسن تچهز لها العشا
وأكمل وهو ينظر إلى أمل: وإنت يا بتي، عتنورينا إنهاردة وتباتي إهنية عشان الوجت إتاخر
إستشاط داخل ليلي من قرار جدها بمبيت تلك الدخيلة التي لم تشعر بالراحة في حضرتها
أما أمل فأجابتة برفض هادي: متشكرة جدا لذوق حضرتك، بس مش هينفع.

أردف يزن مفسرا وهو ينظر بساعة يدة: عتروحي فين دلوك والساعة داخلة على 3 الفچر، باتي اللي باجي من الليل إهنية وبكرة أني عوصلك للمستشفي
تحدثت بإعتراض: يا جماعة بجد مش هينفع، إزاي هروح المستشفي بكرة بالترنج؟

أجابتها مريم بهدوء: لو على الخلجات محلولة يا دكتورة، أني وإنت نفس المجاس، وعندي هدوم لساتني شرياهم إمبارح من على النت ووصلولي أون لاين، يعني هدوم زينة وعتعچبك، إطلعي وياي وشوفي الطجم اللي يناسبك منيهم وإلبسية
نظر يزن إلى شقيقتة بإستحسان لقلبها الرحيم
أكد زيدان على حديث أبية قائلا بنبرة قلقة: معلش يا دكتورة إسمعي كلام الحاچ، وكمان أني خايف لصفا يچري لها حاچة.

إقتنعت بكلام زيدان وأردفت قائلة بنبرة خجلة: أوك
أما صفا فكانت تقبع فوق فراشها بقلب يإن أل. م وحزن وهي تستمع إلى صوت ذلك الثائر الذي يصر على الدخول إليها، كانت واضعة ذراعها تحت رأسها ودموع عيناها المنسابة تبلل وسادتها لغزارتها، أما دموع القلب فكانت تزرفها دم على من أمنت له وسلمتة عن طيب خاطر قلبها البرئ وكل كيانها، ولم تجني من وراء ذلك العشق الملعون سوي الأل. م والمذلة والإنك. سار.

تائهة هي كطفلة فقدت مصدر أمانها، تشعر بإنهيار عالمها الحالم وعش غرامها الواهي التي باتت تبني تفاصيلة بكل قطرة من دمها، وبالنهاية ماذا فعل يا تري؟
خدعها وأستغل عشقها له للوصول لدق حصونها العالية، إرتضي لها المهانة والإنكس. ار أمام الجميع.

أما ورد فكانت تتمدد بجانب صغيرتها وتحتضنها من الخلف، تزرف دموع الأل. م وغصة مرة تقف بحلقها على إبنتها التي لم تكتمل فرحتها بخبر حملها لجنينها الأول، بل وإن. كسارها على يد من عشقتة منذ نعومة أظافرها.

كانت أمل تجلس فوق الفراش داخل حجرة الضيافة، تنظر لكمية الطعام الموضوعة فوق المنضدة والتي أحضرتها لها إحدي العاملات بناء على تعليمات عثمان بنفسه بعدما أعجب بحديثها السلس وتأكد من حكمتها بالحياة وحسن تصرفها بالمواقف الحياتية.

إستمعت لطرقات خفيفة فوق الباب فسمحت للطارق بالدلوف، إبتسمت حين رأت أمامها تلك الخلوقة التي تمتلك إبتسامة رائعة تجعل كل من يراها من الوهلة الاولي يشعر بالإستكانة والسلام الروحي،
تحدثت أمل ببشاشة وجة: إتفضلي يا مريم.

إقتربت عليها وبسطت ذراعيها بعدة أثواب جديدة وتحدثت وهي تضعهم فوق مقعد جانبيا: لما لجيتك مرضياش تطلعي معاي علشان تنجي فستان، جولت أكيد مكسوفة، وجبت لك الخلجات لحد إهني وإنت إختاري اللي يعچبك من بيناتهم، وعلى فكرة، كلياتهم متلبسوش ونضاف
إبتسمت أمل وتحدثت إليها: متشكرة ليكي جدا يا مريم على كرم اخلاقك.

شكرتها مريم وسألتها وهي تنظر إلى الطعام الموضوع كما هو: مكلتيش لية يا دكتورة، وكلنا معجبكيش إياك، ولا تكوني مش مأمنة لنظافة الوكل عندينا؟
أجابتها سريع وهي تنفي: أكيد مش قصة الأكل مش عاجبني أو شاكة في نظافتة يا مريم، الكتاب بيبان من عنوانة وإنتم ماشاء الله،.

وأكملت بتفسير: الحكاية كلها إني ماشية على نظام غذائي علشان كان عندي مشكلة نفسية من فترة وسببت لي مشاكل في المعدة، ومن وقتها وأنا ماشية علية، وأخر وجبة باكلها الساعة 7 مساء، فياريت متزعليش ومن فضلك تبعتي حد ياخد الصنية لأني مش هقدر أنام وهي موجودة في الأوضة
أومأت فأكملت أمل بتساؤل جاد: هو إحنا مش هنشوفك تاني في المستشفي ولا إية يا مريم؟
أنا سألت صفا عليك قالت لي إنك قعدتي علشان تاخدي بالك من بنتك.

أجابتها مريم بإبتسامة صادقة: ده حجيجي يا دكتورة، ماأنكرش إني لجيت نفسي في الشغل وياكم وحبيتكم جوي وحبيت شغلي، بس لما فكرت لجيت بتي وچوزي أولي بوجتي
وافقتها أمل وتمنت لها الأصلح وخرجت مريم وبعثت بإحدي العاملات أخذت الصنية إلى المطبخ،.

تحركت أمل إلى النافذة المطلة على الحديقة وبدأت بالتدقيق والتمعن في جمال الأشجار الخضراء والطبيعة الخلابة المبهرة، وبلحظة وجدت يزن يتحرك في الحديقة وكأنه يحاول تصفية ذهنه بالنظر إلى تلك المناظر الطبيعية كي يستطيع النوم،.

لا تعلم لما باتت تشعر مؤخرا براحة غريبة تغزو قلبها كلما رأت وجة ذلك اليزن، إبتسمت حين وجدته ينظر إليها ويبتسم وهو يهز رأسه لها كتحية منه، ردتها له بمثلها ثم أغلقت النافذة وتحركت إلى الباب وأوصدتة جيدا بالمفتاح كي تضمن أمانها،
ثم تحركت إلى الفراش وتمددت علية ومازالت إبتسامتها ترافقها، باتت تسترجع كل ما حدث بينهما اليوم من مواقف، وما كان حاله ببعد عنها وكأنهما يتذكرا ويفعلا الأمر ذاتة بنفس التوقيت.

تحركت مريم داخل مسكنها بقلب حزين وبعد مدة من نقاشها مع فارس حول ما حدث اليوم
تحدثت بنبرة حادة وعينان متسعتان من شدة ذهولهما: يعني إنت كنت عارف إن أخوك متچوز على صفا وساكت يا فارس؟
جبلتها على بت عمك كيف؟
دي صفا يا فارس، صفا اللي عمرها ما أذت حد فينا ودايما كانت بتجابل معاملتنا السيئة بالحسنة، طب بلاش صفا، رضييتها كيف على عمك زيدان اللي طول عمرة بيعتبرنا كلياتنا كيف ولادة؟

تنفس بعمق وأجابها بنبرة ضعيفة خجلة: سكاتي كان غصب عني يا مريم، وصدجيني اللي حصل كلياتة كان غصبن عن قاسم نفسية، قاسم إنجبر على الچوازة دي
رمقتة بنظرة حادة وهتفت بنبرة غاضبة: متحاولش تبرر له خي. انتة لوعد عمة بس لأنة أخوك
وأكملت لائمة: يا خسارة يا فارس، إفتكرتك راچل زين وبتعرف ربنا ومابترضاش بالظلم،
أردف قائلا بتفسير: يا حبيبتي إفهميني.
أردفت متسائلة بنبرة تشكيكية: أني حبيبتك صح يا فارس؟

وأكملت بإرتياب: تعرف يا فارس، أني بجيت خايفة منيك لتغ. در بيا كيف أخوك وترچع تجولي كان غصب عني يا مريم
جحظت عيناة وتحدث إليها بنبرة غاضبة: هي دي فكرتك عني يا مريم؟
للدرچة دي شيفاني واحد خ. اين وغش. اش وممكن أغ. در بيك؟
هتفت بنبرة حادة لعيون غاضبة: اللي يجبل المهانة والم. ذلة على بت عمة اللي بيعاملة كيف أبوة، يجبلها على غيرها عادي.

قالت كلماتها وهرولت لداخل حجرة نومها سريع واختفت من أمامه تحت حزن فارس وخزلانة من حالة وألم. ه الذي أصاب قلبه على ما أوي إلية شقيقة
وبرغم وجعه الذي أصابه من حديث مريم، أمسك هاتفة محاولا الوصول لشقيقة الذي ذهب إلى الخارج ورفض ان يصاحبه فارس وأبلغه أنه يريد البقاء والإنفراد بحالة.

داخل مسكن قدري
كان يجوب الغرفة ذهاب وإياب بوجة غاضب وعيون متسعة من شدة غضبها، واضع هاتفة على اذنة محاولا الوصول إلى نجله الذي لم يكلف حاله عناء الإجابة علية
تحدثت إلية فايقة في محاولة منها لتهدأتة: إهدي يا قدري وإجعد، ولدك مش إصغير لجل ما تجلج علية إكدة
أجابها بنبرة حادة: ولدك عنيد وممكن يضيع حالة بعندة جدام أبوي وزيدان أخوي، خايف علية ليضيعة عندة ويسمع لحديت زيدان ويطلج البت ويخسر كل حاچة.

إبتسمت ساخرة وأكملت لطمأنتة: من الناحية دي طمن بالك وحط في بطنك بطيخة صيفي، إبنك غرجان لشوشتة في عشج بت ورد وهيعمل اللي مايتعمل لجل ما ينول الرضا ويرچعها لچوة حضنة تاني
تنهد بأسي وتحدث بنبرة إنكس. ار وقلق أب على نجلة: خايف ومعارفش اللحكاية المغفلجة دي عترسي على إية، لو قاسم ضعف جصاد عشجة وأستسلم لأوامر زيدان وطلج البت اللي إتچوزها في مصر، مش بعيد المرة السو اللي إسميها كوثر تاچي وتفضحنا جدام أبوي.

وأكمل مهموم: وجلجان لو جال لچدة إنة عيكمل السنة لجل ما يوفي بوعدة لأبو المحروجة بتاعة مصر، زيدان أخوي يعند ويغصبة يطلجها ويبجا خسر كل حاچة
أجابتة بإطمأنان: ميتا أبوك سمح لحد بالطلاج في العيلة لجل ما يسمح لبت زيدان، وبعدين البت طلعت حبلة في شهرين، يعني ربنا نچدنا بأخر وجت
وبلحظة تحركت إلى قدري وتحدثت بتذكر: إلا جولي يا قدري، أبوك كان يجصد إية لما جال لولدك أبوك غ. در باللي يستحج؟

إبتلع سائل لعابة رعب وبلحظة قرر الصمود وقلب المواقف، فتحدث بنبرة حادة وإتهام: أكيد كان يجصد اللي عملناه مع يزن في حكاية التحاليل،
وأكمل لائما إياها كي يبعد الشبهة عنة: وكلة من ورا تخطيتك المجندل ومن تحت راسك يا فايقة، ياما نصحتك وجولت لك وجتها بلاش، بس إنت اللي أصريتي ونشفتي راسك، واديكي شفتي بعنيكي اللي حصل.

دققت النظر لداخل عيناه وتحدثت بنبرة تشكيكية: وأبوك بردك عيجول على يزن يستاهل الغ. در يا قدري؟
إرتبك بوقفتة وصاح بكامل صوته وهو يتحرك إلى الفراش هارب من تلك الفايقة: أني جولت لك اللي فهمتة من حديت أبوي، ولو ممصدجاش هناك أبوي تحت، روحي عندية وإسألية لو تجدري.

وأكمل وهو يتمدد على التخت: وبطلي رط عاد وإجفلي النور دي لجل ما الحج أنام لي ساعة جبل النهار مايكشف، ونبدأوا من چديد في إجتماع ومرار طافح ملوش أخر.

أما قاسم فقد ذهب إلى إحدي المساحات الزراعية المملوكة لجده وأفترش أرض، ن. ارا شاعلة تكوي صدرة لأجلها ولما أوصلها له وبيدة، قضي ما تبقي من الليل على وضعة وعند ظهور أول شعاع لضوء الصباح تحرك عائدا إلى المنزل، دلف للمنزل وجده خالي إلا من العاملات التي بدأن بالتنظيف بهدوء وتجهيز المخبوزات وإحضار الحليب وإدخالة إلى المطبخ،.

وقف عند باب الحجرة التي تقبع داخلها ساحرة عيناة ودق بابها بهدوء شديد، تحركت ورد وقامت بفتح الباب بهدوء وأمسكته بيدها لتمنعه الدلوف
فتحدث إليها قائلا وهو يدور بعيناة متلهف داخل الغرفة باحث عن مالكة قلبة: صفا عاملة إيه دلوك يا مرت عمي
رمقتة ورد بنظرات لائمة وهمست متسائلة بتهكم: هماك جوي صفا وچاي تسأل عليها؟
أجابها بصوت مرهق: عاوز أشوفها يا مرت عمي.

أردفت بتوتر: عمك موصي ماتدخلهاش، إطلع نام جبل ما ياچي من الببت ويشوفك واجف إكدة ويتعارك وياك،
أردف متحدث بنبرة راجية: وسعي علشان أدخل يا مرت عمي، هشوفها وأطلع على طول جبل ما عمي ياچي، غير إكدة مهتحركش ولو جعدت شهر بحالة واجف إهنية
زفرت بضيق وتحركت لتفسح له المجال بإستسلام كي لا تشعر صغيرتها وتستفيق من غفوتها التي بالكاد دخلت بها.

دلف للداخل وتحرك على اطراف أصابعه كي لا يزعجها، حتى وقف بجوارها يتأمل ملامح وجهها بكيان مدمر لأجلها، إنفطر قلبه حينما وجد أثارا لدموع جافة فوق وجنتيها، ملس على شعرها بهدوء وتألم لاجلها، كاد أن يميل عليها ليضع قبلة إعتذار فوق مقدمة رأسها، لكنه خشي من أن يفسد عليها غفوتها
تحركت إلية ورد وهمست بضيق: مش شفتها واطمنت عليها كيف ما جلت، يلا بجا إطلع جبل ما عمك ياچي وتبجا مصيبة.

تنهد بألم وألقي نظرة على أميرتة النائمة وتحرك إلى الأعلي كي لا يفتعل المزيد من المشاكل مع زيدان، إرتمي بكامل ثيابة فوق تختة بإهمال، وبلحظات خر صريع داخل غفوتة من شدة إرهاقة وتعبة.

في مساء اليوم التالي
أخذ زيدان صغيرتة إلى منزلة بعدما أطمئن عليها بعد فحصها من أمل، جن جنون قاسم بعد رفض زيدان القاطع دخوله لحجرة صفا والحديث معها، وطلب زيدان من أبية إجتماع مصغر من رجال المنزل ووالدتة وفقط لبحث مستقبل إبنته وجنينها
حضر الإجتماع، عثمان، زيدان، قاسم، قدري، منتصر، رسمية، فارس الذي حضر بناء على إلحاحة لمساندتة لشقيقة.

كان يجلس بمقعدا جانبيا كالمنبوذ، ساندا ساعدية فوق ركبتية، ناظرا برأسة على أسفل قدماه بملامح وجة يكسوها الن. دم والأل. م والضياع
تحدث عثمان موجة حديثة إلى زيدان قائلا بنبرة جادة: شوف إية اللي يرضيك ويرضي بتك وقاسم عينفذهولك يا زيدان
هتف زيدان بنبرة حادة وهو يرمق قاسم بنظرات نارية: مفيش حاچة عترضيني وتبرد نار بتي غير الطلاج يا أبوي
أردف قدري مترجيا زيدان بعيناة: إعجل وفكر مليح ومتخربش على بتك يا زيدان.

أجابه زيدان بنبرة صارمة: الخراب إبنك اللي بدأ بيه يا قدري، مش أني
تحدث منتصر محاولا تهدأت الوضع: طلاج إية بس يا أخوي اللي عتتكلم فية وبتك حبلة
ثم نظر إلى قاسم وهتف من جديد: قاسم غلط وعيصلح غلطة ويطلج المصراوية ويرچع لمرتة واللي في بطنها
رد زيدان بلهجة صارمة: بتي معيزاهوش، عغصبها على العيشة معاه إياك؟
تحدث عثمان بتعقل: بتك ريداة يا زيدان ومتنساش إنها شايلة ولده.

نظر زيدان لأبية وتحدث بقوة وثقة: صفا موصياني واني چاي لهنية إني مرچعلهاش إلا ومعاي بشرة طلاجها من اللي خ. ان الوعد، وأكمل بثقة: ولو ممصدجنيش يا أبوي تجدر تروح لعنديها وتسألها، ولولا إن الدكتورة منعاها من الحركة كنت چيبتهالكم إهنية وجالت لكم الحديت ده بنفسيها
تحدث قاسم مترجيا إياة: خليني أجعد وياها وأني هرضيها وهفهمها على كل حاچة، صفا غضبانة ومعرفاش هي بتجول إية.

صاح زيدان بنبرة حادة ساخرة: إياك فاكر حالك عتضحك على عجلها بكلمتين وهي عتصدجك وترچع تأمن لك من تاني، دي بت زيدان النعماني اللي معترضاش بالذل والمهانة أبدا، تربية أبوها اللي معتسلمش حالها للي خ. ان
رد علية قاسم بنبرة حادة وتحدي: طالما واثج فيها جوي إكدة، حارمني منيها ومعايزنيش أجعد وياها لجل ما نتحدت ليه يا عمي؟

نهرة زيدان قائلا بنبرة صارمة: متجولش كلمة عمي دي تاني على لسانك، معايزش أسمعها منيك يا بايع ناسك
تنهد قاسم بأسي، وحزن فارس على حال شقيقه، حين تحدثت رسمية بنبرة تعقلية: إهدي يا ولدي علشان صحتك، ومتخليش غضبك ينسيك جانون العيلة عندينا، ناسي إياك إن جانون العيلة عيجول إن مفيش طلاج مهما حصل؟
ده غير إن بتك حبلة ولساتها عروسة مكملتش شهرين، الناس عتجول عليها إية يا ولدي.

أردف زيدان بقوة وجبروت: تتحرج الناس على حديتهم اللي ملوش عندي ايتوها عازة، أني كل اللي فارج وياي هي بتي وبس، وبخصوص العيل اللي في بطنها أني كفيل بيه وهربية أحسن تربية، وأكمل وهو يرمق قاسم بنظرات غاضبة: ولولا إنها هتبجا كبيرة من الكبائر كنت وديتها للحكيمة وسجتها وخلصت بتي منية كيف مهخلصها من أبوة، بس هعمل إية، جدرها تشيل عيل من اللي خان. ها وكس. رها وخلاها مسخرة الخلج.

تحدث بنبرة حادة: معاش ولا كان اللي يخليها مسخرة، صفا مرتي وهرچعها لحضني هي وولدي، ومهيبعدنيش عنيها غير الموت، سامعني يا عمي، مهيبعدنيش عنيها غير الموت
هتف عثمان بنبرة صارمة موجة حديثة إلى الجميع: خلاص إكدة، كل واحد جال اللي في نفسة وإرتاحتوا؟ إسمعوا بجا حكمي اللي معايزش فية نجاش من حد فيكم.

نظر إلى قاسم وتحدث: أول حاچة قاسم عيطلج المصراوية أول ما يرچع مصر، ويجوم يحب على راس عمه وعلى يده ويطلب منية السماح، وأكمل وهو ينظر إلى زيدان: وإنت يا زيدان، تخلية يجعد ويا مرتة ويتفاهم وياها ويراضيها، معيزينش نضحكوا الخلج علينا ونشمتهم فينا يا ولدي
هتفت رسمية بنبرة حماسية: عين العجل يا حاچ
فهتف عثمان متسائلا زيدان: جولت إية في حكمي يا زيدان؟

برغم كم الغضب الهائل الذي يسكن قلب زيدان ويشعل كيانه بالكامل، إلا أنه رضخ وأستسلم لحكم والده وتحدث رغم عنه: مفيش جول بعد جولك يا أبوي
أومأ برأسه وتحدث بإستحسان: تسلم وتعيش يا ولدي
ثم نظر إلى قاسم بنظرة ساخطة وتحدث إلية بنبرة حادة: مسمعتش رأيك في حكمي يا ولد قدري
نظر قدري إلى ولده ولأول مرة مشفق على حالة وما أوي إلية بفضل ما صنعتة أيادية هو وفايقة،.

في حين تحدث قاسم وهو ينظر إلى عمه بنظرات يملؤها الندم والإعتذار: لو على الأسف أني مستعد أتأسف لعمي ومرتي وأجضي اللي باجي من عمري كلياتة وأني بحب على يدهم ورچليهم لجل ما يسامحوني على اللي حصل مني
نظر له الجميع بإستحسان وترقبوا لباقي حديثة الذي أصابهم جميعا بالصدمة والذهول
أكمل قائلا بنبرة ضعيفة منكسرة: بس أني معينفعش أطلج زميلتي إلا بعد ما يعدي على چوازنا سنة.
في حين تحدث قاسم وهو ينظر إلى عمه بنظرات يملؤها الندم والإعتذار: لو على الأسف أني مستعد أتأسف لعمي ومرتي وأجضي اللي باجي من عمري كلياتة وأني بحب على يدهم ورچليهم لجل ما يسامحوني على اللي حصل مني
نظر له الجميع بإستحسان وترقبوا لباقي حديثة الذي أصابهم جميعا بالصدمة والذهول والخزلان
أكمل قائلا بنبرة ضعيفة منكسرة: بس أني معينفعش أطلج زميلتي إلا بعد ما يعدي على چوازنا سنة كاملة.

نظر جميعهم إلية بذهول فأكمل هو بنبرة خافتة: ده شرط بيني وبين أبوها ومهينفعش أرچع في وعدي اللي قطعتة على حالي معاه
جحظت عيناي زيدان وهتف بصياح عالي وبنبرة غاضبة: لا والله أصيل يا واد، معينفعش ترچع في كلمتك اللي إديتها للغريب لكن ترچع في وعدك لعمك وتغ. در بية وتط. عنة في ظهرة عادي!

أجابة مفسرا بنبرة يكسوها الحزن والألم والندم: الحكاية ليها أصل يا عمي، وعشان تجدر تفهمني وتجدر موجفي لازمن تسمعها، وأني هحكي لكم الحكاية من أولها ومعخبيش عنكم حاچة واصل، لأن خلاص معادش لية لزوم،
وأكمل بمرارة وغصة مرة تقف بحلقه: اللي كنت عخاف عليها وأخبي عشانها عرفت، وبأسوء طريجة، طريجة عمري ما أتخيلتها حتى في أسوء كوابيسي.

هب زيدان واقف بغضب من جلسته وتحدث بنبرة حادة: وأني معايزش أسمع منيك غير يمين الطلاج اللي عترمية على بتي يا بايع ناسك لجل ماتشتري الغريب.

وأكمل وهو ينظر إلى والده بإحترام: أظن بإكدة أني عملت اللي عليا وعداني العيب وأزح يا أبوي، دوست على حالي ورضيت بحكمك رغم إنه ضد رغبتي ورغبة بتي اللي راجدة على فرشتها جتة بلا روح كيف الأموات من اللي عملة فيها حفيدك، وافجت بس لچل ما أرضيك ولأنك أمرت بإكدة، بس إكدة الموضوع دخل في لعب عيال إصغيرة، وأني معنديش وجت أضيعة وأني جاعد أسمع هلفطت عيال.

وقف قاسم وصاح بنبرة غاضبة تنم عن وصولة لقمة غضبتة: حاسب على كلامك و مفيش داعي للغلط يا عمي، أني راچل ليا وزني ومهجبلش بحد يغلط فيا مهما كان هو مين
إنفعل زيدان بحدة وكاد أن يرد لولا صوت عثمان الذي صدح بحدة: خلاص إنت وهو، عتتعاركوا جدامي إياك.

ثم نظر إلى زيدان وتحدث برجاء: وإنت يا زيدان يا ولدي، إجعد وخلينا نسمع حكاوي إبن قدري ونشوف أخرتها إية اللحكاية المغفلجة دي، وبعدها عنشوف عنعملوا إية، وصدجني يا ولدي، كل اللي صفا عيزاة أني عنفذهولها، بس إلا الطلاج
وأكمل بتهكم وإسلوب ساخرا وهو يشير بإشمئزاز إلى قاسم: إتفضل يا سي قاسم، إمسك ربابتك وغني علينا وسمعنا.

إبتلع قاسم إهانتة المرة من حديث جدة المتهكم على شخصة، لكنة تحمل لأجل إستعادة صغيرتة إلى أحضانة من جديد، بدأ بقص حكايتة على مسمع ومرأي من الجميع، من بداية تمرده على حياة الإجبار مرارا بتوهمة لإصابة قلبه بعشق زميلة دراستة، حتى خطتهما المحكمة بموافقتة الشكلية على خطبتة من صفا، وبرر ذلك بخوفه المبرر من أن يصبح النسخة المكررة من زيدان ويفقد كل المميزات التي يحصل عليها بكونه الحفيد الاكبر والاقرب لقلب عثمان،.

وأيضا أخبرهم أنة مثلما خشي على حالة وضع أيضا صفا صوب عيناه وحرص على حصولها لأكبر قدر من المكتسبات التي ستحصل عليها من وضعة لتلك الخطة، وهي دخولها للكلية التي طالما حلمت بها وتمنتها وكانت ستحرم من دخولها لولاة.

ثار زيدان بعدما إستمع إلى إعترافات قاسم المهينة لكرامة إبنتة الأبية التي طالما عاملها بإحترام لكيانها منذ نعومة أظافرها، ودائما ما كان يزرع بداخلها أن الأنثي بلا كرامة كنهر جفت مياهة وأصبح بلا حياة بلا فائدة،
وما جعل الن. ار تش. تعل بصدره أكثر هو شعوره المخجل عند إكتشافة كم كان أحمق وتم التلاعب به وبصغيرتة من ذلك الحقير الذي طالما إعتبرة ولده، لكنه بالمقابل أصابه بالخزلان وخان وعدة.

جن جنونه ولم يعد في إستطاعتة السيطرة على غضبة، فهرول إلى قاسم وأحكم من قبضتاة على تلابيب جلبابة الصعيدي وتحدث بنبرة غاضبة وهو يهز جسده بعنف: للدرچة دي كنت شايفني مغفل ومليش جيمة يا واد، عملت لك إية لجل ما تعمل في بتي إكدة يا واكل ناسك، ده أني إعتبرتك ولدي اللي مخلفتوش من صلبي، أمنتك على وحيدتي اللي معنديش أغلي منيها، وبيدي اللي عايزة جطعها دي سلمتهالك.

وأكمل بجنون وهو يهزة بعنف أكثر تحت صمت قاسم وإنزال بصره للأسفل من شدة خجلة، وعدم مقاومته واضع كفاي يداه جانب بإستسلام: لية يا واكل ناسك، ليه
هرول قدري ومنتصر وفارس إلى زيدان، محاولون تخليص قاسم من قبضة يداه الحديدية، تركة زيدان بصعوبة بالغة.

حالة من الصمت إقتحمت المكان وأصابت الجميع بعد صوت عثمان الذي صاح به محذرا الجميع وإلزامهم بالصمت التام، تحدث قدري بنبرة ضعيفة مؤنب حالة: اللي حصل كلة كان غصب عن ولدي يا زيدان، إعتبرة ولدك وغلط وإديله فرصة تانية يا أخوي
إنتبة زيدان إلى قدري ونظر له قاطب بين حاجبية وتحدث متسائلا بنبرة ت كيكية: إلا جولي يا أخوي، إنت كنت خابر بالعملة المجندلة اللي عملة ولدك ببتي دي؟

تنهد قدري وظهر على ملامح وجهه الأسي وكاد أن يتحدث بالإنكار لولا صوت قاسم القوي الذي تحدث نافي ليعفو والده من حرج اللحظة ويبعده عن مرمي غضب الجميع ولعنتهم: أبوي ملوش علاجة بالموضوع يا عمي، أبوي عرف إمبارح زيه زييكم بالظبط.

رفع بصره سريع ونظر بقلب مفطور يإن ألم ويريد الصراخ على نجله الذي وبرغم كم مصائبة التي أتته على عجالة، مازال يحاول جاهدا أن يخفي أمر معرفتة بالأمر كي لا يجعل الجميع ينظرون إلية بإشمئزاز وإنتقاص لرجولتة
صاح قدري قائلا بعيون شبة دامعة بعدما قرر ولأول مرة المواجهه كرجل وأن يتحمل نتائج بعض أخطائة ليرفع عن صغيره كاهل الظلم الذي يقع على عاتقة: لساتك عتداري على أبوك يا قاسم حتى بعد كل اللي حصل لك بسببي؟

أني خابر زين ومتوكد إن أني السبب في توهتك دي يا ولدي، وإنت بنفسك جولتها لي جبل سابج، حجك عليا يا ولدي
ثم نظر إلى زيدان وتحدث بنبرة صادقة: أني عرفت جبل دخلة قاسم على صفا بأسبوع واحد يا زيدان، وأكمل وهو ينظر أرض من شدة الخجل: أني اللي أجنعتة يتمم فرحة على بتك لچل ما يتفادي غضب چدة علية بعد ما كان چاي ومصمم يعترف لكم باللي حصل ويفض خطوبتة على صفا ويتچوز من البت زميلتة.

وأكمل تحت تعجب قاسم وفارس اللذان ينظران له والذهول سيد موقفهما، بعد إستماعهما لأبيهما الذي طالما عاش حياتة لنفسه ولتحقيق أغراضه الشخصية وفقط، ولطالما كان المثال السئ للأب الذي لا يحتذي به ولا يدعوا أنجاله إلى التشرف به، بل وكان هو السبب الرئيسي لتشتت روحيهما وضياعهما وتوهتهما بالحياة.

قدري بنبرة نادمة وإستسلام: لو عاوز تحاسب حد على اللي حصل لك إنت وبتك، حاسبني أني يا زيدان، لأن أني اللي عملت إكدة في ولدي، أني اللي بطمعي وخوفي عليه من غضب چدة وطرده من نعيم چنته، چبرته وخيرته بين إنه يتچوز بت عمه وينول رضا چدة ويحفظ نصيبه من تركة العيلة، يا إما عغضب عليه وهتبرا منيه، وهددته إني عوصي الكل إني لو مت ميحضرش دفنتي ولا يجف ياخد عزاي.

نظر بعيون متأسفة نادمة إلى لقاسم الواقف بقلب يأن ألم من شدة حزنه على موقف أبيه المخجل الذي وضع بداخله والخزي الذي يشعر به الان، كان يريد أن يهرول إليه ويحتضنه ويطلب منه الصمت ليعفيه حرج وصعوبة الموقف
نظر لوالده وأمال برأسه جهة اليمين مترجي إياه بعيناه وتحدث بصوت متألم لأجل غاليه: بكفياك الله يرضي عليك يا أبوي.

أجابه بنبرة صوت محتقنة بفضل دموعه التي ولأول مره تحضر وتريد من يفسح لها المجال لتنطلق للخارخ معلنة عن حالة الفوضي والعصيان والتمرد التي أصابت داخله: لازمن أتحدت وابرئك من تهمة الخيانة يا ولدي، لازمن أطهر حالي من ذنوبي الكتير اللي إنت شيلتها بدالي
وأكمل وهو ينظر للجميع بجرأة جديدة عليه: إبني ملوش ذنب يا أبوي، ملوش ذنب يا زيدان، ملوش ذنب يا خلج، بلاش تحاكموه وتاخدوه بذنبي،.

رمقه زيدان بنظرات متهكمة وتحدث بإلقاء تهمة الكذب للأبن وأبيه: إوعاك تكون فاكرني مخبول لجل ما أصدج التمثلية الخيبانة اللي عتضحك بيها إنت وولدك علينا لجل ما تستغفلني من چديد؟
هتف عثمان قائلا بنبرة صوت ضعيف نتيجة خجلة الشديد: أخوك عيجول الصدج يا زيدان،.

وجه الجميع أبصارهم إلى كبيرهم، حين أكمل عثمان بقلب محمل بثقل بفضل الهموم التي تراكمت بقلبه جراء ما فعلته يداه بحق حفيده الأكبر وجوهرته الثمينة وأوصلهما بعناده إلى تلك الحالة المزرية.

وبدأ بقص تفاصيل تلك الليلة المشؤومة على مسامع الحاضرين: أكيد كلياتكم فاكرين زين الليلة اللي صفا دخلت لي اوضتي وبعدها قاسم حصلها، في الليلة دي صفا طلبت مني أحلها من وعدة چوازها من قاسم، جالت لي إنها إتفجت وياه على إنهم يحلوا روحهم من الچوازة دي وميكملوهاش، وجتها قاسم جالي نفس اللي جالة دلوك، إنه مجابلش على حاله يتچوز واحدة أعلي منيه،.

وأكمل بأسي وهو يهز رأسه عدة مرات متتالية بنظرا منخفض لأسفل قدماه: أني كمان مرحمتوش كيف أبوه ما عمل بالمظبوط، جولت له إني عحرمه من الميراث، جالي موافج ومعايزش منيك حاچة وأني كفيل بحالي،
وأبتسم ساخرا وأسترسل: فكركم رحمته على إكدة؟

جولت له هاخد منيك الشجة والمكتب والعربية اللي چيبتهم لك بمالي، أكمل بنبرة إنهزامية: وافج، لما لجيته لساته مصمم هددته وجولت له هسحب منيك كل ميلم في الحساب المشترك اللي بيناتنا في البنك، وياريتني إكتفيت على إكدة، ده أني كمان هددت صفا إني عسحب منيها المستشفي وعچوزها لحسن ولد منتصر وعجعدها في البيت لو موافجتش على چوازها منيه.

ثم أكمل بمرارة ظهرت بصوته: بس ميتا كان الخير في الچبر، ربنا يعلم باللي كان في نيتي وجتها ناحية أغلي تنين على جلبي،
واسترسل بمرارة تملئ قلبه: مكتش خابر إني بإكدة بأذية وبچبره على إنه يخطي برچليه أول خطوة ناحية بير الخيانة ويرمي حاله چواته بإرادته المچبورة
رفع بصره ونظر لداخل أعين قاسم وهتف بنبرة رجل منهزم: أني اللي فشلت يا قاسم مش إنت.

أردف زيدان بتعابير وجه مصدومة: يا أبووووووي، يعني كلياتكم كنتم خابرين وشاركتوا في دب. ح بتي وم. وت جلبها بالبطئ، كيف رضيتوا لها بال. ذل والم، هانة، كيف؟
وأكمل لائم لوالده ومتعجب: وإنت يا أبوي، جبلتها كيف على حفيدتك اللي عتجول إنك عتحبها!
تچوزها لواحد كارهها ومچبور عليها ليه يا أبو قدري؟
أنزل عثمان بصره هارب من عيناي زيدان المملوئة بالمعاتبة وإلقاء اللوم.

هتف قدري برجاء: خليك رحيم كيف ما أتعودنا دايما منيك يا زيدان، ولدي رايد بتك وبيتمني لها الرضا، رچعها له وخليه يعيش فرحته بحبلها وإبنه يتولد على إديه.

أما زيدان الذي خالف جميع التوقعات كباقي أشخاص الجلسة الإستثنائية التي ستكتب بتاريخ العائلة لغرابتها، فتحدث بشموخ ورأس مرفوع بكبرياء ضارب كل ما قيل من تبريرات بعرض الحائط وكأنه لم يستمع إليها من الأساس: بتي مهياش ملزمة لجل ماتصلح وتدفع من كرامتها وكبريائها تمن أغلاطك إنت وولدك يا قدري، من إنهاردة كل واحد عيحاسب على غلطه لحاله، وبتي مغلطتش وياكم في شئ.

وأكمل وهو ينظر لداخل عيناي قاسم بلوم: غلطها الوحيد إنها أمنت وسلمت للي ميستاهالش، يبجا الحج بيجول إنها تطلج منية وتكملوا حياتها مع واحد إبن حلال يعرف جيمتها ويستحجها بچد.
إتسعت أعين الجميع وكادت أعصاب قاسم أن تنفلت منه لولا فارس الذي تحرك إلية وأمسك ذراعه وهمس له وطالبه بالصمت كي لا يزيد من حدة وضخامة الوضع.

تحدث الجد متوسلا إلى زيدان: إهدي يا زيدان وخلينا نتحدتتوا بالعجل، ولد أخوك غلط وإنچبر وعطي وعد لراچل غريب عنينا، وكان لازمن يطلع راچل جدامة بعد ما إترچاه لچل مايستر عرض بته اللي كانت عتتفضح بعد ما ولد أخوك جعد خاطبها سبع إسنين بحالهم، وأكمل وهو ينظر إلى قاسم بإحتكار: اوعاك تكون فاكر إن بحديتي دي ببرر للخاين عملته السودا في حجنا وحج مرتة، أني بس حطيت حالي مطرح أبوها الدلدول اللي جبل بوضع مهين ليه ولبيتة، واللي منجبلوش على بناتنا منجبلوش على بنات الناس يا زيدان، واسترسل بإقناع زيدان: أجولك، خدها من باب الستر للبت يا ولدي وربنا بإذن الله هيچازيك خير النية.

وأكمل بترجي: ودالوك أني اللي عترچاك يا ولدي، رچع الدكتورة لشجتها وسبها منيها لچوزها واني واثج من عجلها زين، إعمل إكدة لچل خاطري يا زيدان
نظر لأبيه وتحدث بنبرة صارمة رافضة ذكرت الجميع بنفس موقفة بالماضي بقصة زواجة على ورد: خاطرك غالي على يا أبوي وفوج دماغي، بس متأخذنيش، أني سمعت كلامك ونفذتة جبل إكدة، وادي النتيچة جدامكم كلياتكم.

تحدث منتصر بتعقل: طب مش تسأل بتك اللول يا زيدان، مش چايز صفا حابة ترچع لچوزها وتربي ولدها في حضن أبوه؟
اجاب شقيقه متشبث برأيه: وإنت فكرك إني عتكلم من حالي إكدة من غير ما أكون متفج مع بتي وعارف رأيها زين يا منتصر؟

وأكمل بنبرة حادة ناظرا إلى قاسم: إسمعني زين يا ولد أبوك، أني دلوك اللي عحلك وهفك جيدك من الچوازة اللي مكناتش على كيفك ولا من مجامك يا حضرة الافوكاتوا، وأكمل بنبرة قاطعة تدل على مدي حسمة لقرارة: طلج بتي يا قاسم ودلوك.

نظر له وتحدث بنبرة ضعيفة نتيجة تأثره بما يدور من حوله من إعترافات المذنبين بحقه: أني يمكن في اللول عنادي ورفضي لفكرة إني أنچبر على حاچة صورت لي إني رافض ومطايجش الموضوع، بس ربنا يعلم إن من اليوم اللي كتبت فيه كتابي على صفا، وهي بجت كل دنيتي وبجت عنيا اللي عشوف بيها ونبض جلبي اللي ععيش ليه، أني مجدرش أبعد عن صفا لاني من غيرها كيف السمك لما يخرچوه من الماية.

ورفع كتفاه وأنزلهما وأردف بإستسلام: معتفهمنيش لية يا عمي، معجدرش على بعادها أني
أجابه بعناد: عطلجها يا قاسم لاني مهأمنش عليها وياك بعد إكدة
هتف قاسم بنبرة أكثر عنادا: جولت لك معطلجهاش ولو على موتي يا عمي، وعاوزك بس تعرف، إن محدش في الدنيي دي كلياتها عيحب صفا ويخاف عليها ويحميها كدي
تحدث فارس مترجي عمه بإستعطاف: سامح قاسم لجل خاطري عنديك يا عمي.

هتف عثمان بنبرة حادة بعدما رأي العناد والرفض القاطع بعين ولده: وبعدهالك عاد يا زيدان، أني ساكت ومراضيش أتحدت وسايبك تخرچ كل اللي چواتك لچل مترتاح، لازمتها إية كلمة الطلاج اللي عمال تعيد وتزيد فيها دي وإنت خابر زين إنه معيحصلش،
إتسعت عيناي زيدان وتحدث إلى والدة بطريقة حادة غير لائقة: يعني إنت يا أبوي عاوز ترخص بتي من چديد وترچعها للي چبل عليها الكسره والمذلة؟

وبعد جدال طال من الجميع إقترح منتصر بذهاب الجميع إلى صفا وعرض الموضوع عليها من جميع الجوانب كي تفهم المغزي من تصرف قاسم، وإقناعها بالرجوع، وبالفعل ذهب الجميع إليها حتى قاسم الذي سمح له زيدان بمقابلتها في حضور الجميع وذلك بعد إلحاح عثمان عليه.

ذهب الجميع عدا عثمان الذي نكس رأسه وبات يؤنب حاله ويجلدها، فمهما بين قوتة وصمودة أمام الجميع، إلا أنه كسر عندما شعر بالفشل الزريع لقيادتة لعائلتة والوصول بأحفادة لبر الأمان الذي كان يراه صوب عيناه، وأكتشف انه كان سراب، مجرد سراب لا أثر له، حتى زيدان الذي يعلم علم اليقين أنه على حق، ويبرر له كل الأحقية في الدفاع المستميت عن غاليتة، لكنة يضغط علية ويدعوة للتنازل والتسامح فقط من أجل تماسك العائلة وعدم إعطاء الفرصة لشماتة المترقبين للعائلة.

دلف من باب الغرفة التي تقطنها صغيرته، إنتفض قلبه وثار علية عندما رأها أمامه تجلس فوق فراشها والإجهاد والتعب يظهران بشدة على ملامحها، ود الإسراع إلى أحضانها وسحبها إلية ليضمها إلى صدره الملتاع بالإشتياق، ويطيب جرحها النازف بفضله،.

تمني لو أن له الأحقية بأن يخرج الجميع ويبقيا بمفرديهما، كي ينزل لمستوي قدميها ويقبلهما بندم ليطهر حالة من الذنب العظيم الذي إقترفه بحقها، أراد أن يريها بعيناها كم أصبحت قيمتها عندة للحد الذي يجعله يتنازل عن عزة نفسه وكرامته ويقوم بإذلال حاله عند الرضوخ تحت قدميها وتقبيلهما طلب للعفو والسماح
تحدث وهو ينظر إليها بوله وبصوت متألم لأجلها: كيفك يا صفا.

لم تعر لسؤاله ولا لوجوده من الأساس أية إهتمام، وكأنه أصبح هواء أو مجرد سراب ليس له وجود، عذرها وكظم أهاته وألامه بداخل صدره المهموم
تحدث منتصر إليها قائلا: چدك باعتنا ليك لچل ما تاچي ويانا وترچعي لشجة چوزك يا دكتورة، عيجولك إنه واثج في عجلك اللكبير وإنك عتحطي مصلحة العيلة وتحلي الموضوع بالراحة بينك وبين چوزك من غير محد يدري من النچع ونشمتوا فينا الخلج.

إبتسمت بخفوت حين تحدثت رسمية بنبرة أكثر تعقلا قائلة: وهي ست البنات عتجول إية غير إنها موافجة ترچع وتعيش ويا چوزها لچل ما يربوا ولدهم اللي چاي بيناتهم، بس طبعا مش دلوك يا منتصر، هي عتجعد في دوار أبوها كد إسبوع إكدة لچل ما أمها تغذيها وتغذي ولدها زين، وبعدها قاسم هياچي ياخدها على شجتها كيف الملكة
وأكملت متسائلة بإبتسامة: مش إكدة يا زينة البنتة؟

ضحكت بخفة وتحدثت بنبرة ساخرة: لا يا چدة مش إكدة، أني بنفسي اللي هاچي لحد السرايا وأحب على رچل حفيدك اللكبير واتأسف له وأطلب منيه السماح والمغفرة، بيتهئ لي دي يرضيكم أكتر
ثم نظرت إليهم بغضب وتحدثت: إنتوا عتتكلموا چد ولا عتهزروا، أصلكم لو عتتكلموا چد تبجا مصيبة وعيبة كبيرة جوي في حجكم يا نعمانية.

تحدث منتصر بنبرة حنون مقدرا وضع إبنة اخيه النفسي: أني عارف إنك غضبانة ومحدش يجدر يلومك على إكدة يا بتي، بس فيه حاچات كتير حصلت قاسم عيحكي لك عليها ويتأسف لك جدام الكل ويحب على راسك ويدك كمان
أجابت عمها بنبرة صارمة: هو كان داس على رچلي من غير مايجصد إياك يا عمي لچل مايعتذر لي ويحب على راسي؟

وأكملت بشموخ: اللي عيعتذر وينجبل إعتذاره، هو اللي بيعمل الغلط من غير مايجصد يهين أو يچرح بيه غيره، وأكملت بنبرة صارمة: لكن إبن أخوك خطط وجرر ونفذ في سبع سنين بحالهم، يعني چريمة كاملة مكتملة الأركان ومع سبج الإصرار والترصد، كيف مابيجول الأفوكاتوا اللكبير وهو بيترافع في المحكمة جدام الجاضي.

هتف بنبرة هادئة قاصدا بها إمتصاص موجة الغضب التي تتملك منها: إهدي يا صفا علشان خاطر ماتتعبيش تاني، وخلينا نجعدوا لحالنا وأني عفهمك على كل حاچة، فيه تفاصيل إنت متعرفيهاش ولازمن أجولها لك لوحدينا
إبتسمت ساخرة وتحدثت بنبرة تهكمية: معايزاش أتعبك وياي يا متر، وفر مبرراتك وجهدك اللي عتضيعه في كلام فاضي مهيفرجش معاي، وأكملت وهي ترمقه بنظرة إشمئزاز: ولا هيخليني أرچع أشوفك في عيني راچل من تاني.

إشتعلت النار بصدره من إهانتها له وما شعر بحاله إلا وهو يهتف بنبرة غاضبة: صفاااا، ما تستغليش وضعك وغلاوتك چوة جلبي وتجولي كلام تتحاسبي عليه بعد إكدة يا دكتورة.

ضحكت ساخرة مما زاد من إشتعاله وتحدثت هي بتهكم: هو إنت لساتك عتحاسبني يا متر، ده انت يا راچل حاسبتني على اللي حتى معملتوش، وأكملت بنبرة حادة وملامح وجة صارمة: روح لحالك ويلا كلياتكم برة عشان عاوزة ارتاح، وجولوا لچدي لو السما إنطبجت على الأرض أني مهرچعش للي خان وغدر وأدي له من تاني الأمان، جولو له كمان صفا عتجولك مش عترچع مش بس لو سحبت منيها المستشفي، لااا، أني مهرچعش حتى لو جطع من چسمي حتت ورماها للكلاب،.

ثم رمقت قاسم بنظرة غاضبة وهتفت بنبرة حادة: وإنت، لو لساتك راچل وعنديك نخوة تطلجني دلوك
إتسعت عيناة من هول ما أستمع وتحدث بنبرة حادة وهو يجز فوق اسنانة: ماشي يا صفا، حسابنا بعدين على كل الغلط دي، مش وجتة
حين هتفت رسمية بنبرة حادة: عيب الحديت اللي عتجوليه لچوزك ده يا صفا
أجابتها بنبرة صوت حادة: العيب للي يعرفوا العيب ويخشوه يا چدة، ودلوك يلا فارجوني، معيزاش أشوف حد منيكم إهنيه.

وأكملت بنبرة حادة وصريخ يدل على عدم إتزانها ووصولها لمدي غضبها: إطلعوا برة كلياتكم، جايين بوش مكشوف وعين بجحة جوية تچبروني لچل ما أرچع للي غدر بي واتچوز على وأني لساتني عروسة مفرحتش حتى بهدوم چوازي؟

ثم نظرت إلى منتصر الواقف بخزي وهتفت بنبرة غاضبة: لو كانت مريم اللي چوزها غدر بيها ورخصها كيف ماعمل وياي ولد أخوك؟، كنت هتجولها بردك ترچع لچوزها يا عمي؟، كت هترضي بالذل والمهانة على بتك، ولا كنت عتخرب الدنيي وتطربجها على دماغ الكل كليلة عشانها.

وأكملت وهي تفرق نظراتها الكارهة للجميع بإشمئزاز: يا عيب الشوم عليكم وإنتوا چايين وهزين طولكم لچل ما تاخدوني وترموني كيف الچارية تحت رچلين سي قاسم النعماني، لجل ما يكمل ذل ومهانة فيا أكتر.

تحدث زيدان الذي كان واقف عند مدخل باب الحجرة كي لا يقال أنه كان يؤثر على قرارها: معرفتيش لسه الچديد يا بتي، قاسم بيه اللي چايين اهلك لچل ميرچعوكي ليه، معيطلجش مرته المصراوية، عيجول إنه ميجدرش يطلجها جبل سنة عشان مدي وعد لأبوها.
نظرت إليه وهتفت بعيون تطلق شزرا: طلجني يا قاسم وخلي عنديك كرامة.

أجابها بهدوء في محاولة منه لإمتصاص غضبها العارم: جولتها لعمي وهجولها لك تاني يا صفا، معطلجكيش لو على موتي لأني مهعرفش أعيش من غيرك، هصبر عليكي لحد ما تهدي وترضي، مش هزهج من إني أچي لك كل يوم وأطلب منيكي السماح والرضا لحد مترضي يا غالية، وعاوزك تتوكدي إن أنا وإنت مهينفعش نبعد عن بعض، لأني مصدجت لجيتك ولجيت روحي الضايعة وياك
وأكمل بنبرة صوت مختنقة بفضل رغبته في البكاء: خلي بالك من نفسك يا حبيبتي.

قال كلماتة وهرول سريع إلى الخارج متجه إلى الإسطبل، حيث إمطتي حصانة العربي الأصيل وتحرك به منطلق إلى الخارج
أما هي فكانت تنظر بصمود أمامها في نقطة معينة على الجدران، تركها الجميع وتحركوا للخارج تاركين لها المجال كي تختلي بحالها، حتى ورد
زفرت بضيق وشعرت بنار شاعلة تقتحم صدرها حين علمت صحة ما أخبرتها به تلك الشمطاء المسماة بليلي، وتذكرت حديثها المسموم التي أخبرتها به قبل الساعتان من الان.

عودة إلى قبل ساعتان من الوقت الحالي
كانت ليلي تقف بداخل شرفتها تحتسي مشروب باردا وتنظر على منزل زيدان بتشفي بعدما عادت إلية صفا مثلما خرجت، إشتعل صدرها عندما وجدت مريم تحمل صغيرتها وتدلف إلى منزل عمها، تجهزت سريع وهبطت الدرج بعدما إنتوت الذهاب إليهما كي تفسد عليهما جلستهما.

دلفت إلى الغرفة الجانبية التي سكنتها صفا مؤقت كي لا تصعد الدرج حتى لا يتأذي جنينها مثلما أخبرتها أمل وحذرتها الحركة وتجنبها لصعود الدرج، وجدت ورد ومريم يجاورا صفا التي تجلس بملامح وجه حزينة مهمومة
وقفت ورد وتحدثت إلى ليلي بوجة مقتضب: خطوة عزيزة يا ليلي، أني هدخل المطبخ أكمل العشا
وأكملت وهي تنظر إلى مريم بحديث ذات مغزي: وإنت يا مريم، خلي بالك على بت عمك ومتتعبيهاش بالحديت.

تفهمت مريم حديثها وأومات لها، في حين جلست ليلي وتحدثت غير مبالية بحديث ورد التي تعلم أنها المقصودة بمغزاه: عاملة اية دلوك يا صفا، الله يكون في عونك يا بت عمي في المصيبة اللي حطت على دماغك، أني لو مكانك كنت روحت فيها.

وأكملت بنبرة شامتة ووجه مبتسم: أصلها واعرة جوي على الواحدة منينا إنها تعرف إن چوزها اللي إتمنته من صغرها وحلمت يكون راچلها، وفكرت بغبائها إنها ملكتة لما إتچوزته، يطلع عشجان لغيرها وواجع فيها لشوشته، وكمان إتچوزها عليها وهي لساتها في شهر العسل، ومش بس إكدة، ده كمان بيموت في التراب اللي عتمشي عليه التانية وبيتمني لها الرضا ترضي.

كانت تستمع لها بقلب يتمزق ألما، نهرتها مريم قائلة بنبرة حادة: إجفلي خاشمك وبطلي حديتك السم دي يا ليلي، إنت شايفة إن دي وجت الحديت دي؟
إدعت الحزن وتحدثت بنبرة خبيثة: مش بوعي بت عمي وأرسيها على الموضوع بدل ماتفضل على عماها إكدة،
ثم نظرت إلى صفا وهتفت بخبث: اسكتي يا صفا، ده الموضوع طلع من ياچي تمن سنين وإحنا مدريانينش، أتاري قاسم أخوي كان خاطب زميلته المحامية دي من سبع سنين وواقع لشوشتة فيها.

جحظت عيناها بذهول حين صاحت مريم قائلة: بكفياك عاد يا ليلي، يلا جومي من إهنية، الدكتورة جالت إن صفا لازمن ترتاح
تحدثت صفا بنبرة جادة وملامح وجه صارمة: سبيها تكمل يا مريم، اني عاوزة أسمع.

إبتسمت ليلي وبدأت بقص ما أخبرته عنه والدتها بشأن قصة غرام قاسم لإيناس بل وزادت عليه، ضاربة بتنبيه والدتها لها عرض الحائط، فقط كي تشفي غليلها وهي تنظر بشماتة لتعابير وجه صفا التي تتألم عند إستماعها لكل كلمة من حديث تلك الحية الرقطاء
بعدما إنتهت تحدثت مريم: خلاص يا ليلي، إرتاحتي إكدة لما بخيتي سمك وسممتي بية بدن المسكينة
تحدثت بتاثر مفتعل قائلة: يعني بردك طلع الحج عليا يا مريم؟

وتنفست براحة وتحدثت إلى مريم كي تسمم علاقتها بزوجها هي الاخري: حجك تحمدي ربنا كل يوم يا مريم وتشكرية على چواز أشجان بت خالتي، لولا إكدة كان زمان فارس أخوي سابج قاسم وواخد حبيبة اللي عاش عمرة كلة يتمني تراب رجليها جواة حضنة ومخلف منيها كمان.

نزلت تلك الكلمات المسممة على قلب مريم البرئ احرقتة، حيت هتفت ليلي إلى صفا بنبرة شامتة: كنت هنسي يا صفا، مبروك عليك الحبل اللي ملحجتيش تفرحي بية، أكيد العروسة الچديدة هي كمان حامل وهتچيب لقاسم أخوي الواد، وأكملت بنبرة حاقدة: وإنت أكيد مهتچبيش غير بت وتجطعي على إكدية كيفك كيف أمك بالمظبوط، ما هو المثل عيجول، إكفي الجدرة على فمها، تطلع البت لأمها.

نظرت لها صفا وتحدثت بنبرة حادة: كان نفسي أرد عليك الرد اللي يليج بعجربة زيك، بس حظك إني متربية وبخاف ربي ومعشمتش في عطاياة ومنحة اللي عيدهالنا على شكل محن، روحي لحالك الله يسهلك بعيد عنينا، وياريت ماتكرريش الزيارة دي تاني، لاني مبجتش أطيج أشوفك جدامي
ضحكت بشدة وتحدثت ساخرة: متخافيش، الزيارة مهتتكررش يا دلوعة أبوك، وإن كنت إنت معطجيش تشوفيني جدامك جيراط، أني معطيجش ابوص في خلجتك أربعة وعشرين،.

وأكملت بشماتة تدل على شخصيتها المريضة الغير سوية: أني بس حبيت أجي وأعرف كل واحدة فيكم مصيبتها وخيبتها التجيلة، فرحانين بالحبل والولادة وإنتوا رچالتكم مچبورين على عشرتكم السودا، كل واحد فيهم عندية عشيجة مالية جلبه وعجلة وهيجبر حاله لجل ما يبص في خلجتكم العكرة
وأطلقت ضحكة شريرة وخرجت تاركة قلبي كلاهما ينزف ألم
عودة إلى الحاضر.

سقطت دمعة هاربة من عيناها مسحتها سريع، وذلك لإمتثالها لوعدها التي قطعتة لحالها على عدم ضعفها لمن دهس كرامتها حتى أصبحت هي والارض سواء.

دلف إلى المنزل عند بزوغ الفجر بعدما قضي ليلة وهو يمطتي حصانة العربي ويجوب به كالمجنون في الأراضي الواسعة المملوكة لچدة، وذلك بعد رفض زيدان القاطع لرجوع صفا إليه وإخبارة لوالده انه قرر هو وصفا بقائها في منزلة حتى نهاية العمر لو لم يتم الطلاق.

تحرك إلى غرفة إجتماع العائلة بعدما رأي نورها مشتعل وتأكد من وجود جدة بها، فهو دائما يقضي صلاة الفجر ويتحرك إليها ليجلس فوق مقعدة المخصص له ويمسك مسبحتة ويقوم بذكر الله حتى بزوغ الشمس وظهور أول خيط ذهبيا لها.

أمسك مقود الباب وتنفس عاليا ليستعد لحديثة ثم أداره وفتح الباب بعد طرقة بخفة، ونظر على ذلك الجالس ورأسه منكس يبصر لأسفل قدمية والحزن والأسي والخزلان يتملكوا من ملامح وجهة المجعدة بفضل ما فعلت به السنوات.

تحرك بخطوات بطيئة وساقان يجرهما حتى وقف أمامة، لم يكلف عتمان حالة عناء النظر لوجهة وضل ثابت على وضعة، وبلحظة خر بساقية راميا جسدة بإستسلام تحت ساقاي عثمان كملك مهزوم أرهقتة كثرة المعارك الخاسرة، رفع رأسة وهو ينظر لعيناي چده الذي يحيل بهما عن ناظرية وكأنة يعاقبة بتلك الطريقة.

إقشعر جسد عثمان وانتفض عندما رمي قاسم رأسه فوق ساقاي جدة وتنهد بألم وأستسلام، شعر بتيهة روح حفيدة وعلم أنه وأخيرا رفع راية الإستسلام من حالة العند والمكابرة
رغبة ملحة كانت تطالبه أن يضع كف يده الأصيل على رأس حفيده ويطمأن روحة التائهة، لكنة ضل على وضعة كي يشعرة بقبح ما أقترفت يداه بإبنة أبيها الغالية وأثمن جواهر عثمان.

همس قاسم بترجي وهو مازال ملقي برأسه فوق ساقاي جده يتمسح بهما كقطة سيامي: أني عاوز مرتي يا چدي، أحب على يدك ترچعها لي
أخذ عثمان نفس عميق ثم أخرجة بهدوء وتحدث بصوت مهزوم حزين: ماكانت وياك، إختارت لك أغلي چواهري وأندرهم، حطيتهالك چوة حضنك بالغصب وأني عارف إنها هي اللي عتمسك بيدك وعترچعك من أرض التيهة اللي رميت حالك فيها وبجالك ياما عتلف فيها من غير ما تمل ولا تكل،.

وأكمل بنبرة ضعيفة: جولت لحالي بنت أبوها الزينة هي اللي عتردك لأصلك وأرضك، عملت إية، بدل ما تمسك يدها وتتبت فيها وترچع لي، مسكت خنچر مسموم ودبيتة في جلبها البرئ وكسرت بيها ضهر أبوها اللي أمنك عليها، وكسرتني في شيبتي
رفع رأسه له ينظر إلية بتيهة وهتف بصوت يإن ألم: معجدرش أعيش من غيرها ولا هي هتعرف تعيش بعيد عن حضني، أني عاوز مرتي لجل ما أضمها جوة حضني وأطيب چراحها.

رد علية عثمان بنبرة قاسية: ميتا كان الجاتل هو الطبيب يا أبن قدري
سأل جده بنفس النبرة الضعيفة: أول مرة تجولي يا أبن قدري؟
أجابه جده قائلا بتفسير: عشان لأول مرة أحس إن كل اللي عملتة معاك راح مع أول ريح عاتية، وكأني كنت ببني بيت على الرملة وجت الريح هدت ومسحت معاها كل تعب السنين.

تنفس عتمان وأكمل بتذكر: زمان لما أبوك چابك إهنية ورماك تحت رچليا كيف جعدتك دي بالظبط، جالي خد قاسم يا أبوي وحطة تحت چناحك وعلمة لجل ما يكون راچل زين شبهك.

فرحت ببك لأنك كنت چاي لي في أشد إيامي وأصعبها، كنت لساتني خالع ولدي الخلوج أبو جلب كيف الذهب ورامية برة أرضة بيدي، كانت روحي مدبوحة وچيت إنت طيبتها بنظرتك البريئة اللي تشفي العليل، شفت جوات عنيك نفس بصة عمك الحنينة، طيبت چراحي بضحكتك اللي كانت عتهون عليا كتير، خدتك تحت چناحي وكبرتك على المبادئ والأخلاج والخشي من الله، شفت فيك خلفي وجهزتك لجل ما تكون كبير عيلتك الحكيم وأسلمك زمام عيلتي من بعدي،.

واسترسل حديثه قائلا: إتمردت وشردت عن أصلك، جولت سيبة يا عثمان ومتخافش علية، ده تربية يدك ومهيشردش كتير، عيرچع،.

لما كبرت وبجيت أفوكاتوا جد الدنيي واختارت تعيش لحالك في مصر، جولت سيبة يا عثمان، عيرجعة أصلة وترببتك الزينة لية، واكمل بنظرة رجل زادتة تجاعيد وجهه خبرة ومعرفة يصعب على غيرة إكتشافها: كنت عشوف عشج بت عمك ساكن چواك وإنت بتدوس علية وتخنجة بكل جوتك عشان تدفنة، مكنتش عشوف ضحكتك ووشك اللي عينور غير لما تاچي ست البنات وتجعد جصادك وتاكل، مكنتش تبص إلا للي في صحنها لجل ما تجسم وياها لجمتها وتاكل منيها وتحس بطعم وحلاوة اللجمة في حنكك. ، كنت بشوفك وإنت عتهرب بعيونك وتجفلها لجل ما تمنعها إنها تبص عليها وتتملي في صنع ربنا اللي أبدع في چمال روحها جبل وشها.

كان ينظر إلية بعيون متسعة من شدة ذهولها، يستمع إلية ويسترجع ذاكرتة ومواقفة التي تمر أمام عيناة كشريط سينمائي، ذهل من حقيقة مشاعرة التي كانت تائهة عنة كروحة، الأن وفقط فهم مغزي شعورة الهائل وهو ينظر لبحر عيناها العميق ليلة دخلتة عليها، الان فهم معني إستكانة روحه وسلامة الداخلي الذي شعر به عندما إمتلك روحها ووضع صك ملكيتة الذي شهد على عفتها وطهارتها ونقاء روحها الطاهرة.

حين أكمل عثمان حديثه: تمردك وعصيانك عليا وعلى عيلتك، منعك حتى تعترف بعشجها بينك وببن حالك، ولما لجيتك سايج في العوج، جبتهالك بيدي ودخلتها جوة حضنك
ثم نظر له وتحدث بإنهزام: بس إنت طلعت كيف أبوك بالظبط، أبوك هو كمان راح رمي حالة في حضن حرمة مهشكة، بس أبوك لية عذرة، كان عيدور على راحتة اللي ملجهاش عند بت سنية اللي مفضياش غير لرسم الخطط، كان عيدور على هيبتة اللي إتهرست تحت رچلين عشج أمك الملعون.

كان يستمع لجده بذهول، والأن عرف بسر والده ولم يستغرب كونه خائن، فقد علم بأنها چينات قد ورثها عن أبية
أكمل عثمان بنبرة لائمة: لكن إنت ليه قاسم، ده أني إختارت لك فرسة أصيلة لجل ما تطاوعك وتكون وياك على الحلوة والمرة، ولما تشرد بيها تچمح وتعصي عليك لجل ما ترچعك لعجلك تاني ولأصلك.

تحدث مترجي بإستعطاف: طب رچعها لي وأني أوعدك مهخليش النسمة تعدي من چارها، هشج صدري وأحطها چواتة لجل ما أخبيها من العيون وأحافظ عليها
إبتسم عثمان واجابه بخفوت: فرستك جمحت وأعلنت عصيانها عليك، روح رچعها وخدها من حضن أبوها لو تجدر
نظر له مستعطف وهتف بنبرة مترجية: إنت هتساعدني وترچعها لحضني من تاني، عمي زيدان معيجدرش يرفض لك طلب، زمانة هدي وعيفكر بعجل ويسمع كلامك.

أجابه بنفي: تبجا متعرفوش، عمك زيدان دلوك كيف الأسد المجروح، اللي هيجرب من بتة عيجطعة بسنانة مهما كان هو مين، واكمل متسائلا: فكرك زيدان سلمني زمام بتة لية؟
نظر له ينتظر تكملة حديثة فتحدث عثمان: عشان كان متوكد إني مهفرطش في أغلي جواهري، وعارف إني عسلمها لراچل زين عيصونها ويحطها چوة عنية.

ثم هز رأسه مرارا وتحدث بنبرة إنهزامية: لكن إنت مطلعتش جد الوعد، خنت وغدرت وطعنت في الضهر يا ولد أبوك، طلعت كيف أبوك بالظبط.

إنتفض من جلستة ووقف سريع ودار بالغرفة مثل الأسد الجريح وصاح بنبرة غاضبة: أني مش كيف أبوي ولا عمري هكون زيية، أني قاسم النعماني، شبية حالي وبس، ومهسمحش لحالي أكون نسخة مكررة من حد، سامعني يا چدي، أني مش زي حد، وبلاها كمان من مساعدتك دي، وأكمل بنبرة أكثر حدة: ومرتي أني هعرف أراضيها وأرچعها لحضني من تاني، وهاخدها هي وولدي ونبعد من إهنية، هعيش وياها بجانون قاسم النعماني وبس، جانون الرحمة وعدم الإچبار، هربي عيالي منيها على الحرية وإن كل واحد منيهم يعمل اللي يشوفة صح من وجهة نظرة هو وبس.

كان يستمع إلية ويبتسم بخفة ثم تحدث بنبرة مهمومة: لساتك مشبعتش تيهة وشرود يا قاسم، لساتك عتكابر وعاوز تهرب من أصلك يا ولدي
ثم تنهد وتحدث بنبرة تعقلية: مفيش دنيا بتمشي من غير جوانين وكل واحد يعمل اللي على كيفة يا ولدي، إكدة نبجا عايشين في غابة.

ثم تنفس عاليا وتحدث: إنت الوحيد اللي جادر تعرفنا كلياتنا إنك مش كيف أبوك، مستني أشوف حفيدي اللي رببتة على العجل والحكمة والاخلاق عيخرچ حالة كيف من الورطة اللي وجع حالة فيها بيدة، ورينا عترچع بت أبوها العالية كيف
نظر إلى جده بغضب وخرج كالإعصار وصعد إلى الأعلى سريع.

بعد مرور إسبوع
داخل قاعة المرافعات الخاصة بمحكمة النقض
وبالتحديد داخل إحدي الجلسات المنعقدة لبحث قضية رجل الأعمال الشهير أمجد التهامي والذي لفقت إلية تلك القضية من قبل أعدائة عادمي الضمير داخل سوق العمل المشترك بيهم.

كان يقف أمام هيئة المحلفين المكونة من قاضي جليل وهيئة إستشارية متخصصة، يتحدث إليهم بكل طلاقة وجسارة كعادتة، فدائما كانت المرافعات تمثل له الحياة واللذة والنجاح الحقيقي والوحيد الذي إستطاع تحقيقة، فدائما ما يشعر وهو يترافع أمام هيئة المحلفين بأنه داخل إحدي ساحات المعارك العظمي التي طالما خرج منها كملك منتصر.

أنهي قاسم حديثه الصارم والذي كشف به لهيئة المحكمة برائة موكلة وأن القضية ملفقة ويوجد ورائها دافع الحقد والغيرة وقصد الإضرار بالمدعو أمجد التهامي.

هتف قاسم بثقة وجسارة وهو يرفع قامتة منتصب الظهر واثق بحالة كعادتة: وبعد إطلاع هيئة المحكمة الموقرة على المستندات والأدلة التي لا تقبل الشك والتأكد من صحتها، أرجو من سيادتكم الحكم ببرائة موكلي من التهمة المنسوبة إلية وفورا، وذلك لثبوت برائتة من تلك التهم التي لفقت إلية من خلال منافسية عديم الشرف والمروئة، حيث قاموا بها بدافع الإيقاع بموكلي والإضرار بسمعتة الطيبة التي دائما ما أتسمت بالنزاهة والشرف، وأكمل بثقة عالية: لذا أرجو من عدالتكم تنفيذ القانون وفورا لتأخذ العدالة مجراها الصحيح من خلال حكم عدالتكم الحق، وشكرا لسعة صدركم لمرافعتي.

كان أمجد يجلس وهو ينظر علية بإعجاب لطلاقتة بالحديث وثقته العالية رغم صغر سنة الذي لم يتعدي الرابعة والثلاثون
جلس بجانب إيناس الحاضرة لكونها شريكتة بالقضية والتي تحدثت بنبرة حماسية: هايل يا دكتور، مرافعة تاريخية تنضم لتاريخ مرافعاتك المميزة، أكيد هيئة المستشارين هيحكموا بالبرائة.

وأكملت بنبرة أكثر حماسة برغم إشاحة قاسم ناظرية عنها وعدم تكليف حاله عناء النظر إلى وجهها البغيض بالنسبة له: عندي إحساس قوي، إن القضية دي هتكون نقلة كبيرة لمكتبنا في دخولة الحقيقي من أوسع الأبواب لعالم قضايا كريمة المجتمع وصفوتة
إبتسم بخفوت وأجابها بحديث ذات مغزي: هي فعلا هتكون نقلة كبيرة وليك أكتر يا أستاذة.

إبتسمت بغباء غير مدركة لما يتم تخطيطه لها من قبل ذلك الغامض الذي يجاورها ويبدوا على ملامح وجهة الهدوء
قاطعهم صوت حاجب المحكمة الذي نطق بصرامة جملتة الشهيرة: محكمة
وقف الجميع وخرج القاضي وبجانبة المستشارين المصاحبان له وبعد الجلوس تحدث القاضي: بعد الإطلاع على المستندات والأدلة وصحة ثبوتها، قررنا نحن ببرائة المدعي علية أمجد أحمد حسين التهامي، الشهير ب أمجد التهامي من التهم المنسوبة إلية، رفعت الجلسة.

حالة من الهرج والتصفيق الحاد ملئت القاعة من قبل أنصار أمجد، أما قاسم فقد إنتابتة حالة من السعادة وتنفس بإنتشاء يدل على مدي راحتة
وقف أمجد وبسط ذراعة موجهة نحو قاسم وتحدث بإبتسامة خافتة وثبات إنفعالي رهيب يحسد علية، فمن يراه الأن لم يصدق أن ذاك الرجل ذو الملامح الحادة الباردة قد حصل للتو على حكم بالبرائة من قضية كادت ان تزج به داخل السجن ويقضي به عدة أعوام ليست بالقليلة.

تحدث أمجد بنبرة واثقة: مبروك عليك شهرتك وقضايا شركتي اللي هنقلها كلها لمكتبك يا متر
إبتسم قاسم ببرود مماثل له وتحدث بلباقة: شرف كبير لمكتبي نقل قضايا شركة سعادتك أمجد باشا، وألف مبروك على البرائة.

وشكر أمجد ايضا إيناس بإمتنان وتحرك ثلاثتهم خارج القاعة وتحركوا داخل رواق المحكمة ليتفاجاوا بوجود الكثير من الكاميرات التي تلتقط لهم الصور ووجود بعض مذيعي بعض القنوات التلفزيونية الذين حضروا لينقلوا تبعيات اخر مستجدات المحاكمة الخاصة برجل الأعمال الشهير بالعاصمة وايضا بعض رجال الصحافة.

تحدثوا إلى أمجد الذي تحدث عن نزاهتة وأشاد بثقتة المطلقة بنزاهة القضاء المصري، وأشاد أيضا بقاسم ولم يخلو الأمر من التفاخر وكسب إحترام المشاهدين له حيث تحدث بنفاق: انا لما أختارت قاسم النعماني علشان يمسك لي القضية، إختارتة من باب تشجيعي للوجوة الشابة وإعطائهم فرصة النجاح والظهور، وأكمل: قولت لنفسي، أظن كفاية كدة على الحيتان الكبار اللي ليهم سنين محتكرين المهنة، وواخدين كل قضايا البلد لحساب مكاتبهم الكبيرة، جه الوقت علشان الشباب تثبت جدارتها وتاخد فرصتها.

كان يستمع له ويبتسم من داخلة على نفاق ذلك المدعي الذي لم يفلت تلك الفرصة كي يستغلها لصالحة حتى لو بالكذب والتلفيق،.

أما قاسم الذي نقل إليه الحديث حيث وجة له وسأله أحد المذيعين عن الإجراءات التي سيتبعها بعد، فتحدث بثقة نالت إستحسان أمجد بجدارة: خطوتي الجاية إني هقدم بلاغ للنائب العام أتهم فية كل من له يد وثبت تأمرة على تشوية سمعة موكلي عن عمد، وهنطالب بمحاكمتهم أمام المجتمع لكي يكونوا عبرة لمن تسول لهم انفسهم بتشوية سمعة الناس بالباطل، وبعدها هنطالب بتعويضات مالية ضخمة تعويض عن ما سببتة القضية من أضرار نفسية واجتماعية وقعت على موكلي.

قامت إحدي المذيعات بسؤال قاسم قائله: إحنا عرفنا إن فية محامية من مكتبك ساعدتك في القضية دي، وسمعنا كمان إنها مش أول قضية تشتغلوا عليها مع بعض، وأكملت: نقدر نفهم من كده إن حضرتك بتؤمن بنجاح المرأة وبعقلها الواعي وإستحقاق إعطائها الفرص الكاملة لإثبات ذاتها داخل سوق العمل؟
نظر إلى إيناس وابتسم بخفوت واشار لها وتحدث: أكيد طبعا بأمن بدور المرأة الفعال في نجاح أي عمل بتشترك فيه.

إبتسمت إيناس ورفعت رأسها بشموخ، أعادت المذيعة توجية السؤال مرة أخري إلى قاسم قائلة: يا تري هنشوفكم مع بعض مرة تانية في قضايا تشغل الرأي العام وتكون حديثة زي قضية رجل الأعمال أمجد التهامي؟

إبتسم بخفة وشد جسده لأعلي بصلابة وتحدث بما جعل إيناس توشك على إصابتها بسكتة دماغية من شدة فورانها: للأسف الشديد، ده كان اخر تعامل بيني وبين الأستاذة إيناس، بس فيه مفاجأة حلوة تخصها مستنياها بكرة، وهو إفتتاح مكتبها الجديد هي والأستاذ عدنان أخوها، وده هيكون جزء بسيط كتقدير مني وتعبيرا على تعبهم معايا طول السنين اللي فاتت في المكتب بتاعي،.

وأكمل مفسرا أمام الكاميرات: ماحبتش أكون أناني وأفضل محتكر موهبتهم الفزة، وحابس ذكائهم جوة إسم مكتب قاسم النعماني
ونظر لتلك المذهولة التي تنظر إلية بعيون متسعة بشدة أثر هبوط ذلك الخبر على عقلها كصاعقة كهربائية كادت أن تودي بحياتها، وهي تتنفس بصدر يعلو ويهبط من شدة إشتعالة، وتحدث هو ببرود وأبتسامة سمجة: مبروك المكتب الجديد يا أستاذة.

ف. جر قنبل. تة وارتدي نظارتة الشمسية وأنسحب بلباقة قاصدا الخارج تحت قهقهة أمجد التي لم يستطع كظمها بعد إعجابه الشديد بذلك الذي فعل ما برأسه، ضارب بكل شئ عرض الحائط، رغم تخطيط إيناس بجعله مكبلا بقيدها.

صاحت بإسمة بعد أن إستوعبت صدمتها، وأنسحبت بإبتسامة مزيفة أجادت صنعها بصعوبة بالغة حفظا لماء وجهها، هرولت خلفة بخطوات واسعة لتلتحق به وتجاوره الحركة، وهتفت متسائلة بنبرة غاضبة: الكلام الفارغ اللي قولتة للمذيعة جوة ده حقيقي؟
أجابها ببرود وهي يتحرك للأمام بخطوات واثقة: من إمتي وأنا بهزر في شغلي أو في حياتي عموما علشان أقول خبر مهم زي ده من غير ما يكون فعلا حقيقي!

وأكمل معللا: المفروض إنك حافظة شخصيتي بحكم السنين الكتير اللي قضيناها مع بعض في الشغل يا أستاذة.
أجابتة بجنون: مش من حقك تمشيني بالشكل المهين ده بعد كل اللي عملته علشانك، وعلشان المكتب يوصل لمكانته اللي أصبح عليها بفضل مجهودي
توقف عن الحركة ونظر إليها ثم أجابها بمراوغة وبرود أشعل روحها: وهو أنا لاسمح الله كنت طردتك من المكتب! ده أنا كافأتك على تعب السنين ومجهودك زي ما بتقولي.

ونظر لها وابتسم ساخرا وأردف قائلا بما جعلها تشتعل: هي دي كلمة شكرا على المفاجأة اللي ليا أكتر من إسبوعين بجهز لك فيها؟!
نظرت له وتحدثت بلغة التهديد وثقة زائدة عن الحد: مش هتقدر تنفيني من المكتب بالطريقة المهينة دي يا قاسم، أمجد التهامي اللي أنا تعبت لحد ما وصلت له وأديتك الخيط اللي إنت مشيت علية علشان تكسب القضية اللي خلت المذيعين والصحفيين يتسابقوا علشان يسجلوا معاك ويشيدوا بنجاحك المبهر ده،.

وأكملت بتهديد: هو اللي هيأمرك بإنك تلغي كل الترتيبات اللي تعبت نفسك في تجهيزها دي وترجعني تاني لمكتبك وإلا، هخلية يسحب كل قضايا شركتة اللي أنا كنت السبب فيها، وساعتها هيبقي شكلك وحش أوي قدامي يا قاسم، وإنت بتترجاني علشان اخلية يرجع التعاون بينة وببن مكتبك تاني.

قهقه عاليا بطريقة إستفزازية وتحدث بما أحرق كيانها واشعل غضبها: إنت مش واخدة بالك من كلامي ولا إية، أنا قولت لك إني بجهز لك في المكتب ده بقالي أكتر من إسبوعين، يعني من قبل ما جنابك تتحفيني وتتفضلي عليا بقضية التهامي، وأكمل بما زاد من إشتعالها: اللي بالمناسبة مبقاش فارق لي خلاص وجود التعاون ما بينا، لأني ببساطة أخدت منها كل اللي أنا عاززة، وأشار إلى الصحافة: وأظن إنت شفتي ده بعنيك من شوية، ولو على تهديدك بإنك هتروحي له وتخلية يسحب التعاون.

أشار لها على أمجد الذي مازال واقف منغمس داخل حديثه إلى الصحافة وتحدث متهكم: فهو عندك أهو، يلا بسرعة روحي وقولي له واشتكي له من الراجل الغدار اللي غدر بيك وشوفي هيرد عليك بإية.

قال كلماتة بباطنها المقلل والمهين لشخصها وتحرك لخارج مبني المحكمة واستقل سيارتة وقادها تحت ذهول إيناس وسبها له ونعته بأقذر الألفاظ، ولعنها أيضا لحالها ولغبائها الذي صور لها رضوخ قاسم ومضيه بإكمال الطريق الذي اجبرتة هي بالمضي به.
معشوقتي
بعيدة أنت كل البعد عن سكناتي
وبرغم هذا مازلت الأقرب لحبل الوريد، بل ولكل ذرة بكينونتي وكياني
أضناني الهوا وأرهقني صغيرتي، وخارت برحيلك المفجع كل قوتي
خواطر قاسم النعماني
بقلمي روز امين.

داخل مدينة القاهرة
وتحديدا داخل مسكن رفعت عبدالدايم
كانت تدور حول حالها كالمجذوبة، بقلب مشتعل وعينان تطلق شزرا من شدة غيظها، تقص على مسامع والديها وشقيقها ما دار بينها وبين قاسم من حديثه الذي سخر منها ووجه لها به صفعة قوية جعلتها تشعر بكم الحماقة التي تعاملت به مع ذاك الداهي.

صاحت كوثر بنبرة صوت غاضبة: لو كان فاكر إنه بالساهل كده يقدر يخلص منك إنت وأخوك ويرميكم بره المكتب يبقي غبي ومايعرفش مين هي كوثر
وأكملت بملامح وجه مقتضب ينم عن مدي غضبها العارم: ده أنا هروح له مكتبه بكرة وهفرج عليه أمة لا إله إلا الله علشان يعرف هو بيلعب مع مين.

أما عدنان فكان يدور حول حاله هو الاخر ممسك بهاتفه الجوال يحاول الوصول إلى قاسم، حيث أنه إتصل عليه عدة مرات متتالية ولكن دون جدوي، فبكل مرة ينتهي وقت الإتصال دون إجابة من طرف قاسم
تحدث وهو يسب ويلعن قاسم وينعته بأبشع الألفاظ وأقذرها: مش راضي يرد عليا إبن النعماني.

أجابته إيناس بملامح وجه مقتضبة غاضبة: ريح نفسك يا عدنان، قاسم مش هيرد عليك، قاسم شكله كان مقرر إنه يستغني عننا من مدة كبيرة، ولما جاله الوقت المناسب ما إترددش لحظة واحدة ونفذ خطته الدنيئة.

وأكملت بفحيح كالأفعي الغاضبة: أنا كل اللي قاهرني ومخلي النار مولعة في قلبي، هو إن في الوقت اللي كنت ب أسعي فيه بكل قوتي علشان أحاول ألاقي ثغرات في قضية أمجد التهامي وأجيبها له علشان تكون البداية لرجوعنا لبعض زي الأول
وأكملت بعيون تطلق شزرا: كان هو بكل دنائة بيخطط ويدبر إزاي يخرجنا ويرمينا بره المكتب.

واسترسلت بنبرة تهديدية: بس على مين، أنا بكره هروح ل أمجد التهامي مكتبه، وزي ما خليته يبعت له ملف قضية الرشوة، أنا بردوا اللي هخليه يسحب كل قضاياه من مكتبه، ويلغي التوكيل اللي عمله له لو فضل على عناده وصمم على فصلي أنا وعدنان عن مكتبه.

وأكملت وهي تدور حول حالها كالتي اصيبت بالجنون: ما هو مش بعد ما عرضت نفسي للخطر وروحت لناس مشبوهه وخارجة على القانون، ودفعت لهم نص اللي حيلتي علشان يجيبوا لي معلومات من مكتب محروس عبدالمجيد المنافس اللي كانت الشكوك كلها بتحوم عليه وبتقول إن هو اللي لفق التهمة ل أمجد، يبقا جزاتي إني أتطرد طردت الكلا. ب من إبن النعماني.

هتفت كوثر قائلة بإنفعال شديد: يا خيبتك التقيلة اللي ما وردتش على حد، خطتي ودفعتي نص الفلوس اللي بقا لك سنين بتلمي فيهم بالمليم، وجيبتي له القضية زي البيضة المقشرة اللي جاهزة على الأكل، وهو خدها على الجاهز وأترافع وجاب فيها البراءة من أول جلسة، وأردفت بنبرة حاقدة: وأصبح حديث الصحافة والإعلام والكل بيتكلم عن المحامي اللي مافيش منه إتنين، وأمجد عمل له توكيل بكل قضايا مجموعة شركاته، ومش كده وبس، ده بكره مكتبه هيبقا من أشهر مكاتب المحاماة وقضايا الناس الكبار هتملي مكتبه،.

وأكملت بحقد دفين: والندل قليل الأصل بدل ما يشيلك في عنيه ويشيل جميلك فوق راسه، رايح يرميك إنت واخوك في حتة مكتب كحيان في العمرانية، لا وقال إيه عاملك حفلة إفتتاح فيه بكره وعازم لك كل عمال المكتب، وطبعا هو مش هييجي علشان يكمل إهانته ليك قدام أصدقائكم.

كانت كلماتها تخرج بحقد ما زاد إيناس إلا كره وبغض على قاسم، وعدنان الذي كان يشتعل داخليا حزن على سنوات عمره التي أفناها في خدمة هذا المكتب اللعين، حيث أنه لم يتواري ولو لحظة عن بذل أقصي ما لدية من جهد كي يجعل إسم المكتب يرتفع عاليا.

ولكنه لم يفعل كل ما أنجزه هباء، ولم يكن ليفعله من الأساس لولا وعد قاسم لكلاهما بأن هذا المكتب لثلاثتهم وأرباحه التي كانت تتوزع بينهم بعدل الله على قدر سعي كل شخص منهم وإجتهاده
أردف عدنان قائلا بنبرة ساخطة تظهر كم الغضب الذي أصابه جراء ما قام به قاسم من فعلة مشينة: قاسم بالحركة دي أثبت إنه ملوش أمان والغدر بيمشي في دمه، باع العشرة والعيش والملح اللي كان بينا في لحظة.

دوي صوت ذلك الجالس يستمع لهم بترقب شديد وصمت رهيب وكأنه يشاهد عرض لمسرحية هزلية ولكن بدون جمهور سواه: قاسم بيطبق الدرس اللي إتعلمه منكم يا عدنان، بس هو غير قواعد اللعبه، وبدل ما كان هيعمل كده في بنت عمه على حسب إتفاقكم القديم، طبق الدرس عليكم إنتم
حولت كوثر بصرها ورمقة ذاك الضعيف بنظرة حارقة وتحدثت بشراسة: رفعت، الحكاية مش نقصاك ولا ناقصة فلسفتك الفارغة دي.

وأكملت بنبرة صارمة: هو فاكر نفسه عمل عملته وفلت مننا، وأمسكت خصلة من خصلات شعرها وتحدثت بفظاظة: بس وحياة ده ولا يكون على واحدة ست، وما أبقاش أنا كوثر إن ما خليتك تندم على كل ده يا قاسم يا نعماني، وأكملت بنبرة حادة: أنا بكره هروح له المكتب وهشرشحه قدام الموظفين والموكلين بتوعه، وأعرفه إن لحمنا مر وإن مش كل الطير اللي يتاكل لحمه.

صاح رفعت من جديد بإعتراض ونبرة ساخطة: يا عالم خلوا عندكم كرامة شوية، عيب إختشوا، الراجل كتر خيره سايب بنتك على ذمته لحد الوقت برغم إن أهله عرفوا بجوازه منها، وإنت بنفسك قولت إن والدته كلمتك وقالت لك إن عمه خد بنته ورجعها بيته لما قاسم مرضيش يطلق بنتك، يعني الراجل بيته إتخرب ومع ذلك لسه متمسك بكلمته اللي إداها لي.

وأكمل بصياح غاضب: وبدل ما تشكروه، قاعدين تخطتوا إزاي تجبروة يرجع عيالك تاني للمكتب، إختشي وإتلمي يا كوثر بدل ما الراجل يتنرفز ويطلق بنتك اللي لسه مكملتش شهر جواز ونتفضح قدام الخلق.

أردفت كوثر قائلة بشراسة: هو أنت يا راجل عاوز تنقطني، لسه بتدافع عنه وتدي له العذر بعد ما رمي ولادك الإتنين ونفاهم في حتة مكتب في منطقة شعبية وخرجهم من المولد بلا حمص، تقدر تقولي مين هيرضي يوكلهم في قضايا وهما مرميين في حتة مكتب زي ده؟
وأكملت بنبرة صوت تهكمية ساخرة: وبالنسبة يا أخويا لكلام العقربه أمه اللي إنت متأثر بيه أوي كده، هي ماقالتهوش علشان صعبان عليها بيت إبنها اللي إتخرب زي ما إنت فاكر،.

وأكملت مفسرة: لا يا حبيبي، دي بتقوله علشان تعرفنا إن قاسم مبقاش قدامه غير إيناس، بتديها الإشارة إنها تتحرك وتقربه منها من جديد، والمرة دي مش هيقاوم.
جحظت عيناي رفعت من هول ما أستمع من حديث زوجته والذي لا يصف إلا بالرخص والإنحطاط، لكنه وكالعادة أخذ الصمت من صفه وجلس بتخاذل وضعف مهين من جديد.

حين أشارت هي لنجلاها وهتفت: قومي إنت وهو غيروا هدومكم دي على ما أحضر لكم العشا، وباتي معانا إنهاردة والصباح رباح
تحدثت إيناس بإعتراض وتوجس وهي تحمل حقيبة يدها الموضوعة فوق المنضدة وتتأهل للرحيل: مش هينفع يا ماما، أنا مش لازم أسيب شقتي اليومين دول لأروح ألاقيه مغير الكالون ورامي لي هدومي عند البواب.

ضيقت كوثر عيناها بتفكر، في حين هتف عدنان مؤكدا على حديث إيناس المتوجس: إيناس معاها حق يا ماما، قاسم بقا عامل زي المجنون من بعد ما عمه أخد مراته منه، ومحدش عارف الضربة الجاية منه هتكون فين
أردفت إيناس متعجبة بملامح وجه مكفهرة عابسة: أومال لو كانت حلوة كان عمل إيه؟
ضحكت كوثر ساخرة وأردفت بتهكم: فلوس أبوها محلياها في عينه يا حبيبتي، الفلوس المتلتله تخليه يشوفها من قردة ل ملكة جمال.

كان يستمع إليهم ويسخر في قرار نفسه على كلتا الموهومتان اللتان مازالتا تتشبثتان بحديثه الذي أوهم به إيناس حينها، كي لا يحزنها ويدخل الغيرة داخل صدرها ويشعله على خطيبها، وأقسم بين حاله أنهما إذا رأي وجه تلك الجميلة التي أشعلت قلبه وإقتحمت خياله ولم تفارقه منذ أن رأها وذاب داخل فيروزتيها، ستصاب كلتاهما فور رؤياها بذبحة صدرية لا محال.

في اليوم التالي ذهبت كوثر بصحبة إيناس وعدنان كي تري بعيناها هذا الإفتتاح الذي تم التحضير إليه من قبل السكرتيرة الخاصة بمكتب إيناس والذي حذرها قاسم من إخبار أيا من إيناس أو عدنان بالأمر كي يصدمهما بواقع الامر، بعدما أراد أن يرد لهما بعض من الصدمات والخيبات التي تلقاها على مدار سنوات معرفته بكلاهما ويذيقهما مرارتها.

صدمة أصابت ثلاثتهم من تدني مظهر المكتب الذي يفتقر الكثير والكثير من الأدوات التي تجذب نظر الموكل إلى المحامي، فقد كانت البناية المتواجد بها المكتب متهالكة، حتى المكتب لم يكن بالمظهر الجذاب للبصر، حيث كان عبارة عن غرفتان بهما مكتبان متواضعان وصالة إستقبال صغيرة موضوع بها مكتب للسكرتارية.

حضر بعض من عمال وموظفي مكتب قاسم الذين أتوا رغم عنهم، ويرجع ذلك لبغضهم الشديد لتلك المتعالية التي كانت تتعامل مع الجميع بتعالي، وعلى أساس أنها خطيبة والأن زوجة مالك المكتب والعمل
نظرت كوثر على تلك المنضدة المستطيلة الموضوعة جانب ومرصوص عليها أردئ أنواع الحلوي وبجانبها بعض القنانات من المياه الغازية.

تحدثت بنبرة غاضبة إلى إيناس: اللي بيحصل ده إهانة لينا، وأنا لا يمكن أعديها أبدا، ده جايب لك جاتوة من أرخص نوع في السوق، ده قاصد يستقل بيك و يعملك مسخرة قدام زمايلك إنت وأخوك
صاحت إيناس بغضب من بين أسنانها: ماشي يا قاسم، ما أبقاش أنا إيناس عبدالدايم إن ما خليتك تندم على كل اللي عملته ده وترجع تترجاني علشان أقدر أسامحك تاني.

تحدثت والدتها بثقة زائدة لا تدري من أين لها إكتسابها: لازم يا إيناس تعلمية الأدب، وكويس إنك عامله إحتياطاتك وواخدة حذرك، من بكرة تروحي ل أمجد وتخليه يسحب كل قضاياه من عنده ويلغي له التوكيل اللي عمله له،
وأكملت بتأكيد من بين أسنانها: وزي ما كنت السبب في نجاحة، لازم تكوني السبب في خراب مكتبه.

نظرت إيناس بغضب إلى زملائها بالعمل وهم يتلامزون فيما بينهم ويتبادلون الضحكات الساخرة، وهم ينظرون إلى البوفية الذي يدعوا إلى السخرية، ولم يقترب أحدا من الزائرين منه بسبب رداءت مكوناته
أسرعت إيناس إلى السكرتيرة الخاصة بها وهمست بجانب اذنها بنبرة غاضبة ومهينة كعادة تعاملها معها: إية الجاتوة اللي إنت جيباه ده يا متخلفة إنت، ماعرفتيش تستنضفي وتجيبي حاجة عدلة عن كده.

وأكملت بإهانة: ولا ده أخرك في النظافة والمستوي
أجابتها الموظفة بضيق بعدما فاض بها الكيل وطفح، بفضل معاملة تلك المتعالية المغرورة سيئة الطباع: والله ده اللي موجود على قد الفلوس يا أستاذة، أنا عملت كل حاجة زي ما قالي دكتور قاسم بالظبط.

وأكملت السكرتيرة بنبرة حادة: بالمناسبة يا أستاذة، أنا حطيت لك إستقالتي على مكتبك جوة، ياريت دي تبقا أول ورقة تمضيها في مكتبك الجديد، لأني من بكرة هتعين مع أستاذة أمنيه حسب تعليمات قاسم بيه،
وأكملت مفسرة بنبرة ساخرة منها: كتر خيره، مرضيش يستغني عني ويخرجني من المكتب زي ما عمل معاك، لأنه كان عارف إني مش طايقه الشغل مع حضرتك ومستحملاه بالعافية.

وتحدثت بنظرة كاشرة وهي تتحرك إلى الخارج: مبروك المكتب الجديد وتتهني بيه يا أستاذة
إستشاط داخل إيناس وزاد سخطها وحقدها أكثر على قاسم، لكنها ضلت متماسكة وتنظر لنظرائها بتعالي وأبتسامات مصطنعة بإعجوبة باتت تفرقها على الجميع كي لا تدع لهم الفرصة ليشمتوا بها
وعند الغروب
تحركت إلى مكتب أمجد التهامي لتشتكي له غدر قاسم لها، وكلها أمل وثقة أن أمجد سيقف بجانبها.

دلفت السكرتيرة وتحدثت إلى أمجد قائلة: المحامية اللي إسمها إيناس عبدالدايم برة يا أفندم ومصرة تقابل حضرتك، برغم إني قلت لها إن جدول حضرتك مزدحم جدا
أشار لها بيده وتحدث من بين أوراقه دون النظر إليها: مشيها وبلغي الأمن ما يدخلوهاش من باب الشركة تاني، وإلا هيتعاقبوا كلهم.

قال أمجد هذا بعدما إستشف طمعها الذي رأه داخل عيناها، وذلك من خلال خبرته الحياتية والعملية التي إكتسبها بفضل تجارب الاعوام، ولذلك فقد قرر إبعادها عنه، ولكونه رجل أعمال ناجح فقد أخذ منها ما يريد وأعطاها المقابل المادي الذي وعدها به وانتهي الأمر، وأكتفي بأنها كانت نقطة الوصل بينه وبين قاسم الذي رأي فيه المستقبل الأت، والذي إنتوي عدم خسارته تحت أية ظروف، فهو دائما على إقتناع تام بأن الشباب في إستطاعتهم بذل الجهد والوصول أسرع إلى النجاح والحصول على النتائج المبهرة.

وما غفلت عنه إيناس أن رجال الأعمال الناجحين ليس لديهم الوقت لإضاعته في الترهات والثرثرة النسائية
خرجت السكرتيرة وتحدثت إليها بنبرة حادة: أمجد بيه مش فاضي يقابل حد
أردفت إيناس قائلة بترجي: طب من فضلك، يا ريت تبلغية إني عوزاه في موضوع مهم جدا ويخصه.

زفرت السكرتيرة بضيق وتحدثت إليها بنبرة صريحة: هو حضرتك مش عاوزة تفهمي ليه، أمجد بيه مش عاوز يقابلك، ونصيحة أخويه مني، لو عاوزة تحافظي على كرامتك ياريت ماتجيش هنا تاني، لأنه بلغ الأمن يمنعك من الدخول لو جيتي مرة تانية.

إستشاط داخلها وعلمت أنها خسرت جولتها أمام قاسم، ولابد لها من أخذ هدنة كي تعيد ترتب أفكارها من جديد، ولتستعيد صفائها الذهني، لتري ما عليها فعله مع ذلك القاسم الذي وجه لها صفعة مدوية ستتذكرها على مدي سنوات عمرها القادمة.

كانت تقبع داخل غرفتها التي خصصها لها زيدان كي لا تصعد الدرج ويتأذي جنينها، ولحين تحسن صحتها التي أصبحت في التدني بفضل ما حدث لها من أهوال لم تقوي على تخطيها إلى الان.

أصبحت تلك الغرفة ك سجنها التي تتواري خلفه عن العيون الشامته واللائمة وحتى المشفقة، فقد أصبحت كل أمانيها هو إعتزال الجميع والإختلاء بحالها وفقط، حتى أبويها لم تعد تريد الجلوس بصحبتهما ورؤية حزنهما والتألم التي باتت تستشفه من داخل أعينهم وهم ينظرون عليها بحسرات تملئ قلبيهما.

إستمعت إلى طرقات فوق بابها، دلف والدها مطلا برأسه من فتحة الباب بإبتسامته الخلابة التي جاهد لإخراجها، تحرك للداخل وهو يتمسك بصنية يحملها بساعديه، وضعها أمامها وباتت هي تتطلع إلى أصناف الطعام المتعددة المرصوصة عليها بعناية،
جلس مجاورا إياها وتحدث بنبرة حنون: عملت لك الكبدة بالبصل اللي عتحبيها من يدي وچيت لجل ما أفتح نفسك وأكل وياك
تنهدت وتحدثت بنبرة ضعيفة: مجدراش أكل يا أبوي، كل إنت بالهنا على جلبك.

تحدث إليها بصدق وقلب حنون: اللجمة معتتبلعش من غير ما تشاركيني فيها يا جلب أبوك
نظرت إليه بألم فحمل الصنية ووضعها جانب، وسحبها لداخل أحضانه وبات يتحسس ظهرها بحنان
وأردف مشجع إياها كي يحثها على البكاء التي إحتجزته منذ ذاك اليوم وإلي الان: إبكي يا صفا، إبكي يا بتي وخرچي كل اللي واچعك وكاتم على صدرك وتاعبك، ولو عاوزة تصرخي كمان صرخي، إبكي يا بتي.

وكأنه بتلك الكلمات البسيطة قد أعطي لها الإشارة بإخراج كل الأثقال والاوجاع الذي يحملها قلبها البرئ بداخله، لم تدري بحالها إلا وهي تجهش بالبكاء الشديد، كانت تبكي وصوت شهقاتها تعلو وتجعل جسدها ينتفض من شدتها،.

بقلب يتألم كان يحتضنها ويشدد من ضمته إليها، وكلما زادت وعلت شهقاتها يطالبها بنزول المزيد والمزيد كي تتخلص من كل أحمالها الثقيلة، ويمسح على شعر رأسها بحنان يخبرها به أنه معها وبجانبها ولن يتركها إلى الابد، وبعد وقت غير معلوم، إستكانت بين أحضان أبيها، شعرت براحهة غزت صدرها بعدما أخرجت منه كل ما كان يضيق به على هيأة دموع تساقطت بشدة ك شلالات.

عند غروب أشعة الشمس الذهبية
داخل الحديقة الخاصه بسرايا النعماني
كان يقف بأرض الفيراندا منتصب الظهر بطوله الفارع، مرتدي جلبابه الصعيدي ومصفف خصلات شعر رأسه الفحمية بعناية شديدة، لقد كان حقا جذاب وللغاية كعادته مؤخرا، حيث أصبح يهتم بأناقته ومظهره فقط لأجلها،.

بعدما كان قد زهد الحياة وشعر بحاله كالأموات طيلة العامان المنصرمان، وبالتحديد عندما قرر جده عقد قرانه على ليلي التي كانت بالنسبة له بمثابة شهادة خروج روحه وأنفصاله عن جسده، ودفنها تحت ركام تلك البالية الروح والمعدومة الحدس والإحساس المسماه بليلي،.

كان ينظر حوله مستطلع للمكان، إتسعت عيناه وأنتفض قلبه حينما أصابته هزة قوية من أثر رؤياه لطلتها البهية وهي تدلف من البوابة الحديدية الضخمة بمظهرها الحسن وأناقتها المعهودة، إنشرح صدره جراء رؤية تلك التي باتت في الأونة الأخيرة تشرح قلبه وتدخل عليه الكثير من السعادة والسرور.

لم يدري بحاله إلا وساقيه تخطو سريع نحوها وكأنه منساق بلا وعي، تحدث بطريقة دعابية كعادته مؤخرا في حضرتها: شكلك إكده خدتي حكاية مرض صفا حچة علشان ما كل شويه تنطي لنا إهني لچل ماتملي عينك من شوفتي يا دكتورة
قهقهت بطريقة إستحوذت بها على جذب إنتباهه وانتفاضة قلبه، وهزت رأسها ساخره وأجابته: نفسي أفهم إيه سر الغرور وطريقة العنجهه اللي بتتكلم بيها دايما دي.

عدل من جلبابه بطريقة بها تفاخر مصطنع وتحدث بدعابة: ده مش غرور يا استاذة، دي ثجة بالنفس يصعب فهمها على أمثالك
قهقهت من جديد وتحدثت بدعابة مماثلة وهي تنسحب من أمامه: انا هدخل عند صفا بدل ما أرتكب فيك جريمة حالا
أجابها بعيون هائمة أربكتها: وأهون عليك يا أمل؟

إرتبكت بوقفتها وانتفض قلبها داخل ضلوعها، إبتلعت لعابها وقررت الإنسحاب الفوري من أمام ذلك الوسيم المهلك لقلبها الضعيف الذي يرفض وبشدة إعادة تجربتها المرة من جديد.

وتحركت بالفعل نحو منزل زيدان، تنفس براحة وهو يتابع إنسحابها وقلبه يحدثه بإعتراض ويلومه على ثباته، ويحثه على التحرك السريع خلفها كي يتشبع داخله برؤياها البهية التي باتت تدخل السرور والإستكانه لداخله، ولكي يتأنس بقربها المهلك لقلبه الذي بات عاشق لتلك الراقية ذات النفس المتصالحة على حالها،.

بالفعل كاد أن يستمع لنداء قلبه ويتحرك خلفها إلى منزل زيدان، وبأخر لحظة توقف وأستمع لنداء العقل الذي امره بالتعقل والثبات
إبتسم وحدث حاله بهمس مسموع: ماتعجل أومال يا ولد النعماني، عتخيب على اخر الزمان وتجلب لمراهج إياك
إستمع إلى صوت فارس الذي تحرك من جانبه وتحدث بنبرة صارمة ووجه ذو ملامح كاشرة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ألقي سلامه وتحرك وأكمل بطريقه إلى الخارج، إستوقفه يزن وهو يمسكه من ذراعه ليحثه على التوقف الجبري، وأردف متسائلا بنبرة حزينة: لحد ميتا عتفضل مجموص مني إكده يا فارس؟
وأكمل بنبرة صوت متأثرة وصادقة: مجدرش أني على معاملتك دي يا أخوي.

زفر فارس وتحدث متلاشي النظر داخل عيناه كي لا يضعف ويتأثر بحديثه الصادق: وعايزني أعاملك كيف بعد في اللي عملته مع أخوي، وأكمل معاتب بعيناي حزينة: أني لو أخوك صح كيف ما بتجول، كنت عملت لي حساب وركنت خلافك الجديم ويا قاسم على چنب، وكنت سيبت له مرته تركب وياه عربيته لجل ما يهديها ويشرح لها اللي حصل صح
وأسترسل بإتهام: لكن إنت إستغليت الموجف لجل ما تطلع قاسم عفش كدام العيلة يا باشمهندس.

جحظت عيناي يزن وهتف بنبرة تحمل كم الخزلان الذي شعر به من خلال حديث إبن عمه الذي يعتبره بمثابة شقيقه الفعلي: صح شايفني بعنيك إكده يا فارس، لو الناس كلياتها شكت فيا وظلمتني هجول ميعرفونيش، لكن إنت تظلمني ليه يا أخوي؟

وأكمل بنبره جادة: الله الوكيل ما عملت اللي عملته دي غير من خوفي على صفا من الحاله اللي كانت فيها، أني لو سبت صفا لقاسم مش بعيد كانت رمت حالها من العربية وهي ماشية، ولا كانت عملت حاچة وجلبت العربيه بيهم هما الإتنين لاجدر الله،
وأكمل بإثبات حديثه: واظن إنت شفت بعينك صفا لما وصلت لهنيه كانت حالتها كيف، دي متحملتش الكلام ووجعت من طولها في وسطيهم،.

وأكمل بصدق وإخلاص: ولعلمك يا فارس، لو أي واحده من العيلة كانت مكان صفا كنت هعمل معاها نفس اللي عملته مع صفا بالظبط،
وأكمل بنبرة متأثرة: أني مش ظالم ولا حجود كيف ما وصفتني يا فارس، أني اللي حركني هي إخوتي لصفا وأحترامي لعمي زيدان، ولو الموجف إتكرر بردك هعيد اللي عملته تاني، لأني شايف إني بعدت النار عن البنزين وجتها
وأكمل بنبرة تخازلية: وألف شكر يا أخوي على ثجتك الكبيرة فيا.

و أدار وجهه ليتحرك بإتجاه المنزل، أوقفته يد فارس الذي لفه إليه وتحدث وهو ينظر له بأسي وأسف: حجك عليا يا يزن، أني مجولتش كلامي دي غير من جهرتي وحرجة جلبي على أخوي واللي نابه.
تنفس يزن وتحدث بنبرة صادقة: معارفش عتصدجني ولا لا يا فارس، بس الله وكيلي جلبي واچعني على اللي وصل ليه قاسم يمكن أكتر من صفا كمان،.

وأكمل مفسرا حديثه: طول عمري وأني بشوف قاسم أخويا اللكبير العاجل اللي عحبه وعحترمه، وعشان إكده صدمتي فيه كانت شديدة من اللي عمله مع عمه زيدان وصفا، يعز عليا إني أشوفه في موجف المتهم وواقف خلف الجضبان وبيتحاكم بتهمة الخيانة وكسر العهد، واعرة جوي على الراچل منينا يا فارس.

وأكمل بنبرة حادة: بس إنت عارفني زين يا فارس، طول عمري وأني أكتر حاچة أكرهها في حياتي هي الكذب والغدر، وملهمش عندي مبرر، عشان إكده عتلاجيني حاد وصارم مع اللي عمله قاسم ومجادرش أتجبلها منيه.

تنهد فارس بألم لعلمه صحة حديث يزن، ثم إحتضنه وتحدث بقلب صافي: متزعلش مني يا يزن، أني مخي واجف ومطايجش حالي من اللي حصل مع قاسم ومدريانش اني بجول ولا بعمل إيه، ده غير مريم اللي زعلانه مني عشان صفا، وأكمل بإعتذار: حجك عليا يا أخوي
تقبل يزن حديثه وسأله: أومال إنت لابس ومتشيك ورايح على فين إكده؟

وأكمل مازح بدعابة كي يخرجه من تلك الحالة المحزنة: إوعاك تكون رايح تعمل مع مريم أختي كيف عملة أخوك اللمجندله مع صفا، الله الوكيل أعلجك من رجليك على البوابة الحديد وأخليك فرچة للي رايح واللي چاي
قهقه فارس وتحدث: الله يحظك يا يزن كيف ما ضحكتني وأني مهموم
وأكمل بنبرة جادة: چدك باعتني للحاچ كرم لچل ما يتصل بشريكه وياچوا يتفرچوا على محصول الذرة.

اومأ له يزن بتفهم وتحرك فارس للخارج وعاد يزن ليجلس داخل الفيراندا ينتظر بقلب متلهف خروج قمره الذي أنار له عتمة ليله الكالح.

في اليوم التالي
داخل مسكن ماجده زوجة قدري وعشيقته السريه التي يأتي إليها بين الحين والاخر ليأخذ قسط من الراحة وأستكانة روحه وإنعاشها
كانت تجلس وتجاورها صديقتها أحلام التي تحدثت مستفسرة بإلحاح: بردوا مش عايزة تقولي لي على اللي ناويه تعمليه مع قدري النعماني؟

ضحكت ماجدة بخلاعة كعادتها وأردفت قائلة بتخابث: ده سر بيني وبين نفسي، وأهو زي ما بيقولوا في المثل، داري على شمعتك تقيد، وأكملت: إدعي لي بس إن اللي بخطط له يتظبط وينفع، وأنا أهيصك
قوست أحلام فمها وهتفت ساخرة: مابخدش منك غير كلام يا ماجده، من وقت ما أتجوزتي المخفي اللي إسمه قدري وأنا ماشوفتش منك مليم أحمر، مع إنك كنت وعداني لو الحال إتعدل معاك هتشوفيني بقرشين ومش هتنسيني.

رمقتها ماجدة بنظرة حادة وهتفت بإستنكار: تصدقي إنك عاملة زي القطط بتاكلي وتنكري، ده أنا من وقت ما أتجوزته من ييجي أربع سنين، وأنا مشهيصاكي خروجات وعزومات وعمري ما خليتك تدفعي جنية واحد في أي خروجة
لوت صديقتها فاهها وهتفت بنبرة ملامة: يا فرحة قلبي، خروجات وعزومات، هو ده أخرك في الشهيصه يا ماجدة؟

وأكملت بنبرة منكسرة وهي تتصنع الحزن: ده أنا ليا سنه بتحايل عليك تديني الخاتم الذهب أبو فص أزرق، اللي كان جابهولك هدية جواز بنته وإنت مش هاين عليك
أجابتها ماجدة بتهكم: اديكي قولتيها بنفسك، هدية منه، ومن أمتي بقا الهدايا بتتهادي يا ست أحلام.
ثم أكملت بعيون طامعة وهي تنظر أمامها بشرود: بس وحياتك عندي يا أحلام، لو اللي في بالي حصل لاكون عطيالك الخاتم وفوقه كمان خمس ألاف جنيه حلاوة الموضوع.

إلتمعت أعين أحلام بنظرة طامعة وتحدثت: أما أشوف يا ماجدة، خليني وراك لحد باب الدار.

وبدأت برفع كأس العصير وبدأت بإرتشافه، إستمعتا كلتاهما لقرع جرس الباب، فقامت ماجدة تتحرك بغنچ، إرتبكت ولطمت خديها عندما نظرت من فتحة العين السحرية ووجدت امامها ذلك القدري، وذلك لعلمها كرهه لصديقتها تلك، اسرعت لصديقتها وجعلتها تجلس بإحتشام وترتدي ثوبها العلوي وحجابها، وهي ايضا إرتدت حجابها وتحركت إليه من جديد وفتحت الباب.

هاجمها كعادته وتحدث بنبرة ساخطة: ساعة لطعاني على الباب لجل ما تتكرمي عليا وتفتحي
تحدثت بإرتباك واضح عليها: مش كنت بلبس الطرحة وبستر جسمي يا أخويا، مش إنت اللي دايما تزعق لي وتقولي ماتفتحيش غير وإنت ساترة جسمك وشعرك؟
أجابها بإستحسان وهو يضم جسدها إليه بإشتياق: براوه عليك يا ماچدة
فك وثاقها سريع حين إستمع لصوت تلك التي تخرج عليهم وتتحدث بإستئذان وخجل مصطنع: حمدالله على السلامة يا قدري بيه، بالإذن أنا.

رمقها قدري بنظرة حادة وتحدث بضيق: مع السلامة.
خرجت وأمسك هو ذراع ماجدة وأحكم السيطرة عليه بطريقة ألمتها وتحدث بفحيح غاضب: إيه اللي چاب الوليه الناجصه دي إهنيه، أني يا مرة مش جايل لك جبل إكده تجطعي علاجتك بيها و ما تدخليهاش البيت تاني؟
معتسمعيش الحديت ليه يا حرمة؟

تألمت من قبضة يده القوية وتحدثت بتلبك: صدقني يا أخويا قطعت علاقتي بيها من زمان، بس لقيتها طابه عليا إنهاردة من غير إحم ولا دستور، قال إيه كانت مزنوقة في قرشين وكانت متأمله تاخدهم مني،
وأكملت بكذب: بس أنا وحياتك زعقت لها، وقولت لها مكنش ينعز يا الدلعدي، وقولت لها كمان إنك منبه عليا مشوفهاش، وكنت لسه هطردها لولا أنت سبقتني وجيت، وغلاوتك عندي زي ما بقول لك كده يا سي قدري.

زفر بضيق وفك قبضته وتحدث بنبرة أقل حدة مما كان عليه: المرة السو دي معايزش أشوف خلجتها إهنيه تاني، دي مرة سمعتها مجندلة والمركز كلاته عارف إكده، مخيفاش على سمعتك إياك؟
وأكمل بنبرة تهديدية: ودي اخر تنبيه ليك يا ماچدة، بعدها ماتلوميش غير حالك من اللي عيچري لك مني، مفهوم يا ماچدة؟

تحركت إليه بغنچ وتحسست صدره بدلال وتحدثت بطاعة اثارته: حاضر يا سيد الناس، كل اللي قولت عليه هنفذه بالحرف الواحد، بس إنت إهدي كده وروق دمك وكل أوامرك مطاعة
تحمحم وتحدث إليها بنظرات راغبة: عاوزة تاكلي إيه لچل ما أتصل بالمحل يچهزه لنا على ما ندخلوا نريحوا چوه شوي
أطلقت ضحكتها الخليعة التي تستطيع بها ذوبان قلب ذلك الأبله، تحركت وسحبته من يده منساق خلفها كالمعتوة بدون عقل.

عندما حل المساء
كان يدلف بسيارتة من داخل البوابة الحديدية، وتحرك بها لداخل الجراچ المخصص لإصطفاف السيارات الخاصة بأفراد العائلة، وجدها تقف داخله وكأنها تعلم ميعاد وصوله وتنتظره، صف سيارته وترجل منها وهو يستغفر ربه على إبتلائة بالنظر إلى وجه تلك التي تشبه البومة في نظرتها الحقود.

تحرك في طريقه قاصدا الخروج والتوجة إلى منزله، متلاشي النظر لوجهها الذي بات يبغضه أشد البغض، كاد أن يتخطاها لولا وقوفها أمامه بجسدها وقطع طريقه وهي تتحدث إلية بعيون مترقبة لإنفعالات ملامح وجهه عند رؤياها: كيفك يا زيدان، لجيتك خفيت رچلك من السرايا من وجت اللي حصل لبتك، جولت أچي أعمل بأصلي وأستناك إهني لچل ما أسأل عليك وعليها.

وقربت وجهها القبيح وسألته بعيون متفحصة وأبتسامة خافته شامتة: طمني، إنت مليح؟
هتف بنبرة ساخطة ناهرا إياها بضجر: بعدي عن طريجي يا حرمة خلينا أفوت
إبتسمت وتحدثت بنبرة ساخرة: اللي يسمعك إكده يجول مستعچل على دخول الچنه يا خي، عتلاچي إيه عند بت الرچايبة غير الحزن والنكد والعويل
وأكملت شامته: إلا جولي يا زيدان، حسيت بإيه وإنت شايف كسرة جلب بتك والنار شاعلة فيها، وهي عتتخيل راچلها وهو نايم في حضن مره غيرها؟

وأكملت بفحيح، بعينان مترقبتان بحقد وبنبرة شامتة: عيوچع الإحساس ويجتل صح؟
تنهدت بهدوء وأردفت قائلة بحزن مصطنع وبنبرة هامسه كساحرة شريره تتراقص على جثث ضحاياها: مچرباه أني ياما الإحساس دي، وعاوزه أجول لك إن مع مرور الوجت، النار في الجلب عتلهلب وتشعلل أكتر، وأكملت بتذكير: إوعاك تكون فاكر إن نار بتك عتطفي مع مرور الزمان، غلطان يا زيدان، نار العاشج ولهيبه معيطفيهاش غير جرب الحبيب والنعيم جوات أحضانه،.

وأسترسلت حديثها بطريقة أمره مستفزة لمشاعر زيدان: رچع صفا چوات حضن حبيبها لجل ما تطفي نارها الشاعله يا زيدان، رچعها بدل ما تحزن عليها كل يوم وإنت شايفها بتدبل كدام عينيك لحد ماتروح منيك وتموت بحسرة وچع جلبها من بعد الحبيب عنيها.

رغبة ملحة تطالبه الان وبقوة بسحب مسدسه المرخص الموضوع بجنبه وتوجيهه صوبها وتفريغ جميع ما به من رصاصات وتوزيعهما بالتساوي ببن قلبها المحمل بالسواد وبين عقلها الذي يتبني كل ما هو مدمر لمن حولها وكأنها مكلفة من الشيطان،.

لكنه تمالك أعصابه وتمكن من ضبط النفس وتحدث بفحيح ونبرة بارده مماثله لبرودها القاتل: وغلاوة بتي عندي يا فايقة واللي عمري ما أحلف بغلاوتها باطل، ماهيتكوي بالنار اللي عتجولي عليها دي ويتحرج بيها غير ولدك، وبكره عفكرك لما أحزنك عليه يا واكله ناسك
وأكمل بنبرة حادة: ودلوك إخفي من وشي يا غراب الشوم بدل ما أفجد أعصابي وأطلع طبنچتي وأفرغها چوة جلبك، واجتلك ويحسبوك عليا نفر.

تمعنت النظر لداخل عيناه وهتفت بفحيح وهي ترمقه بنظرات نارية: وهو أنت لسه مجتلتنيش يا زيدان؟
ده أنت جتلتني بدل المرة إتنين يا حبيبي، مرة يوم ما چيت لك الچنينة وأتوسلت لك لچل ما ترحم جلبي، وبدل ما تاخدني في حضنك وتطمني، ضربتني وشندلتني.

وأكملت بتذكر: والمرة التانية يوم ما وجفت تتفرچ عليا وتترجص بفرستك وهما بيزفوني بكفني الابيض، وبيسلموني بيدهم لعزرائيل اللي دبحني وجبض روحي بحتة عجد كتبه المأذون بين أبوي وأبوك، ومن يوميها وهي روحي مفرجاني ومعاودتش
أردف قائلا بنبرة لائمة موبخا إياها: يا حرمه عيب عليك إختشي، ده أنت بجيتي چدة وشعرك شاب ولساتك عتفكري في المسخره دي يا حزينة؟

وأكمل بنبرة حادة ونظرات كارهة: الله الوكيل لو يطولوني رجبتك ويحكموني عليها، لكون فاصلها عن جتتك لجل ما أريح العالم كلياته من خبثك وشرك اللي غلب خبث الشيطان الرچيم
وتحرك مسرع من داخل الجراچ متجه إلى منزله قبل أن يري كلاهما أحدا ويثير الأقاويل
نظرت لخروجه بعيون يتطاير الشر والتوعد من نظراتها الحقودة، وعلى الفور رفعت يدها التي تحمل بها هاتفها وطلبت رقم إيناس وأنتظرت الرد.

أما إيناس التي كانت تجلس فوق أريكة منتصف المنزل بقلب مازال مشتعل ولم يهدأ بعد، رفعت هاتفها لمستوي وجهها لتري من المتصل، قوست فمها وإبتسمت بتسلي حين وجدت نقش إسم والدة بائعها،
علي الفور أجابت بنبرة صوت تصنعت بها الحزن والإحترام كي تستحوذ على تعاطف تلك الحية الرقطاء وجبرها على مساعدتها: ألو، إزي حضرتك يا ماما
ضيقت فايقة عيناها متعجبة لنبرة صوت تلك القوية دائما: مال حسك يا بتي، في حاچة حصلت إياك؟

أجابتها إيناس وهي تمثل صوت البكاء كي تستجدي تعاطف ووقوف تلك البلهاء بصفها: هو حضرتك ما تعرفيش إن قاسم خرجني من المكتب أنا وعدنان ولا إيه
إتسعت عيناي فايقة وتسائلت بتعجب: خرجكم كيف يعني، تجصدي طاحكم ورماكم برة المكتب؟

إغتاظت إيناس من سوقية تلك المرأة الجاهلة وإسلوبها السئ في إختيار كلماتها المبتذلة التي تلقيها في وجه من أمامها دون تفكر، أو ماذا ستفعل تلك الكلمات المسمومة به، ولكنها تغاضت عن كل هذا في سبيل الوصول إلى هدفها الأثمن، وهو مساعدة تلك الحمقاء ذات القلب اليابس،
علي الفور إستعادت نبرة التسول مرة اخري وبدأت تقص على مسامعها ما بدر من قاسم وفعلته المشينة في حقها وحق عدنان.

وأكملت وهي تمثل شهقاتها العالية لتستجدي شفقة تلك البلهاء: يرضيك يا ماما اللي قاسم عمله فيا أنا وعدنان بعد وقفتنا معاه طول السنين اللي فاتت دي كلها؟
وأكملت: معقوله تكون دي كلمة شكرا اللي بيقولها لي بعد ما أتحملت معاه ظروفه وظروف عيلته وجده.

تنهدت فايقة بضيق وغضب، ليس لأجل تلك الشمطاء التي لا تمثل لها سوي أنها وسيلة ستحقق لها غاية إنتقامها الأسود من معشوقها الأبدى، والذي تحول عشقه بداخلها كمرض خبيث بات يأكل بطريقه الأخضر واليابس دون رحمة.

وتحدثت إليها بنبرة تعقلية: إسمعي الكلمتين اللي عجولهم لك دول وحطيهم في دماغك وإعجليهم زين يا بتي، قاسم دلوك عامل كيف الثور الهايچ من اللي عملوه فيه چده وإعمامه، و معيرحمش أي حد يجف في طريجه اليومين دول،
وأكملت بنصح: إبعدي عنيه دلوك لحد ما يروج ويفوج من اللي حصل له، وشويه إكده واللحكايه عتهدي وعمه عيسلم ويرچع له البت لحد عنديه،.

وأكملت مبررة: البت حبله ومعينفش تجعد كتير في دوار أبوها لجل كلام الناس ميكترش ويجولوا غضبانة وجاعدة عند أبوها ليه
إشتعل داخل إيناس عندما إستمعت بحمل غريمتها وهتفت بنبرة تحمل غضب وغيرة واضحة: حامل، حامل إزاي يعني!
إستغربت فايقة سؤالها الأبله وأجابتها ساخرة: حبله كيف النسوان مابتحبل يا نضري، وحبله شهرين كمان.

وأكملت بإشادة وأستحسان: بت ورد طلعت واعيه وحبلت من أول يوم دخل عليها قاسم فيه، وأكملت بنبرة ساخطة: مش خايبه كيفك، بجالك ياچي أكتر من شهر متچوزاه ومعرفاش لحد دلوك تخليه يدخل عليك.
إستشاط داخل إيناس من تهكم تلك الحقيرة عليها فأكملت فايقة بنصح وإرشاد: على العموم مش وجت الحديت دي، خلينا نتكلموا في المهم
أردفت إيناس متسائلة بطريقة تهكمية: وإيه هو بقا المهم من وجهة نظر حضرتك يا ماما؟

أجابتها فايقة بذكاء: إن قاسم دلوك بجا خالي، ولدي راچل طول بعرض وفي عز شبابه الله يحميه، فكرك هيجدر يتحمل ويصبر يعيش من غير مرة في حياته إياك، وخصوصي بعد ما جرب الچواز وداج حلاوته؟
أجابتها إيناس بضجر ونبرة يشوبها الإحباط: ما أنا حاولت معاه قبل كده ومأخدتش غير قلة القيمة، للاسف يا ماما، إبنك بيعاقبني على وقفتي أنا وأهلي في وشه لما كان عاوز يسيبني قبل الفرح بحجة الوعد اللي قطعة على نفسه وإداه لعمه،.

وأكملت بدفاع عن حالها: قاسم مش قادر يفهم إني كنت بحارب وبدافع عن شرفي وسمعتي اللي كان عاوز يحطهم تحت رجلين الناس علشان يدهسوهم وينهشوا في لحمي وشرف بابا
هتفت فايقة بإهانه مفسرة بها المقصد من حديثها: سيبك من رط الحريم اللي عماله ترطي فيه دي وكفياك عويل وندب على اللي راح، ركزي معاي وإفهمي حديتي زين، واكملت بنصح: قاسم دلوك ضعيف وهو بعيد عن سحر المحروجة بت ورد عليه،.

وأكملت بحقارة وحديث يدل عن إنعدامها للاخلاق وبطريقة تدل عن مدي عدم معرفتها بشخصية نجلها الذي يضع الله ورضاه دائما صوب عيناه: يعني كيف معيجولوا، لو أي واحده شاورت له من بعيد مهيمانعش، فمابالك من مرته حلاله اللي ربنا شرعها له
إلتمعت عيناي إيناس من صحة حديثها برغم إعتراضها على سوقية تلك الشمطاء، وأقتنعت بحديثها وباتت تعيد تفكيرها في تقربها مرة اخري من قاسم ونصب شباكها عليه من جديد
- -.

دلف من باب مكتبه صباح، كان يتحرك داخل الرواق بجسد ممشوق ورأس مرفوع ينظر أمامه غير مبالي بمن حوله، ليس غرورا أو كبرياء، بل جمود وتيبس وشرود أصاب جسده مثلما أصاب حياته بالكامل، منذ إبتعاد من كانت تمثل له الروح والحياة ومع رحيلها رحلت عنه دنياه.

لفت إنتباهه تداخل أصوات متعددة ومتداخله ببعضها مما أحدث فوضي عمت بالمكان، بات ينظر حوله يترقب الإزدحام الشديد الناتج عن وجود مجموعات كبيرة من الشباب الذين ينتظرون داخل صالة الإنتظار، وما أن لمحته سهى السكرتيرة حتى إنتفضت من مقعدها وأسرعت إليه في محاولة منها في مجاراته بالتحرك السريع إلى جانبه وهو يتجه إلى غرفة مكتبه وتحدثت إليه: حمدالله على السلامة يا أفندم
تحدث إليها بهدوء: الله يسلمك يا سهى.

ثم سألها بإستفسار وهو يترقب وجوه الجالسين والواقفين من الجنسين ممن لم يسعهم الحظ لوجود مقعدا خاليا وينظرون إليه بإنبهار شديد: إيه الزحمه اللي في المكتب دي كلها
وأكمل بنبرة ساخرة: هي وزارة الشئون الإجتماعية نقلت مقر مكتبها عندنا وأنا ما أعرفش ولا إيه؟

أمسك مقبض الباب الخاص بمكتبه وأداره ودلف للداخل بخطى ثابته، أردفت سهى التي تتحرك خلفه قائلة بتفسير الموقف إلى سيدها: دول المحاميين اللي جايين بخصوص الإعلان اللي حضرتك نزلته تطلب فيه تقديم C. V لوظايف خالية بمكتبنا يا دكتور
خلع عنه حلته وعلقها بمكانها المختص، ثم شمر أكمامه لأعلي وتحرك إلى مقعده وجلس عليه ثم تحدث إليها قائلا بتعجب: وكل الأعداد اللي موجوده بره دي، جايه علشان طلبت خمس وظايف؟

أجابته سهى بمفاخرة وفضل لشخصه: هو حضرتك مش واخد بالك ولا إيه يا دكتور، إسم قاسم النعماني إتنقل وبقا في حتة تانية خالص من بعد ما حضرتك كسبت البراءة في قضية التهامي من أول جلسة.

إبتسم بخفوت ساخرا من حاله وإسمه الذي أصبح رنان وذو شأن عالي في عالم المحاماة وكسب القضايا المهمة، لكنه ولسخرية القدر فشل بكسب قضية حياتة، خسرها من أول جولة ولم يستطع حتى الدفاع عن حاله أو إثبات براءته من الإدعاءت التي وجهت إليه بتهمة الخيانة والخزلان، واللتان ستلازما إسمه وتلحقا به العار حتى النهاية.

تحدث قاسم إليها بنبرة عملية: من فضلك يا سهى، خدي منهم ال C. v وقولي لهم إننا هنراجعها وهنتصل بيهم في أقرب وقت وهنبلغهم بالنتيجة،
وأكمل: بسرعة وفضي لي الرسيبشن من الزحمة دي علشان العملا يلاقوا مكان يقعدوا فيه،
وأمسك نظارته الطبية وأرتداها وتحدث إليها: وهاتي لي ملف قضية كامل بطران علشان أدرسه.

بالكاد فتحت فاهها كي تجيبه وأغلقته سريع عندما وجدت من تقتحم باب المكتب بطريقة همجية وبدون أدني تصرفات اللباقة وهي الطرق على الباب للإستئذان،
إنها كوثر التي تحدثت بنبرة ساخرة حادة وهي تشير بيدها بطريقة سوقية: يا تري يا متر شوية العيال اللي لاممهم من على القهاوي وقاعدين بره دول، هما اللي هيملوا مكان الأستاذة إيناس والأستاذ عدنان عبدالدايم في المكتب؟

تحدث السكرتير الذي دلف خلفها حينما وجدها تقتحم دخول المكتب دون إستإذان: يا أفندم مايصحش كده،
وأكمل معتذرا ومفسرا أسبابه إلى قاسم: أنا أسف يا دكتور، أنا قولت لها والله تستني بره لحد ما أدخل وأبلغ حضرتك بوجودها، بس هي تخطت وقوفي ودخلت بالشكل اللي حضرتك شفته ده
نظرت له بحدة فتحدث قاسم موجه حديثه إلى الموظف بنبرة صارمة: إتفضل يا أستاذ على مكتبك، وبعدين هنتحاسب على اللي الفوضي اللي حصلت دي.

تحرك الموظف إلى الخارج بتخاذل، وأكمل قاسم بنبرة عملية: وإنت يا أستاذة سهى، إطلعي إجمعي ال C. v من الشباب وفي خلال عشر دقايق يكون المكتب فاضي، وجهزي الملف اللي قولت لك عليه ودخلهولي بعد عشر دقايق بالظبط.

أومأت سهى وتحركت إلى الخارج وأغلقت خلفها الباب، نظرت كوثر بإستشاطة لذلك الذي لم يعر لوجودها أية إهتمام وتحدثت كوثر بنبرة حادة: إيه يا إبن الإصول، هتفضل سايبني واقفة كده كتير، ولا إنت قلة الأصل خلاص بقت بتجري في دمك
إنتفض واقف من جلسته وبقلب يشتعل هتف قائلا بحدة من بين أسنانه: إحترمي نفسك يا ست إنت، وياريت ماتوصلنيش إني أضطر أنده لك الأمن علشان يخرجك بره المكتب خالص.

صاحت بنبرة صوت غاضبة: أهو ده اللي ناقص يا سي قاسم، تنده لي أنا كمان الأمن يطردوني بعد ما أستغنيت عن أولادي اللي شالوا لك المكتب على أكتافهم اكتر من 12 سنة، وإستحملوا معاك وداقوا المر قبل الحلو علشان يكبروا المكتب، وأكملت بصياح عال: وأول ما ربنا عطاك من وسع وأتشهرت، إفتريت عليهم وطردتهم، بدل ما تاخدهم جارك وتدوقهم من الخير اللي بقيت فيه واللي هما السبب في وجوده.

وأكملت متسائلة: تنكر إن إيناس هي السبب في نجاح قضية التهامي اللي كسرت الدنيا وقفشت فيها فلوس قد كده من الراجل، وعلى حسها جالك بدل القضية عشرة؟
أجابها بنبرة غاضبة جراء حديثها الذي أوصله للإشتعال: عيالك مين يا أم عيالك، إوعي تكوني مصدقة كلامك الأهبل اللي جايه تتحفيني بيه ده؟

وأكمل بنبرة حادة: أنا اللي نشلت عيالك من الضياع ونشلتك إنت وجوزك من الفقر اللي كان معشش في بيتكم وبياكل في جسدكم، لولا مكتبي اللي جدي فتحه لي ولمتهم معايا فيه، كان زمانهم بيشتغلوا زي الصراصير عند محامي ماصص دمهم وبيديهم فتافيت وبيبوسوا إديهم عليها،.

وأكمل شارح: أنا اللي عملت منهم بني أدمين، أتقيت ربنا فيهم وعاملتهم بما يرضي الله، عمري ما عاملتهم على إنهم موظفين عندي، طول عمري وأنا بقول لهم إن المكتب ده بتاعنا إحنا التلاثة، كنت بوزع الأرباح علينا بالتساوي في القضايا اللي كنا بنشتغل فيها مع بعض.

وأكمل بنبرة ساخرة: جاية تهينيني في مكتبي بعد ما شبعتي من ورايا إنت وعيالك، إنت ناسيه كنت بتعامليني إزاي أيام ما كنت لسه ساكنة في الأوضة والصالة والحمام المشترك اللي كنتم بتدخلوه بالدور مع الجيران؟
وأكمل بغضب: مكنتيش بتقولي لي غير يا أبن الأكابر، إتمسكنتي لحد ما اتمكنتي إنت وبنتك، والوقت جاية تتهميني بقلة الأصل يا سليلة الحسب والنسب.

ردت على حديثه قائلة بإعتراض ونفي: اللي إحنا وصلنا له ده مش ببلاش يا حبيبي ولا صدقة منك، ده شقي عيالي وشغل سنين مصيت فيهم دمهم وفي الاخر رميتهم في حتة مكتب كحيان في العمرانية، بعد ما كانوا في مكتب في أرقي منطقة في مدينة نصر، هو ده رد الجميل؟

وأكملت بإتهام: عملنا لك إيه علشان تكافئنا بالشكل ده، سبع سنين بحالهم وإنت خاطب البت في السر من غير ما أهلك يعرفوا وقولنا ماشي، نستحمل لحد ما تعدل أمورك وتظبتها مع أهلك، وحتى لما إتحوزت بنت عمك وطمعت في مال أبوها لوحدك، وكنت عاوز تتخلي عن بنتي، وفي الاخر اتجوزتها بردوا في السر وقولنا ماشي،
وأكملت بتساؤل غاضب: عملنا لك إيه نستاهل عليه غدرك ده رد عليا؟

تحرك من وقفته ووقف مقابلا لها وهتف بنبرة نادمة: أقولك أنا عملتولي إيه، صنعتوا مني إنسان أناني حقير بعد ما كنت جاي من الصعيد على فطرتي والطيبة سكناني، من أول ما اتعرفت على صديق السوء إبنك، وبعدها بنتك، من وأنا لسه طالب وهما بيزرعوا فيا بذرة الأنانية والجحود،.

وأكمل بصياح وغضب: بنتك أول واحدة إتعلمت على إديها الكذب والمراوغة وقلة الضمير، لما فضلت زي الشيطان توسوس لي لحد ما خلتني أكذب أول كذبة في حياتي، واللي بعدها مشيت في طريق واكتشفت إن ممنوش رجوع، كذبة جرت وراها كذبة، لحد ما في يوم صحيت لقيتني باني جبل ذنوب طبق على صدري لحد ما خنقني،.

وصرخ بها عاليا: إنتم لعنة وصابتني، بنتك هي لعنتي في الدنيا، ذنبي اللي هعيش أكفر عنه كل اللي باقي لي من حياتي، وياريتني هخلص منه
وأكمل بنبرة ضعيفة: جايه تسألي عملتوا لي إيه، إنتوا دمرتوني، حولتوني لمسخ دميم، حولتوني لألة ماشية على الأرض، أهم حاجة مصلحتي، خلتوني بعت ودوست على اللي مني وأنا زي الأعمي المنساق ورا سحركم الملعون وببرر لنفسي خيانتي،.

وأكمل بألم: بقيت بستخبي من نفسي وأتداري منها وأنا واقف قدام المرايا، علشان ما أشوفش ملامح وشي الدميمة،
بنتك لعنة، لعنة صابتني ودمرتني، بس خلاص كل كذبي إنكشف وأنا نويت اتطهر من ذنوبي، وأول ذنوبي هما ولادك اللي كان لازم أبعدهم عني بأي شكل، الخطوة الجايه هي الطلاق اللي للأسف مش هقدر انفذة غير بعد ماتعدي المدة، وده مش إحترام لجوزك الهفأ عديم الشخصية.

وأكمل معترف: لا، ده علشان ما أخسرش نفسي أكتر من كده وأحافظ على ذرة الرجولة اللي لسه فاضلة لي، بعد ما أتمحت رجولتي وكرامتي على إديكم يا شوية رعاع
كانت تنظر إلية ولكم الغضب الدفين الذي يتحدث به وهي ترتعب من هيأته الموحشة التي ولاول مرة تراها.

وتحدث وهو يسحبها من يدها إلى باب الغرفة مما أرعبها: والوقت إطلعي بره ونصيحة مني لوجة الله بلاش تيجي هنا تاني، ونبهي على شلة النصابين اللي إنت مخلفاهم، إني لو شفت منكم حد هنا تاني، قسما بربي لأقتله وأخد فيه إعدام
إطلعي بره، يلااااااااا
إنتفضت وتحدثت بصوت مرتجف لم تستطع السيطرة على الهلع الذي أصابها: ماشي يا قاسم، ماشي.

وتحركت هي للخارج وصفق هو الباب خلفها بقوة جعلتها ترتعب وتهرول بأقصي سرعتها بإتجاه الخارج
أما هو فبات يتنفس عاليا ويزفره بقوة عله يهدئ موجة الغضب التي أصابته جراء مقابلته لتلك المرأة التي تمثل الشيطان في أقبح صورة له.

وضع كف يده فوق شعره وسحبه للخلف في حركة تظهر كم غضبة الهائل الذي وصل إليه، تحرك بغضب ورمي حاله فوق مقعده بإستسلام، أغمض عيناه بألم وهو يلعن ويسب حاله على ما أوصل حاله إليه بيده وبفضل عناده وتمرده على عاداته.
بعد حوالي ثلاثة أسابيع مرت على واقعة إكتشاف صفا لزواج متيم روحها عليها، عاد قاسم إلى السرايا بعد إنقطاع مقصود وذلك لعدم قدرته التطلع بوجه أيا كان، وأيضا كي يعطي إلى صفا وقت كافيا لتهدأ به وتستعيد وعيها وعقلها الذي فقدته خلال إكتشافها لتلك الكارثة،.

دلف بسيارته من باب السرايا مع حلول بداية الظلام، صف سيارته وتحرك بساقان ثقيلتان، صعد الدرج المؤدي لباب منزل زيدان، قرع جرس الباب وكله إشتياق لرؤيا عيناي من حرمت على عيناه النوم في إبتعادها، فتحت له تلك العاملة التي تدعي صابحة
تحدثت بوجه بشوش: حمدالله على السلامة يا قاسم بيه
إنتفض قلبه وكاد أن يخرج من بين أضلعه ويعلن عصيانه حينما إستمع إلى صوتها العذب وهي تتحدث إلى والدتها،.

تحدث إلى صابحة بنبرة هادئة: الله يسلمك يا صابحة، عمي زيدان إهنيه؟
أفسحت له المجال وهي تشير إليه بيدها في دعوه صريحة منها إلى الداخل قائلة بإحترام: إيوه چوه، إتفضل يا سي قاسم
إبتسم لها وكاد أن يخطو بساقه أولي خطواته إلى الداخل ولكنه توقف سريع بل وأتخذ خطوة إلى الرجوع للوراء عندما وجد زيدان وقف أمامه وحجب عنه الدخول واضع ساعده على الباب بقوة كسد منيع.

ثم تحدث إلى العاملة بتهجم: إدخلي چوه شوفي ستك ورد عاوزاك في إيه
أسرعت العاملة للداخل وهي تؤمي له بطاعة وخوف من هيأته الغاضبة التي ظهر عليها، في حين نظر إلى قاسم وسأله بنبرة حادة وملامح وجه مقتضبة: خير يا قاسم، چاي عاوز إيه؟
إبتلع قاسم غصة مرة إقتحمت حلقه من تلك المعاملة المهينة لشخصه التي تلقاها من عمه، وما زاد من حزنه أنها تمت في وجود العاملة، تنفس بهدوء وتحدث بثبات نفسي إصطنعه بصعوبه: كيفك يا عمي.

قلب زيدان عيناه بتملل وتحدث بنبرة حادة وملامح وجه صارمة: چاي ليه يا قاسم؟
أجابه بنبرة متحفظة: چاي أشوف مرتي وأطمن عليها يا عمي،
وأكمل بإحترام كي يستدعي رضا عمه عليه: ده طبعا بعد إذنك
أجابه زيدان بإقتضاب وصرامة: الدكتورة نايمة
تمالك قاسم من حالة الغضب التي تملكته من معاملة عمه له فتحدث بثبات: نايمة كيف وأني لساني سامع حسها چوة
جولت لك نايمة، عتكدبني إياك؟ كانت تلك إجابة زيدان الصارمة على قاسم.

تنفس قاسم عاليا وحاول جاهدا كظم غيظة الذي أصابه من حديث زيدان المستفز وموقفه شديد الصرامة: العفو يا عمي أني مجصدش أجول إكده، أني بس بجول إن ممكن حضرتك تكون معارفش إن لساتها صاحية
وأكمل: فبعد إذنك تخليني أدخل لها، وأوعدك أني مهطولش جوة
زفر بضيق وأردف بنبرة حادة: شكلك جافل ودانك ومسامعنيش عجول إيه من أصله، جولت لك نايمة، ناااايمه.

قال جملته وهو يستعد لغلق الباب بوجهه، بسرعة بديهه وضع قاسم كف يده مانع به غلق الباب وصاح بنبرة عالية: اللي بتعمله ده حرام شرع ولا يچوز يا عمي، مش من حجك تمنعني من إني أشوف مرتي وتمنعها عني، إنت إكده بتخالف شرع ربنا وبتجف في وشه
تحدث زيدان بتهكم: شرع ربنا؟
إنت أخر واحد تتحدت عن شرع ربنا،
واستريل حديثه قائلا بنبرة حادة: شرع ربنا جال لك تخون العهد وتتچوز على بتي وهي لساتها عروسة مكملتش شهر!

وأكمل بتساؤل غاضب: إلا جولي يا حضرة الافكاتو، مش بردك شرع ربنا اللي عتتكلم عنيه دي بيجول لك إن لما تاچي تتچوز على مرتك لازمن تجولها؟
واكمل بهتاف عال لشدة تعصبه: والجانون اللي إنت درسته وبتجف جدام الجاضي وتترافع بيه، مش بردك عيبعت إخطار للزوجة يعلمها فيه بچواز چوزها عليها؟
موصلش لبتي ليه الإخطار ده يا راچل الجانون يا اللي دارس شرع الله وحلاله وشغلك مبني عليه؟

وأكمل بإتهام: ولا هو شرع الله بيأمرك ويجول لك ترشي المحضر لجل ما يمنع الإخطار ومايوصلش ليد بتي؟
كانت تجاور والدتها الجلوس وتتحدث إليها، إستمعت إلى صياح أبيها ومن خلال كلماته الغاضبة إستطاعت أن تكتشف هوية الشخص الذي جعل والدها يفقد هدوئه وأتزانه، شعرت بإنقباضة داخل قلبها وتغير لون وجهها من الوردي إلى أصفر باهت.

أما قاسم التي نزلت كلمات عمه الحادة على قلبه فألمته وحملته أعباء أكثر مما هو عليه، تنهد بتألم وتحدث مفسرا: بكفياك علشان خاطر ربنا يا عمي، أني إعترفت بكل أغلاطي وذنوبي جدام العيلة كلياتها، ومعوتش جادر ولا متحمل أسمع إتهامات وإهانات أكتر من إكده، أني سبت حضرتك تلات أسابيع بحالهم وبعدت لجل ما تهدي، بس يظهر إن حضرتك معتهداش واصل،.

وأكمل بنبرة عاقلة: أني تعبت ومعتش جادر للمناهدة دي، الله يخليك تخليني أجابل مرتي لجل ما نحل الموضوع بيناتنا وترچع معاي لشجتها معززة مكرمة
قوس فمه ساخرا وسأله بحدة: أي عزة وأي كرامة اللي عتتحدت عنيهم يا ولد أخوي،
وأكمل بنبرة يائسة: روح يا قاسم، روح لحالك وفوت بتي لحالها، أني ماصدجت إنها بدأت تروج وترچع لوعيها بعد ما كانت عتفجد عجلها بعد اللي عملته فيها.

علم قاسم أن لا فائدة من ذلك الجدال العقيم عديم المنفعه في ظل غضب زيدان الذي مازال قائما ولم يتزحزح، بل وتزايد أكثر مما كان عليه
أومأ له برأسه وتحدث بنبرة قوية بعدما فاض به الكيل: أني همشي دلوك يا عمي، بس عاوزك تعرف أني لا ضعيف ولا أني جليل الحيلة وجادر أدخل دلوك وأخد مرتي، أني هصبر بس لچل خاطرك وغلاوتك عندي واللي ربنا وحده هو اللي يعلمها زين،.

وأكمل بنبرة قوية ذات مغزي: بس يكون في معلومك يا عمي، أني صبري ليه حدود، وياريت ماتوصلنيش إني أفجد صبري وطولة بالي
قال كلماته وتحرك سريع متجه إلى باب السرايا المقابل لمنزل زيدان، حين أغلق زيدان الباب وتنفس بضيق وغضب شديد أصابه جراء رؤياه لوجه من باع الوعد وكسر العهد وضحي بالغالي والنفيس لأجل وفائه لكلمة الغريب.

دلف قاسم من باب السرايا، وجد الجلسة ينقصها الكثيرون من أهل المنزل، أبويه على سبيل المثال، وذلك إمتثالا لأوامر عثمان الذي أصدرها أثناء واقعة يزن المعروفة، وأيضا عائلة زيدان الذي ما عاد يحضر إلى السرايا، وذلك إمتثالا للحفاظ على كرامة غاليته وحالتها النفسية التي لم تعد كسابقها، ودون عثمان بذاته الذي يجلس حبيس حجرته وحيدا طيلة الوقت، وكأنه يعاقب حاله على ما وصل إليه أبنائه واحفاده من حالة مزرية ألمت قلبه الذي شاب من أفعال غواليه والتي لم تكن تراوده حتى في أبشع كوابيسه.

ألقي السلام بملامح وجه مقتضبة وصعد الدرج متجه إلى الأعلى دون أن يتحدث بحرف واحدا
صعد فارس الدرج سريع خلف شقيقه، تحرك إليه ووقف بجانبه وهو يضع المفتاح داخل فتحة باب مسكنة، وتحدث بترقب: حمدالله على السلامه يا أخوي، ما جولتليش إنك چاي ليه لچل ما أستناك في المطار.
أجاب شقيقه برأس منكس: جولت لحالي مافيش داعي أتعبك وياي يا فارس، وبعدين ما أنت عارف إن عربيتي مركونة في الجراچ اللي چنب المطار.

وضع فارس يده على كتف شقيقه بحنو وهتف بترقب: عاوز أتحدت وياك يا قاسم
رفع كف يده في وجه اخيه وتحدث بنبرة إستعطاف: مجادرش يا فارس، الله يخليك سيبني في حالي يا أخوي
أومئ له فارس وانسحب بهدوء بقلب يتألم لأجل شقيقه.

دلف قاسم إلى مسكنه، إنقبض قلبه من ذلك الظلام الدامس القابض للروح والذي سكن المكان بعد رحيلها، داس على زر الإضاءة وبات ينظر حوله، رأها بجميع الزوايا، تخيلها وهي تخرج عليه من باب غرفة نومهما وتسرع عليه لتستقبله بإبتسامتها الساحرة التي كانت تطيب قلبه وتصيبه بالسكينة والطمأنينة الذي إفتقدهما برحيلها، نظر بإتجاه المطبخ، تخيلها تقف أمام موقد النار تصنع له قهوته التي ما عاد يتمزج بها ويستحسن مذاقها سوي التي تصنعها يداها،.

للحظة تسللت لأنفه رائحة المخبوزات الطازچة التي كانت تصنعها لأجله، إبتسم بمرارة على ما أصبح عليه وما حرم منه
خطي بساقيه إلى باب حجرتهما التي كانت تمتلئ بالحياه والضحكات والاحضان الدافئة، الان أصبحت كقبر يقبض أنفاس من يدلف إليه منهما، تنهد بألم وخطي للداخل، وجد كل شئ ضل بمحله سواهما،.

تحرك إلى خزانتها وأخرج ثوب كان يعشق رؤياها به، إحتضنه وضمه إلى صدرة بقوة، أغمض عيناه وأشتم رائحة جسدها العطرة التي مازالت معلقة به رغم غسله،
وكأنها تضع وشمها بكل شئ يخصها حتى هو، هو الذي وشم قلبه بعشقها الذي يشبه عشق أميرات الاساطير في رقيه، وضع شفتاه فوق ثوبها العفيف، وضع به قبلة إشتياق تنم عن مدي توهة روحه في بعادها، أغمض عيناه ثم أخذ نفس عميق للغاية وأحتفظ به داخل رأتيه،.

فتح عيناه من جديد وبصعوبة أبعد ثوبها عن موضع قلبه، ثم وضعه برفق فوق الفراش بمحل نومتها بعدما قبله ومسح عليه برقة وكأنه تحول إليها، تحرك إلى الشرفة وفتحها وبلهفة نظر إلى شرفة غرفتها، أصابه الإحباط حين وجدها عاتمة مما يدل على عدم صعودها إليها إلى الان.

تحرك إلى المرحاض وأدار مقوده وتنفس ثم فتح الباب، حزن وألم تملكا من قلبه، فكل شئ يذكره بها، تحرك إلى صنبور المياه وخلع عنه ثيابه وأخذ حمام باردا سريع، توضأ وخرج لقضاء صلاة العشاء وجلس بعد الإنتهاء يناجي ربه بخشوع ويطلب منه العفو على ما فعل بحاله وأحبائه، وطلب منه العون فيما هو قادم، وقف منتصب الظهر ورفع معه سجادة الصلاة ووضعها بمحلها.

إستمع إلى قرع جرس الباب، زفر بضيق وتأفف لعدم رغبته بمقابلة احدا مهما كان سوي من ملكت الفؤاد وفقط، فتح الباب وجدها والدته التي تطلعت إليه بحزن حقيقي لما رأته من إنطفاء للمعة عيناى ولدها، وحتى وجهه وجسده الذي إفتقد بعض من الكيلو جرامات مما جعله يظهر بجسد نحيف،.

تنهدت بضيق على ما فعله بحاله ذاك العنيد، سحبته لداخل أحضانها وربتت عليه، الغريب أنه لم يشعر بحنينها أو أي شعور بالإرتياح نتيجة ضمتها، وكيف له أن يشعر بالراحة داخل أحضانها المسمومة وهي سبب رئيسي فيما حدث ويحدث وسيحدث له.

خرج بهدوء من ضمتها وتحرك إلى الأريكة، جلس عليها بوجه مهموم، نظرت إليه بضيق وتنهدت وتحركت لتجلس بجانبه وهتفت بنبرة ملامة: عامل في حالك إكده ليه يا ولدي، لا أنت أول ولا اخر واحد يتچوز على مرته، ولو زعلان عشان صفا سابت لك البيت ماتجلجش، بكره تعجل وترچع لحالها كيف ما مشيت،.

زفر بضيق ورغبه ملحة تطالبه بوضع كفاي يداه فوق أذناه كي لا يستمع لما يقال ويخرج من فمها، تحدثت فايقة بتحريض وكأنها الشيطان بذاته: عاوز نصيحتي، سيبها هي وأبوها يخبطوا راسهم في أجرب حيطة تجابلهم ويرچعوا لحالهم تاني
وأكملت بصدق: أني كل اللي كان مخوفني من اللحكاية إن چدك يغضب عليك ويحرمك من ورثك كيف ما عمل مع عمك زيدان، بس طالما چدك طلع بيحبك وسامحك، يبجا تعيش حياتك وتكملها عادي.

وأكملت بنبرة خبيثة: فيه حاچة كنت عاوزه أتحدت وياك فيها، وهي هچرك لمرتك المصراوية، اللي عتعمله معاها دي حرام يا ولدي ومايرضيش ربنا، إرچع شجتك وعيش وياها، هي كمان ليها حجوج عليك ولازمن تديهالها، وإلا ربنا عيحاسبك على حرمانك ليها،
وأكملت بنبرة لائمة: أومال لو منتاش محامي وعارف العدل والحج
كادت ان تكمل قاطع هو حديثها بنبرة صارمة: لو خلصتي حديتك ياريت تروحي على شجتك لأني تعبان وعاوز أدخل أنام.

زفرت بإستسلام وكادت أن تكمل حديثها لولا صوت قرع جرس الباب الذي صدح، قامت هي على الفور وفتحت الباب، وجدت رسميه التي تحدثت بأنفاس متقطعة موجهة حديثها إلى العاملة التي تحمل صنية كبيرة بها أصناف متعددة من الطعام المتنوع المحبذ لدي حفيدها، و التي أمرت العاملات بتجهيزه على وجه السرعة فور حضورة،
بأنفاس متقطعة تحدثت رسميه: حطي الصنية إهنيه على التربيزة وإنزلي إنت يا بهيه.

وضعت العاملة ما بيدها وتحدثت بطاعة: أوامرك يا ست الحاچة
وقف قاسم وتحرك إلى جدته، أمسك يدها وأسندها وأردف قائلا بنبرة لائمة محبه: تاعبة حالك وطالعة السلالم وإنت تعبانة ليه يا چده؟
أسندها وأجلسها بجانبه فتحدثت هي والتعب يظهر على صوتها وهيأتها: هتعب لأعز منيك يا غالي
تحدثت فايقة بنبرة خبيثة: تسلم يدك يا عمه.

في حين تحدثت رسمية بنبرة صارمة ونظرات كارهة إليها: فوتيني مع حفيدي لحالنا ويلا روحي على مكانك
أجابتها فايقة بنبرة ضعيفة كي تستجدي تعاطف رسمية: خليني جاعدة لجل ما أوكله وياك يا عمه وأعمل له كباية شاي بعد الوكل.
رمقتها بنظرة حارقة وتحدثت بحدة وتهكم: هامك ولدك جوي، جولت لك روحي على مطرحك.

تحركت وهي تسب وتلعن بسرها تلك العجوز الشمطاء التي أصبحت لا تترك أية مجال حتى تهين كرامتها وتنقص من قيمتها أمام الجميع
تحركت رسمية إلى حفيدها وجلست بجانبه، وضعت كف يدها الحنون فوق وجنته وهتفت بنبرة حنون: كيفك يا جلب چدتك، زين يا حبيبي؟
أومأ لها وتحدث: الحمدلله يا چده
تحدثت رسمية بنبرة صوت حنون: مد يدك وكل يا ولدي، أني خليتهم يعملوا لك كل الوكل اللي إنت عتحبه.

هز رأسه وأردف رافض بإصرار: مجادرش يا چده، مليش نفس
تنهدت بحزن لأجل حفيدها الغالي، سحبته لعندها و وضعت رأسه على ساقيها بهدوء، شعر براحة عجيبة غزت روحه بعكس ما حدث مع والدته، تنهد بعمق وراحة، وضعت كف يدها الحنون فوق ظهره وباتت تتحسسه بلمسة حنون إقشعر لها بدنه وأستكانت بها روحه.

أردفت قائلة بحديث ذات مغزي: إصبر وأتحمل يا وليدي، صح الريح عاتية وشديدة، بس ميتا الدنيي فضلت على حال، عتعدي، بكره الريح عتهدي والدنيي تروج والشمش عتطلع وتنور دنيتك العاتمة من تاني،
وأكملت بطمأنه: بت أبوها عشجاك وعاشجة لأنفاسك، متخافش، عتحن، عشجها عيغلب عنادها وعيرچعها لحضنك من چديد، بس إنت إسعي لچل ما تنول الرضا والسماح.

تحدث مستعطف إياها بترجي: كلمي عمي زيدان وخليه يسيبني أدخل لها يا چده، إتوحشتها، نفسي أخدها في حضني، نفسي أشم ريحتها،
وأكمل بنبرة متألمة: ملحجتش أفرح بخبر حبلها، نفسي أحط يدي على بطنها وأطمن إبني ولا بتي وأجولها متخافش، أني معاك وعحبك وعاشج لتراب رچلين أمك،
تحدثت إليه بنصح وإرشاد: طلج المصراوية وأني عخلي عمك زيدان يرچعها لك.

تنهد بصدر محملا بثقل بفضل الهموم: ياريت كان ينفع يا چدة، معجدرش أطلع عديم الرچولة حتى مع الغريب،
وأكمل بنبرة ضعيفة: كفاية عليا العار اللي شايله كدامكم كلياتكم، وجودها سنة بحالها على ذمتي، يعتبر أكبر تكفير عن ذنوبي، لأن إرتباط إسمها على إسمي يعتبر أكبر عجاب ليا
إستغربت رسمية حديثه فسألته بإستغراب: إنت معتحبهاش إياك؟

زفر بضيق وأردف مفسرا: أني معايش وياها يا چده، ملمستهاش، الله الوكيل مالمستها ولا علمسها، أني إنچبرت على چوازها لچل ما أتحمل غلطي معاها زمان لما جعدت خاطبها سبع سنين بحالهم،
ضيقت رسمية بين حاجبيها متعجبة لحديثه، ثم أعادت سؤالها على قاسم مرة اخري للتأكيد: صح ملمستهاش يا قاسم؟
أجابها بتأكيد: الله وكيلي ما لمستها يا چده، ولا حتى شفتها حرمة جدامي.

سعد داخل الجده لإستماعها بتلك الإعترافات التي ستساعد كثيرا في حل المشكلة لو علمت بها صفا، أو هكذا هي تخيلت، طلبت من قاسم تناول الطعام فرفض من جديد، وبعد محايلات من الجده تناول بعض اللقيمات التي تعد على أصابع اليد الواحدة.

- -
كانت تقبع فوق تختها بعدما أصبحت تقضي معظم يومها وهي متقوسة فوقه، متقوقعة على حالها داخل غرفتها بعد أن أصبحت ملاذها الامن للهرب من أعين محبيها التي تحاوطها وتنظر إليها بعين الشفقة، وهذا ما كان يؤلمها ولم تتقبله وترضاه على حالها، ولذا فضلت الهرب من تلك النظرات المؤلمة، ليس ضعف أو إستسلام، فهي إبنة زيدان القوية الأبية التي لم تعرف للإنهزام يوم طريق،.

بل ما كان هروبها وأستكانتها سوي إستراحة محارب لتعود أقوي من جديد
تنفست بضيق حين تذكرت صوته الذي وبرغم هدوه المفتعل إلا أنه كان يحمل ببن نبراته التي تحفظها عن ظهر قلب غضب عارم، تنهدت بألم،
مازالت غاضبة منه، لا، لست غاضبة بل تشتعل ولا تطيق حتى النظر لعيناه الكاذبه، كم كان مخجلا شعورها بالخزي من حالها عندما إكتشفت كم الغباء التي تمتلكه برغم ذكائها الذي طالما شهد لها به الجميع،.

الان وفقط تيقنت أنها تمتلك الكثير والكثير من الغباء والسذاجة التي جعلتها تقع داخل براثن ذئبها البشري الذي إفترس برائتها وأخترق حصنها المنيع،
حدثت حالها بدموع وهي تضع كف يدها على صدرها فوق موضع قلبها وكأنها تحادثه: كيف لك أيها الأبله عديم المنفعه أن تنجرف وراء كلماته الكاذبة وتصدق وعوده البائسة حين قال بأنني أصبحت حبيبته!

شهقت ونزلت دموعها بحرارة وتحدثت: كيف لحدسي أن يصاب بالتيبس ويخدعني بتلك المهانة، لقد تحريت الصدق من عيناه حينما كانت نظراته تشملني وتجعلني أسبح بصحبته في عالم العشق والخيال
بماذا أفسر قشعريرة جسدي التي كانت تنتابني وتزلزل كياني حينما كان ينطق ويناديني بصوته الحنون بحبيبتي؟
ألهذه الدرجة أنت بارع وموهوب في الخيانة قاتلي!

رفعت وجهها لأعلي ورمت رأسها للوراء وباتت تزرف الدمعات بغزارة وكأنها تعاقب حالها بتلك الطريقة
وضعت كف يدها أسفل أحشائها وباتت تتحسسها بحنان وتحدث جنينها بحب: لا تخف على مصيرك صغيري، فقط إطمئن وأستكن داخلي، فلديك أم تتحرق شوقا إلى رؤياك كي تزين أهدابي بالتطلع إلى وجهك البهي.

وشهقت بقوة وحدثته من بين شهقاتها الموجعة: حتى والدك، فبرغم كل ما جري إلا أنه وبالتأكيد سيغمرك بالمحبة والدلال، وكيف له ألا يفعل وأنت ستصبح خليفته و وريث إسمه وإمتداده بالدنيا
إبتسمت ساخرة وأكملت: ولا تخف على حالك من غدره عزيزي، إطمئن وتأكد أنك الوحيد الذي لم ولن يقوي على التخلي عنه والغدر به، وكيف له الغدر بك وأنت منه،
أمالت رأسها وسألت حالها بتعجب: أولست انا أيصا كنت منه!

أنا إبنة عمه، وبرغم هذا طعنني غادرا، وقام متعمدا بهدم حصوني المشيدة فوق عنقي فكسرها، وأصبحت لا أقوي على رفعها لأعلي كسابق عهدي
فاقت على كلماتها الاخيرة وأستنكرت ضعفها الذي تملك منها، رفعت رأسها بشموخ كالجبل وتحدثت: لا عاش من كسرني وأصابني بالإنحناء، فأنا إبنة أبيها الأبية ولم يخلق بعد من يحني قامتي ويجعلني أتواري خلف الأبواب.

وقفت ناصبة ظهرها وكأنها تحولت إلى هرة شرسة ذات حوافر مدببة مسنونة كالسيف الحاد، وعلى الإستعداد التام للدخول القوي إلى ساحة المعركة وللإنتصار
تحركت إلى الخارج قاصدة حجرة أبويها كي تخبرهما أنها نفضت ترابها التي كانت تندثر تحته وانتوت الخروج من قوقعتها التي فرضتها على حالها ومكثت بداخلها لأكثر من ثلاثة أسابيع.

وصلت إلى باب الحجرة ورفعت كفها لتطرق الباب وفجأة توقفت حين إستمعت إلى ورد وهي تسأل زيدان بنبرة مهمومة: يا حومتي، يعني هو كان عشجان لزميلته دي وهو لساته بيدرس في الچامعة؟

زفر زيدان الجالس بجوار ورد وتحدث بنبرة حزينة يائسة: البت كانت أخت زميله عدنان وعشجها من أول مرة شافها، ولما إتخرچ چه لأبوي وطلب منيه يفتح له مكتب هناك لجل ميكون جريب منيها ويشغلها معاه هي واخوها، وبعدها إتفج وياها على الچواز بس كان مستني لما المكتب يكبر وإسمه يعلي،.

وأكمل وهو مهموم: بس أبوي سبجه بخطوة وخطب له صفا، قدري عيجول إنه مكانش موافج من اللول وكان هياچي لچده ويعترف له بكل حاچة، بس قدري وفايقة ضغطوا عليه، راح لأبو زميلته وخطبها منيه، واتفج على إنه عيتچوزها بعد سبع سنين، وإتفج ويا زميلته يجولوا لأبوي إنه موافج على خطوبته من صفا، وبعد ما صفا تخلص چامعتها ياچي ويجول لأبوي إنه مجادرش يتچوز صفا لأنها أعلي منيه في العلام، وإنه رايد يتچوز من زميلته في الشغل.

كانت تقف بالخارج تستمع لكلمات أبيها والتي كانت تنزل على جسدها وتجلده كسواط يمزق كل ما يقابله، شعرت وكأن أحدهم يمسك بسكين حاد ويقوم بغرسه داخل قلبها ويطعنه بحدة، بطعنات متكررة.

لم تعد بحاجة إلى إستماع الباقي من التفاصيل، فقد كانت على دراية بالبقية عندما أتي إليها قاسم وطلب منها تنفيذ الجزء الثاني من خطتة الدنيئة، عادت سريع إلى غرفتها وأوصدت بابها ودموعها تنساب فوق وجنتيها بغزارة من هول ما استمعت، وضعت يدها فوق فمها تكتم بها شهقاتها المتعالية وتلعن غبائها وضعفها الذي يجعل دمعاتها الملعونة مازالت تنساب لأجل طاعنها.

أما بغرفة زيدان فاكمل هو باقي روايته إلى ورد التي سألته بنبرة حزينة: يعني هو رفض چوازه من زميلته لجل صفا؟
أجابها زيدان بنبرة حزينة: عيجول إنه حب صفا ومرضاش يكسر وعده ليا، راح لابوها وفض الخطوبه وعرض عليهم فلوس، واكمل زيدان باقي التفاصيل التي قصها عليهم قاسم.

بات الجميع بقلوب ومشاعر مبعثرة، تائهة، غفت بدموعها المنسابة والتي جفت فوق وجنتيها وجف معها نبع حنينها إليها وبحر عشقها اللامنتهي
أما هو فكان يحتضن ثوبها ولم يتذوق للنوم طعم من شدة تألمه وأشتياقه الجارف لرؤياها ولضمة احضانها الحانية
- -
شق الصباح ظلام الليل وظهرت أشعة الشمس لتعلن للدنيا عن ميلاد يوم جديد بأمال وأحلام وأمنياة جديدة.

ضل يراقب منزل عمه من وراء النافذة متواري كي لا يراه زيدان ويترصد نزوله، تحرك سريع للأسفل بعدما وجد زيدان خرج من البوابة الحديدية بعدما إستقل سيارته،
وقف أمام المنزل ودق بابه، فتحت له ورد التي نظرت بحزن إلى هيأته المبعثرة وشعره المشعث وعيناه المنتفخة والتي تدل على عدم نومه، ناهيك عن هيأته ككل وجسده الذي إفتقد بعض من الكيلوجرامات،.

شعرت بألم غزي قلبها عليه، فبرغم كل ما حدث لإبنتها على يده إلا أنها تعرف بحدسها أنه يعشق صغيرتها بل انه أصبح متيم وهذا ما أستشفته من داخل عيناه الهائمة
وبرغم شعورها هذا إلا أنها إدعت الجمود وتفوهت بقوة: چاي ليه يا قاسم على الصبح إكده
أجابها بنبرة رجل مهزوم: چاي أشوف مرتي يا مرت عمي، عاوز أجعد وياها لحالنا ونتكلموا
زفرت بضيق وتحدثت: مش عمك جالك معينفعش.

كاد أن يتحدث معترض لكنه إبتلع لعابه واهتز بعنف قلبه العاشق حينما رأها تطل عليه كقمر منير، فبرغم خسارتها لبعض من وزنها وشحوب وجهها وذبوله، إلا أنها مازالت قمره الذي أنار عمره العاتم
كانت تخرج عليه مرتدية ثياب عملية كي تستعد إلى العودة لعملها، هتفت قاصدة بحديثها والدتها: خلي المتر يتفضل يا أما لجل ميجول الكلمتين اللي عنديه ونخلصوا من الزن دي.

زفرت ورد وتحدثت إليها بإعتراض: أبوك لو عرف إنك جابلتيه وإتحدتي وياه عيشندلنا شنديل
أجابتها صفا بإطمئنان: متجلجيش يا أم صفا
وأكملت وهي تنظر لذلك الواقف يتطلع عليها بعيون متلهفه تنظر لملامح وجهها بشغف ووله كما الظمأن في الصحراء في وضح النهار، الذي وجد أمامه قنينة مياة مثلجة: المتر معيطولش إهنيه، هما كلمتين عيجولهم ويمشي على طول،.

وأكملت بنبرة جافة وإهانة إبتلعها هو وعذرها عليها: أني أصلا ورايا شغل مهم ومفضياش للحكاوي
دلفت وأشارت إليه للحجرة الجانبية الملصقة بالباب والخاصة بإستقبال الزائرين الأغراب وتحدثت: إتفضل يا متر
خطت بساقيها وتحرك هو خلفها وتحركت ورد إلى الداخل لتترك لهما المجال للحديث، إبتلع لعابه وهتف بنبرة متلهفة وهو ينظر لعيناها بإشتياق جارف: وحشتيني يا نور عيني.
خطت بساقيها وتحرك هو خلفها وتحركت ورد إلى الداخل لتترك لهما المجال للحديث، إبتلع لعابه وهتف بنبرة متلهفة وهو ينظر لعيناها بإشتياق جارف: وحشتيني يا نور عيني.

وتحرك إليها مهرولا وكاد أن يسحبها لداخل أحضانه الدافئة كي يطمئن روحها ويطفئ لهيب إشتياقة إليها الذي أذاب قلبه، توقف مكانه حين وجدها وضعت كف يدها بوجهه في إشارة منها لتحذيرة من الإقتراب وتحدثت بنبرة صارمة: خليك مكانك وخلصني وجول الكلمتين اللي چاي علشانهم.

توقف ناظرا إليها والألم يمزق داخله وبنبرة متألمة تحدث: بلاش تبجي إنت والدنيي عليا يا صفا، ده أني طول المدة اللي فاتت وأني جاعد أصبر حالي وأوسيها وأجول لها إصبري، چراحك النازفة هتطيب من أول ضمة من حضن صفا، صبرت عليك وبعدت عنيك واني جلبي بيتجطع عليك وعموت وأخدك في حضني لچل ما أطيب چراحك، بعدت لچل ما تهدي وبعدها أچي لك وأفهمك.

وأشار إليها قائلا بنبرة تشع حنان وعشق: خليني أخدك چوة حضني وأنسيك كل اللي حصل يا حبيبتي
وقفت أمامه بشموخ وسألته بإستنكار: حبيبتك؟
إنت مين أصلا لچل ما تطيب چراحي چوة حضنك؟
أني معرفاكش، حاسه حالي بشوفك لأول مرة، ملامحك غريبة عليا ومعارفهاش، عنيك كنها صحرا فاضية مفهاش غير الخراب والموت المحتم للي يدخل في طريجها.

إتسعت عيناه من حديثها المؤلم فهتف بنبرة حنون: أني قاسم يا صفا، قاسم البني أدم اللي إتولد من چديد على أديك، قاسم اللي أول حكايته بدأت وياك، قاسم اللي شاف الدنيي وعرفها وداج حلاوتها چوة عنيك، بين أديك لجيت راحتي وروحي التايهة اللي عيشت عمري كلياته وأني بدور عليها، أني قاسم يا صفا.

تحاملت على حالها كي تظهر أمامه بكل هذا الثبات وتحدثت بمرارة: وأني صفا، صفا الهبلة اللي صدجت عيونك الكدابة، صفا اللي شافت توهتك وحيرة نفسك التايهة وضمتك لحضنها وطمنت روحك الغدارة، صفا اللي أمنت لك وضمتك لصدرها لچل ما تشربك من حنانها وتدوجك من العشج اللي عاشت عمرها كلياته شيلاهولك إنت مخصوص، صفا اللي رمت حالها چوة حضنك وغمضت عنيها وأدتك الأمان،.

وأكملت بنبرة حادة: صفا اللي دفعت تمن ثجتها العامية غالي، مجنيتش من وراك إلا كل غدر وحزن وشجي، مشفتش من وراك خير يا قاسم، محسيتش منيك غير بسكينة غدرك اللي كنت مداريها طول الوجت ورا ضهرك ومستني الوجت المناسب لجل ما تطعني بيها في نص جلبي بكل جبروت.

نظرت إليه بجمود وهتفت بنبرة جاحدة: ملعون أبو عشجك الكداب اللي دبحني وشج جلبي لنصين في عز فرحتي، واكملت وهي تضع يدها فوق أحشائها: ده أني ملحجتش أفرح بخبر حملي من الراچل اللي عشت عمري كلياته أحلم بيه
نظر لها بعيون متوسلة وتحدث بنبرة رجل منكسر: إرحميني يا صفا، كلامك عينزل على جلبي كيف النار بيكوي ويحرج كل اللي بيجابلة في طريجه
نظرت إليه وسألته بنبرة تهكمية: صح عنديك جلب وبيحس كيف الناس يا قاسم؟

أجابها بتأكيد وثقة: عندي يا صفا، وإنت ساكناه ومالكة الروح يا بت جلبي، وأكمل بأمل ونبرة حماسية مشجعة: خليني اللول أحكي لك اللي حصل وبعدها أحب على راسك وأخدك في حضني ونفرح بإبننا ولا ببتنا اللي چاية، متخليش العند يضيع فرحتنا يا صفا
ضحكت ساخرة وتحدثت: عتحب على راسي؟
كت دوست على رچلي من غير متجصد لجل ما تحب على راسي وأسامحك إياك؟
للدرچة دي شايفني مغفلة وهبلة؟

أغمض عيناه بتألم وأردف قائلا برجاء: إرحميني يا صفا، أني تعبت ومجادرش أعيش من غيرك يا حبيبتي، من يوم مافوتيني وأني ملاجيش روحي چواتي، عدور على قاسم ملاجيهوش، إرچعي لي يا بت جلبي ورچعي لي حياتي
وأكمل بنبرة جادة: فيه تفاصيل كتير غايبة عنيك ولازمن تعرفيها لچل ما يكون حكمك علي عادل.

إبتسمت ساخرة وأجابته بنبرة منكسرة: وفر دفاعك ومرافعتك لجضية تكون كسبانة يا متر، جضيتك وياي خسرانة، لأن أي حاچة عتجولها معتغيرش إحساس الكسرة والمذلة والشعور بالمرارة اللي ملازمني ومالي جوفي ومفارجنيش من يوم اللي حصل
ثم دققت النظر لداخل عيناه النامة وسألته بضعف ألم قلبه وأحرقه: أذيتك في إيه أني يا ولد عمي لجل ما تأذيني في جلبي وتدهس كرامتي تحت رچليك؟

وبرغم كم الوجع الذي أصابه جراء حديثها المؤلم إلا أن ما لفت إنتباهه وجعله يعترض هو وصفها له ومناداته بإبن عمها، فتحدث بإعتراض بنبرة حادة: أني مش ولد عمك يا صفا، أني حبيبك اللي ساكن روحك وعشجي عيچري چوات دمك
قوست فمها وتحدثت ساخرة: حبيبي، حلوة الثجة اللي لساتك عتتكلم بيها دي رغم كل اللي حصل.

تنفست بضيق وتحدثت وهي تتأهل للرحيل: بيتهئ لي كفاية تضييع وجت لحد إكده يا متر، أني إتأخرت على شغلي وإنت كمان أكيد عنديك حاچات أهم من كلامنا اللي لا عيودي ولا عيچيب دي
أسرع عليها وأمسك ذراعها ليحثها على عدم التحرك، نفضت يدها رافضة لمسة يده التي أصبحت ك نار تحرقها فتحدث هو بإعتراض: معتمشيش جبل متسمعيني وتعرفي الظروف اللي خلتني أتچوز يا صفا.

نفضت يدها وباتت تمسح مكان مسكته وكأنه يحمل جراثيم ستلوثها وتحدثت بفحيح: بعد يدك عني، وجولت لك ملوش لزوم حديتك، لأنه لا هيجدم ولا هيأخر، اللي عرفته كان كفاية جوي يا متر
أجابها بثقة: لزمن تسمعيني يا صفا، صدجيني الكلام اللي عجوله عيرضيك ويعرفك إن غضبك ده كلياته مش في محله
تغاضت عن حديثه وسألته بقوة: لو صح عاوزني أجعد وأسمعك يبجا تطلجها اللول، وده شرطي الوحيد لجل ما أسمعك.

إبتلع غصة مرة من عدم إستطاعته لتنفيذ رغبتها المشروعة، أخذ نفس عميق وزفره بضيق وأردف قائلا بنبرة بائسة حزينة: مينفعش يا صفا، معجدرش أطلجها دلوك
إبتسمت بجانب فمها ونظرت إليه وتحدثت: وأني كمان معجدرش أسمعك دلوك
هتف مترجي: بلاش عند يا صفا
ردت بقوة: أني مبعندش، أني بجولك شرطي وإنت حر في إختيارك
أجابها بيأس: مهعرفش أطلجها جبل سنه؟

عقدت ذراعيها فوق صدرها وتحدثت بنبرة صارمة: بسيطة ومحلولة يا متر، يبجا نتجابل ونتحدتوا بعد سنه من دلوك
جحظت عيناه وأشتعلت روحه المتشوقة لضمتها وتسائل بذهول: كنك إتچنيتي يا صفا، إنت عيزانا نجعدوا بعيد عن حضن بعض سنة بحالها؟!
قوست فمها وأبتسمت ساخرة وتحدثت متعجبة مما جعل الدماء تغلي بعرقه: ومين جال لك إن بعد السنة ماتعدي هرچع لحضنك تاني!

واسترسلت حديثها بقوة وشموخ أنثي أبية: أني كلامي واضح، جولت بعد ماتطلجها هجبل أجعد وياك وأسمع مبرراتك اللي عتجول عليها دي، ووجتها هجرر وهشوف هعمل إيه، وأني وكيفي وجتها يا متر
صاح بنبرة غاضبة: إعجلي حديتك يا بت الناس وشوفي حالك عتجولي إيه، أني صابر عليك لجل غلاوتك اللي في جلبي واللي إنت بتستغليها بحديتك دي، بس لازمن تعرفي إن صبري ليه أخر
إقتربت عليه وتحدثت بنديه وعناد: أهو أني بجا عاوزه أشوف أخرك دي.

امسك ذراعيها ونظر لداخل عيناها وتحدث بقوة: إوعي تفكري إن صبري عليك إنت وأبوك ضعف مني ولا جلة حيلة، أني ممكن أشيلك دلوك وأخدك غصب ونطلع على شجتنا وأجولك كل اللي معيزاش تسمعيه، بس أني عاوزها تاچي منك بالرضا والعجل.

نفضت يداها منه بعنف وهتفت بنبرة صارمة حادة: أنهي عجل وأنهي رضا اللي چاي تطالبني بيه يا متر، هو اللي إنت عملته فيا كان فيه ريحة العجل، تطلع خاطب واحدة من سبع سنين في نفس الوجت اللي كنت خاطبني فيه وتجول لي عجل؟
وصاحت بكل صوتها وبنبرة غاضبة مشتعلة: تتچوزها على وأني لساتني عروسة مكملتش شهر وتجولي عجل، أجول لك طلجها تجولي مينفعش جبل سنة وتجولي عجل؟
إنت خليت فيها عجل ولا منطج لجل ما أفكر وأچيك بيه!

وأكملت بنبرة حادة: إسمع يا ولد الناس أخر الحديت علشان متوجعش دماغك ودماغي معاك أكتر من إكده، لو السما إنطبجت على الأرض مهجعدش معاك ولا عيچمعني بيك مكان واحد من جبل متطلج اللي إتچوزتها على وكسرتني جدام الكل،.

وأكملت بنبرة حازمة: جبل إكده معيزاش أشوف وشك جدامي، إحنا كان بيناتنا عجد ووعد وإنت أخليت بيه، ورتبت حياتك وأمورك بالشكل اللي يريحك ويناسب ظروفك، وأكملت بندية: أظن أني كمان من حجي أرتب حياتي كيف ميحلالي وبالشكل اللي يناسبني ويريحني.

وأردفت قائلة بنبرة صارمة وهي تنهي الحديث: ومن إهنيه لحد ما السنة اللي جولت عليها تعدي ياريت مشوفش طلعتك البهيه جدامي تاني، واكملت بنبرة تهديدية: وإلا قسما بالله، عتشوف وش تاني لصفا وعتصرف بطريجة معتحبهاش لا أنت ولا حامي الحمي چدك
قالت كلماتها وأسرعت منسحبة إلى الباب وفتحته، أسرع إليها وأمسك ذراعها بقوة وهتف بنبرة حادة: وجفي عنديك رايحة فين، لساتني مخلصتش كلامي.

نفضت يده بقوة وتحدثت بنبرة صوت حاسمة: بس أني خلصت كلامي وجولت لك اللي عندي، لما تنفذ لي شرطي أبجي تعالي، وساعتها هبجا أسمع مبرراتك اللي أني متوكدة إنها معتفرجش وياي، ولا عتغير وجهة نظري في اللي عملته معاي
جن جنونه من حديثها الذي أشعله عندما شعر بإبتعادها عن عالمه، أمسك ذراعها وجذبها إليه مقرب إياها بالإجبار وتحدث: وبعدهالك في دماغك الناشفة، مش كنا خلصنا منيه العند ونشفان الدماغ دي؟

خرجت ورد على صوت صياحهما على عجالة من داخل المطبخ، هرولت إلى إبنتها سريع وأمسكت قبضة قاسم محاولة فكاكها عن ذراع إبنتها التي تقف بصمود وشجاعة وهي تنظر إليه بنظرات ثابتة برغم الألم التي تشعر به جراء قبضتة القوية التي لم يشعر هو بقوتها من شدة غليانة
صاحت ورد به بنبرة غاضبة: إتخبلت إياك يا قاسم، بعد يدك عنها لأتصل بعمك ياچي لك.

نظر لها بقوة وتحدث بنبرة رجل فاقد العقل: إعملي اللي على كيفك يا مرت عمي، فاكراني خايف منيه إياك؟
ثم نظر إلى صفا وتحدث وهو يصك على أسنانه من شدة غيظه: تعالي معاي نطلعوا على شجتنا عشان نعرف نتفاهم صح، وأكمل ليطمأنها: وصدجيني هراضيك يا صفا، عفهمك وعخليكي تصفي
هتفت بنبرة قاطعة: وأني جولت أخر كلام عندي، ولو جطعت من چسمي معتحركش معاك خطوة ولا عسمع منيك كلمة واحدة جبل ما شرطي يتنفذ.

سألها بغضب: عتتشرطي على چوزك يا صفا، إعجلي يا بت الناس وإوعي لحالك
تحدثت ورد بقوة ومازالت تحاول فكاك قبضة ذاك القاسم الذي يقبض عليها وكأنها فريسة تحت يد أسد چائع: سيبها يا قاسم، ناسي إنها حبلة إياك، ولا عاوز تأذي عيلك كيف ما أذيتها يا حزين؟

نزلت جملة ورد على قلبه أشعرته بدونيته وجعلته يستفيق من حالة الغضب التي تملكت منه، فك وثاق يده وتحدث بنبرة صارمة: أني هصبر عليك بس لجل غلاوتك عندي، بس زي ماجولت لك يا صفا، صبري عليك ليه حدود
قال كلماته وخرج كالإعصار المدمر
أما ورد فتحدثت بنبرة غاضبة: اللي حصل ده معيتسكتش عليه واصل، أني لازمن أجول لأبوك ويروح لچدك لجل ما يوجفوه عند حده المخبول ده.

أجابتها صفا بقوة: ملوش داعي تكبري المواضيع يا أم صفا، هو معيجيش إهنيه تاني بعد اللي سمعه مني
رمقتها والدتها بنظرة حارقة وتحدثت بنبرة غاضبة: كنك إتخبلتي يا صفا، عاوزاني أسكت كيف بعد ما چات له الجرأة إنه ياچي لحد إهنيه ويهدد بتي في جلب بيتها، وكمان كان عاوز يمد يده عليك ويجرك وياه بالغصب.

تنهدت صفا وتحدثت بنبرة بها بعض التعاطف: مكانش عيعمل حاچة يا أما، هو دلوك عامل كيف الفرخة المدبوحة وبيفرفر، بس هو معيأذنيش واصل، أني متوكده
قالت كلماتها وانسحبت بإتجاه الجراچ، إستقلت سيارتها وتحركت إلى المشفي، وجدت إستقبال حار من جميع موظفي المشفي وأصدقائها الذين إفتقدوا روحها التي تشعرهم بروح الجماعة وروعة العمل المشترك.

تحرك إليها ياسر ورحب بها بحفاوة عالية، وأعتذر لها على عدم زيارته لها طيلة الفترة المنصرمة، وفسر ذلك بالحفاظ على مشاعر فارس وعدم إثارة غضبة وغيرته بخصوص مريم، عذرته صفا بل وأحترمت تصرفه الأخلاقي، وشكرته وأثنت على إحترامة الكبير لشخصه ولغيرة.

بعد مدة داخل مكتبها، دلف إليها طفل في الخامسة من عمره يدعي مروان، إبتسمت له حين رأت برائة ملامحه الطفولية، وكعادتها مع الصغار أخرجت إحدي حبات الشيكولاته ومدت يدهها بها إليه وتحدثت بنبرة حنون: البطل بتاعي كيفه.

إبتسم لها الصغير ومد يده سريع يلتقط حبة الحلوي وشكرها بلطف، وبدأت هي بمعاينته وفحصه وتحدثت والدته بنبرة مهمومة: معرفاش الانيميا مرضياش تسيب جسده ليه يا دكتورة، عملت معاه اللي مايتعمل وبردك مافيش فايدة
أجابتها صفا بهدوء: معلش، هي الأنيميا علاچها بياخد وجت مع الأطفال، بس إنت شكلك مكتيش بتابعي مع الدكاترة المدة اللي فاتت.

أجابتها المرأة: مروان مكانش راضي ياچي لما عرف إنك مش إهنيه يا دكتورة، وأكملت بإبتسامة: ألف بركة على الحبل يا دكتورة وربنا يتمم لك على خير، وأكملت بتفسير: لما غيبتي الوجت ده كلياته روحنا وسألنا الغفير سالم اللي على بوابة السرايا، وهو اللي جال لنا إنك حبله ومعتطلعيش بأمر من الدكتورة أمل، كان نفسي ادخل أطمن عليك أني والحريم، بس خفنا للحاچ عثمان يتضايج، عارفينه معيحبش الزيطة.

إبتسمت لها صفا وشكرتها بحفاوة، بالفعل لم يدري أحدا من أهل النجع بما دار داخل السرايا من حرب وقذائف متبادلة بين أطراف جميع العائلة، فهذا هو حال عائلة عثمان المصغرة، ما يدور داخل المنزل من المستحيل أن يخرج خارج أسوار السرايا، والكل يعلم قانون عثمان الصارم فيمن يتهاون بإفشاء أسرار عائلتة، فجزائه بالتأكيد سيكون أكبر مما يتخيله عقل حتى ولو كانت رسمية بذاتها، وهذا ما يخشاه الجميع ويهابون الدخول داخل تلك النقطة المحرمة.

خرجت المرأة ودلف يزن بوجهه الصابح وأبتسامته المشرقة التي تشفي العليل من جراحه
هتف بنبرة سعيدة مرحب بشقيقته: وأني أجول المستشفي منورة بزيادة ليه إنهاردة، أتاري الدكتورة صفا خطت برچلها فيها من چديد، حمدالله على السلامه يا خيتي
إبتسمت بخفوت وأجابته: الله يسلمك يا أخوي.

أردف قائلا بإستحسان: لما لجيت المستشفي زحمة والناس ملجياش مكان تجعد فيه، عرفت وجتها إنك چيتي، الناس عتحبك جوي يا صفا، وخصوصي العيال اللصغيرة، كانوا بياچوا يلاجوا ياسر في وشهم يصرخوا ويرچعوا تاني
ضحكت صفا بشدة وأكمل يزن مفسرا: مش تجليل من ياسر لاسمح الله، بس العيال عتحب الدكتور اللين اللي عيضحك في وشهم ويطمن خوف جلوبهم.

وضحك وأكمل حديثه وهو يشير إلى علبة الشيكولاتة الموضوعة فوق مكتبها: ده غير الشيكولاتة الفاخرة اللي عتفرجيها عليهم.

كانت تستمع إلى حديثه وتبتسم بخفوت وقلب يابس يشبه الأموات، شعر بها فتحدث إليها ناصح إياها بأخويه: عجولك على نصيحة بس معايزكيش تفهميني غلط يا صفا،
أومأت له وأجابته بنبرة واثقة قوية: عمري ما أفهمك غلط يا يزن، إتكلم براحتك وإطمن.

تنفس براحة وأردف قائلا بتأكيد: إوعي تتهاوني في السماح يا صفا، مش معني إكده إني بحرضك على قاسم ولا بطلب منيك تسيبيه، بس أني عاوزك جوية وشامخة كيف ما أتعودنا عليك، لو سامحتي بسهولة اللي جدامك معيتعلمش من أغلاطه وعيرچع يدوس عليك ويچرحك من تاني،
وأكمل مفسرا: مهو ملجاش منيك العجاب الرادع اللي يخليه يفكر بدل المرة ألف جبل ما يرچع يعيدها.

لكن لو داج الويل والمر وأتعاجب في بعدك عنيه، مستحيل يفكر يعيدها ولا حتى يمس كرامتك من بعيد
واسترسل حديثه بصدق خالص لوجه الله: ربنا يعلم إني عجولك نصيحتي خالصة لوچه الله ولأنك أختي اللي عخاف عليها ويهمني شكلك جدام نفسك جبل الناس.

أومأت له بإبتسامة خافتة وتحدثت بنبرة صارمة: عارفة وفاهمة كلامك زين، متخافش على يا يزن، أني بت زيدان النعماني وتربيته، وهعرف أخد حجي زين من اللي ظلموني وأستباحوا حرمتي، وحجي هاخده بالإصول وبالأدب كيف ما رباني زيدان النعماني.

تحرك يزن من غرفة صفا متجه إلى مكتب التي خطفت أنفاسه عن جديد وحرمت على عيناه النوم، سأل السكرتيرة الجالسة أمام مكتبها والمسؤلة عن تنظم ودخول المرضي إليها، سألها عن وجود مرضي بالداخل فأجابته بلا، دق بابها ودلف بعدما سمحت إليه هي
نظر إليها وكعادته مؤخرا رفرف قلبه وكاد أن يترك صدره ويجري عليها ليحتضنها ويتنعم داخل قلبها الحنون، يكاد يجزم بأنها تمتلك فيض من الحنان لو تفرق على بلدة سيفيض،.

تمالك من حالة الوله والهيام اللتان تصيبه خلال حضرتها وتحدث بنبرة هادئة أخرجها بصعوبة: كيفك يا دكتورة؟
كانت تنظر إلى طلته البهية التي تنعش قلبها وتعطيه دفعة لإكمال يومها بتفاؤل وسعادة وتحدثت: أنا تمام جدا، إنت كويس؟
لم يستطع التحكم بحاله فأجابها بنبرة حنون وعينان راغبة للمزيد من النظر والتشبع لسحر مقلتيها: ببجي كويس لما بشوفك يا أمل.

إهتز داخلها وشعرت بعشقه البرئ يغزو قلبها المغدور، لكنها وكعادتها كظمت وضغطت على ذلك العشق كي يختنق قبل ان يولد بداخلها ولكن هل حقا هو لم يولد بعد أيتها الجميلة؟
وإلي متي ستستطيعين خنق عشق ذلك الخلوق داخلك أيتها المسكينة.

كانت تخنق عشقه داخلها لسببين، أهمهما أنه رجل متزوج وليست هي بالمرأة السيئة التي تسمح لحالها بأن تأخذ رجل غيرها من النساء، حتى ولو كان زواج صوري مثلما أعلمها يزن، والسبب الاخر هو تجربتها المريرة التي قررت عدم الخوض بإعادتها مرة اخري مهما كلفها الامر من تحمل أوجاع
تحدثت بنبرة جادة وملامح صارمة كي تلهيه عن إكمال حديثه المعسول الذي يمس قلبها مباشرة: كويس إنك جيت، انا كنت لسه هطلبك في التليفون.

أمسك ياقة قميصه العلوي وتحدث بمفاخرة مصطنعة ممزوجة بنبرة عاشقة: ما أني عارف إنك مبجتيش تعرفي تستغني عن شوفتي يوم واحد، وعشان إكده سيبت كل اللي وراي وچيت لك طوالي
إبتسمت بجانب فمها وتحدثت: هو أنت ماتعرفش تتكلم كلمتين جد على بعض،.

وأكملت بنبرة جادة: كنت محتاچة منك تضيف بند حضانة جديدة في موازنة المستشفي، حضانة واحدة مش كفاية خالص وخصوصا إن الميتشفي قدرت في وقت بسيط تسمع وتثبت جدارتها، واصبح بييجي لنا مرضي من كل أنحاء المركز
رمقها بنظرة تعجب من قلبها المتيبس وأردف قائلا بدعابة: يا أباااااي عليك يا أمل، مفيش مرة ادخل عليك من غير ما تطلبي مني حاچة، عاملة كيف الحرمة الرطاطة اللي أول ما تشوف چوزها داخل عليها تفتح في لستة الطلبات.

إبتسمت برقة على تشبيهاته العجيبة وحديثه المضحك
نظر لها وتحدث بنبرة حنون وحديث ذات معني: حاضر يا أمل، إنت تؤمري ويزن عليه التنفيذ.
إبتلعت لعابها وتحول وجهها إلى وردي من شدة خجلها، بات كلاهما ينظر داخل عيناي الاخر بإنجذاب شديد وجسد يلتهب من شدة شرارة العشق الذي أصاب كليهما، ذاب قلبها من نظرته وإنسجمت معه لأبعد حد متناسيين الزمان وحتى المكان،.

إنتوي الأن في قرار نفسه أن يعترف لها بعشقها الذي إستحوذ على قلبه الذي يشبه الأطفال في برائته، أخرجهما مما هما عليه رنين هاتفها،
تحمحمت وسحبت بصرها بعيدا عنه بخجل وهي تلعن ضعفها، سحبت هاتفها ورفعته إلى وجهها كي تري من المتصل، إتسعت عيناها بذهول وتجهمت ملامح وجهها وتحولت لغاضبة حين ظهر لها رقم المتصل على تطبيق التريكولور، ولم يكن غير ذاك الندل بائع قلبها ومحطم كبريائها.

إستغرب حالتها وتغييرها المفاجئ وسألها بإهتمام حين وجدها تنظر بشاشة الهاتف دون ان تجيب: فيه حاچة يا أمل؟
فاقت من شرودها ونظرت إليه وتحدثت بملامج جامدة: مافيش حاجة يا باشمهندس
سألها بتوجس وغيرة غزت قلبه: طب مين اللي إتصل عليك وجلب ملامح وشك إكده؟
صدح صوت الهاتف مرة اخري بإسم وائل بعدما إنتهي، نظرت إليه بنفس الملامح، وبتصرف جديدا وغريب عليه تحرك إليها وجذب الهاتف من يدها ونظر به، وجد إسم دكتور وائل،.

إشتعل جسده من شدة الغيرة وسألها بنبرة حادة وعيون تطلق شزرا: يطلع مين وائل اللي عيتصل عليك دي؟
واكمل بصياح عال: ردي على يا أمل
إنتفضت من جلستها بغضب وتحركت إليه سريع وأختطفت هاتفها من بين كف يده وصاحت بنبرة غاضبه وملامح وجه حادة: إيه التصرف الهمجي ده يا باشمهندس، إنت إزاي تسمح لنفسك تقتحم خصوصياتي وتاخد فوني بالطريقة السوقية دي، ثم بأي صفه واقف قدامي وبتسألني عن تفاصيل حياتي الشخصية؟

وأكملت بعيون مشتعلة وكأنها تخرج به كل غضبها وحزنها وإنكسارها الذي أصاب روحها عندما نظرت بشاشة الهاتف ووجدت إسم خائن عهدها: يا ريت يا باشمهندس تراعي حدود الزمالة اللي بينا وماتتخطهاش، لأني مش هسمح لك بعد كده بتكرار السخافة اللي حصلت من حضرتك دي
شعر بعالمه الوردي الذي بات يبنية ويشيد صرحه العالي ويتخيله بصحبتها، شعر وكأنه إنهار بلحظة فوق رأسه وأصبح ركام وحطام.

إبتلع غصة مريرة داخل حلقه جراء حديثها المهين لشخصه ورجولته، لعن حاله وغبائه الذي صور له بأنها أصبحت الأقرب لروحه وبأنها تبادله نفس مشاعره الجياشة
رفع قامته لأعلي بعدما إستعاد توازنه وتحدث بنبرة قوية شامخة: حجك عليا يا دكتورة، وسامحيني على غبائي اللي معيتكررش تاني واصل، وأوعدك إن دي أخر مرة عدخل عنديك المكتب أو عنتكلموا فيها من الأساس.

وأكمل بملامح وجه صارمة: من إنهاردة أي حاچة تعوزيها بخصوص شغلك تطلبيها من الدكتور ياسر
وأكمل وهو يعطيها ظهره منسحب إلى الباب: وتمسحي رقمي من عنديك لأن من إنهاردة معيبجاش فيه تعامل ببناتنا نهائي
خرج وصفق خلفه الباب، أما هي فكانت مصدومة من رد فعله ومن حديثها المهين إليه، لا تعرف لما فعلت وقالت ما قالته وذبحت به روح ذلك الخلوق
إرتمت فوق مقعدها بإنهيار.

خرج يزن من مكتبها كالبركان الثائر، وتحرك إلى باب المشفي، وجد صفا تتحدث بصياح مع رجال كمال أبو الحسن المرشح الحر أمام والدها بنفس الدائرة الإنتخابية.

صفا بنبرة عاليه للرجال الذين يقومون بتعليق اللافتات الإنتخابيه التي تحمل إسم كمال داخل حديقة المشفي واخرون يقومون بلصق صور الدعاية على جدران المشفي الخارجية والداخلية بإستفزاز: شيل يا چدع إنت وهو الصور اللي عتعلجوها دي، وإطلعوا بره المستشفي بدل ما اطلب لكم الأمن ياجوا ياخدوكم.

حدثها أحدهم بفظاظة: عتطلبي لنا الأمن بتهمة إيه إن شاء الله، إحنا بنعملوا دعاية لنائب الدايرة اللي هينچح بإكتساح جدام أي حد يجف جدامه.

لم يدري بحاله إلا وهو يهجم عليه كالأسد الغاضب ويسدد له عدة لكمات متتالية شوهت وجه الرجل، أمسكه من تلابيب جلبابه وهتف بنبرة غاضبة: تاخد شوية النسوان اللي ساحبهم وياك دول وتخرچوا من النچع حالا، وإلا يمين بالله عربطكم في النخل اللي المستشفي إهنيه، ولو في بلدكم راچل يبجا ياچي يوريني حاله ويفرچني عيفككم كيف
جرت عليه صفا وجميع رجال المشفي ليقوموا بتخليص ذلك الأبله الذي وقف بوجه الأسد وهو جريح،.

وأكمل يزن بنبرة مشتعلة: وبلغ النايب الخيبان بتاعك وجول له يزن النعماني عيجول لك، لو راچل تدلي برچلك النجع إهنيه وشوف اللي عيچري لك على إديه
ثم قام بتنزيل الرجل الذي يصعد السلم لتعليق اللافتة وسدد له هو الاخر بعض اللكمات، وقام بحمل السلم ورماه بعيدا بطريقة مرعبة للجميع، مما جعل الرجال يفرون هاربون بسياراتهم كالجرذان من أمام ذلك الثائر.

تحرك كالمجنون وقام بتقطيع جميع اللافتات وإزالة الصور الدعائية الملصقة
كانت تشاهد ما يحدث من ذلك الغاضب بقلب حزين متألم، تعلم أنها وبتصرفها الغير مقصود هي من وصلته لتلك الحالة
تحدثت صفا إليه بهدوء: إهدي يا يزن، مالك يا أخوي، الموضوع مكانش يستاهل غضبك ده كلياته وضربك للناس
كان يستمع إليها ومازال جسده مشتعل نارا وهو يقوم بإزالة الصور بطريقة غاضپة دعت إستغراب كل من حولة.

إقتربت أمل عليه وتحدثت بحذر وهي تمسك يده التي تزيل الصور والتي كانت تنزف الدماء: إيدك مجروحة، خليني أطهرها لك
جذب يده منها بطريقة عنيفة وهتف بها بحدة وهو يرمقها بنظرات كارهه لحاله قبلها: بعدي يدك
إرتعبت من صرخته بها وتراجعت للخلف برعب وألم، رمقها بإشمئزاز وتحرك سريع إلى سيارته وأستقلها وخرج بسرعة عاليه.

نظرت صفا على أثره بإستغراب لحالته ثم حولت بصرها إلى أمل الباكية وجسدها ينتفض، تحركت إليها وسحبتها من يدها ودلفتا للداخل
حين هتف ياسر بصياح عال في الواقفون يلتفون حول المكان ويشاهدون ما حدث: يلا يا جماعة لو سمحتم كل واحد على مكانه
إنفض الجمع، الموظفون للداخل وعامة الناس خرجوا لمتابعة أعمالهم وانتهي الأمر.

أما أمل التي بدأت بقص ما دار بينها وببن يزن بعد إلحاح من صفا التي أصرت على أمل كي تخرج ما في صدرها وتريحه.

عند كمال ابوالحسن
وقف يتحدث بإستشاطة: واللا عال، مبجاش إلا العيال اللصغيرة كمان اللي عيطوحوا رچالتي ويبعتولي تهديد على لسانهم، دي البسه كلت عيالها يا رچاله
إنتفض شقيقه من جلسته وتحدث بنبرة حقودة: كله من المحامي الملعون اللي إسميه قاسم، لولاه ولا كان حد هيدري إن الحزب إتخلي عنيك وعتترشح فردي، ولا كان كلب في المركز كلياته جدر يترشح جصادك.

هز كمال رأسه لشقيقه وتحدث بنبرة ذات مغزي: يظهر إني لازمن أتصرف مع العيلة دي بطريجة تانية، لو فضلنا ماشيين على إكده لحد الإنتخابات، زيدان عياخد كرسي المجلس مني بإكتساح.

وأكمل بحقد دفين: زيدان داير هو وعيلته في النچوع اللي حوالينا يزورو كبراتها والكل مرحب بيه، إمبارح إدليت نچع أبو على وروحت دوار العمدة لچل ما أوصيه يديني أصوات بلده، جالي مزعلش منيه بس الحاچ عثمان خيره كتير على أهل النچع والكل عيدوا أصواتهم لولده زيدان
- -
داخل مسكن فارس.

خرجت مريم من غرفتها وجدت فارس يتوسط الاريكة وينظر إلى شاشة التلفاز بملامح شارده، تحركت إليه وجلست بجانبه وبدون مقدمات رمت حالها داخل أحضانه قائلة: حجك على يا حبيبي، متزعلش مني
إستغرب تصرفها وهو الذي بات يراضيها عدة مرات وكانت ترفض مراضاته بشدة، حزن وأعتراض على صمته المخزي أمام ظلم أخيه البين لإبنة عمها
تحدث متعجب وهو يضع يده على جبهتها: إنت عيانه يا مريم ولا إيه.

تنهدت براحة وتحدثت بنبرة حنون: يزن أخوي كلمني إمبارح ولامني، جالي إن مليكش ذنب في اللي حصل، جالي كمان إن مكانش جدامك حل غير السكوت وإنك تداري على أخوك عشان خايف عليه من غضب چدك
خرجت من داخل أحضانه ثم وضعت كف يدها على وجنته وتحدثت بإستعطاف: أني بس ليا عندك طلب يا فارس
نظر لداخل عيناها ورفع كف يدها ووضع عليه قبلة إشتياق وتحدث بنبرة حنون: أؤمريني يا حبيبتي.

إبتلعت لعابها وتحول وجهها إلى وردي من شدة خجلها من نظراته الراغبة وتحدثت بدلال: عوزاك متخبيش على حاچة بعد إكده، عاوزه أحس إننا واحد
واكملت بدلال أنهي على ما تبقي من صبره: مش أني بردك مرتك اللي عتحبها يا فارس
أجابها بعيون مشتعلة بالرغبة: إنت مرتي اللي عشجها بيچري في دمي يا مريم
وقف سريع وقام بحملها وتحرك إلى داخل غرفتهما تحت سعادتها التي وصلت عنان السماء
- -
بعد مرور حوالي ثلاثة أسابيع اخري.

في وقت متأخر من الليل
دلفت إلى حديقة المنزل بعدما فتح لها الغفير البوابة وهي تصرخ بكل صوتها قائلة: يا أخووووووي، مكانش يومك يا حبيبي، يا حرقة جلبي عليك يا جلب أختك
فزع جميع من بالمنزل وفاقوا على صريخ علية التي أتت لتخبرهم بالخبر الذي نزل على قلبها فزلزلة، بلمح البصر كان جميع من بالمنزل يحاوطون تلك الصارخة ويتسائلون بهلع عن ما حدث.

تحدث عثمان بقلب يرتجف خشية إستماعة لتأكيدها لما يخبرة به حدسة منذ الصباح: إجفلي خاشمك وبطلي عويل وجولي لي إية اللي حصل يا بت؟
أجابتة بصراخ وانهيار: زيدان أخوي إنجتل يا أبووووي
إستمع الجميع لإرتطام شئ قوي بالأرض مما أحدث صوت عاليا، حول الجميع بصرهم بإتجاة خروج الصوت وجدوها فايقة التي وقعت مغشي عليها من واقع صدمتها من ذلك الخبر المشؤوم
صرخت ورد وصفا بإسم غاليهم وانضمت رسمية إلى فايقة لتجاورها السقوط.
تحدث عثمان بقلب يرتجف خشية إستماعة لتأكيدها لما يخبرة به حدسة منذ الصباح: إجفلي خاشمك وبطلي عويل وجولي لي إية اللي حصل يا بت؟
أجابتة علية بصراخ وانهيار: زيدان أخوي إنجتل يا أبووووي.

حالة من الفزع والهلع أصابت الجميع، ورد وصفا اللتان تصرخان بكل صوتهما وهلعهما الذي أصابهما تخوف من صحة الخبر المشؤم، عثمان الذي لم تعد ساقيه تتحملان جسده الهرم، رسمية، فايقة اللتان تتصطحتان الإرض وفاقدتا للوعي، قدري ومنتصر اللذان شلت حركتهما وتحول داخلهما لنار ستحرق الأخضر واليابس لأجل أخذ الثأر للإنتقام من قاتل غاليهم
ثواني، ما هي إلا ثواني حدث بها كل هذا.

سأل قدري شقيقته بنبرة صارخة متغاضي عن تلك الملقاه على الأرض وليلي والعاملات تحاولن إفاقتها: مين اللي جال لك على الخبر الشوم دي يا علية؟

أجابته تلك التي تضع رأس والدتها فوق ساقيها وتحاول إفاقتها هي ومريم ونجاة: البلد كلياتها مجلوبة برة وعتتحدت يا أخوي، وعيجولوا إنهم إترصدوا ل زيدان النعماني وإصطادوه بره النچع وهو راچع وضربوه بالنار، ورچالة النچع واجفين بره بالسلاح رهن الإشارة لجل ما يشوفوا أبوي ناوي على إيه.

تحدث عثمان إلى قدري بنبرة قوية إصطنعها بصعوبة كي لا يضعف أمام أبنائه وأحفاده الذين يستمدون منه القوة: إتصل لي بالمأمور وشوف لي الخبر الشوم دي صحيح ولا لا، وأكمل بقلب يرتعب: ولو لاجدر الله صحيح، إسأله عن مكان أخوك وشوفه فين لچل ما نروح نچيبه.
أطاعه قدري ودلف للداخل سريع ومنه للأعلي ليحضر هاتفه.

أما حسن إبن منتصر الذي دلف للداخل وأتي بالسلاح وقام بتوزيعه على الجميع، ثم أمسك بقطعة منه وضرب طلقة في الهواء معلن بها أن الدمار أتي لا محال، وتحدث بغضب: الله في سماه لاحزن أمك ومرتك على حياتك يا كامل يا أبو الحسن إنت ورچالة نچع الديابية كلياتهم
تحدث يزن الذي أمسك بندقية ألي وهتف بتهديد: اللول نشوف صحة الخبر الشوم دي، وبعدها نچع الديابية بحاله معيطلعش عليه نهار.

وبلحظة صدح رنين هاتف فارس الذي يحمل سلاحه بقلب مشتعل، أخرجه من جيبه سريع ونظر بشاشته وجده قاسم الذي تحدث سريع بنبرة متعجلة: إسمعني زين يا فارس، عمك زيدان إنضرب بالنار عند الترعة الغربية، وأني دلوك معاه في المستشفي، هات صفا وتعال حالا لجل ما تخرچ لأبوها الرصاصة.

حالة من الهرج والغضب واللاعقل أصابت الجميع، وهنا علا صوت العقل حين تحدث فارس إلى جده: قاسم إتصل من المستشفي يا چدي وعيجول إنه مع عمي زيدان وإنه لساته عايش وبخير، وهنا كان التخبط سيد موقف الجميع حيث جري الجميع بسياراتهم متجهين إلى المشفي ليجدوا جميع رجال النجع ملتفون حول المشفي، حاملين أسلحتهم وفي إنتظار إشارة من كبيرهم ليتحركوا إلى الحرب التي أصبحت محتمة.

عودة إلى ما قبل الساعتان
داخل أحد السرادق المنصوب لغرض الدعاية الإنتخابية ل زيدان، والمتواجد داخل بلدة مجاورة لنجع النعماني والذي أعده له كبير البلدة إكرام لصديق صباه الحاج عثمان،.

كان يجلس أعلي، بالمكان المحدد له ليخاطب أبناء دائرتة ويكشف لهم عن ما سيقوم بتقديمه من خدمات لهم إذا ما حصل على مقعده داخل البرلمان، كان محاط بأبناء عائلته العريقة من أعمامه وأبناء عمومته وأشقائه وأبناء أشقائة، فارس ويزن وحسن، والذين كانوا دائمين التحرك معه إينما ذهب إمتثالا لتعليمات جدهم.

بعد إنتهاء المؤتمر، ضل زيدان لإكمال سهرته مع بعض أصدقائه من ساكني البلدة بدعوة ملحة منهم، وأرسل أبناء أشقائه يزن وفارس وحسن رغم إعتراضهم على تركه بمفردة، وذلك بناء على تعليمات جدهم عثمان، إلا أنهم رضخوا لحديث زيدان بعد إصراره لعدم إرهاقهم معه.

وصل قاسم إلى مطار سوهاج في وقت متأخرا حيث تخطت الساعة الواحدة صباح، أتي به الشوق بعد غيابه إسبوعان كاملان عن من حرمته من التنعم داخل أحضانها الدافئة، وكعادته مؤخرا لم يخبر أحد بميعاد وصوله، إستقل سيارته التي يصفها داخل جراچ خاص بجانب المطار، وتحرك بها عائدا وكله أمل أن يري وجه حبيبته ويستطيع إقناعها بالرجوع إلى أحضانه وعودة الروح إلى جسده من جديد،.

وأثناء قيادته وجد سيارة نقل مكشوفة تقف بمنتصف الطريق وتقطعه أمام سيارة ملاكي، ونزل منها ثلاثة رجال ملثمين ويحملون السلاح بأيديهم ويتوجهون إلى السيارة الملاكي لينهوا ما بدأوة بعدما أطلقوا رصاصة اصيبت سائق الملاكي، جن جنونه حين دقق النظر ورأي سيارة عمه زيدان من وسط الظلام الدامس، أمسك سلاحه المرخص ثم أدار مصباح سيارته ووجهه على المأجورين الذين إنتبهوا له، وترجل من السيارة كالمجنون.

أخذ من باب سيارته ساترا له وصوب بعناية ثم بدأ بإطلاق النار على أحدهم، اصابه بمنتصف قدمه مما أرعب الرجلين الاخران وبدأوا بالتراجع عن تقدمهم بإتجاة سيارة زيدان، بدأ أحدهم بجذب الرجل المصاب والاخر يحميهما بإطلاق النار على قاسم حتى وقفوا خلف سيارتهم وأخذوا منها ساترا لهم وبدأوا بتبادل إطلاق النار الكثيف قاصدين قتل قاسم والعودة إلى زيدان مرة اخري لينهوا تلك المهمة التي أتوا من أجل إنهائها.

لفت إنتباههم ظهور بعض الخفراء (بعض من الحرس حاملي السلاح، التابعين لعمدة البلدة والمعينين من قبل مأمور المركز) كانوا يأتون مهرولين ويطلقون بأسلحتهم بعض من الطلقات النارية في الهواء لإرهاب هؤلاء الخارجين عن القانون، وأيضا زعزع موقفهم وأرعبهم ظهور بعض الناس التي خرجت وتوجهت إلى المكان حيث تتبعوا خروج أصوات إطلاق الرصاص.

بسرعة البرق أسرع كلا الملثمين بإصعاد الرجل المصاب خلف السيارة، أما قاسم الذي كان يدقق النظر بحكم عمله، كي يري أية دلائل توجهه إلى معرفة هوية المجرمين وتتبعهم بالقانون،
وأثناء تفحصه للسيارة ومراقبته للأشخاص، لفت إنتباهه شامة كبيرة ومميزة على ذراع أحدهم، اثناء رفعه للمصاب ومساعدته للصعود إلى أعلى السيارة
وفروا هاربين كالجرذان بسيارتهم سريع.

هرول قاسم إلى عمه وقام بفتح باب السيارة وجده غارق وسط دمائه نتيجة تلقيه رصاصة بصدره ويبدوا أنها بمنطقة خطر، كان زيدان ما زال واعي وشاهدا على كل ما حدث، نظر إلى قاسم بلهفة، فهو كان ينتظر الموت المحتم حين تلقي رصاصته على أيديهم حين قطعوا عليه الطريق واطلقوا عليه الرصاصة كي يجبروه على التوقف، لم يستسلم زيدان وضل يقود سيارته كي ينأي بحاله من الهلاك، فأطلقوا إحدي الرصاصات على إطار السيارة وأصابوه فتوقفت، وبعدها ترجلوا من سياراتهم ليكملوا مهمتهم بالإكمال عليه وعدم تركه إلا بعد التأكد التام من وفاته،.

تحدث زيدان وهو ينظر إلى قاسم بلهفة وأمتنان: چيتني بوجتك يا ولدي
هتف قاسم بلهفة ليطمأنه: بلاش تتحدت يا عمي ومتخافش، أني هنجلك على المستشفي حالا وهتبجا زين
إتجه إليه خفيران بأسلحتهم وتحدث أحدهم: خير يا قاسم بيه، فيه حد إتصاب إياك
صاح الخفير الاخر عندما تعرف على هوية المصاب: يا سنة سوخة يا ولاد، ده زيدان النعماني اللي متصاب، البلد عتتحرج الليلة والدم هيبجا للركب.

علي عجاله تحدث قاسم بلهجة حادة: بطل رط وشيل وياي إنت وهو لجل ما أنجله في عربيتي عشان أوصله للمستشفي
وبسرعة البرق إمتلئ المكان بالناس اللذين إلتفوا حول قاسم ورأوة وهو ينقل زيدان بمساعدة الخفيران، ورأوا زيدان والدماء تسيل بغزارة من جسده المتراخي، بعدما فقد وعيه مما جعل البعض يعتقد أنه لقي مصرعه.

وصل قاسم المشفي بصحبة عمه والخفيران في أقل من سبعة دقائق، سأل قاسم حارسي المشفي عن دكتور ياسر، فأخبره أحدهم أنه بالإستراحة الخاصة به، إستدعوه سريع لإستقبال الحالة
بعد الفحص تحدث ياسر إلى قاسم بنبرة حزينة. : الرصاصة شكلها في منطقة خطيرة ولازم حد متخصص وماهر هو اللي يخرجها، وأكمل بملامح وجه مقتضبة: لأن أي غلطة ولو بسيطة، زيدان بيه هيدفع حياته تمنها
صاح قاسم متسائلا بجمود: وإنت ماتعرفش تطلعها له؟

أجابه ياسر بتفسير: أنا مش جراح، مفيش قدامنا غير صفا هي اللي هتقدر تخرجها، لكن أنا مضمنش تماسكها جوة غرفة العمليات، وهز كتفيه قائلا بتفسير: ده بردوا أبوها.

وأكمل بتناقض: وفي نفس الوقت لو بعتنا نستدعي دكتور من العاصمة هياخد وقت طويل على ما يوصل، ومن اللي أنا شايفه قدامي أقدر أقول لك إن عامل الوقت مهم جدا، وإن كل دقيقة بتعدي مش في صالح زيدان بيه، وقبل كل ده زيدان بيه محتاج نقل دم بدل الدم اللي فقده ده كله.

تحدث قاسم وهو يخرج هاتفه ليحادث فارس: أنا فصيلة دمي نفس فصيلة دم عمي زيدان، جهز كل اللازم لإجراء العملية، وأنا هكلم فارس يجيب صفا على ما تسحب مني الدم اللي إنت محتاجه
أردف ياسر مفسرا له: لازم الأول أعمل لك تحليل علشان أتأكد إنك نفس الفصيلة، وكمان لازم أتأكد من إنك مش مصاب بأي مرض أو فيروس يأثر على المريض داخل أوضة العمليات ويسبب لنا مشكلة جوة.

زفر قاسم وصاح به بضيق من شدة توتره وقلقه على عمه الذي يصارع الموت بالداخل وايضا لعدم تقبله لشخص ياسر: ياسيدي قولت لك إني نفس فصيلته
وأكمل شارح لإقناعه: من حوالي سنتين حسن إبن عمي كان عامل حادثة كبيرة بعربيته، وقتها إحتاج لنقل دم وكلنا عملنا تحاليل، وأنا وعمي زيدان وقتها طلعنا نفس الفصيلة.

وأكمل مفسرا لإطمأنانه: ولو على خوفك من نقل الفيروسات فأحب أطمنك، أنا بعمل تشيك اب كل 6 شهور، واخر مرة كان قبل فرحي بإسبوع، يعني تقريبا كده من ثلاث شهور ونص
إطمئن ياسر لحديثه وأكمل قاسم مكالمته قائلا: فارس، عمك زيدان إنضرب بالنار، هات صفا وتعالي حالا على المستشفي.

عودة إلى الحاضر
بدأ ياسر بسحب أكياس الدماء من قاسم للتحضير إلى العمليه
وأثناء ما كانت الممرضة تقوم بسحب الدماء، أمسك قاسم هاتفه وطلب رقم رجل ذو منصب رفيع بالدولة، كان قد تعرف عليه مؤخرا من خلال إحدي قضاياه،
وتحدث إلية بنبرة وقورة: عزام باشا، بعد إذن حضرتك، أنا طالب من سيادتك خدمة ضرورية وهيترتب عليها إنقاذ حياة ناس كتير جدا في سوهاج.

وقص له الروايه وطلب منه إيصاله المباشر إلى مدير أمن سوهاج والمحافظ، وطلب منه توصيتهما لبذل أقصي ما عند كلاهما لسرعة كشف هوية المجرمين،
ما هي إلا ثواني وكان مكتب المحافظ يهاتف قاسم وقاموا بإيصاله بالمحافظ مباشرة والذي إستغرب وسأل قاسم متعجب: الحقيقة أنا إستغربت جدا لما عرفت إسمك الثلاثي من مكتب سيادة مدير الأمن.

وأكمل متسائلا بتعجب: هو إنت ليه وسطت بينا طرف ثالث وإنت عارف كويس إني صديق لجدك ولو كلمني ماكنتش هتأخر عليه؟
أجابه قاسم بصدق: أنا بكلم سيادتك قبل ما جدي يعرف الموضوع علشان تلحق تتصرف، وتدي تعليمات جنابك لرجالتك علشان يتتبعوا خط سير المجرمين قبل مايهربوا برة المحافظة،.

وأكمل مفسرا ليطلعه على خطورة الموقف: جدي لو عرف قبل ما تقبضوا على كمال أبو الحسن نجع الديابية هيتحول لبركة دم، وأظن حضرتك عارف صحة كلامي كويس، بما إن سيادتك بقا لك كتير في سوهاج وعارف تفكير الناس هنا وعوايدهم.

تفهم المحافظ حديثه وأثني على تفكير قاسم الحكيم، أعطي قاسم مواصفات السيارة والثلاث رجال وأخبره عن إصابته لساق أحدهم والشامة، وأكمل قاسم: أنا هحاول أمنع جدي من أي تصرف متهور، وهحاول أقنعه إننا نخلي العدالة تاخد مجراها وناخد حقنا بالقانون،
وأسترسل حديثه شارح: بس ما أقدرش أوعد سيادتك إن هقدر أسيطر لوقت طويل، فياريت حضرتك تعمل أقصي ما عندك قبل ما جدي يفقد صبره أو لا قدر الله عمي يجرا له حاجة.

أغلق هاتفه بعدما إتفقا على ما يجب فعله.

- -
أتي الجميع مهرولين إلى المشفي، وبدأ جميع رجال عائلة النعماني الكبيرة بالإنضمام إلى قاسم والتسابق لغرفة الفحص، لفحص زمرة دمائهم وتجهيز المتطابق منهم للتبرع بالدماء.

دلفت صفا لداخل حجرة الفحص بساقان مهتزتان تجرهما خلفها، أجرت الكشف على غاليها بيدان ترتعشتان ودموع منهمرة فوق وجنتيها لم تستطع التحكم بها، صدمت وأرتعب داخلها حين وجدت إستقرار الرصاصة قريب جدا من القلب، مما جعل عملية إستخراجها أمرا في غاية الصعوبة ويحتاج إلى جراح بارع
هتفت ورد التي أصرت على الدخول معها لتري معشوق عيناها: أبوك ماله يا صفا، طمني جلبي على حبيبي يا بتي.

إبتلعت لعابها وخبأت أهاتها داخل صدرها وتحدثت إلى والدتها بنبرة بها طمأنة رغم هلعها: حاچة بسيطة يا أما إن شاء الله، أبوي كيف الأسد، مفيش حاچة عتجدر عليه وعيجوم لنا بالسلامة.

إقتربت ورد التي تستمد قوتها من إيمانها بالله، إلتصقت بحبيبها المتمدد على الشيزلونج ثم دنت منه ووضعت قبلة فوق جبينه، سقطت دمعه من عيناها فوق عيناه فتساقطت وظهرت وكأن عيناه هي من زرفتها، رفعت وجهها وتحدثت وهي تتحسس وجنته بحنان: مستنياك برة يا أسدي لچل متطلع لي سالم غانم،
وأكملت بتأكيد وكأنه يستمع إلى حديثها: إوعاك تخلي بوعدك ليا يا إبن النعماني.

وأكملت بقوة رغم دموعها التي تنهمر على وجنتيها: مش إنت وعدتني ليلة دخلتك على إنك معتسبنيش واصل؟
وجولت لي كمان إنك معتخليش الدموع تعرف طريج لعنيا طول ما أنت چاري، وأكملت بتيهه: يكون في معلومك، أني معسامحش في اللي يفرط في كلمته واصل، سامعني يا زيدان، عستناك برة يا حبيبي،
وأكملت بتوصية وهي تضع قبلة ما قبل الخروج والذي أجبرها عليه ياسر كي يأخذ زيدان لتجهيزه لدخول غرفة العمليات: مطولش علي يا سيد جلبي.

قالت كلماتها وخرجت بقلب يتمزق حزن وهي تري حبيبها القوي ممددا فوق التخت لا حول له ولا قوة، وهو القوي الذي لم يعرف الإنكسار يوما طريق له.

خرج قاسم من غرفة سحب العينات، وجد جميع أفراد العائلة حاضرة، النساء تنتحبن وشهقاتهن تصدح بالمكان وتشق صدورهن على غاليهم الذي يقبع داخل الغرفة فاقدا للوعي يصارع الموت، أما الرجال فيقفون بقلوب تغلي وتشتعل نارا، كل ممسك سلاحه بيده وفي إنتظار الإشارة من كبيرهم كي يتحركوا ويحرقوا بطريقهم الاخضر واليابس ليثأروا لغاليهم.

تحرك إلى محل وقوف مريم الباكية وسألها متلهف عن صفا، فأعلمته أنها بداخل غرفة الفحص، قرر ان يهرول إليها لولا وجود الممرضة التي أسرعت إليه وتحدثت بتوجس: معينفعش تجف إكده يا قاسم بيه، حضرت إتبرعت بكمية دم كبيرة ولازمن ترتاح على السرير لجل جسمك ميتأثرش،
رفض بقوة فتحدثت زميلتها بالعمل إليها: هاتي له علبة عصير يشربها يا هالة.

تحرك منتصب الظهر بطريقه كي يدلف إلى صفا، أوقفه صوت عثمان الذي سأله بعيناي يطلقان شزرا وملامح قاسية لرجل يستعد لحرق كل ما ستطاله أياديه: قاسم، إحكي لي كل اللي حصل وكيف عترت في عمك
توقف قاسم عن الحركة وأخذ نفس عميق وبدأ بقص كل ما دار أمام عيناه
أردف يزن قائلا بنبرة عالية: محدش يچرؤ يعمل العملة الخسيسة دي غير الچبان اللي إسميه كمال أبو الحسن.

صاح فارس بنبرة غاضبة مؤكدا على حديث يزن: عندك حج يا يزن، هو الكلب اللي إسميه كمال مفيش غيره
هتف حسن برعونة شباب ونبرة غاضبة وهو يرفع سلاحه لأعلي كناية لجاهزيته: وحج رجدت عمي زيدان معيطلع النهار غير وهو وناسه العفشه غرجانيين في دمهم الزفر
وتحدث إلى جده بإلحاح: إديني الإذن يا چدي وأني أروح أچيبه لك متكتف وأرميهولك تحت رچليك جبل ما أدبحه كيف الخروف وعيني في عينه، مش مستخبي زي النسوان كيف ماعمل هو.

هتف قاسم بنبرة صارمة: إجفل خاشمك وبطل رط ملوش عازه يا حسن، حج عمي عناخده بالعجل وبالجانون
هتف قدري بنبرة غاضبة معترض على حديث ولده: عجل وجانون مين اللي عتتحدت عنيهم يا قاسم، عمك إتغدر بيه وساح دمه على إدين عالم رمم متسواش وتجولي جانون؟
وأكمل بنبرة غاضبة: الله في سماه معيطلع الصبح غير وأني معلج كمال أبو الحسن على باب السرايا، ومجطع من چسمة بالساطور نساير كيف مبيجطعوا الچزارين من الدبيحه المتعلجه.

دوي صوت منتصر الذي صدح بهتاف غاضب وحسم: واني معاك يا قدري، وحج رجدتك يا زيدان لاولع في نچع الديابية دار دار
صدح صوت قاسم الصارم وهو يحدث جده ويحثه على التدخل لوقف هذه المهاترات الغير مجديه بنفع: عتفضل ساكت إكده يا چدي، متجول حاچة اومال!

كان يجلس فوق مقعدا، ساندا على عصاه الأبنوسية، ينظر أمامه بعيون كذئب خبيث يترقب فريسته لينقض عليها ويفتك بها، فتحدث بنبره هادئة عكس ما يدور داخله: إنت إيه رأيك يا قاسم؟

أجابه قاسم بنبرة قاطعة غير قابلة للجدال: رأيي إن نسيب الجانون ياخد مجراه، وأكمل بثقة: أني شفت الحادثة وعرفت تفاصيل إكتير عتخليني أصطاد الاندال اللي عملوها كيف الفيران هما والخسيس اللي أچرهم، وأكمل بقوة: خليك واثج فيا يا چدي وتوكد إن حج عمي عچيبه في خلال ساعات، وكيف ماجولت من إشوي، عجيبه بالعجل وبالجانون عشان محدش من العيلة يتإذي والدم يبجي للركب بيناتنا وبين نچع الديابية.

علت الأصوات الرافضة لحديث قاسم المنافي لعاداتهم والذي يطالبهم بالرضوخ والمذلة وتسليم الامر إلى القانون كالضعفاء والجبناء، وهذا ما لم ولن يتقبلوه رچال النعمانية.

دلفت دكتورة أمل وهي تهرول على عجالة بصحبة الموظف الذي بعثه لها ياسر كي يجلبها بالسيارة لتقف بجانب باقي أطباء المشفي للمساعدة في تلك الكارثة، كانت تتلفت حولها وتدور بمقلتيها متلهفة لرؤية من حرم على عيناها النظر إلى وجهه البرئ منذ الثلاثة أسابيع المنصرمة وبالتحديد من اليوم اللذان تشاجرا به،.

وجدته يقف وعلامات الغضب والتشنج تستحوذ على ملامحه، نظر إليها وبلحظة دق قلبه بوتيرة عالية وانتفض جسده جراء رؤياها ونظراتها المتفحصة لملامحه بلهفة وعناية، سحب عيناه سريع إمتثالا لكرامة الصعيدي بداخله التي تطالبه بالتمرد على قلبه ودعسه تحت قدماه، ولا للمذلة لتلك المتبلدة المشاعر.

رغبه ملحة كانت تطالبها بالهرولة إليه وسحبه وضمه إلى أحضانها كي تطمئن قلقه الظاهر بعيناه ولتطمئن قلبه المتألم جراء مشاجرتهما الاخيرة، والتي حاولت الإتصال عليه مرارا كي تعتذر منه عليها، لكنه أضاف رقمها في قائمة الحظر إمتثالا لعزة نفسه وكرامته التي اهينت على أيديها
تحدثت إلى الجميع بألم من نظرته الجامدة وسحب عيناه عنها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سلامة زيدان بيه، ما تقلقوش، إن شاء الله خير.

رد عليها البعض والبعض الاخر يقف بجسد متيبس مترقب لما سيحدث، تحدثت إليها السكرتير الواقف: الدكتور ياسر مستني حضرتك چوة هو والدكتورة صفا
ألقت نظرة سريعة على ذلك الواقف متيبس الجسد كاشر الملامح ثم دلفت سريع تحت نظرات ليلي التي إستغربت حال تلك الأمل.

تحدث قاسم مترجيا جده وهو ينتوي الدخول إلى تلك التي تستحوذ الان على قلبه وعقله ليراها قبل البدء في إجراء عملية إخراج الرصاصة: أني داخل أشوف مرتي يا چدي جبل ما تبدأ العملية، معايزش أطلع من چوة ألاجي مصيبة حصلت
هز عثمان رأسه بإيجاب، إطمئن وما أن تحرك بساقاه حتى وجد باب حجرة زيدان يفتح وتخرج منه تلك المنهارة والتي تهز رأسها بإرتياب وتهتف بهياج شديد: معجدرش يا ياسر، معجدرش.

هرول إليها قاسم وحاوط كتفيها بكفاه شاملا إياها برعاية وهتف متسائلا: مالك يا صفا، عمي چري له حاچة؟
نظرت له بتيهه، وكأنها تراه ولأول مره، مازالت تهز رأسها بإستنكار ورفض تام
تحرك الجميع يهرولون إلى وقفتها عدا عثمان الذي ينهش القلق داخل قلبه، ويجلس مستسلم لوضع أغلي غواليه الذي يقبع بالداخل يصارع الموت بجسد منهك
تحدث ياسر إلى قاسم والجميع: الدكتورة صفا مش عاوزة تعمل العملية لزيدان بيه.

نظرت لها ورد المنهاردة وهتفت بحدة بالغة: كيف يعني معايزاش تعملي العملية لأبوك؟
مجدراش يا أما، مجدراش، كلمات نطقت بها صفا برفض وتيهه وارتياب وتشتت وضياع
جرت عليها ورد كالمجنونة وأمسكت ذراعها وهزتها بعنف وتحدثت بنبرة غاضبة: معناتها إيه مجدراش دي يا بت؟
أبعد قاسم كف يد ورد عنها وتحدث إليها بهدوء: إهدي يا مرت عمي لجل مانفهموا إيه الموضوع.

ثم نظر إلى تلك المنهارة وحاوط وجهها بكفي يداه وتسائل بهدوء: معايزاش تعملي العملية لأبوك ليه يا صفا؟
نظرت له بتيهه ومالت رأسها له بتألم وتحدثت بدموعها المنهمرة فوق خديها: معجدرش أمسك مشرط وأشج بيه صدر أبوي،
وأكملت بصراخ وذهول: معجدرش يا ناس، معجدرش معجدرش.

تحدثت إليها أمل بتعقل كي تعيدها إلى وعيها الذي فقدته جراء رؤيتها لغاليها وهو بتلك الحالة: صفا فوقي، معندناش رفاهية الوقت علشان نستدعي جراح تاني، غرفة العمليات جهزت خلاص والامر كله أصبح بين إديك.

مازالت تهز رأسها برفض وهزيان، أمسكها قاسم من كتفيها وهزها بعنف كي تستفيق من حالة اللاوعي والهزيان اللذان تملكا منها وهتف بصياح عال: فوجي وإوعي على حالك يا صفا، أبوك راجد چوة بين الحياة والموت وإنت الوحيدة بعد ربنا اللي في إيدك تساعديه، كل لحظة بتمر وإنت واجفة ضعيفة إكده بتجربه من الموت أكتر، أمالت له رأسها بضعف وأردفت ببكاء: كيف عتطلب مني أمسك مشرط وأشج الصدر اللي ياما ضمني وغرجني بحنانه.

أجابها بنبرة حنون: كلامك ده لازمن يكون حافز ليك ودافع إنك تعملي له العملية، لازمن تمسكي مشرطك وتنقذي حياة أبوك لجل ميرچع ويضمك لصدره من چديد، فوجي يا صفا جبل مترچعي تندمي، وأكمل لإرهابها: بس ساعتها عيكون فات الاوان، ووجت الندم عدي وفات
وحثها على التحرك قائلا بعيون مترجية حانية: يلا يا حبيبتي إلبسي جميص العمليات وإچهزي.

وأكمل بنبرة حماسية لبث روح الأمل بها: وأني كمان هدخل ألبس وأتعجم وأدخل وياك غرفة العمليات
إستمعت لحديثه وكأنه أزال رعبها وقلقها فأستعادت به وعيها، هزت له رأسها بطاعة بعدما شعرت بالأمان من بين كلماته المشجعة وتحركت بجانب أمل لتتجهز، ودلف ياسر لنقل زيدان إلى غرفة العمليات
خرج ياسر وتحرك بالترولي المتواجد فوقه جسد زيدان، هرول إليه الجميع.

وفايقة التي إقتربت عليه وهي تنظر إليه بقلب ينزف دم على من ملك الروح والفؤاد، وأستحوذ عليهما حتى جعلها تفقد حدسها وشعورها بالجميع عداه، و عدا رغبة الإنتقام التي دائما ما تصاحبها، فها هو حب فايقة المرضي لزيدان.

كان ينظر إليها بقلب يشتعل، ذاك المصاب بداء عشقها الملعون والذي يجري بدمة كسريان الماء داخل الأنهار، كان دائم الشك لعشق ساحرته لشقيقه الذي لم ولن يبادلها إياه ذات يوم، لكنه الان بات متأكدا، وخصوصا بعد وقوعها كجثة هامدة بعدما إستمعت لخبر وفاته ومظهرها التي تبدو عليه الان، توعد لها بالعقاب الرادع لكن بالتأكيد ليس الان، فالان هو حقا يرتعب على شقيقه الراقد كجثة هامدة.

أدخل ياسر زيدان داخل غرفة العمليات وخرج للتعقيم وإرتدائه للباس المعقم، وجدها تقف بجانب ورد المنهاره، تحتضنها في محاولة منها لتضميد جراحها، رغم عن إرادته وجد حاله مشدود البصر للنظر إليها وكأنها سحرا أسود يجذبه إليها دون إرادة، إنتفاضة عنيفة هزت صدره وكأن قلبه العاشق يريد التمرد عليه وعلى كل شئ ويخرج من داخل صدره ليهرول إليها ويضمها لداخله ليطمأن هلعها وخوفها على عمها.

وعي على حاله بعدما وجدها تسحب بصرها عنه سريع بعد أن نظرت عليه بشكل طبيعي جدا وهو يخرج من غرفة العمليات، سحب بصره عنها وتوجه إلى داخل غرفة التعقيم تحت إشتعال جسد فارس الذي ولسوء حظه رأي تلك النظرات العاشقة التي تصوب من عيناي غريمه وتتجه نحو زوجته الرقيقة، رغم عنه كظم غيظه الذي لو خرج لأشعل المشفي بأكملها، فبالتأكيد هذا ليس بالوقت المناسب لتلك المشاعر
بعد. قليل.

بدأت صفا بإجراء العملية لمالك قلبها بعدما إستجمعت قوتها وفصلت مشاعر البنوه عن عملها، وتعاملت مع الحاله وكأنها لمريض وفقط، مجرد مريض عادي وليس والدها الحبيب، ساعدها على ذلك قاسم الذي كان يمدها بالقوة من خلال نظراته الحماسية الذي كان يغمرها بها بين الحين والاخر.

بالخارج، كان الجميع يجلس بقلوب مترقبة مرتعبه، دعوات وصلوات وتضرع إلى الله من الجميع طالبين من المولي عز وجل أن ينجي غاليهم ويشمله برحمته وعطفه
خرجت رسمية من الغرفة التي قبعت بداخلها منذ أن جلبوها إليها لفحصها من قبل ياسر، بعد وقعتها جراء إستماعها لذلك الخبر المشؤوم، كانت تتسند على مريم ونجاة، تحركت إلى جلسة عثمان الممسك بمسبحته ويقوم بذكر الله.

نظر لها وتحدث بحنان: جومتي ليه يا حاچة، خليكي راجده على السرير لجل ما ترتاحي
تحدثت بأنفاس متقطعة وقلب يتمزق لأجل ولدها الأقرب من قلبها: وعتاچي منين الراحة والغالي راجد چوة ومعرفاش إيه اللي بيه،
وأكملت بنبرة تقطع نياط القلب: النار ماسكة في جلبي ومشعلله في جسدي كلاته يا عثمان.

أجلستاها مريم ونجاة وتحدثت وهي تنظر إلى عثمان بمقلتان غاضبتان: حج ولدي لازمن يتاخد جبل النهار مايشج يا حاچ، مليكش صالح باللي عيجوله ولد المدارس اللي شرد عنينا ونسي عوايدنا.

وأكملت بجبروت وهي ترفع سبابتها بوجه الجميع رغم تعبها: وإلا ورب الكعبة معيچيب حجك يا زيدان غير أمك
تحدث حسن بنبرة حادة مؤكدا على صحة حديثها: براوه عليك يا چده، هو ده الحديت الزين
رمقه عثمان بنظرة نارية وهتف بنبرة غاضبة: إجفل خاشمك يا وااااد، معايزش أسمع حس حد فيكم وإلا يمين بالله عطخه بيدي
وأكمل بنبرة غاضبة ولوم للجميع: چايين تتحدتوا دلوك بعد خراب مالطه؟

كان عجلكم فين لما فتوه لحاله للكلاب تغدر وتنهش فيه مع إني موكد عليكم متفتهوش لحاله
صمت تام عم المشفي بأكملها حتى رسمية المكلومة على صغيرها الغالي صمتت خشية غضب ذلك الثعلب
أما ذلك المستشاط الذي لم يعد لديه القدرة للتحمل بعد، تحرك بقلب مشتعل نارا إلى جلوس مريم وتحدث إليها هامس وهو يسحبها من يدها متوجه بها داخل الغرفة المحجوزة لجدته: تعالي معاي چوة.

دلفت معه وأغلق هو الباب وتحدث بنبرة غاضبة: تاخدي بعضك دلوك وتروحي على البيت لچل متكوني چار بتك
جحظت عيناها وهتفت بإستغراب: عاوزني أروح وأفوت عمي چوة بين الحيا والموت يا فارس؟
وأكملت بتعجب: وينه عجلك يا حبيبي!

صاح بها بطريقة جنونية لرجل على وشك فقدان عقله: عجلي اللي عتتكلمي عنيه دي عفجده لو فضلتي جاعده جصاد إبن المركوب اللي بره دي، وأكمل بفحيح: جسما بالله يا مريم إن مامشيتي لأطخه لك وأسيح دمه جدام الكل
تجصد مين بحديتك دي يا فارس؟ سؤال طرحته مريم عليه بروع وتلبك لعلمها الإجابة
رمقها بنظرات حارقة وتحدث بإمتعاض: بلاش شغل الحريم العوج دي يا بت منتصر، إنت خابرة زين أني عتكلم عن ولد المحروج اللي إسميه ياسر.

إرتعب داخلها وانتفض من حالة الإحتدام التي تملكت من فارس، إقتربت عليه وأمسكت يده تتحسسها وتحدثت بهدوء: إهدي يا فارس وفكر زين، أني معينفعش أمشي وأسيب صفا ومرت عمي وچدتي في الشندلة اللي هما فيها دي، وأروح أجعد في البيت وأحط يدي على خدي،
وأكملت بإرتياب وجسد يرتجف وشفاه ترتعش خشية فقدانها لعمها زيدان الخلوق: ده غير عمك اللي راجد چوة وحالته الصعبة واللي محدش عارف عيجوم من رجدته دي ولا...

وهنا لم تستطع التماسك وبكت بشدة وتحدثت: عمك لو چرا له حاجة صفا ومرت عمك وچدتك عيروحوا فيها يا فارس، ده غير چدك اللي جاعد برة وعامل حاله كيف الأسد، وهو من چواته بيموت مع كل دجيجة بتعدي وعمك راجد على حاله چوة
وبرغم رعبه من حديثها إلا أنه أمسكها من ذراعيها وهزها بعنف قائلا: أني اللي عنجلط لو اللي إسميه ياسر دي خرچ من چوة وبص لك تاني يا مريم، مجدراش تفهميني ليه؟

وأكمل بقسم: ورب الكعبة لو ما مشيتي دلوك على بيتك لكون مبندجه واللي يحصل يحصل
لطمت خديها وتحدثت: عتضيع حالك يا فارس
إقتربت عليه وتحدثت مرغمة: حاضر يا فارس، أني عمشي لچل ما جلبك يهدي ويرتاح
نظر لها وصدره يعلو ويهبط من شدة إشتعال جسده الغيور على من ملكت قلبه وتملكت من كيانه مؤخرا بهدوئها وروحها السمحة الجميلة.

ما شعر بحاله إلا وهو يجذبها بعنف لترتطم بصدره بقوة، حاوطها بساعديه وضمها إليه بطريقة عنيفه وتحدث بنبرة حادة تنم عن مدي إشتعال روحه: أني عحبك وعموت من غيرتي عليك يا مريم، ساعديني وخليني أكتم غيرتي چواتي بدل متخرچ وتولع في الكل كليلة
حركت يدها فوق ظهره وتحسسته بحنان وأردفت بنبرة صوت حنون: عتعمل في حالك كل ده ليه يا فارس، ما أنت خابر زين إني عشجاك ومعشوفش بعيوني راچل غيرك.

أخرجها سريع وحاوط وجهها بكفاه ثم نظر لداخل مقلتيها وسألها متلهف بجنون: صح عشجاني يا مريم؟
اجابته بإبتسامة خافتة نظرا للظروف المحيطة بهما: لساتك عتسأل يا فارس، وأكملت مبررة: وأني إيه اللي كان مصبرني على معاملتك الباردة ليا من وجت چوازنا غير إني عحبك
شعر بإنتفاضة داخل صدره وطالبها متلهف: جولي لي عحبك وعشجاك ومعشوفك راچل غيرك يا فارس.

إبتسمت له وكررت ما أملاه عليها كي تريح قلبه العاشق الغيور، وتدخل عليه السكينة: عحبك وعاشقة لتراب رچليك، وعيوني معتشوفش راچل في الدنيي كلاتها غيرك يا حبيبي.

ما أن إستمع لكلماتها التي غزت قلبه وادخلت عليه السرور برغم ما يحيطهما من ظروف، حتى مال بجزعه عليها وألتقط شفتاها بين شفتاه وبات يذيقها من قبلاته العاشقة الممزوجة بالغيرة حتى إبتعدا رغم عنهما ليأخذا نفس، نظرت إليه بعيون صارخة بالعشق ورمت حالها بين أحضانه الحنون، بادلها بضمة قوية وتحدث بنبرة عاشقة وقلب ينبض بشدة داخل صدره: عحبك يا مريم، عحبك وعموت عليك.

خرجت من بين أحضانه مجبرة وتحدثت بتعقل بعدما وعت على حالها: بكفياك يا فارس لحد يدخل علينا،
هز لها رأسه بإيجاب وتحدث بنبرة حماسية: عندك حج يا حبيبتي، يلا لجل ما أوصلك على البيت وأرچع لهم طوالي
أومأت بإيجاب وكادت أن تتحرك للخارج جذبتها يده من جديد وأدخلها داخل أحضانه وضمها بشدة أسعدتها وأشعرتها بمدي قيمتها لديه، أخرجها ونظر لعيناها بوله وتحدث وهو يتحرك بها للخارج: يلا يا حبيبتي.

خرجا سويا وتحدث هو إلى جده: بعد إذنك يا چدي، عروح أوصل مرتي عشان چميلة لوحدها في السرايا مع حسن وزمنتها بتبكي وعرچع طوالي
أومأ له عثمان حين تحدث قدري بنبرة حادة وهو ينظر إلى فايقة الجالسه تنظر أمامها بشرود وتيهه: خد أمك وياك يا فارس
حولت له فايقة نظرها وتحدثت برفض تام غير مبالية بمن حولها: أني معتحركش من إهنيه غير لما زيدان يطلع وأطمن إنه بجا زين.

وعت على حالها عندما لمحت إشتعال نظرات قدري فتحدثت من جديد بتلبك وأرتباك: وكمان معجدرش أسيب عمتي و ورد وهما في حالتهم المشندلة دي
نظر لها وتحدث من ببن أسنانه بطريقة تظهر كم الغضب الذي وصل إليه: فااااايقة، جولت لك جومي مع ولدك وروحي على بيتك
إرتعب داخلها من إشتعال ذلك الذي يشبه الثور الهائج بغضبه، فوقفت مرغمة لتجاور فارس وهي تلعنه بداخلها.

فتحدث أيضا يزن مستغلا الوضع كي يتخلص من رؤية تلك الليلي ووجودها الذي بات يؤرق روحه ويشعل كيانه بالغضب كلما تقربت منه وحاولت خلق حديث معه: خد ليلي هي كمان وياك يا فارس، وأكمل معترض: من ميتا الحريم عيجعدوا في المستشفيات إكده.

إعترضت ليلي بقوة حيث أنها إستغلت تلك الحادثة كي تجلس أمام يزن وتشبع عيناها من النظر إلى من بات يحرمها طلته، حيث أنه لم يعد يحضر إلى المنزل ككقبل متعمدا، وبات يقضي معظم أوقاته بالإستراحة المتواجدة داخل حدائق الفاكهة، كي يتجنب ذهابها المستمر إلى غرفته وعدم إستسلامها وأحترامها لقرار إنفصاله عنها
ليلي بنبرة قوية وعناد: أني عفضل إهنيه مع چدتي.

رمقها يزن بنظرة لا تقبل الجدال وصاح بها غاضب: ليلي، معكررش حديتي تاني
زفرت بضيق وتحركت بجانب والدتها ومريم بصحبة فارس واستقلوا سيارة فارس وتحركوا عائدين إلى السرايا.

بعد قليل، دلف مدير أمن سوهاج ومأمور المركز التابع له نجع النعماني، وبصحبتهما لفيف من رجال الأمن، وقف عثمان صالب طوله إحترام لإستقبالهم، تم الترحيب بهم وبعد أن إطمأنوا على وضع زيدان
تحدث مدير الامن موجه حديثه إلى عثمان: أنا جاي لك يا حاج وكلي ثقة في حكمتك إنك هتساعدنا في ضبط الأمن وعدم إثارة الفوضي في المركز
تحدث عثمان بمكر كثعلب: أني تحت أمرك وطول عمري راچلكم وفي خدمة البلد يا بيه.

وأكمل مدعي بنبرة مستسلمه: وأديني جاعد أني وناسي كيف ما سعادتك واعي، ماسكين كتاب الله بنجروا فيه، وجاعدين تحت رحمتة ومستنيين عفوه علينا، وخروچ ولدي من أوضة العمليات سالم غانم
لم يقتنع مدير الامن بحديث عثمان الماكر، فادعي إقتناعه وأردف قائلا بدهاء: وهو ده المتوقع من عقل وحكمة الحاج عثمان
وأكمل بوعد: وأنا أوعدك يا حاج، إن مش هيعدي أربعة وعشرين ساعة، غير واللي عملوا الجريمة البشعة دي تحت إدينا.

أومأ له عثمان بهدوء، وأثناء حديثهم خرج زيدان من غرفة العمليات محمولا على الترولي ومعلق به جهاز تنفس إصطناعي لييساعدة على التنفس، هرول الجميع إلى صفا التي كانت تجاور أبيها وتتحرك به قاصدة غرفة العناية المشددة كي تضعه على الاجهزة ليضل تحت الملاحظة، فبرغم نجاحها في إخراج الرصاصة من جانب القلب، إلا أن الخطر على حياته ما زال قائم.

يجاورها قاسم الذي أدي دوره في دعمها وبث القوة والعزيمة داخل روحها على أكمل وجه
سألها عثمان بتلهف وهو ينظر لعزيز عيناه بقلب ينتفض: طمنيني على ولدي يا بتي؟
أجابته بملامح وجه مرهقة وصوت ضعيف يدل على كم الضغط والتعب التي تعرضت إليه داخل غرفة العمليات: إطمن يا چدي، الرصاصة الحمدلله خرچت، بس الحالة لساتها محتاچة متابعة
وأكملت بنبرة حنون: إدعي له.

أما ورد التي هرولت إلى معشوق عيناها وأمسكت الترولي بيداها وهي تنظر إليه بعيون متلهفه، عاشقة هي لكل إنش بوجهه، تحدثت إليه بدموعها وكأنه يستمع إليها: حمدالله على سلامتك يا سيد الناس
ورسمية التي أسندتها نجاة لتصل إليه، تحسست وجنة ولدها وتحدثت بإبتسامة: كت خابرة إنك حنين ومعترضاش الوچيعة لجلب أمك يا وليدي.

وصلت صفا بوالدها إلى داخل غرفة العناية المشددة، أوصلت جسده المنهك ببعض الاجهزة التي ستساعده على التعافي وتجاوز تلك الفترة الحرجة، ساعدها ياسر في ذلك الأمر، بعدما إنتهيا طلب منها ياسر الخروج لإخذ بعض الراحة لأجل جنينها
أصرت ورد على المكوث مع حبيبها ورفضت بإستماتة تركه وحيدا داخل تلك الغرفة البارده، أبلغت صفا إحدي الممرضات مساعدة والدتها في إرتداء ملابس معقمة لتجاور زوجها الحبيب.

جلست ورد بمقعد مجاورا لمعشوقها، تطلعت إليه بعيون متفحصة لملامحه الغالية وتحدثت بدموع: زيدان، فتح عنيك لجل ما الشمش تطلع يا حبيبي، معجدرش أني على رجدتك دي يا غالي، جوم لجل حبيبتك يا زيدان،
أمالت على كف يده الموصلة بأسلاك، وضعت قبلة حانية بثت له بها مدي عشقها الجارف لروحه.

في الخارج أتي إتصال إلى قاسم من مكتب مدير الامن ليخبره بأنه قد تم القبض على الثلاث رجال والسائق بعدما عثر على السيارة التي أدلي قاسم بمواصفاتها ل مأمور المركز، وقد تحرك المأمور برجاله وداهموا القرية التابعة لكمال أبو الحسن ووجدا السيارة في إحدي الجراچات.

وبعد التحقيقات والملاحقات إستدلوا على الرجال من خلال وصف قاسم الدقيق لهم، وتم القبض على كمال وشقيقاه وكل من شارك في تلك الجريمة البشعة، بعد إعتراف الرجال عليهم.

تحدث عثمان إلى قاسم بطريقة أمره: أول ما النهار يشج تروح على المركز وتتابع التحجيج بنفسك، معاوزش كمال أبو الحسن يشوف النور بعنيه تاني، وأكمل بملامح وجه غاضبة وعيون تطلق شزرا: عاوزه يجضي اللي باجي له من عمره في السچن لچل ميعفن چواته هو ورچالته، وأكمل بتأكيد: فاهمني يا قاسم
وأكمل شارح: أني سمعت كلامك ومشيت بعجلك ومرضيتش أتحرك لجل الدم ميسيحش ويغرج وياه المركز كلاته.

أومأ له بطاعة وتحدث: حاضر يا چدي، كل اللي حضرتك عايزة عيحصل وأكتر كمان
وأكمل: بس جوم روح وخد چدتي وياك لچل مترتاحوا
تنهد بأسي وتحدث بنبرة ضعيفة: معرتاحش غير لما أشوف ولدي مفتح عيونه وعيكلمني
إقترب منه ودني للأسفل وأمسك ركبتا جده وتحدث مطمأن إياه: إطمن يا چدي، عمي زيدان جوي وعيجوم بأمر الله، روح لجل متريح چسدك لتتعب لاقدر الله.

وتحدث إلى قدري ومنتصر: وإنت يا أبوي إنت وعمي، خد چدي وچدتي ومرت عمي وروحوا لچل متريحوا چسدكم،
ثم نظر إلى يزن وفارس وحسن وهتف قائلا بقوة: ومتجلجوش، أني إهنيه أني والشباب
بالفعل ذهب الجميع وتبقي الأربع رچال وصفا وورد اللتان تجاوران غاليهم بغرفة العناية المشددة ويراقباه بقلوب متلهفة، ملتجأة إلى الله وتدعوه بتضرع لينجي لهما حبيبهما.

دلف قاسم إلى الغرفة مرتديا اللباس المعقمة الخاصة بدخول غرفة الإنعاش، وجد ورد ممسكة بيد حبيبها وتنظر بتمعن لملامحه وكأنها تحسه على النهوض
حول بصره إلى تلك القابعة فوق مقعدها وتغط في ثبات عميق من شدة إرهاقها
تحرك إلى زوجة عمه ووضع كف يده فوق كتفها وتحدث بقوة: عيجوم يا مرت عمي، متخافيش عليه، عمي زيدان جوي.

حولت بصرها إليه وتحدثت بإمتنان ودموع: ربنا يحميك لشبابك يا ولدي، لولاك كان زمان المچرمين دول مخلصين عليه
تنهد بهدوء وتحدث: دي تدابير ربنا يا مرت عمي
ثم تحدث وهو يقترب من ملاكه الغافي إستعدادا لحملها: أني عاخد صفا لچل ما أمددها برة على سرير عشان اللي في بطنها مايتإذيش
أومأت له بموافقة فحملها هو بين ساعديه وضمها من صدره، افتحت عيناها سريع ونظرت إليه بفزع وتحدثت: أبوي چرا له حاچة؟

طمأنها سريع وتحدث متلهف: متخافيش يا صفا، عمي بخير
نظرت حولها وجدت والديها، وعت على حالها وتحدثت إلية بإقتضاب: نزلني
أجابها وهو يتحرك بها إلى الخارج متجه إلى غرفة جانبية: لازمن ترتاحي يا صفا، إنت تعبتي كتير وإكده في خطورة عليك وعلى ولدي
نظرت إليه بحقد وتحدثت بتهكم: متخافش على ولدك يا متر، زي ما هو ولدك هو كمان ولدي.

وباتت تتملص بين ساعديه محاولة الفكاك منه ولكن هيهات، فكان يضمها ويقربها من صدره مشددا عليها كما المقيدة حتى وصل بها إلى التخت ومددها عليه بعناية، وبدأ بفك القميص لها كي تغفي براحة، تحدثت بنبرة حادة رغم تعبها وإنهاكها وهي تنفض يده عنها وتبعدها بعنف: إطلع برة.

تحرك إلى الأريكة وفك قميصه هو الأخر وخلع عنه غطاء رأسه الخاص بملابس التعقيم، ثم خلع عنه حلة بدلته وتحدث وهو يلقي بجسده المنهك فوق الأريكة وتحدث بنبرة هادئة: نامي يا صفا، نامي وخليني أنام لي ساعتين جبل النهار ميشج وأجوم أروح المركز لچل ما أتابع التحجيجات
أجابته بنبرة صارمة وهي تتأهب للتحرك خارج الغرفة: تبجا بتحلم لو خيالك صور لك إن ممكن يچمعنا مكان واحد من تاني.

إنتفض من نومته وتحرك إليها وأمسك ذراعها، وبعيون تطلق شزرا أرهبها قائلا: جسما بالله لو إتحركت خطوة واحدة برة الاوضة دي لأكون واخدك على الببت لجل ما تنامي فيه
وأكمل بحده ونبرة رجل يشتعل بنار الغيرة: فاكراني راچل هفأ وعديم النخوة لجل ما أسيبك نايمة چار أبوك واللي إسميه ياسر داخل وخارچ عليك بحچة متابعة الحالة
أجابته بعناد: مليكش صالح بيا، أني أنام مكان مايعچبني ومليكش حكم علي.

أمسك يدها وهتف بغيظ من بين أسنانة: روحي على السرير وإتخمدي وخلي ليلتك السودة دي تعدي
وأكمل مهددا بنبرة حادة: إسمعيني زين يا بت زيدان، إنت لساتك مشفتيش الوش الغبي بتاع قاسم، ونصيحة مني بلاش تستفزي الحيوان اللي چواتي وتخرچيه، عشان إنت مش جد جلبتي السودة ولا جد غضبي
وأكمل بنبرة صارمة: ودلوك إنجري على السرير ونامي بدل ما أطلع غلب اليوم كلياته عليك.

نظرت إليه بعيون مشتعلة تطلق شزرا لو خرجت لأشعلت في الغرفة بأكملها، لكنها الان مجبرة على الإنصياع لتهديده لسببين، أهمهما أنها حقا منهكة وجسدها يحتاج للراحة لأجلها ولأجل جنينها
والاخر هو صحة حديثه بخصوص نومها بغرفة والدها في وجود ياسر، ولذلك فأئمن مكان مناسب لنومها هي تلك الغرفة في حضرته وحمايته.

زفرت بضيق وتحركت إلى التخت ومددت جسدها عليه بتعب وإرهاق، وتحرك هو إلى أريكته وارتمي بجسده المشتعل وتمدد فوقها، ما هي إلا دقائق وأستمع لإنتظام أنفاسها التي تعلن عن دخولها في ثبات عميق.

قام يتحرك على أطراف أصابع قدماه كي لا يقوم بإزعاجها، إقترب منها بقلب ينتفض عشق وخوف ورعب عليها، حزن من حاله لقيامه بإرهابها ومحادثتها بتلك الطريقة الجافة ولكن لم يكن لديه طريقة اخري لترويض تلك الفرسة الجامحة سوي تلك، ليس لإرهابها، بلا لخشيته عليها وعلى جنينه.

وصل لمكانها ومال عليها، وضع شفتاه فوق جبهتها وأغمض عيناه وبات يشتم عبير جلدها بقوة ليحتفظ به داخل رأته، تغلغلت رائحة جسدها العطرة داخل انفه فجعلت من قلبه وجسده مشتعلان، كان يريد أن يشتم خصلات شعرها منعه حجابها المحكم عليها، فتح عيناه وبات يدقق النظر لملامح وجهها الملائكي، تنفس عاليا وزفر،.

همس بنبرة حانية إستمعت إليها تلك التي وعت عندما شعرت بلمسات شفتاه فوق جلدها، لكنها إدعت النوم وتلقت قبلاته بإستسلام لا تدري لما، : حجك عليا يا جلب قاسم من چوة
وضع قبلة خفيفة بجانب شفتاها ثم تحرك عائدا إلى أريكته مثلما أتي، تمدد عليها وفي خلال دقائق معدودة دخل في ثبات عميق من شدة إرهاقه
نظرت عليه بدموع الألم والملامه وبعدها دلفت هي الاخري بدوامة نومها
- -
بنفس الوقت.

كان يتمدد فوق الأريكة الخاصة داخل مكتبه ليريح ظهره قليلا بعد عناء ذلك اليوم المرير، واضع كفاي يداه المتشابكان تحت رأسه وينظر لسقف الغرفة بشرود، إستمع إلى طرقات خفيفة فوق الباب، تحدث قائلا بنبرة ضعيفة: خش يلي عتخبط
أخذت تلك الواقفه خلف الباب نفس عميق لتشجع حالها، ثم أدارت مقبض الباب وخطت بساقيها للداخل، وجدته ممددا، نظر عليها وأعتدل سريع إمتثالا لأخلاقة العالية وإحترامه لذاته قبلها.

برغم إحترامه الذي أظهره في حضرتها إلا أنه أزاح بوجهه عن مقلتيها متلاشي النظر لوجهها
تحمحمت وأردفت قائلة بنبرة هادئة: حمدالله على سلامة زيدان بيه
أجابها بجمود وبملامح وجه مقتضبة ومازال متغاضي النظر لها: الله يسلمك
أردفت بنبرة خجلة: عاوزه أتكلم معاك.
أجابها بجمود وهو على وضعه برفض قاطع: سبج وجولت لك معادش فيه بيناتنا أي كلام
إبتلعت غصة مرة من طريقته الجافة وتحدثت بإصرار: يزن، إحنا لازم نتكلم.

إنتفض قلبه حين إستمع لحروف إسمه وهي تتغناها، لكنه تمالك من حاله لأبعد الحدود وأدعي الجمود
فأكملت هي: أنا مش مرتاحة ومش عارفة أسامح نفسي من يوم اللي حصل بينا، وأسترسلت حديثها بنبرة نادمة وهي تتحرك لتقف أمام عيناه: أنا عارفة إني زعلتك وقتها بكلامي البايخ، بس صدقني كان غصب عني،
نظر لها بجمود وتحدث بصرامة إمتثالا لكرامته التي اهدرت على يدها: جولت لك معايزش أسمع حاچة، إطلعي بره وخدي الباب في يدك.

تنهدت بأسي وتحدثت بإصرار: ريح نفسك، مش هخرج من هنا قبل ما أتكلم وتسمعني
وقف ليقابلها وصاح بنبرة غاضبة: عتسمعيني غصب عني إياك؟
هتسمعني برضاك يا يزن، جمله حنون تفوهت بها واربكت بها جسد ذلك العاشق المجروح
أجابها بنبرة حادة: معتمشيش الدنيي على كيفك يا دكتورة.
تحركت إليه وتحدثت بلكنه صعيدية مداعبة بها إياه كي تستدعي مرحه السابق: متجفلش معاي أومال يا بلدينا، ميبقاش مخك صعيدي أوي إكده.

نظر لها بضعف وسألها بروح منهكة: إنت عاوزة إيه مني بالظبط يا بت الناس
إبتسمت له بخفوت وأجابته: عاوزاك تسمعني بقلبك علشان تعذرني وتسامحني على إسلوبي الحاد اللي إتكلمت معاك بيه
أرجع رأسه للخلف بإستسلام وزفر بقوة وهو يرجع شعر رأسه ويسحبه للخلف بعنف وتحدث: وبعدهالك يا أمل، أني مش جد اللي عتعمليه فيا ده
نظرت إليه وتحدثت بترجي: أرجوك يا يزن.

أشار لها بالجلوس وبدأت هي بقص حكايتها المأساوية على مسامع ذاك الذي يستمع إليها بعدة مشاعر مختلطة، غيرة، ذهول، شفقة، حزن، قهر على تلك المغدور بها
كانت تحكي له بنبرة حزينة، بصعوبة بالغة كانت تقاوم دموعها التي أقسمت على أن لا تزرفها أمام أيا من كان،
تحدث إليها بعدما إنتهت من السرد: معجولة أمك وأختك عملوا فيك إكده؟

تلاشت الإجابه على سؤاله خشية إنهيارها، وتحدثت إليه بنبرة مختنقة بفضل محاربتها لإحتباس الدموع: كل الكلام اللي قولته لك يومها ماكنتش إنت المقصود بيه،
وأكملت وهي تبتلع غصة مرة شقت بها صدر حبيبها: فجأة لقيت الماضي الملعون وكأنه بيتحرك قدام عنيا،.

وأكملت قاصدة بحديثها وائل التي أصبحت تبغض حتى نطق حروف إسمه بين شفتاها: شفته وكأنه واقف قدامي بكامل هيأته، صعب أوي إحساس الخيانة والغدر لما ييجي من الشخص اللي عمرك ما تخيلت إن خيبة أملك الكبيرة هتكون على أديه
إستشاط داخله وشعر بنار داخل صدره، سألها بغيرة مرة: كل دي جهرة في جلبك لجل خاطره، للدرچة دي كنتي عتحبيه؟

نظرت إليه وتحدثت بملامح وجه متألمة: مكنش حب قد ما كانت ثقة حطيتها في شخص وأمنته على حياتي اللي جايه،
وأكملت بنبرة حزينة: الغدر والخزلان والخيانة لما بيحصلوا لك على إدين ناس المفروض إنهم الأقرب لروحك، بيخلوك تفقد الثقة في أي حد على وجه الأرض
أجابها بنبرة هادئة: مش كل الناس كيف بعضيها يا أمل، لساتها الدنيي بخير ومليانة بالجلوب الصافية والنضيفة.

إبتسمت إليه وتحدثت بصدق: عندك حق، وكلامك ده عرفته لما جيت هنا وعاشرتك إنت وصفا وياسر ومريم، حتى أهلك اللي مشفتهومش غير مرات تتعد على الصوابع، حسيت وأنا في وسطهم بالحنان والطيبة
لساتك عتحبيه؟ سؤال وجهه إليها والغيرة تنهش داخله
أجابته بكل قوة: عمرك شفت ضحيه حبت جلادها؟
تنفست براحة بعدما أخرجت ما ضاق به صدرها وهتفت قائلة لإنهاء الحديث: أتمني تكون فهمتني ومتكنش لسه زعلان مني.

رد عليها بإبتسامة حنون: مزعلانش يا أمل
إبتسمت له ووقفت وادارت ظهرها لتخرج، إستمعت لصوته يناديها: أمل
إلتفتت إليه فأكمل بعيون تنطق عشق وصوت هائم: أني عاشجك
إرتبكت وأنتفض قلبها فأكمل هو بعيون مترقبه لردة فعلها: أني رايدك لچل متكوني مرتي في الحلال يا أمل
جحظت عيناها وأنتفض جسدها بالكامل وتحدثت:.
ولحديث العيون معك إرتواء
فكيف لدفئ حضنك في العناق
خواطر يزن النعمانى
بقلمي روز امين.

إبتسمت له ثم وقفت وأدارت ظهرها إستعدادا للخروج، إستمعت لصوته يناديها: أمل
إلتفتت إليه فأكمل بعيون تنطق عشق وصوت هائم: أني عاشجك
إرتبكت وأنتفض قلبها فأكمل هو بعيون مترقبه لردة فعلها: أني رايدك لچل متكوني مرتي في الحلال يا أمل.

جحظت عيناها وأنتفض جسدها بالكامل، هي تعرف في قرارة نفسها أنه جاد في طلبه للزواج بها، ومتيقنة من حبه لها بل عشقه الهائل الذي بدأ يتملك منه وشعرت هي به من خلال الرسائل التي كانت تبثها موجات عيناه ويصل إشعارها الن. اري لعيناها ومنها لقلبها البرئ، الذي شعر به قريب من الروح والكيان.

لكنها خائفة بل تمو. ت رعب من مجرد تخيلها لفكرة تكرار خوضها لداخل تلك التجربة المريرة، لذا فقد قررت عدم أخذ حديثه على محمل الجد للتخلص من طلبه
تحدثت بدعابة كي تخرج حالها من هذا المأزق: تفتكر ده وقت هزار يا باشمهندس؟

تحرك إليها بطوله الفارع، وقف قبالتها ونظر داخل عسليتاها وهمس بنبرة رجل عاشق: بس أني معهزرش يا أمل، أني عاشجك وعاشج لعنيك، وطالب أنول الرضا بموافجتك لچل متكوني ملكة جلبي وتاچ راسي وخليلة أيامي.

إبتلعت سائل لعابها من شدة تأثرها بهياته المهلكة لقلبها النابض بعشقه رغم كبحها لذلك العشق وضغطها الدائم عليه كي لا يخرج ويعلن عن ميلاده، إلا أنه تسلل داخلها وتمكن من أسر قلبها، بل وتملكه وطبع بوشم يزن النعمانى وأنتهي الامر
بصعوبة بالغة أخرجت صوتها وتحدثت بنبرة ضعيفة يائسة: مش هينفع يا يزن، أنا بعد تجربتي المريرة أخدت عهد على نفسي بإني أقفل باب الحب والجواز وما أفكرش فيهم تاني.

إبتسم وأردف قائلا بنبرة حنون: عتضحكي عليا ولا على حالك يا أمل، حب إيه يا بت الناس اللي جفلتي بابه دي،
وأكمل هامس بعيون عاشقة: أومال اللي عيطل من چوة عيونك الحلوين دول وعيحضن جلبي ويطبطب عليه، يبجا إسمه إيه دي لو مهواش عشج، وعشج شديد جوي كمان
تهربت بعيناها وسحبتها بعيدا عنه وكأنها تبحث عن اللاشئ وانتفض قلبها جراء حديثه المعسول وعيناه التي تصرخ من شدة إحتياجها لعشق الحبيب.

تحدثت بنبرة حادة صارمة وكأنها تقص على مسامعه تقرير من إحدي صفحات جريدة الصباح: من فضلك يا باشمهندس، بلاش تستخدم إسلوب إبتزاز المشاعر ده معايا، أنا لا حبيتك ولا عمري اديت لك أي إشارة توحي لك إني بحبك، وأنا قولت لك رأيي بمنتهي الوضوح والمفروض عليك إنك تحترمة.

قاطعها يزن مكذب إياها بقوة: كدابه يا أمل، إنت عتحبيني كيف مابحبك بالظبط ويمكن أكتر، ولو فعلا معتحبنيش كيف معتجولي، يبجا تجوليها وإنت عتبصي چوة عيوني
إبتلعت سائل لعابها وتلعثمت فهدر يزن قائلا بقوة: خليك چريئة وبصي چوة عيوني وجوليها يا أمل.

حولت بصرها إليه وما أن نظرت لعيناه حتى سبحت وغاصت داخل بحرهما العميق، تناست حالها داخل نظراتها الصارخة التي تطالبها بالرحمة وإنهاء تلك المسرحية الهزلية كي ينعما داخل أحضان بعضهما ويرزقا بالحب الحلال
بدون سابق إنذار إنهمرت دموعها أمامه كشلال وهي التي أقسمت بألا تزرفها أمام أيا من كان، يبدوا أن روحها قد شعرت به خليل ولهذا إرتضت وسمحت لدموعها الأبية بالخروج.

نظرت إليه وأردفت قائلة بنبرة ضعيفة منكسرة: خايفة يا يزن
أجابها متلهف بنبرة هائمة: جلبي عيطمنك يا أمل، چوة حضني عتلاجي أمانك، عكون لك السند والضهر والحماية، و وعد عليا معخلي الدموع تعرف لعيونك طريج
وأكمل بإلحاح: بس إنت وافجي وريحي جلوبنا يا أمل، واسترسل لإقناعها: أني وإنت تعبنا كتير في حياتنا، وان الاوان إننا نرتاح ونلاجي الراحة والسكن چوة أحضان بعض.

نظرت إليه بتشتت وتيهه، فهتف هو بعيون راجية: جولي موافجة يا حبيبتي
إرتعش جسدها وهزة عنيفة زلزلت قلبها من نطقه لكلمة حبيبتي، علمت حينها أنها لم تعرف للعشق طريق قبل ذاك اليزن، فها هي معه تغزوها مشاعر ولأول مرة تشعر بها، لعشقه طعم لذيذ لأول مرة تتذوق حلاوة لذته
هز لها رأسه عدة مرات متتالية كي يشجعها على أخذ تلك الخطوة، إبتسمت له وأعلنت رفع راية الإستسلام لغزو عشقه الراقي والذي يشبه عشق الملوك في سموه.

تهلل وجهه وأنير، وأنفرجت أساريره من شدة سعادته حتى ظهر صف أسنانه وتحدث متلهف: وعد عليا معخلي الندم يعرف طريج لجلبك يا غالية، ومن إنهاردة أني راچلك وإنت مسؤلة مني، وأي حاچة عتحتاچيها عتكون تحت رچليك في التو واللحظة
أشارت إليه بيدها ليتوقف وتحدثت برفض قاطع: أرجوك يا يزن تهدي شوية وبلاش التهور اللي إنت فيه ده.

إبتسم لها بسعادة وأردف قائلا بنبرة حماسية: هو إنت لساتك شوفتي تهور، ده لولاش رجدت عمي زيدان كان زماني طاير على چدي ومصحيه من أحلاها نومة، وچبته لحد عنديك لچل ما يطلب لي يدك الغالية
وأكمل وهو يغمز لها بعيناه: وفي خلال أسبوع بالكتير بجيتي مرتي ومجفول علينا باب واحد.

خجلت من كلماته المتهورة التي تظهر كم إشتياقه لها وتعجله لإتمام زيجته بها، تحدثت بنبرة هادئة: بيتهئ لي إن الموضوع محتاج شوية وقت يا يزن، يعني، لسه إجراءات طلاقك لبنت عمك، وترتيب المكان اللي هنتجوز فيه
وأكملت بخجل: ده غير إني محتاجة وقت علشان أتعرف عليك أكتر، وكل واحد مننا يدرس شخصية التاني ويكتشف عيوبها ومميزاتها، علشان نقدر نتأقلم على طباع بعض بسهولة بعد الجواز.

بهتت ملامح وجهه وأختفت إبتسامته التي كانت تنير وجهه، تحمحم لينظف حنجرته ثم تحدث بهدوء: كل اللي تأشري عليه عيتنفذ وأكتر كمان يا حبيبتي،
وأكمل بتلعثم: بس أني كنت عاوز أشرح لك ظروف چوازي من ليلي
وأكمل شارح للوضع: سبج وجولت لك إن أني وليلي في حكم المطلجين، أني معاييش وياها في الشجة، وأكمل على إستحياء: ومبيحصلش بيناتنا أي حاچة من اللي بتحصل بين أي راچل ومرته.

أومأت رأسها بخجل وتحدثت دون النظر لعيناه: أيوة أنا فاكرة إنك قولت لي الموضوع ده قبل كده، واللي فهمته وقتها من كلامك إن موضوع طلاقكم مسألة وقت مش أكتر
وأكملت بصدق: وبصراحة ده السبب الرئيسي اللي خلاني أتمادي وأسمح لنفسي إني أحبك حتى ولو بيني وبين نفسي.

أخذ نفس عميق ثم زفره بقوة إستعدادا للحديث، وأردف قائلا بنبرة هادئة: للأسف يا أمل، أني معينفعش أطلج ليلي، وأكمل مؤكدا: لو السما إنطبجت عاللأرض چدي معيوافجش
قطبت جبينها غير مستوعبة لحديثه فأكمل هو: جانون النعمانية إكده، مفهوش طلاج
ضيقت بين عيناها وسألته مستغربة: تقصد إيه بكلامك ده يا يزن، إنت عاوز توصل لي إن ممكن جدك مايوافقش فعلا على طلاقك لبنت عمك؟

هز رأسه نافي، ونطق بتأكيد: هو مش ممكن يا أمل، هو الأكيد إنه معيوافجش
أردفت قائله بنبرة قاطعة: بس إنت أكيد هطلقها يا يزن
تنهد بيأس وتحدث: حاولت والله يا أمل بس منفعش، الكلمة الاولي والاخيرة في المواضيع اللي كيف دي بتبجا لچدي لحاله وممنوع النجاش فيها
قطبت جبينها بإستغراب شديد ثم أخذت نفس عميق وتحدثت بصرامة لن تقبل النقاش: بس أنا هتجوزك إنت يا يزن مش هتجوز جدك!

وأكملت بنبرة قوية مدافعة بها عن ليلي متناسية أنها غريمتها وتشاركها حبيبها: وبعدين إنت إزاي هاجرها وهي لسه على ذمتك يا يزن؟
شرع ده حرام وظلم بين ليها.
وأكملت بضيق لأجلها: ده غير إنه فيه إهانة كبيرة لكبريائها وإنوثتها، والمفروض إنها هي اللي كانت تثور لهدر كرامتها، وتطلب الطلاق من جدك وتصر كمان عليه.

وأكملت بإتهام: وعلى فكرة بقا، إنت كمان عليك إثم كبير في هجرك ليها، لأن المفروض إن ليها حقوق شرعية عندك وواجب عليك إنك تديها لها مهما كان زعلك منها أو إختلافك معاها، وأسترسلت بتعقل: وعلشان تتخلص من الإثم ده يبقا لازم تطلقها يا يزن
وأكملت بنبرة صادقة: وممكن جدا بعد ما تطلقها تتجوز حد تاني يقدر يحتويها ويكون لها العوض، ويمكن تلاقي معاه الحب والتقدير اللي ما قدرتش تلاقيه في تجربتها معاك.

وأكملت بكبرياء وشموخ إمرأة: ده غير إن عمري ما هقبل على نفسي إن يتقال عليا إني خطفت راجل من مراته، وأسترسلت حديثها بإصرار: علشان كده أنا مصممة جدا على رأيي في إنك تطلقها قبل ما يتم بينا أي شئ رسمي.
عتعجديها ليه يا بت الناس؟ جملة قالها يزن بعيون راجية
أجابته بنبرة حنون: مش بعقدها والله يا يزن، أنا كل اللي طالباه إني أعيش معاك في هدوء ومن غير حاجة تنغص علينا حياتنا أو تسبب لنا مشاكل إحنا في غني عنها.

وأكملت والغيرة تظهر داخل مقلتيها: ده غير إني مش هقدر أتحمل فكرة إن يكون لي فيك شريكة حتى لو كان مجرد جواز على الورق
إنفرجت أساريره وهتف بنبرة تشير إلى شدة سعادتة: هي الدكتورة عتغير على حبيبها ولا إيه؟
إرتبكت بوقفتها وقررت الإنسحاب من أمام ذلك الولهان وهيأتة العاشقة وتحدثت متلعثمة: أنا رايحة أطمن على عمك وأشوف لو صفا وطنط محتاجين حاجة
أخذ نفس عميق وتحدث بعيون عاشقة: عاشجك يا أمل.

وأكمل: حاضر، هروح لچدي وعجوله إني لازمن أطلجها لجل ما أريح جلب حبيبتي
إبتلعت لعابها وأسرعت للخارج قبل أن تضعف وترتمي لداخل أحضان ذاك الفارس المغوار التي دائما ما حلمت بشخصيته ببداية صباها وبدأ رسم شخصية فارس أحلامها الوردية
تنهد هو براحة وذهب من جديد إلى أريكته وجلس فوقها وشعورا هائل من السعادة والعشق يتملكان من قلبه الجميل الذي لم يحمل بداخله يوم سوي الحب والخير للجميع
- -.

أصبح القلب لا ينبض إلا بحضورك
وكأنه وشم بعشقك اللعين وحسم الامر
خواطر صفا النعماني
بقلمي روز امين.

شق الصباح نوره ليعلن عن إنتهاء الظلام وميلاد يوم جديد يتأمله الجميع بأن يكون أفضل من الأمس الذي عان منه الجميع وذاقوا به الأمرين.

كانت تغط في ثبات عميق، ويرجع أسبابه لشدة إرهاقها بعدما عانته بالأمس من توتر وقلق ورعب على غاليها ثم ضغطها داخل غرفة العمليات، بالإضافة إلى أنها بالأساس تعاني بشدة في الفترة الاخيرة من إصابتها بحالة من الخمول والنعاس الدائم نتيجة التغيرات الهرمونية التي حدثت لجس. دها جراء الحمل.

فتح عيناه بثقل وبات ينظر حوله بإستكشاف وإستغراب للمكان، حتى وعي على حاله وتذكر ليلة أمس العصيبة، حول بصره متلهف يبحث عنها، إطمئن قلبه وشعر بهزة عنيفة أصابت قلبه لمجرد رؤياه لملاكه الغافي بسلام، إعتدل بجلوسه ثم وضع كف يده فوق شعر رأسه وأرجعه للخلف في محاوله منه لهندمته، أخذ شهيق عاليا ثم زفره،
ثم وقف منتص. ب الظهر وتحرك إليها، بات ينظر إلى كل إنش بملامحها بإشتياق جارف.

سحب مقعدا بهدوء شديد وجلس عليه أمامها، نظر بإرتياب إلى أحشائها التي تحمل جنينه الذي حرم من الإحتفال معها بقدومه، غصة مرة تملكت من قلبه حين تذكر حاله وحبيبته وما وصلا إليه من حالة مزرية، مد يده بحنين يتحسس موضع جنينه بأحشائها
إنتفضت فزعة من نومتها تتلفت حولها، أمسك كتفها سريع ليهدئ روعها وتحدث متلهف بنبرة هادئة: إهدي يا جلبي، أني قاسم يا حبيبي.

هدأت بالفعل وأطمأنت وأرجعت رأسها فوق الوسادة من جديد بعدما تيقنت أن اليد التي تحسستها هي لحبيبها، تنهد ووضع كف يده فوق أحشائها من جديد
إحت. رق قلب تلك الغاضبة وأمسكت يده ودفعتها بعيدا عنها بطريقة عني. فة قائلة بنبرة ح. ادة: بعد يدك عني
وضعها من جديد فأعادت فعلتها بطريقة أعن. ف فتحدث إليها بهدوء: إهدي يا صفا.

ثم أعاد وضع يده فكررت ما فعلت وتحدثت بصياح غاض. ب وهي تتأهب للنهوض: جولت لك شيل يدك عني وبعد عن طريجي
إشتع. ل جسده من طريقتها الفظة وأسلوبها العني. ف فأمسك كتفها وأرغم. ها على الرجوع للخلف والتمدد من جديد وتحدث بنبرة صوت ح. ادة وملامح وجه غاض. به: صفاااا، معتسمعيش الكلام ليه.

إبتلعت لعابها وأستكانت خشية من هيأته الغاض. بة التي ولأول مرة تراه عليها، أغمض عيناه وزفر بقوة وما زال ممسك بكتفها ليرغمها على التسطح، فتح عيناه من جديد ونظر لأحشائها بحنان وأشتياق وكأنه يري جنينه أمام عيناه، ومن جديد وضع كف يده وبدأ يتحسس موضع جنينه وكأنه يتلمسه.

إنتفض جسدها أثر لمسته، أخذ نفس عميق وتحدث إلى جنينة بصوت مسموع وكأنه يطمأنه: متخافش يا حبيبي، لما تاچي بالسلامة كل حاچة هتبجا زين بإذن الله
حول بصره إلى تلك الغاضبة التي تشيح ببصرها عنه وتحدث: صحيح أمك كيف الفرسة الجامحة، بس أبوك خيال صح وهيعرف يرودها ويرچعها لعجلها ولحضنه من چديد
رمقته بنظرة حادة وأردفت بنبرة تهكمية: اللي بتفكر فيه دي بعيد عن أحلامك.

إبتسم بجانب فمه وتابع تلامسه الحنون على جنينه وسألها بنبرة جادة: عنده كام شهر بالظبط
برغم غضبها الشديد منه ومن إج. بارها على الخ. ضوع إلا أنها أجابت لتيقنها أن سؤاله من حقه المشروع: عمره تلات شهور وتلات أسابيع
سألها وهو ينظر إلى أحش. ائها بحنين: عملتي سونار وعرفتي نوعه؟
أجابته بإقتضاب: عملت من شهر وأطمنت على نبضات جلبه، نوع الچنين مبيظهرش غير لما يكمل أربع شهور.

إبتسم بحنين وتحدث ومازال ينظر لموضع جنينه: إوعي تفتكري إني عاوز أعرف عشان نفسي في واد،
وأكمل بنبرة راضية ويقين: كل اللي يچيبه ربنا فضل ونعمة
ثم نظر لها وأكمل مفسرا: أصل أني حلمت إن عمي زيدان چاي وبيمد لي يده ويچولي سمي بالله ومد يدك وخد عطية ربنا ليك، جولت له إيه دي يا عمي، رد وجال لي ده مالك، ربنا بعتهولك عوض لجل ما تملك بيه زمام أمورك.

كانت تستمع إليه بإستغراب فأكمل هو بإبتسامة في محاولة منه بإسترضائها: بس لو عليا أني، أني نفسي في بنت تكون وارثة عجل وچمال وجوة أمها
إستغلت تراخي ج. سده وتراخي يده المكبلة لها بسبب حالة النشوة التي أصابته من حديثه عن جنينه، وانتفضت واقفة غير مبالية بحديثه المعسول.

تنهد بأسي لفعلتها وتحرك مستسلم إلى الأريكة مواليها ظهره وتحدث وهو يلتقط حلة بدلته: تعالي نطمن على عمي وبعدها هوصلك للبيت تاخدي لك حمام دافي لجل ما يريح چسدك وتلبسي هدوم نضيفة وتاچي تاني
وأكمل بنبرة جادة: وأني هروح المركز لجل ما أتابع التحجيج مع الم. چرم اللي إسميه كمال
نظرت إليه وتحدثت متناسية خصومتهما: عوزاك تبذل كل چهدك لچل ما الخسيس دي ياخد أجسي عجوبة على اللي عمله في أبوي.

أجابها وهو يتحرك بإتجاه الباب ويشير إليها لتتقدمه: متجلجيش يا صفا، الله في سماه معخليه يخطي برچله ويشوف الشارع تاني
تحركت أمامه داخل الرواق في طريقهما إلى غرفة العناية، لتجد يزن وفارس وحسن يجلسون أمام طاولة أحضرها لهم أحد العاملين موضوع عليها بعض الاطعمة التي أحضرتها لهم العاملة المصاحبة لرسمية التي أتت مهرولة منذ أن شق الصباح نوره لتطمإن على غاليها.

تحدث يزن إلى كلاهما متناسي خلافه مع قاسم: تعالي يا قاسم إنت وصفا لجل ما تفطروا، نظر له قاسم وتحدث بنبرة هادئة: بالهنا والشفا على جلبكم
وتحرك بجانب صفا متجهين داخل غرفة العناية، إرتدا كلاهما الثياب المعقمة ودلفا للداخل، وجدا رسمية وعثمان و ورد ملتفون حول زيدان الذي مازال غائب عن الوعي، ويقف بجانبه ياسر يتفحصه.

هرولت صفا وتحدثت بأسف وأسي إلى والدتها: حجك عليا يا أم صفا، سيبتك لحالك ونمت من كتر التعب محسيتش بحالي
أومأت لها بتفهم فتحركت صفا إلى والدها وبدأت بفحصه والحديث مع ياسر بشأن الحاله
وجه قاسم سؤالا إلى ياسر بوجه مقتضب: هو ليه عمي مفاجش من الغيبوبة لحد دلوك
أجابه ياسر بنبرة واثقة: دي مش غيبوبة حضرتك، دكتورة صفا حقناه بجرعة منوم علشان يتخطي أل. م ما بعد العملية اللي ماكنش هيقدر يتحمله.

تحدث عثمان متسائلا بقلب يتألم لأجل صغيره: ميتا ولدي عيفوج ويفتح عنيه؟
تحدثت صفا التي تتفحص والدها وتفتح عيناه لتنظر بداخلها بعدستها الطبية: عيفوج في خلال من خمس لعشر دجايج يا چدي
وأكملت بنبرة هادئة طمأنت بها الجميع: الحمدلله، مؤشرات وظائف الچسم الحيوية كلياتها تمام
إطمأن الجميع ثم حول عثمان بصره إلى قاسم وتحدث: مروحتش على المركز لجل ماتحضر التحجيج من أوله ليه يا قاسم؟

أجابه قاسم بجدية: المأمور كلمني بالليل وجال لي إن التحجيج هيبدأ الساعة تسعة، يعني لساته فاضل له ساعتين
أومأ له جده بتفهم
تحرك قاسم وإقترب من ورد التي مازالت على وضعها كما تركها، ممسكة بيد زوجها وكأنها تطمأنه وتذكره أنها هنا، بجانبه ولن تتحرك بدونه، تحدث إليها بهدوء وأحترام: جومي يا مرت عم إفردي ضهرك في أي أوضة برة، ولما عمي يفوج هاچي أصحيك.

هزت رأسها وأردفت قائلة برفض قاطع: معجومش من مكاني ولا هتحرك غير لما زيدان يفتح عنيه، ومهخرجش من إهنيه غير ورچلي على رچله
تنهدت رسمية وتحدثت إلى قاسم بإستسلام: ريح حالك يا ولدي، أني إهنيه بجا لي ياچي ساعة، ومن وجت ماچيت وأني عماله أتحايل عليها لجل متجوم حتى تحرك رچليها بره شوي، مرضياش كيف ما أنت شايف
وأكملت بتقدير ومفاخرة: طلعتي أصيلة يا بت الرچايبة.

تحدثت صفا إلى الجميع قائلة: من فضلك يا چدي، ياريت تطلع تجعد إنت وچدتي بره وخدوا وياكم المتر عشان ممنوع التجمع إهنيه، وأني لما أبويا يفوج هدخلكم عنديه
وأكملت حديثها إلى ياسر قائلة بنبرة عملية: وإنت يا دكتور، إتفضل حضرتك لچل ما تچهز طجم المستشفي لإستجبال الحالات، وأني هجعد إهنيه أتابع الحالة.

أومأ لها بموافقة، وحزن داخل قاسم من معاملتها الجافة له أمام الجميع، كاد الجميع أن يتحركوا إلى الخارج حسب تعليمات صفا، لولا ورد التي كانت تحتضن يد زوجها وتتمسك بها وكأنها تطالبه بأن يتمسك بالحياة لأجلها، صاحت و إنتفض جسدها بالكامل حين شعرت بأصابع يد حبيبها وهي تتحرك بين راحة يدها، هتفت قائلة بنبرة حماسية: أبوك عيحرك يده يا صفا.

وقف الجميع بإنتباه وترقب بقلوب مرتجفة داعية المولي بإفاقة غاليهم، أمسكت صفا جفن عين غاليها وبدأت بفتحه، إستجاب زيدان وبدأ بتحريك أهدابه محاولا فتحها، وبالأخير إستطاع فتح عيناه، كان يتطلع أمامه وكأنه داخل حلم، يستمع لصدي أصوات مهلله وتنادي بإسمه، لكنه لم يستطع تمييزها،.

بدأ بالإستيعاب شئ فشئ، نظر على وجه صفا التي تقف وتميل عليه وتناديه لتسحبه من داخل تلك الدوامه وتخرجه إليهم لعالمهم من جديد قائلة بنبرة جادة: أبوي، فتح عنيك يا حبيبي، إنت سامعني، لو سامعني حرك عنيك.

حرك أهدابه ليطمأن رعبها التي وبرغم وقوفها صامدة إلا أنه رأه داخل مقلتيها الصافيتان، حرك عيناه ببطئ يبحث متلهف عن صوت معشوقته الذي يستمع إليه كصدي داخل حلم، وقعت عيناه على تلك العاشقة الواقفه وممسكة بيداه بشدة وكأنها تخشي إضاعته والتي تتحدث بنبرة سعيده وعيون تدمع فرح: حمدالله على سلامتك يا تاچ راسي، الشمش طلعت ونورت برچوعك يا غالي.

إنتعش قلبه لرؤياها التي تسر قلبه وهمس بصوت ضعيف متقطع: ماتبكيش يا حبيبتي، أني بخير
أسرع عليه عثمان الذي شعر بعودة الروح لجسده الهزيل والذي شعر بإفتقادها مع فقدان ولده لوعييه
ورسمية التي هتفت وهي تبكي وتميل على وجنة ولدها لتقبلها بإشتياق وكأنه غائب عنها منذ زمان: حمدالله على سلامتك يا جلب أمك.

إبتسم لوالديه وطمأنهما بعيناه، ونظر إلى قاسم الواقف يترقب عودته بعيون لامعة سعيدة وأومأ له بإمتنان، قابله قاسم بإبتسامة وتمني له السلامة،
فتحدثت صفا إلى الجميع بنبرة صارمة: كله بره يا چماعة لو سمحتم، وأكملت إلى ياسر وطلبت منه جهاز معين لفحص جميع وظائف والدها الحيوية لتطمأن عليه
- -
في القاهرة الكبري
وبالتحديد داخل إحدي المجمعات السكنية الراقية والتي يقطنها ذوي الأموال الطائلة.

كان يجلس فوق مقعده المخصص له على تلك الطاولة الكبيرة المخصصة لتناول الطعام، يتناول وجبة إفطاره لحاله وهو يرتدي حلته السوداء، مرتديا نظارته الطبية التي جعلت منه وقورا يليق بمنصب مدير مشفي إستثماري كبير كالذي أسسها له والده الدكتور الشهير
تحركت إليه إلهام والدة زوجته وتحدثت وهي تسحب مقعدها لتقابله الجلوس: صباح الخير يا وائل.

أجابها بملامح وجه مقتضبة ذاك الذي لم يعد يطيق الجلوس بالمنزل الذي إشتراه ليسكن به بعد زواجه من ريماس ووالدتها التي تسكن معهما: صباح النور
إبتلعت لعابها من هيأته الغاضبة وتحدثت إليه بنبرة باردة وهي تمد يدها وتلتقط إحدي الشطائر: مالك يا وائل، فيه حاجه في الشغل مضايقاك؟
نظر لها وتحدث بنبرة حادة: اللي مضايقني هنا في البيت حضرتك، مش في الشغل.

وأكمل بنبرة معترضة: تقدري تقولي لي أنا بفطر وأتغدي لوحدي كل يوم ليه؟

إرتبكت بجلستها فاكمل هو متهكم: أقولك أنا ليه، علشان الهانم اللي أنا متجوزها علشان تريحني وتشاركني حياتي مش فضيالي، الهانم بتنام لحد الظهر لأنها سهرانة مع أصحابها في الديسكوهات طول الليل وراجعة خلصانة، وبعدها تصحي وبدل ما تستني جوزها اللي راجع هلكان من المستشفي وتجهز له الغدا وتقعد معاه كأي زوجة طبيعية، بتروح النادي علشان تقابل شوية التافهين أصحابها ويبدأوا يومهم اللي مبيعملوش فيه أي حاجة مفيده لا ليهم ولا لغيرهم.

تحدثت إليه إلهام بنبرة مهدأه: معلش يا وائل إصبر عليها شوية لحد ما تتعود، إنتوا لسه متجوزين من أربع شهور بس وهي لسه ما أخدتش على جو المسؤلية، وبعدين ريماس لسه صغيرة وطايشة وعاوزة تتمتع بحياتها
وقف وائل غاضب وتحدث بنبرة تهديدية: صغيرة، طايشه أنا مليش دعوة بكل الكلام ده، أنا صبرت عليها كتير وأتكلمت معاها في إنها تراعيني وهي لحد الوقت مطنشه كلامي، ياريت تتكلمي معاها وتعقليها لأن صبري عليها قرب يخلص،.

وتحرك إلى الخارج بدون حتى توديعها
قورت إلهام يدها ودقت بها فوق الطاولة وتحدثت بضيق وهي تلعن إبنتها بنبرة طامعة: غبية يا ريماس، هتضيعي من إدينا مغارة على بابا اللي ما صدقنا إنها فتحت.

خرج وائل وأستقل سيارته وقادها بغض. ب، أخرج هاتفه وأخذ نفس عميق لضبط النفس ثم ضغط على نقش إسم أمل برقمها الجديد الذي تحصل عليه من خلال إحدي صديقاتها التي تعمل لديه بالمشفي، بعدما أقنعها أنه يريد التفاوض معها بشأن العودة مرة اخري إلى المشفي، حيث أنها قامت بتغيير رقمها كي تبدأ حياة جديدة بإناس جدد، وإلقائها بالماضي وإناسه خلف ظهرها.

كانت تقف داخل غرفة الكشف الخاصة بها، تقوم بتنظيفها بجانب عاملة النظافة كي تجعلاها جاهزة لإستقبال مريضاتها اللواتي أصبحن يأتين إليها للمشاورة حتى بأمورهن الشخصية وذلك لجمال روح أمل وتفهمها لهن ولأوضاعهن المختلفة، وإعطائهن النصائح التي تساعدهن في إدارة حياتهن بشكل أفضل.

صدح صوت هاتفها الموضوع داخل جيب معطفها الأبيض الخاص بالاطباء (بالطو) أمسكت هاتفها ونظرت بشاشته، زفرت بضيق حين ظهر لها نقش إسمه من جديد على تطبيق التريكولور، ضغطت زر رفض المكالمة ووضعته من جديد لداخل جيبها وتابعت التنظيف بجوار العاملة كي تنهيا سريع.

زفر وائل بضيق، ثم قام بتسجيل رسالة صوتية قائلا بمحتواها بنبرة صوت يبدو عليها الندم الشديد: أرجوك يا أمل تردي عليا، أني عارف يا حبيبي إني غلطت في حقك وظلمتك وظلمت نفسي، بس عاوزك تتأكدي إني ندمت ندم يكفيني عمري اللي جاي وحقيقي عرفت قيمتك، أخذ نفس وتحدث بصدق: أمل أنا إكتشفت إني عمري ما حبيت ولا أتمنيت في حياتي غيرك، هي كانت ن. زوة وأنا للأسف إتشديت وإنبهرت بحاجة كانت جديدة عليا، أنا هطلق ريماس لأنها كانت السبب في بعدك عني، هي اللي خطفت. ني منك يا أمل، ده غير إني إكتشفت إنها إنسانة أنان. ية وكل همها في الحياة نفسها وراحتها هي وبس.

وأكمل في رسالة اخري: أنا عارف يا حبيبي إنك زعلانه مني كتير، بس أنا هعرف أراضيكي يا أمل، خليني أشوفك ونتكلم ونتصافي وشوفي أنا هعمل إيه علشانك
وأكمل بنبرة حنون: بحبك يا أمل ومستني تكلميني بعد ما تسمعي رسالتي، وأكمل مؤكدا: هستناكي ومش هيأس.

إنتهي من تسجيل الرسائل وزفر بضيق وتابع القيادة وهو يلعن غباؤه على التفريط في جوهرة ثمينة مثل أمل واللهث خلف تلك الفارغة المسماه بريماس والذي إكتشف أن بريقها كاذب حين إقترب منها وأكتشف صدق مقولة، ليس كل ما يلمع ذهب خالص.

أما أمل التي خرجت من غرفتها بعدما إستمعت لصوت وصول الرسائل وتجاهلتها، كانت تتحرك داخل الرواق بثقة في طريقها إلى غرفة العناية المشددة كي تطمأن على حالة زيدان قبل أن تنغمس داخل دوامة عملها،
وجدت شباب منزل النعمانية يلتفون حول تلك المائدة يتناولون طعامهم، فتحدث يزن الذي طار قلبه حين رأها تقدم عليهم: تعالي إفطري ويانا يا دكتورة
إبتسمت له بخفوت وتحدثت بنبرة جادة: متشكرة يا باشمهندس، بالهنا والشفا.

أراد أن يداعبها فتحدث بإصرار: طب عليا الطلاج من ليلي لتاچي تفطري معانا
إستطاع أن يرسم البسمه على وجهها بفضل مداعباته لها والتي تفهم مغزاها جيدا
رمقه فارس بنظرة حادة وزجره قائلا: وإيه اللي چاب سيرة ليلي ودخلها في الفطار يا يزن؟
أجابه بمراوغة ونبرة ساخرة: ده بس لجل متعرف غلاوة أختك عندي كد إيه يا حبيبي.

هتف حسن قائلا بدعابه: يزن بيجول إكده عشان متوكد إن الدكتورة معترضاش تاكل ويانا، ويبجا بإكده ضرب عصفورين بحجر واحد، منه خلص من ليلي ومنه ياكل وكل الدكتورة
قهقه يزن وفارس وإبتسمت أمل لروح الأخوة والمحبه السائدة بين أفراد تلك العائلة المترابطة
وتحدث يزن إليها بنبرة هادئة متحكم في مشاعرة لأقصي درجة: تعالي كلي ويانا يا دكتور.

إنتفض قلبها من نبرته الحنون ونظرته التي تشملها بالرعاية برغم مجاهدته بألا يظهر عليه أية مشاعر لحين إنتظار الوقت المناسب الذي سيفاتح به جده اولا بنقطة إنفصاله عن ليلي وايضا زواجه من تلك الجميلة ساحرة قلبه
تحدث فارس بمداعبه كي يستدعي مرحها ويجعلها تجلس وتتناول الطعام معهم: إجعدي كلي يا دكتورة بدل ما يزن ياخدها حجه ويطلج فيها ليلي.

وأكمل مازح: هي صحيح تستاهل بلسانها اللي عايز جطعه، بس مهما كان بردك دي أختي ومرضلهاش الأذية
شعرت بالخزي من حديث فارس عن شقيقته، فأمسكت إحدي اللقيمات ووضعتها بفمها على إستحياء وتحدثت بنبرة حزينة شقت بها قلب حبيبها: وأنا مايرضنيش الاذي لأختك يا أستاذ فارس
إرتعب داخل يزن من كلماتها خشية من أن تتتراجع جراء كلمات فارس لها، تحدثت متسائلة بإهتمام: مفيش أخبار عن زيدان بيه؟

أجابها يزن سريع: فاج الحمدلله وصفا جالت إن حالته بجت مستجرة، وكلها كام ساعة وهتنجله على غرفة عادية بس لما تطمن عليه
أومأت له وأردفت بإستأذان بنبرة هادئة: حمدالله على سلامته، هروح أطمن عليه قبل ما أبدأ شغلي
تحركت أمل بطريقها وتحدث فارس وهو يقتضم إحدي وحدات البيض: سبحان الله، صدج المثل اللي عيجول عرفت فلان؟ جال اه، جاله عاشرته؟ جاله لا، جال يبجا متعرفوش.

وأكمل شارح حديثه: أهي أمل دي أكبر دليل على صحة المثل دي، أول ما شوفتها إهنيه يا بووووي، الله الوكيل ماكت بطيجها، دمها كان تجيل و واجف على جلبي، بس من ساعة وجفتها ويا صفا لما تعبت وكمان وجفتها معانا إمبارح وخوفها اللي ظاهر في عنيها غلااها عندي جوي، وبين لي إنها بنت أصول ومعدنها طيب
وضع يده على مقدمة رأسه وتحدث بتفكر: بس باين عليها وراها حكاية واعرة جوي، أموت وأعرفها.

تنهد يزن بأسي ووقف وهو ينفض يداه ببعضهما قائلا: أني هروح المركز ويا قاسم لجل ما أتابع التحجيج مع ولد المركوب وإنتوا خليكم چار چدكم وعمكم
أومأ له وخرج قاسم وتحرك معه يزن متجهين إلى المركز بعدما رفضت صفا الذهاب معه إلى المنزل وترك والدها ولو لمجرد دقائق
- -.

عودة لداخل فيلا ريماس، بعد خروج وائل مباشرة، إنتفضت إلهام من جلستها وبوادر الغضب تكسو ملامحها وتحركت إلى الطابق العلوي حيث جناح صغيرتها التي تغفوا داخله
إقتح. مت باب الغرفة وذهبت سريع إلى الستائر السوداء وقامت بفتحها بطريقة عنيف. ة جعلت تلك الغافية تفيق من ثباتها وتجلس سريع وهي تتطلع حولها بإرتياب، زفرت بضيق وهتفت إلى والدتها بصياح غاضب: فيه إيه يا مامي، حد يدخل يصحي حد بالطريقة المرعبة دي؟

إقتربت عليها إلهام وتحدثت بنبرة غاضبة: قومي يا هانم وإتعدلي كده وفوقي لي، وائل شكله كده ناوي لك على حاجة
قطبت جبينها وتسائلت بطريقة ساخرة: وحاجة إيه دي بقا اللي ناوي لي عليها الدكتور؟
ردت عليها إلهام بتعن. يف: بدل ما أنت قاعده تتريقي على كلامي، فوقي لنفسك وخلي بالك من جوزك بدل ما تضيعية منك بإستهتارك.

تأففت وهي ترفع وجهها لأعلي بتمرد: أوف بقا يا مامي، إرحميني بقا إنت وهو من كلامكم ده، إنتوا عاوزين مني إيه بالظبط، عاوزني أدفن شبابي وأفنيه وأنا قاعده في البيت زي أمينه أستني سي السيد لحد ما ييجي من برة وأغسل له رجليه بالمايه والملح؟
ماتسبوني أعيش حياتي بالطريقة اللي تريحني.

واكملت بصياح وجنون: دي حياتي أنا وهعيشها بالطريقة اللي أنا رسماها لنفسي، ومش هسمح لأي حد يقرر لي ويخطط لي أعمل إيه فيها أو أعيشها إزاي
تنهدت إلهام بيأس من تلك المتمردة التي ستفقدهما حياة الترف والبزخ اللتان دخلتا إلى عالمهما عن جديد.

تحدثت إليها بتعقل: ماحدش طلب منك إنك ما تعشيش حياتك، بالعكس، عيشي وأتمتعي بالعز بس بالعقل، نظمي وقتك وأدي لجوزك جزء منه ودلعية وإهتمي بيه، بدل ما يسيبك ويروح لغيرك وترجعي تندمي
وأكملت بإرتياب: ونفقد مكانتنا الإجتماعية اللي إكتسبناها هنا في سكنا في الكومبوند وسط الناس الراقية، ونرجع تاني لعيشتنا في وسط زحمة القاهرة وقرفها.

نظرت لها ريماس وألقت رأسها فوق وسادتها وتحدثت بلا مبالاة: أخرجي وإقفلي الستارة وخليني أنام يا ماما، وأنا أوعدك لما أفوق هبقي أسمعك
تنهدت إلهام بأسي وعادت إغلاق الستائر من جديد وخرجت تاركة خلفها تلك الفارغة من داخلها التي لا تعي لخطورة الموقف.

- -
داخل حجرة نوم قدري وفايقة، فاقت من نومها وجدت ذاك الواقف بجانبها ينتظر صحوها، نظرت إليه بإستغراب
وتحدثت وهي تفرق عيناها بتعب وإرهاق: مالك يا قدري، واجف ليه إكده
وأكملت بإرتياب ورعب ظهر بعيناها: ليكون زيدان چرا له حاچة؟
مال بجزعه عليها وسألها بفحيح وعينان تطلقان شزرا: ومالك مرعوبه جوي إكده عليه؟

إبتلعت لعابها وتحدثت بتلبك: حديت إيه اللي عتجوله دي يا قدري، إنت معايزنيش إتخلع على إبن عمتي وأخو چوزي؟
أجابها بفحيح وهو يقترب من وجهها: أخو چوزك!
من ميتا الحنيه دي يا فايقة، الله الوكيل لو كت أني اللي إنطخيت ماكنتي عتتخلعي عليا إكده
وبدون سابق إنذار أمسك خصلات شعرها وقبض عليها بعنف وسألها من بين أسنانه بنبرة مستشاطة: إيه اللي كان بينك وببن زيدان يا واكله ناسك؟

إنتفض جسدها وارتعبت وتحدثت متلعثمه وهي تقف في محاولة بائسة منها للفكاك من بين قبضته: كنك إتچنيت يا قدري، حديت إيه الماسخ اللي عتجوله دي؟
فاجأها بصفعة قويه أدمت شفتها السفلي أثرها وتحدث بعيون متسعة من شدة غضبها: إيه اللي خلاكي وجعتي من طولك لما سمعتي خبر زيدان يا مره يا فاچ. رة
هتفت بنبرة مرتعبه وهي تحاول إمساك يده لتبعدها عن وجنتها خشية تلقيها بصفعة اخري: معايزنيش أزعل على ولد عمتي إياك!

ناولها صفعتها الثانية التي وقعت على الأرض أثرها وتحدث وهو يدنو من مكانها ويقبض على خصلاتها من جديد ويجذها ليجبرها على الجلوس وتحدث إليها: فاكراني مختوم على جفايا لچل ما أصدج حديتك الخيبان اللي معيفوتش على عجل عيل إصغير دي؟
وأكمل بإقتضاب وهو يقبض على فكها ويهزها بعنف: من ميتا وإنت عتخافي على حد ولا عتعملي حساب لحد غير فايقة يا واكله ناسك.

هتفت بكذب ومراوغة وكأنها وجدت السبيل إلى النجاة: صح كنت خايفة ومرعوبة كمان، بس خوفي مكانش لجل خاطر عيونه، أني خفت عليك وعلى عيالي من أخد التار وال. دم اللي عيسيل لو كان زيدان چرا له حاچة
وأكملت بتمثيل بارع ودموع التماسيح: خفت على قاسم وفارس ليغرجوا في بحور ال. دم اللي أبوك كان عيشجها ويغرج الكل فيها لو ولده الغالي اللي عيفضله عليك وعلى منتصر چرا له حاچة.

نظر لها بتشكيك لحديثها وتحدث بقهرة رجل ذبحت كرامته على يد زوجته بل ومتيمة روحه: ريحيني يا بت سنيه وجولي لي إيه اللي كان بينك وبين أخوي زمان؟
وأكمل بقلب يتمزق وعيون مشتعلة بنار الغيرة وهو يقبض على خصلاتها تكاد أن تخلع من جذورها من شدتها: كتي عشجاه؟
إنطجي يا مره وريحيني، جلبي جايد ناااار.

إستغلت إشتعال صدره وتحدثت بعيون عاشقه ونبرة حنون أجادت إصطناعهما بمنتهي الحرفية: معشجتش غيرك يا قدري، نمت في حضنك وخلفت منيك عيالي، جبت لك راچلين يسدو عين الشمش بتتباهي بيهم وسط النچع كلياته
وأكملت بضعف ودموع كاذبة: وف اللاخر چاي تتهمني في شرفي وتجولي إني كت عاشجه أخوك؟
وأكملت بنعومة كحية رقطاء وتحدثت بإستعطاف وضعف كي تستجدي تعاطفه وعشقه اللعين لها: مكانش العشم يا چوزي، يا حبيبي، يا أبو رچالتي.

لانت أعضاء جس. ده وارتخت قبضت يده، أغمض عيناه بإرهاق ثم تركها ووقف منت. صب الظهر وتحدث بنبرة صارمة وهو ينظر عليها بغضب: الله الوكيل لو عدتي عملتك السودة دي تاني، ولا طلع فيه حاچة أني معرفهاش، لأكون متچوز عليك وجاهرك وچايب لك ضره إهنيه تذلك وتجلل من جيمتك جدام الكل.

مازالت مستنده بكفيها على الأرض، رفعت وجهها الملطخ بفضل سواد الكحل العربي الذي ساح من أثر دموعها الكاذبة ولطخ وجنتيها، ونظرت إليه بمقلتان مشت. علتان وتفوهت بنبرة حق. ود: إعملها لو تجدر يا قدري، وأني كنت أجت. لك وأجت. لها
نظر لها بإشتعال فأكملت هي بثقة لعشق ذلك الأبله لها: أني خابرة زين إن عشجي عيچري چوة دمك كيف المايه معتچري في الترعة.

رمقها بنظرة غاضبة وتحدث بفحيح: رچلك متخطيش بره الشجه دي، وإلا إنت خابرة اللي هعمله فيكي زين
وخرج من الغرفة والمسكن بأكملة كالإعصار، تطلعت هي عليه بتوعد ورد الصاع صاعان ولكن بطريقتها، طريقة المنع والتمنع كعقابها له والتي تتبعها معه منذ زواجهما وللان.

بعد مرور ثلاثة أيام
ليلا
داخل غرفة عادية بالمشفي كان يقطن زيدان الذي تحسنت حالته بفضل الله ثم إهتمام ورعاية صفا الزائدة له وأيضا بفضل إلتفاف عائلته وغمره من قبل الجميع بالعناية والإهتمام، حتى قدري الذي كان يغمره بالإهتمام والحب الاخوي الصادق برغم كل ما حدث لعلمه الشديد حبه لورد.

كان يتمدد فوق التخت وتجاوره عاشقة روحه التي لم تغادر المشفي إلا الان رغم توسلات الجميع إليها حتى زيدان بذاته، وبعدما يأس الجميع جلبت لها صفا ثياب نظيفة من المنزل واخذت حمام دافئ هنا وبدلت ثيابها وضلت بجوار حبيبها التي أقسمت ألا تترك المشفي وتعود إلى منزلها إلا وساقاه تسبقها بخطوة.

كانت تجاوره الجلوس واضعة فوق ساقيها صحن به فاكهه متنوعه، ممسكه بيدها قطعة من ثمار التفاح وتقربها من فم متيم عيناها، إقتضم نصفها واقتضمت هي النصف الاخر وهي ترمقه بنظرة حنون، إبتسم لها بعيون عاشقة، أمسكت قطعة اخري وكادت أن تقربها منه فأشار بيده رافض بنبرة ضعيفة: بكفياك يا ورد
قالت بإصرار وهي تقربها من فمه: عشان خاطري يا زيدان تاكل الحتة دي
أبعد يدها بهدوء قائلا: مجادرش يا حبيبتي، شبعت خلاص.

طب لچل ورد: جملة قالتها وهي تنظر لعيناه بترجي
فتح فمه وتحدث وهو يقتضمها: أني لچل عيون ورد الحلوة، أعمل أي حاچة
إبتسمت له وتحدثت بعيون هائمة في سماء عشقة: ربنا يبارك لي فيك يا حبيبي ويديمك في جلب ورد
أردف بنبرة صوت عاشقة تظهر كم عشقه الهائل لتلك الحنون: عحبك يا زينة الصبايا
ضحكت له بدلال انثوي فأردف هو بجنون عاشق: يا بووووي على ضحكتك اللي عتشفي العليل يا ورد.

أخرجهما من حالة الهيام إستماعهما لطرقات خفيفة فوق الباب، دلفت صفا بعد إستماع صوت والدتها بالسماح لها
تحركت إلى والدها وقبلت جبهته وسألته بإهتمام: كيفك دلوك يا حبيبي
إبتسم لصغيرته وتحدث بوجه بشوش وافتخار: اني بخير طول ما بتي الدكتورة عتراعيني
إبتسمت بسعاده فأردف هو بتملل: عتروحيني ميتا يا بتي، زهجت من المستشفي ونفسي أعاود لبيتي لچل ما أرتاح فيه.

أجابته وهي تفرغ تلك الحقنة داخل الكانيولا الموضوعة بيد غاليها: يومين كمان بالكتير وهكتب لك على خروچ يا حبيبي،
وأكملت بدلال لتهون عليه: زهجت مني إياك؟
إبتسم لها واستمعوا لطرقات من جديد، دلف قاسم حاملا معه عدة أكياس وتحدث بإبتسامته مشرقة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد الجميع السلام، وابتلعت تلك العاشقة لعابها من طلة ذاك الأسر لقلبها، فبرغم كل ما حدث إلا أن لقلبها الملعون رأي أخر.

لكنها وبرغم ذلك لم ولن تستسلم لمحاولاته إلا بعد تنفيذه لشرطها، إكفهرت ملامحها وتحرك هو إلى المنضدة الموضوعة بمنتصف الغرفة ووضع الاكياس قائلا: يلا يا مرت عمي هاتي صفا وتعالوا ناكلوا لجمه سوا
وأكمل: أني چايب لكم معاي من المركز مشويات إنما إيه، ريحتها بس تفتح النفس على الوكل
أردفت ورد بنبرة حنون: ملوش لزوم تتعب حالك وتكلف نفسك كل يوم يا ولدي، ما أنت عارف إن چدتك بتبعت الوكل مع حريم السرايا.

أكمل على حديثها زيدان الذي لان كثيرا من ناحية قاسم لكنه لم ينسي ما حدث لإبنته على يده: بكفياك جاعدة في سوهاچ لحد إكده وإرچع لشغلك يا ولدي، من يوم اللي حصل وإنت فايت شغلك وحالك وجاعد چاري
نظر له وتحدث بنبرة صادقة: فداك الشغل والدنيي كلياتها يا يا عمي، إن شاء الله لما تخرچ بالسلامة وتروح على دارك هبجا أسافر.

وأكمل شارح: أديني جاعد بتابع التحجيجات ويا مدير الامن، وبرچع أبات وياك إنت ومرت عمي وصفا، وفي نفس الوجت بتابع شغلي بالتلفون، يعني مافيش حاچة متعطله بإذن الله
كانت تستمع إلى حديث والديها معه بوجه كاشر وملامح مقتضبة.

فتح إحدي الأكياس وأمسك زجاجة عصير طارجة جلبها من إحدي المحال الشهيرة في المركز، وتحرك بها إلى عمه وتحدث وهو يفرغ له بعض منها داخل كأس زجاجيه: إتفضل يا عمي، دي عصير برتجال على بنجر ومحلي بعسل أبيض، خليت الراچل عصره لك مخصوص لجل ما يجويك ويعوضك عن الدم اللي فجدته
إبتسم له وتحدث بإمتنان: مش بكفايه دمك اللي عيچري في شراييني يا ولدي، كمان چايب لي عصير.

أجابه بنبرة صادقة فهو دائما ما كان يري في زيدان الاب الحنون والناصح الامين له: أني أفديك بروحي يا عمي، الحمدلله إنك جومت لنا بالسلامة
جلس هو و ورد يتناولا طعامهما بعدما إمتنعت صفا وأصرت عدم تناولها لأي شئ يجلبه هو، وهذا ما جعله يتناول بعض اللقيمات البسيطة بدون شهية.

خرجت صفا متجه إلى مكتب أمل لتجاورها الجلوس بعيدا عن ذلك الذي تصيبها رؤيته بالغضب والضيق، تحمحم بعدما إنتهي من تناول طعامه وخرج ليبحث عنها
تحدثت ورد إلى زيدان بنبرة حزينة: عتعمل إيه مع قاسم بعد كل اللي عمله معاك يا زيدان؟
وأكملت بتساؤل مهموم: عترچع له البت بعد اللي عمله فيها؟
تنهد بقلب محملا بالهموم وتحدث: اللي عيزاه بتي هو اللي عيكون يا ورد، أني مع بتي في أي جرار تاخده.

تنهدت ورد بأسي لعلمها برأس إبنتها اليابس فهي حقا بين نارين.

أما بالخارج، دلف لغرفة أمل بعدما علم بوجود متيمة روحه بالداخل وقد إستغل الفرصة وتحدث إلى أمل بنبرة جادة لعلمه عدم رفض صفا لطلبه أمام أمل، ويرجع ذلك لعزة نفسها وأحترامها لذاتها أمام الجميع
قاسم بنبرة جاده: بعد إذنك يا دكتورة، عاوزك تعملي سونار دلوك لصفا لجل ما نطمن على الچنين، إنت واعيه بنفسك لليومين اللي فاتوا والضغط اللي صفا إتعرضت له، فكنت حابب أطمن عليها وعلى اللي في بطنها.

كادت أن تعترض لكن سبقتها أمل واقنعتها بصحة حديث قاسم
بعد دقائق، كانت تتسطح فوق الشيزلونج الخاص بالكشف، وقف هو بجانبها ونظر بترقب على شاشة الجهاز الذي بدأ ببث صورة جنينه، شعر بهزة عنيفة إقتحمت قلبه حينما إستمع إلى صوت نبضات قلب صغيره، تعالت صوت نبضاته واختلتطت بنبضات جنينه التي يستمع إليها وكأنها أعظم سيمفونية إستمع لها
إبتسمت أمل وهي تزف لهما الخبر السعيد قائله بإبتسامة: مبروك، نوع الجنين ظهر.

نظر لها مترقب فتحدثت أمل: ناوي تسمية إيه يا متر؟
إنتفض داخله وسألها متلهف: هو ولد؟
هزت أمل رأسها بإيجاب وتحدثت بتأكيد: ولد إن شاء الله
لا يدري لما شعر بالفخر والإعتزاز برجولته، فهكذا هو حال كل الرجال بوطننا العربي، دائما يشعرون بالفخر عندما يرزقون بالذكور، ومهما أعلنوا عكس ذلك فيبقي الشعور الداخلي والتمني دائما للذكر.

نظر لحبيبتة وأمسك كف يدها وضغط عليه بقوة ممزوجة بحنان ولهفه وحب، نظرت له ولا تدري لما شعرت بسعادة الدنيا تتغللها عندما رأت لهفة سعادته داخل عيناه، ضل ينظر كلاهما للأخر بعيون عاشقة هائمة في بحور الهوي والسعادة غير عابئين بوجود تلك الأمل
فهل سترضخ صفا لقلبها وتقبل العودة من جديد لأحضان قاسم وعفي الله عما سلف؟
أم أنها غفوة وستصحو منها إبنة زيدان الأبية لتعود إلى قوتها وكبريائها من جديد.
كم كرهت أن يسدل الليل بستائره السوداء
كي لا أشعر بظلام روحي وقبح كياني بدونك
من خواطر قاسم النعماني
بقلمي روز امين.

تاهت بسحر عيناه وسبحت معه داخل بحر عشقهما العتيق، للحظة خيل له أنها تخلت عن حقدها الذي ملئ قلبها منذ أن علمت بقصة زواجه، خيل له أيضا انها قد تخلت عن شرطها الصارم
كم أنت مسكين أيها القاسم
فمن الواضح أنك لم تتعرف على إبنة أبيها بعد يا فتي، نعم تعشقك بل تتنفس عشقك لكن عندما يتعارض عشقها أمام كبريائها، إذا فليذهب العشق حينها إلى الجحيم.

وعت على حالها وسحبت كف يدها من راحته وأشاحت ببصرها بعيدا عن مرمي عيناه العاشقة التي تتفحص كل إنش بوجهها، شعر بيإس تملك من كيانه، يا لها من صدمة عظيمة، منذ القليل كان يشعر وكأنه أمتلك العالم بأسره بالحصول على رضاها الواهي، وما هي إلى لحظات وتملك من كيانه شعورا بالإحباط واليأس وخيبة الأمل، شتان بين الشعوران
تحدثت إلى أمل بنبرة صوت جادة وملامح قاسية صارمة: كفاية إكده يا دكتورة.

سحبت أمل الجهاز وفصلته، وأستعانت ببعض المحارم الورقية وكادت أن تجفف لها ذلك السائل اللزج الذي وضعته لها فوق أحشائها ليسهل عملية التصوير، قاطعها قاسم الذي بسط يده وأخذهم منها ليقوم هو بتلك المهمة عنها
كادت أن تعترض، قاطعتها نظرات أمل التي تبادلتها بينهما وأبتسامتها وهي تتحدث قائلة: ربنا يخليكم لبعض.

كظمت غيظها كي لا تنفج. ر وتنهره وتبعد يده من فوق أحشائها، لكنها دائما كانت تحكم صوت العقل أمام البشر للحفاظ على مظهرهما كزوجان، ف أمل إلى الان لا تدري ما الذي حدث في ذلك اليوم المشؤوم، لكنها إعتقدت أن الامر قد حل وأنتهي حين رأتهم متماسكان أمام الجميع ويتعاملان بطبيعية.

كان ينظف لها السائل بإهتمام ورفق ولين، إلتقت عيناهما من جديد، نظر لداخل عيناها وكأنه يترجاها بأن ترحمه وترحم ضعف قلبه الذي يإن من الألم
أشارت إليه بأن يتوقف وسحبت ج. سدها لأعلي و وقفت تعدل من ثيابها،
تحدثت أمل بنبرة جادة وهي تمد يدها كي تعطيها الروشته: ده فيتامن هينفعك جدا في الفترة اللي الجايه.

وأكملت بتنبيه صارم: ولازم تهتمي بأكلك شوية يا صفا، البيبي حجمه مش أحسن حاجة ولو فضل مكمل على كده هيتولد ضعيف، ولا قدر الله ممكن يحتاج حضانة
مد قاسم يده وتناول الورقة وتحدث بهدوء: ما تقلقيش يا دكتورة، إن شاء الله كل حاجة هتبقا كويسه
إستمع الجميع لطرقات خفيفة فوق الباب فتحدثت أمل بنبرة جادة: إدخل
فتح الباب ودلف منه يزن الذي تحمحم حين وجد قاسم وصفا لكنه تماسك.

وأشار إلى أمل وتحدث بنبرة جاده: اني چاي لجل ما أوصلك على السكن بتاعك يا دكتورة
واسترسل حديثه شارح إقدامه على ذلك التصرف وهو يتبادل النظر بينه وبين قاسم وصفا مبررا: الوجت إتأخر ومعينفعش تعاود لحالها على المركز دلوك
أومأ له قاسم بإستحسان، أما صفا فهتفت بتفاخر واستحسان: طول عمرك وإنت راچل صح وعتفهم في الأصول يا يزن.

إستشاط قلب ذلك الواقف وشعر بنار الغيرة تقتحم قلبه العاشق وهو يري متيمة روحه وهي تشعر في رجل غيره
إرتبكت أمل وأردفت قائلة بإعتراض مصطنع، حيث أنها تريد من داخل أعماقها إصطحاب يزن لها لتستمتع بصحبته وحديثه الشيق الذي يسعد قلبها وكلماته المعسولة التي ينثرها على مسامعها، فتأسر قلبها ويشعرها هو كم أهميتها لديه: أرجوك ما تتعبش نفسك يا باشمهندس، وأنا أكيد هلاقي أي عربية توصلني للمركز.

قاطعتها صفا قائلة بإعتراض: إسمعي الكلام وخلي يزن يوصلك يا أمل، الوجت إتأخر و معتلاجيش عربيات خارچة برة النچع دلوك.

أطاعتها أمل بعدما أكد قاسم على حديث صفا وأمسكت بحقيبة يدها وتحركت وتحرك الجميع خارج الحجرة، تحركت أمل بصحبة العاشق يزن إلى خارج المشفي، وأيضا صفا التي تحركت بطريقها للعودة إلى غرفة أبيها مرة اخري وما أن وصلت أمام غرفة الفحص الخاصة بها، حتى وجدت يد ذلك العاشق المجاور لها تكبل يدها وتسحبها لداخل الغرفة ويعيد غلق بابها بعدما دلف كلاهما، وقف عائق بجسده العريض أمام الباب ليمنعها من الخروج ويجبرها على الإستماع لما يريد.

نظرت إليه بعيون مشتعلة بالغضب وهتفت بنبرة حادة: كنه عجلك طار وإتچنيت يا قاسم، إفتح الباب خليني أطلع
تحرك مقترب عليها فتراجعت للخلف حتى إلتصقت بجدار الحائط، وأقترب هو منها وهتف بعيون غاضبة: تعرفي لو سمعتك عچيبتي سيرة راچل غيري تاني على لسانك هعمل فيك إيه يا صفا؟
إرتبكت بفضل غضبه العارم فأكمل هو بنبرة تهكمية وهو يعيد جملتها مقلدا صوتها بطريقة ساخرة: طول عمرك وإنت راچل صح يا يزن.

وتسائل بفحيح وهو يستند بساعديه على الحائط ليحاوطها: طب وچوزك يا بت زيدان، مشيفهوش راچل صح إياك؟

إبتلعت لعابها من إقترابه الشديد ورائحة عطره التي تسللت لداخل أنفها فذكرتها ب لياليه الماضية التي قضتها بين أحضانه الحنون، والتي برغم غضبها منه و إبتعاده إلا انها مازالت تسكن روحها وتتغلغل بها هي وصورته التي لا تفارق عيناها لحظة، لا بصحوها ولا حتى أحلامها التي تراودها بغفوتها، وكأنه بات محفورا بعقلها وقلبها بل وكل كيانها
إبتلعت لعابها أثر إقترابه وتحدثت بنبرة مرتبكة: بعد عني خليني أخرچ.

أجابها وهو يقترب أكثر منها: مهبعدش أني جبل ما أتحدت وياكي
تنفس عاليا وتحدث بنبرة هائمة ونظرة لرجل يهيم عشق بحبيبته: مجدراش تحسي بحبيبك ليه يا صفا؟
وأكمل بإشتياق وضعف: بعدك هلك جلبي ونهي على روحي يا صفا، مجادرش أني عليه البعد ده.

إقترب منها ومال عليها بطوله الفارع، أسند جبهته على جبهتها لتتقابل عيناهم عن قرب أهلك روحيهما وتحدث أمام شفتاها بهمس عابث أثار داخلها وزلزله: إرچعي لي وريحي جلبي اللي جايد نار يا حبيبتي
مسد على خدها بأنامله الغليظة وبات يتلمسها بنعومة في حركة إقشعر لها جسدها وأهتز، وهمس هو من جديد: إتوحشتك يا حبيبتي، إتوحشت ريحتك، حضنك، ضمتك لچسمي وإنت عتحضنيني وتطبطبي علي كيف ما أكون ولدك اللصغير، إشتاجت لك.

وسألها بنبرة هائمة محاولا التأثير على مشاعرها وسحبها لعالمه: ما أشتاجتيش لحضن قاسم يا جلب قاسم؟
فاقت على سؤاله المهين لكرامتها، فقد وعت على حالها وفهمت مغزي تصرفاته، وفسرتها على أنه يريد سحبها إلى عالمه من جديد لتذوب معه داخل أحضانه الحانية، وتتناسي من داخلها خيانته و وضاعته وكسر وعده لها ولأبيها،.

يريد إختزال جميع ما حدث في علاقة جسدية كي يزيل بها الجدار العازل الذي وضعته هي وينتهي الامر حينها بالتنازل،
التنازل عن كرامتها التي دهست تحت قدماه بفعل ما قام به بحقها، وعن كبريائها الذي إفتقدته داخل أعين الشامتين بها
حينها سيسقط حقها في الإعتراض أو التعبير عن رفضها لوضعها المهين التي جبرت عليه، لن تكن إبنة زيدان لو إرتضت ذلك الوضع المهين على حالها.

ولأجل هذا قررت الثأر منه لكرامتها ونظرت لداخل عيناه وبكل قوة وشموخ أجابته: ملعون أبو عشجك الكداب يا قاسم، لتكون فاكرني مغفلة لجل ما أصدج حديتك وأتلهي بيه وأدوب معاك چوة حضنك الكداب وأنسي چواته غدرك وخيانتك ليا
رغم غضبها وحديثها المهين له إلا أنه مازال يتملكه حالة الهيام المسيطرة عليه جراء قربهما الذي جعله على حافة الجنون من شدة إشتياقه لمالكة الروح.

تحدث إليها بهمس عابث: إنت خابرة زين من چواتك ومتوكدة إن عشجي ليك هو الحجيجة الوحيدة في حياتي، عشجي ليك ساكن أنفاسي، بتنفسه كيف الهوا وهو اللي مخليني متحمل وصابر على الكل لدلوك
وأكمل بنبرة خافتة وهو يداعب بإبهامه شفتها السفلي بعبث جعلها ترتجف: أني عاوزك يا صفا، مشتاق لك شوج المسموم للترياج اللي عينچيه ويرچعة من چديد للحياة،.

وأكمل وهو يحثها على الذهاب معه: تعالي نروح على شجتنا نتهني چوة أحضان بعضينا، وأوعدك إني عجول لك الكلام اللي يبرد نارك ويمسح من چواتك أي حزن صابك
وأكمل ليطمأنها على والديها: وبعدها ناچي لهنيه لچل ما نبات مع عمي
قرب فمه من أذنها وتحدث بهمس عابث بعثر بها كيانها وجعلها كورقة في مهب الريح: الشوج جايد في جلبي ومشعلله نار يا صفا.

تمالكت من حالها وسيطرت عليها لأبعد الحدود كي تقاوم ذلك الشعور اللعين الذي يسيطر على كيانها ويوشي لها بل ويأمرها بأن تلقي بحالها لداخل أحضانه وتتناسي بداخلهما ماحدث، ولتترك له زمام أمورها وتسلمه حالها ليمحو عنها حزنها وألمها وجرح إنوثتها وهدر كبريائها الذين أصابوها جراء فعلته الشنيعة بها
هتفت بنبرة قوية ورأس شامخ بعدما وعت على حالها: روح لمرتك اللي فضلتها علي لچل ما تطفي لك شوجك ونارك.

مليش مرة غيرك عشان أروح لها، جملة نطق بها بصدق وعيون عاشقة وهو ينظر لداخل عيناها بتأكيد
أردفت قائلة بقوة وأبتسامة ساخره وهي تحاول إزاحة جسده عنها: أباي عليك يا متر، عتنكر وچود حب عمرك اللي جعدت خاطبها ثمن سنين بحالهم وإتچوزتها علي وأني لساتني عروسه؟

أجابها وهو يلتصق بها أكثر ويتمسك بكتفاها ليقوم بتثبيتها عن الحركة: مليش حبيبة غيرك يا صفا، چوازي منيها مش كيف ما خيالك صور لك، ده مچرد حبر على ورج، إنچبرت عليه لچل ما أسدد ديني الجديم وأكفر بيه عن ذنوبي اللي عملتها في حجك وحج نفسي
إبتسمت بجانب فمها ساخرة، وأردفت قائلة بقوة: للدرچة دي شايفني غبية جدامك لچل ما تستغفلني بحديتك الخيبان دي.

أردف قائلا بثبات: وحياة صفا ما لمستها ولا جربت منيها ولا حتى شفتها جدامي حرمة،
وأكمل هائم: عيوني مشيفاش غير صفا وبس، إنت الوحيدة اللي جدرتي على جلب قاسم الجامح ورودتيه، چوة حضنك لجيت اللي عيشت عمري كله أدور عليه
هتفت بقوة وأعتراض مكذبه حديثه: كذاب وممصدجاش ولا كلمه من اللي عتجولها
نظر لمقلتيها وأردف بعيون صادقة: بصي چوة عنيا وإنت تعرفي إني عجول الصدج.

أردفت بنبرة غاضبة مشتشهده بماضيها معه: جبل إكده بصيت چوة عيونك اللي عتجول عليهم دول وسألتك جبل متجرب مني وجولت لك،
وأكملت بقوة لتذكيره بتلك الليلة: جولت لك كنت تجصد إيه لما جولت لي مش أني الراچل اللي يسمح لغيره يختار له المرة اللي عتنام في حضنه
وأكملت بتذكره: فاكر اليوم ده يا قاسم، يوم ما چيتني من مصر بنفس حالتك دي وطلبت جربي و ودي، وجتها سألتك جبل ما أسلمك حالي وجولت لك، فيه واحدة تانية في حياتك؟

وأسترسلت بملامح محتقنة بالغضب: بصيت في عنيا وبكل چبروت رديت وجولت لي لا، كذبت عليا وإنت عينك في عيني لچل ما تملك چسمي وتنول غرضك الدنيئ مني.
أردفت قائلة بقوة وثبات: عتطلب مني كيف أصدجك دلوك وأني واعيه وخابرة ومچربه كذبك وخداعك اللي عيچروا في دمك يا ملك التخطيط
إقترب منها ونظر لها بترجي وعيون متوسلة.

فأكملت بنظرات كارهه وهي تدفعه عنها بقوة وشراسة: يا بچاحتك، چاي تطلب مني أنسي اللي فات وأرمي كرامتي تحت چزمتك وأترمي في حضنك وأسلمك چسدي كيف الچواري والغواني!
ودقت على صدره تدفعه من جديد وتسدد له عدة ضربات متتالية وتفوهت بشراسة وقوة و وعيد: حضني بجا أبعد لك من نچوم السما يا حضرة الأفوكاتو،
أمسك يداها وتحدث بقلب متألم محاولا تهدأتها: إهدي يا جلب قاسم، إهدي.

سألته بعيون تائهه غير مستوعبة بعد، برغم مرور كل هذا الوقت فعقلها دائما يقف ويرفض التصديق لما فعله بها ذلك المتيم: عملت لك إيه لچل ما تهيني وتدوس على كرامتي بچزمتك وتخليني مسخرة الكل؟
وأكملت بتعجب: جبلتها عليا إزاي لو صح حبتني كيف معتجول!
وأسترسلت بقلب ينزف دم: ده أني حبيتك وسلمتك جلبي وحالي وأمنتك على روحي، نمت چارك وأديت لك الأمان،.

وأكملت وهي تدق بيدها بقوة على صدرها: خدتك چوة حضني وعاهدت حالي إني عكون لك السكن والسكينة اللي كت عتدور عليهم، عكون الزوجة المطيعة والحضن الدافي اللي عتلاجي فيه راحتك وترمي فيه أوچاعك وهمومك، عاهدت حالي إني عمري مزعلك وشيلتك جوات عيوني وجفلت عليك برموشي لجل ما أحميك، عشت معاك شهرين عمري ما جولت لك لا على حاچة ولا كسرت لك فيهم كلمة.

وأكملت بدموعها التي إنهمرت رغم عنها: نسيت رفضك ليا في اللول ونسيت معاملتك معاي وإهانتك لإنوثتي يوم دخلتك علي
سألته بهوان وضعف ودموع: جولي على حاچة واحده عفشة عملتها معاك أستاهل عليها اللي چرا لي منيك؟
كان يستمع إليها بقلب صارخ يتمزق لأجلها ويلعن حاله ويسبها على ما أوصلها إليه، تحدث بنبرة ضعيفة: بكفياك تجطيع في جلبي يا صفا، عتوچعي جلبي عليك بحديتك دي.

وأمال برأسه لليسار وهتف بعيون راجية: معتحملش أني إكده يا جلب قاسم
مدت كفاي يدها سريع نحو وجنتيها وجففت بهما دموعها ثم نظرت إليه بكره وأكملت بنبرة تهديدية وهي تشير بسبابتها في وجهه: وحج كل لحظة جضيتها چوة حضني وإتهنيت بيها وأستبحت فيها چسمي وإنت مستغفلني، لأدفعك تمنها غالي، وغالي جوي يا قاسم،.

إقترب منها وأمسك كف يدها وهتف برجاء: إهدي يا صفا وإفهميني زين، جولت لك ملمستهاش ومشفتهاش جدامي حرمة، وحياة مالك ما لمستها
صاحت به ودفعته من أمامها وهتفت بنبرة حادة: متحلفش بحياة ولدي كذب لجل ما تبرر لحالك خيانتك وندالتك وعمايلك السودة
جحظت عيناه وتحدث رافض بقوة: كنك إتچنيتي يا صفا، بتشككي في حبي لولدي وإني ممكن أحلف بحياته باطل لجل ما أكسب رضاكي؟

إبتسمت ساخرة فاقترب منها من جديد وتحدث بقسم: مجدراش تفهمي ليه يا صفا، الله وكيلي عمري ما حبيت ولا جلبي دج وعرف العشج غير على يدك
دفعته عنه وتحدثت وهي تتحرك بإتجاه الباب: لو عاوزني أصدج حديتك صح نفذ شرطي وبعدها نجعد ونتكلموا كيف مجولت لك جبل سابق.

خرجت وصفقت خلفها الباب بقوة دون إنتظار إستماعها للرد، تاركه خلفها ذلك المستشاط وقلبه المشتعل بنار العشق، قبض على يده وضرب بها الحائط بقوة ألمته، إعتدل بوقفته وزفر بضيق ومسح على شعر رأسه بطريقة عنيفة كاد بها أن يقتلع خصلات شعره، أخذ نفس عميق لضبط النفس وتحرك إلى الخارج ليلحق بتلك العنيدة التي من الواضح أنها ستذيقه العذاب ألوان حتى ترضي
- -
عودة إلى يزن وأمل.

بعد خروج كلاهما من المشفي، تحركا معا حتى وصلا إلى مكان السيارة، تحرك سريع وسبقها بخطوة وفتح لها باب السيارة ك رجل أرستقراطي راقي الخلق، نظرت إليه بإحترام وأبتسمت بهدوء، إستقلت السيارة وانتظر حتى إعتدلت بجلستها وأغلق لها الباب برفق
وتحرك إلى الجانب الاخر وجلس بجانبها وقاد محرك السيارة وتحرك بها ثم نظر لها وتحدث: منورة عربيتك يا دكتورة
إبتسمت له وتحدثت بنبرة هادئة حنون: ميرسي لذوقك يا باشمهندس.

وأكملت بتوصية: ممكن بقا تبطل حركاتك اللي بتحرجني بيها قدام الناس دي وتحاول تتعامل معايا عادي،
وأكملت برجاء: على الأقل لحد ما تخلص موضوع ليلي مع جدك ويبقي فيه بينا حاجة رسمي
أجابها بنبرة جادة وهو يتابع قيادة السيارة: متبجيش حساسة جوي إكده يا أمل وتدي للحاچة أكتر من حجمها، قاسم وصفا عارفين إن دي طبيعتي ولجل إكده محسوش بحاچة ولا علجوا على الموضوع أساسا.

وأكمل شارح موقفه: بصي يا أمل، هو بعيدا عن إنك حبيبتي وإني عخاف عليك كيف ضي عيني، بس لو كانت أي واحدة من اللي عيشتغلوا في المستشفي مكانك ومتأخرة عن سكنها، مكنتش عسيبها إلا لما أوصلها وأطمن عليها إنها طلعت لمطرحها،
واسترسل حديثه بتأكيد: اللي ما أرضهوش على مريم أختي، مرضهوش على بنات الناس.

نظرت إليه بإحترام وإعجاب لرجولته وأردفت بنبرة فخورة: إنت راجل أوي يا يزن، إنسان بجد وأنا محظوظة إني عرفت حد محترم زيك
نظر لها وغمز بعينه وأردف قائلا بنبرة جريئة: هو أنت لساتك شوفتي حاچة من الرچولة يا حبيبتي
أشاحت عنه بنظرها خجلا وتابع هو قيادته للسيارة تحت سعادته
بعد حوالي نصف ساعة توقف يزن أمام إحدي محال المصوغات الذهبية
نظرت له أمل بإستغراب وهتفت بتعجب: وقفت ليه يا يزن؟

نظر لها بحنان وتحدث بنبرة حماسية: عاوز أچيب لك هدية يا أمل
هتفت مسرعة بنبرة رافضة: مش هينفع قبل ما يبقي فيه حاجة رسمي بينا
أجابها بنظرات مترجية: عشان خاطري توافجي يا أمل، نفسي أحس إني راچلك وإنك مسؤلة مني، عاوز لما أبص في يدك ألاجي حاچة من ريحتي لمساكي ومحوطاكي.

نظرت إليه بتردد فأكمل هو: أني هنفذ لك كل اللي إنت عوزاه يا حبيبتي، بس الكلام ده عياخد شوية وجت، مهيكونش جبل أسبوعين على الأجل عشان ظروف عمي زيدان اللي إنت واعية لها زين
كانت تنظر إليه بملامح وجه يغلب عليها الحيرة والتردد
، فنظر لها مترجي إياها بعيناه، لانت ملامحها وأبتسمت له بموافقة بعدما شعر قلبها بصدق مشاعره.

دلفت لداخل المحل تجاور الخطي لذلك الذي يشعر بفخر وأعتزاز وهو يتحرك بجانب إمرأته التي إختارها بذاته وبكامل إرادته لتؤنس وحدته وتدفئ لياليه البارده بنار عشقها الذي أشعل صدره وتجاوره رحلة طريقه
وقف أمام مالك المحل وتحدث بنبرة حماسية سعيدة، قائلا بشعور بالفخر والتملك: عاوزك تچيب لي أغلا وأجيم طجم دهب عنديك لمرتي.

نظرت إليه سريع بدقات قلب متسارعة من نطقه لكلمة زوجته التي أشعرتها بالحماية والإنتماء، لكنها قاطعته قائلة بنبرة إعتراضية: لا طقم إيه، كفاية أوي خاتم بسيط
قاطعها معترض قائلا بتصميم: الدنيي كلياتها تحت رچلين مرت يزن النعماني.
إبتسم الرجل وتحدث بنبرة حماسية كي يقنعها ليبتاع لها زوجها أكبر كم من الذهب: الباشا عنده حق يا أفندم، عيلة النعماني معروفه بالكرم والجود مع الغريب، فما بالك باللي منهم.

جلب لهم الصائغ أجمل القطع وأندرها وأثقلها وزن، لكنها إعترضت وأنتقت إسوارة هادئة مزينة بفصوص باللون الأزرق، وكذلك خاتم على شكل فراشة رقيقة كرقة قلبها
تحدث إليهما الصائغ ليري ما إن كان المقاس مناسب أم لا: مبروكين عليكي يا هانم، إتفضل لبسها الخاتم يا يزن بيه عشان أشوف المقاس
جذبت يدها وألصقتها بصدرها بحماية وتحدثت بإعتراض: أنا هقيسه بنفسي.

شعورا بالفخر والراحة تملكا من كيانه وحينها تأكد أنه اختير الزوجة المناسبة التي ستحمي عرضه وتحافظ على شرفه أثناء غيابه قبل حضورة
إرتدت الخاتم والإسوارة تحت سعاده يزن التي تخطت عنان السماء
تحركا من جديد مستقلين سيارته وقادها من جديد حتى وصلا لمقر مسكنها، نظر لها وتحدث بنبرة هائمة: عحبك يا أمل.

خجلت من نظراته الولهه وفتحت الباب وترجلت سريع وتحركت في طريقها للداخل لولا صوت ذلك العاشق الذي جعلها تتوقف حين أردف منادي عليها بنبرة حنون: أمل
إلتفتت تنظر إليه بترقب، فهتف بنبرة عاشقة وعيون ولهه: خلي بالك على جلبي، أني شايله أمانه عنديك لجل ما تطبطبي عليه وتنسيه مر زمانه اللي شربه جبل ما يشوفك
إبتسمت بعيون لامعة بفضل دموع السعادة التي تكونت داخل مقلتيها من تأثرها بكلمات ذلك الفارس.

أشار لها بيده بإتجاه الأمام وأردف قائلا وهو يحثها على الدخول: تصبحي على خير يا ست البنات
تحدثت بنبرة حنون: خلي بالك على نفسك وإنت سايق، وأول ما توصل بالسلامة كلمني وكمني عليك
إشتعل داخله من شدة سعادته وهتف قائلا بتفاخر: متخافيش على حبيبك يا دكتورة
إحمرت وجنتيها خجلا تأثرا من كلماته ونظراته العاشقة وتحركت سريع إلى الداخل تحت نظراته الهائمة وقلبه النابض بعشقها الطاهر.

عودة إلى قاسم الذي خرج خلفها وتحرك في طريقه إلى غرفة زيدان، وجد فارس يجلس أمام الغرفة ويتحدث بهاتفه، وقف أمامه وإستطرد قائلا بنبرة جادة بعدما أغلق فارس هاتفه: جوم روح لمرتك وبتك يا فارس
رد فارس على شقيقه معترض: معينفعش أسيب مكاني يا قاسم، أني جاعد بجابل الناس اللي عتاچي تزور عمك.

قاطعه قاسم بنبرة تعقلية: الوجت إتأخر ومحدش هياچي دلوك خلاص، جوم يا حبيبي نام في فرشتك وريح چسمك، إنت من ساعة اللي حصل وإنت مسبتش المستشفي إلا عشان تروح تاخد حمام وتغير هدومك وترچع طوالي
كان من داخله يريد الذهاب الفوري ليعود إلى حبيبته ويرتمي داخل أحضانها التي إشتاقها حد الجنون، لكنه تحدث على إستحياء: معينفعش أفوتكم بايتين لحالكم إهنيه يا أخوي.

أجابه قاسم بنبرة حنون: محناش لحالنا يا حبيبي، يزن راح يوصل الدكتورة أمل وهيرچع لهنيه تاني، وحسن جاعد بره في الچنينه وشويه وهيدخل يبات چنبي إهنيه
إقتنع بحديث أخيه وتحرك قاصدا الخارج، وجد بوجهه دكتور ياسر الذي تهرب من نظراته المتفحصة له وأسرع يختبئ من ذلك الوحش الكاسر داخل غرفته لينأي بحاله من نظراته الفتاكة
نظر فارس لباب الغرفة المغلق وتحدث بصوت مسموع لأذناه فقط من بين أسنانه: جبر يلم العفش.

وأكمل بتوعد غاضب: إصبر علي يا أبن المركوب، إن ما جطعت رچلك من المستشفي والنچع كلاته مبجاش أني فارس النعماني
همس بكلماته الغاضبه وتحرك تارك المشفي بأكملها ليستقل سيارته عائدا إلى حبيبته ليتنعم داخل أحضانها الذي إفتقدها وذاب حنين من الإشتياق إليها.

دلف قاسم بعدما طرق الباب واستمع إلى إذن الدخول، وجد عمه وزوجته مازالا يجلسان ويتسامران بود و وجوة سعيدة، من يراهما يظنهما ثنائي عاشق يجلسان بإحدي الكافيهات ويتغزلان ببعضيهما داخل جولة عشقية
وتلك العنيدة الممسكة بهاتفها تتصفحه وهي جالسة فوق الأريكة، حيث بعثت لخفير السرايا كي يأتي لها بها من منزل أبيها ويحضرها كي تفردها ليلا وتجعل منها تخت لها لتغفو فوقه،.

وكل هذا كي تبتعد عن ذلك الذي إستغل وجودهم بالمشفي ليجبرها على النوم معه داخل إحدي الغرف المجاورة لأبيها، بحجة عدم تقبله لنومها بغرفة أبيها،
ويرجع ذلك لدخول ياسر ليلا لمتابعة الحالة بالتناوب معها، وبعدما تحسنت حالة أبيها شئ ما وطلبت هي من ياسر عدم المجئ لمتابعة الحالة وستكتفي هي بالمتابعة الليلية، فكانت حجته عدم وجود تخت لترتاح به، لذا فقد أتت بها لتقطع عليه كل السبل للتقرب منها.

نظر لتلك الأريكة بغيظ وأقسم بداخله لو أن الامر بيده أو سنحت له الفرصة سيحطمها ويمحو وجودها من الأثر
إغتاظ داخله من تلك التي لم تعير لدخوله إية إهتمام وتشيح بناظريها عنه وتحرمه النظر من وجهها، تحرك إلى المنضدة الصغيرة المصنوعة من الحديد وإلتقط من فوقها زجاجة من العصير الطازج الذي جلبه وتحرك بها إلى مالكة الفؤاد وتحدث بنبرة حنون وهو يبسط لها يده: إشربي العصير دي يا صفا.

لم تعير لتصرفه إهتمام وتحدثت دون عناء النظر إلى وجهه: معيزاش
وضعها بجانبها بهدوء ليحثها على تناولها بوقت لاحق بعد خروجه
ثم نظر إلى عمه وزوجته وهتف قائلا بنبرة حماسية كي يستدعي إنتباهها وإرغامها على مشاركته الحديث: شكلك مجولتيش لعمي ومرت عمي على الخبر الحلو اللي لساتنا عارفينه من إشوي
رمقته بنظرة حادة فتحدثت ورد مستفهمه بحماس: خبر إيه دي يا صفا؟

وضع قاسم يداه داخل جيباي بنطاله واعتدل بوقفته وتحدثت بسعادة بالغة: عملنا سونار وعرفنا نوع الچنين
نظر له زيدان و ورد بترقب شديد، وانتظرا باقي حديثه بقلوب متلهفة، فأكمل قاسم وهو ينظر لحبيبته بعيون هائمة: إن شاء الله ربنا هيرزجنا ب مالك قاسم النعماني
تهللت أسارير وجه ورد وهتفت بفرحة وهي تنظر لوجه صغيرتها بسعادة بالغة: مبروك يا بتي، ربنا يجومك إنت وهو بالسلامة ويجعله سندك إنت وأبوه.

أما زيدان الذي شعر بأن ذاك الطفل هو طفله، وبأن الله من عليه به ليعوضه عن حرمانه من الشعور بفرحة الذكر، نظر لها وسعادة الدنيا أختزلت بعيناه وتحدث إليها: مبروك يا بتي، ربنا يجعله بار بيك وبأبوه
شعرت بسعادة الدنيا لأجل سعادة والديها وتحدثت بنبرة حنون: الله يبارك فيك يا حبيبي.

وبرغم غضبه منه بشأن ما فعل بغاليته إلا أن مشاعر السعادة التي إنتابته بفضل إستماعه لذلك الخبر السعيد جعلته يتغاضي عما حدث مؤقت، نظر إليه وتحدث بنبرة أبوية: مبارك ما چالك يا ولدي، ربنا يچيبه بالسلامة ويبارك لك فيه
تمزق داخله وتألم حينما رأي نظرات عمه الحنون، تمالك من حاله وتحدث بنبرة خافتة: الله يبارك فيك يا عمي،.

وأكمل جابرا لخاطرة هو و ورد: مالك مش بس هيبجا ولدي، دي ولدك وولد مرت عمي وإنتوا اللي هتربوة معايا أنا وصفا إن شاء الله
إنتفض داخل ورد من مجرد تخيلها لكلمات قاسم عن تربيتها وإحتضانها لطفل إبنتها، والذي سيعوضها حرمانها من الإنجاب بعد صغيرتها الوحيدة، فتحدثت قائلة لقاسم بعيون حنون: ربنا يچبر بخاطرك يا ولدي.

تحمحم وتحدث بإهتمام: أني هنام على الكنبة اللي برة جدام الأوضة، لو أحتاچتوا أيتوها حاچة إندهوا علي
تحدثت ورد بنبرة حنون معترضة: يا ولدي نام في الأوضة اللي چارنا، ليك ليلتين بتنام على الكنبة اللي تجطم الوسط دي، إكده ضهرك عيتأذي
حين أردف زيدان بنبرة ضعيفة: إسمع الحديت ونام في الأوضة على السرير يا قاسم، إحنا عنام خلاص ومهنعوزش حاچة.

تحدث بإصرار وهو يتحرك إلى الباب بعدما ألقي نظرة على تلك الغير مبالية بحديثهم وتتصفح بلامبالاة وكأن الامر لا يعنيها: اني عكون مرتاح أكتر وأني نايم جدام الأوضة يا عمي،
وأكمل وهو يدير مقبض الباب ويفتحه إستعدادا للخروج: تصبحوا على خير.

خرج وأغلق الباب خلفه بهدوء، شعرت بغصة داخل قلبها من شدة خوفها عليه، وارتعب قلبها خشية إصابة ظهره بمكروة أو فقرات عنقه جراء نومه على تلك الاريكة المصنوعة من الحديد والمخصصة لأثاث المشفي.

ودت لو أن كرامتها تسمح لها وتعطيها إذن الرحيل، لهرولت إليه وربتت على قلبه التي تشعر بحزنه ويصل لعمق قلبها، ولكانت أخذته وسحبته من يده إلى أن اوصلته إلى التخت وأجبرته على التمدد عليه ليستريح ظهره ويستريح معه قلبها المرتعب عليه
تنهدت بألم تحت نظرات ورد وزيدان اللذان يترقبا ملامح وجهها ويلاحظان تشتت روحها وصراعها الداخلي، ومن غيرهما يشعر بألام روحها الموجعة.

نظرت إلى والديها وتحدثت بنبرة خافتة وهي تتمدد فوق الاريكة: تصبحوا على خير
تنهدت ورد لحال صغيرتها المتألمة وتمددت ورد بجوار زيدان فوق التخت وبات الثلاث ينظرن لسقف الغرفة لوقت طويل حتى غلب عليهم النعاس
- -
في اليوم التالي
ذهب قاسم إلى المركز وكانت التحقيقات مازالت مستمرة.

إستغل قاسم ذكائة وحدس رجل القانون بداخلة وتحرك بإتجاة البحث وراء الشائعة التي تحدثت عن إحتمالية تجارة كمال أبو الحسن المشبوهة، والتي تتضمن إتجاره في الأثار، وقد قام بتأجير رجلين من بلدة كمال كي لا يلفت الأنظار إليهما بحكم أنهما من نفس البلدة، وغمرهم بالمال الوفير وحثهم على مراقبة حسين شقيق كمال الأصغر حيث أن كمال يأتمنه على كل أسرارة ويشاركه أيضا بجميع أعماله المشبوهة.

توصلا الرجلان من خلال المراقبة الدقيقة التي إستمرت أربعة أيام إلى مكان بعيد جدا في أعلي الجبل، حيث تردد عليه شقيق كمال وابناء أشقائهم يومان متتاليان، واستنتج قاسم حينها أنه بالتأكيد المخزن الذي يحتوي على الأثار.

أبلغ قاسم السلطات وداهمت الشرطة المخزن أثناء تواجد شقيق كمال وأبناء أشقائهم أثناء تسليمهم دفعة من الأثار لأحد المسؤلين عن تهريبها للخارج، وقد عثروا أيضا على أسلحة وذخيرة وايضا بعض العملات التي يحصلون عليها مقابل بيع الأثار.

قتل أحد أبناء كمال أثناء المداهمة حيث قاوم الشرطة وقام بإطلاق النار عليهم فأطلقوا علية النار وقاموا برميه برصاصة داخل رأسه وقع صريع فور تلقيها، وقبض على شقيقه وباقي أعوانه من العائلة وغيرها
داخل قسم الشرطة التابع له نجع النعماني، يجلس قاسم أمام مكتب وكيل النائب العام الذي أتي للتحقيق في القضية، واضع ساق فوق الاخري وظهره مفرودا بثبات وثقة، ويقابله محامي الخصم.

ينظر عليه بغل وحقد المتهم كمال أبو الحسن المقيد بقيد من حديد حيث يقف ويجاوره شقيقه حسين الذي لا يقل حقدا من شقيقه على قاسم
تحدث وكيل النائب العام متسائلا لكمال: رأيك إيه في التهم المنسوبة إليك في المحضر يا كمال؟
أجاب كمال بصمود وهو يرمق قاسم بنظرات كارهه: محصلش يا بيه، دي مكيده من أعدائي مدبرة لجل ما ينهوا على تاريخي المشرف في مجلس الشعب وخدمتي لأهل دايرتي، واللي كل المركز يشهد لي بيها.

نظر له قاسم بنصف عين وأبتسم ساخرا مما أشعل داخل كمال وشقيقه حسين
نظر له وكيل النائب العام ثم إستكمل حديثه بسؤاله قائلا: مكيدة إيه اللي بتتكلم عنها وأخوك و أولادك وباقي عيلتك مقبوض عليهم متلبسين، وكمان ضربوا نار على الشرطة وأصيبوا أحد أفرادها.

نظر كمال إلى قاسم وتحدث: على حسب الحديت اللي بلغني بيه المحامي بتاعي، إن اللي قدم البلاغ عن المخزن يبجا محامي الخصم، واللي هو قاسم النعماني اللي جاعد جدام سيادتك، واللي إتهمني بإني حاولت أجتل عمه اللي مترشح جصادي في الإنتخابات يا بيه
تقصد إيه بكلامك ده يا كمال!
سؤال وجهه وكيل النائب العام إليه.

فتحدث كمال بثقة: بجصد إن كل التهم دي ملفجة من عيلة النعماني لجل ما يسوئوا سمعتي ويزيحوني من جدام زيدان النعماني.
وأكمل بسؤال خبيث يريد به تشتت عقل وكيل النائب العام: وبعدين يا باشا هو ينفع الحكومة تتحرك وتجبض على أخواتي بناء على بلاغ متجدم من محامي الخصم؟

نظر له قاسم وتحدث بنبرة واثقة: انا مواطن مصري شريف ورجل قانون، والقانون بيديني الحق في إني أقدم بلاغ في أي حد أكتشف إنه بيضر البلد وبيشتغل في أعمال مشبوهه
وأكمل مستغرب: وبعدين إنت بتكابر وبتنكر إيه، قضية محاولة قتلك لعمي غير قابلة للتشكيك، رجالتك إتقبض عليهم متلبسين بالعربيه والسلاح اللي ضربوا بيه عمي والطب الشرعي أثبت ده، والقضية كلها تمت تحت إشراف وبناء على تعليمات من سعادة مدير الامن شخصيا.

أما بقا المخزن فالشرطة قبضت على إخوك وولادك وباقي المتهمين وهما متلبسين جواه
هتف حسين بنبرة حادة وكاذبة وذلك لتضليل وكيل النائب العام: كل ده تم تحت تخطيتك إنت، إنت اللي بعت لنا ناس لچل ما يجنعونا (يقنعونا) إنهم هيبيعوا لنا حتة أرض كبيرة في الصحرا، ولما وصلنا إستدرجونا للمخزن اللي فيه الاثار واللسلاح اللي لجوة الشرطة.

إبتسم قاسم ساخرا، ثم حول بصره إلى وكيل النائب العام قائلا بنبرة صوت واثقة وقويه: سيادة وكيل النائب العام، أرجو من سيادتكم تحويل القضية إلى محكمة جنايات أمن الدولة ليتم محاسبة وعقوبه هؤلاء المجرمين وعدم النظر لهم بعين الرحمه،
حيث أن المتهمين قاموا بعدة قضايا تعد من أخطر القضايا المحرمة دوليا.

وأستطرد قائلا بنبرة صارمة وملامح وجه حادة: أولا: قاموا بقطع الطريق على مواطن لا حول له ولا قوة، وقاموا بإرهابة ومحاولة قتله عمدا مع سبق الإصرار والترصد، حيث أنهم أطلقوا النار عليه وكانوا بطريقهم إلى قتله لولا ستر الله وتواجدي أنا شخصيا في الوقت المناسب.

واكمل: وبالنسبة للقضية الثانية فهي قضية أمن دوله من الطراز الاول، حيث أنها تمس سيادة الدولة، حيث أن المدعو كمال أبوالحسن وشركائه قاموا بتهريب أثار البلد ونقل خيرها وبيعها إلى الخارج.

واسترسل بمهنية: والقضية الثالثة، الإتجار في العملة وده بيضر البلد ويترتب علية أضرار جسيمة بتضر بالإقتصاد، ده غير السلاح اللي الشرطة عثرت علية أثناء مداهمتها للمخزن المملوك للمدعو كمال أبو الحسن وده بشهادة الحرس اللي كانوا بيحرسو المخزن، ده غير أخوه وباقي أهله اللي إتقبض عليهم داخل المخزن متلبسين
وأكمل مستطردا: ده غير إطلاقهم للنار على الشرطة أثناء المداهمة وإصابة أحد أفراد الأمن.

ونظر إلى وكيل النائب العام وتحدث: أظن مفيش دلائل أكتر من كده يا سيادة النائب، وكل ده مثبت في محضر الشرطة والتحقيقات اللي قدام حضرتك واللي تمت تحت رعاية سيادة مدير الامن وبحضور مأمور القسم شخصيا.

باشر وكيل النائب العام التحقيق بحرفية عالية وذلك بتوصية من النائب العام بذاته لكونها قضية أمن دوله من الطراز الاول وأيضا لحرفية قاسم العالية وتجهيزه للقضية بشكل لم يقبل التشكيك بها، ونطق قائلا: تحول القضية إلى محكمة جنايات أمن الدولة
صاح حسين شقيق كمال وأردف قائلا بنظرات كارهه يرمق بها قاسم: ورحمة أبوي في تربته ما أني سايبك يا قاسم يا نعماني، هخلي رچالتي يربوك ويچيبوك ولو كت في بطن أمك.

هتف قاسم قائلا بمنتهي الحرفية ونبرة قوية موجه حديثه إلى وكيل النائب العام: من فضلك يا سيادة النائب، يا ريت تثبت لي تهديد المدعو حسين أحمد أبو الحسن عند حضرتك، وبطلب من حضرتك نسخة من التحقيق علشان هقدم بيه بلاغ للشرطة، وهمضيه هو وأخوه على محضر عدم تعرض، وتحملهم المسؤلية الكاملة لأي أذي أتعرض له أنا أو أي شخص من عيلة النعماني بأكملها.

بالفعل قام وكيل النائب العام بإثبات تهديد حسين داخل التحقيقات، بل وقام باستدعاء أحد ضباط أفراد الشرطة من الخارج، حيث أن وكيل النائب العام أتي إلى مركز الشرطة لمباشرة عمله بناء على طلب من مدير الامن شخصيا، وذلك ليقوم بإنجاز العمل وإغلاق ملف القضية ونقله لمحكمة الجنايات في أسرع وقت ممكن، خشية وتجنب لقيام عثمان بعمل متهور للثأر لنجله، وحقن للدماء وإثارة الفتن وهذا ما أبلغه به قاسم سابق، وقام الضابط بتحرير محضر بعدم التعرض وتحميل المسؤلية الكاملة على كمال وحسين.

مما جعل كمال يصيب بحالة من الهياج والجنون وهتف بنبرة حادة: اللي بيحصل ده منتهي الظلم، أنا راجل إبني إتجتل غدر من خطة دنيئة إتعملت علينا من إبن النعماني، وبدل ما الحكومة تچيب لي حجي وحج ولدي منيه، تمضيني على محضر عدم تعرض ليه ولعيلته، يعني لو حد منيهم چرا له حاچة بالصدفة تحاسبوني أني وأخوي؟

تحدث المحامي الخاص به كي يهدأ من روعه وهو ينظر إلى قاسم بغيظ حيث أنه لم يترك له المجال كي يقوم بالدفاع عن موكله، وذلك لحنكة قاسم وترتيبه الدقيق لحديثه واتهاماته وحبكته للقضية: إهدي من فضلك يا كمال بيه، إحنا لسه قدامنا المحاكمة، واني واثج من الجضاء المصري ونزاهته
إبتسم قاسم وتحرك إلى الخارج تحت إشتعال روحي كمال وحسين اللذان سحقا وانتهي أمرهما من تحت ذلك الشيطان المسمي بقاسم النعماني.
في نفس اليوم
الساعة الثانية ظهرا
داخل مسكن فايقة، دلفت ليلي إليها وتحدثت بنبرة متسائلة: أموت وأعرف إيه اللي عمل في وشك إكده يا أما؟
شعرت فايقة بالضيق وهتفت بنبرة غاضبة: وبعدهالك عاد يا بت قدري، كام مرة عجول لك إتزحلجت في الحمام ووجعت على وشي.
رمقتها ليلي بنظرة مشككه قائله: معرفاش ليه ممصدجاش حديتك ده، مدخلش علي وحاسه أن أبوي ليه يد في اللحكاية دي.

رمقتها فايقة بنظرة مشتعلة وصاحت بنبرة غاضبة: إخفي من وشي الساعة دي و روحي على شجتك وفوتيني لحالي، منجصاش حرجة دم أني
إقتربت عليها ليلي وجلست بجوارها وتحدثت: خلاص عاد متزعليش، معتحدتش في الموضوع ده تاني،.

وأكملت بنبرة حماسية: بجول لك إيه يا أما، متاچي نستغل إن الكل مشغول مع عمي زيدان ومحدش مركز ويانا ونروح للشيخ اللي جولتي عليه، چدتي كل يوم بتروح المستشفي وبتجعد عند عمي مبتاجيش غير اخر الليل، وأكملت بنبرة حزينه وعينان منطفأتان: ولا عچباك جعدتي في شجتي لوحدي كيف الجرد إكده (القرد)
وأكملت بإرتياب شديد: أني مرعوبه ليزن يسمع كلام چده ويتچوز عليا بجد، الله الوكيل أنجهر فيها وأموت.

نظرت لها فايقة بغضب وتحدثت بضيق: كن عشجك الملعون لإبن نچاة طير عجلك وخلاك مخبلة
وأكملت شارحة: عاوزاني أخرچ كيف يا حزينه بوشي اللزرج دي (الأزرق)
أجابتها ليلي بإلحاح: إبجي إلبسي نجاب يداري وشك يا أما
تنهدت فايقة وتحدثت لتهدأة إبنتها وطمأنتها: إصبري يا ليلي لما اللأول نطمن على عمك زيدان ووشي يروج شوي، وبعدها هعمل لك كل اللي إنت عايزاه.

دقت ليلي الارض بساقها بطريقة تعبر عن إعتراضها وتحدثت بنبرة حزينة معترضة: عمي زيدان كيف البسه بسبع أرواح ومهيجرلوش حاچة، لكن أني اللي ممكن أنجلط لو يزن فكر يتچوز علي، مجدراش تحسي بيا ليه يا أما
وأكملت بإشتياق جارف وحنين: يزن وحشني جوي، نفسي أرچع أنام چاره تاني على السرير وأدفن روحي چوة حضنه، واسترسلت حديثها بنبرة شبه باكية: أني مبنامش يا أما ولا عيني بتغمض من يوم حبيبي ما ساب فرشتي وهچرني.

زفرت فايقة وتحدثت بإقتضاب: ملعون أبو عشجك الخيبان اللي خلا إبن نچاة يتحكم فيك بالطريجة العفشة دي، وأكملت بإطمئنان: إطمني يا ليلي، يزن شكله شايل موضوع الچواز من دماغة، بجا له ثلاث شهور هاچرك من يوم اللي حصل، لو ناوي يتچوز مكانش إستني كل دي
إستمعا خبطات فوق الباب الخارجي، تحركت ليلي وفتحت الباب وجدت قاسم أمامها، أمسك مقدمة رأسها ووضع قبلة هادئة
وتحدث بنبرة خافتة تدل على إرهاقه الشديد: كيفك يا ليلي.

نظرت إليه وتحدثت وهي تعيد غلق الباب من جديد: أني زينة يا قاسم
وأكملت بإستغراب: غريبة، أول مرة من ساعة اللي حصل لعمك تسيب المستشفي وتاچي على البيت
أجابها بإرهاق ظهر عليه وهو يتحرك للداخل باحث بعيناه عن والدته: كنت في المركز من الساعة سبعة الصبح ولساتني مخلص التحجيج، جيت أبلغ چدك باللي حصل، و لجيت حالي تعبان جولت أطلع أنام لي كام ساعة وأخد حمام وأرچع لهم تاني على المغرب.
وأكمل بتساؤل: أمك فين عاد؟

خرجت تلك التي تفوهت بنبرة تهكمية وهي تنظر على نجلها بضيق، وذلك لتواجده الدائم بالمشفي بجوار ورد وإبنتها: لساتك فاكر إن ليك أم وچاي تسأل عليها؟
إتسعت عيناه فزع حين وجد وجهها منتفخ وممزوج باللونين الأزرق والأحمر الداكن جراء الصفعتان اللتان تلقتهما من قدري الغاضب، بالإضافة إلى ق. ذفه لها بحدة على الأرض مما أحدث إحتكاك بين الأرض و وجهها نتج عنه عدة كدمات شديدة.

أسرع عليها وأمسك فكها ورفع وجهها يتطلع إليه بترقب وفزع وهتف متسائلا بإستفسار: إيه اللي عمل في وشك إكده يا أما، حد إتهجم عليك إياك؟
أبعدت يده عنها وتحدثت متهربه من عيناه: مين بس اللي عيتهجم علي يا قاسم، ده أني إتزحلجت في الحمام ووجعت على وشي
ضيق عيناه مستغرب حديثها ثم هتف قائلا بإهتمام ولهفة: ومجتيش المستشفي ليه كانت صفا كتبت لك أي حاچة للكدمات دي!

أجابته بتهرب وهي تتحرك إلى الأريكة وتجلس عليها: سيبك من وشي دلوك وجولي، عملت إيه في التحجيجات، على الله تكون جبت حج عمك من إبن المحروج كمال
أجابها بإختصار لعدم قدرته على الحديث: كله تمام يا أما
وتحرك إلى جانبها وجلس ملقيا بجسده للخلف بتعب، سألته بإستغراب: مالك خسيت ووشك إتسخط ليه إكده
إبتسمت ليلي وتحدثت بنبرة تهكمية حقودة: مش جاعد جنب الدكتورة هي وأمها وناسي حاله، وحتى شغله لما همله لجل خاطرها.

هتفت فايقة بنبرة حادة: على الله بعد كل اللي عتعمله عشانها هي وأبوها وأمها يخلوا في عنيهم حصوة ملح وتبطل چلع وترچع لبيتها، كفاية إنك كت عتموت حالك جدام المچرمين دول ووجفت كيف الأسد وضربت عليهم نار وخلصت عمك من بين إديهم،
وأكملت بإشادة: ده غير دمك اللي صفيته وأديته له، ونومك چارهم في المستشفي والتحجيجات اللي رايح چاي عليها لحد ما وشك عدم ومبجاش فيه ريحة الدموية.

قطب جبينه ونظر لها بإستغراب وهتف قائلا بإعتراض: وإنت فكراني بعمل إكده لجل ما أرضي صفا وأخلي عمي يرچعها لي يا أما، ربنا يشهد علي إن كل حاچة عملتها عملتها لجل خاطر ربنا الأول وعمي ومليش أي غرض من ورا كل ده
أردفت قائلة بتفهم وصدق لحديثه: وأني معنديش شك في رچولتك يا قاسم، أني بتكلم عنيهم هما، وبعدين هي لا أول واحدة چوزها يتچوز عليها ولا أخرهم.

أجابها بنبرة هادئة لرجل عاشق لإمرأته: براحتها يا أما، صفا تعمل اللي على كيفها كله وأني هصبر عليها وأفضل أراضيها لحد ما ترضي وربنا يهديها لي
لوت فايقة فاهها بتهكم، في حين هتفت ليلي بنبرة حقود: ما هي طول ما هي شيفاك مدلوج عليها إكده هتسوج العوچ فيها، عتچلع على إيه بت ورد؟
مش تحمد ربنا إنك رضيت بيها وأتچوزتها من الأول.

وأكملت بنبرة تحريضية: لو عاوز نصيحتي، سيبها تنفلج وروح عند مرتك المحامية وعيش وياها وأتهني وإجهر جلبها، وساعتها هي اللي عتاچي لك زاحفة على رچليها وتطلب منيك السماح والرضا
إتسعت عيناه من شدة غضبه وهتف بنبرة تهديدية: ليلي، إحترمي حالك وإبعدي سمك عن صفا، وإياك بعد إكده أسمعك تجولي بت ورد دي
وأكمل بنبرة شامخة أحرقت روح فايقة وليلي معا: إسميها الدكتورة صفا زيدان عثمان النعماني.

وأكمل محذرا ليضع شقيقته في الصورة: إسمعيني زين يا ليلي وحطي حديتي دي حلجة في ودانك عشان متنسهوش، صفا بالنسبة لي خط أحمر، و اللي عيجرب لها ويحاول يأذيها حتى ولو بكلمة الله الوكيل ما عرحموا مهما كانت غلاوته عندي، فهماني يا ليلي،
وأكمل محذرا: إلا صفا يا بت أبوي
لوت فايقة فاهها وهتفت بنبرة ساخرة: عتهدد خيتك لچل مرتك يا قاسم؟

نظر لها وهتف: أني معجيش على خيتي لجل حد يا أما، بس صفا تعبانة وفيها اللي مكفيها، وليلي أختي أني عارفها زين وعارف مكايدتها
وأكمل وهو يقف ويتحرك في طريقه إلى الخارج: أني رايح شجتي لجل ما أنام لي ساعتين،
وأكمل بإهتمام: عكلم فارس يچيب لك كريم وبرشام للكدمات دي وهتبجي زينه بإذن الله، وتاني مرة خدي بالك يا أما
وقفت فايقة وتحدثت: عخلي ليلي تنزل تچيب لك وكل من تحت لچل ماتاكل جبل ماتنام.

هز رأسه نافي وتحدث: معايزش أكل يا أما، أني كل اللي عايزه دلوك هو النوم وبس
أوقفته متسائلة بنبرة جادة: قاسم، معرفتش مرتك حبله في إيه؟
نظر لشقيقته التي نظرت لوالدتها بحقد، حزن من داخله لأجلها وتحدث إلى والدته وهو يبعث لها إشارات بعيناه يحثها بها على الصمت لأجلها: نبجا نتكلموا بعدين يا أما
أصرت تلك عديمة الإحساس على سؤالها قائلة: عنتكلموا بعدين ليه، هي أسرار حربية إياك؟

وأكملت بنبرة حادة: متجول يا ولدي وتخلصني
نظر لها بغضب وأردف قائلا بنبرة جادة: فيها ولد يا أما، زين إكده
وتحرك إلى الخارج تحت غضب ليلي من أخيها ودفاعه المستميت عن غريمتها التي إختارتها منذ الصغر لتجعلها عدوتها اللدود، وما زاد حقدها هو إستماعها لحملها أول حفيد ذكرا للعائلة وهذا ما سيعزز من مكانتها عند الجميع أكثر واكثر.

حتي عند والدتها التي ظهرت السعادة المبالغ بها على وجهها وتحدثت بحمد وكأنها عثرت على أثمن كنوز الأرض: الحمدلله، الدنيي نصفتك يا فايقة، وكيف ما أنت چبتي الحفيد البكري للنعماني، ولدك كمان عيچيب له الحفيد الأول
وتنفست بإنتشاء وأكملت بنبرة طامعة: وبكرة الواد دي عياكل عجل زيدان ومش بعيد يكتب له كل أملاكه، وعيال نچاة يطلعوا من المولد بلا حمص.

دلف قاسم إلى مسكنه بخطوات مرهقة وما ان وصل إلى التخت حتى خلع عنه ثيابه وشغل المكيف وارتمي بجسده الذي ما عاد يتحمل أكثر، وبغضون دقائق كان يغط بسبات عميق
- -
في القاهرة
وبالتحديد داخل مكتب إيناس وعدنان.

غيرت إيناس معالم المكتب خلال فترة الشهران المنصرمان، منذ أن طردها قاسم هي وشقيقها شر طردة، وقام بنفيها داخل ذلك المكتب الذي لا يرتقي إلى كبرياء وغرور تلك الإيناس، لذا فقد قامت بتبديل جميع الأثاث وجعلت من المكتب لافت للنظر، وبدأت بذكائها وفطانتها وعلاقاتها السابقة بجذب الموكلين من جديد إلى مكتبها وبدأ إسمها وأخيها يظهران داخل ساحة المحاكم من جديد، فحقا كانت شعلة ذكاء تتحرك على الأرض.

كانت تجلس خلف مكتبها المنمق وهي ترتدي نظارتها الطبية التي جعلت منها وقورة،
يجلس أمامها عدنان ويقابله أحد العملاء الجدد الذي تحدث بنبرة منتقدة: إسمحي لي في اللي هقوله وياريت ما تزعليش من صراحتي يا أستاذة، حضرتك بقا ليك إسم في عالم المحاماة، ده كفاية قضية المخدرات الشهيرة بتاعة عزيز عبدالجبار اللي إنت كسبتيها من إسبوعين ومكسرة الدنيا،.

وأكمل متسائلا: مش شايفه إن المنطقة والعمارة اللي موجود فيهم المكتب ده لا يليقوا بيك وبإسمك
تحمحمت وأشت. عل داخلها من سؤال ذلك الوق. ح، لكنها أدعت الصمود وتحدثت بنبرة زائفة إدعت بها المثالية: دي كلها شكليات ومظاهر فارغة يا مجدي باشا، وانا طول عمري المظاهر ما تهمنيش.

نظر لها بإعجاب وتحدث: مع إني غير متفق معاك في النقطة دي لان للأسف المظاهر بقت شئ مهم جدا في حياتنا، بس حقيقي برافوا عليك إنك قدرتي توصلي للمرحلة دي من السلام والتصالح مع النفس
وأكمل بإستحسان: بس حقيقي حابب اهنيكي على البراءة في قضية عزيز عبدالجبار، وخصوصا إن القضية كانت لبساه لبساه،
وابتسم قائلا بتشكيك بذمتها القانونية: ده الراچل كان مم. سوك متلبس بشحنة الحش. يش يا أستاذة.

وأكمل قائلا بتهكم: هو فيه كده
نظرت إليه وتحدثت بنبرة زائفة لتضليله: الموضوع كله كان متلفق من الظابط اللي قام بالضبطية، وده اللي قدرنا أنا وأستاذ عدنان إننا نثبته من خلال تحرياتنا اللي عملناها
وأكملت بجدية لتحثه على تغيير الموضوع: ممكن حضرتك تدخل في الموضوع وتقولي قضية حضرتك نوعها إيه؟
علم انها تريد غلق الموضوع فتحدث: قضيتي هي كمان ملفقة، الإستيلاء على أراضي الدولة وسرقة المال العام.

قص عليها كل التفاصيل فتحدثت بنبرة جادة: بصراحة قضية حضرتك صعبة ومحتاجة لمحامي محنك وخبرة في النوعية دي من القضايا، علشان كده هبعتك للمحامي الوحيد في مصر اللي هيقدر يساعدك،
بعد محاولات مستميتة من الرجل بأن يجعلها توافق على أخذ القضية إلا انه وافق مجبرا على إقتراحها بعد إصرارها، أخرجت ورقة وكتبت عليها إسم قاسم وعنوان مكتبه وطلبت منه إبلاغ قاسم سلامها،.

ذهب الرجل وانتفض عدنان صارخ بها: إنت أكيد إتجننتي يا إيناس، إنت عارفة الراجل اللي إنت بعتيه لسي قاسم ده كان هيدفع لنا أتعاب كام في القضية دي؟
وأكمل متهكم: ولا إنت عاجبك المكتب الكحيان اللي إحنا فيه ده وناوية تخلينا نكمل باقي حياتنا فيه.

أرجعت ظهرها للخلف وباتت تتحرك بمقعدها يمينا ويسارا بتسلمي وتحدثت: كنت فكراك أذكي من كده يا حضرة المحامي المحنك، الموكل ده مدسوس علينا من طرف الظابط اللي لبسناه قضية عزيز عبدالجبار،
وأكملت بتهكم: بالهنا والشفا على قلب إبن النعماني، وأهو لو طلع عنده قضية بجد أدينا هنكسب بنط عند قاسم ويبدأ يصفي لنا من تاني، ولو كان مزقوق علينا أهو شر وبعد عننا.

نظر بإستحسان لشقيقتة وهتف بإعجاب: مش سهلة إنت بردوا يا إيناس
إبتسمت ساخرة وأكملا عملهما من جديد.
- -
داخل مسكن فارس، كان يحتضن تلك الرقيقة التي تقف عند مدخل الباب لتوديعه وهو ذاهب إلى المشفي بعدما أتي ليأخذ حماما دافئ ويأخذ جوله عشقيه داخل أحضان حبيبتة لينفث بها عن روحه ويمرر بها تلك الأيام العصيبة التي يعيشها هو وباقي العائلة.

كان يضمها إلى ص. دره ويلف ساعديه حولها برعاية، تبادله إحتضانه بإحتواء، تحدثت إليه بنبرة حنون ودلال أنثوي أسعد قلبه وأشعره بالتفاخر: خليك معاي شويه كمان يا فارس، لساتني مشبعتش منيك يا حبيبي.

ضمها أكثر إليه بإحتواء وهتف بنبرة عاشقة: أني لو علي معاوزش أفوتك واصل يا مريم، بس إنت واعيه للظروف اللي إحنا فيها، على العموم أني سألت صفا على حالة عمي، وجالت لي إن هما يومين بالظبط وهتكتب له على خروچ ونرتاح كلياتنا من الشحطته دي
خرجت من بين أحضان. ه ونظرت إليه وتحدثت بترقب: كان نفسي أروح أشوفه وأطمن عليه وعلى صفا ومرت عمي، بس عارفه إنك معتوافجش.

رفع وجهه للأعلي وأغمض عيناه، ثم زفر بضيق وافتح عيناه من جديد ونظر عليها وهتف بنبرة ح. ادة: وبعدهالك عاد يا مريم، معنخلصوش منيه الموضوع ده ولا إيه؟
مطت شفتاها بحزن وتحدثت بطاعة أثارت قلبه بها: خلاص يا فارس، حجك علي، معفتحش وياك الموضوع دي تاني، إرتحت إكده
إبتسم وظهرت السعادة والرضا داخل عيناه، وأمسك فكها ورفعه
للأعلي وتحدث مغرم بعيناها: ربنا يخليك ليا يا مريم ويريح جلبك كيف ما انت دايما مريحاني.

ومال على شفتاها وضع عليهما قبلة طويلة بث بها لها عن مكنون مشاعرة التي ولدت عن جديد لكنها تخطت وفاقت عشق سنوات.

بعد مرور إسبوعان على خروج زيدان من المشفي وبدأ تماثله للشفاء
ذهب قدري إلى أبيه ليطلب منه أن يذهب معه وقاسم عند زيدان ليشفع لولده عنده وذلك بعدما رأي حزن ولده وحاله الذي تبدل بفضل إبتعاد زوجته عنه وهجرها له ولمسكن الزوجية
وافق عثمان على حديث قدري وقام بمهاتفة قاسم وطلب منه المجئ ليذهب معه و وعده بل وأكد عليه أنه سيعيد له زوجته
عندما حل المساء.

أخذ عثمان قاسم و نجليه قدري ومنتصر وذهب إلى زيدان الذي ما زال يلتزم الفراش بتعليمات شديدة من صفا لتسريع عملية شفائه
جلسوا بصحبته هو و ورد، كان يقبع فوق تخته ويجاوره على المقعد عثمان وشقيقاه وقاسم الجالسون بالمقاعد المنتشرة بالغرفة، أما رسمية فكانت تتمدد بجانب صغيرها على الفراش وكعادتها تحتضن كف يده برعاية واهتمام.

وعثمان الذي تهلل وجهه وأبتهجت روحه عندما بشره قاسم بأن صفا تحمل له ذكرا سيطل عليهم ليضيف رجلا جديدا في قائمة رجال العائلة، سعادة عثمان تخطت عنان السماء لأنه سيرزق بأول حفيد ذكرا من خلال حفيده الأول بل والأغلي على قلبه قاسم.

وما جعل قاسم يزداد إحترام في أعين الجميع ككل، وعين عثمان بالاخص وجعله يتخذ قرارا بالوقوف بصفه لإرجاع زوجته إليه، هو موقفه المشرف في حل قضية زيدان والذي جعل المركز بأكملة يتحدث بإنبهار وتفاخر عن كيفية أخذ عائلة النعماني حق ولدها وثأرها الشديد من عائلة أبو الحسن والإنتقام منهم بأشد أنواعه وبالقانون دون إراقة نقطة د. م واحدة.

وأصبح قاسم حفيد النعماني حديث المركز بأكمله حيث وصفه الجميع بأنه وريث النعماني الصغير، وشبهوه بالثعلب الماكر الصغير حفيد الثعلب الكبير
أردف عثمان بنبرة حنون وهو يطمئن على غاليه: كيفك يا ولدي وكيف چرحك اليوم؟
أجابه زيدان برضا وهو يتحسس موضع الطل. قة: الحمدلله يا أبوي، بجيت زين وكله بفضل الله
ثم حول بصره إلى قاسم وتحدث بإمتنان: لولاش قاسم جاني في وجته كان زماني في خبر كان.

هتفت رسمية مسرعة بنبرة حنون: بعد الشر عليك، متجولش إكده يا جلب أمك، الحمدلله جدر ولطف
وأكملت وهي تنظر إلى قاسم بإفتخار وتباهي: وأهو أسد النعمانية چاب لك حجك وزياده، حبس الخسيس هو وأخوه وولاد أخواته كلياتهم وريحنا من البذرة السو دي، ده غير ولده اللي إنجتل على يد الحكومة، اللهم لا شماتة.

وأكمل عثمان على حديثها وهو ينظر إلى قاسم بإمتنان وتفاخر: قاسم برد جلبي وشفي غليلي ومن غير ما نجطة د. م واحدة تسيل كيف ما وعدني
إبتسم لهم زيدان والجميع وأثنوا على حديثهما، وتحدث قاسم بنبرة جادة وتواضع: كله بفضل الله يا چدي، وأني معملتش حاچة غير إني كنت سبب ربنا سخره لعمي لچل ما ينچيه من تخطيط الن. دل اللي إسميه كمال، وأهو خد اللي يستحجه من الله.

نظرت إليه ورد بإمتنان وأردفت قائلة بنبرة شاكرة: ربنا يحميك لشبابك ويكفيك شر ولاد الحرام يا ولدي
شكرها قاسم قائلا بهدوء: تسلمي يا مرت عمي
تحمحم عثمان وتحدث إلى زيدان بنبرة جادة: أني چاي لك لچل ما أشفع لقاسم عنديك يا زيدان وبطلب منك تريح جلبه وترچع له صفا.

تنفس زيدان عاليا وشعر بضيق لأنه كان يتوقع ذلك الطلب حيمنا دلفوا إليه متجمعين، تحدث زيدان بنبرة إحترام وتقدير: مچيتك لحد إهنيه على عيني وراسي يا أبوي، ولو تطلب عيني عمري ما أخرها عنيك وإنت خابر إكده زين
ونظر إلى قاسم وأردف قائلا بحنان: وقاسم ولدي اللي مخلفتوش ولو طلب كل ما أملك معزهوش عليه
وأكمل بإعتراض خجل: بس موضوع رچوع صفا مش بيدي ولا أملك الحكم فيه.

هتف قدري متسائلا بإستغراب: أومال في يد مين يا زيدان لو مش في يدك؟
أجابه زيدان بنبرة هادئة: في يد صاحبة الشأن يا أبو قاسم
ومن ميتا البنته عيتدخلو في شؤون الرچاله ويجرروا عنيهم يا أخوي؟
سؤال خبيث وجهه قدري إلى زيدان
أجابه زيدان بهدوء: ده شرع ربنا يا أبو قاسم، وأني حاشي لله إني أعصاه أو أغضبه وأغصب على بتي تعمل حاچة غصبن عنيها.

تنهد قاسم وتحدث بنبرة هادئة: محدش طلب منيك تغصب عليها يا عمي، ومش أني الراچل اللي هرچع مرتي لدارها بالغصب
وأكمل بنبرة حنون: بالرضا، أني تحت أمر ست البنات لحد مترضي وترچع لشجتها
وأكمل معللا: صفا حبلة خمس شهور، ومش معجول عتكمل حملها إهنيه، أني عاوز إبني يتولد في داره وفي حضن أبوه يا عمي.

نظر عثمان إلى ورد الجالسة فوق مقعدا جانبيا بإحترام وتنظر أرض دون تدخل في الامر وكأنه لا يعنيها وتحدث إليها بإحترام: جومي يا أم الدكتورة إندهي لها، وجولي لها چدك عاوزك في موضوع مهم
وقفت بإحترام وأردفت بطاعة: حاضر يا عمي.

تحركت ورد وبعد قليل دلفت تلك العنيدة تطل عليهم بهيأتها التي خطفت أنفاس متيم أنفاسها، حيث أنه لم يلمح طيفها منذ ما يقارب من عشرة أيام وذلك لإنشغاله الشديد في مكتبه وإنغماسه في القضايا التي أهملها طيلة فترة مرض زيدان وإنشغاله بالتحقيقات بقضيته.

نظر بوله وقلب ينتفض إشتياق وبدأ يتفحص تلك التي إكتسبت بعض الوزن نتيجة دخولها في الشهر الخامس من حملها، وأيضا إهتمام ورد ورسمية بغذائها بعدما أخبرهما قاسم عن ما أعلمته به الدكتورة أمل بشأن نقص وزن الجنين
نظر لها بإشتياق وحنين جارف، وما جن جنونه وأش. عل نار الإشتياق داخل ص. دره هو لون وجنتيها التي إزداد إحمرارا ووزن حتى أنه بات يشبه ثمرات التفاح التي طابت وحان وقت إقتطافها والتلذذ بحلو طعمها.

إبتلع سائل لعابه وأنتفض من جلسته سريع وهب واقف وهتف بنبرة عاشقة وعينان هائمتان في النظر إلى ساحرته، لاحظ الجميع خاله وحزن لأجله: كيفك يا صفا
لم تكلف حالها عناء النظر إلى وجهه وبملامح جامدة تحدثت بإقتضاب: الحمدلله
جلست بملامح وجه حادة وتحدثت إلى جدها بنبرة جادة: خير يا چدي، أمي جالت لي إن حضرتك عاوزني في موضوع ضروري.

جلس قاسم بخيبة أمل جديدة، تضم لخيباته معها مؤخرا، وتحدث عثمان بنبرة حنون ووجه مبتسم: كل خير إن شاء الله يا زينة الصبايا، أني چاي لچل ما أرچعك لبيت چوزك، بكفياك جاعدة عند أبوك لحد إكده، زيدان خلاص بجا زين أهو وممحتاجش حد وياه
قطبت جبينها وتحدثت بنبرة إستفسارية: ومين جال لحضرتك إني جاعدة إهنيه لجل تعب أبوي؟
وتسائلت بتهكم: هو حضرتك نسيت اللي عمله فيا حفيدك ولا إيه؟

تحدثت رسمية بتساهل وإبتسامة حانية: عفا الله عما سلف يا دكتورة، الراچل چاي لك وطالب الرضا، وأظن بعد اللي عمله مع أبوك دي، يستحج منيك السماح
رفعت رأسها بشموخ وأردفت بإستنكار وتعجب: وهو المتر كان عيعمل إكده مع أبوي لچل ما يخليني أخضع وأرچع له إياك!

هتف قاسم بنبرة صارمة وهو يخاطب جدته بعدما غض. ب من إسلوب صفا الساخر منه: بعد إذنك يا چدتي، ياريت ما تدخليش الأمور في بعضيها، اللي عملته مع عمي دي واچب عليا وملوش دخل بحكايتي مع مرتي، ياريت تفصلي الموضوعين عن بعض
صمتت الجده وأكمل قاسم وهو ينظر لها قائلا بهدوء في محاولة منه لإسترضائها: أني چاي لك لچل ما أراضيكي وأحب على راسك جدام الكل يا صفا، چاي أطلب منيك السماح وأرجعك معززة مكرمة لشجتك.

رفعت رأسها بشموخ وأردفت وهي تشيح بناظريها عنه خشية إستسلامها لو نظرت لمقلتيه المهلكة لقلبها: إنت خابر شرطي زين
جن جنون قدري عندما رأي تجبرها رغم إزلال ولده أمامها، فتحدث بنبرة حادة غاضبة: ما بكفياك عاد يا بت زيدان، مالك داخله في الكل شمال إكده، فيه مرة عتتشرط على چوزها جدام عيلته إكده!
رفع قاسم يده لأبيه كإشارة منه لصمته وتحدث بنبرة هادئة: سيبها يا أبوي،.

وأكمل بنبرة جادة: ست البنات تتشرط كيف ما يحلا لها، أني غلطت في حجها وچاي لچل ما أطلب منها السماح والرضا جدام الكل، إرچعي معاي لچل خاطر ولدنا يا صفا
واكمل برجاء وعيون متوسلة: ولچل خاطري
إهتز داخلها من نظرته التي أصابت ج. سدها كصاعقة كهربائية، فضلا عن نبراته المتوسلة، وبرغم كل هذا كرامة الانثي تغلبت على عشقها وتحدثت بنبرة قوية مصطنعة: طلجها اللول
أجابها بإختصار: معينفعش.

رمقته بنظرة مشت. علة وتحدث الجد عثمان: طلجها وخلصنا يا قاسم
نظر لجده وتحدث: والله العظيم لو ينفع لطلجتها من أول يوم كتبت عليها فيه، وأكمل مفسرا وضعه: أني مخليها على ذمتي إبتغاء مرضاة الله يا چدي، أبوها راچل ضعيف وچاني مذلول وأترچاني لجل ما أستر عرض بته وأحميها من كلام الناس اللي معيرحمش وعينهش في لحمها
وأكمل شارح: سبج وحكيت لكم حكايتي معاها وكيف كنت مخدوع وفاكر حالي عحبها،.

ثم نظر إلى تلك الغاض. بة وتحدث بنبرة تصرخ عشق: بس لما أتچوزت صفا، إكتشفت إن عمري ما حبيت ولا أتمنيت غيرها.

وأكمل كي يسمعها التي دائما ما ترفض إستماعه: روحت لها هي وأمها وأخوها بعد فرحي على صفا وفضيت وياهم الخطوبه ونهيت كل حاچة وعرضت عليهم فلوس، أبوها وجتها كان مسافر عند أهله في الفلاحين، ولما عاود وعرف إني سبت بته، چاني المكتب وأترچاني وكان عيميل على رچلي يحب عليها لچل ما أستر بته اللي ليها سبع سنين مخطوبه لي.

ونظر لجده وسأله بنظرات ضعيفة: مش إنت اللي علمتني إني أتجي الله وما أظلمش وما أردش حد محتاچ لي ولا أرضي بذل حد ضعيف جدامي؟
تنهد الجد بيأس ونظر له بحيرة من أمرة
فأكمل قاسم بنبرة حزينة: ولما فكرت مع حالي لجيت إن إني كمان غلطت وأستاهل العجاب، وعجابي هو إني أكتب كتابي على واحدة غير مرتي وأتكوي بنار عذاب الضمير.

ونظر للجميع وهتف متألم: إوعوا تكونوا فاكرينها سهله علي إني أكسر عهد عمي وكلمتي اللي إدتها له، ده أني وصل بيا الامر إن ساعات كنت بتمني إن ربنا ياخدني لجل ما أرتاح من الصراع اللي عينهش چواتي
تنهد عثمان وأردف بنبرة جادة: وأديك إتچوزتها وسترتها جدام الناس كيف ما أبوها كان رايد، إيه بجا اللي مانعك لچل ما تطلجها دلوك؟
أجابه بنبرة جادة: الوعد والكلمه اللي إدتها لأبوها إني معطلجهاش إلا بعد سنة.

ونظر إلى صفا التي ترسم على وجهها الجمود وهي تص. رخ وتت. ألم من الداخل، وتحدث قائلا: أني كتبت كتابي عليها وفوتها وچيت لك، وجت ما خدتك وسافرنا شرم الشيخ.
قوست فمها وابتسمت ساخرة على حالها، لا تدري أتفرح أن حبيبها قد ترك عروسه بثوب زفافها وأتي إليها مهرولا كي يرتمي لداخل أحض. انها ويتنعم بداخلها.

أم تصرخ قهرا من زوجها بارع الخيانة الذي تزوج عليها بعد مرور شهرا واحدا لا غير وأتي إليها بكل جبروت وندالة ليستبيح جس. دها ويتمتع به رغم خيانته لها
رأي أل. م روحها الصارخ بعيناها وتشتتها، فتحدث بنبرة صادقة: ملمستهاش يا صفا، وحياة ولدي ما لمستها ولا شفتها بعيني، أني جاعد لحالي في شجتي الجديمة، وهي في الشجه الجديدة اللي إنت شفتيها.

أجابته بقوة بعدما تذكرت ذلك اليوم المميت لكرامتها: جصدك الشجة اللي چيت وظبطتك فيها وياها وهي عم تناديك حبيبي
وهتفت غاض. بة بعيون تطلق شزرا: چاي تغني علي بكلمتين فارغين وفاكرني عصدجك؟

أجابها متلهف: اليوم دي كان ليه ظروفه يا صفا، كان عندي جضية مهمة مشتركة وياها وكان لازمن ندرسها زين، ومواعيد المكتب ساعتها كانت خلصت، مكانش فيه حل جدامي غير إني أروح أدرسها وياها، وللأسف مكانش ينفع نروح أي كافيه علشان سرية المعلومات بتاعة الجضية
وأكمل بقوة: بعد اليوم ده طردتها من المكتب هي وعدنان أخوها وتجدري تاچي معاي وتسألي وتشوفي بنفسك إنها معادتش تشتغل وياي في المكتب.

وأكمل صادق: مفيش حاچة بتربطني بيها غير حتة الورجة والمصروف اللي بحوله ليها بإسمها كل شهر، ودي لجل خاطر ربنا وبس
وأستطرد قائلا بتفسير: چوازي منيها باطل لأنه مشروط بمده معينه ودي مخالف للچواز اللي أچازة ربنا وحلله، الچواز أساسه السكن والسكينة والمودة والرحمة وتكوين أسرة، وكل ده ملوش وچود في حكايتي وياها.

هتف قدري وتحدث بنبرة تعقليه: خلاص يا ولدي، أديك كتبت عليها وسترتها، كفاية عليها أربع شهور وطلجها وخليها تروح لحالها ورچع مرتك
تنهد بأسي وأجاب والده: معينفعش يا أبوي لعدة أسباب، أهمهم إن اللي مرضهوش لأختي مرضهوش على بنات الناس، أني فعلا كنت عطلجها بعد ما صفا طلبت ده وحطته شرط لرچوعها،.

وأكمل بعين الرحمة: بس لما حطيت نفسي مكان أي راچل هياچي يتجدم لها بعد الطلاج، لجيت إني عفكر ألف مرة جبل ما أتچوز واحده معاها جسيمة طلاج بعد أربع شهور بس من چوازها، أي حد عياچي يتچوزها عيخاف ويتراچع،
وأكمل بصحوة ضمير: وأبجي اني نهيت عليها بعد ما خليتها تجعد چاري سبع سنين.

وأكمل بشهامة رجل صعيدي: وتاني سبب هو إني راچل صعيدي وأديت لراچل غريب وعد وكلمة، كيف عروح وأجول له معلش، اني طلعت عيل إصغير ومليش كلمة وهطلج بتك بعد ما وعدتك وطمنت جلبك عليها
هتف زيدان بنبرة حادة متعجب من أمر إبن شقيقه: يعني إنت باجي على وعدك للغريب ومفكرتش حتى في كلمتك اللي إدتهالي ووعدك ليا بإنك تحافظ على بتي!

أردف قائلا بنبرة متألم. ة نادمة: ربنا وحده اللي يعلم إحساسي كان إيه وأني بكسر وعدي ليك يا عمي
وأكمل شارح موقفه: بس إسمح لي أشرح لك الفرج بين وعدي ليك ووعدي ليه
نظر إلى متيمة قلبه وتحدث بنبرة صادقة: صفا مرتي وحبيبتي وأم ولدي، مرتي جدام ربنا والناس كلياتها شاهدة على إكده، ليها عندي كل الحجوج (الحقوق) والإحترام والتجدير، ومحدش من النچع عرف بچوازي عليها وكرامتها وكرامة حضرتك محفوظة جدام الكل.

وأكمل بإزلال كي يثبت مدي حبه وأحترامه إلى زيدان: وچزمتك على دماغي من فوج يا عمي
وأكمل بكلمات مضادة: لكن الراچل الغريب ملهوش عندي غير وعد وكلمة هلتزم بيها لحد ما تعدي المدة اللي إتفجنا عليها وساعتها هطلجها بحتة ورجة وكأن شئ لم يكن، صفحة وهطويها من حياتي ومعيكونش ليها وچود من الأساس
وأكمل بقسم صادق: الله وكيلي وشاهد علي إن أني عامل الموضوع ده لوچه الله الكريم وبس، لكن لو عليها مكونتش إتچوزتها أصلا.

كانت تنظر إليه بملامح وجه غامضة لم يستطع تفسيرها.

أخذ نفس عميق مما يدل على الضغط النفسي والداخلي الذي يتعرض لهما من خلال تلك المواجهه، وذلك لكم الإذلال الذي تتعرض لها رجولته أمام الجميع، وهذا عكس طبيعته الحادة القوية والشامخة، لكنها ضريبة العشق وعليه أن يقوم بتسديدها، حتى ولو كان سيدفع الثمن من إهدار كرامته ورجولته اللتان أهينا بما يكفي، وقد تحمل ما لم يتحمله طيلة حياته فقط من أجل الحصول على خاطف. ة أنفاسه.

وتحدث برجاء وهو يتنقل النظر بين صفا وزيدان و ورد: أني كل اللي طالبه منيكم إنكم تساندوني على إني أجدر أكمل في الموضوع ده لجل ربنا، عاوزكم تنسوه خالص وكأنه مش موچود من الأساس،
وأكمل بوعد: وأني أول ما العجد يتم سنه هطلج على طول
وقفت تلك التي كانت تستمع إليه بصمت تام وتحدثت بنبرة هادئة عكس ما يدور بداخلها من بركان شاعل: تمام يا متر، يبجا نتجابل بعد ما تخلص السنه بتاعة وعدك.

نظر لها الجميع بذهول وتحدث الچد: إجعدي يا بتي وإغزي الشيطان، قاسم غلط صح وحب يصلح غلطه، بس الظروف كانت أجوي منيه وحطته في موجف عفش، الراچل شاريكي ومعاوزش غيرك،
وأكمل إقناعها: وكيف ما سمعتي، قاسم سايب لها الشجة وعايش لحاله، وطاحها هي واخوها السو من الشغل لجل ما يرضيكي، جالك إنه مخليها على ذمته لوجه الله الكريم ولجل ما يستر عرض البنيه
وأكمل بتعقل: واچب عليك تعينيه وتجفي چاره لچل ما تشاركيه الثواب.

إبتسمت ساخرة وتحدثت بتهكم: معايزهوش أني الثواب ده يا چدي، متنازله عنيه للمتر يمكن ينفعه لچل ما يكفر بيه عن ذنوبه الكتير اللي عملها في حياته
وأكملت بنبرة جادة وهي تنظر إليه: إسمعني زين يا إبن الناس، إنت شرحت وجولت أسبابك اللي مخلياك رافض تتنازل وتطلجها
وأسترسلت بنبرة ناقدة: واللي بالمناسبة مدخلاش ذمتي ولا عجلي راضي يجبلها، ومع ذلك ده حجك.

وأكملت بقوة وشموخ: بس أني كمان من حجي أرفض حديتك دي وأصر على موچفي
وقف وتحرك إلى وقفتها وتحدث بنبرة مترجية: ما تصعبهاش علي أكتر من إكده يا غالية، وحياة مالك ترضي وتسامحي
تحدث منتصر الذي لزم الصمت منذ بداية عقد الجلسة: خلاص بجا يا بتي عاد، الراچل شاريك وعيترچاك جدامنا، وكيف ما جالك، هما 8 شهور وهيعدوا كيف الهوا ومعتحسيش بيهم.

باتت أصوات الجميع تتصاعد، رسمية، عثمان، قدري وحتى ورد التي نظرت إلى إبنتها بضعف وتحدثت بقلب الأم التي تريد الصلاح لإبنتها: خلاص يا صفا، جومي روحي مع چوزك لجل خاطر اللي في بطنك
تنفست بعمق ثم زفرت بهدوء وتحدثت بثبات وهي تنظر إلى عيناي ذلك المترقب بقلب يكاد يفقد دقاته بسبب التوتر، وهتفت قائلة بقوة وصمود: نتجابل بعد السنة ماتعدي يا متر.

يا لها من خيبة أمل، شعر بإحباط وحزن العالم أجمع قد تكون داخل قلبه حين إستمع لقرارها المميت والساحق لأحلامه
نظر لها يلومها وتسألتها عيناه؛: أحقا تريدين الإبتعاد عن أحضاني لحين الخلاص، أواثقة من أنك تستطيعين؟
وأكملت عيناه بنظرات ضعيفة: فإن كنت حقا ستتحملين، فها أنا أعلنها صريحة أمام الجميع، أني والله لم أستطع ولن أطيق الإبتعاد.
نظرت إليه بقوة لتخبره عيناها أنها حقا قادرة وستستطيع.

تحدث قدري بنبرة حادة موجه حديثه ألي زيدان: ساكت ليه يا زيدان، ما تجولك كلمك لبتك اللي ممكبراش حد ولا حتى عاملة حساب لوچود چدها
تحدث زيدان بهدوء ونبرة حزينة: اللي عوزاه صفا هو اللي عيكون يا أبو قاسم، هي صاحبة الشأن ومن حجها تعيش حياتها بالطريجة اللي ترضيها وتريحها.

كاد عثمان أن يتحدث فأوقفته كلمات قاسم القوية الذي ما زال ينظر داخل عيناي صفا ولكن بصمود وتحدي: معدلوش لزوم الحديت خلاص يا چدي، الدكتورة جالت كلمتها خلاص والموضوع إتجفل لحد إكده
إنتفض قلبها رعب من كلماته ونظراته القوية الغامضة المتوعدة لها، فهي كانت تتمسك برأيها لأخر وقت كي تحثه وتجبره على التنازل، وحينها ستتحري الصدق من كلامه، وتتأكد من صحة حديثه الدائم عن عشقه الهائل لها.

حول بصره إلى عمه زيدان وتحدث بجمود وقوة: حمدالله على سلامتك يا عمي والله لا يعودها
وأكمل بقوة وهو يتحرك إلى الخارج كجبل من الجليد: السلام عليكم
كم أنها مؤذية خيبة الأمل عندما تأتي من الشخص الذي لم يدق القلب لسواه يوم، شعور مرير بالإنكسار والخزلان أصابها جراء خروجه بهذا الشكل المفاجئ، وكأنه يخبرها بأنها إستنفذت كل فرص الإسترضاء وحان وقت رؤيتها لوجهه الاخر، وجه الجمود واللامبالاة.

صمت تام أصاب الجميع وباتوا ينظرون على تلك التائهه التي تقف كصنم بلا روح، يبدوا على ملامحها الزعر وكأنها فقدت للتو مصدر أمانها وقوتها بخروجه
وعت على حالها عندما إستمعت إلى صوت رسمية التي أردفت بنبرة متألمة لأجل عزيزاي عيناها الغوالي: ليه إكده بس يا بتي، تمشي چوزك مجهور يا حبة عيني وهو كان چاي ومتأمل يرچعك وياخدك وياه.

وأكملت بدمعة عزيزة خانتها: ده مكلمني في التلفون من صباحية ربنا يا حبيبي بعد ما چده كلمه و وعده إنه عيرچعك ليه، جال لي أخلي حسن والبنات يطلعوا ينضفو لك الشجة زين، وچاي فرحان وچايب لك وياه شنط ياما وطلعها على فوج
وأكملت بقلب نازف لأجل كليهما: إكده تكسري فرحته برچوعك وتجهري جلبه.

كانت تستمع إلى كلمات جدتها وكأنها حمم بركانية تنزل على قلبها الن. ازف تكوي كل ما يقابلها بطريقها، تحركت بساقان متثاقلتان وخرجت تجر أذيال خيبتها العظيمة، صعدت إلى غرفتها وأوصدت بابها عليها،
ثم رمت حالها فوق فراشها وحينها تركت العنان لإنسياب دموعها الحبيسة، تعالت شهقاتها وبكت بكل صوتها، بكت على ما وصل إليه كلاهما،.

سألت حالها بتشتت: لما يتمسك هكذا بوعده الواهي لتلك الحقي. رة التي إختطفته من داخل أحض. انها وحرمتهما من التنعم داخل أح. ضان بعضيهما، لما لا يحل حاله من ذلك الوعد الملعون ويعود إليها إذا كان حقا يعشقها!
أقسمت بداخلها لو عاد الان وأخبرها أنه إنتوي إحلال حاله من ذلك الوعد الملعون ستلقي بحالها لداخل أحض. انه وتعوضه وحالها مر ما حدث.

أما ذلك الغاضب الذي صعد الدرج مهرولا ودلف إلى مسكنه كالمجنون، دلف إلى المطبخ وأخرج كل ما أتي به من أطعمة وحلوي كان قد جلبها للإحتفال، وحتى نوع الشيكولاتة المفضل لديها والذي حلم ومني حاله بأن يتذوقها من فوق شفتاها المهلكة كما السابق
لعن غباؤه ولملم كل الاشياء داخل كيس كبير وفتح الباب وهتف بأعلي صوته الغاضب: خالة حسن، إبعتي لي أي حد من اللي عندك في المطبخ.

صعدت سريع منيرة، تلك الفتاه التي تبلغ الثامنة عشر وتحدثت بإحترام: تحت أمرك يا قاسم بيه
أجابها بجمود ونبضات قلب كطبول الحرب: خدي الحاچات دي وأديها لخالة حسن تفرجها عليكم في المطبخ
وأغلق الباب وهرول متجه لداخل غرفة النوم، نظر إلى التخت المتناثر عليه ورقات الورود باللونين الأبيض والقرمزي اللتان تعشقهما هي، والذي نثرهما لأجل إسعادها.

وقعت عيناه على ذلك الثوب الرقيق المخصص للنوم والموضوع بعناية بين ورقات الزهور، والذي إبتاعه لها منذ الأمس ليحتفل به معها بعودتهما كما وعده عثمان وأكد عليه،.

تحرك إليه وأمسكه وخيبة الإمل تملئ روحه وتسكنها، قبض عليه بقوة بين راحتاه واغمض عيناه بغضب، ثم قربه من عيناه المشتعلتان بعد ان فتحهما من جديد، وألقاه أرض بغضب عارم، مال بجذعه وأمسك فراش التخت وجذبه بعنف وألقاه أرض لتتناثر ورقات الورود بشكل عشوائي وتملئ أرضية الغرفة،
أغلق الإضائة وتحرك إلى الخارج بوجه غاضب، قابلته فايقة التي تسائلت بنبرة مستفسرة: مچبتش مرتك ليه يا قاسم، مرضيتش تاچي إياك؟

أجابها وهو يهرول على درجات السلم ويتدلاه بطريقة عنيفة تدل على مدي غضبه: من إنهاردة كل واحد حر ويعمل اللي يريحه يا أما
هرولت خلفه وسألته من جديد: إنت رايح فين؟ وبتچري ليه إكده
أجابها بنبرة حادة غاضبة: رايح في ستين داهية، محدش ليه صالح بيا
كاد أن يخرج من باب السرايا أوقفه دخول عثمان وباقي الجمع، نظر له عثمان وسأله مستفسرا عندما وجد الغضب يسيطر على جس. ده وملامح وجهه: على وين العزم يا ولدي؟

أجاب جده بملامح وجه صامده: راچع القاهرة يا چدي
هتفت رسمية بنبرة متوسلة: إستهدي بالله يا حبة عيني وإطلع على شجتك دلوك، وأني شوية إكده وعروح لها تاني تكون هديت وعرچعها لك،
وأكملت بوعيد لطمأنت روحه: ووعد مني معتباتش الليلة غير وهي چوة حضنك
أجاب جدته بنبرة حادة غاضبة: بعدي عن طريجي يا چده الله يرضي عنيك، مفاضيش أني للعب العيال ده.

أفسحت له وخرج هو مسرع واتجه إلى سيارته إستقلها وقادها بسرعة جنونية مما أحدث صوت صفيرا عالي، حدث نتيجة إحتك. اك إطارات السيارة بأرضية السرايا، إرتعب. ت قلوب جميع الحاضرين جراء إستماعهم لصوت الصفير المرعب، حتى تلك الباكية التي ترتمي فوق فراشها في الأعلي
إنتفضت بجلستها وأرتعب داخلها حينما.

إستمعت إلى صياح فايقة المرتعب على ولدها وهي تصيح وتتحدث إلى قدري: إتصرف يا قدري ورچع لي الواد ليچرا له حاچة وهو سايج إكده
ثم رفعت بصرها إلى أعلي حيث إضائة غرفة صفا وهتفت بنبرة حقودة لأم ترتعب على صغيرها حقا: على الله تكوني إرتحتي يا بت زيدان ون. ارك بردت، أهو فات لك النچع كلاته ومشي لجل ما تهدي، حني إديك وأفرحي إنت وأمك.

وأكملت بتوعد مرتعب وصياح عالي أسمع المنزل بأكملة: بس الله في سماه، لو ولدي چرا له حاچة، لكون جتلاكي بإديا دول
تحدث إليها عثمان الواقف بجوارها بنبرة حادة: إجفلي خاشمك يا م. ره وإخفي من وشي الساعة دي
إنتفض قلب صفا وأصابت جس. دها إرتعاشة هائلة، وضعت كف يدها على فمها تكتم صوت شهقاتها الذي علا
بالأسفل هتف عثمان قائلا إلى قدري: إتصل بفارس شوفه وين، وخليه يحصل أخوه على المطار ويهديه ويرچعه.

تحدث قدري سريع بطاعة: أوامرك يا حاچ
هاتف قدري فارس الذي كان يجلس بصحبة يزن بالمحجر، إرتعب فارس خوف على شقيقه، وبلحظة كان يستقل سيارته وقادها بسرعة جنونية، وأثناء قيادته أخرج هاتفه وضغط زر الإتصال بشقيقه لكنه لم يجب
بالفعل وصل إلى المطار وألتحق بقاسم قبل صعوده إلى الطائرة بنصف ساعة
تحدث إليه بنبرة حنون: خلي بالك طويل شوي عليها يا قاسم، صفا مچروحة وبتعمل إكده لچل ما ترد كرامتها جدام الكل.

كان يجلس بجوار أخيه داخل صالة الإنتظار بج. سد مرهق وروح متعبه، مسح على وجهه بإرهاق وتحدث بنبرة مرهقة ضعيفة لرجل ما عاد لديه القدرة بعد: أني فايت لها النچع كلاته وماشي، على كيف كيفها بت زيدان
وضع فارس كف يده على راحة يد شقيقه وتحدث بنبرة حنون: طب جوم روح معاي يا أخوي، أبوك وأمك عيموتوا من جلجهم عليك، أبوك كلمني وصوته مرعوب، وچدك حزين لچل خاطرك يا قاسم، عشان خاطري تاچي معاي يا أخوي.

أجابه بإقتضاب: عاوز أجعد لحالي شوي يا فارس، محتاچ أخد هدنه وأبعد عن كل الناس اللي حوالي، ده غير شغلي اللي محتاچ يتظبط، إكده أحسن ليا وللكل
إستمعا إلى النداء الذي يخبر الركاب بموعد إقلاع الطائرة، وقف ثم أحتضن شقيقه وتحدث: خلي بالك من نفسك واللي حواليك يا فارس،
وأكمل على إستحياء: وخلي بالك من صفا.

كان يستمع إلى شقيقه بقلب يتمزق وتحدث بإطمئنان: صفا في عنيا يا أخوي، خلي بالك إنت من نفسك، وبالله عليك ماتزعل حالك يا اخوي، بكره تتعدل وصفا ترچع لك من تاني
أومأ بيأس لشقيقه وأحتضنه، ثم تحرك إلى سلم الطائرة وصعده تحت صرخات قلب فارس التي تإن على حال شقيقه.

بعد مرور إسبوع على تلك الأحداث
داخل مسكن قدري الخاص بماجدة
كان منبطح على بطنه فوق التخت، مسلم جس. ده لتلك الماجدة التي تدلك له ظهره بمهارة عاليه وتضغط عليه بكفاي يداها المنغمسه ببعض الزيوت العطرية التي تساعد على الإرتخاء
تحدث بإستمتاع وهو مغمض العينان: تسلم يدك يا ماچدة، معارفش لولاك ولولا شوية التدليك دول كت عملت إيه
وأكمل بإشادة: يدك تتلف في حرير يا بت.

تحدثت بخلاعة وهي ما تزال تضغط على كتفاه مرورا بظهره بنعومة: انا جاريتك يا سي قدري وتحت أمرك، وكل منايا في الدنيا دي هو رضاك وبس
أجابها بصوت خامل من شدة الإستمتاع: كل الرضا يا ماچدة، ده أنت الوحيدة اللي علاجي عنديها راحتي يا بت.

إبتسمت بخبث وتحدثت بدلال كي تفجر قنبلتها التي باتت أربعة أشهر بالكمال تعد لها عدتها، حتى حدث ما كانت تتمناه وتسعي إليه: بس سامحني بقا لو قصرت معاك الفترة اللي جاية، أصلي هبقا تعبانه ومش هينفع أعمل لك مساچ لمدة سبع شهور على الأقل
أفتح عيناه وسألها مستغرب: تعبانه كيف يعني، مالك يا ماچدة.

إبتعدت عنه وتدلت من فوق التخت بدلال وأعتدلت بوقفتها، ثم وصعت كفاي يداها فوق أحشائها وتحدثت بخلاعة: مبروك يا سيد الناس، هتبقا أب بعد سبع شهور بس
إنتفض من نومته وجلس يتطلع إليها بفزع وعينان جاحظتان من شدة هلعهما وصاح بنبرة حادة: وجعتك سودة ومجندلة على نفوخك ونفوخ اللي چابوك، عتخرفي وتجولي إيه يا بت المركوب إنت؟!
إنتفض من نومته وجلس يتطلع إليها بفزع وعينان جاحظتان من شدة هلعهما وصاح بنبرة حادة: وجعتك سودة ومجندلة على نفوخك ونفوخ اللي چابوك، عتخرفي وتجولي إيه يا بت المركوب إنت؟!
إرتعبت أوصالها وأرتجف جس. دها من هيأته ونظراته التي تطلق شزرا ولا توحي بخير أبدا، لكنها إدعت الثبات وتحدثت بلامبالاة وتعجب مصطنع: فيه إيه يا أخويا، مالك قلبت وشك كده ليه وكأني قولت لك على خبر وحش!

قفز من فوق تخته وتحرك إليها وأمسك ساعدها وقام بلويه وضغط عليه بشدة وتحدث بنبرة حادة: بلاش تعملي عليا الشويتين بتوع الرجاصين دول يا واكلة ناسك، حبلة كيف يا بت وإحنا متفجين من جبل ما نكتب الورجة إن چوازي منيك للمتعة وبس؟
وأكمل حديثه متسائلا وهو ينظر إليها بتشكيك: وبعدين حبلة كيف واني جبل ما أدخل عليك بيومين شيعتك عند الحكيمة وركبت لك اللي إسمية اللولب دي، عتستغفليني يا م. رة إياك؟

كانت تتلوي ببن يداه متألم. ة، هتفت وهي تحاول الفكاك من بين براثينه: سيب إيدي يا سي قدري حرام عليك، دراعي هيتكسر
لم يعر لتوسلاتها إية إهتمام بل زاد من لي ذراعها أكثر وقبض باليد الاخري على شعر رأسها مما جعلها تص. رخ م. تالمة، وأكمل متسائلا من بين أسنانه: بطلي رط يا م. رة وإنطجي لأجطع خبرك
أجابته بنبرة مرتجفة: حاضر حاضر، هتكلم.

وأكملت شارحة بتوتر وزيف: من ييجي أربع شهور كده جالي مغص شديد، ولما روحت كشفت عند الدكتورة قالت لي إن اللولب عمل لي مشاكل ولازم يتبدل بواحد جديد، ونصحتني إني لازم أخد راحة علشان القديم متركب بقا ليه أربع سنين وعملي لي مشاكل لازم تتعالج،
وأكملت بنبرة زائفة: إدتني حبوب منع الحمل، وشكلي كده نسيت أخدها في يوم وحصل اللي حصل
صاح مكذب إياها بنبرة حادة: كدابة يا ماچدة وممصدجش ولا كلمة من اللي عتجوليه.

زرفت دموع التماسيح وسالت فوق وجنتيها وهتفت: وهي دي حاجة ينفع فيها كذب بردوا يا سيد الناس
وأكملت بثقة عالية: وعلى العموم يا أخويا لو مش مصدقني، تعال بكرة معايا للدكتور اللي إنت تختاره بنفسك وخليه يكشف عليا، ولو طلعت مش حامل بجد إبقا إعمل فيا ما بدا لك.

نظر لها بقوة بعد أن إستشف صدق حديثها من قوة عيناها وثباتها الإنفعالي، فك قبضته من فوق ذراعها ودفعها بقوة فوق التخت لتسقط عليه، إعتدلت سريع تنظر عليه بريبة وهي تتحسس ذراعها بت. ألم
نظر عليها وتحدث أمرا وهو يشير بسبابته إليها بنبرة تهديدية: إسمعيني زين يا بت المركوب إنت، من بكرة تروحي للدكتورة اللي عتابعي وياها، وتتفجي معاها إنها تسجطك وتاخد الفلوس اللي عوزاها.

شهقت ودبت على صدرها وهتفت بإعتراض: يا مصيبتي، إنت عاوزني اعمل عملية إجهاض علشان أموت فيها؟
دقق النظر لعيناها وأردف قائلا بنبرة تهديدية لا تحتمل الشك: صح ممكن تموتي وإنت عتعملي العملية، بس دي إحتمال ضعيف
وأكمل مهددا وهو يتوعد لها بشر أرعبها: لكن لو معملتهاش السبوع ده، موتك عيبجي مؤكد يا حزينة.

إنكمشت على حالها وضمت ساقيها بساعديها، وأكمل هو محذرا بعيون تطلق شزرا: حطي عجلك في راسك وإعرفي إنت عتلعبي ويا مين يا ماچدة
ثم ضيق عيناه ونظر لها وهتف بفطانة وذكاء: أني واعي لك زين، وألاعيبك الخيبانه دي معتفوتش على مخي، وأكمل بتفاخر: ده أني قدري النعماني يا بت إمبارح، قدري اللي السنين علمته وخلته يجدر يشوف في اللعيون اللي عتخبيه النفوس الخبيثة چواها.

وأكمل كاشف ما بداخلها: إنت جولتي في عجل بالك أما أحبل من قدري وأدبسه في عيل وألوي له دراعة وأحطه جدام الأمر الواجع، وشيطانك جال لك إنك لما تعملي إكده، معيكونش فيه حل غير إنه يكتب علي عند مأذون
واسترسل ساخرا: وتلاجي كمان شيطانك وشوش لك وجال لك إن ممكن قدري المغفل ياخدك على السرايا تعيشي فيها كيفك كيف الهوانم اللي ساكنينها. ،.

وأكمل بإهانة لشخصها: غلبانه جوي إنت يا ماچدة، إيش جاب واحده مهشكة زيك لهوانم النعمانية يا بت
نظرت إليه ودمعه سقطت من عيناها وتحدثت: ولما أنت شايفني مش قد المقام أوي كده، إتجوزتني ليه؟
أجابها بصوت صارم: إتچوزتك لچل مزاچي يا بت وإنت خابرة إكده زين، وأوعاك تعيشي في دور المسكينة عشان ملايجكش عليك.

تحرك إلى عليقة الثياب وأخرج حافظة نقوده من جيب جلبابه المعلق، وأخرج منها نقودا عديدة وتحدث وهو يلقيها بوجهها بإشمئزاز: خدي الفلوس دي وروحي للدكتورة وخليها تخلصك من المصيبة دي بالذوج، بدل ما أخلصك أني منيها ومن حياتك كلياتها، أني مبهزرش يا ماچدة وعجولهالك للمرة العاشرة، خافي على نفسك مني يا بت الناس عشان إنت مش كد جلبتي يا حزينة.

إلتقط ثيابه وتحدث إليها أمرا بطريقة فظة: تعالي إغسلي لي ضهري من الهباب اللي دهنتهولي دي
إستشاط داخلها من ذلك الفظ الذي وبرغم جبروته إلا أنه يرتعب من أن تلاحظ عليه فايقة أية تغيرات، ولذلك دائم الحرص على إزالة جميع الأدلة والشواهد قبل مغادرته وكر ماجدة الذي يأتي إليه لأخذ متعته الحلال ويرحل.

بعد مدة كان مرتديا ثيابه بالكامل ويتحرك إلى الخارج، تتبعه تلك الحاقدة التي ترمقه بنظرات كارهه، توقف عن الحركة وأستدار إليها وتحدث أمرا: معايزش أعيد حديتي اللي جولته تاني، تروحي بكرة للحكيمة وتخلصي حالك من البلوة دي
وأكمل بهدوء لطمأنتها: وأني إن كان عليا، هنسي عملتك المهببة دي وأرچع وياك كيف اللول تاني
قال كلماته وتحرك إلى الخارج دون إنتظار الرد، تحت نظرات ماجدة المتوعدة له.

ضلت ساكنه بمقعدها إلى أن تأكدت وصوله إلى منزله وأمسكت هاتفها وضغطت زر الإتصال، كان قد وصل للتو بسيارته إلى حديقة المنزل وصفها وتحرك بطريقه إلى داخل السرايا، أوقفه رنين هاتفه فأخرجه من جيب جلبابه، ضيق عيناه عندما وجدها ماجدة، ضغط زر الإجابة وهتف قائلا بضيق: عايزة إيه تاني في ليلتك اللي مفيتاش دي.

وقفت وتحدثت بنبرة حاده صارمة: عوزاك تسمعني كويس أوي وتوزن كلامي يا قدري، علشان مش ماجدة اللي يتعمل معاها كده يا حبيبي، مش أنا اللي تاخدني لحم وعاوز ترميني عظم واقف أتفرج عليك يا عنيا، ده أنا ماجدة والاجر على الله.

وأكملت بنبرة قوية واثقة: العيل اللي في بطني ده إبنك ومن لحمك ودمك، ومش هنزله حتى لو وقفت على شعر راسك، وتهديدك ده يا عنيا تبله وتشرب ميته، أنا مش تلميذة علشان أخاف من تهديدك الأهبل ده، ده أنا ماجدة اللي لفيتها كعب داير، مش على أخر الزمن هتيجي إنت وتخوفني يا إبن النعماني،
واسترسلت حديثها بقوة: الواد هخليه وهتكتب عليا رسمي الاسبوع ده.

وأكملت حديثها بتهديد صريح: ماذا وإلا هاجي النجع وهقابل أبوك وهقوله على حكايتي معاك، وبالمرة أبلغه عن تخطيتك لما رحت للراجل بتاع مصر وأتفقت معاه علشان تجوز إبنك على بنت اخوك اللي مكانتش كملت شهر جواز، وكمان هبلغ الحرباية مراتك على جوازنا وإنك مستغفلها ليك أربع سنين بحالهم
كان يستمع إليها بذهول، ثم هتف بغضب عارم: إنت واعية للي عتجوليه ده وعارفة عتجوليه لمين يا حزينة؟

إبتسمت ساخرة وتحدثت بجبروت وقوة: ايوة يا قدري، أنا عارفة كويس أوي بتكلم مع مين، بس يظهر إن إنت اللي ما تعرفش إنت متجوز مين
وأكملت بقوة وتهديد صريح: إسمع اخر الكلام ونهايته يا قدري، قدامك بالكتير إسبوع مفيش غيره وتكون كاتب عليا رسمي، بعد الإسبوع ما يعدي بيوم متبقاش تلوم غير نفسك.

وأغلقت الهاتف دون إنتظار الإستماع للرد مما جعل قدري يصيب بالجنون وكاد أن يفقد سيطرته، كاد أن يهاتفها أوقفه صوت تلك الواقفة بشرفتها تتطلع عليه بإستغراب: واجف عنديك عتعمل إيه وعتكلم مين في التلفون يا قدري؟
إرتبك بوقفته حين إستمع إلى صوتها، رفع بصره يتطلع إليها وتحدث: ده واحد كان عيكلمني وعاوز تلفون قاسم، لچل مايكلمه على جضية واعرة عندية
أومأت له وتحدثت: طب يلا إطلع عشان تنام، الوجت إتأخر
- -.

في اليوم التالي
داخل غرفة الضيافة الموجودة بحديقة السرايا والتي إتخذها يزن كي يجعلها مسكن له بعيدا عن تلك اللزجة التي تقتحم حياته ولا تجعله يتنعم بالخصوصية والراحة اللتان حصل عليهما منذ أن من الله عليه ورزقه خير الإبتعاد عنها.

كان يقف أمام المرأه يصفف شعر رأسه ويهندم ذقنه بعنايه بعد أخذه حمام دافئ، إستمع إلى خبطات فوق بابه الذي يوصده عليه كي يقطع عن ليلي فرص أقتحام. ها للغرفة كعادتها، تحرك إلى الباب وفتحه، وجد نجاة التي تحمل بين يديها حاملا موضوع عليه بعض من المعجنات وكأس من المشروب البارد
حمله عنها وتحرك به إلى الداخل وهتف قائلا بإعتراض وهو يضع ذلك الحامل فوق الكومود: لحد ميتا عتفضلي تاعبة حالك إكده يا أم يزن؟

أجابته بنبرة حادة لائمة: لحد ما ربنا يهديك وتتچوز وأطمن إن بجا لك واحدة تراعيك وتاخد بالها منيك، وتچيب لي منيها الحفيد اللي عموت عليه
وأكملت بنبرة حزينة وهي تتحرك إلى التخت لتجلس عليه: لحد ميتا عتفضل حارمني من إني امني عيني بشوفة عوضك يا يزن، العمر بيچري يا ولدي وعيالك إكده عيموتوا في ضهرك يا حزين
قهقه بشدة وهتف قائلا بتفاخر مصطنع: متخافيش على أحفادك يا أم يزن، العيال في ضهري كتير بس الصبر.

أجابته بنبرة يائسة: الصبر مل من كتر صبري يا ولدي
وأكملت وهي تنظر إليه بترقب: أجطع دراعي إن ماكانت الحرباية اللي إسميها فايقة عملالك عمل، وعشان إكده معتفكرش في الچواز على العجربة بتها
أبتسم لها وأقترب وجاورها الجلوس وتحدث بإبتسامة حانية: وإن جولت لك إني لجيت بت الحلال اللي كنت عدور عليها ونويت خلاص، عتجولي إيه.

إتسعت عيناها من شدة سعادتها وتساءلت متلهفة: عتكلم چد يا جلب أمك، وأكملت بتلهف: بت مين في النچع
إشتدت سعادته عندما لاحظ لهفة وسعادة والدته، فأخبرها بعيون تنطق فرح: الدكتورة أمل اللي عتشتغل في المستشفي ويا صفا
إبتسمت بسعادة وتحدثت مبتهجة: الله الوكيل أني حبيتها أمل دي من أول مرة شوفتها فيها، ده غير الكلام اللي عتجوله عنيها أختك مريم، عتجول فيها شعر.

إبتسم بسعاده لحديث والدته المبهج الذي أدخل السرور على قلبه، أما نجاة فقد إختفت إبتسامتها بلحظة وكأنها تذكرت شئ، فتساءلت بترقب قلق: بس تفتكر إن الدكتورة أمل عتوافج عليك يا ولدي؟
ضيق عيناه قائلا بتعجب: وأني عيبي إيه يا أما لچل ما ترفضني!
هتفت سريع بحنان وفخر: إنت سيد الناس كلياتهم ومليكش زي يا ضنايا
وأكملت مفسرة: بس متأخذنيش يا ولدي، دي لساتها بت بنوت ومدخلتش دنيي جبل سابج، وإنت يعني، راچل متچوز.

تنهد بإرتياح وتحدث بهدوء: من الناحية دي إطمني يا أم يزن، أني فاتحت أمل في الموضوع وهي وافجت، بس ليها شرط
ضيقت نجاة عيناها وسألته بإستغراب: ويطلع إيه الشرط دي كمان يا ولدي
تنفس عاليا وأجابها: عوزاني أطلج ليلي
زفرت بضيق وتحدثت بإستسلام: أهو إكده هي بتحط العجدة في المنشار، لأن چدك مستحيل يوافج على طلاج الملعونة ليلي.

تنفس بضيق ونظر أمامه بشرود يفكر فيما هو قادم عليه، فأكملت نجاة بنبرة تشجيعية لتبث داخله الحماس وذلك بعدما لاحظت الأحباط الذي أصابه جراء حديثها الواقعي بحكم معرفتها بتفكير عثمان: عتكلم چدك ميتا؟
أجابها بنبرة هادئة: أني كنت مستني لما عمي زيدان يشد حيله شوي، بس بصراحة خجلان أكلمه عشان اللي خصل مع قاسم وصفا.

زفرت نجاة وتحدثت بإمتعاض: ودي ماله ومال موضوع چوازك، ولا هي فايقة وعيالها عيفضلوا موجفين لك حياتك طول عمرهم
تنهد بضيق وأقنعته والدته بأن يذهب إلى جده مساء اليوم ويفاتحه في طلبه
بعد قليل، خرج من غرفته لإنتوائه الذهاب إلى المشفي ليري وجه فاتنته التي لم يعد بإستطاعته عدم رؤياها طيلة الوقت.

نظر للأعلي وجد فارس ومريم يجلسون في شرفتهم يتسامرون ويبدو على ملامح وجهيهما الإنسجام، تحدث إلى فارس بعدما ألقي التحية عليه وعلى شقيقته الغالية: عاوزك في موضوع مهم يا فارس
أومأ له وتدلي، وبعد قليل كانا يجلسان في الحديقة الخلفية في صمت تام وترقب من يزن بعدما أبلغ فارس بأنتوائه الزواج وإبلاغ جده طلاق ليلي.

تحدث يزن على إستحياء خشية حزن صديقه: أني جولت أجول لك اللول جبل ما أفاتح چدك في الموضوع لأنك صاحبي ومش عايزك تزعل مني
أومأ له فارس الذي ينظر أرض حزن على شقيقته وأردف قائلا بتفهم: أني عارف إن من حجك تتچوز وتخلف زي بجيت الخلج، بس مكانش ليه لزوم تطلج ليلي يا يزن.

تحدث يزن مفسرا قراره على إستحياء: إكده أحسن ل ليلي يا فارس، أني معينفعش أكون معاها زي الأول تاني وإنت خابر السبب زين، معاوزش أظلمها بهجراني ليها وأشيل ذنبها في رجبتي
أومأ فارس بتفهم ثم سأله متعجب: ميتا حصل العشج اللي بيناتكم إنت و أمل ده!
قطب جبينه وسأله بإستغراب: ومين جال لك إننا عنعشج بعض!

نظر له فارس وتحدث بإبتسامة خافتة: عشان أني عارفك زين يا يزن، معتاخدش خطوة الچواز مرة تانية إلا إذا كنت عشجان على حج
إبتسم على إستحياء وفضل الصمت لعدم أذية مشاعر صديقه، ف ربت فارس على ساق يزن بإخوة وتحدث بنبرة هادئة: إنت راچل زين وتستاهل كل خير يا يزن، مبارك يا أخوي
قال كلماته وتحرك إلى الخارج تحت ضيق يزن وحزن قلبه على اذية قلب صديقه الحنون
- -
ليلا.

جلس يزن بصحبة جده وأخبره أنه إنتوي الزواج من أمل، وأنه يريد الخلاص من تلك الزيجة التي تضغط على عاتقه ولا تدعه وشأنه، إستمع الجد له ووافق على الزواج لكنه إعترض وبشدة متعللا بقانون العيلة،
جن جنون يزن وهتف بنبرة غاضبة: ملعون أبو الجوانيين اللي دمرتنا وخلتنا نلعن حياتنا ونكرهها.

أردف الجد قائلا بصرامة: إختشي يا يزن واسمع الحديت، مش كفاية إني وافجت على چوازك من واحدة منعرفلهاش أهل وكمان عتجولي إن أمها وأختها معيحضروش فرحها عشان بيناتهم مشاكل!
إعترض يزن بشدة فتحدث الجد مترجي: إعملها لوجه الله يا ولدي، بت عمك بجت كيف الأرض البور، محدش عيرضي يتچوز واحدة معتخلفش إلا إذا كان طمعان في مالنا وأراضينا،.

هتف يزن معترض: حرام عليك يا چدي، بكفياك ظلم فيا لحد إكده، ظلمتني زمان لما أختارت لي ليلي وحطيتها چوة حضني بالغصب،.

وأكمل شارح: وكانت النتيچة إيه؟ عيشت وياها سنتين ونص چسد بلا روح، كت بصبر حالي كل يوم وأجول إرضا بنصيبك يا واد لجل ربنا ما يراضيك، وحتى بعد اللي عملته فيا هي وامها وجتلت رچ. ولتي وطعنت. ني في ضهري جدامكم كلياتكم وحبيت أخلص منيها، بردك وجفت في طريجي وجولت لي بت عمك وجانون عيلتي مفهوش طلاج، سكت وجولت سمعا وطاعا كيف العادة.

وأكمل صارخ بإعتراض: بس دلوك ربنا فتح لي طريج چديد لجل ما أبدأ حياة چديدة وأخلف عيال ويبجالي بيت زي خلج الله،
وسأله بعيون متألمة: مرايدش لحفيدك الراحة ليه يا چدي؟
تنهد عثمان بثقل، فحقا كان الامر ليس بالهين عليه وتحدث بنبرة حنون: كيف تجول إكده يا يزن، ربنا يعلم غلاوتك في جلبي كد إيه، ده كفاية إن إنت الوحيد اللي عمرك ما عملت حاچة تكدرني، طول عمرك طوع وراچل محترم وسداد.

وأكمل شارح: بس غصب عني يا ولدي، لو سمحت لك تطلج ليلي عمك زيدان عيطلب مني إني أخلي قاسم يطلج صفا، وعجد العيلة عينفرط من يدي زي السبحة ومهعرفش ألملمها تاني
نظر لجده وتحدث بتألم: يعني حضرتك لتاني مرة عتضحي بيا وبسعادتي لچل راحة قاسم؟
تنهد الجد بحيرة وتحدث: متجولش إكده يا يزن، واطمن يا ولدي، أني بنفسي عروح لحد الدكتورة في المستشفي وأطلب يدها لحفيدي الغالي.

إنتفض من جلسته وتحدث بنبرة صارمة: متتعبش حالك يا چدي، أني كفيل بإني أظبط أموري بحالي وممحتاجش لحد وياي
وأكمل بقوة أدمت قلب عثمان وشطرته لنصفين: بس لازمن تعرف إني ممسامحش في حجي ليوم الدين
وخرج غاضب من الحجرة تارك عثمان لعذاب ضميره وألام روحه التي أصبحت لم تنتهي
- -
داخل القاهرة في الساعة الثامنة مساء.

فاق من غفوته على صوت قرع جرس الباب، إعتدل وجلس يتطلع أمامه، وتحرك إلى الباب وفتحه، قطب جبينه وتحدث مستغرب وهو يتطلع إلى تلك الزائرة الغير مرغوب فيها: إيناس، إيه اللي جابك هنا!
أظهرت حزنها بعيناها وتحدثت بنبرة زائفة: هي دي بردوا مقابلة تقابلني بيها يا قاسم بعد كل الفترة اللي بعدنا فيها عن بعض دي.

زفر بضيق وهتف قائلا بنبرة صارمة: إمشي من فضلك يا إيناس، أنا اصلا تعبان لوحدي ومش متحمل أي مناهدة أو مناقشة من أي حد
تحدثت بنبرة جادة: أرجوك يا قاسم، فيه حاجات كتير محتاجين نتكلم فيها علشان نحط النقط على الحروف
وأكملت بترجي: أرجوك.

زفر بضيق ثم وضع يده فوق شعره وسحبه للخلف بطريقة تدل على كم الضيق الذي أصابه، أشار لها بيده لتدلف وتحرك خلفها فتوقفت هي وتحدثت وهي تنظر إلى الباب قائلة: نسيت تقفل الباب يا قاسم
أشار بكف يده سريع وتحدث بنبرة حازمة: أنا قاصد إني أسيبه مفتوح، إتفضلي قولي اللي عندك بسرعة علشان عندي مقابلة برة بعد ساعة بالظبط، ولازم أكون مستعد لها قبل الميعاد.

إشت. عل داخلها من إنتقاصه الدائم لشخصها وعدم تقديره لكونها زوجته، لكنها خفت مشاعر الغضب وأظهرت حزنها المصطنع وتحدثت بحزن: للدرجة دي يا قاسم؟
أجابها بملامح وجه مقتضبة وتحدث بنبرة تدل على وصوله للمنتهي: ياريت تقولي اللي عندك من غير تضييع وقت، لأن زي ما قولت لك معنديش وقت كافي أقضية في عتاب وكلام لا هيقدم ولا هيأخر.

أخذت نفس عميق لتهدئ به من روعها وغضبها من طريقته الفظة وتحدثت بإستفسار: ممكن أعرف إنت ليه رفضت القضية اللي بعتها لك الإسبوع اللي فات، الموكل رجع لي تاني وقالي إنك رفضتها
قضب جبينه ونظر لها بإستغراب وتحدث بنبرة حادة: رفضتها لسببين، أهمهم إننا خلاص إنفصلنا عمليا ومش حابب إن يكون فيه بينا أي إرتباط تاني.

وأكمل بنبرة حادة: وتاني سبب إن القضية دي مشبوهة يا أستاذة، وإنت عارفة إن طول عمري وأنا شغلي نضيف ومليش في القضايا الشمال والطرق الملتوية بتاعة بعض المحامين
وأكمل برفع سبابته بوجهها: وياريت الموضوع ده ما يتكررش تاني وإلا رد فعلي هيبقي غبي ومش هيعجبك ولا هتتحمليه.

إتسعت عيناها بإفتعال وتحدثت بنبرة زائفة: مشبوهة إزاي؟ ده الموكل شكله كان محترم جدا، وكمان كان باين أوي الصدق من كلامه، وبعدين أنا بعتها لك علشان حسيت إنها قضية مهمة ومن المؤكد إنها هتضيف لك وتعلي من رصيد أسمك ومكتبك في الوسط
قوس فمه وأبتسم ساخرا وتحدث بنبرة تهكمية: ولما هي قضية جبارة كده وليها فوايد عظيمة ما أخدتيهاش إنت ليه على الأقل علشان تضيف لإسمك إنت ومكتبك زي ما بتدعي.

أجابته بمراوغة وعيون تدعي العشق: ده الفرق اللي بيني وبينك يا قاسم، أنا حبيتك لدرجة إني بقيت أفضلك على نفسي، لكن إنت ماحبتنيش بالشكل الكافي اللي يخليك تغفر لي موقفي وغضبي لما كنت حابب تفض خطوبتنا وتسيبني بعد ما علقت قلبي وروحي بيك
وأكملت بنبرة حنون واشتياق: إنت وحشتني أوي يا قاسم، أنا بعدت عنك وأحترمت رغبتك، جيت على قلبي واتحملت وجعه المميت على أمل إن حبك وشوقك ليا هيرجعوك لحضن. ي من تاني،.

وأكملت بأسي مصطنع: بس للأسف قلبك بقا قاس. ي أوي عليا، وبدل ما حبك يرجعك زدت في قسوتك ونسيت أنا كنت إيه بالنسبة لك
تنفس بعمق ثم زفر بضيق وبمنتهي البرود واللامبالاة تحدث قائلا شبه طاردا لها: لو خلصتي كلامك اللي جاية علشانة ياريت تتفضلي علشان لازم أقوم أجهز نفسي علشان أنزل للمقابلة.

نزلت دموعها التي إستدعتها بمهارة وتحدثت بإعتراض: أرجوك كفاية إهانات لحد كده يا قاسم، أنا إن كنت متحملة طريقتك دي فأنا متحملاها علشان خاطر بحبك، بس لازم تفهم إن أنا إنسانة وعندي كرامة وشعور وبحس
زفر بضيق وسألها بإستفسار: إنت عاوزة إيه من الاخر كده يا إيناس؟
عوزاك يا حبيبي، جملة متلهفة قالتها إيناس بعيون راغبه.

وأكملت بخجل مصطنع: يا قاسم أنا مراتك وبحبك، وليا عليك حقوق شرعية من حقي عليك تديها لي، ده شرع ربنا يا حبيبي، من حقي استمتع معاك بحياتنا الزوجية وأعيش معاك كأي زوجة طبيعية بتحب زوجها، من حقي أحصل على حقوقي الشرعية كاملة
أجابها بملامح وجه صامدة: الكلام ده كان ممكن اتقبله منك لو كان جوازنا حقيقي وجائز شرع، وأظن إن إحنا إتكلمنا قبل كده في الموضوع ده وشرحت لك الوضع،.

وأكمل شارح من جديد: إحنا جوازنا صوري وغير مكتمل للأركان اللي تخليه شرعي يا أستاذة القانون
سألته بدموعها: إنت إزاي إتغيرت كده، نسيت إزاي حبنا وأحلامنا اللي ياما حلمنا نحققها مع بعض، فين حبك ليا يا قاسم؟
أجابها بنبرة نادمة: مكانتش أحلام، طلعت كوابيس خرجت منها مكسور ومتحطم،
وأكمل شارح: إسمعي يا بنت الناس، وفري محاولاتك دي لأن أنا راجل بحب مراتي ومستحيل أخونها تحت أي مسمي.

أجابته بنبرة غاضبة واعتراض شديد: حاسب على كلامك يا قاسم، أنا كمان مراتك زيي زيها وليا نفس الحقوق اللي ليها، وحتى لو مكنتش مقتنع بصحة العقد فده مايديلكش الحق في إنك تجرحني وتوصف علاقتي بيك بإنها خيانة لمراتك التانية
إحتدت ملامحه عند إستماعه للقب (مراتك التانية) وتحدث بنبرة صارمة غاضبة: قصدك مراتي الأولي والاخيرة، أنا مليش زوجة غير صفا ومش هيكون لي.

وأكمل وهو يقف لينهي هذا اللقاء الغير مرغوب فيه قائلا بإقتضاب. : ولو مش عاجبك الوضع ومحتاجة تحسي إنك زوجة، ممكن تحليني من الوعد اللي رابطني من رقبتي وخانقني، وأطلقك وتروحي تتجوزي وتعيشي حياة طبيعيه
وأكمل بنبرة جادة: وتبقي عملتي فيا جميل عمري ما هنساهولك،
وأكمل بإغراء لعلمه مدي جشعها: وصدقيني هعوضك ماليا بمبلغ محترم يأمن لك حياتك.

وقفت وتحدثت بنبرة زائفة مليئة بالحزن: إنت كده بتقضي عليا وبتظلمني يا قاسم
وأكملت متسائلة: تقدر تقولي بعد ما تطلقني وأتجوز من راج. ل تاني،
وأكملت بحزن مصطنع: ده لو فعلا قدرت أعملها أصلا وأكون مع راج. ل غيرك، هقول للراجل اللي هيتجوزني إيه لما يلاقيني لسه virgin؟
نظر لها وتحدث بنبرة هادئة: بسيطة، قولي له الحقيقة، وأنا كمان مستعد أروح له وقتها وأشرح له اللي حصل.

وأكمل بتضييق بين عيناه: وأظن إن ده شئ يسعد أي راج. ل لما يكتشف إن مراته لسه بكر وأنه هيكون أول راجل في حياتها، ولا أيه يا أستاذة
وأكمل بضيق شبه طاردا لها وهو يتجه إلى الباب المفتوح على مصرعيه ويقف بجوارة: إتفضلي يا أستاذة.

إستشاط داخلها من ذلك العنيد التي ستخرج كعادتها بيد خاوية وهي التي أتت ومنت حالها بإستسلامه وخضوعه لها، خاصة بعدما هاتفتها ليلي وأخبرتها بما حدث وكيف ترك النجع وهو غاضب ويتوعد لزوجته التي أهانته أمام جميع العائلة.

تحركت ثم وقفت قبالته وتحدثت بنبرة حنون زائفة وعيون عاشقة: أنا ماشية يا قاسم، بس عوزاك تعرف إني هفضل قاعدة في بيتنا ومستنياك، لحد ما قلبك يحن ويعرف مين هي اللي بتحبك بجد ومستعدة تضحي بعمرها كله علشانك
وأكملت بتمني: هستناك لأخر العمر يا حبيبي.

كان واقف بشموخ، يستمع لها كصنم لم يتحرك له رمش ولم ينطق بحرف واحد، وما أن خطت بساقيها متجهه إلى الخارخ حتى إستمعت إلى صفق الباب بحدة إهتز لها بدنها وأنتفض على أثرها
قبضت على يدها بشدة وتحركت بن. ارها متوعدة بعدم الإستسلام نهائيا حتى الحصول على ما حلمت به وتمنت، وهو التنعم بالعيش داخل ثروة النعماني وجلب حفيدا ترث به وتضمن به بقائها على ذمة ذلك العنيد
- -.

داخل المشفي
قص يزن على مسامع أمل ما أقره جده بشأن عدم موافقته على تطليقه ل ليلي وطلب منها الموافقة على الزواج منه على هذا الوضع وبأنه بدأ بتشييد منزلا خاص به بجانب منزل عمه زيدان، وءلك كي يحميها من غدر ليلي وفايقة
أجابتة بقوة ردا على حديثه: إنت عارف رأيي كويس بخصوص الموضوع ده يا يزن، أنا لا يمكن أكون زوجة تانية تحت أي ظرف أو أي مسمي،
واسترسلت بنبرة قاطعة: ده مبدأي ولا يمكن هغيرة.

إنصدم من ردة فعلها الحادة وسألها مستفسرا: أفهم من إكدة إنك معيزانيش؟
أجابته بثقة وهدوء: بالعكس يا يزن، أنا عوزاك ومحتاجة لك في حياتي أكتر ما أنت محتاجني بكتير
سألها بإستغراب حاد: فزورة دي إياك، كيف عوزاني ومجدراش على بعدي، وفي نفس الوجت بتستغني عني وترفضي چوازنا؟

تنهدت بأسي وأردفت شارحة له وجهة نظرها: بس أنا مرفضتش عرض جوازنا يا يزن، أنا فعلا عوزاك ومتمسكة جدا بيك، وحقيقي وصلت معاك لدرجة إني مش هقدر أستغني عن وجودك في حياتي
مفهمكيش أني يا بت الناس، وضحي حديتك لجل ما أفهمك زين، جملة نطق بها يزن بتشتت واضح
زفرت بضيق وأجابتة بصرامة: طلقها يا يزن، لو فعلا بتحبني طلقها
أجابها بنبرة حادة: معينفعش يا أمل، چدي مراضيش.

نظرت له بضيق وتحدثت بنبرة قوية: بس أنا هتجوزك إنت يا باشمهندس مش هتجوز جدك.
أردف قائلا بنبرة مترجية وعيناي متوسلتان: خلينا نتچوز ونطفي لهي. ب جلوبنا اللي عم تتحرج في بعادنا وبعدها يحلها الحلال
تحدثت بإهانة بالغة: للأسف يا باشمهندس، إنت ضعيف قدام تحكمات جدك، وأنا أسفة، مش أنا اللي أتجوز راجل ضعيف.

إشت. عل داخلة ورمقها بنظرة غاضبة بعد أن أهانت رجولتة وتفوهت بما لا يقبلة رجل صعيدي على كرامته وتفوه بنبرة حادة: لحد إكده وتلزمي حدك يا دكتورة،
وأكمل شارح لها: أني لا ضعيف ولا جليل، أني راچل إبن عيلة ومتربي على الأصول والتجاليد صح، والأصول بتجول إن العيلة ليها كبير ولازمن يتسمع كلامة، ده غير إن مفيش في عيلتنا حاچة إسميها طلاج.

تنفست عاليا وتحدثت: دي مشكلتك مش مشكلتي، وأنا ولا يفرق معايا كل تقاليدكم وعادتكم دي، أنا قولت لك شرطي للموافقة ولسه مصممة عليه
صاح بنبرة حادة غاضبة: ملعون أبوة شرطك على أبو جلبي اللي عشج واحدة جلبها كيف الحچر زيك، مش أني الراچل اللي على أخر الزمن حرمة عتتشرط عليه وتمشيه على كيفها
وأكمل بقوة: أنا ماشي، بس جبل ما أمشي أحب اعرفك إني سحبت طلبي الملعون، ومن إنهاردة يا بت الناس أني في طريج وإنت في طريج.

قال كلماتة وتحرك مسرع إلى الخارج، وتركها بقلب يرتجف ويش. تعل حزن على ما أوصت له ذلك البرئ، لكنها مازالت مصممه على رأيها وعدم تغيير مبدأها حتى ولو كان لأجل قلبها، فليست هي من تقبل بلقب الزوجة الثانية مهما كان الثمن.

قبل يوم واحد من إنتهاء مرور المهلة التي أعطاها قدري إلى ماجدة
كانت السرايا تإج بالزائرين من جميع المحافظة للإحتفال الضخم الذي أعد له عثمان للإحتفال بفوز زيدان في الإنتخابات البرلمانية وحصوله على مقعد البرلمان بإكتساح، حيث أقام إحتفالا ضخم وقام بذبح الذبائح ومد الولائم الفاخرة أمام الحضور لأجل غاليه زيدان.

كان قدري يقف جانب بهيأة متوترة ويتحدث بالهاتف ويبدوا عليه الإضطراب، ذهب إليه فارس وتسائل مستفسرا: مالك يا أبوي، فيه حاچة جلجاك إياك؟
أجاب ولده بنبرة زائفة: مفيش يا ولدي، ده أني كت بتصل على أخوك أطمن وأشوفه وصل لفين.

بعد قليل أتي قاسم إلى الإحتفال حيث كان أول حضور له منذ تلك المواجهه الحادة، دلف بسيارته عصرا ودلف لإحتفال الرجال داخل الحديقة تحت إحتفاء بحضوره من جميع العائلة، وذلك بعد المجهود الذي بذله لإنجاح عملية وتنظيم الإنتخابات،.

أما تلك التي أصحبت حزينة جراء إنقطاع حبيبها عن النجع فكانت داخل سرايا النعماني، حيث إحتفال النساء الذي لا يقل إهتمام عن إحتفال الرجال، حيث تقديم الاطعمة الشهية والحلوي والمشروبات بكل أنواعها
إقترب من جلسة جده ومال بجذعه وقام بتقبيل كف يده وتحدث بإحترام: كيفك يا چدي وكيف صحتك
ربت الجد على ظهر حفيده بحنان وتحدث بتفاخر وسعادة: أني بخير طول ما أنت وباجي رچالتي بخير يا سبعي.

أومأ له قاسم وتحرك إلى أبيه الذي إحتضنه بشدة وربت على ظهرة بحنان مرورا بعمه منتصر حتى وقف أمام عمه زيدان ونظر له بهدوء وتحدث بإحترام: ألف مبروك يا حضرة النايب، وعجبال ما تاخد الدورة الجاية بإكتساح بردك إن شاء الله
وقف زيدان وتحدث بإحترام وتقدير لدور قاسم قائلا: الفضل لله ثم ليك يا قاسم.

وأكمل بإمتنان وأستحسان: لولا الرچالة اللي بعتهم لي من مصر لجل ما يساعدوني وينظموا لي التحركات والدعاية الكبيرة اللي عملوها لي في المحافظة كلياتها، ما كنتش عاخد الكرسي بالعدد الكبير جوي دي
إبتسم بخفوت لعمه وتحدث بنبرة جادة: دخولك البرلمان شرف للعيلة وللنچع كلاته يا عمي، وحجيجي تستحجها، ألف مبروك.

تركه وذهب لشقيقه الذي إحتضنه بحفاوة، أما يزن الذي تحرك إليه ووقف يقابله ثم نظر إليه وتحدث بنبرة مترقبة: حمدالله على السلامه يا قاسم
أجابه قاسم بصمود: الله يسلمك يا يزن
شعر بخجله وتردده في إظهار مشاعر الاخوة والاشتياق، فبادر قاسم بجذبه إلى داخل أحض. انه وربت على ظهرة بحماية وأخوة وتحدث بنبرة أخوية حنون: إتوحشتك يا أخوي.

إنتفض ص. در يزن وشعر بحزن عميق تملك من قلبه، ولام حاله على تلك السنوات التي أضاعاها أبناء العم في عداوة واهية
تحدث يزن الذي مازال قابض من إحتضانه إلى قاسم: وأني كمان إتوحشتك جوي يا قاسم، حجك عليا يا أخوي
أخرجه قاسم من داخل احضانه ونظر له وتحدث وهو يربت على كتفه: حجك إنت علي يا يزن.

كاد فارس أن يبكي جراء تأثره بتلك المصالحة التي تأخرت كثيرا، لكنها بالنهاية أتت، فأن تأتي متأخرا، خيرا من أن لا تأتي من الأساس
جلس شباب العائلة يتسامرون لحين إنتهاء الإحتفال
ودلف الرجال لداخل السرايا، كانت لاتزال بالداخل تجلس بجانب جدتها لحتي تري أسر عيناها الذي إبتعد وكأنه يريد إرسال رسالة إليها ويخبرها أنه ما عاد يهتم لرضاها أو الإبتعاد.

دلف للداخل وألقي السلام على الجميع، أسرعت فايقة إليه وقامت بإحتضان صغيرها التي إشتاقته حقا، بادلها حضنها برعاية وأهتمام
ثم أقترب من جلسة جدته ومال بجذعه على مقدمة رأسها وقبلها ثم أمسك كف يدها بإحترام ووضع به قبلة إحترام وتقدير.

كانت تجلس بجانب جدتها بإلتص. اق، تسللت إلى أنفها رائحة عطره الممزوجة برائحة ج. سده التي تعشقها، وذلك لقربه المهلك لقلبها العاشق حتى النخاع فجعلتها ترتجف بجلستها، دق قلبها بوتيرة عالية تطالبها بالكف عما تفعله والرجوع والتنازل عن عنادها المميت، ولولا كبريائها وكرامتها لانتفضت واقفة لتلقي بحالها داخل أحضانه الحانية التي إشتاقتها حد الجنون.

نظر على ورد التي تجاور رسمية الجلوس بالجهه الأخري، ثم. ألقي عليها السلام بإحترام وقام بتهنأتها بحفاوة تحت إشت. عال ص. در فايقة وغيرتها من أن غريمتها أصبحت زوجة النائب وهذا ما سيعزز من مكانتها أمام المركز بأكملة.

ثم حول بصره إليها ينظر عليها بجمود، وجدها تجلس كشمس صيف ساطعة فرضت أشعتها على كل ما حولها فانارتة وجملتة وأعطت له رونق خاص، طالبه قلبه بالتنازل عن كبريائه وأن يقوم بسحبها لداخل أحض. انه كي يشبع روحه وروحها ويرحمهما من لوعة الإشتياق
نظر لها بجمود وتحدث بنبرة حادة عكس ما يدور بداخله: ألف مبروك لسيادة النايب يا دكتورة.

أما هي، فقد دق قلبها بوتيرة عالية حين رأته يقف أمامها بوسامته الطاغية وطوله الفارع، فبرغم كل ما حدث منه وما فعلة بها وأشعرها كم هي عديمة الفائدة ولا تعني له بشئ، إلا أن ذلك الملعون المسمي بقلبها مازال نابض بعشقة، بل متيم بغرامة المشؤوم
وكعادتها إستعادت توازنها على الفور وتحدثت بنبرة قوية وهي تنظر له بجمود مماثل: الله يبارك فيك يا متر.

تحدث إلى الجميع وهو يتحرك بلامبالاة نحو الدرج للصعود إلى الأعلي: تصبحوا على خير
هتفت الجدة كي تستقطبه ليجلس بجانب صفا لعل يحدث في الأمر شئ ويلينا قلبيهما وتصعد معه: لسه بدري يا ولدي، تعال إجعد وياي شوي واتعشي معاي
أجابها وهو يصعد للأعلي: إتعشيت برة يا چدة، عطلع أخد حمام وأعمل كام تلفون للشغل.

شعرت بن. ارا ش. اعلة داخل قلبها من إهانته لها وعدم تقديره الواضح وضوح الشمس إلى الجميع، إنتفضت بجلستها وتحدثت وهي تتحرك إلى الخارج: أني ماشية، تصبحوا على خير
وقبل خروجها من باب السرايا قابلتها تلك الحقود التي وشت لها وهمست بكلمات كالس. هام القات. لة قائلة كي تجعل الشك يتسلل داخل ص. درها: فكرك قاسم طالع لجل ما يعمل مكالمات شغل بچد.

وأطلقت ضحكة شريرة وتحدثت: تلاجية إتوحش مرت. ه المصراوية اللي راح رمي حاله چوات أحض. انها اليومين اللي فاتوا، وتلاجية كمان عايز يرچع أمجاده وياها ومكالماته كيف زمان
نظرت لها بص. در يعلو ويهبط من شدة إش. تعاله بفضل ن. ار الغيرة التي أصابتها جراء حديثها المسموم، سرعان ما تمالكت من حالها ونظرت لها بقوة وهتفت بعدما إنتوت بقلب الأدوار: تجصدي كيف يزن مع الدكتورة أمل إكده؟

جحظت عيناها ونظرت لها بعدم إستيعاب
فأكملت صفا بقوة وعينان سعيدتان وهي تري إحت. راق روح ليلي: معرفاش إياك!
وأكملت شارحه بتشفي: مش يزن طلب يد الدكتورة أمل وهي وافجت، بس شرطها الوحيد إنه يطلجك ويرميك برة حياته لجل ما ينضف ويليج بيها
وأكملت ضاغطة على كرامة تلك الليلي: وهو وافج على شرطها لجل ما ينول رضاها عليه ويتنعم چوة حض. نها بالحلال، وطلب من چدك إكده.

وأكملت بنبرة حزينة مصطنعة: بس يا خسارة، چدك مرضاش، مش علشان خاطرك، لا،
واسترسلت بمكايدة: چدك مرضاش لجل ما يجطع عليا طريج إن أني كمان أتشجع وأطلب الطلاج من أخوك، يعني چدك موافجش لچل خاطري أني وقاسم.

نظرت لها بإش. تعال وتحدثت: كدابة.
أجابتها بقوة وثبات: يزن عندك، وأبوك وأخواتك اللي چدك بلغهم بالامر، روحي إسأليهم، حتى أمك فايقة، تلاجيها عارفة ومستغفلاكي
قالت كلماتها وتحركت إلى الخارج تحت إشت. عال قلبها وقلب ليلي أيضا
بعد مرور حوالي ساعة، كانت تقف بشرفتها تراقب شرفته وتنتظر خروجه كي تري ماذا يفعل بعدما إش. تعل ص. درها ب. نار الغيرة من حديث تلك الحقودة.

خرج إلى الشرفة ممسك بيده قدح من القهوة التي صنعها لحاله مع إحاطة الذكريات التي لم تتركه وهو يتذكرها عندما كانت تصنعها له بحب.

نظر أمامه وجدها تتطلع عليه بغي. رة ون. ار ش. اعله، لم يعر لوجودها إهتمام، وبات ينظر للأعلي إلى السماء بترقب واستنشاق الهواء مع إحتساء قهوته بلامبالاة، كانت تنظر عليه والغل ينهش ص. درها منه، كان يشعر بها ومستمتع بحالتها تلك إلى أن قطع حبل تفكيرهما دخول سيارة الشرطة إلى الحديقة وأزعجهما صوت سرينتها العالي مما جعل قاسم ينتفض ويتحرك سريع إلى الأسفل.

وصل إلى الحديقة وجد جميع العائلة بدأت بالخروج لمعرفة ما يجري، فتحرك هو إلى ضابط الشرطة وسأله بإستفهام: خير يا أفندم
أجابه ضابط الشرطة قائلا بقوة: معايا أمر بالقبض على السيد قدري عثمان بتهمة قتله لزوجتة، السيدة ماجدة سمير عبداللطيف
جحظت أعين فايقة ونظرت إلى قدري الذي تفوه بنبرة مرتعبه: ماچدة إتجتلت.
تحدث ضابط الشرطة قائلا بقوة: معايا أمر بالقبض على السيد قدري عثمان بتهمة قتل. ه لزوجتة، السيدة ماجدة سمير عبداللطيف
جحظت أعين فايقة ونظرت إلى قدري الذي تفوه بنبرة مرتعبه: ماچدة إتجتلت، يا ليلة مش فايتة
هتفت فايقة متسائلة بنبرة مشتتة غير مستوعبة لما يجري من حولها وكأنها داخل إحدي كوابيسها: عيجول إيه الظابط دي يا قدري، وماچدة مين اللي عيتحدت عنيها دي؟

أغمض عثمان عيناه بتألم وعدم قدرة، في حين إهتز داخل قاسم لعلمه بزواج والده بإم. رأة أخري، وتحدث إلى والدته بنبرة صامدة: أدخلي چوة يا أم قاسم وخدي ليلي وياك
رفضت التحرك وإلتزمت مكانها كي تستوعب ما يجري وتطلع على ما سيقال
ثم وجه قاسم سؤالا إلى الضابط قائلا بنبرة جادة: ممكن يا أفندم أشوف أمر الضبط لو سمحت.

أخرج الضابط أمر الضبط وأعطاه إلى قاسم الذي ألقي بصره عليه وتنهد بأسي، أومأ بيأس ثم نظر إلى الضابط وتحدث برجاء: إدينا ربع ساعة بالظبط يا أفندم، هنبدل هدومنا أنا و والدي وهنيجي معاك حالا
إرتعب قدري ونظر إلى قاسم وتحدث بإرتياب ورعب ظهر داخل عيناه: عروح وياهم ليه يا قاسم، أني مجتلتهاش يا ولدي، الله الوكيل ما جتلتها.

إتسعت عيناى فايقة بذهول وامسكته من ذراعة وأجبرته على الإلتفات إليها وتحدثت وهي تهزه بنبرة حادة وجنون: هي مين دي اللي مجتلتهاش يا قدري، إنت صح متچوز علي!
كان يتهرب من النظر إلى وجهها مبتعدا بمقلتاه عن مرمي عيناها، فتحدث قاسم وهو يمسك قبضتاها ويحاول تخليص أبيه منها: مش وجت الحديد دي يا أم قاسم، أدخلي چوة وأني لما أرچع أني وأبوي نبجا نتكلموا.

لطمت خديها عندما إستشفت من حديث قاسم معرفته بالأمر وتأكدت حينها أن أمر زواج قدري عليها بأخري بات واقع، فتحدثت قائلة: يعني أبوك طلع متچوز علي بچد وإنت خابر وساكت يا قاسم؟
تحدث زيدان إلى قاسم متسائلا بتيهه: هي إيه اللحكاية بالظبط يا قاسم
صمت قاسم ونظر إلى جده الذي شلت الصدمة حواسه وعقدت لسانه، تحدث الضابط بنبرة جادة: ياريت تتفضل معايا على البوكس وما تضيعش وقتنا.

تحدث قاسم بثبات إنفعالي: بلاش البوكس من فضلك يا حضرة الظابط، أبويا متهم لم تثبت إدانته بعد، مش مجرم علشان حضرتك تاخده في البوكس
وأكمل بثقة: أنا هجيب والدي وأمشي ورا حضرتك بعربيتي، وتقدر تخلي عسكري من عندك يرك. ب معانا
هز الضابط رأسه رافض بإصرار: مش هينفع يا أستاذ، دي إجراءات ولازم تتم، أنا بنفذ الأوامر والقانون هنا لازم يتنفذ على الجميع سواسية.

تحرك زيدان إلى ضابط الشرطة وتحدث بنبرة جادة معرف عن حاله: أني زيدان النعماني عضو مجلس الشعب عن الدايرة، وقدري النعماني يبجا أخوي
نظر له الضابط بإحترام وتحدث بنبرة وقورة: غني عن التعريف يا أفندم، حضرتك كنت مشرفنا في مركز الشرطة إمبارح وقت فرز الأصوات، وألف مبروك على الفوز الس. احق.

أومأ له بهدوء ثم تحدث بإحترام: الله يبارك في حضرتك يا باشا، أني بس بطلب منيك توافج على اللي جاله الأستاذ قاسم المحامي، وأني يا سيدي اللي عسوج العربية لجل ما جلبك يتطمن
أومأ الضابط بموافقة وتحرك جميع الرجال يبدلون ثيابهم بأخري.

هرولت فايقة خلف قدري الذي صعد الدرج حتى دلف إلى حجرة نوم. ه وأمسك بجلبابه ليرت. ديه، جذبته منه بح. ده ونظرت داخل عيناه وهتفت بجنون وعدم تصديق: إتچوزت علي صح يا واكل ناسك، تتچوز على فايقة ست الستات ليه يا حزين! جصرت وياك في إيه؟
و لكزته بكتفه وهتفت: أنطج.

تهرب من عيناها وجذب جلبابه من بين يديها وأدار جس. ده ليعطيها ظه. ره وشرع بإرتدائه، فتحركت لتقابل وقوفه وصاحت عاليا بنبرة حقود: حط عينك في عيني كيف الرچ. الة ورد علي، تطلع مين المحروجة ماچدة دي اللي إتچوزتها على فايقة
دلف قاسم على عجالة وتحدث إلى والده بنبرة حزينة: يلا بينا يا أبوي.

كاد أن يتحرك لكن يد فايقة كبلته وجذبته قائلة بصياح عالي: يلا على فين، معيخرجش من إهني إلا لما يجولي إتچوزها ميتا وفين، وسألته: بجالك كد إيه مستغفلني يا قدري، شهر؟ شهرين ولا تلاتة، إنطج يا بايع ناسك
صاح بها قاسم وتحدث غاض. ب بنبرة ح. ادة: إنت مواعياش للمصيبة اللي وجعت فوج راسنا إياك!
أبوي متهمينه في جريم. ة جتل وإنت عتفكري في شغل الح. ريم الفاضي دي؟

وأكمل وهو يتحرك ساحب أبيه بيده: يلا يا أبوي الله يرضي عنيك
تحرك كلاهما تحت ذهول تلك التي تتلفت حولها كالمجذوبة وكأنها داخل كابوس
نزل الدرج فتحدثت رسمية وهي تهرول إلى ولدها بقلب مرتجف: عملت إيه في حالك يا قدري، ضيعت نفسك يا حزين
نظر لها وتحدث بإرتعاب: مجتلتهاش يا أما، مجتلتهاش.

ثم نظر إلى عثمان الذي يستند على عصاه وينظر أرض بإنكسار واستسلام وتحدث بنبرة مستعطفة: اني برئ يا أبوي، الله الوكيل ما جتلتها، وحياة عيالي مجتلتها
تنهد عثمان وهز رأسه بيأس فهرولت رسمية إليه وتحدثت لتحسه على التحرك السريع: إنت عتفوتهم ياخدوا ولدي على الجسم كيف الحرام. ية وجتالين الجتلة وتجعد تتفرچ يا حاچ؟
وأكملت بصياح عالي: كلم المأمور ولا أي حد من معارفك الكتير، إتصرف يا عثمان.

ضل صامت ينظر في نقطة اللاشئ بشرود، لائم حاله على تخاذله بأمر زواج نجله برغم معرفته، لا يدري لما صمت على تلك الزيجة لكنه بالتأكيد كان صمت مخزي و أدي إلى نتيجة كارث. ية بمعني الكلمة
في حين تحرك بصحبة قدري، قاسم، زيدان، منتصر، فارس ويزن وحسن
تحرك زيدان وقاد سيارته مصطحب معه قدري ومنتصر.

أما قاسم ف أستقل سيارته تحت عيناي تلك الحزينة التي تقف في الفيراندا الخاصة بوالدها بجس. د مرتجف رعب من ما يجري، نظرت على ملامح وجهه الكاتمة وتأل. م داخلها عليه، ليت بإستطاعتها أن تهرول إليه وتحت. ضنه كي تطمئن روحه الهلعة، ليت بإستطاعتها سحب ما بداخله من أحزان وتبديلها إلى سعادة.

أما هو فما كان يشعر بها أو بأي كان، كل تفكيره الان كيف سيقوم بتخليص والده من تلك الكارث. ة التي ستطال العائلة جميعا وتلوث ثوبها ناصع البياض، تحرك بسيارته خلف عمه زيدان وسيارة الشرطة التي سبقتهم تحت تجمع الأهالي والعائلة خارج بوابة السرايا، حقا يا لها من طامة كبري ستطال الجميع.

بعد مرور حوالي النصف ساعة، وصل الجميع إلى قسم الشرطة التابع إليه نجع النعماني، دلف قدري وقاسم وزيدان إلى غرفة التحقيق، وقف قدري كأي متهم في قضية، وأفصح زيدان وقاسم عن شخصيتهما إلى الضابط، كنائب للبرلمان والأخر كمحامي مدافع عن المتهم
أشار لهما الضابط المسؤول عن التحقيق بقضية قت. ل ماجدة بالجلوس وتحدث إلى كلاهما: إتفضلوا إرتاحوا.

نظر قاسم على والده، وغصة مؤل. مة إقتحمت ص. دره فجعلته يشعر بالوج. ع، لأول مرة منذ نشأته يشعر بضعف والده ويراه على هذه الحالة الضعيفة، كيف له الجلوس و والده واقف كمذنب
نظر إلى الضابط وتحدث بنبرة جادة رافض الجلوس: إتفضل حضرتك إفتح التحقيق.

أما زيدان الذي شعر بأل. م تملك من داخل روحه حين رأي نظرات قاسم المتألم. ة لأجل والده، فوجه نظره إلى الضابط وطالبه قائلا برجاء خاص: لو سمحت يا حضرة الظابط، أني ليا عنديك رچاء خاص، ياريت تسمح لقدري بيه يجعد لجل ما نجعد إحنا كمان
تبادل الضابط النظر بين ثلاثتهم فلاحظ نظرات الحزن مشتركة بينهم، فتحدث قائلا بنبرة أدمية: مع إنه ممنوع قانونا، بس هنمشيها علشان خاطرك يا حضرة النائب.

وأشار إلى قدري ليجلس، فجلس وتلاه زيدان ثم قاسم الذي تحدث إلى الضابط قائلا بتساؤل مهني: ممكن أعرف إيه هي الأدلة اللي خلت حضرتك تأمر بضبط وإحضار موكلي السيد قدري النعماني؟

تحدث الضابط بنبرة عملية قائلا: جالنا بلاغ إنهاردة الساعة سابعة بعد المغرب، بيقول إن فية جريم. ة قت. ل تمت في شقة 9 عمارة 18 في شارع الجسر، ولما توجهنا لمكان الج. ريمة، إكتشفنا إن القتي. لة عمرها حوالي 3 سنه، إسمها ماجدة سمير عبداللطيف، وتم ق. تلها ب بذب. ح ح. اد في رق. بتها وعدة طع. نات في الكلي، وتقريبا ده اللي تسبب لها في نزيف حاد أدي إلى الوفاة الفورية، ودي طبعا كلها تكهنات وإجتهاد مننا، لأن تقرير الطب الشرعي لسه هيظهر بعد يومين، ومن شكل الجثة اللي شفناها نقدر نقول إن الجريمة تقريبا كده تمت إمبارح.

تنفس بعمق ثم أكمل مفسرا: و لما روحنا نعاين المكان، لقينا الباب سليم والشقة مفيهاش اي حاجة تدل على إنها سرقة أو إن حد غريب هو اللي دخل وقت. لها
وأكمل وهو ينظر إلى قدري: ولقينا صاحبة القتي. لة موجودة جنبها ومنهارة من العياط، وأول كلمة قالتها لما شافتنا إن جوز ماجدة هو اللي ق. تلها، وإنها عاوزة تقدم فيه بلاغ لأنه هدد ماجدة بالق. تل لو ما أتخلصتش من العيل اللي في بطنها منه خلال إسبوع.

إتسعت أعين قاسم وزيدان ونظرا إلى قدري الذي سحب مقلتيه بعيدا عن بصريهما
فأكمل الضابط قائلا بإستفاضة: وكمان البواب شهد وقال إنه سمع خناقة وصوت عالي بين القت. يلة وجوزها اللي هو السيد قدري قبل الج. ريمة بحوالي إسبوع، يعني كلامه تطابق مع كلام صاحبتها، وبناء على كلامهم إستخرجنا من النيابة أمر الضبظ
سأله قاسم بحسه القانوني: ممكن أعرف الجريم. ة أكتشفت إزاي؟

أجابه الضابظ شارح بإستفاضة: إحنا جالنا بلاغ بالتليفون من واحد من سكان العمارة، ولما وصلنا للمكان لقينا زي ما قلت لكم، صديقة القت. يلة وإسمها أحلام عبدالله، كانت قاعدة جنبها ومنهارة من العياط، ولما سألنا البواب إزاي تم إكتشاف الجريم. ة، قال إن صاحبتها جت له بعد المغرب وقالت له إنها بترن على ماجدة من إمبارح وهي ما بتردش عليها في التليفون، البواب هو كمان قلق من كلامها لأنها ماظهرتش ولا طلبت منه يشتري لها حاجة زي عادتها، صاحبتها طلبت من البواب يكسر الباب عليها لأنها خايفة تكون مغمي عليها من أثر الحمل، كسروا الباب ولما دخلوا لقيوها مقت. ولة وغرقانة في دم. ها في المطبخ.

صاح قدري بنبرة معترضة ومرتعبة: الله الوكيل ما جتلتها يا بيه، أني صح هددتها معنكرش، لكن مجتلتهاش
ثم نظر إلى زيدان وتحدث مستعطف: والله ما جتلتها يا زيدان
تنهد زيدان بأسي وتحدث الضابط: على العموم إحنا هنبدأ التحقيق الساعة تسعة الصبح، وهناخد أقوالك بالكامل
ثم نظر إلى قاسم وأكمل: وإنت بصفتك محامي المتهم هتحضر التحقيق وأبقا إستفسر براحتك وأسأل الشهود في اللي إنت حابب تعرفه.

وأكمل وهو ينهض من فوق مقعده: إتفضلوا حضراتكم لأن الوقت إتأخر وأنا لازم أطلع الإستراحة بتاعتي علشان أنام لأني هصحي بكرة بدري للتحقيق، والمفرض إن إنتم كمان تروحوا وتناموا علشان تكونوا جاهزين لبكرة، اليوم هيكون صعب على الجميع ومحتاج التركيز من الكل
وقف الجميع وتحدث زيدان وهو ينظر إلى أخية بقلب ن. ازف: وقدري بيه، عينام فين يا باشا؟

تنهد الضابط وتحدث: هو المفروض يبات في الحجز بصفته متهم، لكن أنا هخليه ينام هنا في المكتب لحد الصبح
وأكمل مسترسلا: وده بس علشان خاطرك يا سيادة النائب
أردف زيدان قائلا بنبرة شاكرة: كتر خيرك يا باشا، وأسمح لي أنا عشيع له شوية حاچات من البيت وعشيع كمان وكل للعساكر اللي إهني، حضرتك خابر إن إنهاردة كنا عاملين ليلة كبيرة فرحة الإنتخابات والوكل كتير والحمدلله.

أومأ له الضابط بتفهم فتحدث قاسم بقلب ي. تمزق حزن وهو ينظر إلى والده ويت. ألم لنظرة الإنك. سار التي سكنت عيناه: بعد إذن حضرتك، أنا عاوز أفضل مع أبويا هنا في المكتب
نظر له الضابط وأردف قائلا برفض قاطع: مينفعش يا أستاذ، حضرتك رجل قانون وفاهم
إقترب زيدان من وقفة قاسم وربت على كتفه وتحدث: لازمن تروح وتنام يا قاسم لجل ما تبجا فايج بكرة للتحجيج.

نظر قدري إلى ولده بثبات مصطنع محاولا تقويته وطمأنة قلبه عليه: روح مع عمك يا ولدي ومتعتلش همي، أني هبجا تمام، واكمل برجاء وتمني أدم. ي قلب قاسم: روح لجل ما تريح عجلك وچس. دك وتاچي لي بكرة فايج وتطلعني من إهنيه، معايزش أجعد إهني كتير يا قاسم.

بصعوبة بالغة تحرك قاسم مع عمه تارك والده، إستقل قاسم سيارته وجاوره زيدان بعدما ترك سيارته الخاصة لشباب العائلة الذين رفضوا مغادرة القسم، وجلسوا داخل سيارتهم في الخارج ليكونوا بالجوار من عمهم منتظرين إرسال الخفير الذي سيأتي بالطعام والثياب إلى قدري وباقي أفراد الشرطة.

كان يقود سيارته بصمت تام، شعور مميت إجتاح روحه حينما ترك والده ورحل، كل ما يجول بخاطرة الان هو كيف سيقضي والده ليلته السيئة على ذلك المقعد وحيدا
فاق من شروده على صوت عمه الذي سأله مسفسرا: من ميتا وإنت عارف إن أبوك متچوز على أمك؟
زفر بضيق وتحدث مهموم: چدي جال لي يوم ما صفا عرفت بچوازي عليها
جحظت عيناي زيدان وهتف بذهول: أبوي هو كمان كان عارف!

صمت قاسم وأحترم زيدان أل. م قلب قاسم وحزنه لأجل والده، ففضل الصمت إحترام لحالته
- -
تدلت من فوق الدرج وجدت جميع النساء جالسات حتى عليه وصباح اللتان أتيا مهرولتان عندما أشيع الخبر بالنجع وأنتشر بلحظات كإنتشار النار في الهشيم،
أما عثمان الذي دلف إلى حجرته وأوصد بابها ليضل حبيسها كعادة حزنه مؤخرا.

كانت صفا وعمتها علية تجاورتان رسمية التي تنتحب وهي تخبط فخدي. ها بكفاي يداها قائلة: يا حرجة جلبي عليك وعلى اللي نابك يا قدري
تحركت إلى عمتها و وقفت قبالتها ومالت بوجهها لتتطلع عليها ثم صاحت بنبرة غاضبة معترضة: بدل متندبي على ولدك البياع، إندبي على بت أخوك اللي وصاك عليها جبل ما يموت وإبنك باع وأشتري فيها على اخر الزمن.

وصاحت متسائلة بنبرة حادة وعيون مشت. علة: يتچوز على فايقة ليه، جصرت معاه أني في إيه؟
ونظرت بحقد على ورد الجالسة بمقعدا تنظر أرض بملامح وجه حزينة لما حدث لشقيق زوجها وعم إبنتها، وهتفت بنبرة تقطر حق. دا وغ. ل: ده غيره مرضاش يتچوز على الأرض البور اللي مچابتلوش غير حتة بت.

رفعت صفا وجهها لتنظر عليها بتعجب لأمر تلك الح. قود، واستشاط داخلها وكادت أن ترد عليها بإعتراض، فتطلعت ورد إليها وحركت أهدابها بهدوء لتحث إبنتها على إلتزام الصمت وعدم الرد على تلك غريبة الأطوار
حين أكملت تلك الشمطاء بصياح عال موجهه حديثها إلى رسمية: يجوم ولدك يتچوز على أم الرچاله، ده أني چايبة له بدل الراچل تنيين يسدوا عين الشمش.

ومن جديد حولت بصرها ونظرت إلى ورد وصاحت: وأخرتها يكسرني جدام اللي يسوي واللي ميسواش ويشمت فيا العدو؟
نظرت لها ورد وهزت رأسها بإستسلام لكنها فضلت الصمت عن الرد على تلك الحقودة التي وبرغم مصائبها إلا انها لا تكف عن أذية الغير بكلماتها المسمومة
حين هتفت علية الجالسة بجانب والدتها تهدئ من روعها قاصدة بحديثها فايقة: إجفلي خاشمك يا م. رة يا سو،.

وأكملت بنبرة حادة: ده بدل ما تداري وتخجلي منينا واجفة بعين جوية تعايري ست الستات
وأكملت صباح التي تحمل داخل قلبها الكثير من الغض. ب بإتجاة تلك الفايقة وهتفت بنبرة حادة: لساتك عتعايري ورد بخلفة البت حتى بعد اللي نابك يا حزينة؟
بدل ما تطعظي من اللي حصل لك!، على الأجل ورد صانت چوزها وكفته وملت عينه، الدور والباجي على اللي جضت عمرها كلياته وهي راشجة عينها في حال كل اللي حواليها، إلا حالها.

وأكملت بنبرة صريحة: سبحان الذي يمهل ولا يهمل،
واسترسلت بتذكير: زمان حرضتي أمي على زيدان لجل ما تخلية يتچوز على مرته، وفضلتي تزني على دماغها لحد ما خلت أبوي خرچ زيدان ومرته وطردهم برات الدار وهي بتهم لساتها حتة لحمة حمرا شايلينها على إديهم
جحظت عيناها بلونهما شديد الحمار وذلك جراء إشت. عال روحها وغض. بها وهتفت بنبرة حادة: إنت شمتانة فيا يا صباح؟

ردت صباح بنبرة صارمة: أني مشمتناش يا بت خالي، أني بس عفكرك بإن اللي عيتمني حاچة عفشة للناس، ربنا بيبتليه هو بيها
صرخت رسمية بنبرة حادة قاصدة بحديثها الجميع: إجفلي خاشمك يا م. رة منك ليها، معيزاش أسمع حس واحدة فيكم وإلا وكتاب الله أجوم أچيب البندجة وأطخها بيدي.

ثم نظرت إلى فايقة وصاحت بنبرة غاضبة: وإنت يا ح. رمة، بدل ما أنت واجفة تندبي على دماغنا كيف غراب الشوم إكده، إجعدي وأدعي لچوزك ربنا ينجيه من المصيبة اللي حطت فوج دماغه ودماغنا
وأكملت وهي تشيح بيدها إلى أعلي الدرچ: ولو مجدراش تمسكي حالك وإنت جاعدة ويانا، يبجا تغوري على مطرحك فوج وإندبي إهناك على عمرك براحتك
جلست فايقة وكظمت غي. ظها بداخلها.

بعد قليل دلف قاسم يجاوره زيدان الذي طلب من عمال المنزل بأن يعدوا الطعام ويقوموا بإخراجه للخفير، وطلب قاسم من ليلي بأن تصعد للأعلي وتضع ثياب وكل ما يلزم والدها داخل حقيبة صغيرة
تحدثت رسمية إلى قاسم بصياح م. ؤلم لقلب أم يتق. طع حزن على ولدها: فوت أبوك لحاله وچيت من غيره ليه يا قاسم؟
أجابها زيدان الذي تحرك وجلس بجوارها وقب. ل مقدمة رأسها مهدئ إياها: عيخرچ يا أما، بس إنت هدي لي حالك.

هتفت فايقة بتساؤل إلى قاسم بنبرة عالية: أبوك طلع متچوز علي صح يا قاسم! متچوز على أم الرچاله يا واد!
تنهد قاسم وتحدث بهدوء: إطلعي على شجتك وحاولي تنعسي لك شوي يا أما
صاحت غاضبة بنبرة عالية: أنعس كيف يا راچلي وأبوك غدر بي وإنت عارف وساكت
واسترسلت بنبرة لائمة: رضيتها على أمك كيف يا واد الكس. رة دي!

لم يعد بقدرته التحمل بعد، فقد فاض به الكيل وطفح، نظر لها متعجب وتحدث متهكم ليذكرها بحديثها التي قالته من ذي قبل: عتكبري اللحكاية ليه يا أم قاسم، لا أنت أول ولا اخر واحدة چوزها يتچوز عليها
وأكمل بنبرة لائمة مذكرا إياها: مش دي حديتك بردك يا أم قاسم، ولا أتغير الحديت وبجا ملوش عازه لما چيه لحد عنديك!

نظرت إليه صفا بتأل. م بعدما فهمت مغزي حديثه، شعور مرير إجتاح مشاعرها التي أصيبت بإضطراب تجاهه، جزء منها وهو الضمير وقلبها يحدثاها بل ويطالباها بالتحرك إليه وأخذه لداخل أحض. انها لتحتويه وتسحب عنه حزنه وقهر الرجال الذي يشعر به، جراء شعورة بالعجز الذي أصابه عندما ترك والده وعاد بدونه.

والجزء الاخر وهو العقل وكرامة الانثي بداخلها، واللذان يطالباها بالمكوث والثبات بمكانها وليذهب الجميع إلى الجحيم وليتحمل كل نتيجة أفعاله
هتفت فايقة قائلة بإستغراب حال نجلها: حتى إنت كمان لما شمتان في أمك يا قاسم؟
خليت للعدو إيه يا ولد بطني!
إتسعت عيناه ذهولا وأردف متعجب: أني ممصدجش اللي شايفه جدامي يا أما، إنت سايبة المصيبة اللي حطت على راسنا وجاعدة تتحدتي في الكلام الفاضي دي؟

ثم صاح بكل صوته بنبرة غاضبة توحي إلى وصوله للمنتهي: لو مواخداش بالك يا أم قاسم عجول لك أني، أبوي متهمينه بجتل الم. رة اللي متچوزها في السر، وصاحبتها شاهدة عليه إنه هددها وجالها إنه عيجتلها في خلال الأسبوع دي، والبواب أكد على كلامها وجال للظابط إنه سمعه وهو بيتخانج وياها من أسبوع فات.

وأكمل بتيهه وعيون زائغة: وأني عامل كيف الأطرش في الزفة ومفاهمش أيتوها حاچة، ومطلوب مني أطلع أنام واني چس. دي م. ولع إكده، وأستني لبكرة لجل ما أعرف التفاصيل عشان أشوف عتصرف وأخرچه من المصيبة اللي رمي حاله فيها دي كيف
واكمل بخزي: دي غير فضحيتنا في وسط المركز كلياته، وكل دي في نفس اليوم اللي عمي نچخ فيه في البرلمان، حتى ملحجناش نفرحوا.

واسترسل لائم بتعجب: وحضرتك سايبه كل البلاوي اللي حاطة على نفوخنا دي، وكل اللي هامك كيف يتچوز على أم الرچاله!
وقفت صفا وتحدثت إليه بنبرة مرتعبة خشية على صحته: هدي حالك يا قاسم ليچري لك حاچة
حول بصره إليها وتحدث بنبرة ساخرة: الدكتورة صفا بذات نفسيها عتطلب مني أهدي حالي؟
واسترسل لائم بتساؤل م. ؤلم: عهمك وعتخافي علي إياك يا دكتورة!

واسسترسل شارح: ده أنت أكتر واحدة ورتني الويل ودوجت على إديها المرار، ده أني في عشجك شفت وعرفت كيف بيكون ذل الرچال وجهرتهم
ثم أخذ نفس عاليا ليهدئ به روعه كي لا يحزنها، ثم نظر إلى والدته وتحدث بنبرة صارمة: يلا يا أما على مطرحك فوج
صاحت بصوتها العالي وتحدثت بإعتراض: معتحركش من إهنيه غير لما تجولي على كل حاچة.

وأكملت وهي تدقق النظر داخل مقلتاه بعيناي تطلق شزرا: عرفها ميتا المدعوجة دي، ومن ميتا وهو مستغفلني ومتچوزها علي!
نظر لها وحقا لم يعثر بداخله عن كلمات تعبر عن ما أصابه من تلك غريبة الأطوار
هتف زيدان بعدما طفح به الكيل منها: متچوزها من أربع سنين ومسكنها في شجة في المركز، وكانت حبلة في شهرين كمان، وأكمل بتساؤل متهكم: إكده إرتاحتي يا فايقة.

جحظت عيناها وتفوهت بتيهه بنبرة ضعيفة وهي تنظر في نقطة اللاشئ: حبله، أربع سنين، يا خيبتك الجوية يا فايقة، يا مرارك الطافح يا بت سنية
أسترسل زيدان حديثه بنبرة لائمة بحدة: دايرة تخطتي وترسمي عشان توجعي الكل في مصايب لجل ما جلبك اللي مليان بالغ. ل ما يهدي ويرتاح، ونسيتي چوزك وأهملتيه، خلتيه يطلع يدور على راحته بره مع نس. وان الله أعلم بحالهم، جنيتي إيه من حجدك غير المرار والخسارة يا فايقة.

هتفت ليلي وهي تنظر إلى عمها بنظرات تقطر غ. ل: مبكفياكم عاد، خلاص، بجيتوا كلياتكم ملايكة وأمي هي الشيطان وسطيكم، نازلين جلد فيها وفايتين أخوكم اللي راح إتچوز واحده وكمان حبلت منيه، وماسكين في الغلبانه ونازلين تجطيع في لحمها؟
وصاحت بعيون تطلق شزرا: بكفياكم ظلم وأفتري يا عيلة ظالمة، لحد ميتا عتفضلوا تكيلوا بمكيالين؟

وأكملت بنبرة مسمومة: لما قاسم أخوي حب زميلته في المكتب واتچوزها جومتوا الدنيي عليه ومجعدتوهاش لحد دلوك،
وأكملت وهي تنظر بح. قد على صفا: وكل ده لجل چلوعة أبوها صفا هانم
ونظرت إلى عمتها علية وتحدثت ساخرة: دي حتى عمتي علية معتكلمش قاسم من يوميها ومجطعاه لچل عيون بت أخوها الغالية.

وأكملت وهي تفرق نظرات كارهه على الجميع: وبرغم إن كلياتكم خابرين إن چوزي طلب من چدي يد اللي ما تتسمي اللي چابتها لنا صفا هانم في المستشفي لجل متشغل بيها بال يزن،
واستريلت بإهانه لزوجها: والمحترم چوزي ريل عليها وچري وراها كيف الأهبل
وأكملت بنبرة حقود: وچدي وافج إنه يچيب لي ضرة ويجهر بيها جلبي، جبل عليا اللي مجبلهوش على حبيبة جلبه بت ولده الغالي، حتى أخواتي الرچاله وأبوي لما عرفوا وسكتوا.

إنتفضت نجاة من جلستها وهتفت بغضب لأجل ولدها: إجفلي خاشمك اللي عينجط سم وإتحشمي وإنت عتتحدتي على راچلك
وأكملت بنبرة حادة: وإيش چابك إنت لصفا لجل ماتطلبي تتعاملي كيفها، إياك صفا كانت راحت زورت التحاليل وأفترت على چوزها وطلعته معيوب جدام عيلته يا واكلة ناسك
وأكملت بنبرة حادة مستفزة: وحياتك عندي معرتاح إلا لما أچوزه وأفرح بخلفه وأشوفهم بيتحركوا جدام عنيا.

تعالت الاصوات بين النساء وبدأن بقذف الكلمات ورميها كقذائف فتاكة في وجوه بعضهن
إنتبه الجميع لصوت ذلك الغاضب الذي فاض به الكيل وما عاد فيه التحمل بعد، إنه قاسم لا غيره بثوبه الجديد والذي وصل إليه بفضل تصرفات الجميع: معايزش أسمع صوت واحدة فيكم وإلا وكتاب الله عطلع عليكم غلب اليوم كلاته
وأكمل ناهرا إياهم بشدة: يلا كل م. رة منيكم على مطرحها، معايزش ألمح طيف حرم. ة منيكم إهنيه واصل.

إرتبك الجميع من شدة غضبه فتحدث وهو ينظر إلى جدته: يلا يا چدة، إدخلي لچدي ومتفتوهوش لحاله
وحول بصره إلى عمتاه وهتف قائلا: وإنت عمه صباح، جهزي حالك إنت وعمتي علية عشان أخلي الغفير خسان يوصلكم
تحدثت صباح بإعتراض: أني معسيبش أمي وأبوي في الظروف دي وأعاود لبيتي يا قاسم
كاد أن يعترض فتحدث زيدان بهدوء: سيب عماتك بايتين ويا چدتك يا ولدي
تفهم ثم نظر إلى الجميع وتسائل: واجفين ليه، مسمعتوش الحديت إياك؟

وتحدث إلى ليلي أمرا بنبرة حادة: وإنت، خدي أمك وطلعيها على مطرحها ومتفوتيهاش لحالها،
تحركتا ليلي وفايقه، ومريم ونجاة، أما عمتاه فأسندتا والدتهما وادخلاها حجرتها بجانب عثمان المعتزل،
نظر قاسم لعمه الواقف وزوجته المنتظران صفا التي تنظر له بدموع داخل عيناها، والأل. م يسيطر عليها، تريد الذهاب إليه وسحبه لداخل أحضانها لكنها تنتظر الخطوة الأولي منه.

نظر لهم بجمود وصرامة، فأخر شئ يحتاج إليه الأن هو الشعور بالرأفة والشفقة منها هي بالتحديد، فيكفي كم الإذلال والعجز والشعور بالقهر الذي شعر بهم أمام والده، يريدها ويريد ضمة حض. نها، لكن بإرادتها لا شفقة منها على حالة
تحدث وهو يتحرك ويعطيهم ظه. ره إستعدادا لصعوده الدرج: خد مرت عمي والدكتورة وروحوا على داركم يا عمي
وأكمل وهو يصعد أولي درجات الدرج: تصبحوا على خير.

تصنمت بوقفتها ونزلت دموعها حين رأت داخل عيناه قه. را وأل. م لم تره من قبل، يحدثها قلبها ويطالبها بالتحرك خلفه
أمسكها زيدان الذي شعر بتمزق روحها وتحدث ليحثها على التحرك معه: يلا يا بتي نروحوا على دارنا، سبيه لحاله، إكده أحسن ليه
أومأت بموافقة وتحركت بجانب والديها بقلب صارخ لأجل متيم روحها ووج. عه
- -
صباح اليوم التالي.

كانت تتدلي الدرج وهي تترقب حولها بإرتياب خشية من أن يراها أحدا، وذلك بعدما باتت تتل. وي بج. سد يش. تعل ن. ارا وقلب يحت. رق من شدة غيرتها المرة بعد إستماعها إلى حديث صفا الخاص بشأن إنتواء زواج رج. ل حياتها يزن من غيرها، مما جعلها تصيب بحالة من الجنون وعدم السيطرة على حالة الغض. ب الش. اعلة بداخلها، فذهبت في الحال إلى فارس قبل الذي حدث مع والدها مباشرة وسألته عن صحة ما قصته على مسامعها تلك الصفا، وبالفعل أكد صحته لها.

وهذا ما جعلها تتجاهل ما حدث مع والدها وتنتوي الذهاب إلى مشفي جدها لتواجه تلك الأمل وتضع لها حدا يريها حجمها الحقيقي
وصلت إلى نهاية الدرج وهي تتسحب، ومن حظها العثر وجدت نجاة تخرج من المطبخ، تطلعت عليها وهتفت بإستغراب: رايحة فين يا ليلي على الصبح إكده؟
إرتعب داخلها وتحدثت بنبرة مرتبكة: خلعتيني يا مرت عمي، فيه حد يطلع بوش الناس إكده من غير إحم ولا دستور؟

رمقتها نجاة بنظرة ساخرة وهتفت بنبرة متهكمة: سلامتك من الخضة يا مرت ولدي، أچيب لك طاسة الخضة لچل ما تخطيها؟
أغمضت ليلي عيناها ثم زفرت بضيق وتعنت فأعادت نجاة على مسامعها السؤال مرة أخري قائلة بنبرة صارمة وهي تتطلع بإستغراب على هيأتها المنمقة فوق العادة وثوبها الأنيق: ما جولتليش، متشيكة من الصبح إكده وفايتة أمك في المصيبة اللي هي فيها ورايحة على وين؟

تحدثت بنبرة حزينة إصطنعتها لحالها: أني طول الليل جاعدة چاريها وعيني مغفلتش عنيها، ومفوتهاش دلوك غير لما أتوكدت إنها راحت في النوم، إتسحبت من چارها وجولت أروح أطمن على چدتي سنية وأطمنها على أمي، وأكملت بحزن مصطنع: تلاجيها عرفت الخبر الشوم دلوك بعد ما أنتشر في النچع كلاته وزمانها جلجانه على أمي وجاعدة تندب حظها الشوم.

نظرت لها نجاة متعجبة لأمرها، كيف لها بأن تكن بتلك الأنانية، ألم يشغل بالها أو يحزنها ما حدث لأبيها ليلة أمس وأحزن المنزل بأكمله وأصابه بالخيبة والخزلان!
سألتها نجاة بنبرة جادة: جولتي لچوزك إنك خارچة؟
لوت فاهها ساخرة وتحدثت بنبرة تهكمية: چوزي! وهو فين چوزي ده، هو أني عدت بشوبه ولا بلمح حتى طيفه؟

وتحدثت قائلة وهي تتحرك في طريقها إلى الخارج: على العموم أني مش هتأخر، ساعة بالكتير وهعاود جبل ما أمي وچدتي رسمية يصحوا
وخرجت سريع تحت إستغراب نجاة من أمر تلك غريبة الأطوار عديمة الشعور
داخل مستشفي الصفا
خرجت أمل من غرفة الفحص الخاصة بها وتحركت داخل الرواق، وجدت بطريقها ياسر فأوقفته وتحدثت إليه بتساؤل
: هي صفا إتأخرت أوي ليه كده إنهاردة يا دكتور!

أجابها بتساؤل متعجب: هو إنت ما عرفتيش اللي حصل إمبارح لعمها؟
ضيقت عيناها وتساءلت بإستغراب: عمها؟ عمها مين، وإيه هو اللي حصل بالظبط فهمني
أجابها بأسي: عمها قدري، والد جوزها ووالد مرات الباشمهندس يزن، الشرطة جت قبضت عليه بالليل والبلد كلها كانت مقلوبة،.

وأكمل شارح لها وهو يتلفت حوله بترقب: بيقولوا إنه طلع متجوز واحدة تانيه في السر على م. راته ومقعدها في المركز، وم. راته دي لقيوها مقت. ولة في شقتها ومتهمينه هو بقت. لها
شهقت أمل وأتسعت عيناها بذهول، وبتلقائية وضعت يدها على فمها وتحدثت: يا نهار أبيض، طب وإيه اللي حصل؟
أجابها وهو يرفع كتفاه للأعلي: الشرطة تحفظت عليه وبايت في مركز الشرطة من إمبارح على ما القضية تتحول للنيابة العامة.

إنتفض داخ. لها عندما تذكرت يزن وتخيلت حالة حزنه، قطع حديثهما دخول تلك المتعالية إلى رواق المشفي، وتحركها إليهما قاصدة وقفتيهما، ثم وقفت مقابلة لها وتحدثت وهي ترمق أمل بإستعلاء دون إلقاء السلام عليهما: عاوزة أتحدت وياك في موضوع لحالنا
إستغرب ياسر حدتها وطريقتها المتعالية في الحديث، و أمل أيصا التي تحدثت بنبرة هادئة وهي تشير إليها على غرفتها الخاصة بالفحص: إتفضلي معايا.

دلفتا سويا إلى الداخل وتحدثت أمل إليها وهي تجلس: إتفضلي إقعدي وإتكلمي، أنا تحت أمرك
تحركت ليلي وهي تنظر عليها بحق. د وك. ره واضح وهتفت قائلة بتعالي: طبعا لازمن تكوني تحت أمري، مش شغالة عندينا وعايشة في خيرنا
رمقتها أمل بنظرة تعجبية من طريقتها الغير لائقة بالحديث، لكنها تنبهت بفطانتها إلى أنها بالتأكيد علمت بأمر طلب يزن السابق للزواج منها.

فتحدثت بكبرياء إمتثالا إلى كرامتها وعزة نفسها: من فضلك، ياريت تخلي بالك من كلامك وتنتقي ألفاظك، أنا مش شغالة عند حد، أنا دكتورة محترمة وليا وضعي، وباخد أجر قصاد الخدمة اللي بقدمها للناس
هتفت ليلي بنبرة تهكمية: محترمة؟

وأكملت بنبرة ساخرة: بلاش الكلمة اللي تضحك دي على الصبح، واسترسلت بنبرة غاضبة مهينة لشخص أمل: وهي فيه واحدة محترمة بردك تلعب على راچ. ل متچوز وتشغل له باله وتضحك عليه لجل ما يتچوزها وتتنعم في خيره وفلوسه الكتير؟
وأردفت قائلة بنبرة ساخرة وهي ترمقها بنظرات إشمئزازية: إياك تكوني جولتي لحالك إن يزن عيحبك بچد يا مهشكة إنت، يزن بيلعب بيك لچل ما يخليني أغير عليه وأرچع وياه كيف الاول.

ضيقت أمل عيناها بإستغراب لحديث تلك الكاذبة، فتحدثت ليلي بتأكيد كاذب: يزن محبش في حياته ولا عيحب غيري، يزن عيموت علي وعاوز يش. علل العشج في جلوبنا من تاني زي زمان، ولما لجاكي رامية حالك عليه كيف ال. غواني وب. نات الليل جال وماله، أتسلي وياها كام يوم وأخلي ن. ار ليلي تشع. لل من چديد وبعدها أرميها في أجرب كوم زبالة.

إستشاط داخل أمل وصاحت غاضبة بنبرة حادة: لحد هنا وكفاية أوي، كلمة تانية وهسمعك اللي عمرك ما تحبي تسمعية وهطردك برة المكتب ده
صاحت ليلي بغضب قائلة: يا بچحتك يا بت، عتطرديني من ملك أبوك إياك؟
صحيح اللي إختشوا ماتوا.

رمقتها أمل بإشمئزاز وهتفت: إسمعي يا ست إنت، أنا مش هنزل مستوايا وأرد على بني ادمة سوقية زيك، بس هطلب منك لأخر مرة إنك تتفضلي تخرجي من هنا بالذوق، وده بس إحترام للدكتورة صفا والباشمهندس يزن، غير كده أنا كنت عرفت أتصرف معاك كويس أوي، وعاملتك بالمستوي اللي يليق بواحدة زيك.

هتفت ليلي بنبرة جارحة: وكمان ليكي عين تبجحي وتهدديني يا خطافة الرچ. الة يا سو، واسترسلت بإتهام زائف وأهانة: وأني عستني إية من واحدة رخيص. ة رامية حالها على راچ. ل متچوز وعتچري وراه لچل ماله ومال أهله اللي طمعانة فيه
أشارت أمل بسبابتها في وجه ليلي هاتفة بحدة: إحترمي نفسك وإتكلمي كويس.

وأكملت لحرق روحها: جوزك اللي بتقولي عليه ده هو اللي جالي وطلب مني الجواز بعد ما شرح لي طبيعة العلاقة اللي ما بينكم واللي فهمت منها إنكم في حكم المطلقين وإنه هاجرك وقاعد لوحدة، و وعدني إنه هيطلقك علشان ما يظلمكيش.

وأكملت بكبرياء وكرامة: ومن كام يوم جه وبلغني إن جده رفض إنه يخلية يطلقك، وطلب مني إننا نتجوز على الوضع ده، وقال لي إنه هيبني لي بيت لوحدي علشان أعيش فيه براحتي وأكون مطمنه، لكن أنا اللي رفضت، واسترسلت موضحة: ورفضي مش إعتراض على شخص الباشمهندس لا سمح الله
وأكملت قائلة بقوة وشموخ: رفضي كان لأن مش أنا اللي أقبل أرتبط براجل متجوز وأخد لقب الزوجة التانية، وأسمح لاي حد يجيب سيرتي بكلمة بطالة.

هدئ داخل ليلي عند إستماعها لذلك الحديث المطمأن لروحها ثم إبتسمت بخفوت وتحدثت بنبرة ساخرة: شاطرة، خليك بجا ثابتة على موجفك دي جدامة
ثم رمقتها بنظرة كارهه واردفت قائلة بنبرة تهديدية: لأن لو حصل غير إكده، متلوميش غير حالك من اللي عيچري لك على أدين ليلي النعماني
ثم أكملت وهي تشير بيداها بطريقة مخيفة وملامح وجة شريرة: لو جربتي من راچ. لي تاني، عجتلك بأديا التنين دول وأشرب من دم. ك وأني متمزچة.

ثم رمقتها بنظرة تهكمية وهتفت بنبرة ساخرة: سمعاني يا مهشكة إنت
هتفت أمل وهي تبسط ذراعها وتشير بيدها إلى باب الغرفة قائلة: خلاص، إرتاحتي وإتفشيتي وقولتي كل اللي جاية علشان تسمعهولي، إتفضلي بقا من غير مطرود بدل ما اتصل بالباشمهندس وأخليه يبجي ياخدك بنفسه
إرتعب داخلها وهتفت بنبرة تهديدية: الله الوكيل لو يزن عرف إني چيت لك إهنيه واتحدت وياك، ليكون اخر يوم في حياتك يا واكلة ناسك إنت.

وأردفت مهددة إياها برفع سبابتها أمام وجهها: خلي كلامي حلجة في ودانك عشان معكررهوش تاني
وأكملت: بعدي عن يزن وحافظي على لجمة عيشك بدل ما أخرچك من المستشفي والنچع كلياته بفضيحة بچلاچل
قالت كلماتها الاخيرة وهي تتحرك إلى الباب الذي فتحته وخرجت ثم قامت بصفقه بشدة إهتزت لها الجدران تحت ذهول أمل وإشفاقها على يزن من تلك الشمطاء الغير مناسبة له والتي لا تصلح على الإطلاق بأن تكون زوجة لذلك الخلوق.

إرتمت بجسدها فوق المقعد بإهمال وهي تنظر أمامها وعدم الإستيعاب سيد موقفها
- -
في اليوم التالي
داخل قسم الشرطة، فتح التحقيق في القضية بحضور الجميع
سأل المحقق حارس العقار قائلا: قولي يا صميدة، ماشفتش حركة غريبة في العمارة يوم إرتكاب الجريم. ة، ناس غريبة طلعت العمارة، حركة غريبة، خبط رزع، حاجة زي كده يعنى
أجابه صميدة بتأكيد: لا يا بيه، العمارة كانت هادية كيف العاده،.

وأجاب متذكرا: مفيش غير ح. رمة لابسة نجاب هي اللي طلعت على فوج، ولما سألتها رايحة على وين جالت طالعة لحد جريبها في الدور السابع، والجتيلة كانت في الدور التالت يا بيه
سأله الضابط من جديد: طب وقدري النعماني جوز القتي. لة، مجاش في اليوم ده؟
أجابه صميدة: الكذب خيبة يا بيه، أني مشفتهوش من يوم اللخناجة الكبيرة وحسهم العالي من أسبوع
وضع صميدة إمضائه وخرج.

وبعدها وقفت أحلام عبدالله صديقة ماجدة وتحدثت بصياح مفتعل وهي تنظر إلى قدري: هو اللي قتل. ها ما فيش غيره يا بيه
وأكملت بدموع التماسيح: أنا كنت عند ماجدة من ست أيام، لقيتها بتعيط وكانت مرعوبة، ولما سألتها قالت لي إنها قالت لقدري إنها حامل، لكن هو طلب منها تسقط العيل، ولما رفضت هددها بالق. تل وأداها مهلة إسبوع.

قطب قاسم بين حاجبية وسألها بنبرة تشكيكية: قولي لي يا أحلام، إنت وماجدة متعودين تتكلموا في التليفون يوميا؟
أجابته بقوة: أيوة يا أستاذ، إحنا كنا بنتصل ببعض كل يوم، ماجدة دي أصلها كانت زي أختي بالظبط
سألها قاسم من جديد: طب وهي كانت بترد عليك كل ما ترني عليها، ولا بترد حسب ظروفها؟
إرتبكت ثم تحدثت: كانت بترد على طول طبعا.

صاح قدري مكذب إياها: كدابة يا بيه، أني كنت منبه على ماچدة وجايل لها لا تدخلها عندينا ولا تكلمها حتى في التلفون، وساعات كانت بترن وأني في البيت وماچدة تجفل السكة في وشها وتجولي إنها معتردش عليها واصل
إبتسمت أحلام وتحدثت بنبرة تشكيكية: وهو أنت غلبان أوي كده لدرجة إنك كنت بتصدق أي حاجة تقولها لك ماجدة؟

وأكملت شارحة وهي تنظر إلى الظابط: يا باشا ماجدة الله يرحمها كانت بتترعب منه، لأن المفتري ده كان بيمد إيده عليها ويضربها، ده كان حارمها من إنها تزور أهلها يا باشا، وماجدة كانت واحدة غلبانة وعاوزة تعيش
وأسترسلت بإستفاضة: علشان كده كانت مفهماه إنها مقاطعة الكل زي ما هو عاوز، ومن وراه كانت بتعمل اللي على كيفها كله.

وأكملت بإستشهاد: ولو مش مصدقني ممكن تروح تسأل الجرسونات اللي في كافيه الإنسجام اللي في شارع محروس السمان، هيقولوا لك إن أنا وماجدة كنا بنروح نتعشي ونشيش هناك مرة كل أسبوع على الأقل
أخذ الضابط توقيعها على أقوالها وأنصرفت، ثم تحدث قاسم بعدما إنتابه الشك من تلك المرتبكة وفضحتها عيناها الزائغة الغير ثابتة: بعد إذن سعادتك يا باشا، أنا بطالب بأخذ موكلي لمكان الجري. مة وبطالب بمعاينة جميع محتويات الشقة.

بالفعل تحرك فريق التحقيق إلى مكان الجري. مة وتمت المعاينة، لاحظ قدري غياب المشغولات الذهبية جميعا وبعض من ثيابها الثمينة.

أعطت الشرطة مواصفات المصوغات ووزعتها على أصحاب محلات الصاغة وذلك بعدما أبلغهم قدري بإسم الصائغ الذي كان يتعامل معه دائما، وأعطي الصائغ مواصفات المشغولات بناء على تلك الفواتير التي كان قدري يقوم بالإحتفاظ بها داخل درج سري في خزانة ملابسه الخاصة به
حولت القضية إلى النيابة العامة، وأخذ قدري أربعة أيام على ذمة التحقيق، وذلك لعدم وجود أي كسر في الباب او أي عن. ف يدل على الإقتح. ام.

وتقدم قاسم ببلاغ يتهم فيه أحلام بقت. ل ماجدة لغرض السرقة، وبالفعل تم القبض عليها بعد تفتيش منزلها و وجود بعض المشغولات الذهبية، وأيضا العثور على ثياب ماجدة المتغيبة التي ذكر قدري مواصفاتها
لكنها بالفعل أنكرت وأدعت أن ماجدة هي من أهدتهم إياها
في نفس اليوم تقدم أحد الصائغين بأنه وجد بعض المشغولات التي ذكرت في النشرة الرسمية التي وزعتها الشرطة، وذكر بأن إمرأه في بداية عقدها الثالث هي من باعتها له.

وعند مواجهة الصائغ بأحلام في حضور قاسم تحدث الصائغ بتأكيد وهو ينظر إلى تلك المرتعبة: هي دي يا أفندم اللي چت وباعت لي الذهب
وأكمل ليخلص حاله: ولما سألتها على الفواتير، قالت لي إنها كانت متجوزة واحد من الخليج وكان بيجبهم لها هدايا من غير الفواتير، ولما طلقها ورجع بلده، إحتاجت فلوس وأضطرت تبيعهم
صرخت أحلام وتحدثت بنبرة مرتعبة: حرام عليك، أنا ما عملتش حاجة، إنت بتفتري عليا ليه؟

تحدث إليها وكيل النائب العام بنبرة أحبطتها: الإنكار مش هيفيدك يا أحلام، أحسن لك تعترفي بإرتكابك للجريمة لأن القضية إتقفلت خلاص وكل الأدلة ضدك.
صرخت وتحدثت بنبرة مرتعبه: أنا هقول على كل حاجة ياباشا، ما أنا مش هلبس الليلة لوحدي والقاتل الحقيقي يخرج منها زي الشعرة من العجين.
صرخت أحلام وتحدثت بنبرة مرتعبه: أنا هقول على كل حاجة ياباشا، ما أنا مش هلبس الليلة لوحدي والقاتل الحقيقي يخرج منها زي الشعرة من العجين
سألها الضابط متعجب بإستغراب: هو أنت ليك شريك يا أحلام؟!

أجابته وهي تبكي بإنهيار: يا بيه أنا بت غلبانة، لا ليا في القتل ولا عمري فكرت فيه، أنا أه مش هنكر إن كنت بغير من ماجدة من بعد ما أتجوزت اللي إسمه قدري ده كمان، وده لأنه كان معيشها في هنا وستتها بعد الشقي والهم اللي شافته معايا، كان دايما عيني على الذهب والهدوم الغالية اللي بيجبها لها وكنت بتمناها لنفسي، بس إني أفكر أقت. لها ورحمة أمي ما حصل.

وأكملت بشرح وافي: من فترة كده، ييجي من عشرين يوم مثلا، جالي راجل وقال لي إنه عايزني في شغلانة هاكل من وراها الشهد، فرحت وقولت أخيرا الدنيا هتنصفني وهتديني حقي أنا كمان
وأكملت: المهم لما سألته قالي إنه تبع راجل كبير أوي هنا في سوهاج، والراجل ده ليه تار عند عيلة قدري وعاوزين ياخدوه منهم بس مش عاوزين يظهروا في الصورة، وقالي إنهم لما دوروا ورا العيلة كلها ما لقوش ولا غلطة غير جواز قدري من ماجدة،.

وأكملت بدموع ولهفة قائلة: بس أنا وحياة النعمة ما كنت فاكرة إن الموضوع هيوصل للق. تل يا بيه، المهم، الراجل ده إداني عشرين ألف جنية ربط كلام، وطلب مني أقرب أوي من ماجدة وأسألها دايما عن قدري، وأبلغه بكل تحركاتها، من حوالي إسبوع ماجدة إتصلت بيا وكانت منهارة، وطلبت مني أجيب لها نجار وأخليه يشتري معاه كالون من الغالي للباب، لأنها إتخانقت مع قدري وخايفة منه وعاوزة تغير الكالون.

ولما روحت لها لقيتها مرعوبة، المهم النجار غير لها الكالون ومشي، وهي قعدت معايا وحكت لي كل اللي حصل بينها وبين قدري.

وأسترسلت وهي تبكي: مشيت من عندها وأنا الفرحة مش سيعاني لسببين، أولهم إن أخيرا قدري هيرميها رمية الك. لاب وهترجع تتمرمط في الشغل زيي من تاني، وتاني سبب إن الراجل كان واعدني إن كل خبر هقوله له هيديني عليه مبلغ معتبر، كلمت الراجل ده وقابلته، إداني خمسين ألف جنية، ماصدقتش عنيا لما شفتهم في إديا، وبعدها لقيته بيطلب مني إني ألبس نقاب وأروح لماجده شقتها
ونظرت للأمام تتذكر كل حدث
عودة لما قبل عشرة أيام.

دق جرس الباب فتحركت ماجدة إلى الباب، تنظر من العين السحرية للكشف عن هوية الطارق قبل أن تفتح له خشية من أن يكون الطارق قدري، وجدت أمامها إمرأة منتقبة وملتزمة بزيها الإسلامي الفضفاض، إرتعب داخلها وأستغربت، فسألت من خلف الباب قائلة: مين اللي برة؟
كشفت أحلام عن وجهها برفع النقاب وتحدثت بنبرة هادئة لطمأنت صديقتها: أنا أحلام يا ماجدة إفتحي.

إستدعي تصرف ماجدة إلى إستغراب صديقتها وفتحت لها الباب الموصد بالمفتاح وعدة ترابيس، وتحدثت بإستغراب: وعاملة في نفسك كده ليه يا منيلة؟
وأكملت بنبرة تهكمية ساخرة: ولا يكونش ربنا تاب عليك وبطلتي شغل التلات ورقات بتاعك!

إستدعي تهكم ماجدة غضب أحلام لكنها تمالكت من حالها وهي تدلف إلى الداخل وتتحرك لتجلس على الأريكة بجس. د مرهق: لا وإنت الصادقة، متخفية من اللي ما يتسمي صلاح النمس، قارفني في الرايحة والجاية من وقت ما نهيت معاه اللي بينا وقلت له إننا ما ننفعش نتجوز
إستغربت ماجدة جلوس أحلام بثيابها السوداء ونقانها المرفوع وتسائلت بتعجب: هو أنت هتفضلي قاعده لي باللبس ده؟

أجابتها أحلام بنبرة مرتبكة: أصل أنا مش هطول في القاعدة كتير، شوية كده وهنزل على طول، أنا بس قولت أجي أكل معاكي لقمة بسرعة كده وأونسك، وأنزل علشان عندي مصلحة شغل هقضيها
نظرت لها ماجدة وتحدثت وهي تلتقط هاتفها المحمول من جوارها: طب إستني أما أكلم البواب يجيب لنا فراخ مشوية من تحت
أشارت أحلام بيدها سريع لإيقافها: ما تكلميش حد، أنا طلبت الأكل دليفري وأنا جاية، وزمانه على وصول.

نظرت لها ماجدة بتعجب من أمرها وتحدثت متهكمة: مالك يا أحلام، إنت عيانة ولا إيه يا بت، دي أول مرة من يوم ما عرفتك تعزميني!
ضحكت أحلام وهتفت ساخرة: وشكلها هتبقا الاخيرة وحياتك
أردفت ماجدة قائلة: طب إقلعي الجوانتي اللي لابساه في إيدك ده وقومي إغسليها علشان تعرفي تاكلي.

إرتبكت بجلستها عندما إستمعت إلى صوت بهاتفها يوحي بإستقبال رسالة نصية، قرأتها وعلمت أن الشخص المنتظر قد أتي، فتحدثت بإرتباك: هقلعة لما أفتح للدليفري وأحاسبه
إستمعت إلى صوت الجرس فتحدثت إلى ماجدة بإرتياب: أهو الأكل وصل، قومي بقا هاتي لنا كام طبق على معلقتين وكبايتين علشان ناكل فيهم.

أومات لها ماجدة ودلفت إلى المطبخ وهرولت أحلام تفتح الباب للرجل المتخفي في زي عامل دليفري ويرتدي قفازات بيداه، أشارت له على باب المطبخ بدون حديث، فتحرك الرجل سريع إلى الداخل، وجد ماجدة موالية ظهرها إلى الباب وتمسك بيدها باب المطبخ لتجلب منه الصحون،.

وقف خلفها وكمم فمها سريع وبسرعة البرق قام بذبح عنقها، ثم قام بطعنها عدة طعنات في موضع الكلي مما أدي إلى وفاتها بالحال وأرتماء جس. دها على الأرض جثة هامدة.

جرت أحلام على غرفة النوم وفتحت الخزانة وأخذت منها كل المشغولات الذهبية وأنتقت بعض قطع الثياب التي كانت تروق لها، ثم وضعتهم داخل حقيبة وتحركت بصحبة الرجل تاركين ماجدة جثة هامدة غارقة بوسط دمائها دون أية بصمات أو عنف يدل على دخول أحد غريب داخل الشقة، وبهذا يكون المتهم الأوحد هو قدري
عودة إلى الحاضر.

كانت أحلام تقص ما حدث على مسامع وكيل النائب العام بحضور قاسم الذي تحدث بإتهام: أنا بتهم كمال أبو الحسن بإنه وراء إرتكاب الجريم. ة وتلفيقها لموكلي يا أفندم
بالفعل تقدم قاسم ببلاغ ضد كمال أبو الحسن، وبعد التحريات وتعرف أحلام على الرجل الذي أظهرت التحقيقات أنه إبن عم كمال وكان يساعده لأخذ ثأر ولده الذي قت. ل بسبب عائلة النعماني، وذلك لعدم إستطاعة كمال لأخذ الثأر بيده نظرا لوجوده داخل السجن.

طالب قاسم بالإفراج الفوري عن والده وبدون أية ضمانات وذلك لثبوت التهمة على أحلام وشريكها بتحريض من كمال أبو الحسن التي أضيفت جريم. ة ق. تل عمد مع سبق الإصرار والترصد إلى جرائمة العديدة والتي وبالتأكيد سينال حكم بالإعدام عليها.

خرج قدري من النيابة بقلب حزين مهموم، وجلس بغرفة في الطابق السفلي معتزلا الجميع حيث أصيب بحالة من الإكتئاب الح. اد بعدما حدث له وفضيحة عائلتة على يده، وأيضا كانت فايقة سبب مباشرا في عزلتة، وذلك لغضبها الشديد منه، حيث أنها وصل بها الامر إلى عدم نزولها من أعلي وعدم إستقباله عند خروجه من الحجز، وذلك ما أصابه بالإحباط
- -
بعد مرور يومان على خروج قدري وبرائته من قضية قت. ل ماجدة.

كانت تقف داخل غرفة الكشف أمام إحدي الأسرة، تتابع فحص أحد الأطفال التي يتمسك بيد والدته، إستمعت إلى طرقات سريعة فوق الباب،
إنتف. ض جس. دها رع. ب عندما فوجئت بالباب يفتح بطريقة عني. فة وتظهر أمامها الممرضة التي تحدثت إليها بهلع: إلحجينا يا دكتورة، فية حادثة جطر واعرة جوي جصاد النجع ورچالة البلد لحجو المصابين ونجلوهم إهني ومحتاچينك برة ضروري.

نظرت إلى والدة الطفل وحالها البالي وجرت إلى مكتبها وتحدثت على عجالة وهي تكتب إليها: إبنك عنديه إلتهاب شديد في اللوز، عتدي الروشيتة دي للدكتور اللي واجف في الصيدلية برة وجولي له إنك تبعي، وهو عيصرف لك الدوا كلياته من غير فلوس
وتركتها وجرت مسرعة إلى الخارج، وجدت يزن أمامها يحمل طفلا ويسرع به داخل الرواق ليصله إلى إحدي الغرف وتحدث إليها بنبرة صارمة وهو يرتعب لأجلها: ماتجريش للعيل يجري له حاجة يا صفا.

وأكمل على عجالة: شوفي دكتور ياسر والدكتورة أمل فينهم وبلغيهم بسرعة
هتفت صفا إلى الممرضة رقيه على عجالة: خلي صادق يچمع كل الممرضات والدكاترة اللي في النچع لجل ما يساعدونا، وچهزي لي إنتي ونرجس كل السراير وإتوكدوا إن الأچهزة شغالة زين
ثم أشارت بيدها إلى إحدي الغرف إلى الرجال وهم يحملون المرضي بين ساعديهم كي ينقذوا أرواحهم: دخلوهم في الأوضة دي بسرعة يا رچالة.

وجدت أمل وياسر يأتون مهرولين إليها وتحدثت صفا إلى أمل على عجالة: چهزي لي غرفة الإنعاش حالا يا دكتورة عشان نستجبل فيها الحالات الحرچة، وإنت يا دكتور ياسر، إفحص المرضي وشوف الحالات الحرچة لجل ما ننجلها بسرعة
وأشارت بيدها إلى الممرض الواقف: خرچ ترولات برة لجل ما يحطوا عليها المصابين ليكون حد مأذي في عظامة ولا عمودة الفجري ويتأذي اكتر.

وجرت إلى إحدي الغرف سريع وبدأت بفحص المرضي وتقديم الرعاية اللازمة إليهم
حالة من الهرج والمرج أصابت المشفي الصغير الذي إستقبل أكثر من ثلثمائة مصاب، ما بين جريح بجروح طفيفة وبين حالات حرجة أحتجزت داخل العناية المشددة وما بين حالات متوسطة وكسور بالعظام
تحدثت صفا إلى أمل الواقفة بثبات: فيه حالات چروح في الإستجبال محتاچة لخياطة يا دكتورة، من فضلك تاخديهم على أوضتك وتعملي لهم اللازم.

أومأت لها أمل بطاعة، وكادت أن تتحرك أوقفها يزن الذي سألها مستفسرا بإستغراب: عتخيطي لهم الچروح كيف يعني!
وأكمل برسمية حيث أنه قرر معاملتها رسميا وبمنتهي الرسمية ليعاقبها على رفضها لإتمام زيجتهم والتخلي عن شرطها العنيد: مش حضرتك المفروض دكتورة أمراض نسا!

نظرت إليه والحزن ملئ عيناها جراء معاملته الجافة معها وتحدثت إليه بصوت ضعيف: وحضرتك ناسي إني بعمل عمليات قيصرية، يعني عمليات جراحية وبقوم بخياطة الجروح بمنتهي الدقة
أومأ لها بلامبالاة ثم هرول إلى الخارج لمساعدة طاقم التمريض في جلب المزيد من المصابين من الخارج لتقديم المساعدة الطبية لهم.

بعد حوالي النصف ساعة كانت المشفي تإج بأهالي النجع الكرام الذين أتوا إلى تقديم المساعدة بكل صورها وبشتي أنواعها، فمنهم من تطوع لحمل المرضي ونقلهم إلى الغرف بمساعدة طاقم التمريض، ومنهم من تبرع بالدماء بعد فحوصات لتأمين عملية النقل إلى المريض
الجميع أثبت حقا أن أهل الصعيد هم أهل مروءة وأنسانية كعادتهم.

خرجت صفا سريع من غرفة الفحص وتحدثت إلى يزن: باشمهندس يزن، إتصل حالا بمستشفي سوهاچ المركزي لجل ما تشيع لنا عربيتين إسعاف مچهزين، جول لهم عندينا تلات حالات حرچة وللأسف ملهمش مكان إهني ولازم نجلهم حالا للعناية،
وأكملت بتأكيد: جولهم يتحركوا بأقصي سرعتهم عشان لو لا قدر الله إتأخروا ممكن يفجدوا حياتهم
أومأ لها بموافقة وتحدث وهو يسرع إلى الإستقبال: حالا يا دكتورة.

حالة من الرعب والهلع أصيب بها الجميع أثر تلك الفاجعة وهم يرون كل هؤلاء البشر بإصاباتهم المختلفة وهم يتألمون أمامهم، ولكن بفضل الله وجهود تلك القرية الصغيرة التي كانت مثالا يحتذي به أمام الجميع إستطاعت صفا وزملائها إجتياح تلك المحنة بجدارة
كانت تخرج من إحدي الغرف كي تدلف لأخري لمتابعة الحالات.

وجدت والدها يدلف إلى المشفي على عجالة وهو يتفحصها بشمول من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، إقتربت عليه وتحدث وهو يمسك بكفيها برعاية وإطمئنان: إنت زينة يا صفا؟
أجابته سريع كي تطمئن هلعه الظاهر بعيناه: أني زينة يا أبوي، متجلجش علي يا حبيبي
أومأ لها وتحدث بهدوء: ريحي حالك إشوي لجل اللي في بطنك ميتإذيش يا بتي.

نظرت إليه بتألم وتحدثت بضمير مهني: معينفعش أشوف الناس تعبانه ومحتاچة لي وأجف اتفرچ عليهم من بعيد لجل ما أريح حالي يا أبوي
ثم ضغطت على مسكت يده لتطمئن هلعه وهتفت: متجلجش عليا يا حبيبي، أكيد معسيبش حالي لحد ما أجع من طولي يعني، روح إنت شوف مصالحك وأني هبجا تمام إن شاءالله.

وأكملت برجاء: بس بعد إذنك يا أبوي، ياريت تخلي أمي وصابحة يعملوا شوربة سخنة وكام فرخة إكدة لجل المصابين لإن معظمهم مسافرين من أسوان للقاهرة وأكيد أهلهم يا إما من أسوان يا من القاهرة وفي الحالتين معيعرفوش ياچوا دلوك واصل
أومأ لها وأردف قائلا: متعتليش هم الموضوع دي، أني عكلم أمك في التلفون وعكلم كمان چدك عثمان وإن شاء ماحدش عيحتاج لحاچة.

وأكمل شارح: بس أني معينعش أسيب إهنيه، ناسية إني بجيت عضو مجلس شعب إياك ولازمن أبلغ المركز بالحادثة وأجف ويا الناس
واسترسل شارح: ده غير إن ضميري معيسمحليش أروح وأفوت الناس المصابة دي كلياتها، حتى لو مكتش نايب في البرلمان، فانا إنسان يا بتي
نظرت إلى والدها بنظرات ممزوجة بالحنان والفخر والتباهي، لهذا الأب بدرجة الإنسان، حقا هي فخورة به وكثيرا.

بعد مرور عدة ساعات هدأ الوضع قليلا، خرجت صفا إلى رواق المشفي وجلست بإرهاق شديد ظهر على وجهها وهي تستند على المقعد بساعدها لتجلس بهدوء خشية أذية صغيرها، تحرك إليها يزن وبسط يده وأعطاها عبوة عصير مغلفة وتحرك إلى الداخل إلى أمل ليعطيها عبوة عصير كي تمدها بالطاقة، فبرغم حزنه الذي أصاب قلبه منها إلا أنه ما زال يعتبرها مسؤولة منه ويرتعب عليها.

بدأت بإرتشاف العصير، ثم وجدت من يأتي إليها وبيده مايك، ويبدوا على وجهه أنه مراسل لإحدي القنوات التلفزيونيه الشهيرة
تحدث إليها بإستفسار وهو يسجل معها مباشر على الهواء: مساء الخير يا دكتورة، ممكن نطمن منيكي على حالات المصابين
أشارت بيدها رافضة التصوير وتحدثت بقوة: ممنوع التصوير لو سمحت، الوضع لا يحتمل لعبكم بمشاعر الناس ومتاچرتكم بألامهم ومصايبهم، مشايفش بعينك المصيبة اللي إحنا فيها إياك.

تحدث إليها المذيع متفهم الأمر: حاشي لله يا دكتورة، انا مش جاي أخد سبج صحفي ولا أتاجر بمشاعر الناس زي ما حضرتك فهمتي.
وأكمل مفسرا وهو يصور مباشر: المصابين معظمهم من القاهرة وأهاليهم سمعوا عن الحادثه من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاچتماعي، وأكيد معظمهم في الطريج جايين لذويهم، وأكيد كمان حالتهم صعبه جدا وعاوزين أي خبر يطمنهم عن حالة أهلهم الصحية.

أومات له بتفهم وتحدثت بهدوء وثبات إنفعالي تحسد عليه: أحب أطمن كل الأهالي وأجول لهم ميجلجوش، ولادكم وأهاليكم بخير وفي إيد أمينة، البلد كلاتها إهنيه وأتبرعوا لولادكم بالدم، وأحب أطمنكم وأجولكم إحنا أهاليهم لحد ما توصلوا بالسلامة
سألها المذيع بإستفهام: هي المستشفي دي حكومي ولا خاصة يا دكتورة؟

أجابته بنبرة هادئة: المستشفي بناها چدي عثمان النعماني هدية لأهل بلده ولأهل المركز كلياته، وكمان الحاچ زيدان عثمان النعماني نائب مجلس الشعب متبرع بصيدلية خارچ المستشفي، والصيادلة اللي موچودين فيها بيصرفوا الدوا للمرضي بالمجان.

تحدث المذيع إليها بإستحسان: ربنا يزيدهم من فضله، حاچة چميلة إن الناس تستخدم فلوسهم في خدمة الناس الغلابة، ياريت كل الناس تعمل إكدة مكانش هيبجا فيه حد محتاچ ولا هيبجا فيه عوز واصل
أردفت قائلة بنبرة جادة: محدش مچامل الناس بحاچة، كله مال الله وراح لأهل الله
وأكملت بيقين: ربنا ممحتاجش منينا حاچة، إحنا اللي محتاچين لرضاه علينا، ومحتاچين لكل عمل يجربنا منيه لچل مانوصل لبر الأمان وياه.

أردف قائلا بهدوء وهو ينظر إليها بإعجاب واستحسان: عنديك حج يا دكتورة
أتت الشرطة وأطمأنت على المصابين وأخذت أقوالهم في الحادثة، وحضر جميع أهالي المصابين إلى النجع وأطمأنوا على ذويهم، خرجت معظم الحالات المستقرة وأصحاب الإصابات الطفيفة ورحوا عن النجع شاكرين لأهله الكرام وحاملين ذكري عطرة ستبقي في أذهانهم، وضل أهالي الحالات الحرجة في ضيافة وكرم نجع النعمانية
ليلا
داخل سرايا النعماني.

كانت جميع العائلة مجتمعة عدا صفا ويزن اللذان مكثا داخل المشفي ليتابعا الحالات ويقوما على رعايتهم وتقديم الخدمة الصحية لهم
كانوا جالسون وهم يشاهدون وينظرون بتمعن على شاشة التلفاز بفخر وأعتزاز وهم يرون برامج التوك شو والقنوات الإخبارية جمعاء، تتناقل فيما بينهم الخبر الأبرز على الساحة، حادثة القطار بالتأكيد، ويشيدون بشهامة ومروئة أهل الصعيد ككل، وبنجع النعماني خاصة،.

وذلك بعدما حدث اليوم ونقلته الكاميرات التي كانت عين شاهد على الترابط والتكافل المجتمعي والوقوف كأيد واحدة لمواجهة تلك الفاجعة الكبري
إستمع عثمان إلى الفيديو الخاص بصفا وحديثها المنمق الذي يدعو إلى التفاخر، كادت عيناه أن تزرف دموعها الحنون حين إستمع إلى حديثها وهي تشيد بجدها في بنائة للمشفي الخيري.

تنهد بأسي وتحدث وهو ينظر إلى زيدان بعيون أسفة نادمة وكأنه يعتذر له عن كل ما مضي: البت اللي جاطعت ولدي بسببها سنيين وجولت له يتچوز على أمها الأصيلة لچل ما يچيب لي الولد اللي يخلد إسمه وإسم عيلتي، هي اللي رفعت راسي وشرفتني جدام الدنيي كلاتها، خلدت إسمي وربطته في عجول الناس بعمل الخير والمروئة.

وأكمل بأسي وهو ينظر أرض دلالة على شدة خجله من حالة قاصدا بحديثه واقعة قضية قدري: في الوجت اللي رجالتي ركبوني فيه العار وخلوني لأول مرة أطاطي راسي جدام الخلج كلاتها، تاچي هي وترفعهالي من چديد،
وأكمل متباهي بها تحت إستشاطة ليلي وغليان قلبها الأسود: كيف متكون بحديتها دي عطبطب على جلبي وتجولي إرفع راسك يا چدي، إنت عثمان النعماني، متليجش بيك المهانة وكسرة النفس.

تنهد الجميع بأسي وشعر عثمان حينها أنه أضاع عمره هباء في الحفاظ على عادات وأفكار ما أنزل الله بها من سلطان، بل خلقها البشر بأياديهم كي يصنعوا منها أدوات لتدمير أنفسهم وعدم الحصول على الراحة أو العيش بهناء
- -
بعد مرور يومان على الحادثة
بعد الغروب داخل حديقة النعماني.

وصل ذلك العاشق إلى نجع النعماني يتطلع إلى رؤيا متيمته كي يشبع روحه وقلبه الملتاع من شدة الإشتياق، فحقا إشتاق رؤياها حد الجنون، أتي على أمل النظر إلى مقلتيها الفيروزية كي يشبع روحة المشتاقة.

دلف من البوابة الحديدية بسيارته الخاصة، وجدها تجلس فوق مقعدا وسط الحديقة كشمس صيف ساطعة فرضت أشعتها على كل ما حولها فانارتة وجملتة وأعطت له رونق خاص، لم تكتمل سعادته حين تفاجأ بجلوسها بجانب ذاك اليزن المجاور لها وأمامهما بعض الأوارق اللذان يتابعاها بجدية.

إشتعل جسده وتملكت منه نار الغيرة التي باتت تشعل داخلة بالكامل وتألمة، نعم تصالحا هو ويزن وتسامحا، لكنها حبيبته، معشوقة عيناه الذي يت. مزق من شدة الغيرة عليها حتى من أبيها
كظم غيظه بداخله كي لا يظهر عليه ويفقده الكثير من هدر كرامته مجددا على يداها، صف سيارته وتحرك إلى تلك التي إنتفض داخلها وبات قلبها يتراقص ويتغني عندما هل بدرها الغائب عن سمائة،.

وقف قبالتهما وتحدث بجمود: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردوا عليه السلام ووقف يزن إحترام لحضوره واختض. نه بأخوة، بادله إياه قاسم بحب واحترام رغم غيرته الشديدة منه،
ثم نظر إليها وتحدث بملامح وجة جامدة: كيفك يا دكتورة
أجابته بنبرة صوت ضعيفة تدل على هيامها: الحمدلله.

إبتلع لعابه وغصة مرة تملكت من قلبه، وهو ينظر إلى بطنها المنتفخ جراء وصولها على مشارف شهرها السابع، تظاهر بالتماسك وتحدث متسائلا: الولد زين؟
اومأت له بعيناها لتطأنته وأكمل هو مبررا: جلجت عليكم يوم الحادثة لما شفت الاخبار وكنت عاوز أنزل لجل ما أطمن عليكم، بس ظروف شغلي ما سمحتش.
هزت رأسها دون إجابه حين تحدث يزن قائلا: الحمدلله يا قاسم عدت على خير، ده كان يوم الله لا يعوده إلا بالخير.

أومأ قاسم ثم تحدث وهو ينصرف ليدلف لداخل السرايا: الحمدلله
قال كلماته وتحرك سريع إلى الداخل تحت حزن قلب تلك العاشقة لعدم إهتمامه بها الواضح، وكأنها أصبحت لا تعني له شئ على الإطلاق.

صعد إلى الأعلى بعدما تبادل السلام مع الجميع وأطمأن على والده الذي بدأ يخرج من حالة الإكتئاب التي أصابته، دلف لداخل غرفة نومه، خلع عنه ثيابه وألقاها أرض بغضب وغيظ وغيرة، دلف لداخل المرحاض ووقف تحت صنبور الماء البارد كي يطفئ ن. ار قلبه الش. اعلة التي هبت بكامل جس. ده حينما رأها تجلس بصحبة يزن، ضل يغمر جس. ده تحت الماء عله يهدئ من إشت. عال روحه التي وصلت للمنتهي.

ليلا، كان يقف بشرفة غرفته يتحدث من خلال الهاتف إلى إحدي موكليه، كان يتحدث بنبرة هادئة، وجد من تخرج إلى شرفتها سريع بعدما إستمعت إلى صوت معشوقها، وقفت تتطلع حولها وكأنها تستطلع السماء وتستنشق الهواء النقي، كادت أن تصيب بالجنون عندما وجدت منه اللامبالاة وعدم التقدير لخروجها ولو حتى بنظرة واحدة.

تعمد ذلك التجاهل كي يش. عل روحها ويجب. رها على الإستس. لام والخض. وع إلى قلبها وندائاته وترتم. ي داخل أحض. انه حين يستدعيها هو.

أنهي مكالمته ودلف إلى الداخل دون أن يعيرها إية إهتمام وكأنها سراب، إش. عل داخلها بالغض. ب وانتفضت، دلفت إلى غرفتها وجلست على تختها وكذلك هو، بات كلاهما ينتفض بجس. د يش. تعل ن. ارا من شدة الإشتياق والغضب والغيرة على حبيبه، لا يفصلهما عن بعضيهما سوي بضعة مترات، لكنه الكبرباء لعنة الله عليه
- -
بعد مرور إسبوع على حادثة تصادم القطار.

دلف دكتور وائل بسيارته الفارهة إلى مدخل مشفي الصفا، ترجل منها تحت إستغراب كل من يزن الذي كان يقف داخل الحديقة بصحبة العمال المسؤلون عن عملية صيانة الكهرباء والإنارة بالمشفي والذين كانوا يقومون بالكشف الدوري الشهري
تحرك وائل بأناقته وجاذبيته الملفتة للأنظار وتحدث إلى الجمع: لو سمحتم، مش دي المستشفي اللي شغالة فيها دكتور أمل عبدالحميد؟

قطب يزن جبينه ورمقه بنظرة إستغراب وتسائل مستفسرا: إنت مين، وعاوز الدكتورة أمل في إيه؟
ضيق وائل بين حاجبية بإستغراب لحدة ذلك المتداخل، وأجابه بنبرة هادئة: أنا دكتور زميلها وجاي لها من القاهرة، ومحتاج أقابلها ضروري
كاد أن يتحدث لولا أن سبقه ذلك المتداخل المدعو ب سلامة، الموظف المسؤول عن الإستقبال قائلا بترحاب وهو يشير إليه ويدعوه إلى الدخول: إتفضل وياي يا باشا وأني هدلك على مكتب الدكتورة.

تحرك وائل بصحبة سلامة إلى الداخل تحت إحت. راق كيان يزن وإش. تعال الن. ار بقلبه العاشق وتوعده للفتك بسلامة حين تحن إليه الفرصة
وقف بجس. د ينتفض غضب ما بين ناري. ن، ن. ار الغيرة التي تنه. ش داخله على إمراته ويريد الدخول الفوري إليها ليري ويعرف من ذلك الغريب، ون. ار كبريائه وكرامة الرجل التي أهينت على يد تلك الحبيبة وتمنعه التدخل.

شعور غريب تملكه بأن ذلك الرجل هو زميلها الذي تخلي عنها وغ. در بها، ن. ار ش. اعلة لم يستطع إخمادها
في الداخل، إستمعت تلك القابعة خلف مقعدها إلى بعض الطرقات، سمحت للطارق بالدخول، دلف سلامة قائلا بإبتسامته السمجة: فيه ضيف چاي لك من مصر وطالب يجابل حضرتك يا دكتورة.

قطبت جبينها وترقبت الدخول، إتسعت عيناها وأنتفض قلبها غض. ب عندما رأت ذلك الحقي. ر بائع الود والعهد، وائل الذي أتي لها بعدما علم مكان إقامتها من القنوات التلفزيونية والصحف الإلكترونية التي اذاعت خبر الحادثة، أتي إليها وكله حنين وأشتياق إلى الماضي الجميل، أتي على أمل أن توافق على الرجوع إليه من جديد ويهرول عائدا إلى القاهرة كي يطلق ريماس ليتزوج من أمل مثلما كانا إتفاقهم بالماضي، وكأنه يبدل أحذيته وليست زوجات بعقد مقدس من الله.

كانت تستمع إليه بملامح وجه مبهمة وهو يشرح لها كم معاناته في إبتعادها عنه، وكم أنه أساء الإختيار وندم عندما فضل المظهر عن الجوهر، بات يتحدث ويعتذر دون الإستماع لكلمة واحدة منها تعبر عن ما بداخلها، كانت تنظر إليه وتستمع بهدوء وملامح مبهمة غير مفسرة.

إستمعت إلى طرقات خفيفة وبعدها فتح الباب دون إنتظار الرد بالسماح، وجدت أمامها ذلك العاشق بعيناه المش. تعلتان بن. ار غيرة العشق، لم تدري لما أصاب قلبها رعشة عنيفة وشعور بالراحة والإطمئنان وكأنها وجدت أمانها وحصنها المنيع
تحدث ذلك العاشق بعدما قرر التخلي عن كبريائه أمام جنون الحب ولتذهب الكرامة أمام عشقه الهائل إلى الجحيم، هتف متسائلا بنبرة صارمة: ممكن أعرف مين الأستاذ وچاي ليه؟

نظر له وائل مستغرب غض. ب ذلك الرجل، في حين تحدثت أمل إليه بنبرة باردة: ده دكتور كنت شغالة معاه زمان
ثم وقفت وتحركت إلى يزن وبدون مقدمات أحتض. نت كف يده برعاية وحنان ونظرت إلى وائل بقوة وشموخ وتحدثت: أحب أعرفك بالباشمهندس يزن النعماني،
ثم حولت بصرها إلى يزن وتحدثت بإبتسامة حانية وفخر ظهر على ملامحها: خطيبي.

إتسعت عيناي يزن وانتفض قلبه وبات يتراقص على أنغام كلماتها التي تخطت بروعتها أعظم السمفونيات العازفة
إشتعل داخل وائل وتسائل مصدوم: خطيبك؟
أجابه ذلك الذي إحتض. ن كفها برعاية وتملك لرجل عاشق حتى النخاع: إيوة خطيبها، والفرح بعد شهر واحد من دلوك
ثم نظر لعيناها وتحدث بنبرة عاشقة وعيناي هائم. ة أحرق. ت قلب وائل من الغيرة، وأشع. لت قلب أمل بعشق حبيبها: مش إكده يا حبيبتي.

إبتسمت بسعادة هائلة وأجابته بموافقة وعيناي تنطق عشق وأحتياج: أيوه يا يزن
بات ص. دره يعلو ويهبط من شدة سعادته والشعور بالإحتياج، إحت. ضنت الأرواح وتعانقت الأعين بإشتياق جارف، وقالت العيون ما لم يقله حديث، كل هذه المشاعر الهائلة ظهرت تحت إح. تراق روح وائل الذي تأكد بأنه إفتقد فرصة الرجوع وخسارته لحبيبته وإلي الأبد.

فاق يزن من حالة العشق الع. نيف الذي أصابه وأقت. حم كيانه بالكامل، حول بصره على ذلك الجالس ينظر عليهما والألم والحسرة يملئان قلبه ويظهران بعيناه وتحدث بنبرة صارمة شبه طاردا له: شرفت يا دكتور، وياريت الزيارة دي ما تتكررش تاني
وأكمل مهددا: وإلا رد فعلي عيكون عني. ف ومعيعجبكش واصل
وعي وائل على حاله وتحامل ووقف ثم تحرك إلى وقفتهما وتحدث بنبرة منكسرة إلى أمل: مبروك يا دكتورة.

قال كلماته وانسحب سريع وأغلق خلفه الباب، نظر لها متلهف ليستشف من عيناها إذا كان ما تفوهت به منذ القليل تقصده حقا، أم أنها تفوهت به كناية في ذلك الوائل ليس إلا
فنطقت تلك العاشقة التي رأت حيرته داخل عيناها وهي تشدد من ض. مة يدها ليده: بحبك وما أقدرش أستغني عنك، وهتجوزك تحت أي ظروف وغصب عن أي حد.

إتسعت عيناه وشعر وكأن روحه حلقت في السماء وباتت تتراقص من شدة سعادته، وهتف بنبرة شديدة السعادة: وأني عاشجك وعاشج الهوا اللي عتتنفسية يا أمل
وأكمل مبتسم بإعتراف: ويكون في علمك، أني كنت عارف إن جلبك عيلين ويرچع ويحن لحبيبه، مهو مش معجول جلبي يعشجك جوي إكده وإنت تفوتيه ينكوي بن. ارك،
واكمل ضاحك: وعشان إكده موجفتش بني البيت اللي عيبجا مملكتك يا ست البنات.

نظرت لداخل عيناه وتحدثت بعينان شبه دامعه: بحبك يا يزن، بحبك أوي
كان يشعر وكأنه إمتلك العالم إجمع، نظرت إلية بترقب ثم أردفت قائلة بنبرة مترددة: يزن، ليلي جت لي هنا وهددتني
جحظت عيناه واتسعت وتسائل متلهف: هددتك كيف يعني؟
وبات ينظر عليها ويتطلع بذعر وتسائل: عملت لك حاچة! أذتك يا أمل، إنطجي
أشارت سريع إليه بيداها لطمأنته بعدما رأت ملامحه المذعورة: أنا كويسة يا يزن أرجوك ما تقلقش،.

وأكملت بنبرة حرجة: أنا مكنتش ناوية أقول لك، بس بصراحة بنت عمك دي شكلها شرانية ومش سهلة، أكتر حاجه قلقتني إن تهديدها ليا حسيته أوي، يعني حسيت إنها ممكن فعلا تنفذ تهديدها وتعمل أي حاجة
سألها متلهف: هددتك بإيه يعني، جولي يا أمل.

هزت رأسها بلامبالاة وتحدثت: مش مهم التفاصيل، صدقني أنا مكنتش هقول لك علشان ده مش طبعي، لكن اللي شجعني أعرفك هو إني شفت الرعب في عيونها لما قولت لها إنها لو ما خرجتش من المستشفي حالا هتصل بيك وأخليك تيجي تاخدها بنفسك، وكمان تهديدها الصريح ليا إني لو عرفتك إنها جت هنا واتكلمت معايا خلاني أتأكد إنها فعلا خايفة منك.

قالت كلماتها وتحدثت برجاء: من فضلك يا يزن، ياريت تتكلم معاها بهدوء وتفهمها إن اللي عملته ده لا يليق بيها ولا بمكانة عيلتها
هتف مطمأنا إياها برجوله وحماية: إطمني يا حبيبتي، معايزكيش تخافي طول ما أني چنبك، وليلي أني هعرف أوجفها عند حدها
أرادت أن تخرجه من حالة الحزن التي أصابته جراء ما فعلته إبنة عمه لحبيبته فتحدثت بنبرة حنون أث. ارت جنونه وأشعلت. ه: أخاف إزاي وإنت راجلي يا يزن،.

وسألته بدلال جديد على شخصيتها الجادة: مش إنت قولت لي إنك راجلي وأماني؟
جن جنونه وبات قلبه يدق بوتيرة عالية كطبول الحرب، أجابها بعيون تصرخ عشق: إيوه أني راچلك وأمانك وحمايتك يا أمل، وإنت مرتي الحلوة اللي عتنسيني چوة حض. نها مر الأيام، عكون لك الراچل والسند والحماية، وعتكوني لي الكتف الحنين اللي علاجي فيه راحتي
إبتسمت بسعادة فتحدث هو بعيون هائمة تقطر غرام: عاشجك يا أمل.
وكيف لي أن أخفي عشقك بص. دري بعيدا عن الأعين
وأنا برغم الحزن، رغم الصمت، رغم الإنكسار والإبتعاد
ضل غرامك مستوطن ساكن ثنايا القلب وبين الأضلعي
خواطر صفا النعماني
بقلمي روز امين.

عاد وائل إلى القاهرة يجر بأذيال خيبة أمله الكبري، شعر بأنه خسر الكثير من الإحترام لذاته بتلك الزيجة الملعونة، قرر أن يقوم بتطليق ريماس ليبتعد عن تلك العائلة ويحاول أن يبدأ حياة جديدة، لكنه بمجرد وصوله إلى منزله ليفاتحها بأمر الطلاق، وجد والدته ووالده بإنتظاره وبوادر السعادة ترتسم فوق وجوههم، نظر على ريماس التي تجاور والدتها بإرهاق يظهر فوق ملامح وجهها.

جرت عليه والدته وهتفت قائلة وهي تحتض. نه بسعادة هائلة: مبروك يا حبيبي، أخيرا سمعت الخبر اللي ياما حلمت بيه وأستنيته
قطب جبينه بإستغراب وتسائل مستفسرا: خبر إيه ده يا ماما اللي جايب حضرتك وبابا تستنوني هنا والفرحة مش سيعاكم بالشكل ده؟!
أجابته إلهام والدة ريماس بسعادة بالغة: ألف مبروك يا دكتور، هتبقا بابي.

إنصدم داخله وشعر بعالمه ينهار من تحت قدماه، ماذا عليه أن يفعل وهو الذي إنتوي الإبتعاد، لكن يبدوا أن للقدر معه رأي اخر.

إقترب منه والده وأحتض. نه بشدة وربت على ظهره مهنئ إياه، نظر لتلك الريماس وجدها تنظر إليه بسعادة بالغة وكأنها قامت للتو بفتح عكة، شعر بالمهانة عندما لم يجد أمامه سوي الرض. وخ والإستسلام للأمر الواقع، وذلك لعلمه الشديد بعدم موافقة والديه لفكرة الطلاق نهائي في وجود طفل يتمناه كلاهما منذ الزمان لوحيديهما.

أما عدنان الذي شكر ربه على عدم مشاهدة كوثر وإيناس إلى حادثة القطار التي ظهرت بها صفا، وذلك لوجود كوثر داخل المشفي حيث أجرت عملية إستئصال الزايدة الدودية ورافقتها إيناس لمدة خمسة أيام، لم يشاهدوا خلالها التلفاز ولا حتى مواقع التواصل الإجتماعي على هواتفهم الذكية،.

ويرجع ذلك إلى دخول كوثر في حالة حرجة بعد إجرائها العملية، وبعد تحسن حالتها وخروج كلتاهما من المشفي كان الموضوع قد هدأ كثيرا وأختفي من الساحة وظهور موضوع بديل لتتناوله المواقع كما جرت العادة.

ليلا داخل سرايا النعماني
دلف يزن باحث عن عائلته كي يقوم بإبلاغهم بموافقة أمل بالزواج منه، إستمع إلى أصواتهم تخرج من داخل حجرة الطعام فتيقن أنهم يتناولون وجبة عشائهم
خطي بساقيه إلى الداخل ونظر إلى الجمع الكامل حتى عمه زيدان و ورد وصفا أتوا بناء على طلب عثمان الذي طلب حضورهم بإلحاح وتمني، حتى يشعر بلمة عائلته من حوله كقبل
تحدث يزن قائلا بنبرة هادئة: متچمعين عند النبي إن شاء الله.

إبتسم له الجميع وأمنوا ورائه بتمني، ثم وجه الحديث إلى جده بنبرة جادة: چدي، كنت حابب أبلغك إن أني والدكتورة أمل حددنا ميعاد الفرح، وإن شاء الله عيكون بعد شهر من دلوك
تنهد عثمان، وعدة مشاعر متناقضة تملكت من داخله، شعور بالسعادة لاجل زواج حفيده الغالي وفرصة لتكوينه لأسرة سعيده وإحتمالية رزقه بأطفالا.

وبنفس التوقيت شعور بالحزن والت. ألم لأجل حفيدته وحزنها الذي أصابها عندما إستمعت إلى ذاك الخبر المشؤوم بالنسبة لها
صمت تام أصاب الجميع لنفس أسباب عثمان، فالجميع أصيب بعدة مشاعر مخطلتة
تحدث الجد بنبرة عاقلة: على خيرة الله يا ولدي، وأني عخلي المجاول يزود لك عدد الرچالة اللي عيشتغلوا في البيت لجل ما يخلصوه بسرعة ويشطبوه جبل الشهر ما يخلص.

إنتفضت ليلي واقفه وتحدثت بفظاظة: يعني حضرتك موافج على إنه يچيب لي ضرة ويجهر جلبي بيها؟
وأكملت بتساؤل غاضب أدمي قلب عثمان: عترضي عليا اللي معترضهوش على غيري ليه يا چدي؟
واسترسلت بتعجب لأمره: هو أني مش بردك حفيدتك ولا إيه يا حاچ عثمان!
تنهد بأسي وأجابها: حفيدتي وغالية علي وربي عالم بغلاوتك في جلبي يا ليلي، وأكمل مضطرا: بس المصلحة حكمت يا بتي، إبن عمك لازمن يكون له وريث لإسمه وإسم عيلته.

ثم أكمل بنظرة لائمة: واللي إنت عملتيه في إبن عمك مكانش جليل بردك
كانت فايقة تنظر إلى الجميع بشر وتوعد، لكنها لم تقوي على التفوه بحرف واحد بعدما باتت تتعامل من رسمية وعثمان بأسوء أنواع المعاملة لتيقنهم أنها السبب الرئيسي لما وصل له قدري
نظر يزن إلى ليلي وتحدث بنبرة حادة: إنت كمان ليك عين تعترضي ولساتك عتتحدتي.

ثم نظر إلى جده وهتف بنبرة حادة: الهانم المحترمة بت الأصول اللي حضرتك منبه على أبوها إنها متخرجش بره البيت، كسرت كلمتك وكلمت أبوها وراحت المستشفي واتهجمت على الدكتورة أمل بالكلام وهددتها
إبتلعت ليلي لعابها خشية غضب يزن في حين تحدثت نجاة التي نظرت إلى ليلي بذهول وهتفت: روحتي لها ميتا يا حزينة؟
وأكملت بتذكر: أكيد صباحية يوم أبوك ما خدته الحكومة، لما كدبتي علي وجولتي لي إنك رايحة تطلي على چدتك سنية.

صاحت بنبرة كاذبه وإنكار: إنت كمان عتعومي على عومها يا مرت عمي!
وأكملت بإتهام كاذب لأمل: دي واحدة ملعونة عتفتري علي بالكذب لجل ما يزن يصدجها ويجلب علي
صاح بها بنبرة صارمة: يزن ممحتاچش يسمع من حد لجل ما يجلب عليك يا بت عمي، اللي عملتية خير شاهد، وأكمل بدفاع وقوة رجل عاشق: ثم الدكتورة أمل دي أني أضمنها وأضمن كلمتها برجبتي.

وأكمل وهو يشير بيده إليها بنبرة تهديدية: لاخر مرة عنصحك لوجه الله وعجولها لك كدام چدك وأبوك وإعمامك وأخوك، الله الوكيل، لو مسيتي أمل ولو حتى بكلمة طيبة، لتكوني طالج بالتلاتة يا ليلي.

ثم نظر إلى جده وتحدث: أظن من حجي إني أحمي الحرم. ة اللي عتكون مرتي، ولا إيه يا چدي؟
أومأ له عثمان وتحدث بجدية: عداك العيب يا ولدي
تحدث قدري بنبرة جادة: ربنا يتمم لك على خير يا ولدي
وأكمل وهو يرمق ليلي بنظرات متوعدة: وبتي أني كفيل بيها وجادر أحمي الخلج من شرها
غضب داخل ليلي وشعرت بالخزلان من أبيها، أما فايقة التي صاحت وتحدثت بنبرة متهكمة: وإيه كمان يا سيد الرچالة؟

وأكملت بنبرة لائمة: ده اللي ربنا جدرك عليه؟
ده بدل ما تجف في ضهر بتك كيف ما زيدان وجف لبته في وش الكل حتى أبوه، تجوم تجوله مبارك وبتي أني عكسر لك رجبتها!
رمقها بنظرة حارقة وتحدث بنبرة حادة بعدما فاض به الكيل من أفعالها: إجفلي خاشمك يا م. رة، وبدل بجاحتك وعينك الجوية دي، خلي بالك من بتك وجولي لها تحافظ على اللي باجي من بيتها.

وجهت ليلي نظراتها الكارهه إلى صفا حيث أنها مقتنعة تمام الإقتناع بأن صفا هي من جلبت تلك الأمل من أجل أن تشغل عقل يزن بها وينشغل باله وينسي بها ليلي، فزاد حقدها على صفا وباتت تفكر بطريقة إنتقام تليق بتلك الصفا وما صنعته، كي تشفي غليلها منها.

بعد يومان
ذهب الحاج عثمان بصحبة منتصر وزيدان ويزن إلى المشفي، ودلف إلى حجرة أمل الخاصة بالفحص، وطلب منها الموافقة على طلبه الزواج من حفيده يزن، وذلك حسب الشرع والأصول
إشتدت سعادة أمل وأدمعت عيناها حين شعرت تقدير عائلة يزن وترحيبهم بدخولها إلى عائلتهم رغم ظروفها وعدم وجود ولي لها، حيث توفي والدها الذي كان وحيدا لوالديه ولم يتبقا لها سوي والدتها وشقيقتها.

إحتضنها عثمان بحنان وأشعرها بأبوته هو وزيدان ومنتصر تحت سعادة يزن وفخره بأفراد عائلته الحنون، طلب منها زيدان القدوم إلى داره والمكوث بها بصحبة صفا بإعتبارها ستصبح إبنة العائلة عن القريب، لكنها إعتذرت بكبرياء
إصطحبها يزن باليوم التالي إلى إحدي محلات الصاغة وجلب لها الكثير والكثير من الذهب حسب العرف الدارك ولم تستطع أمل الإعتراض تحت إلحاح ذلك اليزن.

كان جميع العمال يقفون ويعملون على قدم وساق للإنتهاء من أعمال المنزل وتجهيزه للزواج، وذلك بعدما تفرغ يزن بشدة لحثهم على الإسراع، كل هذا تحت إشت. عال روح ليلي وبرغم غليانها من تلك الأمل إلا أنها لم تقوي على الإقتراب منها حتى ولو بكلمة، خشية غضب يزن وتنفيذه لتهديده وخسارتها له وللأبد.

تحركت بصحبة والدتها خارج السرايا في الخفاء من باب المطبخ الخلفي بمساعدة العاملة منيرة، وذهبتا إلى الدجال، وطلبتا منه أن يصنع لهما سحرا أسودا إلى يزن كي يترك تلك الأمل ويعود من جديد إلى أحض. ان ليلي ذلي. لا على حد وصف فايقة وغلها
إستغل ذلك الدجال جهلهما وغبائهما وطلب منهما ذهب من اللتان ترتديه كلتاهما بجانب المال الكتير اللتان غمرتاه به، ووعدهما بكذب وضلال بأن يجعل منه عبدا طائ. ع ذليل لتلك الليلي.

مما جعل كلتا العقربتان تسعدا وتتحركا من جديد عائدين إلى داخل السرايا بمساعدة تلك العاملة مرة اخري، ثم أمرتها فايقة بأخذ تلك المياه التي أعطاها الدجال لهما وطلبت منها بأن تقوم بنثرها أمام الغرفة التي يسكنها يزن ليخطوا بها ويأتي السحر بمفعوله بتلك الطريقة
- -
بعد مرور حوالي عشرة أيام.

صباح بمنزل زيدان، فاقت مبكرا وتناولت وجبة فطارها بصحبة والديها، وتحركت سريع كعادتها لتذهب إلى المشفي لمتابعة عملها التي تعشقه، تحركت بأولي درجات الدرج وما شعرت بحالها إلا وساقيها تنزلق لترتمي على ظهرها للخلف وتزحف بظهرها على الدرج لتصل لنهايته مع صرخاتها العالية التي إستمع لها كل من زيدان و ورد التي خرجت سريع وما أن رأت إبنتها متسطحة على ظهرها أسفل الدرج حتى لطمت خديها وصرخت بإسمها عاليا: بتي.

وكادت أن تهرول إليها لولا يد زيدان الذي جذبها بقوة وتحدث وهو ينظر إلى الدرج ويدقق النظر على تلك المادة اللامعة الموجودة عليه: حاسبي يا ورد، السلم كنه مدلوج عليه حاچة بتزحلج
وتحدث وهو يتمسك بالترابزين ويتدلي إلى إبنته بحرس وأنتباه: إمسكي في الترابزين زين.

وصل إلى تلك المتألم. ة التي تضع يدها فوق أحشائها وتصرخ بشدة مما جعل جميع من في السرايا يخرج هلعا بعدما إستمعوا إلى صراخ صفا وورد من داخل غرفة الطعام وهو يتناولون وجبة إفطارهم
إتسعت أعين فايقة ولطمت خديها عندما لاحظت وجود دم. اء وكأنه نزي. ف خاص بالجنين
هتفت ورد متسائلة إبنتها: حاسه بإيه يا بتي، في حاچة وجعاكي؟
صرخت صفا قائلة بأل. م مضني: ضهري وبطني عيتجطعوا يا أما، عموت.

هلع أصاب الجميع جراء منظر الدم. اء التي تسيل منها على الأرض، رسمية نجاة ومريم التي صرخت بإسم إبنة عمها الغالية، وحتى فايقة التي خشيت خسارة نجل ولدها البكري،
حملها زيدان بين ساعديه وضمها لص. دره والخوف ينهش داخله ويتأكله، وتحدث إليها مطمأن إياها: متخافيش يا صفا، عتبجي بخير إنت و ولدك
وتحرك بها وهو يهتف إلى يزن بنبرة أمرة: إفتحي لي باب العربيه يا يزن وكلم الدكتورة أمل تچهز حالها على ما نوصلوا عنديها.

وتحدث إلى فارس: دور العربية يا فارس وإطلع بسرعة على المستشفي
أومأ له الشابان وتحركا بسرعة هائلة، إستقل الجميع السيارات وتحركوا حتى عثمان ورسمية كلاهما لم يقوي على الجلوس في المنزل والإنتظار
تحركت سيارات العائلة سريع خارج البوابة الحديدية عدا تلك التي تقف داخل فيراندا السرايا من بداية الامر ولم يتحرك لها ساكن، نظرت لاخر سيارة خرجت من البوابة ثم ظهرت على محياها إبتسامة شامتة،.

رفعت رأسها لأعلي شامخ وتنفست بإنتشاء وسعادة ثم تحركت إلى الداخل ومنه إلى غرفة الطعام لتكمل إفطارها بشهية عالية تحت إستغراب عاملات المنزل
في الطريق، أخرجت فايقة هاتفها وأخبرت قاسم بما جري، مما جعله يترك ما بيده ويتجه إلى المطار بقلب يرتجف رعب على حبيبته فقط لا غير.

داخل المشفي، وصلت السيارة التي تقل صفا وتوقفت أمام درج المشفي، وتم نقلها سريع على الترولي من قبل طاقم التمريض والأطباء الذين كانوا بإنتظارها بعد إتصال يزن، ودلفت إلى داخل غرفة أمل حيث جهاز السونار،.

تابعت أمل الكشف عليها بصحبة صديقتها الطبيبة مي التي حضرت من القاهرة مصطحبة والدتها معها لمساعدة أمل في تجهيز ما يلزمها كعروس، وذلك بعدما قررت السيدة إيمان والدة مي بأن تأتي وتساند أمل وتساعدها بتجهيز عش زوجها السعيد، كي لا تشعر أمل باليتم رغم وجود والدتها على قيد الحياة
تحدثت مي الطبيبة الماهرة بتخصصها: الحالة صعبة جدا يا أمل، ولازم تدخل العمليات فورا وإلا هنفقد الجنين.

إستمعت صفا المنهارة بدموعها المنسابة فوق خديها كشلال وأرتعب جس. دها بشدة وصاحت برجاء: أرجوك يا أمل إتصرفي بسرعة،
ثم وضعت كف يدها فوق أحشائها تتحس. س وضع جنينها الذي يتحرك في الداخل بتشنج وهتفت بنبرة مرتعبة: مش عاوزة أخسر ولدي، ده هو الأمل اللي فاضل لي اللي لو راح هروح وراه
ربتت أمل على كتفها وتحدثت بنبرة مطمأنة: إهدي من فضلك يا صفا، الإنفعال والتوتر ده مش حلو لا ليك ولا لحالة الجنين.

وتحركت إلى الخارج لتخبر الجميع قائلة بأسي: صفا حصل لها نزيف حاد نتيجة الوقعة، ولازم نولدها بعملية قيصرية حالا
وأكملت بأسي: بس علشان تكونوا معايا في الصورة لازم أبلغكم وأقول لكم إننا ممكن لاقدر الله نفقد حياة الطفل
صاحت فايقة بوجه أمل قائلة بنبرة حادة مستغلة الوضع: فال الله ولا فالك يا غراب الشوم إنت
نظرت لها أمل بإستغراب في حين صاح بها يزن مدافع عن زوجته المستقبلية قائلا بنبرة صارمة: مرت عمي.

كظمت غيظها منه وصمتت في حين أكملت أمل باقي حديثها شارحة بأستفاضة: إسمعوني كويس من فضلكم، أنا أهم حاجة عندي هي حياة صفا وإني أقدر أخرجها سالمة من أوضة العمليات وبس، لو ربنا بيحبنا هيساعدني أنا ودكتور مي في إننا نقدر ننقذ حياة الطفل مع الأم
تفوهت تلك المكلومة على إبنتها ووجهة سؤالها إلى أمل بنبرة ضعيفة مرتبكة وهي تسترجع الماضي الأليم داخل ذاكرتها وكأنه شريط سينمائي: هي صفا ممكن تشيل الرحم؟

نظرت لها أمل بأسي وتحدثت بنبرة حزينة: للأسف يا طنط، أوقات كتير بيكون إستئصال الرحم هو الحل الوحيد للسيطرة على وقف النزيف علشان ننقذ حياة الأم،
وأكملت لطمأنتها: بس إن شاء الله النزيف يقف وما نضطرش نلجأ للحل ده
وتبادلت النظر إلى الجميع وأردفت برجاء: إنتم بس إدعوا لها.

ثم نظرت إلى زيدان وتحدثت: زيدان بيه، بما إن أستاذ قاسم مش موجود فأنا محتاجة موافقتك علشان أبدأ في العملية، لازم كمان تمضي لي على إقرار بموافقتك على دخول صفا لأوضة العمليات، وتحملك المسؤلية الكاملة على اللي هيحصل جوة
دبت ورد على ص. درها في حين تحدث زيدان بجس. د يرتجف: هاتي لي الإجرار دي لجل ما أمضية، وأدخلي لها بسرعة
وأكمل محفزا إياها: ربنا معاك ومعاها يا بتي.

تحدث يزن إليها بعيون مشجعة: أني واثج فيك بعد ربنا يا أمل، ومتوكد إنك عتخرچي بصفا وبالواد كمان
أومأت له بجدية ودلفت إلى الداخل سريع لتشرعا هي وصديقتها بالبدأ بإجراء العملية والخروج منها بأقل الخسائر الممكنة
نظرت ورد إلى جميع الحضور وباتت توزع عليهم نظراتها الكارهه وهتفت بنبرة حادة: لساتكم مشبعتوش أذية فيا وفي چوزي جولتوا تكملوا على المسكينة بتي؟

إنتبه لها الجميع فأكملت مفسره: مكفكوش معايرة وشماتة فيا طول السنيين اللي فاتت چايين دلوك تكملوا المشوار مع الغلبانة صفا!
وأكملت صارخة: مستكترين عليها يكون لها العزوة والسند اللي حرمتوها وحرمتوني منيها ليه؟

ثم حولت بصرها إلى فايقة وبعيون تطلق شزرا أردفت قائلة بتوعد وهي تشير بيداها: وكتاب الله لو بتي چري لها حاچة هي ولا ولدها لاكون جتلاكي بإديا دول، ومحد عيعرف يخلصك مني غير وروحك خارچة على يدي ورايحة للي خالجها
جحظت عيناي فايقة وهتفت قائلة بذهول: كنك إتخبلتي وفجدتي عجلك يا م. رة، عتشكي فيي وتتهميني إني عاوزة أجتل ولد إبني اللي عترچاه من إسنيين يا مخبولة إنت!

وأكملت صادقة: ده أني جاعدة بعد الليالي لجل ما أشيله على يديا وأخده چوة حض. ني وأشم فيه ريح ولدي البكري
رمقتها بنظرة غاضبة وهتفت بإتهام: ميتا كتي عتحبي حد وتاخديه چوات حض. نك يا واكلة ناسك إنت؟
ده أنت معملتهاش ويا عيالك اللي من لحمك ودمك، عتعمليها مع ولد صفا بت عدوتك؟!
أجابتها فايقة بتهكم: عيجولوا أعز من الولد ولد الولد يا أم صفا، مش إكده بردك ولا إيه؟

جذبها زيدان وأدخلها لداخل أحض. انه وتحدث وهو يرتب على ظهرها بحنان كي يهدئ من روعها: إهدي يا ورد وأصبري لما نطمن على صفا وولدها
ثم نظر بعيناي تقطر شرا وتحدث: وبعد إكده أني ليا تصرف تاني مع اللي دلج الزيت على السلالم
أردف عثمان متسائلا بإستفسار: إنت متوكد إن فيه زيت مدلوج على السلم يا ولدي؟
تحدث يزن مؤكدا لجده: الزيت موچود وأني شفته بنفسي واتوكدت منيه يا چدي، ومغرج السلالم من أولها لأخرها كمان.

خرجت ورد من أحض. ان زوجها وتحدثت بتوعد ونبرة غاضبة: الله الوكيل لأجدم فيكم بلاغ في المركز يا عيلة النعماني، وأخليهم يجروكم واحد واحد على المركز لجل ما يعرفوا مين اللي كاره بتي إكده
وهنا لم تستطع الصمود وأنهارت باكية وهي تنظر إلى زيدان بقلب يرتجف رعب: عيشيلوا لها الرحم وتبجا كيف أمها يا زيدان.

ونظرت إلى رسمية وفايقة وأردفت بتساؤل: طب أني كنتوا كارهيني إكمني مكنتش منيكم، لكن هي ليه! دي لحمكم ودمكم يا ناااااس
نزلت دموع رسمية وشعرت بالخزي والعار من حالها، وسحبها زيدان من جديد إلى أحض. انه وتحدث: عتجدري البلا جبل وجوعه ليه يا بت الناس (هتقدري البلا قبل وقوعة ليه)
وأكمل برضا ويقين: إرفعي يدك للسما وجولي يا رب، وإن شاء الله ربنا معيخزلناش.

بكت داخل أحض. انه وهتفت مناجية ربها بأعلي صوت: يارب، يارب تنچي لي بتي، ملناش غيرك نلچئ له يا حبيبي
بعد مرور حوالي ساعة، دلف يهرول داخل رواق المشفي، وجد الجميع مازال منتظرا بقلوب مرتجفه مترقبة لما هو أت
تحرك إليه فارس وتحدث: حمدالله على السلامه يا قاسم
سأل شقيقه بترقب: صفا خرچت ولا لسه؟
هز له رأسه نافي
نظر إلى الجميع ثم توجه بسؤال لقلب يتمزق ألما: إيه اللي حصل لصفا، وجعت كيف؟

أغلقت ورد كتاب الله (القرأن الكريم) التي كانت تقرأ به كي يهدئ من روعها ويرزقها الطمانينة
ثم نظرت إليه وتحدثت بإتهام: إسأل أمك يا قاسم
قطب جبينه بإستغراب وهو ينظر إليها وتسائل مستفسرا، : وأمي مالها بوجوع مرتي يا مرت عمي!
هتفت ورد بنبرة حادة: لجينا السلالم بتاعت دارنا كلياتها متغرجة بالزيت، جولي إنت مين عيعمل إكده إن مكاناتش أمك يا حضرة الافوكاتو؟

حول بصره سريع إلى والدته التي هتفت قائلة بنبرة حادة: الله يصبرني على چنانك ده يا م. رة
إستشف قاسم من نظرات والدته ونبرة صوتها أن لا دخل لها فيما حدث، لكنه فهم أن الحادث بفعل فاعل، ولم يكن قاسم إن لم يتعرف عليه، وتوعد داخله بأن لن يتركه إلا وهو جثة هامدة ولكن صبرا، يطمئن أولا على صغيرته وبعدها سيثأر لها.

وجد ياسر يخرج من غرفة الفحص الخاصة به فهرول إليه وتحدث أمرا: عاوز أدخل أوضة العمليات عند الدكتورة صفا
أجابه ياسر بتفهم: أنا فاهم قلقك ومقدره، بس للأسف مش هينفع، إدعي لها، وبعدين هما إن شاءالله شوية كده وهيخرجم
هتفت ورد بنبرة قلقة متسائلة: عيعملوا إيه چوة لحد دلوك يا دكتور، احب على يدك تدخل لهم چوة وتطمني على بتي.

تنهد بأسي وتحدث ليطمأنها: إهدي حضرتك وأطمني، دكتورة أمل ودكتورة مي من أكفئ الدكاترة في تخصصهم، حضرتك دول كانوا متعينين في أكبر مستشفي إستثماري في البلد، والمستشفي دي معروف عنها إنها مش بتعين أي حد غير لما تتأكد إنه برفكت في شغله ويستاهل بجد يكون موجود ضمن طاقم المستشفي.

حالة من القلق أصابت الجميع وبدأت الجدة وورد ونجاة بالبكاء الشديد مما جعل الدماء تغلي داخل شرايين قاسم الذي صرخ بهم بعدما فاض به الكيل: بطلي عويل منك ليها، إدعوا لها بدل عويلكم دي
بالكاد أنهي جملته وفتح باب غرفة العمليات وخرجت منه أمل، هرول الجميع إليها يتسائلون بنبرات مرتعبة، فتحدثت سريع لتهدأت رعبهم الذي ظهر فوق ملامح وجوههم: إطمنوا يا جماعة، صفا بخير والبيبي كمان زي الفل.

واسترسلت بشرح موافي: هي بس الرئة بتاعته غير مكتملة وهنضر نحجزه في الحضانة لمدة إسبوع واحد وهيبقا زي الفل
سألتها ورد متلهفة: والنزيف يا بتي، وجفتوه؟
أجابتها بإبتسامة مطمأنة: النزيف وقف بفضل الله ثم دعواتكم، وصدقوني هي زي الفل
سألتها رسمية بتأكيد لطمأنت قلبها على صغيرة ولدها الغالي: والرحم يا بتي، طمنيني، صفا عتخلف تاني؟
أجابتهم بنبرة وابتسامة هادئة: هتخلف تاني وتالت وعاشر لو حبت كمان يا تيتا.

شعور بالفرحة عم المكان وطغي على الجميع بلا إستثناء، وتعالت المباركات والتهنأة
عدا عاشق متيمته الذي سألها متلهف: هي صفا مخرچتش من چوة ليه؟
أجابته بهدوء: أنا سبتها مع دكتورة مي بتفوقها وجيت علشان أبشركم
تحدث عثمان شاكرا إياها: الله يطمنك ويبشرك دايما بالخير يا بتي
إبتسمت له وشكرته
هتف قاسم قائلا لها: أني عاوز أدخل لمرتي يا دكتورة.

نظرت إليه وأومأت بموافقة بعدما لمحت رعبه وقلقه داخل عيناه، تحرك سريع إلى الداخل بصحبة أمل، لمحته مي التي كادت أن تعترض على دخوله لولا يد أمل التي أشارت إليها لتمنعها من الإعتراض
إقترب عليها بساقان مرتجفتان من هول اللحظة، فقد كانت مسطحة على التخت الخاص بالعمليات ترتدي الثياب الخاص المعقمة، مغمضة العينان وغائبة عن الوعي تماما، إنتبه إلى صوت جنينه الذي كان معلقا من ساقيه بيد طبيبة الأطفال،.

حيث كانت توجة له ضربات خفيفة فوق ظهره كالمعتاد لإفاقته وإخراج صوته، إرتبك حينما رأه ورهبة إجتاحت كيانه، أصبح مشتت العقل والكيان بينهما، لكنه إستعاد وعيه سريع وثبت بصره على وجه متيمة روحه
في حين وضعت طبيبة الأطفال الصغير داخل الحضانة نظرا لنقص نموه بسبب الولادة المبكرة، لكن حالته ككل جيدة، وتحركت به سريع إلى الخارج كي تضعه في الغرفة المخصصة للحضانات.

إقترب منها وأمسك كف يدها يتلمسه بإشتياق وحنين ولهفة وخوف، ضل ينظر إلى مي ويتابعها وهي تضرب بكف يدها فوق وجنتها لإفاقتها وإستعادة وعيها
إستمع إلى همهمات تخرج منها بصوت ضعيف، وبدأت بتحريك أهدابها وفتح عيناها شئ فشئ، نظرت أمامها لتري رتوش لوجوه مشوشة حولها، إستمعت إلى رنين لأصوات أيضا مشوشة وكأنها داخل حلم.

إبتسمت بخفة حينما وجدت وجهه يقترب منها ويميل عليها ويتحدث بكلمات غير مفهومة لذهنها وغير مسموعة إلى أذنيها
للحظة خيل لها أن طيفه يزورها داخل منامها كعادته، نطقت بنبرة ضعيفة للغاية مع شبح إبتسامة لعاشقة متيمة: حبيبي
إشتدت سعادته وتحدث وهو يت. لمس خدها المياس بنعومة غير عابئ بمن حوله: يا عيون حبيبك وجلبه من چوة
إبتسمت له بسعادة لإستماعها لكلماته المدللة وتأوهت بدلال.

وأكمل هو بعيون ضاحكة وابتسامة جذابة رائعة: حمدالله على سلامتك يا جلب حبيبك
همهمت من جديد وتحدثت غير واعية: خ. دني چوة حض. نك يا قاسم وضم. ني جوي، عاوزة أشم ريحة چس. دك لچل روحي ما ترد فيا
تحمحم بخجل عندما رأي إبتسامات كل من بالغرفة على تلك العاشقة التي كشف حقنها ببنج التخدير عن مكنون مشاعرها الداخلية.

تدخلت أمل التي بدأت بالخبط على وجنتها من جديد لإفاقتها وإخراجها من تلك الحالة المحرجة للجميع، هتف متلهف وهو يوجه حديثه إلى أمل: بالراحة عليها
أجابته امل بعملية: لازم أخبط على خدها ومناخيرها جامد علشان تفوق وتخرج من تأثير البنج
وبالفعل بدأت بإستعادة وعيها وأول كلمة نطقت بها وهي تنظر إليه متلهفه خشية إستماعها لخبر فقدانها لطفلها: إبني يا قاسم، إبني فين؟

ضم يدها بين راحتيه بشدة كي يطمئن روعها وتحدث مطمأن إياها: إبننا بخير يا حبيبتي، إطمني
هتفت بنبرة قلقة غير مصدقة إياه: عاوزة أشوفه
إبتسم لها وتحدث بهدوء: الدكاترة خدوه على الحضانة لأن الرئة بتاعته غير مكتملة، بس دكتورة أمل طمنتني وجالت لي إن وضعه مستجر (مستقر) الحمدلله.

بعد حوالي نصف ساعة، كانت تتسطح على التخت داخل الغرفة التي خصصت لها، تتأوه بعدما بدأ تأثير البنج في الزوال، يلتف حولها الجميع وهم يحمدون الله على سلامتها وجنينها
تحدث قاسم إلى جده بنرة صارمة: يلا بينا يا چدي علشان أوصلك للسرايا
علم زيدان من ملامح وجهه الصارمة أنه ذاهب لإكتشاف المتسبب فيما حدث لغاليته وكاد أن يفقدها وجنينه معا، فهتف قائلا: خدني وياك يا قاسم.

علم الجميع من معالم وجه قاسم السبب وراء ذهابه حتى تلك المتسطحة
إنتفضت فايقة واقفه من جلستها كي تذهب معهم للإطلاع على الوضع ومعرفة من المتسبب فيما حدث، هي بالاساس باتت شبه متأكدة من الفاعل، ولهذا السبب ستذهب معهم، تحرك قاسم، عثمان، زيدان، قدري، يزن، فايقة
كاد فارس أن يتحرك معهم لكن قاسم طلب منه هو وحسن المكوث بجانب صفا والجميع كي لا يتركوا النساء بمفردهم.

وصل الجميع إلى حديقة السرايا وجمع قاسم جميع العاملات حتى صابحة عاملة ورد، وحتى الخفراء المسؤلين عن حماية السرايا، وقفت ليلي ومريم وفايقة المرتعبة داخل الفيراندا يشاهدن
هتف زيدان مدافع عن صابحة وحسن قائلا: خرچ خالتك حسن وصابحة برة الموضوع يا قاسم، دول أني أضمنهم برجبتي
صاح قاسم بنبرة حادة: مش عخرچ حد جبل ما أعرف مين كارهني ورايد لي الأذية جوي إكده، محدش خارچ دايرة الإتهام يا عمي.

صمت زيدان لتيقنه صحة حديثه، ثم تحدث قاسم بفطانة وإدعاء: اللي دلجت الزيت للدكتورة صفا مجدمهاش حل غير إنها تعترف
وأكمل بنبرة زائفة وهو يشير بسبابته لأعلي شرفته كي يرعبهم ويحس ذاك المجرم أو المجرمة على الإعتراف: شايفين كشاف النور الكبير اللي متعلج في بلكونة شجتي دي؟
رفع الجميع قاماتهم ينظرون عليه فأكمل قاسم بإدعاء: أني زارع كاميرات مراجبة فيه وعتصور كل حاچة بتحصل في الچنينة.

وأكمل ليدب الرعب داخل أوصال الفاعل: وأكيد الكاميرات صورت اللي عمل إكده، بس جبل ما أطلع وأشوف اللي فيها، عاوز أدي فرصة للي عمل إكده
أسترسل بطمأنة: لو إعترف بنفسيه وأتأسف عسامحه، لكن لو ما أعترفش دلوك وكابر، عطلع أشوف الكاميرات وعبلغ النيابة تاچي تاخده
وأكمل مهددا: والله الوكيل معخليه يشوف الشمس تاني بعنيه.

بالفعل أتت خطته بجني ثمارها حيث إرتعبت تلك الفتاة المسماه ب منيرة وهتفت بإرتياب ونبرة مرتعبة: أني عجول على كل حاچة يا بيه
إنتفض ج. سد ليلي ونظرت بتحذير إلى العاملة التي لم تهتم وهتفت بدموعها: الست ليلي هي اللي جالت لي أخد جزازة الزيت وأغرج بيها السلالم جبل ما الدكتورة صفا تصحي
أغمضت فايقة عيناها بإستسلام لاعنة غباء صغيرتها التي كتبت شهادة وفاتها بيدها بمنتهي الغباء.

في حين أكملت منيرة بجس. د ينتفض رعب: الله الوكيل ما كنت موافجة يا بيه، بس هي هددتني وعطتني خاتم دهب من حداها، وجالت لي لو عملت إكده هيبجا الخاتم بتاعي وعتدهولي، ولم مسمعتش حديتها عتجول للكل إني سرجته منيها وتوديني الجسم.

جحظت عيناي قاسم مما إستمعه، أحقا شقيقته هي من أرادت قت. ل صغيره قبل أن يخرج إلى الدنيا ويري نورها!
إقترب منها قدري وقام بصفعها على وجنتها بقوة مما جعلها تتهاوي بوقفتها وتحدث: إنت اللي عملتي إكده في مرت أخوك وولده يا واكلة ناسك!
إبتلع قاسم لعابه بتألم وغصة مرة وقفت بحلقه وتحدث بنبرة صارمة إلى حسن: خدي البنات ودخليهم على المطبخ يا خالة حسن.

وأكمل محذرا: اللي حصل إهنيه لو حد في النچع خد خبر بيه، معرحمش اللي جالت وحسابها عندي عيكون تجيل جوي معتجدرش على تسديده
وأكمل وهو يجذب تلك العاملة من يدها ويسلمها للخفير قائلا: إرمي البت دي في أوضة الخبيز لحد ما افضي لها يا حسان
أومأ له الخفير وأيضا العاملات اللواتي أومأن بطاعة وأرتياب وبالفعل تحركن إلى الداخل والخفراء إلى خارج السرايا.

حول قاسم بصره إلى ليلي وسألها بنيرة حزينة متعجب: عملت فيك إيه عفش يا ليلي لجل ما تتأمري مع الخدم على مرتي!
جالك جلب كيف يا بت أبوي تإذي ولدي اللي عستني مچيته بفارغ الصبر لجل ما أخده چوة ح. ضني
أذيتك في إيه أني لچل ما تإذيني في حبيبتي و ولدي؟
نظرت إليه بعيون تقطر حقدا وصاحت بغضب فاقدة السيطرة على حالها: مكتش جصداك إنت يا قاسم، أني كنت عاوزة أنتجم من اللي دمرت لي حياتي وسرجت مني كل حاچة،.

وأكملت شاردة وكأنها تحدث حالها: من صغرها وهي عتسرج كل اللي عتمناه لحالي، حب چدها وچدتي والكل كليله.

ثم نظرت إلى يزن وهتفت بكلمات أحرق. ت بها قلب قاسم وأش. علت به ن. ار الغيرة: ده حتى الراچل اللي عحبه من صغري وياما إتمنيته لحالي لما فضلها علي وعشجها هي
أنزل يزن بصره أرض جراء خجله الذي أصابه،
وأكملت هي بحقد اظهر مدي سواد قلبها: ولما أتچوزت حظها رماها في حض. ن الراچل اللي عاشت عمرها كلياته تحلم بيه وبحض. نه.

وأكملت وهي تنظر إلى قاسم بغضب: لا والراچل دي يعشجها ويتمني رضاها في نفس الوجت اللي چوزي يكرهني فيه ويهچر فرشتي
وأكملت بصباح وغل أظهر كم أنها شخصية مريضة غير سوية: حتى العيل اللي ياما أتمنيته لجل ما أربط بيه چوزي وأحببه فيا واغلي نفسي بيه عنديه، خدته هي وفرحت بيه جلوب العيلة كلياتها وبجا الكل مستني چيته على ن. ار.

ورمقت والدتها بنظرة حارق. ة وأردفت بلوم: ده حتى أمي لما معملتش حساب لحرجة جلبي، وفرحت لما عرفت إنها حبلة في واد.

وصاحت معترفة عاليا بغضب وحقد: إيوه أني اللي عملت إكده يا قاسم، ولو أطول أخنجها بإديا هي وعيلها مهتأخرش
هتفت فايقة التي نهرتها ولكزتها بذراعها بقوة: إكتمي نفسك يا حزينة، إدبيتي إياك يا بت
حول يزن نظره إلى جده بذهول وتحدثت عيناه بلوم وانتظر منه ردة فعله، أخذ عثمان نفس عميق ثم تحدث إلى يزن بشجاعة وإصرار بعدما فهم مغزي نظراته: إرمي عليها يمين الطلاج يا يزن.

إنتفض داخل يزن وكأنه وجد الخلاص، حين هرولت هي إلى يزن وتمسكت بذراعه وهتفت صارخة بتوسل: إوعاك يا يزن، أحب على يدك متنطجهاش
نفض ذراعه باعدا إياها عنه بشدة وهتف بنبرة عالية وهو يرمقها بإشمئزاز: إنت طالج، طالج، طالج بالتلاتة
صرخت وارتمت أرض تحت أعين الجميع الناظرين عليها دون شفقة أو رحمة عدا والدتها فايقة.

وتحدث عثمان بقوة إلى قدري: قدري، تترمي كيف الكل. ب في أوضتها لحد ما تخلص عدتها، وبعدها عشيع ل صالح ولد ذكي النعماني اللي مرته ماتت من شهرين، عجول له يتچوزها لجل ما تربي له عياله التلاتة
صرخت وهزت رأسها بهيستريا وتحدثت برجاء: أحب على يدك يا چدي بلاش، رچعني ليزن وأني هعيش خدامة تحت رچلية، والله عمشي كيف ما تجولو لي، بس بلاش تچوزني لحد غير يزن.

صاح يزن بنبرة صارمة: أني طلجتك بالتلاتة ومن إنهاردة إنت متحرمة علي كيف أختي وأمي
وأكمل مؤكدا: مفهاش رچوع خلاص يا بت عمي
هتفت فايقة قائلة بدموع لأجل إبنتها التي أضاعت حالها بمنتهي الغباء: أحب على يدك بلاش صالح ولد ذكي يا عمي، دي راچل مچنون، ده كان عيضرب مرته يكسر لها عظمها، مرة ضربها بحديدة وفتح لها نفوخها.

صاح بها عثمان قائلا بنبرة صارمة: ياريته يعمل إكده يمكن يعلمها الأدب اللي جصرتي إنت وأبوها في إنكم تعلمهولها
كان يقف في حيرة من أمره، مذهولا مما فعلته شقيقته ومدي حقدها على زوجته، وبنفس الوقت حزين لأجلها وما أصابها
تحدث بنبرة ضعيفة تأثرا مما علمه: إهدي وخلينا نفكروا زين يا چدي، بلاش صالح ونستنوا يمكن تاچيها فرصة ويا راچل زين.

صاح عاليا بإعتراض: متستاهلش، صدجني يا ولدي ما تستاهل الراچل الزين ولا الفرصة الزينة، هو مفيش غير صالح اللي عيربيها صح ويعرفها إن الله حج، وأهي تربي له العيال وتكسب فيهم ثواب
كانت تهز رأسها بطريقة هيستيرية رافضة لواقعها الجديد
جذبها قدري من ذراعها ليجبرها على الوقوف وتحرك ساحب إياها خلفه بطريقة مهينة وتحدث: إمشي على فوج ومشوفش خلجتك برة أوضتك تاني وإلا عجتلك بيدي.

صعد قدري بها إلى الأعلى وادلفها داخل غرفتها القديمة المتواجدة بمسكنه، ألقاها أرض بحدة وتحدث بفحيح إلى فايقة بنبرة تهديدية: تعرفي لو رچلها خطت بره الأوضة دي ععمل فيك إيه
لم تجيبه من شدة دموعها التي إنهمرت بشدة فصاح هو بها قائلا: سمعاني يا م. رة
إنتفض داخلها وهزت رأسها بإيجاب، فرمقها هو بنظرة إشمئزاز وخرج صافقا خلفه الباب بقوة.

تحرك قاسم إلى سيارته وقادها متوجه بها إلى المشفي حيث زوجته وولده، تلاه يزن الذي ذهب إلى أمل حيث كانت تتابع حالة صفا فطلب منها الذهاب معه ودلف بها داخل مكتبها وبدون مقدمات تحدث بنظرة ساكنة: أني طلجت ليلي
إتسعت عيناها بذهول وهتفت مستفسرة بنبرة مرتبكة غير مستوعبة: بتتكلم جد يا يزن، فعلا طلقتها؟

إنتفض داخله بسعادة عندما رأي سعادتها التي لم تستطع تخبأتها تطل من داخل عيناها وأجابها: طلجتها بالتلاتة وبدون راچعة وبموافجة چدي كمان
ثم قص لها ما بدر منها مما جعلها تستاء وتذهل من كم الاذي المتواجد داخل تلك الليلي
تحدث إليها بنبرة ممتنة: ربنا حجج لك شرطك يا غالية وعكتب عليك وأني خالي، بس بعد ما بينتي لي إنك شرياني وباجية علي وإني أغلي عنديك حتى من مبادئك.

إقترب عليها ونظر داخل عيناها بعشق وأردف بنبرة حنون: عمري مهنسا لك إنك إختارتي راحتي على راحتك يا أمل، ربنا يجدرني لجل ما أسعدك يا حبيبتي، ووعد عليا معخلي جلبك يعرف طريج للندم واصل،
واسترسل متفاخرا: عحطك تاچ على راسي وأتباهي بيك وسط الخلج يا أصيلة
كادت أن تبكي من شدة سعادتها وأردفت قائلة بنبرة حنون: كفاية يا يزن أرجوك، أنا كده ممكن أعيط.

أجابها بثقة وتأكيد: من إنهاردة معادش للبكي مكان بيناتنا، كفاية علينا اللي عشناه في الهم والنكد، اللي چاي كله چلع لينا يا حبيبتي
وأكمل وهو يبتلع لعابه تأثرا بأشتياقه لها: أني عجول لچدي نكتب الكتاب الأسبوع دي بدل منخلوه لأخر الشهر مع الفرح
وأكمل وهو ينظر إلى كف يدها الموضوع جانبا: نفسي أمسك يدك من غير ما أخاف من حساب ربنا، نفسي أخدك چوة حض. ني وأطمنك يا أمل.

أجابته بعقلانية: إهدي وأصبر يا باشمهندس، أصلا كل اللي فاضل تلات أسابيع
نظر لعيناها وتنهد وأردف قائلا: الصبر مل مني يا دكتورة
ضحكت له بدلال أش. عل روحه
في الخارج، ذهب ياسر إلى البوفيه كي يطلب من العامل قدح من القهوة ليظبط له حالته المزاچية، وجد دكتورة مي تقف هي الأخري بإنتظار قهوتها فتحدث إليها بإعجاب مهني: مبروك يا دكتور مي على نجاح العملية.

وأكمل بإشادة: حقيقي برافوا، إنت ودكتور أمل عملتوا معجزة إنهاردة وبدون أي خسائر، وقفتم النزيف وانقذتم الأم والطفل وحافظتم على الرحم
إبتسمت إليه بخجل وأجابته مرتبكة وذلك لشدة إعجابها به عندما رأته منذ ما يقارب من خمسة أشهر، داخل المؤتمر الذي ذهب إليه بصحبة صفا وأمل في ذلك اليوم المشؤوم بالنسبة إلى صفا: متشكرة جدا يا دكتور، دي شهادة غالية من حضرتك في حقي.

نظر لداخل عيناها ورأي عشق تلك الخجولة له، وبرغم عشقه الهائل للرقيقة مريم، إلا أنه قرر إعطاء حاله فرصة العيش والحب من جديد عل تلك الجميلة تنسيه مريم وعشقها المستحيل، إستغل وجود والدة مي وقرر طلب مي للزواج منه وسينهي تعاقده مع صفا بعد ان إطمأن عليها وتأكد من جدارتها لإدارة المشفي لحالها، وسيرحل من النجع بأكمله حاملا معه ذكريات جميلة لم تنتسي أبدا، على أمل بداية جديدة مع مي
- -.

داخل غرفة صفا، كان يجلس بمقعد جانبي بجوار زيدان بوجوه مهمومة
أما هي فكانت تلتف حولها نساء العائلة، ورد، رسمية، مريم ونجاة، علية وصباح التي همست بنبرة حزينة كي لا يصل صوتها إلى مسامع قاسم وزيدان، أو يستمع إليه أحدا من عمال المشفي: ممصدجاش لحد دلوك اللي سمعته من زيدان، معجول ليلي يوصل بيها الحجد وتعمل إكده، طب ليه.

تنهدت صفا وتحدثت بنبرة ضعيفة لإنهاء الحديث في ذلك الموضوع وهي تنظر على وجه قاسم الحزين لأجل ما جري: خلاص يا عمه الله يرضي عليك، الحمدلله على كل اللي حصل
تحدثت رسمية بنبرة تحمل الكثير من الهموم: معرفاش البت دي طالعة شاردة لمين!
لوت علية فاهها بتهكم وتحدثت ساخرة: معرفاش صح يا أما
زفرت رسمية بإستسلام وصمت الجميع
ليلا.

أصيب زيدان بإرهاق شديد فاجبره قاسم على العودة إلى منزله كي يستريح، وضل هو بصحبتها و ورد وعلية، دلفت أمل كي تعطيها جرعة الدواء فطلبت منها الإعتدال لتتناول بعض من الطعام كي لا يحدث لها هبوط في الدورة الدموية بسبب نقص الغذاء، تحرك هو وقام بسندها وجلوسها، كانت متعبة للغاية ضعيفة بجس. د مستسلم لا تقوي حتى على صلب جس. دها، تحرك وجلس خلفها واضع رأسها لتستند بها على ص. دره.

وتحدث بنبرة تقطر حنان: ريحي چس. دك علي يا صفا، ويلا كلي عشان تاخدي الدوا
أجابته بنبرة صوت غاية في الضعف بفضل العملية والوقوع ايضا الذي أثر على ظهرها بقوة: مجدراش أكل
بسط يده إلى عمته وتحدث إليها: هاتي صحن الشوربة إهنيه وأني عوكلها بيدي يا عمه.

وقفت عمته وتناول هو الملعقة وبات يطعمها بيده تحت سعادة أمل وحزن ورد وعليه على ما أصاب ذاك الثنائي العاشق، شعرت بعودة الراحة والطمانينة التي إفتقدتها جراء الإبتعاد عن أحض. انه الحانية،
إنتهت من تناول الطعام وأخذت أدويتها بالكامل ولم تطلب منه الإبتعاد، في غضون بضع دقائق غفت على ص. دره وكأنها كانت تحتاج لأحتض. انه وضمته لها كي تغفو بسلام.

همست ورد وهي تحثه على تمددها قائلة: نيمها على السرير يا ولدي وجوم إنت ريح چس. دك لص. درك يتإذي
أجابها متنهدا بإستسلام: ياريت كل الأذي يبجا إكده يا مرت عمي
نظرت عليه إلى ورد بحزن وصمتا
- -.

بعد مرور أربعة أيام، عادت صفا إلى منزل والدها مرغمة، تاركة طفلها داخل الحضانة بصحبة قاسم الذي لم يتركه ولو ساعة واحدة ليرتاح بها، فقد وعد صفا بأنه لن يتركه بتاتا ولهذا عادت هي إلى المنزل بدموعها بعد أن إطمأنت على صغيرها بوجود والده بجانبه.

بعد ثلاثة أيام اخري، دلف قاسم بسيارته التي يقودها فارس، وتدلي منها حاملا صغيره الذي إكتمل نموه بالكامل بفضل الله، وتحرك به إلى عثمان الجالس بالفيراندا وهو يحمله ويقربه منه، وضع قبل. ة فوق جبينه ودعا له بالصلاح والمباركة، وأمر الخفير بجلب الذبائح لذبحها وتوزيع لحومها صدقة على أهل النجع، فرحة بشفاء حفيدته وصغيرها وخروجهما سالمين من تلك الحادثة.

وطلب من فارس ويزن الذهاب إلى المركز لشراء كل ما يلزم للتجهيز للإحتفال بقدوم الصغير
كانت تجلس بصحبة نساء العائلة داخل غرفة بالاسفل بمنزل والدها، تبكي بدموعها كعادتها منذ أن تركت صغيرها وحيدا وعادت بدونه، فاليوم كان من المفترض ان تحتفل بمرور إسبوع على مجئ صغيرها إلى الدنيا ولكن أنظر ماذا حدث.

إتسعت عيناها وانتفض قلبها من شدة سعادته حين رأته يدلف إليها بطلته البهية، حاملا بين ساعديه صغيره الذي إكتمل نموه ورئته بالكامل بفضل الله سبحانه وتعالي الذي إستجاب بعظمته إلى دعوات الجميع
هتفت بلهفة قائلة: مالك
إبتسم لها وتحرك إليها متحدث بدعابة: مالك چاي لك بنفسيه لجل ما يطمنك عليه ويسكن حضن. ك
وأكمل وهو يضعه داخل أحض. انها برعاية: سمي الله وخدي ولدك يا صفا.

لم تستوعب لما يدور من حولها وتراه بعيناها، أحقا إستمع الله إلى رجائها ودعواتها وأعاد لها صغيرها معافيا وبصحة تامة، يا إلهي كم أنت عظيم ورؤوف وقادر على كل شئ
إحتض. نت صغيرها وباتت تنثره بالقب. لات المتفرقة فوق كل ما تطاله شف. تاها من جس. ده الرقيق، قامت عمتها صباح بإطلاق الزغاريد هي وورد وأيضا صابحة العاملة التي جرت على المطبخ بعد تلقيها إشارة من ورد للتحضير إلى كل ما يلزم للإحتفال بسبوع المولود.

في حين هتفت رسمية سريع: طلعي ص. درك ورضعي ولدك يا بتي، لجل ما يشبع ويملي بطنه وچس. مه يحلو إكده
حزن داخله حينما نظرت إليه تلك العنيدة تطالبه عيناها بالخروج كي تقوم بعملية إرضاع صغيرها، تحامل على حاله وخرج
ليلا، إحتفل الجميع بمراسم السبوع الداركة لدي الجميع وسط سعادة كل من في الدار عدا ليلي القانطة بغرفتها تبكي وتنتحب حظها العثر وما أوت إليه.

بعد الإنتهاء طلب قاسم من جميع النساء تركه وصفا لحالهما بصحبة رضيعهما كي يتحدثا
جلس بجوارها فوق التخت وتحدث وهو ينظر إليها: بكفياك عند وبعد لحد إكده يا أم مالك، وأكمل برجاء ونبرة حنون: وغلاوة ولدك لتاچي معاي لجل متنوري شجتك إنت ومالك.

إبتلعت سائل لعابها من شدة تأثرها بنبرة صوته الصادقة الحنون الراجية، فقد إقتربا كثيرا فترة الإسبوع المنصرم حيث كان دائم التواجد معها ووصل الأمر به إلى أنه كان يطعمها بيده حينما كانت تمتنع عن الطعام لأجل حزنها على صغيرها، ولكن ليست هي التي تستسلم بسهولة وتتنازل عن كرامتها
تحدثت بجمود وملامح وجه حادة إصطنعتها بصعوبة بالغة: إنت خابر شرطي زين، طلجها الأول.

أردف قائلا: عنرچع تاني للعند يا صفا، معايزش ولدي يتربي بعيد عن حضن. ي يا بت الناس
وأكمل بنبرة جادة: طب إرچعي شجتك ووعد عليا مهجربش منيك واصل ولا عضايجك لحد ما المدة تخلص، ها إيه رأيك؟
نظرت إليه وتحدثت بعيون شبه راجية: طلجها وأني أعاود
جولت لك معينفعش جبل ما تعدي السنة، جملة مستسلمة نطق بها هو
فاستشاط داخلها واستفزها تمسكه بتلك الزيجة الملعونة، فهتفت بعناد وكبرباء: وأني كمان مينعش أرچع جبل إكده.

إنتفض واقف من جلسته وهتف بنبرة حادة: لساتك مشبعتيش ذل وكسرة وإهانة فيا يا بت زيدان؟
وأكمل لائم حاله: بس العيب مش عليك، أني اللي أستاهل اللي يچري لي عشان رخصت حالي بزيادة وياك
وأكمل مهددا: إشبعي ببيت أبوك وأجعدي فيه لحد ما تستكفي، وأبجا راچل دلدول وأستاهل ضرب الچزمة لو شفتي خلجتي إهنيه تاني، ولا چبت لك سيرة المرواح.

قال كلماته وهرول خارج كالإعصار تحت قلب تلك المتألمة لأجله ولأجل حالها وصغيرهما، تريده بل يتمزق داخلها من شدة الإشت. ياق له، تحتاجه وتحتاج لض. مة ص. دره لتشعر بروحها الغائبة عنها منذ الكثير
لكن تريد منه أن يحفظ لها كرامتها أولا، تريد منه أن يشعرها بأهميتها لديه، بتفضيله لها على أية إعتبارات أخري، ض. مت صغيرها إليها واجهشت ببكاء مرير يمزق داخلها
- -.

جاء يوم الزفاف المنتظر، فرحة يزن وأمل التي ستكتمل اليوم
داخل منزل زيدان الذي أصر على جلب أمل لمنزله كي يتم خروجها من منزله لتزف إلى عريسها
نزلت من فوق الدرج وهي ترتدي ثوب زفافها الراقي، تجاورها والدتها التي هاتفتها إيمان والدة مي وطلبت منها الحضور للوقوف بجانب إبنتها بذلك اليوم المميز لكل فتاة، اتت بسعادة وقلب يتراقص عندما رأت كل مظاهر الثراء الفاحش التي ستتنعم به صغيرتها الأخري.

جلست وسط النساء اللواتي حضرن للتهنأة
تحدثت إليها صفا التي جلست بجانبها لتوصيتها على إبن عمها الغالي: مبروك يا أمل، خلي بالك من يزن، يزن غلبان ومفرحش في حياته جبل إكده، حني عليه وإحتويه وأني متوكده أنه عيحطك في عنيه من چوة
أومات لها وتحدثت بإبتسامة مشرقة: يزن في عيوني وقلبي يا صفا، ما تقلقيش عليه
ضلت الفتيات تتراقصن وتتهادين بأجس. ادهم بسعادة وفرحة، حتى إنتهت المراسم.

دلف يزن لإصطحاب عروسه والذهاب بها إلى عشهما السعيد، تسمر بوقفته حينما وجدها تقف أمامه بثوب زفافها ووجهها المزين بالبسيط من أدوات التجميل التي أظهرت أنوثة وجمال أمل التي كانت تتعمد تخبأتهم تحت ثيابها العملية وملامح وجهها الصارمة.

إقترب عليها وهو ينظر إليها بعيون عاشقة متشوقة لأول كل شئ معها، أمسك كف يدها ووضع به قب. له ثم مقدمة رأسها وتحدث بصوت مبحوح من أثر اللحظة: مبروك يا حبيبتي، المأذون كتب الكتاب وبجيتي حلالي خلاص،
وأكمل بسعادة: عمي زيدان كان وكيلك
شعرت بالراحة والطمأنينة وأجتاحت موجة من السعادة كيانها وهتفت بنبرة يطغو عليها الفرحة: الله يبارك فيك يا يزن
تهافت عليهم الجميع لتقديم التهاني والمباركات.

إصطحبها متجه إلى الخارج ومنه إلى منزلهما السعيد مع صوت الموسيقي الصادح وإطلاق الزغاريد من جميع الموجودات من نساء العائلة، تحت إستشاطة قلب ليلي الحبيسة بغرفتها، حيث قام قدري بغلق باب غرفتها عليها بالمفتاح تجنب لإفتعالها المشاكل مجددا.

كانت تبكي وتصرخ بشكل هيستيري وهي تضرب على ص. درها بقبضة يدها بقوة، لم تستوعب بعد أن يزن أصبح ملك لغيرها من الن. ساء، كلما راودت عقلها فكرة أنه سي. حتضن غيرها وتتمدد بجانبه فوق فراشه وتتنعم داخل ص. دره، تش. تعل الن. ار بج. سدها وبقلبها وتشعر بروحها تنسحب من ج. سدها وكأنها تريد الرحيل.

دلف يزن مصطحب عروسه إلى الداخل وأغلق باب منزله وبقي الجميع داخل الحديقة
كانت تقف أمام منزل أبيها تنظر على ذلك الذي يقابلها على الصف الاخر بجوار أعمامه وأبناء عمومته وشقيقه، ينظر أمامه بملامح جامدة
ألقي نظره عليها وتلاقت الأعين، فهتف هو قاصدا صابحة المجاورة لها وتحدث بجمود: صابحة، هاتي لي مالك چوة لجل ما أشوفه جبل ما أسافر
قال كلماته وأدار لها ظهره وتحرك إلى الداخل.

شعرت بألم رهيب تملك من قلبها من معاملته الجافة وتحركت هي الاخري إلى الداخل لتستريح حيث أنها مازالت متعبة من أثار وقوعها وعملية القيصرية التي لم تتجاوز الثلاثة أسابيع بعد.

داخل السرايا كان يحت. ضن صغيره مقرب إياه منه، ينثره بالقبلات الحنون ويداعب وجنته بحنان، تحت إبتسامات صغيره بنسخته المكررة منه ولكنه إحتفظ بعيناي والدته الفيروزية، ضل يداعبه حتى حان موعد إقلاع الطائرة فأعطاه برفق ورعاية إلى فايقة قائلا بحنان: وديه لأمه لچل ما ترضعه يا أما
وأكمل وهو يلتقط جاكت حلته ممسك إياه بيده: أني ماشي، يدوب إكده ألحج ميعاد الطياره.

هتفت فايقة بنبرة إعتراضية: أني معرفاش إنت مستعچل على إيه، مش كنت بيت ويانا وطلعت إطمنت على خيتك
شعر بالضيق من مجرد ذكر إسم شقيقته، فهو مازال غاضب منها ولم يعطها العذر إطلاق لما فعلته
تحرك منصرف بدون إضافة كلمة واحدة واستقل سيارته تحت نظرات تلك العاشقة المراقبة لإنصرافه من شرفتها بالأعلي، مع تجاهله التام لها مما جعل الحزن يتملك منها.

داخل غرفة نوم يزن الذي خل. ع عنه ث. يابه وهي ايضا وقامت بالصلاة خلفه كي يبدأ حياتهما على طاعة لنيل رضا الله عليهما
إنتهيا من الصلاة وأبدل ثيابهما، دلف من الداخل وأنبهر مما راه أمام عيناه، كانت ترتدي ثوب مخصص للنوم قصيرا لمنتصف الفخ. دين، ذات ص. درا مفتوح يظهر م. ، فاتن نهدي. ها، واضعة بعض مساحيق التجميل الخفيفة التي أظهرت جمالها الفتان.

تحرك مسلوب الإرادة حتى وقف قبالتها واضع كف يده الحنون فوق وجنتها مداع. ب إياه بدلال وتحدث وهو ينظر إلى مقلتيها بإحتياج: نورتي بيتك ومملكتك يا ست البنات
إبتسمت خجلا وتحدثت وهي تنظر داخل عيناه بعيون عاشقة: ميرسي يا يزن
تحدث إليها بإنبهار: إنت حلوة جوي يا أمل.

إبتسمت خجلا، أمسك ذقنها ورفعها لتقابل عيناه، غاصا معا بالعيون التي تحدثت واستفاضت، ثم مال على شفتيها وألتقطه. ما ليتذوقا معا أولي قب. لاتهما، ذاب. ا معا داخلها وما شعرت بحالها إلا وهي تندمج معه بقبلت. ه المثي. رة و تشدد من ضمت. ها له وكأنها تخبره أنه أصبح أمانها وانتهي الأمر.

فصل قبلت. هما ونظر لها بسعادة واحتياج، مال بجس. ده ثم قام بحم. لها وتوجه إلى فراشه. ما كي ينعم. ا معا ويستمتع. ا بأولي جولاتهم العشقي. ة الحلال
بعد قليل كانت تقبع داخل أحض. انه، واضعه رأسها فوق ص. دره الع. اري، يحتويها شعور بالأمان والسند والحماية التي باتت تبحث عنهم طيلة حياتها بعد وفاة والدها مبكرا
أما هو فكان يشدد من ضمت. ه وأحتوائه لجس. دها وكأنه وجد ضالته ويخشي إضاعتها من جديد.

رفع وجهها ليحثها على النظر إليه وتحدث بنبرات هائمة لرجل عاشق: مبروك يا جلبي
أجابته بنبرة خجوله: الله يبارك فيك يا حبيبي
إشتع. ل داخله وانتفض من كلمة حبيبي التي نطقتها وتحدث: يا أبووووووي على كلمة حبيبي واللي عملته في المسكين يزن
وأكمل بدعابة كي يجعلها تخرج من خجلها: بالراحة على حبيبك يا دكتورة، حبيبك مش كد حنيتك دي كلياتها، عموت في يدك إكده وأبجا شهيد العشج.

وضعت يدها سريع على شفت. اه لتمنعه الحديث وتفوهت بإرتياب: إوعي أسمعك تجيب سيرة الموت تاني على لسانك
وأكملت بنظرات متفائلة وعيون هائمة في عشق حبيبها: إحنا هنعيش ونتهني جوة حض. ن بعض، هكون لك السكن والسكينة، وهتكون لي السند والحماية، إحنا تعبنا كتير يا يزن، وجه وقت الراحة خلاص
كان أبلغ رد منه على جمال كلماتها أنه إلتقط شفت. اها من جديد ليذيقها من جديد ويتذوق شهد عسلي. هما المميز.
بعد مرور شهران على يوم ميلاد مالك
كان يوم الإحتفال بحنة حسن منتصر، أخر حفيد للنعماني الكبير حيث كان أكثر الأحفاد وأوفرهم حظا، وذلك بعدما قرر عثمان عدم التدخل وترك له أمر إختياره لشريكة الحياة بكامل إرادتة الحرة وعدم التدخل نهائي، وذلك بعدما رأي بأم أعينه ما جناه أحفاده الغوالي من تحكماته وإجبارهم على الشريك.

فلهذا قد ترك له الخيار، فأختار حسن إحدي الفتيات الساكنة بالمركز و التي كانت تدرس معه بجامعة التجارة بالفرقة الأولي عندما كان هو بالفرقة الرابعة، وأعجب وارتبط بها عاطفئ، حتى إقامة حفل الزفاف الذي قرر حسن إقامته داخل قاعة كبري في المركز التابع له نجع النعماني، وافق علية عثمان رغم إعتراضه داخليا.

صباحا داخل منزل زيدان، خرجت ورد من داخل المطبخ تحمل ببن يداها صينية موضوع عليها الكثير من المعجنات الساخنة التي أعدتها بنفسها بمساعدة عاملتها الوفية صابحة
حولت بصرها إلى الباب الخارجي وهي تنظر إلى ذلك الثنائي السعيد وتحدثت بنبرة لائمة: كل دي تأخير يا يزن، عمك وصفا جاعدين من بدري على السفرة ومرضيينش يدوجوا الوكل غير لما تاچوا.

إبتسم لها يزن الذي أصبح منزل زيدان بيته الثاني حيث إحتضنه زيدان هو وأمل وطلب منه أن يأتيا كل صباح ليتناولا وجبة إفطارهما وجميع وجباتهم حتى لا يشعرا بالإنعزال والوحدة كما شعر هو و ورد بالماضي.

وذلك بعدما قرر يزن عدم الذهاب إلى السرايا لحين موعد زواج ليلي حيث أن شهور عدتها لم تنتهي بعد ولم يتحدث جدها مع صالح بشأن زواجه منها إتباع للشريعة، وجاء قرار يزن ذلك لتجنب إثارة المشاكل وزعزعة الإستقرار داخل السرايا
هتف يزن وهو ينظر إلى تلك المحتضنة لذراعه برعاية وتملك: إسألي الدكتورة وچلعها الماسخ، وأكمل شارح بدعابة: ساعة بفوج فيها وساعة في الحمام وساعة بتلبس خلجاتها لما جربت أشج خلجاتي منيها.

إتسعت أعين أمل وتحدثت بنبرة حزينة مصطنعه: بقا كدة يا سي يزن
ونظرت إلى ورد التي أصبحت تناديها بأمي بعدما غمرتها بحنانها ورعايتها وأهتمامها التي إفتقدتهما بعدما تحولت والدتها من أم إلى جهاز ألي لعين ينظر لكل شئ ويقدره بالمادة، وتحدثت تشتكي إليها بنبرة دعابية: عاجبك كدة يا ماما؟
ضحكت ورد وتحدثت: هما الرچالة كلهم إكده، كل حاچة يچيبوها في الحرمة لجل ما يطلعوا حالهم منيها كيف الشعرة من العچينة.

وتحدثت وهي تتقدمهم بإتجاة غرفة الطعام: إدخلوا يلا لجل ما تلحجوا تفطروا جبل ما الدنيي تتزحم
دلفت ودلفا خلفها ذاك الثنائي العاشق، ألقي يزن السلام على عمه وصفا، ثم تحدثت أمل بإحترام إلى زيدان: صباح الخير يا بابا
أجابها بنبرة حنون: صباح الخير يا بتي
وأشار بكف يده: إجعدي يلا لجل ما تفطري.

جلس الجميع وشرعوا بتناول الطعام فتحدث زيدان موجه حديثه إلى يزن وسأله عن التجهيزات التي تتم خارج داخل الحديقة، الخاصة بإحتفال ليلة الحنة: الناس بتوع الفراشة خلصوا ولا لسة يا يزن؟
أجابه يزن وهو يبتلع ما في فمه: خلصوا يا عمي والطباخين وصلوا وأنا داخل من إشوي، وأبوي وعمي قدري وحسن معاهم
طب هم يا ولدي لجل ما نطلع لهم ونجف وياهم، جملة قالها زيدان.

نظرت أمل إلى الطعام وأقشعرت ملامحها حين شعرت بالغثيان من رائحته، لاحظت صفا المقابلة لها تغير لون وجهها، لكنها صمتت لعلمها سبب تلك الحالة، لاحظ زيدان النظرات بين صفا وأمل التي تغير لون وجهها وأصبح باهت
فتحدث بحنان الأب: مالك يا بتي، معتاكليش ليه؟
صمتت هي وأنزلت بصرها خجلا، وأبتسم يزن وهو ينظر إليها وسعادة الدنيا تملئ قلبه الجميل.

أما ورد التي ضحكت بسعادة وتحدثت إلى زيدان وهي تلكزه في كتفه بدلال قائله: مبارك يا سيادة النايب، عتبجي چد كمان تمن شهور
إنتفض قلب زيدان من شدة سعادتة جراء تلقيه ذاك الخبر السعيد، نظر إلى يزن وسأله بعيون متلهفة: مرتك حبلة صح يا يزن؟
أومأ له يزن بعينان سعيدة شاكرا للمولي، فتحدث زيدان بنبرة أب حنون: وساكت ليه يا ولدي، مجولتش ليه لجل ما ندبحوا ونوزعوا على الناس الطيبين ونفرحوهم.

أجابته ورد بنبرة جادة: أم يزن معيزاش حد يعرف دلوك غير لما ليلي تتچوز، مفيش غيرنا إهنيه اللي نعرفوا، حتى الحاچ عثمان ومرت عمي معندهومش خبر
أومأ لها بتفهم ثم حول بصره إلى أمل وأردف قائلا بنبرة حنون: مبارك يا بتي، ربنا يجومك بالسلامة
إبتسمت له بعيون سعيدة لشدة حنانه وأردفت قائله: متشكرة يا بابا.

دلفت هدية، تلك العاملة التي تعمل حديث بمنزلهم والتي أتت بها ورد حتى تهتم بالمنزل بجانب صابحة كي تتفرغ هي بالكامل لرعاية الصغير والعناية به
خطت للداخل وهي تحمل الصغير مالك الذي فاق من غفوته للتو، أشار لها زيدان وهتف متلهف: ناوليني حبيب چده وسيد جلبه.

نظرت له صفا وابتسمت لأجل سعادة وتعلق والدها الشديد بصغيرها، وتنهدت وظهر الأسي فوق ملامح وجهها التي أصبحت حزينة بفضل تعمد قاسم لتجاهلها التام وعدم محاولاته لمراضاتها كالسابق
حمل زيدان الصغير وبات يكيل له القبلات ويداعبه ليري إبتسامة الصغير التي تبعث في قلبه السعادة وتشعره بعوض الله عليه.

داخل مسكن فارس ومريم
كانت تغفو بين أحض. انه في ثبات عميق وكذلك هو، تملل من نومته حينما إستمع إلى رنين هاتفه، بسط يده إلى الكومود بتكاسل وألتقط هاتفه وأفتح عيناه بنعاس ينظر في شاشته، تملل حين رأي نقش إسم والدته
ضغط زر الإجابة وأجابها بنبرة ناعسة، فوجدها تصيح قائلة بنبرة ساخرة: نموسيتك كحلي يا فارس باشا، لساتك نعسان في حض. ن بت نچاة لدلوك.

وضع كف يده على وجهه ومسح عليه وتحدث متسائلا بتملل: خبر إيه يا أما عاد على الصبح، مالك جالبة علي ليه إكده!
أردفت قائلة بنبرة ساخرة: صبح مين يا إبن قدري، الساعة عدت ثمانية والطباخين خم والچنينة أتملت برچالة العيلة، وإنت لساتك نعسان چار ست الحسن والچمال
وأكملت بنبرة جادة: إنزل لجل ما تكلم أبوك يخلي ليلي تنزل معانا في حنة الحريم، إتحايلت عليه وراسه وألف سيف تفضل محبوسة في أوضتها.

زفر بضيق على حال شقيقته العنيدة التي أوصلت حالها إلى الهاوية، وتحدث بنبرة هادئة: حاضر يا أما، عفوج وأخد دش وأنزل طوالي
أغلق معها ونظر لتلك التي أفتحت عيناها وسحبت جس. دها لأعلي حتى إستقرت داخل أحض. انه من جديد، وتحدثت بسعادة وهي تتمسح بص. دره كقطة سيامي: صباح الخير يا حبيبي.

إبتسم لها برغم الضيق الذي أصاب قلبه عندما تذكر حال شقيقته، لف ذراعه حول خص. رها وجذبها عليه وتحدث وهو يشدد من ضم. تها: يا صباح الفل
تمطأت بدلال وسألته: مرت عمي كانت عاوزة إيه؟
أجابها بإقتصار: بتصحيني لجل ما أنزل أجف ويا الرچالة
ثم نظر لها وتحدث بنبرة جادة: مريم
نظرت له فأكمل هو بعيون حنون: أني عاوز أچيب منيك عيال تاني.

إنتفض داخلها بسعادة وتحدثت متلهفة لتشوقها هي أيضا لحملها طفل أخر منه، لكنها كانت تنتظر إتخاذ الخطوة الأولي منه: صح يا فارس؟
إبتسم بشدة حتى بان صفي أسنانه وذلك لشدة سعادته لما رأه من سعادة إرتسمت على ملامحها وتحدث: صح يا حبيبتي، بعد ما نخلصوا من فرح حسن عاخدك على المستشفي عند أمل لجل ماتعين لك الوسيلة.

شعرت بسعادة ليس لها مثيل ورمت حالها داخل أحض. انه من جديد، إحتواها هو ثم وضع قبل. ة حنون على مقدمة رأسها.

بعد قليل كان يتدلي الدرج وتجاوره هي، شعرت بن. ار الغيرة تشت. عل داخل ص. درها حين نظرت أمامها ووجدت أشجان إبنة خالته بدور حاملة طفلها وتجلس بجانب والدتها وفايقة يحتسون مشروب باردا، وما أن رأت فارس يتدلي الدرج حتى ثبتت عيناها عليه وباتت تنظر إليه بإشتياق جارف غير مبالية بكل من حولها وبالعالم أجمع، ولا حتى بتلك المست. شاطة عاشقة حبيبها.

حولت بصرها سريع على فارس لتستشف ردة فعله، وجدته ينظر أمامه بملامح وجه عادية، خالية من المشاعر التي كان يحملها ويكنها إلى تلك الأشجان في السابق، إستشعر بها وبحرقة روحها بقلب الحبيب، فحول بصره إليها سريع ونظر لها ليطمأنها بعيون العاشق، ثم تمسك بيدها وأحتض. نها برعاية وحب.

إبتسمت له وتحركت بجانبه حتى وصلا لجلستهم، ألقي السلام على الجميع ثم نظر إلى خالته وتحدث بإبتسامة حانية وهو يبسط ذراعه ليصافحها: منورانا يا خالة، كيفك وكيف صحتك؟
إبتسمت له خالته وتحدثت بنبرة حنون، برغم أنها شقيقة فايقة إلا أنها كانت النقيض لها: تسلم وتعيش يا حبيبي، مبارك لولد عمك وعجبال ما تخاوي چميلة
حول بصره إلى ملاكه البرئ وتحدث بنبرة حنون وهو يتمسك بكف يدها: جربب، جريب جوي إن شاء الله.

مما أخجل تلك الرقيقة وأكمل برسمية وهو ينظر إلى تلك الحزينة وتحدث دون أن يصافحها متبع أوامر دينه الحنيف وايضا إحترام لمشاعر زوجته الرقيقة: كيفك يا أم مروان
أجابته بعيون لائمة وحزينة: الحمدلله يا ولد خالتي، بخير
لم يعيرها ولا لنظراتها إهتمام مما أسعد روح تلك العاشقة، ونظر إلى والدته وهو يستعد للتحرك إلى الخارج: عاوزة حاچة يا أم قاسم
أجابته فايقة: سلامتك يا ولدي.

واسترسلت لتذكره: ما تنساش تفاتح أبوك في الموضوع اللي حدتك فيه في التلفون
أجابها وهو يتحرك ساحب معه عاشقة روحه: معنساش
وقف بها بعيدا ونظر لها بعيون عاشقة تحت نظرات أشجان المحترق. ة والتي مازالت حابسة حالها داخل خانات ذكرياتها المؤلمة، ربما تكون صفعة فارس لها بداية الإفاقة والنظر لما من الله عليها به من نعم كثيرة
تحدث إليها بطمأنة عاشق: إطمني وريحي بالك يا غالية، معادش في الجلب غيرك.

وأكمل بإبتسامة حانية: ملكتي الروح وإنتهي الامر يا أم چميلة
إبتسمت بخجل وتحدثت بعيون تنطق عشق وامتنان: ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منيك يا حبيبي
إبتسم بسعادة وتحرك إلى الخارج فأخذت هي نفس عميق وأستدارت تنظر إلى أشجان نظرة ملك منتصر ثم تحركت إلى المطبخ للبحث عن والدتها وطفلتها التي لا تفارق حض. ن نجاة.

ظهرا داخل منزل الحاج عتمان
كان منزل العائلة يأج بالزائرين من نساء العائلة وبعض السيدات من عائلات أخري اللواتي أتين للمباركة لزواج حسن، كانت ورد تجلس بين النساء أما صفا فكانت بداخل منزل أبيها تحمم صغيرها وتغمره بالروائح العطرة ليكون بإستقبال والده الذي يشتاقة وأشتاقته هي حد الجنون.

أجواء مبهجة تعم على المنزل، حيث كان دق الطبول ورقص الفتيات والتصفيق والاغاني من سيدات العائلة يصدح في جميع أرجاء المنزل إستعدادا لإستقبال ليلة الحنة التي ستبدأ ليلا
كانت أمل تجاور نجاة التي أمسكت يدها وتحدثت بنبرة قلقة وهي تنظر إلى فايقة التي ترمق أمل بنظرات حاقدة: إجعدي يا بتي وإياك تتحركي من چاري، وإوعاك تشربي أي حاجة إهنيه، حتى بج الماية معيزاكيش تدوجيه.

وأكملت بإرتياب: اللي إسميها فايقة جرابها مبيخلاش من البلاوي، ومحدش يعرف هي بتفكر وناوية على إيه
أردفت أمل بنبرة هادئة لتهدئ من روع والدة زوجها الحنون: مش للدرجة دي يا ماما، وبعدين هي ماتعرفش إني حامل أصلا
نظرت لها نجاة وتحدثت بتذكر: نسيتي اللي عملته الحرباية بتها في صفا إياك؟
ودي كانت مرت أخوها و ولده، مابالك بعدوتهم عيعملوا فيها إيه
نظرت أمل إليها وأومات بطاعة.

تحركت فايقة وجلست بالمقعد المجاور لأريكة ورد التي تجاور نجاة وأمل، ثم وضعت ساق فوق الأخري بكبرياء وتحدثت بنبرة شامته ساخرة: عجبال ما بتك ربنا يهديها يا ورد وترجع لبيت چوزها، بدل ما هي مخلية سيرتها لبانة في حنك اللي يسوي واللي ما يسواش من نسوان العيلة
وأكملت شامتة: عيجولوا ورد وزيدان چلعوا بتهم بزيادة ولجل إكدة معمرتش وشكلها إكدة مش بتاعة چواز، عيجولوا كمان مهمله چوزها وسايبة بيتها وجاعدة چار أمها.

واسترسلت ساخرة: الغفر عيشفوها طالعة داخلة عنديكم والناس معتفوتش حد في حاله
رمقتها ورد بنظرات ناري. ة وأردفت قائلة بنبرة حادة قوية: جطع لسان اللي يجيب سيرة الدكتورة بكلمة عفشة
وأسترسلت حديثها قائلة بنبرة ساخرة: بس بردك الناس معذورة يا سلفتي، معيعرفوش بالغ. در والخ. يانة اللي وجعوا على بتي من المحترم إبنك، حضرت المحامي اللي المفروض هو اللي عيجيب الحجوج للناس وينصفهم، بس نجول أيه يا سلفتي.

وأكملت بنبرة ساخرة متهكمة إستشاطت داخل فايقة: باب النجار مخلع والرك في الأساس على التربية
إبتسمت فايقة بشماته وتحدثت بهمس ضعيف: متجلجيش يا غندورة، دلوك اللي ميعرفش عيعرف وجرستك عتبجا بجلاجل إنت وبتك
لم تكمل حديثها الهامس حتى أتت إحدي العاملات وتحدثت إليها: ست فايقة، الغفير مرعي عيجول لحضرتك إن السواج جاب الچماعة اللي إنت أمرتية لچل ما يروح يچيبهم من المطار.

وقفت فايقة سريع وتحدثت بسعادة مبالغ بها: روحي يابت إستجبليهم بسرعه وخدي معاكي هنية وشيلوا عنيهم الشنط
وتحركت سريع تقف في مدخل المنزل، نظرت ورد إلى نجاة بإستغراب وتساءلت: چماعة مين دول يا نجاة اللي سلفتك عزماهم وچايين كمان بطيارة؟
هزت نجاة كتفيها بعدم معرفة وتحدثت: علمي علمك يا ورد، جال يا خبر بفلوس.

ولم تكمل جملتها حتى وجدت تلك الإيناس تدلف إلى الداخل برأس شامخ مرتفع وهي تنظر إلى الجميع بتفاخر وكبرياء، تجاورها كوثر التي تنظر بإنبهار إلى السرايا ومساحتها الهائلة
أسرعت إليها فايفه وأخذتها بين أحض. انها بود وسعادة وتحدثت بترحاب لم يستمع إليه أحدا من علو الصوت: يا أهلا يا أهلا بمرت الغالي، نورتي بيتك يا أستاذة
هدأت الطبول وصمت الجميع وتوقفوا عن الغناء والتصفيق وجلسن يترقبن كشف هوية هاتان الزائرتان.

وأحتضنت فايقة كوثر تحت إستغراب جميع الحاضرات اللواتي بدأن يتسائلن عن تلك السيدة كاشفة الشعر التي ترتدي ملابس ضيقة للغايه، وتجاورها تلك التي ترتدي فوق رأسها حجاب صغيرا وترتدي تحته ملابس ضيقة للغايه تجسد معالم جس. دها، نظرن النسوة إليهما بعيون متسعة وذلك لعدم إعتيادهم على رؤيتهم لتلك الملابس المتحررة والجديدة عليهم.

إرتبكت الجدة بجلستها وحدثت حالها حين فهمت بفطانتها شخصيات تلك الزائرتين: فعلتيها فايقة، كنت أعرف أنك تخططين لكارثة، لكن لم يأتي بمخيلتي أنك تدبرين تلك الكارثة التي ستعصف بالمنزل بأكملة
أمسكت فايقه يد إيناس وهي تحثها على التحرك للداخل ونادت بصوت عالي لتلك التي تجاورها بالأساس، لكنها تريد لفت أنظار الجميع ليس إلا: هنية
أجابت هنية مسرعة خوف من بطش تلك المتجبرة عديمة الرحمه وتحدثت: نعمين يا ست فايقة.

أجابتها بقوة كي تسمع جميع الحاضرات: خدي شنط ستك الأستاذة إيناس وطلعيها على أوضة سيدك قاسم الأولانية، وشنطة الهانم حطيها في الأوضة بتاعت اللضيوف اللي فوج
وأكملت بتفاخر وهي تنظر إلى رسمية: جربي يا أستاذة وسلمي على ست الكل الحاجة رسمية.

في تلك الأثناء كانت صفا تحمل صغيرها وتدلف لداخل المنزل بسعادة وهي تقبله، تسمرت بوقفتها حين إستمعت لصوت زوجة عمها وهي تحدث هنية وتكشف عن شخصية إيناس، تراجعت للخلف سريع وحمدت ربها أنها لم تدلف بعد للداخل وتضع حالها في موقف لا تحسد عليه، أسرعت عائدة إلى منزل أبيها بدموعها المنهمرة على وجنتيها جراء تلك الإهانة الكبري لها.

أما بالداخل، فتساءلت إحدي سيدات العائلة إلى فايقة التي كانت تنتظر هذا السؤال بتلهف: معتعرفيناش بضيوفك ولا إيه يا أم قاسم، شكلك إكده تعرفيهم زين؟
نزلت تلك الكلمات على قلب ورد شطرته إلى نصفين وتألمت على حال صغيرتها، أمسكت نجاة كف يدها كنوع من المؤازرة وأستغربت جرأت تلك الفايقة بأن تأتي بزوجة قاسم إلى هنا، اما أمل فتحركت سريع عائده إلى منزل زيدان لتكون بجانب صفا.

تعالت الهمهمات بين الحاضرات، شعرت ورد بأن روحها تكاد أن تزهق من شدة قلقها الذي أصابها من ما هو أت، الأن ستفهمن الحاضرات لما صفا تاركة منزل الزوجية، وستتهامزن فيما بينهن عندما يعرفن السبب، سيقولن فيما بينهن إن إبنة النعمانية فضل عليها زوجها أنثي أخري وذهب إلى القاهرة ليتنعم داخل أحض. انها تارك زوجته وصغيرها.

كادت فايقه أن ترد، أخرستها رسمية التي وقفت وأردفت قائلة وهي تتطلع إلى النساء: دي والدة وأخت زميل الأستاذ قاسم في المكتب، چايين لجل ما يحضروا الفرح ويانا
ثم وجهت بصرها إلى فايقة وأرعبتها بنظرة تحذيرية هي وضيفاتها الغير مرغوب بتواجدهما، وتحدثت إليها بحدة وصرامة بعدما طفح بها الكيل من أفعال إبنة أخيها التي لا تحتمل: خدي ضيوفك وطلعيهم على أوضهم وبكفياك رط حريم ماسخ ملوش عازة.

وأكملت حديثها إلى النساء المتواجدات بصيغة أمرة: وإنت يا حرم. ة منك ليها، يلا كل واحدة على دارها وأبجوا تعالوا بالليل لما الحنة تبدأ.

مازال الجميع على حاله يتهامزن ويتسائلن ما الذي إستدعي غضب تلك المتجبرة رسمية إلى هذا الحد، أما كوثر التي كانت تنظر إلى تلك السيدة عديمة الذوق غريبة الأطوار التي بدلا من أن تقف إحترام لهما والترحاب الشديد بهما، تقوم بتوجيه حديثها الوقح هذا إلى فايقة وتتجاهلهما وكأنهما هما والعدم سواء.

نظر الجميع إلى بعضهن وبدأن بالتهامز والتلامز بين بعضهن البعض فتحدثت الجده ناهرة إياهن: مسمعانيش إياك يا حرم. ة منك ليها؟ جولت كل واحدة على دارها.
تحركن سريع بتخبط خشية غضب تلك المتجبرة بهن، وقفت هي وتحدثت لتلك الناظرة لها بتعجب وضيق وكبرياء: متأخذنيش يا ست، أصل أني مكانش عندي علم بوصولكم
وأكملت وهي تنظر إلى فايقة بتوعد: وأني بجا مكرهش في حياتي كلياتها كد إن المية تچري من تحت رچليا وأني مدرياش.

ثم رمقت فايقه بنظرات أرعبتها قائلة بحدة: بس ملحوجة، أني ليا تصرف تاني عيخلي كل واحد إهنيه يعرف مجامه صح
وأكملت إليها: خدي ضيوفك طلعيهم فوج يا أم قاسم وأبجي إدلي تاني عشان عوزاك
إبتلعت فايقة لعابها، ثم حولت رسمية بصرها إلى ورد وأردفت قائلة بإحترام بنبرة هادئة: وإنت يا أم الدكتورة، جومي لدارك وأبعتي لي مالك مع صابحة لجل ما أتونس بيه.

ثم نظرت إلى فايقة المتسمرة خجلا من ضيوفها ومن تلك المقابلة اللتان تلقوها، ورعب من نظرات تلك الرسمية التهديدية وتحدثت بحدة: واجفة متسمرة ليه إكده يا ولي. ه، مسمعتنيش إياك!
فاقت من ذهولها وتحدثت بإرتعاب: حاضر يا عمة، إتفضلوا وياي يا جماعة
وقبل أن يخطوا إلى الأعلي أوقفتهم رسمية بصوتها الجهوري: إستني عنديك منك ليها.

نظرن اليها وأكملت هي بنبرة تهديدية غير لائقة بإستقبال الضيوف وخصوصا عند أهل الصعيد الذين يتسمون بالكرم والمروئة وحسن الإستقبال، لكنها تعلم في قرارة نفسها سوء نيتهما تجاة حفيدتها الغالية: معيزاش مخلوج من النجع يعرف عنيكم كلمة أزود من اللي أني جولتها جدام الحري. م من إشوي
ونظرت إلى كوثر وإيناس وهتفت بحدة: إنت أم عدنان زميل قاسم، وإنت أخته، مفهوم؟

إرتبكت إيناس من كلمات تلك المتجبرة فتحدثت إليها بنبرة ناعمة بعد أن قررت تستدعي تعاطفها وسحبها إليها: مفهوم يا تيتا، أهم حاجة حضرتك تكوني راضية ومرتاحة
وأكملت بلؤم: وصدقيني يا تيتا، أنا مش جاية هنا أنا وماما علشان نعمل مشاكل، أنا جاية أتعرف عليكم ونقضي وقت لذيذ علشان نقرب من بعض مش أكتر.

قوست رسمية فاهها بطريقة ساخرة إستدعت غضب كوثر التي تحدثت بنبرة تهكمية: أي أوامر تانية يا حاجة ولا نطلع نغسل وشنا من تراب السفر؟
لم تعيرها حتى عناء النظر إلى وجهها وأشاحت بيدها بحدة إلى أعلي الدرج في إشارة منها بالإنصراف، زفرت كوثر بضيق وتحركتا خلف فايقة التي تيقنت أنها تخطت حدودها وأنها بفعلتها تلك قد إستدعت غضب رسمية، وأن الأسوء قادم لا محال.

ولكن الهدف يستحق المجاذفة، فهي إلى الان مازالت تخطط بفضح الامر للنيل من فضيحة إبنة زيدان وتحقيق إنتقامها الأسود التي وبرغم كل ما حدث لها، مازال هو شغلها الشاغل
خرجت ورد واتجهت إلى منزلها، وجدت صغيرتها تبكي وسط المنزل ويجاورها زيدان ويزن المستشاطان مما قصته عليهما صفا وأمل التي تحمل الصغير فوق ساقيها برعاية.

إقتربت على إبنتها وأحتضنتها بحنان، ونظرت إلى الصغير التي تحمله أمل، كان يصرخ بشدة وكأنه شعر بحزن والدته وأستمع إلى صوت شهقاتها وهي تبكي بذاك الإنهيار
تحدثت ورد إلى يزن بهدوء: خد مالك من أمل و وديه لچدتك لجل ما يهدي شوي يا يزن
أطاعها وأخذ الصغير وذهب
نظرت ورد إلى زيدان وتساءلت بنبرة حادة غاضبة: عتعمل أية مع فايقة يا زيدان؟

تنهد وأردف قائلا بغيظ مكظوم: فايقة أتخطت حدودها وياي، ولازم لها ردع لجل ما تعرف مجامها زين
تحدث يزن الذي أتي من جديد وهو يتحرك لجلستهم: صفا لازمن تطلج يا عمي، مرت عمي وقاسم بدأوا يتصرفوا على إن الموضوع بجا أمر واقع ولازمن الكل يرضخ ويرضي بية
رمقه زيدان بنظرة حادة وتحدث: چدك لو سمع كلمة طلاج دي عيطربج الدنيي فوج دماغنا.

أردفت تلك الباكية من بين شهقاتها العالية قائلة بنبرة صارمة: يزن عنديه حج يا أبوي، أني خلاص معيزاش اللي إسمة قاسم ده، مطيجاش أفضل على ذمته بعد اللي حصل دة يوم واحد
تحدثت مريم التي دلفت للتو: إهدي يا صفا وكل مشكلة وليها حل
تنفس زيدان عاليا ثم زفر بهدوء ثم قام بسحبها من داخل أحض. ان ورد ليدخلها لأحض. انه وتحدث وهو يربت على ظهرها بحنان: إهدي يا دكتورة وأني ليا كلام تاني مع أبوي وقاسم.

أردفت ورد بنحيب وملامة: ياما إترجيتك وجلت لك بلاش منيها الجوازة دي، جولت لك إني حاسة إنها عتبجا بداية الشوم والشجا لجلب بتي مصدجتنيش يا زيدان
تنهد زيدان في حين تحدث يزن بغضب: زمان البلد كلياتها عتتكلم على بت النعمانية اللي چوزها إتچوز عليها واحدة تانية
أجابته ورد مطمأنة الجميع: محدش من الح. ريم عرف حاچة يا ولدي، چدتك جطعت حديت فايقة جبل ما تعرف الح. ريم على واكلين ناسهم دول.

وأكملت بريبة من أمر تلك الفايقة وما تخفيه دائما داخل جعبتها: بس أني مضمناش الحية اللي إسميها فايقة
وأردفت بنبرة متخوفة: مش بعيد تخبر الكل في الحنة بالليل
إنتفض زيدان من جلسته وتحرك بصحبة يزن إلى عتمان المتواجد بمندرة العائلة المتواجدة داخل الحديقه وقص له كل ما بدر من فايقة، وبعث هو لقدري وقام بتوبيخه أمام الجميع على تصرف زوجتة التي لا تعير لوجوده في حياتها أية إهتمام وتتصرف بما يحلو لها.

طلب منه أن تذهبا السيدتان بعد إنتهاء مراسم الزواج مباشرة، وغضب عثمان أيضا من قاسم ولكنه تراجع بعدما أقسم له قدري أنه على غير علم بما فعلته والدته، وأقسم له أنه سيضع حدا لتلك الفايقة وتصرفاتها التي أصبحت لا تحتمل
- -
تحرك قاسم من مكتبة مباشرة إلى مطار القاهرة ومنه إلى مطار سوهاج، حتى وصل إلى نجع النعمانية.

دلف بسيارته إلى داخل الحديقة، وجد زيدان يقف بجوار يزن وكأنه ينتظره، ولكن ما أدعي إلى إستغراب قاسم كم الغضب الهائل الذي رأه يتطاير من عيناي عمه على غير العادة مؤخرا
إقترب عليه قاسم وتحدث بترقب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدق زيدان عيناه وتحدث إليه بنبرة شديدة الغضب: هو ده حجي عليك ومجداري عنديك يا ولد أخوي، عاوز تكسر بتي وتهينها جدام ح. ريم البلد كلياتها؟

أجابه بنبرة حاده: ما عاش ولا كان اللي يكسر صفا ويهينها وأني على وش الدنيي، فيه أية يا عمي! حصل أية لحديتك ده؟
تحدث يزن بنبرة حادة: معارفش فية أية يا متر، فيه إن سيادتك چايب مرتك المصراوية وأهلها لجل ما تعرف باجي البلد إنك إتجوزت على بت النعماني الأصيلة؟
تجمدت الدماء بجسد قاسم وإحتقنت ملامحة بالغضب وتحدث بحدة: كلام أية الفاضي اللي عتجوله ده يا يزن، بتخرف إنت إياك!

هتف زيدان بنبرة حادة: يزن معيخرفش يا ولد أبوك، يزن عيجول اللي إنت وأمك خططوا له زين ونفذتوه لجل متكسروا بتي جدام البلد كلياتها
كور يده وظهر الغضب بعيناه وتحدث بحدة بالغة: يشهد عليا الله إني برئ من إتهامك ده يا عمي، وأني أول مرة أسمع بيه
وأسترسل بنبرة غاضبة بعدما علم بفطانته أنها والدته لا غيرها: أني عارف مين اللي عمل إكدة وليا معاه تصرف تاني، وإن كان على إيناس وأهلها، أني عخليهم يسيبوا النجع حالا.

أردف زيدان بنظرة لائمة: بعد أية يا قاسم بيه، بعد ما أمك چابتها لحد إهنيه بكل بچاحة وجهرت جلب بتي
ونظر له بإستسلام وتحدث بنبرة بائسة: منك لله يا قاسم على اللي عملته في بتي
وأكمل يعيناي غاضبة متوعدة: بس إنت مش غلطان، الغلط كله علي إني لسه جابل المسخرة دي عليها وساكت، بس بكفياني سكات لحد إكدة.

وكاد أن يتحرك جذبه قاسم من ذراعة و وقف أمامه وتحدث بترجي وأسي ظهر بعيناة: الله وكيلك يا عمي ما تعمل حاچة تأذيني بيها أني وصفا ومالك
وأكملت بوعد: أني عريحك من الموضوع ده كلياته، صدجني يا عمي
نظر له وأستشف الصدق من عيناه، لكنه فضل الصمت وذهب تارك إياهما
نظر له يزن واردف بترجي: بكفياك ظلم عاد يا قاسم، لو معتريحاش إعتجها لوجة الله وطلجها.

نظر له وتحدث بنبرة جادة: حد بيعتج روحه ويفصلها عن چسمة بيدة يا ولد عمي؟
وأكمل محذرا: اطلع منيه الموضوع ده عشان منخسرش بعض من تاني يا يزن
وتركه وتحرك إلى جده وتحدث بعدما أبلغ عثمان بعدم علمه بمجيئهما: أني طالع حالا أمشيهم وأخلي السواج يوصلهم للمطار كيف ما چابهم
أوقفه عثمان وتحدث بنبرة حادة: عاوز تركبني العار يا قاسم
وأكمل: على أخر الزمن عثمان النعماني عيطوح ضيوفه من داره وكمان حريم؟

واسترسل لائم: يا عيب الشوم عليك يا ولد النعماني يا أصيل
توقف قاسم وزفر بإستسلام، ثم تحدث الجد متسائلا بترقب: عتعمل إيه يا قاسم؟
هز قاسم رأسه وأجابه بتوعد: كل خير يا چدي، كل خير
وأكمل مفسرا:
إديني مهلة لبكرة الصبح تكون السرايا فضيت من حنة الحريم، وبعدها نتجابل كلياتنا في المندرة.

قال كلماته التي طمأنت عثمان وانسحب للأعلي تحت غضب رسمية منه، طرق باب غرفته السابقة بعدما علم بوجود والدته بصحبة كلتا الخبيثتان
دلف بعدما تأكد من والدته أنهما ساترتا جسديهم. ا، وعلى غير المتوقع نظر لكلتاهما وتحدث بنبرة باردة وملامح وجه يبدوا عليها الراحة، بلكنة قاهرية: حمدالله على السلامة، نورتوا سوهاچ كلها
وأكمل بنبرة ذات مغزي: ونورتوني أنا بشكل شخصي.

مما إستدعي إستغراب ثلاثي الشر حيث تحدثت كوثر بنبرة حنون حاولت بها جذبه إلى عالمها من جديد كالسابق: الله يسلمك يا حبيبي، وحشتني يا قاسم
وأكملت بنبرة ناعمة كحية رقطاء: جالك قلب تقعد كل المدة دى من غير ما تسأل على ماما كوثر؟
مكنش العشم يا جوز بنتي
العجيب أنه ابتسم لها وتحدث: معلش بقا حضرتك، الدنيا تلاهي زي ما بيقولوا.

وأكمل وهو ينظر إلى والدته التي تنظر إليه ببلاهه، فقد تخيلت أن يغضب ويثور لكنه فاجأها: إيه يا أم قاسم، ما جبتيش غدا وحلويات للضيوف ليه
وأكمل مبتسم بطريقة إستغربتها إيناس: إنت عوزاهم يقولوا على أهل الصعيد بخله ولا إيه؟
هتفت كوثر بنبرة سعيدة: ما عاش ولا كان اللي يقول عليكم كدة يا أبن الأكابر.

في حين تحدثت فايقة بنبرة سعيدة بعدما رأته من ولدها: أني بلغت الغفير مرعي يخلي الطباخين يچهزوا صنية مليحة، ولما يچهزها عخلي هنية تطلعها إهنيه
تحركت إليه إيناس وتحدثت بنبرة أنثوية: إزيك يا قاسم
نظر لها وتحدث بهدوء: أنا تمام، تمام جدا
وأكمل متسائلا ببرود: أستاذ رفعت عامل إيه
أجابته بنبرة رقيقة وهي تنظر إليه بعيناي عاشقة: بابا كويس أوي، وبيسلم عليك كمان
هز رأسه وأردف بإرتياح: الله يسلمه.

ثم نظر لثلاثتهم ليخبرهم بنبرة تحذيرية حادة وكأنه تحول: طبعا مش محتاج أنبهكم إن موضوع الجواز لو إتعرف هنا هتحصل مشكلة كبيرة،
وأكمل محذرا: بس ليكم، مش لحد تاني
إبتلعت فايقة لعابها وأيضا إيناس وكوثر اللتان أتت لتحقيق حلميهما بإنتشار خبر زواج قاسم بين الجميع واعلانها زوجة رسمية له كي يضعاه أمام الأمر الواقع.

أجابته كوثر التي إنتوت تغيير خطتها واللجوء إلى الحصان الرابح كي تحصل على ما تريد وخططت إليه سنوات عده: إطمن يا قاسم، إحنا مش جايين نعمل لك مشكلة مع أهلك
إبتسم لها بجانب فمه، ثم نظر إلى والدته وأردف قائلا وهو يحثها على تتبعه: تعالي معاي يا أما.

في نفس التوقيت، خرجت صفا إلى شرفة حجرتها لتتنفس بعض الهواء عله يهدئ من روعها ولو قليل ويحسن من مزاجها الذي تعكر بفضل ما حدث، وجدت شرفة غرفته السابقة مفتوحه ويخرج منها أصوات هادئة، لمحت طيفه يتحرك إلى الخارج وتليه والدته.

وتحركت إيناس متجهة إلى الشرفة كي تستطلع المكان، تحركت صفا أيضا سريع كي لا تشاهدها تلك الملعونة خاطفة سعادتها، جلست فوق فراشها والدموع تنهمر من عيناها بعدما رأته وهو خارج من غرفتها، وما أشعل الن. ار بداخلها أنها تسكن غرفته، ستغفوا على فراشه وتشتم رائحته
إنتفضت من جلستها وجففت دموعها، ثم أخذت نفس عميق بعدما أنتوت أن تح. رق قلب تلك اللعوب هي ووالدتها وأيضا الساحرة الشريرة المسماة بفايقة!

وأقسمت لحالها بأنها ستقلب السحر على الساحر وبدلا من أن تعطي لهم الفرصة بإح. راق روحها كما خطط ثلاثتهم ستكون هي من تحرق قلوبهم وترد لهم الصفعه بأقوي منها
تحركت إلى خزانة ملابسها وأخرجت ثوب مثيرا للغاية كانت قد إبتاعته من إحدي متاجر فرنسا الشهيرة عبر الإنترنت، وبرغم أنه يظهر مفاتنها بالكامل ولا يصلح بتات للخروج به للعلن، إلا أنها إبتاعته لشدة إعجابها به.

وضعته على ج. سدها ونظرت لإنعكاس صورتها في المرأة وحدثت حالها بحماس: أهلا بكم في جحيم إبنة النعماني أيتها الملعونات، أنتم من إبتدتن الحرب، فعليكن إكمالها للنهاية ودعونا نري من هي الفائزة بتلك الليلة الموعودة، لم أكن إبنة النعماني حقا إن لم ألقنكم درسا قاسيا لم ولن يمحي من ذاكرتكم الملعونة على مر العصور
- -.

دلف خلف والدته إلى مسكن والده بعدما أخبرها انه يريد الحديث معها على إنفراد، وما ان أغلقت الباب واستدارت حتى وقف مقابلا لها وبعيون صارخة سألها: عتعملي فيا ليه إكده يا أما، عتأذيني وتأذي ولدي ليه؟
وأكمل بصياح عال: مريداليش الراحة ليه؟
نظرت إليه وتحدثت بإستغراب: اني عأذيك وأذي مالك يا قاسم؟

واسترسلت بنبرة صادقة: ده أني ربنا وحده اللي عالم غلاوتك وغلاوة ولدك في جلبي كد إيه، ده أنت البكري الغالي اللي الجلب شافه جبل العين
نظر لها بتيهه وتحدث متأثرا بتعجب: ولما هو إكده مستكتره عليا الراحة ليه، كل ما أجرب خطوة من مرتي وإبني بتبعديني عنيهم ميل ليه!
وأكمل بعيناي شبه دامعة وقلب محطم وروح منهزمة: ده أني بعد الأيام بالساعة والثانية وبحلم باليوم اللي أرچع فيه مرتي وولدي لحض. ني.

وسألها: عاچبك شندلتي وأني جاعد لحالي إكده؟
ده أني مفرحتش بإبني ولا خدته ونيمته ليلة في حض. ني كيف الناس
وأكمل متألم بقلب ن. ازف: شجتي حزينة يا أما وفرحتي بولدي مطفية وناجصة، عدخل شجتي بلاجيها خراب وباردة مفيهاش روح كيفها كيف الجبر
وسألها لائم: معتحسيش بولدك وحرجة جلبه ليه!
مستكتره علي حض. ن الم. رة اللي عوضتني حنانك اللي عمري ما دوجته ليه؟
نزلت كلمته على قلبها زلزلته وأشعرتها بالتقصير والخجل من حالها.

وأكمل هو صادق متأثرا: في حض. ن صفا لجيت الراحة والسكينة اللي كنت عدور عليهم
واسترسل بحنين وعيناي متألمة: حنت علي وضمتني وحسستني إني لساتي إنسان عندي مشاعر وبحس، صحت لي ضميري اللي كان متغفل بجاله ياما
وأكمل بنظرة إتهام: عملت لك إيه المسكينة لجل ما تجهري جلبها وتچيبي لها الحرباية دي لحديها؟

كانت تستمع إليه ولأول مره بقلب الأم، شعرت بكم المعاناة التي يشعر بها ولدها وتخنق روحه، إرتبكت وتحدثت بنبرة زائفة من شدة خجلها: أني چيبتها لچل ما تشعلل جلب صفا من الغيرة وترچع لك زاحف. ة على ركبها
قطب جبينه ورمقها بنظرات تشكيكية غير مصدق حديثها وأردف قائلا: چد يا أما؟
وأكمل متهكم: لا والله كتر خيرك.
وأكمل بنبرة منكسرة: أحب اطمنك وأجول لك إن عمي زيدان عاوز يطلج بته مني بسبب مساعدتك ليا كيف ما بتجولي.

واسترسل محملا إياها الذنب: يا رب تكوني إرتاحتي
إرتعب داخلها وانتفض لأجل سببان، أولهما ثروة زيدان التي لم يستطع ولدها التنعم بها إذا حدث الطلاق، والاخر هو حرمانها وولدها من مالك الذي سيتربي داخل أحض. ان زيدان وورد بعيدا عن قاسم
فتحدثت بذهول: عمك جال لك إكده؟!
وأكملت لطمأنته: متجلجش يا ولدي، چدك معيرضاش بالطلاج
أجابها نافي حديثها: ناسية إياك إنه سمح ليزن يطلج ليلي؟

إرتعبت من داخلها وأكمل هو بنبرة هادئة ذات مغزي: على العموم إنت جدمتي لي خدمة عمري وإنت مدريناش
ضيقت عيناها وأردفت بتساؤل: تجصد إيه بحديتك دي يا ولدي؟
إبتسم بجانب فمه وأجابها بمراوغة: مجصديش يا أما
إستمع إلى صوت المفتاح في كالون الباب، وظهر والده بملامح وجه غاضبة تلاه فارس الدخول
هرول مسرع إلى فايقة وأمسك ذراعها وقام بليه مما جعلها تصرخ وتحدث هو بفحيح: وبعدهالك يا بت سنية، منوياش تچبيها لبر ليه؟

جري عليه قاسم وفارس وحاولا تخليص والدتهما من ببن قبضته القوية وتحدث قاسم مترجي: سيبها لجل خاطر ربنا يا أبوي، ما يصحش تعمل في أمي إكده
شدد من قبضته أكثر وتحدث بغيظ من بين أسنانه: فوتني أربيها يا قاسم يمكن تحس على دمها وتوعي لحالها وتشوف بعنيها الأذي اللي عتصيب بيه عيالها
بكت ونزلت دموعها من شدة الألم وتحدثت: سيب يدي يا قدري، دراعي عينخلع.

بصعوبة خلصاها قاسم وفارس من قبضته وخبأها فارس خلفه وتحدث برجاء وهو ينظر لأبيه: الله وكيلك ما تجرب عليها تاني يا أبوي
أمسكه قاسم وأردف مهدأ إياه: إهدي يا أبوي
وقف قدري ينظر على تلك التي تختبئ خلف ولدها والرعب يظهر بعيناها وهتف بنبرة غاضبة: بعملتك السو دي چيبتي اخرك وياي يا بت سنية، روحي وإنت.
وقبل أن يكمل كلمته وضع قاسم كف يده مكمم به فم والده وتحدث بعيناي مترجية: بلاش يا أبوي.

وأكمل بتوسل: إنت إكده معتأذيش أمي لحالها، إنت عتأذيني أني وليلي وفارس،
وأكمل بنبرة تعقلية: مفكرتش في شكلنا جدام الخلج وأمنا عتطلج وإحنا رچالة كبيرة إكده؟
وأكمل: طب وأمي عتروح فين بعد العمر اللي جضته وياك ده كلياته
نفض قدري كف نجله وهتف بنبرة حادة: تروح في ستين داهية، تجعد ويا أمها تخدمها وتتذلل لإخواتها لجل ما يدوها اللجمة تاكلها.

كانت منكمشة على حالها متشبثة بجلباب نجلها لتحتمي بظهره، تنظر على قدري ودموعها تنهمر بشدة فوق وجنتيها، غير مستوعبة حالة الغضب التي وصل لها بفضلها
تحدثت بنبرة ضعيفة من بين دموعها: هونت عليك يا قدري، عايز تطلجني بعد عشرتي وياك
نظر لها بغضب وتحدث ناهرا إياها: وإنت كنتي صونتي العشره إياك لجل ما ابجي عليك!

وأكمل بنبرة حاقدة: ده أنت لعنتي اللي إتبليت بيها وبليت عيالي معاي، كان عجلي فين طول السنيين اللي فاتت وأني ماشي وراكي كيف الأعمي وفايتك تسوجيني كيف ما بدك
وأسترسل غاضب: الله يلعنك يا فايقة، الله يلعنك
تحدث فارس في محاولة منه للتهدأة: إهدي يا أبوي وأمي معتعملش حاچة تاني
ونظر إلى والدته متسائلا: مش إكده يا أما؟

أومأت إليه بطاعة سريع فتحدث قدري مهددا: دي أخر فرصة ليك وهديها لك لجل خاطر عيالك، لكن الله الوكيل غلطة تانية وعكون مطلجك وبالتلاتة
وأكمل أمرا إياها وهو يرمقها بنظرات غاضبة: تروحي تنبهي على المرة السو اللي إسميها كوثر هي والحرباية بتها، لو حد من النچع عرف إنها مرت قاسم، وكتاب الله لأدفنهم صاحيين وما عخلي الدبان الازرج يعرف لهم طريج.

وأكمل بنبرة حقود: وإنت عتطلجي بالتلاتة وعيالك دول معيشفعولكيش عندي واصل
واسترسل متسائلا: سمعاني زين يا واكلة ناسك؟
هزت رأسها عدة مرات متتالية دلالة على رعبها منه، رمقها بإشمئزاز وخرج صافق الباب خلفه
بكت بشدة وخجل لأجل الأهانة التي تعرضت لها بحضور نجليها
نظرت إليهما وبكت بشدة مما جعل قاسم يتحرك لوقفتها ويسحبها من بين يداي فارس ويحتض. نها بإحتواء ويربت على ظهرها بحنان.

إنفجرت بالبكاء وكأنها كانت تحتاج لذاك الحض. ن كي تخرج ما بداخلها من مخزون منذ عقود، بكت وبكت داخل أحض. ان قاسم الذي ينظر لشقيقه ويشعران بالأسي على تلك الظالمة التي ظلمت حالها وخسرتها قبل أن تخسر الجميع
إقترب فارس وأحتض. نها أيضا وضلت على وضعها لأكثر من نصف ساعة حتى هدأت.

إنتوت التوقف عما تفعله ليس ندم، لكنها وجدت أنها لم ولن تجني من حقدها وأنتقامها سوي جلب الخراب لها ولأولادها فقررت أن تترك هذا الانتقام بعدما سعت إلى تحقيقه بشتي الطرق، لكن محاولاتها جميع بائت بالفشل الذريع
بل وعادت على حياتها بالدمار، وأكثر شئ أجبرها على التراجع هو التغيير الجذري الذي حدث إلى شخصية قدري منذ تلك الحادثة المشؤومة، وتهديده المباشر لها والذي يستطيع بالفعل تنفيذه.

نظرت إلى قاسم وتحدثت بنبرة ضعيفة: حجك علي يا ولدي، ووعد مني معجربش على عيشة حد فيكم تاني
أردف قاسم بتمني: ياريت يا أما تعملي إكده بچد، عتريحينا وتريحي حالك
وأكمل على حديثه فارس مترجيا: نفسي نرتاح وچس. منا يبرد من المشاكل إشوي يا أما.

أومأت له بصدق وأكملت برجاء: أني ليا عنديكم طلب، أحب على يدكم تتحدتوا ويا چدكم وتجولو له يرچع في موضوع چواز أختكم من صالح ولد ذكي النعماني، وأكملت: هي خلاص معادتش عتعمل مشاكل تاني، عتجعد لحد ما عدتها تخلص وربنا يرزجها بچوازة زين
زفر قاسم وتحدث: حاضر يا أما، بس ياريت تخلي بالك عليها وتحاولي تعجليها وتجوليلها تخليها في حالها
وأكمل: مش كل مرة تسلم الچرة يا أم قاسم.

تحدث فارس إلى والدته بإستسلام: أني كلمت أبوي وچدي على إن ليلي تنزل الحنة مع الحريم، بس چدي رفض
نظرت هي إلى قاسم تترجاة فتحدث هو: إكده أحسن لها ولمرت يزن يا أما، محدش يضمن ليلي لو شافت أمل جدامها ممكن تعمل إيه، بعد الفرح عجعد أني وفارس وياها وبعدها عتكلم مع چدي وأخليه ينزلها تحت تاني
وتحرك للخارج كي يذهب لمراضاة تلك الغاضبة
- -
داخل غرفة صفا
إستمعت إلى طرقات فوق بابها ثم دلفت العاملة صابحة.

وجدتها تسجد فوق سجادة الصلاة لتأدية فرض صلاة العصر، وقفت صابحة بهدوء لحين إنتهائها من الصلاة
وتحدثت بنبرة هادئة: قاسم بية تحت وطالب يجابلك يا دكتورة
إشتعل داخلها غضب عندما إستمعت إلى ذكر إسمه، وأردفت بجمود وحده وهي تخ. لع عنها إسدال الصلاة: روحي جولي له معيزاش تجابل حد
اجابتها العاملة بتأكيد: الست ورد جالت لي أنبه عليك وأجولك إنك لازمن تنزلي.

زفرت بضيق ثم أجابتها بإستسلام: خلاص يا صابحة، روحي إنت وأني نازلة وراكي
خرجت صابحة وتحركت هي أمام مرأتها تعدل من ثيابها ولفت حجابها بإحكام وتحركت هابطة الدرج للأسفل.

كان يجلس محتضن صغيرة ويضمه إلى أحض. انه بشوق جارف وبجانبه علبة من حلوي الشيكولاتة التي تعشقها هي وكان يجلبها لإياها، والأن تحجج بصغيرة رغم أنه لم يتناول الطعام بعد، وما أن رأها تأتي حتى وقف سربع وبقلب يدق بوتيرة عالية كطبول الحرب نظر إليها منتظرا مجيئها لوقفته حتى تصافحه مرحبه به.

لكنها أصابته بالإحباط وتحركت لمقعد مقابلا له من بعيد وجلست واضعة ساق فوق الأخري قائلة بنبرة جامده: خير يا متر، صابحة جالت لي إنك عاوزني في موضوع مهم
تنهد من تلك المعاملة الجافة التي لم تتوقف عنها ولو ليوم منذ ذاك اليوم المشؤوم
جلس بخيبة أمل واضع صغيرة فوق ساقية من جديد وتحدث بنبرة متأسفه: أني جاي أتأسف لك إنت ومرت عمي على اللي حصل من أمي.

نظرت له ورد بتعجب وتحدثت بحدة وأتهام: عايز تفهمني إن إنت مكنتش تعرف بمجيتهم دي؟!
وغلاوة مالك عندي ما كنت أعرف، جملها قالها وأسكت بها الجميع لعلمهما كيف هي غلاوة صغيرة بقلبه وتعلقه الشديد به
وأكمل وهو ينظر إلى ورد: تفتكري يا مرت عمي إني كنت هبقا عارف وأسمح لها تاجي لحد إهني وأجبلها على صفا؟

تحدثت صفا بنبرة ساخرة كي تستدعي غضبة وتش. عل غضبه أكثر من تلك الحرباء: عذر أقبح من ذنب يا متر، مش عيب بردك حفيد النعماني الكبير مرته تخرج وتسافر إكدة على كيفها من غير إذنه
وأكملت بتهكم على شخصه: تصدج كنت فكراك مسيطر عن إكدة
وبالفعل حدث وتحدث إليها بصياح عالي: بكفياكي عاد يا صفا، صبري على الإهانه ليه حدود.

وبسرعة هائلة إمتص غضبه كي لا يثير غضبها، ثم أكمل بنبرة حنون كي يسترضيها: وصدجيني، التجاوز ده مش مسموح بيه غير لصفا وبس
إبتلعت لعابها من هيئته، فمهما تظاهرت بالبرود والجمود إلا أن قلبها الملعون مازال عاشق له حتى النخاع برغم كل ما حدث.

تحدث هو إلى ورد من جديد بنبرة جادة: أني مليش علاجة بيها نهائي يا مرت عمي، سبج وجولت لكم جبل إكده، أني ساكن لحالي في شجتي الجديمة وخرچتها من المكتب هي وأخوها وفصلت شغلنا عن بعضية، ومن وجتها معارفش عنيها أي حاجة
زفر بضيق وأكمل: أني لما وصلت وعمي جال لي، كنت هخلي السواج يوصلهم لحد القاهرة ويرچعوا تاني كيف ما چم، بس جدي عتمان اللي إستعيبها وجال لي عيبه في حقنا كصعايدة نمشوا ضيوفنا بالطريجة المهينة دي.

وأكمل ناظرا لعيناي أسرة قلبه لمراضاتها: بس لو إنت عايزة إكده يا صفا أني عسفرهم حالا وأتحمل نتيجة جراري جدام چدي
ردت عليه بقوة وشموخ ونظرات حادة: الموضوع كلاته لا يعنيني لا من جريب ولا من بعيد، تجعد تمشي، ولا يهمني
تنهد بأسي، ثم وقف وأعطي مالك إلى ورد وأتجه لذاك الصندوق الكبير والذي يجاورة أخر صغير كان قد جلبهما معه من القاهرة وضلا داخل صندوق السيارة.

وفتح الصندوق الكبير وأخرج منه ثوب سهرة مميز باللون الأحمر الصريح الذي يشد البصر بفضل تلك الأحجار السوداء التي زينته وجعلت منه مبهرا للغاية
وتحدث وهو ينظر إليها بإبتسامة حانية: أني جبت لك الفستان ده لچل ما تحضري بيه الفرح بكرة في الجاعة، إختارته لك مخصوص على ذوجي، يارب بس يعچبك.

أجابته بنبرة سمجه: مكانش ليه لزوم تكلف حالك، بطلت أمشي على كيف حد وأبجي تابع، وبعدين أني خلاص، إشتريت لحالي الفستان اللي هحضر بيه
أجابها بثقة لم يدري من أين أتت له: لازمن تلبسي الفستان ده لأنه شبه البابيون بتاع بدلتي
نظرت له بإستنكار وأكمل هو بإبتسامة ساحرة: إختارتها نفس لون الفستان علشان نبجا مطجمين مع بعض.

روح إديه لمرتك وطجم وياها، عتبجوا كابل لايج جوي على بعضيكم، جملة مستفزة وجهتها له، لكنه تمالك حاله لأبعد الحدود
وتحدث بهدوء وعيون تنطق عشق: معينفعش يا غالية، اللي ياچي على ذمة صفا زيدان مينفعش ياچي على مجاس أي حرم. ة بعديها
سألته ورد بنبرة متعجبة: ولما هي غالية صح، عملت فيها إكدة ليه يا ولد النعماني؟
تنهد بأسي وأردف قائلا: غالية وربي شاهد إن ما فيش في جلبي وحياتي أغلي منيها يا مرت عمي.

إشتعل داخلها بن. ار عشقة عند استماعها لتلك الكلمات لكنها ضلت على صمودها
وتحرك هو إلى الصندوق الصغير ونظر لها بإبتسامة وهو يخرج حلة صغيره النسخة المصغرة من حلته، والتي تحمل رابطة عنق تشبه ثوب صفا وقد فعل هذا خصيصا لعلمه أنه سيخضعها لإرتداء الثوب وذلك لعشقها لصغيرها ومدي تعلقها به
وتحدث إليها: ودي بدلة مالك باشا ونفس بابيون أبوه وفستان الغالية أمه
إنتفضت واقفة وخرجت دون أن تعيره إهتمام مما أحزن قلبه.

- -
جاء المساء وليلة الحنة ستبدأ للتو
تحركت صفا إلى منزل العائلة وبجوارها هدية.

كانت هدية تحمل الحقائب الخاصة بصفا والتي تحتوي على الثوب التي سترتدية بليلتها تلك، وذلك لأنها سترتدي ثوب محرر وستترك لشعرها العنان والحرية وكذلك ستفعل كل فتيات العائلة كالعادة، لذا فكل فتاه ترتدي ثيابها المتحررة وترتدي فوقها عبائتها السمراء تبع العادات الخاصة بعائلة النعماني، وحين وصولها لمنزل الحنة تخلع عنها عبائتها وتجلس وسط النساء بحريتها.

دلفت للداخل برأس شامخ وجدت الجده تقف في البهو تباشر الترتيبات اللازمة لإستقبال المعزومات، نظرت لها وأبتسمت وفتحت ذراعيها في دعوة منها لإستقبال حفيدتها الغالية لداخل احض. انها
إبتسمت صفا وذهبت لها ووضعت رأسها على كتف جدتها وتنفست بهدوء
وتحدثت الجدة بتفاخر وشموخ وهي تربت على كتفيها بحنان: براوه عليك، هي دي الدكتورة صفا بت النعمانية على حج.

خرجت من بين أحضانها وتحدثت بهدوء: بعد إذنك يا چدتي، أني عطلع في أوضتك اللي فوج علشان أغير هدومي
إبتسمت لها الجدة بموافقة وصعدت صفا.

بعد حوالي الساعة والنصف، كانت جميع النساء قد حضرن للإحتفال بليلة الحناء، وقد بدأ الجميع بالأحاديث الجانبية والتهامز وهن ينظرن إلى تلك الغريبة ووالدتها، كانت ترتدي ثوب خاص بالسهرات باللون الأخضر وترفع رأسها عاليا بكبرياء وهي تنظر للموجودات بتعالي وشعور يتملكها بأنها الأفضل بينهن.

حتي ظهرت تلك الصفا وهي تنزل بدلال وشموخ من أعلي الدرج، وبلحظة إتجهت جميع الانظار إلى تلك الساحرة الفاتنة اللواتي ينتهزن أية فرصة لزواج يحدث ببيت النعماني كي يمتعن اعينهم بالنظر إلى تلك الفاتنة هائلة الجمال
إستغربت حال النساء اللواتي سحبن بصرهن بلمح البصر ووجهوا أبصارهم لجهه أخري،.

نظرت للأعلي حيث أنظار الجميع، إهتز داخلها وانتفض جس. دها رعب وبلحظة إستشعرت بالخطر وبدأ الشك يساورها بأن تلك الجميلة من الممكن أن تكون صفا، غريمتها وشريكتها بزوجها
كانت ترتدي ثوب باللون الكشمير مفتوح عند فتحة الص. در ويضهر مفات. نها بشكل مثير، طويلا إلى الاسفل لكنه بفتحة عند الفخ. د تظهر جمال ورشاقة جس. دها البض.

نفضت من رأسها بأن تكون تلك هي الصفا، فهل من الممكن أن يترك قاسم تلك الحورية لأي سبب كان، كما حدث في الماضي؟!
تحدثت إليها كوثر التي تدقق النظر إلى صفا بذهول: لتكون دي مرات الموكوس قاسم
وأكملت بشرود: علشان كده ما رضيش يقرب لك يا إيناس؟
أجابتها إيناس بنفي وهي تبتلع لعابها رعب من تأكيد الفكرة: أكيد مش هي يا ماما، إنت ناسية وصف عدنان.

إستمعتا إلى نجاة زوجة منتصر وهي تتغزل بمفاتن صفا وهتفت قائلة بتباهي: الله أكبر عليكي يا دكتورة صفا، جمال وجاه وأصل ونسب الله أكبر، زينة صبايا المركز كلليتة يا بتي
وحولت بصرها إلى فايقة وضيفتيها المذهولتان وتحدثت بنبرة تهكمية: ربنا يحرسك من عيون الحاسدين والحاجدين اللي تندب فيهم رصاصة
رمقتها فايقة بنظرات نارية ولو كانت النظرات تصيب لأنتهي أمر نجاة في التو واللحظة.

نظرت لها إيناس والغل والغيرة بدأت تنهش بص. درها وحدثت حالها، من تلك بحق الله؟
أتلك أيقونة الجمال الصارخ هي بذاتها الفتاة الصعيدية التي تزوجها قاسم وأنجب منها وحيده؟
الان فهمت المغزي من تحول قاسم الذي جعله يبتعد عنها ولم يقترب منها ويجعلها زوجة شرعية له إلى الان، ولكن هل هذا فقط هو السبب؟

شعرت بالخطر والأن وفقط فهمت مغزي تغير قاسم المفاجئ بإتجاهها، وتيقنت أن تلك الصفا إستطاعت وبجدارة أن تنزلها من على عرشها السابق بقلب قاسم
حدثت حالها بلوم
يا لغبائي وتغافلي، أحتقر حالي الأن كلما تذكرت أني وبغبائي من بعث قاسم إلى تلك الفاتنة وبلا رجعة، كان لابد أن أفهم منذ البعيد أن من إبتعد عني لأجلها لابد وأن تكون صارخة الجمال.

رمقتها بنظرات حاقدة وحدثت حالها: إذا أنت أيتها اللعينة من زحزحت مكانتي بقلب قاسم، وبعد أن كنت أجلس كملكة على عرش قلبه الساذج، أصبحت أتمني حتى لقب الوصيفة!
إشتعل داخلها ثم تحركت إلى حيث تقف تلك الصفا لتتحدث إليها كي تطمئن حالها وترضي غرورها عندما تكتشف غباء تلك الصفا
فقد كانت تتيقن من أنها مجرد فتاة ضعيفة ساذجة، هكذا رسمت صورتها في مخيلتها أو ربما هكذا تمني فكرها.

إقتربت منها تحت نظرات الجميع المترقبه لهما وتحدثت إيناس بكل تفاخر: إنت بقا اللي إسمك صفا مرات قاسم التانية؟
جصدك الأولي، مش التانية، هكذا أجابتها صفا بوجه شامخ مرفوع لأعلي
إبتسمت إيناس بجانب فمها بطريقة ساخرة وتحدثت بنبرة متعالية: ومالك فرحانة أوي كدة وإنت بتقوليها؟!
وأكملت كي تحرق روحها: عارفة يا صفا الزوجة الأولى الناس في مجتمعنا الشرقي بينظروا لها إزاي.

ضيقت صفا جانب عينها وأشارت لها فيما معناه أن تكمل حديثها
فأكملته بالفعل إيناس قائلة بنبرة متعالية: المجتمع بينظر دايما للزوجة الأولي بإنها الست الناقصة اللي الزوج ملقاش راحته عندها وماعرفتش تثبت له أنوثتها ولا هو قدر يتقبلها كأنثي كاملة في حياته
وأكملت بعدم إستحياء كعادتها: بالبلدي كده ملقاش عندها اللي يكفية ويملي عينه كراجل، فدور على ست كاملة علشان تسد النقص والفراغ اللي عنده.

إتسعت عيناها بذهول لقلة حياء تلك الحرباء وتطاولها عليها بتلك الطريقة الرخيصة، إستشاط داخلها ولكنها سريع تمالكت من حالها وتوعدت لتلك الشمطاء، فلم تكن صفا إبنة زيدان وورد إن لم تلقنها درس قاسيا يترك أثرا داخل روحها الشريرة
إبتسمت صفا وأردفت قائلة بنبرة باردة: أولا، النجص اللي عتتكلمي عنيه ده مابيبجاش عند الست، بالعكس، ده بيبجا جوة الراچل ومتأصل فيه.

وأكملت بدهاء ونبرة ساخرة: بس ما جولتليش يا مدام، بما إنك خبيرة وعلى دراية في نظرات المجتمع، ياتري أية هي نظرت المجتمع للست اللي تجبل تتجوز بكامل إرادتها من راچل متچوز جبلها
وأكملت وهي ترمقها بإشمئزاز: وتجبل بكل مهانه بنص راچل واللي هيتبجا لها منيه من الزوجة الأولي.

وأكملت بنبرة تهكمية: ومش بس إكدة، دي جبلت تتچوزه في السر كيف الحرامية ومفيش مخلوج من أهلة حضر جوازها منيه، بالذمة فيه مهانة وذل أكبر من إكدة؟

إبتسمت إيناس بجانب فمها ونظرت إلى فايقة وتحدثت بنبرة قوية كاذبة: وتفتكري يا دكتورة الراجل اللي بيحب واحدة وهيموت ويتجوزها هيحتاج مين من أهله علشان يشاركة فرحتة أكثر من أبوة وأمه وأخوة، بيتهئ لي ده كان إثبات قوي جدا من قاسم على عشقة ليا وتقديرة لشخصي ولشخص أهلي
شعرت صفا بغصة مريرة إحتلت أعلي عنقها حتى أنها كادت أن تختنق، وشعرت بطعنة عميقة غزت ظهرها لحضور عمها ونجله وشهودهما على ذبح. ها.

ضحكت إيناس وتحدثت بنبرة شامتة: مالك يا دكتورة، إنت تعبانة ولا حاجة؟
تراجعت صفا سريع وعادت إلى صمودها وتحدثت بقوة تليق كونها إبنة النعماني: أني زينة، وحابة بس أفسر لك وأجول لك عن اللي متعرفهوش عن عاداتنا إهني، إهني الكلمة الأولي والاخيرة والجيمة الوحيدة في البيت ده هو چدي وچدتي وأي حد بعد إكدة يبجا سد خانة وملوش عازة
وأكملت بإهانة: يعني قاسم جاب لك السهل، سد الخانه كيف ما بيجولوا.

وأكملت بتفاخر ورأس مرتفع لأعلي: لكن صفا زيدان هي اللي الحاج عثمان النعماني يجعد ويتشرط ويشهد على كتب كتابها ويبجا وكيلها
وأكملت بإبتسامة شامتة كي تكشف لها كذبها بعدما تركتها تتحدث لمغزي في نفسها: وعلى فكره، أني عارفة إن چواز قاسم منيكي على الورج وبس، وما هو إلا تسديد فاتورة جديمة
وأكملت ساخرة: تكفير ذنوب كيف معيجولوا.

واستريلت لإذلالها: ده طبعا بعد ما رفضك وكان ناوي يرمي لك جرشين بكل مهانة تمن السنيين اللي ركنك فيها چاره وإنت عم تستنيه كيف الچارية
وأكملت مفسرة: وبعد ما أبوك راح له وأترچاه لجل ما يتچوزك سنة لجل ما يسترك من كلام الناس، وبعدها عيجطع حتة الورجة اللي كيف جلتها وينساكي، ويمكن كمان لو شافك في الشارع بعد إكده ما يعرفكيش.

كانت تستمع إليها بقلب يش. تعل وج. سد ينتفض من شدة ثورته لكنها لملمت شتاتها سريع وتحدثت بنبرة زائفة بعدما قررت أن تحرق روحها: وقاسم بقا هو اللي ضحك عليك وفهمك الكلام الأهبل ده يا شاطرة؟
ثم ضحكت بكبرياء رافعة قامتها للأعلي وتحدثت: والله برافوا عليك يا قاسم،
واسترسلت بنبرة جادة: خياله واسع أوي حبيبي، دي قصة ياخد عليها أوسكار
وأكملت وهي تقرب وجهها منها: يا خسارة يا دكتور، كنت فكراك أذكي من كدة.

واسترسلت لزعزعت ثقتها: تفتكري واحد بيعشق واحدة من تمن سنيين وكان فيه بينهم مكالمات ومغامرات يااااما بعدد شعر الراس
وأسترسلت بتهكم: في يوم وليلة كده هيكتشف إنه خلاص، بطل يحبها ومش عاوز يتجوزها؟
وأكملت بدهاء في محاولة منها لتشتيت عقل صفا: طب بلاش دي، واحد وواحدة هيدخلوا أوضة نومهم يوم فرحهم ويتقفل عليهم باب واحد، معقولة مش هيلمسها؟!

وأكملت متهكمة: والله قاسم ده طلع دماغ، عرف يبلفكم بقصة هبلة ما يصدقهاش حتى تلميذ في إعدادي.

وبالفعل إستطاعت أن تشتت عقل تلك المتخبطة، وبرغم تشتت عقلها إلا أنها إستعادت توازنها وتحدثت بنبرة قوية عندما تذكرت حديث قاسم في مواجهته بالعائلة، عن تركه لها في اليوم التالي لعقد القران ورجوعه إلى صفا: طب ولما جصة حبكم عظيمة وچبارة جوي إكده، إيه اللي خلاه يسيبك يوم الصباحية ويرجع لي وياخدني شرم الشيخ أسبوع بحاله.

وأكملت ضاحكة بشماتة عندما رأت حرقة روح تلك المستشاطة: ولا هو علشان بيحبك جوي، حب يدوج حلاوة عشجك چوة حض. ن صفا
وقامت بإطلاق ضحكة عالية عندما رأت وجه إيناس إشتعل وتحول إلى اللون الأحمر وابتلعت لعابها خجلا عندما لم تجد ردا مناسب على حديث صفا.

تحدثت صفا بنبرة ساخرة وهي تشير بيدها لأعلي: فيه بانيو فوج في الأوضة اللي إنت جاعدة فيها، نصيحة مني تطلعي دلوك تمليه مايه صاجعة وترمي حالك فيه بدل ما تولعي وإنت واجفة إكده وتحرجي لنا البيت وياك
رمقتها بنظرة إشمئزاز وتحركت تجلس بكبرياء واضعة ساق فوق الأخري وسط دعم كامل من نساء عائلتها، وتحت إحتراق قلب كوثر التي صدمت من هيأة وأنوثة وجمال تلك الصعيدية
- -
داخل إحتفال الرجال.

تحرك ووقف جانب بعيدا عن صوت الموسيقي الصادح، أخرج هاتفه وتحدث إلى حارس البناية المتواجد بها شقته التي تسكنها إيناس: إسمعني كويس يا باهي، عاوزك حالا تجيب لي نجار وتخليه يستني معاك، وانا هبعت لك الاستاذ أحمد زميلي من المكتب، تخلي النجار يفتح كالون الشقة
وأكمل بحرس: تخلي مراتك تدخل أوضة النوم لوحدها، تلم كل هدوم وحاجة الأستاذة إيناس الخاصة في شنط وتنزلها عندكم علشان هتيجي تاخدها بعد يومين.

وأكمل: وتلم لها كمان حاجة المطبخ في كراتين وتنزلوها بردوا عندك
سأله الحارس بنبرة فضولية: خير يا باشا، إنتوا هتعزلوا ولا إيه؟
أردف قاسم بنبرة حادة أرعبته: وإنت مالك، حاشر نفسك ليه في اللي ملكش فيه
وأكمل بنبرة حادة: إنت تسمع الكلام اللي يتقال لك من سكات، فاهم يا باهي.

إرتبك باهي وتحدث بطاعة لذلك الذي يغمره دائما بالمال الوفير ليبعث له بكل ما يدور داخل شقة إيناس، وذلك بعدما إختاره ليكون عينه على إيناس، فحتي وإن كانت مجرد زوجة على الورق فهي بالنهاية زوجته ولابد من مراقبة تصرفاتها وضمان سلوكها الحسن.

اغلق معه وهاتف أحمد سمير، المحامي الذي يعمل معه داخل المكتب والذي يعتبره بمثابة ذراعة الأيمن: ركز معايا يا أحمد، عاوزك تاخد معاك كام راجل كده وتروح حالا على شقتي اللي ساكنة فيها الأستاذة إيناس، أنا كلمت البواب وهو مستنيك هو ومراته ومعاه النجار، هيفك كالون الشقة ومرات البواب هتلم حاجة الأستاذة إيناس الخاصة في شنطة وتنزلها عندها تحت
وأكمل: وإنت خلي الرجالة تلم الموبيليا كلها وتبعوها لأي تاجر بأي تمن.

واسترسل مؤكدا: سامعني يا أحمد، أي تمن المهم العفش ما يبتش في الشقة إنهاردة
وأكمل بتوصية: النجار معاه كالون جديد، هيركبه وانا هكلم السمسار علشان يشوف بيعة للشقة في أقرب وقت
أطاعه أحمد وأغلق قاسم الهاتف وتحرك عائدا مرة اخري إلى الإحتفال.

بعد إنتهاء الإحتفال بليلة الحنة الخاصة بالنساء، دلفت إلى غرفة جدتها المتواجدة بالطابق الثاني والتي صعدت إليها لتنال قسطا من الراحة بعيدا عن ضجيج العاملات التي يقمن بتنظيف السرايا من الفوضي التي حدثت جراء ما خلفه الإحتفال، قامت بقياس الضغط لها وأعطتها إبرة السكري، وبدلت ثوب السهرة المثير بملابس محتشمة كي تتحرك إلى منزل أبيها، وخرجت وأغلقت الباب خلفها بعد أن دثرت جدتها تحت غطائها بعناية ورعاية.

كانت تتحرك داخل الرواق كي تتجه إلى الدرج ومنه إلى منزل والدها، وصلت إلى باب شقتها وجدت يد تمتد وتسحبها بعنف للداخل وبعدها أغلق الباب ووقف خلفه بجس. ده كالسد المنيع أمامها
كادت أن تصرخ لولا ظهوره أمامها كالأسد الجائع بتلك النظرات الراغبة الممزوجة بعشقه الهائل لتلك الصافية.
بعد إنتهاء الإحتفال بليلة الحنة الخاصة بالنساء، دلفت إلى غرفة جدتها المتواجدة بالطابق الثاني والتي صعدت إليها لتنال قسطا من الراحة بعيدا عن ضجيج العاملات التي يقمن بتنظيف السرايا من الفوضي التي حدثت جراء ما خلفه الإحتفال، قامت بقياس الضغط لها وإعطائها إبرة السكري، وبدلت ثوب السهرة المثير بملابس محتشمة إستعدادا للتحرك إلى منزل أبيها، وخرجت وأغلقت الباب خلفها بعد أن دثرت جدتها تحت غطائها الوثير بعناية ورعاية.

كانت تتحرك داخل الرواق كي تتجه إلى الدرج ومنه إلى منزل والدها، وصلت إلى باب شقتها وجدت يد تمتد وتسحبها بعنف للداخل وبعدها أغلق الباب ووقف خلفه بجس. ده كالسد المنيع أمامها
كادت أن تصرخ لولا ظهوره أمامها كالأسد الجائع بتلك النظرات الراغبة الممزوجة بعشقه الهائل لتلك الصافية
نفضت عنه يدها وتحدثت بنيرة حادة ناهرة إياه: إتچنيت خلاص يا قاسم، أيه اللي عتعمله ده؟

أجابها بأنفاس متقطعه وعيون راغبة وهو يتطلع إلى مفاتنها بجنون وعشق هائل: إتچننت عشان رايد مرتي؟
إرتعبت من هيئته الجنونية وأردفت قائلة بنبرة صارمة: أوعي من جدام الباب خليني أروح يا قاسم
أجابها معترض بنبرة حاده: عتروحي على فين يا صفا، مكانك الحجيجي إهني
وأكمل بعيناي هائمتان ونبرة عاشقة: في شجتك، جوه حض. ن جوزك حبيبك.

إبتلعت لعابها من نبرته العاشقه وعيناه الراغبه الهائمة وتحدثت بثبات زائف: بعد عن طريجي يا قاسم وبطل الچنان اللي عتعمله ده
معتحسيش بن. ار حبيبك الجايدة ليه يا صفا؟ جملة قالها بنبرة توضح إحت. راق روحه ومدي إشتياقه لفاتنتة
ربعت ذراعيها ووضعتهما فوق ص. درها وتحدثت بلهجة ساخرة: روح لمرتك المصراويه اللي فضلتها علي خليها تحس بيك وتديك اللي ملجتهوش عند صفا يا ولد عمي.

إقترب منها ومال عليها بطوله الفارع وأمسك كتفيها بحنان وأردف قائلا بنبرة صوت لرجل عاشق: اللي عند صفا وجوة حض. نها مش موجود عند أي ح. رمة في الدنيي كلاتها
واسترسل مذكرا إياها: وبعدين أني جولت جبل إكده، مليش م. رة غيرك ومرايدش يكون لي
وأكمل برغبه ظهرت بعيناه: مشتاق لك يا صفا ورايدك، رايد حلالي اللي ربنا شرعه لي وده لا عيب ولا حرام
إبعد يا قاسم، جملة قالتها بقوة زائفة.

مال عليها وتحدث بجانب شفتاها: مجادرش خلاص يا جلب قاسم، معادش ينفع البعد
شعرت بأنفاسه الساخنه العطرة تلفح عنق. ها وتداعبه بنعومه، وتغلغل عطره التي تعشقه داخل أنفها فهز كيانها بالكامل.

ومن دون سابق إنذار إقترب منها والته. م شفت. يها وبدأ بتقبيله. ما بعنف وجوع، كادت أن تستسلم له تاركة حالها وتنساق لرغبت. ه وتتعمق معه سارحة بجولة غرامية جديدة تضاف إلى جولاتها القليلة جدا معه، لولا كرامة الانثي التي إنتفضت بداخلها وقامت بصفعها بقوة كي تستفيق من ذاك الوضع المهين لإنوثتها، على الفور وضعت كفاي يداها على ص. دره ودفعته بقوة تهاوي على أثرها.

كاد أن يقترب عليها من جديد لولا تلك الطرقات التي جعلتها تبتعد منتفضه بهلع، نظر لها بعيون متشوقه، فأسرعت هي إلى داخل غرفة النوم الخاصه بهما معا وأغلقت عليها بابها لتختبئ بعيدا عن عيون الطارق.

أخذ نفس عميق ليهدي من حالة النشوة التي أصابته جراء إقترابه منها، هندم ثيابه وتحرك إلى الباب وقام بفتحه مضطرا ليتفاجأ بتلك الإيناس التي ترتدي ثوب رقيق وتضع عطرا مثيرا في محاولة جديده منها كي تسحبه إلى عالمها، ولربما إستطاعت إغوائه ليحدث بينهما هنا ما لم يحدث بالقاهرة
وتحدثت بنبره ناعمة متجاهلة تلك النظرات المهينة التي رمقها بها: مساء الخير يا قاسم، كنت حابة أتكلم معاك في موضوع مهم.

أجابها بنبرة قويه متعجب لأمرها: من أمتي وإحنا فيه بينا مواضيع مهمه ولا غير يا إيناس!
تحدثت بدلال وإغواء وهي تتحرك بساقيها للداخل بطريقة مستفزة له: طب مش تقولي إتفضلي الأول وتعزمني على حاجة أشربها معاك
وأكملت بدعابة غير مقبولة لدية: إنت بخيل ولا إيه يا متر؟

أجابها بنبرة جادة شبة أمرة وهو يشير إليها للخارج بجسد مشدود أثر غضبه الشديد من أفعالها: من فضلك يا أستاذة، ياريت تتفضلي على أوضتك حالا، وجودك هنا وفي الوقت المتأخر ده ما يصحش وغير مقبول
تحركت إلى وقفته لتقابله وتحدثت بنبرة حزينة مصطنعة بجدارة: أنا مراتك على فكرة لو مش واخد بالك، يعني وجودي هنا طبيعي جدا ومبرر قدام الكل.

هتف بحدة ناهرا إياها: ما تضحكيش على نفسك يا إيناس، إنت عارفة كويس أوي إن العقد اللي بينا ده باطل وملوش أي قيمة
وأجابها لتستفيق من غفلتها تلك وتكف عن محاولاتها التي لا تكل منها ولا تمل: ويكون في علمك، البيت كله هنا عارف إن جوازنا صوري، مجرد ورقة ملهاش أي لازمة
وأكمل بإعتزاز وتفاخر كي يسمع تلك الماكثة بالداخل: ده غير إن الشقة دي ليها ملكة، وماينفعش أي حد غيرها يخطيها برجله.

إستشاط داخلها لكنها تلاشت وتجاهلت حديثه لتكمل مخططها التي أتت من أجله حسب تعليمات كوثر
ثم أدارت بعيناها داخل الشقة تتفحصها بعناية والغل يتأكل من قلبها، كم كانت هادئة وراقية الذوق، من يراها يشعر وكأنها قصرا مصغرا من فخامة أثاثها، بلحظة شعرت بالغيرة والغضب من تلك التي تنعمت وفازت بكل ما يملكه قاسم، الحب، الإحتواء، الإحترام والولد وحتى المال وحياة الترف والدلال التي تحياها.

كل ما حلمت هي به وخططت لأجله سنوات عديدة، ذهب بغمضة عين إلى تلك الصفا، وقدمته هي بغبائها على طبق من ذهب
زفر بضيق وهتف بنبرة حادة وإهانة لشخصها: من فضلك إتفضلي على أوضتك
خطت بساقيها إلى الداخل تتلفت حولها بعدما تيقنت بذكائها وجود تلك الصفا، وذلك بعدما دققت النظر مؤخرا ولاحظت حالته المشعثة ورائحة العطر الأنثوي التي تملئ المكان وأيضا إضاءة غرفة النوم: إنت فيه حد هنا معاك يا قاسم؟

لم تكمل جملتها حين إستمعت لباب غرفة النوم وهو يفتح لتخرج منه تلك الساحرة مبدعة الجمال وهي ترتدي ثوب للنوم مثيرا للغايه، حيث يكشف عن نهديه. ا المستديران ناصعان البياض
ويكشف أيضا عن فخ. ديها الممتلئتان بتناسق مثير، حيث كان الثوب بالكاد يصل إلى نصف فخ. ديها، بلونه الأزرق الذي أوضح بضة ومعالم وجمال جس. دها المثير، مما جعل منها أيقونة أنوثة متحركة.

وتحدثت بكل إثارة وجرأه إصطنعتها بإعجوبه كي تح. رق روح تلك الأفعي خاطفة حبيبها: معاه مرته يا مدام، عند سيادتك مانع؟!
إستشاطت إيناس غضب عندما نظرت إلى قاسم وجدته ينظر لتلك الصفا بعيون زائغه تتحرك فوق مفاتنها بجوع ولهفه وتؤكد لمن يراه للوهله الأولي أنه لم يرا نساء من ذي قبل، أو هو حقا عاشق حتى النخاع لتلك الساحرة.

تحدثت إيناس إليه بصدر يعلو ويهبط من شدة غضبها وغيرتها متجاهلة تلك الصفا لح. رق روحها: لو سمحت يا قاسم، تعالي معايا على الأوضة لأن محتاجاك في موضوع مهم جدا وضروري نتكلم فيه إنهاردة
أجابها باللكنة الصعيدية وهو مازال مثبت بصره على تلك الفاتنه وكأن عيناه قد سحرت وأنتهي الأمر: جولت لك روحي على أوضتك، أني مفاضيش ولا عاوز أتحدت ويا حد.

في حين تحركت صفا وإقتربت من قاسم وألصقت جس. دها به ثم لفت إحدي ذراعيها حول خص. ره والأخري وضعتها فوق ص. دره بإثارة، لتثبت لتلك الحية الرقطاء ملكيتها لذلك العاشق، وتحدثت بنبرة حادة مهينة: هو إنت ليه غاوية تچيبي الإهانة لحالك
وأكملت ساخرة وهي ترمقها بنظرة مشمئزة: الراچل من الصبح عمال يجول لك إن چوازنا صوري، والبيت كلاته عارف
وأكملت بكبرياء ورأس شامخ: وميصحش وچود الچواري في شجة الملكة.

وأكملت بإهانة متعمدة: إيه، معتحسيش للدرچة دي، معدتش عليك حاچة إسميها كرامة جبل إكده ولا مخدتيهاش في الكلية
كان ينظر إليها بعيناي متسعتان بذهول مما يري أمامه، هل حقا تلك التي أمامه هي صفا لا غيرها!

أما تلك الشمطاء فقد إش. تعل داخلها من تلك التي أهانتها وجردتها من كرامتها أمام حالها وقاسم، فقررت بذكاء عدم مجابهتهما الأن كي لا تهين حالها أكثر من ذلك، لكنها لم ولن تستسلم بالتأكيد وستحاول لاحقا ولكن بطريقة مختلفة
رمقتها بنظرات حارق. ة متوعدة ثم تحركت إلى الخارج بعدما تأكدت أن معركتها أصبحت خاسرة أمام تلك الفاتنة، صفقت خلفها الباب بشده وغضب زلزلت بها أركان المكان.

نظر إليها بإنبهار فهرولت هي لداخل الغرفه سريع وكادت أن تغلق بابها لولا كف يده الذي سبقها ودفع الباب مما جعلها تتهاوي بوقفتها، جري عليها وأمسك خصرها قبل أن تقع أرض
إشتعلت وجنتيها خجلا وحاولت إفلات حالها من بين براثينه ولكن دون جدوي
رفعت بصرها تنظر بعيناها المرتبكة وتحدثت بنبرة ضعيفه بعدما رأت داخل عيناه جوع لم تره من قبل، يبدو أنه وصل للمنتهي: سيبني يا قاسم عشان أروح ل مالك.

ضمها أكثر لص. درة وأجابها: مالك تلاجية نايم ومرتاح في حض. ن جدته ومفيش خوف عليه، الخوف كلياته أصبح على أبو مالك
وأكمل برجاء: إرحميني يا صفا
سبني يا قاسم، كلمة قالتها بضعف
أجابها بقوة وإصرار: ريحي حالك وإهدي يا جلبي، وعاوزك تتوكدي إن مفيش جوة عتخليني أبعد عن حضن. ك الليلة وخصوصا بعد ما شوفتك بهيئتك دي
خبطته بشدة فوق ص. دره وتحدثت بقوة: إبعد عني يا قاسم، نچوم السما أجرب لك من إنك تلمس شعرة واحده مني.

فك يداه من فوق خص. رها ثم أوثق يداها وأرجعها خلف ظهرها مما جعلها ملتصقه بجس. ده أكثر وتحدث برغ. بة مشت. علة: عاوزك يا صفا، ليه عتمنعي عني حلال ربنا؟
نظرت إليه بقوة وتساءلت بنبرة جادة: رايدني صح يا قاسم؟
أجابها بنبرة متلهفة: مرايدش غيرك يا عيون قاسم
تحدثت بقوة وثبات: تبجا تطلجها، وده شرطي لجل ما تجرب مني وتاخد حلال ربنا كيف ما بتجول.

نظر لها بثبات ثم أجابها وهو يقربها منه أكثر: بعدين، نبجا نتكلموا في الموضوع ده بعدين يا صفا
أجابته بقوة وإستماته: دالوك يا قاسم، عنتكلموا دالوك
نظر لها بعيون راجية وتحدث: بعدين يا صفا لچل خاطري
أردفت قائلة بنبرة حادة: وأني جولت لك دلوك يا قاسم وجبل ما تلم. س شعرة واحدة مني
وأكملت بإعتزاز وشموخ: ده حجي ومعتنازلش عنيه، صفا متجبلش جسمة راجلها على إتنين، يا تكون لصفا لحالها وساعتها هبجا مرتك وتحت طوعك.

وأكملت برأس شامخ: يا إما معطولش مني شعرة واحده، مش صفا زيدان اللي تجبل بواحدة تانية تشاركها في راچلها وحبيبها
نظر لها بجنون وتساءل: حبيبها يا صفا؟ لساتني حبيبك صح؟
إبتلعت لعابها وأنزلت بصرها عنه متهربه وتساءلت بنبرة جادة: جولت أيه يا قاسم؟
أجابها بإنصياع لأمرها ولأمر الهوي: حاضر يا صفا، عطلجها بكرة
دالوك يا قاسم وقبل ما تجرب مني، كلمات تفوهت بها بقوة ونبرة أمرة.

ضيق لها عيناه وتساءل متعجب: دالوك اللي هو كيف يعني، إعجلي يا صفا وأوزني كلامك زين، أخرج كيف أني بحالتي المشندله دي!
أجابته بقوة وعناد: مليش صالح عاد، أني جولت دالوك يعني دالوك
نظر لها بقوة وبدون سابق إنذار دفعها بقوة لتتهاوي وتقع فوق تخته وتحدث بفحيح: ملعون أبو عشجك على أبو شوجي اللي عيزلني ويخليكي تتحكمي فيي.

إنتفض داخلها حين رأت غضبه، كاد أن يتحرك خارج الغرفه وبالفعل وضع يده فوق موصد الباب ليفتحه، سبقته يدها التي أمسكت كفه لتمنعه من الرحيل، وأحتض. نته من الخلف واضعه رأسها على ظه. ره متشبثه به وتحدثت بنبرة حنون مترجية: ما تمشيش يا قاسم
تصلب جس. ده ووقف مكانه دون حديث فأكملت هي: ماتفوتنيش لحالي.

إبتلع سائل لعابه من هول اللحظة، وحين شعرت هي بإستكانته لفت وجهه لها وأمسكت يده وسحبته إلى تختها في دعوة صريحه منها
تمدد بجانبها فارتمت هي لداخل أحض. انه وتحدثت بدلال أنثوي لا يليق إلا بها: عشجاك يا حبيبي وعشجك نصيبي ومبتلاي، غصب عني الغيرة بتنهش في ص. دري وتشع. لله، مجدراش أتخيلك مع واحده غيري
رفع ذقنها ونظر لها بعيون مذهوله وأردف متساءلا: للدرجة دي عتعشجي قاسم يا صفا؟!

أجابته بقوة وغيرة تنهش عيناها: وأكتر يا جلب صفا من جوة، أني بعشج النفس اللي عيخرج منيك ومعيرجعش تاني
إنتفض داخله من شدة سعادته وهتف متسائلا: بس إنت خابرة زين إني ما لمستهاش، أني جولت لك جبل إكده يا صفا
سألته بلهفة وغيرة عاشقة أدماها الهوي: صح ما لمستهاش يا قاسم، وحياة مالك تجولي الحجيجة
أمال برأسه وأردف قائلا بنبرة رجل عاشق حتى النخاع: ألمسها كيف وأني إختصرت فيك كل متعة الدنيا وچمالها مش بس حريمها.

ثم رفع رأسه بشموخ وتحدث واعدا إياها: وحياة عشجك لطلجها بكره الصبح لجل عيونك الغاليه يا ست البنات
إنتفض داخلها وتساءلت بلهفه: صح يا قاسم، عطلجها صح؟
إبتسم لها وتحدث بثقه: قاسم النعماني مبيجوليش أي كلام، وخصوص لما يكون الحديت ده خاص بصفا.

وأكمل بنبرة حادة شرسة: ولعلمك يا صفا، أني كنت ناوي على إكده من لما وصلت من المطار ولجيتها إهنيه هي وأمها، كله كوم وإنها تاچي لحد إهنيه وتحاول تم. س كرامتك كوم تاني يا غالية
إبتسمت بسعادة ورمت حالها داخل أحضانة وأردفت قائلة بنبرة سعيدة: ربنا يخليك ليا يا قاسم.

ضمها إليه وأخذ نفس عميق يشتم به ريحها الذي إشتاقه حد الجنون، وبدأ بتقبيل عنقها ليذيبها ويجعلها تنسجم معه وتسبح ببحر عشقهما الحلال، وبلحظات غاصا داخل عالمهما الخاص، عالم السحر والخيال، الملئ بالسعادة والإستكانة والأمان
- -
دلفت إلى غرفة والدتها تفرك كفيها ببعضيهما والغض. ب والغ. يرة ينهش. ان داخلها.

أسرعت إليها والدتها التي بعثتها إلى قاسم لتقوم بإستدراجة، وأردفت قائلة بنبرة مستفسرة: إيه اللي جابك بسرعة كدة يا إيناس؟
مش قولت لك تحاولي معاه بشتي الطرق؟
أجابتها بفحيح ووجه محتقن بالغضب: وأديني سمعت كلامك وما جنتش منه غير قلة القيمة والبهدلة قدام الملعونة مراته.
ضيقت كوثر عيناها بإستغراب وتساءلت بتعجب: قدام مراته اللي هو إزاي يعني!

هو مش المفروض إن مراته قاعده عند بباها من وقت ما عرفت موضوع جوازك إنت وقاسم؟!
ضحكت بإستهزاء وأردفت قائلة بنبرة ساخرة: ده الكلام اللي العقربة اللي إسمها فايقة فهمته لنا، وإحنا من غبائنا صدقناها ومشينا وراها زي المغفلين بالظبط
وأكملت بنبرة مشتع. لة: بس اللي شفته بعيني من شوية ما بيقولش كده أبدا يا ماما
تساءلت كوثر بنبرة قلقة: وأيه بقا اللي شفتيه ومخليك راجعة مش طايقة نفسك بالشكل ده؟!

أجابتها بنبرة مستشي. طه: شفت بعيوني الدكتورة المحترمه خارجة من أوضة نومها لابسه لانچري ما تلبسهوش غير واحده بتعشق جوزها وبتتمني نظرة رضا منه
وأكملت بغيرة مشت. علة ظهرت بعيناها: وشفت نظرات في عيون قاسم ليها بتقول إنه بيعشق التراب اللي بتمشي عليه
إبتلعت كوثر لعابها رعب وتساءلت بنبرة قلقه: طب وبعدين يا إيناس، هنعمل إيه؟

دي كانت فرصة إننا نستغل وجودنا هنا وتدخلي له وتحاولي بأي طريقة تخليه يتمم جوازه عليك قبل الأربع شهور اللي فاضلين دول ما ينتهوا
وأكملت لتذكيرها: دي كده اللي إسمها صفا دي هتبوظ لنا كل تخطيتنا، إنت ناسية الدكتورة اللي روحنا لها وظبطت لك الهرمونات بالحبوب المنشطة للحمل اللي إديتها لك
زفرت إيناس بضيق وتحدثت بحنق وأستسلام: وأنا يعني كنت هعمل إيه يا ماما في وجود الزفتة دي كمان.

ثم أكملت بنبرة مشتتة: اللي يشوف معاملته الكويسه ليا أنا وإنت وترحابة لينا أول ما شافنا، ما يشوفش الطريقة المهينة اللي كلمني بيها قدام اللي إسمها صفا دي
وأكملت بإستغراب: ده كأنه إتحول
أجابتها كوثر بنبرة جادة: أنا قولت لكم من الأول إن الواد ده خبيث ولئيم محدش فيكم صدقني
وأكملت شارحة: هو كل اللي يهمه إنه يوصل لفلوس عمه ويكوش عليها كلها لوحده.

وأكملت بعيناي حاقدة: فاكر إنه هيخلص منك بعد السنة ما تعدي ويضحك عليك بالشقة والعفش والكام ملطوش اللي وعدك بيهم عند الطلاق
واسترسلت بتوعد وعيون تطلق شزرا: لكن ده بعده، هو لسه ما يعرفش كوثر ونابها الأزرق
قطبت إيناس جبينها وتساءلت مستفسرة: إنت ناوية على إيه بالظبط يا ماما؟

نظرت لها بعيون يكسو على طابعها الغموض وتحدثت: ناوية أدخل كبيره في الموضوع، هلعب على نقطة النخوة والرجولة عند الراجل الكبير وأخليه هو اللي يجبر حفيده علشان يتمم جوازه منك
وأكملت بإبتسامة نصر: أقفي واتفرجي على أمك وهي بتخطط وبترسم لك صح
- -
داخل غرفة قاسم وصفا
كانت تضع رأسها فوق ص. درة براحة، تنتفض من شدة سعادتها أما هو فحدث ولا حرج، كان يشعر وكأنه أمتلك العالم أجمع بإمتلاك قلبها ورضاها عليه مجددا.

شدد من ضمته بتملك وأردف قائلا بنبرة هائمة: أية في الدنيي كلياتها يستاهل إنك تحرمينا من أحض. ان بعض يا صفا!
أجابته بنيرة منكسرة لائمة: إنت اللي حرمت حالك وحرمتني معاك يا قاسم لما فضلت علي.

وكادت أن تكمل لولا أصابع يده التي وضعها فوق شفتاها الوردية ليحجب بهما حديثها اللائم قائلا بنبرة مترجية: خلاص يا صفا، معايزش أسمع حاچة تعكر مزاچي إنهاردة، خليني فرحان بجربك من جلبي ورچوعك اللي رچع لي روحي من چديد بعد ما كانت مفرجاني.

إستكانت داخل أحض. انه وتنفست بإنتشاء وشدد هو من ضمتها مربت على ظه. رها بحنان، ثم رفع ذقنها وتلاقت الأعين من جديد وذابت بنظراتهم والحديث، مال على كريزتيها وبدأ بتقبيل. هما بهدوء وحنان سرعان ما تحول إلى عاصفة جديدة وأندمجا معا لابعد الحدود
لولا صوت هاتفه الذي رن معلنا عن وصول مكالمة، إبتعدا مرغمين، ومد هو يده فوق الكومود وألتقطه وأبتسم لها قائلا: ده عمي زيدان.

إنتفضت بنومتها وجلست تداري جس. دها مما جعله يدخل في نوبة ضحك وتحدث مداعب إياها: مالك إتخلعتي لية إكده، جايبك من شارع جامعة الدول أني إياك!
إنتهي الإتصال وبدأ من جديد فتحدثت هي على عجل بنبرة مرتبكة وعيناي زائغتان: رد بسرعة يا قاسم، رد وجول له إني عند چدتي وچايه حالا.

نظر لها بحزن تملك من قلبه، ثم تحدث بنبرة حازمة: هرد يا صفا وهجول له إنك نايمة في حض. ن جوزك، معنسرجوش إحنا لجل ما نتداري كيف اللي عاملين عاملة
إبتلعت لعابها من نوبة الغضب التي إنتابته، وضغط قاسم زر الإجابه وتحدث بنبرة جادة: إيوه يا عمي
تساءل زيدان بنبرة قلقه: ماتعرفش صفا فين يا قاسم؟
وأكمل بإرتياب: بعت لها صابحة عند جدتها ملجتهاش وبكلمها على تلفونها مجفول.

أرجع ظهره للخلف وأخذ رأسها واضعا إياها بحنان فوق ص. دره وأراحها، ثم أجابه بهدوء: صفا معاي يا عمي، هنباتوا الليله أنا وهي في شجتنا
إنتفض زيدان غضب وتحدث معترض بنبرة حادة: حديت إيه اللي عتجوله دي يا قاسم، كيف يعني عتبات وياك في شجتك؟
أغمض قاسم عيناه بحزن على ما أوصل به حاله وتحدث إلى عمه بنبرة صارمة: صفا مرتي وحلالي وبايته مع جوزها يا عمي، وأظن ده لا عيب ولا حرام.

إحتدت ملامح وجه زيدان وهتف بنبرة غاضبة: خدتها منيك لحالك إكده يا ولد أبوك؟
وأسترسل غاضب: ملهاش أب تجعد وياه وتستأذنه إياك؟
وبعدين على أي أساس أصلا خدتها، إحنا مش فيه بيناتنا شرط ولازمن يتنفذ جبل ما ترچعها لدارك؟
أخذ قاسم نفس عاليا وأردف قائلا بنبرة هادئة كي يسترضي ذاك الغاضب ويحثه على الهدوء: إهدي يا عمي، وصدجني أني بكره الصبح عريحك وعنفذ لك كل اللي عتأمر بيه.

ثم نظر إليها وتحدث بعيناي هائمة في عشقها: وأني تحت أمرك وأمر صفا في كل اللي عتطلبوه
وأكمل برجاء: أني بس كل اللي طالبه من حضرتك تصبر علي للصبح، وعلى الساعة عشرة إكده، عنتجابل في المندرة ووعد مني إني عراضيك وأراضي مرتي
هدأ زيدان قليلا بعدما إستشف من حديثه الوعد الصادق، فأردف بنبرة جادة: ماشي يا قاسم، خليني صابر معاك للأخر، لحد ما أشوف بكرة عتعمل إيه
وأكمل كي يطمئن على صغيرته: إديني صفا أطمن عليها.

أشار لها بالهاتف فأغمضت عيناها من شدة خجلها من أبيها الذي لم يأتي حتى بمخيلتها حين إنجرفت خلف مشاعرها معه متناسية العالم بأكمل
أخرجت صوتها بصعوبة قائلة بنبرة مرتجفة بفضل خجلها الشديد: إيوه يا أبوي
سألها زيدان بإختصار: إنت زينة يا صفا؟
شعرت بالإرتباك والخجل يغمر روحها وبصعوبة بالغة تحدثت: أني زينة يا حبيبي، متجلجش علي.

تفهم زيدان وضعها وشعر بخجلها الشديد منه فصمت كي لا يزيدها عليها، وأخذ قاسم منها الهاتف ليعفيها حرج الموقف وتحدث إلى عمه من جديد: بعد إذنك يا عمي، ياريت تبعت مالك مع هدية لجل ما يبات في حض. ن أبوه وأمه
أومأ له زيدان وأغلق معه سريع، فصاحت به ورد التي كانت تستمع بترقب عبر مكبر الصوت، متساءلة بتعجب لأمر زوجها: إنت عتسيب البت تبات وياه جبل ما يطلج المصراويه يا زيدان؟!

أجابها وهو يتحرك إلى غرفة نومهما: وأيه اللي في يدي أعمله يا ورد
وأكمل بإستسلام: الواد جالها لي في وشي ومخزيش مني، مرتي وحلالي وبايته ويا جوزها
ثم إلتفت لتلك التي تتحرك خلفه حاملة الصغير بين ساعديها برعاية، ونظر إليها بحدة وهتف قائلا بنبرة غاضبه: وبدل ما إنت جاية تلوميني وزعلانة إكده، روحي لومي على بتك إلى راحت له لحد عنديه بمزاچها.

هزت رأسها بإعتراض قائلة بنفي مؤكد: بتي متعملش إكدة واصل، أكيد هو اللي غصبها لچل ما تبات معاه بالجوة
سألها ساخرا: مصدجة حالك إنت إياك؟
وأكمل موضح: إنت خابرة بتك زين ومتوكدة إن مفيش مخلوج يجدر يغصبها على حاچة هي معيزهاش
وأسترسل قائلا بنبرة حادة بفضل غضبه الذي أصابه جراء ما حدث: جومي إندهي لهدية خليها تاخد مالك وتوديه لعنديهم.

إنتفض قلب ورد ونظرت إلى الصغير التي تحمله وتحتضنه برعاية والذي لم يبتعد عن أحضانها منذ ولادته، حيث أنه يغفو بجانبها هي وزيدان وعندما يحتاج لتناول حليب والدته تذهب به إلى صفا التي تبيت ليلا بغرفة بالطابق الأسفل لتكون قريبة من صغيرها
وهتفت بإرتعاب وهي تقربه من أحضان. ها: لا، مالك عيفضل معاي
زفر لرؤيته هلعها، وأردف قائلا بنبرة هادئة: ومين بس اللي عيرضعه طول الليل يا ورد.

وأكمل ليحثها: جومي چهزي له شنطة وحطي له فيها كام غيار على الحاچات اللي عيحتاچها الليلة لحد ما نشوف بكرة عيحصل إيه
وأكمل وهو يتحرك إلى الخارج من جديد: يلا بسرعة وأني عروح أنده لهدية
أما تلك المرتعبه التي مازالت واضعه رأسها فوق ص. دره وتحدثت بنبرة خجلة محملة بالهموم: مكانش لازمن تجول لأبويا إكده يا قاسم، كنت جول له إني عند چدتي وراجعه.

لف لها وجهه ومال على جانب ش. فاها وضع بها قبل. ة حنون وتحدث بترجي: صفا، أني رايج جوي إنهاردة وبعيش أسعد ليلة في حياتي، متنكديش عليا الله يخليكي وسبيني أفرح وأتهني بحض. نك
إبتسمت له ولفت ذراعها حول عنق. ه مما أسعده وجعله يلف ساعديه حول خص. رها ويجذبها إليه من جديد ليخبرها بطريقته عن مدى إشتياقه الجارف لها
بعد مرور حوالي النصف ساعة.

إستمع إلى قرع جرس الباب، فتحرك هو إلى الخارج، ثم دلف إليها من جديد حاملا صغيره وحقيبة اشيائه، كان الصغير مازال مستيقظ حيث أن يومه الفعلي إبتدأ للتو، تحركت وحملت الحقيبة عنه، ثم فتحتها لتخرج أشياء صغيرها وبدأت بوضعها على الكومود.

أما ذاك الذي جلس فوق الفراش حاملا صغيره بين ساعديه بعناية فائقة، شعور هائل تملك من كيانه وهو يحمل قطعة منه، يري بعيناه ثمرة عشقه من مالكة قلبه وهو يتجسد أمامه في صورة طفل جميل زاد من ترابطهما الروحي والمعنوي أكثر فأكثر
رفع صغيره بحذر وقربه من وجهه وبدأ بتقب. يله بحنان ولهفة، أغمض عيناه ودفن أنفه داخل عنق الصغير وبدأ يشتم رائحته الذكية التي تشبه رائحة الجنة في طيبها.

كانت تنظر إلى حالته بألم وحزن على ما وصلا إليه معا وبأياديهم، تحركت وجلست بجانبه، وضعت رأسها سانده إياها على ذراعه وهي تنظر على صغيرها الذي يبتسم لأبيه بسعاده وكأنه شعر للتو بإستكانة روحي والداه
نظر لها وتحدث بإنبهار وعيناي سعيدة: سبحان الله، وارث عيونك بالملي
إبتسمت بهدوء وأردفت بفخر: بس واخد منيك كل ملامحك
أمسكت كف صغيرها وأكملت بإعتزاز: نفس كف إيدك وشكل صوابعك، حتى رچليه شبه رچلك.

ضحك لها وغمز بوقاحة قائلا: ده أنت على إكده كنت مركزة چامد وياي
إبتسمت خجلا وأكمل هو بهيام: للدرچة دي عاشجة چوزك يا بت زيدان
إبتسمت خجلا ودفنت وجهها في ذراعة، بدأ الصغير بالصياح والإعلان عن حاجته للطعام، أعتدلت وأخرجت نه. دها لتطعم صغيرها تحت سعادة ذاك الذي جلس خلفها وأسند ظه. رها على ص. دره، وبدأ بالنظر لوجه صغيره الرضيع وهو يبتسم له ويداعبه تحت شعور تلك الصافية بأنها أمتلكت الدنيا بأسرها.

قضيا ليلتهما كل داخل أحضان الأخر يتسامران بأحاديثهما الشيقة، كان كلاهما يستمع متلهف لحديث الاخر كي يكون على دراية لما جري طوال مدة الفراق مع نصفه الأخر، ضل يتسامران و رضيعها يتوسط حضنيهما
ومع رفع أذان الفجر وقع كلاهما صريع للنوم داخل أح. ضان الأخر بعدما غفي صغيرهما ونقله قاسم داخل مهده الذي جلبه له قبل ولادته، عندما كان يمني حاله برجوعها إلى أحض. انه بعد ولادة صغيره مباشرة
- -
في صباح اليوم التالي.

داخل الفيراندا الخاصة بمنزل عثمان
كعادته يجلس بصحبة ولداه قدري ومنتصر وتجاورهم رسمية، يحتسون مشروب الحليب الممتزج بالشاي مع بعض المعجنات لحين إنتهاء العاملات من تجهيز وجبة الإفطار الأساسية
إقترب عليهم زيدان الذي تحدث بملامح وجه جامدة: صباح الخير
ردد الجميع عليه
نظر إلى والده وهتف بنبرة حادة لم يستطع السيطرة عليها: يرضيك اللي عمله قاسم ده يا أبوي؟
سأله قدري مستفسرا: عمل إيه قاسم يا زيدان؟

نظر له بعينان مست. شاطتان وأردف قائلا بنبرة حادة: معارفش إياك يا قدري؟
ضيق قدري عيناه بعدم إستيعاب لحديث زيدان فأكمل هو شارح عندما تأكد من عدم معرفته: حضرة المحامي المحترم اللي خابر الإصول زين، خد بتي وبيتها معاه في شجته من غير ما يرچع لي ولا حتى يعمل لي إعتبار
وأكمل وهو ينظر إلى والده وسأله: يرضيك اللي حصل من حفيدك ده يا أبوي؟

إنتفض داخل رسمية وهتفت بنبرة سعيدة: يا ألف نهار أبيض، والله بردت ن. اري وفرحت جلبي يا ولدي بحديتك دي
وأكملت بتساؤل سعيد: يعني صفا دلوك ويا قاسم فوج في شجتها؟
تملل من حديث والدته وهتف متسائلا: وهي المواضيع اللي كيف دي عتتاخد بسهولة إكده ده بردك يا حاچة رسمية؟
مش فيه إصول ولازمن نتبعها ولا إيه؟

أجابه قدري بنبرة حنون صادقة ليحثه على الهدوء: الكلام ده يمشي مع الغريب يا أخوي، لكن قاسم إنت اللي مربيه وكيف ولدك
أردف عثمان بنبرة هادئة كي يطمئن نجله على صغيرته: هدي حالك يا زيدان وطمن بالك على بتك، قاسم عمل الصح واللي كان لازمن يحصل في وچود الولية الحرباية دي هي وبتها فوج
وأكمل شارح: وبعدين كلها كام ساعة وقاسم عيراضيك ويراضي مرته جدام الكل.

وأكمل وهو يومئ له بعيناه بتأكيد: هو وعدني بإكده وأني واثج فيه
وأكمل وهو يشير إليه بنبرة ودودة: تعال أجعد چاري وأشرب لك كباية شاي
هدأت ثورة زيدان الواهية، فهو بالأساس كان يستشعر بإقتراب إزاحة تلك الغمة وذلك بعد حديث قاسم المطمأن له، لكنه غضب فقط لكونه كان يتمني عودة إبنته إلى زوجها بعد إنتهاء قاسم من فض زيجته التي دمرت حياتها، بالفعل جلس بجانب أبيه يحتسي المشروب.

فاقت كوثر من غفوتها قبل السابعة صباحا، وإرتدت ملابسها سريع وتدلت إلى الأسفل كي تقابل عثمان، تحركت إلى الفيراندا بعدما إستدلت عليها من إحدي العاملات بعد أن سألتها عن تواجد عثمان
تحدثت بوجه مبتسم بزيف وهي تفرق نظراتها المترقبه على وجوه الجالسين: صباج الخير
نظر لها الجميع بإستغراب وأسترسلت هي حديثها وهي تنظر إلى قدري: إزيك يا حاچ قدري.

رمقها قدري بنظرة مشمإزة وذلك لعدم تقبله لتلك السيدة ولا الإرتياح لشخصها منذ أول لقاء بينهما فتحدث بنبرة رخيمة: أهلا
أكملت بحماس وهي تنظر إلى عثمان متلاشية طريقة قدري: أكيد حضرتك الحاج عثمان كبير البلد وكبيرنا كلنا
قطب جبينه ونظر إلى تلك المتنمقة فهتفت وهي تتحرك إليه وتبسط له ذراعها لتجبره على مصافحتها: أزيك يا حاج، أنا مامت إيناس مرات حفيدك قاسم.

أثارت تلك الجملة حفيظة زيدان الذي شعر بالإستياء لأجل إبنته.
في حين تحدث إليها عثمان الذي يستند على عصاه بكف يده رافض مصافحتها مما أسعد رسمية وزيدان والجميع: ما تأخذنيش يا ست، كيف ما أنت شايفة، يدي ساند بيها چس. دي العچوز على العصاية
أردفت قائلة بمنتهي البرود وهي تسحب كف يدها: ولا يهمك يا حاج
وأكملت بمنتهي التبجح: أنا بعد إذنك كنت حابة أتكلم مع حضرتك لوحدنا في موضوع خاص.

ضيقت رسمية عيناها وهتفت بنبرة حادة: خاص كيف يعني يا حرم. ة
إبتسمت لها بزيف وتحدثت مفسرة: يعني موضوع ما ينفعش نتكلم فيه قدام الكل يا حاجة
رمقتها رسمية بنظرة غاضبة وهتفت بنبرة حادة: فاكراني چاهلة ولا معفهمش حديتك إياك يا حرم. ة
إبتلعت لعابها من هيئة تلك الغاضبة ولسانها السليط، في حين تحدث عثمان وهو يفرق نظراته على انجاله الثلاث: جولي اللي رايداه جدام الكل، أني معخبيش حاچة على ولادي واصل.

أجابته بنبرة راجية: الموضوع اللي عاوزة أكلم حضرتك فيه مش هينفع أقوله قدام حد يا عمدة
إنتفض زيدان من جلسته وأنسحب إلى منزله بعدما فاض به الكيل وطفح من حديث تلك المتبجحة، ففهمت هي بفطانتها أن هذا الغاضب هو زيدان
ودلف عثمان ورسمية بصحبة تلك الشمطاء إلى غرفة إجتماعات العائلة،.

فتحدثت تلك الخبيثة بعدما أشار لها عثمان بالبدأ في الحديث: أنا هدخل في الموضوع على طول ومن غير ما أزوق الكلام، أنا واقعة في عرضك يا عمدة وبناشد الراجل الصعيدي اللي جواك، في إنك تخلي قاسم يتمم جوازه على بنتي إيناس
قطب عثمان جبينه مستغرب إنحطاط تلك المتبجحة في حين نهرتها رسمية قائلة بنبرة حادة: إتحشمي يا ح. رمة وخلي عندك خشي.

إرتبكت وهتفت سريع تشرح المعني المقصود من حديثها: أرجوك يا حاجة تفهمي المقصود من كلامي صح
وأكملت وهي تنظر لذاك الثعلب الذي ينظر إليها بترقب مستشف لما داخلها: أنا عاملة على فضيحة بنتي لما تتجوز من راجل تاني بعد ما تطلق من قاسم بعد السنة اللي متفقين عليها ما تعدي
وأكملت بلؤم: تفتكر جوزها هيقول عليها إيه لما يلاقيها لسه بنت بنوت.

واسترسلت حديثها بنبرة خبيثة لإجبار عثمان على الإقتناع بحديثها: ده غير إن الموضوع ده هيمس سمعة قاسم هو كمان وهيشوة رجولتة قدام الناس
وأكملت لتبث الرعب داخل أوصال ذاك العجوز بشأن حفيده البكري: وأظن يا عمدة إنت مترضاش أن حفيدك يتقال عليه كلام بطال من اللي يسوي واللي ما يسواش.

وأكملت متصنعة الخجل وهي تنظر أرض: حضرتك أدري مني بالرجالة وتفكيرهم في المواضيع دي، تخيل كدة كمية التشهير بحفيدك لما جوزها يكتشف إنها بعد ما قعدت على ذمته سنة بحالها، لسه بنت
الرجالة ما بتصدق واكيد هيتكلم في كل مكان وسمعة قاسم هتبقي في الأرض، وما تنساش إنه محامي مشهور وسمعته مهمة جدا علشان شغله.

إستشاطت رسمية وكادت أن تتحدث أوقفها عثمان بإشارة من يده، وتحدث هو: أول هام، الراچل الصح معيجيبش سيرة شرف مرته جدام الخلج كيف معتجولي، تاني هام، لو راجل بچد وعيحب بتك، عينبسط لو لجاها كيف ما ربنا خلجها
وأكمل بنبرة جادة: والأهم من ده كلياته إني معجدرش أجبر حفيدي على حاچة هو مريدهاش وحاسم فيها أمره.

وأسترسل برأس شامخ مرتفع: وبخصوص حديتك العفش عن سمعة حفيدي، فدي محدش يجدر يتحدت فيها لأن حفيدي متچوز ومخلف واد، ودي كفيل إنه يخرس أي حد يفكر بس يتحدت
ثم رمقها بنظرة حادة وهتف قائلا: لو خلصتي حديت إتفضلي على فوج في أوضتك والفطار عيطلع لك إنت وبتك لحد عنديكم
تنهدت بأسي وتحركت عائدة تجر أذيال خيبتها بعدما فشلت خطتها وهزمت من ذاك الثعلب العجوز التي لم تستطع سيطرة فكرها عليه
- -
عند الساعة العاشرة صباحا.

تمطأت بدلال وتكاسل فوق فراشها، حركت أهدابها و أفتحت عيناها سريع حينما وجدت حالها مكبلة بقيود العشق، نظرت لذاك الذي يستند بذراعه على الوسادة وينظر عليها بعيناي هائمة في جنة عشقها
شعور هائل إجتاح كيانها عندما رأته يغمرها بتلك النظرة الحنون، تحدث وهو يضمها إليه بشدة: صباح الورد، إيه النوم ده كلياته؟
إبتسمت إليه وتحدثت بنبرة متحشرجة أثر النعاس: صباح النور، وتسائلت مستفسرة: هي الساعة كام؟

أجابها وهو يميل على جانب كريزتيها ليلتقطها ويقطف قب. لة سريعه: مالنا إحنا بالساعة والوجت
ثم إنتفض واقف وكشف عنها الغطاء وحملها بين ساعديه بقوة وتحدث وهو يلقي نظرة على مهد صغيره الغافي: يلا ناخد شاور جبل ما الإذاعة الوطنية تفتح على الرابع وتبدأ بإذاعة نشيدها الوطني
تفاجأت من جنونه وتحدثت بنبرة قلقة: عتوجعني يا قاسم.

أجابها وهو يتحرك بها داخل المرحاض ويغلق بابه خلفه بساقه ويتحرك إلى كبينة الإستح. مام: لتكوني فاكرة إن لساتك موجعتيش يا دكتورة
أنزلها بعناية ووقف قبالتها وأردف قائلا بنبرة عاشقة وهو ي. نزع عنها ثي. ابها: ده أنت واجعة في عشج قاسم من وإنت لساتك عتتعلمي المشي
نظرت له وسألته بدلال: وميتا قاسم وجع في عشج صفا؟

أجابها بنبرة صادقة وعيناي نادمة: قاسم إكتشف إنه أكبر مغفل في الدنيي كلياتها، كان عيكابر وينكر عشجك ويم. وته چواته
وأكمل معترف بعيناي شبه دامعه: أتاريني كنت مولود بيه زيه زي باجي أعضاء چس. مي يا صفا
ألقت بحالها داخل ص. دره وأغمضت عيناها لتسرح معه بعالمه الملئ بالسحر والهيام.

بعد قليل كانت تقف أمام مرأتها تجفف شعرها، ينظر عليها ذاك الذي يقف بجوارها يعدل رابطة عنقة ويصفف شعر رأسه بعناية فائقة، من يراه يعتقد أنه عريس يتجهز لليلة زفافه
إنتهي مما يفعله وأمسك هاتفه وتحدث إلى أبيه وطلب منه أن يبلغ والدته بأن تستدعي كوثر وإيناس إلى غرفة الإجتماعات، وأيضا ليلي
وكان قد أبلغ جده داخل إحتفال الحنة بالأمس بأن يخبر يزن ويطلب منه الحضور هو وزوجته وأيضا عمتاه، صباح وعلية
أغلق مع والده.

ونظرت هي إلى إنعكاس صورته في المرأه وتحدثت بنبرة منكسرة مستضعفة وعيناي مترجية: إوعاك تخزلني مرة تانية يا قاسم
وأكملت وهي تميل برأسها بترجي: معجدرش المرة دي يا حبيبي، ده أني ممكن أروح فيها
إنتفض قلبه لأجلها وتحرك إليها سريع وقام بإحتضان. ها من الخلف وشدد من إحتوائه لها وتحدث: أني وعدتك خلاص يا غالية
نظرت لإنعكاس عيناه وسألته بترقب مميت: يعني صح عطلجها؟

وأكملت بتمني: ومن إنهاردة معيكونش ليك م. رة غيري يا قاسم؟
هز رأسه وتحدث لإزالة ألام روحها: ميتا كان ليا م. رة غيرك أني
ثم شدد من ضم. تها ودفن أنفه داخل عنق. ها وأردف مطمإن إياها: طمني بالك وخليكي واثجة فيا، ووعد علي لأرچع لك هيبتك وأخلي كرامتك تاچ فوج راس الكل
تملل الصغير من نومته وبدأ بالصياح ليعلن لوالداه أنه هنا ويطالبهم بالإنتباه له
تحركت إليه وبدأت بتبديل ثيابه وتعطير جسده إستعدادا للهبوط للأسفل.

داخل منزل يزن وأمل
تمللت أمل التي إرتدت ملابسها واستعدت للذهاب إلى السرايا قائلة بإعتراض قلق: أنا مش عارفة إيه لازمة إني أروح معاك في الإجتماع ده يا يزن
وأكملت مفسرة بحساسية: إنتم عيلة واحدة وأكيد هتتناقشوا في مواضيع حساسة تخص العيلة، المفروض ما أكنش موجودة منعا للحرج.

أجابها وهو يقترب عليها ويحتضن. ها ليطمأنها: إذا كان چدي بنفسيه اللي مأكد علي إنك لازمن تكوني موچودة، وجال لي إن دي رغبة قاسم بذات نفسية
وأكمل لائم لها: وبعدين إيه نغمة إنتوا عيلة واحدة دي، أومال إنت من أنهي عيلة إن شاء الله؟
وأكمل بنبرة صارمة: إنت مرتي وأم ولدي ولا بتي اللي عياچي وينور حياتي، ولازمن تعرفي إنك خلاص، من اليوم اللي بجيتي فيه مرتي بجيتي نعمانية أصيلة.

إبتسمت له بحنان ورمقته بعيناي شاكرتان تفيض حنان وعرفان، فض. مها هو بقوة وتنفس براحة، وحدث الله بينه وبين حاله وشكره على نعيم عشقها والعيش الهنئ بجانبها وحياة الإستقرار التي أنعم الله ومن به عليه بعد الشقاء
بعد قليل
نزل الدرج وهو يحمل صغيره بين ساعديه برعاية وتجاوره تلك التي ترتجف، نظر لها
وتحدث بنبرة صارمة: إرفعي راسك لفوج يا أم مالك، عاوزك تدخلي وياي وراسك مرفوعه جدام الكل.

إطمأنت لحديثه وتحركت بجانبه، وتحدث هو إلى حسن كبيرة العاملات: خالة حسن، خلي واحدة من البنات تطلع تلم حاچة الضيوف اللي فوج، وتعبيهم ف شنطهم وتديهم للسواج يحطهم في العربية عشان عيمشوا كمان إشوي
أطاعته حسن تحت إطمإنان صفا،
دلفا كلاهما لداخل الغرفة متجاوران برأس سامخ مرتفع وتحدث هو بنبرة قوية لجميع الحضور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رد الحميع السلام فتحرك هو إلى ورد التي تنظر إلى الصغير بعيناي مترقبة قلقة، نظر إليها بحنان وأعطاها الصغير التي إلتقتطه من بين يداه متلهفة وبدأت تنثره بالقب. لات كمن كان تائها داخل صحراء وجف حلقه وتشقق من شدة العطش، وبلحظة إتوجد أمامه بئرا من الماء العذب، فشرب وأروي ظمأه الشديد
وقف أمام زيدان وأمسك مقدمة رأسه و وضع بها قب. لة إحترام وتقدير، نال بها إستحسان معظم الحضور.

ثم أمسك كف يده ومال بقامته ووضع فوقه قب. لة تعبيرا عن مدي أسفه واعتذاره
رفع رأسه ونظر إلى عيناه وتحدث متأسف عما فعله ليلة الأمس: حجك على راسي يا عمي
أومأ له زيدان بعيناه فيما معناه أنه عفا عنه.

تحرك ووصل إلى خاطف. ة أنفاسه التي تخجل من والداها والجميع، وأمسك كف يدها وأمال برأسه كثيرا في حركة دلالة على الإعتذار الشديد والتذلل وتحدث بنبرة حنون: حجك على جلبي يا غالية، أني غلطت في حجك يوم ما عملت حساب لناس ماتسواش
وأكمل بنبرة قوية صارمة وهو ينظر لها بدلالة: بس ملحوجة يا بت أبوك يا عالية.

أمسك أيضا مقدمة رأسها ووضع عليها قبلة إعتذار، ثم أخذ نفس عميق ولف وجهه لكلتا المستشاطتان التان تجلستان والغل والحقد يأكل من روحيهما
وتحدث بنبرة حادة وعيناي كصقر يترقب لفريسته: معرفتي بيكم كانت أكبر غلطة عملتها في حالي.

وأكمل نادم: عيلتكم كانت الوحل اللي غرست واتوحلت فيه في مشوار توهتي، ولما فوجت وربنا نور بصيرتي وچيت أخرچ منيه لجل ما أنضف حالي، كان خلاص فات الأوان، مسكتوا فيا بكل جوتكم وسحبتوني چواه لجل ما أغرس فيه أكتر
واسترسل: حاولت أراضيكم بجرشين لجل ما تعتجوني لوجه الله وتفكوني من الرابطة السودة اللي ربط بيها حالي.

وأكمل وهو ينظر إلى إيناس: لكن أبوك دخلي من حتة الفضيحة وباب الستر، إترچاني لچل ما أسترك وأستره جدام عيلته اللي عيشمتوا فيه
وأكمل مفسرا: وافجت عشان أني راچل وچدي رباني على إني عمري ما أكسر راچل ولا أرد ضعيف لچئ لي
وأسترسل كي يضع الجميع داخل الصورة: شرطت عليه وعليكم إن الچواز عيبجا على ورج.

ثم حول بصره إلى عاشقة حبيبها وتحدث بنظرة هائمة: ما هو مش معجول أكون متچوز صفا النعماني وأجدر أشوف أو أعاشر أي حرم. ة غيرها
شددت من ضم. ة يده كنوع من العرفان، فحول بصره إلى تلك اللتان ستنف. جرا وأكمل: وكان من ضمن شروطي عليكم كمان إن لو مرتي ولا أهلي عرفوا عن طريجكم عتكوني طالج في يومها.

وأكمل لتوضيح الموقف للجميع: كتبت الكتاب إبتغاء مرضاة الله ليس إلا، وبيت في الشجة أني في أوضة مجفولة علي وإنت في أوضة تانية، وتاني يوم استنيت لما أهل أبوك جم باركو لك وعملت اللي علي، سافرت أني وچيت لمرتي إهنيه وجعدت وياها إسبوع، و لما رچعت على القاهرة رچعت على شجتي الجديمة.

واسترسل: حتى لما الدكتورة صفا عرفت وجيامتي جامت، مرديتش أطلجك وجولت هي ملهاش ذنب، ده ربنا اللي عمل إكده وأكيد ليه حكمة من ورا اللي حصل
وأكمل بنبرة حادة: رضيت بنصيبي وبعد مرتي عني اللي وچع جلبي وشرخ روحي، وبرغم إني كنت عموت في اليوم ألف مرة بسبب بعدها، إلا إني جولت لحالي إتحمل يا واد، ربنا رايدك تكفر عن ذنوبك لجل ما يطهرك وترچع بعد السنة لمرتك وإنت نضيف ومسدد كل فواتير الماضي الملعون.

وأكمل بنبرة حادة وهو يرمق إيناس بغضب: مرتي ولدت ولدي البكري وهي بعيدة عن أحض. اني، محسيتش بفرحة ولدي ولا جومة مرتي بالسلامة وكل ده بسبب الحزن والنكد اللى عشناه اني وهي وأهلنا بسبب غلطتي اللي بدفع تمنها وهما كمان معاي
وأردف متألم: حملتها معاي ذنب غلطتي، وسددت الفاتورة وياي وهي ملهاش أي ذنب في كل ده.

وبلحظة تحولت نظراته إلى غاضبة شرسة وأكمل وهو يرمقهما بنظرات حارقة: بعد كل اللي عملته علشانكم دي، تاچي لكم الجرأة وتاچوا لحد إهنيه لجل ما تفضخوا مرتي وتجهروها جدام حريم العيلة
وأكمل وهو يرمقهما بنظرات مشمئزة: لا وكمان چيالي شجتي وبكل رخص وإنحطاط عوزاني أتمم چوازي عليك وفكراني أهبل
إشتعل داخل إيناس وتحدثت بإعتراض: قاسم من فضلك، بلاش تجريح.

صاح بنبرة مرعبة إنتفضت على أثرها هي ووالدتها: إنت تخرسي خالص وتسمعيني زين للأخر
وأكمل شارح: يعلم ربنا أني كنت متجي الله فيكم لاخر لحظة، ومكانش في بالي الطلاج غير بعد السنة برغم المصايب اللي بعيشها بسبب جوازة الشوم دي.

وأكمل بنبرة شامتة وعيون متسعة من شدة غضبها: بس علشان نيتي الخير وجلبي الطيب ونيتكم السو وضميركم الملوث، ربنا بعتك إهنيه مخصوص لچل ما أنهي اللي بيناتنا بالطريجة اللي تليج بيك إنت والحرباية اللي چارك
نظر لهم وأخذ نفس عميق وابتسم براحة ظهرت على وجهه وشدد من مسكة يد تلك التي تجاورة وهتف بنبرة حادة صارمة: إنت طالج، طالج، طالج بالتلاتة يا بت كوثر.

هتف قدري بسعادة لا مثيل لها تحت سعادة جميع من بالغرفة: براوه عليك يا ولد أبوك
في حين إشتعل داخل ليلي حقدا وهي تنظر لسعادة صفا التي تنظر لحبيبها بعيناي هائمة، أما فايقة فلم تعد تهتم بالموضوع بعد تأثرها بحديث قاسم عن تشتت روحه، فبالاخير هي أم وتريد الراحة لولدها، وأيضا تهديد قدري لها وضعها في خانة وحجم وقزم من دورها.

إشتعل داخل إيناس وشعرت بعالمها ينهار تحت قدماها، في حين جحظت عيناي كوثر وهتفت بنبرة حادة غاضبة لتعلن عن أصلها: نعم يا حبيبي، إنت فاكر إنك هطلقها بسهولة كدة وأنا هقف أتفرج، ده أنا أهد الدنيا فوق دماغك إنت وأبوك
رمقها قدري متحدث بنبرة غاضبة: إجفلي خاشمك يا م. رة بدل ما أدفن. ك مكانك صاحية إنت وبتك
صاحت به قائلة بنبرة حادة: تدفني ده إيه يا عنيا، إنت فاكرها سايبة ولا إيه.

تحدثت صباح مدافعة عن صغيرة شقيقها: إنت مسمعاش يا م. رة إياك ولا إطرشتي، قاسم طلج بالتلاتة
وأكملت شبه طاردة: يعني تخلي عنديكي كرامة وتاخدي بتك السو دي وتغوروا من إهنيه
أجابتها متبجحة: مش قبل ما أخد حقها يا حبيبتي
وأكملت بمنتهي الوضاعة وهي تنظر إلى عثمان الذي إتخذ دور المتفرج الصامت تارك الامر برمته إلى قاسم: أنا عاوزة تعويض عن الأربع شهور اللي فاضلين لبنتي يا عمدة.

أجابها قاسم بنبرة شامتة: التعويض الكبير أنا مخليهولك مفاجأة لما ترجعي القاهرة
وأكمل بنبرة حادة وهو ينظر إلى إيناس: هدومك وحاجة المطبخ اللي كنتي جيباها في جهازك هتلاقيها مستنياكي عند البواب
وأكمل مبتسم: أنا بعت العفش إمبارح وغيرت كالون الشقة وعرضتها للبيع، ومش بعيد يكون جالها مشتري في الوقت اللي إحنا قاعدين بنتكلم فيه ده.

إتسعت عيناي إيناس وهتفت بنبرة حادة بجنون: إنت بتقول إيه يا قاسم، الكلام اللي بتقوله ده لو فعلا نفذته أنا هوديك في ستين داهية، لان الشقة دي بكل ما فيها بتاعتي، إنت ناسي إتفاقك مع بابا؟
ضحك شامت وأجابها: إنت وأبوك المهزء اللي أخليتم بالإتفاق وجيتي لي لحد هنا برجليك علشان تنالي الجزاء اللي تستحقية
وأكمل بنبرة ساخرة: وبعدين هتوديني في داهيه إزاي يا أستاذة؟

وأكمل مذكرا إياها: إنت ناسية إن عقد الجواز مكتوب فيه ألف جنية مؤخر صداق
، ده غير إننا مكتبناش قايمة، يعني حضرتك قانونيا ما تقدريش تتنفسي لأن ملكيش عندي أي حقوق
وأكمل بنبرة غاضبة وهو يرمقها بإشمئزاز: والوقت ياريت تاخدي والدتك وتتفضلي، السواق مستنيكم برة في العربية وشنطكم جاهزة فيها،.

وأكمل بنبرة متهكمة: وأنا طلعت كريم معاكم وحجزت لكم طيارة الساعة 2 الظهر، يعني يا دوب تلحقوا تتحركم قبل الطيارة ما تفوتكم
صاحت كوثر بنبرة غاضبة وهتفت قائلة بنبرة تهديدية: طالما الحكاية وصلت لكدة يبقا عليا وعلى اعدائي يا قاسم
واسترسلت: ما أنا مش هسيبك تتهني بالتورتة وتلهفها لوحدك وتطلعنا من الحكاية إيد ورا وإيد قدام.

ثم وجهت بصرها إلى زيدان وهتفت بنبرة حاقدة: لازم تعرف يا محترم، إن أخوك وإبنه كانوا مخطتين إن قاسم يتجوز بنتك مع إيناس علشان يلهفوا كل فلوسك وشقاك اللي مستكترينه عليك
وأكملت وهي تنظر لعيناي قدري: تنكر إنك جيت لنا لحد البيت وقعدت تقنع فيا أنا وجوزي وولادي علشان نوافق بجواز قاسم من بنت أخوك، ووعدتنا بإن الجوازة دي لو تمت هينوبنا من الحب جانب؟

إرتبك قدري وشعر بالخزي والعار أمام عائلته، إتسعت أعين الجميع وهم ينظرون على قدري وقاسم بذهول
في حين تحدث زيدان قائلا:.
كم كان اشبه بالمستحيل الوصول لحصنك المنيع وتخطى أسوار قلعتك المشيدة ودخولها مجددا
لكننى ومنذ الزمان أقمست لحالى وعاهدتها، على أن أمحو من قاموسي كلمة المستحيل، وها أنا قد فعلتها
خواطر قاسم النعماني
بقلمي روز أمين.

أكملت كوثر وهي تنظر لعيناي قدري: تنكر إنك جيت لنا لحد البيت وقعدت تقنع فيا أنا وجوزي وولادي علشان نوافق بجواز قاسم من بنت أخوك على إيناس؟
وأكملت بما نهي على تماسك قدري: ووعدتنا بإن الجوازة دي لو تمت إبنك هيغرق في مغارة على بابا وهيغرف ويدينا وينوبنا من الحب جانب؟

إرتبك قدري وشعر بالخزي والعار أمام عائلته، في حين إتسعت أعين الجميع وهم ينظرون على قدري وقاسم الذي كان ينظر إليها بذهول غير مستوعب كم بجاحتها وحقارتها، لام حاله وأنبها، كيف له أن يغفل عن أصل تلك العائلة المنعدمة الأخلاق والمبادئ وأن يلقي بحاله في براثنها وهو المحامي الفطن.

نظرت صفا إلى قاسم الذي حول لها بصره سريع ليري مدي تأثرها بما بخت به تلك الحية الرقطاء، إبتسمت له وكأنها تطمأنه، وشددت من ضمت كفها بكفه في حركة تدل على عدم تصديقها لما يقال، تنهد بإرتياح ونبض قلبه صارخ بعشق تلك الصافية
نظر لها زيدان مشمئزا من تلك الحقود التي تسعي إلى تخريب علاقة الأشقاء كي تنتقم لخروخها المهين من حياة قاسم بدون مقابل.

قائلا بنبرة هادئة تعكس عدم تأثره بحديث تلك الخبيثة المسموم: وقدري عيعمل ليه إكده وهو عارف ومتوكد إن أني ومالي كلياته تحت طوعه ورهن إشارته
تنهد عثمان بإرتياح من حديث صغيره الذي أثلج صدره وأراح باله، فهو العاقل الذي لا يخيب ظن أبيه به أبدا.

في تلك اللحظة تملك من قدري شعور بالألم والحزن والخزي من حاله، فرق شاسع بينه وبين ذاك الفارس النبيل المسمي بزيدان، فكم من المرات التي حقد بها على شقيقه وكثيرا ما قام بإحاكة المؤامرات للنيل من ثروته التي بذل الكثير من الجهد والتعب حتى قام بجمعها، وبالمقابل يكون هذا هو رد زيدان صاحب القلب الأبيض.

نعم زيدان على دراية كاملة بما كان يكنه قدري بداخل نفسه له، هو ليس بالرجل الأبله كي يغفل عن هذا الامر العظيم والظاهر للكفيف، لكنه أيضا يعلم أنه تغير تماما منذ حادثة ماجدة، وفهم أن الأهل هم أول الأيادي التي ستمتد إليك وتنتشلك حيث الوقوع في بئر الضياع، وبالأخص زيدان الذي كان له السند الحقيقي أثناء تلك الفاجعة.

قام زيدان بتوزيع نظراته على شقيقاه وأنجالهم وأردف بنبرة حنون وقلب راض: مالي وحالي كلياته تحت رچلين إخواتي وعيالهم اللي هما في الأصل عيالي ودايما واجفين في ظهري وسانديني بكل جوتهم
وأسترسل وهو ينظر إلى قاسم بقوة وفخر: وبالنسبة ل قاسم ولدي اللي مخلفتوش من صلبي، أني أضمنه وأضمن أخلاجه برجبتي.

وأكمل وهو ينظر داخل عيناه بإحترام صادق: أني يوم ما سلمته بتي كنت عارف إني بسلم أغلي ما عندي لراچل صح عيحميها ويكون لها الأمان والسند من غدر الأيام، لما سلمته زمام بتي ومرتي وأمنته عليهم لو چرا لي حاچة مكانش من فراغ
وأكمل بعدما رأي الحزن الظاهر بعيناي قاسم والألم الذي إعتصر قلبه: أني عارف يا ولدي إن الخي. انة والغ. در عمرهم ما كانوا من طبعك.

وحول بصره إلى كوثر وإيناس ورمقهما بنظرة مقللة من شأنيهما وأردف قائلا: ساعات ربنا بيختبرنا وبيحط في طريجنا إبتلائات عتكون على هيئة بشر وده لحكمة هو وحده يعلمها، بس الأكيد إننا بنطلع من الإبتلاء ده وإحنا أجوي
واسترسل مستشهدا بتلك المقولة وهو ينظر إلى قاسم: وكيف ما بيجولوا، لكل جواد كبوة ولكل فارس غفوة
وأكمل وهو ينظر إليه: ودي كانت غفوتك يا ولد النعماني، والشاطر هو اللي عيتعلم من أخطائه.

أومأ له قاسم وأمال رأسه بإنحنائة بسيطة دلالة على إقتناعه على صحة حديثه، في حين هتفت كوثر بنبرة حادة: هو إنتم هتقعدوا تترسموا وتحترموا لي في بعض علشان تطلعوني في الاخر أنا اللي كذابة وشيطانة وأخوك وإبنه ملايكة؟
وأكملت وهي تتحدث إلى زيدان قاصدة الوقيعة والتفرقة: أنا قولت لك على اللي حصل علشان أخلي ضميري من ذنبك قدام ربنا وإنت حر، تصدق بقا ولا ما تصدقش دي حاجة ترجع لك.

إحتدت ملامح فايقة وهتفت بنبرة غاضبة بعدما إستشاط داخلها من تلك الملعونة التي تصر على هدم المعبد فوق رؤوس الجميع قبل المغادرة: إكتمي نفسك يا مرة يا سو لأجي أكتمهولك بنفسي
وأكملت بزيف كي تجبر الجميع على التشكيك بنوايا تلك الحقودة: چايا تبخي سمك بين الإخوات وتوجعيهم في بعض يا ملعونة، وأكملت: الكل عارف إنك عتعملي إكده بعد ما لجيتي حالك عتطلعي من المولد بلا حمص إنت والعجربة بتك؟

حولت كوثر نظرها إليها بعيناي تشتع. لتان وكأن فايقة بحديثها هذا قد فتحت أبواب جهنم على حالها وهتفت بنبرة تهكمية: طب خلي حد غيرك يقول الكلام ده يا حبيبتي،
وأكملت بإتهام صريح: ده مفيش خطوة إتحركتها أنا وبنتي غير وتمت تحت إشرافك وبتخطيط منك.

وكادت أن تكمل أخرستها رسمية بنبرة صوتها المرعب حين هتفت بحدة لغلق الماضي وطي صفحاته الأليمة: جفلي يا حرمة على المواضيع وإردمي عليها، معايزينش نسمع منيك لا خير ولا شر
وهتفت بنبرة حادة طاردة إياها بطريقة مهينة وصريحة: ودلوك خدي بتك وفارجونا من غير مطرود
نظرت كوثر إلى عثمان وأردفت بنبرة مستضعفة كي تستدعي تعاطفه: مش همشي قبل ما الحاج عثمان يجيب لبنتي حقها.

وأكملت بنبرة توسلية مصطنعة: أنا واقعة في عرضك وشهامتك يا كبير، أبوس إيدك تجيب لبنتي حقها من حفيدك وتحميها من ظلمه
كان يرمقها بعينان تشبه نظرات الثعلب المكار، إبتسم لها بجانب فمه وأردف قائلا بتعجب: كيف عتطلبي مني الحماية وإني أجف چارك وإنت چاية ونيتك تفضحي حفيدتي وتعرفي الكل إن چوزها متچوز عليها؟!

وأكمل ساخرا: لا وبغبائك كنتي مفكره إنك بإكده عتحطيه جدام الامر الواجع وتخليه يستسلم ويدخل عليها وتبجا مرته رسمي، ولما لجيتي ولد النعماني واعي لك زين وكاشف ملعوبك، جولتي توجعي بين الأخوات وتطلعي بأي مصلحة
وأكمل بفطانة: ولما زيدان طلع ولد أبوه صح وخرصك جولتي لحالك أما ألعب على الراچل العچوز يمكن يحن ويغرف من الكنز ويديني.

واسترسل وهو ينظر إليها بمكر ودهاء: أني كاشفك وعارف غرضك السو من أول ما خطيتي برچلك النچع، بس كنت سايبك لحفيدي لجل ما يعلمك الدرس زين ويعرفك إنت وبتك أخرة اللي عيلعب مع ولاد النعمانية إيه؟
وأكمل متهكم: واديكم نابكم منيه اللي تستحجوه
هتفت بنبرة حادة بإسلوب خالي من الإحترام: يعني إنت كمان موافق حفيدك وبتشجعه على إنه ياكل حق الغلبانة بنتي؟ طب إعمل لأخرتك اللي قربت.

وأكملت بصياح عالي وقلب يغلي من حرقته: حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم كلكم، حسبنا الله ونعم الوكيل
رمقها قاسم بنظرة تحذيرية وهتف قائلا بنبرة حادة: إحترمي نفسك يا ست إنت واتفضلي يلا من غير مطرود
رمقته إيناس بنظرات حارقة وهتفت قائلة بتوعد: بقا هي دي أخرتها يا قاسم، بتطردنا من بيتك بعد كل اللي إتحملته علشانك؟
لو فاكر إني هسيبك بعد ما غدرت بيا تبقا لسه ما تعرفنيش كويس.

وأكملت وهي تشير بأصبع يدها بنبرة تهديدية: وحياة كل حاجة عملتها لك وساعدتك بيها في شغلك علشان أكبر لك المكتب وفي الاخر طردتني منه، وحياة كل لحظة في عمري ضيعتها وأنا معاك وفي إنتظار تحقيق وعودك الكدابة ليا وبعدها طلقتني
وأكملت بنبرة حقود: وحياة إهانتك ليا أنا وماما قدام عيلتك علشان تعمل فيها راجل قدام الهانم مراتك لأدفعك الثمن غالي، وغالي أوي يا قاسم.

واسترسلت وهي ترفع رأسها إلى الأعلي بنبرة تهديدية صريحة: قابل اللي هيجري لك على إديا يا قاسم يا نعماني
قوس فمه وابتسم ساخرا وأردف متهكم بلكنته الصعيدية: أعلي ما في خيلك إركبيه وأرمحي بيه رمح وورينا عتوصلي بيه لحد فين.

وأكمل بنبرة تهديدية حادة: بس نصيحة مني لوچه الله، بلاش تجفي جدامي وتستفزيني بتصرفاتك الغبية، عشان إنت لحد دلوك لساتك معرفاش الوش التاني لقاسم النعماني واللي متوكد إنك معتسديش جصاد جبروته
إبتسمت ساخرة وهتفت بإصرار وعناد: خلي الحكم للجمهور بعد المشاهدة يا متر
ثم سحبت بصرها ونظرت إلى كوثر وهتفت بنبرة حادة: يلا بينا يا ماما وكفاية قلة قيمة لحد كدة.

وزعت كوثر نظرات كارهه على الجميع وهتفت بنبرة لقلبها الم. حترق جراء خسارتها: حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم، ربنا ينتقم منكم ويحرق قلوبكم زي ما حرقتم قلبي على حق بنتي اللي كلتوه واستحليتوه، ربنا على المفتري
صاح بها عثمان بنبرة حادة: بكفياك عويل وصراخ يا حرم. ة ويلا من إهنيه بدل ما أفجد اعصابي وأخلي قدري ينفذ تهديدة ويدفنك صاحية إنت والبومة اللي چارك دي.

إنتفض داخلها وهرولت إلى الخارج تتخبط بصحبة إبنتها التي خرجت من المنزل بقلب مشت. عل لخروجها خالية الوفاض من تلك الزيجة التي خططت ورسمت لها منذ أن إلتحقت بكلية الحقوق ورأت قاسم وعلمت منزلة عائلته والثراء الفاحش الذي كان يظهر عليه، إبتداء من السيارة الفخمة التي أهداها له عثمان وهو بالفرقة الرابعة بالحقوق، مرورا بإنتقاءة للثياب الفخمة والمال الذي كان يصرفه على حاله ويكرم به من حوله.

تحدث قدري بنبرة مشمئزة وهو ينظر على أثرهما: غمة وإتزاحت
هتف يزن قائلا بنبرة حادة وهو بنظر إلى قاسم: يا أبووووووي، إتلميت عليهم في أنهي خرارة دول يا ولد عمي
وأكمل لائم: دول لا شبهك ولا حتى من توبك؟!
صاح منتصر ناهرا ولده لعدم إحزان قاسم أكثر من ذلك: خلاص عاد يا يزن، عالم سو وربنا خلصنا منيهم، نجفل بجا على الموضوع وننساه وكنه محصلش.

تنفس قاسم بضيق من حاله وما وصل إليه بفضل عناده ومحاولة هروبه السابقة، ثم تحدث إلى جده متلاشي ما حدث ليغلق عليه الستار وللأبد: بعد إذن الچميع، كنت حابب أجعد أني وأبوي وأمي وفارس وليلي لحالنا ويا چدي وچدتي
تفهم الجميع وبدأو بالوقوف ثم همس هو إلى صفا قائلا بنبرة حنون: خدي مالك وإطلعي على فوج يا غالية وأني عخلص موضوع خاص ب ليلي واچي لك طوالي
أومأت له بطاعة وتحدثت بنبرة حنون: متتأخرش علي يا حبيبي.

إنتفض داخله بشدة وأردف قائلا بنبرة عاشقة: معتأخرش يا جلب حبيبك
تحركت بجانب والدتها التي تحمل الصغير وزيدان الذي نظر له بحنان فأبتسم له قاسم وتأسف له بعيناه، بادله زيدان بإبتسامة رضا وسماح
نظرت ليلي بحقد وكره على تلك التي تجاور يزن وتتحرك بجانبه تحت حماية يزن لها وهو يلف ذراعه حول كتفها بحماية ليثبت للجميع أنها تحت رعايته.

جلس الجميع فتحدث الجد إلى قدري وفايقة قائلا: جبل ما تبدأ في حديتك حابب أجول لأبوك وامك كلمتين
وأكمل موجه اللوم لهما: يارب تكونوا إتعلمتوا الدرس زين وإتعظتوا وشوفتوا بعنيكم لفين وصلتوا عيالكم
وأكمل بنبرة متألمة وهو ينظر إلى قاسم: شوفتوا كيف وصلتوا ولدكم وخلتوه يتلم على ناس سو ويروح يرمي حاله چوة أحضانهم اللي كيف أحضان العجارب لجل بس ما يهرب منيكم؟

وأكمل: عاچبكم شكله وهو ناصب محكمة لحاله كان فيها الجاضي والچلاد؟
تحدث قدري بنبرة متألمة وهو ينظر أرض من شدة خجله: حجك علي يا أبوي، حجكم علي كلياتكم
أردف قاسم الذي لم يحتمل أن يري والده بذاك الضعف وتلك الحالة المهينة: بكفياك الله يرضي عنيك يا چدي، اللي حصل حصل خلاص وكلياتنا إتعلمنا الدرس زين
وأكمل لينهي الحديث: خلينا نتكلموا في المهم.

نظر إلى ليلي وتحدث بنبرة هادئة: أني عارف إن مش وجت الحديت دي وإن لسه بدري على ما العدة بتاعة ليلي تخلص
ثم حول بصره إلى جده واسترسل: وعارف كمان إن لساتك زعلان منيها ومن اللي عملته في صفا، بس أني بطلب من حضرتك وأترچاك إنك تسامحها وتسمح لها تحضر ويانا فرح حسن إنهاردة.

رمقها عثمان بنظرة حادة وهتف قائلا بنبرة غاضبة: أنا جولت جبل إكده إن ملهاش خروج من أوضتها إلا بعد عدتعا ما تخلص، وهتخرچ منيها على بيت صالح ولد ذكي النعماني وهي مرته وعلى ذمته.
وأكمل مفسرا إليه بهدوء: كفاية إني كسرت كلمتي الليلة وخليتها تدلي وتحضر لجل خاطرك إنت وصفا
نظرت إليه وتحدثت بنبرة توسلية: أحب على يدك بلاش تچوزني لصالح يا چدي.

أردف قاسم متحدث إليها بنبرة هادئة وهو ينظر لها ليحثها على الصمت: خلاص يا ليلي
وأكمل وهو ينظر إلى جده: إهدي يا چدي وخلونا نتفاهم بالعجل، صالح معينفعش ليلي يا چدي.

وأكمل سريع قبل إعتراض جده: عبدالعزيز ولد خالي منصور طلب يدها مني إمبارح في الحنة، جال إنه عاوز يضمن الموافجة جبل ما يرچع للسعودية لشغله، وإن شاء الله بعد عدتها ما تخلص عيعمل توكيل لأبوه لجل ما يكتب بيه الكتاب وبعدها ليلي عتسافر له على طول وتعيش وياه في السعودية
صمت الجميع ونظروا لبعضهم بإستحسان للفكرة، وأكمل هو: كلنا عارفين إن عبدالعزيز كان رايدها جبل ما تتچوز يزن، وأكيد عيصونها وعيشيلها چوة عنيه.

صاحت هاتفة بنبرة غاضبة: بس أني معيزاش أتچوز لا عبدالعزيز ولا غيره يا قاسم
تحدث الچد بإستحسان متلاشي صياحها: وأني موافج على عبدالعزيز
أردفت فايقة بنبرة حماسية: عبدالعزيز أحسن واحد عيصونك يا ليلي، وبعدين ظروفه مناسبة ليكي، مطلج مرته وعنده عيلين عايشين مع أمه إهنيه ومعتستغناش عنيهم،
وأكملت لتحسها على الموافقة: يعني معتشليش حتى هم العيال.

أكملت رسمية على حديثها: أمك عتتحدت صح يا ليلي، مرت خالك عتربي العيلين ومتعلجه بيهم، ده غير إن عبدالعزيز راچل زين وكان رايدك جبل سابج، يعني كيف ما عيجول قاسم، عيصونك ويحطك في حبابي عنيه
صرخت بكل صوتها هاتفة بإعتراض: كلياتكم عاوزين تسفروني لجل ما تخلصوا مني، للدرچة دي محدش منيكم طايجني وطايج شوفتي
ثم نظرت إلى جدها وجرت وارتمت على ساقيه وتحدثت بإستعطاف: أحب على رچلك رچعني ليزن يا چدي.

وأكملت بلهفة وتوسل: جول له إني هعيش خدامة تحت رچلية ومهعملوش مشاكل مع مرته التانية واصل
وأكملت بجنون من شدة عشقها: جول له كمان إني راضية من اللي عيتبجا لي منيه، حتى لو عاوز ياچي لي مرة واحدة كل شهر، أني راضية،
وأكملت بدموعها التي نزلت: والله راضية.

أشفق الجميع على حالها، عثمان الذي أغمض عيناه بتألم كي لا يري تلك العاشقة الذي أصابها العشق بالهوس، رسمية التي إنشق صدرها لنصفين وهي تري تمزق روح حفيدتها بهذا الشكل، فايقة، تلك الأم الغافلة التي أضاعت حياتها بالسعي وراء سراب وأهملت صغارها ودمرتهم ولم تحصنهم بأحضانه. ا ليقوا شر نفوسهم قبل الغير.

قدري الذي حزن وشعر بالجريمة التي إقترفها هو وشريكته في حق ابنائهما الثلاثة وتلك المسكينة بالتحديد، وفارس الذي إنشق صدره وحزن لأجلها
أما ذاك الذي وقف سريع وتحرك بقلب مح. ترق لأجل رؤيته لشقيقته وهي بذاك الذل وتلك المهانة، أمسك كف يدها وأجبرها على الوقوف وأتخذها بداخل أحضانه ليشعرها بالطمأنينة وتحدث بهدوء وهو يحرك كف يده الحنون فوق ظهرها: إهدي يا ليلي، إهدي يا حبيبتي.

خرجت سريع من داخل أحض. انه وسألته بنبرة متلهفة: كلمه إنت يا قاسم، جول له إني معجدرش أعيش بعيد عنيه
صرخ قلبه متألم وتحدث بنبرة ضعيفة: معينفعش يا ليلي، يزن خلاص إتچوز وعايش مبسوط في حياته، وبعدين هو طلجك بالتلاتة يعني معادش فيها رچوع تاني يا بت أبوي
خرجت منها شهقة عالية نتيجة دموعها الغزيرة وهزت رأسها بهيستريا وتحدثت بإعتراض: معجدرش أعيش مع حد غيره يا قاسم، إتصرف إنت وشوف لي حل يخليه يرچعني تاني.

وسألته متلهفة ببارقة أمل: مش إنت محامي وعتفهم زين في حل المواضيع اللي كيف دي
أستشاط داخل قاسم من رؤيته لضعف شقيقته وتحدث قائلا بنبرة حادة لإفاقتها: فوجي يا ليلي، يزن معايزكيش خلاص، بلاش ترخصي حالك وإنت الغالية بنت الأصول
وأكمل بنبرة تعقلية: إنت إتچوزتي اللي عتحبيه وجربتي حظك وياه، مجنتيش غير الحزن والوچع.

واسترسل بنبرة حماسية لبث روح الأمل داخلها: چربي تعيشي ويا اللي عاشجك وعيتمني لك الرضا، صدجيني يا خيتي، چوازك من عبدالعزيز فرصة ربنا بعتها لك لچل ما تبعدي وتنسي وترتاحي
وتحدث بعقلانية: طول ما أنت جريبه من يزن وشيفاه عايش ويا مرته عمرك ما عتلاجي الراحة ولا عتنسي وچعك
وقف فارس ومسح فوق رأسها وتحدث متأثرا: إسمعي كلام أخوك يا ليلي، كلياتنا عنحبك يا خيتي ورايدين مصلحتك.

نزلت دموعها وتحدثت بإستسلام وملامة: وهي مصلحتي إنكم تبعدوني عن أهلي وعزوتي يا فارس
تحدث الچد بنبرة عاقلة: وهي الواحدة بعد ما تتچوز راچل زين عتعوز إيه من أهلها يا بتي
وأكمل بنبرة حنون: وبعدين هي التلفونات خلت حد بعيد يا بتي، ده الناس بتكلم بعضيها وعيشوفوا بعض منيه كمان
وقف قدري ونظر لها بحنان وتحدث بعيون مترجية: وافجي يا بتي على إبن خالك لجل ما تريحي جلبي من ناحيتك.

تناقلت بنظرها ببن الجميع بإستسلام بعدما نزلت على أرض الواقع من خلال حديثهم وعلمت أن رجوعها إلى يزن أصبح من المستحيل
هزت رأسها وتحدثت بنبرة ضعيفة مستسلمة: موافجة
إحتضنتها فايقة وأجهشت بدموع الندم على ما أوصلت به صغيرتها التي خرجت من لعبة إنتقامها خاسرة لكل شئ، رجل حياتها التي فقدته، وحرمت من أن تتنعم بإحتضان طفل من رحمها، حتى تنعمها بقربها من عائلتها حرمت منه.

تحدث الجد بنبرة حزينة لأجل حزن حفيدته: على خيرة الله
وأكمل وهو ينظر إلى قاسم الذي يظهر الحزن على معالم وجهه بشدة: وإنت يا قاسم، بلغ عبدالعزيز بموافجتنا بس طبعا الحديت دي عيبجا سر بيناتنا لحد ما ليلي تخلص عدتها
وأكمل شارح: الحديت في الموضوع دي وهي لساتها مخلصتش عدتها حرام شرع وميصحش، لكن إحنا هنديه وعد عشان ظروف سفره ولجل ما يرتب حاله زين.

أومأ له الجميع بتفهم وتحدث هو إلى ليلي بنبرة حنون: چهزي نفسك عشان عتروحي معانا الفرح
إبتسمت بخفوت وهزت رأسها وخرجت بصحبة والدتها بقلوب متألمة منكسرة خاسرة نتيجة أعمالهم التي لم يحصدوا منها سوي القهرة والخسارة والندم
- -.

صعد إلى شقته، وبمجرد دلوفه من الباب إنبعثت رائحة النظافة والمعطر مما يوحي إلى وجود حياة داخل المكان، وجد الستائر الغامقه مفتوحه على مصرعيها وتنسدل من بينها الستائر الشفافة، تداعبها نسمات شهر مايو الهادئة.

إستمع إلى صياح صغيره وصوت متيمة روحه ويبدوا أنها تهدهده يأتي من إتجاه غرفة النوم، إنتفض قلبه وشعور بالراحة والسكينة والطمأنينة غزي قلبه وتملك منه، برغم كم الحزن الذي أصابه بفضل الحالة التي وصلت لها ليلي
ساقته ساقيه وتحرك بقلب نابض إلى غرفته التي إمتلاءت بالحياة بعودة ملكة حياته وأميره الصغير لداخل مملكتهم بعدما كانت الشقة بأكملها تشبه القبر في عتمته ووحشته.

خطي بساقيه للداخل وجدها تتحرك داخل الغرفة حاملة الصغير وتهدهده كي يهدأ من نوبة الصراخ التي أصابته
تحرك إليها سريع وهتف قائلا بنبرة متوترة: مالك ماله يا صفا
نظرت عليه بعينان شبه دامعة وتحدثت بنبرة حزينة بفضل تلبكها بحالة طفلها: معارفاش، مبطلش بكا من وجت ما طلعنا كيف ما أنت شايف.

بسط ذراعيه وأخذه من بين يداها بحرص شديد وتحدث وهو يضعه على كتفه ممسك بظهره بحرص ورفق ولين: إهدي يا حبيبتي وهو دلوك عيبطل بكا وعيهدي
وقام بهدهدته بحنان وقب. ل وجنته وهو يتحرك به قائلا بنبرة هادئة: إهدي يا جلب أبوك وما تبكيش، خلاص يا حبيبي إنت في حضن بابا اللي عيحبك وعيحميك بروحه
ومن العجيب أن الصغير هدأ وأستكان داخل أحضان قاسم وكأنه شعر بالأمان والطمانينة حينما تلامس جلده الناعم عنق والده.

نظرت له تلك التي أصابها الذهول وتحدثت مصطنعة الإعتراض: يسلام، شكلك إكده ناوي تشكل إنت وإبنك حزب وتبجوا فريج واحد
ضحك بهدوء وسألها بحنان: طب ودي حاچة تزعلك في إيه يا أم مالك؟
إبتسمت بحنان وتحدثت: ومين جال لك إني زعلانة
وأكملت بحديث ذات مغزي وعيناي ظهر داخلهما الإطمئنان: ده أني أسعد يوم في حياتي إنهاردة.

حزن داخله للحالة الذي أوصل لها حبيبته، شعر بإستكانة وأسترخاء صغيره مما يعني أنه قد غفي بسلام، تحرك به ووضعه بحرص داخل مهده، وقام بوضع قب. لة حنون فوق وجنته بلونها الوردي ومل. مسها شديد النعومة
ثم تحرك إليها وسحبها داخل أحض. انه وشدد عليها، مما أسعدها وجعلها تشعر بإمتلاكها العالم بأسره، أخرجها من أحضانه ونظر داخل عيناها وأبتسم بحنان
ثم سألها بإستفسار بعدما رأي القلق داخل عيناها: مالك يا صفا؟

إيه اللي تاعب روحك وممخلكيش رايجة
تنفست عاليا وأجابته بما يضيق بصدرها: خايفة عليك يا ضي عيني
نظر لها مضيق عيناه بإستفسار، فأكملت هي مفسرة بنبرة قلقة: اللي إسميها إيناس دي شكلها إكده مش سهلة، خايفة تإذيك يا قاسم
إبتسم بخفة وتحدث بنبرة هادئة ليطمئنها: مش عيب عليك يا بت النعمانية تخافي على چوزك من واحدة كيف دي!

نظرت إليه بريبة فوضع كف يده على وجنتها وحرك أصبعه فوقها بحنان وتحدث بنبرة مرهفة: إطمني يا أم مالك، چوزك عفي وجادر يجف لأي حد يحاول أذيته، وأكمل مفسرا: وبعدين إيناس دي أضعف وأجبن وأذكي من إنها تجف جصادي وهي عارفة ومتوكدة من إن ضربتي ليها عتكون الجاضية.

أومأت له بتفهم، فنظر لدخل عيناها بإشتياق وأمسك كف يدها، وتحرك بها إلى تختيهما، تمدد وأسند ظهره ثم جذبها بقوة جعلتها ترتمي فوق ساقية، إحتواها ولف ذراعيه حول جس. دها برعاية وقام بإحت. ضانها بقوة كاد بها أن يسحق عظامها ويدف. نها بداخل روحه العاشقة
قرب فمه بجانب أذنها وهمس لها بنبرة عاشقة: وحشتيني يا صفا، وحشتيني جوي.

وأكمل بإثارة أصابت كلاهما: ريحة چس. دك المسكية اللي عتدوبني، صوتك اللي عيفتت جلبي، عيونك اللي عتسحرني، كلك وحشتيني يا كلي
كانت تستمع إليه بقلب يتهاوي وعيناي مغمضتان سارحة في خيال صوته الساحر، همست من ببن أحضانه بنبرة تدل على مدي هيامها في عشق حبيبها: شوجي ليك كان عينهي علي يا قاسم، كل يوم قضيته وإنت بعيد عني كنت عموت فيه ألف مرة
أخرجها سريع وسألها متلهف: صح بعدي كان فارج معاك يا صفا؟

وأكمل بعيون هائمة مسحورة بفضل عيناها وعشقها: كنت عتشتاجي لي كيف ما كنت عموت من شوجي ليك؟
أجابته وهي تنظر داخل مقلتاه وص. درها يعلو ويهبط من شدة الإشتياق والوله: مفيش يوم عدي علي من غير ما أشتاج لك
وأشتاج لض. مة حضن. ك فيه يا حبيبي
وأكملت بعيناي لائمتان: عذب. تني في رحلة عشجك يا قاسم، حرجت روحي اللي ذابت من البعد وكواها ن. ار الإنتظار.

ضمها بشده وتحدث بإشتياق: حجك عليا يا تاچ راسي، ووعد علي معيبعدنيش عنيك تاني غير الموت يا غالية
أجابته وهي تلقي برأسها على كتفه بدلال أنثوي: بعد الشر عنيك من أي أذي يا حبيبي
تحدث إليها بوعيد وحماس: فيه حاچات كتير لازمن أجولها لك لجل ما تعرفي إن عشجك عيچري في دمي من إسنيين مش بس من بعد چوازنا يا غالية
قطبت جبينها بإستغراب فتحدث هو: بعدين يا صفا، عنتكلموا بعدين نكون رايجين عن إكده.

وغمز لها بعيناه وتحدث بوقاحة أخجلتها: دلوك عندينا الأهم اللي عنتحدت فيه
وقام من جديد بإحتض. انها وبشدة مما زاد من الإشتياق بينهما وجعلهما يذهبا إلى بعيد كي يطفأ لهيب عشقهما الملته. ب بفضل ن. ار إشتياقهما الجارف، وغاصا بعالمهما الفريد الخاص بهما.

بعد مدة من الوقت كان كلاهما واقع داخل نوبة من النوم العميق جراء إجهادهما الشديد، وإحتياج جسديهم. ا للراحة والنوم كي يستفيقا بحال أفضل ليكونا جاهزين لحضور حفل الزفاف التي ستقام ليلا
- -
عصرا داخل منزل أمل ويزن
كانت تتمدد فوق فراشها مستنده على ظهر التخت، منهكة بوجه ذابل ثأثرا من تقلبات الحمل والتقيأ، دلف إليها ذاك النبيل وهو يحمل بيده كأس من المشرب الساخن ووضعه على الكومود.

ثم جاورها الجلوس وسحبها لداخل أحض. انه وشدد عليها وقبل مقدمة رأسها وتحدث بنبرة تفيض حنان: عملت لك كباية أعشاب عتريح معدتك وتهديكي خالص
ثم حرك كف يده فوق ظه. رها في حركة أثبتت لها كم الحنان الذي يمتلكه ذاك الرجل بداخل قلبه ويفيض على أحبائه، شعرت بالأمان والحنان داخل أحض. انه
فحدثها هو قائلا بإطمئنان: عتبجي زينة يا جلبي، متخافيش
وأخاف إزاي وإنت جنبي يا حبيبي، جملة صادقة خرجت من قلبها لا فمها.

شعر بها ذاك النبيل وأبعد وجهها من داخل أحض. انه ونظر لداخل عيناها الساحرة
وتحدث بنبرة تفيض عشق: تعرفي يا أمل، إنت أحلا حاچة حصلت لي في عمري كلياته
وأسترسل مفسرا بيقين: كنت خابر زين إن ربنا شايل لي نصيبي الحلو من الدنيي ومعيظلمنيش كيف ما الخلج ظلموني.

وأكمل وهو يميل بوجهه للجهة اليسري وبعيون تصرخ من عشقها تحدث: بس مهما تخيلت عمري ما كان ياچي في بالي إن كرمه وعطفه عيوصلني لأحن وأجمل وأرج ح. رمة في الدنيي كلاتها
كانت تستمع إليه بعيون هائمة سارحه في دنيا غرامه، وتحدثت بنبرة حنون: وإنت عوض ربنا الجميل ليا ومكافئتي اللي ربنا حب يكافئني بيها على صبري لكل الإبتلاءات اللي إتعرضت لها في حياتي.

وأكملت بفخر وإستحسان: إنت حد جميل أوي يا يزن وتستاهل أحلا حاجة في الدنيا كلها
أجابها بنبرة حنون صادقة: ولجل إكده ربنا رزجني بيكي يا ست البنات
ثم مال على شفتاها وألتقطهما بنعومة وبدأ بتقبيلهما بهدوء معبرا لها عن مدي سعادته بوجودها داخل حياته، إبتعد عنها كي لا يزيد عبئ تعبها، ثم أدار ج. سده وألتقط كأس المشرب وناولها إياه وتحدث بنبرة حنون: إشربي يا حبيبتي لجل ما ترتاحي.

أمسك الكأس وتحدثت بنبرة ممتنة: ربنا يخليك ليا يا حبيبي
بعد مرور نصف ساعة
كانت تغفو بثبات على ساقي ذاك الساند بظهره خلف التخت وهو ينظر عليها بحنان وأبتسامة رضا، يحرك أصابعه داخل شعر رأسها متخللا بها بين خصلاتها بنعومة جعلتها تشعر بالراحة والسكينة مما جعلها تدخل في ثبات عميق
- -
داخل مسكن رفعت عبدالدايم
كان يضع رأسه بين كفاه وينظر أسفل قدماه وتحدث بنبرة ضعيفة: يعني إنت وبنتك استغفلتوني.

ثم رفع رأسه وتحدث بنبرة لائمة: مفهماني إنك هتقعدي يومين مع بنتك في شقتها علشان تعبانة وإنت في الصعيد يا كوثر؟!
نهرته قائلة بنبرة حادة: هو ده وقته يا رفعت؟ إحنا في إيه وإنت في إيه؟
إبتسم رفعت بجانب فمه ساخرا على حاله وما وصل إليه بسبب سلبيته مع زوجته ونجليه،.

واسترسلت هي بنبرة غاضبة: أنا بكلمك عن بنتك واللي حصل لها من الندل اللي إسمه قاسم، وطلاقه ليها قدام عيلته كلها وإنت كل اللي همك إزاي نسافر من غير ما نقول لك
وأكملت بنبرة حادة وهي تتحرك بهيئة جنونية: تخيل الواطي كسر كالون الشقة ورمي لها هدومها عند البواب وباع فرشها
تحدث عدنان لائم على والدته: وإنتوا بقا كنتم فاكرين إن قاسم هيضرب لكم تعظيم سلام وإنتم رايحين تفضحوا مراته أم إبنه في وسط عيلته؟

رمقته تلك المستشاطة وصاحت به متذكرة: كويس إنك فكرتني يا عدنان بيه
وأكملت بنبرة غاضبة وعيناي حادة: هي دي اللي ما فيهاش ريحة الجمال وتشبه الرجاله في جسم. ها، هي دي إلى معندهاش أي مقومات تشير إلى إنها أنثي يا محترم؟
وأكملت بتساؤل غاضب: بتغشني يا عدنان وتخليني أروح على عمايا وأتفاجئ إني واقفة قدام أيقونة جمال؟

إرتبك وخشي غضبها الهائل وتحدث بنبرة هادئة كي يتلاشي غضبها: الحق عليا إني محبتش أزعلك واقهرك وقتها؟، وبعدين كان هيفرق في إيه معرفتك من عدمها؟
أجابته كوثر بنبرة غاضبة: كانت هتفرق طبعا يا موكوس، على الأقل كنا غيرنا تعاملنا مع اللي إسمه قاسم وعملنا حساب للعدو اللي بنحاربه
أجابها وهو يتنصل من الموضوع: اهو اللي حصل بقا يا ماما، خلينا في اللي عمله قاسم وإزاي هنتصرف معاه وسيبك بقا من اللي فات.

نظرت هي إلى رفعت الجالس ينظر عليهم مستغرب كم البجاحة والحقارة التي أصبحوا عليها، هتفت بنبرة حماسية قائلة: إنت الوحيد اللي هتقدر تأثر على قاسم وتخليه يرجع لها الشقة والعفش ويديها المؤخر اللي كان واعدها بيه
جحظت عيناه وهتف قائلا بنبرة حادة: هو إنت لسه ما شبعتيش ذل وإهانة فيا.

وانتفض واقف من جلسته وتحدث بنبرة غاضبة حادة: ده أنا مش قادر أنسي لحد الان شكلي وأنا واقف قدامه وبترجاه يتجوز بنتي علشان ما أتفضحش أنا وهي قدام قرايبي، والراجل من أصله وكرم أخلاقه وافق،
وأكمل شارح: وبرغم إن مراته وأهله عرفوا والدنيا إنقلبت فوق دماغه، إلا إنه أثبت لي إنه راجل بجد وقد الوعد اللي وعدني بيه
وأكمل بخزي ظهر فوق ملامح وجهه: بس أنا اللي ما طلعتش راجل معاه.

وأسترسل وهو يوزع نظراته على ثلاثي الشر: كسفتوني وكسرتوا رقبتي قدام الراجل، ولسه كمان عايزين تكسروني وتخلوني أروح أذل نفسي ليه وارخصها واطلب حاجة مش من حقنا
صاحت به إيناس وهتفت بإعتراض: هو إيه ده اللي مش من حقي يا بابا، ده ثمن صبري عليه وعمري اللي ضاع جنبه وأنا مستنياه ومتحمله ظروفه أكثر من تسع سنيين
هتف بنبرة حادة وهو يرمقها بغضب: قصدك ثمن طمعك وخطتك اللي كنتي رسماها لأذية غيرك.

وأكمل بيقين: بس سبحان الله، إن ربك لبالمرصاد، ربنا ما بيظلمش حد وقلب الأية وكل واحد أخد حقه
إتسعت عيناي كوثر بذهول وهتفت بنبرة حادة: هي وصلت إنك تشمت في بنتك يا رفعت؟
إبتسم ساخرا وأردف شارح: هقول لك إيه، ما أنت ست جاحدة وفاكرة الناس كلها زيك، أنا هشمت في بنتي يا بني أدمة
أومال تسمي كلامك ده إيه لو مش شماتة يا سى رفعت، جملة تفوهت بها كوثر بنبرة حادة.

أجابها وهو ينظر إلى إبنته الغاضبة في محاولة منه لإطلاعها على حقيقة الامر: بحاول أعلم بنتي اللي قصرت فيه زمان معاها هي واخوها، إنت اللي ظلمتي نفسك يا بنتي وإختارتي الطريق اللي مليان ألغ. ام علشان تمشي فيه، فمتلوميش غير نفسك
وأكمل بيقين: وزي ما ربنا سبحانة وتعالي قال، وما ربك بظلام للعبيد.

نظرت إلى أبيها ورفعت قامتها لأعلي وتحدثت بغطرسة قائلة: متشكرة على النصيحة يا بابا، بس عاوزة أقول لحضرتك إن قريب أوي هتشوف بنتك وهتفتخر بيها وهي مرجعة حقها بالكامل من إبن النعماني
وزفرت بضيق وتحركت إلى داخل غرفتها واغلقت بابها بقوة
نظرت كوثر إلى عدنان وأردفت أمرة: إنزل تحت شوف راجلين وعربية نقل وروح هات حاجة أختك من عند البواب بدل ما يقلبها هو ومراته.

زفر عدنان بضيق لكنه تحرك بالفعل خشية غضب تلك القوية
- -
ليلا داخل سرايا الحاج عثمان
كان الجميع يقف متأهب مرتدين ثيابهم المناسبة لحضور حفل الزفاف، واقفين بإنتظار ذاك الحبيبان ليتحركوا إلى القاعة التي ستقام بداخلها الإحتفال بحفل الزفاف.

نظرت ليلي بحسرة إلى أمل التي كانت تجاور ذاك اليزن الممسك بكف يدها بعناية ويتحدث إليها ناظرا لعيناها بحنان ظاهرا للكفيف، شعرت بغ. ل وح. قد عظيم تملكا من قلبها واقتحماه، ولو كان الامر بيدها لأنهت حياة غريمتها في التو واللحظة وأخمدت تلك الن. ار الش. اعلة بص. درها المريض بالكره، تنهدت وحاولت تهدأة حالها وسحبت بصرها بعيدا عن كلاهما كي لا تفقد صوابها.

نظر الجميع بإنبهار فوق الدرج حيث يتدلي العاشقان من فوقه، كانت ترتدي ثوبها الذي جلبه لها زوجها الحبيب، بلونه الأحمر الصارخ بتطريزه الرائع، يجاورها ذاك الذي يشعر بالفخر والراحة من مجرد مجاورته لها، يرتدي حلته الرائعة بلونها الأسود واضع رابطة عنقه بلونها الأحمر الصريح والذي يتناسق مع ثوبها وأيضا رابطة عنق صغيره الذي يحمله بعناية فائقة ويشدد عليه.

نزلا للاسفل وتحرك هو إلى جده وأمسك كف يده وقبل. ه بإحترام، فتحدث عثمان بإستحسان: ربنا يرضي عنيك ويحميك يا ولدي
وأمسك رأس الصغير الذي رفعه قاسم لمستوي وجهه، وضع قب. له حنون فوق جبهته
وتحدث وهو ينظر إلى قاسم: ربنا يبارك لك فيه وتخاويه بدل العيل عشرة
إبتسم قاسم وأردف بتمني وهو ينظر إلى تلك الخجولة التي تجاورة: إن شاء الله يا چدي.

تحرك هو جانب ليفسح لها المجال، وقفت قبالته وأمسكت كف يده ومالت عليه لتضع قبل. ة إحترام، وضع يده بعدما سحبها فوق رأسها وابتسم وتحدث: مبارك عليك يا بتي رچوعك لبيت چوزك وإنت رافعة راسك، ربنا يهدي سرك وياه
إبتسمت وظهرت سعادتها فوق ثغرها وتحدثت بنبرة هادئة: الله يبارك لنا في عمرك يا چدي.

تحرك هو بصغيره وأعطاه إلى تلك التي تشعر بأن روحها قد فارقتها منذ البارحة وبالتحديد منذ عودة مالك إلى منزل أبيه، ولأنه يشعر تشتت روحها بدونه فوضعه بين ساعديها
وتحدث بنبرة حنون مطمأنة: إتفضلي الأستاذ اللي مبطلش زن و وچع لنا دماغنا طول الليل
وأكمل مداعب إياها: شكلك إكده متفجة وياه عليا أني وأمه.

إحتضنته برعاية وباتت تفرق قبلاته. ا فوق وجنتيه وجبهته، ثم نظرت إلى قاسم وتحدثت: محلولة يا ولدي، طالما مالك بيه عامل لكم إزعاچ سيبهولي وأني على جلبي زنه وعياطه كيف العسل
ضحك لها قاسم فتحدثت وهي تنظر إليه بحنان: ربنا يهدي سركم ويسعدكم يا قاسم
أومأ لها وتحرك إلى زوجته تحت سعادة زيدان التي تخطت عنان السماء.

تحرك الجميع بسياراتهم إلى قاعة الإحتفال، وجلسوا بأماكنهم المخصصة وبدأت مراسم الإحتفال بدخول حسن بعروسه الجميلة والسعادة ترفرف من حولهما لتحقيق حلم زواجهما الذي كان أشبه بالمستحيل قبل ما حدث.

بدأ الزفاف بالرقصة الأولي للعروسان كما هو متعارف عليه، وأستمر تحت سعادة الجميع وقلوبهم المتراقصة على انغام الموسيقي وذلك لإلتقاء كل عاشق بنصفه الحلو، قاسم، يزن، فارس، وحتى زيدان العاشق، كانت السعادة تغمر قلوب الجميع.

عدا تلك المتألمة التي تأكل ني. ران الغيرة قلبها من مشاهدتها إلى دلال وأهتمام يزن بتلك الأمل التي تجاوره الجلوس، وتلك الفايقة التي تتألم لرؤيتها لسعادة الجميع وخروجها وإبنتها من مارثون السعادة خاويين الوفاض.

حزنت لأجل وصول إبنتها إلى تلك الحالة وبيدها، وحزنت لرؤية قدري الذي ما عاد يهتم بها ولو حتى بنظرة عشق كسابق عهده، فقد بات يشمئز منها ويرمقها بنظرات الحقد ولا يدع فرصة حتى يظهر بها التقليل من شأنها وهذا ما أمات قلبها وألمه.

تقدم عبدالعزيز من عمته وألقي عليها السلام، ثم نظر على تلك الليلي المجاورة لها ودق قلبه بوتيرة عالية بمجرد إلتقاء عيناه بعيناها، فقد كانت حب طفولته وصباه وكم تمني الزواج منها ولكن القدر أبعدها عنه، ويبدو أن دنياه ستبتسم له ويعيد القدر إليه سعادته التي سلبها منه بزواجها بغيره
تحدث إليها بنبرة رجل عاشق وعيناي محارب سيحصل أخيرا على مكاسبه الغالية: كيفك يا ليلي.

أجابته بنبرة خافتة وعيناي ذابلتان نتيجة بكائها طيلة الفترة الماضية: أني زينة يا عبدالعزيز
تحدثت الجدة للترحيب به: كيفك يا ولدي وكيف عيالك
أبتسم للجدة وتحرك إليها بعدما وعي على حاله من حالة الغرام التي إنتابته لمجرد رؤياها، قبل رأسها وتحدث بنبرة قوية كعادته: الحمدلله يا چدة.

سعد داخل الجدة بعدما أطمأنت على حفيدتها العنيدة مع ذاك العاشق القوي، فذاك العبدالعزيز معروف بالقوة والشدة والحزم وعدم التهاون في أمور حياته، وأخذ جميع الاشياء على محمل الجد حتى البسيطة منها
فهي أكيدة بأنه الوحيد القادر على ترويض تلك الشرسة حتى في وجود عشقه الهائل لها، إلا أنه لم ولن يسمح لها بالتهاون وسيعيد تأهيلها وإصلاح ما أفسداه والديها.

وقف ذاك العاشق وأمسك كف يد حبيبته وهمس لها بدعابه وهو يتحرك بها بإتجاه ورد: الأحمر عامل شغل عالي وياك، يا ريتني ما چيبته
إبتسمت وظهرت سعادتها فوق ثغرها من إطراء حبيبها عليها وتحدث هو إلى ورد: ممكن يا حماتي تديني مالك باشا عشان ناخد وياه صورة بالبابيون الأحمر ده وبعدين نرچعهو لك تاني
وأكمل بدعابة أضحكت الجميع: ماهو مش معجول أبجا صارف ومكلف حالي وچايب بابيون أحمر وفستان وما أخدش بيهم صورة للذكري.

تحرك بالفعل وألتقطت لهم بعض الصور التذكارية تحت إنبهار الجميع بذاك الثنائي والعشق الذي يظهر من أعينهم ويراه الجميع
إنتهت مراسم الزفاف وتحرك الجميع عائدون إلى السرايا بإصطحاب العروس الجميلة وفارسها حسن الذي إتخذ من مسكن يزن وليلي عشهما السعيد مع تجديد كل شئ بها
وصلت السيارات إلى حديقة النعماني.

ترجل قاسم من سيارته وأمسك كف يد مالكة الفؤاد وتحرك بها حتى وقف قبالة زيدان وورد التي تحمل الصغير وتحدث هو إلى ورد: خلي مالك بايت وياك إنهاردة يا مرت عمي
إنتفض داخل ورد بسعادة مما جعل صفا التي كادت أن تعترض بأن تصمت عندما رأت سعادة والدتها ظاهرة عليها
فتحدثت ورد بعقلانية: حاضر يا ولدي، على العموم هو عينام ومعيصحاش غير جرب الفچر، لما يصحي عخلي عمك يچيبه لكم لجل ما يرضع من أمه.

أومأت لها صفا وأصطحبها ذاك العاشق الذي صعد سريع إلى شقته وما أن فتح بابها وأغلقه عليهما، حتى مال بطوله الفارع عليها وقام بحملها سريع وتحدث مداعب إياها وهو يتقدم بها نحو غرفة النوم: معملنهاش ليلة دخلتنا نعملوها في دخلة حسن.

ضحكت تلك التي لفت ذراعيها حوله برعاية ودفنت وجهها داخل عنقه وباتت تتنفس رائحة جس. ده التي تعشقها، دلف بها إلى غرفتهما وأغلق بابها بقدمه، وقف في منتصف الغرفة وتحدث بنبرة حنون: منورة شجتك يا عروسة
إبتسمت خجله، ومال هو على كريزتيها والذي تماسك لأبعد الحدود على مظهرهما الشهي طيلة الزفاف.

إبعد وجهه عنها ومازال حاملا إياها وتحدث بنبرة متحشرجة من أثر العشق: بحبك يا صفا، بحبك وبحب كل ما فيكي حتى أنفاسك اللي عتخرچ منيك عحبها
شددت من إحتضانها لها وهي بقمة سعادتها، وتحرك هو بها إلى التخت ووضعها فوق الفراش برفق ولين، وقام بنزع حذائها ثم.

أمسك قدمها ورفعه ووضع قبلة عليه مما جعل عيناها تتسع بعدم إستيعاب لفعلته تلك والتي لا يفعلها غير عاشق يذوب عشق في محبوبته، قام بنزع الحذاء الاخر وبتقبيل قدمها الأخري مما جعلها تشعر وكانها حقا ملكة، غمز لها بعيناه
ثم أعتدل بوقفته وقام بخلع سترة حلته وهو ينظر عليها بحنان وعيناي تصرخ من شدة عشقها والإشتياق، إقترب عليها ثم غاصا بعالم العشق الخاص بهما.
ما أجمل الوصل بين قلوب العاشقين بعد أوجاع الفراق
ومذاقه المر وحنين الروح للحبيب والشعور بالإح. تراق
بقلمي روز امين.

بعد مرور إسبوعان
دلفت السكرتيرة الخاصة بأحد رجال الأعمال المتعسرين بسبب الديون المتراكمة عليه ويرجع ذلك لوضع الإقتصاد العام داخل البلاد، وتحدثت: حسين بيه، فيه شخص موجود برة وطالب يقابل حضرتك ضروري، وبيقول إنه عاوزك في موضوع هام جدا ويخصك
نظر لها وتحدث مستفسرا: إسمه إيه الشخص ده؟

أجابته بإستغراب: ما أعرفش يا أفندم، أنا طلبت منه كارت تعريف علشان أقدمه لحضرتك، لكن رفض وقال لي إن إسمه مش مهم قصاد الخدمة اللي هيقدمها لحضرتك وينجدك بيها
ضيق حسين عيسي عيناه بإستغراب وأردف قائلا بفضول: دخليه لما نشوف حكايته إيه ده كمان.

أومأت له بطاعة وخرجت، بعد قليل دلف ذاك الضابط التي لفقت له إيناس من قبل تهمة الإدعاء وتلفيق تهمة المخدرات لموكلها الفاسد مما تسبب في مشاكل عدة لذلك الضابط، ومنها نقله إلى محافظة بعيدة عن المدينة ومطرفة، وايضا إيقاف ترقيته التي كانت على مشارف الأبواب، فلذا قرر التربص لها وتدبير مكيدة تنهي على مشوارها العملي قبل أن يبدأ.

كان متخفيا خلف نظارته الشمسية الكبيرة والقبعة الموضوعة فوق رأسه، وذلك لإخفاء معالم وجهه لأمنه وحمايته، ألقي السلام على حسين الذي تحدث بنبرة فضولية: ممكن أعرف مين حضرتك وإيه هو الموضوع المهم اللي طالب تقابلني بخصوصه؟
أجابه الضابط بنبرة واثقة: أظن مش هيبقا مهم تعرف أنا مين قصاد السبب اللي أنا جاي لك علشانه
قطب حسين جبينه وتسائل مستفسرا: شوقتني أعرف سبب تشريفك ليا.

إبتسم الضابط وأخرج من جيب حلته ورقتان وبسط ذراعه ووضعهما أمام عيناه بدون حديث، نظر حسين إلى الورقتان وما أن دقق النظر بهما حتى جحظت عيناه وهتف متسائلا بإستغراب: إنت جبت الشيكات دي منين وإزاي؟!
أجابه بإقتضاب بعدما سحب يده بالشيكات وهو يضعها من جديد داخل جيب حلته: مش مهم جبتهم إزاي، المهم إن الشيكات بتاعتك بقت معايا والقضية اللي رافعها عليك الخصم أصبحت فشنك وزي قلتها.

نظر له متلهف ثم تمهل قليلا وتفكر وهتف بفطانة: طب ممكن أعرف إيه المطلوب مني قصاد الشيكات دي؟
إبتسم له الضابط بخفوت وأكمل حسين بذكاء: ما هو مش معقول هتيجي لحد هنا وتجيب لي شيكات ب إثنين مليون جنية ومتكونش عاوز قصاد إنك تديهم لي خدمة، وأكيد خدمة كبيرة كمان
أردف الضابط قائلا بنبرة واثقة: إطمن، اللي أنا طالبة حاجة بسيطة جدا قصاد قيمة الشيكات.

نظر له حسين مترقب تكملة الحديث فأكمل الضابط بدهاء: كل اللي مطلوب منك إنك تتصل بالمدعي حالا وتبلغه إن المحامية بتاعته باعته وأديت لك الشيكات مقابل مبلغ مادي كبير
وأكمل شارح: ولما الخصم يرفع قضية على إيناس عبدالدايم، تروح النيابة وتشهد إنها أخدت منك الفلوس وأديتك الشيكات بعد ما فهمتك إنها وسيط بينكم، وإنها هتدي الفلوس للخصم وتسحب القضية اللي بالطبع مبقتش موجودة في حالة عدم وجود الشيكات معاها.

نظر له حسين وتسائل بترقب: بس كده؟
رفع الرجل كتفاه بمعني فقط لا غير، فتسائل حسين بفطانة وهو يحك ذقنه بكف يده: طب وإنت إيه مصلحتك في كده؟
تحدث الضابط بنبرة حادة أرعبت حسين: مش شغلك، إنت كل اللي يهمك تاخد شيكاتك اللي كانت هتتقدم بكرة للنيابة وهتلبس فيها على الأقل من تلات لسبع سنين سجن.

ثم وقف وتحدث بنبرة غاضبة كي يجبر حسين على الموافقة: ولو مش عاجبك العرض اللي بقدمه لك يبقا تنسي إنك شوفتني وتعتير نفسك ما قابلتنيش أساسا.

وكاد أن يتحرك أوقفه هتاف حسين الذي ترجاه بالتوقف، وأمسك الهاتف وتحدث بنبرة هادئة وأبلغ الخصم بما أملاه عليه ذاك الغريب الغامض بالتفصيل الممل، مما جعل الخصم يستش. يط ويقرر التحرك على الفور متجه إلى مكتب إيناس ليتأكد بنفسه من ذاك الخبر المشؤوم قبل أن يتخذ إجراءاته القانونية
في حين أخرج الضابط هاتان الورقتان وتحدث وهو يبسط ذراعه بهما قائلا بإستحسان: مبرك عليك الشيكات يا حسين بيه.

إلتقطهما حسين متلهف ودقق النظر من إمضائه ثم تنهد براحة بعدما تأكد من خطه وتحدث بسعادة وشكر وهو يمزقهما إرب: أنا مش عارف أشكرك إزاي على اللي عملته معايا، إنت مش عارف إنت عملت لي إيه لما اديتني الشيكات دي، أنا كان بيتي هيتخرب
تحدث الضابط وهو يقف إستعدادا للمغادرة: أشكر الظروف اللي خلت مصلحتنا تبقا واحدة
وأكمل بتأكيد: أهم حاجة زي ما أتفقنا، لما يستدعوك في التحقيق تقول اللي إتفقنا عليه.

وأكمل بنبرة تهديدية وتعابير وجه مرعبة: وإوعا تفكر تغير في الكلام ده لأن ساعتها هضطر أزعل، وأنا زعلي وحش اوي يا حسين، والمحامية إيناس أكبر دليل على كلامي ده، فاهمني يا حسين؟
إنتفض داخل حسين من تغيير ملامح هذا المجهول الصارم وتحدث مفسرا: وأنا إيه مصلحتي إني أغير إتفاقنا، الشيكات وأخدتها وقطعتها كمان، يعني هروح أقول لهم لو سمحتم إحبسوني؟

ذهب الضابط بعدما حقق إنتقامه الذي بات يعد له عدة شهور لينهي على مسيرة إيناس المهنية مثلما فعلت معه وليكن العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم.

داخل مكتب إيناس رفعت عبدالدايم
كانت تجلس داخل مكتبها، ترتدي نظارتها الطبية، تبحث ملف قضية لرجل فاسد كمعظم قضاياها التي باتت تقبلها وتعمل بها، وذلك بعدما إختارت هذا الطريق ليصبح نهج لها وقد قررت هذا لما يدفعه أصحاب تلك القضايا من أموال طائلة ستحقق لها هدفها الرئيسي من الحياة، وهو جني المال الوفير بأقصي سرعة وبأي وسيلة.

وبرغم إنشغالها بعملها اللاأخلاقي، فلا يغيب عن عقلها قاسم وما فعله بها، فقد كانت تفكر طيلة الوقت بالطريقة التي سترد عليه بها وبقوة، لكنها أجلت إنتقامها لحين وجود ثغرة له داخل عمله أو حياته، فقاسم لا يقبل سوي القضايا النظيفة وينتقي موكليه من أصحاب السمعة الطيبة وهذا ما جعل إنتقامها صعب حاليا.

إنتفضت بجلستها حين فتح الباب سريع ودلف منه ذاك الثائر المسمي ب عاطف وهدان، ويليه عدنان وهو يحاول إيقافه متحدث: ما يصحش كده يا عاطف بيه
وقف عاطف مقابلا لهما وتحدث بنبرة حادة: هو إنتم لسه شفتوا مني اللي ما يصحش يا شوية نصابين
واسترسل مهددا: ده أنا هوديكم في ستين داهية لو الكلام اللي وصلني طلع صحيح
سألته إيناس بنبرة متعجبة لأمره: فيه إيه يا عاطف بيه، إيه اللي حصل لكلامك ده!

ثم إنت إزاي تسمح لنفسك تقتحم مكتبي بالطريقة الهمجية دي؟
تحدث ساخرا بوجه مستشاط: فين الشيكات بتاعتي يا حضرة المحامية المحترمة
قطبت جبينها بإستغراب وتحدثت بنبرة واثقة: الشيكات بتاعتك موجودة في خزنتي اللي هنا
أشار بيده وهتف قائلا: طب لو موجودة بجد إتفضلي وريها لي حالا.

إستغربت طريقته الفظة والمليئة بالإتهام لكنها فضلت الصمت مؤقتا، وتحركت نحو الخزنة وقامت بفتحها ومدت يدها بكل ثقة لتخرج ذاك المظروف الأصفر التي تضع بداخله الشيكات
لم يأتي بمخيلتها أن ذاك الضابط التي لفقت له من ذي قبل تهمة الإدعاء وتلفيق تهمة المخدرات التي أوقفت مسيرته وسببت له العديد من المشاكل هو من سيسعي بكل قوته إلى تدميرها.

فقد وضع شخص لمراقبتها وأيضا طلب من أحد معارفه الموظف بإحدي شركات الإتصالات مراقبة هاتفها، وقد خدمه الحظ عندما إستمعها بإحدي مكالماتها المسجلة مع أحد موكليها تتحدث عن شيكان بمبلغ مليوني جنيه مصري، وقد كان، فقد شعر انه قد أن الأوان لأخذ الإنتقام الذي صبر عليه ستت أشهر كاملة ليأكله على البارد ويتلذذ به.

فقد بعث رجاله المخلصين له والمتخصصين داخل جهاز الشرطة والتي قاموا بها كخدمة سرية له، وقاموا بفتح باب المكتب بمهارة عالية، بعدما إرتدوا القفازات حرص على ترك بصماتهم داخل مسرح الجريمة، ودلفوا منه بكل هدوء وفتح أحدهم الخزنة بكل سلاسة بعدما تفقدوا المكتب جيدا ولم يعثروا عليهما، وبالفعل تم العثور على الشيكان ورتبوا المكان جيدا كي لا يثيروا الشكوك وانسحبوا كما عادوا بعدما تمت مهمتهم بنجاح.

جحظت عيناي إيناس عندما وضعت يدها داخل المظروف وأخرجتها خاوية، جن جنون ذاك ال عاطف الذي هتف بطريقة فظة: فين الشيكات يا نصابة
إبتلعت لعابها وهتفت بنبرة حادة مصطنعة بصعوبة: من فضلك يا عاطف بيه تحاول تهدي وبلاش تغلط علشان ما ترجعش تندم
صاح بها عاليا ومهددا: بتقولي لي أنا هندم، ده اللي هندمك على شبابك اللي هيضيع وإنت مرمية في السجن لحد ما تتعفني يا نص. ابة يا حرام. ية.

إرتبكت هي وتدخل عدنان بنبرة مهدئة: إهدي يا عاطف بيه واتفضل حضرتك روح على شركتك وإحنا لما نلاقي الشيكات هنتصل بيك ونطمنك
صاح به وهتف بنبرة غاضبة: أنا همشي فعلا، بس مش على شركتي يا شريك زعيمة العص. ابة، انا هخرج من هنا على قسم الشرطة علشان أقدم بلاغ في الهانم المحترمة اللي خانة الأمانة وباعت الشيكات للمدعي عليه.

إنتفض قلبها وأسرعت إليه لتمسك بذراعه وتتشبث به وهتفت لتنفي حديثه: الكلام اللي حضرتك بتتهمني بيه ده ما حصلش
وأكملت برجاء: أرجوك إتفضل أقعد واديني مهله ربع ساعة بس، وأنا هقلب فيها المكتب على الشيكات وأكيد هلاقيهم
نظر لها بعيون تطلق شزرا فتحدث عدنان: من فضلك يا عاطف بيه توافق، هي ربع ساعة بس
تحدث قائلا بنبرة صارمة: مع إني متأكد إنهم مش موجودين بس هخليني وراكم لحد ما أشوف هتوصلوني لفين بكذبكم ده.

قطبت إيناس جبينها مستغربة تلك الثقة التي يتحدث بها المدعو عاطف وهدان، فتساءلت بذكاء: وإيه اللي خلاك متأكد أوي كده إن الشيكات مش موجوة؟
ثم أكملت بنبرة تشكيكية وعيناي ضيقتان: ثم إيه اللي خلاك تيجي تسأل عنهم في الوقت ده بالتحديد؟!
أجابها ساخرا بنبرة تهكمية: شريكك اللي روحتي بعتيني ليه هو اللي إتصل عليا وقال لي إصحي يا مغفل وشوف اللي بيحصل من ورا ظهرك
إتسعت عيناها بذهول وهتفت نافية: محصلش، والله ما حصل.

أجابها بنبرة حادة: على العموم كله هيبان الوقت
تحركت سريع هي وعدنان والسكرتيرة وقلبوا المكتب رأسا على عقب ولم يجدوا أثرا للشيكان، فذهب عاطف وهدان تحت توسلات إيناس وعدنان والتي ضرب بها عرض الحائط وتوجه مباشرة إلى مركز الشرطة وقدم بلاغ يتهم به إيناس بخيانة الأمانة القانونية وبتبديد الشيكان وبيعهما إلى المدعي عليه.

وبالفعل تم إستدعاء إيناس والتحقيق معها في الواقعة، وقد أنكرت الإتهام وتمت المواجهه بينها وبين حسين عيسي الذي إتهمها بأنها سلمته الشيكان واستلمت المليوني جنيه وذلك بعدما أبلغته أنها أتيه بأمر من عاطف وهدان وتحت رعايته لحل الخلاف بينهما.

إستمعت النيابة إلى المدعي عليه الذي أصبح شاهدا في عدم وجود الشيكات وأمرت بحبس إيناس أربعة أيام على ذمة التحقيق
تحدثت بإرتياب إلى عدنان: مفيش غيره قاسم النعماني اللي عمل فيا كده
أردف عدنان قائلا بنفي: مظنش إن قاسم يكون بالاخلاق دي، ثم إحنا إشتغلنا معاه كتير وياما حاولنا نقنعه بإنه يقبل القضايا اللي بتحتاج شغل من النوع ده وهو رفض.

أجابته بنبرة غاضبة وملامح وجه حادة: ده في اللي يخص شغله يا أستاذ، لكن هو قاصد يإذيني ويسبقني بخطوة قبل ما أنتقم منه على اللي عمله فيا
وتحدثت بنبرة مستسلمة: روح له يا عدنان وقول له إني خلاص مش هأذيه، أطلب منه يخرجني من القضية زي ما دخلني فيها وأنا هسيبه في حاله.

أطاعها عدنان وذهب مباشرة إلى مكتب قاسم الذي أصبح من أكبر ثلاثة مكاتب محاماة داخل العاصمة وذلك لذكاء قاسم وفطانته وايضا سعيه الدائم وأجتهاده، بالإضافة إلى ضميره المتيقظ دائما مما جعله يكتسب إحترام العملاء والوثوق به من قبل الجميع.

وقف أمام سهي السكرتيرة وطلب منها الدخول إلى قاسم، فأخبرته سهي بأن أچندة العمل الخاصة بقاسم ممتلئة لمدة لا تقل عن شهر مقدما، فتوسل إليها وطلب منها الدخول إلى قاسم وإخباره بأنه يريد مقابلته ضروري وبشكل شخصي
دلفت سهي إلى قاسم وأخبرته، وبدوره وافق لعلمه بقضية إيناس، فعالم المحاماة لا يخفي به شئ.

دلف عدنان وجلس وبعدما نقل رسالة إيناس إليه تحدث قاسم بنبرة حادة: إنت إتجننت يا عدنان، إنت إزاي تفكر في إني ممكن أعمل التصرف اللاأخلاقي ده مع أختك أو غيرها؟
زفر عدنان بإستسلام وتحدث بنبرة ضعيفة: أنا كمان قولت لها نفس كلامك ده يا قاسم، بس غصب عننا، دماغنا هتنف. جر من كتر التفكر في اللي ممكن يكون عمل كده، ومش قادرين نوصل لحاجة.

رمقه قاسم بنظرة حادة وهتف قائلا: أعدائكم كترت بسبب شغلكم المشبوة يا رجل القانون يا محترم، أكيد ضحية من ضحياكم اللي جنيتوا عليهم في القضايا الشمال اللي بتترافعوا فيها، تلاقيه واحد منهم وحب ينتقم
تنهد عدنان لصحة حديث قاسم وتحدث بنبرة راجية: أنا ليا عندك رجاء يا قاسم وأرجوك توافق.

قطب قاسم جبينه منتظرا الإستماع لباقي حديث عدنان الذي تحدث بعيناي راجية: أنا عاوزك تمسك القضية بتاعت إيناس وتترافع فيها، إنت قدرت تحقق سمعة طيبة كمحامي وبقا ليك مصداقية عند القضاه، وأكيد سمعتك الطيبة هتفرق في الدفاع عنها وتعزز موقفها قدام المستشارين والقاضي اللي هيحكم
نظر له قاسم وتحدث برفض قاطع: أسف يا عدنان، أنا مش هضحي بسمعتي اللي إنت أشدت بيها دي علشان أي حد.

أردف عدنان قائلا بنبرة إستعطافية: أرجوك يا قاسم تقبل القضية، إقبلها حتى إكرام للعيش والملح اللي كانوا بينا
نظر إليه وتحدث بإستهجان: اي عيش وملح اللي بتتكلم عنه ده يا عدنان، العيش والملح اللي خنتوه وحاولتوا بكل قوتكم إنكم تهدوني وتدمروا كل حاجة صح في حياتي؟
وأسترسل مستشهدا: وأخرهم علاقتي بمراتي اللي أمك وأختك جم بكل بجاحة علشان يفضحوها ويكسروها قدام البلد كلها ويعرفوا الناس إني متجوز عليها؟

وأردف قائلا بنبرة نادمة: إنتم أكتر ناس أذيتني في حياتي برغم إنكم أكتر حد إتعاملت معاه بنية طيبة وأمنت لكم
وأكمل بنبرة صارمة: إنتم صفحة سودة في حياتي وقفلتها ومن الغباء إني أرجع وأفتحها من جديد
وأكمل بنبرة صارمة: إنت وأختك إخترتم طريقكم ومشيتوا فيه، وده النتيجة الطبيعية لإختياركم، جه وقت دفع الحساب يا عدنان.

وأكمل بمرارة: أنا دفعت حسابي بالكامل وسددت كل ديوني، سيبوني بقا أكمل حياتي على نضافة مع مراتي وإبني، وأحاول أعوضهم عن القه. ر والظل. م اللي شافوه على إيديا بسببكم
نكس عدنان رأسه وخرج من المكتب يجر أذيال خيبته نتيجة ما صنعته أياديهم
ذهب الضابط إليها في اليوم التالي وتحدث بنبرة شامتة: إيه رأيك في هديتي ليكي، بقا لي كتير أوي بجهز لك فيها وكنت بتمني إنها تعجبك.

جحظت عيناها وهتفت بذهول: إنت اللي ورا اللي حصل لي ده؟
قهقه عاليا وأجابها بكل فخر: ومين غيري بيعزك لدرجة إنه هيخليكي تعف. ني وإنت مرمية في السجن يا حقي. رة
وأسترسل حديثه ساخرا: ليك حق ما تعرفيش تحددي مين اللي ورا اللي حصل لك.

وأكمل متهكم: وإنت هتحددي إزاي يا مسكينة من كتر ضحاياكي اللي ظلمتيهم بألاعيبك الق. ذرة وبتلاعبك بالقانون اللي تفوقتي في فهمه، وبدل ما تستفادي منه وتحاولي تخدمي الناس المظلومة وتجيبي لهم حقوقهم، استخدمتيه في نصرة الظالم وتجبره، وظلم المظلوم أكتر
وأكمل شامت: بس ضميرك الملوث وقلبك الأسود وقعوك في شر أعمالك ورموكي في طريقي وخلوكي جيتي عليا، وأنا اللي بييجي عليا بفرمة تحت جزمتي زي الصرص. ار.

كانت تستمع إليه بذهول ورهبة،
وأكمل بنبرة تهديدية وتعابير وجه مرعبة: ورحمة أبويا اللي عمري ما بحلف بيه باطل، لأخليك تقضي اللي باقي لك من عمرك مرمية على البورش وكل ما تخلصي مدة عقوبة لقضية، هخترع لك قضية غيرها وألبسك فيها
فأكمل وهو يودعها ويتجه إلى الباب: وده جزاة اللي يلعب مع أشرف عساف يا شاطرة.

خرج هو وأرتمت هي فوق المقعد بإستسلام لمصيرها المظلم الذي بات محتم، وذلك لعلمها جبروت أشرف عساف ولكن غبائها وذكائها الخارق في القانون جعلها تغتر بحالها وتتلاشي التفكير بجزئية أخذ إنتقامه منها
وبهذا قد يكون تحقق وعد الله بأن رد كيدهم في نحورهم، وبعد أن كانت هي من تسعي لأذية قاسم، وضع الله في طريقها من يؤذيها ويرد كيدها في نحرها.

وصلت القضية إلى المحكمة ودافع عنها عدنان ولكنه خسر القضية أمام الأدلة المثبتة عليها، وحكم عليها بالسجن ثلاث سنوات ودفع غرامة خمسون ألف جنية، مما جعل رفعت عبدالدايم يت. ألم لما وصل به حال إبنته وكعادته الضعيفة، ترك المنزل إلى عدنان وكوثر منسحب بإذلال، وأستقال من عمله وعاد إلى الشرقية بعدما أصيب بإكتئاب مزمن ليقضي ما تبقا له من حياته منعزلا عن الجميع وكأنه يعاقب حاله على ضعفه المهين أمام سطو زوجته وجبروتها وإعوجاج أبنائه وسلوكهم لطريق الشيطان.

أما كوثر فقد أشرفت على فقدان عقلها بسبب ما حدث لإبنتها التي دائما ما أعتبرتها كنزها الثمين وهدفها الذي سيوصلها لتحقيق أحلامها بالغناء الفاحش بأسرع الطرق وبكل الوسائل، ولكن أنظر ماذا حدث بسبب طمعها هي ونجليها.

- -
بعد مرور حوالي سبعة أشهر
كان يغفو فوق تخته بثبات عميق، منبطح على بطنه، شعر بشئ يصعد فوق ظهره ويتحرك بسلاسة حتى وصل لنقطة الامان في منصف الظهر وتوقف، وضع كف يده الرقيق وبدأ بإصدار صوت ملاغاه لأبيه الغالي وهو يحاول جاهدا نطق كلمة بابا، في محاولة ل مالك وهو يحاول إيقاظه بعدما إنتقل من مهده الملتصق بتخت أبويه، مما جعل ذاك الناعس يستفيق على الفور وينظر إلى صغيره بسعادة غامرة لقلبه السعيد.

مد ذراعه بحرص شديد وهو يتمسك بغاليه خشية وقوعه من فوق ظهره، وسحبه برفق ووضعه داخل أحض. انه وتحدث إليه بإبتسامة واسعة بينت صفي أسنانة: صباح الفل يا جلب وعجل بابا
ضحك الصغير وفرك بيداه وساقيه بسعادة بالغة، رفع قاسم رأسه وبات يزغزغه ويداعبه تحت سعادة وضحكات الصغير التي صدحت في الغرفة وأضافت إليها البهجة والسعادة،.

سحب قاسم جسده لأعلي ساندا ظهره بظهر التخت، وحمل صغيره فوق صدره وتحدث إليه بإستفهام وكأنه يفهمه: هي ماما سابتنا وراحت فين، تكونش هچت؟
وقام بدغدغدة جس. ده مما جعل الصغير يكركر فأكمل قاسم: شفت أخرة چلعك عليها إنت وأبوك، أهي الست طفشت منينا وهچت ومعنعرفولهاش طريج تاني
ثم إستمع لصوت المياه داخل المرحاض فتحدث بإطمئنان لطفله الذي يستمع إليه بإنصات وكأنه يفهم كلماته: ظلمناها، لساتها چوة في الحمام.

وبعد قليل فتح باب المرحاض وخرجت منه صفا وهي ترتدي ثوب الإستحمام (البرنس) وتلف رأسها بمنشفة كبيرة، مرر بصره فوقها من رأسها لحتي مخمص قدميها بنظرات إعتراضية
في حين تحدثت وهي تنظر إلى كلاهما بنظرات متشوقة: صباح الخير يا حبايبي، أخيرا صحيتوا.

همهم صغيرها الذي ينظر إليها ويشير عليها متشوق لضمة حضن. ها فهرولت إليه وألتقطته من فوق ص. در حبيبها وأردفت قائلة وهي تدلل صغيرها وتهدهده: صباح الفل يا مالك جلب ماما
وباتت تق. بله بشغف، أخرجها من لحظات السعادة الغامرة مع طفلها صوت ذاك المعترض بصوته الحاد حيث قال: مين اللي سمح لك تدخلي تاخدي شاور لوحدك يا هانم؟
وأسترسل معاتب إياها: ومنين چات لك الچرأة تجومي وتفوتي حض. ني؟

نظرت إليه وأبتسمت خجلا ثم تحدثت لإسترضائه: مهونتش عليا يا حبيبي، لجيتك رايح في النوم صعبت عليا أصحيك، جولت أدخل أني الأول أخد حمام دافي بسرعة وأخرج أصحيك
رد عليها متوعدا بغيظ: طب چهزي حالك علشان عتدخلي دلوك وياي تعيدي الشاور اللي فرحانة لي بيه دي
ضحكت بدلال وتحدثت وهي تناوله الصغير: بطل چلع أومال يا متر وخد ولدك حطه في سريره، وجوم خد لك شاور على ما أمشط شعري لجل ما ننزل تحت ونلحج الفطار.

وضع صغيره داخل مهده وتحرك إلى تلك التي حررت شعرها من تلك المنشفة لتبدأ بعملية تمشيطه، وقف خلف. ها وحاوط خص. رها وألص. قها به ثم دفن أنفه وفمه داخل عن. قها وتحدث بدلال: طب تعالي معاي لچل ما تساعديني وأخد الشاور بسرعة
أبعدت جس. دها عنه وتحدثت بنبرة تعقلية رغم عنها: بطل چلع يا قاسم وأدخل يلا، إتأخرنا على چدي وزمان الفطار بدأ.

قربها منه من چديد وتحدث بإشتياق: وإيه يعني لما ننزل بعد ما الفطار يبدأ، ولا حتى نفطروا إهنيه ونجضي اليوم كلاته في حض. ن بعضينا إحنا وولدنا
إستدارت له ثم لفت ساعديها حول عنق. ه وتحدثت بدلال: لو إنت مشتاج لي جيراط، أني مشتاجه لك أربعة وعشرين، بس بالعجل يا حبيبي
وأكملت شارحة بنبرة حنون: إنت عارف إن أبوي وأمي معيجلهمش نفس للوكل غير لما يشوفوا مالك بعنيهم وياخدوه چوة أحضانه. م،.

وأكملت بدلال لإسترضائه: وليك عليا يا سيدي بعد الفطار نسيب مالك عند أمي ونطلع نجضي اليوم كلياته إهنيه لحالنا
تنهد بإستسلام وفك وثاقها بعدما وضع قبل. ه حنون فوق شفت. اها وتحرك إلى المرحاض
بعد حوالي الربع ساعة
كانت جميع العائلة مجتمعة حول طاولة الطعام الكبيرة، وذلك بعدما قرر عثمان جمع عائلته بالكامل حوله يوميا، حتى يزن وأمل اللذان إنضما إلى المنزل بعد سفر ليلي إلى زوجها منذ ستة أشهر،.

تحدثت ورد إلى إبنتها مستغربة إرتدائها لثياب المنزل على غير العادة: إنت مريحاش المستشفي إنهاردة كمان ولا إيه يا دكتورة؟
خجلت من تساؤل والدتها وتحدثت بنبرة خافتة وهي تنظر إلى صحنها مما إستدعي ضحكات ذاك الذي يجاورها الجلوس: حاسة حالي تعبانة شوي ومجدراش أروح يا أما.

إبتسم الجد على خجل تلك الجميلة التي تغيبت عن عملها لمدة يومان لتقضيهما بجوار حبيبها الذي ترك عمله مؤخرا بالقاهرة وسلمه للمحامي أحمد صديقه المقرب، وأكتفي هو بمتابعة العمل إلكترونيا والسفر إلى القاهرة فقط لحضور الجلسات داخل المحكمة، وأحيانا يضطر للسفر لمقابلة العملاء المميزين.

نظر زيدان إلى إبنته التي تحول لون وجهها إلى الأحمر الداكن من شدة خجلها الذي أصابها جراء حديث والدتها وتحدث كي يرفع عنها الحرج: وماله يا بتي لما تريحي لك يومين من الشغل، إنت عتتعبي فيه إكتير، وبعدين المستشفي بجا فيها دكاترة ياما يسدوا مكانك لو غيبتي.

إندمج الجميع بتناول الطعام، نظر قدري إلى صحن الجبن وكاد أن يبسط ذراعه ليتناول قطعة منه، سبقته يد فايقة التي تراقبه بشدة كي تفعل له كل ما يخطر على باله حتى تسترضيه ليعود معها كسابق عهده ويرجعها إلى قلبه من جديد ويتوجها ملكة على قلبه كعهدها السابق
لكن أحبطها وقام بإفشال مختطها عندما رمقها بنظرة إشمئزاز رافض يدها التي قدمت بها الصحن وتحدث بنبرة حادة: معايزش حاچة منيك.

حزن داخلها وأستشاطت عندما رأت جميع العيون مسلطة فوقها، حزن قاسم وفارس لحال والدتهم وما وصلت إليه بفضلها، فقد أصبحت مهمشة ومكروهه من الجميع حتى رسمية التي قامت بوضع ورد على رؤوس الجميع، حيث سلمت لها الإشراف على أعمال السرايا وخاصة المطبخ الذي أمر عثمان بأن لا يضع أحدا أيا كان يده بصنع الطعام سوي ورد.

فاق الجميع على تلك التي أمسكت بيد زوجها وضغطت عليها بشدة متألم. ة مما جعله يسألها بنبرة مرتعبة: مالك يا أمل، فيك إيه؟
تنفست عاليا وأمسكت بطنها المنتفخ جراء وصولها للشهر التاسع بحملها بجنينها الأول، وتحدثت بنبرة ضعيفة حاولت بها تخبأة ما أصابها من تعب مفاجئ عن ذاك اليزن: مفيش حاجة يا يزن، ما تقلقش أنا كويسة.

إنتفضت نجاة من جلستها وتحركت إلى تلك التي تغير لون وجهها وتحدثت متسائلة: مالك يا بتي، حاسة بإيه جولي لي
زفرت بقوة، وصرخت بعدما شعرت ب. ألام الولادة المبرحة تقتحم جس. دها: تقريبا كده بولد يا ماما
وقفت صفا ومريم بجانبها وتحدثت إليها صفا: إهدي يا أمل وخدي نفس عميج
إنتفض داخل مريم من مشاهدتها لت. ألم أمل الذي ظهر على وجهها، وبتلقائية وضعت كف يدها فوق أحشائها المنتفخة جراء وصولها بحملها للشهر الثامن.

هتف عثمان بنبرة قلقة وهو يحث يزن الذي تسمر بجلسته وكأنه إلتصق بمقعده من شدة تلبكه وأرتباكه: جوم يا ولدي خد مرتك وبسرعة وديها على المستشفي، شكلها إكده عتولد.

إنتفض بالفعل وحملها وتحرك سريع تحت حزن فايقة وإستش. ، اطة قلبها لأجل إبنتها، بالرغم من بدأ تعودها على الحياة بجانب المحب عبدالعزيز الذي يعاملها برزانة وحكمة وعقل بجانب غمرها بالحب وفي بعض الاحيان يصل لدلالها، إلا أن المشكلة تكمن في قلب فايقة نفسها وليست بالأشخاص.

تحرك قاسم سريع وقاد سيارته وأوقفها أمام الدرج الرخامي للمنزل، فتح فارس الباب ليزن الذي يحمل زوجته ويضمها برعاية والخوف والرع. ب ينهشان داخله لأجل حبيبته، أجلسها بهدوء وجلس بجانبها وأحتضنها ليسيطر على هلعها، وجاورتها نجاة وهي تحاول تهدأتها، وجلست صفا بالمقعد الأمامي المجاور لقاسمها.

وصلت أمل إلى المشفي بعدما هاتف يزن دكتورة مي المتواجدة بسكن المشفي، وذلك بعدما أتت خصيصا من القاهرة منذ إسبوع هي وزوجها دكتور ياسر، مع العلم ان دكتور ياسر قد ترك المشفي منذ خمسة أشهر وتزوج من مي وأستقرا داخل القاهرة، وقد حضرا إمتثالا لرغبة أمل التي أرادت أن يولد طفلها على يد مي، وأيضا مي التي أصرت أن تأتي لتقف بجانب صديقتها أثناء حضور صغيرها الأول إلى الدنيا.

كان الجميع يقف أمام باب غرفة الولادة بترقب، أما ذاك العاشق فكان يرتعب ويت. ألم كلما إستمع لص. رخات حبيبته التي تصارع بالداخل لتجلب له مولوده الأول والأغلي وذلك لظروفه
بعد قليل خرجت عليهم الممرضة التي تحمل الصغير وتوزع إبتساماتها على الجميع، وتحدثت بسعادة بعدما إستقر بصرها فوق يزن: مبارك يا باشمهندس، ربنا رزجك بولد كيف الجمر الله أكبر.

إنتفض داخله ولم يدري بحاله إلا وهو يهرول إليها ليلتقط صغيره من بين يديها لينظر في وجهه الملائكي، وكم هائل من المشاعر يسيطر عليه، هرولت عليه نجاة التي إحتضنت ولدها وهتفت بسعادة بالغة: مبارك عليك عوض ربنا ليك يا ولدي.

إنهالت عليه المباركات من جميع الحضور، قدري منتصر زيدان، وورد التي تحمل مالك، أما فارس الذي كان يجاور مريم الباكية من تأثرها بص. رخات أمل المدوية التي كانت تصدح بالمكان منذ القليل، فكان يحاوطها بعناية ويحاول التخفيف عنها جراء الهلع الذي أصابها لقربها لشهرها التاسع.

أما ذاك العاشق الذي فاق على حاله بسبب ما أصابه من إرتباك جراء رؤيته لصغيره الذي كان ينتظر مجيئه منذ سنوات، وسأل الممرضة بنبرة متلهفة: الدكتورة أمل كيفها؟
أجابته الممرضة بإبتسامة مشرقة: زي الفل الله أكبر وهتخرچ كمان عشر دجايج
إقترب زيدان وأحتضن إبن شقيقه وربت بشدة على كتفة قائلا بنبرة حنون: مبروك عليك يا ولدي، يتربي في عزك إن شاءالله.

وأخرج محفظة نقوده من جيب جلبابه وأخرج رزمة من الأوراق المالية من الفئة العالية وبدأ يغمر بها عمال المشفي تعبيرا عن مدي سعادته
وأيضا قدري الذي إحتضن يزن وهنأه وبدأ أيضا بتوزيع النقود تعبيرا عن سعادتة لقدوم صغير إبن شقيقه الذي طال إنتظاره
أما منتصر ونجاة فحدث ولا حرج عن مدي سعادتهم بوصول أول حفيد لهما من ولدهم البكري، فقد تخطت سعادتهما عنان السماء.

بعد حوالي الساعة كانت أمل تجلس فوق تختها وتجاورها نجاة التي تحتضنها برعاية وحب الأم، لا الحما، والجميع يحاوطوها ويقدموا لها التهنئة والدعم النفسي
أمسك يزن صغيره وأذن داخل أذناه ثم تحدث إلى أمل وهو يناولها إياه بسعادة تخطت عنان السماء: حمدالله على سلامتك يا أم فارس.

نظر الجميع إلى بعضهم البعض في حين إنتفض قلب فارس من بين أضلعه، جراء إستماعه لما قرره يزن بإطلاق إسم فارس على صغيره، مما يدل على مدي محبته وصداقته لشقيقه الذي لم تلده أمه
تحدث فارس بدعابة وهو يحاوط كتف مريم بذراعه وينظر إلى موضع جنينه المنتظر: شكلك إكده راسم على إني أسمي الواد اللي حيلتي يزن
وأكمل بنبرة ساخرة مصطنعة جعلت الجميع يدخل في نوبة من الضحك: يلا، لجل ما تكمل، أصل هي الحكاية ناجصة چنان
- -.

ليلا داخل غرفة قاسم وصفا
دلف للداخل وجدها تتوسط الفراش بمظهرها الذي يدعوه إلى الجنون كلما رأها، تحرك إليها وأمسك كف يدها ومال بطوله الفارع ليضع قبلة حنون بباطن كفها مما أسعدها وجعلها تشعر بأهميتها لديه، سحب يدها لأعلي ليحسها على الوقوف، ثم سحبها وحاوط خص. رها وهتف قائلا بجرأة: عاوزك ترجصي لي يا صفا
جحظت عيناها وهتفت بنبرة خجلة: وه يا قاسم، عاوزني أجف أترجص لك بدون خشي إكده؟

قطب جبينه ناظرا إليها بإستغراب وهتف ساخرا: لا طبعا مايصحش، يعني إيه الست تجف تترجص لچوزها، دي حاچة في منتهي التسيب والإستهتار
وأكمل ساخرا ليستدعي غيرتها المجنونة: أني هبعت أچيب رجاصة من المركز حالا لچل ما ترجص لي أني وإنت
وأشار بسبابته على مقدمة رأسه قائلا لإستشاطتها: أنا أتمزچ وأتكيف من رجصها، وإنت تتفرچي وتنبسطي لإنبساطي.

بالفعل حدث ما خطط له ذاك الماكر، فقد إستشاط داخلها وأشتعل. ت الن. ار داخل قلبها، أمسكت بجنون تلابيب قميصه وهتفت بنبرة حادة مهددة إياه بعيناي تطلق شزرا: طب فكر بس تعملها إكده وعتشوف اللي عيچري لك على يدي يا ولد النعماني
إبتسم بسعادة وجذبها ليقربها منه وتسائل بتسلي: وإيه هو بجا اللي عيچري لي على يدك يا نبض جلب ولد النعماني
تحدثت بقوة وشراس. ة قطة ذات خوالب حادة: الله لا يوريك غيرتي المرة يا قاسم.

تحدث بإستفزاز: طب عترجصي لي ولا أتصل أني على الرجاصة؟
إتسعت عيناها بذهول فتحدث هو بتأكيد ودلال: كيفي طالب رجص ومعيتنازلش عنيه الليلة دي، جولت إيه يا دكتورة؟
هو إنت خليت فيها دكتورة بعمايلك دي، جملة ساخرة نطقت بها صفا
فتحدث هو من جديد بإثارة: حبيب ورايد يتچلع على حبيبه، إيه بس اللي يمنع يا جلبي.

وبعد محايلات منه تنفست عاليا لتستدعي شجاعتها، وأخذت الخطوة رغم خجلها الشديد، إتجه هو إلى مشغل الموسيقي وقام بوضع موسيقي راقية، وأتجه إلى التخت وتحدث وهو يجلس فوق الفراش بفخر: الليلة دي أني عاوز أكون هارون الرشيد، عاوز أتچلع من مرتي الحلوة، عتعرفي تچلعيني كيف الناس ولا إيه؟
نظرت إليه بتحدي وتحدثت بقوة بعدما إستدعي إستفزازها: عتشوف يا سي هارون يا رشيد بت زيدان عتعمل فيك إيه.

إنتفض داخله بسعادة وقامت هي بأولي خطواتها بتمهل ثم بالإندماج مع الموسيقي رويدا رويدا، كانت تتحرك وتتمايل بخص. رها بكل رشاقة كفراشة تتطاير بين الزهور، أما ذاك المسحور عاشق متيمته والذي أراد أن يفعل معها ويحصل على كل متع الحياة الحلال من خلالها، فكان حاله حال.

باتت تتراق. ص وتتمايل بدلال ورقي مع الموسيقي دون إبت. ، زال، راقية هي حتى في رقصاتها، مما إستدعي جنونه الحاد ورغبت. ه الشديدة بإحتضان. ها والتقرب لها، تحرك إليها وأمسك كفاي يداها وبدأ بالرقص معها مما شجعها أكثر وجعلها تتناسي حالها وتبدع وكأنها ولدت راقص. ة محترفة.

إنتهت الموسيقي ورفعها هو وتحرك بها إلى فراشهم. ا ليذيقها من بحر عسلهما المميز ويكافئها على تلك الرقص. ة التي أدخلت السرور على قلبه وجعلته يشعر وكأنه ملك متوج على ملك عرشها
- -
ظهر اليوم التالي
داخل منزل يزن الخاص
كانت تتمدد فوق فراشها وبجانبها صغيرها الذي غمر المنزل بأكمله بالسعادة والسرور لأجل ذاك اليزن وزوجته الحنون حسنة الخلق.

تجاورها رسمية التي تتمدد بجانبها وهي تنظر لنجل حفيدها الخلوق وسعادة الدنيا تقطن داخلها، دلفت ورد وهي تحمل صنية موضوع عليها صحن ملئ بالحساء الساخن ويجاوره صحن به دجاجة كاملة، دلفت خلفها نجاة التي تحركت وحملت الصغير ووضعته فوق ساقيها بعدما جلست فوق المقعد المجاور لتخت أمل
وتحركت ورد بالحساء وجلست بجانب أمل ثم وضعت الصنية فوق ساقيها وتحدثت وهي تقرب الملعقة من فم أمل: يلا يا بتي كلي لجل ما تاخدي علاچك.

إتسعت عيناي أمل وتحدثت: إيه الأكل ده كله يا ماما، مين هياكله ده؟
هتفت رسمية بنبرة صارمة كي تحسها على تناول طعامها: إنت اللي عتاكليه يا دكتورة لجل ما تصلبي طولك وتجوي حالك، وكمان لجل ما عيلك ينزل له لبن وتجدري ترضعي. ه
وافقاتها ورد ونجاة التي تحدثت بنبرة حنون: كلي يا بتي لجل ما تعوضي چسم. ك اللي فجده من الولاده.

دلف يزن إليهم بعد الإستئذان وهو ينظر بلهفه على حبيبته الجالسه وتحدث وهو يقترب عليها تحت نظراتها الحنون له: كيفك يا أمل، زينة؟
أومأت له بإيجاب وأردفت لطمأنته: أنا كويسة الحمدلله
واسترسلت حديثها بنبرة حنون: تعال يا يزن إتغدي معايا
إبتسم بسعادة هو والجميع لحنانها وأهتمامها بزوجها حتى وهي بتلك الحالة، وتحدث بنبرة حنون وهو ينظر إلى مقلتيها بهيام: بالهنا والشفا على جلبك، أني إتغديت ويا چدي في السرايا.

حرك بصره إلى ملاكه الغافي داخل أحض. ان والدته الحنون التي تحمله بإحتواء وحنان وكأنه كنزها الثمين
وتحدث وهو يتح. سس وجنته بسعادة بالغة: لساتك نايم يا فارس باشا
ضحكت ورد وهتفت قائلة: لساته نهاره مجاش، تعالي بالليل وإنت تسمع مزيكة حسب الله على حج
ضحك الجميع وتحدثت رسمية بنبرة حنون صادقة: ربنا يبارك لك فيه يا ولدي ويچعله سندك في الدنيي بعد ربنا، ويرزجك بعشرة زييه.

ضحكت أمل والجميع وتحدثت نجاة: عشرة بحالهم يا مرت عمي، طب جولي تنيين كفاية
ضحك يزن الذي يسلط بصره على غالية فؤاده الحنون والتي أتت له كي تنير له دربه العاتم
تحدثت الجدة إليه: إجعد ويا چدك وشوف عيدب. ح لولدك كام دبي. حة لجل ما يفرح أهل الله، وأني كنت نادرة دبي. حة كبيرة عفرجها لما ربنا يرزجك بعيال.

إبتسم لجدته وتحرك تجاهها وق. بل جبهتها وكف يدها تحت سعادة أمل التي شكرت الله على لطفه بها وتعويضه لها بتلك العائلة الحنون التي كانت لها العوض الأعظم عن كل ما خسرته أثناء رحلتها الصعبة.

ليلا داخل منزل زيدان
دلف لداخل غرفته وجدها تقف أمام مرأتها تمشط شعرها الغجري، إقترب عليها ولفها لتقابله وتحدث بنبرة حنون: لحد ميتا عتفضلي تحلوي إكده يا ورد؟
وأكمل بنظرة عاشق: مر العمر ولساتك زينة صبايا النجع كلاته، بالراحة على جلبي مش إكده، الرحمة حلوة يا بت الرچايبة
ضحكت برقة كعهدها معه وتحدثت بنبرة حنون وهي تتلم. س وجنته: ربنا يخليك ليا يا سيد الرچالة وسيد جلبي ويديم عليا عشرتك الزينة.

أردف قائلا بنبرة حنون: ويخليك ليا يا حبيبتي
نظر على تخته وتحدث ساخرا عندما وجد مالك يغفو عليه: هو قاسم بيه عيفضل يچلع في حاله ويروج على نفسه ويضيجها على المسكين زيدان لحد ميتا؟
ضحكت بدلال وتحدثت: سمي في جلبك وجول الله أكبر وإدعي لهم ربنا يديم عليهم السعادة، وأكملت هامسة: وبعدين وطي حسك للواد يصحي
وأكملت بدلال: ولو على الواد، أني مچهزة لك الأوضة الجبلية ومروجهالك على الأخر.

تنفس بإنتشاء وتحدث بنبرة سعيدة: أهو إكده الحديت الزين صح
إبتسمت له وتسحبا خارج الغرفة خشية إفاقة الصغير وذهبا معا للغرفة المجاورة
بعد عدة أيام أقام عثمان وليمة ضخمة وأحتفال هائل تعبيرا عن سعادته وشكره لله الذي أنعم على حفيده ورزقه بالخلف الصالح بعد عدة سنوات، تحت سعادة الجميع سوي فايقة
- -
بعد مرور حوالي ثمانية أشهر أخرى.

داخل فرنسا بلد السحر والجمال، وبالتحديد داخل ال Suite الذي حجزه قاسم لإقامة العشرة أيام التي إتخذهما للتنزه بهم هو وزوجته وصغيره منتهزا فرصة المؤتمر الطبي العالمي التي أتت حبيبة لحضوره لمدة يومان فقط، كان يخرج من المرحاض الخاص بال Suite وهو يحمل صغيره مرتديان (البرنس) وذلك بعد أخذهما لحمام دافئ كي ينعشهما قبل وصول صفا من حضور المؤتمر المتواجد بنفس قاعة الأوتيل القاطنين به.

وقف قاسم أمام المرأة وأمسك فرشاة الشعر الخاصة بصغيره وتحدث وهو يقوم بتمشيط شعره: إيوه إكده يا مالك باشا، إكده ماما تاچي تلاجينا زين وريحتنا مسك كمان
تحدث الصغير الذي بدأ بالملاغية وتفسير بعض الكلمات وذلك لإقترابه على إتمام العامان: صفا، بابا
قهقه عاليا وتحدث بمداعبة صغيره: عارف أحلا حاچة فيك إيه يا ولد النعماني، إن في عز ما أنت مهزأ الكل وعتناديهم بأساميهم، حتى چدك عثمان مسلمش من لسانك.

وأكمل بنبرة فخورة: بس عتاچي لحد أبوك وتجف عوچ وتتحدت عدل
قهقه الصغير برغم عدم تفسيره للكلمات بالشكل الصحيح مما جعل قاسم يدغدغه وباتت ضحكات الصغير العالية تصدح بالمكان وتملؤه بالسعادة
دلفت صفا من الباب مرتدية ثيابها العملية ونظارتها الطبية التي ما تزيدها سوي وسامة ووقار ورزانة لطبيبة شابة متطلعة، وما أن دلفت للداخل حتى إنفرجت أساريرها وأتسعت ضحكتها لما رأته من تقارب وأندماج زوجها وصغيرها.

تحدثت بنبرة حنون وهي تنظر لكلاهما: وحشتوني يا حبايب جلبي
أجابها ذاك الذي إشتاق إليها بجنون: حمدالله على السلامه يا حبيبتي
إبتسمت له وهتف الصغير وتهافت وهو يشير على والدته بتشوق: صفا، صفا
تحدثت على عجل وهي تتحرك إلى المرحاض: معينفعش اشيلك وأني إكده يا جلب صفا، ثواني عاخد شاور سريع وأطلع أخدك وأخبيك چوة جلبي.

بالفعل دلفت لداخل المرحاض وبعد قليل كانت تقبع داخل أحض. ان ذاك الذي يتمدد فوق الفراش مستندا برأسه فوق وسادة عالية، ويحمل صغيره فوق ص. دره ويفرد ذراعه ليضم به حبيبته برعاية في مشهد يسر البصر
نظر إلى زوجته وصغيره وتحدث بنبرة دعابية: إحنا محتاچين ناخد صورة تذكارية ونكتب عليها عائلة أبو برنس
أطلقت ضحكة عالية أثارت داخله العاشق لها فتحدث بنبرة جادة وهو ينظر إليها بحنان: تعرفي يا صفا.

نظرت له بإهتمام وترقب فأسترسل هو: أني كل يوم بحمد ربنا وبشكر فضله على إنه أنعم عليا وكرمني بوچودك في حياتي إنت وولدنا، بشكره إنه فوجني ورچعني من طريج التوهه والضياع اللي كنت ماشي فيه ومستسلم.

تنهدت هي براحة ووضعت كف يدها تتل. مس ذقنه النابت بلمسات حنون، أمسك كف يدها ووضع بباطنه قبلة حنون وأكمل: أول مرة أحس إني كنت أغبي إنسان على وچه الأرض، حب حياتي كان جدام عنيا طول الوجت وأني بغبائي كنت معمي عنيه ورافض أجرب منيه لأضعف
وأكمل شارح بقلب يتألم: حبك كان نجطة ضعفي وكان هو الرابط الوحيد اللي عيربطني بالنچع ومعيخلنيش أعرف أهرب منيه كيف ما كنت مخطط ويا حالي،.

وأكمل معترف: ودي كانت أول حاچة خلتني نكرت عشجك چواي ودفنته لدرچة إني محسيتش بيه أصلا من كتر ما أني بهرب وبنكره چواتي
وأسترسل بإعتراف وعيون متأسفة: أني عمري ما حبيت إيناس يا صفا ولا عمرها شدتني ليها كأنثي، طول عمري وأني بستغرب حالي وياها، كنت بخدع حالي وأبنچها وأجول لها بكره عياچي الحب مع العشرة بعد ما يتجفل عليكم باب واحد.

نظرت له بتألم لأجله وأكمل هو الإعتراف: فاكره اليوم اللي چيت لك فيه وطلبت منيك تروحي لعند چدك وتجولي له إنك مريدانيش
أومأت له بعيناها، فأسترسل هو بنبرة صادقة: كنت چاي وأني بتجطع وحاسس إن روحي عتطلع مني وعتفارجني بمچرد ما دبلتي تفارج يدك، معارفش كنت بفكر كيف وجتها.

وأكمل بندم ظهر داخل عيناه وبنبرات صوته الحزين: كل اللي كنت بفكر فيه ومسيطر علي وجتها هو الهروب من تحكمات چدي وچب. ره ليا في كل حاچة تخصني، من أول كليتي، شجتي وعفشها، عربيتي، حتى المرة اللي عتنام في حضني لما أختارها لي بكل چب. روت
وقطب جبينه ونظر لها بتدقيق وتحدث: تعرفي يا صفا، اللي أني متوكد منيه دلوك إن لو چدك مكانش إختارك ليا كنت أني اللي طلبت يدك من عمي زيدان.

إبتسمت له بعيون سعيده وتنفست بإنتشاء وتابعت الإستماع لإعترافاته الصادقة النابعة من أعماق القلب
وأكمل مفسرا: لما لجيتك عاندتي جصادي ووجفتي بكل شموخ وجولت لي أني عطلع أرچل منيك وأروح لچدي وأفكك من الربطة السودة دي، معارفش ليه جلبي أتنتش وحسيت بالضياع والتشتت، ولما چدي جال إنه مموافجش وهددنا لو مسمعناش الحديت هيسحب منينا كل حاچة، ورغم إعتراضي وغضبي إلا إن إحساس بالراحة والسكينة إتملك مني وجتها،.

ورفع كتفيه وهتف مستغرب حاله: كيف معارفش
ويوم دخلتنا لما شفتك جدامي بفستان الفرح، جلبي إتخطف وحسيت إني مخلوج لك وإنك مخلوجه علشاني
وأكمل وهو يبتسم متذكرا: ولما طولتي لسانك علي وعاندتيني، حسيت إنك فرسة چامحة وعاوزة الخيال الصح اللي يرودها
وأكمل مبتسم بفخر: وأني كنت خيالك الزين يا بت زيدان.

إبتسمت بعيناي شبه دامعه تأثرا بإعترافاته وأكمل: معاك لجيت كل اللي كان ناجصني، چوة حضن. ك لجيت روحي اللي كانت تايهه، لجيت المرسي في عيونك يا صفا
وأكمل بقوة: وجتها جطعت وعد على حالي إني معتچوزش اللي إسميها إيناس لو السما إنطبجت على الارض، جررت إني هعيش معاكي وأحاول أراضيك وأستسمحك وأعوضك عن كل كلمة عفشة جولتها لك في ساعة شيطان وزعلتك مني، إتوكدت إنك عوضي الحلو عن كل اللي جاسيته في حياتي.

وأكمل بعيناي تأن من شدة ندمها: بس مش كل حاچة بتمشي كيف مابنرتب لها
وأكمل بنبرة جادة قاصدا زفافه على إيناس: يوم كتب الكتاب كنت حاسس إن روحي عتطلع مني، كنت بتخنج بالفعل، ولما وصلنا الشجة دخلت أوضتي وجفلت على حالي، ن. ار كانت ش. اعلة في چسم. ي كلياته يا صفا، كل ما أفتكر عنيك ووعدي لعم زيدان أحس بحاچة مسكاني من رجبتي وعتخنجني،
وأكمل بنبرة متأل. مة: إوعي تفتكري إن الحكاية كانت سهلة علي.

تنفس عاليا وأكمل: مجدرتش أتحمل غير سواد الليل وچيت لك طوالي لچل ما أترمي چوة حضن. ك وأتحامي فيه من حزني اللي صابني.

وأكمل بصدق: كان نفسي أجول لك وأعترف لك بكل حاچة، بس رعبي من فكرة إني أفجدك وأخسرك وأبعد عنيك بعد ما روحي إرتاحت في جربك هي اللي كانت منعاني، جولت لحالي السنه عتخلص وعطلج الملعونه إيناس ومحدش عيحس بيا، عطلجها وأعيش وياك كل اللي چاي من حياتي لجل ما أعوضك واخليك أسعد إنسانه في الدنيا كلياتها
واكمل بائس: بس مش دايما الحياة بتمشي على كيفنا.

واسترسل بإبتسامة سعيدة: تعرفي يا حبيبتي، لما راچعت حالي بعد كلام چدي اللي جاله لي عن عشجي ليك من زمان، إكتشفت إني عحبك من زمان جوي، من لما كنتي في أولي ثانوي، لما كنتي تهلي وتطلعي في بلكونتك وتنوري الدنيي كيف الشمس، كنت بحس حالي ملك وملكت الكون لما كنتي عتبصي علي وتضحكي لي
وأكمل مفسرا: بس كنت بفسر كل دي على إني عحبك كيف أختي.

ولما كنتي تاچي تفطري ويانا في السرايا وتجعدي تبصي علي، مكانتش تحلا لي اللجمة غير لما أخدها من صحنك وأجسمها وياكي يا ضي عيني
وأسترسل بنبرة عاشقة: وكيف ما جولت لك جبل سابح، أني إكتشفت إني مولود وعشجك ساكن چواي وموصول بنبض جلبي
كانت تستمع إليه بذهول جراء سيل الإعترافات التي أسعدت قلبها وأشعرتها بأنها تطير فوق السحاب
سألته بنبرة متلهفة: صح كنت عتعشجني كيف ما كنت عشجاك يا حبيبي؟

تنهد براحة وأنتشاء وأردف قائلا بنبرة حنون: لا يا صفا، كنت عاشجك لأخر منتهي العشج، يعني عشجي ليك فاج عشجك بكتير
لفت ذراعها حول عنقة ودفنت وجهها داخله وهتفت بنبرة سعيدة: عشجاك يا قاسم، عشجاك وعموت من عشجي ليك، مبجيتش أجدر أبعد عنيك ولو ليوم واحد.

وأكملت شارحة بدلال: اليوم اللي عتسافره مصر لجل ما تحضر فيه چلسة، معيجنيش فيه نوم ولا بيرتاح لي بال غير لما ترچع لي وتترمي چوة حض. ني وأضمك لجل ما أحس إني لساتني عايشه
وأكملت بجنون العشق: مبجيتش أعرف أتنفس زين غير وأني شامة ريحة چس. دك حواليا.

ضمها إليه بسعادة وتحدث بنبرة رجل يهيم عشق في زوجته: خليك دايما إكده يا غالية، أني عاوز له. يب عشجك ليا ميطفيش أبدا، كيف ما عشجك جايد في جلبي ن. ار مشع. للة طول الوجت
نظر إلى صغيره الذي غفي على ص. دره وتحدث بإبتسامة وحديث ذات مغذي: ولدي المحترم اللي عيحس بأبوه وعيعرف ميتا ينام وميتا يصحي.

إبتسمت خجلا من تلميحاته وأنسحب هو وتحرك حاملا صغيره ثم وضعه برفق بمهده المخصص له والذي طلب تجهيزه من الأوتيل أثناء الحجز
وعاد إليها مجددا بعدما دثر صغيره جيدا بفراشه الوثير
تمدد بجانبها وضمها إليه وسألها بإهتمام: خلص المؤتمر على إكده ولا لساته ممتد
هزت رأسها التي دفنتها داخل ص. دره نافية وتحدثت بدلال: ختموه خلاص
تحدث وهو يشدد من ضمتها بحنان: يعني خلاص فضيتي وعنخرچ ونتفسح براحتنا.

إبتسمت وأردفت بنبرة مستسلمة: خلاص يا حبيبي فضيت، وبجيت من يدك دي، ليدك دي
أخرجها من بين أحضانه وتحدث بنبرة حنون وهو ينظر إلى فيروزتيها هائم بسحرهما القوي: عحبك يا نبض جلبي وعحب كل ما فيك
إبتسمت له ومال هو على كريزتيها ليتذوق من شهدهما المميز ويذيقها ويذوبا معا داخل بحر الهوي الخاص بهما، والذي صنعاه لحالهما ليتنعما داخله ويعوضا حالهما سنوات العجاف التي عاشها كلاهما.

في صباح اليوم التالي
فاقت من نومها، فردت ذراعيها وهي تتمطي بإستمتاع وانتشاء، فهذا أصبح حالها عند إستيقاظها كل صباح منذ أن نسق قاسم عمله ليقضي معظم أيامه بجانب حبيبته وصغيره الغالي، نظرت على ذاك الغافي بجانبها وابتسمت تلقائئ، سحبت جس. دها لأعلي ثم مالت على وجه مالك قلبها ووضعت قب. لة فوق شفت. اه مما جعله يتملل بنومته ويفتح عيناه ناظرا عليها.

وفور رؤيته لوجهها الصابح غمرها بسعادة وإبتسامة حانية وتحمحم لينظف حنجرته وتحدث بصوت متحشرج: صباح الفل
إبتسمت له وأردفت قائلة بنبرة رقيقة: صباح النور يا حبيبي
وأكملت بإنتشاء ونبرة حماسية: يلا جوم لجل ما تفسحني كيف ما وعدتني.

سحبها وأنزل وجهها إليه وألتقط شفت. اها في قب. لة حنون، ثم أبعدها وإبتسم لها وأجابها بنبرة طائعة: من عيوني يا حبيبتي، عتصل حالا أطلب منيهم يطلعوا لنا الفطار إهني وبعدها نخرچ ونجضي اليوم كلاته برة
هتفت بدلال أنثوي وهي تحرك أصابع يدها فوق ص. دره: بس أني عاوزة أفطر برة في الهوا يا قاسم، معايزاش أفطر أني في ال Suite
أجابها بطاعة: عيون قاسم، كل اللي تؤمري بيه عيتنفذ بدون نجاش يا جلب جلبي.

ضحكت بدلال وانتفضت واقفة وتحركت إلى الخزانة لتخرج ثياب لثلاثتهم إستعدادا للخروج
فتحدث هو بتنبيه: خرچي لبس تجيل ليكي ولمالك عشان الچو إهنيه برد جوي
أومأت بطاعة وأخرجت ثياب شتوية ووضعتها فوق الأريكة ثم دلفت إلى المرحاض لتأخذ حمام دافئ فلحق بها ذاك العاشق الولهان
بعد حوالي الساعة.

كان يحمل صغيره الذي يرتدي معطف شتويا وقبعة كي يحمياه من صقيع مدينة باريس، مدينة الحب وأجوائها الغائمة الباردة الذي تبث السعادة في قلوب محبي الأجواء الشتوية، تجاوره غاليته التي تتمسك بذراعه بفخر واستمتاع وهي تتحرك بجانبه داخل شارع الشانزليزيه، أشهر شوارع باريس الجميلة، كانت تنظر على المتاجر والمطاعم المنتشرة على الجانين.

إصطحبها ودلف بها لأحد متاجر المجوهرات النادرة المتواجدة بالشارع، إنتقي لها إسوارة وخاتم رائعي المظهر، وألبسها إياهما تحت إنتفاضة قلبها الذي أصبح يصرخ عشق من غمر حبيبها بدلاله الدائم لها، والذي لم يترك شئ إلا وفعله لإضافة البسمة داخل قلب حبيبته
خرج من المتجر وسارا من جديد، أشار لها على أحد المطاعم الجيدة وتحدث بصوت حنون: المطعم ده الأكل فيه حلو جوي.

وجذبها برعاية إلى المطعم وأختار الجلوس حول منضدة خارج ليتناولا فطارهم في الهواء الطلق، جلست هي، وأجلس هو صغيره المتعلق به وبشدة فوق ساقيه فتحدثت هي متسائلة بإستفسار: شكلك چيت إهنيه كتير جبل إكده
هز رأسه نافي وأسترسل قائلا بتفسير: مچيتش غير مرة واحدة مع زمايلي أيام ما كنا لساتنا متخرچين من الكلية چديد، بس جعدنا أكتر من شهر لفينا فيه فرنسا بحالها، والمطعم ده بالذات أكلنا فيه ياما.

إبتسمت له وهي تستمع إليه بتمعن وتدقيق، جاء النادل إليهما وأعطي لهما قائمة الطعام ليختارا منه، فسألها قاسم: عتاكلي إيه يا حبيبتي؟
نظرت إليه وتحدثت وهي تعطي القائمة للنادل بعدما شكرته بلغته الأم: أني عسيب لك حالي لچل ما تچلعني على ذوقك
إبتسم لها وتحدث بغمزة وقحة من عيناه: بس إكده، الچلع كلاته لأم مالك الغالية.

إبتسمت خجلا فأكمل هو موضح: الكرواسون هنا حلو جوي، عچيب لك منية سادة ومحشي، وفيه كمان ميني سندوتشات وكريب حادج عيعچبك طعمه جوي،
وأشار بكف يده وهتف بإستحسان: مع الچهوة الفرنسية التمام اللي معتشربيش زييها واصل في أي مكان تاني
ونظر لها وأردف بحنان: أما الحلو بجا، تارت موس شيكولاتة ميلك، متغرج بالشيكولاتة كيف ما عتحبيه.

سال لعابها من مجرد الإستماع لوصفه للحلوي والطعام، فأبتسمت له وأومأت بموافقة، أبلغ النادل هو بما يريداه بلغته الأم وانصرف
فتحدثت وهي تتطلع إلى المكان بإنبهار وسحر: صدج اللي جال باريس مدينة الحب، كل حاچة إهنيه بديعة وتدعو للتفاؤل والسعادة
وأكملت وهي ترفع بصرها وتنظر في السماء للأجواء الشتوية التي تعشقها: من أول الچو البديع لأناقة وتناسق كل شئ حواليك حتى الناس وتصرفاتها الراقية.

إبتسم لها هو، فتحدثت وهي تشتم رائحة المعجنات الشهية التي أثارت شهيتها وجعلتها تشعر بالجوع الشديد: ريحة الكرواسون حلوة جوي وتفتح النفس
سألها بإهتمام متلهف: إنت چعانة يا نبض جلبي
أومأت له وتحدثت: چوي
وما أن أكملت جملتها حتى جاء النادل وقام بتنزيل أطباق الطعام المتنوعة بمنظرها الذي يشهي العين.

وجاء أخر يحمل مقعدا للصغير كي يجلس به، وذلك بناء على طلب من قاسم شخصيا كي يجلس طفله مرتاح ويتناول هو الأخر وجبة إفطاره الذي إختاره له والده، والذي يهتم بكل تفاصيله أكتر حتى من صفا ذاتها، وكأنه يعوضه وحاله عن ما مضي، وأيضا ليصنع رباط قوي بينه وبين صغيره حتى لا يصبح كأبيه بعلاقته بأطفاله.

بدأ وحبيبته تناول الطعام بشهية عالية، وبدأ أيضا بإطعام صغيره تحت سعادته وصفا التي تشعر بأن الله قد جمع لها نصيبها من السعادة ليرزقها إياها دفعة واحدة.

علي الجانب الأخر من الشارع، كانت هناك عيناي من يراقبهما بسعادة وأبتسامة رضا وهو جالس بإحدي المقاهي يحتسي قهوته الصباحية ويستغرب تلك الصدفة الثالثة العجيبة، إنه الرسام بذاته، والذي كعادته كان ممسك بأوراقة وأقلامه الملونة، وبدأ برسمهما فور رؤيتهما التي أدخلت على قلبه السرور مما رأه من تصالح لنفسيهما ورخاء، وحالة العشق المتوهجة التي رأها تشع من عيناي كلاهما للأخر.

إنتهي من الرسمة ولكن تلك المرة تختلف الرسمة كل الإختلاف عن سابقتيها، فقد كانت لقاسم وهو يقف خلف غاليته وسط ساحة خضراء تفترش أرضيتها بالنجيلة الخضراء التي تبث التفاؤل بقلب ناظريها، يلف ساعديه حول خصرها ويحتضنها برعاية وشدة كمن يريد شق جسده وإدخالها بداخله، يرفعان وجهيهما وينظران معا إلى السماء بلونها السماوي الهادئ، بوجوه صافية هائمة سارحة في الملكوت ويبدوا عليها الراحة والهدوء والسكينة.

تضع هي كفاي يداها على كفاه متمسكين بكفوفهما برباط غليظ ومتين، من يراهما للوهلة الأولي يعتقد وكأنهما أصبحا شخص واحدا، أما ذاك الرباط المتين فيتمثل بالعشق الجارف الذي إقتح. م أرواحهما وكيانهما وجعل منهما روح واحدة تتحرك داخل جس. دان ملتص. قان بالعشق والهوي، وأيضا يتمثل بوجود صغيرهما الذي جمل من حياة والديه وزاد من متانتها وجعلها أعمق.

إبتسم الرسام وخط بقلمه تحت رسمتيهما التي إكتملت وكتب: ما أجمل الوصل بين قلوب العاشقين بعد أوجاع الفراق
ومذاقه المر وحنين الروح للحبيب والشعور بالإح. تراق
ثم إستدعي أحد الرجال المارين وأعطي له تلك الرسمة وأشار إلى قاسم وصفا وطلب من الرجل بأن يسلمهما إياها، ولملم أشيائه ورحل قبل أن يصل الرسول إلى جلسة صفا وقاسم.

سلم الرجل تلك الرسمة إلى قاسم، وما أن نظر بها حتى علم من هو راسلها، رأتها أيضا صفا التي باتت تتلفت حولها متلهفة لرؤية ذاك الشفاف الذي دائما ما يأتي لها برسائل موجهه، تجعلها تفتح عيناها لتري ما يدور من حولها ويخفي عنها
سألت الرجل عن أوصاف الرسول، فأبلغها بمواصفات ذاك المجهول ذو الروح الشفافة والوجه البشوش والتي بالمناسبة يتواجد منه حولنا بالدنيا، نعم قليل جدا بل ونادر وجوده لكنه بالفعل موجود.

نظر قاسم إلى صفا التي إبتسمت له وبسط هو ذراعه وأراح كف يده فوق المنضدة، مدت يدها إليه لتريح كفها الرقيق داخل راحة يده الكبير ليضمها هو برعاية، ويبتسما لبعضيهما بسعادة، تنفست هي بإنتشاء وراحة تدل على كم الأمان والسكينة التي أصبحت تشعر بهما وهي في حضرته
نظر عليهما صغيرهما وضحك بسعادة بالغة تثبت كم الشعور بالأمان الذي يتغلغل بداخله وهو يري الحب الساكن بقلباي عزيزاي عيناه.
بعد مرور عامان أخران
ليلا. ليلة وقفة عيد الأضحي
داخل منزل زيدان
كانت الساعة قد تخطت الثانية عشر مساء ومازال هؤلاء الأطفال يمرحون ويركضون حول ذاك الجالس ببهو منزله بسعادة بالغة وكأن الله يعوضه هدوء منزله وعزلته السابقة بهولاء الملائكة الصغار.

تحدثت ورد التي أتت من المطبخ تحمل بين ساعديها هي وصابحة كل ما لذ وطاب من حلوي ومسليات وفواكة العيد التي تدخل البهجة والسرور على قلوب الجميع: معتناموش ولا إيه إنتوا إنهاردة؟
وأكملت بنبرة حنون: يلا روحوا إجلعوا الخلجات دي جبل ما تتكرمش وتبوظ وتحتاچ تتكوي، ولا يدلج عليها وكل ولا عصير من اللي عتاكلوه ده.

وأسترسلت حديثها بعدما وضعت ما بيدها ورفعت كفيها لأعلي في حركة إستسلامية: أني وصابحة وهدية معادش فينا صحة تاني لا لغسيل ولا مكوى
ضحك زيدان وتحدث بنبرة تهكمية: مش كان نفسك في عيال كتير زمان، وكنتي عتشتكي من الهدوء اللي عايشين فيه
وأكمل ساخرا: أهي بتك وسلايفها رموا لك العيال لجل ما يروجوا هما على حالهم، إتحملي بجا يا أم العيال.

ضحكت وهي تجلس بجوارة وتناوله مشروب الشاي الذي أتت به تلك العاملة هدية: متحملة يا سيادة النايب وعلى جلبي كيف العسل كمان
وأردفت مفسرة: أني بس عوزاهم يدخلوا يناموا لجل ما يفوجوا على صلاة العيد ويصلوا ويا چدهم الحاچ عثمان
تحدث مالك الذي بالكاد أكمل عامه الرابع: مش تخافي يا تيتا، إحنا عنفضل صاحيين ومش عنام وعنصلي مع چدي ونحضر الذب. ح ونفرجوا اللحمة كمان
وأكمل مفسرا بفخر: بابا هو اللي جال لي إكده.

وافقاه الرأي الصغيران فارس ويزن التابعان لمالك ويتحركان بأمره ويتبعاه كظله، حيث أنه يكبرهم بعام ولذا يعتبر حاله مسؤلا عنهما
هرولت جميلة التي أكملت عامها السابع إلى زيدان وتحدثت بإعتراض وغضب طفولي: ليه يا چدي مش جبت لي بدلة ظابط كيف مالك ويزن وفارس؟
ضحكت ورد بصوت عالي وهتفت بمرح: وه يا بت فارس، عاوزة تلبسي كيف الصبيان إياك؟

تحدث إليها الصغير مالك الذي يرتدي بدلة الضابط ويحمل المس. دس الذي ينبعث منه أنوارا وأصوات تصنع البهجة لدي الأطفال: چدي زيدان چاب لي المس. دس والبدلة عشان أني عكون الظابط، وكمان عحميكم في العيد من اللصوص اللي عيخطفوا العيال الصغيرة
وأكمل بتفاخر وكبرياء كأبيه سابق: علشان هو عارف إني أجوي واحد إهنيه.

وتحرك إلى زيدان ووقف قبالته وتسائل بدلال وهو يميل برأسه في حركة إبتزاز عاطفي ليحثه على موافقته لحديثه كعادته: مش إكده يا حبيبي
وكعادته زيدان يشعر وكأنه إمتلك العالم أجمع حينما يقف أمامه صغير إبنته ويناديه بحبيبي ويقوم بدلاله، أمسكه بكفاي يداه ووضع قبلة شغوفة فوق جبهته وتحدث بتفاخر: إكده يا بطلي وبطل النعمانية كلاتهم.

أردفت ورد بنبرة دعابية: أه منك ومن لؤمك يا مالك، معرفاش طالع بكاش لمين يا واد، أبوك كان چد من وهو عيل إصغير
دبت جميلة بساقيها بإعتراض وتحدثت وهي تحتضن تلك العروسة التي أحضرها لها زيدان ككل مناسبة، حيث إعتبر حاله المسؤول عنهم ودائما ما يغمر أحفاده بالهدايا القيمة والملابس: أني معيزاش حد يحميني يا مالك، أني أكبر منيك وأني اللي عحميك إنت وفارس ويزن أخوي كمان.

صدح صوت جرس الباب، فتحركت صابحة وفتحته وجدت بوجهها فارس الذي تحدث: كيفك يا صابحة، عمي صاحي؟
أجابته صابحة بإبتسامة: صاحي يا سي فارس
وأكملت وهي تشير إليه للدخول: إتفضل
دلف للداخل وألقي السلام على عمه وزوجته التي تحدثت بنبرة حنون: إجعد يا ولدي إشرب الشاي ويا عمك
أجابها ذاك الخلوق: تسلمي يا مرت عمي، أني چاي أخد چميلة لچل ما تنام.

إعترضت تلك الجميلة التي تحركت إلى أبيها سريع وتحدثت بنبرة توسلية: خليني أبات إهنيه يا بابا
أجاب طفلته بهدوء بعدما حملها تحت غضبها الطفولي: معينفعش تباتي برات البيت يا چميلة، إنت كبرتي خلاص
هتفت بنبرة معترضة: إشمعنا يزن أخوي بايت إهنيه، وكمان مالك وفارس بايتين وياه؟
أجابها بهدوء: عشان هما ولاد يباتوا برة عادي، لكن إنت بنت معينفعش تباتي برة بيتك.

تحدث زيدان بنبرة حنون: خليها بايتة يا فارس، عيچري لها إيه يعني، دي في بيت چدها
قاطعته ورد التي تحدثت بحكمة: اللي فارس عيعمله هو الصح يا سيادة النايب، البيت مطرحها ومكان نومها لازمن يكون چار أمها
وأكملت وهي تنظر لتلك الغاضبة وتحدثت لتهدأتها: البت ملكة يا چميلة ولازمن نحافظ عليها ونصونها چار أمها، لكن الصبيان عيباتوا برة لانهم جللات رباية.

ضحكت بعدما كانت غاضبة ونظرت إلى الأطفال الثلاث بكبرياء تحت غضبهم، وتحرك بها أبيها متجه إلى مسكنه ومريم
همس زيدان بجانب أذن ورد قائلا بدعابة: جومي نيمي الجرود دول لجل ما نلحج نجول كلمتين جبل ما الفچر يأذن
إبتسمت له وتحدثت: كلمتين إيه اللي عتجولهم يا راچل في وسط محطة مصر اللي إحنا فيها دي
ضحكا سويا وأكمل حديثهما وسط ضجيج ومرح ولهو الأطفال الذين أضافوا البهجة والسعادة والسرور على المنزل.

وصل فارس إلى مسكنه، وجد مريم تجلس بوسط البهو تشاهد شاشة التلفاز وهي تتناول المسليات ويبدوا على وجهها الضيق والغضب
تحركت إليها جميلة وأحتضنتها قائلة وهي تنظر إلى وجهها: شكلك حلو جوي يا ماما وإنت مزوجة وشك إكده
أما ذاك الذي نظر لها بإنبهار لجمالها الذي زاد من مجرد رتوش بسيطة وضعتها على ملامح وجهها الرقيقة، وملابسها التي أظهرت مدي أناقتها وانوثتها، لكنه إستغرب حدة ملامحها وغضبها الظاهر على وجهها.

سألها مستفسرا بتعجب: مالك يا مريم، جالبة خلجتك ليه إكده؟!
نظرت له بضيق وتحدثت إلى إبنتها: إدخلي غيري هدومك ونامي يا چميلة عشان تجومي للعيد وإنت فايجة
دلفت الطفلة وتحرك هو وجلس بجانبها وسألها من جديد وهو يضع كف يده فوق وجنتها: فيه إيه يا حبيبتي، مالك؟
نفضت يده بشدة وتحدثت بنبرة حادة: فيه إنك سايبني جاعدة لوحدي كيف الچارية اللي مستنية سيدها وجاعد تحت تضحك وتتساير يا فارس بيه.

إتسعت عيناه وتحدث بنبرة جادة: كنك إتچنيتي وعجلك طار يا مريم، محسساني إني كنت جاعد في كبارية وعتفرچ على الرجاصات وماسك الكاس في يدي
وأكمل بنبرة ساخرة: وبعدين ما أنت شيفاني وأني جاعد في الچنينة ويا قاسم ويزن وحسن
هتفت بنبرة حادة: قاسم وحسن طالعين لشججهم من ياچي ساعة وأكتر يا أستاذ، مش كيفك إنت ويزن بيه اللي مهملين حريمكم ولا كنها ليلة عيد
ضحك وهتف بنبرة ساخرة: هو ده اللي جاهرك جوي إكده.

وأكمل مفسرا: أني ويزن كان فيه موضوع مهم خاص بالمحچر ولازمن نتحدتوا فيه، إرتاحتي إكده يا مريم؟
نظرت إليه ومطت شفتاها بضيق، وإقترب منها وتحدث بنبرة ذات مغزي: إنهاردة العيد يا أم يزن، إفرديها أومال الله يرضي عليك
وأكمل بنبرة حنون: وبعدين هو أني أجدر أبعد أو أتأخر عن الجمر دي
لانت ملامحها ونظرت إليه بعتاب حزين أحزنه فتحدث وهو يمسك رأسها ويقبل مقدمتها قائلا: حجك علي يا حبيبتي، متزعليش.

وأكمل بنبرة حنون: كله إلا زعلك يا مريم، وحياة فارس عندك لتضحكي
إبتسمت إليه ووقف هو وأمسك يدها وتحرك إلى داخل غرفتهما
- -.

داخل شقة قاسم وصفائه النفسي والروحي، وبالتحديد داخل المطبخ، تقف تلك الجميلة أمام الموقد لتعد لحبيبها قهوته المفضلة، ترتدي ثوب رقيق بص. در مفتوح وذراعين مكشوفين، قصير للغاية يكشف عن ساقيها وحتى منتصف الفخ. دين، واسع فضفاض كي يستوعب بطنها المنتفخ جراء وصولها لشهرها السادس من الحمل، إنتهت من إعدادها وسكبتها ثم إلتفت لذاك الجالس حول تلك المنضدة التي تتوسط المطبخ.

أردفت قائلة بنبرة رقيقة حنون وهي تبسط ذراعها لتناوله إياها: جهوتك يا حبيبي
تناولها من يدها وأردف بنبرة رجل عاشق: تسلم يدك يا غالية
وضع قدح القهوة أمامه ثم أمسك كفها الرقيق ووضع به قب. لة حنون وسحبها وأجلسها فوق ساقيه، إبتسمت إليه وتحدثت بنبرة قلقة: خليني أجوم اجعد على الكرسي أحسن ما أوچع لك رچليك.

وضع كف يده فوق وجنتها وتحس. سها بحنان وتحدث قائلا بنبرة دعابية: كنك إتخبلتي ومعارفاش إنت متچوزة مين يا بت زيدان، عتشكي في جدرات حبيبك إياك؟
ضحكت وتحدثت بنبرة نافية: عارفة ومتوكدة زين إني متچوزة سبع الرچال اللي ماله زي
وأكملت بنبرة حنون: بس أني عخاف عليك من نسمة الهوا اللي عتجرب من رموشك يا حبيبي
يا بوووووي على كلمة حبيبي اللي كيف الشهد وهي طالعة من خاشمك. جملة هائمة قالها ذاك الولهان.

إبتسمت له، مد هو كف يده وألتقط قدح القهوة وقربه أولا من أنفه ليشتم رائحتها العبقة، أغمض عيناه وهمهم بتلذذ تحت سعادة تلك الناظرة عليه بعيناها الهائمتان، أنزل القدح لمستوي فمه وأرتشف رشفته الأولي بتلذذ وأستمتاع وهو يشدد من ضمته بيده الأخري التي تحتوي خص. ر حبيبته
فتح عيناه ونظر إلى تلك المبتسمة التي سألته بإهتمام: عچبتك الجهوة؟

أجابها بنبرة عاشقة: أي حاچة عتحطي يدك فيها عتعچبني، وجوي كمان يا ست البنات.

إبتسمت خجلة، وأمسك هو إحدي حباة الشيكولا المحببة لديها و وضعها بداخل فمها، أقتضمت نصفها تحت خجلها وقرب هو النصف الاخر من فمه وقام بمضغها، ثم أمسك رأسها وجذبها عليه ليلتقط شفت. اها في قبل. ه شغوفة يتذوق من خلالها طعم الشيكولا من فوق شفتاها، طالت بينهما القب. لة بمنتهي المتعة والإشتياق الجارف حتى أخرجهما مما هما عليه ركلات صغيرها الذي تحرك داخل أحشائها بشدة ألمتها وانتفضت على أثرها.

سألها متلهف ذاك الذي إرتعب داخله لأجلها: مالك يا حبيبتي؟
وضعت هي كف يدها تتح. سس موضع جنينها الثاني وتحدثت متألم. ة بدلال: ولدك ممبطلش تخبيط فيا، تعبني جوي يا قاسم
نظر لها بحنين ثم وضع كف يده فوق أحشائها وتحدث إلى جنينه: تاعب أمك وياك ليه يا زيدان
إنتفض قلبها ككل مرة تستمع بها منه إنتوائه على إطلاق إسم زيدان على جنينهما فتحدثت وهي تتلمس وجنته بلمسة حنون: چد عتسمي ولدنا زيدان يا قاسم؟

نظر لها ومازال يتح. سس موضع جنينه بلمس. ة حنون كي يبعث إليه الطمأنينة ويحسه على التراخي، وتحدث بنبرة صادقة: چد يا جلب قاسم، وده عيكون رد لچميل عمي الكبير علي
واسترسل بعيناي شاكرة: أجل واچب أعمله وياه هو إني أخلد إسمه في الدنيي بعد ما سامحني على كل اللي فات ورچع لي حياتي من چديد
إبتسمت إليه ورمت رأسها على كتفه وتحدثت بإستحسان وعرفان: ربنا يحميك ويحفظك لجلبي يا حبيبي.

لف ذراعيه حولها وتحدث بإنتشاء: ويخليك ليا يا عيون جلب قاسم من چوة
ثم تحدث ليحثها على النهوض: يلا يا حبيبتي ندخل أوضتنا لجل ما تفردي ضهرك على السرير عشان متتعبيش
وأكمل بنبرة حنون: كفاية عليك تعب لحد إكده، وكمان عشان تلحجي تنامي لك كام ساعة جبل ما نصحي لصلاة العيد.

إبتسمت إليه بعيناي شاكرة لحنانه الزائد عليها، ووقفت مستندة بيدها على ظهر المقعد بحذر لأجل طفلها، ثم وقف هو وأمسك يدها وتحرك بجانبها متجهين إلى الداخل حتى وصلا إلى تختهما، أمسك بيده ملائة السرير ونفضها لتتطاير ورقات الورود المتناثرة عليه والتي وضعتها هي بمساعدته للإحتفال الخاص بليلة العيد التي تمت بين العاشقان منذ ما يقارب من الساعة.

حيث كان جو الغرفة عبارة عن إضائة خافتة بجانب الشموع والموسيقي والورود التي أحضرها قاسم وقام بنثرها هو وحبيبته وتوزيعها ليستمتعا معا بتلك الأجواء الرومانسية
ساعدها بتمددها على التخت ودثرها بعناية تحت الفراش ثم تحرك للجانب الاخر وتمدد بجوارها، فرد ذراعه وسحبها بهدوء وأدخلها داخل أحضانه، ثم وضع قبلة حنون بجانب شفتها وتحدث بنبرة رجل عاشق: تصبحي على خير يا نبض جلبي.

أجابته وهي تتثاؤب من شدة نعاسها وإرهاقها المصاحب لها جراء حملها: وإنت من أهله يا حبيبي
وبعد قليل كانت تغفو بسلام داخل أحض. ان ذاك الذي بات ينظر إليها بقلب حنون محب عاشق لكل ما بها، وبعدها غاص بغفوته
- -
داخل غرفة النوم الخاصة بيزن وأمل
كان يتمدد فوق فراشه فاردا ذراعه بجانبه فوق الوسادة، يحتضن به أمل التي أتته كمكافأة من رب العالمين على رحلة صبره الطويلة على إبتلائه الصعب بزواجه من ليلي.

نظر إليها وتسائل بعيون هائمة: مبسوطة يا حبيبتي
إبتسمت خجلا من مقصده وتحدثت بنبرة حنون: وجودي جنبك وجوة حض. نك ده بالنسبة لي أكبر سعادة يا يزن
ثم وضعت يدها فوق ذقنه وتحسس. ته قائلة بعيناي سعيدة: إنت أحلا حاجة حصلت لي في عمري كله
وبدون سابق إنذار إبتسم ضاحك وهتف ليذكرها: فاكرة يا أمل أول يوم إتجابلنا فيه أني وإنت
ضحكت بشدة واسترسل هو: يا أبوووي على تجل دمك وتكشيرة وشك في اليوم دي.

إكفهرت ملامحها وخرجت من بين أحض. انه وتحدثت بنبرة حادة: إتلم يا يزن وخلي ليلتك تعدي
قهقه بشدة وهتف قائلا بنبرة صادقة: عغشك إياك يا أمل، مفكراش حالك وإنت عتتحدتي وياي يوميها إياك
وأعتدل بجلسته وأكمل مقلدا إياها حينها: مش تفتح يا بني ادم إنت، إيه، أعمي مشايفش جدامك
وأكمل ساخرا تحت ضحكاتها العالية التي لم تستطع السيطرة عليها: ولما أنت مبتشوفش زين، عتسوج عربيات وتجرف الخلج وياك ليه.

قهقهت عاليا على طريقته الساخرة وهو يذكرها بما مضي وتحدثت بحنين: يااااااه، إنت لسة فاكر يا يزن
نظر لها بعيناي عاشقة وهمس بنبرة حنون: كيف أنسي وأني كل لحظة جضيتها وياك محفورة جوي جلبي جبل عجلي يا ضي عيني.

ترقرقت عيناها بدموع الفرح من شدة سعادتها بحديث حبيبها النبيل، وتحدثت بنبرة حنون وهي تسحب رأسه وتدفنها داخل ص. درها وتحتويه بذراعيها بحنان: أنا بحبك أوي يا حبيبي، ومهما حاولت أقول لك كلام الدنيا كله مش هيقدر يوصف لك ولا يعبر عن اللي جوايا ليك، وعن قد إيه أنا مبسوطة ومرتاحة في حياتي معاك
وتنفست براحة وأردفت قائلة بنبرة صادقة: ده أنا كل يوم بحمد ربنا وبشكر فضله على نعمة وجودك في حياتي يا يزن.

دفن رأسه أكثر داخل أح. ضانها وتحدث: ربنا يخليك ليا يا حبيبتي
ثم خرج من بين ضم. تها، مال بجزعه جانب ومد يده وفتح درج الكومود، أخرج علبة قطيفة وأعتدل إليها من جديد وتحدث بنبرة سعيدة وهو يقدم لها الإسوارة التي بداخل العلبة: كل سنة وإنت طيبة يا ست البنات
إتسعت عيناها بذهول وتحدثت بنبرة شديدة السعادة: الله على رقتك وذوقك يا يزن.

وأكملت بحماس وهي تنظر إلى يدها والإسوارة التي ألبسها إياها للتو: الأسورة تجنن، حلوة أوي بجد
أمسك كف يدها و وضع قب. لة رقيقة عليه ثم تحدث بحنان: مبروك عليك يا حبيبتي، كل سنة وإنت طيبة
إبتسمت إليه وهتفت بسعادة: وإنت طيب يا قلبي.

- -
كانت تتمدد بجواره فوق فراشهما، تسحبت على أطراف أصابعها كي لا يشعر بها ذاك الغافي ودلفت إلى المرحاض الخارجي وأخذت حماما دافئ، بعد حوالي النصف ساعة كانت تقف أمام مرأتها بعدما صففت شعرها، ثم قامت بوضع مساحيق تجميل عدة فوق وجهها إستعدادا للذهاب متشوقة إلى منزل جدها لقضاء الإحتفال بعيد الأضحي، حيث أنها المرة الاولي التي تنزل بها إجازة منذ أن سافرت إلى زوجها كعروس.

تحركت إلى ذاك الغافي بعدما إنتهت من وضع جميع مساحيقها وتحدثت بنبرة هادئة وهي تحركه بحذر من كتفه خشية غضب ذاك الذي يصاب بالغضب من أقل تصرف: عبدالعزيز، عبدالعزيز، يلا جوم، إكده عتتأخر على صلاة العيد
فتح عيناه شئ فشئ ورمقها بنظرة شامله لوجهها وثيابها وتسائل متعجب: هي الساعة كام؟!

إستدارت وتحركت إلى التسريحة وأجابته بعدما إلتقطت قنينة عطرها وبدأت بالنثر منها على ثيابها ووجهها ويداها: الساعة أربعة ونص، الفچر أذن جوم يلا عشان تتسبح وتلبس هدومك لجل ما نلحج صلاة العيد في الچامع بتاع چدي اللي چار السرايا ونعيدوا وياه
تحدث بنبرة حادة ونظرات متعجبة: وإحنا إيه اللي عيودينا نصلوا العيد ونعيدوا عند چدك؟!
نظرت إليه وتحدثت: أومال يعني عاوزنا نجضي العيد فين يا عبدالعزيز؟

سحب جسده وأعتدل بجلسته وهتف ساخرا: على رأيك عنجضوة فين، عيكون في بيتنا إهنيه ويا أهلي وعيالي مثلا؟
شعرت بسخريته وبداية غضبه فقررت اللعب معه بذكاء لتستدعي تعاطفه معها والانصياع لها كما نصحتها فايقة: حرام عليك يا عبدالعزيز، دي أول أچازة ليا من يوم ما سافرت لك من أربع سنين، وچدي وأهلي وحشوني ونفسي أحضر العيد والدبي. ح وياهم.

واسترسلت شارحة: وبعدين عيالك وخالي ومرت خالي چوم عندينا في السعودية زيارة مرتين، وكل مرة كانوا عيجعدوا بالشهرين
وأكملت بنبرة إعتراضية حزينة: مش كفاية إننا واصلين من أولة إمبارح ومخلتنيش زرتهم لحد دلوك.
زفر بضيق ومسح على وجهه ليسيطر على غضبه سريع الحضور وتحدث: يا فتاح يا عليم يا رزاج يا كريم، ما تصطبحي يا بت الناس وتعجلي وتوزني حديتك زين.

وأكمل بنبرة حادة ساخرا: لهو أني كنت جاطع تذاكر وچاي الأچازة لجل ما أحضر العيد ويا چدك وعيلتك إياك؟!
واسترسل بنبرة صارمة: العيد عنحضره إهنيه ويا عيالي وأبوي وأمي وخواتي، ومعاوزش لت حريم كتير على الصبح.

دبت بساقيها بإعتراض لكنها كظمت غيظها وكلماتها خشية غضبة ذاك العبدالعزيز وتحوله المخيف الذي وبرغم عشقه لها إلا أنه صارم جدا وأحيانا يصل لتعنيفها والعقاب بالهجر والحجز داخل المنزل بالأسابيع دون رؤية الشارع نهائي
نفض عنه الغطاء وتحرك ووقف بجانبها، ثم أمسك ذقنها ورفع وجهها إليه وهتف معنف إياها وهو ينهرها: إيه اللي حطاه في خلجتك ده يا حزينة؟

إبتلعت لعابها وأردفت بتلبك: ده ميك اب، إنهاردة عيد وأني ليا أربع سنين منزلتش النچع
مال برأسه بتعجب وهتف: ومال نزولك النچع بالهباب اللي دهناه على خلجتك دي؟!
ثم هتف بنبرة حادة وعيناي تشبه الصقر بحدتها لعلمه أنها تفعل هذا لأجل يزن ولأجل إغاظة زوجته وأقربائها التي دائما ما تثرثر وتتهمهم بالغيرة والحقد عليها: إدخلي الحمام إغسلي الهباب اللي ملخبطة بيه خلجتك دي ومعايزش أشوف حتى الكحل في عنيكي.

وأكمل مهددا بنبرة صارمة: فهماني يا ليلي
نظرت إليه وبدون سابق إنذار زرفت دموعها بقلة حيلة واستسلام، وما أن رأها ذاك المحب حتى زفر بضيق وتحدث إليها بنبرة هادئة: عتبكي ليه عاد يا بت الناس؟
تحدثت بنبرة لائمة من بين شهقاتها: صح معارفش عبكي ليه يا عبدالعزيز؟
وأكملت بنبرة حزينة: عبكي على حظي اللي ملاجيهوش ويا حد واصل
خبط كفاه ببعضيهما وتحدث: لا حول ولاقوة إلا بالله، عتجولي ليه إكده بس يا ليلي؟

أجايته من بين دموعها: كل حاچة عنديك بالإچبار، ميتا خدت برأيي في حاچة ولا عملت لي اللي أني ريداه
تنفس عاليا ثم زفر وأردف قائلا: اللي هو إيه اللي إنت ريداه يا بت عمتي؟
وأسترسل شارح: بجا لك وياي أربع سنين بحالهم، لا إطبعتي بطبعي ولا حاولتي تريحيني لجل ما بالي يرتاح وأريحك وياي.

وأكمل بنبرة تعقلية: بجا لي أربع سنين منزلتش النچع ولا حضرت العيد إهنيه، ويوم ما أنزل عوزاني أفوت عيالي وأهلي وأروح أرخص حالي عند أهل مرتي عشان يتجال علي دلدول المرة؟
وأكمل متسائلا بنبرة عاقلة: ترضيها على چوزك يا ليلي؟

تمعنت النظر إليه وهزت رأسها بنفي بعدما تيقنت صحة حديثه، أمسك كتفها وتحدث معترف بنبرة غائرة: أني كلمت قاسم بالليل وجولت له إني عوديك عنديهم بعد المغرب، بس جولت له إني مرايدش يزن يكون موچود في السرايا وجتها
وأكمل بعيون حادة من شدة غيرتة: أظن من حجي أغير على مرتي
نظرت إليه بحزن وهزت رأسها بموافقة، سحبها هو إلى داخل أحضانه وتحدث بنبرة هادئة: ربنا يهديك ليا ويكملك بعجلك يا حبيبتي.

أخرجها من جديد وتحدث بنبرة حنون: طلعي لي غيار وحصليني على الحمام لجل ما نلحج صلاة العيد
إبتسمت بخفوت وتحدثت إليه: كل سنة وإنت طيب يا عبدالعزيز
أمسك وجنتها ووضع عليه قبل. ة حنون وتحدث بنبرة محبة: وإنت طيبة وبخير يا ليلي
- -
داخل حجرة قاسم
فاق من غفوته، سحب جس. ده لأعلي وجلس، وتحدث إلى تلك الغافية بجانبة: صفا، إصحي يا جلبي لجل ما ناخد شاور عشان صلاة العيد.

تمللت تلك الناعسة التي تظل دائما متعطشة للنوم بسبب هرومونات الحمل، وهمهمت بإعتراض: أممممم، أني نعسانة جوي يا قاسم، خليني نايمة وإنزل إنت
مال على وجنتها ووضع قب. لة حنون وأردف قائلا: معينفعش يا صفا، ده عيد ولو سيبتك نايمة الكل عيجلج عليك وأولهم عمي ومرته
تمللت من جديد وأردفت بنعاس وصوت متحشرج: حرام عليك يا قاسم، ده أني ملحجتش أنام ساعتين على بعض.

تحدث وهو يحاول إيقاظها رغم عنه: معلش يا حبيبتي، عننزل نحضر الصلاة وتعيدي على الكل وبعدين عطلعك تنامي، وأنزل أني لجل ما أحضر ذب. ح الأضاحي وتفريجها
أطاعته وفاقت متغصبة على حالها متجهة إلى المرحاض بعدما قام هو على تجهيزه كي لا يحملها عبئ على عبئ الحمل.

أما داخل مسكن قدري، كان يقف أمام المرأه يلف عمامته البيضاء فوق رأسه بعناية بعدما خرج من المرحاض، حيث أخذ حمام دافئ من تحضير تلك الفايقة التي إهتمت به للغاية ليلا وصباح كي تنال رضاه ولكن هيهات، فقد بات يعاملها أسوء معاملة حتى بعدما أصبح شغلها الشاغل هو إرضائه، لكنه يعلم علم اليقين أنها تفعل هذا فقط لنيل رضاه كي يعيدها إلى قلبه من جديد ومنه إلى رضا رسمية وعودتها لمكانتها السابقة بالسرايا.

وقفت بجانبه ومسحت على كتفه بعناية وتحدثت بنبرة حنون مصطنعة: كل سنة وإنت بخير يا قدري
أجابها بنبرة جادة وملامح وجة مقتضبة: وإنت بخير
أردفت قائلة بنبرة حنون في محاولة منها كعادتها لسحبه لعالمها من جديد: لحد ميتا عتفضل زعلان مني إكده يا أبو قاسم، خاصيمك النبي لتنسي اللي حصل وترچع وياي كيف اللول.

رمقها بنبرة حادة وأردف قائلا بذكاء: هو أنت يا مرة معيتصلحش حالك واصل، تعدي السنين وتمر ولساتك كيف الحية اللي عتلف على الضحية لجل ما تمص دمها،
وأكمل مسترسلا بنبرة حادة: فكراني أهبل إياك ومواعيش لتخطيتك اللي عتخططي له لجل ماترجعي كيف ما كنتي في البيت جبل سابج
ردت عليه بمراوغة وكذب: صدجني يا أخوي إنت ظالمني، أني كل اللي عتمناه دلوك هو رضاك علي وبس.

إبتسم ساخرا بجانب فمه وتحرك للخارج تارك إياها لإستشاطتها وناره. ا الشاع. لة منه
خرج قدري من باب مسكنه وجد قاسم يتحرك داخل الرواق وبجانبه صفا، محاوط خص. رها بيده وهي تتحرك ببطئ ساندة ظهرها بكف يدها ويظهر عليها تعب الحمل جراء وصولها للشهر السادس
تحرك قاسم إلى والده وتحدث بإحترام وهو يقبل كف يده: كل عام وإنت بخير يا أبوي
أردف قدري قائلا بإستحسان: وإنت بخير وصحة يا ولدي.

ونظر إلى صفا التي تحركت إليه ببطئ وعايدته قائلة: كل عام وحضرتك بخير يا عمي
ربت على ظهرها وسألها بعدما رد معايدتها: كيفك يا بتي، زينة؟
أجابته بنبرة هادئة: بخير والحمدلله يا عمي
أتت من خلفهم تلك التي وقفت وتحدثت إلى ولدها وزوجته: صباح الخير
إقترب منها قاسم وأمسك رأسها وقام بوضع قب. لة حنون فوقها وتحدث بعدما إبتعد عنها قليلا: كل عام وإنت بخير وصحة يا أم قاسم
إبتسمت له وربتت على كتفه بسعادة وفخر.

مدت صفا يدها وعايدتها بوجه مبتسم قائلة: كل سنة وإنت بخير يا مرت عمي
ردت عليها تلك الفايقة بكلمات محددة وبملامح وجه قاسي خالي من أية تعبيرات تدل على قبولها لتلك الصافية: وإنت بخير
فبرغم كل ما حدث إلا أنها لم تتقبل صفا ولا ورد بحياتها إلى الان.

تحرك قدري إلى الدرج وتدلي ولحقته تلك الحية، أما قاسم الذي أمسك كف صغيرته ونظر لها وأماء بعيناه ليحثها على ألا تحزن، إبتسمت له تلك التي أخذت الأمر ببساطة وهدوء وتحركا سويا إلى الدرج ساندا أياها من جديد
حضر جميع من بالمنزل وحاوطوا الجد والجدة وقاموا بتقبيل كفاي يداهم ومقدمة رأسيهما تعبيرا عن الإحترام والتقدير الذي يكنه الجميع لهذا الثنائي الأصيل.

وبدأ جميع الرجال بتوزيع العملات المالية العيدية على الأطفال والنساء مما جعل الفرحة تعم على الجميع
أسرع مالك إلى أبيه وتحدث: كل سنة وإنت طيب يا بابا
حمله قاسم بين ساعديه وق. بله بسعادة وتحدث: وإنت طيب وبخير يا حبيبي
إقتربت منه صفا وقبلت وجنته وهتفت بنبرة حنون: كل سنة وإنت منور دنيتنا يا حبيبي
حاوط الصغير عنقها وقبل وجنتها وتحدث بحنان وهو يتح. سس وجنتها كقطة سيامي: وإنت طيبة يا ماما.

إلتف الجميع حول عثمان داخل الفيراندا وتحدث هو بنبرة جادة وهو يتبادل النظر بين أنجاله وأحفاده وزوجاتهم: أني رايد أخبركم بحاچة مهمة جوي لچل ما يكون عنديكم علم، وأكون خلصت ضميري جدام ربنا سبحانه وتعالي
دقق الجميع النظر إليه فأكمل وهو ينظر إلى زيدان: أني عدي ل زيدان ورثته مني كيفه كيف خواته.

إبتسمت رسمية بإستحسان لحديث زوجها الذي أخبرها به من ذي قبل، حين أردف زيدان قائلا بقناعة ورضا: أني معايزش حاچة يا أبوي، أني الحمدلله عندي اللي يكفيني وكلياته تحت أمرك وأمر خواتي وعيالهم
إبتسم عثمان وتحدث بنبرة صادقة حنون: ده حجك بشرع الله يا ولدي
وأكمل بإبتسامة حانية أثرت قلب زيدان: إوعاك تكون فاكر إني كنت عخالف شرع الله وضميري وأظلمك صح يا عزيز عين أبوك.

وأكمل وهو ينظر إلى قاسم المبتسم: إسأل إبن أخوك على الوصية اللي خليته يكتبها لي من جبل خطوبته على صفا بتك بسبوع
نظر كل من قدري ومنتصر ورسمية إلى زيدان وأبتسموا له في إشارة منهم بالموافقة والترحيب بقرار عثمان ومباركة ودعم القرار، تحت إستش. اطة قلب فايقة التي شعرت بفوز زيدان بكل شئ حتى مال أبيه.

واسترسل الجد شارح: أني كاتب في الوصية اللي بصمت عليها وختمت لجل ما أأكد على صحتها، إن ليك في ورثي كيفك كيف خواتك بالظبط، وكاتب فيها كمان حج خواتك الحريم عشان محدش يظلمهم والشيطان يدخل بيناتكم بعد ما أموت
نظر إليه الجميع بهلع يبعدون تلك الفكرة عنه، فتحدثت رسمية إلى زوجها الحبيب وعشرة عمرها: ربنا يبارك لنا في عمرك يا غالي ويخليك لينا، ده إحنا من غيرك ولا نسوي حاچة.

أقبل زيدان على أبيه ومال على كف يده ليق. بله بإحترام وتقدير وتحدث بنبرة جادة صادقة: ربنا يبارك في عمرك ويديمك فوج روسنا يا أبوي
إبتسم برضا إلى زيدان ثم توجه بحديثه إلى صفا قائلا بنبرة جادة: معلش يا بتي، عترچعي العشرين فدان لچدتك لجل ما يتوزعوا بين الكل بالعدل وبما يرضي الله.

إبتسمت لجدها وتحدثت بموافقة تحت إستحسان ورد وزيدان وتفاخرهما بإبنتيهما: أني تحت أمرك في كل اللي عتؤمر بيه يا چدي، وأكملت ضاحكة بخفة: أني أصلا مكنتش فكراهم غير دلوك لما حضرتك چبت سيرتهم.

إبتسم لها قاسم ولف ذراعه حول كتفها برعاية، نظرت عليه وتنفست بإنتشاء وسعادة، صدحت أصوات المكبرين والمهللين عبر المكبرات داخل الجوامع لتعلن للجميع عن إقتراب موعد الصلاة، تحرك الرجال بسعادة مصطحبين الجد إلى المسجد المجاور للسرايا وبدأوا بإحياء شعيرة التهليل والتكبير مما خلق حالة من السعادة والبهجة على جميع ساكني النجع.

بعد قليل كان الجد جالس وسط الفيراندا ينظر على أولاده وأحفاده وأطفالهم وهم يمرحون حول الجزارين الذين شرعوا بذب. ح الذبائ. ح إتباع لسنة نبينا الهادي المؤكدة، وبدأوا الخفر وشباب العائلة بحمل الأكياس وتوزيعها على الأهل والاقارب وساكني النجع جميعا، مما أدخل السرور على قلوب الجميع
تحدث مالك إلى والده: بابا، هو أحنا ليه بن. دبح في العيد؟

نظر قاسم إلى جده الجالس بالفيراندا وأشار قائلا بصوت جهوري عالي: روح لچدك الحاچ عثمان وهو هيحكي لك الحكاية كلياتها
وأشار إلى صغار العائلة قائلا: روحوا يا ولاد لچدكم عثمان لجل ما يحكي لكم قصة سيدنا إسماعيل مع والدة نبي الله وأبو الانبياء سيدنا إبراهيم
إبتسم الجد حين تذكر كيف كان يجمع أحفاده في الماضي ويقص عليهم قصة سيدنا إسماعيل مع حلم أبيه سيدنا إبراهيم.

إلتف الصغار حول الجد وبدأ هو بقص القصة والعبرة منها تحت سعادة الصغار ومناقشاتهم وأسألتهم الموجهة إلى الجد
أما في الداخل بدأن النساء في طهي لحوم الأضحية فور إدخالها إليهم
تحدثت ورد إلى صفا التي كانت تريد الصعود لتغفو: إجعدي كلي لك حتة كبدة محمرة تسند جلبك وتغذي عيلك وبعدها إبجي إطلعي نامي براحتك.

وافقتها الجدة الجالسة على مقعدا وسط المطبخ لتتابع تحضيرات الأطعمة الشهيرة والخاصة بذاك اليوم العظيم وتحدثت: إجعدي لحد ما الوكل يچهز وكلي ويانا يا بتي، بركة اللجمة في اللمة وخصوصي لمة العيد
نظرت إلى الجميع بتردد فتحدثت مريم التي تصنع صنية الرقاق الشهيرة والتي لا يكتمل العيد إلا بها هي والفتة: عتطلعي تنامي وتفوتي صنية الرجاج اللي ملهاش زي دي.

أكملت على حديثها أمل التي كانت تقف أمام الموقد وتصنع معجون الطماطم الخاص بالفتة قائلة بتلذذ وهي تستنشق الرائحة: ولا طشة الفتة اللي ريحتها جايبة أخر البلد
نظرت لكلتاهما وسال لعابها من مظهر الأكلات والروائح الذكية التي جعلتها تتشوق لتذوق الطعام فتحدثت بنيرة إستسلامية: خلاص هجعد وأمري إلى الله، وبلاها نوم إنهاردة.

تحدثت نجاة التي كانت تقوم بتقطيع مكونات السلطة الخضراء بجانب فايقة الصامتة: أهو إكده الكلام الزين، وبعدين كلياتنا منمناش ليلة إمبارح، نتغدوا وكل واحد يطلع على مطرحه ينام براحته
وافقها الجميع الرأي وبعد مرور حوالي ساعة، كان الجميع يلتف حول سفرة الطعام المستطيلة والتي يصل طولها من بداية حجرة الطعام إلى نهايتها، وكان عثمان قد وصي بصنعها خصيصا ختي تستوعب جلوس جميع عائلته حولها.

أما عثمان الجالس بمقعده يترأس المنضدة، فنظر ألي عائلته وشعر بالفخر وهو يري الجميع يتناولون الطعام ويتبادلون الضحكات والأحاديث المثمرة التي تؤلف بين قلوبهم وتقرب وجهات النظر بينهم
إبتسم للجميع وتحدث بنبرة صوت حنون: كل عام وإنتم بخير
نظر إليه الجميع بإحترام وردوا عليه بوجوه مشرقة سعيدة، وحينها شعر هو بإرتياح عندما تيقن بأنه وأخيرا رسي بسفينته إلى بر الأمان وأطمئن على غواليه.
تمت بحمدلله
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-